سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > سبلة السياسة والإقتصاد

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع تقييم الموضوع
  #51  
قديم 07/06/2006, 02:14 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
حالة حرب: الحكاية السرية لوكالة الاستخبارات الأميركية وإدارة بوش
القبس الكويتية
07/06/2006

كتاب جيمس رايزن (*) الجديد 'حالة حرب'، لم يكن ليرى النور لولا معاونة أعضاء حاليين وسابقين لإدارة بوش، فضلا عن جماعة الاستخبارات ومختلف فروع وإدارات الحكومة. وهي معاونة أدت إلى الاكتشاف باننا في الواقع لا نعرف كل شيء عن بيت ابيض الرئيس جورج بوش. وعلى سبيل المثال، يتساءل الكتاب:
لماذا تدخل بوش شخصيا لدى 'نيويورك تايمز' لمنع جايمس رايسن وهو صحافي بارز من نشر خبر عن قيام الأول بإصدار أوامره للقيام بمراقبة غير شرعية لبعض الناس على الاراضي الاميركية؟
ولماذا قرر وزير الدفاع رامسفيلد فتح تحقيق لالزام الكاتب نفسه بكشف مصادره داخل قسم الاستخبارات السرية؟
كتاب 'حالة حرب' يكشف بالتحديد تجاوزات سلطة ادارة بوش والعمليات الشائنة التي قادتها وكالة الاستخبارات الاميركية: قوانين إعتباطية، اغتيالات مبرمجة، عمليات تعذيب مثبتة، جرائم حرب محتملة. وهو يعود بنا إلى عام 2003، حين اقفل الرئيس جورج بوش الابن خط الهاتف بغضب لوضع حد للمحادثة الهاتفية التي كان يجريها معه والده. هذا الأخير كان لا يحبذ تأثير وزير الدفاع دونالد رامسفيلد على ابنه، فضلا عن تأثير فريق الايديولوجيين المحافظين الجدد على السياسة الخارجية لا سيما في ما خص العراق. هذه المشاجرة تظهر راديكالية رئاسة بوش الابن مقارنة بالنزعة التقليدية المركزية للوالد في موضوع السياسة الخارجية.
في عام 2000، عندما تم انتخابه، أعلن بوش الابن: 'اذا كنا دولة متعجرفة، سيحقدون علينا، اما اذا كنا دولة متواضعة لكن قوية، فسيستقبلوننا بحفاوة'. لكنه في اعقاب اجواء التشنج التي رافقت اعتداءات 11 سبتمبر، لم يفعل شيئا، كما يقول الكاتب، سوى ممارسة سياسة العجرفة في العالم، وسياسة التجسس على المواطنين في الداخل الأميركي. وهذا التطور الاخير حدث حين تم تعيين مايكل هايدن (الذي كان جنرالا في السلاح الجوي في عهد كلينتون) مديرا لمكتب الامن القومي الذي هو بمكانة عين الكترونية عملاقة يتجسس ويراقب العالم من خلالها، ووحش يعتدي على الحقوق المدنية. وفي الحقبة ذاتها، انفجرت فضيحة كبرى في اوروبا ذات صلة وثيقة بالمكتب المذكور، حين اتهم سياسيون اوروبيون اميركا باعتراض مخابراتهم باستثناء بريطانيا المتعاونة دائما مع نظيرها الاميركي. إزاء تأزم الوضع، اراد هايدن ان يظهر بشفافية اكثر امام الاعلام: فالوكالة قديمة الطراز، عديمة الجدوى للتجسس على الاميركيين.
كان بود هايدن ازالة كل الاساطير التي تحيط بوحدة التجسس، لكن ذلك كان قبل 11 سبتمبر. بعد هذا التاريخ، أصبحت مهمة الوكالة الأساسية 'التجسس الوطني'، وباتت مراقبة المخابرات داخل الولايات المتحدة مجازة بامر رئاسي سري موقع عام 2002.
ثم برز جورج تينيت ليزيد هذا الامر تعقيدا.
معروف أن هذا الرجل له روابط وثيقة ومعقدة مع بوش. فبفضل عمله في البرلمان والبيت الابيض، اكتسب تينيت فن ادارة العلاقات الشخصية. من الصعب ادراكه وفهمه: فهو رجل سياسي بامتياز. في بادئ الامر، كان الرئيس بوش ينوي وضع رامسفيلد، المتتلمذ على يد ديك شيني في حقبتي نيكسون وفورد، على رأس وكالة الاستخبارات الاميركية. لكن ابواب البنتاغون فتحت امامه على مصاريعها لان شيني كان بحاجة الى شخصية قوية في البنتاغون لموازنة سلطة وتأثير كولن باول الذي سيصبح وزير خارجية.
احتفظ تينيت، إذا، بمنصبه في الوكالة رغم عدم ثقة المستشارة الجديدة للأمن القومي كونداليسا رايس به. كان النفور بينهما معلنا ومتبادلا ثم جاءت أحداث 11 سبتمبر ونتائجها لتضخ بعدا فريدا للشراكة بين بوش وتينيت. فبعد هذه الاعتداءات، اعتمد بوش كليا على تينيت العضو الفعال في الدائرة الاولى الذي يملك معلومات عن اسامة بن لادن والقاعدة وبخاصة بعد تنحية ريشارد كلارك الى المرتبة الثانية، الملقب بالقيصر المناهض للارهاب في البيت الابيض.
في السنوات التي اعقبت احداث 11 سبتمبر، قام موظفو مكتب الوكالة باتصالات مع القائد مسعود رئيس تحالف الشمال الذي كان يحارب 'الطالبان'. قبل سبتمبر11، وفي حين كان تينيت ومعاونوه يعلنون مرارا في شتاء 2001 أن القاعدة تحضر لاعتداء مهم وكبير، طلبت الوكالة من مسعود المساعدة للقبض على اسامة بن لادن. لكن هذا الاخير اغتاله قبل يومين من احداث سبتمبر.
في آواخر 2002، تم اعتقال ابو زبيدة، ابرز معاوني أسامة بن لادن المقربين، وكان هذا مؤشرا مشجعا للحرب العالمية ضد الارهاب. وبحسب معلومات موثوقة جدا، علم تينيت ان بوش مهتم شخصيا بمسألة ابو زبيدة. فعندما توجه تينيت الى البيت الابيض للادلاء بافادته اليومية، اراد بوش معرفة المعلومات التي استطاع مكتب الوكالة الحصول عليها. لكن في الواقع، كانت جروحات ابو زبيدة البليغة تمنعه من التفوه بكلام منطقي وقد تم اعطاؤه ادوية قوية ضد الالم.
التفت بوش الى تينيت وسأله: 'من سمح بوصف ادوية ضد الالم؟'
هذه العبارة غامضة بعض الشيء. فهي تحمل تفسيرا آخر. فهل كان الرئيس بوش يشجع، وبطريقة غير مباشرة، مدير الوكالة على اساءة معاملة السجين؟
هذا الحديث الذي دار بين بوش وتينيت تم نفيه من قبل معاوني تينيت القدماء. جيرار بوسنر، في كتابه الصادر عام 2003 'لماذا تنام اميركا؟' قال انه تم اعطاء ابو زبيدة مخدرا ذا فعالية سريعة، يخفف آلامه حينا ويؤججها حينا آخر. وبعد عامين من عملية اعتقال ابو زبيدة، انفجرت فضيحة السجناء العراقيين بفضل الصور التي اظهرت معاملة مذلة واباحية لنزلاء سجن ابو غريب.
في يونيو 2004، اعلن بوش: 'اسمحوا لي ان اعرض بوضوح موقف حكومتي ودولتنا. لا نحبذ ابدا التعذيب. لم اعط ابدا اوامر لتعذيب السجناء." من اعطى الأوامر إذا، خاصة ان نشاطات بهذه الاهمية والسرية لا بد ان تخضع لمراقبة مشددة من قبل البيت الابيض وبتوقيع خطي من الرئيس.
يرى محامو البيت الأبيض ان هذه الاساليب مسموحة بالاستناد الى مذهب الدفاع عن النفس. وعلى أي حال، قررت وكالة الاستخبارات طمس القضية باعتبار ان هذه الاساليب وسيلة 'لجمع المعلومات' وليست 'نشاطات سرية'.
لم يرد الرئيس بوش محاكمة السجناء على اراضي الولايات المتحدة، لان التحقيقات حينذاك ستكون من مهام مكتب التحقيقات الفيدرالي. ولذا اختار الجيش الاميركي غوانتنامو. كان جورج بوش وجورج تينيت يريدان مواقع سرية بعيدا عن حشرية وفضول وسائل الاعلام، وعن مراقبة جمعيات الدفاع عن حقوق الانسان، واخيرا بعيدا عن القضاء الاميركي.
تم تكليف الوكالة بايجاد مواقع جديدة حول العالم. العديد من دول العالم الثالث، حيث ابسط حقوق الانسان مغبونة، كانت مرشحة لاستقبال هذه السجون. تم بطريقة سرية إقامة سجون عدة اهمها واكبرها 'سالت بيت' و'برايت لايت'. 'سالت بيت' موجود في افغانستان ويتم استخدامه للسجناء العاديين. اما 'برايت لايت' فيستقبل كوادر القاعدة امثال ابو زبيدة وخالد شيخ محمد المنسق الرئيسي ل 11 سبتمبر.
المواقع والطبيعة الدقيقة لسجون للوكالة هي من اكثر الاسرار كتمانا في الحكومة الاميركية. وقد استوعب موظفو الوكالة الامر البديهي التالي: الذي يقع في سجن 'برايت لايت' لا ينجو منه. وفي حين تتبلور شبكة السجون وتتطور، يرتجف العديد من موظفي الوكالة وجلا من تطور وكالتهم إلى وكالة للسجن والتحقيق والتعذيب.
كانت تقنيات استجوابات الوكالة تستند الى الاساليب المستخدمة من قبل القوات الخاصة، كاسلوب 'الغرق الوهمي' حيث يتوهم السجين المكبل بانه سيغرق. وثمة وثيقة سرية خاصة بالوكالة تتكلم عن مساجين محبوسين في اشكال من التوابيت، في زنزانة غير مضاءة او العكس مضاءة حتى يستحيل فيها النوم، وموسيقى صاخبة دون انقطاع مع الزام السجناء الوقوف او التربع لساعات طويلة.
ان تراكم هذه الاجراءات وكثرة استعمالها تسمى تعذيبا. اضافة الى هذا، هناك ممارسات خطيرة كتلك التي يتم فيها تسليم السجناء بصورة عنيفة وسرية الى بلدان معروفة بممارسة التعذيب. لم يجرؤ احد على استجواب الوكالة حول هذا 'البرنامج'.
في خريف 2005،عندما تجاوز عدد الجنود الاميركيين القتلى في العراق حاجز ال 2000، لم تكن ادارة بوش قد وضعت بعد استراتيجية محددة لإنهاء التمرد العراقي او تعريفا واضحا لكيفية تحقيق النصر. فالبيت الابيض يتابع فقط ممارسة الحرب زاعما وجود حلين: اطلاق العنان لسياسة بوش: النصر او الاستسلام للأرهاب. لكن الاحصاءات تدل ان اكثرية الشعب الاميركي تعارض الحرب ضد العراق.



(*) كاتب اميركي
  مادة إعلانية
  #52  
قديم 10/06/2006, 08:48 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
اللاعب رقم 24 .............................. د.محمد السعيد إدريس

الخليج

على الرغم من أن “مونديال” كرة القدم يعتبر من أهم فرص التلاقي والحوار بين الأمم والشعوب والحضارات إلا أنه، وللأسف، يخضع هو الآخر للأهواء السياسية للذين يحاولون تحويله من فرصة ثمينة لترسيخ مفهوم “الحوار بين الحضارات” الى ميدان مفتوح للصراع على نحو ما تخطط له جماعات يهودية وصهيونية ضد المنتخب الإيراني لكرة القدم.

فقد أعلنت منظمات يهودية ألمانية وأوروبية أنها عازمة على مطاردة المنتخب الإيراني في مدرجات الملاعب لهزيمته معنوياً كي يكون الفشل من نصيبه، وليدفع بعض أثمان أخطاء السياسة الإيرانية.

الأمر لم يقتصر على المنظمات والجمعيات غير الحكومية لكنه امتد أيضاً الى مؤسسات رسمية ألمانية، حيث طالب رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم بضرورة توجيه نقد سياسي صريح للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد حال حضوره البطولة. وقال: “إذا حضر الرئيس الإيراني فسيكون من الضروري أن نوضح له، بشكل صريح، أن تصريحاته (ويقصد تصريحاته حول “إسرائيل” والهولوكوست) آثمة وغير مقبولة على الإطلاق، وبعيدة كل البعد عن الحقيقة”.

وكما أن المونديال فرصة لتصفية الحسابات فإنه فرصة أيضاً لتحقيق درجة عالية من التماسك السياسي وإعطاء دفعة قوية للولاء الوطني داخل الدول التي استطاعت منتخباتها أن تصل الى المونديال. المونديال فرصة حقيقية لتقوية العلاقة بين الدولة والمجتمع من خلال التوحد حول هذا الإجماع الوطني على دعم المنتخبات لتحقيق إنجازات مرموقة. ففي مثل هذه المناسبات، وفي لحظة ارتفاع الأعلام في المدرجات ترفرف باسم الوطن تصدح الهتافات لتعلي من الولاء له، وهذه فرصة نادرة أمام الحكومات لتجديد الود المنقطع بينها وبين شعوبها، أو على الأقل تنحية الخلافات أو الصراعات جانباً لدعم المنتخب الوطني كي يظهر بأفضل صورة أمام العالم كله.

الرئيس الإيراني نجاد كان واعياً بهذا كله، لذلك قرر أن يذهب الى ألمانيا ليقف الى جانب منتخب بلاده شرط أن يصل الى الدور الثاني في البطولة (دور ال 16 فريقاً). وفي لفتة شديدة التعبير عن مكانة الرئيس لدى منتخب بلاده، فقد أعد المنتخب قميصاً يحمل الرقم 24 ضمن أفراد المنتخب الوطني ليكون الرئيس هو اللاعب رقم 24 في المنتخب. علماً بأنه لا يسمح لأي منتخب بضم أكثر من 23 لاعباً تحمل قمصانهم الأرقام من 1 23.

وفي حالة صعود المنتخب الإيراني الى الدور الثاني للبطولة فإن الرئيس نجاد، كما وعد المنتخب سيذهب إليهم مرتدياً هذا القميص ليكون معهم لاعباً إضافياً له اعتباره، كونه يمثل في هذه الحالة كل الأمة الإيرانية.

نجاد لم يضيع الفرصة وهو يتسلم قميصه الذي يحمل اسمه وعليه الرقم 24 من المنتخب الإيراني، اعتبر أن الايرانيين يستطيعون تحقيق المفاجأة خلال مونديال 2006 في ألمانيا، وقيادة بلادهم الى “المجد” كما فعل العلماء النوويون الإيرانيون. وخاطب الرئيس أعضاء المنتخب الوطني الإيراني قبل توجههم الى ألمانيا قائلاً: “مثلما نجح العلماء الشباب الإيرانيون، بفضل ذكائهم وجهودهم في الوصول الى قمة التكنولوجيا النووية المدنية، يستطيع لاعبو المنتخب الوطني أن يحققوا لنا المجد في كأس العالم”.
  #53  
قديم 10/06/2006, 01:32 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
عيون وآذان (انتشار العنصرية)

جهاد الخازن الحياة - 10/06/06//


قرأت في مناسبة كأس العالم في ألمانيا مسابقة عنوانها عشرة أشياء نحبّها في ألمانيا.
كانت هناك أجوبة من كل نوع ممكن، وجلستُ محاولاً أن أملأ خانات عشر بأشياء عشرة أحبّها في ألمانيا، وبعد حيرة طويلة كتبتُ: كلوديا شيفر وتسع سيارات مرسيدس. غير انني أعدت النظر في أجوبتي، وقرّرت ان من الأفضل أن أبدو أكثر إطلاعاً وكتبتُ كلوديا شيفر وهايدي كلوم وثماني سيارات مرسيدس.

محاولتي الأخيرة لم تكن أفضل فقد كتبتُ كلوديا شيفر وهايدي كلوم وبيتهوفن وسبع سيارات مرسيدس. طبعاً بيتهوفن لا يهمني كثيراً، الا ان اختياره تسلق صحافي واضح، أو فاضح، وأفضّل احدى العارضتين شيفر أو كلوم. أما سيارات المرسيدس، فهي ستسهّل عليّ ان أعرف حسناوات من مستوى العارضتين الألمانيتين البارزتين، بكل معاني الكلمة وأبعادها.

شيفر، التي تقيم في لندن، أطلقت حملة علاقات عامة ودعاية لبلادها شعارها «بلد الأفكار»، مع التركيز على الاختراعات والاكتشافات من الأسبرين الى الكومبيوتر المحمول. وأهم ما في الحملة ان كلوديا الحسناء ستزيّن اللافتات بصورة لها وقد ألتفت بالعلم الألماني، ولا شيء غيره. أما هايدي كلوم فقد اتفقت معها وزارة الخارجية الألمانية للترويج للأطعمة الألمانية. ولا أعتقد بأن هايدي تتقن الطبخ، فربما كان سبب التعاقد معها انها «تتاكل أكل».

بعيداً من الهذر هناك مشكلة تواجهها ألمانيا هي صعود النازيين الجدد وانتشار العنصرية، خصوصاً في ألمانيا الشرقية السابقة، فمع ان الألمان الشرقيين لا يمثلون سوى 20 في المئة من الألمان فإن نصف الحوادث العنصرية في مناطقهم. والأرقام الألمانية الرسمية تظهر زيادة حوادث الاعتداء على الأجانب، خصوصاً اذا كانوا سمراً أو سوداً، والى درجة ان هناك حديثاً عن منع الزوار خلال كأس العالم من دخول مناطق معينة ومدن لحمايتهم.

غير ان الحكومة الألمانية تريد ان تجعل من كأس العالم، مع وفود حوالى مليون زائر في مناسبته، فرصة لإبراز صورة ايجابية عن ألمانيا، لذلك فهي أعلنت انها ستفعل كل ما في وسعها لمنع أي اعتداءات أو أعمال شغب، خصوصاً ان بعض الهواة الوافدين، مثل الانكليز، لهم شهرة مستحقة في العنف الكروي.

بما انني أقيم في لندن، فقد لاحظت ارتفاعاً تدريجياً في حمى الكرة، فالصحف كلها، رصينة وتابلويد، ملأى بأخبار الكرة، وعلم انكلترا الأبيض مع صليب أحمر يقطعه، يرتفع على السيارات، وقرأت ان معملاً في بلدة سوانسي ينتج عادة بين 300 علم انكليزي و400 في الأسبوع أصبح الآن يبيع ألفي علم الى 2500 علم.

غير ان الربح الحقيقي هو في مدينة سيالكوت، في باكستان، حيث يجري صنع 85 في المئة من كرات القدم في العالم كله. وقد تمّ تصدير 55.8 مليون كرة قدم في مناسبة كأس العالم.

وبين الارقام المذهلة الأخرى تقديرات عن ان مئات ملايين المشاهدين سيتابعون المباريات على التلفزيون، وان المباراة الاخيرة في التاسع من تموز (يوليو) سيشاهدها بليون متفرج، ما يعني أرقاماً خيالية مقابلة لثمن ثواني الاعلانات في هذه المباراة.
أحبّ كرة القدم ككل الناس، فهي توحّد بين البشر بمن فيهم رجال الدين في ايران، وقد رأيت بعضهم شخصياً وهو يتابع فريق ايران في بطولة 1994، بحماسة كروية، ومثلهم مؤتمر مطارنة ألمانيا الذي نصح أعضاءه باستعمال كأس العالم لتعزيز صورة الكنيسة، والاشارة الى المباريات في عظات الأحد.

غير انني أعترف بأنني لا أحب كرة القدم، الى درجة ان أبيع كِلْية لحضورها، فقد قرأت نتائج استطلاع قال عشرة في المئة من المشاركين فيه انهم على استعداد لبيع اعضاء داخلية من أجسادهم لحضور مباريات الكأس. طبعاً لو كان السؤال عن المباراة النهائية لكان بيع الكِلْية أو البنكرياس مفهوماً، غير انني لن أبيع أجزائي الداخلية لحضور مباراة بين توغو وكوريا الجنوبية (13 الجاري في فرانكفورت).

ثلاثون في المئة من الذين شاركوا في الاستطلاع قالوا انهم مستعدون لبيع أحذية الزوجة أو العشيقة مقابل تذكرة، و50 في المئة قالوا انهم يقبلون التخلي عن ممارسة الجنس، في حين قال 20 في المئة انهم يغامرون بحمام في مغطس مملوء بالأفاعي.

واذا كان الهواة سيفعلون كل هذا، فلا غرابة ان نسمع بمن يزايد عليهم من دون استطلاع، فالبرلمان البرتغالي غيّر مواعيد جلساته حتى لا تتضارب مع المباريات، وجامعة بنغلادش أجّلت الامتحانات بعد ان اقتحم الطلاب مكتب المدير احتجاجاً، مع ان بلادهم خارج البطولة أصلاً، أما مدرب فريق المكسيك فهو أخضع ستة لاعبين للتنويم المغناطيسي أملاً بتحسين أدائهم. ويتوقع ان يراهن البريطانيون بحوالى بليون جنيه استرليني على المباريات، وان يتغيب عن العمل منهم حوالى 15 في المئة بحجة المرض لمتابعة البطولة على التلفزيون.
مع احترامي للجميع، بمن فيهم من هو مستعد ان يبيع كليته، أو يرسم علم بلاده على وجهه، فإنني أجد المبالغات المرافقة لكأس العالم غير مفهومة، ففي النهاية هناك 32 فرقة تتنافس، ولكن على ماذا المنافسة؟ على كأس. أعرف انها كأس جميلة، الا انها مطلية بالذهب، وليست ذهباً. وعزاء لاعبي الكرة انهم أقل سخفاً من الملاكمين، فهؤلاء يتنافسون على حزام، وهو أيضاً مزركش، ولكن قطعاً لا يستحق ان يغامر الواحد بحياته مع مايك تايسون في حلبة ضيّقة للفوز به.

في النهاية، أنا أقيم في حي تشيلسي في لندن، ويفترض ان أحب تشلسي، غير ان بيل وهيلاري كلينتون يمنعاني من ان أقترب من ابنتهما.
  #54  
قديم 11/06/2006, 10:29 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
اغتيال الزرقاوي: القادم اخطر
عبد الباري عطوان
يخطيء الرئيس الامريكي جورج بوش اذا اعتقد ان اغتيال ابو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين سيؤدي الى تقليص الهجمات ضد قواته في العراق والميليشيات المتحالفة معها، بل ربما تأتي النتائج معاكسة لكل توقعاته في هذا الخصوص.
فاعتقال الرئيس العراقي صدام حسين ادى الى تصاعد المقاومة العراقية وارتفاع درجة النوعية في عملياتها، كما ادى القصف السجادي لمواقع القاعدة في تورا بورا الى تحويلها من منظمة محلية صغيرة تطالب باخراج القوات الامريكية من الجزيرة العربية الى جبهة اسلامية عالمية تضرب في مدريد ولندن واسطنبول وبالي وتعيد تجميع صفوفها في افغانستان، وتشن هجمات دموية في المملكة العربية السعودية وتحقق وجودا فاعلا في العراق.
اغتيال ابو مصعب الزرقاوي لن يضعف تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، بل سيزيده قوة، لان الرجل بتهوره واندفاعه، شكل معضلة للتنظيم، وهز صورته في العالم الاسلامي، حسب بعض المقربين من تنظيم القاعدة. ولذلك لم يتردد الدكتور ايمن الظواهري في توجيه رسالته الشهيرة اليه وانتقد فيها اعدام الرهائن الاجانب بالطريقة الوحشية التي تمت بها امام كاميرات التلفزة، وارسال السيارات المفخخة الى الحسينيات والتجمعات والاسواق الشيعية في بغداد والنجف وكربلاء.
الدكتور الظواهري طالب ابو مصعب في تلك الرسالة ان لا يكون في واجهة العمل الجهادي في العراق، وان يترك القيادة لاحد العراقيين منعاً للحساسيات، ويبدو ان عزل الزرقاوي من قيادة مجلس شورى المجاهدين، وحصر دوره في العمليات العسكرية فقط هو تطبيق حرفي لهذه التوجيهات.
فاللافت ان لا الشيخ اسامة بن لادن، ولا الدكتور الظواهري قد تحدثا مطلقا بروح عدائية عن الطائفة الشيعية في اي من اشرطتهما، ولم يطالبا باشعال حـــــرب طائفية في العراق، وهذا لا يعني انهما ليسا ضد الطائفة الشيعية، وانما لحرصهما على جعل محاربة القوات الامريكية في العراق على رأس اولويات التنظيم في الوقت الراهن على الاقل.
ابو مصعب الزرقاوي فرض نفسه زعيما لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، بشجاعته واقدامه وقدرته على تجنيد المئات من المقاتلين العرب، فعندما كان في افغانستان اقام معسكرا خاصا به في هيرات حيث اسس امارته الخاصة، ورفض ان يبايع الشيخ اسامة بن لادن اميرا، وفضل ان يعطي البيعة للملا محمد عمر زعيم تنظيم طالبان، ولم يعط البيعة لزعيم تنظيم القاعدة الا بعد عامين من احتلال العراق، عندما هدده الدكتور الظواهري بتعيين ابو عبد الرحمن العراقي قائدا لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين اذا لم يعط هذه البيعة وفورا.
تنظيم القاعدة ربما يبدأ صفحة جديدة من عمله العسكري في العراق بعد مقتل ابو مصعب الزرقاوي، من حيث التركيز على العمليات العسكرية التي تستهدف الامريكيين والقوات المتحالفة معهم، وعناصر الامن والحرس الوطني العراقيين، وربما يبتعد عن ارسال السيارات المفخخة لقتل العراقيين الشيعة، لان قيادته لا تريد فتح معركة مع ايران على وجه الخصوص التي آوت الكثير من اعضائه وأسرهم بعد الغزو الامريكي لافغانستان.
الادارة الامريكية ستحاول تضخيم اغتيال الزرقاوي واعتباره انتصارا كبيرا، لانها تواجه ومنذ غزوها واحتلالها للعراق سلسلة من الهزائم الكارثية، مضافا الى ذلك ستحاول استخدام هذا الانتصار الصغير لتحويل الانظار عن مجازرها التي ارتكبتها قواتها في حديثة والاسحاقي، والايحاء بأن الاوضاع تتحسن في العراق على صعيد مقاومة الارهاب.
وربما لا نبالغ اذا قلنا، انها في اطار محاولتها لتوظيف هذا الاغتيال لتحقيق اكبر قدر من المكاسب السياسية والمعنوية، اجلت الاعلان عنه ليومين او اكثر، حتى يتزامن مع اعلان السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي عن حل عقدة وزارتي الدفاع والداخلية وتعيين وزيرين فيهما، وهذا ما يفسر الاستعجال في انجاز هذا التعيين واعلانه في اليوم نفسه الذي اعلن فيه اغتيال الزرقاوي.
كان باستطاعة القوات الامريكية اعتقال ابو مصعب الزرقاوي، بعد ايام من محاصرته ولكنها تتبع استراتيجية جديدة فيما يبدو، اي قتل المطلوبين حتى لا تواجه مسلسلا جديدا من المحاكمات على غرار محاكمة الرئيس صدام ورفاقه، وهي المحاكمات التي جاءت بنتائج عكسية تماما، وصبت في مصلحة تعرية الاحتلال والقوى السياسية المتحالفة معه، ولذلك فانه لن يكون مفاجئا بالنسبة الينا على الاقل، اذا ما اقدمت على الشيء نفسه اذا ما نجحت في الوصول الى مخبأ الشيخين بن لادن والظواهري في افغانستان او باكستان.
ابو مصعب الزرقاوي اتفق معه البعض او اختلف، شكل ظاهرة فريدة في العمل الجهادي الاسلامي المتطرف، فقد خرج من قلب احياء المعاناة والقهر في مدينة الزرقاء في الاردن، ليتحول الى رمز للشجاعة والبطولة في اذهان الكثير من ابناء جلدته، ولولا تفجيرات الفنادق في عمان التي اودت بحياة العشرات من المدنيين الابرياء واستغلال الحكومة الاردنية المكثف لها للتحريض ضده وضد تنظيم القاعدة، لأصبح بطلا في اعين الآلاف وربما الملايين من الساخطين على الادارة الامريكية، والمهانين بسبب حروبها ضد المسلمين في العراق وافغانستان وفلسطين.
ابو مصعب الزرقاوي وكل رفاقه توقعوا هذه النهاية، وكانوا دائما يتطلعون الى الشهادة حسب معتقداتهم بل ويستعجلونها، ولعله استشعر قرب اجله، وهذا ما يفسر اصداره شريطا مسجلا بالصوت والصورة يظهر فيه كـ رامبو العربي متأبطا سلاحه، وهو اول وآخر شريط رسمي يظهر فيه.
تنظيم القاعدة وبحكم القراءة المتأنية والفاحصة لتاريخه، يزداد قوة وصلابة بعد الضربات التي تلحق به، وهو مثل التنين الاسطوري الذي كلما قطعت احد رؤوسه تنبت ثلاثة اخرى. ولهذا لم يكن غريبا ان ينعي ابو مصعب الزرقاوي ابو عبد الرحمن العراقي، وهو الاختيار المفضل لقيادة التنظيم من قبل زعيميه المختفيين حاليا في مكان ما في باكستان وافغانستان.
القيادة عادت الى العراقيين، وعمليات ذبح الرهائن امام العدسات التلفزيونية توقفت، وبيعة القائد الجديد للمرشد الروحي لتنظيم القاعدة لا شك فيها، فالرجل، اي أبي عبد الرحمن العراقي كان الى جانب شيخه في افغانستان، وحارب معه ضد السوفييت وضد الامريكان، ولهذا نحن امام مرحلة جديدة، وربما ولادة جديدة لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، قد تكون اخطر بكثير من المرحلة السابقة، مرحلة الراحل ابو مصعب الزرقاوي.
  #55  
قديم 11/06/2006, 01:15 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
خيوط جديدة في عمان حول رصد وتصفية الزرقاوي

BBC العربية

ساهمت مجموعة خيوط وعيون استخباراتية في رصد ثم تصفية زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مساء الأربعاء، وذلك ضمن استراتيجية استباقية تستهدف الإجهاز على قيادات هذه الحركة السلفية في عقر دارها، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية غربية في عمّان.

وحسب المصادر ذاتها، فقد قتل إلى جانب أبو مصعب الزرقاوي (39 عاما) عدد من أعوانه في مقدمتهم عبد الرحمن كمال محمد الطالباني وأيضا "زوجة الزرقاوي إسراء ياسين جراد وابنه عبد الرحمن الذي ولد في دمشق قبل 18 شهرا".

"عيون" المخابرات
وإسراء هي ابنة الفلسطيني ياسين جراد الذي يعتقد أنه نفّذ عملية تفجير أطاحت قبل سنتين بزعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية محمد باقر حكيم والعشرات من العراقيين.

وأوضحت المصادر نفسها أن جهاز المخابرات العامة الأردني زرع "عيونا" داخل خلايا القاعدة منذ ستة أشهر عندما أمر الملك عبد الله الثاني بتشكيل ذراع ضاربة عقب تفجيرات عمان الانتحارية التي أودت بحياة 60 شخصا في خريف العام الماضي.

وبعد أيام من تعيينه على رأس المخابرات العامة في العشرين من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، استدعى الملك اللواء محمد الذهبي إلى مكتبه وطلب منه التحول من نهج الدفاع إلى "استراتجية هجومية" استباقية ضد خلايا القاعدة.

وهكذا ولدت وحدة العمليات الخارجية " فرسان الحق" في إطار قسم مكافحة الإرهاب داخل دائرة المخابرات العامة.

نجح التكتيك الجديد في تعقب الزرقاوي رغم المخاطر الذي واكبته لا سيما وأن المتشدّد الأردني كان دائم الشك في مواطنيه خشية أن يكونوا عملاء لاستخبارات بلادهم.

وتشير تقديرات مستقلة إلى وجود زهاء 500 أردني من بين 20 ألف عنصر ضمن خلايا تنظيم القاعدة على الساحة العراقية.

وكان اعتقال العراقي زياد خلف الكربولي في أيار/ مايو الماضي أول اختراق نوعي لعناصر " فرسان الحق "، حسبما أوضح مسؤول أمني رفيع.

وأدى اعتقال عنصر القاعدة المفترض المتهم بقتل سائق شاحنة أردني أواخر العام الماضي إلى إعادة تموضع خلايا القاعدة داخل العراق، وبالتالي تعاظمت فرص رصد وتعقب قادتهم، على ما أضاف المسؤول الذي لم يشأ الإفصاح عن اسمه.

وتحسبا لاحتمالات كشف مواقعهم في اعترافات الكربولي، تحرك نشطاء القاعدة المتمركزين في محيط الرطبة قرب نقطة الحدود (500 كيلو متر غرب بغداد) صوب محافظة الأنبار بعيدا عن أعين السلطات الأردنية.

شريط الفيديو
وكان أحد الخيوط شريط الفيديو الذي أظهر الزرقاوي لأول مرّة بين أعوانه أو مدججا بالسلاح في نيسان / أبريل الماضي.

وجاء في الشريط أنه صوّر في محافظة الأنبار. لكن بعد التدقيق وجدت السلطات في عمان أنه صور في الواقع داخل قاعدة أمريكية مهجورة في منطقة اليوسفية.

وقبل شهرين رصد عملاء الاستخبارات الأردنية الزرقاوي في منطقة اليوسفية، وهي منطقة بساتين ومستنقعات تقع على بعد 20 كيلومترا جنوبي بغداد.

وكان مفتاح التعقب عنصر إلى ثلاثة عناصر مقربة من الزرقاوي يستعين عليهم في نقل رسائله إلى أمراء الخلايا في الميدان.

وقد قتل أحد هؤلاء العناصر مع الزرقاوي داخل "البيت الآمن" الذي استهدفته قذيفتان موجهتان أمريكيتان في محيط بعقوبة على بعد 60 كيلو مترا شمال بغداد.

وعندما شعر الزرقاوي بحراك استخباراتي واقتراب الأنشطة منه في اليوسفية "انسل خارجا" من هذه المنطقة وتوجه إلى بعقوبة، حيث تقطن إحدى زوجتيه.

وتواصل الجهد الاستخباراتي في بعقوبة من خلال رصد تحركات المقربين من الزرقاوي حتى حانت ساعة الصفر، عندما التقى الطريد الأردني مع معاونيه في "بيت آمن".

تماهت معطيات الاستخبارات الأردنية مع المعلومات التي توافرت للقوات الأمريكية أولا بأول فاتخذ قرار تصفية الزرقاوي على عجل.

وساهم ضابط استخبارات أردني في التعرف على جثة الضحّية فور وقوع الهجوم، علما أن الزرقاوي مات متأثرا بجراحه بعد خمس إلى عشر دقائق من إصابته.

استراتيجية القتل
وبرّر دبلوماسيون تفضيل الهجوم الجوّي على محاولات اعتقال الهدف بالمعلومات السابقة التي تؤكد تزنير الزرقاوي بحزام ناسف أنّى ذهب.

ولم ينفجر الحزام الناسف رغم القوة الضاربة لأن صاعقه لم يقدح، حسبما أوضح أحد المصادر.

وشدّد مسؤول رفيع على أن الأردن " لن يسمح بدفن جثة الزرقاوي على أراضيه التي دفن فيها ضحايا تفجيرات الفنادق وملوك البلاد بدءا بالملك المؤسس عبد الله الأول".

وتوقعت مراكز أبحاث أن يخلف الزرقاوي أحد مساعديه أبو أيوب المصري، إلا أن مسؤولين أمنيين في الأردن تحدثوا عن مقتله مع الزرقاوي.

وتتجّه التوقعات إلى العراقي محمد صالح حسن العقيدي لخلافة الزرقاوي، بحسب المصادر ذاتها.

ويقول مسؤولون أمنيون إن الزرقاوي كان يتصدر لائحة تصفية تضم قادة القاعدة، لافتين إلى أن الاستراتيجية الهجومية الاستباقية "ستتواصل للقضاء عليهم".

إلى ذلك يتابع "فرسان الحق" سبع عمليات مكافحة إرهاب على امتداد المنطقة وأوروبا والولايات المتحدة ضمن جهد إجهاض مخططات القاعدة، حسبما أكد أحد المسؤولين.

الحمض النووي
من جهة أخرى، أعلن الجيش الأمريكي انه بصدد انتظار نتائج تحليل الحمض النووي خلال يوم أو يومين لتأكيد هوية الزرقاوي.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث باسم الجيش الاميركي الميجور وليم ويلهويت قوله إن " مكتب التحقيقات الفدرالي الامريكي يجري تحاليل الان (..) ونتوقع الحصول على النتائج خلال يوم او يومين".

وأضاف " قالوا لنا أمس (الجمعة) إن النتيجة ستكون جاهزة خلال ثلاثة ايام".

وكان الجيش الامريكي قد أعلن أن الزرقاوي كان لا يزال حيّا عندما وصلت الشرطة العراقية إلى المكان الذي استهدفته فيه الغارات الجوية.

وكشف الجنرال ويليم كالدويل أن الزرقاوي توفي في العراق متأثرا بجروحه بعد فترة قصيرة من إصابته.

وكانت الطائرات الأمريكية قد رمت قنبلتين تزن كل منهما 230 كيلوغراما على مخبأ الزرقاوي بالقرب من مدينة بعقوبة يوم الأربعاء الماضي.

وقد حاول الزرقاوي أن ينزل عن حمّالة المصابين التي وُضع عليها قبل نقله.

وقال المتحدث باسم الجيش الأمريكي إن الزقاوي تمتم بعض الكلمات القصيرة وغير المفهومة قبل وفاته.

وأضاف أنه عندما وصلت القوات الأمريكية إلى مكان الحادث، تمكّنت من التعرّف على الزرقاوي من خلال بعض العلامات على جسده.

وكانت القوات الأمريكية قد قصفت مخبأ الزرقاوي مساء الأربعاء بناء على معلومات من وشاة من داخل تنظيم القاعدة، حسب ما أعلن مسؤولون في وقت سابق.

وأشار الجنرال كالدويل إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى إصابة الزرقاوي أو وفاته بغير جروح الغارة التي استهدفته.
  #56  
قديم 11/06/2006, 01:56 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
لبنان: كشف شبكة من «البقايا الاسرائيلية» متورطة في 3 اغتيالات بينها المسؤول في «الجهاد» ... براميرتز يؤكد إحراز التحقيق «تقدما كبيراً»: التعاون السوري مرض وترابط بين الهجمات الـ 14

نيويورك، بيروت - راغدة درغام، وليد شقير الحياة - 11/06/06//

اكد القاضي البلجيكي سيرج براميرتز رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري ان التحقيق «احرز تقدما كبيرا». وقال ان اللجنة «أوشكت على إكمال عملها المهم والحاسم المتعلق بمسرح الجريمة، وقافلة السيرات المرافقة للحريري والأحداث التي رافقت الحدث في ذلك اليوم».

وتوقع براميرتز، في التقرير الذي سلمه امس الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان واعضاء مجلس الامن الذي يقدم اماه إحاطة الاربعاء المقبل، أن مع حلول الخريف «سيتم استكمال المشاريع الأساسية ذات العلاقة مع هذه الناحية من التقرير».

وقال إن «الكتل الرئيسية» في التحقيق، لا سيما تلك المتعلقة بالتفجير «قد تم فهمها الى درجة بعيدة»، وهي «توفر الأساسي للتقدم في التحقيق في ما يخص أولئك الذين ارتكبوا الجريمة».

وفي ما يخص حالات الاغتيال او محاولات الاغتيال الـ14 الأخرى، قال براميرتز: «إن الكثير من زخم التحقيق قد خُسر بسبب الطبيعة المتجزئة للأجهزة اللبنانية لفرض القانون والأجهزة القضائية وعدم توافر القدرات ذات الخبرة». وتابع: «رأي اللجنة هو أن هناك حاجة الى جهد أكثر تركيز وحيوية من أجل دفع التحقيق قدماً». وأضاف أن اللجنة «تتصور أيضاً دوراً أكثر اقداماً لنفسها في هذه التحقيقات. وهذا يمكن أن يتضمن اتخاذ خطوات تحقيق ملموسة مثل اجراء المقابلات مع الشهود والضحايا والمشتبه بهم، عندما يتطلب الأمر ذلك».

وبحسب براميرتز: «تحليلياً، يمكن ربط هذه الحالات (14) مع بعض بطرق عدة ومن أبعاد مختلفة، وبالذات التشابه في المبررات المنطقية للنيات وراء ارتكابها، إنما من ناحية الأدلة، لم يتم تطوير (التحقيق في) أي من هذه القضايا لدرجة تسمح بتعريف وربط مقترفي الجرائم».

وفي ما يخص التعاون السوري، وصفه براميرتز قائلاً: «إن مستوى التعاون الذي قدمته سورية خلال هذه الفترة هو مرضٍ عامة». وأضاف أن الرئيس السوري بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع «أعطيا أجوبة مفيدة للتحقيق» أثناء لقائه معهما. ورحب براميرتز بمبادرة حكومة لبنان لطلب تمديد ولاية اللجنة لمدة سنة، كما وافق الأمين العام كوفي أنان رأي براميرتز بهذا الصدد، باعتبار أن التمديد لسنة يوفر للجنة «الاستقرار». وشدد براميرتز في تقريره على أهمية كشف أين وضعت المتفجرة التي قتلت الحريري ورفاقه، فوق الأرض أو تحتها، وهل هي عبارة عن متفجرة واحدة أو متفجرتين، وكيف تم التفجير. وأشار الى فحص الحمض النووي في مكان التفجير لتحديد هوية القتلى وهل بينهم الشخص الذي قام بتفجير القنبلة.

وقال ان فريق التحقيق انتهى في آذار (مارس) الماضي من الفحص المخبري للسيارات التي كانت في موكب الحريري ورتبها في موقعها كما كانت قبل وقوع الانفجار. واوضح أن الهدف من ذلك هو تحديد تأثير الانفجار على السيارات. وتابع انه تم جمع ما حصيلته 76 عيّنة من الشظايا الحديد التي انغرست في سيارات الموكب على ارتفاعات مختلفة «فوق الأرض». ولفت الى انه نتيجة حجم هذه الشظايا وشكلها «فإن المرجح أن مصدرها الخزان المتفجر (أي شاحنة الميتسوبيشي) أو جسم معدني قرب مكان المتفجرة».

وقال ان فريق التحقيق توصل الى خلاصة أولية مفادها ان الانفجار حصل فوق الأرض، وان المتفجرة مكونة من 1200 كلغ على الأقل من مواد «تي أن تي» و «بي إي أن تي» أو المتفجرات البلاستيكية. وتابع ان الخلاصة الأولية للفريق - وهي خلاصة لا يجزم بها نهائياً - هي أن المتفجرة كانت فعلاً في شاحنة الميتسوبيشي، وأن شخصاً في الشاحنة أو أمامها مباشرة هو الذي قام بالتفجير. وقال ان 27 جزءاً من الأشلاء البشرية التي جُمعت من مسرح الجريمة تم التعرف على انها تعود لشخص واحد (ذكر)، وانه هو الذي قام بالتفجير كون كل أشلائه كانت في مكان واحد تفريباً ووجهتها كلها في اتجاه واحد في مكان وقوع الإنفجار. لكنه أضاف ان اللجنة التي يرأسها «تفضّل في هذه المرحلة أن لا تصف هذا الشخص بأنه «مفجر انتحاري». إذ ما يزال يُنتظر معرفة هل فجّر الشخص العبوة بإرادته أم اُرغم على ذلك».

وقال ان اللجنة تصنّف ثلاثة أنواع من المتورطين في الجريمة: الأشخاص المشاركين في التحضير للإغتيال، الأشخاص الذين على معرفة بالعملية أو التخطيط لها، والأشخاص الذي أمروا بالقيام بها.

وقال ان اللجنة لم تجد دليلاً على أن أحمد أبو عدس هو الشخص الذي قام بالتفجير، كما جاء في شريطه المسجل الذى تبنى فيه العملية. كما انه ليس هناك دليل على أن أحمد أبو عدس كان موجوداً في مسرح الجريمة، في أي شكل، يوم 14 شباط (فبراير). وتابع ان اللجنة لا تستبعد إمكان ان يكون أبو عدس له علاقة بجوانب أخرى من العملية غير دوره في شريط تبني المسؤولية.

واضاف أن اللجنة قابلت الرئيس السوري بشار الاسد ونائبه فاروق الشرع وقدمت لهما اسئلة محددة وتلقت «إجابات مفيدة» منهما. وأضاف ان اللجنة قابلت ستة شهود في سورية، بناء على طلبها. وتابع ان مستوى المساعدة التي قدمتها سورية خلال مدة التقرير «مرضية عموماً» وانها استجابت كل طلبات اللجنة في وقت معقول، وفي بعض الأحيان قدمت ردوداً وافية. لكنه شدد على ضرورة التعاون الكامل غير المشروط من سورية.

