سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > السبلة الدينية

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع تقييم الموضوع
  #1  
قديم 07/11/2006, 12:31 PM
دار الظبي دار الظبي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2006
المشاركات: 116
هل المذهب الاباضي مذهب ؟

بسم اللة الرحمن الرحيم

يا اخواني فخاطري اعرف شي

كل المذاهب الي اعرفها 4 مذاهب

1- المالكي
2-الشافعي
3-الحنبلي
4-الحنفي

اما الاباضي ما سمعت فية اقدر اعرف عنة اشياء و بعدين سمعت ان السني ما يتزوج الاباظية هل هو كلام صحيح او بس كلام

و اسمحولي

آخر تحرير بواسطة سراب الغريب : 12/11/2006 الساعة 07:52 AM
  مادة إعلانية
  #2  
قديم 07/11/2006, 12:48 PM
صورة عضوية المجتهد
المجتهد المجتهد غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 23/01/2001
الإقامة: سلطنة عمان- حي عاصم - ولايةبركاء
المشاركات: 1,223
المذهب الاباضي نشاء اول المذاهب الاسلامية وكانوا يطلقون على انفسهم اهل الحق وأهل الدعوة ولكن سماهم بنوا امية بالاباضية نسبة للمتحدث الرسمي عندهم في ذلك الوقت وهو عبدالله ابن اباضي التميمي لقوته وقبيلته التي ينتسب اليها بنو تميم حيث ان بنوا امية كانوا يحسبون لهذه القبيلة الف حساب وايضا لفصاحته وشجاعته
هل يتزوج السني بالاباضية او العكس الاباضي بالسنية نعم اذ لا فرق عند الاباضية بين اهل القبلة وان اختلفوا معهم في المذهب فهم مسلمون لهم ماللمسلمين وعليهم ما عليهم يحرم قتالهم وسبي اموالهم وذراريهم ويظهر هذا جليا ان الاباضية في عمان خصوصا يتزوجون من اهل المذاهب الاخرى ويزوجونهم ايضا
  #3  
قديم 07/11/2006, 12:52 PM
دار الظبي دار الظبي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2006
المشاركات: 116
جزاك الله خير يا خوي

آخر تحرير بواسطة سراب الغريب : 12/11/2006 الساعة 07:52 AM
  #4  
قديم 07/11/2006, 12:56 PM
اليوم راحت اليوم راحت غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 01/06/2006
المشاركات: 135
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة دار الظبي
بسم اللة الرحمن الرحيم

يا اخواني فخاطري اعرف شي

كل المذاهب الي اعرفها 4 مذاهب

1- المالكي
2-الشافعي
3-الحنبلي
4-الحنفي

اما الاباظي ما سمعت فية اقدر اعرف عنة اشياء و بعدين سمعت ان السني ما يتزوج الاباظية هل هو كلام صحيح او بس كلام

و اسمحولي

مسموح
ولكن الاخ انت عماني ام انك غريب عن الدار
  #5  
قديم 07/11/2006, 12:57 PM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
لا يا اخي لان شيخنا العلامة نور الدين السالمي قال عبارة كتبت بحبر من ذهب على قمم سطور التاريخ:


قال
وليس لنا مذهب إلا الإسلام, فمن ثم تجدنا نقبل الحق ممن جاء به وان كان بغيضا, ونرد الباطل على من جاء به وان كان حبيبا ونعرف الرجال بالحق, فالكبير عندنا من وافقه والصغير من خالفه.
ولم يشرع لنا ابن اباض مذهبا وإنما نسبناه إليه لضرورة التمييز حين ذهب كل فريق إلى طريق.
  #6  
قديم 07/11/2006, 12:57 PM
طائر القرآن طائر القرآن غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 25/06/2006
الإقامة: حيث يراني الله
المشاركات: 647
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة دار الظبي
بسم اللة الرحمن الرحيم

يا اخواني فخاطري اعرف شي

كل المذاهب الي اعرفها 4 مذاهب

1- المالكي
2-الشافعي
3-الحنبلي
4-الحنفي

اما الاباظي ما سمعت فية اقدر اعرف عنة اشياء و بعدين سمعت ان السني ما يتزوج الاباظية هل هو كلام صحيح او بس كلام

و اسمحولي
نعم يا شيخ هذه هي معرفتك ولكن المذاهب كثيرة جدا
واما عن كلام ان اهل السنة لا يتزوجون من الاباضية والعكس فهذا ليس صحيحا
والمذهب الاباضي هو من المذاهب العريقة القديمة جدا
ولكن بسبب الاختلاف في ثلاث عقائد بين الاباضية واهل السنة وهذا اقصده منذ ذاك الزمن
فهنا احد كبار اهل السنة وهو الصاوي قال بان الذين غير من المذاهب الاربعة الذي ذكرتهم انت فهو كافر .. وبعض اهل السنة اتخذ هذا النهج
وهذا غير صحيح
ولكن اقول ليس الكل بل البعض القليل.

والله تعالى أعلم.

آخر تحرير بواسطة طائر القرآن : 07/11/2006 الساعة 01:00 PM
  #7  
قديم 07/11/2006, 12:59 PM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة المجتهد
هل يتزوج السني بالاباضية او العكس الاباضي بالسنية
نعم اذ لا فرق عند الاباضية بين اهل القبلة وان اختلفوا معهم في المذهب فهم مسلمون لهم ماللمسلمين وعليهم ما عليهم يحرم قتالهم وسبي اموالهم وذراريهم ويظهر هذا جليا ان الاباضية في عمان خصوصا يتزوجون من اهل المذاهب الاخرى ويزوجونهم ايضا
كلامك عين العقل
  #8  
قديم 07/11/2006, 01:28 PM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
لك هذه الوصلة

http://om.s-oman.net/showthread.php?t=326796
  #9  
قديم 07/11/2006, 01:30 PM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
لك هذه الوصلة

http://om.s-oman.net/showthread.php?t=326796
  #10  
قديم 07/11/2006, 01:30 PM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
لك هذه الوصلة

http://om.s-oman.net/showthread.php?t=326796
  #11  
قديم 07/11/2006, 06:58 PM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
القليل جدا من المسلمين من يعرف حقيقة الإباضية، عقيدة ومذهبا وسلوكا، ذلك لأن كثير من عامة الناس ربما لم يسمعوا عن الإباضية قط، أو أنهم سمعوا عنهم أخبارا مشوشة أو مقتضبة غير كافية للحكم عليهم ، أما المثقفين منهم فالمؤسف أنهم لم يعيروا الفكر الإباضي أي اهتمام جدي لدراسته حتى يكونوا صورة واضحة عن المذهب الإباضي ينقلوها إلى عامة المسلمين ولا زال كثير منهم ينساق وراء كتب الفرق القديمة التي كتبت في وقت كان التعصب المذهبي على أشده، ولذلك لا زالوا ينظرون إلى الإباضية على أنهم خوارج ومتطرفين ومبتدعة، بل أن منهم من يكفرهم ويخرجهم من الملة، ولاشك أن هناك أسباب عدة ليس هذا مكانها لكن من أهم هذه الاسباب هو الجهل بحقيقة الاباضية والاعتقاد بأن مذهب الاباضية مذهب خارجي مرفوض ولا يستحق أي دراسة أو اهتمام.

نتعرف على الإباضية من عدة مقالات ونبدأ بمقال الدكتور عمرو خليفة النامي:

من هم الإباضية؟؟
يقول الدكتور عمروالنامي في مقدمة تحقيقه لكتاب أجوبة ابن خلفون: 9-12:

يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين؛ فمؤسسه الذي أرسى قواعد الفقه الإباضي وأصوله هو التابعي الشهير: جابر بن زيد الأزدي فهو إمام ومحدث و فقيه، من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أُمِّ المؤمنين عائشة (ض) وعدد كبير من الصحابة مِمَّن شهد بدرا، كان إماما في التفسير والحديث، وكان ذا مذهب خاص به في الفقه.

ولد سنة 21 للهجرة، وكان أكثر استقراره بالبصرة وبها توفي سنة 93 للهجرة. ولم ينسب إِلَيهِ المذهب وَإِنَّمَا نسب إلى عبد الله بن إباض وهو تابعي أيضا عاصر معاوية وتوفي في أواخر أَيَّام عبد الملك بن مروان فهي نسبة عرضية كان سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها ابن إباض وتميز بها، فنسب المذهب الإباضي إِلَيهِ، ولم يستعمل الإباضية في تاريخهم المبكر هذه النسبة، بل كانوا يستعملون عبارة "جماعة المسلمين" أو أهل الدعوة" وأول ما ظهر استعمالهم لكلمة الإباضية كان في أواخر القرن الثالث].

وقد توزع علم جابر بن زيد في روافد كثيرة، لَعَلَّ أخصبها وأثراها ما أثره عنه تلاميذه الذين انتشر المذهب على أيديهم، أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي، وضمام بن السائب وغيرهم. وقد تَمَّ تدوين ذلك الفقه في فترة مبكرة، فكان جابر بن زيد نفسه مِمَّن يستعمل الكتابة والمراسلة فكتب بأجوبته إلى تلاميذه وأصحابه…، [وقد حفظ لنا التاريخ شيئا منها إلى اليوم ]. واستكتب بعض زملائه من التابعين مثل عكرمة مولى ابن عباس في بعض المسائل. والذي بين أيدينا من روايات ذلك الفقه المبكر: كتاب روايات ضمام، وفتيا الربيع بن حبيب، وكتاب النكاح لجابر بن زيد، وكتاب الصلاة له، وكثير من الروايات عن تلميذه عمرو بن هرم وعمرو بن دينار، بالإضافة إلى حديثه الذي جمعه الربيع بن حبيب في مسنده الصحيح. فالمذهب الإباضي بالنظر إلى تأسيسه ونشأته من أقدم المذاهب الفقهية الإسلامية وهو نتاج مدرسة العراق والبصرة خصوصا.

على أنَّه وإن تأثر بمدرسة العراق فاستخدم علماؤها الرأي والقياس أيضا على تردد من بعضهم خصوصا جابر بن زيد وأبا عبيدة، إلاَّ أنَّ تأسيسه على يدي جابر وهو محدث صاحب آثار جعل منهجه يطبع فقه المذهب ويغلب عليه، ويحد من تأثير مدرسة الرأي، التي عظم خطرها في العراق.

على أنَّ اتساع دائرة المذهب الإباضي كدعوة إسلامية سياسية عامة جعل المذهب لا يكسب طابعا خاصا يغلب عليه مدرسة بعينها أو ينسب إلى مدينة بعينها كالبصرة، فَإِنَّ الباحث يتردد كثيرا قبل أَن يرسل حكما عاما يربط فيه المذهب بمركز التجمع الإباضي في البصرة، فقد كانت تجمعات مماثلة في كل من الكوفة ومكة والمدينة وخراسان عرف منها علماء بارزون مختارون، سجلت أقوالهم في الآثار المبكرة لعلماء الإباضية.

واكتملت صورة المذهب وتم تحرير أقواله وآرائه في صورتها النهائية في أواخر أَيَّام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، الذي خلف جابر بن على إمامة أشياخ المذهب في البصرة، وهي مركز التجمع الأساسي لعلماء الإباضية؛ حتَّى قرابة نهاية القرن الثالث. وعنه حمله طلبته الذين وفدوا عليه من المغرب والمشرق إلى بلدانهم، التي أضحت (من بعد) مراكز لدول إباضية، لعبت دورا سياسيا خطيرا، في كل من جنوب الجزيرة وشرقها (اليمن، وحضرموت ثُمَّ عمان وفي شمال إفريقيا.. ليبيا، تونس، الجزائر).

وقد عرف هؤلاء التلاميذ باسم خاص تطلقه عليهم كتب السير والطبقات الإباضية هو اسم: "حملة العلم".

وبجهود حملة العلم تأسست دولة الإباضية في شمال إفريقيا، فكان إمام الظهور الأوَّل لهذه الدولة هو: أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري أحد حملة العلم، وقد بايعه أصحابه بالإمامة في منطقة "صياد" قرب بلدة زنجور في طرابلس سنة 140 الهجري، ولعب دورا هاما في سياسة المنطقة في فترة قصيرة، التي حكمها أَيَّام ملك العباسيين. ثُمَّ بعد حروب متصلة بين جيوش الدولة العباسية وجموع الإباضية في المغرب، أفلح تلميذ آخر من تلاميذ أبي عبيدة وأحد "حملة العلم" وهو عبد الرحمن بن رستم الفارسي في تأسيس الدولة الإباضية بتاهرت، والتي استمرت قرابة مائة وعشرين سنة (120 سنة) وازدهرت مع ازدهارها، وما هيأته من ظروف الاستقرار حركة علمية ممتازة في كل من جبل "نفوسة" و"تاهرت" تركت ثروة علمية واسعة ذات قيمة جليلة، وبعد سقوط الدولة الإباضية في تاهرت احتفظت التجمعات السكانية الإباضية بنوع من الاستقلال الديني والسياسي، مكنها في متابعة تلك النهضة العلمية التي تقوم على رعايتها مجالس العلماء، التي عرفت في اصطلاح الإباضية "بمجالس العزابة"، فاتصل الإنتاج العلمي بين إباضية المغرب في مختلف العلوم الإسلامية حتَّى أَيَّامنا هذه.

وَلَعَلَّهُ من الإنصاف أَن نقرر هنا حقيقة هامة .. هي أنَّ المذهب رغم تلك الجفوة التي اصطنعتها ظروف السياسة في تاريخ الأمة الإسلامية بينه وبين سائر مذاهب الأمة.. يمثل في واقعه أقرب صورة إلى حقيقة الإسلام الأصيل، في عقائده وفقهه ومسلك أتباعه، ويتميز تاريخه الطويل بذلك الصراع المتصل لإقامة وجود سياسي للعقيدة الإسلامية، ممثلا في إمامة عادلة في حال الظهور، أو في السعي المتصل لإقامتها في مسالك الدين الأخرى في أطوار "الدفاع" أو "الشراء" أو "الكتمان".

ونحن نطمع أَن يكون نشر آثار الإباضية دافعا لعلماء الأمة للتدبر في فقه المذهب الإباضي، ووضعه في مكانه الصحيح الذي يُقَوِّي الجماعة، ويوحد صفوفهم، ويلُمُّ شعثَ المسلمين في عصرٍ هم أحوج ما يكونون فيه إلى وحدة صفوفهم، ورصد قوتهم لصد طغيان الطاغوت المتربص بهم في الداخل والخارج.
  #12  
قديم 07/11/2006, 07:05 PM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
أبوبلال مرداس بن حدير أحد أئمة الإباضية.
هو مرداس بن حدير ويكنى بأبي بلال. ينتمي إلى قبيلة تميم التي كان يتزعمها الأحنف بن قيس، وقد شهد معركة صفين مع الإمام علي هو وأخوه عروة وفارقه مع أهل النهروان بعد التحكيم وكان من العدد القليل الذين نجوا من القتل في معركة النهرولن. قال عنه ابن الأثير: (كان مرداس عابدا مجتهدا عظيم القدر وكان لا يدين بالاستعراض ويحرم خروج النساء ويقول لا نقاتل إلا من قاتلنا).

ويظهر أنه لم يكن مرتاحا لما حدث من خلاف وفتنة بين المسلمين وصعق لِما حل بأصحابه من قتل وتشريد على أيدي إخوانه المسلمين ورأى أن القتال بين أتباع العقيدة الإسلامية أمر لا يصح, فانسحب مع نفر من أصحابه وأقام بالبصرة تحت حماية الأحنف بن قيس الذي كان يمتاز بحكمته وسداد رأيه، وفي ظل هذه الحماية أخذ أبو بلال ينشر آراءه وأفكاره مؤثرا طريق النقاش والإقناع بدلا من طريق الحرب الذي سلكه الخوارج، فدعا أتباعه ألا يجردوا سلاحا ولا يقاتلوا أحدا إلا إذا تعرضوا للعدوان فأنكر قتل المخالفين واستعراض الناس على طريقة متطرفي الخوارج. وكان مما ساعده في نشر أفكاره هو تسامح زياد بن أبيه والي العراق في ذلك الحين معه ومع جماعته لأنهم لم يحاربوه كما فعل الخوارج. وقد أنكر الخوارج قعود أبي بلال وجماعته عن الثورة ضد ولاة الأمويين فلقبوهم - احتقارا - بالقعدة، أما أهل البصرة فكانوا يسمونهم الحرورية، نسبة إلى حروراء.

نشط أبو بلال في البصرة لنشر دعوته وأفكاره وكان يعقد المجالس والمناظرات لإقناع الناس بآرائه، فانضم إليه عدد كبير من الناس وازداد عددهم حتى بنوا مسجدا خاصا لهم بالبصرة. وبلغ من حسن سيرته أن جميع الفِرق التي خرجت على الدولة الأموية تتولاه بما فيهم الأزارقة والنجدات والشيعة والمعتزلة، ولعل ذلك يعود إلى أن تلك الفِرق جميعا كانت هي التي تسمى بالمحكمة قبل أن تنقسم.

كان أبو بلال ملازما للإمام جابر بن زيد حتى قيل أنه ما كان يصبر على فراقه فقد كان من تشوقه إليه أنه يخرج من عند جابر بعد العشاء ويأتيه قبل صلاة الصبح فيقول له جابر لقد شَقَقْتَ على نفسك فيرد عليه أبو بلال : والله لقد طال ما همت نفسي بلقاك شوقا إليك حتى أتيتك. وهذا يبين مدى الصلة الفكرية والروحية التي كانت تربط أبا بلال بالإمام جابر ويذكر مؤرخو الإباضية أن أبا بلال كان لا يبرم أمرا إلا بمشورة الإمام جابر.

وعندما تولى عبيد الله بن زياد إمارة العراق سنة 55 للهجرة اتبع سياسة جديدة مختلفة عن سياسة والده تجاه القعدة فاشتد في طلب الخوارج واستعمل القسوة مع كل المعارضين سواء كانوا من القعدة أو من الخوارج ورفض الشفاعة في أي واحد منهم، ورغم كل هذا كان أبو بلال يقول كلمة الحق ولم يخش في الله لومة لائم.

يقول الدرجيني: (ثبت عندنا من طريق صحيح أن أبا بلال رحمه الله كان في المسجد الجامع فسمع زيادا يقول على المنبر: والله لآخذن المحسن منكم بالمسيء والحاضر بالغائب والصحيح بالسقيم. فقام رحمه الله فقال: قد سمعنا ما قلت ،وإنك تزعم أنك تأخذ المطيع بالعاصي وما هكذا ذكر الله إذ يقول (وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى).

كان من نتيجة ذلك أن سُجن أبا بلال قبل أن يُقتل أخاه عروة ثم أُطلق سراحه وربما كان سبب ذلك خوفه من إثارة بني تميم التي كان لها آنذاك وزن كبير في البصرة. ولكن هذا العفو لم يشمل أتباعه فاستمر في مطاردتهم وملاحقتهم ولم يفرق بين الرجال والنساء فقد ذكر المؤرخون أنه أتى بامرأة من أصحاب أبي بلال اسمها البلجاء (أو البثجاء) كانت مجتهدة في العبادة وكانت تذكر تجبر ابن زياد وسوء سيرته فقال لها أبو بلال: إن هذا الجبار قد ذكرك فتغيبي. قالت: (أخشى أن يلقى أحد مكروها بسببي. فأخذها ابن زياد فقطع رجليها ويديها ثم رمى بها في السوق).

واستمر ابن زياد في اضطهاد كل مخالفيه سواء كانوا من المحاربين أو من القعدة وكان يبث العيون والجواسيس لتعقبهم وملاحقتهم ثم حبسهم أو قتلهم. وتمشيا مع هذه السياسة اضطر أبو بلال وأصحابه إلى التخفي فكانوا يعقدون اجتماعاتهم سرا للنظر في أمورهم وقد ذكر الدرجيني أنهم كانوا يأتون إلى المجالس متشبهين بالنساء أحيانا ومنتحلين صفة الباعة المتجولين أحيانا أخرى.

