سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > السبلة العامة

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع تقييم الموضوع
  #1  
قديم 26/07/2004, 05:09 AM
#المنار# #المنار# غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 13/01/2004
المشاركات: 162
رحلة (6) ..أبو العتاهية

واعلنت السفر من جديد , جولة جديدة اسعدت بها ,, فكم هي الأوقات التي تمر علينا ثقيلة مملة مشحونة بالكسل والملل , والأسواء أن تكون مشحونة بأفكار لا غاية ولا هدف ...
ساقتني قدماي حيث ترتاح نفسي , لتمتد بعدها يدي , واتخير من بين مجموعة صغيرة قد تكاتفت معا وتعاهدت على ان لا تتركني وحيدة غارقة في أفكاري ..وبينها اخترت ديوان " أبي العتاهية "
شرح وتعليق : أنطوان قوال
قد يقول البعض ما في الشعر من فائدة سوى الأستمتاع بأصوات الطبيعة , والسباحة بتصاوير وتعابير جميلة , فيه من الكلمات ما يرق له القلب وقد تنزف العين ..

لن اختلف في هذا بل أوؤكده ,,ولكني أضيف أن من الشعر أو الكلمات بشكل عام ما يرق له القلب ليعود إلى حضن الأسلام , وتنزف العين أساً وقهراً على ما ضيعت , وتضع الحقيقة في قالب جمالي بديع , هنا ليس لك إلا أن تقرر أن تنتزع روحك من أزقة الحياة , ماضياً بها إلى حيث ترضى ...وتهنأ .

اعزائي ... ما أظن أنه من بيننا من لم يمر على بيت من أبيات أبي العتاهية التي تشهد له حروفه بشاعرية امتاز بها عن الكثيرين حيث قال عنه سلم الخاسر : " إنه أشعر الجن والإنس "
وقال أخر : " كان حلو الانشاد , مليح الحركات , شديد الطرب , أقدر الناس على وزن الكلام , حتى أنه كان يتكلم بالشعر في جميع حالاته , ويخاطب به جميع الناس " ..
فشعره لطيف المعاني , سهل اللفظ , قريب المتناول , فقد وصفه الأصمعي : " شعر أبي العتاهية كساحة الملوك يقع فيه الجوهر والذهب والتراب والخزف والنوى " .
من هو أبو العتاهية ..هو اسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان مولى عنزة – أمه أم زيد بنت زياد المحاربي مولى بني زهرة .

وسبب اللقلب الذي عرف به لها روايتان : الأولى . ان الخليفة المهدي قال له يوما : أنت أنسان متحذلق معته . والرجل معته إذا كان مجنونا مضطربا في خلقه , ويقال للرجل المتحذلق : عتاهية .
أما الرواية الثانية : إنه كان يحب الشهرة والمجون والتعته ..فلقب بذلك .

ولكن أياً كان سبب اللقب , يبقى أبو العتاهية هو الرائد في شعر الزهد , وقد أكثر من ذكر الموت وأهواله , وذكر الدنيا وغرورها ..ووعظ الناس بتركها والاستعداد ليوم المعاد , وبالاكتفاء بما هو ضروري في حياتهم الفانية ..هذا هو ابو العتاهية كان في شعره رسالة لمن يعتبر ..مواعظ وارشاد بالطريقة التي يتقنها فلو أن كل مسلم سخر قدراته في الدعوة للخير لكنا في خير ...
بالرغم من ان البعض يشكك في مصداقيته ...( لا تعليق..!!! )

اتصل ابو العتاهية بالخليفة المهدي وكان من جلسائه , وبدأ بشعر المدح والغزل ..وقيل أنه تركه بسبب جارية الخليفة التي طلبها من الخليفة فرفضته وترك شعر المديح والغزل لهذا .
واتصل أيضاً بالخليفة هارون الرشيد وكان أحد ندمائه , إلا أنه ترك منادمته , ومال في شعره وحياته إلى التزهد , مما أغضب الخليفة فحبسه , ثم أطلقه ولم يعد شاعرنا للغزل ومات في زمن المأمون ..

هذه نبذة بسيطة وسريعة عن أبي العتاهية ...وهنا تأتي الصفحات لتفيض حكمة وروعة المشاهد , وأصوات تدعو إلى التأمل والتفكر .. تبهج النفس مرة وتدمي القلب مرة بسبب تقصيرها , لترجع الأمل بعدها ..وهكذا في تتابع .