وأكد عدم وجود «صلات واضحة» بين القضايا الـ 14 واغتيال الحريري. ولفت إلى أن اللجنة «توصلت مبدئياً إلى أن الحالات الـ 14 لم تنفذها 14 مجموعة منفصلة، بعدد مماثل من الدوافع (...) تحليلياً، يمكن أن تكون الحالات كلها مرتبطة بطرق عدة، لا سيما طريقة تنفيذ العمليات. (لكن) على مستوى الأدلة لم تتطور (دراسة) أي حالة إلى الحد الذي يسمح بالربط بين المنفذين». وأشار إلى وجود «أدلة على التشابه بين الاعتداءات الثمانية»، كما «يرجح التحليل المبدئي أن الهجمات نفذها نفس الأشخاص، باستخدام الأسلوب نفسه، للغاية الأجرامية ذاتها»، إضافة إلى أن المناطق المستهدفة كلها ذات غالبية مسيحية. ولفت إلى تشابه في اختيار وقت تنفيذ العمليات التي «تمت غالباً خلال أوقات تكون فيها المناطق المستهدفة أقل ازدحاماً».

وقال إن «المقارنة بين الأسلوب المتبع في كل تفجير، تشير إلى مجموعة إعداد واحدة، تهدف إلى تنفيذ سلسلة متكررة من الهجمات بالحد الأدنى من التعقيدات. وتنفيذ هذا النوع من العمليات يسير إلى حد كبير، كما أن المنهج المتبع فيها هو أبسط ما يمكن لتحقيق الهدف». وأكد ضرورة «تصنيف» دوافع الجرائم الثمانية، معتبراً أن بعض الاعتداءات قد لا يبدو متصلاً ببقيتها. لكن على نطاق أوسع، قد تكون لكل الاعتداءات دوافع مشتركة.


شبكة مرتبطة باسرائيل

على صعيد آخر، كشفت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني شبكة مرتبطة بأجهزة الأمن الاسرائيلية، وتمكنت من توقيف عدد من عناصرها، بينهم أحد الضالعين في اغتيال المسؤول في حركة «الجهاد الاسلامي في فلسطين»، اللبناني محمود المجذوب وشقيقه نضال في 26 أيار (مايو) الماضي في مدينة صيدا، بتفجير سيارة مفخخة أودت بحياتهما على الفور. وأبلغ «الحياة» مصدر أمني رفيع، بعد اعلان توقيف المتورط في اغتيال الأخوين المجذوب، أن استخبارات الجيش اللبناني استطاعت ان تتوصل عن طريق معلومات خاصة بها، الى خيوط مهمة حول عملية الاغتيال عبر إلقائها القبض على شبكة تعمل في إطار مجموعات عدة لمصلحة أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، جميع عناصرها من اللبنانيين.

واكدت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان اعتقال «أحد الضالعين الرئيسيين بعملية التفجير... وقد ضبطت بحوزته وثائق ومعدات مرتبطة بالجريمة، ولديه علاقة استخباراتية بالعدو الاسرائيلي. بوشر التحقيق معه لمعرفة كافة ملابسات الجريمة وعلاقته بأعمال تخريبية أخرى».

وعلمت «الحياة» ان الموقوف الأساسي الذي استطاعت مديرية المخابرات ان تتعرّف من خلاله الى عدد من اعضاء الشبكة يدعى محمود أبو رافع، من بلدة حاصبيا، وهو كان بين الذين تعاملوا مع الاسرائيليين إبان احتلالهم الجنوب، وكان من الذين تعاملوا مع «جيش لبنان الجنوبي» بقيادة اللواء انطوان لحد، والذي كان تابعاً لقوات الاحتلال الاسرائيلي قبل انسحابها العام 2000. ولكن المصادر الأمنية التي اتصلت بها «الحياة» تكتمت على الاسم، وأشارت الى ان توقيف الشخص الأول في الشبكة تمّ قبل 4 أو 5 أيام وأن توقيف بعض اعضائها تمّ في الايام القليلة التي تلت وبالتالي فإن اكتشاف الشبكة ما زال حديثاً جداً وتتواصل التحقيقات من أجل القبض على كامل عناصرها خصوصاً أنهم يتوزعون على مجموعات عدة.

الا ان «الحياة» علمت ان أبو رافع أدلى بإعترافات عدة أفضت الى إلقاء الضوء على دور لهذه الشبكة في اغتيالات أخرى. ورفض المصدر الأمني الرفيع ان يوضح طبيعة الاغتيالات التي تورطت فيها الشبكة، مشيراً الى ان «الكشف عن كل المعلومات سيحصل في الايام القليلة المقبلة، بعد انجاز التحقيقات لأن من غير المناسب الإدلاء بمعلومات عنها في وقت ما زالت التوقيفات جارية». وأكد المصدر لـ «الحياة» «ان هناك على الأرجح ثلاث عمليات اغتيال متورطة فيها هذه الشبكة»، تردد ان بينها اغتيال المسؤول في «حزب الله» علي صالح في الضاحية الجنوبية لبيروت.
  #57  
قديم 12/06/2006, 01:16 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
فنجان قهوة
قارة الأشباح الشريرة ....................... أبو خلدون

في ولاية كاليفورنيا الأمريكية قرية يطلقون عليها اسم “مدينة الأشباح” تقع في منطقة جبلية بين سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، وهي خالية تماماً من السكان لسبب واحد هو: إنها مسكونة بالأشباح، وقد أخلى البشر المدينة للأشباح تسرح بها وتمرح على هواها، على أمل ألا تتدخل في المدن الأخرى التي يسكنها البشر.

ويبدو أن ولاية نيوجيرسي بأكملها تخضع لسيطرة الأشباح، وقد صدر قبل مدة كتاب عن ظاهرة الأشباح في هذه الولاية بعنوان “دليل المسافر إلى نيوجيرسي وأسرارها الخفية” يقول مؤلفاه مارك سكورمان ومارك موران فيه ان هناك شوارع في هذه الولاية تصرخ بالسائق إذا تجاوزت سرعته في القيادة الحد المقبول، وفي عام 1970 ظهر خيط فضي يتدلى من السماء وشاهده كثيرون وقدموا افادات بمشاهدتهم، وقدم رجلان من سكان الولاية بلاغاً قالا فيه إنهما شاهدا بنطلوناً يرقص أمامهما، في منطقة كانت خاصة بالعراة في الماضي، وقال الرجلان إن البنطلون كان يرقص من تلقاء ذاته، إذ لم يكن أحد يرتديه.

ويروي مؤلفا الكتاب حكايات أخرى تثير الرعب بالفعل عن كائن يطلق عليه سكان الولاية اسم “شيطان نيوجيرسي” يظهر عادة في الغابات، ويقول بعض الذين شاهدوه إنه يشبه الطيور العملاقة التي كانت موجودة قبل التاريخ، في عصر الديناصورات، وقال شهود عيان آخرون إن رأسه يشبه رأس الكلب، ووجهه يشبه وجه الحصان، وجسمه يشبه جسم الكنجارو، وهو يهاجم الحيوانات ، وقال بعض الذين شاهدوه في البلاغات التي قدموها للشرطة إنهم سمعوا أصوات صراخه.

وفي نيوجيرسي شجرة يطلق عليها السكان اسم “شجرة الشيطان” وهي شجرة بلوط قديمة في ضاحية برنارد تسكنها الأشباح، ويقول السكان إنهم يشاهدون بين الحين والآخر جثثاً معلقة على أغصانها، وحاولت السلطات المحلية قص الشجرة عدة مرات في الماضي ولكن محاولاتها باءت بالفشل. وإلى جانب هذه الشجرة صخرة يطلق عليها اسم “صخرة الشيطان” يعتقد السكان أنها المدخل إلى الجحيم.

وفي ضاحية بيرجين برج ساعة قديم كان يستخدم في الماضي لتعذيب السحرة والساحرات وحرقهم، ويعتقد السكان أن ابليس نفسه اتخذ من هذا البرج مقراً له، وهو يظهر للذين يدورون حول البرج ست مرات، ويقول السكان إنهم يسمعون بين الحين والحين عويلاً ونحيباً يظهر بعدهما شبح الشيطان في نافذة الطابق العلوي من البرج.

وحادثة الخيط الذي ظهر وكأنه يتدلى من السماء في منطقة كالدويل موثقة، وقد شاهدها المئات، وجرت تحقيقات معهم بشأنها، اتفقت فيها أقوالهم حتى في تفاصيلها الصغيرة، وقد بقي الخيط معلقاً عدة أسابيع إلى أن تمكن بعض الشباب من اصطياده بسنارة لصيد السمك، وجذبوه إلى الأرض، فتبين ان طوله يعبىء عدة براميل، وقد جرى تحليله في مختبرات شركة ديبو فتبين انه مصنوع من مادة غير معروفة.

وفي ضاحية سومرسيت شارع يحمل اسم “شارع تالاميني” إذا أسرع سائق السيارة في القيادة أثناء عبوره يئن الأسفلت تحت عجلات سيارته. وفي منطقة أخرى، يسمع السائق بوضوح صوتاً يقول له: “خفف سرعتك” إذا زادت سرعته عن 60 كيلومتراً في الساعة.

والكتاب حافل بالقصص الغريبة عن أماكن تجري فيها أحداث غير عادية تثير الذهول والحيرة، ويقول المؤلفان إن الولايات المتحدة أكثر دول العالم ازدحاماً بالأرواح الشريرة، إلى درجة أنه يمكن أن نطلق على أمريكا اسم “قارة الأشباح الشريرة” وكأن الرخاء الذي تعيشه هذه البلاد اجتذب الأشباح إليها.

وربما كان في كلام المؤلفين بعض الحق، إذ إن السياسة التي تسير عليها أمريكا، وأسلوب الحياة الاجتماعية فيها لا يمكن أن يكونا إلا من صنع كائنات شريرة.
  #58  
قديم 13/06/2006, 11:35 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
مبادرة
الجيل الثالث .............................. أميمة الخميس

الخليج


بعد قراءة العنوان هل سيذهب الخيال بكم بعيدا، باتجاه الجيل الثالث من الجولات حين يشترك الصوت مع الصورة، في بث مباشر، يختصر المسافات، ويخترق الحجب، ويسجل نصرا بشريا جديدا استطاع فيه الإنسان أن يسخّر الكون من حوله لخدمته، ويغرس أعلام انتصاراته فوق المزيد من المساحات العلمية التي لم تكتشف ولم يطلها الخيال.

ولكننا الآن لا بد أن نضع بعض الكوابح على جموح الخيال فنحن في الشرق الأوسط حيث الإبداع والخيال هما جرائم مروق وخروج عن الجماعة المقدسة ولا بد أن يساق صاحبها سوقا لينخرط في القطيع من جديد.

الجيل الثالث الذي أتحدث عنه هنا هو الجيل الثالث من تنظيم القاعدة، فالكثير من المحللين السياسيين يرون الآن بأن الساحة الآن محتشدة بالجيل الثالث لتنظيم القاعدة على اعتبار أن (ابن لادن والظواهري) هما الرعيل المؤسس الأول، ومن ثم جيل الزرقاوي، والآن سيتسلم الجيل الثالث الراية كما يتوقع المراقبون.

فقد قدم خليفة الزرقاوي (عبدالله البغدادي) برنامجه الانتخابي عبر بعض المواقع والذي كان فيه واضحا حاسما غير قابل للمساومة.

فبعد أن دعا جميع شباب الأمة للانخراط في تنظيمه وشجعهم على أن يذهبوا للعراق للدفاع عن الأمة، لخص أهدافه السياسية كالتالي:

* أولا: (فلا تحيا هذه الأمة إلا بالأشلاء والدماء فداء لهذا الدين) وما سبق منقول حرفيا عنه، إذاً أيها العالم العربي المكلوم بمعتوهيك ومخبوليك استعد لدورة جديدة طافحة بالدماء والأشلاء، وأوقف عجلة الحياة في عموم مدنك وألقم أحلامك ومخططاتك وأجساد أبنائك لمحرقة الجيل الثالث.

* ثانياً: (يا أبناء الإسلام قد فتح الله في بلاد الرافدين أبواب الجنان فدونكم رؤوس المرتدين) هو يريد أن يصعد إلى جنته فوق رؤوس المرتدين، أما من هم المرتدون فعليكم التخمين، لأنني أظن حتى هو لم يحدد بصورة نهائية من هم المرتدون في نظره، المهم أن يهرعوا نحوه شباب الوطن ليراكموا الكم الأكبر من الرؤوس التي توصله بأسرع وقت إلى الجنان.

* ثالثاً: (أنتم يا عبّاد الصليب ويا أحفاد ابن العلقمي ويا من ارتد عن دينه من المحسوبين على أهل السنة فما ننتظر إلا أن نملك رقابكم بسيوفنا، فقتلانا في الجنة وقتلاكم في النار) المدهش في الأمر هنا هو هذا اليقين الكامل المستتب المطلق، وكأنه يرى مفتاح الجنة والنار في جيبه ويوزع قتلانا وقتلاهم بحسب فهرس مسبق مقدس خص به دون العالمين.

* رابعاً: (أينعت شجرة الجهاد التي بدماء الشهداء قد سقيت) رائحة الدماء تزكم أنوفنا والمزيد المزيد منها، إما دماء أو جنان ولا أرض بين البرزخين.

* خامساً: (لكن الصليبين والروافض والمرتدين لا يعلمون) لاحظوا الفئات هنا “المسيحيون والشيعة” ولا أدري من يعني بالمرتدين، ولكن على الغالب يقصد بهم عموم أهل العراق، الذي سيقوّمهم بسيفه.

هذا هو البرنامج الانتخابي للجيل الثالث ورئيس مجلس شورى المجاهدين إلى العراق.

والذي أراه خطاب هزيمتنا الكبرى، خطاب شعوب باتت تموت وتضمحل كما الديناصورات الضخمة، أنه خطبة فجيعة، وإدانة لأنظمتنا السياسية، وأنظمتنا الاجتماعية، والتربوية.. وكل شيء في مجتمعات من الممكن أن تنتج في يوم من الأيام شيئاً بمثل هذا التوحش.
  #59  
قديم 13/06/2006, 01:40 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
العرب يقرأون علامات الأزمنة بعين واحدة

د. محمد الرميحي

خلق الله في الانسان فماً واحداً وانفاً واحداً، وخلق له عينين وأذنين، ربما ليضاعف البصر والسمع، والانسان العربي خلق له مثل ما خلق للآخرين، انما زاد على ذلك بان حضاه بمعلًقين وكتاب في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، أكثرهم يُصر كل يوم على ارغامه بان يسمع بأذن واحدة، ويرى بعين واحدة الأحداث الساخنة المحيطة به.
ولضرب المثل فان هناك قضيتين تداولتا في الأسابيع الأخيرة في وسائل اعلامنا، وكان لمعظم من كتب أو تحدث فيهما رؤية أراد لنا من خلالها أن نرى جميعا بعين واحدة، أما تجاهلا واما جهلا,
القضية الأولى مقارنة الانتخابات الفلسطينية بالانتخابات العراقية، والثانية ما يحدث من أزمات في الحلبة السياسية الغربية (أوروبا)، خصوصا أزمة الحكم في بريطانيا والتغيير الذي تم في ايطاليا، ويربطه بأحداث عربية، فيقرر بقطعية يحسد عليها أن تلك الأحداث السياسية على الجانب الغربي، هي عقوبات لا غير على ما يرتكبونه من سياسيات خاطئة تجاهنا!
في المقارنة بين الانتخابات الفلسطينية والانتخابات العراقية، نجد أن معظم ما نقرأ لا يخرج عن القول أن الانتخابات الفلسطينية كانت انتخابات حرة ونزيهة، ونتج عنها وصول قوى سياسية هي «حماس» التي يفضلها الشارع الفلسطيني لتقوده في هذه المرحلة من مراحل نضاله المشروع، وذلك كله حق، ولكن التحليل ذاك يضيف، أن هناك عقبات تقف أمام هذه القيادة السياسية الجديدة وهي عقبات تعبر عن «صلف» الغرب بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، ذلك الموقف يحول دون أن تقوم الحكومة الحماسية بدورها المرتقب والمرجو, لذا، يضيف التحليل، أن هذا الغرب يسقط في اختبار أخلاقي ذريع، فمن جهة يطالب بديموقراطية وصناديق انتخاب، ومن جهة يحجر على من انتخبهم الشارع الفلسطيني أن يقوموا بدورهم.
ومن جهة أخرى، ينتقدالأشخاص انفسهم تقريبا بمرارة الانتخابات التي تمت اخيرا في العراق، ويصف تلك الانتخابات، التي سعى اليها نحو ثمانية ملايين عراقي،أنها تمت تحت نير الاحتلال، فهي، من وجهة نظر ذلك التحليل، لا تساوي ثمن الورق الذي صوت به الناخبون العراقيون.
في هذا المنظور التحليلي غير المتوازن، يرى ذلك البعض بعين واحدة فقط، فهم لا ينتبهون، أو لا يريدون أن ينتبهوا، أن المقارنة لا تتفق مع العقل، فأن كانت مثالب التصويت العراقي في الانتخابات الأخيرة أنها تمت تحت «نير الاحتلال الاميركي» فان الانتخابات الفلسطينية تمت تحت «نير الاحتلال الاسرائيلي»، والذي ربما يكون أكثر صلافة وقسوة، لانه منع بعض الفلسطينيين في أماكن عديدة حتى من الاقتراب لصناديق الانتخاب من اجل التصويت لمرشحيهم؟ فكيف يتسنى لنا القول أن هنا انتخابات «حرة ونزيهة» وهناك غير ذلك؟!
لا يعني هذا القول أن الموقف الغربي من نتائج الانتخابات الفلسطينية هو موقف مقبول، ولكن يعني أن المقارنة هي التي تقع تحت طائلة اللاعقلانية, الموقف الغربي المعلن من نتائج الانتخابات الفلسطينية له دوافع أخرى (غير عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات) بل له علاقة بشروط الحكم العقلاني، فأي حركة سياسية لا تستطيع أن تشكل «المعارضة والحكومة» في الوقت نفسه, ولعل ما كثر الحديث عنه في الأسبوع الماضي والخاص باكتشاف أسلحة مهربة للأردن، قامت بها بعض «فصائل حماس» يكشف عن بعض ذلك التناقض، ويشكل المعضلة التي سوف تبقى معنا لفترة وتتجلى في أشكال عديدة،حتى يبدأ العقلاء بمناقشة المعضلة على رؤوس الأشهاد، وحتى لا تسقط «حماس» في بعثرة المجهود الفلسطيني بين داخل وخارج، وبين غرف مغلقة وميكرفونات مفتوحة، وبين اشتباك وهدنه بين الفصائل المختلفة، وهناك خيارات سياسية متاحة لحكومة «حماس» يبدو أنها تفرط بها، اقلها التمسك العلني بالمبادرة العربية، من بين خيارات أخرى.
ليس في الأمر خيار لتوصيف الواقع فهناك احتلال اسرائيلي صلف وقامع للفلسطينيين، هذا أمر واقع ويومي، الا أن الخيار السياسي هو اما السعي، مع المجتمع الدولي، لدحر هذا الأمر واما التخفيف منه، واما خلق الظرف الموضوعية لزيادته صلفه وتبريره أمام العالم، في عصر يعرف الجميع أنه عصر يحتاج الى قوتي العقل والمنطق والحشد، كما يحتاج الى قوة المقاومة، التي قد تأخذ أشكالا مختلفة حسب الظروف المتغيرة.
على المقلب الآخر يريد بعض المحليين أن يفهمونا أن ما حدث من نتائج انتخابية في ايطاليا بخسارة بيرلسكوني ونجاح غريمه السياسي، أو الصعوبات التي تواجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، هي نتاج موقف واحد وحيد هو «موقف حكومتيهما» من احتلال العراق! وهو أمر عندما يقرأه المواطن العربي الفطن يشعر أن هناك توجها مسبقا للتسطيح والتضليل, حتى لو افترضنا أن عامل «الحرب على العراق» له بعض التأثير في ما حدث في ايطاليا وما يحدث في بريطانيا، الا أن بعض التأثير هذا لا يتجاوز نسبة ضئيلة من أسباب الأحداث التي خسرت بيرلسكوني الانتخابات، أو التي تواجه بلير, وهناك أزمات مشابهة تواجه جاك شيراك في آخر اعوام حكمه، كما واجهت السلطة الألمانية السابقة، أي ألمانيا وفرنسا اللتين لم تشاركا في حرب العراق!
هناك ديموقراطية غربية تعمل بالآليات الساعية للتغيير والتجديد، وهناك عناصر داخلية في تلك المجتمعات تتصادم وتختلف، أساسها اقتصادي ينتج عنها التغيير المطلوب سياسيا .
في الحال البريطانية وضوح أكثر يقنع العاقل بعدم تلازم ما يحدث بالحرب على العراق، فقد خاض حزب العمال بزعامة السيد توني بلير انتخابات عامة منذ أكثر من عام فقط، وحصل على غالبية مريحة في البرلمان الحالي، ولو كان الناخب البريطاني يريد أن يعاقب حزب العمال والسيد بلير على ما قام به في العراق، لكانت نتائج الانتخابات تلك قد أظهرت ذلك الغضب، فقد خيضت بعد الحرب بما يقارب العام، وكانت أخبار الحرب ساخنة ومقصدها ضبابي أكثر منه الآن.
ينسى بعض المحللين أو يتناسون أن المجتمعات الغربية تمر بمرحلة «فوق ديموقراطية» أن صح التعبير، وهي التي تعني انه حتى لو تسنى لزعيم خوض انتخابات ناجحة، أو حتى تحقيق نصر مؤزر في حرب (كما حدث لونستون تشرشل بعيد الحرب الثانية أو للسيدة مارغريت تاتشر بعد حرب الفوكلاند) فان الشعب يضيق بالزعامات الدائمة, لهذا السبب النفسي ربما قرر رجال التأسيس الاميركي، بعد فترة قصيرة من تجربة، الرئاسات التي ليس لها سقف زمني، أن يحددوا السقف الزمني للرئيس الاميركي بأعوام ثمانية متعاقبة لا غير!
مثل تلك التحليلات التي يقرؤها البعض على أنها حقيقة كاملة ونهائية، تغري المتلقي العربي بان ينظر بعين واحدة، وتوظف على غير ما هو حقيقي وواقعي، والانكأ من ذلك كله أن يصدق بها المسؤول العربي ويرتاح اليها، وهي مبنية على وقائع متخيلة وتكيف مصلحي، وسوء قراءة في علامات الأزمنة، فيتكئ عليها في اتخاذ قراراته، كونها حقائق غير قابلة للجدل.

كاتب كويتي
  #60  
قديم 13/06/2006, 01:40 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
العرب يقرأون علامات الأزمنة بعين واحدة

د. محمد الرميحي

خلق الله في الانسان فماً واحداً وانفاً واحداً، وخلق له عينين وأذنين، ربما ليضاعف البصر والسمع، والانسان العربي خلق له مثل ما خلق للآخرين، انما زاد على ذلك بان حضاه بمعلًقين وكتاب في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، أكثرهم يُصر كل يوم على ارغامه بان يسمع بأذن واحدة، ويرى بعين واحدة الأحداث الساخنة المحيطة به.
ولضرب المثل فان هناك قضيتين تداولتا في الأسابيع الأخيرة في وسائل اعلامنا، وكان لمعظم من كتب أو تحدث فيهما رؤية أراد لنا من خلالها أن نرى جميعا بعين واحدة، أما تجاهلا واما جهلا,
القضية الأولى مقارنة الانتخابات الفلسطينية بالانتخابات العراقية، والثانية ما يحدث من أزمات في الحلبة السياسية الغربية (أوروبا)، خصوصا أزمة الحكم في بريطانيا والتغيير الذي تم في ايطاليا، ويربطه بأحداث عربية، فيقرر بقطعية يحسد عليها أن تلك الأحداث السياسية على الجانب الغربي، هي عقوبات لا غير على ما يرتكبونه من سياسيات خاطئة تجاهنا!
في المقارنة بين الانتخابات الفلسطينية والانتخابات العراقية، نجد أن معظم ما نقرأ لا يخرج عن القول أن الانتخابات الفلسطينية كانت انتخابات حرة ونزيهة، ونتج عنها وصول قوى سياسية هي «حماس» التي يفضلها الشارع الفلسطيني لتقوده في هذه المرحلة من مراحل نضاله المشروع، وذلك كله حق، ولكن التحليل ذاك يضيف، أن هناك عقبات تقف أمام هذه القيادة السياسية الجديدة وهي عقبات تعبر عن «صلف» الغرب بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، ذلك الموقف يحول دون أن تقوم الحكومة الحماسية بدورها المرتقب والمرجو, لذا، يضيف التحليل، أن هذا الغرب يسقط في اختبار أخلاقي ذريع، فمن جهة يطالب بديموقراطية وصناديق انتخاب، ومن جهة يحجر على من انتخبهم الشارع الفلسطيني أن يقوموا بدورهم.
ومن جهة أخرى، ينتقدالأشخاص انفسهم تقريبا بمرارة الانتخابات التي تمت اخيرا في العراق، ويصف تلك الانتخابات، التي سعى اليها نحو ثمانية ملايين عراقي،أنها تمت تحت نير الاحتلال، فهي، من وجهة نظر ذلك التحليل، لا تساوي ثمن الورق الذي صوت به الناخبون العراقيون.
في هذا المنظور التحليلي غير المتوازن، يرى ذلك البعض بعين واحدة فقط، فهم لا ينتبهون، أو لا يريدون أن ينتبهوا، أن المقارنة لا تتفق مع العقل، فأن كانت مثالب التصويت العراقي في الانتخابات الأخيرة أنها تمت تحت «نير الاحتلال الاميركي» فان الانتخابات الفلسطينية تمت تحت «نير الاحتلال الاسرائيلي»، والذي ربما يكون أكثر صلافة وقسوة، لانه منع بعض الفلسطينيين في أماكن عديدة حتى من الاقتراب لصناديق الانتخاب من اجل التصويت لمرشحيهم؟ فكيف يتسنى لنا القول أن هنا انتخابات «حرة ونزيهة» وهناك غير ذلك؟!
لا يعني هذا القول أن الموقف الغربي من نتائج الانتخابات الفلسطينية هو موقف مقبول، ولكن يعني أن المقارنة هي التي تقع تحت طائلة اللاعقلانية, الموقف الغربي المعلن من نتائج الانتخابات الفلسطينية له دوافع أخرى (غير عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات) بل له علاقة بشروط الحكم العقلاني، فأي حركة سياسية لا تستطيع أن تشكل «المعارضة والحكومة» في الوقت نفسه, ولعل ما كثر الحديث عنه في الأسبوع الماضي والخاص باكتشاف أسلحة مهربة للأردن، قامت بها بعض «فصائل حماس» يكشف عن بعض ذلك التناقض، ويشكل المعضلة التي سوف تبقى معنا لفترة وتتجلى في أشكال عديدة،حتى يبدأ العقلاء بمناقشة المعضلة على رؤوس الأشهاد، وحتى لا تسقط «حماس» في بعثرة المجهود الفلسطيني بين داخل وخارج، وبين غرف مغلقة وميكرفونات مفتوحة، وبين اشتباك وهدنه بين الفصائل المختلفة، وهناك خيارات سياسية متاحة لحكومة «حماس» يبدو أنها تفرط بها، اقلها التمسك العلني بالمبادرة العربية، من بين خيارات أخرى.
ليس في الأمر خيار لتوصيف الواقع فهناك احتلال اسرائيلي صلف وقامع للفلسطينيين، هذا أمر واقع ويومي، الا أن الخيار السياسي هو اما السعي، مع المجتمع الدولي، لدحر هذا الأمر واما التخفيف منه، واما خلق الظرف الموضوعية لزيادته صلفه وتبريره أمام العالم، في عصر يعرف الجميع أنه عصر يحتاج الى قوتي العقل والمنطق والحشد، كما يحتاج الى قوة المقاومة، التي قد تأخذ أشكالا مختلفة حسب الظروف المتغيرة.
على المقلب الآخر يريد بعض المحليين أن يفهمونا أن ما حدث من نتائج انتخابية في ايطاليا بخسارة بيرلسكوني ونجاح غريمه السياسي، أو الصعوبات التي تواجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، هي نتاج موقف واحد وحيد هو «موقف حكومتيهما» من احتلال العراق! وهو أمر عندما يقرأه المواطن العربي الفطن يشعر أن هناك توجها مسبقا للتسطيح والتضليل, حتى لو افترضنا أن عامل «الحرب على العراق» له بعض التأثير في ما حدث في ايطاليا وما يحدث في بريطانيا، الا أن بعض التأثير هذا لا يتجاوز نسبة ضئيلة من أسباب الأحداث التي خسرت بيرلسكوني الانتخابات، أو التي تواجه بلير, وهناك أزمات مشابهة تواجه جاك شيراك في آخر اعوام حكمه، كما واجهت السلطة الألمانية السابقة، أي ألمانيا وفرنسا اللتين لم تشاركا في حرب العراق!
هناك ديموقراطية غربية تعمل بالآليات الساعية للتغيير والتجديد، وهناك عناصر داخلية في تلك المجتمعات تتصادم وتختلف، أساسها اقتصادي ينتج عنها التغيير المطلوب سياسيا .
في الحال البريطانية وضوح أكثر يقنع العاقل بعدم تلازم ما يحدث بالحرب على العراق، فقد خاض حزب العمال بزعامة السيد توني بلير انتخابات عامة منذ أكثر من عام فقط، وحصل على غالبية مريحة في البرلمان الحالي، ولو كان الناخب البريطاني يريد أن يعاقب حزب العمال والسيد بلير على ما قام به في العراق، لكانت نتائج الانتخابات تلك قد أظهرت ذلك الغضب، فقد خيضت بعد الحرب بما يقارب العام، وكانت أخبار الحرب ساخنة ومقصدها ضبابي أكثر منه الآن.
ينسى بعض المحللين أو يتناسون أن المجتمعات الغربية تمر بمرحلة «فوق ديموقراطية» أن صح التعبير، وهي التي تعني انه حتى لو تسنى لزعيم خوض انتخابات ناجحة، أو حتى تحقيق نصر مؤزر في حرب (كما حدث لونستون تشرشل بعيد الحرب الثانية أو للسيدة مارغريت تاتشر بعد حرب الفوكلاند) فان الشعب يضيق بالزعامات الدائمة, لهذا السبب النفسي ربما قرر رجال التأسيس الاميركي، بعد فترة قصيرة من تجربة، الرئاسات التي ليس لها سقف زمني، أن يحددوا السقف الزمني للرئيس الاميركي بأعوام ثمانية متعاقبة لا غير!
مثل تلك التحليلات التي يقرؤها البعض على أنها حقيقة كاملة ونهائية، تغري المتلقي العربي بان ينظر بعين واحدة، وتوظف على غير ما هو حقيقي وواقعي، والانكأ من ذلك كله أن يصدق بها المسؤول العربي ويرتاح اليها، وهي مبنية على وقائع متخيلة وتكيف مصلحي، وسوء قراءة في علامات الأزمنة، فيتكئ عليها في اتخاذ قراراته، كونها حقائق غير قابلة للجدل.

كاتب كويتي
  #61  
قديم 14/06/2006, 11:52 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
الدورة 95 لمؤتمر العمل الدولي تواصل اجتماعاتها
السلطنة تؤكد على إنشاء الشركات للاستفادة من النمو الاقتصادي
تتواصل في قاعة الاجتماعات بقصر الأمم التابع للأمم المتحدة، ومكتب منظمة العمل الدولية اجتماعات الدورة (95) لمؤتمر العمل الدولي بمشاركة السلطنة بوفد يرأسه معالي الدكتور جمعة بن علي بن جمعة وزير القوى العاملة واعضاء من أصحاب الأعمال ممثلين في غرفة تجارة وصناعة عمان وممثلين للعمال بالسلطنة تمثلهم اللجنة التمثيلية الرئيسية لعمل السلطنه.
وقد ألقى كلمة أصحاب الأعمال في السلطنة سعادة المهندس سالم بن سعيد الغتامي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان قال فيها: إن سلطنة عمان تشهد نموا اقتصاديا في كافة المجالات، لذا فإن غرفة تجارة وصناعة عمان تعمل جاهدة من خلال برامجها على تشجيع المستثمرين بإنشاء شركات ومؤسسات للاستفادة من النمو الاقتصادي في ايجاد فرص عمل جديدة في القطاع الخاص، وذلك للباحثين عن العمل ونشر برامج التوعية ودعم أنشطة أصحاب الأعمال في جعل العمل اللائق هدفا قائما في خططنا وبرامجنا، وعلى ضوء ذلك وبالتعاون مع الحكومة واللجنة الرئيسية لعمال السلطنة، فقد تم تشكيل لجان قطاعية مشتركة من أطراف الإنتاج الثلاثة بهدف التدريب والتأهيل والتشغيل في كافة مجالات العمل المختلفة، وقد بدأت تأتي هذه التجربة ثمارها،كما أن غرفة تجارة وصناعة عمان وبصفتها الممثل للقطاع الخاص العماني، تولي جل اهتمامها مراجعة تشريعات العمل في سلطنة عمان من خلال التنسيق الدائم والمستمر مع الحكومة وبمشاركة العاملين في اللجان التمثيلية للعمال للتأكد من توافق تشريعات العمل المطبقة وفق معايير العمل الدولية وبما يحفظ لكل الأطراف الحقوق الواردة في إعلان المنظمة بشأن المبادئ الأساسية وحقوق العمل.
كما دعا سعادة رئيس الغرفة المجتمع الدولي من خلال منظمة العمل الدولية القيام بواجبه في رفع الظلم والحصار المفروض على المنشآت الاقتصادية والاجتماعية والخدمية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة ودعم أصحاب العمل والعاملين فيها. وأخيرا أشار الغتامي إلى أهمية تفعيل وتنشيط دور المكتب الإقليمي لمنظمة العمل في بيروت للقيام بالمهام الموكولة عليه بكفاءة، وذلك من خلال شغل الوظائف بالخبرات الفنية ذات الكفاءة العالية والناطقة باللغة العربية، وذلك لتعزيز دورها في مساعدة الدول في تحقيق متطلبات معايير العمل الدولية وفي مجال الحوار الاجتماعي ونشر مظلة ايجاد الوظائف من خلال المنشآت الصغيرة والمتوسطة وفي مجال تنمية القوى العاملة، مع إعطاء أهمية خاصة في ترجمة الوثائق الصادرة من المنظمة إلى اللغة العربية نظرا لأهميتها. كما ألقى سعود بن علي الجابري نائب رئيس اللجنة التمثيلية الرئيسية لعمال السلطنه نيابة عن عمال السلطنة قال فيها: لقد أشار زميلي ممثل عمال سلطنة عمان خلال الدورة (94) لمؤتمر العمل الدولي لعام 2005 إلى تشكيل لجنة تمثيلية رئيسية للعمال، هي بمثابة اتحاد عام لجميع اللجان التمثيلية بالمؤسسات المختلفة بالسلطنة، والتي يقع على عاتقها مسؤولية رعاية مصالح العمال والدفاع عن حقوقهم المقررة قانونا، ويعد تشكيل اللجنة الرئيسية واللجان العمالية خطوة أولى في طريق العمل النقابي لعمال سلطنة عمان، والذي نسعى من خلاله كطرف من أطراف الانتاج الثلاثة إلى المساهمة في تحقيق الرخاء الاجتماعي والاستقرار العمالي وتحسين الانتاج،وفي سبيل تفعيل عمل اللجنة الرئيسية للعمال، فقد قامت اللجنة باتخاذ بعض الخطوات المنظمة للعمل التمثيلي، ومنها تشكيل عدة لجان فرعية منبثقة عن اللجنة الرئيسية، وأذكر هنا من بين هذه اللجان لجنة الحقوق والواجبات العمالية، التي تعنى بتوعية العاملين بمختلف المؤسسات بحقوقهم وواجباتهم المهنية، كما أنها تقوم بمتابعة المنازعات العمالية ومشاركة الأطراف الأخرى في تسوية النزاع. كما انبثـقت أيضا عن اللجنة الرئيسية لجنة المرأة العاملة والطفل، والتي يقع على عاتقها رفع وتحسين مستوى المرأة العاملة والاهتمام بالطفل، وذلك من خلال رعاية حقوق المرأة وتحسين أوضاعها في مواقع العمل، وأيضا رفع المستوى الإجتماعي والثقافي والصحي للمرأة والطفل.
لقاء عماني بالجانب الأمريكي

وعقد على هامش المؤتمر لقاء بين الجانب العماني ممثلا باللجنة الرئيسية للعمال بالسلطنة والجانب الامريكي ممثلا بمركز التضامن الامريكي للعمال. ترأس الجانب العماني عبدالعظيم عباس رئيس اللجنة التمثيلية الرئيسية لعمال السلطنة، ومن الجانب الإمريكي هاري كامبرس مدير المركز. تم خلال اللقاء مناقشة أوجه التعاون بين الجانبين وكيفية الاستفادة من خبرات الجانب الامريكي فيما يتعلق بتصميم برامج تدريبية خاصة بتوعية العمال بمضمون مفهوم اللجان العمالية.

عمان الاقتصادي
  #62  
قديم 14/06/2006, 12:19 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
وزير الشؤون الإسلامية حذّر من مرحلة «تحريم الحلال وتحليل الحرام» ... السعودية تدرس إصدار قانون يقضي على ظاهرة «فوضى الفتاوى»

جدة - بـدر المطوع الحياة - 14/06/06//


علمت «الحياة» أن الحكومة السعودية تدرس اصدار قانون جديد يكبح ظاهرة «فوضى الفتاوى» الشرعية، إثر تزايد أعداد من «تجرأوا على الفتيا». وحذّر وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ من الظاهرة، تحسباً من الوصول إلى مرحلة «تحريم الحلال وتحليل الحرام»، الأمر الذي «يُنذر بكارثة دينية اجتماعية».

وتعاني المملكة العربية السعودية من اختلاف في درجات الفهم العلمي للنصوص الشرعية، في مجتمع يتسم تلقائياً بالتدين، فيما تحظى بعائدات كبيرة من مبيعات الثروات الطبيعية.

واعتبر آل الشيخ الوضع القائم حالياً بانه «أصبح مختلطاً أعظم الاختلاط». محملاً الطرفين المسؤولية: من يتصدى للفتوى ومن يستفته من الناس. محذراً طالبي الفتاوى «من الناس» بأن اللجوء إلى مثل هذه الحيلة الشرعية لأخذ «الرخصة الدينية على ذمة المفتي»، لن يبرئ ذمتهم أمام الله.

وقالت مصادر لـ «الحياة»، إن تنظيماً واسعاً لضبط الفتاوى يجري وضع اللمسات النهائية عليه، قبل إقراره قانوناً رسمياً يستهدف تكفيك أوهام القدرة على الإفتاء، في مقابل الحال التي كان عليها أفضل رجالات صدر الإسلام، حينما تعرض عليهم مسائل لاستفتائهم فيها.

وتبعاً لحاجة الوسط الثقافي الشرعي في البلاد إلى مؤلفات صريحة، لإثارة الحوار حول أزمة «فوضى الفتاوى»، وما ستقود إليه من ويلات اجتماعية تهدد الاستقرار المعهود، أصدر الوزير السعودي كتاباً جديداً عنونه بـ «الفتوى بين مطابقة الشرع ومسايرة الأهواء».

واعتبر الشيخ صالح آل الشيخ في كتابه أن «الفتوى أصبحت اليوم مفخرة، إن هذا يفتي، والهاتف لا يسكت، ويتكلم بغير إيقان ولا إتقان، وربما أفتى وهو يأكل، أو وهو ينظر إلى شيء، أو وهو يكتب!». معتبراً أمر من يتصدى للفتوى في هذه الأوضاع «أمراً يُخشى على المرء فيه من أن يعاقبه الله، جل وعلا، بذهاب نور الإيمان من قلبه». محذراً من شدة خطر القول إن هذا حلال وهذا حرام من دون علم أو خوف من الله.

واستشهد الوزير بآية قرآنية تظهر ما قاله الله في مثل هؤلاء «ولا تقولوا لما تَصفُ ألسنتكم الكذبَ هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يُفلحون».

وشدد آل الشيخ على أن هناك فرقاً واضحاً في المسألة الجدلية الإشكالية، تجاه التفريق «بين ترك الفتوى والسكوت عن الحق»، كما تناول في كتابه، بتوسع، الفرق بين الفتوى والقضاء، مفصلاً حال كل منهما وضوابطه الشرعية.

وعرض الوزير لقواعد الفتوى الأربع، وفي مقدمها قاعدة «لا اجتهاد مع النص»، تليها قاعدة «لا إنكار في مسائل الاجتهاد»، ثم «إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها»، ورابعتها قاعدة «الشريعة يسر»، مسهباً في الشرح والتفصيل عن كل قاعدة. متناولاً الصفات الواجب توافرها في المفتي، والصفات الخمس التي تلزم المستفتي.
  #63  
قديم 14/06/2006, 01:47 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
برامج القناة : الكتاب خير جليس
الجزيرة

اليابان بعيون عربية

مقدم الحلقة: خالد الحروب
ضيفا الحلقة:
- مسعود ضاهر/ أستاذ تاريخ العرب الحديث في الجامعة اللبنانية ومؤلف الكتاب

- خديجة صفوت/ باحثة وأستاذة الاقتصاد السياسي

تاريخ الحلقة: 27/5/2006

- نظرة العرب لليابان
- التقاليد ومكانة المرأة في المجتمع الياباني
- مراحل تطور نظرة العرب لليابان
- النظرة للغرب بين العرب واليابان



خالد الحروب: مشاهديّ الكرام مرحباً بكم، كتاب اليوم الرئيسي يتناول التجربة اليابانية في النهضة والتقدم العلم والموقف العرب منها والكتب الثلاثة الأولى التي نستعرضها بإيجاز قبل ذلك هي أيضاً قريبة من ذلك الموضوع، الكتاب الاول عناونه عصر العلم وهو من تأليف العالم المصري أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، يقدم زويل في هذا الكتاب الذي حضنه وجمع مادته أحمد المسلماني رؤيته لحاضر ومستقبل العلم في مصر والعالم العربي وذلك منطلقا من تجربته الشخصية فمن دمنهور إلى كاليفورنيا امتدت رحلته للحصول على الجائزة الرفيعة، يحتوي الكتاب على ما يسميه المؤلف مشروع مبادرة من أجل العلوم والتكنولوجيا في مصر وهي رؤية وثابة لمستقبل واعد وقد ختم زويل كتابه بكلمة دالة تقول ويل لطالب العلم إن رضي عن نفسه. الكتاب الثاني عنوانه النهضة وصراع البقاء من مأزق التخلف إلى آفاق التقدم وهو من تأليف إبراهيم بدران، سؤال هذا الكتاب هو السؤال الملح والضاغط دوما؛ لماذا تخلفنا وكيف نتقدم؟ يبحث المؤلف في بنية وأسلوب التخلف ويحاول أن يستكشف مسارب النهضة والقيام من التعثر. وهو يرى في النهاية أن المشروع النهضوي الإقليمي أو مشروع نهضوي عربي، أي أنه لابد من تقدم البلدان العربية كوحدات مستقلة قبل أن يتقدم العرب ككتلة موحدة، الكتاب الثالث بالفرنسية وعنوانه اليابان.. رؤية العالم العربي لليابان من أقدم العصور إلى منعطف الميجي وهو من تأليف بسام طياره، يقدم هذا الكتاب بحثا تاريخيا غنيا حول الرؤى والتبادلات بين العرب واليابان خلال القرون الماضية ويمفصل تلك الرؤى قبل وبعد إصلاحات الميجي اليابانية في أواخر القرن التاسع عشر ويرى أن رؤية اليابانيين للعرب كانت ممزوجة بنظرتهم للإسلام وفي المراحل المتقدمة أي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تكثفت المعرفة المتبادلة بين العرب واليابان كما يدلل المؤلف وأهم ما يميز هذا الكتاب هو اعتماده على مصادر وكتب مكتوبة باللغة اليابانية والكتاب الرابع الذي نناقشه مع ضيوفنا هو عن اليابان أيضا وعنوانه اليابان بعيون عربية 1904 – 2004 وفيه يرصد المؤلف نظرة العرب خلال القرن العشرين إلى اليابان وكيف كانت نظرة زاهية حتى عام 1945 ثم تغيرت ويساجل ويناقش عشرات المثقفين والمفكرين والسياسيين والدبلوماسيين العرب ومواقفهم وانطباعاتهم عن اليابان، استضيف في الأستوديو لمناقشة الكتاب المؤلف الدكتور مسعود ضاهر أستاذ تاريخ العرب الحديث في الجامعة اللبنانية فأهلا وسهلا به..

