سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > سبلة الثقافة والفكر

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع تقييم الموضوع
  #1  
قديم 26/10/2006, 02:52 PM
سويري سويري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 13/02/2003
الإقامة: فى عمان الحبيبة
المشاركات: 837
Smile حريق المخبز اللبناني ... بقلم : يونس الأخزمي

حريق المخبز اللبناني





يونس الأخزمي







الحريق الذي شب في المخبز اللبناني في وسط العرين والتهمه بأكمله كان سببه البيت الكبير الذي يقف بجانبه. يجزم يوسف بذلك، ويقسم بأن الشرارة التي أحرقت المخبز انطلقت من البيت الكبير ولم تكن صاعقة كما يدعي أصحاب ذلك البيت وهم يحاولون إخفاء الحقيقة. لقد شاهد يوسف كل شيء بعينيه وهو يمر من أمام المخبز في نفس الوقت الذي انطلقت فيه الشرارة.
منذ أن وقف المخبز بجانب البيت الكبير حتى جن جنون أهل البيت. «كيف جاء هذا المخبز؟ ومن بناه؟ ومن سمح لهم بفتح مخبز بجانب بيتنا الذي يعرفه الجميع بأنه أكبر بيت في العرين، بل في مطرح كلها». سمعهم يوسف قبل أيام يشتكون من كثرة الدخان المنبعث من مدخنة المخبز وهم يقفون بجانبه، وغضبوا على تزايد عدد الهنود أمام البيت وصعوبة خروج الفتيات والحريم من المنزل كما اعتدن أن يفعلن طوال السنوات الماضية.
ينتاب يوسف الفزع حين يدخل البيت الكبير ذاك. فهو أكبر بيت في العرين بلا منازع، حتى بيت جده الذي يعتبر كبيرا هو الآخر لم يكن ليصل لحجم البيت الكبير المعروف. كان الفزع ينتابه مع أول خطوة يخطوها داخل البيت مسلما ومعيدا على أهله، يعرف العمة، تبتسم له وتقدم له عيديته: الخمسين بيسة. كانت تلك العيدية أعلى ما يمكن أن يحصل عليها أي طفل في العرين، وكان هو من بين المحظوظين. لكنه ورغم حداثة سنه - وكان يأبه كثيرا بحجم العيدية - دائما ما يستغل الفرصة للتحديق في جدران البيت العالية وموائد الطبخ الكثيرة. كان المجلس أمامه عاجا بالرجال الذين جاءوا معيدين من البحر وحارة الشمال. أكثر ما يميز ذلك البيت رائحة الرز المزعفر والتي تفوح في ضواحي مطرح كلها. تظل العديد من البيوت منتظرة لحظة توزيع ذلك الرز بشغف وجوع.
تقول له جدته بأن البيت الكبير هو البيت الوحيد الذي يوجد فيه غرفة نوم كبيرة بحمامها المغطى مدخله بستارة من قماش، «في ذلك البيت» تقول جدته «لا يجب على الحرمة أن تخرج لقضاء حاجتها إلى خارج غرفتها خوفا من عيون الليل». وتذهب الجدة في وصف السجادات والأقمشة والأثاث الغالي الأثمان الذي زين به البيت.
ورغم استقبال عمته رحيمة له بابتسامة واسعة جميلة كمن يستقبل ابنه، إلا أن يوسف كان يبقى متحيرا: «هل كانوا يحبونني أنا بشكل خاص أم أنني كنت واهما فقط؟» يخيل إليه أنه ربما يكون واهما وفقط، فلا يمكن أن يحبونه كل ذلك الحب ويمنحونه خمسين بيسة فقط، وابتسامه.
لم يقل يوسف لأحد ما رآه، احتفظ بالسر لنفسه حتى يخبر به عمته رحيمة ذات يوم حين يجدها تجلس لوحدها. سيخبرها بأن أحد سكان البيت هو من أطلق الشرارة التي قضت على المخبز وحولته ركاما ورمادا. ربما حينها ستدخل في جيبه ريالا بدل الخمسين بيسة وتطلب منه أن يبقي على الأمر سرا بينهما.
