سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > سبلة الثقافة والفكر

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع تقييم الموضوع
  #1  
قديم 01/09/2006, 08:50 PM
سويري سويري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 13/02/2003
الإقامة: فى عمان الحبيبة
المشاركات: 837
Cool هذا اللقاء الصحفى مع الشاعر سيف الرحبى لاول مرة مع صحبفة محلية

الشاعر سيف الرحبي: أتذكر البيئة الأولى رغم شقاء المحيط في المقاييس اللاحقة تقطعه من فردوس مفقود


23/Aug/2006



"آفاق" تنفرد بنشر نص كلاسيكي من بواكيره


حاوره:عبدالرزاق الربيعي:
كثيرا ما يشبه العمل الصحفي اصطياد السمك والرهان في النهاية يكون على ما يعلق في الشبكة من صيد خبري أو بحري وبدون تخطيط وجدت في شبكتي صيدا شعريا عندما كنت في زيارة للشاعر المبدع سيف الرحبي بمكتبه في مجلة "نزوى" هذا إلا لصيد وجدته على طاولته وكانت قصيدة كلاسيكية فقهية كتبها عندما كان عمره أحد عشر عاما يقول في مطلعها:
يا بارقا باب يحيى الليل ساريه
يبديء الأشاجع مجوى القلب واهيه
هيجت يا برق ذا وجد أخا شغف
هاري الأشاجع مجوى القلب واهيه
فظلت تنضح للجرعى ساحتها
وزدت في القلب نار الوجد تمريه
هل ترولي يا بريق قط من خبر
يشفي الفؤاد ويشفي مايعانيه
اللهم سقه لدار أصبحت عرضا
جون الرباب سكوب الودق قانيه
دع ما شجاك من البرق الوميض وسر
لنحو شيخ كريم الجد زاكيه.
وبعد هذه المقدمة الشعرية التي درجت عليها القصائد الفقهية التي غالبا ما تكون في النسيب والوصف يطرح السؤال الفقهي حيث يقول الرحبي:
ما القول في غضنة وهنانة عجب
تسبي النهى بغضيض الطرف واهيه
القت عقاقير عن نسل تجئ به
والبعل راض بهذا الفعل يدريه
فهل يجوز لهذا الفعل تفعله
أم ذاك دون تمويه
ومن يقل لأخي كقربه مرض
أسائل الله ربي أن يعافيه
فهل يجوز له هذا الدعاء ترى
أم ذا حرام عليه التوب حاكيه
أرجو الجواب تلألأ السن شرق
يضيء جوهره نورا لرائيه
صلاة ربي على المختار سيدنا
ما قام للدين انسان يعانيه.
فيجيب عن تساؤله شيخه:
ما هاجني لمع برق بات ساريه
ولا شجاني رسم في براريه
الى آخر القصيدة فكان لابد لي أن اسأل الرحبي عن حكاية هذه القصيدة التي تبدو غريبة عن تجربته المعروفة كونه واحدا من أهم رموز الحداثة الشعرية العربية المعاصرة فأجاب كتبتها بعمر مبكر جدا حتى انني نسيتها تماما والآن بعد كل هذه المسافات الفلكية لمرور الزمن والسنين والأماكن والوجوه فأجاني الصديق أحمد الفلاحي والصديق الدكتور محسن الكندي عبر سعيهما النبيل في التفتيش والتنقيب في الإرث والكتابة العمانية عبر دفاتر المشاريخ والشعراء والفقهاء التي هي مبعثرة في كل ارجاء عمان ولم يتسن لها النشر أو الظهور فاجاني الصديقان بهذه القصيدة المقفاة والموزونة التي تعود إلى طفولتي الأولى في قرية (سرور) والقصيدة تدور حول سؤال فقهي لأستاذي الشيخ الفقهية والخطاط الشاعر عبدالله بن أحمد الحسيني الاحظ انها بخط جميل أهو خطه؟ نعم لقد كتبها بخط يده الجميل والأنيق الذي لو مارسه على صعيد واسع خارج عمان ربما لأصاب شهرة وثروة نتيجة لجماله الفريد وفي هذا السباق أتذكر صديقنا الشاعر والخطاط العراقي محمد سعيد العكار وغيره من الخطاطين العراقيين والعرب الذين اصابوا هذه الشهرة لكن كما تعرف في عمان وخاصة في تلك الفترة المكان والأفق كانا مغلقين لكن الشيخ الحسيني بقيت لنا انجازاته الكتابية والخطية وبقيت لنا ذكرى شخصه التقي والطاهر والعصبي المزاج كما أتذكر عبر هذه السنيين.
قلت أنك نسيت هذه القصيدة تماما ألا تتذكر المرحلة التي كتبتها بها؟
اتذكر حين جئت إلى مسقط للدراسة في مسجد الخور على يد الشيخين الجليلين أحمد الخليلي مفتى السلطنة والشيخ المرحوم الربيع بن المر أتذكر انني في تلك الفترة كتبت قصائد من هذا القبيل في ذلك المناخ البيئي والديني والثقافي والذي أضحى بالنسبة لي بعيدا أو متواريا خلف ضباب الذاكرة رغم إلحاحه وتأثيره الحاسمين والمستمرين على صعيد الوعي والحياة كما تحدث عن ذلك أدباء وعلماء نفس بأن السنوات الأولى للطفولة والتكوين ستلقى بظلالهاعلى كل الحياة وما تبقى من العمر على صعيد الكائن بصورة عامة ذلك المناخ وتلك البيئة رغم الشقاء المحيط في المقايين اللاحقة أتذكرها الآن كقطعة من فردوس مفقودة وغائب أتذكر ها بكل اجلال واحترام وخاصة في "سرور" عبر الشيخ الحسيني وغيره من شعراء وفقهاء وعبر الامتداد الأكبر نحو البيئة والمناخ الكتابيين والشعريين في "سمائل" حيث يتسع هذا الحقل المعرفي بمعايير تلك الفترة ويخضر ويزدهر وتتعدد أصواته ومشاربه مرجعياته وأتذكر الحلقات الأدبية التي تنعقد هناك في "سمائل" على ضفتي ذلك الوادي الخصيب وغالبا ما يكون الشيخ عبدالله الخليلي على رأس هذه الحلقات الأدبية والشعرية والنحوية ولا أستطيع أن انسى معلمي الشيخ حمود الصوافي الذي سالت عنه من فترة وعرفت أنه مازال في "سناو" مدرسا فقهيا يمارس تأثيره على كوكبة واسعة من التلاميذ.
عندما وصلت السلطنة اصطحبني الصديقان محمود الرحبي وعامر الرحبي إلى "سرور" وهناك قيل لي "في هذا المكان سجى الرحبي عندما كان صغيرا" هل كنت طفلا شقيا ومشاكسا؟
يبدو عبر الوقائع والوثائق انني كنت كذلك كنت صداميا على ما يبدو إلى حد دموي بالمعنى الصبياني للكلمة كانت الشقاوات والخناقات غذاء يومي في القرية بالنسبة لنا لكنني لا أستطيع أن أنسى ذلك الحدث الدموي حين اطحت بصبي أخر ضاربا بـ "المسحاة" على رأسه فقط متخبطا بدمائه البريئه وعلى ما أتذكر أن الصبي راح في غيبوبة لعدة أيام كنت سجينا خلالها في حصن "سمائل" تلك المسحاة المدفوعة بخيال العنف الطفولي كما أتمنى أن تهوي على رؤوس كثيرة في العالم لكن الكسل والشعور بلا جدوى ربما، وأتذكر أن ساجني كان الشيخ محمد بن زاهر الهنائي وهو صديق لوالدي وأيضا كنت كطفل يراعيني ويجلسني عند ابنائه وأقاربه الذين يدرسون في مدرسة دينية ولغوية في اطار الحصن نفسه ومن هناك تعرفت على مجموعة من الأصدقاء الذين مازلت حتى الآن أصدقاء حميمين كعبد الملك الهنائي وعبدالعزيز الهنائي وأحمد الهنائي وغيرهم وقد انتقلنا معا من ولاية سمائل إلى مسقط ودرسنا معا في مسجد الخور صباحا وفي المساء بالمدرسة السعيدية حتى تفرقنا سنوات طويلة لكن حبل الصداقة مازال مستمرا حتى الآن.
