سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > سبلة الثقافة والفكر

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع التقييم: تقديرات الموضوع: 2 تصويتات، المعدل 3.00.
  #1  
قديم 02/02/2005, 09:42 AM
هاشلي هاشلي غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 07/10/2004
المشاركات: 21
Post نماذج من قصص الاستاذ العماني الكبير عبدالله الطائي

1: "اختفاء امرأة"

طرق باب بيت عبدالحليم المهندس، وبعد لحظات ناوله الخادم ورقة.. وجال بنظره فيها.. وقرأ "ستكون الحفلة يوم الخميس القادم فأرجو تفضلكم بالحضور"…. وطواها وهو متهلل الوجه تبدو عليه سيما الفرح والسرور، وقال لمن كانوا معه: بعد غد سيكون عقد قران زميلنا شاكر، وها هي بطاقة منه يدعوني فيها إلى الحضور. وقال أحدهم: جعله الله قرانا ميمونا إنه نعم الرجل، وأجابه عبدالحليم: أنا رئيس دائرته، وإني أشهد له بخلقه الجم، وخصاله الحميدة، واستمروا في حديثهم عن شاكر وأمانته، وقال أحدهم: إنه قدوة حسنة لباقي زملائه..
اليوم موعد الحفلة، واستعد شاكر وأهله لها، واستعد المدعوون للذهاب إليه، هاهو البيت غاص بالمدعوّين، هاهو العريس، وقد زادته ملابس العرس جمالا…. ونظر إليه زملاؤه نظرات تنم عن الحب والإخلاص، وجلس يداعبهم، واغتبط البعض لهذا الحادث السعيد… ذلك هو شاكر، وتلك هي أخلاقه مع معارفه. أما العروس فلها جمال نادر تنظر إليها فتغضي عيناك خجلا من جمالها، وتسأل فلا تسمع عنها ما يشين.. فتاة طاهرة نوار.
مضى أسبوع على الزواج! فكر شاكر أن يشغله شاغل عن وظيفته، فخرج لأداء ذلك الشاغل لأول مرة في زواجه ، وخرجت زوجته لتودعه، وطبع على جبينها قبله الحب والإخلاص وخرج إلى دائرته وهو باسم الوجه، ورجع إلى البيت وهو متعطش الشفتين، فرواهما.
كانت السعادة تخيم على هذه الزوجين السعيدين، يغادر البيت، ويرجع وهكذا، (………) وهو يفكر في سعادة زوجته، وتغادر البيت، وهي تفكر في زوجها، لأنها لا تستطيع فراقه، وتتابعت الأيام، ومضت ثلاثة أشهر على الزواج، ومضى يوم واحد على موعد زيارات الأولياء..
ودخلت سليمة على صديقتها الزوجة، لتعرض عليها الزيارة، وأبت في بادئ الأمر، وأخيرا رضخت لإلحاح صديقتها سليمة، واستشارت الزوجة زوجها، فلم يستطع كسر خاطرها من جهة، لمضى عدة سنين لمجاورته لبيت سليمة وزوجها، وهو لم يعهد من أهل هذا البيت إلا ما يكون بين الجارين، وما إن حل الخيط الأبيض محل الخيط الأسود، وبدت ذكاء في الشروق وأرسلت أشعتها الذهبية إإلى أرجاء المدينة، انتهى شاكر من إفطاره، وخرج من البيت، وطبع على شفتي الحبيبة قبلة (…………) استعاد بها ما سيفقده من ذلك خمسة عشر يوما.
واستعدت الزوجة لموعد الصديقة، بعد قليل كانت سيارة تخترق الشوارع وبها امرأتان تلكما المرأتان هما: رفيعة وسليمة، وأوصلهما السائق إلى قبر الولي، ونزلتا وجالتا بناظريهما إلى الجماهير المحتشدة، وعجبت رفيعة لذلك أشد العجب!! فهذه أول مرة تزور فيها قبر ولي، وجرتها سليمة من يدها وقالت أسرعي يا أختاه (……… ) سأنتظرك على باب الخروج فلن نستطيع الخروج سوية، ودخلت، وسألت رفيعة الولي أن يرزقها بكرا تقر به عيناها، وعينا زوجها، وهكذا يكون اعتقاد النساء، هكذا أضلـّت الصديقة صديقتها؟!!..

وخرجت!! وحاولت معرفة الطريق، فلم تستطع لذلك سبيلا، فلقد دفعها احتشاد الناس إلى باب آخر وانتظرت سليمة حتى كلـّت، وفتشت فلم تجد لصديقتها أثرا، وقلق خاطرها، وانحدرت الدموع من عينيها،. ورجعت إلى البيت على عكس الحالة التي خرجت بها منه، وخرجت وهي طلقة المحيّا تنم نظراتها عن أمل، ودخلت وهي مقطبة الوجه، تنم نظراتها عن حزن، وسألها زوجها فأجابت رغم القهر المستولي عليها..
ورجع الزوج إلى البيت، والروح تطلب أليفتها والذراعان ما تعودتا، والشفتان من يرويهما؟. القلب يطلب أمله. أينها؟. عجبا!.. إلى الآن لم ترجع؟! ونظر إلى الساعة، وقلق، ومرت دقيقتان ونظر إلى الساعة فلم يستطع صبرا.. وذهب إلى الجارة، يسألها، فلم يجدها؟. وازداد قلقه، فوقف وقفة المبهوت لا يعرف من الأمر شيئا، وإذا بيد تلمسه، فنظر، وإذا زوج سليمة، وقص عليه القصة، أين ذهبت إذن؟. أضلت الطريق ؟ ، أسحقتها السيارة؟! أماتت من الازدحام لا يدري؟.
كانت الزوجة حينذاك تمشي في طريقها من غير هداية، عساها تصل البيت، ومرت عليها عجوز تنم نظراتها عن الخبث.. وقفت تتأمل فيها، وعرفت أنها ضالة، وفكرت في طريقة اصطيادها، واهتدت إلى الفكرة، فتقدمت نحوها، وقالت (أهلا يا بنتي هل أتيت زيارتنا) ووقفت الفتاة، وتأملت في العجوز، وفكرت في كلماتها، لزيارتنا… ترى من تكون هذه العجوز؟. هل تعرفني؟. عساها تكون سبيلا لإيصالي إلى بيتي , وأدركت العجوز ما جال في خاطرها، وقالت : (ألا تعرفيني أنني صديقة أمل ، هيا تفضلي، وادخلي بيتنا، لتأخذي غداءك. إنها فرصة سعيدة يا ابنتي، كم تمنيت أن تزوري بيتنا، وقالت الفتاة في نفسها: لأذهب إلى بيتها فلعلها محقة في قولها، وإذ لم أذهب، فهل يليق بي كامرأة شريفة أن أظل تائهة في الطرق ؟، ودخلت بيت العجوز، دخلت ولكن ماذا رأت؟. ورأت فتيات كثيرات العدد فأدركت أن لذلك معنى، وحارت في أمرها، ورأت رجالا يدخلون البيت فيسلمون وآخرون يخرجون فيسلمون بعض ما حصلوا عليه من كد نهارهم.. وأخيرا اهتدت إلى الأمر؟. فعلمت أن هؤلاء الفتيات إن هن إلا بائعات شرفهن لرجال الشهوات، ومستبدلات صونهن وعرضهن بالدرهم والدينار، ومن يدري، فلعل أولئك الفتيات وقع عليهن ما وقع عليها.
وهمتّ الفتاة بالهرب، فمنعت ، صعدت السلم لترمي بنفسها من السطح، فإما حياة أو موت، ولم تصعد بضع درجات إلا ورأت أربع فتيات يلزمنها ويكتفنها، ودخل رجل إلى خيمة المكتفة، وحاول أن يهم بها، ولكنه لم يفلح، وتكررت تلك المحاولة منه مراراً، ورفيعة تناضل عن شرفها وتستعين وتستغيث.
وحار الزوج في أمره، وظل طول تلك الأيام التي فارقها فيها طريح الفراش، وأخيرا أخبر الشرطة لكن نفسه لم تهتد، ومنعته ثقته بسليمة أن يشك فيها، وبرفيعة، وأن يظن فيهما سوءاً، وبلغ أهلها الخبر بعد يومين على وقوعه، وأخيرا شاع الخبر في المحلة: إن عند العجوز امرأة كتفت لبيع شرفها, لكنها تأبى وتناضل، وعلمت الشرطة بأمرها، وأنيط الأمر إلى شرطي سري، فدخل البيت وسأل العجوز عن الفتاة الجديدة، فقالت هن أربع، فاختر من تريد، وصفت الثلاث والرابعة مكتفة، اضطربت العجوز حينما رأته يخرج صورتها من جيبه وعرف الفتاة، وصـفّـّر فإذا الشرطة تحيط بالبيت وألقى القبض على الجميع .
وأخبر الزوج بالخبر فشفى في الحال ، وذهب إلى مركز الشرطة ، وإذا بفتاته كزهرة ذابلة ، وتذكر ذلك الجمال ، فحار في أمره . الأهل غاضبون ، الأقوال اختلفت ؛ فمنهم من يعتقد فيها خيرا ، والآخرون سوءاً ، فأي قول يأخذ ، كل يشير عليه بمشورة فأيهما يأخذ ؟! .. وإذا عفا فماذا سيعمل أهله وأهلها ؟، أما هو فلا يعتقد فيها إلا خيراً ، وتذكر تلك السعادة الزوجية واغرورقت عيناه بالدموع ، ونظرت إليه نظرة استعطاف وأمل ، ثم عاودتها الذكرى فبكت .. وأعاد النظر ، وأعادت ، ووقف ففكر ، ثم قال في نفسه : وليكن ما يكون فإنها ملكت قلبي ، وأنا معتقد أنها لم تعمل ذلك ، وهي راضية ، ثم ورد إليه تقرير الشرطة فازداد يقينا وقال : إذن لن أبالي بكلام الناس ، وقال : تعالي يا رفيعة لقد عفوت عنك ، تعالي لنعيد تلك الحياة السعيدة ، وهرعت إليه ، وأعاد تلك القبلة التي طبعها على شفتها قبل خمسة عشر يوماً .

ولم يطق بعد ذلك الاختلاط مع الناس ، لما سمع من أقاويل ، فاستقال من وظيفته واعتزل وزوجته الناس ، وها هما يعيشان ، وقد عادت تلك الحياة السعيدة ، وعادت الزهرة إلى رونقها .. ولقيت العجوز قصاصها .

______________________
* - كتب الطائي هذه القصه بتاريخ 7 رمضان سنة 1359 هـ، الموافق 8/11/1940.. كما تظهرهما النسخة الأصلية "المخطوطة" لهذه القصص.
  مادة إعلانية
  #2  
قديم 02/02/2005, 11:13 AM
صورة عضوية الحب الخالد
الحب الخالد الحب الخالد غير متواجد حالياً
نبض قلم
 
تاريخ الانضمام: 10/10/2000
الإقامة: UK
المشاركات: 10,194



من المـؤكـد أنك ستحظـى بمتـابعـة أكبـر في سبلة قـرأت لكـم


شكـرا لمجهـودك

  #3  
قديم 03/02/2005, 07:58 AM
صورة عضوية الذات
الذات الذات غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/04/2004
المشاركات: 544
أخي هاشلي لك شكري العمــيــق

نقلت لنا ذات مرة قصضيدة لأديبنا الطائي .. و خاأنت اليوم تطلعنا على قصص .. حقيقة لم أطلع عليها

شكرا لك أهديتني كنزا و علمتني حرفا
و ننتظر المزيد من هداياك
  #4  
قديم 03/02/2005, 03:40 PM
المشرق العربي المشرق العربي غير متواجد حالياً
عضو فوق العاده
 
تاريخ الانضمام: 17/06/2002
المشاركات: 15,752
Thumbs up

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الذات
أخي هاشلي لك شكري العمــيــق

نقلت لنا ذات مرة قصضيدة لأديبنا الطائي .. و خاأنت اليوم تطلعنا على قصص .. حقيقة لم أطلع عليها