كان من نتيجة الاضطهاد الذي مارسه عبيد الله بن زياد ضد المسلمين أثره الكبير في نفس أبي بلال فقرر أن يترك البصرة إلى مكان آخر أملا أن يأمن شر ابن زياد وأن يدعو إلى فكره في مكان آخر فقال لأصحابه: (إنه والله ما يسعنا المقام بين هؤلاء الظالمين تجري علينا أحكامهم مجانبين للفضل مفارقين للعدل. والله إن الصبر على هذا لعظيم، وإن تجريد السيف وإخافة السبيل لعظيم ولكننا ننتبذ عنهم ولا نجرد سيفا ولا نقاتل إلا من قاتلنا). فخرج من البصرة وهو يقول:

إني وزنت الذي يبقى ليعدله


ما ليس يبقى فلا والله ما اتزنا



من كان يرجو بقاء لا نفاد له


فلا يكن حبه الدنيا له شجــنا



تقوى الإله وخوف النار أخرجني



وبيع نفسي بما ليست له ثمنا




سار ومعه أربعون رجلا من أتباعه حتى نزلوا بآسك، وقد أعلن أنه وأصحابه لن يخيفوا أحدا أو يجردوا سيفا ولا يقاتلوا إلا من بدأهم بالقتال. ولكن ابن زياد لم يرتض هذا العمل من أبي بلال فأرسل إليه جيشا مكونا من أربعة آلاف رجل بقيادة عباد ابن أخضر فقتلهم جميعا وكان ذلك في سنة 61 هجرية. وكان يقول قبل قتله:

ماذا نبالي إذا أرواحنا خرجــــت
ماذا فعـلتم بأجسـادي وأوصـالــي

نرجو الجنان إذا طارت جماجمنا

تحت العجاج كمثل الحنظل البالي

إني امرؤ باعني ربي لموعـــــــده

إذ القلوب هوت من خوف أوجالي




كان لمقتل أبي بلال صدى عميق في نفوس أصحابه وآثار نقمة شديدة ضد ابن زياد فقد كان بسلوكه وعمله واستشهاده المثل الأعلى لأتباعه فرثاه كثير من الشعراء منهم عمران ابن حطان الذي قال فيه:

يا عين ابكي لمرداس ومصرعــه
يا رب مرداس اجعلــني كمرداس

تركتني هائما أبكـي لمرزأتــــي

في منزل موحش من بعد إينـــاس

أنكرتُ بعدك ما قد كنت أعرفه

ما الناس بعدك يا مرداس بالناس


وقال أيضا:

لقد زاد الحيــاة إلي بغضـــــا

وحبــا للخـــروج أبو بـــــلال
أحاذر أن أموت على فراشــي

وأرجو الموت تحت ذرى العوالي

فمن يك همـه الدنيــا فإنــــي

لها والله رب العـــرش قـــــال
ولو أني علمت بأن حتــــــفي

كحتــف أبي بــلال لم أبـــال

آخر تحرير بواسطة ونيس الروح : 07/11/2006 الساعة 07:07 PM
  #13  
قديم 07/11/2006, 07:09 PM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
أخي إليك هذا الرابط للتعريف بالمذهب الإباضي المعتدل ، وإن شاء ربي سأرسل لك مقالات أخرى عن الإباضية .
www.istiqama.net

آخر تحرير بواسطة ونيس الروح : 07/11/2006 الساعة 07:14 PM
  #14  
قديم 07/11/2006, 07:11 PM
صورة عضوية الخلاوي2005
الخلاوي2005 الخلاوي2005 غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 29/11/2005
الإقامة: للاسف..غير معرووف
المشاركات: 579
شكرا على هذه المعلومات القيمة ونيس الروح
  #15  
قديم 07/11/2006, 07:15 PM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
أرجو أن تشارك في موقع الإستقامة
www.istiqama.net

آخر تحرير بواسطة ونيس الروح : 08/11/2006 الساعة 09:12 AM
  #16  
قديم 08/11/2006, 09:15 AM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
إمام الإباضية الأول - جابر بن زيد الأزدي
_ رحمة الله عليه _
يرجع المذهب الإباضي في نشأته وتأسيسه إلى عصر التابعين، فإمام الاباضبة الأول والذي أرسى قواعده وأصوله هو التابعي الشهير أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي وهو محدث وفقيه، وإمام في التفسير والحديث وهو من أخص تلاميذ ابن عباس، وممن روى الحديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وعدد كبير من الصحابة ممن شهد بدرا.

هذا هو مؤسس الإباضية. وأما ما اشتهر عند المؤرخين من نسبة الإباضية إلى عبد الله بن إباض التميمي الذي عاش في زمن عبد الملك بن مروان فهي نسبة عرضية سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها ابن إباض وتميز بها فنسبت الإباضية إليه من قبل الأمويين. والإباضية في تاريخهم المبكر لم يستعملوا هذه التسمية، وإنما كانوا يستعملون عبارة "جماعة المسلمين" أو "أهل الدعوة" وأول ما ظهر استعمالهم لكلمة الإباضية كان في أواخر القرن الثالث الهجري ثم تقبلوها تسليما بالأمر الواقع.

ويعتبر جابر بن زيد الإمام الأول للإباضية والمؤسس الحقيقي للفكر والمذهب الإباضي. وهو من أبرز علماء النصف الثاني من القرن الأول الهجري، فقد ولد ما بين عامي 18-22 هجرية في بلدة فرق في منطقة تسمى الجوف في نزوى عاصمة المنطقة الداخلية في عُمان وفيها نشأ وترعرع قبل أن ينتقل إلى البصرة لطلب العلم.

شيوخه

وفي البصرة أخذ يتزود بالعلم والمعرفة وخصوصا ما يتعلق بعلوم القرآن والحديث وما يتصل بهما وقد تتلمذ على أيدي كثير من الصحابة والتابعين وأخذ عنهم الحديث والتفسير واللغة والأدب. ومن أبرز الصحابة الذين أخذ عنهم عائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله وغيرهم. اشتهر بالحرص الشديد في طلب العلم فكان يكثر من الأسفار في سبيل ذلك، وكان ينتهز موسم الحج للقاء الصحابة والعلماء، فقد ذكر الدرجيني[1] أنه كان يحج كل سنة، وكانت له ناقة سافر عليها أربعة وعشرين سفرة ما بين حجة وعمرة.

عاش في زمن الحسن البصري وعمرو بن دينار، وكان صديقا حميما للحسن البصري حتى أنه سئل عند موته ما تشتهي قال (إني لأشتهى رؤية الحسن البصري قبل أن أموت) فجيء له بالحسن البصري.

مكانته العلمية
روى أبو نعيم في الحلية أقوالا لكثير ممن عاصروه تشيد بمكانته العلمية وزهده في الدنيا ومن ذلك ما قاله عمرو بن دينار وهو أحد علماء التابعين : (ما رأيت أحدا أعلم بالفتوى من جابر بن زيد)، وكان إياس بن معاوية وهو قاضي البصرة في عهد عمر بن عبد العزيز يقول : (أدركت أهل البصرة ومفتيهم جابر بن زيد). أما ابن عباس فكان يقول : (لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علما عما في كتاب الله)، كما وصفه ابن عمر (أنه من فقهاء البصرة البارزين) بينما قال عنه قتادة: (إنه عالم العرب) . ويصفه أبو نعيم الأصبهاني بقوله : (كان للعلم عينا معينا، وركنا مكينا، وكان إلى الحق آيبا، ومن الخلق هاربا)[2].

كما ذكره ابن القيم في أعلام الموقعين بعد ما ذكر المفتين من الصحابة ذكر المفتين من التابعين فابتدأ بالمدينة وفقهائها، وثنى بمكة المكرمة وفقهائها ثم ثلّث بالبصرة وذكر من فقهائها المفتين جابر بن زيد[3].

ولذلك يعتبر جابر بن زيد من أبرز علماء البصرة في عصره وأجمع علماء الحديث على عدالته وضبطه. فقد روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومجموعة من المفسرين. ووردت إشارات بمكانته العلمية عند السيوطي وابن حجر وقال عنه ابن تيمية بأنه أعلم الناس في زمانه.

ونظرا لهذه المكانة العلمية لجابر بن زيد فلم يستطع أحد أن يقدح فيه إلا أن بعض المؤرخين أنكروا علاقته بالإباضية واستندوا على روايات ضعيفة أو مكذوبة تقول بأنه تبرأ من الإباضية قبل موته، واستند كل متحامل على الإباضية على هذه الروايات ليبعد الإباضية عن جابر بن زيد. ومنهم من قال بأن جابر بن زيد المحدث والتابعي المشهور غير جابر بن زيد شيخ الإباضية. وقد قام الدكتور عوض خليفات في كتابه " نشأة الحركة الإباضية" بالرد على هذه الشبهات وتحليلها[4] وانتهى إلى القول : (بعد هذا العرض والتحليل يبدو أن إنكار جابر لعلاقته بالإباضية كما توردها بعض المصادر السنية إنما اخترعت من بعض رواة السّنة الذين يرون جابر شيخا جليلا ومحدثا ثقة، وبالتالي فيجب عدم إلصاق تهمة الإباضية به حتى يعتبر مجروحا، وخاصة أن نقدة الحديث قد رفضوا روايات "أصحاب البدع"، ثم قال يتضح مما سبق أن جابر بن زيد كان وثيق الصلة بالحركة الإباضية منذ وقت مبكر، وكان له دور كبير في تنظيم الحركة وتطورها[5].

دور الإمام جابر السياسي والدعوي

عاصر جابر بن زيد الظروف السياسية التي مرت بالأمة الإسلامية منذ الثلث الثاني من القرن الأول الهجري، فقد كان في سن الإدراك عندما حدثت الفتن بين الصحابة ابتداء من قتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، ثم موقعة الجمل وصفين والتحكيم وعندما بدأ الخط الإسلامي ينحرف عن مساره الصحيح، بدأ في وقت مبكر يدعو إلى القضاء على بدعة الملك الأموي وإلى التمسك بنظام الشورى .

توجد عدة روايات في كتب التاريخ الإباضي تشير إلى وجود علاقات متينة بين أبي بلال مرداس وجابر بن زيد حتى أن كثيرا من المصادر الإباضية تجمع على أنهما كانا قليلا ما يفترقان. وبعض الروايات تفيد أن أبا بلال كان لا يبرم أمرا إلا بعد استشارة جابر. فكانا يخرجان سويا إلى مكة ويلتقيان بابن عباس وعائشة أم المؤمنين. ويبدو مما سبق أن جابر بن زيد انضم في وقت مبكر إلى جماعة القعدة التي كان يتزعمها أبو بلال مرداس بن أدية والتي كان من أهم مبادئها الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة دون التعرض للناس أو رفع السيف في وجه أحد. ورغم العلاقة الوطيدة بينهما إلا أن جابر بن زيد لم يشترك في الأحداث السياسية التي جرت في تلك الفترة من التاريخ الإسلامي فقد تجنب أي احتكاك معاد مع السلطة الأموية، ولم ينقل أنه تعرض لأي أذى قبل أن يتولى الحجاج ولاية العراق على الرغم من أن كثيرا من أصحابه أمثال أبي بلال وأبي سفيان قد تعرضوا لأذى الأمويين منذ عهد زياد بن أبيه.

واستمر جابر بن زيد يدعو إلى الإلتزام بالدين الإسلامي بالحكمة ويندد بالمنحرفين عنه بهدوء دون إثارة شغب أو دعوة إلى الثورة فكان يواجه الانحراف في الفكر والسلوك الذي ظهر في تلك الفترة، فقد عاش في فترة اتسمت بالبطش والظلم في البصرة منذ أن تولي العراق عبيد الله بن زياد إلى أن جاء الحجاج بن يوسف الثقفي. ومع التزامه الحكمة في الدعوة إلا أنه لم ينج من بطش الحجاج فسجنه فترة ثم نفاه إلى عُمان.

ونظرا لمكانة جابر العلمية فقد أصبح له دور في توجيه الأحداث من مدينة البصرة وكان كثير الاتصال بأهل الدعوة رجالا ونساء يزورهم في بيوتهم ومساجدهم لغرض تعليمهم وتعهدهم بالموعظة والدعوة إلى الله.

وقد وجه جابر بن زيد قسما من جهوده إلى إقناع بعض آل المهلب للانضمام إلى دعوته، وهذه القبيلة هي زعيمة الأزد العُمانيين في العراق وقد بلغوا بكفاءتهم أن تولوا مناصب في أجهزة الدولة الأموية، ولعل ذلك أكسبه تغطية إزاء أمراء الأمويين، وسترا يقيه من أن يتعرضوا له بأذى، واستمر الحال كذلك إلى أن انقلب الحجاج على آل المهلب فانكشف جابر وأدخل السجن[6].

لم تقتصر جهود جابر بن زيد على الرجال وحدهم بل تعداهم إلى النساء، فتوجد معلومات تدل على وجود عدد من المهلبيات في صفوف الحركة وأنهن بذلن أموالا طائلة وجهودا كبيرة لنصرتها وكان الإمام جابر يزورهن ويستفتينه ويجيب على أسئلتهن، وممن كان يزورهن عاتكة بنت المهلب بن أبي صفرة وكانت تسأله عن مسائل في الدين[7].

كما كانت له مراسلات مع كثير من أصحابه وتلاميذه في مختلف البقاع، فكان يجيب على أسئلتهم التي ترده منهم، وكانت تتخلل رسائله المواعظ الإيمانية والتذكرة بالآخرة والاستعداد للحساب. يبدو ذلك من رسائله إلى سالم بن ذكوان وطريف بن خليد والحارث بن عمر وعبد الملك بن المهلب وغيرهم. وكان شديد الحذر في اتصاله بأصحابه حتى لا يتنبه إليه أحد من أهل البغي فكان مما كتب إلى عبد الملك بن المهلب في إحدى رسائله: (اكتب إلي بما كانت لك من حاجة في سر وثقة، فإنك قد علمت الذي نحن فيه وما نتخوف من الذي يطلب العلل علينا). وفي رسالته إلى الحارث بن عمر كتب يقول: (واعلم أنك أصلحك الله بأرض أكره أن تذكر لي فيها اسما، فلا ترو شيئا مما كتبت إليك) [8].

كما كانت له رسائل إلى العلماء يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر. فقد ذكر أبو يعقوب الوارجلاني في الدليل والبرهان أن ابن شهاب الزهري عندما أخذ يدخل إلى بيوت الأمراء ويتردد عليهم استنكر العلماء ذلك عليه وخاصة عندما أصبح وزيرا للوليد بن عبد الملك فقد أرسل إليه جابر بن زيد رسالة يؤنبه على فعلته تلك. وذكر أن ممن كتب إليه وهب بن منبه، وأبو حازم فقيه المدينة من جملة مائة وعشرين فقيها من الفقهاء. وقال أبو يعقوب[9] : (وقفت على كتب هؤلاء الثلاثة)[10].

كان يصلي الجمعة خلف زياد بن أبيه وولده عبيد الله وخلف الحجاج وعاتبه أصحابه حضور الصلاة خلف الحجاج فقال إنها صلاة جامعة وسنة متبعة.

آثاره العلمية
يقول الدكتور عمرو خليفة النامي : (وقد توزع علم جابر بن زيد في روافد كثيرة لعل أخصبها وأثراها هو ما أثره عنه تلاميذه الذين انتشر المذهب الإباضي على أيديهم، أبوعبيدة مسلم بن أبي كريمة، وضمام بن السائب وغيرهم، وقد تم تدوين ذلك الفقه في فترة مبكرة وكان جابر ابن زيد نفسه ممن استعمل الكتابة والمراسلة، فكتب بأجوبته إلى تلاميذه وأصحابه، وبين أيدينا اليوم قدر صالح منها) [11].
والذي بين أيدينا من آثاره العلمية : كتاب النكاح وكتاب الصلاة وكثير من الروايات عن تلميذيه عمرو بن هرم وعمرو بن دينار بالإضافة إلى حديثه الذي جمعه الربيع بن حبيب في مسنده, هذا بالإضافة إلى مراسلاته مع تلاميذه أمثال سالم بن ذكوان وطريف بن خليد والحارث بن عمر وعبد الملك بن المهلب وغيرهم. كما أن الأخبار التي وصلتنا تذكر أن الإمام جابرا ألف كتابا ضخما في الحديث والفقه سمي بديوان جابر تعرض فيها لمسائل الأحكام وضمنه الأحاديث التي رواها عن الصحابة والتابعين. وكان لهذا الكتاب قيمة كبرى لما فيه من علم وهدى، ولقربه من عصر النبوة ولأخذه من أفواه الصحابة رضوان الله عليهم. وبقيت هذه النسخة في حوزة تلميذه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ثم توارثها أئمة الإباضية في البصرة إلى أن استقرت في مكتبة بغداد التي أحرقها التتار فيما بعد.

ويروى أن أحد علماء المغرب قام بنسخها وأحضرها إلى جبل نفوسة في ليبيا،ولكن تلك النسخة ضاعت أيضا[12].

وبناء على هذه المعلومات نستطيع أن نقرر بأن الإباضية كانت من أول المدارس الإسلامية التي عنيت بتدوين الحديث ولعل بعض المؤلفات التي لا تزال مخطوطة والمروية عن جابر بن زيد هي قطع من هذا السفر الكبير [13].

وإنه لمن المؤسف أن يضيع هذا التراث العظيم من مكتبة بغداد عندما أحرقت تلك المكتبة العظيمة! وضاعت منها آلاف النفائس، كما أنه من المؤلم أيضا أن تضيع النسخة التي وصلت إلى ليبيا فيما ضاع من التراث الإسلامي العظيم. وليس أعظم محنة من ضياع التراث العلمي والخلقي لأمة مسلمة لا يستقيم حاضرها إلا على القواعد المتينة التي أنبنى عليها ماضيها. ولولا ضياع هذه الكتب وأمثالها التي ضاعت على أيدي التتار وغيرهم لربما كان ويكون للمسلمين وضع آخر غير الوضع الذي هم عليه الآن إلا أنّ قدر الله غالب.

أخلاقه
لم يكن جابر ابن زيد ممن يجمع الأموال، بل تدل الأخبار على أنه كان قنوعا عفيفا، متواضعا، زاهدا في الدنيا، مقبلا على الآخرة. يروى أنه قال سألت ربي ثلاثا : امرأة مؤمنة وراحلة صالحة ورزقا كفافا فأعطانيهن. وقال يوما لأصحابه: ليس منكم أغنى مني ليس عندي درهم ولا علي دين. وقد قال في حقه ابن سيرين: كان أبو الشعثاء مسلما في الدينار والدرهم.

وقد توفي الإمام جابر في سنة 93 هـ على أرجح الروايات واستلم قيادة الإباضية بعده الإمام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة.

------
المراجع

[1] أبو العباس الدرجيني: كتاب الطبقات. الجزء الثاني

[2] أبو نعيم: حلية الأولياء . الجزء الثالث صفحة 85

[3] ابن القيم: أعلام الموقعين

[4] عوض خليفات : نشأة الحركة الإباضية صفحة 93 -95

[5] عوض خليفات : نشأة الحركة الإباضية صفحة 95

[6] يحي بكوش – فقه الإمام جابر

[7] يحي بكوش – فقه الإمام جابر

[8] رسائل الإمام جابر – مخطوطة

[9] أبويعقوب الوارجلاني – من وارجلان بالجزائر، من علماء الإباضية البارزين له عدة مؤلفات منها الدليل والبرهان والعدل والإنصاف وهو الذي رتب مسند الإمام الربيع على النحو المعروف الآن.