نظرة العرب لليابان
مسعود ضاهر - أستاذ تاريخ العرب الحديث في الجامعة اللبنانية ومؤلف الكتاب: أهلا بكم..

خالد الحروب: وعلي أن أقول أن للدكتور ضاهر كتابين سابقين عن اليابان أيضا هما النهضة العربية والنهضة اليابانية.. تشابه المقدمات واختلاف النتائج والكتاب الثاني عنوانه النهضة اليابانية المعاصرة.. الدروس المستفادة عربيا وكنا قد استضفناه حول هذا الكتاب فأهلا وسهلا به وكذلك استضيف الدكتورة خديجة صفوت الباحثة وأستاذة الاقتصاد السياسي المقيمة في بريطانيا فأهلا وسهلا بها أيضا أهلا وسهلا دكتورة خديجة..

خديجة صفوت - باحثة وأستاذة الاقتصاد السياسي: أهلا بك..

خالد الحروب: دكتور مسعود إذا بدأنا معك ما هي الإضافة في هذا الكتاب عن الكتابين السابقين؟

مسعود ضاهر: أنا أعتقد بأنه الكتاب بكامله إضافة، باعتبار أنه يعني علاقة غير مباشرة بالكتابين؛ فالكتاب الأول كان نوع من المقارنة بين النهضة العربية والنهضة اليابانية قبل أن تبدأ التاريخ الفعلي لهذا الكتاب والكتاب الثاني كان عن النهضة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية والدروس المستفادة للعرب، أما هذا الكتاب فيرصد خلال مائة سنة كيف نظر العرب إلى اليابان بعيون مختلفة يعني عيون الدبلوماسي وعيون الباحث وعيون الصحافي وعيون الأديب والشاعر وإلى آخره وفوجئ الناس أو أنا فوجئت شخصيا بحجم هذا الكم من المعلومات حول نظرة العرب إلى اليابانيين وفي البداية كان مجرد مشروع أنه ممكن يكون كتيب لكن تأكد أن المادة غنية..

خالد الحروب: تطور إلى كتاب..

مسعود ضاهر: وتطورت وكانت..

خالد الحروب: خديجة إذا سألتك سؤال عام كيف تختلف هذه النظرة بشكل مجمل؟ ما الذي رأيتيه مختلف عن نظرة مثلا العرب إلى أوروبا أو نظرة العرب إلى أية حضارة أخرى مثلا على سبيل المثال ربما أميركا اللاتينية أو لو قلنا أفريقيا بعيون عربية هل هناك ما يميز هذه النظرة العربية إلى اليابان تحديدا؟

"
نظرة العرب لليابان في الكتاب يبدو فيها نوع من الدهشة والانبهار وفي نفس الوقت الفضول الشديد
"
خديجة صفوت

خديجة صفوت: ده سؤال مهم، أنا أعتقد أنه أولا العرب واضح أنه توجههم سواء قصرا أو إذعانا كان غربا من خمسمائة سنة على الأقل يعني أو حتى من قبل بداية هزيمة العرب أو ما يعتقد ذلك، كان كده النظرة لليابان تبدو لي أنها فيها نوع من الدهشة والانبهار وفي نفس الوقت أيضا الفضول الشديد، لكن زي ما قال الدكتور مسعود أنه فيه تفاوت شديد جدا يعني الكتاب بيمشي في رحلة يبدأ درجة بعيدة من السذاجة يعني حتى مرات تستغرب يعني من ناس مهمين وفي ناس لم ينفطموا من هذه السذاجة..

مسعود ضاهر: حتى الآن..

خديجة صفوت: حتى الآن واحد منهم كاتب كتاب اسمه عن اليابان اسمه.. رحلة إيه رحلة لازم أقول لك العنوان اسمه مفاكهة الخلان في رحلة اليابان..

خالد الحروب: ليوسف..

خديجة صفوت: ليوسف..

خالد الحروب: على كل حال سوف نأتي ربما يعني هذه فيها..

خديجة صفوت: وبعدين توصل..

خالد الحروب: قدر من القسوة في الحكم..

خديجة صفوت: أن هي حاجة جيدة أنا يعني سعدت بها أنه في أخر يعني على أواخر المائتين صفحة الأخيرة، المائة صفحة الأخيرة تحس أنه في نوع من الرصانة والعمق والفهم العميق يعني للتجربة اليابانية وبالتالي ما فيش انبهار أو يعني سخرية أو سذاجة..

خالد الحروب: مسعود إذا بدأنا في المقدمة الحقيقة أنت يعني قدمت إيجاز عن الكتاب في تقريبا ثلاثين أربعين صفحة مهم جدا ومكثف وضمن ربما أيضا جزء من الدراسات السابقة، لكن أسألك حول إصلاحات الإصلاحات الأساسية الإصلاحات الأولى في أواخر القرن التاسع عشر إصلاحات الإمبراطور..

مسعود ضاهر [مقاطعاً]: الميجي.

خالد الحروب [متابعاً]: الميجي ما هي نظرة المثقفين العرب إلى تلك الإصلاحات خاصة وأن جزء منها كان قسريا هو يعني على سبيل المثال طوّر الجزء الشرقي من اليابان تقريبا بطريقة أتاتوركية يعني فإلى أي مدى هل..

مسعود ضاهر: هو أتاتوركية على مثاله.

خالد الحروب: أو بالضبط أو أتاتورك على مثال الميجي، فإلى أي مدى ممكن أن نرصد ونرى توجهات المفكرين العرب والمثقفين العرب إلى التطبيق القسري للحداثة؟ أن هناك حاكم يطبق هذا الحداثة؟

مسعود ضاهر: هو دائما يعني عند العرب كان شعور لابد من حاكم مستبد عادل وحتى بناء الدولة يحتاج إلى سلطة مركزية قوية وهذا ما يفتقده العرب في التاريخ الحديث والمعاصر، فكان دائما عندهم شعور أنه لابد من وجود هذا البطل القومي الذي يحمل مشروع.. والدولة وإلى آخره فوجدوا عند في تجربة الميجي كثير من مواصفات الزعيم المطلوب لهذا السبب كان مديح هائل من حافظ إبراهيم إلى ما كتب حول النهضة في الفترات الأولى كان دائما هذا شعور بالانبهار أنه بلد صغير كان معرض للغزو الأجنبي وفجأة يتحول إلى دولة قوية ولديها جيش قوي ويهزم الدول المجاورة وثم فيما بعد تتحول اليابان إلى دولة منتصرة في الحرب العالمية الأولى ودولة إمبريالية بين فترة ما بين الحربين العالميتين وتحاول أن تزيح كل ما هو أوروبي وأميركي من منطقة جنوب وشرق آسيا بأكلمها وكان اليابانيون هم البادئين بالحرب على الأميركيين في معركة بيرل هاربر، إذاً هذا المسار بنظر أي مواطن عربي هو مسار بطولي وحتى الآن رغم أنه المرحلة الأولى من النهضة اليابانية أصيبت بهزيمة في الحرب العالمية الثانية وعرّضت اليابان إلى ذُل الاحتلال ومازال أربعين ألف جندي أميركي يقيمون على أرض اليابان وقواعد إلى آخره، مازالت هذه النظرة عند الغالبية الساحقة من المثقفين العرب والمواطن العادي هي الأساس وليس النهضة العربية وأنا حاولت دائما أنه أن أقول هنا أنه هناك تجربتان في النهضة؛ التجربة الأولى تحديث في خدمة الجيش والجيش القوي والدولة المركزية والاحتكارات وإلى آخره والنهضة الثانية في خدمة المجتمع وهي الأهم..

خالد الحروب: نعم بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية.

خديجة صفوت: بنزع السلاح صحيح.



التقاليد ومكانة المرأة
في المجتمع الياباني


خالد الحروب: خديجة أسألك هناك مقولة مشتهرة جدا في الفكر العربي والثقافة العربية إزاء النظرة إلى اليابان وموجودة هناك بكثافة تقريبا عند معظم من تناولوها وهي أن اليابان نجحت في مزج الحداثة الغربية مع التقاليد اليابانية وحافظت على تقاليدها اليابانية ولم تندثر إزاء استقدام هذه الحداثة الغربية، السؤال ما هي هذه التقاليد التي حافظت عليها؟ المذكور هنا مثلا العائلة، المرأة، وضع المرأة، الزي التقليدي، المرأة مثلا في اليابان البعض ربما يقول أنها عندها مكانة أدنى مثلا هل هذه هي التقاليد التي تم المحافظة عليها؟

خديجة صفوت: هو فيه توليفة من الأشياء دي وبعدين برضه فيه عدم يعني فيه مزج بين المفهومات، لأنه اللي حصل أنه قاوم الاحتلال الأميركي هم الجماعات اللي كانت تسمى إقطاعية يعني وقاوموا ومع ذلك يعني التقاليد العريقة القديمة الإقطاعية المتصلة بالأسرة والمرأة استهدفت بداية من قبل الاحتلال، يعني دوغلاس مكارثر أول حاجة عملها كتبها في الدستور تحرير المرأة ودي عملية ما انتبهوا لها ناس كثيرين وأنا دهشت ما فيه كتابة عن المرأة هنا، حتى بعض الباحثات يعني لم يذكرن المرأة مع أنه كان الاستهداف وأنت لو نظرت إلى تجربة اليابان مع الاحتلال كأنك تنظر إلى سيناريو العراق وده المدهش، يعني مرات إحنا يعني بننبهر بشيء ويفوتنا الشيء هو أحيانا جملة اعتراضية لكنه هو يكون الحقيقة، فالمرأة استهدفت وفعلا استجابت لأنه زي ما تفضلت يعني الطاعات الكونفوشية الخمسة والنظرة الدونية للمرأة بعدين طبعا عندك (كلمة غير مفهومة) بالريف وبالحضر وبالأرستقراطية.. اللي حصل أنه المرأة هي كانت أداة الاحتلال فيما يسمى تحرير ما هو كان إسمه تحرير.

خالد الحروب: إذا سألت مسعود حول هذه النقطة إنه بالضبط يعني ما الذي حصل يعني ما هي هل هناك تقاليد مثلاً متخلفة ورجعية حافظت عليها اليابان ونحن الآن نتغنى بها مثلاً؟

"
لا توجد تقاليد ثورية وتقاليد رجعية، والتجربة اليابانية تقول: لا يمكن أن تحمي الأصالة إلا بالحداثة السليمة وليس بتقليد الآخرين
"
مسعود ضاهر

مسعود ضاهر: لا لا ليست هناك تقاليد ثورية وتقاليد رجعية وتقاليد التقاليد هي التقاليد وبالتالي كل مجتمع يحاول أن يحافظ عل تقاليده بطرقه الخاصة، فالدرس الأساسي اللي يستخرج من التجربة اليابانية إنه لا يمكن أن تحمي الأصالة إلا الحداثة، بمعنى الحداثة السليمة وليست تقليد الآخرين، فإذا كانت لديك تقاليد إيجابية، تقاليد في التعاون، تقاليد بقضايا لها علاقة بالفنون مثلاً، بالرياضة السومو أو الكابوكي أو النو هذه يجب أن تحافظ عليها لأنها سمة من سمات المجتمع الياباني في حياته المديدة، لا يمكن أن يكون مجتمع بدون تقاليد وبالتالي الحداثة لا يجوز أن تتنكر لهذه التقاليد سواء كانت إيجابية أو سلبية والعالم لم يتعرف إلى هذه التقاليد إلا بعد أن نجحت اليابان في حداثتها وبالتالي ما هو الإيجابي في التجربة اليابانية أنها استطاعت أن تحمي نفسها أولاً تحمي تراثها التقليدي سواء إيجابي أو سلبي لا يطرح التراث بهذه الطريقة، لكن دخلت..

خالد الحروب: لكن مثلاًُ يعني البعض يقول أن المرأة، وضع المرأة اليابانية ما زال لم تتحقق المساواة الكاملة، فهذا هل هذا سلبي ولا إيجابي .. أنه هذا سلبي مثلاً؟

مسعود ضاهر: هذا صحيح حتى المرأة الأوروبية لم تأخذ حقوقها كاملة في كثير من البلدان، يعني المرأة الفرنسية حتى وسط للقرن العشرين كانت ماذا..

خالد الحروب: أنا لا أتكلم عن هذا ليس الجانب..

مسعود ضاهر: لكن المهم كانت نظرة اليابانيين إلى المرأة أنه المرأة هي عماد المجتمع، هي عماد الدولة وهي أم اليابان وكانت كل الدراسات تركز على أنه دور الأم الأساسي هو في إنتاج الإنسان والآن حتى عام 1982 حتى حصلت المساواة التامة بين الرجل والمرأة وكانت هناك كما يقال عن الدونية وهذا صحيح دونية المرأة وما إلى آخره لكن هذا يحصل الآن..

خديجة صفوت: وعدلوا الدستور حتى ترث.

خالد الحروب: خلي.. هيك توقف قصير ثم نناقش مسألة أخرى لأن هذه أطلنا النقاش حول مسألة المرأة اليابانية، مشاهدينا الكرام نتواصل معكم بعد هذا الفاصل القصير.



مراحل تطور نظرة العرب لليابان

خالد الحروب: مشاهدينا الكرام مرحباً بكم مرة ثانية، نواصل معكم نقاش كتاب اليوم اليابان بعيون عربية من تأليف الدكتور مسعود ضاهر، دكتور إذا سألتك سؤال حول ما يسمى أحياناً بحسب وصف أحد الباحثين اليابانيين في الكتاب خرافة مقولة أن اليابان حاولت أن تستفيد من التجربة المصرية خلال حكم محمد علي وهذه مشتهرة أيضاً في الفكر العربي أن اليابانيين حاولوا أن يبحثوا في نماذج الحضارات المختلفة وأرسلوا بعثات إلى مصر حتى يستفيدوا من التجربة المصرية وفاتنا أنهم لم يتعلموا منا وسوى ذلك ما الحقيقة والأصول؟

مسعود ضاهر: المطلوب قراءة النص بدقة لأنهم لم يرسلوا بعثات لدراسة النهضة المصرية والتجارب المصرية، أرسلوا بعثات في قضية محددة هي قضية المحاكم المختلطة وما إذا كانت تصلح لتطبق في اليابان أو لا تصلح، لم يدرسوا.. لم يرسلوا بعثات لدراسة النهضة اليابانية وتأثير النهضة المصرية وتأثيرها.

خالد الحروب: لكن خديجة ألا تعتقدي إنه أحياناً يعني سمعناها كثيراً وقرأناها كثيراً مثلا.

خديجة صفوت: هو في (كلمة بلغة أجنبية) في قياسات صحيح بس لازم إحنا برضوا في نوع من لتجربة محمد علي يعني محمد علي تجربته جاءت بمغبة الديون التي كسرت ظهر مصر وأدت إلى الاحتلال احتلال مصر وبيع أسهم قناة السويس لاحظ في فرق إنه ده كان بمديونية وبعدين دور محمد علي اللي هو مخفي ما هو التاريخ نفسه مكتوب بطريقه غريبة يعني دور محمد علي في تفتيت الخلافة العثمانية..

خالد الحروب: خديجة هي النقطة أنه هناك يعني سواء كان مقروءة بدقة أم بغير دقة لكن هناك قدر من الانطباع العربي أن في لحظة تاريخية ما حاولت اليابان..

خديجة صفوت: بيناتهم سنة واحدة صحيح كلامك بس فيه حاجة مهمة برضوا في الوقت اللي محمد علي كان فائض إنتاج تفتيت الخلافة دول كانوا بيبنوا في إمبراطورية في جنوب شرقي آسيا، يعني الأسس البنائية لنهضة اليابان اللي هو لازم برضوا يذكر باستمرار اللي هو السياق اللي تم فيه تحديث أول نهضة، أنا مع إذا كان التحديث النهضة أو حتى النهضة المهم يعني هذه الوثبة المتصلة برضو إنه اليابان كانت يعني الكتاب أحياناً ما.. معظم الكتاب بيفوتوا عليها يعني هيه كانت إمبراطورية ودة اللي أدى لأنها هي ككل الإمبراطوريات يصبح عندها هذه الثروة الهائلة لبناء هذا المجتمع في حين هي ما عندها موارد طبيعية، هي بَنَتْ نفسها بموارد الآخرين الطبيعية ولما هي لما بنى الميجي أو ما بعده بنوا اليابان الحديثة ما هما تخلفت اللي هي كان طبعاً برضوا فائض إنتاج المدن الدول اللي إحنا بنعرفها أصبحت تسمى نمور آسيوية..

خالد الحروب: آسيوية..

مسعود ضاهر: آسيوية..

خديجة صفوت: آسيوية أو فهود آسيوية هي في الواقع هي أنا زي (كلمة بلغة أجنبية) هي زي يعني بذور في الفلك..

خالد الحروب: يمكن عم يخلف مسعود حول هاي الفكرة لكن حتى أيضا..

مسعود ضاهر: لكن بشكل سريع أنا..

خالد الحروب: لكن إذا سمحت لي حتى المشاهد يتابع على الأقل مضمون الكتاب بشكل أساسي، ذكرت أن هناك تقريبا أربع مراحل..

مسعود ضاهر: بالضبط..

خالد الحروب: ترصد تطور نظرة المثقفين العرب إلى اليابان بإيجاز شديد حتى أيضا نتابع هذه..

مسعود ضاهر: يعني المرحلة الأولى لم يكن هناك عربي واحد ذهب إلى اليابان وسكن في اليابان وكتب عن اليابان، المرحلة الأولى كانت الرؤية أو الكلام عن بعد يعني فيه عاطفي في كلام جميل إنه بلد آسيوي انتصر ولكن كان في رد فعل إيجابية..

خالد الحروب: زمنيا..

مسعود ضاهر: زمنيا هذا من عام 1904 البدايات حتى الحرب العالمية الثانية، فكان فيه نظرة شديدة الانبهار باليابان، المرحلة الثانية هذا النموذج سقط في الحرب العالمية الثانية باعتبار إنه اليابان سقطت في تحت الاحتلال الأميركي والعرب طبعا لا يرغبون بنموذج ساقط تحت الاحتلال الأميركي، فأصبح نوع من التجاهل المتبادل ما بين 1945 و1973 فيه تجاهل عربي لليابان واليابان للعرب وهو كسلع يعني نفط مقابل سلع يابانية رخيصة، المرحلة الثالثة أزمة النفط، أزمة النفط وضعت العالم العربي على جدول الأجندة اليابانية، إنه هذا مجموعة من البشر لديهم كميات كبيرة من النفط والعرب.. اليابانيون بحاجة إليهم فبدأت مسيرة المؤتمرات الثقافية وكان البادئ إليها هم اليابانيون أنفسهم فأنشؤوا مؤتمرين على الأقل 1978، 1979 وصدر..

خالد الحروب: المرحلة الرابعة..

مسعود ضاهر: والمرحلة الرابعة هي المرحلة الحالية يعني التي نعيشها فيما بعد أنه..

خالد الحروب: سميتها التحدي والاستجابة..

مسعود ضاهر: أي يعني صار في باحثون عرب ذهبوا إلى اليابان، يدرسوا في الجامعات اليابانية، بعثات، أدباء كبار، شعراء كبار، فنانون كبار، صار في احتكاك مباشر وصار في سؤال لماذا نجحت اليابان ومحاولة الدخول في عمق هذه التجربة كما فعل شارل العيساوي مثلا (Why Japan) لماذا اليابان فهذا السؤال أصبح بحاجة إلى جواب علمي وليس إلى جواب عاطفي..

خالد الحروب: أسأل خديجة هذه المراحل..

خديجة صفوت: هو أشار لشارل العيساوي ولم يجاوب على السؤال..

مسعود ضاهر: لا جاوب..

خديجة صفوت: يعني افترض حاجات غير حقيقية..

خالد الحروب: لكن على كل حال إذا بقينا في هذه المراحل خديجة أسألك سؤال محدد هذه المراحل الآن الانبهار المتبادل، التجاهل المتبادل، المقاربة العلمية ثم الآن مثلا التحدي والاستجابة بحسب تعبيرات مسعود، الآن في نظرة حالية تقارن وأنتِ أشرتِ سريعا إليها تقارن بين وضع اليابان بعد الحرب العالمية الثانية والسيطرة الأميركية عليها والعراق وتقول بعض الطروحات إذا كانت نهاية العراق مثل نهاية اليابان فمعنى ذلك هذا نتيجة إيجابية؟

خديجة صفوت: لا ما هو ذاك لازم نشوف السياقات اللي حصل فيها كل من النهضتين وما يحدث الآن ويعني في اليابان أوشكت أن يعني الاقتصاد الياباني أوشك أن يذوب في التسعينات، يعني الوسائل بسياقاتها، السياق الحالي أول حاجة دولة أحادية طبعا حتى نشوء الصين ويمكن تكون في تحالفات إقليمية في المنطقة دية بين الصين واليابان وما يعتبر هذه الحكاية، اللي أنا بأفتكر اللي هو القياس تماما يعني حتى لما أنت تدهش بالحذافير، يعني تحرير المرأة ما بعرف، الدمقرطة، عذوبة السينما الأميركية كلام كده عارف زي اليابانية.. لا الأميركية لليابان، إنتاج الأفلام الهايفة طبعا، زي مجلة الحرة وقناة المش عارف إيه اللي عملوها بنفس الشيء تماما يعني تفصيل التفصيل وده لأنه كان في سياق القطبين يعني كان في أثناء الحرب الباردة في بعض الناس ذكروا الكلام ده في الكتاب، الكتاب بالمناسبة ممتع جدا وأنا أحببته أنا لما اسمح لي أقول ذلك يعني..

خالد الحروب: إذا سألت..

خديجة صفوت: فسعدت بقراءته فعلا.

خالد الحروب: إذا سألت مسعود حول..

مسعود ضاهر: لا خليني أجاوب أنا بس في إشارة إلى هذا الموضوع..

خالد الحروب: سريعا لأنه في نقطة مهمة حول..

مسعود ضاهر: لا هو بدون تفصيل..

خالد الحروب: أسألك عنها تفضل.

مسعود ضاهر: يعني أنا سُئِلت هذا السؤال في الجزيرة بالذات في بدايات الحرب.. الاحتلال الأميركي للعراق وقلت لا ستكون العراق نموذج أفغانستان وليس اليابان وحددت أسباب عديدة لأنه مستحيل المقارنة يعني في اليابان دولة مركزية ولديها نهضة وسليمة وحافظت عليها من..

خالد الحروب: هو سؤالي..

خديجة صفوت: السؤال المختلف طبعا..

خالد الحروب: نعم بعيدا عن ذلك، سؤالي هو انتقدت تقريبا انتقدت بطريقة غير مباشرة بعض الآراء التي.. العربية وكذلك الغربية التي تنظر على التجربة اليابانية نظرة فيها قدر من الاستخفاف بأنها عمليا مثل ما قالت خديجة (Satellite) يعني عن بعد، مدارة عن بعد أميركيا وسوى ذلك وقلت أن مثلا محمود عبد الفضيل تقريبا يتبنى هذه النظرة بحسب ما ذكرت في الكتاب ويشيد بالنمور الأسيوية أن العرب يجب أن يتمثلوا بالنمور الأسيوية وليس باليابان.

مسعود ضاهر: وهي النمور الأسيوية مستندة إلى التجربة اليابانية بشكل أساسي وهو بالذات سماها نظرية طائر الإوز، يعني الذي يسير في المقدمة وتسير الباقي بشكل سبعة ورائه، فالنمور الأسيوية أخذت تجاربها من اليابان حتى الصين ألصقت الكثير من التجربة اليابانية، يعني كيفية الدخول في المعاصرة مع الحفاظ على الأصالة ليس من التجارب الغربية ولا من التجارب الأميركية.



النظرة للغرب بين العرب واليابان

خالد الحروب: نعم خديجة مالك بن نبي حسب ما يذكر هنا مسعود في الكتاب يقول أن الفرق بيننا كعرب واليابان في النظرة إلى الغرب أن اليابان وقفت من الغرب موقف التلميذ كي تتعلم بينما نحن كعرب وقفنا من الغرب موقف الزبون كي نستورد الأشياء ونقتنيها، ما رأيك في هذه المقولة هذه أحيانا ربما لو قالها قائل هذه الأيام قال هذا مستغرب تماما يعني أن نقف أمام الغرب موقف التلميذ.

خديجة صفوت: هو طبعا يعني إحنا المشكلة الأساسية في وصف العرب سواء يعني كانوا سماسرة أو كانوا يعني مستهلكين للسلعة بكل أشكالها الفكرية والمادية هو إنه إحنا ما يعني ما لحد الآن يمكن ذكي واحد اسمه ذكي في الآخر كده نظر إلى المشكلة من ناحية بنائية ما فيه فكاك أيوه.

خالد الحروب: ذكي رمزي.

خديجة صفوت: أيوه ليس ثمة فكاك، لا لليابان ولا حتى الصين بالمناسبة ينبغي أن نخشى على الصين ده شيء من مشروعك يا مسعود نخشى على الصين، لأنه أنت بتتكلم عن رأس ماله هو وفق كل شيء وهو يراكم خصما على كل إنسان فيما عدا أصحابه طبعا بدرجات متفاوتة طبعا يوزع في حتة وما يوزع في حتة شوف كيف دي القضية الأساسية عشان نفهم العرب حصل لهم كده ليه هو ينبغي علينا هو ده الموضوع اللي بأقولك عليه حكاية القواميس يعني إحنا بنأخذ يعني العصور كلمة العصور الوسطى وكلمة النهضة وكل الكلمات دي هي خصما علينا، هي ضدنا، هي الوجه الأسود للفكر الغربي، هو المخفي منه الذي لا يقال عشان كده العرب أحيانا كثيرة يعني يستسهلون القضية دي شديدة التركيب وعايزة جهد عشرات الناس، فيبتدي يجلب ذاته.

خالد الحروب: نعم اسمح لي أسال مسعود بتعليق سريع حتى نختم فيه الحقيقة لم يتبق وقت تقول هنا صفحة 253 أن بعض المثقفين الأوروبيين والأميركيين هاجموا تجربة التحديث اليابانية بعنف ورفضوا الاعتراف بخصوصيتها وأن رئيسة وزراء فرنسا السابقة اديث كريسون وصفت المجتمع الياباني بأنه مجتمع النمل..

خديجة صفوت: الفئران.

خالد الحروب: فرد عليها أحد الباحثين اليابانيين فقال إن المجتمع الغربي هو مجتمع الصراصير أو أفضل أن نعيش في مجتمع..

مسعود ضاهر: نعيش في مجتمع النمل من أن نكون مجتمع الصراصير.

خديجة صفوت: النمل..

خالد الحروب: لماذا هذا الموقف الغربي من التجربة اليابانية

مسعود ضاهر: يعني منذ القرن التاسع عشر في موقف فكري ثابت لا يتزحزح حول مركزية الفكر في العالم اللي هو (كلمة بلغة أجنبية) المركزية الأوروبية وامتدادها الأميركي فهذه المركزية الأوروبية ترفض ولادة أي شيء خارج هذه المركزية وأن يقال لليابان لها تجربتها الخاصة، يعني هذا يتنافى مع هذه المركزية وهاجموها بعنف وأنا في كتبي السابقة أشرت أن فيه هناك عشرات الكتب بعناوينها فيها شتيمة لليابان بدون أي سبب، يعني مثلا بعض الكتب عنوانه بالفرنسية أنه عشرة أسباب لكي تكره اليابان، هذا عنوان الكتاب، إذاً هذا النوع من المركزية الصارمة أن الفكر الأوروبي هو الفكر المركزي في العالم لا يحتمل وجود نموذج آخر..

خالد الحروب: شكرا مسعود وشكرا خديجة ولكم مشاهدينا الكرام وأيضا الشكر على متابعتكم وكانت حلقة اليوم حول كتاب اليابان بعيون عربية من تأليف الدكتور مسعود ضاهر أستاذ التاريخ الحديث في الجامعة اللبنانية الذي أشكره على مشاركته معنا فشكرا جزيلا مسعود وأشكر كذلك الدكتورة خديجة صفوت أستاذة الاقتصاد السياسي والمقيمة في بريطانيا شكرا خديجة وعلى أمل اللقاء بكم في الأسبوع المقبل هذه تحية من زميلي عبد المعطي الجعبة ومني خالد الحروب وإلى اللقاء.


--------------------------------------------------------------------------------

المصدر: الجزيرة
  #64  
قديم 14/06/2006, 02:50 PM
DreamMoon DreamMoon غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 05/12/2001
المشاركات: 760
بسم الله الرحمن الرحيم

فكرة رائعة جداً .... إبحار بين كتاب صحفيين ومفكرين ومثقفين في عالم
الصحافة والفكر والأدب ، فكونت لنا تحليلاً ممزوجاً بين رؤى العالم لنا
ورؤيتنا للعالم ، تحيي الأمل فينا حينا ، وتشعرنا باليأس في إصلاح ما هو
قائم أضعاف أملنا ....
تابع فنحن نتابع معك هذه المائدة الدسمة وتشدنا بعض الكتابات نقف عندها
بالتحليل والتدقيق لعل لنا فيها بعض الأمل ...

أحييك مجدداً على هذه الفكرة أخي الكريم الزمن القادم مع حرصك على التنوع
أكثر في المواد المقدمة

دمت متألقاً
  #65  
قديم 17/06/2006, 08:36 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
اشكرك
في كل يوم يتحفنا العالم العربي بأنتكاساته المعهوده وكأنني في تصفحي لبعض عناويين الصحف امر بحالة من البحث اليائس عن بارقة امل تزيح عنا همومنا فلا اجد
ننشر غسيلنا ببقعة السوداء التي استحالة خروجها كل المنظفات الاصطناعية من بينها سبع مرات بالتراب
زمن الانتصارات قد ولى يا خي
فما نحن ناشرون..؟!

البارحة في كل مرة يذكرنا فيها الاستاذ حمدي قنديل بالطفلة هدى تتعاظم الدموع بالاحداق
فلا تبكينا هدى
ولكن هو واقعنا الاليم
لان هناك في كل يوم تتساقط الف هدى والف محمد الدره من الالم والجوع في العراق وفلسطين والصومال والسودان
احسنت يا قلم من رصاص فقد حجرت الدموع في عيوننا

ودمتم بخير
  #66  
قديم 17/06/2006, 01:45 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
خطب كلينتون أغلى من الذهب

واشنطن الحياة - 16/06/06//



أظهر كشف عائدات هيلاري كلينتون الذي قدمته إلى مجلس الشيوخ الأربعاء الماضي، أن زوجها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون يتقاضى ما بين 100 و350 ألف دولار لإلقاء خطاب، وان خطبه الأغلى ثمناً يلقيها في الخارج عموماً.

ودرّت موهبة بيل كلينتون في فن الخطابة عليه نحو 7,5 مليون دولار عام 2005، إذ نال 650 ألف دولار خلال يومين في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عند إلقائه كلمات في تورونتو وكالغاري خلال مؤتمرات نظمتها جمعية «ذي باور ويثين» (القوة الداخلية) التي تدعو شخصيات معروفة إلى إحياء ندوات تكون مصدر «إلهام» و«تحفيز».

وأصبح كلينتون مليونيراً منذ مغادرته البيت الأبيض عام 2001.

ويشير الكشف الذي قدمته السناتور كلينتون (نيويورك) إلى أنها تملك مع زوجها حساباً مصرفياً بقيمة تتراوح بين 5 و25 مليون دولار، إضافة الى صندوق أمانة لا يديرانه بالقيمة نفسها أيضاً. وكل من هذين الحسابين درّ عليهما ما بين 100 ألف ومليون دولار عام 2005.

وبحسب التقديرات فإن بيل كلينتون تقاضى دفعة مسبقة تتراوح بين 10 و 12 مليون دولار عن كتاب سيرته الذاتية «حياتي» الصادر في حزيران (يونيو) 2004 عن دار «نوبف» الاميركية، وبعد ذلك في نحو 30 دولة.

والكتاب الذي بيع منه في الولايات المتحدة أكثر من مليوني نسخة لا يزال أكثر كتب السيرة الذاتية مبيعاً بحسب دار النشر.

ووقّع كلينتون أخيراً، عقداً جديداً مع دار النشر ذاتها لإصدار «دراسة مهمة حول الطريقة التي يمكننا بها دفع بلادنا والعالم نحو التقدم وخفض النزاعات»، على ان ينشر الكتاب الجديد في نهاية 2007 أو مطلع 2008.

وإلى جانب خطاباته وكتبه، يكرّس كلينتون وقتاً كبيراً لمؤسسته التي تعمل على تقديم علاج مرض الأيدز للدول المحرومة ومكافحة السمنة في الولايات المتحدة والإشراف على قمة سنوية تهدف الى جمع أموال لمكافحة الفقر والتغييرات المناخية والنزاعات الدينية.
  #67  
قديم 18/06/2006, 09:40 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
هذه العناكب ما أحكمها

انيس منصور- الشرق الاوسط

نحن نقول: أوهن من خيط العنكبوت! غلط علميا، فقد أثبت العلماء أن العنكبوت يفرز أنواعا مختلفة من الخيوط، أحد هذه الخيوط أقوى من الصلب ـ نعم أقوى من الصلب، وقد جرب العلماء صناعة خيوط من نفس المادة التي يستخدمها العنكبوت فكانت أقوى خيط عرفته البشرية! والعنكبوت عادة ينسج خيوطا، وتكون هذه الخيوط مصيدة للحشرات الأخرى، فلا تكاد الحشرة تقع فيها حتى يسرع إليها العنكبوت وينقض عليها، فينفذ سمه فيها فتموت، وقد يتركها معلقة في خيوطه، ليعود إلى التهامها في أوقات أخرى!

ومن المعروف أن أنثى العنكبوت تلتهم الذكر أثناء العملية الجنسية، أي قبل أن يفرغ منها، ثم تجعله طعاما لصغارها، فإذا خرجوا إلى الحياة وجدوا لحم الشهيد والدهم طعاما سائغا لهم، وليست أنثى العنكبوت هي التي تفعل ذلك، وإنما أية أنثى، فالزوجة على استعداد لأن تشوي زوجها وتقدمه طعاما لأولادها، فأولادها هم الأهم وهم من دمها ولحمها، أما الزوج فكائن غريب، أدى مهمته ومن الواجب أن يتصرف، ويتصرف إن كانت فيه حياة! وفي ملايين السنين تعلم العنكبوت الذكر أن يحمي نفسه من الأنثى المتوحشة، فكان قبل العملية الجنسية يلف انسجته حولها فلا تقوى على أن تحرك فما أو رجلا، وتظل مكتوفة تماما إلى أن يفرغ من العملية الجنسية ويهرب، بعض ذكور العناكب تفرز حول الأنثى خيوطا مميتة فتظل الأنثى حبيسة هذه الخيوط حتى الموت فتجيء مرة أخرى تلتهم الأنثى.

وقد استطاعت الأنثى في ملايين السنين هي الأخرى أن تحمي نفسها وصغارها فإذا جاءها الذكر استسلمت له ولسعته، وتكون من نتيجة هذه اللسعة أن تتم العملية الجنسية دون وعي منه، وفي نفس الوقت تحتفظ بجثته كاملة وتدفنها مع بيضها أو تضع بيضها فوق هذه الجثة، فإذا ظهر إلى الدنيا صغارها كانت لديهم وجبة جاهزة يوما أو يومين. ويقال إن بعض العناكب والعقارب تفعل نفس الشيء مع ذكورها. فالرحالة الأميركي جون جنتر يقول إنه رأى في المكسيك عددا من العناكب الكبيرة متعددة الألوان والتفت إلى ذكر يمتطي أنثى، ولكنه بدلا من أن يفرز مقبرة من الخيوط قضم عددا من سيقانها فأبطل مفعولها والسبب أن العملية الجنسية عند هذا النوع من العناكب تستغرق وقتا أطول فإذا لم يسارع بتحطيم سيقانها فإنها سوف تقبض عليه حتى الموت! ولكن الإنسان لم يتعلم حكمة العناكب لا ذكرا ولا أنثى!
  #68  
قديم 18/06/2006, 09:42 AM
آخر الأخبار آخر الأخبار غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 27/09/2004
المشاركات: 2,259
شكرا على هذه المقتطفات
  #69  
قديم 19/06/2006, 09:49 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
القبيلة والنظام العربي

المدلول السياسي لتراجع الدولة في اتجاه القبيلة


http://www.arabthought.org/ATF/uploa...ssoudDaher.pdf
  #70  
قديم 19/06/2006, 01:40 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
نص كلمة

ردا علي تعليقات: نعم يولد المصري ذكيا ويظل ذكيا مالم يلتحق بالحكومة، فهو مطالب بتنفيذ لوائح غبية، وهو لا يستطيع أن يريح الناس فيبدع الأفضل والاحسن وإلا تعرض للعقوبة، وشيئا فشيئا يتأثر بفيروس الروتين الغبي والبيروقراطية الاشد غباوة ويصبح مخه سجين الاثنين وينعكس ذلك علي تصرفاته الشخصية. وقد ابتكرت شخصية عبدالروتين الكاريكاتيرية الذي قال له الطبيب: لازم تمشي خمسة كيلو كل يوم ولا تتوقف أبدا من أجل صحتك، فنفذ الأمر بحذافيره واتصل بالطبيب قائلا: أنا وصلت الحدود.. أروح فين تاني ؟ ؟


أحمد رجب
الاخبار المصرية
  #71  
قديم 20/06/2006, 10:02 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
اود ان اقدم كتاب التاريخ السري للموساد بشكله الكامل والمكون من ستة اجزاء

التاريخ السرّي للموساد (الحلقة الاولى) معاده

تأليف :غوردون توماس



غوردون توماس هو كاتب شهير يعيش في بريطانيا. سبق له وقدّم ما يزيد على ثلاثين كتابا عرف العديد منها طريقه إلى قائمة الكتب الأكثر انتشارا كما تُرجمت إلى اكثرية اللغات الحيّة في جميع ارجاء العالم. وأغلبية هذه الكتب مكرّسة لعالم الاستخبارات. هذا الكتاب يخص التاريخ السري للموساد.. أي الجهاز المكلّف بأمن اسرائيل الذي اشتهربهذا الاسم ونشأ في الأصل تحت تسمية «معهد الاستخبارات والعمليات الخاصة».


وكان الموساد، كما يصفه المؤلف، وراء الكثير من عمليات التجسس والاغتيالات الأكثر شهرة خلال القرن العشرين. اما المصادر التي يعتمد عليها المؤلف فتتمثل في وثائق سرية والمصادر الخاصة والمقابلات العديدة مع عملاء سابقين للموساد ومخبرين وجواسيس ومسؤولين في هذا الجهاز.. ومن هنا جاء الكشف عن خبايا لم تكن معروفة كانت الأجهزة السرية الاسرائيلية وراءها.


يبدأ الكتاب بالحديث عن شقة في الدائرة الرابعة من العاصمة الفرنسية باريس والتي يقيم فيها أحد خبراء الموساد في حقل الاتصالات والاشراف على تنفيذ المهمات التي يقوم بها عملاء يقدمون من تل ابيب. لكنها ليست شقة عادية فأبوابها مصفحة وزجاج نوافذها لا يمكن ان تنفذ منه اجهزة الرقابة الالكترونية مثلما هو الحال في البيت الابيض الأميركي.


من هنا خدم هذا المقر كقاعدة عملياتية لتنفيذ مهمات منذ عام 1997 منذ أن وصل اليه المدعو «موريس» الذي تخرج من مدرسة الموساد عام 1982.


ويبين المؤلف في تحليلاته آليات عمل جهاز الموساد مثل الاعتماد على واجهات مثل رجال الأعمال والاعلاميين والدبلوماسيين. أما اولئك الذين يستهدفهم الموساد فإنهم كل من ترى به الأجهزة السرية بوحي من القيادات السياسية خطرا على الأمن الاسرائيلي من أجانب وعرب.. مثل الوزير البريطاني المحافظ الأسبق جوناثان ايتكن الذي تولى مسؤوليات عليا في عمليات بيع الأسلحة للشرق الأوسط..


وبعد أن وجهت له صحيفة «الغارديان الاتهام باقامة روابط مشبوهة بالنسبة لوزير بريطاني. حاول ايتكن اقامة دعوى ضد تعرضه للقدح والتشهير تركز النقاش حول من دفع له فاتورة اقامته في فندق «ريتز» الفخم في باريس أقسم أن زوجته هي التي دفعت فقام جهاز الموساد بتقديم معلومات تؤكد أن هذه الزوجة لم تكن آنذاك في العاصمة الفرنسية. لقد خسر ايتكن المعركة فالموساد كان يعتبره يشكل تهديدا لأمن اسرائيل وان له علاقات عربية «مشبوهة.


ويروي المؤلف بالتفصيل المدهش محاولات جهاز الموساد الاسرائيلي تجنيد «هنري بول» نائب المسؤول الأمني في فندق «ريتز» بباريس الذي يملكه الملياردير المصري محمد الفايد.. وكان العميل المدعو «موريس» قد التقى مراراً بـ «هنري» هذا الذي كان يعمل احياناً سائقاً للشخصيات الكبرى من «نزلاء» الفندق..


وهو الذي قاد سيارة المرسيدس بسرعة جنونية في ذلك الأحد 13 أغسطس من عام 1997 ومعه دودي الفايد والأميرة البريطانية ديانا.. وحيث قُتل الثلاثة في الحادث الشهير في نفق «ألما» بالعاصمة الفرنسية باريس. و لا يتردد المؤلف في طرح اسئلة من نوع: «هل لعبت محاولة تجنيد هنري بول (من قبل الموساد) دوراً في الحادث؟ وهل كان السائق قد رطم السيارة عمدا في العمود الثالث عشر بنفق ألما لانه كان يحسب نفسه عاجزا عن الافلات من مخالب الموساد؟


هل فقد السيطرة على عربته بسبب ارتفاع نسبة الكحول والأدوية في دمه؟ عندما غادر الفندق مع مرافقيه الثلاثة (دودي وديانا وحارسهما الشخصي)، هل كانت الضغوط تثقل على عقله؟ وبدلا من أن يكون مسؤولا عن مأساة، ألم يكن بالأحرى ضحية استغلال بغيض من قبل أحد الأجهزة السرية؟».


ويحدد المؤلف جذر «الموساد» في مفهوم يهودي يقول: «قام بقاء شعبنا منذ الملك داؤود، على الصفة العالية لاستخباراته». أما ترجمة هذا على أرض الواقع في فلسطين فقد تجسدت أولاً في منظمة «الهاغاناه» اليهودية في فلسطين قبل قيام الكيان الصهيوني فيها، وحيث حرص دافيد بن غوريون على إيجاد «شبكة من المخبرين» تحولت إلى جهاز حقيقي يمارس كل أشكال العنف، ويرى المؤلف أن «السمة التأديبية العنيفة لطريقة العمل لم تكن بعيدة عن شراسة الموساد مستقبلاً».


وكان دافيد بن غوريون قد جمع بتاريخ 2 مارس 1951 مسؤولي خمس وكالات سرية مختلفة في مكتبه وأعلن لهم قراره بضم جميع نشاطات الاستخبارات الإسرائيلية في الخارج بمصلحة جديدة سمّاها «هاموساد لو توم» أي «معهد التنسيق». وضع هذا الجهاز «إدارياً وسياسياً» تحت سلطة وزير الخارجية باعتبار أن نشاطه الأساسي هو الخارج،


ولكنه ضم في صفوفه ضباطاً كباراً ممثلين لهيئات الاستخبارات الإسرائيلية الأخرى، أي «شين بيت»، جهاز الأمن الداخلي، و«أمان»، أي الاستخبارات العسكرية العامة وممثلين أيضاً عن الاستخبارات الخاصة بالطيران والبحرية. قال بن غوريون يومها لمن معه: «عليكم أن تقدموا للموساد قائمة طلباتكم وسوف يتولى مهمة تلبيتها.


وما عليكم أن تهتموا بمعرفة من أين سيتزود بها وكم سيدفع». ويشير المؤلف إلى أن الموساد تولى منذ البداية الرقابة على شبكة تجسس مهمة في العراق كانت تعمل منذ سنوات تحت إشراف الدائرة السياسية في وزارة الدفاع الإسرائيلية. كانت المهمة الأولى لتلك الشبكة هي التسلل إلى أعلى دوائر الجيش العراقي ووضع خطة للهجرة السرية لليهود العراقيين إلى إسرائيل.


انكشف أمر هذه الشبكة بتاريخ 5 مايو 1951، أي بعد أسابيع عدة فقط من تأسيس الموساد، من قبل الأجهزة السرية العراقية، وحُكم على عميلين إسرائيليين بالإعدام وعلى 17 شخصاً من المتعاملين معها بالسجن مدى الحياة. وما يؤكده المؤلف هو «إن العميلين الإسرائيليين خرجا لاحقاً من السجن مقابل مبلغ مادي كبير تم دفعه لحساب مصرفي في سويسرا باسم وزير الداخلية العراقي آنذاك».