شكرا لك أهديتني كنزا و علمتني حرفا
و ننتظر المزيد من هداياك





هذي نوبه قصه ورباعة الحداثه يكتبوا قصص تعالوا تعلموا تكتبوا قصص مفيده للناس وتفتحلهم نفوسهم على الخير والاصلاح والصلاح 0 لو لقيت هذيك مال بق برمه رميتلكم إياها لكن ما لقيتها 0 :شيطان:
  #5  
قديم 03/02/2005, 09:15 PM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
شكرا عزيزي هاشلي
مع تحياتي
الفجر الزاحف
  #6  
قديم 05/02/2005, 09:58 AM
هاشلي هاشلي غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 07/10/2004
المشاركات: 21
( المغلغل )
****************
كان عائدا من المنزل ، بعد أن شارك في ( التيمينة )1في الاحتفال الكبير بختم صديقه حامد للقران الكريم ، وأصبح قادرا على أن يقرأ القران كله ... وسار في طريقه إلى البيت يتذكر هذه التيمينة ويتغنى بها :
لله فضل دائم علينا ......... نشكره حمدا كما بدأنا
من نطف أو مضغن سوانا ... من آدم خلقا ومن سوانا
علمنا من فضله القرآن ... هو يمين ... هو يمين
وما كاد يصل إلى المنزل وقد أنهكه السير بسبب تحول الموكب من حي إلى حي ، حتى أسلم نفسه لزاوية من ردهة البيت وأغمض عينيه مستسلما إلى سبات عميق .... ولكن أمه لم تتركه وشأنه بل أيقضته متسائلة : ((هل صّليت الظهر يا خلفان ؟ ... الظهر خلصت وأنت ما صليت. قوم يا خلفان . قوم)) انتبه خلفان وقام متثاقلا وأحلام الوسن تداعب عينيه الشاحبتين وكاد أن يصدمه باب الحمام وهو يتجه إلى الوضوء .
وتراءى لخياله في هذه اللحظة ذلك الحلم الرهيب الذي شغله منذ شهر ، وصرخ وآي.. وآي .. وأسرعت أمه إلى الحمام وسمعته يقول وهو يجحظ بعينيه فزعا :
(( المغلغل يا أمي المغلغل ))
_ أي مغلغل يا ابني ؟ حتى في الحمام المغلغل ؟
_ نعم يا أمي المغلغل في كل مكان ، شوفي .. شوفي ... المغلغل .
ونسيت الأم الصلاة وقررت أن تأخذ ابنها إلى (المطوّع) يكتب له تعويذه عن المغلغل ، أما خلفان فرغم ذلك أكمل وضوءه وأدى صلاته وأسلم جفنيه لنوم عميق .. ولكنه في هذه المرة التحف واخذ وسادة له وعلا صوت شخيره .
عاد أبو خلفان من المسجد ودلف إلى المنزل حيث كشفت له زوجته عن هواجس ابنه وأخبرته أنها كتمت ذلك عنه منذ أكثر من شهر ولكنها لا تستطيع الآن أن تكتم وأنها تؤكد إصابة ولدها بمس من الجان .
قال الأب : كيف تكتمين ذلك عني ؟ كيف ترضين أن يبقى أثر الجان على ابنك بما ينيف على الشهر دون علاج .
- يا راشد : أنا صحيح امرأة , ولكني لا أستطيع أن أصدق أن مخلوقا يدخل في مخلوق .
- إيه ، النساء مرة ومرة يكن أعقل من الرجال .
- زين تعترفوا مرة ومرة .
- لا يا راية في كثير من الأحيان أنت أعقل
- ولكن الأحسن أن تأخذ الولد إلى المطوعّ .
- قلنا لك أنك أعقل .
- إذن سوف تسمع نصيحتي .
- مرة ومرة نعم أنكن أعقل ..... مرة ومرة
- يا راشد حس بالولد ، خلينا نسأل ونشوف .
- لا نسأل ولا غيره ، الولد سيسمع أحاديثكن في جلساتكن بعد المغرب ... تجيئكم سلوّم وتقص على الولد مع الأولاد الأخبار التي جمعتها من ( المعصرات ) اللاتي يجمعن حكايات الحارة ويناقشنها بينهم وتتقرب إليكم ( سلوّم ) أيضا فتجمع أخبار الخرافات من لف ليلة وليلة وتخدر الأولاد بأحاديثها حتى يناموا ، من هنا يا راية جاء السبب ، فأعتقد ولدنا بالمغلغل ، كوني عاقلة يا راية .
- على رأيك يا راشد ، لكن نترك الولد يهذي ؟
- لا .. لا نتركه يهذي الولد في حاجة إلى راحة . وإلى تغيير جو وسنرسله إلى عمته ويبقى معها كم يوم ويرجع .
- والمدرسة .
- أي مدرسة يا راية ، مدرسة الأزهر ، خبريني مدرسة بغداد أو القاهرة ، مدرسة البحرين اليوم أو الكويت .. أي مدرسة يا أم خلفان ؟
- مدرسة المعلم ( حمد ) إنشاء الله .
- نريده يختم القرآن .
- ويوم يختم القرآن . ماذا بعد ذلك ؟
- وسكتت راية ولم تستطع أن تجيب وفكرت بعمق ( نعم ماذا بعد ذلك ) يبقى عند أبيه في الدكان الصغير يستمع إلى أحاديث السوق ؟ يذهب إلى أحد البساتين ويستأجر ويسقي بستانه ، ماذا بعد القرآن إن مشاعرها تقول سيعمل في الأرض ، ماذا بعد أن قرأ كتاب السماء ؟ قالت راية :-
- نعم يا راشد ماذا يعمل ؟ سؤال كبير ، طويل وعريض .
- العقل يا راية هو الذي أحبه فيك ، أكثر من كل شئ كنت أخشى أن تقولي لي سيعمل في الدكان ، أومعك في المزرعة ويعيد حياتنا نحن يا راية .
- الحمد لله يا راشد حياتنا طيبة بوجودك .
- وإن شاء الله تكون طيبة يا راية .
- وتبقى طيبة ، لكن سؤالك سيجعلني أفكر دائما ماذا سيعمل خلفان حتى يكبر ، ماذا سيعمل خلفان بعد أن يختم القرآن ؟
- سنرسله إلى ( نزوى ) يتعلم النحو والصرف والأديان .
- الله يبارك فيه لكن علينا الآن أن نفكر في حالته مع المغلغل .
- هذا وهم سيزول مع تغييره الهواء .
- والمدرسة ؟
- صحته أهم من المدرسة .
- وذهبت راية لتغرف الطعام وأيقظ الأب خلفان من نومه ، وهب مصافحا أباه ، وسأله عما تعلمه اليوم فأخذ خلفان يقص عليه قصة التيمينة التي تمت لصديقة واحتفال الطلاب جميعا بنين وبنات ، باليوم المشهود لصديقه حامد حتى حضر الغداء فذهبوا يأكلون ، ثم هب خلفان يحمل الآنية إلى المطبخ وأحضر القهوة .
- أخذ خلفان ( يغنم) على أبيه وبعدها قال الأب : ألا تحب يا خلفان أن تزور عمتك ؟
- خلفان : إني مشتاق إليها كثيراً .
- الوالد : لقد هيأت لك واسطة السفر إليها وستصل بعد يوم .
- شكرا جزيلا يا أبي ومن سيكون معي ؟
- لا أحد يعرف أن المكان قريب ستصل في مرحلتين فقط ، سيكون معك الحمّار ( سليم ) وتركب على حماره ست ساعات تستريحون بعدها وتنتشرون صباحا إلى القرية فخير لك أ ن ترى عمتك وأولادها في النهار .
- شكرا لك يا أبي هذا فضل كبير منك سأستريح من المغلغل .
- أي المغلغل يا ولدي ؟
- ألم تخبرك أمي ؟
- أبدا يا ولدي أمك ما تعتقد في هذه الأشياء ولذلك لم تخبرني .
- حدثتنا ( سلوّم ) عن أخباره مع الناس ، ألا ليت كنا ما نسمع أخباره ، وتعجب كيف تغلغل مخلوق طول عمره .
وضحك الأب ضحكة كبيرة ، توقفت فجأة ليقول ذلك بصوت خافت كيف يغلغل مخلوق طول عمره ؛؛ نعم كيف تغلغل مخلوق ؟
- مسكين أنت يا خلفان المغلغل أكثر من واحد أكثر من مائة , أكثر من ألف ومليون حتى الصغار يقذفون بالحكمة .. آه كلما كبرنا عرفنا أن الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث يجدها ، نعم يا خلفان حديثي عن المغلغل .
- ولكن ماذا قلت يا أبي لم أفهم كلامك ؟
- ستعلمه لكن أقول لك لا نعتقد في مغلغل من الجان – نعم لا تصدق .
- كيف لا أصدق وهو يأتيني كلما نمت واليوم رأيته وأنا في الحمام .
- يا ولدي نحن نقّيد أنفسنا . نحن نتعدى على بعضنا بعضا الإنسان يغلغل الإنسان .
وخرج وقام الأب من مكانه وذهب إلى حجرته والتأثر باد عليه في حين ظل الصبي حائرا لم يفهم ما قاله أبوه ولكنه أخذ يردد : الإنسان يغلغل الناس ... وظل باهت اللون حائرا .
منذ ذلك اليوم أصبحت هذه العبارة ترافقه مثلما رافقه الشعور بالمغلغل .
في اليوم الثاني كان خلفان يركب حمارا متجها إلى قرية عمته ، بينما كان الإنسان صاحب الحمار يسير وراءه وكان أبوه يودعه وهو يقول : مسكين ولدنا لم يفهم أنه في هذا اليوم قد استعبد إنسانا مثله ، أنه أيضا شارك المغلغل بما ندفعه نحن من أجر للإنسان ، للإنسان صاحب الحمار الذي يمشي الآن بينما يركب الصغير ولا فرق بينهما سوى أن هذا يعطي القرشين وهذا يأخذ ( القرشين ) .
كان الركوب على الحمار شيئا جميلا أنس به خلفان ، فمرة يقول لصاحبه سوقه – يعني اضربه وهو لا يعلم معنى ذلك إن أخاه الإنسان سيركض وراء الحمار ، قال الحّمار : يعني تبغيه ينتقل – أي يقفز – يفرح الصبي ويضرب الحمار ضربة موجعة فيسير في طريقه على قفزات وصاحبه يضربه كلما خفف سيره ويركض وراءه لاهثا ... وعندما دخلوا إلى أحد الجبال افترقت الطريق بحيث كان من المتعذر على خلفان أن يظل راكبا على ظهر الحمار ، فاضطروا إلى النزول ، وأخذ يشمشي مه الحمّار عندئذ أدرك أن زميله يتعب , بل أخذ يشكو من الطريق ، لقد تعبت يا غانم .
- أنت لا تقدر أن تمشي يا خلفان لكني سأحملك وعندما تعدوا الجبل أمر خلفان غانم أن ( يرادفه ).. فقال غانم : الحقيقة هذه كانت وصية أبيك لكي لا تسقط من ظهر الحمار ولكني وجدتك جريئا وماهرا في الركوب ففضلت أن تبقى لوحدك .
وترادف خلفان وغانم وبدأ الحمار متباطئا في سيره وانهالت عليه العصا ولكن التعب كان أقوى من العصا فسار على تباطئه حتى وصلا إلى المرحلة الأولى فتناولوا عشاءهم على مقربة من النبع , ثم فرشوا فراشهم على الوادي وناموا حتى أقبل الفجر فواصلا سيرهم من جديد .
بلغت الرحلة نهايتها بعد ظهر اليوم التالي والتقى خلفان بعمته وبقى معها ومع أبناءها وكسب أشياء كثيرة من وجوده بينهم وخسر أشياء كثيرة من وجوده بينهم فما خسره هو مواصلة تعلم القرآن واعتماده في الغذاء على الموجود فلا لحم دائم ولا سمك دائم الغذاء الموفـّر هو السمك المجفف والعدس وكسب أكل ( الغراميل ) مع السكر أو العسل في الصباح . وفي بعض الأحيان أكله خفيفة في الغذاء ووجبة ثقيلة في العشاء .. ولا يعد على الرز المصحوب كالعادة بالتمر .
ولكن الشيء الوحيـد الذي لم يفقده خلفان هو المغلغل ، المغلغل الذي أخبرته عنه ( سلوم ) والمغلغل الذي ورد على لسان أبيه ، وبدأت عمته تسمع عنه ذلك , وكان يحلو له أن ينام ويختم بالمغلغل ، يقول أنه رآه في الحارة .... لا – لا الولد على وشك أن يأخذه السحر ، ربما دخله جان أنه يوم ينام يقول أيضا ( الإنسان يغلغل الناس ) كلا يا خلفان لن يغلغلك أحد... سآخذك إلى المعلم .
وسارت به إلى المعلم ، ونثر كنانته .
- أبصر له – وبدأ باسم نجمه ، نجمة الأسد ، لا أحد يغلبه في النهاية هو المنتصر ، من هنا جاءه الحسد ، أسألك يا خلفان : تسير ( الفلج ) وحدك .
- هنا نعم ، ولكن عند أبي لا يوجد فلج عندنا طوى نزجرها .
- ولكن تذهب إلى ( الطوي ) وحدك .
- نعم .
- من هناك جاءك الخطف ، اهتموا بولدكم ، اعتنـوا به ، يوجد جـان صغير أسمه " قبقب " ليس به سحر ، لازم ( نعزم عليه ) حتى يخرج .
- طيب يا معلم ؟ عليك بشغلك ولكن ما ستعمل ؟
- سأعطيه ( حرزا ) وإذا لم يطلع الجان بسهولة فسنخرجه بالعصا .
- وكتبا المعلم الحرز ، وطلب ماء ورد وزعفران وكتب لهما على ورقة وبخـّره بالعود وطلب منهم أن يطووا التعويذة في جلد الوعل ويعلقها خلفان على رأسه أو صدره .
وكتب له آخر ليضعوه على وسادته ، وبعد أسبوع تمرن خلفان وارتفعت درجة حرارته ، وتصبب العرق منه ، فتتركه الحمى صباح ، وتعود إليه بعد الظهر لترافقه حتى الصباح ، ويأخذه الهذيان فيهذي بكلمات ليس لها معنى وهو عندما يصحو يصر على العودة إلى منزله الجميل .
أما المعلم فكان يسخر عندما يخبرونه أن خلفان يحب أن يعود إلى البيت ، وكان يعلل ذلك بالخوف من النتيجة مخافة أن يخرج الجن لأنه وجد من يخرجه ، وكان يعلل المرض الذي بخلفان هو معركة جديدة يخوضها مع الجان ، فالمرض تحايل من الجني كي لا يلبس الحرز وبدأت المعركة تشتد حتى حان وقت العصا واخراج الجني . واستطرد المعلم قائلا :
- قبقب ، ترجع عند أهلك أو ما ترجع ؟
- أرجع أسير عند أهلي .
- يالله أخرج .
- ما أقدر أخرج أمشي .
- لازم تخرج وإلا ؟ .....
- ما أقدر أمشي .
- أخرج هكذا .
- ما أقدر أوصل الباب – لازم تمشي بسلام .
- كيف أخرج خبروني – أخرج من أصابعه حتى ما تؤذيه مثلا . لا تخرج من عينه وبعدين ( يتعور ) .
- وإذا خرج من إصبعه ما تنجرح .
- لا ما يصيبها شئ لكن العين تتأثر .
وقال خلفان :؟ أرسلوا إلى خلفان يرجعني إلى أهلي .
قال المعلم : أسمعوا الحيلة أنه لا يحب يخرج أنه يتظاهر أنه خلفان الحقيقي ... أين العصا ويجئ بالعصا وانهال المعلم على خلفان ضربا موجعا ، وهو يصرخ : أخرج ، أخرج واستمر الضرب على المريض بشدة وأخذ خلفان يصيح صياحا خافتا لكثرة الألم الذي به وقال المعلم : لقد خرج قبقب لقد خرج الخبيث هيا دعوا الولد ينام قليلا .... وغط خلفان في نوم عميق .
وصمم خلفان منذ هذه الحادثة أن لا يذكر المغلغل ، هب من نومه ولكن المرض لم يزل به ، والتعب قد بلغ أشده ، وآلام العصا تكاد تفتت جسمه ومع ذلك فقد صمم ألا يذكر المغلغل في لسانه حتى يكفوا عن ضربه ولكن خلفان وقف يفكر ، أين المغلغل حقا ؟ .. لماذا لا يأتيهم وقد أتوا من يخاف منه ؟ و أسرع خلفان يصرخ تعال يا مغلغل أينك ؟ ولكن لا بأس سأعطيهم مهلة يومين أو ثلاثة حتى أرى هل سينتقم المغلغل ؟؟
وشفي خلفان من مرضه ولم ينتقم المغلغل وعاد خلفان إلى أهله وعمته المسكينة تعتقد أن المعلم أخرج المغلغل من جسمه وكاد أبوه أيضا أن يصدق فالذي يحدث فعلا أمر يدعو إلى الشك ولكن خلفان جلس مع أبيه يحدثه أن الضرب كان يوجعه وأنه بنفسه صمم أنه ليس هناك مغلغل وعليه أن ينتقم من المعلم وعمته وعادت إلى ذاكرة خلفان عبارة أبيه (( الإنسان يغلغل الناس )) وسأل أباه توضيح ذلك واكتفى الوالد أن أجابه: (( يا ولدي تكبر وتشوف )) .
رفعت الأعلام على منزل خلفان وأقبلت النساء يهنئن أم خلفان على ختمه القرآن الكريم وشاهد الناس موكب ( التيمينة ) وهو يطوف المدينة ... كانت سعادة الوالدين كبيرة حينما خطى خلفان خطوته الأولى للزواج ، هكذا قالت والدته وهو يبلغ من العمر تسع سنوات وخطر لأبيه أن يفكر ، أجل ماذا بعد القرآن ، لا بد أن يعرف من أمر دينه وعن لغته العربية فلا يحسن أن يذهب إلى المدرسة ... ولكن هل يرسله إلى المدرسة الوحيدة في مسقط ، هنالك أحد نسبائهم ولكن لماذا يكلف الناس ، هل يرسله إلى( نزوى ) أو( سمائل ) ليتعلم اللغة والأديان والأحكام ؟ أيضا مع من ؟ سؤال كبير ... لا مدارس هنا ، ليكن نصيبه كنصيب أبناء مدينته فيزرع الزرع ويساعدني في الدكان ويدير فنجان القهوة على الضيف ، وليكن تحت حاجز أهل البيت يرسلونه أينما كانت من الحاجة .
وهكذا أصبح خلفان رفيق أبيه الدائم ولكنه لم يحرم نفسه من قراءة ما يقع بين يديه ... سمع من شعر الاستنهاض ( لأبي مسلم )... سمع عن قصائده في وحشة الليل وشاعر الجلسة يتغنى بمقصورته .
تلك الرفات طيبة صالحة .. لحارث وغارس ومن بنى
أتبحثون بينها عن عزة .. أوفى لعل فرجا أوفى عسا