[10] الدليل والبرهان – الوارجلاني :تقر عن فقه جابر بن زيد ليحي بكوش

[11] عمرو خليفة النامي: مقدمة أجوبة ابن خلفون

[12] أبو زكرياء: السير ة وأخبار الأئمة وكذلك طبقات الدرجيني

[13] عوض خليفات – نشأة الحركة الإباضية
  #17  
قديم 08/11/2006, 09:17 AM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
الإمام أبو عبيدة _ رحمه الله _

يعتبر أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة الإمام الثاني للإباضية، وقد أصبح مرجع الإباضية دون خلاف بعد جابر بن زيد. ولد في حوالي 45 هجرية. كان مولى لعروة بن أدية التميمي (أخو أبي بلال). ويكني أبوعبيدة بابنته عبيدة التي أخذت العلم عن والدها فرُويت عنها آثار في كتب الفقه الإباضي فيما يتعلق بأخبار النساء[2]، أما والد أبي عبيدة وهو أبو كريمة فقد كان معاصرا للإمام جابر بن زيد. عاش أبو عبيدة في البصرة واشتهر بالتقوى والزهد والورع وكان له جهد كبير في تنظيم الدعوة والدعاة كما كان له الفضل في انتشار الإباضية في مختلف الأمصار، وهو أشهر علماء الإباضية في تلك المرحلة من مراحل تاريخ الإباضية والتي كانت تعرف بالكتمان. يصفه البدر الشماخي في كتاب السير فيقول عنه. تعلم العلوم وعلمها، ورتب روايات الحديث وأحكمها، وهو الذي يشار إليه بالأصابع بين أقرانه ويزدحم لاستماع ما يقرع الأسماع من زواجر وعظه وقد اعترف له بحوز قصب السبق في العلوم واعترف مع ذلك بضيق الباع مع ما هو عليه من الاتساع.

شيوخه

درس أبو عبيدة على يد جابر بن زيد وصحار العبدي[3] وجعفر بن السماك[4]، قال أبو سفيان أكثر ما حمل أبو عبيدة عن جعفر بن السماك وعن صحار[5]. كما أدرك كثيرا من الصحابة وأخذ عنهم، ويعتبر الإمام أبو عبيدة من التابعين حسب اصطلاح الباحثين في علم الحديث لأنه أدرك كثيرا من الصحابة ممن أخذ عنهم جابر بن زيد منهم : أبو سعيد الخدري (ت 74 هـ)، وأنس بن مالك (ت 93 هـ)، والبراء بن عازب (ت 72هـ)، وجابر بن سمرة (ت 74هـ)، وجابر بن عبد الله (ت 78هـ)، ورافع بن خديج (ت 74هـ)، وسهل بن سعد (ت91هـ)، وعبد الله بن عباس (ت 68هـ)، وعبد الله بن عمر (ت 74هـ) وغيرهم. روي أنه أدرك من أدركه الإمام جابر من الصحابة وقد رويت عنه أحاديث في المسند عن جماعة من الصحابة

تلاميذه
تولى التدريس بعد الإمام جابر، مدة أربعين سنة فأخذ عنه العلم خلق كثير، رغم ما ابتليَ به من مضايقة، وتشديد. فقد سُجن مع زميله ضمام بن السائب وبقي في السجن إلى أن مات الحجاج سنة 95 هـ .وقد اضطر تحت ضغط الظالمين أن يقوم بالتعليم مستترا، وأن يخفي مدرسته عن الأنظار. وقد اشتهر بلقب القفاف، لأنه كان يشتغل بصنع القفاف، وهي حرفة شريفة، كان يرتزق منها هو وتلاميذه رزقا شريفا حلالا، فبعد خروجه من السجن اتخذ مدرسته في سرداب خفي طويل ووضع على مدخله سلاسل من الحديد، فإذا سمع صلصلتها هو وطلابه علموا أن غريبا يريد الدخول، فأوقفوا الدرس، واشتغلوا بصنع القفاف، فلا يشتبه الزائر في أمرهم، فإذا غادرهم وأمنوا من عيون الظلمة، رجعوا إلى ما كانوا عليه. ورغم هذه الظروف الصعبة, فقد تخرج من هذا السرداب عدد كبير من الطلبة حمل العلم والهداية إلى مختلف البلدان, وقد اشتهر منهم:

من خراسان:هلال بن عطية الخراساني, وأبو عيسى الخراساني، وأبو منصور حاتم بن أبي منصور، وأبو غانم بشر بن غانم الخراساني وهو مؤلف المدونة الصغرى والكبرى.

ومن العراق: أبو غسان مخلد بن العمرد، وخلف بن زياد البحراني، وعبد الملك الطويل، وشعيب بن المعرف وسهل بن صالح.

ومن اليمن وحضرموت : سلمة بن سعد الحضرمي الذي ذهب إلى المغرب داعيا ومعلما, وعبد الله بن يحي الكندي الذي بويع بالإمامة في اليمن فيما بعد, وأبو الخطاب المعافري الذي انتقل إلى المغرب مع حملة العلم وهو أول من بويع بالإمامة في ليبيا، وكذلك أبو أيوب وائل بن أيوب الحضرمي وهو الذي تولى رئاسة الإباضية بالبصرة بعد رحيل الإمام الربيع إلى عُمان. وغيرهم كثير.

ومن الحجاز : محمد بن حبيب المدني ومحمد بن سلمة المدني، وأبو سفيان محبوب بن الرحيل المكي وهو يعد من حملة العلم إلى عُمان لأنه رحل إلى عُمان ومات بها وهو صاحب كتاب السير في التاريخ الذي يروي عنه الدرجيني والشماخي سير الإباضية الأوائل.

ومن عُمان: درس على يد أبي عبيدة خليفته في إمامة الإباضية في البصرة: الربيع بن حبيب، وكذلك أبو حمزة المختار بن عوف، وبلج بن عقبة الفراهيدي، والجلندى بن مسعود، وأبو عبيدة الصغير.

ومن المغاربة: درس عليه في أول الأمر أبو عبد الله محمد بن مغطير الجناوني، ثم بفضل مجهودات سلمة بن سعد جاءه الطلبة الأربعة المعروفون بحملة العلم إلى المغرب، وهم: إسماعيل بن درار الغدامسي, وأبو داود القبلي, وعاصم السدراتي, وعبد الرحمن بن رستم.

يقول الشيخ علي يحي معمر: إن الحركة العلمية التي قام بها الإمام أبوعبيدة أعظم من أن تصورها كلمات في سطور، ويكفي أنه كان مركز إشعاع في البصرة. فمن ذلك السرداب الخفي الذي تصلصل السلاسل على بابه، وتتكدس فيه القفاف مع الأقلام والأوراق، انطلقت الدعوة الحرة الكريمة، للمحافظة على تراث محمد (ص) كما جاء به محمد (ص) . فبلغت هذه الانطلاقة أقصى المشرق، وأقصى المغرب، وأقصى الشمال وأقصى الجنوب، ولم تزل منذ ذلك الحين إلى اليوم وهي تكافح من أجل هذه الرسالة الكريمة[10].

واشتهر من تلاميذ أبي عبيدة : حملة العلم إلى المغرب والربيع بن حبيب صاحب المسند.

أخـلاقـــه
كان أبو عبيدة شديد الاحتياط في الدين وخصوصا فيما يتعلق بالطهارة والعبادات لدرجة أن خيار بن سالم أحد أصحابه قال له يوما: لو كنت نبيا ما أجابك أحد.أنت تشدد على الناس، وكان يشدد على نفسه كثيرا فلما سمع حيان الأعرج[11] وهو أحد معاصريه بإحدى فتاويه المتشددة فقال : لقد أشقانا الله في ديننا لو كان الأمر كما يقول أبو عبيدة. ولعل علماء الإباضية الأوائل بنوا قواعد المذهب على مبدأ الاحتياط الذي ألزم به أبو عبيدة نفسه.

فمن ورعه ما رواه صاحب السير عن أبي سفيان قال : خرج أبو عبيدة ذات مرة حاجا مع سابق العطار فبينما هما نازلان إذ وقفت عليهما إعرابية بلبن وسمن وجدي فاشتراها سابق بقرورة خلوق وقلادة فجاء باللبن إلى أبي عبيدة فقال أخر عنا لبنك يا سابق كم ثمن القلادة قال نحو دانق وكذا القارورة ويحك أتما ***** للعشرة اثنان أو خمسة للعشرة وللدرهم درهم قال وأما مثل هذا فلا فأرسل سابق إلى الإعرابية فقال لها أبو عبيدة كم ثمن اللبن عندكم قالت لا ثمن له قال وثمن الجدي والسمن قالت اربعة دراهم فأخرج سابق أربعة دراهم فدفعها إليها، قال أبو عبيدة هات ألآن لبنك يا سابق (ورع أبو عبيدة)

دوره السياسي والدعوى

لعبت البصرة في القرنين الأول والثاني للهجرة دورا مهما في الإسلام، فكانت مركزا علميا بارزا، وملتقى للثقافة والمعرفة، وعاصمة لنشأة مختلف العلوم الإنسانية. وقد بلغت الحركة الإباضية في عهده مبلغا عظيما من الانتشار ودقة التنظيم.

يقول الدكتور عوض خليفات في كتاب " نشأة الحركة الإباضي’" وهو يتحدث عن أبي عبيدة ( كان أبو عبيدة عالما فذا من علماء الإباضية الأوائل وفقهائهم البارزين كما كان يتمتع بقوة سياسية بارعة وأفق واسع مما ساعده على تنظيم الدعوة الإباضية في مرحلتها السرية بشكل دقيق وذكي. ولا غرو بالتالي أن يعزو المؤرخون إليه الفضل الأكبر في نمو حركتهم وانتشارها في أقطار إسلامية كثيرة خارج البصرة.

وقد بدأ أبو عبيدة زعامة أهل الدعوة بعد موت الحجاج عام 95 هجرية واتفق ذلك مع بداية حكم سليمان بن عبد الملك الذي كان على علاقة وثيقة مع المهالبة زعماء الأزد الذين انضموا الى الاباضية بأعداد وفيرة.

وخلال هذه الفترة التي امتدت إلى نهاية خلافة عمر بن عبد العزيز تميزت العلاقة بين الإباضية ولأمويين بنوع من الهدوء استغل أبو عبيدة ومشايخ الإباضية هذه الفرصة لتنظيم أمورهم وتربية أتباعه فكانت له مجموعة من المجالس يرتادها أتباعه منها مجالس عامة لكافة المسلمين ومجالس خاصة بالمشايخ ومجالس خاصة لحملة العلم وهذه المجالس الأخير خاص بإعداد الدعاة وإرسالها إلى مختلف الأمصار.

كان رحمه الله يكره الخروج قال أبو سفيان قيل لأبي عبيدة ما يمنعك من الخروج ولو خرجت ما تخلف عنك أحد، قال ما أحب ذلك ولو فعلت ما أحببت ولا أحب أن أقيم ما بين الظهر والعصر مخافة الأحكام. و لقد أدرك أبو عبيده بفطنته أنه لا يمكن أنه لا أمل في ذلك، فقد نذر نفسه للقيام بالتربية والتنظيم فقد كان يرسل تلاميذه إلى المشرق والمغرب للقيام بالدعوة والتعرف على أحوال المسلمين في الأماكن البعيدة عن مركز الحكم. فأرسل سلمة بن سعد إلى جهة المغرب وأرسل غيره إلى عمان واليمن وحضرموت وخراسان فجاءته الطلبة من كل مكان يدرسون عنده في ذلك السرداب الخفي وكان يعدهم كدعاة و كان يساعده في ذلك نخبة من العلماء الأخيار منهم أبو نوح صالح الدهان وحيان الأعرج وضمام بن السائب

أما حاجب أبو مودود الطائي رحمه الله، فقد قال عنه أبو العباس الدرجيني كان بالاجتهاد موصوفا وبالزهد والورع معروفا، وقال عنه المليح وهو أحد معاصريه: ما رأيت متكلما يتكلم قائما في مجلس قبله ولا بعده.

كان حاجب ساعده أبو عبيده الأيمن وهو المسئول عن جمع المساعدات وحل المشاكل فكان يرسله إلى ومنها أنه أرسله وهو مريض بالرمد إلى حضرموت للخلاف الذي وقع في أمر عبد الله بن سعيد حين جعلوه في الحديد فقال لهم لقد خرجت من أجلكم فما أبصر من البصرة سهلا ولا جبلا ومما أرجو من قضاء نسكي. يا أهل حضرموت إنكم غلبتمونا فقال له وائل ابن أبي أيوب الحضرمي يرحمك الله لا نخرج من رأيك .

وقد اضطر أبو عبيدة تحت الضغط السياسي والقهر بعد وفاة عمر بن عبد العزيز أن تكون مدرسته بعيدة عن الأنظار وأن يختار تلاميذه اختيارا جيدا وأن يضع لهم قوانين تحميهم من الاختلاط أو التعرض بالسلطة الحاكمة فكان يطرد كل من يخالف أو يستبد برأيه أو يخرج عن إجماع المسلمين كما فعل مع حمزة وغيلان .

قال أبو سفيان أتى حمزة الكوفي أبا عبيدة ليذاكره في أمر القدر فخرجا إلى منزل حاجب فتناظرا كثيرا وآخر ما سُمع من أبي عبيدة يا حمزة على هذا فارقت غيلان ثم بلغهم بعد مدة أنه مشى إلى النساء والضعفاء فكلمهم. وعندها أمر أبو عبيدة حاجبا فجمع له الناس قال فتكلم المتكلمون ثم تكلم حاجب فحمد الله وأثنى عليه وقال إن حمزة وعطية أحدثا علينا أحداثا فمن آواهم أو أنزلهم أو جالسهم فهو عندنا الخائن المتهم فتفرقا الناس وطُردا من المجلس.

وقد اهتم الإمام أبو عبيدة بموسم الحج اهتماما بالغا فكان لا يفوته إلا نادرا وكانت رحلات الحج للفقهاء فرص يستفيد منها للاجتماع مع فقهاء الأمصار وبقية الصحابة وكبار التابعين وكان يلتقي أيضا بحجاج الإباضية القادمين من مختلف الأمصار فيستفتونه ويعرضون عليه مشاكلهم فيحلها لهم ، وإذا حدث ما يمنعه من السفر إلى الحج أناب عنه غير من أعوانه كالربيع أو حاجب أو ضمام ففي أحد السنوات مرض أبو عبيدة, فلما جاء وقت الحج أرسل الربيع وحده.

ونتيجة للتنظيم الدقيق استطاع أبو عبيدة أن يكون مجتمعا تسيطر عيه روح الجماعة ويسوده المحبة والإخاء والبذل والعطاء والتفاني في خدمة الدين وقد أمر الأغنياء أن يكونوا عونا للفقراء والمحتاجين من المسلمين وكتب السير مليئة بقصص كثيرة في هذا الجانب , فأبو الحر بن الحصين وهو من مشايخ الإباضية في مكة كان غنيا وكان يخصص جزءا من ماله للفقراء والمحتاجين. روى أبو سفيان عن عيسى بن علقمة قال أدركته شيخا كبيرا. وكانت تأتيه غلته من البصرة إلى مكة فيقسم نصفها في فقراء المسلمين وربعا نفقته وربعا يهيئه لمن يمر به من المسلمين. كما كان الفضل بن جندب من خيار المسلمين وفضلائهم وكان ذال مال وسخيا فقد تعهد بدفع دين حاجب أبي مودود عند وفاته . يروي صاحب السير عن أبي سفيان قال :مات حاجب فدخل عليه قرة بن عمر وجماعة من المسلمين ليغسلوه فقال قرة ما تقولون في دين هذا الرجل فابتدر قرة في أربعة فضمنوه وكان دينه خمسون ألفا وقيل مائة وخمسون ألفا فحضر الفضل فأخبروه فقال هو في مالي حتى أعجز عنه ولا يبقى لي مال.

وأما ديال بن يزيد فكان يستأجر الأكسية في البرد الشديد والطنافس والقطف بألف درهم أو أقل أو أكثر وليس عنده منها شيء وإنما يتكل على الله ثم المسلمين ثم يفرق تلك الأكسية والقطف والطنافس على الفقراء ثم يخرج فيجمع ذلك على الأغنياء فيقض لأهل الثياب حقوقهم.

قال أبو سفيان سمعت بعض مشايخ من أدركت يقولون" إنا لنذكر إذا دخل شعبان أن كان الفقراء المسلمين لتأتيهم الأحمال بالسيوق والتمر وما يصلحهم لشهر رمضان ولا يعلمون من بعث بها.

كما لم يغفل أبو عبيدة أتباعه في الأمصار الأخرى فقد ذكر أبو سفيان أنه لما خرج الإمام عبد الله بن يحي وأبو حمزة جمع حاجب لهما أموالا كثيرة يعينهما بها وكتب على كل موسر من المسلمين قدر ما يرى فما امتنع عليه أحد ودعا أبا طاهر وكان شيخا فاضلا وقال له عليك بالنساء وأوساط الناس فإنا نكره أن نكتب عليهم ما لا يحملون فانطلق أبو طاهر فيمن انطلق معه من المسلمين فلم يأتوا امرأة ولا رجلا إلا وجدوه مسارعا فيما سألوه. وكان رجل من المسلمين لمير أنه صاحب مال فدفع إليهم ثلاثة آلاف درهم فقال أبو طاهر أي أخي العيال، قال الله لهم، والله ما رأيت مذ كنت وجها مثل هذا أنفق فيه فإذا وجدته فدعه، والله لا يرجع إلي منها درهم، ولكن عهد الله لا تخبر باسمي ما بقيت. ففعلوا فلم يمس الليل حتى جمع أبو طاهر عشرة آلاف درهم فأخبروا حاجبا فسر بذلك فقال إن في الناس لبقية.

وفاته

توفي الإمام أبو عبيدة سنة 150 هـ في عهد أبي جعفر المنصور، وتولى الربيع ابن حبيب إمامة الإباضية من بعده في البصرة. يروى أن أبا جعفر المنصور قال عندما سمع بموت أبي عبيدة: ذهبت الإباضية. وقد عمّر أبو عبيدة عمرا طويلا حتى رأى آثار جهده وتربيته الذي نتج عنه إمامتين واحدة بالمشرق وأخرى بالمغرب.

-----------

لمزيد من التفاصيل عن حياة أبي عبيدة ودوره في الدعوة يمكن مراجعة الكتب الآتية

· الإمام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة وفقهه للدكتور مبارك الراشدي

· كتاب السير للبدر الشماخي

· طبقات المشايخ للدرجيني

· نشأة الحركة الإباضية للدكتور عوض خليفات

-----------

[2] مبارك بن عبد الله الراشدي - الإمام أبوعبيدة وفقهه - رسالة ماجستير

[3] صحار العبدي: صحابي :قيل أنه أدرك الرسول (ص) وروى عنه ثلاث أحاديث

[4] جعفر بن السماك العبدي:من فقهاء التابعين ولا تذكر المصادر التاريخية الموجودة تفاصيل مفيدة عن حياته إلا أنه كان من ضمن وفد الإباضية بالبصرة إلى الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

[7] مبارك الراشدي: أبوعبيدة مسلم بن أبي كريمة

[8] سالم الحارثي – العقود الفضية

[9] المدونة الصغرى: رواها عن سبعة من زملائه (تلاميذ أبي عبيدة) وهم: عبد الله بن عبد العزيز وأبو المؤرج عمر بن محمد و شعيب أبو المعروف والربيع بن حبيب ومحبوب بن الرحيل ووائل بن أبي أيوب الحضرمي ومحمد بن عباد المصري وأبو المهاجر.

[10] علي يحي معمر: الإباضية في موكب التاريخ الحلقة الأولى ص. 158

[11] حيان الأعرج - من العلماء الراسخين وأهل التقوى والدين ، من كبراء من صحب جابرا وأخذ عنه (من كتاب السير للشماخي)
  #18  
قديم 08/11/2006, 09:20 AM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
الإمام الربيع بن حبيب - رضي الله عنه -

هو الربيع بن حبيب بن عمرو الأزدي، ويلقب بأبي عمرو البصري وهو ثالث أئمة العلم عند الإباضية يقول عنه الشماخي في السير (طود المذهب الأشم، وبحر العلم الخضم).

