|
|
|
أدوات الموضوع | البحث في الموضوع | التقييم: |
#1
|
||||
|
||||
كل الي تريد تعرفه عن ليوناردو دافنشي (هـــــــــــــــــنا) ###
ليوناردو دافنشيى (1452 ـ1511) كما جاء في المراجع التاريخية – مصور ونحات ومعماري وموسيقي ومهندس ، وعالم إيطالي ، ولد في فينشي ، وكان ابنا غير شرعي لكاتب عدل فلونسي وفتاة فلاحة ، تتلمذ على فيروشو ، " لودفيكو سفورتا " ، وفي تلك الفترة فرغ من تأليف الجزء الأكبر من كتابة عن التصوير ، ثم بدأ كتابه في الهدرليكا والميكانيكا والجيولوجيا والنبات ، كما رسم بمساعدة تلميذه " امبرجيو " لوحتي العذراء والصخور ثم صور العشاء الأخير ، وفي عام ( 1500) عاد إلى فلورنسا وخدم عند ( سيزار بورجيه ) كمهندس حربي ، كما صور رائعته المشهورة ( الموناليزا ) المسماة كذلك بالجوكندا ، وأخيرا دعاه فرانسوا الأول إلى فرنسا فأقام فيها بقية حياة ، وفي فرنسا تابع بكل سكينة وهدوء بحوثه المتعددة.
لقد تراكمت لدي الباحثين في سيرة ليوناردو أكداس من الأبحاث والمؤلفات والمقالات دبج بعضها لفيف من معاصريه ومعارفه ، وكتب بعضها الآخر من تلاهم من النقاد والكتاب والأدباء على مر العصور وحتى الزمن الأخير . كان آخر ما صدر من هذه المطبوعات التي تتناول فن ليوناردو وأعماله الخالدة مجلد بالألوان ، وقد تضمن هذا المجلد خلاصة مكثفة لما قيل في ( ليوناردو) منذ نشأته الأولى وحتى أواخر عصرنا الحاضر ، بالإضافة إلى أنه ضم بين دفتيه لوحاته الرائعة التي تنطبق ألوانها على الأصل انطباقا تقنيا جيدا. جاء في مقدمة هذا المجلد القيم التي وضعها الناقد ( اندره شاستل ) قوله: - لم يكن أحد ممن أعلام الفن في عصر النهضة عرضه للنقد والتقريظ ، أو المديح والتجريح ، مثل ( ليوناردو دافينشيى ) ولم يكن من المستطاع النظر الى أعماله من زاوية واحدة ، أو على وجه دون آخر. لقد اطلعنا كلنا ولا ريب على الرسالة التي خطها ( بيرو دانوفالاريا ) وكيل أعمال دوقة ( فلورنسا ) حول أعمال ليوناردو إذ قال فيها: - ( أن حياة ليوناردو لا تتميز ببعد النظر ، يبدو أنه يعيش يومه فقط ولا يأبه لغده ، لقد جعلت الرياضيات منه رجلا عاجزا عن الإمساك بريشة فنان). والأغرب من ذلك أن ( ب. كاستيلون ) كتب يقول : - ( من الطريف جدا أن الرسام الأول في العالم كان يكره الفن ، وقد انصرف إلى دراسة الفلسفة ، ومن هذه الفلسفة تكونت لديه اغرب المفاهيم ، واحدث التصورات ، ولكنه لم يعرف ان يعبر عنها في صورة ورسومه ). ثم جاء ( فازاري ) الفنان الإيطالي والمؤرخ العلامة ( 1512 – 1574 ) ، فأنصف ليوناردو في مؤلفه الضخم ( أحسن الرسامين والنحاتين والمهندسين) وقدره حق قدره ، ولم يخف إعجابه بأعماله التاريخية وقال على لسان أحد معاصريه : - ( أننا لم نقدر فن التصوير عنده ، كما ينبغي ، كما قدرنا فنونه الأخرى). ومع ذلك أشار فازاري إلى أن ( ليوناردو ) الذي عاش أواخر أيامه في كنف ملك فرنسا ( لقد أغضب الله والناس لأنه لم يعمل في