هناك كانت البدايات الشعرية الكلاسيكية أليس كذلك؟
في تلك الفترة المبكرة كان الشعر على ما أذكر تختلط فيه الدراسة الفقهية واللغوية وكتابة الشعر المبكر المقلد والخناقات والصدامات الصبيانية الكثيرة كلها هذا مختلط بصغير الجبال المحيط وعواء الذئاب وتفجعات بنات آووى التي تعجى دائما بموت قادم أو مهيبة.
وهل لهذه النشأة بيئة دينية كهذه انعكاسات على تجربتك الشعرية لاحقا؟
ربما كثيرة من الثيمات والمواضيع الشعرية والكتابة تنحدر من تلك البيئة السحيقة المدهشة بجمالها الفض والوحشي فهاجس الموت وحيوان الطبيعة الخاصة والفريدة بتلك البيئة الفريدة وحضور الحيوان والخصب والمجل الشديدي الحضور في تلك الحياة في ابعادها الرمزية والواقعية والخواء والفراغ الشاسع كل تلك الثمات وضنت نفسها لاحقا في الشعر والكتابة والحياة.
وهل لديك نصوص أخرى على هذا النسج الكلاسيكي؟
ثمة نصوص لكن لا أعرف أين هي في بيتنا القديم بـ"سرور" أو مع أصدقاء تلك الفترة البعيدة ربما سيأتي بعضها تباعا بالصدفة كما أتت هذه القطعة الشعرية.
وما هو شعورك حينما وقعت عينك عليها؟
حين رأيت هذه القصيدة لم أقق كثيرا امام فحواها قدر ما وقفت أمام الزمن الذي يوصلني عن لحظة كتابتها البعيدة وكأنها لشخص أخر حيث تمحي الفوارق بين الواقع والخيال بين الأسطر والمعاشر هذا ربما ليس في الأدب الفني وفحسب وانما في الحياة أيضا وجعلتني هذه اللحظة رغم أنني سأدلف الخمسين في العام القادم لكنني أحسست من خلالها انني عشت ألف عام كما عبر "بودلير" عن هذا الزمن الشاق.
بناؤها يدل على انضباطيه عالية وانسجام موسيقى خليلي هل درست العروض في تلك السن المبكرة؟
كنا ندرس في تلك المدارس اللغوية والفقهية النحو والصرف والعروض هذه كانت مقدمة في سياق دراستنا مثل علوم الفقه والدين فلا يمكنك أن تعرف أصول دينك وقواعدها الاعبر معرفتك باللغة بشكل جيد وإلا وقعت في عمى التأويل الجاهل فبجانب سريان العروض كقانون صارم في شعر تلك المرحلة كنا ندرس عبر مراجعة النظرية وما يزيدنا حماسا في هذا الاتجاه أن عالم اللغة العظيم الخليل بن أحمد الفراهيدي ينتمي ولاديا إلى الأرض العمانية فكنا في تلك الفترة أحفاده الأوفياء بالمعنى الحرفي للكلمة.
لكنكم أنفصلتم عنه لاحقا؟
لم ننفصل عن كره أو أعراض وانما حاجة روحية ووعي مختلف ضروريين واعتد أن هذا ايضا به نوع من الوفاء له وليس الخيانة بالمعنى الردي فهو لم يضع هذه العروض في دراساته العميقة لايقاعات الشعر العربي المنجز من زمنه وعبر الأزمات السابقة عليه وهي ازمات شعرية عبقرية وخالدة بكل المعاني الواسعة لم يضعها الا كدراسة واستقصاء وسبر وتوصيف لتلك المنجزات وهو أكبر من أن يلزم بها الأجيال اللاحقة لكي تكون سيفا مسلطا على رقاب شعراء الأجيال اللاحقة ولم يقل ذلك ولم يشر إليه وهو أعمق ذكاء من هذه الطروحات السطحية.