مولده ونشأته

ولد في منطقة الباطنة في عُمان في النصف الثاني من القرن الأول الهجري ما بين سنتي 75-80 هـ . نشأ في عُمان وبها أمضى طفولته ثم سافر إلى البصرة التي كانت تغص بالعلماء في ذلك الحين وبها أخذ علوم التفسير والحديث والفقه وبرع فيها حتى صار من العلماء المعدودين في البصرة ، وبذلك استحق أن يخلف شيخه أبا عبيدة في رئاسة الدعوة الإباضية في البصرة.

شيوخه

من أهم شيوخه الإمام أبو عبيدة مسلم وهو أكثر من لازمه وروى عنه، وقد ذكر بعض المؤرخين أنه أدرك الإمام جابرا وهو شاب وأخذ عنه العلم كما تلقى العلم عن ضمام بن السائب وأبي نوح صالح الدهان. فقد ورد عنه قوله: أخذت الفقه من ثلاثة: أبي عبيدة، وأبي نوح، وضمام. وبالإضافة إلى هؤلاء فقد تتلمذ على كثير من التابعين الذي عاشوا في تلك الفترة أمثال: قتادة وعمرو بن هرم وحماد بن سلمة وغيرهم.

وقد رأى الربيع في أول عهده بالبصرة ما لاقاه جابر بن زيد وتلاميذه وأتباعه وغيرهم من العلماء: كالحسن البصري ،والشعبي وسعيد بن جبير، من عنت الحجاج بن يوسف الثقفي وجبروته وقسوة أعوانه وشدتهم، ما ملأ نفسه كراهية لأولئك الحكام المستبدين، إلا أنه سلك طريق شيخيه أبي الشعثاء وأبي عبيدة في تجنب أي احتكاك بالسلطة طيلة تلقيه الدراسة، إذ أنّ كل المصادر التي تحدثت عنه لم تُشر إلى اضطهاده أو إصابته بأذى، مما جعله يتفرغ إلى تحصيل العلم حتى صار علما من أعلام الفكر وراوية من رواة السّنة، وعاملا من علماء الفقه مما جعل أبا عبيدة يقول عنه " فقيهنا وإمامنا وتقينا وأميننا وثقتنا"[1].

تلاميذه

أخذ عن الإمام الربيع جماعة من الطلبة لعل أشهرهم ما أطلق عليهم حملة العلم إلى المشرق: منهم المؤرخ المشهور محبوب بن الرحيل، وموسى بن أبي جابر الأزكوي، والشيخ بشير بن المنذر، وأبو صفرة عبد الملك بن أبي صفرة، ومنير بن النير الجعلاني، ومحمد بن المعلى الكندي، وأبو أيوب وائل بن أيوب الحضرمي، وهاشم بن غيلان ، وغيرهم كثير.

مكانته الاجتماعية والعلمية

المصادر القليلة التي تناولت حياة الربيع بن حبيب تجمع على أنه كان يتمتع بمكانة مرموقة ومنزلة عالية في الأوساط الإباضية في المشرق والمغرب. وقد نال تلك المنزلة بما حباه الله تعالى به من الورع والتقوى والعلم والعمل لما فيه خير المسلمين ويدل على ذلك ما يلي:

1 – قال أناس من أهل البصرة انظروا لنا رجلا ورعا قريب الإسناد حتى نكتب عنه فنظروا فلم يجدوا غير الربيع بن حبيب.

2 – عندما مرض شيخه أبو عبيدة بعثه مع وفد الحج مكانه.

3- لما وقع الخلاف بين الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم والذين أنكروا إمامته رضي الفريقان الربيع بن حبيب حكما بينهما فكتبوا إليه وكتب إليهم بالرد.

آثاره

من آثار الإمام الربيع مجموعة من الأقوال والفتاوى والفقه متناثرة في كتب الإباضية ومن آثاره المجموعة: كتاب "آثار الربيع" الذي رواه عن شيخه ضمام بن السائب عن جابر بن زيد مقطوعا وهو عبارة عن مجموعة فتاوى للإمام جابر بن زيد. وقد قام بجمعها أبو صفرة عبد الملك بن صفرة. وهذا الكتاب لا زال مخطوطا[2].

ومن أهم آثاره كتاب "المسند" ويطلق عليه الإباضية "الجامع الصحيح"، وهو مطبوع ومتداول.

كان المسند في أول أمره مخطوطا, ولم يكن مرتبا أو مصنفا على نحو موضوعي، وإنما كان مرتبا على طريقة المسانيد حتى جاء أبو يعقوب يوسف الوارجلاني (من وارجلان بالجزائر) فأعاد ترتيب الأحاديث على نحو موضوعي على طريقة الجوامع فقام بجمع الأحاديث على حسب أبواب الفقه المعروفة على النحو الذي وصل إلينا. والمسند المتداول اليوم مقسم إلى أربعة أجزاء. الجزءان الأول والثاني هما أصل الكتاب وفيهما 750 حديث تقريبا. أما الجزءان الثالث والرابع فقد ضمهما إلى المسند الأصلي المرتب أبو يعقوب الوارجلاني. فمما جاء في الجزء الثالث آثار احتج بها الربيع على مخالفيه في مسائل مختلفة من الاعتقاد وغيرها. وعدد هذه الآثار مائة وأربعون (140). وأما الجزء الرابع فيشمل روايات محبوب بن الرحيل القرشي عن الربيع بن حبيب وروايات الإمام أفلح بن عبد الوهاب الرستمي عن أبي غانم بشر بن غانم الخراساني ومراسيل جابر بن زيد. وعدد هذه الروايات مائة وثلاثة وعشرون (123)[3]. وقد قام الأستاذ محمد إدريس بتخريج أحاديثه ومقارنتها بما ورد في كتب السنة الأخرى. وللمسند عدة شروح أهمها وأحدثها شرح الشيخ عبد الله السالمي رحمه الله وهو من علماء عُمان ( المتوفى سنة 1332 هـ/1914م).

مكانة مسند الربيع بين كتب الحديث

يرى الإباضية أن مسند الربيع بن حبيب من أصح كتب الحديث سندا لأن معظم الأحاديث رواها الإمام الربيع عن شيخه أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أحد الصحابة، وقد وردت في المسند بعض الأحاديث التي رواها أبوعبيدة عن آخرين غير جابر إلا أنها قليلة.

وقد ذكر أئمة الحديث أن رُتَبَ الحديث الصحيح تتفاوت ,فالمرتبة العليا ما أطلق عليه بعض رجال الحديث بأن أصح الأسانيد هي الأسانيد الثلاثية كسند الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن الرسول (صلى الله عليه وسلم )، وسند إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود عن الرسول (صلى الله عليه وسلم )، وسند مالك عن نافع عن ابن عمر عن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) لأن هذه الأسانيد قصيرة السند واشتهر رجالها بقوة الحفظ والضبط وكمال الصدق والأمانة.

وإذا تتبعنا الأحاديث التي رواها الربيع في الجزء الأول والثاني في المسند لوجدنا أن معظمها ثلاثية السند ورجالها من أوثق الرجال وأحفظهم وأصدقهم. فالأحاديث الثلاثية التي في المسند رواها الإمام الربيع أغلبها عن أبي عبيدة عن جابر عن أحد الصحابة عن النبي (صلى الله عليه وسلم ). ومن هذا يعتبر الإباضية أن الأحاديث الواردة في الجزأين الأول والثاني من المسند هي من أصح الأحاديث الواردة عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) ويعتبرونها أعلى درجة من الأحاديث التي رواها الإمامان البخاري ومسلم رحمهما الله.

ورغم أن الأحاديث التي في المسند ثلاثية ورجالها مشهورون بالثقة، والحفظ والضبط وأن أغلب الأحاديث مروية في كتب السنة الأخرى إلا أننا لا نجد لهذا الكتاب ذكرا عند أكثر المهتمين بعلوم الحديث – لا في القديم ولا في الحديث - بل إن من المهتمين بعلوم الحديث من لم يسمع عنه مطلقا.

فجمهور علماء الأمة الذين اهتموا بتتبع أحوال رواة الحديث واقتفاء آثارهم جرحا وتعديلا قد أهملوا أو أغفلوا ذكر الربيع بن حبيب في كتب الجرح والتعديل عدا ما قاله يحيى بن معين في كتابه "التاريخ" حيث قال: (الربيع بن حبيب يروي عن الحسن وابن سيرين وهو ثقة)[4]. وعدا بعض من ذكره من أئمة الحديث كالإمام أحمد والبخاري.

وقد سئل أستاذ معاصر يحمل شهادة الدكتوراه في علوم الحديث عن مسند الربيع بن حبيب فكان رده: سمعت عنه ولم أره. وسئل آخر وهو رئيس قسم التفسير والحديث في إحدى الجامعات المعتبرة عن الربيع ومسنده فأجاب: من الربيع وما مسند الربيع؟.

وبقدر ما نتأسف عند سماع ردود كهذه من رجال كرسوا حياتهم ودراستهم لعلم الحديث، إلا أنه قد نلتمس العذر لبعضهم، لأنه لم تتيسر لهم ظروفهم للإطلاع على فكر الإباضية. ثم إن التعتيم السياسي والتاريخي على مدى أكثر من ألف قرن كان له بالغ الأثر في صد المثقفين والباحثين عن الإطلاع على فكر الإباضية عموما. ولا بد أن نسجل هنا أن الإباضية أنفسهم قد قصروا في نشر فكرهم،والتعريف بمذهبهم في القديم والحديث إلا ما رأيناه في السنوات الأخيرة من طباعة بعض كتب الإباضية وما قامت به وزارة التراث القومي والثقافة في سلطنة عُمان من طباعة بعض أمهات الكتب عند الإباضية. ونحن نطمح أن يكون نشر آثار الإباضية دافعا لعلماء ومفكري الأمة الإسلامية للتعرف على فقه المذهب الإباضي ووضعه في مكانه الصحيح من أجل توحيد صفوف المسلمين ولمّ شعثهم في عصرٍ هُم أحوج ما يكونون فيه إلى وحدة صفوفهم لصد الطغيان المتربص بهم في الداخل والخارج.

ورغم وجود هذه الكتب إلا أننا نذكر بكل أسف أنه يوجد من الباحثين والمفكرين والفقهاء المعاصرين من يعرف عن الإباضية تاريخا وفكرا وعقيدة ومع ذلك يحاول - عن قصد أو غير قصد - تهميش الفكر الإباضي والتعتيم عليه والرد عليه بطريقة غير موضوعية ولا علمية. ولا ندرى سبب ذلك في هذا العصر الذي نتوقع فيه توفر الأمانة العلمية والنقاش العلمي المتزن والتفتح الفكري والعقلي.

ولا ننكر وجود بعض الأسباب التاريخية التي من أجلها لم يُعرف الإمام الربيع بين المحدثين من أهل السّنة و لم يعرف كتابه ضمن كتب الحديث رغم أنه من أوائل كتب الحديث التي صُنّفت ومن هذه الأسباب:

· اعتبار الإباضية إحدى فرق الخوارج المبتدعة الضالة مما أدى إلى تجنب المحدثين الرواية عنه لأنهم اشترطوا فيمن يؤخذ عنه الحديث ألا يكون مبتدعا وداعيا لبدعته.

· عزلة فرضها الإمام الربيع على نفسه بإغلاق الباب في وجوه طلبة العلم من غير أصحابه.

· قلة مصادر تاريخ الإباضية بذهاب كثير منها نتيجة التعصب والظلم والحسد وحرق المكتبات.

· ظلم الولاة والحكام الذين تسلطوا على الأمة الإسلامية في العصور الأولى وسياستهم الجائرة التي طاردت كل من رفع صوته يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكرّهوا الأمة فيمن يقول بجواز الخروج على الحاكم ووصفوه بالخروج من الدين.

· انحسار الإباضية في مناطق بعيدة عن مراكز السياسة.

وفاته

توفي الإمام الربيع ما بين سنة 171 و180 هجرية ودفن في عمان، وقد صلى عليه تلميذه موسى بن أبي جابر الأزكوي. وبذلك يكون قد عاش أكثر من تسعين عاما قضاها في التربية ونشر العلم وقيادة الدعوة التي رسم منهجها الإمام جابر والإمام أبو عبيدة رحمهم الله جميعا.



--------------------------------------------------------------------------------

[1] الربيع بن حبيب محدثا وفقيها – عمرو بن مسعود الكاباوي

[2] توجد نسخة في المكتبة البارونية بجربة.

[3] الربيع بن حبيب محدثا وفقيها – عمرو بن مسعود الكاباوي

[4] الربيع بن حبيب محدثا وفقيها – عمرو بن مسعود الكاباوي
  #19  
قديم 08/11/2006, 09:21 AM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
الإمام عبدالله بن إباض _ رحمه الله _

رغم أن المذهب الإباضي ينسب إلى عبد الله بن إباض لكن لا يوجد في المصادر الإباضية ولا في غيرها ما يمكن أن يعتبر سيرة تاريخية له إلا بعض المقتطفات المتناثرة في بعض الكتب التاريخية، حتى البدر الشماخي في كتاب السير لم يكتب عنه إلا عدة أسطر حيث قال ومنهم عبد الله بن إباض المري التميمي إمام أهل التحقيق والعمدة عند شغب أولى التفريق سلك بأصحابه محجة العدل وفارق سبل الضلالة والجهل وكان رحمه الله على ما حفظت ممن خرج الى مكة لمنع حرم الله من مسلم عامل يزيد الملقب بمسرف وكان كثيرا ما يبدى النصائح لعبد الملك بن مروان وفي حفظي أنه يصدر في أمره عن رأي جابر بن زيد وله مناظرات مع الخوارج وغيرهم)[1].

فكل ما يمكن أن يقال عنه أنه ينتمي إلى قبيلة تميم التي كانت تسكن في البصرة وهي القبيلة التي منها الأحنف بن قيس المشهور بحكمته وحسن تصرفه. لا يعرف تاريخ مولده ولا تاريخ وفاته بالتحديد ولكنه أدرك معاوية بن أبي سفيان وهو شاب وعاش إلى زمن عبد الملك بن مروان. وبذلك يكون قد عاش في نفس الفترة التاريخية التي وجد فيها أبوبلال وجابر بن زيد ونافع بن الأزرق وقد ظهر عبد الله بن إباض على مسرح الأحداث بعد موت أبي بلال ويبدو أنه كان من جماعته إلا أنه لم يخرج معه إلى آسك. ونظرا لمواقفه الجدلية مع الخوارج ولحركته النشطة في نقد سلوك الأمويين بابتعادهم عن منهج الخلفاء الراشدين ظهر بمظهر الزعيم ونسبت إليه الإباضية من قبل الأمويين ولم يعترف الإباضية بهذه التسمية إلا في وقت متأخر بعدما انتشرت على ألسنة الجميع، فتقبلوها تسليما بالأمر الواقع عند الآخرين. ولذا فهو يعتبر أحد أئمة الإباضية السياسيين حيث وقف معارضا بلسانه وقلمه لسلوك الأمويين ولم يشهر سيفه ضدهم إلا دفاعا عن الكعبة المشرفة مع عبد الله بن الزبير

أما ما اشتهر عند المؤرخين من نسبة المذهب الإباضي إلى عبد الله بن إباض الذي عاش في زمن عبد الملك بن مروان فهي نسبة عرضية سببها بعض المواقف الكلامية والسياسية التي اشتهر بها وتميز بها فنسبت الإباضية إليه من قبل الأمويين ثم نسب إليه المذهب من بعد. والحقيقة أن المذهب الإباضي من الناحية العلمية والتشريعية ينسب إلى الإمام جابر بن زيد، وهذه مسألة واضحة عند الإباضية ليس فيها غموض. أجمع عليها علماؤهم منذ بدايتهم، إذ لم يذكر أحد من علماء الإباضية لا قديما ولا حديثا أن الإباضية تنسب إلى عبد الله بن إباض، ومن يقرأ في كتب الإباضية لن يجد غير هذا. قال الشيخ نور الدين السالمي رحمه الله:

ونحن في الأصل وفي الفروع



على طريق السلف الرفيع



فما الإباضيون إلا علما



لخلفاء الحق منا فاعلما



وأصله أن فتى إباض



كان منافحا لنا وماضي



مدافعا أعداءنا بالحجة



وحاميا إخواننا بالشوكة



ونسبوا من كان في طريقته



إليه لاشتهار سيرته



من ذاك لا تلقى له في المذهب



مسألة نرسمها في الكتب



فنأخذ الحق متى نراه



لو كان مبغض لنا أتاه



إن المخالفين قد سمونا



بذاك غير أننا رضينا



ونحن الأولون لم يشرع لنا



نجل إباض مذهبا يحملنا



والباطل المردود عندنا ولو



أتى به الخل الذي له اصطفوا






ويقول الدكتور عوض خليفات : (إن المصادر الإباضية تُجمع على أن ابن إباض لم يكن إمامهم الحقيقي ومؤسس دعوتهم وإنْ كان من علمائهم ورجالهم البارزين في التقوى والصلاح)[2]

ولكونه يتبنى موقف المعارض للدولة الأموية نسبت إليه كلمة الخوارج كما نسبت إلى كل من عارض الدولة الأموية ومن ذلك أيضا نسبت الإباضية إلى الخوارج. والإباضية أبعد ما يكونون عن الخوارج ولا يجمعهم مع فكر الخوارج إلا إنكارهم للتحكيم ومعارضتهم للحكم الأموي.

ذكر البرادي ( أن المسلمين بعد قتل أبي بلال اجتمعوا بجامع البصرة وعزموا على الخروج وفيهم عبد الله بن إباض ونافع بن الأزرق ووجوه المسلمين فلما جن الليل سمع عبد الله دوي القراء والمؤذنين وحنين المسبحين فقال لأصحابه أعن هؤلاء أخرج. فرجع وكتم أمره واختفى)1. وكان هذا في سنة 64 هـ، وهو تاريخ مفارقة عبدالله بن إباض لنافع بن الأزرق، أي مفارقة الإباضية لمن يسمونهم بالخوارج. مع العلم بأن الخوارج لم يتطرفوا إلا بعد هذا التاريخ كما أن تسميتهم بالخوارج لم تقع إلا بعد تطرفهم.
وقد ذكر الطبري وغيره من المؤرخين رسالة نافع بن الأزرق إلى عبد الله بن إباض ورده عليها وذلك عندما اشتد إيذاء بعض ولاة الأمويين، فقد أرسل نافع بن الأزرق رسالة إلى عبد الله بن إباض يدعوه فيها للخروج وهذا نصها : (بسم الله الرحمن الرحيم . أما بعد فإن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون، والله إنكم لتعلمون أن الشريعة واحدة والدين واحد ففيم المقام بين أظهر الكفار، ترون الظلم ليلا ونهارا، وقد ندبكم الله إلى الجهاد فقال: (وقاتلوا المشركين كافة) ولم يجعل لكم في التخلف عذرا في حال من الأحوال. وقد رد عليه عبد الله بن إباض بما يلي: (قاتله الله ، أيّ رأيٍ رأى، صدق نافع بن الأزرق لو كان القوم مشركين كان أصوب الناس رأيا وحكما فيما يشير به وكانت سيرته كسيرة النبي (ص) في المشركين، ولكنه كذب وكذبنا فيما يقول. إن القوم كفار بالنعم والأحكام وهم براء من الشرك. وما سوى ذلك من أموالهم فهو حرام علينا).

ورغم وضوح هذه الرسالة وورودها في أغلب المصادر التاريخية واتفاق المؤرخين على مفارقة عبد الله بن إباض لنافع بن الأزرق ومن معه من الخوارج، فلا زالت كلمة الخوارج تلازم الإباضية في كل زمان ومكان، ويبدو أن الإعلام الأموي استطاع أن يقنع الناس أن كل من يعارضه ينتمي إلى الخوارج وخلط بين الخارجين على علي والخارجين على الحكم الأموي فجعلهم شيئا واحدا.