وفي فصل تحت عنوان «الجاسوس ذو القناع الحديدي» يتحدث غوردون توماس عن «رافي» أي رافائيل ايتان، الذي ينقل عنه قوله ذات مرة: «في كل مرة كان علي قتل أحدهم، كنت أحس بحاجة الى النظر مواجهة في عينيه، بل في بياض عينيه. بعدها أشعر بالهدوء وبالتركيز ولا أفكر سوى بما ينبغي علي عمله فأقوم به.. وهذا كل شيء».


وكان ايتان قد تولى منصب نائب مدير عمليات الموساد لمدة ربع قرن وهو الذي أشرف شخصياً على اختطاف ادولف ايخمان في بوينس ايرس تحت اسم «ريكاردو كليمانت» كان جهاز الموساد قد استأجر إحدى طائرات شركة «العال» وجهزها بمقصورة خاصة لوضع ايخمان فيها بعد خطفه. وكان رافائيل ايتان أحد المفاتيح الرئيسية في تزويد مفاعل «ديمونة» الذري الذي أقامته إسرائيل في صحراء النقب بالمواد المشعة عبر العديد من الشبكات التي وصلت إلى أعلى المستويات في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية.


وتحت عنوان «طالبو الثأر» يتحدث المؤلف عن الدور الذي لعبه اسحاق رابين في العملية التي قام بها الموساد في منطقة «سيدي بوسعيد» في مدينة تونس وأدت إلى مقتل القائد الفلسطيني خليل الوزير «أبوجهاد». وتتم الإشارة إلى أن عملاء الموساد أمضوا مدة شهرين كاملين في مراقبة «الفيللا» التي كان يسكنها ورصدوا بدقة مخارجها ومداخلها والمادة التي يتكون منها السياج وعلوّه والنوافذ والأبواب وأنواع الأقفال وأشكال الدفاع وتحركات الحراس.


وتجسسوا على زوجته لمعرفة متى تلعب مع الأطفال وتبعوها حيث كانت تقوم بمشترياتها أو عندما تذهب إلى صالون الحلاقة.. ويرى المؤلف في هذا كله تطبيقاً لقاعدة أساسية في عمليات الاغتيال قال بها أحد قادة الموساد مائير اميت قبل سنوات وبقيت حاضرة في ذهن رجال الموساد وهي: «عليكم أن تفكروا على طريقة الشخص المستهدف ولا تتوقفوا عن تشبيه أنفسكم به إلا في اللحظة التي تضغطون فيها على الزناد». وبتاريخ 16 ابريل 1988 انطلقت عملية اغتيال أبوجهاد.


في تلك الليلة، أقلعت عدة طائرات بوينغ 707 من قاعدة عسكرية بالقرب من تل ابيب، كان في إحداها اسحاق رابين برفقة عدد من الضباط الكبار، كانت طائرتهم على اتصال مستمر مع فريق القتلة الذي كان قد أخذ مواقعه للتنفيذ بقيادة عميل أطلقوا عليه تسمية «السيف». وكانت طائرة أخرى مجهزة بكل ما هو مطلوب لالتقاط الاتصالات وللتشويش بينما كانت هناك طائرتان أخريان معبأتان للقيام بالمهمات الأخرى،


حلقت هذه الطائرات كلها على علوّ شاهق فوق فيللا أبوجهاد وأخذت تدور وتسمع ما يجري على الأرض على تردد خاص. وبعد منتصف ليلة 17 ابريل بقليل علمت القيادة «الطائرة» أن أبوجهاد قد دخل إلى منزله بسيارته المرسيدس.. وقال رئيس مجموعة القتلة بواسطة «ميكرو» إنه يسمع صوت خطوات أبوجهاد وهو يصعد السلم ويدخل إلى غرفته ويوشوش كلمات عدة لزوجته، ثم ينتقل على رؤوس أصابع قدميه إلى الغرفة المجاورة ليقبِّل ابنه النائم قبل أن يعود إلى مكتبه في الطابق الأرضي. وعند الدقيقة 17 من منتصف الليل أعطى رابين الضوء الأخضر.


قتل رجال الموساد أولاً سائق أبوجهاد الذي كان ينام في السيارة خارج الفيللا، بوساطة مسدس مزوّد بكاتم للصوت. ثم فجّروا البوابة الحديدية بمتفجر جديد «صامت» وقتلوا بعد ذلك الحارسين الشخصيين في الداخل قبل أن يدخل رئيس مجموعة القتلة إلى مكتب أبوجهاد ويرديه برصاصتين في صدره تبعهما برصاصتين في الرأس.


وعندما أراد العميل الإسرائيلي الخروج وجد أم جهاد أمامه، فأمرها بالدخول إلى غرفتها مع ابنها بـ «اللغة العربية» استمرت العملية منذ دخول القتلة إلى المنزل وذهابهم 13 دقيقة.


الفصول الأخرى من الكتاب تتحدث عن اغتيالات وخطط اغتيال لصدام حسين مثلاً، وعن علاقات شركات أميركية في الصين وصلاتها مع عالم الإرهاب.


التاريخ السري للموساد.. عالم الظل.


* الكتاب: التاريخ السري للموساد


* الناشر: نوفو موند ـ باريس 2006


* الصفحات: 527 صفحة من القطع المتوسط
  #72  
قديم 20/06/2006, 12:44 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
كتاب-التاريخ السري للموساد ـ الحلقة «2»

إسرائيل تنشر الجواسيس في المطارات العربية قبيل النكسة
تأليف :غوردون توماس



يجد القارئ نفسه هنا على موعد مع إضاءة لمنعطف بالغ الأهمية في مسيرة جهاز الموساد، بما في ذلك إعداد هذا الجهاز لحرب يونيو 1967 ضد العرب، وكيف أفلح في أن يجمع في آن بين التعاون الوثيق مع الأميركيين ومع مد الجسور نحو جهاز المخابرات السوفييتي العتيد، «الكي جي بي». وتبرز في الصورة أيضاً قصة سقوط عميلين بارزين من عملاء الجهاز هما إيلي كوهين وولفغانغ لوتز.

أمضى مائير أميت خمس سنوات على رأس جهاز الموساد (1963-1968) قام خلالها بزيارات سرية إلى العديد من العواصم العربية وغير العربية. ولم يكن هناك من يتجرأ على سؤاله عن مصادر معلوماته وموارده وطرق عمله.

استطاع الموساد في ظل إدارته جمع كمّ هائل من المعلومات، وجنّد الكثير من الجواسيس في أوروبا وإفريقيا والولايات المتحدة وفي العالم العربي، حيث استطاع عملاؤه اختراق جهاز الاستخبارات الأردني الذي كان يُنظر إليه كأفضل جهاز أمني عربي وكذلك جهاز الاستخبارات العسكرية السوري الذي يوصف بأنه الجهاز الأكثر انغلاقا.

وبعد وصول أميت بفترة قصيرة إلى إدارة الموساد أمر بتعميم مذكرة على مختلف أقسام جهازه كان قد سرقها أحد عملائه من مكتب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ياسر عرفات.

ومما جاء فيها: «يمتلك الموساد ملفا عن كل منّا. إنه يعرف أسماءنا وعناويننا. وتوجد فيه صورتان إحداهما لنا ونحن حاسرو الرؤوس والثانية ونحن نلبس الكوفية. وبالتالي لا يجد جواسيس الموساد صعوبة في رصدنا في أي مكان ولو كنّا بالزي المدني».

ويشير مؤلف هذا الكتاب إلى الدور الذي لعبه المخبرون الذين جنّدهم مائير أميت في الارشاد إلى مخابئ أسلحة منظمة التحرير وعلى أعضائها. وتفيد المعلومات التي يقدمها أنه مع اقتراب حرب 1967 كان للموساد مخبرون في جميع القواعد الجوية والقيادات العسكرية العامة.

وكان أميت يهتم بأبسط التفاصيل مثل «معرفة المسافة التي يقطعها طيار من موقع عمله ومكان تناول طعامه؟ وكم من الوقت يمضي أحد ضباط الأركان مثلا كل يوم في ازدحام السير بمدينة القاهرة؟ وهل لهذا الضابط القيادي خليلة؟».

وكانت «خلية الحرب النفسية داخل جهاز الموساد» تعمل باستمرار من أجل جمع ملفات حول الطيارين العرب والفرق العاملة على الأرض وأعضاء القيادات وكفاءاتهم وآليات ترقيتهم وميلهم نحو الكحول ونزوعهم الجنسي.

وكان أميت يدرس تلك الملفات بعناية حتى ساعة متأخرة في الليل أحيانا بحثا عن «الأكثر هشاشة» أمام الضغوط أو الوعود. هكذا استقبلت العديد من العائلات رسائل مجهولة المصدر تتحدث عن عادات وممارسات ابن أو زوج. وبمقدار ما كان يتم زرع البلبلة كان فرح مائير أميت كبيرا.

حديث النكسة

يشير المؤلف إلى أن مائير أميت حدد، بالاعتماد على المعلومات التي جمعها خلال فترة طويلة، لمسؤولي الطيران الإسرائيلي الساعات الأفضل للقيام بغارات خاطفة على القواعد الجوية المصرية في عام 1967.

وشدد على أنه ما بين الساعة السابعة والنصف والسابعة والدقيقة الخامسة والأربعين صباحا تكون وحدات رقابة الرادار في أقصى مستوى من حيث هشاشتها.

فالفريق الليلي يكون في غاية الإنهاك بعد ساعات العمل الطويلة والفريق النهاري لا يكون شديد الحذر فضلا عن تأخر أفراده غالبا في تناول الطعام. أما الطيارون فكانوا يتناولون إفطارهم ما بين الساعة السابعة والربع والسابعة وخمس وأربعين دقيقة. ثم يتوجهون بعد ذلك إلى مواقع عملهم لارتداء زي الطيران.

تستغرق هذه العملية حوالي عشر دقائق، ويضيع أغلبهم عدة دقائق إضافية في الحمّام قبل الوصول إلى حيث توجد طائراتهم في ملاجئها. هكذا يكونون على استعداد للبداية «الرسمية» لعملهم عند الساعة الثامنة صباحا.

عندها تقوم الفرق الأرضية بإخراج الطائرات من الملاجئ لتزويدها بالوقود وتسليحها. وخلال ربع ساعة تتزاحم حول الطائرات شاحنات الصهاريج وعربات نقل الذخائر.

وبالطريقة نفسها جرى الاستخبار الدقيق عن ضباط القيادات العليا الذين لا يكونون في مكاتبهم إلا في حوالي الساعة الثامنة والربع صباحا، أما الضابط المسؤول عن إصدار القرارات فلا ينكب جديا على مراقبة حركة العمل في القواعد إلا حوالي الساعة الثامنة والنصف.

ونتيجة هذه التوصيفات كلها شرح مائير أميت أن أفضل توقيت لقيام الطائرات الإسرائيلية بغارة خاطفة على القواعد المصرية هي ما بين الساعة الثامنة والثامنة والنصف صباحا.

وفي صبيحة الخامس من يونيو 1967 قامت الطائرات الإسرائيلية بغاراتها على القواعد الجوية المصرية عند الساعة الثامنة ودقيقة واحدة وارتفعت أعمدة الدخان من شاحنات الصهاريج والطائرات التي انفجرت مع ذخيرتها. اعتبر «مائير أميت» أن عمل جهازه قد حدد وحده سير المعارك.

كان كل مجنّد جديد في صفوف الموساد يمضي ثلاث سنوات في تدريب مكثّف يخضع خلالها لمساءلات شديدة. وينتهي الأمر به ـ أو بها ـ في نهاية التدريب إلى استخدام الأسلحة وخاصة مسدس سباريتا عيار 22».

وكان العملاء يبدؤون عملهم عادة في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا. وكانت مهمتهم في نيويورك مثلا هي التغلغل في صفوف البعثات الدبلوماسية في منظمة الأمم المتحدة.

أما في واشنطن فقد كانت لهم مسؤولية إضافية هي «مراقبة» البيت الأبيض. وكان بعض العملاء يقومون بمهمات محددة في هذه المنطقة أو تلك حيث توجد توترات ثم يعودون بعد القيام بمهامهم.

وسّع مائير أميت كثيرا من مجال نشاطات الموساد إذ أضاف للجهاز إدارة لجمع المعلومات مكلّفة بالتجسس في الخارج وإدارة للعمل السياسي تتعاون بشكل وثيق مع الأجهزة «الصديقة» وعلى رأسها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وجهاز الاستخبارات البريطاني.

أمّا إدارة البحوث فقد جرى تقسيمها إلى 15 مكتبا يختص كل منها ببلد عربي. هذا بالإضافة إلى مكتب مختص بكل من الولايات المتحدة وكندا وأميركا اللاتينية وبريطانيا وأوروبا والاتحاد السوفييتي. ثم أضيفت لها بعد ذلك مكاتب مختصة بالصين وجنوب إفريقيا والفاتيكان.

سقوط كوهين
شكّل عملاء الموساد قوة جاهزة باستمرار لزرع الشقاق ومناخ عدم الثقة بين الدول العربية وبث إشاعات دعائية مشككة وتجنيد مخبرين تطبيقا لقاعدة «فرّق تسد» التي كان مائير أميت يؤمن بها تماما. وكان رجاله لا يترددون أحيانا في أن يتركوا خلفهم الدمار والموت.

ويفتخر أميت بعميلين إسرائيليين كان وراء نشاطهما، وهما إيلي كوهين وولفغانغ لوتز. وكوهين من مواليد مدينة الإسكندرية بتاريخ 16 ديسمبر 1924. كان متدينا جدا مثل أسرته، وخرج من مصر في شهر ديسمبر 1956 بعد أزمة ثم حرب السويس في تلك السنة. وصل إلى حيفا لكنه أحس بالغربة فيها.

وجنّدته مصلحة الجاسوسية العسكرية الإسرائيلية عام 1957، ولم يعجبه عمله كمحلل فحاول الدخول إلى جهازالموساد لكن طلبه قوبل بالرفض.

وينقل المؤلف عن أميت قوله له: «لقد جرحه رفضنا بعمق. فترك الجيش وتزوج من فتاة عراقية اسمها نادية». عمل كوهين بعدها لمدة عامين في أحد مكاتب التأمين بتل أبيب.

وفي عملية تفحص لملفات «المرشحين المرفوضين» إثر بحث مائير أميت عن «نموذج خاص لعميل من أجل مهمة خاصة جدا هي الأخرى» لم يجد الشخص المطلوب بين عناصره فأعاد النظر في ملفات المرفوضين. وبدا له أن «كوهين» يمثل أفضل الإمكانيات المتوفرة. فبوشرت مراقبته سرا في الحال.

أشارت تقارير جهاز الموساد الأسبوعية إلى رتابة عاداته وتعلقه بزوجته وأطفاله. وكان الرأي النهائي به من قبل أميت أنه «صالح للخدمة».

أمضى كوهين دورة تدريبية مكثفة لمدة ستة أشهر في مدرسة الموساد. وعلّمه خبراء كيف يتعامل مع المتفجرات والقنابل الموقوتة وصناعتها من أبسط الأشياء، وتحوّل إلى قناص جيّد. وتعلم فك رموز الرسائل المشفرة وأيضا كتابتها، واستخدام جهاز البث اللاسلكي. أظهر كفاءات عالية وذاكرة قوية.

ومع ذلك بقي مائير أميت مترددا وقال عن ذلك: «تساءلت مئة مرة إذا كان إيلي صالحا بالفعل للقيام بما كنت أنتظره منه. وكنت بالطبع أُظهر له باستمرار ثقتي الكاملة به.

ولم أكن أريد خاصة أن يلاحظ خلال مهمته أنه مهدد باستمرار. ثم قلت لنفسي أن أفضل العقول في الموساد قدّموا له معارفهم وخبراتهم، وقررت القيام بالمحاولة».

وتقرر بعد تحضيرات عديدة ومعمقة ذهاب إيلي كوهين باسم جديد هو كامل أمين ثابت إلى بيونس ايريس في الأرجنتين بصفة تاجر يجيد لغة المبادلات التجارية مع سورية.

وجاء على لسان مائير أميت: «لقد تفهّم بسرعة كل ما كان بحاجة إليه مثل الفرق بين الفواتير وبوالس الشحن وبين العقود والكفالات، الخ. لقد كان حرباء حقيقية. واختفى أمام ناظري إيلي كوهين ليبرز كامل أمين ثابت، ذلك السوري المقيم في الأرجنتين والذي لم يتخلّ أبدا عن حلمه القديم في العودة إلى دمشق.

تعززت ثقة إيلي بنفسه يوما بعد يوم واستعجل الدخول في العملية وإثبات نجاحه في لعب الدور المطلوب منه. لقد فعلنا أفضل ما نستطيع لتعليمه إيقاع حياته الجديدة. والباقي عليه. كنا نعرف ذلك جميعا. ورحل من دون ضجة تاركا إسرائيل بشكل سري مثل جميع الجواسيس».

وجد كوهين بسرعة مكانة مرموقة في عالم الأعمال بالعاصمة السورية، وبالتالي تعرّف على العديد من الأصدقاء في المراكز العليا بالحكومة. ولم يتردد في المزايدة بالقول ان سوريا لن تقهر في مواجهة «العدو الصهيوني»، هكذا جرى اصطحابه مع وفد من الزائرين إلى هضبة الجولان السورية للاطلاع على التحصينات العسكرية فيها.

وهناك رأى بأم عينيه المخابئ التي توجد فيها المدافع طويلة المدى التي زوّدت روسيا بها سورية. بل وسُمح له بالتقاط صور. وكان كوهين قد أخبر تل أبيب بوصول دبابات ت-54 إلى سوريا بعد عدة ساعات فقط من استلامها. بل استطاع التوصل إلى خطة كاملة للإستراتيجية السورية الخاصة بشمال فلسطين المحتلة. كانت تلك معلومات لا تقدّر بثمن.

كان كوهين يعادل بنظر مائير أميت فرقة مدفعية كاملة. لكنه أخذ عليه تهوره قليلا. فمثلا كان مولعاً جداً بكرة القدم وغداة هزيمة الفريق الإسرائيلي خرق القاعدة الأكثر حزما في الاتصالات السرية إذ بعث إلى المسؤول عن الاتصال به رسالة تقول: «ربما أنه قد آن الأوان لنتعلم كيف نكسب أيضا في ملاعب كرة القدم». ثم تبع ذلك برسالة أخرى جاء فيها: «أتمنى عيد ميلاد سعيد لزوجتي» ثم «أتمنى عيد ميلاد سعيد لابنتي».

أعرب مائير أميت عن غضبه من سلوك جاسوسه قبل أن يردف: «إنها إحدى الإساءات المؤقتة التي تبدو في بعض اللحظات حتى لدى الأفضل» ثم أضاف: «كنت أسعى كي أضع نفسي في مكانه.

فهل كان بصدد فقدان الأمل؟ وهل كان يحاول إظهار ذلك عبر التقليل من الحذر؟ لقد أعدت في رأسي الحكاية كلها. وأخذت باعتباري مئة عامل وعامل. لكن في النهاية كان هناك عامل واحد له قيمة حقيقية وهو: هل كان لا يزال مؤهّلا للاستمرار في القيام بمهمته؟

كانت إجابة مائير أميت هي «نعم». لكن ذات مساء من يناير 1965، كان إيلي كوهين في غرفته بدمشق يستعد للقيام بعملية اتصال عبر جهاز الإرسال. وفي لحظة البدء بالإرسال وجد نفسه محاطا برجال مكافحة الجاسوسية السوريين.

بعد أن كان قد جرى التقاط مراسلاته من قبل وحدة متحركة مجهّزة بأعتدة سوفييتية كانت هي الأكثر تقدما في العالم آنذاك. طلب منه رجال الأمن السوري بث رسالة محددة للموساد. لكن فهم «أميت» من تغير نبرة الصوت أن إيلي كوهين سقط بيد السوريين الذين أعلنوا الخبر بعد يومين.

قال أميت: «اعتراني الإحساس أنني فقدت أحد أفراد أسرتي. وفي مثل هذه الحالات يطرح الإنسان على نفسه أسئلة مثل: ألم يكن ممكنا إنقاذه؟ كيف أمكن رصده؟ هل ارتكب حماقة؟ هل أوشى به أحد المقرّبين؟ هل كان يتمنى اكتشاف أمره في لا وعيه؟ مثل هذا الأمر قد يحصل أحيانا، أم كان الأمر يتعلق بمجرد سوء حظ؟ تبقى الإجابات غائبة، لكن يبقى التساؤل وسيلة لتخطي الأزمات».

لم يبح إيلي كوهين بشيء. وحاول مائير أميت إنقاذ حياته. وكان وراء الحملة الدولية التي أطلقتها زوجته نادية كوهين للدفاع عن زوجها حيث قابلت بابا الفاتيكان وملكة بريطانيا وعدداً آخر من رؤساء الدول.

وسافر أميت إلى أوروبا حيث قابل رؤساء الأجهزة السرية الألمانية والفرنسية الذين لم يستطيعوا عمل شيء. بل وقام باتصالات غير رسمية مع الاتحاد السوفييتي. وتابع مساعيه حتى يوم 18 مايو 1965 عندما خرجت من سجن المزّة العسكري بالقرب من دمشق سيارة عند الساعة الثانية صباحا وعلى متنها إيلي كوهين. كانت الوجهة هي ساحة المرجة حيث نُصبت مشنقة علّقوا فيها إيلي كوهين أمام أنظار الآلاف من السوريين وعدسات التلفزيون.

حكاية لوتز
الجاسوس الآخر الذي استولى على اهتمام مائير هو وولفغانغ لوتز اليهودي الألماني الذي وصل إلى فلسطين خلال سنوات الثلاثينات من القرن العشرين.

اختاره الموساد في قائمة من المرشحين للقيام بعمليات تجسس في مصر التي دخلها بصفة ألماني شرقي كان قد خدم في صفوف القوات الألمانية في إفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية ولذلك قرر العودة إلى مصر التي كان قد عرفها لممارسة العمل التجاري.

بعد عامين من النشاط التجسسي اكتشفت الأجهزة المصرية الجاسوس الإسرائيلي وحُكم عليه بالسجن ربما كي يتم تبادله مع أسرى مصريين في حالة قيام حرب. حاول أميت التمكن من إطلاق سراحه بشتى الطرق. واقترحت إسرائيل مبادلة لوتز وزوجته بجميع سجناء الحرب المصريين الموجودين في السجون الإسرائيلية.

لكن الرئيس المصري جمال عبد الناصر رفض الاقتراح. فلجأ مائير أميت إلى ممارسة الضغوط النفسية. قال: «أفهمت السجناء المصريين أن بقاءهم في السجون الإسرائيلية يعود إلى رفض عبد الناصر إعادة شخصين إسرائيليين. وسُمح لهم بالكتابة إلى ذويهم، لكن هذا كله بقي دون أي صدى».

ثم تقدم أميت باقتراح آخر هو إظهار الأمر وكأنه انتصار علني للرئيس المصري من دون ذكر أية كلمة عن إطلاق سراح لوتز وزوجته.

رفض عبد الناصر هذا العرض الجديد. فلجأ الإسرائيليون إلى المسؤول عن عناصر الارتباط لدى الأمم المتحدة الذي سافر إلى القاهرة وحصل على وعد بـ «إطلاق سراح لوتز وزوجته» لاحقا. ثم بعد شهر «غادر لوتز وزوجته القاهرة إلى جنيف بأكبر قدر ممكن من السرية، وكانوا بعد ساعات في مكتبي»، كما صرّح أميت.

فهم مائير أميت سريعا أن عملاءه بحاجة إلى دعم لتنفيذ مهماتهم. هكذا شكل شبكة «سيانيم» أي المتطوعين اليهود للتعاون كل في مجاله. فمن يعمل منهم مثلا في وكالات للسفر يسهل تقديم سيارة لجواسيس الموساد من دون عراقيل؛ والمصرفي يقدم التسهيلات المالية المطلوبة؛ والطبيب قد يساهم بإخراج رصاصة من دون إعلام السلطات.

لم يكن مائير أميت يعترض، بالطبع، على محاولات التجسس لكنه كان يؤكد على ضرورة التخطيط الجيد لها. وكان قد أصرّ كذلك على إيجاد شبكة عالمية للصلات مع وسائل الإعلام التي كان يستخدمها ببراعة كبيرة.

فمثلا كان يتبع قيام أي اعتداء أو تفجير في أوروبا حدوث «تسريبات» إلى الصحافة بقصد إثارة مقالات في الاتجاه الذي يريده جهاز الموساد، بل والقيام بحملات التضليل الإعلامي إذا اقتضى الأمر ذلك.

وفي كل مرّة كان ينبغي «اختيار» أن تكون إسرائيل الهدف أو الضحية. وكان القرار يعود لاعتبارات سياسية محضة ترمي إلى تحويل الأنظار عن مناورة دبلوماسية تنوي إسرائيل القيام بها في الشرق الأوسط أو الحصول على التعاطف معها خاصة في الولايات المتحدة الأميركية.

بداية الانحطاط

ينقل مؤلف الكتاب عن مائير أميت قوله أن جهاز الموساد قد بدأ بالانحطاط منذ اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين في شهر نوفمبر من عام 1995، أثناء اجتماع جماهيري مؤيد للسلام.

ويؤكد أميت، أثناء لقائه مؤخرا مع المؤلف، أن المدير العام للموساد «شاباتي شافيت» كان قد أخطر المقربين من رابين بإمكانية اقتراف عملية اغتيال. وقد قال أحد هؤلاء المقرّبين أن الإنذار كان غامضا إلى درجة «لا يمكن أن ينبئ معها أنه كان هناك تهديد حقيقي».

ميدان عمل الموساد هو الخارج، وكل عميل فيه ينبغي عليه المرور في المدرسة الخاصة للجهاز الموجودة بالقرب من تل أبيب. ومن الممنوع على وسائل الإعلام الإسرائيلية الكشف عن وجودها، تحت طائلة العقاب.

وقد ثارت ضجة كبيرة في تل أبيب عام 1996 عندما أفصحت صحيفة إسرائيلية عن اسم المدير العام للموساد «داني ياتوم». طالب البعض بضرورة ايداع الصحافي السجن، وليس وحده وإنما رئيس تحرير الصحيفة معه. لكن لم يتم ذلك بعد أن لاحظ مسؤولو جهاز الموساد أنفسهم أن العديد من الصحف العالمية كانت قد نشرت اسم ياتوم. وكان رأي أميت هو:

«إن الإفصاح عن اسم مدير الموساد وهو على رأس عمله أمر خطير جدا. والجاسوسية نشاط سري غالبا وغير مريح. وليس مهماً ما يفعله جاسوس وإنما تنبغي حمايته. وتمكن معاملته بقسوة داخل الجهاز ولكن على مستوى الخارج يجب عدم المساس به بل ينبغي أن يبقى مجهولا».

كان اسم «مائير أميت» المتعارف عليه عندما كان رئيسا للموساد هو «رام». وكان على اقتناع بأنه ينبغي تحقيق مقولة «إسرائيل الكبرى». كان قد انخرط في صفوف الجيش وعمل قائدا لكتيبة مدة عامين في ظل قيادة موشي ديان.

ووصل بعد ذلك إلى مرتبة قائد عمليات الجيش، أي الشخصية الثانية في القوات المسلحة الإسرائيلية. ترك صفوف الجيش إثر خلل في عمل مظلته أثناء إحدى القفزات. فسافر إلى أميركا للدراسة في جامعة كولومبيا. وبعد عودته عرض عليه موشي ديان رئاسة الاستخبارات العسكرية، ثم خلف إيسر هاريل في رئاسة الموساد بتاريخ 25 مارس 1963.

ومائير أميت هو الذي شرع بانتهاج سياسة اغتيال أعداء الموساد. وهو الذي أقام علاقات سرية مع جهاز الكي.جي.بي السوفييتي وهو الذي زاد من إيقاع استخدام النساء في الجاسوسية وقيامهن بدور «الطعم» أحيانا، الأمر الذي لم يكن بعيدا عن ولوج العديد من الدوائر. وكان يصف دائما طريقة عمله بالقول: «هذا سر، إنه سرّي».

ترك مائير اميت إدارة جهاز الموساد عام 1968، ليعيش بعدها في أحد أحياء تل أبيب، ولا يعرف ماضيه سوى أفراد أسرته المقربين، وهو لا يزال يحرص على أن يبقى بعيدا عن الأنظار. وقد طبّق حتى بعد تركه لإدارة الموساد بسنوات طويلة نفس المبدأ الذي كان يردده وهو أن «الجاسوسية مسألة ذكاء وليست مسألة عضلات».

ويبقى خصمه الأول والأخير هم العرب. وكان مائير أميت قد غادر إدارة جهاز الموساد بكل هدوء. وفي اليوم الأخير استدعى المتعاونين معه في إدارة الجهاز وقال لهم مرّة أخيرة إذا كان العمل في الموساد يطرح عليهم إشكالية أخلاقية فما عليهم سوى أن يتركوه على الفور. كانت تلك هي آخر كلماته لهم قبل أن يصافحهم مغادراً المقر من دون عودة إليه.

كانت هناك، في الواقع، أزمة تلوح في أفق العلاقات بين الموساد وأجهزة الاستخبارات الأميركية وتهدد ذلك التحالف القائم بينهما آنذاك، وبدا أنه قد تكون لها نتائج وخيمة بالنسبة لإسرائيل.

كان في قلب تلك الأزمة أحد العملاء الذين عملوا تحت أمرة مائير أميت، وهو عميل، ليس كالآخرين، إذ نال شهرة بعد تخطيطه وتنفيذه لعملية اختطاف المسؤول النازي السابق أدولف إيخمان من الأرجنتين وإعادته إلى إسرائيل حيث حوكم وأعدم، الشخص المقصود هنا اسمه رافائيل إيتان، الشهير بـ «رافي».

عرض ومناقشة: د. محمد مخلوف
  #73  
قديم 20/06/2006, 01:49 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
التاريخ السري للموساد - الحلقة -3-

أولوية إسرائيلية للتجسس العلمي والتقني على أميركا


تأليف :غوردون توماس




يجد القارئ نفسه هنا على موعد مع عمليتين من عمليات الموساد يفصلهما مدى زمني بعيد، وبالتالي فإنهما تتيحان إلقاء نظرة على تطور الأساليب التي يعمل بها والإمكانات الموضوعة تحت تصرفه، العملية الأولى هي اختطاف أدولف ايخمان في الأرجنتين والثانية هي تجنيد جوناثان بولارد والحصول من خلاله على ألوف الوثائق الأميركية ذات الأهمية البالغة التي تكشف أدق أسرار المنطقة وأكثرها حساسية.

تعلّم سكان ضاحية أفيكا في شمال تل أبيب رؤية رافائيل إيتان بنظارتيه السميكتين والأصم تماما بأذنه اليمنى وهو يحمل تحت ذراعيه أنابيب قديمة أو سلاسل دراجات صدئة أو أشياء معدنية أخرى عتيقة. وما إن يصل إلى بيته حتى يلبس بزة العمل الزرقاء ويضع على وجهه قناع السبّاكين قبل لحم المعادن أو فكّ لحامها.

كان جيرانه يتساءلون عمّا إذا لم يكن يريد بذلك الهروب من ماضيه، لاسيما وأنهم كانوا يعرفون أنه قد قام بالقتل عدة مرّات، ليس في أرض المعارك وإنما في عمليات سرّية. ولم يكن أحد من أولئك الجيران يعرف عدد الذين قتلهم أحيانا رفسا بحذائه. يقول هو نفسه: «في كل مرّة كان علي أن أقتل أحدهم، كنت أحسّ بحاجة الى النظر إليه وجها لوجه، في بياض عينيه، ثم أشعر بالارتياح والتركيز. ولا أعود أفكر إلا بما ينبغي علي عمله، وكنت أفعله، هذا كل شيء».

كان رافي إيتان خلال ربع قرن نائب مدير عمليات الموساد. لم يكن من النوع الذي يجلس وراء مكتبه كي يقرأ التقارير بينما يقوم الآخرون بالعمليات في أرض الميدان. لذلك لم يكن يترك أية مناسبة للمشاركة في أية عملية وذلك تحت شعار: «عندما لا يشارك المرء في الحل، فهذا يعني أنه يشارك في المشكلة». وكان من أهم العمليات التي قام بها وجلبت له شهرة كبيرة عملية اختطاف أدولف إيخمان، أحد كبار مسؤولي النظام النازي الألماني.

عملية إيخمان

في عام 1957 وصلت إلى الموساد معلومة تفيد أنه تم رصد أدولف إيخمان في الأرجنتين، وتمّ تكليف رافائيل إيتان بخطف النازي السابق وجلبه إلى إسرائيل. لقد زيّنوا له العملية وأفهموه أنها سوف تضع جهاز الموساد في طليعة الأجهزة السرية العالمية، إذ ربما ليس هناك أي جهاز آخر يمكن أن يفكر بمثل هذه العملية. كانت المخاطر هائلة، فإيتان سيقوم بالعملية على بعد آلاف الكيلومترات وبهوية مستعارة ومن دون أي دعم وبوسط معادي إلى حد ما فالأرجنتين كانت ملاذ النازيين، وبالتالي يمكن للفشل أن يؤدي إلى السجن، وربما إلى المقبرة.

انتظر إيتان مدة عامين كاملين قبل أن تتأكد المعلومة الأولية التي تثبت حقيقة أن الرجل الذي كان يعيش في إحدى الضواحي البورجوازية لمدينة بيونس أيريس تحت اسم ريكاردو كليمانت هو بالفعل أدولف إيخمان. تجمّد الدم في عروق رافائيل إيتان عندما أعطوه الضوء الأخضر للشروع بالعملية. فالعواقب المترتبة على العملية قد تكون شديدة الخطورة.

استأجرت شركة «العال» الإسرائيلية للطيران، طائرة إنجليزية من أجل القيام بالرحلة الطويلة إلى بيونس أيريس. يقول إيتان: «أرسلنا أحدهم إلى بريطانيا، لقد دفع المبلغ المطلوب وحصلنا على الطائرة. كانت الرحلة تنقل رسمياً وفداً إسرائيلياً للمشاركة في الاحتفال بالذكرى المئة والخمسين لاستقلال الأرجنتين. ولم يكن أي من أعضاء الوفد يعرف سبب وجودنا معهم، وكانوا يجهلون أيضا أننا كنا قد جهّزنا زنزانة في مؤخرة الطائرة من أجل وضع إيخمان فيها عند العودة».

وصل إيتان ورجاله إلى العاصمة الأرجنتينية في أول مايو 1960، ونزلوا في إحدى الشقق السبع التي جرى استئجارها من أجلهم، وبحيث يتم استخدام إحداها كسجن مؤقت لإيخمان قبل ترحيله. استؤجرت 12 سيارة من أجل العملية. راقب إيتان وفريقه إيخمان طيلة ثلاثة أيام وعرفوا أنه ينزل في محطة محددة من حافلة النقل العام عند زاوية شارع غاريبالدي.

وفي مساء العاشر من شهر مايو 1960 قرر إيتان الانتقال إلى التنفيذ يرافقه سائق ورجلان مكلفان بالسيطرة على إيخمان عندما يصبح داخل السيارة. كان أحد الرجلين قد تلقى تدريبا خاصا للسيطرة على الأشخاص في الشارع. وكان يُفترض أن يبقى إيتان داخل السيارة بجانب السائق و«تقديم المساعدة إذا دعت الحاجة».

تحدد موعد تنفيذ العملية في اليوم التالي. ويوم الحادي عشر من مايو وصلت سيارة الموساد إلى شارع غاريبالدي. لم يكن أحد ينبس ببنت شفة، إذ لم يكن هناك ما يقال. كانت حافلات للنقل تقف وتكمل سيرها وعند الساعة الثامنة وخمس دقائق رصدوا إيخمان في إحدى الحافلات. يقول إيتان: «بدا إيخمان متعباً (...). كان الشارع مقفراً.

وسمعت عميلنا الأخصائي بالخطف يفتح باب السيارة قليلا خلفي. وعندما وصلنا إلى محاذاة إيخمان كان يمشي بخطوات سريعة كأنه في عجلة للعودة إلى منزله وتناول طعام العشاء (...). كان مقررا أن تستمر العملية اثنتي عشرة ثانية، ينطلق أثناءها رجلنا من المقعد الخلفي ويمسك إيخمان من رقبته ثم يدفعه إلى داخل السيارة».

وقفت السيارة بمحاذاة إيخمان. استدار ونظر مندهشاً للعميل الذي انطلق من المقعد الخلفي للسيارة. لكن هذا العميل مشى فجأة على رباط حذائه المفكوك وكاد يقع على رأسه. وكاد إيخمان أن ينجو بسبب رباط حذاء مفكوك. أسرع إيخمان الخطى؛ فانطلق إيتان من السيارة. يقول: «لقد أمسكته من رقبته بقوة رأيت عينيه تجحظان بسببها. ولو أنني شددت قبضتي قليلا فلربما كنت قتلته. كان مساعدي قد وقف وفتح لي باب السيارة فدفعت إيخمان على المقعد الخلفي، وتبعه عميلنا. استمرت العملية كلها خمس ثوان».

أُدين إيخمان بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وقبيل إعدامه في 31 مايو 1962 كان رافائيل إيتان في زنزانة تنفيذ الحكم بسجن الرملة. يقول: «نظر لي إيخمان وقال لي: سيأتي دورك أيها اليهودي!، فأجبته: ليس اليوم، ليس اليوم». وكان قد تمّ بناء فرن خاص من أجل حرق جثته؛ وألقي رماده في البحر. لقد حرص بن غوريون على أن لا يبقى أي أثر منه كي يحول دون قيام الذين يحنّون للنازية بتكريمه. نظر رافائيل إيتان يومها طويلاً إلى أمواج البحر وهو في غاية الارتياح.

مهام مختلفة

تابع رافي إيتان عمليات الاغتيال في أوروبا بواسطة القنابل التي يجري تفجيرها عن بعد، أو بواسطة مسدس «بيريتا»، السلاح المفضل بالنسبة لجهاز الموساد. وكان إيتان يقوم بعمليات القتل من دون أن يهتز له جفن. وكان في كل سفرة إلى الخارج ينتحل هوية مزورة مختلفة من بين المخزون الهائل لدى الموساد من جوازات سفر وهويات مزورة أو مسروقة. وأظهر إيتان براعة كبيرة في تجنيد المتطوعين «سيانيم» لمساعدة الموساد من بين اليهود في الخارج.

وكان يستجلبهم، كما شرح قائلا: «كنت أشرح لهم أن شعبنا قد أمضى ألفي عام وهو يحلم. وأننا صلينا نحن اليهود خلال تلك المدة كلها كي يأتي يوم الخلاص. واحتفظنا بذلك الحلم في أغانينا وكتاباتنا وقلوبنا، واليوم أصبح حقيقة. ثم كنت أضيف: كي تستمر هذه الحقيقة نحن بحاجة لأناس من أمثالكم». وفي المحصلة وجد إيتان نفسه على رأس أكثر من مائة شخص بينهم المحامي والطبيب والتاجر وربة المنزل وكلهم مستعدون لتنفيذ أوامره في مختلف أنحاء أوروبا.

حرص رافائيل إيتان على أن يبقى بعيدا عن الخصومات السياسية التي ظلّت متأججة بين الأجهزة السرية الإسرائيلية. وهكذا كان جهاز الاستخبارات الداخلية «شين بيت» وجهاز الاستخبارات العسكرية «أمان» يريدان التخلص من وصاية الموساد. لكن ما كان لموقع الموساد أن يهتز في ظل إدارة مائير أميت الذي استطاع إفشال جميع محاولات هز أسبقيته.

لكن عندما ترك أميت منصبه سعى العديد من الضباط إقناع إيتان بترشيح نفسه وأكّدوا له أنهم وراءه. لكن قبل أن يتحرك جرى تعيين زافي زامير مديراً جديداً للموساد. فاستقال إيتان وفتح مكتبا للاستشارات الأمنية.بعد عام فقط أعرب إيتان عن استعداده للعودة إلى صفوف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ذلك أنه في عام 1974 عيّن إسحق رابين المدعو إسحق هوفي على رأس الموساد وربط الجهاز الأمني بأرييل شارون مستشاره للشؤون الأمنية.

اختار شارون رافي إيتان كمساعد له. بعد ثلاث سنوات أصبح مناحيم بيغن رئيسا لوزراء إسرائيل فاختار إيتان كمستشار أمني شخصي عنده. المهمة الأولى التي حددها إيتان، في هذا الموقع الجديد، هي اغتيال أعضاء منظمة إيلول الأسود الفلسطينية. وبعد عمليات اغتيال في روما وباريس ونيقوسيا لمن اعتبرهم الموساد بين منفذي عملية ميونيخ عام 1972 التي قُتل فيها أحد عشر رياضيا إسرائيليا، حدد رافي إيتان هدفه الجديد: علي حسن سلامة الذي استطاع أن ينجو في الدقيقة الأخيرة من محاولات لاغتياله أثناء تنقله بين العديد من العواصم وقبل أن يستقر في العاصمة اللبنانية بيروت.

ذهب رافائيل إيتان إلى بيروت بصفة رجل أعمال يوناني حيث استطاع التعرف على عنوان إقامة علي حسن سلامة. عاد بعدها إلى تل أبيب وأرسل ثلاثة من عملائه إلى العاصمة اللبنانية استأجر أحدهم سيارة وقاموا بحشوها بالمتفجرات وأوقفوها في الطريق الذي يسلكه هدفهم كل يوم وهو في طريقه إلى مكتبه. وفي لحظة مروره جرى تفجيرها وقتله.

وتقديرا من مناحيم بيجن لمواهب رافائيل إيتان عيّنه مديرا لمكتب العلاقات العلمية «لاكام» الذي تأسس عام 1960 في إطار وزارة الدفاع مع مهمة محددة هي «جمع المعلومات بكل السبل الممكنة». أثار هذا المكتب عداء جهاز الموساد في البداية إذ رأى فيه منافسا وحاول مائير أميت وقبله إيسر هاريل حذفه أو «امتصاصه». لكن شيمون بيريز الذي كان نائبا لوزير الدفاع أصرّ على بقائه، بل وفتح «لاكام» مكاتب له في نيويورك وبوسطن وواشنطن ولوس أنجلوس؛ أي في الأماكن الرئيسية لتواجد التكنولوجيات المتقدمة.

وفي عام 1968 حُكم على أحد مهندسي طائرة الميراج-3 الفرنسية بالسجن لمدة 4 سنوات بسبب تسليمه معطيات كافية لبناء مثل تلك الطائرة لمكتب «لاكام». وعلى أساس هذا «النجاح» في الحصول على أسرار الطائرة المقاتلة الفرنسية قبل «إيتان» تولي رئاسة المكتب المعني مع طموحه في أن يجعل منه جهازا متميّزا في عالم التجسس.

وفي الوقت نفسه أعاد الصلة من جديد مع جهازه السابق «الموساد» الذي كان قد تولّى إدارته ناحوم ادموني الذي كان، مثل إيتان، يحذر كثيرا من النوايا الأميركية حيال الشرق الأوسط، وكان يرى بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لا تقدم له سوى معلومات متواضعة.

وزاد قلق مدير الموساد الجديد بعد تلقيه تقارير من عملائه في واشنطن أن مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الأميركية قد التقوا بزعماء عرب قريبين من ياسر عرفات وأنه يجري البحث من أجل إرغام إسرائيل على قبول المطالب الفلسطينية. وشرح ادموني لإيتان أنه لم يعد يستطيع اعتبار الولايات المتحدة ك«حليف له مصداقيته طيلة الوقت».

بالإضافة إلى هذا وصل إلى مسامع عملاء للموساد في شهر أغسطس 1983 أن عملية يتم تحضيرها ضد القوات الأميركية العاملة تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة في بيروت. وكان أولئك العملاء قد رصدوا وجود شاحنة مرسيدس قد تكون مفخخة. كان ينبغي على الموساد حسب الاتفاقات المبرمة إحالة المعلومات فوراً إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

لكن أثناء اجتماع للقيادة الإسرائيلية تلقى جهاز الموساد الأمر التالي: افعلوا كل ما هو ضروري لمراقبة شاحنة المرسيدس. أمّا بالنسبة لليانكي - الجنود الأميركيين - فليس مهمتنا هي حمايتهم، ويستطيعون أن يتكفّلوا هم أنفسهم بذلك. ولا مجال لعمل أكثر من ذلك لهم».

وبتاريخ 23 أكتوبر 1983، وتحت أنظار عملاء الموساد، انطلقت الشاحنة المفخخة بسرعة وصدمت قيادة المارينز بالقرب من مطار بيروت لتقُتل 243 جندياً أميركياً في الانفجار. وينقل المؤلف عن فكتور اوستروفسكي، العميل الإسرائيلي السابق، قوله أن رد فعل الموساد كان: «لقد أرادوا دسّ أنفهم في الورطة اللبنانية، وهم يدفعون الثمن».