سمع قصائد ابن شيخان وملاحمه وسمع مفاخر ( سليمان بن سعيد ) وغزل ( الكيذاوي ) ومرثاة ( المنتفكى ) و ( ناصر بن مرشد ) ، أدرك خلفان أنه فرع من أصل عريق وكأن حي بن يقظان بطل أسطورة ( ابن الطفيل ) يسال عن إنسانيته فبدأ خلفان يسأل عن كرامته . كرامة بلاده وشعبه واشتعلت الجذوة وتوهجت الجمرة وأخذ بصيص من النور أو النار إلى نفس خلفان وسأل نفسه لماذا يقول ناصر بن سالم هذا الشعر بلادي اسمها عمان وشعبي العمانيون والأجر عظيم كيف نحن ؟ أسعداء أم أشقياء .
ودلف يسأل والدة فوجد عند والده التغذية لهذه الأحاسيس . وأخذ يقص عليه قصة تاريخ عمان أخذ يسرد عليه وصايا ( البارونى ) ونشأة حرب زنجبار وخلفان يستمع ، يسمع فيعي ولكنه مسمع العاطفة إذن فهو يسمع ويتحمس ولكن كيف يقذف بهذا الحماس وكيف يستفيد منه .
كان خلفان على بعد تسعين كيلو مترا من مدينة مسقط وكان بين حماسة للعلم وتردد أهله جسر يوصله إلى المدرسة السعيدية بمسقط هناك ولكن كيف السبيل ؟ هل يرضى والده أن يعيش مع شقيقة والده في مسقط ومطرح ؟ والسؤال أمام نفسه وكان الجواب لماذا لا يتعرف على هؤلاء الأهل لماذا لا يزورهم .. وبعد العشاء وفد على أبيه باقتراح زيارته إلى مسقط ولكن الأب عارض الفكرة في سفرة وأيدته الأم بحجة التكاليف وصعوبة معيشته مع أقاربه على أنه اقنع والديه بزيارته مسقط ليومين أو ثلاثة وأخذ معه بعض الهدايا كالسمن العربي ، وخل البكر وطاقة نسيج ( خضرنجي ) وبعض ( الورس ) وقطعة من نسيج ( التيل النسائي ) ، وغادر منزله أيضا على حمار وأيضا مع غانم وبعد مسيرة يومين أو ثلاثة وصل إلى مسقط ، كان خلفان وهو يقترب من ( البندر ) متبل الوجه مندفع الملامح يلبس حزاما فضيا وربطة في وسطه ويلف حول رأسه قطعة صوفية تسمى ( المصرّ ) يحمل بيده اليمنى عصا صغيرة من أخشاب الزيتون ، وعندما وصل إلى ( روي ) قال له غانم : كبرّ يا خلفان ( الله أكبر )
- لماذا أكبر ؟
- كي لا يؤذينا ( موظف الفرضة ) الله أكبر منهم .
وكبر خلفان وصولهم بعد الفجر وهناك تنتظر قوافل الإبل ومجموعات الحمير والناس يتذمرون من كل هذا الانتظار وبدأ دخول المسافرين إلى مدخل الجمرك واحدا واحدا . وبدأ التفتيش ، وفتح الحقائب ، وجنى الضرائب الجمركية وابتداء من قناني السمن و ( أوقار الحطب ) و ( العوسج ) وانتهاء بالتمر والفواكه وامتعة المسافرين .. وجاء دور خلفان فسأل عن حقيبته وقال غانم : هذا الحمار موجود فقال الشرطي فك أحزمة الحمار لا بدأ التفتيش وفك غانم ( الجواد ) من ظهر الحمار بينما كان الموظف يدخل يده في جوانبه ثم اتجه إلى ( الخرج ) وأمعن ما بين جانبيه تفتيشا, وانتهى الأمر بأن طلب منهم خمس قروش دفعها خلفان وهو يقول " لقد نصحني والدي أن أؤخر السفر للهند وما رضيت .
وساق غانم حماره إلى السوق حتى وصل إلى ( الغريفة ) أو مطرح ، فعاد التفتيش من جديد , وعندما وصلوا إلى سوق مطرح غير غانم طريقه خشية أن يمر على الجمرك أيضا فيحصل ما حصل وسار بالحمار متوجها إلى مسقط وفي قرية( ريام ) سمعه خلفان يكبر فعاد خلفان للتكبير , وهناك وجدهم عسكري سألهم عما يحملون فأروه وصل الخمس قروش وواصلوا طريقهم فصعدوا عقبة ريام وعندما بلغوا القمة أطلت عليهم مسقط بأبنيتها البيضاء وقلاعها المتناثرة في قمم الجبال وهيبتها الصامتة التي كانت تثير كثيرا من التساؤل وسار الصبي والرجل والحمار في طريقهم حتى وصلوا ( حارة ميابين ) حيث تسكن عمة خلفان ، كان زوج عمته قائما بإحدى المساجد يتعهده ويؤديه ويصلي بالناس وكان في نفس الوقت يعلم الأولاد القرآن الكريم في الصباح وعندما طرق خلفان مجلس عمته أسرعت تفتح له فعرفت غانم وسألته من هذا الصبي الذي معك هل هو خلفان فقال غانم : نعم إنه ابن أخيك أصر إلا أن يأتي لزيارتكم واقتربت العمة وضمته وحملته إلى داخل البيت قائلة لأولادها هذا هو ابن خالكم اقبلوا للسلام عليه ... واقبل الصبية فرحين فقال أكبرهم .
- هل هو الذي حدثنا عنه غانم .
- نعم يا ولدي هو الذي يسأل عنكم أباه دائما , وهذا هو قد أتى لزيارتنا وزاد الترحيب بخلفان وعندما رآه عمه ازداد فرح الجميع .
تجول خلفان في شوارع مسقط ولعب مع إأخوته بحيث أصبح قائد فريق ( التوفه ) يوزع أفراد الفريق , ويأمر أحد أعضاء الفريق ليلقف الكرة ويوافق على ( المهوب ) . و ( المهوب ) وتلقيف الكرة جزآن مهمان من هذه اللعبة التي تتكون من فريقين يتبادلان رمى الكرة بالمضرب وهي مرتفعة عن الأرض , في حين يحاول أحد أفراد الملعب أن يركض إلى الهدف مسرعا دون أن تصيبه الكرة ، فإن أصابته الكرة خسر الجولة واستلم الفريق الآخر ضرب الكرة وحسبت إصابة على الفريق الأول ..... كان خلفان في هذه ماهرا كلما تخطئ ضربته ولذا فقد تغير مجرى اللعب في الحي وأصبحت كل الفرق راغبة في كسب ود خلفان وارتفعت معنويات أبناء عمته وأقاربه وصار لهم نجم .
لم يخسر خلفان تعليمه , فقد أمرته عمته بمواصلة تعليم القرآن مع أبى أولادها ومن هنا فقد وافق والدية على بقائه في مسقط وكانوا مسرورين به نتيجة محافظته على تعليمه .
وكان يوم ختم القرآن الكريم يوما مشهودا في حارة ( ميابين ) بحضور والديه وآأخوته الصغار وزعت خلاله الحلوى الممزوجة بالذرة المقلية , ولبس أثوابا جديدة وعاش يوما من أيام عمرة لايمكن أن ينساه وواظب في مدرسة عمه يتعلم الخط حتى أقبل الصيف فعاد إلى والديه ولكن ما أن حلّ شهر سبتمبر حتى قدم إلى مسقط لينضم إلى المدرسة السعيدية فقبل في الصف الثاني بعد (الشافع والنافع) كما عبرّ لابن عمته القادم من الكويت وكان ابن عمته في الثانية والعشرين من عمره يعمل فراشا لإحدى المؤسسات ويتعهده أحد موظفي التعليم بالعلم فهو تلميذ مسائي في السنة الثالثة إعدادي وقد ألح على ابن خاله أن يسافر معه للتعليم فلا مجال له في هذه المدرسة وأوضح له أنه الآن في العاشرة طالب في الثاني تمهيدي لا بد ّ له من سبع سنوات حتى ينهي التعليم الابتدائي ولكنه يربح (عمره) في الكويت فيدرس شيئا من الحساب ويتقدم في الامتحان لقبوله في الصف الرابع الابتدائي ووعده حمد_ وهذا هو اسم ابن عمته _ أن يدّرسه قبل السفر وخلاله ، وهكذا اتفق الاثنان وبقي أن يقنعا والد خلفان فقصداه للزيارة وفرح الخال كثيرا ولكن عندما فاجأه باقتراح سفر خلفان تردد طويلا , وماطل وهما يقنعانه ، ولكن تردده ما لبث أن زال عندما اطمأن إلى حمد وسمعته في الغربة , واقنع الوالدة ...
وفي أواخر سبتمبر من عام 1954م كان حمد وخلفان من نسيج الخط الطويل على أبواب شركة الملاحة التي يهمها أن تملأ سطح السفينة بركاب الدرجة الثالثة وقوفا كان أو جلوسا أو نياما .
وفي أمسية يوم صائف كانت الباخرة _(دواركا ) تمخض عباب البحر العماني متجهة إلى الخليج العربي وعلى ظهرها المئات من المهاجرين الذين تتهلل أساريرهم بالآمال بالحصول على العمل والقوت والعيش الجديد في عالم جديد .
وكانت الباخرة تخفف منهم كلما قدمت على ميناء جديد وفي أحد الموانئ شاهد أول مظهر آثار انتباهه من نكبة الشعب العماني , رأى أكداسا من الناس تتجمع على النافذة الصغيرة بصالون الباخرة يحمل كل منهم جوازه ليحصل على توقيع الموظف المختص بالنزول وشرطة الميناء تطوّقهم بالعصي ( والعريف ) يخفف الازدحام بعصاه الطويلة التي يهوي بها بين الدقيقة والأخرى على ظهور هؤلاء الناس الذين كان أجدادهم سادة هذا البحر ومصدر إشعاعه ، والتفت خلفان إلى حمد يقول له : هيا يا أخي فأنا لا أستطيع أن أرى هذا المنظر ، لقد صدق خالك يا حمد حين قال : (( الإنسان يغلغل الإنسان )) .
- يا خلفان قبل أن تلوم أهل هذا الميناء وشرطتهم عليك أن تسأل نفسك لماذا أخرج هؤلاء الناس ؟
- مثلما خرجت أنا وأنت كي نشتغل ونتعلم .
- أليس من الممكن أن نتعلم ببلدك .
- بلى وكذلك يمكن أن أشتغل ببلدي .
- إذن لماذا خرجت ؟
- لأني لم أجد مدرسة أتعلم فيها .
- عندك مدرسة .
- لكنها في غير مدينتي ، هي في العاصمة مسقط فقط .
- أجل إنها مظهر للزوار كي يخرجوا بفكرة تعليمية حسنة مع أنكم تؤخرون سنتين . وهذا أنت عليك لكي تنال الشهادة الابتدائية أن تمضي سبع سنوات فتتخرج وعمرك ثماني عشر سنة .
وقطع الحوار صوت جهوري مرددا : ولسنا حميرا ؟ إذا كنتم لا ترغبون في دخولنا إلى بلادكم فلا داعي لضربنا ؟
وأقبل ضابط الجوازات بعد أن وصل إلى سمعه أصوات المتخاصمين فاستدعى العماني وسأله فأخبره عن سبب ضرب الشرطي وأنه فعلا مستعد أن يواصل سيره على ظهر الباخرة وأن يعود إلى مسقط .. وكان الضابط شابا عاقلا يبدو عليه أنه يعرف ويحس بآلام هؤلاء المهاجرين فأخذ جوازه , وأشر عليه بالدخول والتفت إلى الشرطي يهمس في أذنه وعلى أثر ذلك عاد الهدوء إلى الباخرة أو بالأحرى على فتحة الصالون وألقى الشرطي بعصاه .
كان خلفان وحمد من ضمن الذين بقوا في الباخرة ليواصلوا سيرهم ، أما الذين انهوا معاملاتهم فقد غادروا الباخرة مع العشرات من القادمين وكثيرا منهم يحمل حمولته على كتفه ويسير بها في شوارع المدينة يبحث عن ملجأ بين إخوانه المهاجرين .
وواصلت الباخرة سيرها وعندما وصلت الكويت آن الآوان لحمد وخلفان أن ينهيا أيام البحر وأيام المنظر اليومي الذي عاشاه خمس أيام ..
لم يكونا بحاجة إلى التفتيش عن مكان فلحمد بالكويت منزل يمكن أن يشاركه فيه خلفان . وفي الصباح انشغل حمد بالتفتيش عن عمل لخلفان وكان الحظ حليفهم هذه المرة فقد طلب صاحب المحل من حمد أن يعمل أخوه معه وأضاف بأن أمره بتسجيله في التعليم المسائي وهكذا أصبح خلفان طالبا في السنة الأولى إعدادي بعد امتحان أجرته له مدرسة ( النجاح المسائية ) وعاملا في النهار في إحدى المحلات التجارية .
ترى ما الذي دفع صاحب المحل إلى أن يوافق أن يتبنى حمد وخلفان , وأن يدرك أن مصير خلفان هو المدرسة ؟؟ ذلك هو الوعي الذي غرسه العمانيون في نفوس الناس عن قضيتهم والواقع الذي ساعد على غرس هذا الوعي هما اللذان جعلا صاحب المحل يفكر في أمر هذين المخلوقين قبل أن يخبراه ...
ما أن بدأت الشمس في حالة الغروب حتى كان حمد وخلفان يسيران إلى المدرسة بمنطقة الكويت " شرق " مسكن صقر الشبيب الشاعر الكويتي الفذ وكأنما كانا يعبران عن المعنى الذي صاغه هذا الشاعر ( في كثير من قصائده )
دخلا المدرسة وهناك وجدا عشرات من العمانيين يتلقون دروسهم وهناك أيضا تلقاهم المسؤول عن التعليم المسائي برغبة صادقة وتشجيع كبير . كانوا شبابا ما حضروا للعمل المسائي ؟ إلا لينالوا التعليم كسائر أبناء الخليج العربي وتسهيل أمورهم ، كانوا شبابا لم تعقدّهم السياسة ولم تطرق أبوابهم الفجاجة . آمنوا بواجبهم ففتحوا للطلبة العمانيين أنديتهم واستأجروا لهم المنازل لإيوائهم وأنشأوا الجمعيات لتعليمهم إنهم أجل من أن نذكر أسماءهم ... ولكن خلفان أدرك أنهم حقيقة وانهم ليسوا مجرد سمعه وفهم أيضا أن صاحب المحل واحد منهم فاخذ يقبل ابن عمته ويعانقه عناقا ممتزجا بعبارات التهنئة بأنه يعيش مع هذا الإنسان وانه لا يستغرب إذ يرى فيه الرجل الصالح وأجابه أخاه :
- أنك يا خلفان تتكلم وكأن عمرك خمسة عشر سنة .
- نعم إن عمري خمسة عشر سنة ولكن المصائب كبرتني .
- هذه عبارة أعلى من مستوى سنك فعلا .. ولكن يا خلفان هل تتذكر الآن عبارتك المألوفة ( الإنسان يغلغل الإنسان ) .
- الآن يا أخي آن أن أقول : أن الإنسان يحس بالإنسان .. لا أعرف لماذا .؟
- هل تعتقد أن أباك على خطأ ؟
- إذا نظرت إلى أخي الكويتي أقول أبي على خطأ .
- ولكن أباك ليس على خطأ ؟
- أليس صاحب المحل إنسانا ؟
- نعم إنسان محسن , ولكن هناك أيضا إنسان مسيء .
- صدقت ولكن حتى الصبيان سيسيرون في طريقنا سمعت فئة تعيرني بأني عماني واستغربت لماذا يكرهون العمانيين ؟
- لأنه شخص مسيء يعني أنت فقير ، أنت مسكين أنت محتاج لهم أنت من بلاد متأخرة .
- لماذا تأخرت بلادي ؟
- لأن الإنسان الكبير فينا مسيء .
- نعم الإنسان صاحب المحل محسن ، وحاكمهم كذلك محسن.حاكمنا مسيء .
- نعم هذا هو الصحيح .
- عبدالله السالم يبني لهم المدارس والمستشفيات والطرق كأنها ملعوقة باللسان ، الأعمال موجودة لأهل البلد والأطفال يعلمون ويقدمون لهم لباسا وغذاء صحيا .
سعيد بن تيمور لم يبن مدارسا ولم يوفر علاجا في عمان إلا الكي بالنار.. شوارعنا مليئة بالحجارة وأشواك السمر وحلوى البيدار . أنا طفل ، أنا هنا تركت أمي وأبي ، أنا في الكويت ، لماذا ؟
- إن الإنسان الكبير مسيء
- إنه يغلغل الناس .
- نعم يا حمد هل تصدق إننا نخافه ، نحن لا نحبه لكننا نخافه هنا يحبون عبدالله السالم ن ولكن نحن نخاف حاكمنا كما نخاف المغلغل الذي حدثتنا عنه ( حبوه سلوّم ) الله حاكمنا نحن مغلغلون نخاف منه يا حمد هل المغلغل الذي حدثنا عنه سلوّم هو الحاكم ؟
- حبوه سلوّم قالت لنا أن المغلغل جني , وليس من البشر والمغلغل أيضا مقيد بسلاسل من حديد لا يقدر أن يتعدى على الناس فهم يخافون لمجرد رؤيته يمكن الحاكم الظالم أيضا مغلغل ؟ من يدري ؟ لكن يا خلفان أنا أكبر منك لا أعرف لماذا هو مغلغل ؟ ..أنا أخاف منه كما تخاف أنت ولا أحبه كما لا تحبه أنت إذن دعنا نسميه المغلغل ولا حاجه بنا أن نتذكر اسمه نقول المغلغل لعلنا من بعد نكشف المعنى الحقيقي للمغلغل .
- مسكينة حبوه سلوّم لو تسمع أن أخبار الليل نحن نتكلم عنها في النهار .
- أجب يا خلفان أرجو أن تكبر وتخدم بلادك .
- نعم إن شاء الله سأتعلم وأكبر وأخدم بلادي ولن أخاف من المغلغل .
- بارك الله فيك .
وسارت حياة خلفان في نمو وفي استعداد هو وأبن عمته ليعيشا بعد ذلك ,وقد مرّت فصول من حياة عمان الحبيبة في الخمسينات .
الهجرة مستمرة ، المحل الذي أهلك الزرع والنسل الثورة التي قامت على تقسيم الوطن التشجيع على ذلك من بعض الدول العربية ... الانتهازية تلعب دورها والحاكم يقرب الحاكم الظالم ويناصره على أذى الفقير ، القادة يهربون ويبذرون الألغام لقتل الأبرياء المساكين والحيوانات ، فضائح القادة في المهاجر عندما اقتتلوا على الغنائم رؤوس السمك تتساقط على رؤوس العمانيين وظهورهم .
الصبية العمانيون يغسلون الصحون في البيوت ، أبناء القبائل والشيوخ المعروفة يعملون بالأعمال الوضيعة .
كل هذا مرّ وخلفان ينمو ويأخذ منه بقدر ما يملأ فكره ولكنه كان دائما أكبر مما يستطيع ، كان يأخذ من الألم جزءا وفيرا ولهذا فقد خلط طعامه وشرابه ودراسته وقال له حمد مرة :
- أنت تحمل هم شعبك يا خلفان .
- نعم يا حمد أنت علمتني ذلك عندما كنت في الصف الأول الإعدادي المسائي , وأنت تطعمني هم العمانيين ووطنهم الحبيب ، فسّرت لي المغلغل ؟ وجعلتني أصل إلى الحقيقة الكبرى .