ولأن عبد الله بن إباض كان يمثل إحدى جبهات الرفض السياسية للدولة الأموية. فلم ينل المذهب الإباضي شهرة في دنيا المذاهب كشهرة الأئمة الأربعة لموقفه تجاه الدولة الأموية وموقف الأمويين تجاهه وتجاه أتباعه، لأن أمراء الأمويين والعباسيين حاربوا مذهبه وأتباعه، وحالوا بين الناس وبين معرفة حقيقة الإسلام.


--------------------------------------------------------------------------------

[1] السير، للشماخي

[2] عوض خليفات: نشأة الحركة الإباضية ص. 84
  #20  
قديم 08/11/2006, 09:26 AM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
الجانب الفكري في الفكر المذهب الإباضي.

إن الباحث في أدبيات المذهب الأباضي يواجه أول ما يواجهه من تساؤل في بحثه عن تصنيف المذهب الأباضي، فهل يصنفه على أنه فرقة عقدية أم حركة سياسية أم اتجاه فكري أم مدرسة أصولية أم مدرسة فقهية؟.

والحقيقة أن المذهب الإباضي ليس واحدا من ذلك بعينه، وإنما هو مجموع ذلك كله، فالمذهب الإباضي حركة سياسية وفرقة عقدية واتجاه فكري ومدرسة أصولية فقهية في الوقت ذاته، لا يطغى جانب من تلك الجوانب على آخر بل كلها وبمجموعها تشكل منظومة واحدة نطلق عليها اسم (المذهب الإباضي).

فعلى عكس الكثير من المذاهب الإسلامية الأخرى التي يطغى على بعضها الجانب الفقهي وعلى بعضها الجانب العقدي وعلى بعضها الجانب السياسي نجد أن المذهب الإباضي قد استطاع وبعبقرية فذة أن يوفق بين تلك الجوانب وأن يستوعبها كلها وأن يكون له موفقه المتميز فيها جميعا وبصمته الواضحة عليها كلها.

فإذا أتينا الى الجانب السياسي سنجد أن المذهب الإباضي حركة سياسية قائمة بذاتها لها أطروحاتها التي لا يستطيع المطلع إلا أن ينحني أمامها إعجاباً وإكباراً.

وإذا أتينا إلى الجانب العقدي سنجد أيضاً أن المذهب الإباضي له أحكامه العقدية القائمة على ركائز راسخة وأدلة قوية.

وإذا انتقلنا إلى الجانب الفقهي سنجد ثروة هائلة من الإسهام الفقهي في كل أبواب الفقه من العبادات والمعاملات وفقه الجنايات والأحوال الشخصية.

والشي نفسه نجده في علم أصول الفقه، فللمذهب الإباضي آراؤه وتحقيقاته في هذا العلم، ومؤلفاته التي أوسعت هذا العلم تحقيقا ودراسة.

إن كل ذلك هو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (الفكر الإباضي).

الوسطية والاعتدال في الفكر الإباضي:

لعل أهم ميزة يمتاز بها الفكر الإباضي هي الوسطية والاعتدال في الطرح بين الإفراط والتفريط، وهذه الميزة يمكن أن تلمحها بسهولة في كل زاوية من زوايا المذهب الإباضي سواء في العقيدة أم الفقه أم الفكر السياسي ام غير ذلك، وهذا ليس شيئاً متكلفاً في الفكر الإباضي لأنه مأخوذ من نهج الإسلام نفسه "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً"
والأمثلة على هذه الوسطية في الفكر الإباضي كثيرة يمكننا أن نذكر منها:

1- الوسطية بين الاستدلال بالنقل والاستدلال بالعقل: ففي حين يميل بعض الفرق في الاستدلال إلى الجانب النقلي واستبعاد العقل إلى حد كبير كما نجد ذلك عند المحدثين، تفرط فرق أخرى بالتعويل على الاستدلال العقلي إلى الحد الذي ذهبت إلى تحكيم العقل على الشرع كما نجد ذلك عند المعتزلة، غير أننا نجد الإباضية يمزجون بقدرة عجيبة في الاستدلال بين الأدلة النقلية والأدلة العقلية دون تغليب جانب على آخر.
2- الوسطية بين مدرسة الحديث ومدرسة الرأي: وهذا وإن كان قريباً من المثال الأول إلا أنه أقرب إلى الفقه بينما الأول أقرب إلى العقيدة، فالإباضية يقفون وسطاً بين مدرستي الحديث والرأي، ففي استدلالهم بالأحاديث لا يركنون إلى التمسك بالفهم الحرفي لمضمون الحديث كما هو شأن الظاهرية، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحاولون رد الحديث لمجرد أنهم لم يستطيعوا فهمه أو لأنه يتعارض مع قاعدة عامة، وإنما يحاولون قبول الحديث والعمل به ما وجدوا لذلك سبيلاً.

3- في الفكر السياسي فإنهم لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر مهما كانت الأحوال كما هو رأي الخوارج، ولكنهم في الوقت نفسه لا يحرمون الخروج عليه حتى مع القدرة وإمكان تغييره كم هو رأي بعض الفرق، وإنما يرى الإباضية أن الخروج على الإمام الجائر جائز بصورة عامة، وهذا الجواز يميل إلى التحريم عند خوف الفتنة وتغليب احتمال الفشل في تغيير الوضع القائم، ويميل إلى الوجوب متى ما كان احتمال النجاح أقوى، لأن القيام بالعدل من أسس الشريعة الإسلامية.

4- في مصطلح الحديث فإن الإباضية لا يقولون بأن الحديث الآحادي لا يجوز الاحتجاج به مطلقاً كما هو رأي بعض الفرق الإسلامية، ولكنهم في الوقت ذاته لا يقولون إنه حجة في الأمور الاعتقادية، وإنما يذهبون إلى أن حديث الآحاد يوجب العمل ولا يفيد العلم‘ فهو حجة في الأمور العملية وليس حجة بذاته في المسائل الاعتقادية، وهذا هو مذهب المحققين من الأصوليين والمحدثين.

موقف الإباضية من مخالفيهم:

ينقسم الناس في الفكر الإباضي إلى قسمين أساسيين: مسلمين وغير مسلمين، أما غير المسلمين فهم كل من لم يرض بالله رباً أو بمحمد رسولاً أو بالإسلام ديناً وهي الجمل الثلاث التي يشترطها الإباضية للخروج من الشرك إلى الإيمان (شهادة أن لا إله إلا الله وإن محمداً رسول الله وأن ما جاء به محمد هو الحق من عند الله) فلا ينتقل غير المسلم إلى أن يكون قي جملة المسلمين إلا بإيمانه وإذعانه لتلك الجمل الثلاث.

ويدخل في جملة غير المسلمين المشركون عبدة الأصنام والأوثان والملحدون وأهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمجوس.

ويطلق الإباضية على غير المسلمين أسماء: المشركون والكافرون والكفار، وبطريق الأولى هم مستحقون لأوصاف: الفساق والمنافقون والظالمون، وعند اقتران اسم المشركون وأهل الكتاب فالمراد بأهل الكتاب هم اليهود والنصارى وبالمشركين غيرهم من عبدة الأصنام والأوثان، وهو إطلاق اصطلاحي لاختلاف اليهود والنصارى عن غيرهم في بعض الأحكام الدنيوية الواردة في القرآن الكريم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.

أما المسلمون في الفكر الإباضي فهم كل من رضي بالله تعالى رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً وأذعن للجمل الثلاث التي أشرنا إليها سابقاً والتي لا يكون الإنسان مسلماً إلا بالإيمان بها.

وإذا كان الإنسان قد نشأ في بيئة مسلمة أو ولد لأبوين مسلمين فإنه لا يطالب بالنطق بتلك الجمل بل يحكم عليه بأنه مسلم ويعامل معاملة المسلمين ما لم يبدر منه خلاف ذلك، أما إذا لم ينشأ في بيئة مسلمة أو لم يكن أبواه مسلمين فإنه لا يكون مسلماً في نظر المسلمين إلا إذا نطق بتلك الجمل، وكذلك إذا ارتد عن الإسلام وثبت عليه ذلك فإنه لا يرجع إلى بيت الإسلام إلا بمعاودة نطقه بتلك الجمل.

ويطلق الإباضية على المسلمين أسماء: المسلمين والمؤمنين وأهل التوحيد وأهل القبلة، وهي أسماء يدخل فيها كل المسلمين باختلاف مذاهبهم وآرائهم ومدارسهم العقدية والفقهية.

فإذا كان الإنسان مسلماً فإن له جميع حقوق المسلمين من حرمة دمه وماله وعرضه ودفع الزكاة له ووجوب القصاص له أو دفع الدية كاملة في حالة الاعتداء على حياته وجواز تزويجه وتزوجه والصلاة خلفه وعليه ودفنه في مقابر المسلمين إلى غير ذلك من الحقوق، ولا يفرق الإباضية اطلاقاً بين إباضي وغيره في هذه الحقوق.

وإذا حدث واعتقد غير المسلم شيئاً من العقائد المخالفة لما يعتقد الإباضية صوابه فإن الإباضية يرون أن واجبهم ومن حقوقه كمسلم إيضاح العقيدة الصحيحة له ودفع الشبه التي جعلته يعتقد غير الحق، ولكن ذلك لا يخرجه من جملة المسلمين ولا ينقصه شيئاً من حقوقه كمسلم فإن القاعدة التي يتمسك بها الإباضية أن من دخل الإسلام بيقين فلا يخرج من الإسلام إلا بيقين مثله، فما دام هذا المخالف له دليله الذي يستند عليه ولو كان أوهى من خيط العنكبوت فإن ذلك كاف في أن يبقيه في جملة المسلمين.

وفي ذلك يقول الإمام السالمي:


ونحن لا نطالب العبـادا*** فوق شهادتيهم اعتقــــــادا
فمن أتى بالجملتين قلنـا*** إخواننا وبالحقوق قمنــــــا
إلا إذا ما نقضوا المقالا*** واعتقدوا في دينهم ضلالا
قمنا نبين الصواب لـهم*** ونحسبن ذاك من حقهـــــم
فما رأيته من التحريــر*** في كتب التوحيد والتقريـر
رد مسائل وحل شبــــه*** جاء بها من ضل للمنتبـــه
قمنا نردها ونبدي الحقا*** بجهدنا كي لا يضل الخلقا
لو سكتوا عنا سكتنا عنهم*** ونكتفي منهم بأن يسلمــــوا

ويطلق الإباضية على المخالفين لهم من المسلمين اسم: المخالفين ويقابلها الموافقون، أو القوم ويقابلها الأصحاب فيكثر في كتب الفقه: ذهب قومنا الى........ وذهب أصحابنا إلى.......، وقد يطلقون عليهم اسم مبتدع أو كافر كفر نعمة، وهذا الاسم الأخير يطلقه الإباضية أيضاً على الإباضي المرتكب للكبيرة، وهو لا يعني الشرك وإنما هو مجرد اصطلاح ويقبله عند غير الإباضية اصطلاح (كفر دون كفر).

ولا يخرج الإباضية مخالفيهم من الإسلام ولا يسقطون شيئاً من حقوقهم كحرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم فلا يستحلون قتالهم أو غنيمة أموالهم أو سبي ذراريهم ولا يحرمون تزويجهم والتزوج منهم ويبيحون إعطاء الزكاة لهم ولهم حقوقهم كاملة في الميراث والقصاص والديات، ولهم حق الصلاة لهم ودفنهم في مقابر المسلمين.

ولم يحدث قط أن حكم عالم من علماء الإباضية على أحد من المخالفين بالشرك والخروج من الإسلام إلا ما حدث من الإمام هارون بن اليمان من علماء إباضية حضرموت في القرن الثالث الهجري فإنه ألف رسالة حكم فيها على المشبهة والمجسمة بالشرك، وحجته في ذلك أن الله تعالى لا يوصف بصفات البشر من لزوم الأعضاء له، فإذا جاء من يصف الله تعالى بأن له أعضاء حسية كاليد أو الرجل أو العين أو الوجه فهذا يعني أنه يعبد إلهاً غير الذي نعبده إذ إن الله عز وجل الذي نعبده لا يتصف بتلك الصفات، وما دام الأمر كذلك فهو إذن ليس بمسلم.

غير أن الإمام محبوب بن الرحيل وكان إمام الإباضية في ذلك الوقت رد على الإمام هارون بن اليمان برسالة أرسلها إلى حضرموت وأخرى إلى عمان فند فيهما ما ذهب إليه الإمام هارون، وقال ما ملخصه أن المجسمة والمشبهة يعبدون الله تعالى الذي نعبده ولكنهم يصفونه بصفات لا تليق به من الصورة والأعضاء معتمدين على فهمهم الظاهر لآيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يخرجهم من جملة المسلمين بل هم باقون على وصف الإسلام.
ومنذ ذلك الحين لم يتغير موقف الإباضية من مخالفيهم وأن ما يعتقدونه لا يخرجهم من الإسلام، بل هم مسلمون باقون على إسلامهم ولهم جميع حقوق المسلمين ما دام لهم دليل يستندون إليه.


الفكر السياسي عند الإباضية:

يمتاز الفكر السياسي عند الإباضية عن غيره من أنواع الفكر لدى المذاهب الإسلامية بميزتين مهمتين هما: وضوح الهدف ووضوح الطريقة للوصول إليه.

فغاية الإباضية من أي تحرك سياسي قاموا به كان على الدوام واضحاً لديهم تمام الوضوح، ويتلخص هذا الهدف في أقصى طموحاته في إقامة دولة إسلامية تحكم العالم بأسره وفق شرع الله تعالى، بحيث يكون كل من في الأرض منقادين لشرع الله عز وجل، ويبدأ هذا الهدف بإقامة الدولة الإسلامية في اي بقعة من الأرض يمكن أن يتحقق ذلك فيها.

والدولة الإسلامية التي يسعى الإباضية إلى إقامتها هي الدولة التي يكون كل من فيها بدءاً من إمامها وعماله إلى كل رجل وأمرأة منقادين لحكم الشرع الشريف وملتزمين بأحكامه.

وقد استطاع الإباضية وبذكاء ملفت أن يتجاوزوا إشكالية السعي إلى السلطة، وإشكالية الحكم على الإمام الجائر، فبالنسبة للإشكالية الأولى فإن الإباضي لا يسعى إلى السلطة من حيث ذاتها وإنما يسعى لإقامة حكم الله تعالى فإذا وجد من يكفيه ذلك حمد الله تعالى وكان عليه أن يساعد ذلك الحاكم بكل ما يستطيع من جهد، أما إذا لم يجد من يكفيه ذلك كان لزاماً عليه أن يقوم بالواجب الذي كلفه الله به فهو في الحالتين إنما يقوم بشي ألزمه الله به لا سعياً لمنصب ولا حباً في جاه.

وأما بالنسبة للإشكالية الأخرى وهي الحكم على الإمام الجائر فإن الإباضية يرون أن الحاكم المسلم مطالب كغيره من المسلمين بان يتبع أمر الله في موقعه الذي هو فيه، فإن قام بما يجب عليه فبها ونعمت، وأما أن لم يقم بواجبه وخالف أمر الله فإن على المسلمين نصحه أولاً فإن أصر كان عليه أن يترك مكانه لمن يستطيع أن يقوم بحقه، فإن رفض هذا وذاك كان على المسلمين الأخذ بيده وإلزامه بالتنحي عن منصبه ليولوا عليهم من يقيم شرع الله تعالى فيهم.

الإمام في الفكر السياسي الإباضي:

الإمام أو الحاكم في الفكر السياسي الإباضي شأنه شأن أي مسلم يجب عليه أن يلتزم بأحكام الإسلام في كل أقواله وأفعاله، بل هو بحكم منصبه ينبغي أن يكون أحرص المسلمين على اتباع أمر الله تعالى لا يحيد عنه قيد أنملة، لأن انحرافه يؤدي إلى خلل كبير في بنية الدولة الإسلامية ويجرئ الناس على مخالفة شرع الله عز وجل.

وإذا استقام الإمام على أمر الله تعالى وقام بكل ما ألزمه الشرع به فإن له حق السمع والطاعة والموالاة، ولا يجوز لأحد ممن تشملهم دولته أن يخالف أمره أو أن يجاهر بالعصيان، فإن فعل كان على المسلمين مساعدة الإمام في خمد ثورته وإرجاعه إلى الجماعة ولا يحق لأحد إيواؤه ونصرته ومساعدته على بغيه لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من أحدث في أمرنا أو آوى محدثاً".

أما إذا خالف الإمام أمر الشرع وتجاوز ما يحق له أو تخلى عن شيء من واجباته، وثبت ذلك عليه فإن على الأمة رده إلى جادة الصواب وتقديم واجب النصيحة له لقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين نصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله، قال: "لله ولسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".

فإن لم تجد النصيحة معه نفعاً وأصر على مخالفته لأمر الله تعالى وأبى واستكبر فإن ولايته تسقط عن المسلمين وتصبح طاعته غير واجبة عليهم لأن الحق فرع الواجب، وقد سقط حقه لعدم قيامه بواجبه، وحينئذ يكون المسلمون في حل من أمرهم في أن يولوا عليهم إماماً آخر يقوم فيهم بحكم الله ويقيم فيهم شرعه وأحكامه وحدوده.

وهنا لا يخلو الأمر من أحد أمرين: إما أن يكون ذلك الإمام الظالم ضعيف الشوكة قليل الأتباع ومن السهل خلعه وإقامة إمام آخر مكانه، وهنا ما على المسلين سوى المسارعة الى القيام بدون تردد، وإما أن يكون ذلك الإمام الظالم قوي الشوكة كثير الأتباع والأنصار وكان القيام عليه غير مضمون العواقب وحينئذ فإن المصلحة تقضي التريث واتخاذ تخطيط جديد، ولكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال الاستسلام للأمر الواقع والاستكانة لظلم الظالمين.

وهنا يأتي دور العلماء في القيام بواجبهم وهو دعوة الناس إلى التمسك بتعاليم دينهم الحنيف، والسعي غلى إقامة الدولة الإسلامية المنشودة التي ستوفر لهم الأمن والأمان وتقيم فيهم حدود الله وأحكامه وشرعه وهذه الحالة هي ما تسمى لدى الإباضية بمرحلة الكتمان.

ولسنا هنا في تحديد صفات الإمام ومسؤولياته فهي معروفة لدى الجميع، غير أن ما يميز الإباضية في هذا الجانب شيئان:
1- عدم اشتراط القرشية: فالإباضية يرون أن كل مؤهل لإمامة المسلمين يمكن أن يكون إماماً بغض النظر عن قبيلته وعرقه، وهذا بلا شك يتفق مع المساواة التي جاء الإسلام لترسيخها والتي تتنافى مع هذا الشرط الذي لم يكن معروفاً حين اختلف المهاجرون والأنصار على خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم يدر في مداولاتهم ولم يشر إليه أحد.
والضابط لدى الإباضية في نسب الإمام إنما هو المصلحة، فإذا رأى المسلمون أن من المصلحة تولية إمام من قبيلة أو عشيرة معينة مع توافر الشروط الأخرى فيه فلا مانع من مراعاة ذلك، ويحدث أحياناً عكس ذلك تماماً وهو أن تكون المصلحة في تعيين من لا عشيرة له وهنا لا يتوانى الإباضية عن تعيينه كما حدث في المغرب حين فضّل العلماء تعيين عبد الرحمن بن رستم الفارسي رحمه الله وهو فارسي لا عشيرة له وكان هذا أحد الأسباب لإختياره إماماً حيث رأى العلماء أن ذلك أفضل لسهولة تغييره إذا ما حاد عن الطريق السوي.
وقد عد كثير من الباحثين هذا النهج مثالاً واضحاً على النهج الديمقراطي الذي يتميز به الإباضية.
2- جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل: فاإباضية يشترطون في الإمام شروطاً معروفة من حيث التقوى والورع والصفات الخَلْقية والخُلُقية، وإذا وجد أكثر من واحد تنطبق عليه تلك الشروط فيمكن تولية أي واحد منهم ولو كان هناك من هو أفضل منه.