جريدة الشبيبة
  مادة إعلانية
  #2  
قديم 01/09/2006, 08:53 PM
سويري سويري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 13/02/2003
الإقامة: فى عمان الحبيبة
المشاركات: 837
Cool

جائزة السلطان قابوس للإبداع الثقافي لفتة كريمة مهمة جدا في إطار عام الثقافة


30/Aug/2006

الشاعر المبدع سيف الرحبي


عده الحوار الأول الذي تجريه معه صحيفة محلية
الشاعر المبدع سيف الرحبي:
*جائزة السلطان قابوس للإبداع الثقافي لفتة كريمة مهمة جدا في إطار عام الثقافة
*ثمة قدرات مختزنة على الصعيد العماني تبحث عن أفق تتجسد وتتفتح فيه
*في عام الثقافة ينبغي أن تتأسس رؤيا ومنابر وفعاليات تشكل نواة مستقبلية مستمرة

كلاسيكيا فقهيا كتبه الرحبي عندما كان في الحادية عشرة من عمره وفقد مع ما فقد من بواكيره الشعرية فاستفززنا ذاكرته في حوار عده الاول الذي تجريه صحيفة محلية رغم ان عشرات الحوارات أجريت معه على امتداد اكثر من ربع قرن من علاقته مع الكتابة الشعرية "النثرية التي بدأها بديوانه النورسة الجنون" عقبه بدواوين أخرى عديدة لعل آخرها ماثلا للطبع في (بيروت) عن منشورات الجمل وعنوانه (قطارات بولاق الدكرور) واليوم نواصل الابحار.
*يقول الشاعر الباكستاني محمد اقبال "صير الرومي" (طيني جوهرا) مبينا التأثير الذي تركته على روحه نصوص (جلال الدين الرومي) من الذي صير طينك الشعري جوهرا؟
اتصور بالدرجة الاولى تلك البيئة وذلك المكان الذي اشرت الى بعض عناصره بطبيعة الحال بعد معرفتنا للاستعداد وأثر الموهبة وكذلك اذا صح التعبير الارتطامات الكثيرة مع المكان والزمان ومع الشر البشري المهيمن وعلى وجه التحديد لا أعرف ان اعتبر هذا تحديدا أو جزما .
*ألهذا نرى البيئة في معظم ما كتبت بتفاصيلها بثقلها الروحي والنفسي برموزها؟
نعم يمكنك ان تلاحظ فما كتبت من اعمال شعرة ونثرية متواضعة مخترقة بشكل ساطع بتلك البيئة وحيو اتها وتدفقات عالمها الفطري البري وكما لاحظ كتاب ونقاد كثيرون بانني لا استطيع الكتابة في أي شيء حتى لو كانت مدنية متحضرة او مدنية عريقة الا وتحضر حيوات تلك البيئة وعناصرها وهوامها بشكل ملفت وحاسم فتسحيل الكتابة الى ذلك العالم المركب من المشهد الراهن والماضي والاسطورة .
*لكن تجربتك لاحقا جاءت مغايرة تماما للبلديات، ما الذي أحدث هذا التحول
الكبير؟
اتصور ان الانصتاف من تلك البيئة بشروطها القيمية والثقافية المحددة يتيح للانسان ان يتنفس هواء جديدا وان يطرق افاقا لا يعرفها في بيئته المغلقة ولا يفهم من هذاالكلام ان هناك مفاضلة او معيارا وقيمة فكلا البيئتين او التجربتين لهما قيمتها الخاصة ضمن شروطها وزمنها وعلى الشاعر ان يعبر عن نفسه وعالمه بالطرق التعبيرية والكتابية التي يجد فيها ذاته وهواجسه أكثر من أخرى ، والكتابة بمفهومها الاقتراب الى التعبير الحقيقي ادال هي عملية تجريب في اللغة والتعبير وان يجترح باستمرار طرقا ورؤى جديدة تستطيع احتضان تجربته اكثر وان يلم التعبير ايضا اكثر بذلك التشظي والتصدع الذي يهز الكيان الانساني برمته.
*الذي يدقق في قاموسك الشعري يلاحظ ان لغتك قاسية ، هل هذه القسوة جاءت من قسوة جغرافيا البيئة التي نشأت بها؟
استنساج صحيح ، الجغرافيا الشرسة والقاسية التي رأيت العالم لأول مرة من خلالها لا بد ان تمارس هذا التأثير وان تكون عاملا في التكوين النفسي والشعري الذي تتجسد لغته على هذا النحو وايضا اذا شئت معطيات زمننا الراهن الذي ذهب الى اقصى حالات الوحشية والبربرية التي يتواضع ازاءها ما وصف بالعصور المظلمة.