** قسم الشارح الديوان إلى عدة أبواب حسب الأحرف الهجائية ..منطلقاً بالهمزة , ماراً على الأحرف جميعاً , منتهياً بالياء ..
ومن البداية أختار ..
كم من صديق لي أسارقه البكاء من الحيــاء
فإذا تأمل لامني , فأقول ما بي من بكـــــــاء
لكن ذهبت لأرتدي , فطرفت عيني بالرداء

*ما كدت انتهي من قرأتها لتقع عيني على الأبيات التالية ..في باب الألف اللينة , حيث يقول :
إن الطبيب بطبـــه ودوائه ,.............. لا يستطيع دفاع مكروه أتى
ما للطبيب يموت بالداء الذي قد............ كان يبرئ منه , فيما قد مضى
ذهب المداوي والمداوَى والذي ............جلب الدواء وباعه , ومن أشترى

نعم هي الحقيقة الغائبة , بل هي الحقيقة التي نحاول نسيانها , حقيقة الفناء المحتم الذي لا مفرمنه , فإن كان هناك من هو أولى بالبقاء من البشر لكان الرسل والأنبياء , فكيف ونحن الضعفاء ..!! عجبي على الدنيا ومن فيها يتسابقون إليها وهم لا محالة تاركيها ...!

فها هو ذا يردد منشدا ..
مالي مررت على القبور مسلما قبر الحبيب , فلم يرد جوابي
لو كان ينطق بالجواب لقال لي : أكل التراب محاسني وشبابي

فهذه هي النهاية كلنا من التراب وكلنا إلى التراب ..!

وهنا دعوة لمراجعة النفس وتدارك الأمور قبل الموت ..في باب التاء, حيث يقول :
نسيت الموت فيما قد نسيت ......... كأني لا أرى أحداً يموت
أليس الموت غاية كل حي ........... فما لي لا أبادر ما يفوت
نحن لا نريد ان نذكر الموت ربما خوفاً , وربما رغبة وطمعاً في الدنيا , ولكن هل نسيانه يقينا منه ؟؟!

ثم مع تقليب الصفحات قرأت قوله :
لا تفرحن بما ظفرت به ........ .... وإذا نكبت فأظهر الجلدا
وإذا نطقت , فلا تكن هذراً........ واقصد فخير الناس من قصدا
واحفظ أخاك لما رجاك له ........ وإذا دعاك , فكن له عضدا
وارفع نواظره , وكن سنداً .........فلقد يكون أخو الرضا سندا
وتعاهد الإخوان , إنهم .......... زين المغيب , وزين من شهدا

وكان هذا حينما طرقت باب الدال , اذاً لم يكن أبو العتاهية داعياً لذكر الموت ومحاسبة النفس وترك لهو الدنيا وما فيها فحسب , بل كان له في الحكمة مجال ..
فها هو ذا يدعو إلى ترك اليأس والحزن , كما هي دعوة لأن يكون لكل امرئ هدف , والمحافظة على الأخوة التي حث عليها الرسول الكريم الأخوة التي لا تندس من خلفها رغبة أومصلحة , أخوة صادقة .أخوة تسحب الخليل إلى درب السعادة , إلى رضى الرحمن .

(( وهكذا مضى بي الوقت , ولم تنتهي رحلتي بعد , إذاً لي عودة ..
يتبع ......
  مادة إعلانية
  #2  
قديم 26/07/2004, 05:12 AM
#المنار# #المنار# غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 13/01/2004
المشاركات: 162
نكمل .....
عدنا من جديد ...
لم أطل المكوث عند ذلك باب الدال , وها انا اقف عند باب الراء ..واقف عند ابياته :
لله عاقبة الأمور , ......... طوبي لمعتبر ذكور
طوبي لكل مراقب لله , ......... أو أب شكور
يا دار ويحك ! أين......... أرباب المدائن والقصور
منيتنا , وغررتنا يا .........دار أرباب السرور
بل يا مفرقة الجميع .........ويا منغصة السرور
أين الذين تبدلوا .........حفرا بأفنية ودور
زرت القبور فحيل بين......... الزور فيها والمزور
أأخي ! ما لك ناسيا .........يوم التغابن في الأمور
لمثل هذه الأبيات قادرة على ان تسترجع عقول تاهت في ملهيات الدنيا ....ونقول :
من السعيد ! غير الذي بالله يستعين ويستجير , من السعيد ! غير الذي نجاه ربي من السعير , من السعيد ! غير الذي بهدي الرسول مستنير , من السعيد ! غير الذي قد استعد للنفير...بلا هذا هو السعيد حقاً.

ويأتي بعد هذا ليذكر الحزين المسكين ويوصفه في هذه الأبيات ..

نسيت منيتي وخدعت نفسي .........وطال علي تعميري , وغرسي
وكل ثمينة أصبحت أغلي بها .........ستباع من بعدي بوكس
وما أدري , وإن أملت عمراً , ......... لعلي حين أصبح لست أمسي
وساعة ميتتي , لا بد منها , .........تعجل نقلتي , تطيل حبسي
أموت , ويكره الأحباب قربي , ......... وتحضر وحشتي ويغيب أنسي

وأعذروني على عدم إتمامها ...