في هذا العيد، وكالعادة وبعد أن خرج يوسف من البيت بصحبة أخيه الذي يصغره بسنة وبعد مرورهما على بيت كريمه والكيومي وسالم مطر وبيت الحناه وبيت العلوي والبيوت الأخرى في المثاعيب، وكان دائما يخطط أن يكون البيت الكبير آخر محطاته ومسك الختام، دخله وكما توقع كانت العمة رحيمة هناك بانتظاره بابتسامتها ونظرة العطف من عينيها. وحين جاءت لتسلمه عيديته كان قد تهيأ لإخبارها بما رآه، إلا أنه فوجئ بها وهي تسلمه مائتي بيسة هذه المرة، فخرس لسانه وأصابه الوجوم.
لم تكن المائتا بيسة كافية لترضيه أو لتسكته لكنه فكر مليا في الأمر، واعتقد جازما بأنهم قد رأوه وهو يلمحهم يطلقون الشرارة على المخبز، ولذا زادت حصته لتصل إلى المائتي بيسة هذه المرة، والتي بالتأكيد ستزيد في المرات القادمة حتى تصل لأكثر من ريال. ومما زاده يقينا وجه ولدها محمود الذي سلم عليه وسأله عن اسمه وطلب منه أن يوصل سلامه لأبيه مدعيا أن «أبوك صديقي منذ الصغر». ومما أكد له ما في ظنه أن عمته الأخرى «حليمة» التي ترتدي برقعا أزليا فلا يعرف من وجهها سوى العينين كانت هي الأخرى قد أهدته قطعتي حلوى ومسحت على رأسه بحنان. «إنهم يعرفون أنني رأيت كل شيء وأعرف كل شيء».
خرج معاهدا نفسه بألا يبوح بالأمر لأحد، وسيرى كم سيعطونه من عيدية في العيد القادم ليقرر بعده ماذا سيفعل.
في كل الأحوال لا تزال عينا يوسف تجولان في مساحات ذلك البيت الواسع بغرفه الكبيرة والمصطفة بإحكام بجانب بعضها البعض. «بالتأكيد أكبر من بيت جدي».
وبالتأكيد، فما يزال يوسف الشخص الوحيد الذي يعرف السر وراء احتراق المخبز اللبناني، واليد الخفية التي أحرقته. المخبز الذي انتقل من مكانه بعد ذلك واستقر أسفل باب المثاعيب بجانب بيت صغير جدا هذه المرة، لم تلمسه شرارة الاحتراق حتى الآن. هو الوحيد الذي يعرف السر الخطير، السر الكبير ككبر البيت الكبير، في حين يقترب العيد القادم من العرين بسرعة.














-تمت-
مسقط، اكتوبر 2005

جريدة عمان
ملحق شرفات
  مادة إعلانية
  #2  
قديم 30/10/2006, 10:22 PM
Abn_Alarab83 Abn_Alarab83 غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 30/10/2006
المشاركات: 27
سبحان الله
كانت هناك اكثر من طريقه لحل مشكله هذا المخبز بدلا من ان يحرق
ولكن سوء التصرف والتسرع دائما يقودان المرء الىالطريق الغير صحيح
ويورثان الحقد والكراهيه بالاضافه الى المشاكل التي تتبعها
فلو تخاطبو مع صاحب المخبز من الفتره الاولى او خاطبو الجهات المختصه
لاختصرو كل هذا العناء ولوجدو لهاذه المشكله الحل الانسب

الله يهديهم ويصلح بينهم
  #3  
قديم 31/10/2006, 12:42 PM
صورة عضوية النور الوضاح
النور الوضاح النور الوضاح غير متواجد حالياً
أبو الجلندى
 
تاريخ الانضمام: 18/12/2000
الإقامة: المدينة العظمى
المشاركات: 5,590
http://om.s-oman.net/showthread.php?t=315377
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 06:15 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 127
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.