التجسس على أميركا

في هذا السياق، جعل رافائيل إيتان من التجسس العلمي والتكنولوجي في الولايات المتحدة هدفا له، وكانت العقبة الأولى أمامه هي إيجاد مخبر فني في موقع رفيع. بحث في قائمة «المتطوعين» لخدمة إسرائيل مجانا التي كان قد أعدّها عندما كان في الموساد، وأشاع حوله أنه مهتم بكل شخصية علمية مقيمة في الولايات المتحدة ومتعاطفة مع إسرائيل.

ولم يحصل على أية نتيجة خلال عدة أشهر. لكن في شهر أبريل عام 1984 أخبره العقيد سيللا الذي كان يدرس المعلوماتية في نيويورك، وقائد السرب الذي كان قد قصف المفاعل الذري العراقي قبل ثلاث سنوات، إنه تعرّف على المدعو جوناثان بولارد أثناء حفلة عشاء نظمها ثريّ يهودي.

كشف له بولارد يومها أنه متحمس للصهيونية من جهة، ويعمل لصالح الاستخبارات البحرية الأميركية. واستطاع سيللا أن يعرف بعد فترة وجيزة أن بولارد يعمل في المركز السرّي لمكافحة الإرهاب التابع للبحرية الأميركية والموجود في سويتلاند بولاية ماريلاند. وكان من بين مهماته تحليل الوثائق المصنفة «أسرار دفاعية» والخاصة بجميع المنظمات الإرهابية في العالم.

كان منصبا شديد الحساسية سمح لبولارد أن يطلع على أعلى مستويات السرية في إطار أجهزة الاستخبارات الأميركية. ولم يصدّق سيللا أذنيه وهو يسمع محدثه يقدم له تفاصيل دقيقة حول قضايا رفضت فيها المصالح الأميركية التعاون الوثيق مع الأجهزة الإسرائيلية. وقد أشار سيللا أنه اعتراه الشك آنذاك بأن الأمر قد يتعلق بفخ نصبه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. لكن رئيس أركان سلاح الجو الإسرائيلي أعطاه الأوامر بتعميق الصلة مع بولارد.

تعددت لقاءات سيللا وبولارد بعد ذلك في ملاعب رياضية أو في أحد المقاهي. وفي كل مرة كان بولارد يجلب معه وثائق في غاية السرية من أجل إثبات إخلاصه، وكان سيللا يرسلها مباشرة إلى تل أبيب. كانت دهشته شديدة عندما عرف أن الموساد قد اتصل قبل عامين ببولارد ولكنه وجده «شخصية غير مستقرة».

وذات يوم قام سيللا بدعوة يوسف ياجور، الذي كان يعمل بصفة ملحق علمي في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك والتابع لمكتب «لاكام» الذي كان يديره رافائيل إيتان، لتناول طعام العشاء مع بولارد. في ذلك العشاء كرر بولارد أن الولايات المتحدة تبخل بمعلوماتها على إسرائيل لأنها تريد المحافظة على علاقات جيدة مع البلدان المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط.

وفي نفس ذلك المساء اتصل يوسف ياجور، بواسطة خط هاتفي محمي من عمليات التنصت، بمعلمه رافائيل إيتان الذي طلب منه أن يعمق صلاته أكثر مع بولارد وزوجته المقبلة، آن هندرسون. هكذا تكررت دعواتهما لتناول وجبات الطعام في المطاعم الفاخرة ولحضور حفلات العروض السينمائية الخاصة للأفلام الجديدة. وبنفس الوقت كان الجاسوس الذي تمّ تجنيده يقدم لإسرائيل وثائق في غاية الأهمية والتي اولاها إيتان أهمية كبيرة ورأى أنه حان الوقت للتعرف على مصدر معلوماته الثمين الجديد.

في نوفمبر 1984 قام سيللا وياجور بتقديم هدية إلى بولارد وآن هندرسون تمثلت في رحلة إلى باريس مدفوعة التكاليف بشكل كامل. وشرح ياجور لبولارد أن هذه الرحلة كانت بمثابة «مكافأة متواضعة بالقياس إلى الخدمات الجليلة التي تقدمها لإسرائيل«. لقد سافرا إلى فرنسا بالدرجة الأولى وكان في استقبالهما بمطار باريس سائق قادهما إلى فندق البريستول الشهير حيث كان بانتظارهما رافائيل إيتان.

في نهاية اللقاء اتفق إيتان مع بولارد على أن لا تعود اللقاءات مع عملاء الموساد مجرد لقاءات صداقة وفي مناسبات وإنما أصبحت لقاءات «عمل». خرج سيللا من الصورة وأصبح ياجور هو العميل المسؤول رسميا عن جوناثان بولارد. وتمّ الاتفاق على نظام جديد لتسليم الوثائق بحيث أصبح بولارد يجلبها إلى شقّة المدعوة «ايريت ايرب»، السكرتيرة في السفارة الإسرائيلية بواشنطن، وحيث كانت قد وُضعت في مطبخها آلة تصوير ذات سرعة كبيرة لأخذ نسخ عن جميع تلك الوثائق وكانت زيارات بولارد لهذه السكرتيرة تتعاقب مع مروره إلى عدة مغاسل للسيارات، حيث كانت سيارته بصدد الغسيل آليا،

كان يعطي الوثائق التي بحوزته سرا ليوسف ياجور الذي تكون سيارته أيضا بصدد الغسيل في الآلة المجاورة. وكان ياجور قد زوّد سيارته بآلة تصوير مخفية تحت المقود. بكل الحالات كانت شقة ايريت ومغاسل السيارات قريبة من مطار واشنطن مما كان يسهّل انتقال ياجور بين العاصمة الفيدرالية ونيوروك. وما إن كان يصل إلى القنصلية حتى يبعث ما لديه من وثائق عبر «فاكس محمي» إلى تل أبيب.

تجاوزت المعلومات المحصلة توقعات رافائيل إيتان إذ وصلته ذات يوم معلومات مفصّلة عن آخر الأسلحة التي قامت روسيا بتزويد سوريا بها مع تحديد دقيق لمواقع صواريخ اس.اس-21 وسي.آ-5، وكذلك خرائط وصور للترسانات العسكرية السورية والعراقية والإيرانية، بما في ذلك صور مصانع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.

وفضلاً عن الحساسية الكبرى للمعلومات المحصّلة توضحت أيضا بالنسبة لإيتان طرق التجسس التي تتبعها الأجهزة السرية الأميركية في الشرق الأوسط ولكن أيضا في جنوب إفريقيا. وكان بولارد قد سلّم للإسرائيليين تقريراً أعدّته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية عن البنية الكاملة لشبكة جواسيسها في تلك البلاد ـ جنوب إفريقيا.

كذلك سلّمهم وثيقة أخرى تشرح بأدق التفاصيل كيف قامت جنوب إفريقيا بأول تفجير ذرّي يوم الرابع عشر من شهر سبتمبر 1979 في جنوب المحيط الهندي. لكن حكومة بريتوريا نفت باستمرار امتلاكها للقدرة النووية. وتصرّف رافائيل إيتان بطريقة قام من خلالها عملاء الموساد بتسليم حكومة جنوب إفريقيا جميع الوثائق الأميركية التي تخصّها، مما أدّى إلى تفكيك كامل مباشر لشبكة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية فيها. وتوجب أن يغادر 12 عميلا البلاد بأقصى سرعة ممكنة.

سقوط بولارد

قام جوناثان بولارد خلال الأحد عشر شهرا التالية بتسليم الإسرائيليين أخطر المعلومات التي جمعتها الأجهزة السرية الأميركية. وتمّ هكذا تحويل أكثر من ألف وثيقة «سرّية للغاية« إلى إسرائيل، حيث كان رافائيل إيتان يدقق فيها بإعجاب قبل أن يسلمها بدوره إلى إدارة جهاز الموساد. وبالاعتماد على المعلومات المجمّعة قام ناحوم ادموني مدير الموساد بتقديم توصيات إلى الحكومة الائتلافية التي كان يتولى رئاستها آنذاك شيمون بيريز حول أفضل طريقة للتصرف حيال السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

وينقل المؤلف عن محضر للاجتماعات الوزارية الإسرائيلية آنذاك ما يلي: «عندما يتم الاستماع إلى ناحوم ادموني، يسود تقريبا الشعور أن المرء يجلس مع الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. ولم نكن على اطلاع فوري بآخر الأفكار التي تنبثق في واشنطن حيال القضايا التي تهمنا من قريب أو بعيد فحسب، ولكن كان لدينا أيضا الوقت من أجل التأمل والتفكير قبل اتخاذ أي قرار.

أصبح جوناثان بولارد عنصراً حاسماً في السياسة الإسرائيلية وفي اتخاذ القرارات الإستراتيجية. وقام إيتان بتزويده بجواز سفر إسرائيلي تحت اسم داني كوهين وقرر له مرتباً شهرياً كبيراً. بالمقابل طلب منه معلومات وتفاصيل إضافية عن نشاطات التجسس الإلكتروني لوكالة الأمن القومي في إسرائيل وعن طرق التنصّت المستخدمة حيال السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وعلى البعثات الدبلوماسية الأخرى للدولة العبرية في الولايات المتحدة الأميركية.

لم يتمكن بولارد من تزويده بالمعلومات المطلوبة إذ جرى اعتقاله بتاريخ 21 نوفمبر 1985 أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وبعد عدة ساعات فقط كان يوسف ياجور والعقيد سيللا والسكرتيرة ايريت ايرب في الطائرة بالطريق إلى إسرائيل قبل أن يسائلهم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. أما بولارد فقد صدر عليه حكم بالسجن المؤبد وصدر على زوجته حكم بالسجن لمدة خمس سنوات.

أطلق مؤتمر المنظمات اليهودية بالاشتراك مع أكثر من خمسين مجموعة أخرى في عام 1999 حملة مكثفة لإطلاق سراح بولارد. وروّج اللوبي اليهودي لفكرة تقول أنه لم يقترف جريمة الخيانة العظمى حيال الولايات المتحدة «ذلك أن إسرائيل كانت آنذاك ولا تزال اليوم حليفا قريبا». ودعمت المنظمات اليهودية الدينية تلك الحملة. وصرّح أستاذ القانون في جامعة هارفارد الان م. ديرشفيتز محامي بولارد أنه لا يوجد في الملف ما يثبت أن الجاسوس قد مس «قدرة أجهزة استخبارات الأمة» أو «نشر معطيات حولها على الصعيد العالمي.

في مواجهة تلك الحملة المسيّرة من إسرائيل عرفت أجهزة الاستخبارات الأميركية مبادرة غير مسبوقة إذ خرج عدد من أعضائها إلى النور وحاولوا إثبات خيانة بولارد. وأدّى هذا إلى تعبئة أكبر من اللوبي اليهودي القوي. وخشيت الأجهزة السرية الأميركية أن يقوم بيل كلنتون في إحدى أزماته الدونكيخوتية، حسب تعبير أحد ضباط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بإطلاق سراح بولارد قبل نهاية ولايته الرئاسية.

وقال جورج تينيت، رئيس الوكالة آنذاك، لكلينتون: «إن إطلاق سراح بولارد سيثبط من عزيمة الأجهزة السرية». وهذا ما أجاب عليه كلنتون بالقول «سنرى، سنرى».كان رافائيل إيتان يراقب كل ما يجري حول قضية بولارد بانتباه كبير لكنه كان مشغولا أيضا بقضية أخرى أكثر أهمية وتخص الملف النووي الإسرائيلي.

عرض ومناقشة: د. محمد مخلوف
  #74  
قديم 20/06/2006, 02:26 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
التاريخ السري للموساد - الحلقة «4» -
الإسرائيليون يخدعون المفتشين الأميركيين في صحراء النقب

تأليف :غوردون توماس



ينتقل المؤلف هنا إلى موضوعين على جانب كبير من الأهمية، أولهما مساهمة الموساد في تحويل مفاعل ديمونة من مشروع يحظى بحماس ديفيد بن غوريون إلى أمر واقع، والثاني توظيف عملاء الموساد للاغتيال كأداة للحركة السياسية، بما في ذلك اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير والمناضل فتحي الشقاقي والعالم الكندي جيرالد بول ومحاولة أغتيال خالد مشعل، ثم يفتح المؤلف الباب أمام حشد من علامات الاستفهام حول اغتيال اسحق رابين، تثير الشكوك في الرواية الرسمية لمقتل رابين.




شاعت لسنوات طويلة مقولة أن إسرائيل لديها ما وصف بأنه «أفضل جيش نظامي» في منطقة الشرق الأوسط. ولكن لم يكن ديفيد بن غوريون مكتفيا بذلك، وإنما أصدر الأوامر ببناء مفاعل ذري في صحراء النقب بالقرب من ديمونة.عمل في ذلك المفاعل 2500 عالم وتقني. وصمم المهندسون منشأة على عمق 25 متراً تحت الأرض لوضع المفاعل في قلب مختبر هائل «ماخون-2». ويقوم عمل هذا المختبر على نظام فصل وإعادة معالجة المواد المشعّة، وكان قد جرى استيراده من فرنسا تحت تسمية رسمية هي «آلات لصناعة النسيج».




لم يكن مفاعل ديمونة وحده كافياً لتزويد إسرائيل بالقنبلة النووية، بل كان لابد من توفير المادة الانشطارية، أي اليورانيوم المخصّب أو البلوتونيوم. لكن القوى النووية القليلة آنذاك وقّعت معاهدة التزمت من خلالها بعدم تزويد أي بلد بغرام واحد من المواد القابلة للانشطار التي كان مفاعل ديمونة بدونها منشأة غير عملية.بعد ثلاثة أشهر من نصب المفاعل ف1تحت مؤسسة صغيرة لإعادة معالجة المواد المشعّة أبوابها في معمل قديم للحديد في ابوللو ببنسلفانيا.




حملت هذه المؤسسة اسم شركة نوميك للمواد النووية وتجهيزاتها. كان مديرها العام هو سلمان شابيرو الذي كان اسمه على القوائم التي أعدّها رافائيل إيتان لليهود الأميركيين الأكثر نفوذا في المجال العلمي، كما كان اسمه موجودا على قائمة دافعي الأموال «الأكثر كرماً» لإسرائيل. كان ذلك إذن هو المدخل إلى الصناعة النووية الأميركية عن طريق شابيرو هذا، ابن الحاخام، الحاصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة جون هوبكنز.


لم يبد أن الإدارة الأميركية كانت متحمسة آنذاك لحصول إسرائيل على السلاح النووي. وينقل المؤلف أن رسالة وجهها الرئيس الأميركي جون كنيدي في فبراير 1961 إلى دافيد بن غوريون يطلب فيها وضع مفاعل ديمونة في خطط التفتيش المنتظمة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهذا ما اعتبره بن غوريون بمثابة «ضغط أميركي» بل وقال: «إن وجود كاثوليكي في البيت الأبيض ليس أمرا جيدا بالنسبة لإسرائيل». وطلب بن غوريون بعدها مساعدة رجل يثق به في واشنطن هو أبراهام فينبيرغ، الصهيوني المتزمت والمؤيد للتطلعات النووية لإسرائيل.


كان فينبيرغ من أغنى اليهود في الحزب الديمقراطي. ولم يكن يخفى القول أنه إذا كان قد تبرع بمليون دولار لحزب كنيدي، فإنما كان ذلك من أجل الدفاع عن قضايا إسرائيل في الكونغرس. وكانت طريقته المفضلة في العمل هي ممارسة الضغط السياسي المباشر، وقد قال صراحة لكنيدي عندما كان مرشحا: «نحن مستعدون لدفع قيمة فواتيرك إذا تركتنا نشرف على سياستك في منطقة الشرق الأوسط»، يومها اكتفى كنيدي بوعد «منح إسرائيل جميع التنازلات الممكنة».


فدفع فينبيرغ 000 500 دولار ك«بداية». كان العرض واضحا وهو أنه إذا كان الرئيس الأميركي يصر على متابعة المطالبة بتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمفاعل «ديمونة» فإنه «عليه أن لا يعتمد على الدعم المالي لليهود خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة». ووجد فينبيرغ دعما مهما لدى وزير الخارجية الأميركي آنذاك روبت مكنمارا الذي قال للرئيس أنه يتفهم «رغبة إسرائيل في امتلاك القنبلة الذرية».


أصرّ كنيدي على موقفه وتوجب على بن غوريون قبول مبدأ القيام بجولة تفتيشية. لكن كنيدي قدّم في الدقيقة الأخيرة تنازلين مهمين. فمقابل السماح بالدخول إلى مفاعل ديمونة تقوم الولايات المتحدة ببيع الدولة العبرية صواريخ أرض ـ جو من طراز هاواك. أي سلاح الدفاع الأميركي الأكثر كفاءة في عصره. ثم إن عملية التفتيش لن تجري من قبل تقنيي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإنما من قبل فريق أميركي حصرا وبعد برمجة الزيارة بعدة أسابيع مقدّما.


لقد خدع الإسرائيليون المفتشين الأميركيين وبنوا فوق مفاعل ديمونة الحقيقي مركزا للمراقبة كي يدفعوا أولئك المفتشين للاعتقاد أن الأمر يتعلق فعلا بمفاعل يرمي إلى تحويل صحراء النقب إلى فردوس أخضر. أمّا القسم الذي كان يتم تزويده ب«الماء الثقيل» الآتي من فرنسا والنرويج فلم يسمحوا بتفتيشه ل«أسباب أمنية». وكان يكفي للتقنيين أن يلقوا نظرة على محتوى الأوعية كي يفهموا ما فيها. وعندما وصل الأميركيون اكتشف الإسرائيليون أنه ليس فيهم من يتحدث اللغة العبرية، مما كان يقلل من حظوظ إمكانية اكتشافهم للأهداف الحقيقية لمفاعل «ديمونة».


في تلك الأثناء وافقت السلطات الأميركية على طلب تقدّمت به السفارة الإسرائيلية في واشنطن للجنة الطاقة الذرية من أجل السماح ل«مجموعة من العلماء بزيارة شركة نوميك من أجل أن يفهموا بشكل أفضل أسباب قلق المفتشين الأميركيين في ميدان معالجة النفايات النووية». ومع الموافقة على ذلك الطلب أخذ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ما ينبغي للمراقبة ولمعرفة إذا كان سلمان شابيرو، رئيس الشركة، يتعاون أولا مع الأجهزة السرية الإسرائيلية.


قرر رافائيل إيتان أن يقوم هو شخصيا بزيارة شركة نوميك برفقة فريق يضم عالمين كانا يعملان في مفاعل ديمونة كاختصاصيين في معالجة النفايات المشعة. كانت مهمة هذين العالمين هي إيجاد السبل لسرقة المادة القابلة للانشطار من شركة نوميك. كان رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي يراقبون عن قرب الزيارة. وبدا أن تقارير المكتب تحمل الكثير من الشكوك فيما يتعلق بما كان يعرفه شابيرو عن الأسباب الحقيقية لزيارة رافائيل إيتان وأصحابه.


وأشار أحد تلك التقارير بعد شهر من تلك الزيارة إلى أن شركة نوميك قد وقعت عقد شراكة مع الحكومة الإسرائيلية من أجل تطوير «عمليات تعقيم الأطعمة والعينات الطبية بواسطة الإشعاع». بل وأشار تقرير آخر إلى «التحذير الملصق على الحاويات المعدنيّة والذي يدل على وجود مواد مشعّة خطيرة». ثم أضاف: «بسبب هذا التحذير لم يرد أحد فتح تلك الحاويات لتفحص ما بداخلها، ومنعونا نحن من عمل ذلك».


كانت السفارة الإسرائيلية في واشنطن قد أفهمت وزارة الخارجية الأميركية أن أية محاولة لفتح حاوية من الحاويات سيترتب عليه وضعها في مصاف الحقيبة الدبلوماسية التي لا يحق للسلطات في بلدان التمثيل الدبلوماسي فتحها. هكذا وباسم الحصانة رأى عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي الحاويات التي يجري تحميلها في طائرة شحن تابعة لشركة العال الإسرائيلية أمام أعينهم دون أن يستطيعوا فعل أي شيء.


أحصى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي تسع إرساليات تمّت بتلك الطريقة خلال الأشهر الستة التي تلت زيارة رافائيل إيتان لشركة سلمان شابيرو. ورأى المسؤولون عن المكتب أن كمية كافية من المواد الانشطارية لصناعة قنبلة ذرية قد وصلت إلى مفاعل ديمونة . نفى شابيرو أن يكون قد زوّد إسرائيل بأية مواد منها، لكن مكتب التحقيقات وجد «عجز» في كمية المواد الانشطارية التي تعاد معاملتها في شركته. قال شابيرو ان ضياع اليورانيوم يعود إلى «تسربه داخل الأرض« أو «تبخره في الهواء». مثّلت الكمية المفقودة 50 كيلوغراماً ولم يتم توجيه أية تهمة لشابيرو. لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن إسرائيل كانت بطريقها إلى تصنيع السلاح النووي.


الهدف أبو جهاد


ينقل مؤلف هذا الكتاب عن عميل أمضى ربع قرن من حياته في خدمة الموساد قوله: «كان لي الحق في أن أكذب لأن الحقيقة لم تكن تشكل جزءا من علاقتي مع الناس. كان هناك شيء واحد يهمني هو أن أستخدمهم لصالح إسرائيل». على هذا الأساس تربّى عملاء الموساد الذين كانوا يستهلون نشاطاتهم التجسسية في مهمات بالخارج. أما عدد عملاء الموساد فهو غير معروف، لكن عميل سابق للموساد هو فكتور اوستروفسكي كتب عام 1991 أن عددهم هو «حوالي 000 35 شخص في مختلف أنحاء العالم بينهم 000 20 يقومون بعمليات و000 15 نائمون، لا يقومون بأي نشاط» بينما يقوم العاملون بكل أنواع العمليات وفي مقدمتها التجسس والاغتيال.


وفي عام 1988 تولى إسحق رابين، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، شخصيا عملية تخطيط وتنفيذ اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير، أبو جهاد. لقد قام عملاء الموساد طيلة شهرين بالرقابة المستمرة للفيلا التي كان يسكنها في ضاحية سيدي بوسعيد بالقرب من مدينة تونس. لقد راقبوا وعاينوا كل شيء من المداخل وعلو السور المحيط بها والمواد المتكون منها والنوافذ والأبواب والأقفال ووسائل الدفاع ومكان وجود الحرّاس الشخصيين ومسار حركتهم.


لقد راقبوا كل شيء وبأدق التفاصيل. وتلصصوا كذلك على زوجة أبوجهاد عندما كانت تلعب مع الأطفال وتبعوها عندما كانت تذهب للتسوق أو إلى صالون الحلاقة. والتقطوا الاتصالات الهاتفية التي كان يقوم بها زوجها. وحسبوا المسافة بين الغرف ودرسوا ساعات ذهاب وإياب الجيران وسجّلوا أرقام السيارات التي كانت تتردد إلى المنزل وأنواعها وألوانها. لقد طبّق القتلة القاعدة التي كان قد أرساها مائير أميت «عندما كان رئيسا لجهاز الموساد والقائلة إنه أثناء عمليات الاغتيال «ينبغي التفكير مثلما يفكر الهدف وعدم التوقف عند التشابه معه إلى اللحظة التي يتم فيها الضغط على الزناد».


كان عملاء الموساد قد خططوا لمهمتهم السوداء خلال شهر كامل في موقع للموساد في حيفا، وبتاريخ 16 أبريل 1988 أُعطي الضوء الأخضر للانطلاق بالعملية. وفي تلك الليلة أقلعت عدة طائرات إسرائيلية من طراز بوينغ 707 من قاعدة عسكرية جنوب تل أبيب. وكان في الأولى إسحاق رابين وعدد من كبار الضباط الإسرائيليين.


كانوا على اتصال دائم مع فريق القتلة الذين أخذوا مواقعهم بالقرب من الفيللا التي كان يسكنها أبوجهاد وأسرته. قاد العملية عميل اسمه المستعار هو «سورد». وكانت الطائرة الثانية محشوة بآلات الالتقاط والتنصت والتشويش. أما الطائرتان الأخريتان فقد كانتا للدعم اللوجستي والتزويد بالوقود.


كانت الطائرات كلها تدور على ارتفاع عالي جدا فوق «فيللا» أبوجهاد في ضاحية سيدي بو سعيد قرب تونس وكانت على اتصال مع فريق سورد على الأرض بواسطة تردد لا سلكي خاص. وبعد منتصف ليلة 17 أبريل بقليل علم إسحق رابين ومن معه أن أبوجهاد قد عاد إلى منزله. بل أكد «سورد» أنه يسمع وقع خطوات القائد الفلسطيني وهو يصعد الدرج إلى الطابق الثاني حيث توجد زوجته ثم توجه إلى الغرفة المجاورة كي يقبل ابنه النائم ثم عاد إلى الطابق الأول حيث يوجد مكتبه.


وبعد 17 دقيقة من منتصف ليلة 17 أبريل 1988 أعطى إسحاق رابين الضوء الأخضر للشروع بعملية الاغتيال. كان سائق أبوجهاد ينام داخل سيارة المرسيدس خارج المنزل حيث كان الهدف الأول لأحد العملاء الذي أطلق عليه عدة رصاصات من مسدس كاتم للصوت. ثم قام سورد وقاتل آخر بوضع عبوة ناسفة تحت البوابة الحديدية للفيللا.


اقتلعت هذه العبوة المتفجرة الجديدة المسماة «صامتة» البوابة دون أن تحدث أية ضجة تذكر. بعد ولوج المنزل قاما بقتل الحارسين الشخصيين، ثم دخل سورد إلى مكتب أبوجهاد الذي كان بصدد مشاهدة شريط فيديو يخص منظمة التحرير الفلسطينية. همّ أبوجهاد بالوقوف فأطلق عليه سورد رصاصتين استهدفتا صدره.


ثم اتجه القاتل نحو الباب للخروج فوجد بمواجهته أم جهاد فصرخ بوجهها باللغة العربية: ادخلي إلى غرفتك. كان ابنها بين ذراعيها. ثم «تبخر» سورد وفريق القتلة الذي رافقه وسط الظلام. استغرقت العملية ثلاث عشرة ثانية. لاقى اغتيال أبوجهاد صدى عالميا كبيرا بل ينقل المؤلف عن عزرا وايزمان، الوزير الإسرائيلي قوله: «ليس باغتيال الناس يمكن لمسيرة السلام أن تتقدم».


المسلسل يتسارع

لكن مسلسل الاغتيالات لم يتوقف، بل تسارع إيقاعه إلى هذا الحد أو ذاك. ذات مساء من أكتوبر 1995 جرى اجتماع على مستوى القيادة الإسرائيلية، وتحدد فيه الهدف الفلسطيني المقبل المطلوب اغتياله، لقد كان فتحي الشقاقي، المرجعية الدينية لتنظيم الجهاد الإسلامي. كان يومها في دمشق، وعلى أهبة التوجه إلى ليبيا. وكان يُفترض أن يمضي في طريق عودته يوما في جزيرة مالطة.


وكان «شابتاي شافيت» قد أرسل في آخر عملية له كرئيس للموساد، عميلا أسود» - كما يطلق على المخبرين من العرب في أوساط الموساد ـ إلى دمشق. وكانت مهمته هي تنشيط الرقابة الإلكترونية على منزل زعيم الجهاد الإسلامي وذلك بمساعدة أجهزة أميركية جديدة من الأكثر تقدما وذلك للتمكن من التنصت على منظومة الاتصالات التي كان يستخدمها وهي من صنع روسي. وبواسطة عمليات التنصت جرت معرفة تفاصيل رحلة فتحي الشقاقي إلى ليبيا عبر مالطة. وبالتالي لم يكن من الصعب التحضير لعملية اغتياله وتنفيذها.


فبتاريخ 24 أكتوبر 1995 سافر عميلان من جهاز الموساد إلى روما. وعند وصولهما إلى المطارين سلمهما عملاء محللون جواز سفر بريطانياً جديداً لكل منهما. ثم توجها إلى مالطة ونزلا عند وصولهما في غرفتين بفندق ديبلومات على مرفأ فاليتا. استأجر أحدهما دراجة نارية للاطلاع على معالم الجزيرة، كما قال. ولم ير أي عامل من عمال الفندق العميلين الإسرائيليين وهما يتبادلان الحديث. وعندما أشار أحد خدم الفندق لأحدهما أن حقيبته ثقيلة الوزن أجابه بغمزة عين أنها تحتوي على سبائك ذهبية.


في المساء نفسه أخطرت سفينة شحن إسرائيلية السلطات المالطية أنها تتجه إلى إيطاليا ولكنها أصيبت بعطل فني سيرغمها على البقاء في عرض البحر بمواجهة الجزيرة بانتظار القيام بإصلاح الخطأ الطارئ. كان على متن تلك السفينة شابتاي شافيت، مدير جهاز الموساد مع فريق من التقنيين المختصين بمجال الاتصالات. هكذا تم تبادل المعلومات بين الموجودين على السفينة وبين العميلين اللذين كان ثقل حقيبة أحدهما يعود إلى وجود جهاز إرسال بداخلها.


وفي الفندق نفسه قام فتحي الشقاقي بحجز غرفة له. وفي صباح اليوم التالي أطلق عليه عميلا الموساد عدة رصاصات، بعد أن كانا قد أوقفا الدراجة المستأجرة بمحاذاته وهو في طريقه للمطار عائدا إلى دمشق. بعد ساعة واحدة فقط من عملية الاغتيال انطلق من مرفأ فاليتا قارب صغير وعندما وصل إلى محاذاة سفينة الشحن الإسرائيلية «المعطلة» أخبر قبطانها السلطات المالطية أنه قد جرى إصلاح الخلل الميكانيكي «مؤقتا» ولذلك ينبغي عدم إكمال الطريق إلى إيطاليا والعودة إلى حيفا لإجراء عملية صيانة كاملة.


بعد عدة أيام فقط من اغتيال فتحي الشقاقي اغتيل إسحاق رابين، ذلك «الصقر» الذي تحول إلى «حمامة». لقد قتله يهودي متشدد اسمه إيغال أمير، وفي موقع ليس بعيدا عن مقر الموساد.لم يقتصر عملاء الموساد على استهداف القيادات الفلسطينية وإنما استهدفوا أولا الذين اعتبروهم في صفوف أعدائهم. كانت تلك هي حالة الدكتور «جيرالد بول»، العالم الكندي والخبير المعروف عالميا في ميدان صناعة المدافع.


كانت إسرائيل قد حاولت مرّات عديدة استمالته للتعاون معها لكنه رفض ذلك باستمرار، بل وقبل التعاون مع نظام صدام حسين من أجل تزويده بمدفع هائل يبلغ طوله 148 مترا ويزن 32 طنا من الأنابيب الفولاذية القادمة من شركات بريطانية. وأسس بول لهذا الغرض شركة في بروكسل ببلجيكا. جعل عملاء الموساد في هذه البلاد من التجسس على نشاطات الشركة إحدى مهامهم الرئيسية.


كان رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك هو إسحاق شامير ذو الكفاءات العالية في عمليات الاغتيال المخططة منذ أن كان عضوا فاعلا في جماعة «الهاجاناه» التي مارست الكثير من العمليات الإرهابية في فلسطين قبل قيام الدولة العبرية. وأصدر شامير تعليمات لناحوم ادموني، مدير الموساد، باغتيال العالم الكندي .


بعد يومين من ذلك القرار وصل عميلان للموساد إلى بروكسل قادمين من تل أبيب، واستقبلهما عميل مقيم. كان يراقب تحركات «بول» منذ أسابيع. وفي 22 مارس 1990 توجّه العملاء الثلاثة إلى حيث كان يقطن هدفهم والذي أصبح ضحيتهم في حوالي الساعة الثامنة من مساء اليوم نفسه. كان عمره آنذاك 61 سنة.


أكّد «مايكل» ابن العالم الكندي مرارا بعد ذلك أن والده كان على اقتناع تام أن عملاء الموساد يلاحقونه، لكن ما إن عاد القتلة الثلاثة إلى تل أبيب حتى بدأت إدارة الحرب النفسية في جهاز الموساد بنشر إشاعات، استخدمت فيها وسائل الإعلام، مفادها أن جيرالد بول قد اغتيل لأنه أراد أن يضع حدا لتعاونه مع نظام صدام حسين.


استهداف مشعل

لكن إذا كان شامير قد وسّع من دائرة الاغتيالات فإن بنيامين نتانياهو حدد أعداءه الرئيسيين الذين ينبغي قتلهم في قادة حركة حماس وينقل عنه المؤلف، كما قال عضو مهم في الأجهزة السرية الإسرائيلية، تصريحه: «أريد رأس هؤلاء الحاقدين في حماس، ولو كلّفني ذلك منصبي». ويضيف المسؤول في جهاز الموساد: «كان نتانياهو يريد نتائج فورية مثلما هو الأمر في ألعاب الفيديو أو في أفلام المغامرات القديمة التي يعشقها».


وكان الهدف الأول الذي حدده الموساد هو خالد مشعل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس والذي كان عملاء الموساد في العاصمة الأردنية عمّان قد حددوا وجوده منذ فترة. قال نتانياهو على الفور: هيا ابعثوا إلى عمّان «من يصفّي حسابه«. ذلك دون أن يأبه أبدا لما يمكن لمثل تلك العملية أن تجلبه من تدهور في العلاقات مع الأردن بعد أن كان سابقه «رابين» قد نجح في إقامتها مع الملك حسين. هذا بالإضافة إلى ما قد يحرم إسرائيل من معلومات مهمة حول سوريا والعراق.


جرى سرّا تحضير فريق كوماندوز من ثمانية عملاء للموساد. كانت المهمة محددة لكل منهم بحيث يعود الجميع بعد تنفيذ الاغتيال عبر جسر «اللنبي» بالقرب من القدس. وكان السلاح المستخدم غير اعتيادي، أي ليس مسدسا كاتما للصوت، وإنما كان غازا ساما. كانت تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام مثل ذلك السلاح من قبل الموساد، حيث كان علماء روس هاجروا إلى إسرائيل وراء تصنيعه.


وفي 24 سبتمبر 1997 وصل أعضاء فريق الدعم إلى عمان من أثينا وروما وباريس حيث كانوا قد أمضوا عدة أيام واستلموا جوازات سفر كمواطنين في تلك البلدان، بينما كان القاتلان المكلّفان بتنفيذ خطة الاغتيال يحملان جوازات سفر كندية ، وكانا قد شرحا للعاملين في فندق «انتركونتيننتال» أنهما قد جاءا بقصد السياحة، أما أعضاء فريق الدعم فقد نزلوا في السفارة الإسرائيلية غير البعيدة.


في اليوم التالي قام القاتلان باستئجار سيارتين بواسطة موظفي الاستقبال في الفندق بزعم أنما سيقومان برحلة إلى جنوب البلاد. كان ذلك عند الساعة التاسعة، وعند الساعة العاشرة كان خالد مشعل في طريقه إلى مكتبه. كان يركب قرب سائقه بينما كان ثلاثة من أطفاله يجلسون في المقعد الخلفي. وعندما وصلت السيارة إلى منطقة الحدائق أنذر السائق خالد مشعل بأنهم ملاحقون. قام مشعل فورا بالاتصال مع الشرطة وأعطاهم رقم سيارة عميلي الموساد. لكن رجال الشرطة أخبروه بعد دقائق أن السيارة المعنية مستأجرة من قبل «سائح كندي».


قام خالد مشعل بتقبيل أطفاله الثلاثة قبل النزول من السيارة أمام مكتبه كي يتابعوا هم طريقهم إلى المدرسة برفقة السائق. كان القاتلان ينتظران مع حشد أمام مكتب حماس في شارع وصفي التل. تقدم أحدهما نحو مشعل ورشّ الغاز القاتل في وجهه. ثم هرب مباشرة باتجاه السيارة التي كانت تنتظر. لكنهما لم يستطيعا الفرار إذ انطلقت عدة سيارات وراء سيارة القاتلين، وأخبر أحدهم الشرطة كي تغلق طرق الحي.


حاولت سيارة ثانية تابعة لفريق الدعم الإسرائيلي التدخل وتهريب القاتلين، لكن إحدى السيارات اعترضت طريقها وأحاط رجال مسلحون فجأة بعملاء الموساد وأرغموا القاتلين على الانبطاح أرضا. وصلت الشرطة في الحال أيضا بينما نقلت سيارة إسعاف خالد مشعل إلى أحد المستشفيات. اقتيد القاتلان إلى مركز الشرطة حيث أبرزا جوازي سفريهما الكنديين وأكّدا أنهما ضحية «مؤامرة كبيرة». لكن رئيس جهاز مكافحة الجاسوسية الأردني وضع حدا ل«مهزلتهما» وأخبرهما أنه يعرف من هما.


وقد صرّح فيما بعد قائلا إن المسؤول المحلّي للموساد «أفرغ ما في جعبته واعترف أن الرجلين تابعين له وأن إسرائيل سوف تفاوض مباشرة مع الملك حسين». وينقل المؤلف عن أحد عملاء الموساد قوله عن اتصال هاتفي جرى بين الملك الأردني ونتانياهو: «لم يطرح الملك حسين على نتانياهو سوى سؤالين. بماذا يلعب؟ وهل يمتلك دواء ناجعا ضد الغاز السام المستخدم»؟. أراد نتانياهو أن ينكر في البداية كل شيء، لكنه لم يكن يعرف أن عميليه قد اعترفا بكل شيء أمام عدسة الكاميرا وأن شريطا مسجلا كان بطريقه إلى واشنطن».


سقوط الرواية الرسمية

إثر الفشل الذريع الذي عرفته تلك العملية استقال «داني ياتوم» مدير جهاز الموساد من منصبه في شهر فبراير من عام 1998، ولم يبعث له بنيامين نتانياهو الرسالة التقليدية التي تعوّد رؤساء الوزراء الإسرائيليون إرسالها إلى مدريري الموساد عند مغادرتهم الوظيفة من أجل «شكرهم على الخدمات التي قدّموها».


وكانت مواقع «ياتوم» قد اهتزت منذ اغتيال إسحق رابين، خاصة بعد أن قام الصحافي «باري شاميش» بتحقيق شخصي اعتمد فيه على تقارير طبية وعلى شهادات العديد من الحرّاس الشخصيين لرابين؛ ثم نشر في عام 1999 نتائج تحقيقه على شبكة الانترنت. وكانت تلك النتائج تشابه إلى حد كبير ما كان قد تمّ التوصل إليه من نتائج بعد مقتل الرئيس الأميركي جون كنيدي عام 1963.


وجاء في نتائج تحقيق شاميش قوله: «إن نظرية القاتل المعزول التي قبلت بها اللجنة الحكومية حول اغتيال رابين تخفي ما ربما كان محاولة اغتيال فاشلة ترمي إلى إنعاش الشعبية المترنحة لإسحاق رابين لدى الناخبين. لقد قبل إيغال أمير أن يلعب دور القاتل تنفيذا لتعليمات مسؤوله في الأجهزة السرية الإسرائيلية».


وأضاف: «لقد أطلق أمير رصاصة خلّبية لا تقتل. وقد أطلق رصاصة واحدة وليس ثلاث رصاصات كما أُعلن. وأظهر فحص مختبرات الشرطة على غلاف الرصاصة الذي وجدوه في مكان وقوع الجريمة أنه لا يتناسب مع صفات السلاح الذي استخدمه أمير. ولم يكن هناك من شاهد رابين وهو ينزف دما .


وسرّ آخر هو: كيف أضاعت السيارة التي أقلّت رابين إلى المستشفى ما بين ثمانية إلى اثنتي عشر دقيقة بينما كان يُفترض ألا يستغرق نقله سوى 45 ثانية عبر الشوارع المقفرة حيث كانت الشرطة قد منعت السير من أجل الاجتماع الشعبي لنصرة السلام الذي كان رابين يشارك به؟».


لكن يبقى السر الأكثر خطورة فيما قال به شاميش هو التالي: «خلال ذلك المسار الغريب الذي سلكه سائق مدرّب إلى المستشفى أُصيب رابين برصاصتين حقيقيتين انطلقتا من مسدس حارسه الشخصي يورام روبين. هذا السلاح اختفى في المستشفى ولم يعثر له على أثر بعد ذلك. وظلّت الرصاصتان اللتان تمّ استخراجهما من جسد إسحاق رابين مفقودتين مدة إحدى عشرة ساعة. ثم انتحر حارسه روبين بعد ذلك«.


لم تكن النتائج التي توصل لها شاميش هي وحدها التي ألقت الشكوك حول الرواية الرسمية لمقتل رابين؛ بل إن شهادات «تحت القسم» أكّدت «أن شيئا ما خطيرا قد حدث وله مواصفات المؤامرة». أما أمير نفسه فقد قال للمحكمة أثناء قراءة قرار الاتهام: «إذا قلت الحقيقة، فإن النظام كله سينهار، ولدي ما يكفي كي أبيد هذه البلاد».


ما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أن شاميش ليس «مأخوذا بفكرة المؤامرات« بل إنه متعقل عامة فيما يكتب.


عرض ومناقشة: د. محمد مخلوف








كتاب-التاريخ السري للموساد ـ الحلقة «5»
هكذا ألقى الموساد شباكه على فانونو في روما

تأليف :غوردون توماس



لا تزال العديد من علامات الاستفهام تدور حول قصة التقني النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو وكشفه إنتاج إسرائيل للقنابل النووية، قبل اختطافه من أوروبا وإيداعه السجون الإسرائيلية، والغموض نفسه سيلف مصير روبرت ماكسويل الذي لقي مصرعه في عرض البحر، لكن غموضاً أشد سيفرض نفسه عندما يتعلق الأمر بمحاولة الموساد مد الجسور إلى مدينة الفاتيكان.


ردخاي فانونو هو يهودي مغربي من مواليد 13 أكتوبر 1954 في مراكش، حيث كان أهله يملكون متجراً صغيراً. هاجرت أسرته إلى إسرائيل عام 1963 وأقامت في بئر السبع بالنقب، أمضى خدمته العسكرية في الجيش الإسرائيلي، ووصل إلى رتبة رقيب في صفوف وحدة لنزع الألغام كانت منتشرة في هضبة الجولان.


في صيف عام 1986، بعد تسريحه من الجيش وفشله في دراسة الفيزياء بالجامعة، تم قبوله كموظف في مفاعل ديمونة. ثم جرى تسريحه من هذا العمل، حيث حمل ملفه الأمني العبارة التالية:


«له أفكار موالية للعرب وفوضوية». غادر إسرائيل إلى أستراليا عام 1986 وهو يحمل حقيبة سفر على ظهره، ووصل إلى سيدني في صيف العام التالي. وأجمعت التقارير التي وصلت عنه لمدير الموساد، ادموني، أنه لم يقم أية صداقات أثناء وجوده في ديمونة وكان يمضي وقته منعزلا في منزله وهو يقرأ كتب السياسة والفلسفة. أشار علماء النفس في جهاز الموساد إلى أن مثل هذه الشخص يمكن أن يكون خطيراً أو متهوراً.


تعرّف فانونو في سيدني على الصحافي الكولومبي أوسكار جيريريو الذي أكد لأصحابه أنه يعرف عالماً نووياً إسرائيلياً هو بصدد أن يكشف للعالم بالتفاصيل الخطط النووية الإسرائيلية الإستراتيجية، وأنه بالتالي يحضر «سبق القرن الصحافي». لم تعجب تلك التصريحات الملتهبة فانونو الذي كان مؤيدا حقيقيا للسلام ويتمنى نشر قصته في صحيفة جدّية من أجل إنذار العالم حيال التهديد الذي تمثله إسرائيل.


لكن كان جيريرو قد سبق واتصل بمجلة «صانداي تايمز» اللندنية الأسبوعية التي أوفدت أحد صحافييها إلى سيدني من أجل إجراء مقابلة مع فانونو. وقد أصرّ هذا الصحافي على اصطحاب الإسرائيلي إلى لندن من أجل مواجهة أقواله مع آراء أحد كبار الاختصاصيين النوويين في بريطانيا.


كان فانونو يمتلك في الواقع ستين صورة مأخوذة داخل مختبر ماخون-2 في مفاعل الديمونة بالإضافة إلى مخططات ورسوم ومذكرات، أي ما يكشف على أن إسرائيل قد أصبحت قوة نووية حقيقية.


حاول جيرورو بعد أيام من سفر فانونو إلى لندن نشر صور بعض الوثائق التي كان قد حصل عليها وصورها، لكن الصحف الأسترالية رفضت بحجة أنها وثائق مزوّرة. فسافر الصحافي الكولومبي مقتفيا آثار فانونو في لندن، وقدّم ما لديه من صور لصحيفة «صاندي ميرور» مرفقة بصورة لفانونو كان قد التقطها له في أستراليا.


بعد ساعات فقط استطاع نيكولا ديفيس، رئيس التحرير، العثور على فانونو والصحافي في مجلة «صانداي تايمز» برفقته. قام بإخطار ماكسويل، صاحب إمبراطورية الصحافة البريطانية، الذي اتصل بدوره هاتفيا في الحال برئيس الموساد «ادموني».