القتال عند الإباضية:

بما أن كتاب التاريخ والمقالات فد حشروا الإباضية ضمن الخوارج فقد ترسخت في أذهان الناس فكرة أن الإباضية يستبيحون قتال المسلمين، وهذا مما لم ولن يقوم عليه دليل، بل الأدلة ظاهرة في أن الإباضية هم أطهر الناس يداً من دماء المسلمين، وقد ذكرنا سابقاً أن الإباضية لا يبيحون قتال مخالفيهم، وهو ما طبقوه عملياً على مدى تاريخهم، فلم يحدث إطلاقاً أن قاتل الإباضية أحدا من المسلمين على أساس مذهبي، وعلى كثرة الدول التي أقامها الإباضية وطبقوا فيها مبادءهم فلم يقوموا في يوم من الأيام بشن حرب على أحد من المسلمين على أساس مذهبي، وإنما كانت الحروب التي قام بها الإباضية ضد جماعة من المسلمين إما لإقامة دولة أو دفاعاً عن دولة.

أما بالنسبة للنوع الأول وهو الحرب من إجل إقامة الدولة فإن من مبادئ الإباضية السعي الدائم إلى إقامة العدل ومحاربة الظلم، والصراع بين الإباضية والظلم لم يهدأ في يوم من الأيام، ولذلك فإن الإباضية إذا ما رأوا في أنفسهم قدرة على القيام بواجبهم كمسلمين وإقامة الدولة الإسلامية على وفق كتاب الله وسنة نبيه فإنهم لا يتوانون عن ذلك لحظة واحدة، وفي هذه الحالة فإنه من المعتاد أن يوجد من لا تتناسب أهداف الدولة الإسلامية مع أهدافه فيقف عقبة في طريق إقامتها، ويحاول جاهداً أن يحول دون قيامها، ولذلك يجد القائمون بالقسط أنفسهم مجبرين على محاربته وإزاحته من الطريق.

ولا فرق لدى الإباضية بين أن يكون هذا الرافض لإقامة الدولة الإسلامية إباضياً وأن يكون غير إباضي، وعلى ذلك فإن المذهبية لا دخل لها هنا، وإنما هو قتال ضد أناس كان من المفترض أن يساعدوا على إقامة دولة يدعو إليها دينهم الذي يدينون به، ولكن مصالحهم الشخصية وأطماعهم الدنيوية كانت أهم عندهم من واجبهم الديني، وليتهم إذ لم يساعدوا في إفامة الدولة الإسلامية وقفوا على الحياد ولكنهم اتخذوا موقفاً معادياً لها، ولذلك حل قتالهم.

والإباضية عندما يقومون بقتال هذه الفئة فإنهم يحفظون لهم إسلامهم فلا يقاتلوهم إلا بعد إنذارهم وإقامة الحجة عليهم، ونصحهم وبيان حقيقة دعوتهم، فإن استجابوا فلا حق لأحد في قتالهم، وإن أبوا حل قتالهم في أدنى مراتبه فلا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم ولا تغنم أموالهم ولا تسبى ذراريهم.

وأغلب حروب الإباضية من هذا النوع حدثت ضد إباضية من نفس مذهبهم مما يعني أن القتال لم يكن على أساس مذهبي، كما إن التاريخ يثبت أن الإباضية من أنزه الناس في قتالهم فلم يكونوا يتجاوزون الحق في حروبهم، وإنما كانوا وقافين عند حد الله تعالى.

وأما بالنسبة للنوع الثاني فهو لا يختلف كثيراً عن النوع الأول، فبعد أن تقوم الدولة الإسلامية فلا بد من أن يوجد من يحاول الإطاحة بها، إذ إن كثيراً من الناس لا يروق لهم العدل الذي عادة ما يقف في وجه أطماعهم وبلوغ غاياتهم الدنيئة فيسعون إلى تدبير المكائد وتجييش الجيوش للإطاحة بالدولة الإسلامية، وهنا يجد الإمام والمسلمون من خلفه أنه لا بد من تأديب أولئك البغاة الذين يحاولون تفريق شمل المسلمين وتحطيم وحدتهم وهدم دولتهم فيقوم الإمام أولاً بتحذير اولئك البغاة من مغبة عصيانهم وخروجهم على إمام صحت إمامته، فإن تابوا وأنابوا رجعوا إلى جماعة المسلمين ولم يمسسهم سوء، وإن أصروا واستكبروا كان حقاً على الإمام قتالهم حقناً للفتنة وإخماداًً للثائرة تطبيقاً لقوله تعالى: "وإن طائفتان من المؤمنين..........".

ومرة ثانية فإن هذا الباغي قد يكون إباضياً وقد يكون غير إباضي، فالقتال إذن ليس على أساس مذهبي، وإنما هو قتال لباغ على دولة المسلمين أياً كان مذهبه.

وهذه الحروب أنما تقع بين الإباضية القائمين بالحق أو الساعين إلى إقامته وبين جماعات تقف ضد هذا التوجه، أما إذا كانت هناك دولة مسلمة غير إباضية قائمة بجانب الدولة الإباضية فإن المتتبع لتاريخ المذهب الإباضي يجد أن الإباضية ليس من فكرهم السياسي محاربة الدول المسلمة التي هي محل رضا من العلماء فيها وإن كان الإباضية غير راضين عنها، فلا يذكر في تاريخ عمان أن الإباضية قاموا بمهاجمة أي من الدول المسلمة المحيطة بهم.

سعي الإباضية إلى الوحدة الإسلامية:

لقد سعى الإباضية قديماً وحديثاً إلى الوحدة الإسلامية ، وكانت هدفاً أسمى من أهدافهم، وأنقل هنا شيئاً مما قاله سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي في كتابه (الحق الدامغ) حيث قال:
"ولعله مما يفاجئ كثيراً من القراء أن يطلعوا لأول مرة على عناية قادة الفكر من الإباضية بلمِّ شعث هذه الأمة وجمع شتاتها بعدما أثخنتها الخلافات المذهبية ، ومزقتها النزعات العصبية ، وكم تمنوا أن يحس سائر أعلام الأمة بمثل أحاسيسهم ، ويشاركوهم في هذه الهموم التي تنوء بها صدورهم ، وتؤرق ليلهم ، وتقض مضجعهم ، وقد كانت منهم محاولات ، للخطو في هذا الطريق والاستعداد لهذه المهمة بنفقات مالية يرصدونها من جيوبهم وجيوب المخلصين من سائر أبناء الأمة ، وأصدق مثال على ذلك ما يجده القارئ في هذا السؤال الذي صدر من عالم مفكر وقائد محنك ، ذلكم هو الشيخ سليمان بن عبدالله بن يحيى الباروني ، عضو مجلس المبعوثان بالدولة العثمانية ، المشهور بسليمان باشا الباروني ، وهو من إباضية جبل نفوسة بالقطر الليبي، وقد توجه بسؤاله هذا إلى عالم الإباضية بالمشرق ، ومرجعهم في أمور الدين ، الإمام عبدالله بن حميد السالمي ، ونص السؤال:
"هل توافقون على أن من أقوى أسباب اختلاف المسلمين تعدد المذاهب وتباينها ؟ على فرض عدم الموافقة على ذلك فما هو الأمر الآخر الموجب للتفرق ؟ على فرض الموافقة فهل يمكن توحيدها بالجمع بين أقوالها المتباينة وإلغاء التعدد في هذا الزمن الذي نحن فيه أحوج إلى الاتحاد من كل شيء ؟ وعلى فرض عدم إمكان التوحيد فما الأمر القوي المانع منه في نظركم ، وهل لإزالته من وجه ؟ على فرض إمكان التوحيد فأي طريق يسهل الحصول على النتيجة المطلوبة ؟ وأي بلد يليق فيه إبراز هذا الأمر ؟ وفي كم سنة ينتج ؟ وكم يلزم من المال تقريباً ؟ وكيف يكون ترتيب العمل فيه ؟ وعلى كل حال فما الحكم في الساعي في هذا الأمر شرعاً وسياسة ؟ مصلح أم مفسد؟.. "
وكان هذا السؤال في عام 1326هـ
فكان من جواب الإمام له:" ... نعم نوافق أن منشأ التشتيت اختلاف المذاهبوتشعب الآراء، وهو السبب الأعظم في افتراق الأمة على حسب ما اقتضاه نظركم الواسع.
وللتفرق أسباب أخرى منها التحاسد والتباغض والتكالب على الحظوظ العاجلة، ومنها طلب الرئاسة.
وجمع الأمة على الفطرة الإسلامية بعد تشعب الخلاف ممكن عقلاً مستحيل عادة، وإذا أراد الله أمراً كان: "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم، إنه عزيز حكيم"
والساعي في الجمع مصلح لا محالة ، وأقرب الطرق له أن يدعو الناس إلى ترك الألقاب المذهبية ويحضهم على التسمي بالإسلام ( إن الدين عند الله الإسلام)، فإذا أجاب الناس إلى هذه الخصلة العظيمة ذهبت عنهم العصبية المذهبية ولو بعد حين ، فيبقى المرء يلتمس الحق لنفسه ويكون الحق أولاً عند آحاد من الرجال ثم يفشو شيئاً فشيئاً حتى يرجع إلى الفطرة .
وهي دعاية الإسلام التي بعث بها محمد عليه الصلاة والسلام ، وتضمحل البدع شيئاً فشيئاً ، فيصير الناس إخواناً ( ومن ضل فإنما يضل عليها) ، ولو أجاب الملوك والأمراء إلى ذلك لأسرع الناس في قبوله ، وكفيتم مؤونة المغرم ، وإن تعذر هذا من الملوك فالأمر عسير والمغرم كثير
وأوفق البلاد لهذه الدعوة مهبط الوحي ومتردد الملائكة ، ومقصد الخاص والعام ، حرم الله الآمن ، لأنه مرجع الكل . وليس لنا مذهب إلا الإسلام ، فمن ثم تجدنا نقبل الحق ممن جاء به وإن كان بغيضاً ، ونرد الباطل على من جاء به وإن كان حبيباً ، ونعرف الرجال بالحق ، فالكبير عندنا من وافقه والصغير من خالفه ، ولم يشرع لنا ابن إباض مذهباً ، وإنما نسبنا إليه لضرورة التمييز حين ذهب كل فريق إلى طريق. أهـ
وإذا كان الأدب مرآة تعكس ما في نفس الأديب من كوامن الأحاسيس فإن الأدب الإباضي قديمه وحديثه طافح بعصارات مشاعر الألم الذي يحسون به بسبب تشتت الأمة وانحلال عقد نظامها ، وإذا كنت أخي القارئ شاهدت صورة من ذلك فيما نقلته لك من قول أديب معاصر فإليك صورة أخرى تعكس مشاعر أديب بارع وعالم جامع من أدباء هذه الطائفة وعلماءها الغابرين ، وهو العلامة الكبير شاعر الإسلام والمسلمين أبو مسلم ناصر بن سالم البهلاني الرواحي الذي طالما انساب يراعه الموهوب ليصور لنا بعبارته الإيمانية همومه وأحاسيسه تجاه أمته ودينه ودونك هذا المقطع من قصيدة له بعنوان: ( أفيقوا بني القرآن):


فيا لبني القرآن أين عقولكم * * * وقد عصفت هذه الرياح الزعازع
أمسلوبة هذي النهى من صدورنا * * * وهل فقدت أبصارنا والمسامع
فليت بني الإسلام قرت صفاتهم*** فما زعزعتها للغرور الزعــــازع
وليتهم ساسوا بنور محمد*** ممالكهم إذ باغتتهـــــا القواقـــــــع
وليتهم لم ينحروا بسلاحهم*** نحورهم إذ جــاش فيها التقاطـــــع
لقد مكن الأعداء منا انخداعنا*** وقد لاح آل في المهامـــه لامــــــع
وسورة بعض فوق بعض وحملة*** لزيد على عمــــــرو ومــا ثَمَّ رادع
وتمزيق هذا الدين كل لمذهب*** له شيع فيما ادعاه تشايــــــــــــــــع
وما الدين إلا واحد والذي نرى*** ضلالات أتباع الهوى تتقــــــــارع
وما ترك المختار ألف ديانة*** ولا جاء في القرآن هذا التنــــــازع

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
  #21  
قديم 08/11/2006, 09:30 AM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
الشيخ محمد بن محبوب الرحيلي