- شكرا لك يا خلفان فلا تكلمني وأنت حزين .. إن هذا الحزن مملؤ بالأمل.
- إنني المح تفسير هذا المعنى ، ألمحه قريبا وليس بعيداً لا بد أن يقيض الله لهذا الشعب من يأخذ بيده ، تاريخنا مليء بالدلائل يا أحمد .
- بل وما في ذلك شك أبدا , فلقد جاءنا البرتغال فأنقذنا ناصر بن مرشد ، طغوا وبغوا ولكن الله أرسل لنا ناصر بن مرشد وتبعه سلطان بن سيف .
- واحتل بلادنا الفرس وأصبح الحكم تحت تصرفهم , فقيض الله لنا أحمد بن سعيد وكن على ثقة بأن الطاغية زائل وان البدر قد بدت ملامحه أما سمعت أن ابن عمه يعلوا صوته اليوم مطالباً بحقوق الشعب وزوال الظلم .
- أما قرأت كتاب سلطان واستعمار .
- إيه يا أحمد ألم أقل لك أنك أستاذي دائما .
- سأقدمه لك .
- أجل هناك أمل ولكن علينا أن نعمل .
- وكيف نعمل يا خلفان ؟
- نكـّتل الناس في هذه المهاجر .
- لا يا أخي تفرغ لدروسك الآن فانك على أبواب التوجيهية, وعليك أن تدرس هذا العام .
- شكرا يا أستاذي ... يا ابن عمتي ... ما اسعد ذلك اليوم الذي ختمت فيه القرآن وجئت إلى منزلكم الأراك يا حمد ..
( وعندما دخل عليهما صاحب المحل – كانا في أوج حديثهما وفاجأهما ضاحكا) .
- لقد استمعنا إلى حديثكما يا ولدي
- شكرا يا عم .. أنت ومن سمعتم ؟ .
- أنا والعيال ولقد فهمت اليوم أن تربيتي قد نجحت فيكما لم تثرني غيرتكم على وطنكم عمان فأنا أعرف ذلك وقد ربيتكم عليها ولكن أثارتني رزانتكم , وقول حمد لخلفان (عليك أن تتفرغ لدراستك . وان شاء الله ستنجحان وتحققان آمالكما .
- وستزورنا يا عم في عمان .
- سأزوركم ولكن ارفعوا كلمة (عم) عني .
- لا يا عم لن نرفعها .
- إن كلمة عم عندنا غير التي عنكم فعندنا أن العم أخ الأب أو صديقه.
- إذن مرحبا بهذا المعنى ، لم أر أباكم ما رأيكما أن تحضروه .
- إنها فرصة سعيدة .. إن أبي سيساعدك في مزرعتك الجديدة , وابا حمد سيفيدكم في تعليم القرآن .
- ومن سيعلم القرآن هناك . فهناك لا توجد عندكم مدارس فالأولى أن يبقى حتى يبصر الناس ويتعلمون قرأن ربهم .
- إذن فسيظل والدي .
- اجل وسأرسل مبلغا لتذكرة السفر الطائرة .
- لا .. لا طائرة .
- ممنوع ؟
- نعم عندنا الآن .. ممنوع .
- نعم اعرف .... ولكن كيف يمنع من ركوب الطائرة .
- ممنوع وكفى نحن نسميه المغلغل ، يا عم هل تعرف معنى المغلغل؟
- لا .
- المغلغل جان شديد الأذى استكبر حتى الجان إيذاءه , فقيدوه بالسلاسل وسمّوه (مغلغل) .
- عدنا إلى بلادكم وما تتصف به من سحر ولا تصدق يا خلفان هذه خرافات .
- خرافات من الجان ولكن هذه من الأنس .
- هل رأى مغلغلا ؟ .
- نحن نسمي حاكمنا مغلغل .
- صدقت لكثرة ما تخافون منه .
- نعم ولكن فهمنا الآن ومن حوارنا الذي سمعته إنه لا بد أن يغلغل في يوم من الأيام , لا بد أن ننتصر عليه يوما ما ونلقي به خارج البلاد .
- الله ينصركم على كل حال سأقدم لك قيمة التذكرة وعند وصولها تكونون قد تخلصتم من المغلغل فيجيء والدكم .
- عند ذلك يجيء الوالد يقصد خلفان ؛ لأنه سعيد بالمشاركة في خدمة الوطن .
- أبدا.. خلفان قبل كل شيء سيكمل الجامعة وسيدرس مع أولادي – العلم قبل كل شيء .
وهب خلفان يقبل يدي صاحب المحل ، وبعد أن خرج عمهما أخذا يتشاوران في مجيء الوالد فشجع حمد على ذلك وكتب رسالة الى أهله وبعد شهر كا ن والد خلفان في الكويت يدير مزرعة العم في (الفنطاس ) ولازال هو يفيض إخلاصا في العمل كما فاضت نعمة (صاحب المحل) .
صارت عادة خلفان أن يذهب إلى أبيه كل جمعه في ( الفنطاس ) وكثيرا ما تأتيهم عائلة عمه بعد الظهر . أما أحمد فكثيرا ما تخلف ويتعلل بالذهاب إلى ألا حمدي أو إلى ( الفحيحيل ) ولكنه كان يقضي صباح يوم الجمعة في إحدى البيوت القديمة ( بالمرقاب ) استأجرها أصدقاء له وكان يجلس في غرفة معينه ويجتمع فيها برهط معين يتداولون فيها أخبار الوطن, ويتلقون دروسا في التنظيم وفي العقائد . وكان حمد يرى نفسه مندفعا إلى هذا التنظيم فلا يمكن أن تقوم عمان من كبوتها لمجرد كلام وآمال ويلتفت حمد ويسأل المتعلمين فيجدهم لا يجيبون سوى عن منافعهم ويجد حولهم قوما من المتذمرين وقفوا في صفهم وأيدوهم في سبيل قضية بلادهم , ويلتفت إلى داخل الوطن فيجد مخططا رهيبا لتخلفه ، وكان لا بد له أن يلاقي هذه الخلايا التي انتشرت بين العمانيين وإلى أي من ينتمي ، واتخذ طريقه ومدّ يده إلى إحداها, وقرر أن يكون عضوا عاملا وهذا ما كان ......
ولكن شيئا واحدا لم يكن ، ذلك أن مصير خلفان لا يحدّه الآن فجاء إليه يفاتحه , فقال خلفان : يا أخي أنت علمتني وربيتني ولكن غير مرتاح لما تقوله هذه زفرة من زفرات السخط ، لماذا أعلق نفسي بزعامة خارجية
- إنها ليست خارجية ، إنها عربية .
- ولكن دعنا نجرّب أن نصلح هذه (الخلية) بلادنا عنا بعيدة دعنا نجرب إنها مكيدة هذا الزعيم مصلحه لبلاده وعند ذلك نعرف أن تعليماته حسنه نحن لا نعرف إننا أجزاء من وطن عربي واحد فهل يتحقق هذا بين قطرين عربيين ؟ .
- سيتحقق .
- تحقق وفشل لماذا؟
- أنا غير مستعد ، أقول أولا نصلح عمان وبعد ذلك نتجه للعرب فإذا كانوا صالحين سرنا معهم , وإلا قمنا بالإصلاح هذا رأيي ولست متعصبا لعمان ولكن انصح كل عربي أن يبدأ ببلاده إذا كان غير راض عما يجري في بلاده أما أن نبذر الانشقاق والتقلص ونكيل الشتائم ونعلن السخط ونحن ليس بيدنا إلا جريده وكأننا أصوات الطبول فهذا مالا أريده لك أبدا , ويجب أن تعلم أن ذلك أضعافا لك ولعروبتك .
- ثم سكت وسكت خلفان 0 عن ماذا ؟ لا أستطيع أن أقول ..... أحيانا تضطر إلى السكوت ولكن تذكر من تدعوني إليهم من الزعماء يا خلفان ثم ماذا؟
- ثم لا لقاء بيني وبينك ، أ،ا يا حمد مدين لك ولكني سآخذ بكلام عمي وصاحب المحل أكمل الجامعة أولا وأنت اليوم في الثانوية معي وسنكون على أبواب الجامعة آخر العام . أنصحك أن تتفرغ للعلم والرأي لك .
- سننجح سويا إنشاء الله وانقطع الحديث وأوى كل منهما إلى فراشه واقبلت الجمعة فافترقا كل في طريقه ذلك غربا إلى (المرقاب ) وهذا شرقا إلى ( الفنطاس ) .
ما أسعد خلفان وهو يتجه إلى ( الفنطاس ) فهو يفكر فيما حققه في حياته ويسترجع ذكريات عهد الطفولة المغلغل ورقة أمه ......... خروجه من بلاده ولطف الله به وصاحب المحل وعطفه عليه .. تذكر حمد وأثره في توجيهه ، وعندما وصل إلى المزرعة وجد أباه في انتظاره وقد فرش ( بطانية صوف ) واحضر دله القهوة ينتظر ولده الذي عوده بزيارته كل جمعه وكان بيده مغلف قدمه لولده ، فتحه خلفان وأخذ يقرأها وعندما انتهى خلفان من قراءة بيان سياسي موجه إلى العمانيين سأل أباه ( من أين حصلت على هذا البيان ) .
- انه يا ولدي قد وزع علينا مطبوعا كما ترى ولكن ما رأيك في هذا البيان ؟
- انه بيان طالما انتظرناه يا أبي ، أن عمان محتاجة الى عقلية حديثة وإلى تفكير واسع وقيادة محكمة وأنا لا أعرف (طارق) ولكن المح من عباراته هذه كل خير .
- وهل ترى سيرضي العمانيون على هذا البيان ويوافقون طارق على حركته .
- حتى الآن لا أعرف وأنت تعرف اكثر مني .
- يا ولدي : أنت اليوم متعلم وأنا اليوم جاهل ليس عندي شي من العلم وهذه بلادنا ويهمنا أن نعرف نتيجتها .
- لا بد للقيد أن ينكسر يا سيدي الوالد ، نعم أنا متعلم
- اني أقول أن كل شيء يزيح هذا الإنسان نوافق عليه .
- كلامك انه حال دون الإصلاح ، انه صخرة تعترض مجرى الماء ولكن يا والدي ليس كل شيء ، ولكن قد نقبل الصبر على الظلم ولا نقبل شيئا آخر .
- معك حق يا ولدي ولكن أولا يجب أن يزاح الظلم .
- هذا لا يحصل ، عنصر الزمن يقف ضد ذلك وبالنسبة إلى طارق فقد عرفناه محسناً على الناس وخالك كان يحدثنا عنه بالجميل عندما كان رئيسا للبلدية , والعمانيون الذين اتصل بهم أثناء الثورة العمانية يمدحونه ، كان يطلق سراحهم ، كان يسهل السفر للمتسللين منهم ، كان يقف ضد أخيه سعيد حتى أقاله وحرمه من كل شيء ، ثم خرج غاضبا على الوضع وصرح بذلك وهو اليوم يؤكد .
- أنا لا أقصد أن الوضع سيكون أرداء ... لا أنا يا أبي من المؤمنين أن التطور على مراحل ، وأعرف أن طارق لو أراد لحصل على العيش السعيد وأعرف أنه شاب مثقف ومتصل بأناس أعرفهم من شبابنا ومن خلال هذا البيان تظهر نواياه الحسنه وآراؤه الثاقبة .
- المهم أن تتخلص من هذا الطاغية وأنا حسب مسايرتي للزمن أن عمان ستسير إلى أحسن حال ولا تنسى يا ولدي أن النفط قد ظهر عندكم وأن النفط دائما يأتي بحاكم جديد وأفكار جديدة وتطوّر جديد فنبدأ من الكويت في عهد أحمد – ولكن الذي استفاد منه وأفاد هو عبدالله السالم الصباح . لقد أسس الكويت الحديثة.. , وفي البحرين نجد حمد بن عيسى وبعده جاء سلمان بن حمد حاملا ظهر النفط .., وفي قطر بدأ خلف أحمد بن علي آل ثاني .. وسأخبرك بعد أن شخبوطا زائل من أبو ظبي , وعلى هذا فإنه كلما بدأ استخراج النفط بدأ التغيير تمهيدا للتطور... إنها إرادة الله يا ولدي .
- شكرا على أرائك وتجاوبك معي وإن هناك حقيقة واضحة تقضي بوجوب ايجاد منطلق ليتحرر شعبنا مما يعانيه .
- إن طارقا يا ولدي ليس وحده فلا بد أن يكون له عقلاء من العمانيين , ولكن المح أن الرجل سينجح , وأن أهدافه طيبة , ولذا أوصيك وأوصى بالحكمة في خدمه الوطن وتخليصه من الطغيان .
- إن الطغيان يا والدي قد أوقع الوطن في مشاكل عديدة و أشبه ما تمثل به عمان اليوم عمارة ساقطة على ساكنيها فهم ما يزالون تحت التراب وبسبب ذلك تجمعت عليهم المشاكل داخلية وخارجية , إن علينا أولا أن نرفع التراب والحجارة عن سكان العمارة , ثم علينا أن ننطلق بهم إلى المكان الرحب نعالج الجريح ونوقف الدعم ونحفظهم من اللصوص .. الخ .
- هذا منطق العلم يا ولدي بارك الله فيك نحن فقط نبحث عن تفاصيل ما قرأناه وأنت عليك بالعلم فهو وحده السلاح وأنا فقير وسوف لا اخلف لك شيئا والفضل الذي أنت فيه لا أخيك حمد وللتاجر الكويتي بعد الله .
- يا سيدي ، حتى أبناء الأغنياء لا يستفيدون اليوم من الأموال إذا فقدوا العلم حتى المال يا والدي يحتاج إلى العلم .
- بارك الله فيك ، واصل تعليمك لتقابل الحياة وتواجه تطوير وطنك .
واستمر الأب والابن في حوار طويل حتى المساء عاد بعدها خلفان إلى المنزل مودعا أباه, وفي الجمعة التالية اقبل مع حمد الذي جاء ليبلغ عمه انه مسافر إلى مسقط بعد أن ينهي امتحان الثانوية العامة , ولكن العم مانع في سفره وأصر على أن لا يعود خشية أن يحرم من تعليمه قال العم :-
- ربما يا ولدي أن الشدة تزداد على الناس والممنوعات تكاثرت ولا أنصحك أن تخسر علمك .
- ولكن إلى متى يا أبي ، لا أرى أبي وأمي. قال خلفان : ولكنها مغامرة يا حمد ، أنت دائما لا تقبل إلا رأيك لست أنت الوحيد الذي فارق أباه , وأمه لست أنت المشرد الوحيد يا حمد .
- صحيح ولكن لا أعتقد أنهم يمنعوني من السفر.
- سيمنعونك ... أنا واثق .
- يا خلفان إن ما يشير إليه لا يؤكد معنى أن جهازهم مقفل ، إني سأذهب للقاء أبي وسأعود إليكم .
- لا ننصحك .
- قال العم : وآمرك أن لا تذهب .
- ولكن يا عمي أنا لست ابن شيخ قبيلة فيمنعوني؟؟
- العلم عنده جريمة وأنت قد وصلت إلى الثانوية .
- ادعوا لي بالخير فأنا سأذهب بعد أداء الامتحان .
- الله ينجحك ونحن علينا النصح .
أدى حمد الامتحان وكذلك خلفان وأكمل الاثنان دراسة الثانوية ونفذ حمد رغبته وسافر إلى مسقط وذهب إلى أم خلفان يطمئنها على ولدها وكان ذهابه إلى أم خلفان حجه لإنشاء خلايا في بعض المدن العمانية والتمهيد لحركة انتفاضه تقوم بها المنظمة التي ينتمي إليها خلال مدة معينه وسمح له بالسفر في حين منع الكثير من الطلبة .
وفي طريقه للعودة إلى الكويت مرّ بأبوظبي بعد أن سمع بخلع( شخبوط ) وتولى( الشيخ زايد ) مقاليد الحكم وسمع كذلك عن تشجيع زايد للعمانيين في الوظائف والتعليم والإقامة بأبوظبي واتجه إلى هناك لقبوله وخلفان في البعثة وهكذا عاد إلى الكويت ناجحا في مهمته مؤكداً تعليمه وابن خاله ما يحقق لهما الاستقرار ، خلفان أن يقبل في الاقتصاد وقبل حمد كليه الحقوق ، وكان من مصادفات القدر أن تقبل حصة بنت التاجر المحسن الذين تعهدهما وحثهما على العلم في كليه الاقتصاد أيضا وكم كانت سعادة خلفان أن يجد معه حصة في معهد واحد وكم كان عزمه أن يقبل في الاقتصاد وقبل حمد في كلية الحقوق ، وكان من مصادفات القدر أن تقبل حصة بنت التاجر المحسن في كلية الاقتصاد أيضا وكم كانت سعادة خلفان أن يجد معه حصة في معهد واحد وكم كان عزمه أن يؤدي شيئا من الجميل إلى المنزل الذي خدمه خدمة حسنه وحثه على طلب العلم ، وخلال فترة الدراسة وجد له صديقه يتبادل وإياها وجهات النظر في براءة وتعقل واحتشام وكان خلفان يطلعها على أخبار وطنه وحصة ما فتئت تتابع هذه الأخبار وترغب في معرفة المزيد .