ألغام نووية للجولان

أخدت صحيفة «الصنداي تايمز» قصة فانونو على محمل الجد، وبدأ الإسرائيليون يفكرون بالرد، وأوفد الموساد إلى لندن أحد الذين تعوّد الاعتماد عليهم في الأزمات الصعبة المدعو آري بن ميناش، الذي روى فيما بعد للصحافي الأميركي سيمور هيرش ما يلي:


«نجح نيكولا ديفيس بإقناع جيريرو بلقاء صحافي أميركي - بن ميناش - وعرض الصحافي الكولومبي أثناء اللقاء عدة صور كان فانونو قد التقطها. كان لا بد من أن يقوم الخبراء الإسرائيليون بتفحصها. فشرحت له أنني بحاجة لنسخة عنها لمعرفة قيمتها قبل الدفع».


أرسلت النسخ المسلّمة فورا إلى إسرائيل حيث أكد عدد من الرسميين العاملين في مفاعل الديمونة أنها تخص فعلا مختبر ماخون-2. وكانت إحدى الصور تبيّن القاعة التي جرى فيها تصنيع الألغام النووية التي كان يفترض وضعها في الجولان على الحدود السورية. وبالتالي لم يكن هناك أي مجال للتشكيك بمصداقية فانونو، ويكفي لأي فيزيائي نووي أن يحدد بلحظة عين عمل منشأة من هذا الطراز.


استدعى شيمون بيريز، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، كبار المسؤولين في الحكومة والموساد لمعالجة الأزمة. كان المطلوب أولا معرفة كيف حصل فانونو على الصور وهل كان وحده أم مع آخرين. وفي لندن فهمت «الصنداي تايمز» أن إسرائيل مستعدة لفعل أي شيء من أجل نزع مصداقية فانونو، ولذلك واجهته مع الدكتور فرانك بارنابي، الخبير النووي فوق الشبهات، الذي أكّد صحة صور ووثائق التقني الإسرائيلي.


التقى بن ميناش من جديد مع ماكسويل الذي قال له بوضوح إنه يعرف ما ينبغي عمله وأنه قد تحدث مع مدير الموساد. وفي اليوم التالي نشرت في «الصنداي ميرور» صورة كبيرة لمردخاي فانونو مرفقة بمقال أثار جنون فانونو والصحافي الكولومبي - الذي وصفه المقال أنه كذّاب ومحتال- ووصف اتهاماتهما أنها مجرد هراء مبتذل، كان ماكسويل هو الذي أملى المقال وأشرف على مكان نشر صورة فانونو. كانت حملة التضليل الإعلامي قد انطلقت.


بعد نشر المقال تمت تعبئة جميع المتعاونين مع الموساد في لندن للبحث عن مكان فانونو. وتلقى العشرات من المتطوعين اليهود قوائم الفنادق المطلوب الاتصال بها.


وفي كل مرة كان المتحدّث يطلب من العاملين في الفندق إذا كان بين النزلاء أحد بمواصفات فانونو - كما نشرتها المجلة البريطانية- لأنه من أقاربه ويرغب اللقاء به. وبتاريخ 25 سبتمبر وصل إلى علم ادموني أنه قد جرى تحديد مكان تواجده. وبالتالي ينبغي الانتقال إلى المرحلة التالية.


أقدم مهنتين


من المعروف أن العلاقة بين التجسس والجنس قديمة قدم الجاسوسية نفسها، إنهما أقدم مهنتين في التاريخ. وجهاز الموساد يعرف جيدا استخدام الجنس كطعم، وهذا ما عبّر عنه مائير أميت بالقول: «إنه سلاح فعّال. فالمرأة تملك مواصفات لا يمتلكها الرجل. إنها تعرف كيف تستمع. والأسرار تصل إلى أذنيها بشكل طبيعي.


ثم إن تاريخ الاستخبارات الحديثة زاخر بقصص النساء اللواتي استخدمن سحرهن من أجل خدمة بلادهن.. لكن نساءنا شجاعات ويعرفن مخاطر ذلك. وهذا العمل يتطلب شجاعة خاصة، إذ ليس المقصود هو مضاجعة رجل وإنما أن يُدخل في روعه استعداد المرأة لفعل ذلك إذا قدّم لها بعض الأسرار».


اختار ناحوم ادموني كطعم يجذب فانونو شيريل بن توف ابنة أسرة يهودية غنية في أورلاندو بفلوريدا. كان أبواها قد طلّقا فمالت هي إلى التدين وقدمت إلى إسرائيل حيث تزوجت من أوفر بن توف الذي يعمل في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. ويوم العرس تحدث معها أحد ضباط الموساد عن المستقبل وانتهت عميلة له.


كان قد تمّ تحديد مكان وجود فانونو وكان عليها أن تجذبه إلى خارج بريطانيا. لقد قدّمت نفسها له كسائحة أميركية تقوم برحلة في أوروبا بعد قصة طلاق مؤلمة. ووصفت قصة طلاق والدتها ووالدها على أنها قصتها الشخصية ثم أضافت أن لها أختا في روما، كما زعمت. كان الهدف النهائي لمهمتها هو أن تجذب فانونو إلى العاصمة الإيطالية.


وفي 23 سبتمبر 1986 انضمت إلى فريق من تسعة عملاء كانوا يعملون في لندن تحت أمرة مدير عمليات الموساد بيني زيفي. حذّر صحافيو «الصنداي تايمز» فانونو من أن اللقاء مع الأميركية الجميلة يبدو صدفة مدروسة وليس عفوية.


كان قلبه قد مال لها ولم يعد يسمع صوت العقل، إذ أصرّ على الاتفاق معها على لقاء بعيد عن الأنظار في روما وفي منزل «أختها».


وصل «بيني زيفي» وأربعة آخرون من عملاء الموساد على نفس الرحلة من لندن إلى روما برفقة شيريل وفانونو. استقل الاثنان سيارة أجرة للذهاب إلى شقة في روما حيث كان ينتظرهم ثلاثة من عملاء الموساد. لقد قيدوا فانونو وزرقوه بمادة مشلّة. وصلت في الليل سيارة إسعاف لنقل «المريض» واخترقت روما باتجاه الجنوب حيث كان طراد ينتظر فانونو كي ينقله إلى حيفا.


بقي فانونو إحدى عشرة سنة في زنزانة منفردة حتى السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين. كانت ظروف اعتقاله شديدة الصعوبة، لكن إسرائيل خففت منها عام 1998 أمام ضغط دولي قوي ودافعت عنه منظمة العفو الدولية واسهبت الصاندي تايمز بالحديث عن وضعه المؤلم خاصة أنه لم يتقاض منها أي مبلغ مقابل السبق الصحافي الذي سلمه لها.


الخلاص من ماكسويل


في لندن هدد روبرت ماكسويل، كما فعل غالبا في الماضي، بأنه سيقدم شكوى قضائية ضد كل من يتجرأ ويعيد ما كتبه الصحافي بن ميناش من أقوال ضده. ولم يتجرأ أي ناشر بريطاني أن يتحدى صاحب إمبراطورية الصحافة ولم تمتلك أية صحيفة شجاعة أن تطلب من صحافييها استقراء الاتهامات الموجودة في الكتاب.


كان ماكسويل، مثل بن ميناش سابقا، على اقتناع بأنه محمي لسبب بسيط أنه كان «يطير» لحساب الموساد. ولم يكن يتردد في تكرار القول أنه كان هو أيضا يعرف «مكان وجود الجثث»، وكان جهاز الموساد يدرك تماما ماذا يريد قوله.


ما يؤكده المؤلف هو أن روبرت ماكسويل، الذي كان قد صرف من الخدمة أحد الصحافيين العاملين معه لأنه بالغ قليلا في فاتورة مصاريفه، كان هو نفسه يختلس سراً أموال هؤلاء العاملين كي يساعد أصدقاءه في الموساد.


وكان هو شخصيا الذي ينظم عملية السرقة تلك عبر مجموعة من عمليات التزوير المالية وعبر المرور بعدة بنوك وصولا إلى حساب خاص للموساد في بنك إسرائيل بتل أبيب. لذلك كان يتم الاحتفاء بماكسويل في إسرائيل وكأنه رئيس دولة.


لكن الموساد، وعلى قاعدة معرفته بالشهية الجنسية لدى «إمبراطور» الصحافة البريطانية، كان يقدم له في كل مرة عاهرة مدفوعة الأجر من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي مع الاحتفاظ بأشرطة فيديو ل«الابتزاز» إذا دعت الضرورة.


وكان عميل الموساد السابق ما بين 1984 و1986 فكتور أوستروفسكي، اليهودي المولود في كندا، قد كشف حقيقة أن «الموساد قد موّل العديد من العمليات في أوروبا من الأموال التي اختلسها ماكسويل من مرتبات موظفيه».


وما أكّده اوستروفسكي، وآخرون، هو أن الموساد رأى بعد سنوات من الخدمات والأموال التي قدمها روبير ماكسويل له ولإسرائيل انه قد أصبح خارج إطار السيطرة بل و«خطير».


وذلك في الوقت الذي كانت مصلحة الضرائب قد بدأت بتحقيقات حول سلوكه المالي مع موظفيه، كما كان البرلمان ووسائل الإعلام قد اعتبروا أن هناك علامات استفهام حول ثروته.


وأدّى هذا كله إلى تعرضه لأزمة مالية حقيقية فطالب الموساد بأن يعيد له مبالغ كان قد «أقرضها» له وإلا فقد يكشف عن اللقاء الذي جرى في يخته ببحر الأدرياتيكي بين رئيس الموساد «ادموني» وفلاديمير كريشكوف، الرئيس السابق لجهاز كي.جي.بي السوفييتي لحبك مؤامرة ضد غورباتشوف.


وكان الموساد قد وعده باستخدام نفوذه لدى الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية الرئيسية للاعتراف ب«النظام الجديد» في روسيا في حالة نجاح الانقلاب - الذي فشل- وبالمقابل وعد كريشكوف بتسهيل هجرة جميع اليهود في الاتحاد السوفييتي إلى إسرائيل.


في تلك اللحظة، وكما يؤكد أوستروفسكي «اجتمع الجناح اليميني في الموساد في إطار لجنة مصغّرة وقرر الخلاص من ماكسويل». وإذا كان هذا التأكيد دقيقا - لم تكذبه إسرائيل أبدا بشكل قاطع- فإنه لا يبدو من المعقول أن تتصرف تلك «اللجنة المصغّرة» من دون موافقة أعلى المستويات، بل ربما الموافقة الشخصية لرئيس الوزراء آنذاك إسحق شامير.


وزاد من تعقيد الأمر نشر كتاب في ذلك السياق للصحافي الأميركي سيمور هيرش عن «إسرائيل وأميركا القنبلة»، والذي تعرض لموضوع دخول إسرائيل إلى نادي القوى النووية. وقد قدّم هيرش العديد من البراهين على وجود روابط جديدة بين ماكسويل والموساد وخاصة الطريقة التي غطت فيها مجموعة «الميرور» قضية فانونو.


ويؤكد اوستروفسكي أن خطة الموساد للخلاص من ماكسويل كانت تتعلق بقدرته على جذبه بعيدا عن بريطانيا حيث يمكن لعملاء الموساد أن يضربوا ضربتهم.


وبتاريخ 29 أكتوبر 1991 تلقى ماكسويل اتصالا هاتفيا من عميل للموساد في السفارة الإسرائيلية بمدريد يدعوه فيها للقدوم إلى إسبانيا في اليوم التالي ووعده بإيجاد تسوية. وطلب منه التوجه إلى جبل طارق ثم يأخذ يخته ويأمر قبطانه بالتوجه نحو جزر الكاناري و«ينتظر رسالة».


وقد اقترف ماكسويل خطأ قبول الدعوة.

وفي 30 أكتوبر وصل أربعة إسرائيليين إلى مرفأ الرباط في المغرب وقدّموا أنفسهم كسائحين من هواة الصيد البحري. هكذا استأجروا مركبا لمواجهة أمواج الأطلسي واتجهوا صوب جزر الكاناري.


وفي 31 أكتوبر، بعد رسو اليخت في مرفأ سانتا كروز، تناول «إمبراطور» الصحافة البريطانية طعام العشاء وحيدا في فندق «مينسي». وعندما انتهى اقترب منه رجل لفترة قصيرة، لم تُعرف هويته ولا ما قال له. لكن ماكسويل عاد مباشرة إلى اليخت وطلب من قبطانه أن يرفع المرساة. وبقي المركب في البحر طيلة ستة وثلاثين ساعة بعيدا عن الشاطئ.


كتبت مجلة «بزنس ايج» البريطانية تحت عنوان «كيف ولماذا اغتيل روبير ماكسويل» إن قاتلين قد صعدا إلى اليخت بعد أن وصلا إليه بواسطة قارب مطاطي بمحرك. ووجدا ماكسويل على ظهر اليخت فقيّداه و«وحقنه أحدهما بفقاعة هواء مات بعدها خلال عدة ثوان فقط». وحددت المجلة القول إن جثته قد ألقيت بعد ذلك في البحر ولم يتم اكتشافها إلا بعد إحدى عشرة ساعة مما أخفى آثار الحقن.


جسور إلى الفاتيكان


إن مؤلف هذا الكتاب يتوقف طويلا عند علاقة الموساد بالفاتيكان، ويؤكد بداية أن جميع رؤساء وزراء إسرائيل أبدوا إعجابهم الكبير بمفهوم البابوية، وذلك على اعتبار أن البابا يمثل سلطة روحانية وسياسية لا تقدم حسابا لأحد وليست خاضعة لمساءلة أية سلطة قضائية أو تشريعية. ثم إن الفاتيكان هو عالم محاط بالسرية التي تحكم آليات عملها من أبسطها إلى أكثرها تعقيدا.


وكان رؤساء الموساد جميعهم قد تساءلوا عن كيفية التمكن من رفع الغطاء عن هذا العالم «المجهول»، لكن جميع المحاولات التي قامت بها الحكومات الإسرائيلية والأجهزة السرية لإقامة علاقات جيدة مع الفاتيكان باءت بالفشل.


وبقيت السياسة الخارجية للحبر الأعظم تتحدث عن «الأراضي المحتلة» في الضفة الغربية وقطاع غزّة وعن هضبة الجولان باعتبارها أرضاً سورية ضمّتها إسرائيل. وكان الكرادلة والقساوسة يتحفظون في تصريحاتهم حول هذا الموضوع على خلفية اعتقادهم أن إسرائيل قد نشرت جواسيسها في كل مكان من أجل رصد حركاتهم وسكناتهم.


لكن الأمر تغيّر بعد وصول يوحنا بولس الثاني إلى منصب البابوية عام 1978 وأصبحت لإسرائيل مكانة دبلوماسية حقيقية في الفاتيكان. وكان سابقه بولس السادس قد استقبل غولدا مائير عام 1973 دون أن يؤدي ذلك إلى تغير جوهري في سياسة الفاتيكان التي استمرت بالمطالبة في قيام دولة فلسطينية مستقلة.


وفي ظل رئاسة رونالد ريغان للولايات المتحدة الأميركية تعززت كثيرا العلاقات بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والبابا يوحنا بولس الثاني وتكررت زيارات «وليم كيسي» رئيس الوكالة آنذاك، إلى الفاتيكان. وقد عبّر ريتشارد آلن الكاثوليكي والمستشار الأول للأمن القومي لدى رونالد ريغان عن قوة تلك العلاقة بالقول:


«ترمز العلاقات بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والبابا إلى أحد أروع التحالفات في جميع الأزمنة. وكان ريغان على اقتناع كبير بأنهما، هو والبابا، سيغيران وجه العالم». وفي الوقت نفسه لم تنس وكالة الاستخبارات المركزية أن تضع أجهزة للالتقاط والتنصت في مكاتب كرادلة وقساوسة أميركا الوسطى المؤيدين لما سمي ب«لاهوت التحرير».


طلب ناحوم ادموني، مدير الموساد، من صديقه الكسندر هيغ، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، تزويده بنسخة عن الدراسة النفسية التي أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للبابا يوحنا بولس الثاني.


لقد ركزت الصورة (النفسية) المرسومة له على أنه ورع جدا دينيا لكنه شديد الغضب أحيانا ويمكن أن يفقد برودة أعصابه، ويتحلّى بحس جيوسياسي كبير وقد يحصل ويكون متشددا مثل أي دكتاتور. وينتهي التقرير الأميركي إلى القول أن يوحنا بولس الثاني «ضليع جدا في ميدان السياسة ويرغب في لعب دور على الصعيد العالمي».


توصل ادموني وقيادة الموساد إلى الاقتناع بأن الاستخبارات الأميركية قد أقنعت البابا بأن محاولة اغتياله من قبل التركي محمد علي أقجا بتاريخ 13 مايو 1981 كان من تدبير السوفييت. فقرر الإسرائيليون لعب ورقة «فرّق تسد» وذلك عبر تقديم رواية أخرى لمحاولة اغتيال البابا وأن إيران كانت وراءها».


جوازات السفر المفقودة


لكن تبقى أوروبا إحدى ساحات النشاط الرئيسي لعملاء الموساد إلى جانب الولايات المتحدة. وذات يوم من أيام يوليو 1986 عثروا على كيس بلاستيكي في إحدى مقصورات الهاتف بشارع في مدينة بون الألمانية.


لحظته دورية للشرطة فوقفت لمعرفة ما فيه. لقد وجدت ثمانية جوازات سفر بريطانية غير مستخدمة جرى تسليمها للسفارة البريطانية. حامت الشكوك حول الفلسطينيين والجيش الجمهوري الإيرلندي لكن جهاز مكافحة الجاسوسية البريطاني ركّز شكوكه على جهاز واحد يمكنه أن يصنع بمثل تلك الدقة جوازات السفر التي تبيّن أنها مزورة، وهو جهاز الموساد.


نفى ناحوم ادموني ذلك وأشار إلى إمكانية أن تكون الأجهزة السرية الألمانية الشرقية - ستازي- قد شرعت ببيع جوازات سفر مزوّرة لليهود الراغبين في السفر إلى إسرائيل، مع ذلك «كان ادموني يعرف جيدا أن تلك الجوازات كانت من صنع مزوري الموساد وأنه كان مفترض منحها لعملائه من أجل تسهيل دخولهم وخروجهم من بريطانيا».


وذلك رغم «التفاهم» الذي كان قد تمّ الوصول إليه بين الموساد والاستخبارات الخارجية البريطانية ونصّ على إطلاع البريطانيين على كل العمليات الإسرائيلية في بريطانيا.


ولم يتردد الموساد في إدخال بعض عملائه سرا إلى لندن في أفق القيام بعمليات اغتيال للفلسطينيين وكبح الجهود التي كان ياسر عرفات يقوم بها من أجل ربط صلات مع حكومة مرجريت تاتشر التي كانت «بدأت بالاقتناع شيئا فشيئا أن الرجل كان قادرا على المساهمة في إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يعترف بنفس الوقت بالحق المشروع للشعب الفلسطيني بأرضه وبحق الأمن بالنسبة لإسرائيل».


رأى شيمون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أن قضية جوازات السفر المزورة تلك قد تخرّب العلاقات مع حكومة تاتشر وقال إنه من الأفضل لعب ورقة الصراحة إذ «بمقدار ما يتم الاعتراف مبكرا بالخطأ يمكن تسوية الأمور بسرعة».


رفض ادموني الفكرة، ذلك أنها ستقود جهاز مكافحة الجاسوسية وسكوتلانديارد إلى التحقيق حول نشاطات الموساد في بريطانيا. وقد يؤدي ذلك إلى الكشف عن عميل سري كان يرى به الموساد «منجما للمعلومات». هذا فضلا عن الاعتراف أن الموساد مؤهل للقيام بمثل تلك الأعمال المشبوهة.


كانت تلك الجوازات مرسلة للسفارة الإسرائيلية في بون وكان يحملها عميل مبتدئ ولا يعرف العاصمة الألمانية جيدا. بعد الدوران كثيرا في الشارع دخل إلى المقصورة الهاتفية لإخطار السفارة الإسرائيلية أنه قد ضلّ العنوان تماما، ونسي هناك الجوازات. كلّفت تلك القضية ناحوم ادموني منصبه إلى جانب قضية الجاسوس اليهودي الأميركي جوناثان بولارد خلفه في إدارة الموساد «شابتاي شافيت» وورث عنه عواقب الفشل.


لم تشهد فترة «شافيت» على رأس الموساد الكثير من «الإنجازات» وذات يوم من ربيع عام 1996 استدعاه بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء آنذاك، إلى مكتبه وقال له باختصار إنه «معزول»، وعندما سأله من سيخلفه؟ أجاب: داني ياتوم.


كان ياتوم هذا صديقا حميما لبنيامين نتانياهو منذ فترة طويلة لكن علاقتهما تدهورت عندما فشلت محاولة اغتيال أحد قادة حماس الرئيسيين، أي خالد مشعل.


وزادت العلاقة سوءاً بعدما تكشّف في عام 1997 أن أحد ضباط الموساد الكبار «يهودا جيل» الذي كان يعمل في الجهاز منذ 20 سنة قد «اخترع» تقريرا مختلقا من ألفه إلى يائه بالاعتماد على جاسوس «وهمي» موجود في دمشق حول استعداد سورية للهجوم على إسرائيل، وحيث تقاضى ذلك الضابط أموالا طائلة من «الصندوق الأسود» للموساد بناء على وظيفة وتقرير مزورين.


لكن بالمقابل وجّه الموساد نشاطاته صوب إفريقيا، حيث قدّم معلومات للمتمردين في زائير بقيادة لوران ديزيري كابيلا لقلب نظام موبوتو، وعزز علاقاته مع الأجهزة السرية في جنوب إفريقيا، وفي أميركا نجح بإيصال أحد عملائه إلى أعلى دوائر إدارة كلنتون.


كما كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. لكن هذا كله لم يمنع من عزل داني ياتوم من إدارة الموساد ليخلفه «افراييم هاليفي» يوم 5 مارس 1998. وتحول ياتوم مباشرة للعمل في ميدان صناعة السلاح الإسرائيلية.


وفي الوقت نفسه الذي عيّن فيه نتانياهو افراييم هاليفي مديرا للموساد أصدر قرارا آخر هو ان نائبه اميرام لوفين سيخلفه في 3 مارس 2000. كانت تلك هي المرّة الأولى في تاريخ الموساد التي يتم فيها تعيين مدير لمدة محددة كي يخلفه بعد ذلك نائبه.








التاريخ السري للموساد ـ الحلقة «الأخيرة»

داجان لمساعديه: اقتلوا بكل الوسائل وفي جميع الاتجاهات


تأليف :غوردون توماس



مع ختام هذا الكتاب يضع مؤلفه يدنا على ثلاثة موضوعات رئيسية أولها استمرار جهود التجسس الإسرائيلية على أميركا بعد سقوط الجاسوس جوناثان بولارد، وثانيها مؤشرات تورط الموساد في مصرع الأميرة ديانا.


وثالثها وأكثرها أهمية دور الموساد في العراق قبل سقوط نظام صدام حسين وبعده ليصل في الختام إلى طرح مجموعة بالغة الاهمية من علامات الاستفهام التي لا تزال تنتظر الإجابة عنها واجه العالم وجميع الأجهزة السرية واقعا جديدا بعد أكبر عملية تفجيرات يوم 11 سبتمبر 2001.


يقول مؤلف هذا الكتاب إنه على الرغم من الأطنان من المقالات والكم الكبير من الكتب المكرّسة لهذا الحدث في جميع أنحاء المعمورة يبقى هناك سؤال لا يزال من دون إجابة وهو: «ماذا كان يعرف الموساد قبل الأحداث التي أدت إلى تدمير برجي التجارة الدولية في واشنطن وانهيار البنتاغون جزئيا؟».


ويضيف: «إن بعض الضباط الكبار الذين كانوا يعملون في قسم العمليات بقيادة الموساد كانوا قادرين على الإجابة بعد مرور عام». ويشير المؤلف أنه قبل ثلاث سنوات من تفجيرات 11 سبتمبر 2001 أعدّت لجنة بقيادة نائب الرئيس الأميركي آنذاك آل غور تقريرا طالبت فيه بزيادة سريعة في الميزانية المكرّسة لأمن المطارات.


ويؤكد في هذا السياق أن جهاز الموساد قدّم العديد من المعلومات لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والجهات الحكومية الأميركية لكن جرى إهمالها من قبل إدارة بيل كلنتون وخلفه جورج دبليو بوش.


أُثيرت أسئلة كثيرة بعد 11 سبتمبر حول أسباب قلّة عدد جواسيس الاستخبارات الأميركية في منطقة حساسة مثل الشرق الأوسط؟ ولماذا التركيز فقط على الرقابة الإلكترونية؟


ومن المعروف أن وكالة الأمن القومي الأميركي هي أقوى جهاز للتجسس في العالم، إذ أنها تستطيع انطلاقا من مقرها الرئيسي في ولاية ماريلاند التجسس على جميع المكالمات الهاتفية في العالم بواسطة أجهزة الكترونية متقدمة جدا.


وحواسيبها الضخمة تسجل أسماء المشبوهين والكلمات الحساسة وأرقام الهواتف والعناوين الإلكترونية في العالم. ويتم بعد ذلك تحضير «قوائم مراقبة» مشفّرة يتم إرسالها عبر خطوط هاتفية محميّة إلى جميع هيئات الاستخبارات الأميركية.


لا أحد يعرف بالدقة كلفة عملية المراقبة هذه، لكن الكل يجمع على أنها تتجاوز عدة مليارات من الدولارات كل سنة. وتتمثل نقطة الضعف الكبيرة لهذا النظام في عدم الإلمام الكامل بمختلف اللغات في العالم.


ولا يكفي في نهاية المطاف إعداد قوائم وإنما ينبغي أيضا معرفة حل ألغازها. والإنسان وحده قد يكون قادرا على فهم أي حديث داخل سياقه ويعرف أدق التفاصيل التي قد تخفي حتى على أكثر أنظمة الرقابة الإلكترونية تقدما.


مغامرات طلبة الفن

في 9 مايو 2001 اقترب شابان بسيارتهما من موقع حراسة زتولك فيلدس، إحدى القواعد الجوية التابعة للحرس الجوي الوطني الأميركي، والتي كانت تضم داخلها متحفا صغيرا للطيران. كان حشد كبير من الزائرين بأتي كل عام لزيارة هذا المتحف.


وعندما طلب الحرس من الشابين إبراز هويتهما الشخصية أخرجا جوازي سفر إسرائيليين. وقدّما نفسيهما على أنهما طالبان في دراسة الفنون بجامعة القدس. سُمح لهما بالدخول لكن ضُبطا وهما يصوران الطائرات وقالا عندما جرى توقيفهما أنهما كانا يجهلان أن التصوير كان ممنوعا.


أرسلت القيادة العسكرية للمنطقة تقريرا لوزارة الدفاع الأميركية التي أرسلته بدورها إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي. كانت المفاجأة كبيرة عندما عُلم أن «طلابا» إسرائيليين يدرسون «الفن» قد قاموا بأعمال شبيهة في العديد من الولايات الأميركية الأخرى.


طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي من السفارة الأميركية في إسرائيل التحقق من حكاية «طلبة الفن» هؤلاء، وكانت الإجابة هي أن «جامعة القدس» غير موجودة أصلا، وأقرب هيئة علمية منها قد تكون الجامعة العبرية، ولكن أسماء «الطلبة» المعنيين ليست موجودة في قوائمها. واكتشف الأميركيون، بعد التحقيق، أن الهواتف النقالة التي كانت مع «الطلبة» اشتراها دبلوماسي إسرائيلي في واشنطن قبل أن يعود إلى تل أبيب.


اتصل جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بأفراييم هاليفي، مدير الموساد مستوضحا، فأكد له الإسرائيلي أنه ليس هناك أية عمليات جارية آنذاك. «لقد كان يكذب».


كما يؤكد مؤلف هذا الكتاب، إذ كانت تلك العملية من بنات أفكاره. وأن «طلبة الفنون» لم يكونوا سوى طلبة في السنة الأخيرة من مركز تدريب الموساد كان قد جرى اختيارهم للقيام بمهمات في الولايات المتحدة الأميركية. ولم تكن تلك هي المرّة الأولى التي يتم فيها إرسال طلبة للتدرب على مثل تلك المهمات.


جرت تسريبات للصحافة، وكانت المقالات الأولى بعيدة تماما عن الواقع إذ أجرى الحديث عن «طلبة في الفن قدموا من الشرق الأوسط» وأنهم «يتحدثون اللغة العربية»، بل وجرى التأكيد أنهم ينتمون إلى «منظمة إرهابية مجهولة». وكان صحافي التحقيقات المعروف كارل كاميرون هو أول من أشار إلى أن جهاز الموساد قد يكون وراء تلك العملية.


لقد تحدث هذا الصحافي عن ذلك عبر قناة فوكس نيوز الأميركية وجوبه مباشرة بحملة عنيفة من اللوبي اليهودي في واشنطن وعلى رأسه لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية ذات الباع الطويل لدى الكونجرس وفي أوساط الاستخبارات وحتى لدى البيت الأبيض.


وعندما أطلقوا الرشقة الأولى على كاميرون أكّد في مقال آخر أن العديد من الإسرائيليين قد أخفقوا عندما تعرضوا لجهاز الكشف عن الكذب عندما سئلوا عن احتمال مراقبة النشاطات الأميركية.


وكتبت صحيفة «لوموند» في باريس أن شبكة واسعة للتجسس الإسرائيلي جرى الكشف عنها في الولايات المتحدة، وهي أكبر عملية من هذا النوع منذ عام 1985 عندما ضُبط جوناثان بولارد وهو يبيع معلومات سرية للغاية إلى جهاز الموساد.


ضاعف اللوبي اليهودي في أميركا من شراسته. ووجه اليكس سافيان، أحد مدراء لجنة دقة المقالات حول الشرق الأوسط في أميركا، الموالية لإسرائيل، للصحافي كاميرون تهمة أن له مشكلة شخصية حيال إسرائيل. فهو ترعرع في الشرق الأوسط (...). ومن الممكن أن يكون متعاطفا مع العرب.


فأجاب كاميرون: لقد عشت وترعرعت في إيران خلال عدة سنوات ذلك أن أبي كان يعمل في حقل الآثار. فهل هذا يجعل مني مناهضا لإسرائيل؟. كانت في الواقع تلك هي المرّة الأولى التي يجد كاميرون نفسه متهما بالتحيّز في أحد تحقيقاته.


وجاء على لسان مايكل ليند، أحد أهم أعضاء المؤسسة الأميركية الجديدة - هي مختبر للأفكار- ورئيس التحرير السابق لصحيفة ناشيونال انتيرست قوله: عندما يتعلق الأمر بضباط متخصصين في الشؤون الخارجية أو بتطبيق القانون أو بمسائل عسكرية، يبدو أنه من المستحيل المساس بإسرائيل من دون التعرض للتشهير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مثل القول بالموالاة للعرب.


وأخيرا، عندما كان طلبة الفن في طائرة تابعة لشركة العال تقلهم في طريق العودة إلى تل أبيب، اختفى كل أثر للتحقيق الذي قام به كارل كاميرون من موقع الانترنت التابع لقناة فوكس نيوز الأميركية.


ووضع مكانه تنبيها يقول إن هذه القضية قد حظر الإطلاع عليها، وصرح ناطق رسمي باسم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لقد طوينا الصفحة حول هذا التحقيق. وبعد فترة قصيرة أقصى أفراييم هاليفي عن إدارة الموساد.


تحذير لأميرة القلوب

كان هاليفي قد ترك ذكرى أخرى مثيرة من فترة إدارته للموساد، إذ كان قد قرر إعادة دراسة ملف وفاة الأميرة ديانا ودودي الفايد في باريس. وبعد قراءته للملف الأول للموساد حول الحادث طلب من موريس العميل الإسرائيلي الذي شارك في تجنيد هنري بول، سائق السيارة التي تعرّضت للحادث القاتل، تقديم محضر عن اليوم الأخير لديانا ودودي.


ويؤكد الذين قرأوا هذا المحضر الجديد أنه يحتوي على العديد من الأقوال الدقيقة الجديدة بالقياس إلى الملف الأصلي للموساد؛ مثل القول أن محمد الفايد، والد عماد - دودي- كان مسكونا باستمرار بفكرة أن ديانا كانت حاملاً وأن المخابرات الأميركية والبريطانية والفرنسية كانت تراقب الثنائي العاشق منذ وصولهما إلى باريس.


ويشير المحضر أيضا إلى عدة محادثات هاتفية تضمنت احداها إنذارا من الحارس الشخصي لديانا، العامل سابقا في سكوتلانديارد، يقول لها انتبهي. ويركز تقرير موريس الجديد كثيرا على سيارة الفيات اونو البيضاء التي كانت تقف بالقرب من فندق ريتز.


وقد أكّد عدد من المصوّرين الصحافيين بعد ذلك أنها كانت تعود لجيمس اندرسون الذي تخصص بالتقاط صور لديانا وكسب من ذلك ثروة كبيرة. لكن موريس يؤكد أن اندرسون لم يكن موجودا تلك الليلة.


ويتحدث موريس عن سيارة فيات اونو بيضاء لاحقت بجنون السيارة المرسيدس التي كان يستقلها دودي وديانا ويقودها بول هنري. وبعد فترة من الحادث عُثر على سيارة من الطراز نفسه في مرآب لتصليح السيارات في باريس وقد أُعيد دهنها منذ فترة وجيزة باللون الأزرق.


وعندما كشطوا الدهان اكتشفوا أن لونها في الأصل هو الأبيض. لكن لم يذهب رجال الشرطة بعيدا في التقصّي بهذا الاتجاه. فهل كانوا يظنّون أن الأمر لا يتعلق بالسيارة التي يبحثون عنها؟


في هذه الحالة، لماذا لم يذهبوا إلى مقبرة للسيارات المحطّمة كانت موجودة في إحدى ضواحي باريس حيث كانت توجد سيارة فيات اونو بيضاء اللون محطمة إلى درجة لا يمكن التعرف عليها، كانت قد تعرّضت لحادث بعد عدة ساعات من الحادث القاتل لديانا ودودي تحت نفق ساحة آلما بباريس؟


وجاء في محضر موريس قوله حرفيا: بعد أقل من أربع ساعات من وقوع الحادث طار جيمس اندرسون فجأة إلى كورسيكا. لم يكن هناك أي سبب مهني يدفعه للقيام بذلك.


ولم تكن هناك أية شخصية شهيرة في الجزيرة آنذاك. وفي مايو عام 2000 وُجدت سيارة محروقة في غابة بالقرب من مدينة نانت، وكان السائق محروقا بداخلها. وأظهرت فحوص الحمض النووي أن الجثة هي جثة جيمس اندرسون.


فلماذا ذهب اندرسون إذن إلى كورسيكا؟ هل من أجل تلقي مبلغ مالي كبير مقابل إعارته سيارته الفيات اونو البيضاء لأحدهم؟ لكن لمن؟ ما يقوله محمد الفايد هو أن سيارة اندرسون قد أُعيرت واستخدمت من أجل إرغام هنري بول على فقدان سيطرته على السيارة المرسيدس.


لكن هناك الكثير من الأسئلة الأخرى، مثل لماذا الإهمال الكبير في تحقيق الشرطة حول موت اندرسون؟ ولماذا لم تحاول معرفة أسباب سفره إلى كورسيكا والتفتيش بدقة في حساباته المصرفية؟ بكل الحالات لم يتم التحقيق عمّا إذا كان قد وضع مبلغا كبيرا من المال في أحد حساباته بعد الحادث.


ربما أن هاليفي لن يقول أبدا ما لديه حول هذه القضية. كان قد وصل من دون ضجيج إلى رئاسة الموساد وغادره بالطريقة نفسها، ليحل محله مائير داجان الذي كان قد شارك في قمع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1991.


لقد اختاره أرييل شارون الذي ربطته به صداقة حميمة بعد مشاركتهما معا في عمليات القمع ضد الفلسطينيين في لبنان، ومنذ اللحظات الأولى لاستلامه منصبه الجديد كانت تعليماته لعملائه واضحة وهي: اقتلوا بكل الوسائل... وبكل الاتجاهات.


ما بعد صدام .


في يناير 2003 كانت إدارة جورج دبليوبوش على أهبة الاستعداد للقيام بهجوم على العراق، وفي ذلك الوقت الذي كانت تدق طبول الحرب قال الرئيس الأميركي لبعض المقرّبين منه أنه يتهيأ لرفع المنع المفروض على وكالة الاستخبارات المركزية من اغتيال صدام حسين.


وكانت قرارات المنع تلك التي أصبح ممنوعاً بموجبها على الوكالة قتل أي رئيس دولة تعود إلى الفشل الذريع الذي كانت قد عرفته محاولة اغتيال الزعيم الكوبي فيدل كاسترو خلال سنوات السبعينات.


لم يتم إلغاء تلك القرارات رسميا أبدا بشكل رسمي، لكن في تلك الأيام الأولى من عام 2003 كان المحافظون الجدد الذين يحيطون بالرئيس بوش - وكان أغلبهم قد عمل مع بوش الأب - يرفعون الأنخاب للاحتفال بالموت القريب لصدام حسين.


وكان دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي، قد صرّح بأنه يحق شرعيا للولايات المتحدة اغتيال أي إنسان كان قد ساهم من قريب أو بعيد بالتحضير لتفجيرات 11 سبتمبر؛ ثم أضاف رامسفيلد قوله أن جرما آخر يقع على كاهل صدام وهو تخزينه لأسلحة الدمار الشامل.


ويشير مؤلف الكتاب هنا إلى أن كولن باول، وزير الخارجية، وجورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والمحللين قد ذكّروا بإلحاح أنه ليس هناك ما يثبت بطريقة قاطعة أن لصدام روابط مع تفجيرات سبتمبر أو أنه يمتلك أسلحة الدمار الشامل، وكان رامسفيلد يجيبهم باستمرار بأن مصادر معلوماته تفيد غير ذلك.


اكتشف عميل الموساد المقيم في السفارة الإسرائيلية بواشنطن أن المصدر الرئيسي الذي يزود رامسفيلد بالمعلومات هو أحمد الجلبي الذي كان قد ساهم في إنشاء المؤتمر الوطني العراقي. ويؤكد مؤلف هذا الكتاب أن أحمد الجلبي كان أحد مخبري الموساد في العراق بعد وصول صدام حسين إلى السلطة عام 1979.


وكان مدينا بمئات الملايين من الدولارات للذين أودعوا أموالهم في البنك الذي عمل بإدارته. وكان الموساد قد نجح في سحب ودائعه منه قبل إفلاسه. وبعد فترة وجيزة وجّه محمد سعيد النابلسي، مدير البنك المركزي الأردني، تهمة للجلبي بتحويل 70 مليون دولار إلى حساب خاص باسمه في أحد البنوك السويسرية.


وصل الجلبي إلى واشنطن لحظة انتخاب جورج دبليو بوش رئيسا للولايات المتحدة الأميركية. ولم يكن حتى حرب الخليج الأولى سوى أحد الكثيرين من أمثاله الذين يبحثون عن مصالحهم.


لكن الحرب غيّرت المعطيات وتقرّب الجلبي باسم المؤتمر الوطني العراقي من أجواء المحافظين الجدد المحيطين بجورج دبليو بوش ومن بينهم ديك شيني وبول وولفويتز ودونالد رامسفيلد واتفق الجلبي مع هذا الأخير على القول أن صدام حسين قد يشكل خطرا على العالم كله.


والمثير للاستغراب أن الجلبي بدأ بالاطلاع على تقارير سرّية حول صدام حسين من إعداد وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي. وأشار الجلبي إلى أن تقارير الوكالة بعيدة عن الواقع.


وفي نهاية صيف 2002، قبل عدة أيام من الذكرى الأولى لتفجيرات 11 سبتمبر، أمر رامسفيلد بإنشاء وحدة خاصة في البنتاغون من أجل إعادة النظر بالمعلومات التي يقدمها الجلبي وإعادة تقويم علاقات صدام حسين بالقاعدة وتطوير أسلحة الدمار الشامل في العراق.


وضمن هذا الإطار أصبح أحمد الجلبي أحد مصادر المعلومات الرئيسية بالنسبة لرامسفيلد. وقد أثار ذلك غضب جورج تينيت، مدير الوكالة المركزية، الشديد إلى درجة أنه قدّم استقالته في أغسطس 2002، وحيث تدخل «تشيني» من أجل بقائه.


وجد مائير داجان الحظوة التي يتمتع بها الجلبي لدى رامسفيلد غريبة جدا، لاسيما وأن الملف الذي بيديه عنه يدل بوضوح على أنه لم يقدم سوى معلومات قليلة الأهمية عندما كان يتجسس لحساب الموساد في العراق. ثم إنه بعد عشر سنوات من مغادرته العراق، من المحتمل قليلا جدا أنه تكون له صلات حقيقية داخل نظام صدام حسين.


الديمقراطية والعضلات

تعرّف داجان خلال زياراته لواشنطن، كما فعل جميع مدراء الموساد، على أعضاء مهمين في إدارة بوش، وخاصة أولئك الذين ينادون بالديمقراطية ذات العضلات والذين كانوا يرددون في حديثهم ما يدل على تزمتهم الديني.


ويشير المؤلف في هذا السياق إلى الدور الذي لعبه القس بيل غراهام، صديق عائلة بوش منذ فترة طويلة، في حث الرئيس بوش، بعد تفجيرات 11 سبتمبر، من أجل استئصال الإرهاب باسم «الغضب العادل»، بل وقام غراهام بإهداء جورج دبليو بوش إنجيلا صغيرا كي يضعه باستمرار في جيبه.


وعلى قاعدة مثل هذا الاعتقاد الديني تحدث بوش عن «محور الشر». ويضيف المؤلف: «إن إلحاح الرئيس بوش لشن هجوم على العراق كان مرتبطا، هو الآخر، بالاعتقاد الديني المتزمت للمحافظين الجدد الذين كانوا يحيطون به».


وفي الأيام الأولى من فبراير 2003، إثر محادثة هاتفية بين آرييل شارون والرئيس الأميركي بوش، أحاط شارون داجان علما أنه اقترح مشاركة الموساد النشطة باغتيال صدام حسين، وأن بوش قد قبل ذلك الاقتراح.


بدأ خبراء الموساد بتحليل محاولات الاغتيال السابقة لصدام حسين وأسباب فشلها وحيث كان الرئيس العراقي قد تعرّض خلال السنوات العشرالأخيرة إلى 15 محاولة اغتيال.


وكان وراء بعضها الموساد أو أجهزة الاستخبارات البريطانية. ولم يستطع أولئك الذين تمّ تجنيدهم للقيام بها من اختراق إجراءات الحماية الأمنية الممتازة لصدام أو لأنهم لم يستطيعوا بكل بساطة الاقتراب إلى درجة كافية من الهدف.


كان الموساد قد قام بمحاولة أولى في نوفمبر 1992، وكان عملاؤه في العراق قد خبروا أن صدام حسين سيقوم بزيارة إلى بلدة قرب تكريت وأنه سيصل قبل حلول الليل بقليل وسيزور في اليوم التالي قاعدة عسكرية في الجوار قبل أن يعود بالطائرة إلى بغداد. وبالتالي قد يكون هدفا ممكنا في فترة ال15 دقيقة التي يحتاجها للانتقال من البلدة إلى القاعدة العسكرية.


قام الجنرال أميرام لوفين، نائب مدير الموساد آنذاك، بالإشراف شخصيا على إعداد خطة الاغتيال، ووافق بنيامين نتانياهو عليها، وقام الفريق المكلّف بتنفيذها بالتدرب عليها في صحراء النقب. وكان مقررا أن يساند قتلة الموساد فريق من 40 عضوا من الفرقة 262 من القوات الخاصة التي كانت قد شاركت في قتل خاطفي طائرة العال إلى مطار أوغندي عام 1976.


كان مقررا أن يطير القتلة على ارتفاع منخفض بحيث لا تكشفهم الرادارات على متن طائرتين من طراز «هركيوليز سي - 130» وبحيث يتوزعون على الأرض إلى مجموعتين إحداهما تتمركز على بعد حوالي 200 متر من الفيللا التي كان صدام فيها بالقرب من تكريت وبجانب الطريق الذي يُفترض أن يسلكه إلى القاعدة العسكرية الجوية.


أما المجموعة الرئيسية فتكمن على بعد 10 كيلومترات ويتم تزويدها بصاروخ خاص يستخدمه الموساد ويتم توجيهه إلكترونيا. كان يُفترض أن يقوم فريق القتلة القريب بتصوير سيارة صدام وهو يطلق النار عليها، وفي اللحظة نفسها يعطي أحدهم الإشارة لفريق الصاروخ كي يطلقه تبعا للمعطيات المقدّمة بواسطة «الكاميرات» .


وبالتالي يتم تدمير السيارة. وما يؤكده المؤلف أن هذه العملية ألغيت باللحظة الأخيرة بدفع من آرييل شارون، وزير الخارجية، وإسحاق مردخاي، وزير الدفاع، على خلفية تقديرهما أن مخاطر فشلها كانت كبيرة جدا.