هو الشيخ العلامة محمد بن محبوب بن الرحيل بن سيف بن هبيرة المخزومي القرشي، أبو عبد الله، كهف من كهوف العلم، وأحد المجتهدين، انتهت إليه إمامة الإباضية العلمية في أيامه بالمشرق بعد أبيه، والظاهر أنه ولد في البصرة أو مكة، وليس في عُمان، وعاش في مكة فترة من الزمن، ثم قدم عمان، فتصدى لنشر العلم، من مشايخه: والده محبوب بن الرحيل، والشيخ موسى بن علي الإزكوي، وأخذ عنه العلم كثيرون منهم: ولداه بشير وعبد الله، وعزان بن الصقر، وأبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي، والفضل بن الحواري الإزكوي وغيرهم، وقد ترك ثروة علمية ضخمة، فمن مؤلفاته: (كتاب الجامع) في سبعين جزءا، وكان الشيخ أبو صالح بكر بن قاسم اليراسني من علماء المغرب يقول في (كتاب الجامع): " هذا كلام محقق، فقيه، أصولي"، وله كذلك كتاب آخر في السنة ومصطلح الحديث تحت عنوان (أبواب مختصرة من السنة) لا يزال مخطوطا، وله سير عديدة، وقد وعمل الشيخ محمد بن محبوب قاضيا على صحار بعُمان في عهد الإمام غسان بن عبد الله اليحمدي (حكم عُمان: 192هـ/807م-207هـ/822م)، وفي عهد الإمام الصلت بن مالك الخروصي (حكم عُمان: 237هـ/851م-275هـ/888م) كذلك، وقد توفي الشيخ محمد بن محبوب في صحار بعُمان سنة 260هـ/873مi.
هذه (السِّيرَة) التي نحن في صدد الحديث عنها موجهة من الشيخ محمد بن محبوب إلى الإمام أحمد بن سليمان بن عبد العزيز الحضرمي، من أئمة حضرموت في تلك الفترة، والذي يظهر من نسبه أنه ابن الإمام سليمان بن عبد العزيز الحضرمي، الذي تولى الإمامة بحضرموت في نهاية القرن 2هـ/8م وبداية القرن 3هـ/9م، والذي يظهر أن فترة إمامته كانت مواكبة لعهد الإمامين غسان بن عبدالله اليحمدي (حكم عُمان: 192هـ/807م-207هـ/822م)، وعبد الملك بن حميد (حكم عمان: 207هـ/822م-226هـ/840م)، وذلك أن الإمام سليمان الحضرمي كان من طلاب الشيخ هاشم بن غيلان، وهذا الأخير كان معاصرا للأئمة محمد بن أبي عفان والوارث بن كعب وغسان وعبد الملك، ومات في عهد هذا الأخير، وكان البروز الأكبر للشيخ هاشم بن غيلان في عهد الإمامين غسان وعبد الملك، حيث إنه كان مشاركا في الأحداث التي وقعت في عهد هاذين الإمامين، وكان مرجع الفتوى فنستنتج من ذلك أن الإمام سليمان قصد هاشم بن غيلان لأخذ العلم على يديه في عهد هاذين الإمامين أي بين سنتي 192هـ/807م و226هـ/840م، فنفترض أنه قضى خمس سنوات عند الشيخ هاشم، إذا سيكون غادر عُمان في 197هـ/812م تقريبا، إذا لعل دولته قامت بعد 197هـ/812م، أي أنها كانت معاصرة لدولتي الإمامين غسان وعبد الملك.
ولعل دولته استمرت إلى عهد الإمام المهنا بن جيفر اليحمدي (حكم عُمان: 226هـ/840م-237هـ/851م)، ومما يؤكد ذلك أنه ظهر في حضرموت بعد سنة 237هـ/851م إمام آخر وهو الإمام أحمد بن سليمان بن عبد العزيز الحضرمي، وكانت دولته معاصرة لدولة الإمام الصلت بن مالك الخروصي بعُمان (حكم عُمان: 237هـ/851م-275هـ/888م)، والذي يظهر أن هذا الإمام أحمد الحضرمي هو ابن الإمام سليمان بن عبد العزيز الحضرمي كما يظهر من نسبه، فلعله بويع بالإمامة بعد موت والده، وقد كانت دولة الإمام أحمد معاصرة لدولة الإمام الصلت بن مالك بعُمان (حكم عُمان: 237هـ/851م-275هـ/888م)، إذ إنه في عهده وقعت أحداث وانقسامات في صفوف أهل حضرموت، وأرادوا عزله وتقديم إمام آخر من غير علة، فأرسل إلى الإمام الصلت وعلماء عُمان وعلى رأسهم الشيخ محمد بن محبوب لفك النزاع وربئ الصدع، وللأسف فإن رسالة الإمام أحمد إلى الإمام الصلت مفقودة فعسى أن تكون لازالت موجودة في مكان ما، فيقيض الله تعالى لها من يكتشفها ويخرجها إلى النور.
أوكل الإمام الصلت إلى محمد بن محبوب النظر في أمر أهل حضرموت، والحكم بينهم، فحرر ابن محبوب رسالة جواب لرسالة الإمام أحمد، استهلها بقوله: "بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الإمام أحمد بن سليمان المبتلى بأمور أهل حضرموت ومن قبله من المسلمين، من الإمام الصلت بن مالك المبتلى بأمور أهل عُمان، ومحمد بن محبوب ومن قبله من المسلمين سلام عليكم؛ فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو وصلى الله على محمد النبي وعليه السلام وعلى جميع النبيين، ونوصيكم بتقوى الله ولزوم طاعته بما فرض، والتوسل إليه بما استفرض قبل ولات حين مناص ولا يُقدر على خلاص.. وتقع الرسالة في 11 صفحة، ويظهر من خلال محتوى الرسالة أنه وقعت فتنة عظيمة في صفوف أهل حضرموت، فبغت فئة منهم على الإمام أحمد، وقاموا بمبايعة إمام آخر، وناصبوا الإمام أحمد القتال، وتبعهم بعض الجهال وسفهاء الأحلام.
وقد احتوت رسالة ابن محبوب على نصائح وإرشادات لكيفية التعامل مع هذه الفتنة والقضاء عليها، وتخللها التذكير بالله تعالى، والحث على الجهاد والالتزام بالدين، والرجوع إلى الحق المبين، وتضمنت الكثير من الشواهد القرآنية والأحاديث النبوية وآثار من سير الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وبعض الصحابة، وسير بعض الأئمة والعلماء السابقين...
ولا بأس من أن نعرض بعض المقتطفات من الرسالة، محاولين معرفة كنه هذه الفتنة، متصورين من خلالها بعض الأوضاع التي عايشتها دولة الإمام أحمد بن سليمان بحضرموت.
تقدم ذكر بعض ما جاء في مقدمة الرسالة، ومما جاء فيها بعد ذلك قوله: "... وقد ورد علينا من أخباركم، وحلول الفتنة بين أظهركم، حتى تفرّقَ الشّملُ، ونُزِفَ العقلُ، وطُفِيَ العدلُ، ونُقِضَت العُهود، وعُطِّلت الحدود، وأُطيعَ الشيطان، وقُطعَ الرَّحِمُii رَحِمُ الإسلام، وكُفِرَ الأنعام، وبدأ الناس من الفتن إلى دعوة الجاهلية، وأظهروا العصبية والحمية، فقتلوا عليها النفوس، وحادّوا العزيز القدوس، وأحرقوا الذِّمَار ونسوا الجنة والنار، ونهبوا الأموال، وقتلوا الأطفال، واختاروا على الهدى الضلال، واختاروا على الأمان الأغلال والأنكال، ونارا لا يفك منها الأسير، ولا يجبر الكسير، ولا يرحم فيها الكهل الكبير ولا الشاب النضير، وكلهم يصير إلى شر مصير، وإلى عذاب السعير..."
نستنتج من خلال النص السابق أن هذه الفتنة وقعت في صفوف أهل حضرموت أنفسهم، فتفرق بها شملهم وصفهم، واختلفت كلمتهم ووحدتهم، مما نجم عنه وقوع عدة حوادث من قتل للنفوس ونهب للأموال بل وحتى قتل الأطفال، وثارت بينهم حمية القبلية، فلعل التعصبات والنعرات القبلية كان لها دور في هذه الفتنة العظيمة التي اجتاحتهم.
والذي يظهر أن الفتنة كانت عظيمة حتى أن أهل عُمان تأثروا بها وبكوا للوضع الذي آل إليه إخوانهم من أهل حضرموت ويظهر ذلك من قول ابن محبوب: "... يا أيها الإمام ويا معاشر المسلمين قد أبكيتم منا العيون، وحركتم منا السكون، وتلاحمت علينا فيكم الغموم، وحمت الهموم، إذ كان حزب الشيطان أسرع إلى إجابته من حزب الرحمن إلى نصرته، فهدمت من الإسلام حصونه، وفقيت عيونه، وأنتم قعود أو قيام أو رقود، فإنا لله وإنا إليه راجعون....
ثم قال: "... يا معشر المسلمين من أهل حضرموت، ويا أهل المعروف والنهي عن المنكر، بايعتم إمامكم وأعطيتموه عهدكم وميثاقكم على السمع له والطاعة ما أطاع الله ورسوله، وأنتم تقرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضتان، وتقرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقلوب والأيدي والألسنة، وميتُ الأحياء هو الذي لم ينكر المنكر بقلبه ولا بيده ولا بلسانه...".
نلاحظ من خلال هذا النص ابن محبوب يخاطب أهل حضرموت، ويذكرهم بما اتصفوا به من صفات الخير من كونهم أهل أمر بمعروف ونهي عن المنكر، وذكرهم بالبيعة التي في أعناقهم تجاه الإمام أحمد بن سليمان، وأنهم عاهدوه على السمع والطاعة ما أطاع الله ورسوله، وذكرهم ببعض عقيدتهم من إقرارهم بكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضتان، ويكونان بالقلوب والأيدي والألسنة؛ والذي يظهر أن ابن محبوب تعمد هذا الأسلوب في الخطاب حتى يثير كوامن الغيرة على عقيدتهم، فيرفع بذلك من همهم ويشحذ قواهم ليلتفوا حول إمامهم، بل الملاحظ على غالب الرسالة هذا المنهج من تذكير بالله واستشهاد بآي القرآن الكريم والأحاديث النبوية وسيرة الصحابة والتابعين؛ ويلاحظ كذلك أسلوب التقريع في الخطاب، ومثال على ذلك النص السابق أعلاه.
والذي يظهر أن طائفة بغت على الإمام أحمد، وخرجت عن أمره، وناصبته القتال، ويظهر ذلك من قول ابن محبوب: "... إذ لم تقوموا بصفوتكم، ولم توفوا بعهدكم، ولم تنصروا المظلوم على الظالم، ولم تجاهدوا الباغي الآثم، والله يقول: ?فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ? (الحجرات: 9)، فما عذركم عند الله ولم تجاهدوا في سبيل الله، ولم تدفعوا عن حرم الله، ولم تكونوا مع من بغي عليهم، حتى ينصركم الله أو يتوفاكم إلى جنته...
ويظهر أن الإمام أحمد كان ينوي الخروج إلى اليمن لضمها إلى دولته بحضرموت، ويظهر ذلك من قول ابن محبوب مخاطبا الإمام أحمد: "... وأنت كنت تروم الخروج إلى اليمن لإظهار الحق وإخماد الجور، ولبس المعروف، ووضعه في موضعه، وكتبت إلى أبي عبد الله تستشيره في ذلك، فكتب إليك إذا كنت تخاف أن يخلفك السّباع في رعيتك التي تخرج من عندها فلا أرى لك أن تضيّع هذه الرعية، وتمكن منها الذياب والسّباع بحفظك لغيرها، وتركت رعيتك مقهورة محقورة، فإن قلت وقال من خذلك: أن الرعية التي أحدثت ونكثت، فذلك فعل الرجال، فما جرم الأرامل والأطفال؟ الذين أنت خليفة الأيامى واليتامى، وأصبحت وأمست الأرامل وذوات الخدور قد هتكت عنها الستور، وأنتم في الدور وفي الحبور، وقد أخرجن من الصَّيَاصِي وحسرن عن النواصي، وأنت عنهن نائي قاصي... والذي يظهر أن الإمام أحمد وقع في أخطاء أضعفت من قوة دولته، وذلك بسبب استشارته لبعض الجهّال ممن يتسربل بسربال العبادة، فمما قام به بيعه لخيل وسلاح بيت مال الدولة، وتفريق مالها على الفقراء، وترك صلاة الجمعة، فيقول ابن محبوب في ذلك: "... وقد بلغنا أنك بعت خيل بيت مال الله وسلاحكم، وفرّقت أثمان ذلك مع ما كان عندك من طعام مال الله وماله على الفقراء، وكان ذلك برأي من أشار عليك، مع تركك لصلاة الجمعة، فأبكى ذلك عيوننا، وأبكى قلوبنا، إذ انهزمت بغير قتال، وتركتم أمر الله ليس له وال، ولا هيبة لأهله ولا إجلال، وخلعت عنك جمال ذلك السربال، وأوهنت ركن أهل الإيمان، وأشمت أهل الشنان... فما كنّا نحب لك أن تكسر جناحك ولا تبيع خيلك وسلاحك، ولا تفرق مال الله على الفقراء، ولكن تبذله للنصر، أو تعدّه لغد سترا أو عذرا، فإن إقامة دين الله يوما واحدا أفضل من إنفاق ملء الأرض ذهبا صدقة على الفقراء، ولا نرى لك أن تترك صلاة الجمعات دون الجهاد والإثخان في الأرض...".
والذي يظهر من خلال الرسالة أن بعض من خرج على الإمام أحمد سعى إلى تنصيب إمام غيره، فيقول ابن محبوب: "... وقد بلغنا أنكم تذكرون أو يذكر منكم من ذكر عزل هذا الإمام وإقامة إمام غيره، فاتقوا الله ثم اتقوا الله، فإن هذا جور كبير إن عزلتم إمام عدل على غير حدث، وقد أعطيتموه بيعتكم وعهدكم وميثاقكم على أن تطيعوه ما أطاع الله ورسوله، فهذا عقد لا يحل لكم أن تحلوه إلا بحدث يكفر به الإمام ويحل به دمه، فيستتاب فيصر على حدثه ولا يتوب، فعند ذلك يجوز خلعه، وتحرم نصرته، ويستبدل به من هو أعدل منه.
ثم بعد ذلك بدأ ابن محبوب بتوجيه النصح والإرشاد للإمام أحمد كيف يتعامل مع هذه الفتنة ومع من خرج عليه؟ والمسلك الذي يسلكه؟ فغلب على خاتمة الرسالة أو السِّيرَة التوجيهات السياسية والحربية، وقد أخذت تلك التوجيهات السياسية والحربية ما يقارب من ثلاث ورقات في (م) من ورقة 232-235، وفي (ق) من ورقة 181-183.
والحقيقة إن رسالة محمد بن محبوب إلى الإمام أحمد بن سليمان الحضرمي لخير مثال لمن أراد التعرف على الفكر السياسي عند العُمانيين في تلك القرون الهجرية الأولى، وكذلك فإنها أعطتنا تصورا جيدا عن الوضع الحضاري والعلمي في كل من عُمان وحضرموت، والأوضاع التي عايشها أهل عُمان وأهل حضرموت -خاصة- في تلك الفترة، كذلك فإن هذه الرسالة أو (السِّيرَة) ساهمت في حفظ أعلام تمكنوا من إقامة دول لهم في حضرموت كالإمام أحمد ووالده سليمان بن عبد العزيز الحضرمي، ولولا هذه (السِّيرَة) لغاب عنا جانب مهم من تاريخ حضرموت والعلاقات بينها وبين عُمان في القرن 3هـ/9م.
وإلى لقاء مع سِيرَة جديدة...

i - الدرجيني ، الطبقات ، 2/357- الجيطالي ، القواعد ، 1/54 الهامش ، 1/55 - 56 الهامش - النامي ، دراسات عن الإباضية ، ص50 ، 79 ، 126- 127- الجعبيري ، البعد الحضاري ، ص107 الهامش - الجعبيري ، علاقة عمان بشمال إفريقيا ، ص30- الراشدي ، الإمام أبو عبيدة ، ص27 الهامش ، ص50 الهامش ، ص242- 243- السيابي ، عمان عبر التاريخ ، 2/37 ،69 ، 78 ، 102 ، 104 ، 113- السالمي ، تحفة الأعيان ، 1/107 ، 109 ، 112 ، 119 120، 124 ، 132 ، 133 ، 154 ، 155 ،160 ، 193، - البطاشي ، إتحاف الأعيان ، 1/217 - 219، 250-253- د/ إبراهيم بحاز و د/ حسن الملخ ، الملتقى العلمي حول تراث سلطنة عمان الشقيقة قديما وحديثا ، 1- بحث " تطور علم الأصول في المصادر العمانية ، د/ مصطفى باجو ، ص122 الهامش ، 2- بحث " العلاقات الثقافية بين عمان والجزائر ، محمد بوحجام ، ص235 الهامش ".
ii - " الرحم " لم ترد في ( م ) ، ووردت في ( ق ) ، ففي ( م ) : " ... وقطع رحم الإسلام ... " ، وفي ( ق ) كما أثبتناه أعلاه .
  #22  
قديم 08/11/2006, 09:38 AM
صورة عضوية عبدالله العبري
عبدالله العبري عبدالله العبري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ الانضمام: 15/10/2006
المشاركات: 56
ما قصرت يا ونيس الروح تلقاه من كثر التعريف بيتابض باكر..

اشكرك على التوضيحات خذت قرائتها وقت

انا سني شافعي ولكن ليس عندي اي مشكلة من الاطلاع على المذاهب الاخرى..بل وحتى الاديان الاخرى
  #23  
قديم 08/11/2006, 11:18 AM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
صحيح ان علماء المذهب الاباضي قلة ولكن غزارت علمهم بأوزان الجبال رحمة الله عليهم جميعا وحفظ من بقي منهم بأذن الله
وشكرا لك اخي ونيس الروح

آخر تحرير بواسطة AL n3maan : 08/11/2006 الساعة 11:21 AM
  #24  
قديم 08/11/2006, 12:14 PM
القوس الجارح القوس الجارح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/04/2005
الإقامة: الدنيا
المشاركات: 512
بارك الله فيك ياونيس الروح تسلسل تاريخي وعرض جيد ومعلومات موثقة
  #25  
قديم 08/11/2006, 11:21 PM
الورنتل الورنتل غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 07/08/2006
الإقامة: القشمتل / الجبل الأحمــــر
المشاركات: 381
Arrow

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة دار الظبي
بسم اللة الرحمن الرحيم

يا اخواني فخاطري اعرف شي

كل المذاهب الي اعرفها 4 مذاهب

1- المالكي
2-الشافعي
3-الحنبلي
4-الحنفي
ومن حصر الإسلام على هذه الأربعة فقط ؟؟
وأين بقية الفرق والمذاهب من شيعة وصوفية ومعتزلة وجهمية وغيرها كثير

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة دار الظبي
اما الاباظي ما سمعت فية اقدر اعرف عنة اشياء
وهل تنتظر أن يأتيك العلم إلى فراشك
أين القراءة والإطلاع ؟؟؟


اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة دار الظبي

و بعدين سمعت ان السني ما يتزوج الاباظية هل هو كلام صحيح او بس كلام
بس كلام
وبارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
  #26  
قديم 09/11/2006, 12:05 AM
al-saaid2020 al-saaid2020 غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 01/10/2006
المشاركات: 140
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة AL n3maan
لا يا اخي لان شيخنا العلامة نور الدين السالمي قال عبارة كتبت بحبر من ذهب على قمم سطور التاريخ:


قال
وليس لنا مذهب إلا الإسلام, فمن ثم تجدنا نقبل الحق ممن جاء به وان كان بغيضا, ونرد الباطل على من جاء به وان كان حبيبا ونعرف الرجال بالحق, فالكبير عندنا من وافقه والصغير من خالفه.
ولم يشرع لنا ابن اباض مذهبا وإنما نسبناه إليه لضرورة التمييز حين ذهب كل فريق إلى طريق.
إيه والله يا أخي الكريم - غفر الله لك ولوالديك - إنها لعبارة من هذا الشيخ الكريم - غفر الله له ولوالديه - لو تمسك بها أصحاب المذاهب لما حصل هذا الإنشقاق في الأمة ،فنسأل الله أن يهدينا للحق وأن يجنبنا الباطل إنه ولي ذلك والقادر عليه .

ووالله إن كتابة هذ العبارة من هذا العالم الجليل بحبر الذهب لا تكفي ،،،،،،

وذكرتي بمقولة قرأتها لأحد العلماء وأظنه إبن القيم الجوزية - غفر الله له ولوالديه- حيث قال : ( وإن سألوك عن شيخك فقل شيخي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن سألوك عن جماعتك فقل : هو سماكم المسلمين ، وإن سألوك عن منهجك فقل القرآن والسنة بفهم السلف ) .
دعواتي للجميع بالتوفيق والهداية إلى طريق الحق ،،،،،،،،،،،،،
  #27  
قديم 09/11/2006, 01:28 PM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة al-saaid2020

إيه والله يا أخي الكريم - غفر الله لك ولوالديك - إنها لعبارة من هذا الشيخ الكريم - غفر الله له ولوالديه - لو تمسك بها أصحاب المذاهب لما حصل هذا الإنشقاق في الأمة ،فنسأل الله أن يهدينا للحق وأن يجنبنا الباطل إنه ولي ذلك والقادر عليه .

ووالله إن كتابة هذ العبارة من هذا العالم الجليل بحبر الذهب لا تكفي ،،،،،،

وذكرتي بمقولة قرأتها لأحد العلماء وأظنه إبن القيم الجوزية - غفر الله له ولوالديه- حيث قال : ( وإن سألوك عن شيخك فقل شيخي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن سألوك عن جماعتك فقل : هو سماكم المسلمين ، وإن سألوك عن منهجك فقل القرآن والسنة بفهم السلف ) .
دعواتي للجميع بالتوفيق والهداية إلى طريق الحق ،،،،،،،،،،،،،
جزاك الله خير يا اخي العزيز وغفر الله لك ولوالديك واسأله تعالى ان يعينك على برهما...ووالله ان دعاك لي بهذه الكليمات كل لدمع عيني حقا ان تنزل
  #28  
قديم 10/11/2006, 08:47 PM
طويلب علم طويلب علم غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 06/11/2006
المشاركات: 12
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة AL n3maan
جزاك الله خير يا اخي العزيز وغفر الله لك ولوالديك واسأله تعالى ان يعينك على برهما...ووالله ان دعاك لي بهذه الكليمات كل لدمع عيني حقا ان تنزل
@ إن أسلوب هذا العضو ((( AL-SAAID2020 )))) عجيب حقا،
وأنا دخلت إلى مواضيعه وحواراته مع غيره من الاعضاء من غير مذهبه ولا أدري بالضبط شنوا اهوا مذهبه لأن يقول لكل العلماء والأشياخ من مذهبه او من مذهب غيره يقول كلام يريح النفوس مثل ((( رحمه الله ، أو غفر الله له ولوالديه ، أو غيرها من العبارات والكلام )))

وخير دليل اخونا هذا الي تاثر بهذه الكلام من هذا الشخص الطيب . وياليت كل الذين في منتدى هذا يسون مثله ، وأنا بصراحة اقتنع بكلامه وايد لانه مافيه سب ولا سخرية بس كله كلامه مفيد وفيه ردود مفيدة .

والله يوفق اخوانا (( AL-SAAID2020 )))) وان كان على غير مذهبنا .@
  #29  
قديم 10/11/2006, 10:01 PM
شمس البوادي شمس البوادي غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 24/10/2006
المشاركات: 27
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة طائر القرآن
نعم يا شيخ هذه هي معرفتك ولكن المذاهب كثيرة جدا
واما عن كلام ان اهل السنة لا يتزوجون من الاباضية والعكس فهذا ليس صحيحا
والمذهب الاباضي هو من المذاهب العريقة القديمة جدا
ولكن بسبب الاختلاف في ثلاث عقائد بين الاباضية واهل السنة وهذا اقصده منذ ذاك الزمن
فهنا احد كبار اهل السنة وهو الصاوي قال بان الذين غير من المذاهب الاربعة الذي ذكرتهم انت فهو كافر .. وبعض اهل السنة اتخذ هذا النهج
وهذا غير صحيح
ولكن اقول ليس الكل بل البعض القليل.

والله تعالى أعلم.
علماء الأباضية القدماء ايضا كفروا مخالفيهم وارجو ان تقرأ للسالمي وخميس بن جاعد الخروصي (اذا اذكر اسمه صح)
اذا ليس هناك احد افضل من آخر
المهم هو ان نؤمن نحن بان كل من شهد ان لا اله الا الله هو مسلم فليس هناك اي مذهب لم يكفر الآخر والإدعاء بغير ذلك مخالف للحقيقة

ودمتم
  #30  
قديم 10/11/2006, 11:04 PM
فارس العنزي فارس العنزي غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 09/10/2006
الإقامة: بين الجفون
المشاركات: 27
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة AL n3maan
جزاك الله خير يا اخي العزيز وغفر الله لك ولوالديك واسأله تعالى ان يعينك على برهما...ووالله ان دعاك لي بهذه الكليمات كل لدمع عيني حقا ان تنزل
الله يهدي الجميع الى مافيه خير للبلاد والعباد واصلح الله شأن الجميع
  #31  
قديم 11/11/2006, 07:44 AM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة شمس البوادي
علماء الأباضية القدماء ايضا كفروا مخالفيهم وارجو ان تقرأ للسالمي وخميس بن جاعد الخروصي (اذا اذكر اسمه صح)
اذا ليس هناك احد افضل من آخر
المهم هو ان نؤمن نحن بان كل من شهد ان لا اله الا الله هو مسلم فليس هناك اي مذهب لم يكفر الآخر والإدعاء بغير ذلك مخالف للحقيقة

ودمتم

عفوا يا اخي ولكن هذا الكلام غير صحيح....انت من اطالبك بأن تقرأ عن هذين العالمين...خصوصا الشيخ السالمي عليه رحمة الله......هم خير من ترفع عن منازعة المخالفين....
اريدك ان تطلع على كتبهم...لا من كتب غيرهم...ولا من الانترنت...لان هذه الامور هي من تصف الى العالم ما ليس له.

تحياتي لك
  #32  
قديم 11/11/2006, 07:46 AM
AL n3maan AL n3maan غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/08/2006
المشاركات: 214
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة طويلب علم
@ إن أسلوب هذا العضو ((( AL-SAAID2020 )))) عجيب حقا،
وأنا دخلت إلى مواضيعه وحواراته مع غيره من الاعضاء من غير مذهبه ولا أدري بالضبط شنوا اهوا مذهبه لأن يقول لكل العلماء والأشياخ من مذهبه او من مذهب غيره يقول كلام يريح النفوس مثل ((( رحمه الله ، أو غفر الله له ولوالديه ، أو غيرها من العبارات والكلام )))

وخير دليل اخونا هذا الي تاثر بهذه الكلام من هذا الشخص الطيب . وياليت كل الذين في منتدى هذا يسون مثله ، وأنا بصراحة اقتنع بكلامه وايد لانه مافيه سب ولا سخرية بس كله كلامه مفيد وفيه ردود مفيدة .

والله يوفق اخوانا (( AL-SAAID2020 )))) وان كان على غير مذهبنا .@
شكرا لك يا اخي على هذه اللفته الطيبة وجزاك الله كل خير
  #33  
قديم 11/11/2006, 09:14 AM
ونيس الروح ونيس الروح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 30/09/2006
الإقامة: الأرض
المشاركات: 114
حملة العلم.