حقل الفن ، كما يجب أن يعمل إنسان فنان عبقري مثله ). ويمضي صاحب المقدمة في حديثه فيقول : - ( عندما نبحث في ليوناردو عن الفنان نجد أنفسنا إزاء رجل علم وتجاه مفكر من الطراز الأول ، وعندما نتطلع إليه كرسام نكتشف أننا أمام مهندس نحات مصمم ، وعندما نصل أخيرا إلى انترسيم عنده كرسم تستوقفنا تجارب النظر يأتي وآياته ، أكثر مما تستوقفنا الصورة بحد ذاتها كصورة. وعلى هذا وباختصار ، تساءلوا في إيطاليا ولا يزالوا يتساءلون عن المضمون الحقيقي ، والبعد الواقعي في عمل ( ليوناردو ) الفني . أنه لمن المحال فهمه ، وتفسير إنتاجه وتبيانه بكل يسر وسهوله. ومن المتعذر جدا على الناقد تحديد الشطر الذي كان ( ليوناردو ) يوليه وجهه ، فهو يجسد في أعماله المعضلات الثقافية غير آبه بأبهة السطوع ، وفي كل خط من خطوطه ، وأثر من أثاره ، نلمس صفاء مشاعره ، وقدرته على التجلي ، وموهبته في ابتكار التحويلات بما يشبه التناسخ. لقد ولج ( ليوناردو ) الفنان العالمي باب العلوم الفيزيقية ( أو الفلسفة كما دعاها كاستيغليوني ) ، ولكنه جميع معطياته في مجالات المعارف الحيوانية والنباتية والهدروليكية إلى جانب رسومه الرائعة في التشريح وملاحظاته العلمية الأخرى ، لم يكن لها أي تأثير فعال في مجري تاريخ الفكر الإنساني ، كتلك المكتشفات التي قدمها غاليلو وفيسال وهارفي ، وعلي الرغم من أنه خلف لنا كنزا من المعرفة في خمسة الآلف صفحة فانه لم يأت بجديد في مضمار الكشف العلمي أو التقني. وهكذا ظل ليوناردو رجل الخيال . أما في مجال الفن فشأنه يختلف عن العلوم ، ذلك أنه أبتدع العديد من الأعمال في النحت وهندسة البناء ، وترك لنا ما يقارب أربعة آلاف رسم تمثل مجموعة على جانب كبير من الإتقان ، بالإضافة إلى بعض النقوش على الرخام ، وبعض الأعمال من الآجر ، وقد اشتهرت أعماله الهندسية والفنية في إيطاليا وفرنسا. أما في مجال الرسم والتصوير بوجه خاص فهنالك أخيرا الحصيلة الكبرى المتميزة. تكاد ابتكاراته وتطلعاته وأفكاره لا تعد ولا تحصي ، والروائع التي أنجزها جاءت دقيقة متقنة ، والمؤثرات فيها ذات تفنن بليغ ، عميق ، بحيث أنه يستحيل على أصحاب المدارس الحديثة فهم اتجاهاتها ومراميها البعيدة ، حتى لو جردت من المنظور الشامل لعصر النهضة ، لقد تمكن "فازاري" من توضيح هذا الجانب من عبقرية ليوناردو ، إذ أكد أن صاحبنا بما كان يحمل من مواضيع ، وأساليب في التركيب ، قد تجاوز حدود التقليد ، وتخطي المدارس الإيطالية في عصره إلى حد بعيد ، ولعل خير مصداق على صحة هذا التعليل قول ليوناردو نفسه في كتابه " دراسة التصوير ". - ( حين يكون عمل الرسام على مستوي حكمه ( أو منطقة ) فيمني ذلك إشارة سيئة إلى هذا الحكم ، وحين يتجاوز هذا العمل الفني الحكم ، فهذا أمر سيئ ، كما لو أن الرسام صاحب العمل معجب بما صنع ). ولما يتجاوز الحكم العمل المنجز ، ففي ذلك بادرة حسنة ، ولا سيما إذا كان هذا الحكم صادرا عن فنان ناشئ يتطلع دائما