بعد عشر سنوات من تلك المحاولة، التي لم تتم، بدا أن الموساد، وبدعم من واشنطن، يتردد بدرجة أقل بكثير في محاولة اغتيال صدام حسين. وكانت خطة الموساد مستوحاة هذه المرة من محاولة الاغتيال التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لاغتيال الرئيس الكوبي فيدل كاسترو.


وكان العملاء قد حشدوا عددا كبيرا من الأصداف البحرية بالمتفجرات ووضعوها في قعر البحر حيث كان كاسترو يحب الاستحمام. لقد فشلت تلك المحاولة لأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أغفلت من حساباتها التيارات القوية التي جرفت القواقع بعيدا عن المنطقة.


لكن مثل هذه التيارات لم تكن تطرح أية مشكلة بالنسبة للنهر حيث يستحم صدام، وكانت المتفجرات مصممة هذه المرة للانفجار بمجرد قيام السابحين بأية حركة.


قبل أيام فقط من تنفيذ خطة الاغتيال الجديدة انفجرت حرب الخليج ثانية، وقدّم عملاء الموساد معلومات مهمة عندها قامت الطائرات الأميركية والبريطانية على أساسها بغارات قتلت الألوف من العراقيين.


ويؤكد المؤلف أن جورج تينيت رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كان يتصل عدة مرّات يوميا بمائير داجان، مدير الموساد، ليسأله عمّا إذا كان جهازه قادرا على تأكيد حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل.


وكانت الإجابة دائما هي: «ليس بعد، ولكننا نبحث». لكن محللي الموساد كانوا قد شرحوا لداجان أنه لا يوجد هناك أي برهان قاطع على امتلاك نظام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل.


رددت وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية، عند بداية الحرب، تحذيرات لإشاعة الاعتقاد بإمكانية قيام نظام صدام باستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد إسرائيل أو ضد قبرص، حيث تتواجد أعداد كبيرة من القوات البريطانية، أو في منطقة الخليج حيث يرابط المارينز الأميركيون، أو حتى ضد الكويت، نقطة انطلاق الهجوم على العراق. «لكن لم يحصل شيء من هذا كله، ولم تنطلق قذيفة واحدة فيها أي أثر لسموم كيميائية.


ولم يعرف تاريخ الحرب كله مثل خيبة الأمل تلك». وبعد عشرين يوما من بداية الحرب كانت المعارك قد توقفت لتبدأ حرب أخرى، أكثر فتكا، تمتزج فيها الأحقاد الدفينة والمسائل البترولية والجشع المسيطر على النفوس...


وبدأت الدماء تنزف أكثر فأكثر في العراق. كان لا بد للعراق أن يغرق في الفوضى، وليصبح الوضع اعتبارا من مايو 2003 أكثر رعبا مما كان مرعبا في ظل دكتاتورية صدام حسين.


بعد السقوط

لم يكن الموساد، كما يؤكد مؤلف هذا الكتاب، بعيدا عن ملاحقة صدام بعد سقوط نظامه. وُضعت فرضيات كثيرة حول مكان وجوده، وليس أقلها غرابة إمكانية لجوئه إلى الأصدقاء الذين اعتمد عليهم في الماضي، أي روسيا والصين، هذا على الرغم من تأكيد البلدين رسميا أنهما لن يمنحاه حق اللجوء إليهما.


في الوقت نفسه كانت ألوف الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية تصل كل دقيقة إلى مقرات القيادات المختصة وكذلك آلاف المحادثات الهاتفية. أدركت عندها أجهزة الاستخبارات الأميركية المتنوعة مدى افتقارها إلى مترجمين يقومون ب«غربلة» تلك المحادثات. وكان بوش وبلير وشارون في حالة غضب متصاعد أمام فشل العثور على صدام أو معرفة إذا كان قد مات.


وقد كانوا يؤكدون في تصريحاتهم العلنية أن ذلك لم يكن يشكّل موضوعا ذا أهمية كبيرة فصدام لم يعد يمثل أي تهديد. لكن لم يكن هناك الكثيرون ممن يصدقون ذلك».


وكان اهتمام بوش وبلير منصبا أكثر على إيجاد أسلحة الدمار الشامل المزعومة. لكن الحقيقة تكشفت عن شيء آخر، هو أنها غير موجودة في العراق.


ولم يتردد روبن كوك، وزير الخارجية البريطاني السابق، وكلير شورت، الوزيرة السابقة في حكومة بلير التصريح أن رئيس وزراء بريطانيا قد كذب على البرلمان والشعب عندما أكد وجود مثل تلك الأسلحة في العراق.


وأثناء الأزمة كلها كان مائير داجان، لا يكف عن ترديد قوله أن الموساد «لا يزال يبحث» عن الأسلحة المزعومة، من دون إضافة شيء آخر. ولو كان يدرك حقيقة عدم وجودها.


وفي ديسمبر 2003 ألقي القبض على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. يقول المؤلف: «لقد قبضوا عليه بسبب متطلبات المرأة الوحيدة التي كان لا يزال يثق بها أي سميرة شهبندر، الزوجة الثانية بين الزوجات الأربع».


ويضيف: «بتاريخ 11 ديسمبر اتصلت هاتفيا بصدام من مقهى للانترنت ببعلبك؛ حيث كانت تعيش في لبنان هي وابنها علي، الابن الوحيد الحي من أبناء صدام، تحت أسماء مستعارة منذ أن غادرا العراق قبل عدة أشهر من بداية الحرب». وفي بيروت تمّ رصدها ومراقبتها.


ويؤكد مؤلف هذا الكتاب أن مقرّبا من مائير داجان قد شرح له أنه «لأسباب سياسية لم تتم رسميا دعوة الموساد للمشاركة في العيد»، ويقصد ملاحقة صدام من قبل الأميركيين. وما يؤكده أيضا هو أن الموساد قد التقط يوم 11 ديسمبر 2003 مكالمة سميرة الهاتفية لصدام حسين وتمّ فيها تحديد موعد للقاء بالدقيقة والمكان.


وفي اللحظة نفسها التي كانت تستعد فيها للذهاب إلى موعدها جاءها صوت في الهاتف، ليس صوت صدام، يقول لها إن الموعد قد ألغي. وفي اللحظة نفسها أيضا كانت تلفزيونات العالم تبث صورا لاعتقال صدام في حجرةعلى عمق 5,2 متر في باطن الأرض قرب تكريت.


وعند رؤية تلك الصور طرح محللو الموساد أسئلة، لا تزال دون إجابات، مثل: من كان الرجلان المسلحان المجهولان ويقومان بالحراسة أمام الحجرة؟


هل كانا لحماية صدام أم لقتله إذا حاول الهرب؟ لماذا لم يستخدم صدام مسدسه للانتحار؟ هل منعه الجبن أم أنه كان يأمل في عقد صفقة؟ ثم لم يكن لمخبئه سوى مدخل واحد، فهل كان سجينا؟


ألم يكن وجوده حيث كان جزءاً من صفقة؟ وماذا كان يريد أن يفعل بال000 750 دولار التي وجدوها معه عند اعتقاله؟ ولماذا لم يكن معه أية وسيلة للاتصال بالخارج ولو حتى هاتف نقّال؟


فهل تجد هذه الأسئلة، وكثيرة غيرها، إجابات ذات يوم؟!
  #75  
قديم 21/06/2006, 01:37 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
المونديال والفساد الدولي .................. رضي السماك

الخليج

أهدرت واستباحت الرأسمالية العالمية في طورها المتعولم

كل القيم السامية الإنسانية الشريفة لمسابقات كرة القدم الدولية



انطلقت المسابقات الرياضية منذ نشأتها من أجل غايات إنسانية نبيلة، كتحقيق السلم والصداقة بين الشعوب، وكان البارون الفرنسي بيردي كوبرتان هو صاحب الفضل في اعتماد الشعار الأولمبي الاغريقي القديم: “الإقدام والنُبل والقوة” ليكون شعاراً للجنة الأولمبية بعد تأسيسها عام ،1894 وهو أيضاً القائل: “إن أهم شيء في الألعاب الأولمبية ليس الانتصار، بل مجرد المشاركة، وأهم ما في الحياة ليس الفوز بل النضال بشرف”.

لكن ما أشد الفارق المذهل بين مسابقات كرة القدم أيام زمان خلال العقود الخوالي من القرن العشرين ومسابقات كرة القدم في زماننا هذا بالنظر للتحولات الهائلة التي شوهت الأهداف والقيم السامية لهذه المسابقات حيث أفسدتها السياسة والاخطبوط المتداخل للفساد المالي والتجاري العالمي حيث تحولت هذه المسابقات الى ساحة بورصة بكل معنى الكلمة للصفقات التجارية والربح السريع، كما تحول اللاعب النجم الى سلعة بكل معنى الكلمة مثله مثل الفتاة الجميلة أو العارية في صفقات الإعلان والأفلام الإباحية.

يحاول السويسري جوزيف بلاتر رئيس “الفيفا” عشية افتتاح المونديال أن يبدد ما لحق بالفيفا من تشوه سمعة اثر تكاثر فضائح الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم من ممارسات عنصرية وشراء حكام وتلاعب في النتائج وعقد صفقات غير مشروعة واختلاسات مالية، فيقول: “إن رسالة الفيفا هي نفس رسالة الأمم المتحدة في مجال الرياضة، واننا سنهتم بالقضايا الاجتماعية مستقبلاً وليس صحيحاً اننا نهتم بجمع المال فقط”.

وغداة افتتاح المونديال أعرب أمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان عن شيء من هذا القبيل بتأكيده على الأهمية الفائقة التي تحققها هذه المسابقة على الساحة الدولية باعتبارها نموذجاً يحتذى به لتجميع الشعوب وتفاهمها على اختلاف أعراقها وثقافاتها ودياناتها. لكن كم هو البون شاسع بين هذه الأمنيات والمشاعر التي أعرب عنها كل من رئيس الفيفا وأمين عام الأمم المتحدة وبين المآل الذي آلت اليه المسابقات من ممارسات شاذة برزت على نحو لافت منذ نحو ربع قرن.

فاليوم اخترقت شركات الإعلان الدولية كرة القدم من أوسع أبوابها وحولت أنديتها وإدارييها الى مراكز تجارية أو سماسرة تجاريين لعقد الصفقات المربحة الخيالية، وتحول اللاعب النجم الى سلعة أشبه بالدجاجة التي تبيض ذهباً، وبعدما كان اللاعب يلعب بدافع الحماس الوطني من أجل فريقه أو منطقته أو وطنه صار يلعب لمن يدفع أكثر. وصارت الفرق الوطنية التي تروم الى التنافس الشريف لإعلاء اسمها وأسماء اللاعبين الذين ينتمون الى منطقتها تحوم حول شراء واستيراد اللاعبين النجوم الأجانب أو تصديرهم وبيعهم للأندية الأخرى في الخارج.

وأصبح للاعب النجم الدولي قيمة تجارية اسمية مصنفة حسب مجموعة “اوفيكوم” وعلى الأخص تقديرات سعره في سوق الإعلانات التي تدفعها كبرى الشركات العالمية. علماً بأن معايير تقديرات السعر تتحدد وفق سن اللاعب، فكلما كان عمره صغيراً ارتفعت قيمته لأن العقود الإعلانية التجارية تركز عادة على العقود الطويلة الأجل مع اللاعب وهو في أوج عطائه وليس على وشك التقاعد.

ولا تقتصر أشكال الفساد على الفسادين المالي والإداري في الأندية الدولية والفيفا التي اخترقتها مصالح شبكة واسعة من شركات الإعلانات ومن خلفها شركات واسعة تمتد من المشروبات الغازية الى المأكولات وخلافها بل وتمتد الى آفة المنشطات التي تعطى للاعبين ويقف خلفها مافيات فاسدة من الأطباء وشركات الأدوية، وإن بدت هذه الظاهرة تواجه برقابة أشد من الاتحادات الرياضية الدولية في السنين الأخيرة.

وهكذا أهدرت واستباحت الرأسمالية العالمية في طورها المتعولم كل القيم السامية الإنسانية الشريفة لمسابقات كرة القدم الدولية وحولتها مرتعاً لمنافساتها التجارية خدمة لمصالحها الأنانية الجشعة الضيقة في وقت أشد ما يحتاج فيه العالم الى إعادة الاعتبار لهذه المسابقة الجميلة لاستعادة دورها الخالد العريق في تعزيز وتكريس السلم وتوثيق عرى الصداقات الإنسانية الحضارية النزيهة بين الشعوب.
  #76  
قديم 26/06/2006, 01:07 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الزمن القادم
التاريخ السري للموساد - الحلقة «4» -
الإسرائيليون يخدعون المفتشين الأميركيين في صحراء النقب

تأليف :غوردون توماس



ينتقل المؤلف هنا إلى موضوعين على جانب كبير من الأهمية، أولهما مساهمة الموساد في تحويل مفاعل ديمونة من مشروع يحظى بحماس ديفيد بن غوريون إلى أمر واقع، والثاني توظيف عملاء الموساد للاغتيال كأداة للحركة السياسية، بما في ذلك اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير والمناضل فتحي الشقاقي والعالم الكندي جيرالد بول ومحاولة أغتيال خالد مشعل، ثم يفتح المؤلف الباب أمام حشد من علامات الاستفهام حول اغتيال اسحق رابين، تثير الشكوك في الرواية الرسمية لمقتل رابين.




شاعت لسنوات طويلة مقولة أن إسرائيل لديها ما وصف بأنه «أفضل جيش نظامي» في منطقة الشرق الأوسط. ولكن لم يكن ديفيد بن غوريون مكتفيا بذلك، وإنما أصدر الأوامر ببناء مفاعل ذري في صحراء النقب بالقرب من ديمونة.عمل في ذلك المفاعل 2500 عالم وتقني. وصمم المهندسون منشأة على عمق 25 متراً تحت الأرض لوضع المفاعل في قلب مختبر هائل «ماخون-2». ويقوم عمل هذا المختبر على نظام فصل وإعادة معالجة المواد المشعّة، وكان قد جرى استيراده من فرنسا تحت تسمية رسمية هي «آلات لصناعة النسيج».




لم يكن مفاعل ديمونة وحده كافياً لتزويد إسرائيل بالقنبلة النووية، بل كان لابد من توفير المادة الانشطارية، أي اليورانيوم المخصّب أو البلوتونيوم. لكن القوى النووية القليلة آنذاك وقّعت معاهدة التزمت من خلالها بعدم تزويد أي بلد بغرام واحد من المواد القابلة للانشطار التي كان مفاعل ديمونة بدونها منشأة غير عملية.بعد ثلاثة أشهر من نصب المفاعل ف1تحت مؤسسة صغيرة لإعادة معالجة المواد المشعّة أبوابها في معمل قديم للحديد في ابوللو ببنسلفانيا.




حملت هذه المؤسسة اسم شركة نوميك للمواد النووية وتجهيزاتها. كان مديرها العام هو سلمان شابيرو الذي كان اسمه على القوائم التي أعدّها رافائيل إيتان لليهود الأميركيين الأكثر نفوذا في المجال العلمي، كما كان اسمه موجودا على قائمة دافعي الأموال «الأكثر كرماً» لإسرائيل. كان ذلك إذن هو المدخل إلى الصناعة النووية الأميركية عن طريق شابيرو هذا، ابن الحاخام، الحاصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة جون هوبكنز.


لم يبد أن الإدارة الأميركية كانت متحمسة آنذاك لحصول إسرائيل على السلاح النووي. وينقل المؤلف أن رسالة وجهها الرئيس الأميركي جون كنيدي في فبراير 1961 إلى دافيد بن غوريون يطلب فيها وضع مفاعل ديمونة في خطط التفتيش المنتظمة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهذا ما اعتبره بن غوريون بمثابة «ضغط أميركي» بل وقال: «إن وجود كاثوليكي في البيت الأبيض ليس أمرا جيدا بالنسبة لإسرائيل». وطلب بن غوريون بعدها مساعدة رجل يثق به في واشنطن هو أبراهام فينبيرغ، الصهيوني المتزمت والمؤيد للتطلعات النووية لإسرائيل.


كان فينبيرغ من أغنى اليهود في الحزب الديمقراطي. ولم يكن يخفى القول أنه إذا كان قد تبرع بمليون دولار لحزب كنيدي، فإنما كان ذلك من أجل الدفاع عن قضايا إسرائيل في الكونغرس. وكانت طريقته المفضلة في العمل هي ممارسة الضغط السياسي المباشر، وقد قال صراحة لكنيدي عندما كان مرشحا: «نحن مستعدون لدفع قيمة فواتيرك إذا تركتنا نشرف على سياستك في منطقة الشرق الأوسط»، يومها اكتفى كنيدي بوعد «منح إسرائيل جميع التنازلات الممكنة».


فدفع فينبيرغ 000 500 دولار ك«بداية». كان العرض واضحا وهو أنه إذا كان الرئيس الأميركي يصر على متابعة المطالبة بتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمفاعل «ديمونة» فإنه «عليه أن لا يعتمد على الدعم المالي لليهود خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة». ووجد فينبيرغ دعما مهما لدى وزير الخارجية الأميركي آنذاك روبت مكنمارا الذي قال للرئيس أنه يتفهم «رغبة إسرائيل في امتلاك القنبلة الذرية».


أصرّ كنيدي على موقفه وتوجب على بن غوريون قبول مبدأ القيام بجولة تفتيشية. لكن كنيدي قدّم في الدقيقة الأخيرة تنازلين مهمين. فمقابل السماح بالدخول إلى مفاعل ديمونة تقوم الولايات المتحدة ببيع الدولة العبرية صواريخ أرض ـ جو من طراز هاواك. أي سلاح الدفاع الأميركي الأكثر كفاءة في عصره. ثم إن عملية التفتيش لن تجري من قبل تقنيي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإنما من قبل فريق أميركي حصرا وبعد برمجة الزيارة بعدة أسابيع مقدّما.


لقد خدع الإسرائيليون المفتشين الأميركيين وبنوا فوق مفاعل ديمونة الحقيقي مركزا للمراقبة كي يدفعوا أولئك المفتشين للاعتقاد أن الأمر يتعلق فعلا بمفاعل يرمي إلى تحويل صحراء النقب إلى فردوس أخضر. أمّا القسم الذي كان يتم تزويده ب«الماء الثقيل» الآتي من فرنسا والنرويج فلم يسمحوا بتفتيشه ل«أسباب أمنية». وكان يكفي للتقنيين أن يلقوا نظرة على محتوى الأوعية كي يفهموا ما فيها. وعندما وصل الأميركيون اكتشف الإسرائيليون أنه ليس فيهم من يتحدث اللغة العبرية، مما كان يقلل من حظوظ إمكانية اكتشافهم للأهداف الحقيقية لمفاعل «ديمونة».


في تلك الأثناء وافقت السلطات الأميركية على طلب تقدّمت به السفارة الإسرائيلية في واشنطن للجنة الطاقة الذرية من أجل السماح ل«مجموعة من العلماء بزيارة شركة نوميك من أجل أن يفهموا بشكل أفضل أسباب قلق المفتشين الأميركيين في ميدان معالجة النفايات النووية». ومع الموافقة على ذلك الطلب أخذ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ما ينبغي للمراقبة ولمعرفة إذا كان سلمان شابيرو، رئيس الشركة، يتعاون أولا مع الأجهزة السرية الإسرائيلية.


قرر رافائيل إيتان أن يقوم هو شخصيا بزيارة شركة نوميك برفقة فريق يضم عالمين كانا يعملان في مفاعل ديمونة كاختصاصيين في معالجة النفايات المشعة. كانت مهمة هذين العالمين هي إيجاد السبل لسرقة المادة القابلة للانشطار من شركة نوميك. كان رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي يراقبون عن قرب الزيارة. وبدا أن تقارير المكتب تحمل الكثير من الشكوك فيما يتعلق بما كان يعرفه شابيرو عن الأسباب الحقيقية لزيارة رافائيل إيتان وأصحابه.


وأشار أحد تلك التقارير بعد شهر من تلك الزيارة إلى أن شركة نوميك قد وقعت عقد شراكة مع الحكومة الإسرائيلية من أجل تطوير «عمليات تعقيم الأطعمة والعينات الطبية بواسطة الإشعاع». بل وأشار تقرير آخر إلى «التحذير الملصق على الحاويات المعدنيّة والذي يدل على وجود مواد مشعّة خطيرة». ثم أضاف: «بسبب هذا التحذير لم يرد أحد فتح تلك الحاويات لتفحص ما بداخلها، ومنعونا نحن من عمل ذلك».


كانت السفارة الإسرائيلية في واشنطن قد أفهمت وزارة الخارجية الأميركية أن أية محاولة لفتح حاوية من الحاويات سيترتب عليه وضعها في مصاف الحقيبة الدبلوماسية التي لا يحق للسلطات في بلدان التمثيل الدبلوماسي فتحها. هكذا وباسم الحصانة رأى عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي الحاويات التي يجري تحميلها في طائرة شحن تابعة لشركة العال الإسرائيلية أمام أعينهم دون أن يستطيعوا فعل أي شيء.


أحصى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي تسع إرساليات تمّت بتلك الطريقة خلال الأشهر الستة التي تلت زيارة رافائيل إيتان لشركة سلمان شابيرو. ورأى المسؤولون عن المكتب أن كمية كافية من المواد الانشطارية لصناعة قنبلة ذرية قد وصلت إلى مفاعل ديمونة . نفى شابيرو أن يكون قد زوّد إسرائيل بأية مواد منها، لكن مكتب التحقيقات وجد «عجز» في كمية المواد الانشطارية التي تعاد معاملتها في شركته. قال شابيرو ان ضياع اليورانيوم يعود إلى «تسربه داخل الأرض« أو «تبخره في الهواء». مثّلت الكمية المفقودة 50 كيلوغراماً ولم يتم توجيه أية تهمة لشابيرو. لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن إسرائيل كانت بطريقها إلى تصنيع السلاح النووي.


الهدف أبو جهاد


ينقل مؤلف هذا الكتاب عن عميل أمضى ربع قرن من حياته في خدمة الموساد قوله: «كان لي الحق في أن أكذب لأن الحقيقة لم تكن تشكل جزءا من علاقتي مع الناس. كان هناك شيء واحد يهمني هو أن أستخدمهم لصالح إسرائيل». على هذا الأساس تربّى عملاء الموساد الذين كانوا يستهلون نشاطاتهم التجسسية في مهمات بالخارج. أما عدد عملاء الموساد فهو غير معروف، لكن عميل سابق للموساد هو فكتور اوستروفسكي كتب عام 1991 أن عددهم هو «حوالي 000 35 شخص في مختلف أنحاء العالم بينهم 000 20 يقومون بعمليات و000 15 نائمون، لا يقومون بأي نشاط» بينما يقوم العاملون بكل أنواع العمليات وفي مقدمتها التجسس والاغتيال.


وفي عام 1988 تولى إسحق رابين، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، شخصيا عملية تخطيط وتنفيذ اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير، أبو جهاد. لقد قام عملاء الموساد طيلة شهرين بالرقابة المستمرة للفيلا التي كان يسكنها في ضاحية سيدي بوسعيد بالقرب من مدينة تونس. لقد راقبوا وعاينوا كل شيء من المداخل وعلو السور المحيط بها والمواد المتكون منها والنوافذ والأبواب والأقفال ووسائل الدفاع ومكان وجود الحرّاس الشخصيين ومسار حركتهم.


لقد راقبوا كل شيء وبأدق التفاصيل. وتلصصوا كذلك على زوجة أبوجهاد عندما كانت تلعب مع الأطفال وتبعوها عندما كانت تذهب للتسوق أو إلى صالون الحلاقة. والتقطوا الاتصالات الهاتفية التي كان يقوم بها زوجها. وحسبوا المسافة بين الغرف ودرسوا ساعات ذهاب وإياب الجيران وسجّلوا أرقام السيارات التي كانت تتردد إلى المنزل وأنواعها وألوانها. لقد طبّق القتلة القاعدة التي كان قد أرساها مائير أميت «عندما كان رئيسا لجهاز الموساد والقائلة إنه أثناء عمليات الاغتيال «ينبغي التفكير مثلما يفكر الهدف وعدم التوقف عند التشابه معه إلى اللحظة التي يتم فيها الضغط على الزناد».


كان عملاء الموساد قد خططوا لمهمتهم السوداء خلال شهر كامل في موقع للموساد في حيفا، وبتاريخ 16 أبريل 1988 أُعطي الضوء الأخضر للانطلاق بالعملية. وفي تلك الليلة أقلعت عدة طائرات إسرائيلية من طراز بوينغ 707 من قاعدة عسكرية جنوب تل أبيب. وكان في الأولى إسحاق رابين وعدد من كبار الضباط الإسرائيليين.


كانوا على اتصال دائم مع فريق القتلة الذين أخذوا مواقعهم بالقرب من الفيللا التي كان يسكنها أبوجهاد وأسرته. قاد العملية عميل اسمه المستعار هو «سورد». وكانت الطائرة الثانية محشوة بآلات الالتقاط والتنصت والتشويش. أما الطائرتان الأخريتان فقد كانتا للدعم اللوجستي والتزويد بالوقود.


كانت الطائرات كلها تدور على ارتفاع عالي جدا فوق «فيللا» أبوجهاد في ضاحية سيدي بو سعيد قرب تونس وكانت على اتصال مع فريق سورد على الأرض بواسطة تردد لا سلكي خاص. وبعد منتصف ليلة 17 أبريل بقليل علم إسحق رابين ومن معه أن أبوجهاد قد عاد إلى منزله. بل أكد «سورد» أنه يسمع وقع خطوات القائد الفلسطيني وهو يصعد الدرج إلى الطابق الثاني حيث توجد زوجته ثم توجه إلى الغرفة المجاورة كي يقبل ابنه النائم ثم عاد إلى الطابق الأول حيث يوجد مكتبه.


وبعد 17 دقيقة من منتصف ليلة 17 أبريل 1988 أعطى إسحاق رابين الضوء الأخضر للشروع بعملية الاغتيال. كان سائق أبوجهاد ينام داخل سيارة المرسيدس خارج المنزل حيث كان الهدف الأول لأحد العملاء الذي أطلق عليه عدة رصاصات من مسدس كاتم للصوت. ثم قام سورد وقاتل آخر بوضع عبوة ناسفة تحت البوابة الحديدية للفيللا.


اقتلعت هذه العبوة المتفجرة الجديدة المسماة «صامتة» البوابة دون أن تحدث أية ضجة تذكر. بعد ولوج المنزل قاما بقتل الحارسين الشخصيين، ثم دخل سورد إلى مكتب أبوجهاد الذي كان بصدد مشاهدة شريط فيديو يخص منظمة التحرير الفلسطينية. همّ أبوجهاد بالوقوف فأطلق عليه سورد رصاصتين استهدفتا صدره.


ثم اتجه القاتل نحو الباب للخروج فوجد بمواجهته أم جهاد فصرخ بوجهها باللغة العربية: ادخلي إلى غرفتك. كان ابنها بين ذراعيها. ثم «تبخر» سورد وفريق القتلة الذي رافقه وسط الظلام. استغرقت العملية ثلاث عشرة ثانية. لاقى اغتيال أبوجهاد صدى عالميا كبيرا بل ينقل المؤلف عن عزرا وايزمان، الوزير الإسرائيلي قوله: «ليس باغتيال الناس يمكن لمسيرة السلام أن تتقدم».


المسلسل يتسارع

لكن مسلسل الاغتيالات لم يتوقف، بل تسارع إيقاعه إلى هذا الحد أو ذاك. ذات مساء من أكتوبر 1995 جرى اجتماع على مستوى القيادة الإسرائيلية، وتحدد فيه الهدف الفلسطيني المقبل المطلوب اغتياله، لقد كان فتحي الشقاقي، المرجعية الدينية لتنظيم الجهاد الإسلامي. كان يومها في دمشق، وعلى أهبة التوجه إلى ليبيا. وكان يُفترض أن يمضي في طريق عودته يوما في جزيرة مالطة.


وكان «شابتاي شافيت» قد أرسل في آخر عملية له كرئيس للموساد، عميلا أسود» - كما يطلق على المخبرين من العرب في أوساط الموساد ـ إلى دمشق. وكانت مهمته هي تنشيط الرقابة الإلكترونية على منزل زعيم الجهاد الإسلامي وذلك بمساعدة أجهزة أميركية جديدة من الأكثر تقدما وذلك للتمكن من التنصت على منظومة الاتصالات التي كان يستخدمها وهي من صنع روسي. وبواسطة عمليات التنصت جرت معرفة تفاصيل رحلة فتحي الشقاقي إلى ليبيا عبر مالطة. وبالتالي لم يكن من الصعب التحضير لعملية اغتياله وتنفيذها.


فبتاريخ 24 أكتوبر 1995 سافر عميلان من جهاز الموساد إلى روما. وعند وصولهما إلى المطارين سلمهما عملاء محللون جواز سفر بريطانياً جديداً لكل منهما. ثم توجها إلى مالطة ونزلا عند وصولهما في غرفتين بفندق ديبلومات على مرفأ فاليتا. استأجر أحدهما دراجة نارية للاطلاع على معالم الجزيرة، كما قال. ولم ير أي عامل من عمال الفندق العميلين الإسرائيليين وهما يتبادلان الحديث. وعندما أشار أحد خدم الفندق لأحدهما أن حقيبته ثقيلة الوزن أجابه بغمزة عين أنها تحتوي على سبائك ذهبية.


في المساء نفسه أخطرت سفينة شحن إسرائيلية السلطات المالطية أنها تتجه إلى إيطاليا ولكنها أصيبت بعطل فني سيرغمها على البقاء في عرض البحر بمواجهة الجزيرة بانتظار القيام بإصلاح الخطأ الطارئ. كان على متن تلك السفينة شابتاي شافيت، مدير جهاز الموساد مع فريق من التقنيين المختصين بمجال الاتصالات. هكذا تم تبادل المعلومات بين الموجودين على السفينة وبين العميلين اللذين كان ثقل حقيبة أحدهما يعود إلى وجود جهاز إرسال بداخلها.


وفي الفندق نفسه قام فتحي الشقاقي بحجز غرفة له. وفي صباح اليوم التالي أطلق عليه عميلا الموساد عدة رصاصات، بعد أن كانا قد أوقفا الدراجة المستأجرة بمحاذاته وهو في طريقه للمطار عائدا إلى دمشق. بعد ساعة واحدة فقط من عملية الاغتيال انطلق من مرفأ فاليتا قارب صغير وعندما وصل إلى محاذاة سفينة الشحن الإسرائيلية «المعطلة» أخبر قبطانها السلطات المالطية أنه قد جرى إصلاح الخلل الميكانيكي «مؤقتا» ولذلك ينبغي عدم إكمال الطريق إلى إيطاليا والعودة إلى حيفا لإجراء عملية صيانة كاملة.


بعد عدة أيام فقط من اغتيال فتحي الشقاقي اغتيل إسحاق رابين، ذلك «الصقر» الذي تحول إلى «حمامة». لقد قتله يهودي متشدد اسمه إيغال أمير، وفي موقع ليس بعيدا عن مقر الموساد.لم يقتصر عملاء الموساد على استهداف القيادات الفلسطينية وإنما استهدفوا أولا الذين اعتبروهم في صفوف أعدائهم. كانت تلك هي حالة الدكتور «جيرالد بول»، العالم الكندي والخبير المعروف عالميا في ميدان صناعة المدافع.


كانت إسرائيل قد حاولت مرّات عديدة استمالته للتعاون معها لكنه رفض ذلك باستمرار، بل وقبل التعاون مع نظام صدام حسين من أجل تزويده بمدفع هائل يبلغ طوله 148 مترا ويزن 32 طنا من الأنابيب الفولاذية القادمة من شركات بريطانية. وأسس بول لهذا الغرض شركة في بروكسل ببلجيكا. جعل عملاء الموساد في هذه البلاد من التجسس على نشاطات الشركة إحدى مهامهم الرئيسية.


كان رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك هو إسحاق شامير ذو الكفاءات العالية في عمليات الاغتيال المخططة منذ أن كان عضوا فاعلا في جماعة «الهاجاناه» التي مارست الكثير من العمليات الإرهابية في فلسطين قبل قيام الدولة العبرية. وأصدر شامير تعليمات لناحوم ادموني، مدير الموساد، باغتيال العالم الكندي .


بعد يومين من ذلك القرار وصل عميلان للموساد إلى بروكسل قادمين من تل أبيب، واستقبلهما عميل مقيم. كان يراقب تحركات «بول» منذ أسابيع. وفي 22 مارس 1990 توجّه العملاء الثلاثة إلى حيث كان يقطن هدفهم والذي أصبح ضحيتهم في حوالي الساعة الثامنة من مساء اليوم نفسه. كان عمره آنذاك 61 سنة.


أكّد «مايكل» ابن العالم الكندي مرارا بعد ذلك أن والده كان على اقتناع تام أن عملاء الموساد يلاحقونه، لكن ما إن عاد القتلة الثلاثة إلى تل أبيب حتى بدأت إدارة الحرب النفسية في جهاز الموساد بنشر إشاعات، استخدمت فيها وسائل الإعلام، مفادها أن جيرالد بول قد اغتيل لأنه أراد أن يضع حدا لتعاونه مع نظام صدام حسين.


استهداف مشعل

لكن إذا كان شامير قد وسّع من دائرة الاغتيالات فإن بنيامين نتانياهو حدد أعداءه الرئيسيين الذين ينبغي قتلهم في قادة حركة حماس وينقل عنه المؤلف، كما قال عضو مهم في الأجهزة السرية الإسرائيلية، تصريحه: «أريد رأس هؤلاء الحاقدين في حماس، ولو كلّفني ذلك منصبي». ويضيف المسؤول في جهاز الموساد: «كان نتانياهو يريد نتائج فورية مثلما هو الأمر في ألعاب الفيديو أو في أفلام المغامرات القديمة التي يعشقها».


وكان الهدف الأول الذي حدده الموساد هو خالد مشعل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس والذي كان عملاء الموساد في العاصمة الأردنية عمّان قد حددوا وجوده منذ فترة. قال نتانياهو على الفور: هيا ابعثوا إلى عمّان «من يصفّي حسابه«. ذلك دون أن يأبه أبدا لما يمكن لمثل تلك العملية أن تجلبه من تدهور في العلاقات مع الأردن بعد أن كان سابقه «رابين» قد نجح في إقامتها مع الملك حسين. هذا بالإضافة إلى ما قد يحرم إسرائيل من معلومات مهمة حول سوريا والعراق.


جرى سرّا تحضير فريق كوماندوز من ثمانية عملاء للموساد. كانت المهمة محددة لكل منهم بحيث يعود الجميع بعد تنفيذ الاغتيال عبر جسر «اللنبي» بالقرب من القدس. وكان السلاح المستخدم غير اعتيادي، أي ليس مسدسا كاتما للصوت، وإنما كان غازا ساما. كانت تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام مثل ذلك السلاح من قبل الموساد، حيث كان علماء روس هاجروا إلى إسرائيل وراء تصنيعه.


وفي 24 سبتمبر 1997 وصل أعضاء فريق الدعم إلى عمان من أثينا وروما وباريس حيث كانوا قد أمضوا عدة أيام واستلموا جوازات سفر كمواطنين في تلك البلدان، بينما كان القاتلان المكلّفان بتنفيذ خطة الاغتيال يحملان جوازات سفر كندية ، وكانا قد شرحا للعاملين في فندق «انتركونتيننتال» أنهما قد جاءا بقصد السياحة، أما أعضاء فريق الدعم فقد نزلوا في السفارة الإسرائيلية غير البعيدة.


في اليوم التالي قام القاتلان باستئجار سيارتين بواسطة موظفي الاستقبال في الفندق بزعم أنما سيقومان برحلة إلى جنوب البلاد. كان ذلك عند الساعة التاسعة، وعند الساعة العاشرة كان خالد مشعل في طريقه إلى مكتبه. كان يركب قرب سائقه بينما كان ثلاثة من أطفاله يجلسون في المقعد الخلفي. وعندما وصلت السيارة إلى منطقة الحدائق أنذر السائق خالد مشعل بأنهم ملاحقون. قام مشعل فورا بالاتصال مع الشرطة وأعطاهم رقم سيارة عميلي الموساد. لكن رجال الشرطة أخبروه بعد دقائق أن السيارة المعنية مستأجرة من قبل «سائح كندي».


قام خالد مشعل بتقبيل أطفاله الثلاثة قبل النزول من السيارة أمام مكتبه كي يتابعوا هم طريقهم إلى المدرسة برفقة السائق. كان القاتلان ينتظران مع حشد أمام مكتب حماس في شارع وصفي التل. تقدم أحدهما نحو مشعل ورشّ الغاز القاتل في وجهه. ثم هرب مباشرة باتجاه السيارة التي كانت تنتظر. لكنهما لم يستطيعا الفرار إذ انطلقت عدة سيارات وراء سيارة القاتلين، وأخبر أحدهم الشرطة كي تغلق طرق الحي.


حاولت سيارة ثانية تابعة لفريق الدعم الإسرائيلي التدخل وتهريب القاتلين، لكن إحدى السيارات اعترضت طريقها وأحاط رجال مسلحون فجأة بعملاء الموساد وأرغموا القاتلين على الانبطاح أرضا. وصلت الشرطة في الحال أيضا بينما نقلت سيارة إسعاف خالد مشعل إلى أحد المستشفيات. اقتيد القاتلان إلى مركز الشرطة حيث أبرزا جوازي سفريهما الكنديين وأكّدا أنهما ضحية «مؤامرة كبيرة». لكن رئيس جهاز مكافحة الجاسوسية الأردني وضع حدا ل«مهزلتهما» وأخبرهما أنه يعرف من هما.


وقد صرّح فيما بعد قائلا إن المسؤول المحلّي للموساد «أفرغ ما في جعبته واعترف أن الرجلين تابعين له وأن إسرائيل سوف تفاوض مباشرة مع الملك حسين». وينقل المؤلف عن أحد عملاء الموساد قوله عن اتصال هاتفي جرى بين الملك الأردني ونتانياهو: «لم يطرح الملك حسين على نتانياهو سوى سؤالين. بماذا يلعب؟ وهل يمتلك دواء ناجعا ضد الغاز السام المستخدم»؟. أراد نتانياهو أن ينكر في البداية كل شيء، لكنه لم يكن يعرف أن عميليه قد اعترفا بكل شيء أمام عدسة الكاميرا وأن شريطا مسجلا كان بطريقه إلى واشنطن».


سقوط الرواية الرسمية

إثر الفشل الذريع الذي عرفته تلك العملية استقال «داني ياتوم» مدير جهاز الموساد من منصبه في شهر فبراير من عام 1998، ولم يبعث له بنيامين نتانياهو الرسالة التقليدية التي تعوّد رؤساء الوزراء الإسرائيليون إرسالها إلى مدريري الموساد عند مغادرتهم الوظيفة من أجل «شكرهم على الخدمات التي قدّموها».


وكانت مواقع «ياتوم» قد اهتزت منذ اغتيال إسحق رابين، خاصة بعد أن قام الصحافي «باري شاميش» بتحقيق شخصي اعتمد فيه على تقارير طبية وعلى شهادات العديد من الحرّاس الشخصيين لرابين؛ ثم نشر في عام 1999 نتائج تحقيقه على شبكة الانترنت. وكانت تلك النتائج تشابه إلى حد كبير ما كان قد تمّ التوصل إليه من نتائج بعد مقتل الرئيس الأميركي جون كنيدي عام 1963.


وجاء في نتائج تحقيق شاميش قوله: «إن نظرية القاتل المعزول التي قبلت بها اللجنة الحكومية حول اغتيال رابين تخفي ما ربما كان محاولة اغتيال فاشلة ترمي إلى إنعاش الشعبية المترنحة لإسحاق رابين لدى الناخبين. لقد قبل إيغال أمير أن يلعب دور القاتل تنفيذا لتعليمات مسؤوله في الأجهزة السرية الإسرائيلية».


وأضاف: «لقد أطلق أمير رصاصة خلّبية لا تقتل. وقد أطلق رصاصة واحدة وليس ثلاث رصاصات كما أُعلن. وأظهر فحص مختبرات الشرطة على غلاف الرصاصة الذي وجدوه في مكان وقوع الجريمة أنه لا يتناسب مع صفات السلاح الذي استخدمه أمير. ولم يكن هناك من شاهد رابين وهو ينزف دما .


وسرّ آخر هو: كيف أضاعت السيارة التي أقلّت رابين إلى المستشفى ما بين ثمانية إلى اثنتي عشر دقيقة بينما كان يُفترض ألا يستغرق نقله سوى 45 ثانية عبر الشوارع المقفرة حيث كانت الشرطة قد منعت السير من أجل الاجتماع الشعبي لنصرة السلام الذي كان رابين يشارك به؟».


لكن يبقى السر الأكثر خطورة فيما قال به شاميش هو التالي: «خلال ذلك المسار الغريب الذي سلكه سائق مدرّب إلى المستشفى أُصيب رابين برصاصتين حقيقيتين انطلقتا من مسدس حارسه الشخصي يورام روبين. هذا السلاح اختفى في المستشفى ولم يعثر له على أثر بعد ذلك. وظلّت الرصاصتان اللتان تمّ استخراجهما من جسد إسحاق رابين مفقودتين مدة إحدى عشرة ساعة. ثم انتحر حارسه روبين بعد ذلك«.


لم تكن النتائج التي توصل لها شاميش هي وحدها التي ألقت الشكوك حول الرواية الرسمية لمقتل رابين؛ بل إن شهادات «تحت القسم» أكّدت «أن شيئا ما خطيرا قد حدث وله مواصفات المؤامرة». أما أمير نفسه فقد قال للمحكمة أثناء قراءة قرار الاتهام: «إذا قلت الحقيقة، فإن النظام كله سينهار، ولدي ما يكفي كي أبيد هذه البلاد».


ما يؤكده مؤلف هذا الكتاب هو أن شاميش ليس «مأخوذا بفكرة المؤامرات« بل إنه متعقل عامة فيما يكتب.


عرض ومناقشة: د. محمد مخلوف








كتاب-التاريخ السري للموساد ـ الحلقة «5»
هكذا ألقى الموساد شباكه على فانونو في روما

تأليف :غوردون توماس



لا تزال العديد من علامات الاستفهام تدور حول قصة التقني النووي الإسرائيلي مردخاي فانونو وكشفه إنتاج إسرائيل للقنابل النووية، قبل اختطافه من أوروبا وإيداعه السجون الإسرائيلية، والغموض نفسه سيلف مصير روبرت ماكسويل الذي لقي مصرعه في عرض البحر، لكن غموضاً أشد سيفرض نفسه عندما يتعلق الأمر بمحاولة الموساد مد الجسور إلى مدينة الفاتيكان.


ردخاي فانونو هو يهودي مغربي من مواليد 13 أكتوبر 1954 في مراكش، حيث كان أهله يملكون متجراً صغيراً. هاجرت أسرته إلى إسرائيل عام 1963 وأقامت في بئر السبع بالنقب، أمضى خدمته العسكرية في الجيش الإسرائيلي، ووصل إلى رتبة رقيب في صفوف وحدة لنزع الألغام كانت منتشرة في هضبة الجولان.


في صيف عام 1986، بعد تسريحه من الجيش وفشله في دراسة الفيزياء بالجامعة، تم قبوله كموظف في مفاعل ديمونة. ثم جرى تسريحه من هذا العمل، حيث حمل ملفه الأمني العبارة التالية:


«له أفكار موالية للعرب وفوضوية». غادر إسرائيل إلى أستراليا عام 1986 وهو يحمل حقيبة سفر على ظهره، ووصل إلى سيدني في صيف العام التالي. وأجمعت التقارير التي وصلت عنه لمدير الموساد، ادموني، أنه لم يقم أية صداقات أثناء وجوده في ديمونة وكان يمضي وقته منعزلا في منزله وهو يقرأ كتب السياسة والفلسفة. أشار علماء النفس في جهاز الموساد إلى أن مثل هذه الشخص يمكن أن يكون خطيراً أو متهوراً.


تعرّف فانونو في سيدني على الصحافي الكولومبي أوسكار جيريريو الذي أكد لأصحابه أنه يعرف عالماً نووياً إسرائيلياً هو بصدد أن يكشف للعالم بالتفاصيل الخطط النووية الإسرائيلية الإستراتيجية، وأنه بالتالي يحضر «سبق القرن الصحافي». لم تعجب تلك التصريحات الملتهبة فانونو الذي كان مؤيدا حقيقيا للسلام ويتمنى نشر قصته في صحيفة جدّية من أجل إنذار العالم حيال التهديد الذي تمثله إسرائيل.


لكن كان جيريرو قد سبق واتصل بمجلة «صانداي تايمز» اللندنية الأسبوعية التي أوفدت أحد صحافييها إلى سيدني من أجل إجراء مقابلة مع فانونو. وقد أصرّ هذا الصحافي على اصطحاب الإسرائيلي إلى لندن من أجل مواجهة أقواله مع آراء أحد كبار الاختصاصيين النوويين في بريطانيا.