********
*****
***
  #7  
قديم 05/02/2005, 01:28 PM
المشرق العربي المشرق العربي غير متواجد حالياً
عضو فوق العاده
 
تاريخ الانضمام: 17/06/2002
المشاركات: 15,752
يثبت فهذه هي ثقافة العرب 0
  #8  
قديم 06/02/2005, 11:27 AM
هاشلي هاشلي غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 07/10/2004
المشاركات: 21
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة المشرق العربي
هذي نوبه قصه ورباعة الحداثه يكتبوا قصص تعالوا تعلموا تكتبوا قصص مفيده للناس وتفتحلهم نفوسهم على الخير والاصلاح والصلاح 0 لو لقيت هذيك مال بق برمه رميتلكم إياها لكن ما لقيتها 0 :شيطان:


اخي العزيز .. قول خير او اسكت
  #9  
قديم 06/02/2005, 06:23 PM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
شكرا أخي هاشلي فقد بحثت عن قصة المغلغل وملائكة الجبل الأخضر ولم أجدهم
ولكني قرأت الشراع الكبير وأستمتعت به لدرجة أني قرأته 5 مرات إلى الأن
ومن هناك اخذت أسم الفجر الزاحف نسبه لديوان الأديب الراحل
وننتظر منك المزيد رجاءً
  #10  
قديم 07/02/2005, 06:13 AM
المشرق العربي المشرق العربي غير متواجد حالياً
عضو فوق العاده
 
تاريخ الانضمام: 17/06/2002
المشاركات: 15,752
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة هاشلي
اخي العزيز .. قول خير او اسكت



سبحان الله ! خيرا تعمل شرا تلقى 0
  #11  
قديم 07/02/2005, 10:35 AM
هاشلي هاشلي غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 07/10/2004
المشاركات: 21
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة المشرق العربي
سبحان الله ! خيرا تعمل شرا تلقى 0
لا تزعل اخي العزيز ... والسموح ..
  #12  
قديم 07/02/2005, 10:54 AM
هاشلي هاشلي غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 07/10/2004
المشاركات: 21
الخاطرة الأدبية " وقفة على البحر "

الخاطرة الأدبية
" وقفة على البحر "

بين الهواء المعطـّر ، والماء المنساب ، كنت أقضي أمسياتي .
لا أجد مكاناً يبهج نفسي غيره ، ولا منظر يغني حواسي دون سواه .
له في قلبي منزلة عظمى ، وفي نفسي حبّ أعظم .
ولم لا يكون كذلك ، وهو من بقاع وطني الحبيب .