نحو الأفضل ، وسيكتب له النجاح والمستقبل اللامع ، وقد ينتج أعمالا قليلة ، ولكنها ستكون و لاريب تحفا ذات قيمة ، وستقف الأجيال التالية مشدوهة أمام ما تتميز به من إتقان ). * * * هذا ، وبعد أن يتناول الناقد ( ساشتل ) أعمال ليوناردو وروائعه بالشرح والتحليل وبخاصة رائعته الخالدة ( الموناليزا ) ذات السمة الخلابة الدائمة . وكذلك لوحته الكبيرة " العشاء الأخير " أو ما يسمى أيضا ( بالعشاء السري ) ينتقل بنا إلى عرض آراء بعض الباحثين المعاصرين ، والعلماء المخضرمين في هذه الأعمال ، فيشير على سبيل المثال إلى التحليل الذي توصل إليه ( فرويد ) حول شخصية ( ليوناردو دافنشيى ) فقد أتي عليه في كراس صغير عام ( 1910) ، وفي هذا الكراس ينسب ( أبو التحليل النفسي ) إلى دافنشيى عقدة ( فقدان حب الأم وحنانها منذ عهد الطفولة ). ويشرح تطور الغريزة الجنسية عنده وأثر ذلك في تصويره الخارق ، ومعلوم أن ( دافنشيى ) هو الابن غير الشرعي المسجل العقود الفلورني ، بالإضافة إلى التناقضات والعوامل الأخرى التي كانت تمور في عقله الباطن ، والتي شغلت الحيز الأكبر من عبقريته الكامنة إلى جانب ما يتمتع به من ثقافة شاملة ، (ولعل في صورة الموناليزا التي تمثل الأمومة بأجلى مظاهرها خير مصداق على ذلك). ومهما يكن من أمر التحليل الفرويدي ، ومهما كان فيه من صدمة للمؤرخين ، فلاريب أن فرويد قد أكد على أي مدي تعتبر روائع ( ليوناردو ) مشحونة بالطاقات والأسرار التي تبعث على التأمل والتفكير . - ( نستطيع تكوين صورة لليوناردو على ضوء الأبحاث التي دارت حوله ، ثمة شبة إجماع على الإشادة بدوره كفنان ، وهذه الصورة لا تقتصر على سلخه من عصره ، وتجاوزه زمانه ، بل تدل كذلك على انفصال في داخل ذاته ، إلى حد ما بسبب ضخامة معطياته وصعوبة مراجعتها . أن روائعه مثل ( الموناليزا ) و ( العشاء الأخير ) و ( القديسة آن ) مصقولة صقل المرآة تعكس امام كل فرد منا على حدة اسراره الدافينة ! ). * * * منذ أربعة قرون وأكثر ، والنقاد والكتاب والأدباء والعلماء يعالجون أعمال دافنشي المختلفة بما يفوق ما كتبوا عن ميكلانجلو ورفائيل ، واقتطف فيما يلي بعض فقرات من أقوالهم حسب تسلسلها الزمني : في عام 1497 كتب ( م. راندلو ) أحد معاصري ليوناردو يقول : - ( لقد راقبت ليوناردو عن كثب وهو يعمل منذ الصباح الباكر حتى الغروب في رسم صورة " العشاء الأخير ) ، كما يقف على " السقالة " لتبلغ ريشته اللوحة في أعلى الجدار ، وكان ينسى نفسه ، وينسى أن يأكل ويشرب ، وهو منهمك في عمله بلا انقطاع ، ثم يتوقف عن العمل فجأة لمدة يومين أو ثلاثة أو أربعة أيام ويظل واقفا ساعات وساعات ، يطيل النظر إلى رسمه ، ويتأمل فيما بعد ، محاولا الحكم على ما صنع ، وكنت أراه أحيانا وهو يهرع على حين غرة عند الظهيرة ليعاود ما بدأ ، كأن إلهاما هبط عليه ليرتجل الرسم بعدئذ ارتجالا ! ). * * * وفي عام 1506 كتب بيرقدار فلورنسا ش. امبوازو في رسالة يقول : - ( أن