إن التاريخ الإسلامي قد حفل بالحواضر العلمية التي كانت مراكز للاشعاع العلمي في كافة أنحاء العالم الإسلامي ، ومن بين هذه الحواضر مدينة البصرة التي أنشئت في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t ، والتي صارت بعد فترة قصيرة من أكبر المراكز العلمية الهامة في الدولة الإسلامية ؛ حيث كانت تعج بالصحابة وكبار التابعين .

ومن هذه المدينة انطلقت الدعوة الإباضية إلى شتى البقاع ، وكان ممن حمل لواءها مشايخ عظام درسوا على أئمة المذهب ثم انطلقوا يبلغونها ويؤسسون على مبادئها إمامات ودولا [1] ، وسمي هؤلاء في التاريخ الإباضي بحملة العلم إلى المغرب وحملة العلم إلى المشرق .

ونبدأ بذكر حملة العلم إلى المغرب لأنهم الأسبق تاريخيا .

أولا؛ من هم حملة العلم إلى المغرب[2] :

تتفق المصادر أنهم خمسة أنفار وفدوا إلى الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة بالبصرة، واحد منهم من اليمن وهو أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح، والباقون مغاربة وهم عبد الرحمن بن رستم الفارسي، وعاصم السدراتي، وأبو المنيب إسماعيل بن درّار الغدامسي، وأبو داود القبلّي .

درس هؤلاء الطلبة الخمسة على يد الإمام أبي عبيدة مدة خمس سنوات من سنة 135 إلى 140 هـ، ثم اتجهوا جميعا عائدين إلى بلاد المغرب الإسلامي ( شمال إفريقيا ) .

1 – أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافيري :

أصله من اليمن، أخذ العلم عن إمام الإباضية وقتئذ أبي عبيدة مسلم في مدينة البصرة، وبعد خمس سنوات من التلقي اتجه مع زملائه المغاربة إلى بلادهم بعد أن أوصاهم شيخهم بإعلان الإمامة إن أنسوا من أنفسهم قوة، وأشار عليهم بعقدها لأبي الخطاب . ولما وصلوا إلى بلاد المغرب استقروا بطرابلس التي كانت آنئذ في اضطراب كبير وسخط على الحكام العباسيين وقبلهم الأمويين، فعقدوا الإمامة لأبي الخطاب فسار في المغرب بسيرة الخلفاء الراشدين . امتدت إمامته شرقا إلى برقة وغربا إلى القيروان وجنوبا إلى فزان . ولكن الأقدار لم تتح له فرصة التمكين لدين الله وسياسة الناس بالعدل، حيث أرسل إليه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور جيشا ضخما بقيادة محمد بن الأشعث الخزاعي، فدارت معركة ضارية بين الجيشين انتهت باستشهاد أبي الخطاب والقضاء على إمامته سنة 144 هـ .

2 – عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الفارسي :

من أكبر أعلام الإباضية وعظماء التاريخ، اعتبره الدكتور سهيل زكار من بين مائة أوائل في التاريخ والتراث الإسلامي . يرجع نسبه إلى الأكاسرة ملوك الفرس . ولد بالعراق في العقد الأول من القرن الثاني الهجري على أكبر تقدير، تزوجت أمه الأرملة بحاجٍّ مغربي فاصطحبها وابنها اليتيم إلى القيروان، وفيها نشأ عبد الرحمن وترعرع، وبها تعلم مبادئ العلوم، ثم صادف نشر الدعوة الإباضية فتعلق بها، ثم سافر إلى البصرة في بعثة علمية للاستزادة من تعاليم المذهب الإباضي والاغتراف من معين شيوخه، وكان ذلك سنة 135هـ، وبعد خمس سنوات عادت البعثة لتحمل على عاتقها عبء الدعوة الإباضية . أجازه شيخه أبو عبيدة في أن يفتي بما سمع منه وما لم يسمع . عينه الإمام أبو الخطاب واليا على القيروان أيام دولته التي كانت من سنة 140 إلى 144هـ . بعد استشهاد أبي الخطاب في معركة تاورغا لجأ عبد الرحمن إلى المغرب الأوسط بعيدا عن نفوذ العباسيين، واعتصم في منطقة تيهرت – بالغرب الجزائري حاليا -، وهناك أسس مدينة تيهرت ( أو تاهرت ) والتي تسمى اليوم بتيارت . وفي سنة 160هـ بايعه الإباضية المغاربة إماما لأول دولة إسلامية مستقلة بالمغرب الأوسط والتي عرفت في التاريخ باسم الدولة الرستمية التي دامت إلى أواخر القرن الثالث الهجري .

ذُكر أن له كتابين أحدهما في تفسير كتاب الله العزيز، والآخر جُمعت فيه خطبه، إلا أنهما لم يصلا إلينا . دام في إمامته إلى غاية وفاته سنة 171هـ [3].

3 – عاصم السدراتي :

من أيمة المغرب الإسلامي، جزائري الأصل، وهو أحد حملة العلم الخمسة من وإلى المغرب . بعد العودة من البصرة سنة 140هـ حمل عاصم لواء الدعوة والتعليم، وظل ينتقل بين القرى والبوادي من جبل نفوسة بليبيا إلى جبال الأوراس بالجزائر . درس على يديه أيمة وعلماء أجلاء منهم الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن ثاني أيمة الرستميين، ومحمد بن يانس وغيرهم . كان مستجاب الدعاء، زاهدا ورعا، كما اشتهر بالشجاعة والفروسية . مات مسموما خلال مشاركته مع الإمام أبي الخطاب في حصار قبيلة ورفجومة سنة 141هـ [4].

4 – أبو المنيب إسماعيل بن درّار الغدامسي :

واحد من علماء الإباضية، أصله من طرابلس الغرب، سافر إلى البصرة في البعثة التي أرسلها سلمة بن سعد والتحق بحلقة الإمام أبي عبيدة المستخفية في سرداب بعيدا عن أعين الأمويين، فقضى معه خمس سنوات في طلب العلم الشرعي وبخاصة فقه المعاملات والأحكام . وبعد رجوع البعثة سنة 140هـ وقيام إمامة أبي الخطاب عُين قاضيا للإمامة، فأدى واجبه وقام به أحسن قيام إلى جانب اشتغاله بأداء رسالته في تعليم الأجيال، وكان من أشهر تلاميذه محمد بن يانس . وبعد مقتل زميله عاصم السدراتي اعتزل القضاء واشتغل بالتدريس [5].

5 – أبو داود القبلّي النفزاوي :

أحد العلام الكبار، أصله من نفزاوة بتونس، أخذ علومه الأولى عن سلمة بن سعد ثم انطلق مع عبد الرحمن بن رستم وزملائه في بعثة إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كرية . بعد عودته من البصرة سنة 140هـ اعتزل السياسة واهتم بالتدريس وتكوين الأجيال، كان غزير العلم حتى رُوي أن الإمام عبد الوهاب مع سعة علمه إذا جلس بين يديه ظهر كالصبي أمام المعلم [6].

ثانيا؛ من هم حملة العلم إلى المشرق[7] :

الذين حملوا العلم من البصرة إلى المشرق عديدون ، ولكن اشتهر منهم الذين حملوه عن الإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي – ثالث أيمة الإباضية - إلى عمان . وقد اختلف في عددهم ؛ فالبعض يرى أنهم أربعة [8] وهم : أبو المنذر بشير بن المنذر ، ومحمد بن المعلى ، ومنير بن النير ، وموسى بن أبي جابر . والبعض يرى أنهم خمسة [9] وهم الأربعة المذكورون والإمام أبو سفيان محبوب بن الرحيل الذي قيل : إنه رحل إلى عمان مع الإمام الربيع في آخر عمره . ولعل الأمر الذي جعل الفريق الأول لا يعتبر الإمام محبوبا من حملة العلم كونه استوطن عمان ولم يكن عماني الأصل ؛ بمعنى لم يذهب من عمان إلى البصرة ثم عاد إلى عمان مثل الأربعة الآخرين ، ولكن هذا الاحتمال يعكر عليه أن هذا الاعتبار لم يكن عند حملة العلم إلى المغرب ؛ إذ كان أربعة منهم مغاربة الأصل – باعتبار – وخامسهم من حضرموت واستقر أخيرا بالمغرب .

1 - العلامة بشير بن المنذر :

هو الشيخ أبو المنذر بشير بن المنذر النزوي العقري ، جد بني زياد ، وهو من بني نافع من سامة بن لؤي بن غالب . من كبار علماء عصره ، ومن أعلام الإباضية بالمشرق في القرن الثاني الهجري. كان له دور بارز في إحياء الإمامة الثانية في أواخر العقد السابع من القرن الثاني الهجري.

المشهور أنه توفي سنة 178 هـ ، ولكن بعض المسائل الواقعة بعد هذا التاريخ يذكر فيها بشير بن المنذر ؛ وأبرزها مسألة براءة بعض العلماء من الإمام المهنا بن جيفر إلى أن مات[10] ، والإمام المهنا كانت إمامته من سنة 126 إلى سنة 137 هـ ، ولا أدري للإباضية مسمى في تلك الفترة غير صاحبنا ؛ إلا ما ذكر في دليل أعلام عمان[11] من أن شيخا يسمى أبا المنذر بشير بن المنذر ، وهو – حسب الدليل – غير تلميذ الربيع ؛ ولكن المعلومات التي جاءت في تعريفه يبدو فيها الخلط بين صاحبنا بشير والشيخ أبي المنذر بشير بن محمد بن محبوب .

والذي أفترضه أن الإمام بشير قد مات بعد السنة المذكورة له ( 178هـ ) ، لأنه ليس من المستبعد أن يدرك إمامة المهنا [12].

2 - الشيخ محمد بن المعلى :

هو محمد بن المعلى الفشحي من كندة ، من أعلام الإباضية في عُمان في القرن الثاني الهجري ، ومن تلاميذ الإمام الربيع ، كان واليا على مدينة صحار العمانية فترة من الزمن ، رشحه العلامة موسى بن أبي جابر للإمامة فاعتذر بأنه شارٍ فقبل منه .

تذكر بعض المصادر[13] أن بعض الإباضية لا يتولونه ولم تذكر سبب ذلك [14].



3 - الشيخ منير بن النير :

هو منير بن النير بن عبد الملك الريامي الجعلاني ، واحد من تلامذة الإمام الربيع بن حبيب بالبصرة، وحملة العلم إلى عمان ، كان من المعمرين ، وقيل إنه مات شهيدا سنة280هـ عن عمر يناهز المائة وعشر سنين ، ويرى الشيخ البطاشي أن هذا خلط من المؤرخين واستبعد التاريخ المذكور ورجح أن المنير المقصود يكون قد مات – على أحسن التقديرات – في نهاية القرن الثاني الهجري ، وأن المذكور بأنه مات سنة 280 هـ هو شخص آخر [15].

4 - العلامة موسى بن أبي جابر :

هو موسى بن أبي جابر الإزكوي من بني ضبة ، وقيل : من بني سامة بن لؤي ، درس على يد الربيع بن حبيب ، وكان من العلماء المشهورين في زمانه ، ولعله كان الأبرز فيهم ، حيث لعب دورا هاما في عمان بعد سقوط الإمامة الأولى سنة 134هـ ؛ إذ كان هو المرجع لمن أراد الحكم بما أنزل الله ، وإليه يعود الفضل في إحياء الإمامة الثانية في أواخر العقد السابع من القرن الثاني الهجري . توفي – ر حمهم الله جميعا – سنة 181 هـ عن عمر يناهز الأربعة والتسعين عاما [16].

5 – العلامة أبو سفيان محبوب بن الرحيل القرشي ثم العماني :

من تلاميذ الإمام الربيع ، وكان ربيبا له ، قيل : انتقل معه إلى عمان في آخر حياته . والإمام أبو سفيان أب لعائلة عريقة في العلم ؛ إذ كان من ذريته علماء فطاحل منهم : محمد بن محبوب وبشير بن محمد بن محبوب وسعيد بن عبد الله بن محمد بن محبوب . ويعود الفضل لأبي سفيان في نقل تاريخ الإباضية الأولى في البصرة وفقه أئمتها، ولكن الكتاب الذي ضمن فيه تلك الآثار قد ضاع وبقيت منه أجزاء مضمنة في كتب أخرى مثل: الطبقات للدرجيني ، والسير للشماخي ، وكتاب الضياء للعوتبي ، وبيان الشرع للكندي وغيرها[17].



[1] - انظر ؛ محمد ناصر : منهج الدعوة عند الإياضية ، r15 وما بعدها .

[2] - أُخذت تراجمهم من معجم أعلام الإباضية – قسم المغرب، إعداد لجنة البحث العلمي بجمعية التراث، القرارة ، الجزائر .

[3] - جمعية التراث : المعجم، ترجمة رقم 544 .

[4] - م س، ترجمة رقم 528 .

[5] - جمعية التراث : المعجم، ترجمة رقم 107 .

[6] - م س ، ترجمة رقم 303 .

[7] - لا تذكر المصادر الكثير عنهم ، وإنما هي ومضات قليلة لا تعطينا صورة كاملة عن تفاصيل حياتهم .

[8] - انظر ؛ العوتبي : الضياء،ج01، ص40 . الكندي : بيان الشرع،ج01، ص13 . البطاشي : إتحاف الأعيان،ج01، ص220،222،224،225 .

[9] - انظر ؛ السعدي : قاموس الشريعة،ج08،358 . السالمي : شرح الجامع الصحيح،ج01، ص04 . مجموعة أساتذة : دليل أعلام عمان، ص150 .

[10] - الكندي : بيان الشرع،ج04، ص159،160،161،201 . ج06، ص133 . ج67-68، ص400 .

[11] - ص34 .

[12] - انظر ؛ السالمي : تحفة الأعيان،إمامة الوارث بن كعب،ج01، ص112 وما حواليها . البطاشي : الإتحاف ،ج01، ص220 . مجموعة من الأساتذة : دليل أعلام عمان، ص34 .

[13] - انظر ؛ العوتبي : الضياء،ج01، ص40 . الكندي : بيان الشرع ،ج01، ص13 .

[14] - انظر ؛ السالمي : شرح الجامع،ج01، ص04 . البطاشي : الإتحاف،ج01، ص224 . مجموعة أساتذة : الدليل ، ص150 .

[15] - انظر ؛ البطاشي : الإتحاف،ج01، ص225 وما بعدها . مجموعة أساتذة : الدليل ، ص154 .

[16] - انظر؛ السالمي : تحفة الأعيان،ج01، ص115 . البطاشي : م س ، ص222 . مجموعة أساتذة : م س ، ص155 .

[17] - انظر ؛ مجموعة أساتذة : دليل أعلام عمان ، ص143 . البطاشي : الإتحاف ، ج01، ص217 .

قائمة المصادر والمراجع



01- البطاشي ؛ سيف بن حمود : إتحاف العيان في تاريخ بعض علماء عمان . ط2 : 1419ه/1998م . المطبعة الوطنية . مسقط .

02- جمعية التراث ؛ لجنة البحث العلمي : معجم أعلام الإباضية – قسم المغرب . ط01 : 1420هـ/1999م . المطبعة العربية . غرداية – الجزائر .

03- السالمي ؛ عبد الله بن حميد :

أ ) تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان . 1417ه/1997م . مكتبة الإستقامة . مسقط .

ب ) شرح الجامع الصحيح . المطابع الذهبية . مسقط .

04- السعدي ؛ جميل بن خميس : قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة . 1403ه/1983م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

05- العوتبي ؛ سلمة بن مسلم : الضياء . ط1 : 1411ه/1991م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

06- الكندي ؛ محمد بن إبراهيم : بيان الشرع . من 1402ه/1982م إلى 1414ه/1993م . نشر : وزارة التراث القومي والثقافة . سلطنة عمان .

07- مجموعة أساتذة : دليل أعلام عمان . ط1 : 1412ه/1991م . المطابع العالمية . مسقط . نشر : جامعة السلطان قابوس . سلطنة عمان .

08- ناصر ؛ محمد بن صالح : منهج الدعوة عند الإباضية . نشر : جمعية التراث بالقرارة – الجزائر .( نسخة مصورة عند وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان ) .
  #34  
قديم 11/11/2006, 11:19 AM
صورة عضوية خالد المحرزي 78
خالد المحرزي 78 خالد المحرزي 78 غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 01/01/2006
المشاركات: 250
بارك الله فيك أخي ونيس الروح على هذا الاثراء ............................
  #35  
قديم 12/11/2006, 07:10 AM
دار الظبي دار الظبي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2006
المشاركات: 116
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة اليوم راحت
مسموح
ولكن الاخ انت عماني ام انك غريب عن الدار

انا لا غريب و لا شي انا من بلدكم الثاني الامارات
  #36  
قديم 12/11/2006, 07:21 AM
دار الظبي دار الظبي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2006
المشاركات: 116
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الورنتل
ومن حصر الإسلام على هذه الأربعة فقط ؟؟
وأين بقية الفرق والمذاهب من شيعة وصوفية ومعتزلة وجهمية وغيرها كثير



وهل تنتظر أن يأتيك العلم إلى فراشك
أين القراءة والإطلاع ؟؟؟




بس كلام
وبارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اوكية اخوي ليش انتة معصب ؟

اولا ما فيها شي لو اني اتعلم محد انولد متعلم و بعدين مو غلط اني اسال الغلط اني استمر في جهلي و عدم معرفتي
  #37  
قديم 12/11/2006, 07:48 AM
سراب الغريب سراب الغريب غير متواجد حالياً
مـشــــــــرف
 
تاريخ الانضمام: 13/02/2001
الإقامة: {عند أقصى بعد للنظــر}
المشاركات: 5,992
Thumbs up

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة دار الظبي
اوكية اخوي ليش انتة معصب ؟

اولا ما فيها شي لو اني اتعلم محد انولد متعلم و بعدين مو غلط اني اسال الغلط اني استمر في جهلي و عدم معرفتي
وفقك الله لتحصيل العلم الشرعي والعلم الدنيوي الحلال

وعتابي على الأخ الورنتل .. ما هكذا تورد الإبل أخي الكريم ،،

تحياتي ،،
  #38  
قديم 12/11/2006, 10:17 AM
الجنان الخضراء الجنان الخضراء غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 14/05/2006
المشاركات: 278
بامكان الاخ التعرف على المذهب الاباضي اكثر من خلال مكتبه كوكب المعرفه

www.ibadhiyah.net
  #39  
قديم 12/11/2006, 11:01 AM
al-muhajer al-muhajer غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 05/08/2006
الإقامة: muscat
المشاركات: 176
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة دار الظبي
بسم اللة الرحمن الرحيم

اما الاباضي ما سمعت فية اقدر اعرف عنة اشياء و بعدين سمعت ان السني ما يتزوج الاباظية هل هو كلام صحيح او بس كلام

و اسمحولي
مسموح الاخو
بالنسبه لتعريف المذهب فالاخ ونيس الروح ما قصر كفى ووفى
واما بالنسبه للتزاوج فاسمحلي انك غلطان لاني اعرف اباضي متزوج سنيه والعكس والامثله كثيره
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة شمس البوادي
علماء الأباضية القدماء ايضا كفروا مخالفيهم وارجو ان تقرأ للسالمي وخميس بن جاعد الخروصي (اذا اذكر اسمه صح)
اذا ليس هناك احد افضل من آخر
المهم هو ان نؤمن نحن بان كل من شهد ان لا اله الا الله هو مسلم فليس هناك اي مذهب لم يكفر الآخر والإدعاء بغير ذلك مخالف للحقيقة

ودمتم
عفوا / أخي او اختي
لقد تكلمت على مشايخ يرفضون التعصب المذهبي واذا قرات بنفسك فارجو منك اعادة النظر
حتى لا تتسرع في الحكم
ودمت بود
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز الصور لا تعمل
رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 09:26 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 126
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.