*في مقال كتبه الشاعر الكبير سعدي يوسف نشره في كتابه(خطوات الكنغر) نبه الى سمة اساسية وهي مسألة الاحتماء بعناصر المكان في بعده الروحي والجيولوجي والتراثي، هل شكلت هذه العناصر خصوصية في تجربتك؟
التقاط هذه الخصائص بعنها تجعل الشاعر او الكاتب لا يذوب في النموذج العام للكتابة السائدة عربيا ، بهذا المعنى اتصور في الفترة الاخيرة ثمة التفات ووعي بهذه المسألة التي تحدد خصائصك كشاعر وككاتب عن شعراء ينتمون الى اماكن اخرى، أي أنك تتواصل معهم بقدر ما تختلف عنهم في وعيك وخصوصيتك الشعرية والمكانية ، اتصور ان ثمة شيء من هذا التفرد والخصوصية ودورها تنعكس على الرواية وأشكال الكتابة الأخرى.
*وما مدى مسافة تلاقي هذه الخصائص بشعراء عرب آخرين؟
ثمة خصائص لشعراء معنينيين في منطقة عربية ، أي ان هذا المنظور العام للثقافة العربية لا يلغي تلك الخصائص وتلك التفاصيل ، وانطلاقا هذا التصور انا استهجن كلام بعض انقاد في العالم العربي عندما يرى تجربة في الشعر والرسم والرواية قادمو من منطقة الخليج ، هذه التجربة ذات النزوع الطليعي التجديدي على نحو ما يستهجن لانها لم تمر بالمراحل التي مرت بها بلاد عربية أخرى ، أتصور ان هذه نظرة مبسطة ، فالكل ينتمي لهذا الأرث كما انه ينتمي الى الأرث العالمي.
*قلت لي في حوار سابق ان السياب ويوسف الخال وادونيس وسعدي يوسف وجبرا ابراهيم جبرا ؟ آباءك الشعريون ، ماذا عن البهلاني والخليلي وسواهما من الشعراء العمانيين؟
في تلك المرحلة البعيدة في الذاكرة كانوا اولئك أباؤنا الكلاسيكين المباشرين كذلك كمتداد للسلالة الشعرية العمانية بقدر ما هم امتداد للسلالة الشعرية العربية في عصورها الكلاسيكية المختلفة ، فهناك دائما ابوات ملتبسة .
*بأي معنى؟
ان تولد في منطقة معنية فهذه الاسماء هم أباؤك المباشرون لكت تلتقي بالصدمة الابوية المباشرة ، وشبهة الابوة هي التي تستدعي احيانا نوعا من السجال العنيف معها لكن لا اتصور ان نتبنى اطروحة قتل الاب بالمعنى المتداول بأنهم قدموا للشعراء والثقافة ما يجعلنا ممتنين لذلك العطاء الكبير وتلك الريادة في ارض كانت وعرة بسبب المحافظة الشعرية وهيمنة الماضي بكامل ثقلة وسيطرته.
*هل ثمة طقوس في تتبعها الكتابة؟
ليس ثمة لحظة نموذجية بالكامل على صعيد الكتابة او على الاقل بالنسبة لي هكذا ، فالكل كاتب طقوسه وعاداته في الكتابة والحياة لكني غالبا ما افضل الكتابة في الصباح الباكر جدا قبل ان تنفجر حركة العالم والحياة وتعم المحيط الذي اعيش ، لكن ليست هذه اللحظة التي تشكل القانون الصارم في هذا المجال دائما تجتاحين هواجس الكتابة في اوقات أخرى وفي اماكن مختلفة ، فربما اكتب مساء وانا امام البحر والمياI والفضاء وحركة الحيوات الغامضة في الافق ايضا تستفزني الكتابة ، احيانا اكتب في الطائرة او في القطار أو وانا امشي فليس ثمة قانون ونمط صارم مثلما هي الحياة التي تسكن الشتات والحرية والبحث اكثر من نمط العادات المسبقة والصارمة.
*احتفيت بالقطارات في عنوان ديوانك الجدد(قطارات بولاق الدكرور) أهو نوع من استحضار أزمنة الرحيل المبكر عن السلطنة؟