مواطنكم المعلم ( ليوناردو دافنشي ) قد خلف من الآثار الفنية الرائعة ، وبخاصة في هذا البلد ( ميلانو ) ما يثير إعجاب من يعرفه بالذات ومن لا يعرفه، أنه ليسرني أن أعترف بأني من أولئك الذين أحبوه ، من خلال أعماله ، قبل أن يتعرفوا عليه ، وأنه لمن دواعي الأسف الشديد أن اسمه ظل مغمورا في مجال التصوير ، نظرا لانهماكه بأعمال أخرى ). * * * وفي عام 1528 قال ب. كاستيغيلي : - ( وهذا الفنان ، ويعني ليوناردو ، الذي يعتبر من أوائل أهل الفن في العالم ، تراه يحتقر الفن الذي سما به ، وينصرف إلى تعلم الفلسفة ، حيث خرج منها بمفاهيم غريبة جدا ، وتصورات جديدة ، ولم تستطيع ريشته بكل ما أوتيت من نعومة أن تصورها). * * * وفي عام 1537 كتب ( آنونيمو غاديانو ) يقول : - ( على الرغم من أن ليوناردو المعجزة الذي نبغ في الرياضيات كما نبغ في التصوير والتنظير ، ومارس النحت لم يكن يرسم كثيرا ، أذ كان لا يرضي عن عمله في هذا المضمار ! ). ولم يكن يقر له قرار . . . كان منهمكا على الدوام في مجالات العلوم الخارفة للعادة ، ,في كل يوم يبتكر شيئا جديدا ). * * * وفي عام 1551 كتب س. سرلبيو في " المنظور الحر الثاني " مايلي : - ( أن منشا النظرية هو الذكاء ، ولكن اليد هي التي تمارس التطبيق العملي ، وبما أن ( ليوناردو ) كان على جانب عظيم من الذكاء فلم يكن راضيا عما يصنع، ولذلك لم تبلغ ريشته مستوي ذكائه ). * * * وفي عام 1557 قال دولشي في " الحوار ": - ( أن ليوناردو يضاهي ميكلانجلو في كل شيء . . . إلا أن روحه العالية لم تكن لترضي بما كان يفعل ). * * * وفي عام 1568 كتب الفنان والمؤرخ فازاري : - ( . . . أن مخلوق لطيف جدا وسماري ( كذا )، لقد حبته الطبيعة بروح سامية ، مكنته من طرق مختلف الأبواب العلمية والفنية ، وكان متفوقا تفوقا ملحوظا ، وكان يعمل مندفعا بفكره وجنانه فأنتج من الأعمال ما لم يستطيع سواه إنتاجه ، وطبع جميع أعماله بطابعه الخاص المتميز بالخير والجمال والعطاء. هذا ، ومن المعلوم أن ليوناردو ) بدا العديد من الأعمال ، من خلال مسيرته الفنية ، لكنه لم ينجز واحدة منها ، كما تتوق نفسه المتوثبة نحو الأكمل، ذلك لان يده لم تطل خياله الواسع ، وتطلعاته الباهرة ). * * * وفي عام 1590 كتب ج.لومارتو يقول : - ( أن مواضيع دافينشي تنبع من قلب نبيل ، وتصدر عن رؤية واضحة المعالم ، ومن طبيعة إنسان متعلم مفكر ، أوتي من الحكمة ما مكنه من التميز بين الخير والشر ، والنور والظلام. أنها مواضيع – ولعمر الحق – مثال للفضائل ، أنها المثل العليا. وكان يري الأخطاء في أعماله في الوقت الذي كان فيه غيره يري في تحفه ذاتها معجزات وكان لا يميل إلى الإضاءة في الألوان اكثر من اللازم ، ويوفرها لاستخدامها على أحسن وجه ، ولهذا أبرع في تصوير الوجوه والأجسام كما أبدعتها الطبيعة نفسها . * * * وفي عام 1649 جاء في كتاب ( أ.