نحن نرى ان في كل بيت له حكمة ,, ونصيحة فصيحة ..
ويرى أبو العتاهية ان الانسان يستطيع التحكم في نفسه فإن هو عودها على الطمع طمعت وطلبت المزيد , وإن هو عودها على القناعة والرضى , قنعت واكتفت .. في هذه الأبيات :
ربما ضاق الفتى ثم اتسع .........وأخو الدنيا على النقص طبع
إن من يطمع في كل مُنى......... أطمعته النفس فيه لطمع
للتقى عاقبة محمودة , والتقي .........المحض من كان يرع
وقنوع المرء يحمي عرضه , ......... ما القرير العين إلا من قنع

وليس ذكر الموت , ونعيم الدنيا الزائل , الشيء الوحيد الذي كان يجيده أبو العتاهية ..فها هو ذا يوصي بعدم مصاحبة الأحمق وهو الجاهل الذي يسئ التصرف ..فيصفه بهذه الأبيات :
إحذر الأحمق , واحذر وده , ......... إنما الأحمق كالثوب الخرق
كلما رقعته من جانب , .........زعزعته الريح يوما فانحرق
أو كصدع في زجاج فاحش , ......... هل ترى صدع زجاج يلتصق
فإذا عاتبته , كي يرعوي , .........زاد شرا وتمادى في الحمق

ثم ننطلق الى باب اللام , ومن هناك أختار أبياته التي قالها في محبته لعتبة جارية المهدي ...
أعلمت عتبة أنني منها .........على شرف مطل
وشكوت ما ألقى إليها .........والمدامع تستهل
حتى إذا برمت بنا أشكو .........كما يشكو الأقل
قالت : فأي الناس يعلم .........ما تقول ؟ فقلت : كل

أتوقع أن أسلوب ابي العتاهية وسهولة ألفاظة غنية عن الشرح والتفسير ...
وننتقي الأن أبياتاً في غير مع اعتدنا , وهي أبيات قالها هجاءاً لعبدالله بن معن الذي هجاه وأمر غلمانه بأن يوسعوه شتماً , فاحتالوا عليه حتى أخذوه في مكان وضربوه مائة سوط ..
ضربتني بكفها بنت معن , ......... أوجعت كفها , وما أوجعتني
ولعمري لولا أذى كفها , إذ......... ضربتني بالسوط , ما تركتني

• واختار بيتين من شعر المدح , الذي قاله في الرشيد حينما غزا نقفور ملك الروم فانقاد إلى الرشيد وحمله الأموال والهدايا والضريبة.
إمام الهدى أصبحت بالدين معنياً , ......... وأصبحت تسقي كل مستمطر ريا
لك اسمان شقا من رشاد ومن هدى , ......... فأنت الذي تدعى رشيداً ومهدياً

ومن شعر الرثاء , نقرأ هذه الأبيات التي قالها لما دفن علي بن ثابت , قف أبو العتاهية على قبره يبطي طويلا أحر بكاء ويرددها :
ألا من لي بأنسك , يا أخيا .........ومن لي أن أبثك ما لديا
طوتك خطوب دهرك بعد نشر......... , كذاك خطوبه نشرا وطيا
فلو نشرت قواك لي المنايا , .........شكوت إليك ما صنعت إليها
بكيتك يا علي بدمع عيني , .........فما أغنى البكاء عليك شيئا
كفى حزنا بدف ثم إني , ......... نفضت تراب قبرك من يديا
وكانت في حياتك لي عظات فأنت......... اليوم أوعظ منك حيا

وهكذا تنتهي رحلتنا , بعد تجوال رائع ومفيد في أبيات الشاعر الزاهد أبو العتاهية ..

إاليكم خالص التحايا ..
أختكم : المنار
  #3  
قديم 26/07/2004, 01:52 PM
صورة عضوية الأمجد
الأمجد الأمجد غير متواجد حالياً
V I P
 
تاريخ الانضمام: 07/09/2001
الإقامة: S . Q . U
المشاركات: 19,397
أقدر لك دائما وأبدا جهدك الرائع في هذه الرحلات التي تطلين بها علينا في كل مرة

وجميل بل ورائع أن تتشرف سبلتنا باحتواء رحلاتك

تمنياتي لك بالتوفيق دائما وأبدا
  #4  
قديم 27/07/2004, 03:43 AM
#المنار# #المنار# غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 13/01/2004
المشاركات: 162
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الأمجد
أقدر لك دائما وأبدا جهدك الرائع في هذه الرحلات التي تطلين بها علينا في كل مرة

وجميل بل ورائع أن تتشرف سبلتنا باحتواء رحلاتك

تمنياتي لك بالتوفيق دائما وأبدا
لك جزيل الشكر على مرورك الدائم وتشجيعك المستمر ..
تمنياتي لك بالتوفيق ايضا ..
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز الصور لا تعمل
رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 05:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 126
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.