(بولاق الدكرور) هي حتى شعبي معروف يقع على مشارف الدقي والمهندسين في القاهرة وحين ذهبت اليه في ذلك العمر المبكر للدراسة نزلنا في المكان على مشارف (بولاق) .. في الليل سمعت صفيرا ظننته باخرة ،لإننا كنا في (مطرح) قد تعودنا على هذا النوع من الصفير ، وفي الصباح حين ذهبت الى المكان المجاور رأيت القطارات تعبر سكة الحديد باتجاهات مختلفة فعرفت انه صفير القطار ومنذ تلك اللحظة عرفت ان هناك شيئا في العالم اسمه القطار.
*و(مسقط) المدينة ، لو تحدثت عنها عن أي شيء فيها ستتحدث ؟
يمكنني الحديث عن (مطرح) التي كتبت عنها لانها بعد قريتي (سرور) بولاة سمائل التي ولدت فيها شكلت محطة عاطفية أخرى قادمة من تلك الطفولة التي أضحت بعيدة وغريبة وبالنسبة لي مهما تنوعت الاماكن والوجوه والعلاقات وذكريات الحب والصداقة يظل المكان العماني الاول بجباله وقراو صحاريه وبحارة أي بحيواته المختلفة ذات الطابع الجمالي الوحشي والقاسي اكثر الحاحا من غيره على صعد الكتابة فما ان امسك القلم في اللحظة الكتابية المعينة وأحاول الكتابة عن مدينة او امرأة ومكان الا وتتدفق تلك الطبيعة المكانية الاولى بحضور عناصرها الكثيرة الملحة.
*تبدو مشغولا بالتفاصيل الصغيرة في نصوصك .. أليس كذلك؟
طبيعة الحال ، الشعر يسكن في التفاصيل والاشياء العابرة كما يسكن في الجوهري والازلي واحيانا من خلال رحدك لحركة التفاصيل وعبور الاشياء تندفع كتابة وخيالا التي ما خلف حجابها الظاهري الى الحوار مع الجوهر الروحي للاشياء والعالم ربما جوهر العملية الشعرية لا يتجاوز هذا التوصيف ، فالشعر يمكن ان ينطلق من بوميات كهذه ، لكن اليوميات التي كتبتها واصدرت بعضها في كتاب بعنوان(أرق الصحراء) تختلف في طريقة الكتابة لسيولتها السردية اليومية البسيطة التي لم تدخل في تركيب المتسم بنوع من "التعقيد"الشعري دائما تسلم نفسها لتيار اللغة السائل كما في اللحظات النافذة والهاربة من بين اصابعنا وحياتها متجهة نحو التلاشي والغياب .
*كتبت القصة كفن مجاور ، ألم تجرب كتبة النص المسرحي؟
النص المسرحي المتعارف عليه لم اكتبه لكن ثمة مسرحه ما في القصائد والنصوص الطويلة التي كتبتها مثل (جبال) و(يد في آخر العالم) و(الجندي الذي رأى الطائر في نومه) هذا النص حين قرأءه صديقي المسرحي (جواد الاسدي) قال لي: انه مونلوج دموي عنيف يلقيه ممثل مجنون على خشبة المسرح بمعنى آخر هذا المنحى الدرامي موجود وأتمنى ان اكتب ذات يوم مسرحية حوارية ما.
*بعد مرور ثمانية شهور على تتويج مسقط عاصمة للثقافة العربية لا بد ان نتوقف ونتساءل حول تقييمكم للأشواط التي قطعتها المؤسسة الثقافية؟
بطبيعة احال الحدث بحد ذاته ايجابي ورائع ، لكن بقدر ما يتحقق من عمل ثقافي بتجلياته المختلفة على الارض في الواقع ، رغم اني لا أرى ان الثقافة مرهونة بالمواسم والمناسبات في هكذا عام ينبغي ان تتأسس رؤيا ومنابر وفعاليات تشكل نواة مستقبلية مستمرة ، وان يكون هناك جدل وسجال أكثر ثراء وتنوعا في تقديم الثقافة العمانية بكافة مشاربها واتجاهاتها واصواتها الى العالم وبداهة يجب ان تكثف فيه المناشط الثقافية والفنية والابداعية الى جانب المتجز والمتحقق في هذا المجال اقترح ان يكون هناك مهرجانا ثقافيا شاملا للشعر والقصة والرواية والبحث وان يكون هناك حدثا خاصا ومركزيا في سياق الاحداث والنشاطات الثقافية المتنأثرة والمجزوءة ، وان تضطلع المؤسسة بالمسؤولية بطباعة المزيد من