سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > سبلة الثقافة والفكر

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع تقييم الموضوع
  #1  
قديم 16/08/2006, 10:21 AM
سويري سويري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 13/02/2003
الإقامة: فى عمان الحبيبة
المشاركات: 837
Smile حسن بن مكران وشيروك الزطي إذ جرفهما السيل بقلم :أحمد الرحبي

حكاية عمانية حسن بن مكران وشيروك الزطي إذ جرفهما السيل


أحمد الرحبي





هزئ حسن بن مكران بالوادي فجرفه السيل مع سيارته الكلوزر. هو جاء من الساحل لجأ إلي الواحة في إحدي هجرات الصيف التي اعتاد عليها سكان السواحل إلي واحات الداخل الجبلية هرباً من شدة الرطوبة الخانقة التي يبثها البحر وحرارة الشمس المحرقة في الصيف حيث الشجر الذي يقي من هذه الحرارة قليل، فلا شيء علي وجه الأرض هناك إلا الرمل الساخن والهضاب البركانية السوداء التي تختزن حرارة النهار بطوله وتؤججها حمماً في المساء، والتي تنفذ في أجزاء كبيرة منها في عمق البحر وكأنها تغطس في مياهه لتطفئ الحريق الذي يشتعل فيها وتأخذ حماماً منعشاً من عناء ذلك.
لم يستطع أن يفرق المسكين بين موج البحر الذي ينكسر علي الشاطئ مخلفاً رغوة بيضاء نظيفة أو الذي يمكن التعامل معه بمهارة والعوم في مياهه وبين تيار السيل الجارف يؤججه شبق سنين من القحط ينطلق في عنف من سفوح الجبال لا يلوي علي شيء، جرفه الوادي حمله تيار المياه الذي يندفع بغزارة شديدة، هو وسيارته ضمن ما يحمل من أعجاز نخل يقودها أمامه مسجاة، وسقط متاع منازل مشرعة علي مجراه وربما جاثمين غرقي كان قدرهم كقدر حسن بن مكران، خبأها في لجته الغبراء التي توقظ الخيال عند أطفال الواحة بالأمنية في أن ما يرونه في غزارة تفيض بها ضفاف الوادي، شاي بالحليب اعتادوه من الأمهات في صباحاتهم مغمس بالخبز اليابس قبل أن يقذف بهم إلي سقيفة معلم الواحة الأعمي يقرأون كتاب الله علي يديه بين إغفاءة عين وصحوة أخري، يذيقهم الويل بعصاه.
القرويون من سكان الواحة وقد صروا اللؤم في لحاهم الطويلة المشعثة الشاخصون بالحسد والمكر من عيونهم التي يبللها بسائله الدبق صديد التراخوما وقفوا علي حافة الوادي في مجموعات وقد بدوا أكثر حذراً من أن يفرطوا بأجسادهم الهزيلة الضامرة طعماً للسيل، فهم بانتظار أن تنجلي لجته ليلتفتوا لتصريف حصتهم من الماء التي خلفها خوة لمروره، يقتاتون عليها أعواماً بطولها.
لقد ظلوا يتداولون ويتناقلون تلك القصة بإضافات وزيادات شتي حتي طغت علي تفاصيل الحادثة الأصلية وسط متعة أحاديثهم عن السيل في تجمعاتهم ومجالسهم عمدوا في رواياتهم بإضافاتها وزياداتها بايقاظ حسن بن مكران من مماته وتقليبه بين ألسنتهم علي شتي صنوف الإدانة والاستهجان من فعلته الخرقاء حين جرؤ علي اجتياز الوادي بآلته اللعينة كما يصفونها لا يحمل إلا تحدياً أرعن وتجاوزاً وقحاً لحدود سرمدية لا يقاس جسمه ****** وإمكانيات آلته صنيعة الكفر بمدي قدراتها وقوتها، إذ لا حيلة لطينة أرضية خلقت من ماء مهين إلا الذوبان والامحاء في مياه نهر الفناء والعدم في نظرهم، لقد كان كفرا مبينا. هزئ من مشيئة قدرة مقدرة. إلي الهلاك سعي، فحصد الهلاك ، لم يكن شيء يحضهم علي التعاطف مع قصة حسن بن مكران وحادثة مماته غرقاً في السيل منذ أن أطلق حسن مكران ذات أصيل في سوق الواحة أمام أسماع الكثير منهم، تحدياً علي اجتياز الوادي في عنفوان السيل بسيارته، والتي أعلي من شأنها بمديح خصالها أمامهم، معطياً هذا التحدي زخماً من التصميم والثقة بما هو مقبل عليه من فعل وضمانة نتيجته في الأخير. تعن لهم المقارنة في معرض هذه القصة الشديدة العبرة، مقارنة بطلها أو ضحيتها حسن بشيروك الزطي (الغجري) في حادثة مماثلة كانت مقدمتها تقطر استهزاء وتحدياً للوادي وكانت في نهايتها عبرة لكل معتبر حدثت مع سيول جائحة السبعين التي لم تبق ولم تذر من البشر والحيوان والشجر والحجر.
كان الزطي الحداد شيروك قد نزل ورهطه من الزط المنبتين من أواصر حمولات أهل الواحة وروابط العشيرة والقرابة بين سكانها المقذوفين في فراغ الحسب والنسب وفراغ اللامكان، علي أطراف الواحة في خيام من الشعر مهلهلة منكبين في كد ونشاط في صناعة حدادتهم وممارسة الحجامة أما نساؤهم فاعتيادهن اليومي كان طرق أبواب البيوت بذل السؤال، وممارسة الختانة كاختصاص آل إليهن احتكاره من قديم الزمان، وعندما كانت رؤوس الجبال تتحسس علي سفوحها ومنحدراتها أول بدايات تشكل مدحلة السيول التي تنحدر من ارتفاعات شاهقة وقد اندلقت قرب السحاب العملاقة بمخزونها من المياه بعنف كان يواتيه تلبد السماء واكتظاظها بالغيوم السوداء التي بدت واطئة قريبة من الأرض لفرط ثقلها بالماء. انهمك شيروك يتسلق جذع نخلة هرمة تتوسط الوادي استزرعها تيار السيل في مجراه فسيلة مشاعا وبما أنها كذلك أمل بمعالجة طلع عذوقها بالتخصيب أن يتمتع بجنيها في موسمها القادم وبرغم تحذيرات العارفين بخطورة كبيرة تدخل في غمارها تلك اللحظة الفاصلة من الوقت وقد بدت قبة السماء كثوب حداد داكن يزيده شخبه المتواصل منذ ساعة بالمطر الغزير قتامة تنذر بانفجار جنون السيل بهديره الجارف وبالنسبة لهذه النخلة فهو يستكمل مهمة جريانات سيول عديدة مصممة علي تأثيث مجراها بنفسها تصميما لا يجرؤ أحد علي تحديه أو الإخلال بنظامه، تسعي فيها سعياً دؤوبا لاقتلاعها من جذورها.
والسيل يخض مجري الوادي بتيار مياهه المندفعة الهادرة في جنون تكتسح كل شيء يواجهها، تبدو النخلة للنظارة المجتمعين علي ضفة الوادي يرفعون عقيرتهم بالاستغاثة وبالاندهاش في سعة حدقات عيونهم والهلع البادي علي قسمات وجوههم من أثر المشهد الذي يعايشون تطوره نحو التأزم الكارثي، وتدا مغروسا في الماء فهي إلي منتصفها كانت مؤتزرة بالمياه التي كانت تضطرم حول ساقها الأعجف بتيار وتموجات هادرة كوحوش كاسرة قد أخلت الفرصة السانحة بينها وبين فريستها، وكان شيروك الذي يتدلي من أعلي القمة يبدو كسعدان خانه ذكاؤه.