******
هذان جبلان منفصلان وبينهما جزء من ماء البحر .
وهذه سفينة نشرت شراعها الأبيض الفاتن
مخترقة ذلك الماء ، مارّة بين ذينك الجبلين
أه كم من سفينة مرت بينهما تحمل ما يبني صرح مجد وطني الحبيب
******
وهذا هو البدر ، وقد انعكست أشعته ، فأضحى البحر أصفر كالذهب
عشق البحر فهو كلف به ، فيقدم له أعظم هدية يمكن أن يقدمها ...
أية هدية أعظم من الجمال ! ... أجل لقد زاده جمالاً بانعكاس أشعته
وهكذا ازدان بحر عمان بضياء القمر ، كما ازدان من قبل بأعمال أبنائه
******
هذه الأمواج تتلاطم ، كما تتلاطم الخواطر في نفس المحب
وهذه هي تتعاقب ، كما يتعاقب هائمان في نشوة الحب
الهائمان في نشوة الوجد والجمال .
******
بين هذه الجبال ، تلتقي نظرات بنظرات ، وتمتزج آهات بآهات
تأوه البعض ؛ لأنهم ذكروا سفن أجدادهم حينما كانت تخترق هذا البحر
فيالك من بحر ، لقد جمعت بين الفخر والجمال
ويالك من شعب ، لقد بيضّت صحف الماضي ، فذهبت بها صفحات الحاضر .
******
ما أجمل الطبيعة ، وما أبهاها ، وما أجمل البحر ، وما أصفى ماءه ...
هذا سرب من السمك يهرب من سمك أكبر .
حتى الحيوان يتقاتل ، حتى الحيوانات يعتدي بعضها على بعض
ومع ذلك فلم يعلم ابن آدم أن في البحر حياة , ولكنها مصبوغة بالخوف !!

____________________________________

* - هذه أول خاطرة أدبية كتبها الطائي ، وتعود إلى 15 ربيع الثاني 1361هـ الموافق 2 مايو 1942م ، وقد كتبها حينما كان طالباً بمدارس بغداد ، وقد عثرنا عليها مكتوبة بخطه في مكتبته الخاصة .
  #13  
قديم 10/02/2005, 12:11 PM
البسيوي البسيوي غير متواجد حالياً
مـشــــــــرف
 
تاريخ الانضمام: 15/03/2001
الإقامة: مسقط / بسياء
المشاركات: 4,060
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الفجر الزاحف
شكرا أخي هاشلي فقد بحثت عن قصة المغلغل وملائكة الجبل الأخضر ولم أجدهم
ولكني قرأت الشراع الكبير وأستمتعت به لدرجة أني قرأته 5 مرات إلى الأن
ومن هناك اخذت أسم الفجر الزاحف نسبه لديوان الأديب الراحل
وننتظر منك المزيد رجاءً
السلام عليكم ..

رحم الله الأديب الكبير عبدالله الطائي ..

جزء من رواية ملائكة الجبل الأخضر تجدها على هذا الرابط :
http://www.omanjournal.com/Arabic/om...abal_story.htm

شكرا لك
  #14  
قديم 10/02/2005, 02:57 PM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
جزاك الله خير يا البيسوي
الصراحه سويت لي معروف
  #15  
قديم 11/02/2005, 05:19 PM
صورة عضوية عبدالناصر20
عبدالناصر20 عبدالناصر20 غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 24/02/2004
المشاركات: 2,008
ملائكة الجبل الاخضر



عبدالله بن محمد الطائي
كاتب عماني


--------------------------------------------------------------------------------



الاهداء

الى الجيل العماني الحاضر الذي يحني رأسه للمأساة ، مأساة الشعب العربي في عمان ، فيعيش في عزة نفسيته وذل واقعيته سواء كان داخل الوطن او المهاجر التي آوتنا .

الى الشباب العماني الذي جارت عليه المتردية والنطيحة وما اكل السبع فقاوم هذا الجور بالكفاح في سبيل العيش والصمود من اجل الكرامة .

اقدم هذه القصة سجلا للحاضر المظلم ودعوة للمستقبل المشرق ، مستقبل عمان كجزء لا يتجزأ من الوطن العربي الاكبر .

---------------------------------------------

لحظة قصيرة لو تركتها تذهب مع الاضواء المتنافرة بين حبات النافورة في ميدان التحرير لما امكن لهذه القصة مشاهد ولا كيان ، فقد تعودت ان اقضي امسياتي في القاهرة بميدان التحرير وبينما انا امشي بين حشائشه الخضراء اتطلع الى قطرات الماء المتلألئة بالاضواء الملونة اذا بي التفت الى يساري فانظر شابا اتخذ له مكانا في احد المقاعد ، ويجلبني هذا الشاب الى النظر اليه ، وأمعن النظر ، واحدق واصوب ، عجبا لكان دافعا يدفعني الى الجالس على هذا الكرسي ، وهو ايضا انه ينظر مصعدا ومصوبا ، انه فاضل ، ولكني كيف ابداه ؟ أنني لم اره منذ عام 1947 واني الان في عام 1956 ، لقد عهدته بزيه العربي ولحيته الصغيرة وها انا الان اراه بالزي الاوربي مهندما كأنه ذاهب الى عابدين او الاوبرج ، لادعه اذن ، سبحانه يخلق من الشبه اربعين ، قد يكون شخصا ذا مزاج حاد فلا يغتفر لي زلتي ، ولا كن لماذا لا أسأله ؟ انه لو كان ذا مزاج حاد لثار في وجهي على هذه النظرات ثم انه هو ايضا يتطلع الي ... واقتحمت الموقف ، اجل لم تفتني تلك اللحظة القصيرة وقلت : (( اسمح يا صاحبي ، الست انت السيد فاضل )) وانتفض الرجل وقام يقول (( الست خالد )) ؟ وتلاقت ايدينا لتتداخل في عناق طويل لم تقطعه حتى الاسئلة المتكررة .

وجلسنا على المقعد (( ما هذا يا خالد انها اعجوبة الاعاجيب ان التقي بك في القاهرة )) .

(( اجل يا صديقي لم يكف القاهرة ، ان تتركني مشدوها لما فيها من بنايات وشوارع وشعب باسل ، لم تتركني مشدوها فقط بحفلة المنشية وخطوة جمال في تأميم القنال ، فها انا التقي بك بعد تسع سنوات :
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ............... يظنان كل الطن ان لا تلاقيا

قال فضل (( هل تذكر القصيدة التي قرأتها علينا بمسقط علينا بمسقط ايام الحرب العالمية الثانية لمحمود حسن اسماعيل ؟ ))

ناداك مجدك فاستجيبي .................... وامشي له فوق اللهيب
يا مصريا انشودة الــــد .................. نيا واغنية الشعوب

الا ترى يا خال ان الشعراء يتنبأ ون ؟ الم تمش مصر فوق اللهيب بعد سنوات من قصيدة الشاعر ، اليست هي اليوم اغنية الشعوب ؟؟


وسألت فاضل عن احواله فعلمت انه استقر في الكويت يعمل موظفا بالمستشفى الاميري بعد ان قضى حياة قاسية ، فقد سافر من مسقط عندما ترك وظيفة بالمدرسة السعيدية وحاول ان يستقر في دبي فلم يوفق ثم عاد الى وطنه العراق ولكنه عانى فيه شظف العيش فوفد الى الكويت وبقي بها ثلاث سنوات يتنقل من عمل الى عمل حتى استقر الان بالمستشفى الاميري يسجل المرضى ..

وتبادلنا بعد ذلك اسئلة في جوانب متعددة من حياتنا ومن حياة وطني عمان ووطنه العراق ، عن اوطاننا العربية في الخليج ، عن مصر الجبارة وفي الاخير اقترح فاضل ان نذهب الى نقابة الصحفيين حيث يقيم الشعراء حفلة بمناسبة تأميم القناة وقال (( انها مناسبة رائعة سوف ترى فيها كثر شعراء مصر )) ولم اتردد ، بل ذهبنا سوية وهناك رأينا الشعراء واستمعنا الى اقوالهم ازاء عمل جمال ، وعلق فاضل يقول : لا تستهن يا صديقي بالاقوال ، لقد سمعت كيف تحقق قول محمود اسماعيل .

وفي 15 سبتمبر غادرة القاهرة ورفيقي العزيز متجهين الى بيروت ، بيروت التي كانت اغاني لتأميم القتال ، ثم اتجهنا الى دمشق وهنالك وجدنا الشعور القومي ينطق مسمعا كل اصم . وفي دمشق ايضا دعينا لحفلات متعددة من بينها حفلة النادي العربي واشتركنا في نقاش حول العلاقة الزعيم بالشعب ومن منهما يكون الاخر ، وكان على كل شخص يتكلم ان يذكر اسمه واسم بلده ، وقلت انني من عمان وازاء استغراب الجميع لهذه المصادفة وتكاثر سؤالهم عن عمان تحولت كلمتي الى تعريف لعمان ثم ابديت رأيي مستشهدا ببسمارك وكافور اللذين وحدا شعبيهما في المانيا وايطاليا .

(( الرفيق قبل الطريق )) لكم لمست حقيقة هذا المثل وانا اقضي رحلتي مع فاضل ولكني اوشكت ان افقد مرافقة فاضل ، لقد صمم على ان يذهب بالطائرة الى الكويت وصممت انا ان اذهب الى العراق ثم الى الكويت وعبثا حاولت ان اقنع فاضل ، وكدت اعتب عليه باعتباره عراقيا فلا يرافقني وانا ازور العراق . واخيرا قال فاضل (( اخشى يا صديقي ان ينالني سوء ، فان الحكومة العراقية حكومة نوري السعيد تطارد أختي منذ ازمة حلف بغداد وقد هربت من الديوانية حيث عينت مدرسة وحيث عانت الكثير من الرقاية وجاءت الى الكويت وانت تعلم انهم ربما اخذوني (( بجريمة ايوائها )) . وفهمت كل شيء وقلت : (( الحمد لله يافضل ، لقد شاء الله ان تعيش مع اختك بعد ان قضيت زهرة شبابك مشردا بين نزوى ومسقط ودبي والكويت ))

وودعته على موعد ان ازوره بالكويت ، والتقينا بعد عشرة ايام من افترقنا .


وفي مساء يوم وصولي كنت في بيت فاضل اتناول العشاء ولم يشعرني بالغربة فلقد جلست معنا زوجته واخته وعلمت من حديثنا على المائدة ان اخته وداد ممرضة في المستشفى الاميري بالكويت وبعد ان تناولنا العشاء عدنا الى الحديث عن وداد فقد كان الحديث ملذا وكانت وداد تقص علينا كيف تخرجت من دار المعلمات وعينت مدرسة باحدى مدارس البنات في منطقة الاعظمية وكيف عاشت سعيدة مع امها واخوتها الصغار تكافح من اجلهم في سبيل القوت حتى دعاها عام 1954 الى الكفاح في سبيل الوطن وعند ذلك حلت الكارثة على هذه العائلة الوادعة المطمئنة فقد خرجت وداد في مظاهرة نسائية تهتف ضد حلف بغداد وما ان عادت ظهرا الى المنزل حتى كان رجال الشرطة يطرقون الباب ويطلبون ان تصحبهم وداد في سيارة الجيب الى التوقيف ولم تعارض وداد فقد استلمت صامتة وتركت الصياح والضجيج لامها واخوتها الصغار وفي الموقف استقبلها الضابط المؤول يقول :

(( يا هلا ... يا هلا بالزعيمة ، يا هلا بجاندارك )) .

- عفوا ، لا انا زعيمة ولا افرنسية ...
- انت جاندارك العرب ، انت زعيمة صوت العرب ، واخيرا هل ستعترفين؟
- بماذا اعترف ؟؟
- بمعارضتك حلف بغداد وقيادتك الحركة النسائية في الاعظمية ....... وباعتناقك الشيوعية .

ولم تخف وداد من التهمتين الاوليتين ، قالت انهما كانتا شرفا لا تعرف هي عنه شيئا ..
فمعارضة حلف بغداد كانت شعورا لدى كل عراقي وعراقية وقيادة الحركة النسائية في الاعظمية لا تدعيه فمثلها كثيرات ولكنها صعقت لتهمة الشيوعية وانكرت بكل شدة ولاكن لا فائدة من المجادلة فقد امر الضابط بوضعها في المعتقل لوحدها، وفي الصباح اليوم الثاني اتاها احد افراد الشرطة برسالة من وزارة المعارف تتضمن امرا اداريا بنقلها الى احدى مدارس الديوانية ولم تستغرب وداد ذلك ، لقد كانت تترقب محاكمة وسجنا ولكنهم اكتفوا بنقلها .. لقد هانت المصيبة وعليها ان تقبل ذلك دون اعتراض وعندما عرضوا عليها ان تعود الى بيتها لتأخذ حاجيتها فضلت ان تمتنع عن ذلك خشية ان تتأثر امها ، حسب الام والصغار وما هم فيه من حالة فعلام تعيد اليهم منظر الشرطة وسيارة الجيب؟

وفي الساعة السادسة دوت صفارة القطار واخرجت وداد من الحجز بالمحطة وفي الطريق فوجئت بأمها تبكي وتهتف (( وداد ، عيني وين رايحة ، وين تخلينا )) ولم تتمالك دمعها وتعانقت الام والابنة ولكن القطار يكاد ان يتحرك ففرقهما الشرطي ووجد القطار متنفسا عن النار المشتعلة بالدخان المتصاعد من مدخنته في حين كان قلبان متوهجان لا يجدان لحزنهما غير الدمع والاهات .

لم يكن يشغل بال وداد الا تفكيرها في امها واخوتها الثلاثة ، وكيف علمت الام بترحيلها وعندما وصلت الحلة اقترب الشرطي من طيبة النفس وبدا يشعر بثقل الوظيفة التي ساقته اليها الظروف قال لها : (( ان الضابط ارسل احد الشرطة الى امها لاخبارها وان احد رفاقه عارضه في ذلك بحجة ان وداد بنفسها لم ترغب في المسير الى الاعظمية خشية ازعاج امها ثم ما ذنب الام في ان نزعجها بالمجيء على ذلك الحال السيء من الاعظمية الى الكرخ ؟ ولكن الضابط اجاب : (( انها التعليمات ، واصحاب التعليمات يقولون ان هذا العمل كفيل بتنبيه الاباء والامهات بعدم السماح لبناتهم بالاشتراك في المظاهرات )) ..

