عرض المشاركة وحيدة
  #8  
قديم 09/07/2006, 03:54 PM
صورة عضوية الحكيم العماني
الحكيم العماني الحكيم العماني غير متواجد حالياً
مـشــــــــرف
 
تاريخ الانضمام: 21/06/2002
المشاركات: 1,918
السلام عليكم

المشكلة: نعمة أم نقمة؟

لن أقول أن المشكلات في حياتنا هي ملح الحياة، بل هي هواء الحياة الذي لا غنى عنه لبقاء الإنسان! فطريقة حل المشكلة هي التي تعمل العقل والفكر لدى الإنسان وإلا كان أقرب إلى البهيمة من حيث ردة الفعل الإنعكاسية لأي مشكلة أو عارض يطرأ عليه!

وليست القضية في كم المشكلات التي نتعرض لها أو نوعها بل القضية في طريقة وناتج حل هذه المشكلة هل هو إيجابي أم سلبي؟ ولا أدري لم ننسى كثيرا من مباديء الحياة فور انتقالنا من الطفولة إلى الشباب، فالطفل يعاني من المشكلات (بتعريفها العام) منذ ولادته ولكن ناتجها الإيجابي واضح جدا لأنه يتعامل معها بإيجابية ويتعلم منها، ولولا ذلك لما استطاع أن يتعلم المشي أو الكلام أو الابتعاد عن مصادر الخطر أو الأكل أو ...!

المشكلات هي طريق الإنسان إلى المعرفة والتطور إذا ما أحسن استغلالها وتعلم من دروسها، ولكنها قد تكون مصدر جهله وتخلفه إذا ما فقد مهارة التعامل معها والاستفادة من نتائجها!


حل المشكلات : علم وفن!

القدرة على حل المشكلات عند الإنسان ليس وراثيا أو فطريا بل علما يكتسب ومهارة تتطور بالممارسة والتعلم، ولذا فمن الخطأ الاعتقاد بأننا لا نملك خيارا كبيرا في هذه المسألة أو أن الأمر راجع إلى الظروف المحيطة لتوفر لنا ما يساعدنا على حل مشكلاتنا!

التطور والتقدم البشري في أي مجال كان هو نتاج إضفاء قيمة على شيء ما! وفي ظل ثورة المعلومات المتسارعة في العالم أجمع تصبح المعلومة هي ذلك الشيء الذي ينتظر من يضفي عليه قيمة إضافية ترقى بالمجتمع الإنساني، وبقليل من التمحيص هنا نجد أن هذه القيمة المضافة للمعلومة تتحقق بإحدى طريقتين:
1.طرح أفكار جديدة
2.حل مشكلة قائمة

وهكذا فإن حل المشكلات كعلم ومهارة هو مفتاح التقدم والرقي البشري بشكل عام، ومن هنا كان لا بد لنا من الاهتمام به وتلمس طريقه واكتساب المهارات اللازمة له!


لو نظرنا على عجل إلى طريقة تناولنا للمشكلات لوجدنا أن طرحنا لكل من المشكلة وحلها يمتاز بالآتي:

المشكلة:
•تطرح عادة وكأنها مشكلة واحدة متجذرة
•كثيرا ما يكون الطرح مستقلا لا يراعي محيط المشكلة
•ينسب السبب عادة إلى آخر يتحمل المسؤولية

بينما يمتاز طرحنا للحلول بالخصائص التالية:
•يبحث كل فرد عن حل وحيد
•كثيرا ما يكون الحل في يد الآخرين وليس في يد صاحب المشكلة
•طرحنا للحلول يكون من منطقة الراحة حيث لا نكلف أنفسنا عناء التعب والبحث عن معرفة أعمق من شأنها أن توصلنا إلى حلول أفضل، ولكننا نعتمد على معرفتنا وتجاربنا وأفكارنا السابقة لا أكثر!


دعوني أضرب مثالا لتقريب المفهوم هنا:
الأب : ولدي لا يحصد نتائج جيدة في المدرسة لأن المدرسين لا يهتمون بالشرح الكافي للطلاب! سأذهب إلى المدرسة وأطلب منهم أن يهتموا!

هناك مشكلة وهي أن تحصيل الطالب المدرسي ضعيف، ولكن الأب حصر المشكلة هنا منذ البداية في سبب معين يتحمله الآخر (وقد يكون صحيحا!) ولكن هذا الطرح لن يحل مشكلة ولده للأسباب الآتية:
•الطرح يغفل أسبابا أخرى عديدة ويستثنيها –ضمنا- وقد تكون أهم –من ناحية مردودها الإيجابي- لتحسين تحصيل الطالب من السبب الذي يظنه
•لأن الآخر هنا هو من يتحمل المسؤولية، فاحتمال وجود حل جذري للمشكلة ضعيف لأن الأب لا يسيطر على ذلك الطرف!
•يفترض الطرح هنا أن المشكلة واحدة لا غير وهي مشكلة التحصيل الدراسي
•التركيز على المشكلة وسببها الوحيد خلق حلا وحيدا لا يستطيع الأب تجاوزه ذهنيا، فحتى لو حاول المدرس شرح أسباب أخرى أو طرح حلول مختلفة فإن احتمال قبول الأب لها غير وارد كثيرا!


في لقائنا القادم بإذن الله سنرى أهمية "قانون التركيز" كمهارة تسهل حل المشكلات كما سنزور طبيب الطواريء ليرينا كيف أنه يتعامل مع المشكلات (الحالات المرضية) حسب نظام منضبط يضمن به حل المشكلة في وقتها وإلا فقد المريض حياته!

دمتم بعافية

... يتبع ...