الكتب بافرعها المعرفية المختلفة وان تكون هناك خانة خاصة لنشر الاعمال الكاملة للشعراء الكلاسيكين الكبار والذين ما زال الكثير والكثير في العالم العربي لا يعرفون عنهم شيئا مثل أبي مسلم البهلاني والشيخ عبدالله الخليلي وغيرهما العشرات ، وكذلك لشعراء كتاب محدثين يمثلون المشهد الراهن للثقافة العمانية وان تكون هناك مكتبة عامة تليق بحجم البلاد التاريخي والحضاري تنفرع منها مكتبات مختلف مناطق السلطنة ، ولا بد من الارتفاع بمستوى النشر الى المتطلبات الثقافية والابداعية الموجودة والملحة فنحن نلاحظ في بلد بحجم (مصر) لا يعاني الكاتب فيه أية مشكلة مع النشر المختلفة ليس الكاتب الشهير والمكرس فحسب بل اونما حتى الكتاب الناشئين والمبدئين يجدون مجالا واسعا عبر سلاسل النشر في المؤسسات الثقافية المصرية وما احوجنا نحن في السلطنة الى تكريس هكذا تقاليد ثقافية على صعيد النشر ، بحيث ان الاداء والكتاب في مختلف فروع الابداع يجدون ملاذا لنشر كتبهم وتوزيعها عمانيا وعربيا والملاحظ ليس المشكل على صعيد المؤسسات الرسمية ، وانما ايضا على صعيد الغياب الكامل لدور المؤسسات الاهلية فلا توجد هناك مكتبة أو دار نشر بالمعنى الحقيقي المقنع.
*وماذا عن جائزة السلطان قابوس للأبداع الثقافي؟
الجائزة لفتة كريمة مهمة جدا في اطار هذا العالم الثقافي اتمنى ان تكون مستمرة على نحو ما وان تكون لها صيغة مختلفة يرتأيها المسؤولون والاداريون في هذا المجال تضمن لها استمراريتها.
*ماهي مساهمة مجلة(نزوى) في عام الثقافة العربية ؟
الكلام عن نزوى يندرج في السياق الآنف اياه وكان ينبغي ان تكون هناك فعاليات تتبنها المجلة لكن مع الاسف لم تتم ،وفي حدود المستطاع عملنا على تخصص عدد حول الثقافة العمانية نتمنى ان يكون موفقا وملما بالمشهد الاساسي لهذه الثقافة بشعرها وفنها وفكرها...الخ.
* مضى على انطلاق مشروع مجلة(نزوى) ، 12 سنة ، ما الذي حققته هذه التجربة الفريدة في الصحافة الثقافية؟
يمكن القول خلال تجربة نزوى ان ثمة امكانات ثقافية مهمة وثمة قدرات مختزنة على الصعيد العماني تبحث عن افق تتجسد وتتفتح فيه افق اكثر رحابة واكثر انطلاقا واكثر وعيا بأهمية العملية الثقافية على الصعيد المجتمعي والروحي ومن خلال هكذا منابر شكلت (نزوى) مؤشرا مهما لها صحافة ثقافية ومجلات واندية وجمعيات موجهة بعقلية مستوعبة للهم الثقافي والابداعي والانساني وان تتفاعل مع الثقافات الاخرى وان تؤثر وتتأثر بصورة صحية وابداعية اكثر من السائدة الآن الذي فيه الكثير من التخبط والاحباط وانعدام ارؤيا الحقيقية لها لما تشكلة الثقافية من دافع صميمي من عملية التقدم الحضاري بصورتها الصحيحة والعميقة ، وان تكون واجهة صدامية بالمعنى المستنير والمضيء تجاة الافكار الظلامية المدمرة التي لا ترى الاشياء والحياة والتاريخ الامن زوايتها المحدودة والضيقة ايما ضيق.


جريدة الشبيبة
ملحق افاق
  #3  
قديم 01/09/2006, 10:09 PM
مصطفى السبلة مصطفى السبلة غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 13/04/2004
الإقامة: M-Oman.net/vb
المشاركات: 1,042
رائع هو سيف الرحبي

كل التوفيق له..
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 12:11 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 126
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.