وصلت الى الديوانية ، ولكنها سلمت الى مركز الشرطة ايضا ، لم يطلق سراحها ، لم تذهب الى مدرستها ، لم تقابل ولا مسؤولا واحدا من المعارف ، ماذا يريدون بالتردد بها من مركز المتصرف الى مركز الشرطة الى مركز اخر للشرطة وهي تمشى ومن ورائها شرطيان . حاولت وداد ان تجد لذلك تفسيرا معقولا فلم تكتشفه ، وبرمت بذلك بعد ان قضت في التردد خمسة ايام من السجن الى المتصرف فالى مركز الشرطة . وفي اليوم السادس بينما كانت تمشي في الشارع وورائها الشرطيان سمعت من يقول (( يلعن بنات ها الزمن )) انظر ، هاربة من اهلها في بغداد فقبضوا عليها في الديوانية يا للعار .. والتفتت وداد دون وعي لترد على القائل ولكنها فوجئت حين امعنت النظر اليه فعرفت نه احد رجال الشرطة يلبس لباسا مدنيا ، عند ذلك ادركت ماذا يراد بها ، ادركت لماذا لا تحضر الى المركز في سيارة ، ادركت لماذا تتردد من مركز الى مركز ، ادركت ان القصد هو تشويه سمعتها فما هو موقفها مع زميلاتها في المدرسة ، مع تلميذاتها ، مع الجيران الذين ستسكن بقربهم ؟؟ وطلبت وداد مقابلة الضابط المسؤول وسردت له قصتها كاملة من يوم المظاهرة الى كلمة الشرطي – المدني – وطالبته في الاخير بوضع حد لقضيتها ، ليكن السجن ، ليكن اي شيء على ان يكون شيئا واضحا معينا .

وفي اليوم الثاني دعاها الضابط الى غرفته واخبرها انها مطلقة السراح وان وزارة المعارف تفي بأمرها الاداري ولكنها ما تزال معرضة للخطر في اي موقف مخالف يبدر منها وان عليها ان تنزل في منزل يكفلها صاحبها ... وتردد وداد قليلا ، وحاولت ان تقول انها لا تعرف احدا في الديوانية ولكنها عادت ففكرت انها ستسأل عن المدينة التي تعرف فيها احدا وقالت في نفسها : (( كفاية سمعتي سوداء في مدينة واحدة ، كفاية والفرج على الله )) .. وقالت للضابط (( انني اولا لا اعرف احدا هنا يضمن عني ولا في اي بلد غير بغداد ولاكن لي طلبا واحدا هو ان اعيش في القسم الداخلي ولك مني عهد ان لا اخرج الا الى المدرسة وعليكم مراقبتي في القسم )).

واستراحت وداد بهذا من رؤية الذين شاهدوها وهي تذرع الشوارع سمعت عنها آذانهم مختلف الاخبار واستراحت ايضا من ان تحمل غيرها مسؤوليتها فيما اذا نفذت ما عزمت عليه وهو الالتحاق بأخيها في الكويت .

وانضمت وداد الى القسم الداخلي ولشد ما كان موقفها محرجا وهي تجلس مع المعلمات على طاولة الطعام ومع المعلمات بالمدرسة ومع الطالبات في الصف ، لقد كانت تفكر ان كل مدرسة وتلميذة تعرف عن الرواية التي نسجها الشرطي، تصورت وجهها مغطى بالعار ، تصورت نظرات المعلمات والطالبات احجارا ترجمها لتتحمل ثمن الخطيئة وعاشت في هذا الجو القنق اياما ولكنها لم تجد علامة لسوء الظن من المعلمات او الطالبات بل وجدت منتهى التقدير والرعاية وهان عليها الامر الى حد ولكنها ظلت ممتنعة عن الخروج الى الشارع .

بقيت الرسائل مستمرة بينها وبين امها وسهل عليها الانفاق على المنزل في بغداد بمعيشتها في القسم وعندما حلت العطلة الربيعية طلبت ان يسمح لها بالسفر الى بغداد او ان يسمح لامها واخوتها بالمجيء الى الديوانية وكرر عليها الضابط : (( انت مازلت تحت مراقبة الشرطة )) ..
وفي الصباح وقفت وداد الى حل مقبل ، لقد عزمت ان تذهب الى البصرة ولم تعارض الشرطة هذا ولم يطالبوها الا باثبات وجودها كل جمعة في مركز وربما كان ذلك لموقفها المتروي طيلة العام ، فذهبت وداد الى البصرة ومن هناك خرجت مع احد اصدقاء اخيها على انها زوجته ووصلت الى الكويت وتخلصت من السجن الكبير .

وعندما عدت الى غرفتي في الفندق كانت وداد تملأ فكري ، فتاة عانت تعسف الظالمين في بغداد ، فتاة شمرت عن ساعديها لكسب العيش ، لم تهمل وسائل الاعتماد على النفس سواء كانت في بغداد او الكويت ، فتاة حملت المسئولية العائلية بعد ان هاجر اخوها فقامت بشؤون اخوتها الصغار وامها عندما كان اخوها يتحمل شظف العيش في عمان . وبقيت جالسا على كرسي بالحجرة افكر في وداد ، حسن استقبالها ، هدوئها ، رزنتها ، ابتسامتها واخلاقها ، وساءلت نفسي : (( ما الذي يمنعني من الزواج بها (( البعد ؟ ان اخاها يعرفني في بلادي ... وجودي انا في قطر؟ انني مستقر بوظيفتي ، وتحسست قلبي بيدي فاذا به وجيب عجيب . لقد شعرت ن وداد قد احتلت به مكانا احسست ان هذه الافكار وان هذه الجلسة الطويلة على الكرسي ، ليست الا من علامات حبي لوداد وكدت ان انظر في المرآة لارقب قول الشاعر :

وللحب آيات تبين بالفتى ............شحوب وتعرى من يديه الاشاجع

واخير قلت لنفسي : لم تمر عليك الا ليلة واحدة فكيف ياتيك الشحوب ؟ وبقيت افكر ، ثم تناولت كراسة مذكراتي وبدأت اراجع بعض ما كتبته خلال رحلتي ، ووقعت عيني على تعليمات الامير صالح بن عيسى الحارثي لي ، وقمت فجأة من الكراسي ومشيت في جوانب الغرفة وعدت الى الكرسي مرة ثانية وانا اقول : (( مالك يا خالد؟ ان عليك واجب يفرض عليك ان تترك وداد الان ، عليك ان تعيش لوحدك )) وقد كان ذلك حقا .

لقد تم الاتفاق مع الزعيم على ان اتحرك الى الوجهة التي يحددها في الوقت الذي يعينه هو . اذن فانا غير مستقر بوظيفتي ولا في قطر ايضا ، اذن انا امام واجب هام يقف بيني وبين حب وداد . ولكن هل يمنعني هذا الواجب من حب وداد ؟ هل يمنعني من الزواج بها ؟ ان امرت بالذهاب الى ساحة القتال فان وداد ممرضة وبامكانها ان تشاركنا في جهادنا بعمل لا يقل عن عمل الجندي وربما كان اكثر من ذلك فقد تكون هي الممرضة الوحيدة لدينا . وان كانت مهمتي في الخارج فمن الممكن ان اعيش بسعادة كاملة .

وكدت ان اصمم على مفاتحة فاضل في الصباح ولكنني لم اقرر رأيا ثابتا وقضيت ليلتي في افكار حلوة جميلة حتى استلمت الى نوم عميق . وفي الصباح تلقيت هاتفيا من فاضل يسأل عن صحتي ويؤكد علي تناول الغداء معه فاعتذرت بموعد سابق واتفقنا على العشاء ومرة ثانية جلست على مائدة العشاء مع وداد وفاضل وزوجته ، جلست وايماني يزداد ان وداد قد خلقت لي واني خلقت لها وبقيت صامتا ، رغم ان كل عرق من عروقي يكاد ان ينطق بكلمة ، كلمة خفيفة في لفظها زهيدة في حروفها ، كلمة حب ، وحسبها ان تشغل كيان انسان .

ولكن فاضل تدارك صمتي وربما نسبة للخجل فأخذ يسألني عن خروجي من مسقط واخذ يتابع السؤال حتى التقينا في ميدان التحرير ، وكنت انا اندفع لاخباره بصراحة وتفصيل فقد كان هنالك دافع يدفعني ، كنت أريد ان تعرف وداد عن كل دقائق حياتي فاذا ما تقدمت لخطبتها كانت لديها فكرة شاملة عني .

انك تذكر يا فاضل كيف عشنا مدرسين بالمدرسة في مسقط ، وتذكر كيف كنت اكمل على راتبي لقطع قيمة بطاقة التموين ، تذكر ان راتبي كان ستا وخمسين روبية وان بطاقة التموين تكلفني ثمانين روبية وذلك للسكر والحنطة والارز ليس غير ، فبماذا اسد باقي مطالب الحياة ، ولكنه لطف الله ، فقد عين السيد عبد الباري الزواوي مدير التموين فكان يعرف حاجات ابناء وطنه من الموظفين خاصة ، وكنت احد هؤلاء فكان يرسل لي بين حين واخر بطاقة تموين ابيعها في السوق لاحد التجار فاوفي بذلك ما تجمع علي من ديون ، ولكن الى متى تمشي الحال على هذا المنوال ؟؟
  #16  
قديم 16/02/2005, 09:37 PM
صورة عضوية الذات
الذات الذات غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/04/2004
المشاركات: 544
حفظت ُ هذا (( الأدب القيم )) في حاسوبي ..


ألف شكرا من صادق القلب للجميع ....
  #17  
قديم 22/02/2005, 10:12 AM
هاشلي هاشلي غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 07/10/2004
المشاركات: 21
" خيانات ! "

" خيانات ! "

جلس راشد يفكر في حظه الجديد ، ويومه السعيد ، أي يوم هذا الذي حظي فيه بهذه المرأة ، وأي حظ هذا الذي انقاد إليه ؟ لقد دخلت حياته في طور جديد ، ولكنه أسعد من الطور السابق ، لقد حصل على نساء في ازدهار شبابهن ، ونضارة نشأتهن ، ولكنهن جميعاً لم يكنّ كنصيرة .... ماذا تريد منه هذه المرأة؟ يظهر أنها ليست طامعة في حاله إذ أنه نظر إليها فانجذبت ، وأشار إليها بحاجبيه فابتسمت . وكان بإمكانها أن تأخذ مئات الدراهم لتبيعه ابتسامة واحدة . لكنها امرأة أحبته وأحبها ، فلتسعده ويسعدها ، ومضى يتيه في أوهامه ، تبني له قصراً ، ويبني له سوراً ، وكان شخص آخر يشاركه في التيه والانغماس في اللذة ، هو سعيد زوج نصيرة ، كان يتقلب من حضن ! ومن دار إلى دار ، ولكنها أحضان بالأجرة ، ودور لم تسكنها أسر ، بل سكنها أفراد يبتعد كل واحد منهم عن الآخر بعد الشمس عن الأرض .

أما نصيرة ، فلقد كانت حائرة .. دهشة !! زوجها لا يعود إلا بعد منتصف الليل ورائحة الخمر تملأ فمه . وإن دخل فالصياح يملأ جوانب الدار ، يفوه بكلمات لا تعرف ( ) ولا تدرك مدلولها : " فليعمل حسين ما يريد ، ماذا يهمني ، فليأخذها ، ... فلتبتسم له ، ما يهمني سأحصل على غيرها ، فلوس ، فلوس ، هي التي تجذبهن ، إيه يا نصيرة ، تعالي لا أحد يجلس على هذا الفراش ، ولا جسم يمس هذين الشفتين ، إلا جسم ولدنا الذي ننتظره بفارغ الصبر ؟! " وعجبت نصيرة لهذا التناقض. إنه في مستهل كلامه ينّوه بنسوة ومجالس شراب ، أيعود إليها ويتملقها ، فما الداعي إلى ذلك؟! ، وأيقنت أن الرجل سكران فلا فائدة لكلامه ، ولكنه زوجها ، فلم لا يقربها ؟! لم لا يحضر إلى البيت إلا بعد منتصف الليل ؟! يذهب إلى عمله ، فيعود ظهراً ، ثم يتناول غداءه ويستريح حتى العصر ، فيخرج ولا يعود إلا بعد منتصف الليل ، وهي زوجته لا تجد منه رأفة ولا تقربا ، بل تراه مشتت الفكر ، لا يعرف متى يدخل عليه الدرهم ، ومتى يخرج .

ورآها راشد فرصة ، وساعده الحظ على انتهازها من حيث لا يدري ، وكانت نصيرة في شوق متزايد إلى أن تجتمع مع رجل ، فوجدت ذلك الرجل صدفة ، فبادلته النظرة ، فبادلها ، ثم تبعه الابتسام ، ثم برهنا على بيت شوقي القائل :
" نظرة ، فابتسامة ، فسلام ، فكلام ، فموعد ، فلقاء " .

وهكذا انتهى كلامهما إلى موعد : تأتيه هي بنفسها إلى بيته ، ولا شك أن الموعد سيكون وقت غياب الزوج : أي بالليل ، وقبل ساعة مجيء الزوج تكون هي في البيت .

واستمرت الحياة تسير في مجراها ، والأفراد الثلاثة يسيرون في مجراهم الذي رسموه لأنفسهم :
سعيد في شهواته ، وراشد ونصيرة في خلوتهما ، حتى كانت حادثة كشفت المستور ، وفضحت السر ، وأرشدت الشخصين ، سطا اللصوص على دار سعيد ، فسرقوا ما شاءوا ، ولم يكن أحد في البيت ، وعادت الزوجة إلى الدار ، فشاهدت بيتها خالياً ، إلا من بعض ما كان فيه ، حارت الآن ماذا تفعل؟! ، وما عساها أن تقول؟! ، سيسألها زوجها بلا شك ولا ريب ، ولكنها أخيراً انتبهت وقالت : سيعود سكران فلن ينتبه إلى شيء ، ولن يدخل إلا الغرفة الوسطى ، وما كادت تنتهي من تنفيذ خطتها ، إلا وسمعت زوجها يفتح الباب ، ودخل ، وذهب ، ونظر إلى الغرفة الوسطى ، ورقد الرجل ، وتبعته وتظاهرت المرأة بالرقاد . أما الرجل ، فقد بلغ من السكر مبلغه ، استلقى على فراشه ، ولم يستنكر شيئاً . أما الزوجة فقد قضت ليلتها في التفكير بما حدث ، ماذا عساها أن تقول له ؟. أين كنت؟! ، وإذا كنت هنا فلم لا تستغيثي بالناس؟ لهذا كان يتوقع منها أن تقول كنت هنا ، فيسألها السؤال الثاني ، وإن قالت له : لم أكن هنا ، فيسألها أين ذهبت ، ومع من ؟ وباستشارة من ؟! وهكذا قضت ليلتها في أفكار قلقه ، وخيالات مضطربة ، وانبثق الفجر ، ثم أشرقت "ذكاء" فانتبه سعيد من رقاده ، وبذلك عاد إليه فكره ، وكان سبباً في الانتباه لحياته . إن ما حدث لعجب . كيف يسرق بيته وهو لا يدري؟ ، وسأل امرأته : هل انتبهت إلى اللصوص ؟ قالت : كلا ، إنني كنت نائمة ، وحينذاك انبهجت نفسها ، وثلج صدرها ، لم تكن تنتظر سؤالاً كهذا السؤال . مسكين ، لقد ظن أن السرقة حدثت له وهو في البيت . وكأن الأقدار تأبى أن ترضي نصيرة ، فلو دخل سعيد في تلك اللحظة كل غرف البيت لأدرك أن هذا البساط لم يكن بالغرفة الوسطى ، وهذا الصندوق لم يكن أيضا فيها ، وهذا الكرسي كذلك ، ولكنه لم يفعل , بل ارتدى ملابسه ، وأبلغ الحكومة بالأمر.