بوس ) حول الأساليب المتميزة في التصوير ، الذي صدر باللغة الفرنسية : - ( . . . تتميز لوحات ليوناردو دافنشي كذا وردت في النص ، بطريقة متكاملة وبألوان متجانسة ، أي أن الأنوار والظلال فيها تذوب بخفة ورشاقة ، ولا تهمل خطوطه أية تفصيلات دقيقة من الجسم ، وهكذا أبدع لنا " الجيوكاندا " و " فلورا " ). * * * وفي عام 1666 كتب ( آ. فيلبيان ) في مؤلفه " حياة وتحف أحسن الفنانين القدامى والمعاصرين " ينتقد أعمال ( ليوناردو ) على هواه : - ( لقد تجاوز في اندفاعه وراء الأفكار العظيمة ، وفي تطلعاته نحو جمال الأشياء حدود الفن ، فخلق وجوها خارقة ، غير طبيعية ، ورسم الأطر الأساسية أكثر فأكثر بسمات من ابتكاره ، وأعتني عناية فائقة بالأشياء الدقيقة ، واسبغ سوادا على الظلال ، الأمر الذي جعل الإضاءة تعكس بروزا يخدع النظر). * * * وفي عام 1764 كتب ج. ب. غروسللي في مذكرات حول ايطاليا والايطاليين : - ( تبدو لي لوحة ( العشاء الأخير ) جميلة ، ولكن جمالها طاغ صارخ ، الأمر الذي لم نعتد على مشاهدة مثله في فرنسا). * * * وفي عام 1792 كتب ل. لانزي في " تاريخ إيطاليا " يصف فن ( دافنشي ) على طريقته : - ( كان ذلك المصور الفذ يرسم بأسلوبين ، الأول مشحون بالظلال التي تنطلق منها الومضات المتضادة ، والتي بتضادها تتميز وتتضح الأشكال البديعة والثاني اكثر ارتياحا وسكونا تصدر عنه ما بين ، وفي كل أسلوب منهما يبرز تفوق الرسام ، ورشاقة اللمسات ، وخفقان الفؤاد ). * * * وفي عام 1816 كتب ( غوته ) شاعر ألمانيا الكبير في رسالة له يصف ( دافنشي): - ( برز ليوناردو العبقري الشمولي في مجال التصوير بوجه خاص ، لقد جمع في خطوطه المتناسقة البديعة كل الملامح الإنسانية ، وبذلك كان مثلا فريدا للفنان. كان نفاذ بصيرته ينطلق من ثقافة واسعة متميزة ، وعلى الرغم من موهبته الطبيعية كان يتجنب كل قفزة فجائية ، أو اندفاع تلقائي ، فيتزوي – إلى حد بعيد – في كل عمل يقدم عليه ، وفي المعادلات الصافية ، حتى في التشكيل الخارق للأجسام الغريبة المنفصمة ذات المدلولين . ( كان ملتزم بأن يصدر إنتاجه طبيعيا وعقلانيا ). * * * وفي عام 1855 قال الكاتب الألماني " بركهاردت " : - ( انه أكثر واقعية من أسلافه الذين التزموا بالواقعية كدليل على التفوق ، لقد تسامي على الواقعية نفسها وأصبح حرا ، مثله في ذلك كمثل تلك القلة من الفنانين الذين قلما يجود الزمان بمثلهم ). * * * وفي عام 1857 نشر " بودلير " شاعر فرنسا الملاك – الشيطان – ديوانه " أزاهير الشر " وفيه يصف ليوناردو وصفا غريبا : - ( ليوناردو ، ما أنت إلا مرآة مدلهمة ، عميقة الأغوار تعكس صور الملائك الحسان وعلى شفاههم ابتسامة طافحة بالأسرار وهم قابعون وراء الظلال في أرض الثلوج والصنوبر الأخضر ذلكم هو مأواهم أبد الادهر * * * وفي عام 1860 جاء في مقال كتبه " دولاكروا " الرسام المعروف في جريدة " الجورنال " قوله : - ( كانت الطبيعة تجذبه إليها على الدوام ، فيصغي بإرهاف إلى ما تهمسه في أذنيه ، وما تلهمه من أعمال ، ولم يقلد أحدا فيما صنع ، حتى أنه لم يكن راضيا عن نفسه. إذا نظرت إلى أعظم الرجال علما تجدهم اكثر الناس سذاجة وبساطة وتواضعا ، وهو يستحق في الواقع ما أغدق على قرينيه " انجلو " و " رفائيل " من ثناء وإطراء ). * * * وفي عام 1861 كتب آ.