كاتب من عُمان

القدس العربى
16/8/2006

آخر تحرير بواسطة سويري : 25/08/2006 الساعة 02:55 PM
  مادة إعلانية
  #2  
قديم 17/08/2006, 09:17 PM
ماجده ماجده غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ الانضمام: 22/01/2006
المشاركات: 89
قصه ممتعه صراحه....مشكور عزيزي سويري
  #3  
قديم 19/08/2006, 09:17 PM
صورة عضوية صقر الخالدية
صقر الخالدية صقر الخالدية غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2000
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,253
Thumbs up

حسن بن مكران هذا يتكرر معنى حتى الان كلما هطلت الامطار وسالت الاودية
  #4  
قديم 25/08/2006, 11:43 AM
الاول-1 الاول-1 غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 13/02/2005
المشاركات: 3,018
جميل ،،،
بارك الله فيك
  #5  
قديم 25/08/2006, 01:52 PM
المجبور المجبور غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 09/12/2005
الإقامة: في بلاد العز (( عمان ))
المشاركات: 642
قصه ممتعه صراحه....مشكور عزيزي سويري
  #6  
قديم 25/08/2006, 02:53 PM
سويري سويري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 13/02/2003
الإقامة: فى عمان الحبيبة
المشاركات: 837
Thumbs up

ولكم الشكر على مروركم وقرائتكم ........
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 03:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 126
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.