ودخلت الشرطة غرف البيت ، ومعهم سعيد ، قال الشرطي : ماذا سرق منكم . قال سعيد : صندوق وفيه أثواب : ساعة حائط ، منضدة كرسي ، وهكذا عددّ جميع ما سرق في البيت ، ودخلوا الغرفة الوسطى ، وسرعان ما تغيرت ملامح سعيد ، وتبدلت أفكاره .عجباً أليس هذا هو الكرسي الذي في الغرفة ؟! أليس هذا هو البساط أيضا؟! عجباً ! كيف حدث هذا؟! هل اللصوص غيرّوا الوضع ، لاعتقاد في أنفسهم ؟! وهل يملكون وقتاً للقيام بهذا العمل ؟!

وقال الشرطي : اشطب على الكرسي ، والبساط والصندوق ، فإنها في هذه الغرفة ، وخرج أفراد الشرطة , فدخل الزوجان في طور جديد ، تعالي يا نصيرة ، قال الزوج ذلك ، فدخلت ، ثم قال : يا نصيرة . ألم تكوني هنا ، حينما سرقنا ؟ قالت : لقد كنت ولكن لم أنتبه من نومي : قال : لا أظن . قالت إذن لم لم تنتبه أنت ؟! قال حدثت السرقة وأنا لست هنا . قالت : هل فقدت شيئا حينما دخلت . قال لم أكن في حالة انتباه ، وأنت أعرف بحالي الذي جلب علي هذا العقاب قالت : إذن أنا التي سرقتك ... خسئت يا سعيد . قال : افهمي الكلام أولا ، هل لفظت أنا ذلك ؟ ، بل هل لمّحت لك بذلك؟! ... وأنت تعرف أنا امرأة غريبة .. أتيت بي إلى هذا البيت ، إلى هذه البلاد ، ولست بحاجة إلى تفصيل حياتك معي . قال : إذن ذهبت تفتشين عن حياة جديدة . هينّ لك يا نصيرة . وأنطقها الحق فقالت : لقد خدعتك في ذلك ؟ ألم تأت إلى البيت؟! وعلى أي حال ؟!.
قالت : وماذا عملت أنا ، حتى تكون لي عقاباً . لم أخالفك ، ولم أخنك ، بل أنت خنتني. قال : أنا لم أخنك ؟ وماذا شهدت علي؟! .
قالت : شربت الخمر. قال: أشرب ذلك أمامك . قالت : ولا بد أن يتبقى شيء ؟ قال : الله عليم بذلك . وانتهى الزوجان من حديثهما فبدأت حياة جديدة تدب في نفسيهما . أما سعيد, فقد فكر في حياته . أما ماله فقد فقد وكل ذلك بسبب الخمر . وأما زوجته فقد خانته ، وذلك بسبب الخمر ، وما بقى من ماله يسرق , وكل ذلك بسببها . فصمم على الإقلاع عن تلك الحياة ، وبذلك صفت سريرته ، وهدأ خاطره واستراح فكره .

أما الزوجة فلقد علمت أن زوجها اطلع على سرها ، ولكنه لم يعرف أن راشداً هو شريكها في الخيانة . ومن العجيب أنها حينما رأت هدوء زوجها ، وخلقه الجديد ، تأكدت أن زوجها قد خلق خلقاً جديداً . وتعجبت لاستطاعته الصدود عن أفعاله السابقة ، وأشفقت عليه فأشفق عليها القدر ، وعادت إلى عهد زوجها . عادت إلى طهرها وعفتها .

كان راشد جالساً في نافذة غرفته حينما طرق باب داره شخص ناوله كتاباً ، وقص ختامه وقرأ : "راشد" : كل شي يعود إلى أصله ، إن كل شيء له نهاية "فباسم الإنسانية أسألك أن تساعدني في عزمي على ملازمة العفة ، والمرأة بزوجها ، لا بمن يملئون رأسها غروراً .. وأرجو ألا تعجب من هذا الكتاب ، بل اعجب من ذلك اليوم الذي سوّلت لي نفسي فيه مخاطبة شخص غريب لأنني خلقت عفيفة ، ولكنها النفس تأبى إلا أن تمتلئ سواداً , والآن وقد رجعت إلى أصلي ، ففتش عن أخرى تحبب إليها خيانة زوجها ، وقرأ راشد الكتاب ، وانتقدت على حاجبيه ، ثم قهقه ضاحكاً ، ورمى الكتاب على الأرض وقال :

" غيرها .. وضحك "
  #18  
قديم 17/03/2005, 11:09 PM
مقفل حلول مقفل حلول غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 29/01/2005
المشاركات: 8
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

شكراً للأخ هاشلي .. على إدراج قصص للكاتب الكبير عبدالله الطائي ..
وشكراً للأخ البسيوي


خزنت رواية ملائكة الجبل الأخضر على جهازي لكن المشكلة أنها غير كاملة فقط إلى الجزء الرابع .. أين أجد تكملة الرواية .. لأنها فعلاً قيمة ..
  #19  
قديم 20/03/2005, 09:36 PM
صورة عضوية أفق الحق
أفق الحق أفق الحق غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 25/10/2004
المشاركات: 406
هلا أعطيتمونا نبذة عن هذا الأديب؟؟
جزاكم الله خيرا
  #20  
قديم 21/03/2005, 12:15 AM
ابن ضيان ابن ضيان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 17/03/2005
المشاركات: 557
هاشلي
اشكرك جزيل الشكر والتقدير لسردك قصص الاستاذ عبدالله الطائي
ونحن في انتضار الصقق وتم حفضهاا في الجهاز لقرائتهاا بتمعن
واشكرك جداا جدااا
  #21  
قديم 21/03/2005, 01:09 AM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة أفق الحق
هلا أعطيتمونا نبذة عن هذا الأديب؟؟
جزاكم الله خيرا
عبدالله بن محمد الطائي :
ولد في مسقط عام 1927.
تلقى تعليمه الإبتدائي في المدرسة السعيدية في مسقط .
أكمل تعليمه الأعدادي والثانوي في بغداد - العراق
نائب رئيس الإعلام والسياحة في حكومة أبوظبي (سابقا)
وزير الإعلام في سلطنة عمان (سابقا)
وزير الشئون الإجتماعية والعمل بالسلطنة (سابقا)
كان له دور في ارساء اسس النشاط الأدبي والثقافي في الخليج العربي
أنهى كتابة أخر روايه الشراع الكبير في مدينة أبوظبي في شهر يونيو (حزيران) 1973
توفي إلى رحمة الله في 18 يوليو (تموز ) 1973 في مدينة ابوظبي وتم نقل جثمانه إلى السلطنة بطائرة عسكرية وتم دفنه في مقبرة مسقط

له من الكتب :
ملائكة الجبل الأخضر (قصة طويلة)
الفجر الزاحف (ديوان شعر)
وداعا أيها الليل الطويل (ديوان شعر)
الأدب المعاصر في الخليج العربي (دراسة أدبية)
الشراع الكبير (قصة طويلة )
حادي القافلة (ديوان شعر)
المغلغل (مجموعة قصص)
دراسات عن الخليج العربي
شعراء معاصرون
مواقف
منقول من هامش رواية الشراع الكبير
وقد تفاجأت في أحدى المرات حين كنت أتابع احتفال جريدة الأتحاد الإماراتيه بمرور 30 سنه على تأسيسها أن يكرم الأديب الراحل على أساس أنه كان أول رئيس تحرير للجريدة !! ولا أدري من تسلم الجائزة عن الأديب الراحل .
الأديب هو شقيق الصحفي الراحل نصر بن محمد الطائي وهو من لقب بأبو الصحافة العمانية مؤسس جريدة الوطن .
ولقد قرأت له روايته الجميلة الشراع الكبير وكتاب مواقف
أتمنى أن أكون قد وفيت هذا الأديب حقه .
  #22  
قديم 21/03/2005, 08:48 PM
صورة عضوية الذات
الذات الذات غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/04/2004
المشاركات: 544
أخي هاشلي واصل فإنا نتابعك

أخي الفجر الزاحف : أشكرك على النبذة المفيدة
  #23  
قديم 25/03/2005, 09:32 PM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
اتبع الرابط http://om.s-oman.net/showthread.php?t=121618
  #24  
قديم 31/03/2005, 03:08 PM
صورة عضوية أفق الحق
أفق الحق أفق الحق غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 25/10/2004
المشاركات: 406
بارك الله فيك أخي
  #25  
قديم 05/04/2005, 09:10 PM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
قصيدة الموج الصاعد

قصيدة للأديب الراحل من رواية الشراع الكبير
وهي من ديوان الفجر الزاحف

من بحرنا بحر العرب
سمعت للموج صخب
فلا السفين مشرع
ولا الطيور تقترب
والموج بين زحفه
ينذر بالأمر العجب
كأنه يهتف ذا
يوم عمان المرتقب
انا النذير فليزل
كل ظلام قد رهب
انا البشير فليكن
لكل حر بي طلب
فيا غيوم إنقشعي
مالك عندي من سبب
ويا قيود إنكسري
عن كل شهم مغتصب
ويا جموع إنطلقي
ظافرة مدى الحقب
البحر ثار غاضبا
و البر أحرى بالغضب
قد غرق الظلم فما
له معاد يرتقب
ومسقط عروسنا
تزهو بأثواب قشب
الموج قد طهرها
فلترقصوا اليوم طرب
ولتهتفوا يا شعبنا
حققت أمال العرب


منقول من الشراع الكبير
  #26  
قديم 17/02/2006, 02:31 PM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
يرفع للفائدة
  #27  
قديم 18/02/2006, 09:19 AM
صورة عضوية النور الوضاح
النور الوضاح النور الوضاح غير متواجد حالياً
أبو الجلندى
 
تاريخ الانضمام: 18/12/2000
الإقامة: المدينة العظمى
المشاركات: 5,590
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة المشرق العربي
يثبت فهذه هي ثقافة العرب 0
تدلل..!!
  #28  
قديم 18/02/2006, 12:07 PM
بطاقة معايدة بطاقة معايدة غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 14/02/2006
المشاركات: 13
وقد تفاجأت في أحدى المرات حين كنت أتابع احتفال جريدة الأتحاد الإماراتيه بمرور 30 سنه على تأسيسها أن يكرم الأديب الراحل على أساس أنه كان أول رئيس تحرير للجريدة !! ولا أدري من تسلم الجائزة عن الأديب الراحل .

الأخ الفجر الزاحف

على حسب علمي أحد أبناء الطائي من تسلم التكريم
  #29  
قديم 18/02/2006, 04:40 PM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة بطاقة معايدة
وقد تفاجأت في أحدى المرات حين كنت أتابع احتفال جريدة الأتحاد الإماراتيه بمرور 30 سنه على تأسيسها أن يكرم الأديب الراحل على أساس أنه كان أول رئيس تحرير للجريدة !! ولا أدري من تسلم الجائزة عن الأديب الراحل .

الأخ الفجر الزاحف

على حسب علمي أحد أبناء الطائي من تسلم التكريم
علمت ذلك بعد حين
ولكن المؤلم أن لا نرى من يكرم الأديب في وطنه الأم الذي كان يشكل العصب الرئيس والملهم الأول لجميع ما خطته يداه
  #30  
قديم 18/02/2006, 10:57 PM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة النور الوضاح
تدلل..!!
أبعد عام !!!!!!!!
نشكرك على التثبيت شيخنا
  #31  
قديم 19/02/2006, 10:37 PM
صورة عضوية عبدالناصر20
عبدالناصر20 عبدالناصر20 غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 24/02/2004
المشاركات: 2,008
اسم الأديب الكبير يجب أن يكرم في وطنه قبل غيره من البلدان
هل يجوز هذا الحال يكرم رائدنا وكاتبنا في خارج بلاده
ويضطهد في بلده حياً وميتاً ؟؟؟؟؟
أليست عاصمة الثقافة أولى بتكريم إبنها البار من غيرها من العواصم
ماهو موقف القائمين على مشروع مسقط عاصمة الثقافة لو كرم اسم
الأديب الكبير في عام أخر في دولة أخرى غير وطنه ؟؟؟؟
  #32  
قديم 20/02/2006, 12:08 AM
الفجر الزاحف الفجر الزاحف غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 16/01/2005
المشاركات: 3,425
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة عبدالناصر20
اسم الأديب الكبير يجب أن يكرم في وطنه قبل غيره من البلدان
هل يجوز هذا الحال يكرم رائدنا وكاتبنا في خارج بلاده
ويضطهد في بلده حياً وميتاً ؟؟؟؟؟
أليست عاصمة الثقافة أولى بتكريم إبنها البار من غيرها من العواصم
ماهو موقف القائمين على مشروع مسقط عاصمة الثقافة لو كرم اسم
الأديب الكبير في عام أخر في دولة أخرى غير وطنه ؟؟؟؟
هذه لا مبالاة أخي العزيز ليس فقط الأديب الراحل من عانى أسمه من التهميش بل هناك الكثير والكثير غيره
  #33  
قديم 20/02/2006, 10:49 AM
بطاقة معايدة بطاقة معايدة غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 14/02/2006
المشاركات: 13
قصة اختفاء إمرأه

هي أول قصة في التاريخ القصصي لأديبنا الراحل
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 05:04 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 127
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.