أي. ريو في مجلة " الفنون المسيحية ". - ( أنه الفريد من نوعه بين الفنانين ، لقد أوتي من الصلابة والتسامي ونبل المشاعر والطيب ما جعل موهبته تتفتق عن التو ليفية بين المثالية والواقعية ، لم يسبق ليوناردو أحد في التغلغل بعمق بأسرار العلم. ( ولكن إنتاجه لم يبلغ مع الأسف المستوى العظيم لمفاهيمه ). * * * وفي 1866 أشار هـ . . تين في كتابه ( رحلة إلى إيطاليا ) إلى ليوناردو بقوله : - ( من المحتمل أن لا مثيل له في العالم ، في عبقرية شاملة ، متعددة الجوانب ، وفي روح متوثبة جدا ، وفي نفس لا ترضي بحال ، ولا تقنع بمال ، لقد كان يتطلع إلى الإمام ، على الدوام ، حتى تجاور عصره ، والعصور اللاحقة إلى اللانهاية . . . أن صورة التي أبدعها تعبر عن تعبر شفافية عجيبة ، أنها حية دائما تكاد تنطق ، فتخاطبها وتخاطبك ). * * * وفي عام 1873 صدر كتاب بالإنكليزية للمؤرخ .د.باتر بعنوان " دراسات في عصر النهضة " ، تناول في فصل من فصوله فن ( ليوناردو ) جاء فيه : - ( لقد عاش ليوناردو للفن ومن أجل الفن . . . أن الجوكندا " الموناليزا " رائعة ( ليناردو ) تكشف القناع عن طرق تفكيره وعمله ، أنها أشبه ما تكون بتحفه دور المسماة ( بالسويداء ) أو ( الماليخوليا ) إلا أن ( الجوكندا ) تختلف عنها بأن لاغلو ولا إبهام في رمزيتها ، فهي طافحة بالأسرار ، ذات عمق ، وملاحة جذابة. ( وعلى هذا نستطيع أن نري في الموناليزا شكلاوليدا لخيال القدامى ، ورمزا للفكر المعاصر ). * * * وفي عام 1896 وصف ب. بيرنسون في كتابه " المصورون الإيطاليون في عصر النهضة " ( ليوناردو ) بقوله : ( أن ليوناردو رسام فريد من نوعه ، فلا تمس ريشته شيئا إلا وتحوله الى صورة جمالية خالدة ، أنه يبعث في المادة روحا ناطقة ). * * * وفي عام 1988 قال الناقد الألماني هـ. ( ولفلين ) : ( تميز ليوناردو بين فناني عصر النهضة باكتشافه السمات الفيزيونومية الخفية أكثر من سواه ، وذلك عن طريق التأملات النابعة من صميم الوجدان، أن الفنان بالنسبة إليه هو العين المتفتحة على العالم ، المتحكمة في جميع الأشياء المرئية ). * * * وفي عام 1919 قال ليونيللو فانتوري في كتابه : ( نقد أعمال ليوناردو دافينشي ) : - ( لم يكن له لون ثابت ، وكان يحدق ببصره إلى الأفق البعيد نحو أجواء واسعة ، إلى الهضاب والروابي الخضر والجبال الشم ، ماذا كان يعني الظاهر من الأشياء بالنسبة لرؤية هذا الأفاق الواسعة ؟ كانت عين ( ليوناردو ) ترنو إلى الوجه الإنساني من بعيد ، صحيح أن النظر إلى الوجه عن قرب يحدد معالمه ، ولكن عين ( ليوناردو ) تفضل مع ذلك رؤيته عن بعد. وكل شيء من قريب يبدو له جامدا وساكنا . أن تقلبات الجو المستمرة تلطف الأشياء البعيدة ، وتخفف من ثقلها ، وفي هذا المساء ، وعندما يلف الغسق الأفئدة والأشياء ، ترسم على الأفق اهتزازات بطيئة ذات حركة دائمة. وكذلك الحال مع الوجه الإنساني . وفي خطوطه حيث يلج النور بالظلام ، والظلام بالنور ، تتقلب الأجواء ، وتتحرك الطبيعة كحركة كل ذرة من هباء العالم ، وعلى الوجه ترتسم خلجة روحية تائهة ، منطلقة من الأحلام. إنه شكل بلا شكل ، ولون بلا لون . إنه رؤية ذات ألوان في الشكل ، وهيولية تصيريه في اللون ). * * * وفي عام 1928 قال الناقد أو. سيرين في كتابه : " ليوناردو دافينشي " : - ( كان في باكورة أعماله نحاتا أكثر منه رساما ، أنه فلورنسي حتى العظم ، ولكنه أكثر وعيا وخفه ورشاقة وذكاء. أن فن ليوناردو ( ظل – بعد أن تحول إلى التصوير – فلورنسيا أصيلا ، ولو أنه بلغ به حدا من التعبير والانسجام والجمال أعظم غني مما عاهدناه في فناني قلورنسا ). * * * وفي عام 1934 جاء في دائرة المعارف الإيطالية على لسان آ . فانتوري : - ( استطاع ليوناردو أن يحتل مكانته اللائقة في عصر النهضة ، ذلك العهد الذي تميز بوحدة الأنشطة الإنسانية ، فكان الفن معناه العلم ، وكذلك معناه حقيقة تنطلق بتقدم الإنسان وترقيه. لقد وجد ( ليوناردو ) آنذاك هويته الحقيقة ، وبلغ ما بلغه من مجد ، لأنه تمكن بما بذله من جهد أن يجعل الفن الإيطالي فنا شموليا ). * * * وفي عام 1951 نشرت مجلة " الفنون " مقالا تناول فيه ش . تولني لوحة " الموناليزا " بالتقريظ جاء قوله : - ( . . . في الجوكندا يبدو الفرد كمعجزة من خلق الطبيعة ، وفي الوقت نفسه تمثل النوع ، إن هذه اللوحة تتجاوز الحدود الاجتماعية الضيقة لتصبح ذات قيمة عالمية شاملة. لقد أنجز ( ليوناردو ) هذه التحفة لا بوصفه باحثا ، منقبا ، مفكرا وحسب ، بل كرسام وشاعر في آن واحد ، وفي الوقت نفسه ، ظل الجانب الفلسفي – العلمي ، في مضمونها على غير نسق معين . ابتكر ( ليوناردو ) في لوحة هذه صيغة جديدة تجمع بين الصورة الأعظم روعة وأبهة ، والأشد حركة وقوة ، وبين الصورة الأكثر شاعريه ، الأمر الذي بز به من سلفه من أهل الفن . قبل ( ليوناردو ) كانت اللوحات من غير حياة وأسرار ، إذ كان اهتمام الفنانين في عصره منصبا على الأشكال الخارجية ، من غير التفات إلى النواحي الوجدانية والشاعرية النابعة من القلب ، ( أو العقل ) فلا يرى المشاهد في أعمالهم سوى خطوط ورموز. لقد أنبثق عن ( الموناليزا ) وحدها لغز : إلا وهو لغز الفؤاد الذي لا يدرك. هذه الشاعرية في الإسرار ما هي في الواقع إلا وليدة الوحدة الضمنية للوجه من المنظر على الأساس ). * * * وفي عام 1952 كتب الناقد الإيطالي (ث. باردني ) يقول : - ( أن الرأي الوحيد الذي نستطيع أن نستخلصه من النصوص المتوفرة لدينا حول ليوناردو كرسام ، هذا الرأي لا تزال تكتنفه الأسطورة الغامضة. ثمة تفسيران متضاربان ، فالتفسير السيكولوجي لا يشبع فضولنا أكثر من ذلك التفسير التشكيلي الصرف ، لقد توصلوا إلى اكتشاف أن ( ليوناردو ) رجل علم تتلون عنده الاستقرائية التجريبية بالرؤية الكونية الأسطورية ، ومن هذا الجانب حيث تبرز الفتنة الظاهرة في أعماله، ونستطيع أن نقيم العديد من رسومه أو مسوداته ، التي ظلت غير كاملة ، والتي لم تخضع للتجارب التقنية التصويرية الجديدة التعبئة. وعلى هذا فمن الخطأ اعتبار روائع الأعمال المحدودة التي أنجزها ( ليوناردو ) كبرهان قاطع على أنها من أبدع ما صنع ، وفي الواقع أنه لم يبلغ بها نهاية الأرب ، ولكنه اقترب بها فقط من الصور الشعرية ، التي فاض بها وجدان الرجل دون أن تطول يده لمنحها الشكل الكامل ). * * * وفي عام 1966 كتب الناقد ( كلاستيلونكو ) مقالا شبه به لوحة ( البشارة ) التي أبدعها ( ليوناردو ) بالمدينة الطوباوية التي خطط لها ( توماس مور) . حسب منطقه – بأشجارها وأنهارها ، ودروبها وسواقيها ، وصخورها وقصورها ، وألوانها وأجوائها ، وبنورها وظلالها وقال : - ( لعل مناظر الريف الفلمنكي هي التي أوحت إليه بها ). - وقال : ( أن المنظر فيها يعكس النور انعكاسا سويا منسجما انسجاما تاما مع الإضاءة ، أضف إلى ذلك ما ينطق به هذا المنظر من تذوقات رفيعة غنية بالقيم الفنية. أنظر إلى الصخور التي تلفحها أشعة الشمس – في الجهة اليسرى – حيث ترتفع الجبال إلى يمن المدينة . ثم إلا يلفت نظرك تلك الذري الشاهقة ، وما ترمز إليه من عهود سحيقة ، وتأكل في الطبيعة ، وتفجر من باطن الأرض ؟ أنها الذري ذاتها التي برزت خلف ( الموناليزا) . * * * وهكذا تمر الأيام والعصور ، وتمضي الأعوام ويأتي جيل بعد جيل يتأمل أعمال ( ليوناردو ) الفنان ، والعالم والشاعر ويري كل جيل فيها الجديد ، لا لشيء إلا لان رائد صاحبها كان : الإتقان. يعتبر هؤلاء الثلاثة من أعلام عصر النهضة ، فالأول وهو غاليليو – كما هو معلوم – رياضي وفلكي وفيزيقي إيطالي اكتشف قانون التوقيت والذبذبة باختراعه رقاص الساعة ، وابتكر الترمومتر وميزان السوائل وضغطها ، كما اكتشف قوانين الثقل ، ووضع مبادئ الديناميتية الحديثة ، وبني في عام ( 1609 ) في البندقية المرصد الأول وبواسطته اكتشف ميسان القمر ، وقد أكد بملاحظاته نظرية ( كوبرنبكوس ) في دوران الإجرام السماوية ، وحوكم واتهم بالكفر والهرطقة ووضع تحت رقابة محاكم التفتيش حتى أواخر أيامه. أما ميسال " اندره " فهو من أكبر علماء التشريح في عصره وقد بددت اكتشافاته جميع الآراء الخاطئة التى كان يعتقد بصحتها علماء ذلك الزمان. أما هارفي " ويليام " فهو الطبيب الإنكليزي الذي أعتبر أول من اكتشف الدورة الدموية ، وقد أحدث اكتشافه انقلابا خطيرا في عالم الطب. |
مادة إعلانية
|
#2
|
|||
|
|||
شـكرا على المعلومات..
-- ينقل الى سبلة قرأت لكم .. |
#3
|
||||
|
||||
السلام عليكم رحمة الله وبركاته
مشاء الله عليك معلومات مفيده بارك الله فيك |
#4
|
||||
|
||||
لا شكر على واجب
|
أدوات الموضوع | البحث في الموضوع |
|
|
تقييم هذا الموضوع | |
تقييم هذا الموضوع:
|
|
|