كان فانونو يمتلك في الواقع ستين صورة مأخوذة داخل مختبر ماخون-2 في مفاعل الديمونة بالإضافة إلى مخططات ورسوم ومذكرات، أي ما يكشف على أن إسرائيل قد أصبحت قوة نووية حقيقية.


حاول جيرورو بعد أيام من سفر فانونو إلى لندن نشر صور بعض الوثائق التي كان قد حصل عليها وصورها، لكن الصحف الأسترالية رفضت بحجة أنها وثائق مزوّرة. فسافر الصحافي الكولومبي مقتفيا آثار فانونو في لندن، وقدّم ما لديه من صور لصحيفة «صاندي ميرور» مرفقة بصورة لفانونو كان قد التقطها له في أستراليا.


بعد ساعات فقط استطاع نيكولا ديفيس، رئيس التحرير، العثور على فانونو والصحافي في مجلة «صانداي تايمز» برفقته. قام بإخطار ماكسويل، صاحب إمبراطورية الصحافة البريطانية، الذي اتصل بدوره هاتفيا في الحال برئيس الموساد «ادموني».


ألغام نووية للجولان

أخدت صحيفة «الصنداي تايمز» قصة فانونو على محمل الجد، وبدأ الإسرائيليون يفكرون بالرد، وأوفد الموساد إلى لندن أحد الذين تعوّد الاعتماد عليهم في الأزمات الصعبة المدعو آري بن ميناش، الذي روى فيما بعد للصحافي الأميركي سيمور هيرش ما يلي:


«نجح نيكولا ديفيس بإقناع جيريرو بلقاء صحافي أميركي - بن ميناش - وعرض الصحافي الكولومبي أثناء اللقاء عدة صور كان فانونو قد التقطها. كان لا بد من أن يقوم الخبراء الإسرائيليون بتفحصها. فشرحت له أنني بحاجة لنسخة عنها لمعرفة قيمتها قبل الدفع».


أرسلت النسخ المسلّمة فورا إلى إسرائيل حيث أكد عدد من الرسميين العاملين في مفاعل الديمونة أنها تخص فعلا مختبر ماخون-2. وكانت إحدى الصور تبيّن القاعة التي جرى فيها تصنيع الألغام النووية التي كان يفترض وضعها في الجولان على الحدود السورية. وبالتالي لم يكن هناك أي مجال للتشكيك بمصداقية فانونو، ويكفي لأي فيزيائي نووي أن يحدد بلحظة عين عمل منشأة من هذا الطراز.


استدعى شيمون بيريز، رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، كبار المسؤولين في الحكومة والموساد لمعالجة الأزمة. كان المطلوب أولا معرفة كيف حصل فانونو على الصور وهل كان وحده أم مع آخرين. وفي لندن فهمت «الصنداي تايمز» أن إسرائيل مستعدة لفعل أي شيء من أجل نزع مصداقية فانونو، ولذلك واجهته مع الدكتور فرانك بارنابي، الخبير النووي فوق الشبهات، الذي أكّد صحة صور ووثائق التقني الإسرائيلي.


التقى بن ميناش من جديد مع ماكسويل الذي قال له بوضوح إنه يعرف ما ينبغي عمله وأنه قد تحدث مع مدير الموساد. وفي اليوم التالي نشرت في «الصنداي ميرور» صورة كبيرة لمردخاي فانونو مرفقة بمقال أثار جنون فانونو والصحافي الكولومبي - الذي وصفه المقال أنه كذّاب ومحتال- ووصف اتهاماتهما أنها مجرد هراء مبتذل، كان ماكسويل هو الذي أملى المقال وأشرف على مكان نشر صورة فانونو. كانت حملة التضليل الإعلامي قد انطلقت.


بعد نشر المقال تمت تعبئة جميع المتعاونين مع الموساد في لندن للبحث عن مكان فانونو. وتلقى العشرات من المتطوعين اليهود قوائم الفنادق المطلوب الاتصال بها.


وفي كل مرة كان المتحدّث يطلب من العاملين في الفندق إذا كان بين النزلاء أحد بمواصفات فانونو - كما نشرتها المجلة البريطانية- لأنه من أقاربه ويرغب اللقاء به. وبتاريخ 25 سبتمبر وصل إلى علم ادموني أنه قد جرى تحديد مكان تواجده. وبالتالي ينبغي الانتقال إلى المرحلة التالية.


أقدم مهنتين


من المعروف أن العلاقة بين التجسس والجنس قديمة قدم الجاسوسية نفسها، إنهما أقدم مهنتين في التاريخ. وجهاز الموساد يعرف جيدا استخدام الجنس كطعم، وهذا ما عبّر عنه مائير أميت بالقول: «إنه سلاح فعّال. فالمرأة تملك مواصفات لا يمتلكها الرجل. إنها تعرف كيف تستمع. والأسرار تصل إلى أذنيها بشكل طبيعي.


ثم إن تاريخ الاستخبارات الحديثة زاخر بقصص النساء اللواتي استخدمن سحرهن من أجل خدمة بلادهن.. لكن نساءنا شجاعات ويعرفن مخاطر ذلك. وهذا العمل يتطلب شجاعة خاصة، إذ ليس المقصود هو مضاجعة رجل وإنما أن يُدخل في روعه استعداد المرأة لفعل ذلك إذا قدّم لها بعض الأسرار».


اختار ناحوم ادموني كطعم يجذب فانونو شيريل بن توف ابنة أسرة يهودية غنية في أورلاندو بفلوريدا. كان أبواها قد طلّقا فمالت هي إلى التدين وقدمت إلى إسرائيل حيث تزوجت من أوفر بن توف الذي يعمل في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. ويوم العرس تحدث معها أحد ضباط الموساد عن المستقبل وانتهت عميلة له.


كان قد تمّ تحديد مكان وجود فانونو وكان عليها أن تجذبه إلى خارج بريطانيا. لقد قدّمت نفسها له كسائحة أميركية تقوم برحلة في أوروبا بعد قصة طلاق مؤلمة. ووصفت قصة طلاق والدتها ووالدها على أنها قصتها الشخصية ثم أضافت أن لها أختا في روما، كما زعمت. كان الهدف النهائي لمهمتها هو أن تجذب فانونو إلى العاصمة الإيطالية.


وفي 23 سبتمبر 1986 انضمت إلى فريق من تسعة عملاء كانوا يعملون في لندن تحت أمرة مدير عمليات الموساد بيني زيفي. حذّر صحافيو «الصنداي تايمز» فانونو من أن اللقاء مع الأميركية الجميلة يبدو صدفة مدروسة وليس عفوية.


كان قلبه قد مال لها ولم يعد يسمع صوت العقل، إذ أصرّ على الاتفاق معها على لقاء بعيد عن الأنظار في روما وفي منزل «أختها».


وصل «بيني زيفي» وأربعة آخرون من عملاء الموساد على نفس الرحلة من لندن إلى روما برفقة شيريل وفانونو. استقل الاثنان سيارة أجرة للذهاب إلى شقة في روما حيث كان ينتظرهم ثلاثة من عملاء الموساد. لقد قيدوا فانونو وزرقوه بمادة مشلّة. وصلت في الليل سيارة إسعاف لنقل «المريض» واخترقت روما باتجاه الجنوب حيث كان طراد ينتظر فانونو كي ينقله إلى حيفا.


بقي فانونو إحدى عشرة سنة في زنزانة منفردة حتى السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين. كانت ظروف اعتقاله شديدة الصعوبة، لكن إسرائيل خففت منها عام 1998 أمام ضغط دولي قوي ودافعت عنه منظمة العفو الدولية واسهبت الصاندي تايمز بالحديث عن وضعه المؤلم خاصة أنه لم يتقاض منها أي مبلغ مقابل السبق الصحافي الذي سلمه لها.


الخلاص من ماكسويل


في لندن هدد روبرت ماكسويل، كما فعل غالبا في الماضي، بأنه سيقدم شكوى قضائية ضد كل من يتجرأ ويعيد ما كتبه الصحافي بن ميناش من أقوال ضده. ولم يتجرأ أي ناشر بريطاني أن يتحدى صاحب إمبراطورية الصحافة ولم تمتلك أية صحيفة شجاعة أن تطلب من صحافييها استقراء الاتهامات الموجودة في الكتاب.


كان ماكسويل، مثل بن ميناش سابقا، على اقتناع بأنه محمي لسبب بسيط أنه كان «يطير» لحساب الموساد. ولم يكن يتردد في تكرار القول أنه كان هو أيضا يعرف «مكان وجود الجثث»، وكان جهاز الموساد يدرك تماما ماذا يريد قوله.


ما يؤكده المؤلف هو أن روبرت ماكسويل، الذي كان قد صرف من الخدمة أحد الصحافيين العاملين معه لأنه بالغ قليلا في فاتورة مصاريفه، كان هو نفسه يختلس سراً أموال هؤلاء العاملين كي يساعد أصدقاءه في الموساد.


وكان هو شخصيا الذي ينظم عملية السرقة تلك عبر مجموعة من عمليات التزوير المالية وعبر المرور بعدة بنوك وصولا إلى حساب خاص للموساد في بنك إسرائيل بتل أبيب. لذلك كان يتم الاحتفاء بماكسويل في إسرائيل وكأنه رئيس دولة.


لكن الموساد، وعلى قاعدة معرفته بالشهية الجنسية لدى «إمبراطور» الصحافة البريطانية، كان يقدم له في كل مرة عاهرة مدفوعة الأجر من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي مع الاحتفاظ بأشرطة فيديو ل«الابتزاز» إذا دعت الضرورة.


وكان عميل الموساد السابق ما بين 1984 و1986 فكتور أوستروفسكي، اليهودي المولود في كندا، قد كشف حقيقة أن «الموساد قد موّل العديد من العمليات في أوروبا من الأموال التي اختلسها ماكسويل من مرتبات موظفيه».


وما أكّده اوستروفسكي، وآخرون، هو أن الموساد رأى بعد سنوات من الخدمات والأموال التي قدمها روبير ماكسويل له ولإسرائيل انه قد أصبح خارج إطار السيطرة بل و«خطير».


وذلك في الوقت الذي كانت مصلحة الضرائب قد بدأت بتحقيقات حول سلوكه المالي مع موظفيه، كما كان البرلمان ووسائل الإعلام قد اعتبروا أن هناك علامات استفهام حول ثروته.


وأدّى هذا كله إلى تعرضه لأزمة مالية حقيقية فطالب الموساد بأن يعيد له مبالغ كان قد «أقرضها» له وإلا فقد يكشف عن اللقاء الذي جرى في يخته ببحر الأدرياتيكي بين رئيس الموساد «ادموني» وفلاديمير كريشكوف، الرئيس السابق لجهاز كي.جي.بي السوفييتي لحبك مؤامرة ضد غورباتشوف.


وكان الموساد قد وعده باستخدام نفوذه لدى الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية الرئيسية للاعتراف ب«النظام الجديد» في روسيا في حالة نجاح الانقلاب - الذي فشل- وبالمقابل وعد كريشكوف بتسهيل هجرة جميع اليهود في الاتحاد السوفييتي إلى إسرائيل.


في تلك اللحظة، وكما يؤكد أوستروفسكي «اجتمع الجناح اليميني في الموساد في إطار لجنة مصغّرة وقرر الخلاص من ماكسويل». وإذا كان هذا التأكيد دقيقا - لم تكذبه إسرائيل أبدا بشكل قاطع- فإنه لا يبدو من المعقول أن تتصرف تلك «اللجنة المصغّرة» من دون موافقة أعلى المستويات، بل ربما الموافقة الشخصية لرئيس الوزراء آنذاك إسحق شامير.


وزاد من تعقيد الأمر نشر كتاب في ذلك السياق للصحافي الأميركي سيمور هيرش عن «إسرائيل وأميركا القنبلة»، والذي تعرض لموضوع دخول إسرائيل إلى نادي القوى النووية. وقد قدّم هيرش العديد من البراهين على وجود روابط جديدة بين ماكسويل والموساد وخاصة الطريقة التي غطت فيها مجموعة «الميرور» قضية فانونو.


ويؤكد اوستروفسكي أن خطة الموساد للخلاص من ماكسويل كانت تتعلق بقدرته على جذبه بعيدا عن بريطانيا حيث يمكن لعملاء الموساد أن يضربوا ضربتهم.


وبتاريخ 29 أكتوبر 1991 تلقى ماكسويل اتصالا هاتفيا من عميل للموساد في السفارة الإسرائيلية بمدريد يدعوه فيها للقدوم إلى إسبانيا في اليوم التالي ووعده بإيجاد تسوية. وطلب منه التوجه إلى جبل طارق ثم يأخذ يخته ويأمر قبطانه بالتوجه نحو جزر الكاناري و«ينتظر رسالة».


وقد اقترف ماكسويل خطأ قبول الدعوة.

وفي 30 أكتوبر وصل أربعة إسرائيليين إلى مرفأ الرباط في المغرب وقدّموا أنفسهم كسائحين من هواة الصيد البحري. هكذا استأجروا مركبا لمواجهة أمواج الأطلسي واتجهوا صوب جزر الكاناري.


وفي 31 أكتوبر، بعد رسو اليخت في مرفأ سانتا كروز، تناول «إمبراطور» الصحافة البريطانية طعام العشاء وحيدا في فندق «مينسي». وعندما انتهى اقترب منه رجل لفترة قصيرة، لم تُعرف هويته ولا ما قال له. لكن ماكسويل عاد مباشرة إلى اليخت وطلب من قبطانه أن يرفع المرساة. وبقي المركب في البحر طيلة ستة وثلاثين ساعة بعيدا عن الشاطئ.


كتبت مجلة «بزنس ايج» البريطانية تحت عنوان «كيف ولماذا اغتيل روبير ماكسويل» إن قاتلين قد صعدا إلى اليخت بعد أن وصلا إليه بواسطة قارب مطاطي بمحرك. ووجدا ماكسويل على ظهر اليخت فقيّداه و«وحقنه أحدهما بفقاعة هواء مات بعدها خلال عدة ثوان فقط». وحددت المجلة القول إن جثته قد ألقيت بعد ذلك في البحر ولم يتم اكتشافها إلا بعد إحدى عشرة ساعة مما أخفى آثار الحقن.


جسور إلى الفاتيكان


إن مؤلف هذا الكتاب يتوقف طويلا عند علاقة الموساد بالفاتيكان، ويؤكد بداية أن جميع رؤساء وزراء إسرائيل أبدوا إعجابهم الكبير بمفهوم البابوية، وذلك على اعتبار أن البابا يمثل سلطة روحانية وسياسية لا تقدم حسابا لأحد وليست خاضعة لمساءلة أية سلطة قضائية أو تشريعية. ثم إن الفاتيكان هو عالم محاط بالسرية التي تحكم آليات عملها من أبسطها إلى أكثرها تعقيدا.


وكان رؤساء الموساد جميعهم قد تساءلوا عن كيفية التمكن من رفع الغطاء عن هذا العالم «المجهول»، لكن جميع المحاولات التي قامت بها الحكومات الإسرائيلية والأجهزة السرية لإقامة علاقات جيدة مع الفاتيكان باءت بالفشل.


وبقيت السياسة الخارجية للحبر الأعظم تتحدث عن «الأراضي المحتلة» في الضفة الغربية وقطاع غزّة وعن هضبة الجولان باعتبارها أرضاً سورية ضمّتها إسرائيل. وكان الكرادلة والقساوسة يتحفظون في تصريحاتهم حول هذا الموضوع على خلفية اعتقادهم أن إسرائيل قد نشرت جواسيسها في كل مكان من أجل رصد حركاتهم وسكناتهم.


لكن الأمر تغيّر بعد وصول يوحنا بولس الثاني إلى منصب البابوية عام 1978 وأصبحت لإسرائيل مكانة دبلوماسية حقيقية في الفاتيكان. وكان سابقه بولس السادس قد استقبل غولدا مائير عام 1973 دون أن يؤدي ذلك إلى تغير جوهري في سياسة الفاتيكان التي استمرت بالمطالبة في قيام دولة فلسطينية مستقلة.


وفي ظل رئاسة رونالد ريغان للولايات المتحدة الأميركية تعززت كثيرا العلاقات بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والبابا يوحنا بولس الثاني وتكررت زيارات «وليم كيسي» رئيس الوكالة آنذاك، إلى الفاتيكان. وقد عبّر ريتشارد آلن الكاثوليكي والمستشار الأول للأمن القومي لدى رونالد ريغان عن قوة تلك العلاقة بالقول:


«ترمز العلاقات بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والبابا إلى أحد أروع التحالفات في جميع الأزمنة. وكان ريغان على اقتناع كبير بأنهما، هو والبابا، سيغيران وجه العالم». وفي الوقت نفسه لم تنس وكالة الاستخبارات المركزية أن تضع أجهزة للالتقاط والتنصت في مكاتب كرادلة وقساوسة أميركا الوسطى المؤيدين لما سمي ب«لاهوت التحرير».


طلب ناحوم ادموني، مدير الموساد، من صديقه الكسندر هيغ، وزير الخارجية الأميركي الأسبق، تزويده بنسخة عن الدراسة النفسية التي أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للبابا يوحنا بولس الثاني.


لقد ركزت الصورة (النفسية) المرسومة له على أنه ورع جدا دينيا لكنه شديد الغضب أحيانا ويمكن أن يفقد برودة أعصابه، ويتحلّى بحس جيوسياسي كبير وقد يحصل ويكون متشددا مثل أي دكتاتور. وينتهي التقرير الأميركي إلى القول أن يوحنا بولس الثاني «ضليع جدا في ميدان السياسة ويرغب في لعب دور على الصعيد العالمي».


توصل ادموني وقيادة الموساد إلى الاقتناع بأن الاستخبارات الأميركية قد أقنعت البابا بأن محاولة اغتياله من قبل التركي محمد علي أقجا بتاريخ 13 مايو 1981 كان من تدبير السوفييت. فقرر الإسرائيليون لعب ورقة «فرّق تسد» وذلك عبر تقديم رواية أخرى لمحاولة اغتيال البابا وأن إيران كانت وراءها».


جوازات السفر المفقودة


لكن تبقى أوروبا إحدى ساحات النشاط الرئيسي لعملاء الموساد إلى جانب الولايات المتحدة. وذات يوم من أيام يوليو 1986 عثروا على كيس بلاستيكي في إحدى مقصورات الهاتف بشارع في مدينة بون الألمانية.


لحظته دورية للشرطة فوقفت لمعرفة ما فيه. لقد وجدت ثمانية جوازات سفر بريطانية غير مستخدمة جرى تسليمها للسفارة البريطانية. حامت الشكوك حول الفلسطينيين والجيش الجمهوري الإيرلندي لكن جهاز مكافحة الجاسوسية البريطاني ركّز شكوكه على جهاز واحد يمكنه أن يصنع بمثل تلك الدقة جوازات السفر التي تبيّن أنها مزورة، وهو جهاز الموساد.


نفى ناحوم ادموني ذلك وأشار إلى إمكانية أن تكون الأجهزة السرية الألمانية الشرقية - ستازي- قد شرعت ببيع جوازات سفر مزوّرة لليهود الراغبين في السفر إلى إسرائيل، مع ذلك «كان ادموني يعرف جيدا أن تلك الجوازات كانت من صنع مزوري الموساد وأنه كان مفترض منحها لعملائه من أجل تسهيل دخولهم وخروجهم من بريطانيا».


وذلك رغم «التفاهم» الذي كان قد تمّ الوصول إليه بين الموساد والاستخبارات الخارجية البريطانية ونصّ على إطلاع البريطانيين على كل العمليات الإسرائيلية في بريطانيا.


ولم يتردد الموساد في إدخال بعض عملائه سرا إلى لندن في أفق القيام بعمليات اغتيال للفلسطينيين وكبح الجهود التي كان ياسر عرفات يقوم بها من أجل ربط صلات مع حكومة مرجريت تاتشر التي كانت «بدأت بالاقتناع شيئا فشيئا أن الرجل كان قادرا على المساهمة في إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يعترف بنفس الوقت بالحق المشروع للشعب الفلسطيني بأرضه وبحق الأمن بالنسبة لإسرائيل».


رأى شيمون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أن قضية جوازات السفر المزورة تلك قد تخرّب العلاقات مع حكومة تاتشر وقال إنه من الأفضل لعب ورقة الصراحة إذ «بمقدار ما يتم الاعتراف مبكرا بالخطأ يمكن تسوية الأمور بسرعة».


رفض ادموني الفكرة، ذلك أنها ستقود جهاز مكافحة الجاسوسية وسكوتلانديارد إلى التحقيق حول نشاطات الموساد في بريطانيا. وقد يؤدي ذلك إلى الكشف عن عميل سري كان يرى به الموساد «منجما للمعلومات». هذا فضلا عن الاعتراف أن الموساد مؤهل للقيام بمثل تلك الأعمال المشبوهة.


كانت تلك الجوازات مرسلة للسفارة الإسرائيلية في بون وكان يحملها عميل مبتدئ ولا يعرف العاصمة الألمانية جيدا. بعد الدوران كثيرا في الشارع دخل إلى المقصورة الهاتفية لإخطار السفارة الإسرائيلية أنه قد ضلّ العنوان تماما، ونسي هناك الجوازات. كلّفت تلك القضية ناحوم ادموني منصبه إلى جانب قضية الجاسوس اليهودي الأميركي جوناثان بولارد خلفه في إدارة الموساد «شابتاي شافيت» وورث عنه عواقب الفشل.


لم تشهد فترة «شافيت» على رأس الموساد الكثير من «الإنجازات» وذات يوم من ربيع عام 1996 استدعاه بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء آنذاك، إلى مكتبه وقال له باختصار إنه «معزول»، وعندما سأله من سيخلفه؟ أجاب: داني ياتوم.


كان ياتوم هذا صديقا حميما لبنيامين نتانياهو منذ فترة طويلة لكن علاقتهما تدهورت عندما فشلت محاولة اغتيال أحد قادة حماس الرئيسيين، أي خالد مشعل.


وزادت العلاقة سوءاً بعدما تكشّف في عام 1997 أن أحد ضباط الموساد الكبار «يهودا جيل» الذي كان يعمل في الجهاز منذ 20 سنة قد «اخترع» تقريرا مختلقا من ألفه إلى يائه بالاعتماد على جاسوس «وهمي» موجود في دمشق حول استعداد سورية للهجوم على إسرائيل، وحيث تقاضى ذلك الضابط أموالا طائلة من «الصندوق الأسود» للموساد بناء على وظيفة وتقرير مزورين.


لكن بالمقابل وجّه الموساد نشاطاته صوب إفريقيا، حيث قدّم معلومات للمتمردين في زائير بقيادة لوران ديزيري كابيلا لقلب نظام موبوتو، وعزز علاقاته مع الأجهزة السرية في جنوب إفريقيا، وفي أميركا نجح بإيصال أحد عملائه إلى أعلى دوائر إدارة كلنتون.


كما كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. لكن هذا كله لم يمنع من عزل داني ياتوم من إدارة الموساد ليخلفه «افراييم هاليفي» يوم 5 مارس 1998. وتحول ياتوم مباشرة للعمل في ميدان صناعة السلاح الإسرائيلية.


وفي الوقت نفسه الذي عيّن فيه نتانياهو افراييم هاليفي مديرا للموساد أصدر قرارا آخر هو ان نائبه اميرام لوفين سيخلفه في 3 مارس 2000. كانت تلك هي المرّة الأولى في تاريخ الموساد التي يتم فيها تعيين مدير لمدة محددة كي يخلفه بعد ذلك نائبه.








التاريخ السري للموساد ـ الحلقة «الأخيرة»

داجان لمساعديه: اقتلوا بكل الوسائل وفي جميع الاتجاهات


تأليف :غوردون توماس



مع ختام هذا الكتاب يضع مؤلفه يدنا على ثلاثة موضوعات رئيسية أولها استمرار جهود التجسس الإسرائيلية على أميركا بعد سقوط الجاسوس جوناثان بولارد، وثانيها مؤشرات تورط الموساد في مصرع الأميرة ديانا.


وثالثها وأكثرها أهمية دور الموساد في العراق قبل سقوط نظام صدام حسين وبعده ليصل في الختام إلى طرح مجموعة بالغة الاهمية من علامات الاستفهام التي لا تزال تنتظر الإجابة عنها واجه العالم وجميع الأجهزة السرية واقعا جديدا بعد أكبر عملية تفجيرات يوم 11 سبتمبر 2001.


يقول مؤلف هذا الكتاب إنه على الرغم من الأطنان من المقالات والكم الكبير من الكتب المكرّسة لهذا الحدث في جميع أنحاء المعمورة يبقى هناك سؤال لا يزال من دون إجابة وهو: «ماذا كان يعرف الموساد قبل الأحداث التي أدت إلى تدمير برجي التجارة الدولية في واشنطن وانهيار البنتاغون جزئيا؟».


ويضيف: «إن بعض الضباط الكبار الذين كانوا يعملون في قسم العمليات بقيادة الموساد كانوا قادرين على الإجابة بعد مرور عام». ويشير المؤلف أنه قبل ثلاث سنوات من تفجيرات 11 سبتمبر 2001 أعدّت لجنة بقيادة نائب الرئيس الأميركي آنذاك آل غور تقريرا طالبت فيه بزيادة سريعة في الميزانية المكرّسة لأمن المطارات.


ويؤكد في هذا السياق أن جهاز الموساد قدّم العديد من المعلومات لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والجهات الحكومية الأميركية لكن جرى إهمالها من قبل إدارة بيل كلنتون وخلفه جورج دبليو بوش.


أُثيرت أسئلة كثيرة بعد 11 سبتمبر حول أسباب قلّة عدد جواسيس الاستخبارات الأميركية في منطقة حساسة مثل الشرق الأوسط؟ ولماذا التركيز فقط على الرقابة الإلكترونية؟


ومن المعروف أن وكالة الأمن القومي الأميركي هي أقوى جهاز للتجسس في العالم، إذ أنها تستطيع انطلاقا من مقرها الرئيسي في ولاية ماريلاند التجسس على جميع المكالمات الهاتفية في العالم بواسطة أجهزة الكترونية متقدمة جدا.


وحواسيبها الضخمة تسجل أسماء المشبوهين والكلمات الحساسة وأرقام الهواتف والعناوين الإلكترونية في العالم. ويتم بعد ذلك تحضير «قوائم مراقبة» مشفّرة يتم إرسالها عبر خطوط هاتفية محميّة إلى جميع هيئات الاستخبارات الأميركية.


لا أحد يعرف بالدقة كلفة عملية المراقبة هذه، لكن الكل يجمع على أنها تتجاوز عدة مليارات من الدولارات كل سنة. وتتمثل نقطة الضعف الكبيرة لهذا النظام في عدم الإلمام الكامل بمختلف اللغات في العالم.


ولا يكفي في نهاية المطاف إعداد قوائم وإنما ينبغي أيضا معرفة حل ألغازها. والإنسان وحده قد يكون قادرا على فهم أي حديث داخل سياقه ويعرف أدق التفاصيل التي قد تخفي حتى على أكثر أنظمة الرقابة الإلكترونية تقدما.


مغامرات طلبة الفن

في 9 مايو 2001 اقترب شابان بسيارتهما من موقع حراسة زتولك فيلدس، إحدى القواعد الجوية التابعة للحرس الجوي الوطني الأميركي، والتي كانت تضم داخلها متحفا صغيرا للطيران. كان حشد كبير من الزائرين بأتي كل عام لزيارة هذا المتحف.


وعندما طلب الحرس من الشابين إبراز هويتهما الشخصية أخرجا جوازي سفر إسرائيليين. وقدّما نفسيهما على أنهما طالبان في دراسة الفنون بجامعة القدس. سُمح لهما بالدخول لكن ضُبطا وهما يصوران الطائرات وقالا عندما جرى توقيفهما أنهما كانا يجهلان أن التصوير كان ممنوعا.


أرسلت القيادة العسكرية للمنطقة تقريرا لوزارة الدفاع الأميركية التي أرسلته بدورها إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي. كانت المفاجأة كبيرة عندما عُلم أن «طلابا» إسرائيليين يدرسون «الفن» قد قاموا بأعمال شبيهة في العديد من الولايات الأميركية الأخرى.


طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي من السفارة الأميركية في إسرائيل التحقق من حكاية «طلبة الفن» هؤلاء، وكانت الإجابة هي أن «جامعة القدس» غير موجودة أصلا، وأقرب هيئة علمية منها قد تكون الجامعة العبرية، ولكن أسماء «الطلبة» المعنيين ليست موجودة في قوائمها. واكتشف الأميركيون، بعد التحقيق، أن الهواتف النقالة التي كانت مع «الطلبة» اشتراها دبلوماسي إسرائيلي في واشنطن قبل أن يعود إلى تل أبيب.


اتصل جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بأفراييم هاليفي، مدير الموساد مستوضحا، فأكد له الإسرائيلي أنه ليس هناك أية عمليات جارية آنذاك. «لقد كان يكذب».


كما يؤكد مؤلف هذا الكتاب، إذ كانت تلك العملية من بنات أفكاره. وأن «طلبة الفنون» لم يكونوا سوى طلبة في السنة الأخيرة من مركز تدريب الموساد كان قد جرى اختيارهم للقيام بمهمات في الولايات المتحدة الأميركية. ولم تكن تلك هي المرّة الأولى التي يتم فيها إرسال طلبة للتدرب على مثل تلك المهمات.


جرت تسريبات للصحافة، وكانت المقالات الأولى بعيدة تماما عن الواقع إذ أجرى الحديث عن «طلبة في الفن قدموا من الشرق الأوسط» وأنهم «يتحدثون اللغة العربية»، بل وجرى التأكيد أنهم ينتمون إلى «منظمة إرهابية مجهولة». وكان صحافي التحقيقات المعروف كارل كاميرون هو أول من أشار إلى أن جهاز الموساد قد يكون وراء تلك العملية.


لقد تحدث هذا الصحافي عن ذلك عبر قناة فوكس نيوز الأميركية وجوبه مباشرة بحملة عنيفة من اللوبي اليهودي في واشنطن وعلى رأسه لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية ذات الباع الطويل لدى الكونجرس وفي أوساط الاستخبارات وحتى لدى البيت الأبيض.


وعندما أطلقوا الرشقة الأولى على كاميرون أكّد في مقال آخر أن العديد من الإسرائيليين قد أخفقوا عندما تعرضوا لجهاز الكشف عن الكذب عندما سئلوا عن احتمال مراقبة النشاطات الأميركية.


وكتبت صحيفة «لوموند» في باريس أن شبكة واسعة للتجسس الإسرائيلي جرى الكشف عنها في الولايات المتحدة، وهي أكبر عملية من هذا النوع منذ عام 1985 عندما ضُبط جوناثان بولارد وهو يبيع معلومات سرية للغاية إلى جهاز الموساد.


ضاعف اللوبي اليهودي في أميركا من شراسته. ووجه اليكس سافيان، أحد مدراء لجنة دقة المقالات حول الشرق الأوسط في أميركا، الموالية لإسرائيل، للصحافي كاميرون تهمة أن له مشكلة شخصية حيال إسرائيل. فهو ترعرع في الشرق الأوسط (...). ومن الممكن أن يكون متعاطفا مع العرب.


فأجاب كاميرون: لقد عشت وترعرعت في إيران خلال عدة سنوات ذلك أن أبي كان يعمل في حقل الآثار. فهل هذا يجعل مني مناهضا لإسرائيل؟. كانت في الواقع تلك هي المرّة الأولى التي يجد كاميرون نفسه متهما بالتحيّز في أحد تحقيقاته.


وجاء على لسان مايكل ليند، أحد أهم أعضاء المؤسسة الأميركية الجديدة - هي مختبر للأفكار- ورئيس التحرير السابق لصحيفة ناشيونال انتيرست قوله: عندما يتعلق الأمر بضباط متخصصين في الشؤون الخارجية أو بتطبيق القانون أو بمسائل عسكرية، يبدو أنه من المستحيل المساس بإسرائيل من دون التعرض للتشهير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مثل القول بالموالاة للعرب.


وأخيرا، عندما كان طلبة الفن في طائرة تابعة لشركة العال تقلهم في طريق العودة إلى تل أبيب، اختفى كل أثر للتحقيق الذي قام به كارل كاميرون من موقع الانترنت التابع لقناة فوكس نيوز الأميركية.


ووضع مكانه تنبيها يقول إن هذه القضية قد حظر الإطلاع عليها، وصرح ناطق رسمي باسم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لقد طوينا الصفحة حول هذا التحقيق. وبعد فترة قصيرة أقصى أفراييم هاليفي عن إدارة الموساد.


تحذير لأميرة القلوب

كان هاليفي قد ترك ذكرى أخرى مثيرة من فترة إدارته للموساد، إذ كان قد قرر إعادة دراسة ملف وفاة الأميرة ديانا ودودي الفايد في باريس. وبعد قراءته للملف الأول للموساد حول الحادث طلب من موريس العميل الإسرائيلي الذي شارك في تجنيد هنري بول، سائق السيارة التي تعرّضت للحادث القاتل، تقديم محضر عن اليوم الأخير لديانا ودودي.


ويؤكد الذين قرأوا هذا المحضر الجديد أنه يحتوي على العديد من الأقوال الدقيقة الجديدة بالقياس إلى الملف الأصلي للموساد؛ مثل القول أن محمد الفايد، والد عماد - دودي- كان مسكونا باستمرار بفكرة أن ديانا كانت حاملاً وأن المخابرات الأميركية والبريطانية والفرنسية كانت تراقب الثنائي العاشق منذ وصولهما إلى باريس.


ويشير المحضر أيضا إلى عدة محادثات هاتفية تضمنت احداها إنذارا من الحارس الشخصي لديانا، العامل سابقا في سكوتلانديارد، يقول لها انتبهي. ويركز تقرير موريس الجديد كثيرا على سيارة الفيات اونو البيضاء التي كانت تقف بالقرب من فندق ريتز.


وقد أكّد عدد من المصوّرين الصحافيين بعد ذلك أنها كانت تعود لجيمس اندرسون الذي تخصص بالتقاط صور لديانا وكسب من ذلك ثروة كبيرة. لكن موريس يؤكد أن اندرسون لم يكن موجودا تلك الليلة.


ويتحدث موريس عن سيارة فيات اونو بيضاء لاحقت بجنون السيارة المرسيدس التي كان يستقلها دودي وديانا ويقودها بول هنري. وبعد فترة من الحادث عُثر على سيارة من الطراز نفسه في مرآب لتصليح السيارات في باريس وقد أُعيد دهنها منذ فترة وجيزة باللون الأزرق.


وعندما كشطوا الدهان اكتشفوا أن لونها في الأصل هو الأبيض. لكن لم يذهب رجال الشرطة بعيدا في التقصّي بهذا الاتجاه. فهل كانوا يظنّون أن الأمر لا يتعلق بالسيارة التي يبحثون عنها؟


في هذه الحالة، لماذا لم يذهبوا إلى مقبرة للسيارات المحطّمة كانت موجودة في إحدى ضواحي باريس حيث كانت توجد سيارة فيات اونو بيضاء اللون محطمة إلى درجة لا يمكن التعرف عليها، كانت قد تعرّضت لحادث بعد عدة ساعات من الحادث القاتل لديانا ودودي تحت نفق ساحة آلما بباريس؟


وجاء في محضر موريس قوله حرفيا: بعد أقل من أربع ساعات من وقوع الحادث طار جيمس اندرسون فجأة إلى كورسيكا. لم يكن هناك أي سبب مهني يدفعه للقيام بذلك.


ولم تكن هناك أية شخصية شهيرة في الجزيرة آنذاك. وفي مايو عام 2000 وُجدت سيارة محروقة في غابة بالقرب من مدينة نانت، وكان السائق محروقا بداخلها. وأظهرت فحوص الحمض النووي أن الجثة هي جثة جيمس اندرسون.


فلماذا ذهب اندرسون إذن إلى كورسيكا؟ هل من أجل تلقي مبلغ مالي كبير مقابل إعارته سيارته الفيات اونو البيضاء لأحدهم؟ لكن لمن؟ ما يقوله محمد الفايد هو أن سيارة اندرسون قد أُعيرت واستخدمت من أجل إرغام هنري بول على فقدان سيطرته على السيارة المرسيدس.


لكن هناك الكثير من الأسئلة الأخرى، مثل لماذا الإهمال الكبير في تحقيق الشرطة حول موت اندرسون؟ ولماذا لم تحاول معرفة أسباب سفره إلى كورسيكا والتفتيش بدقة في حساباته المصرفية؟ بكل الحالات لم يتم التحقيق عمّا إذا كان قد وضع مبلغا كبيرا من المال في أحد حساباته بعد الحادث.


ربما أن هاليفي لن يقول أبدا ما لديه حول هذه القضية. كان قد وصل من دون ضجيج إلى رئاسة الموساد وغادره بالطريقة نفسها، ليحل محله مائير داجان الذي كان قد شارك في قمع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1991.


لقد اختاره أرييل شارون الذي ربطته به صداقة حميمة بعد مشاركتهما معا في عمليات القمع ضد الفلسطينيين في لبنان، ومنذ اللحظات الأولى لاستلامه منصبه الجديد كانت تعليماته لعملائه واضحة وهي: اقتلوا بكل الوسائل... وبكل الاتجاهات.


ما بعد صدام .


في يناير 2003 كانت إدارة جورج دبليوبوش على أهبة الاستعداد للقيام بهجوم على العراق، وفي ذلك الوقت الذي كانت تدق طبول الحرب قال الرئيس الأميركي لبعض المقرّبين منه أنه يتهيأ لرفع المنع المفروض على وكالة الاستخبارات المركزية من اغتيال صدام حسين.


وكانت قرارات المنع تلك التي أصبح ممنوعاً بموجبها على الوكالة قتل أي رئيس دولة تعود إلى الفشل الذريع الذي كانت قد عرفته محاولة اغتيال الزعيم الكوبي فيدل كاسترو خلال سنوات السبعينات.


لم يتم إلغاء تلك القرارات رسميا أبدا بشكل رسمي، لكن في تلك الأيام الأولى من عام 2003 كان المحافظون الجدد الذين يحيطون بالرئيس بوش - وكان أغلبهم قد عمل مع بوش الأب - يرفعون الأنخاب للاحتفال بالموت القريب لصدام حسين.


وكان دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي، قد صرّح بأنه يحق شرعيا للولايات المتحدة اغتيال أي إنسان كان قد ساهم من قريب أو بعيد بالتحضير لتفجيرات 11 سبتمبر؛ ثم أضاف رامسفيلد قوله أن جرما آخر يقع على كاهل صدام وهو تخزينه لأسلحة الدمار الشامل.


ويشير مؤلف الكتاب هنا إلى أن كولن باول، وزير الخارجية، وجورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والمحللين قد ذكّروا بإلحاح أنه ليس هناك ما يثبت بطريقة قاطعة أن لصدام روابط مع تفجيرات سبتمبر أو أنه يمتلك أسلحة الدمار الشامل، وكان رامسفيلد يجيبهم باستمرار بأن مصادر معلوماته تفيد غير ذلك.


اكتشف عميل الموساد المقيم في السفارة الإسرائيلية بواشنطن أن المصدر الرئيسي الذي يزود رامسفيلد بالمعلومات هو أحمد الجلبي الذي كان قد ساهم في إنشاء المؤتمر الوطني العراقي. ويؤكد مؤلف هذا الكتاب أن أحمد الجلبي كان أحد مخبري الموساد في العراق بعد وصول صدام حسين إلى السلطة عام 1979.


وكان مدينا بمئات الملايين من الدولارات للذين أودعوا أموالهم في البنك الذي عمل بإدارته. وكان الموساد قد نجح في سحب ودائعه منه قبل إفلاسه. وبعد فترة وجيزة وجّه محمد سعيد النابلسي، مدير البنك المركزي الأردني، تهمة للجلبي بتحويل 70 مليون دولار إلى حساب خاص باسمه في أحد البنوك السويسرية.


وصل الجلبي إلى واشنطن لحظة انتخاب جورج دبليو بوش رئيسا للولايات المتحدة الأميركية. ولم يكن حتى حرب الخليج الأولى سوى أحد الكثيرين من أمثاله الذين يبحثون عن مصالحهم.


لكن الحرب غيّرت المعطيات وتقرّب الجلبي باسم المؤتمر الوطني العراقي من أجواء المحافظين الجدد المحيطين بجورج دبليو بوش ومن بينهم ديك شيني وبول وولفويتز ودونالد رامسفيلد واتفق الجلبي مع هذا الأخير على القول أن صدام حسين قد يشكل خطرا على العالم كله.


والمثير للاستغراب أن الجلبي بدأ بالاطلاع على تقارير سرّية حول صدام حسين من إعداد وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي. وأشار الجلبي إلى أن تقارير الوكالة بعيدة عن الواقع.


وفي نهاية صيف 2002، قبل عدة أيام من الذكرى الأولى لتفجيرات 11 سبتمبر، أمر رامسفيلد بإنشاء وحدة خاصة في البنتاغون من أجل إعادة النظر بالمعلومات التي يقدمها الجلبي وإعادة تقويم علاقات صدام حسين بالقاعدة وتطوير أسلحة الدمار الشامل في العراق.


وضمن هذا الإطار أصبح أحمد الجلبي أحد مصادر المعلومات الرئيسية بالنسبة لرامسفيلد. وقد أثار ذلك غضب جورج تينيت، مدير الوكالة المركزية، الشديد إلى درجة أنه قدّم استقالته في أغسطس 2002، وحيث تدخل «تشيني» من أجل بقائه.


وجد مائير داجان الحظوة التي يتمتع بها الجلبي لدى رامسفيلد غريبة جدا، لاسيما وأن الملف الذي بيديه عنه يدل بوضوح على أنه لم يقدم سوى معلومات قليلة الأهمية عندما كان يتجسس لحساب الموساد في العراق. ثم إنه بعد عشر سنوات من مغادرته العراق، من المحتمل قليلا جدا أنه تكون له صلات حقيقية داخل نظام صدام حسين.


الديمقراطية والعضلات

تعرّف داجان خلال زياراته لواشنطن، كما فعل جميع مدراء الموساد، على أعضاء مهمين في إدارة بوش، وخاصة أولئك الذين ينادون بالديمقراطية ذات العضلات والذين كانوا يرددون في حديثهم ما يدل على تزمتهم الديني.


ويشير المؤلف في هذا السياق إلى الدور الذي لعبه القس بيل غراهام، صديق عائلة بوش منذ فترة طويلة، في حث الرئيس بوش، بعد تفجيرات 11 سبتمبر، من أجل استئصال الإرهاب باسم «الغضب العادل»، بل وقام غراهام بإهداء جورج دبليو بوش إنجيلا صغيرا كي يضعه باستمرار في جيبه.


وعلى قاعدة مثل هذا الاعتقاد الديني تحدث بوش عن «محور الشر». ويضيف المؤلف: «إن إلحاح الرئيس بوش لشن هجوم على العراق كان مرتبطا، هو الآخر، بالاعتقاد الديني المتزمت للمحافظين الجدد الذين كانوا يحيطون به».


وفي الأيام الأولى من فبراير 2003، إثر محادثة هاتفية بين آرييل شارون والرئيس الأميركي بوش، أحاط شارون داجان علما أنه اقترح مشاركة الموساد النشطة باغتيال صدام حسين، وأن بوش قد قبل ذلك الاقتراح.


بدأ خبراء الموساد بتحليل محاولات الاغتيال السابقة لصدام حسين وأسباب فشلها وحيث كان الرئيس العراقي قد تعرّض خلال السنوات العشرالأخيرة إلى 15 محاولة اغتيال.


وكان وراء بعضها الموساد أو أجهزة الاستخبارات البريطانية. ولم يستطع أولئك الذين تمّ تجنيدهم للقيام بها من اختراق إجراءات الحماية الأمنية الممتازة لصدام أو لأنهم لم يستطيعوا بكل بساطة الاقتراب إلى درجة كافية من الهدف.


كان الموساد قد قام بمحاولة أولى في نوفمبر 1992، وكان عملاؤه في العراق قد خبروا أن صدام حسين سيقوم بزيارة إلى بلدة قرب تكريت وأنه سيصل قبل حلول الليل بقليل وسيزور في اليوم التالي قاعدة عسكرية في الجوار قبل أن يعود بالطائرة إلى بغداد. وبالتالي قد يكون هدفا ممكنا في فترة ال15 دقيقة التي يحتاجها للانتقال من البلدة إلى القاعدة العسكرية.


قام الجنرال أميرام لوفين، نائب مدير الموساد آنذاك، بالإشراف شخصيا على إعداد خطة الاغتيال، ووافق بنيامين نتانياهو عليها، وقام الفريق المكلّف بتنفيذها بالتدرب عليها في صحراء النقب. وكان مقررا أن يساند قتلة الموساد فريق من 40 عضوا من الفرقة 262 من القوات الخاصة التي كانت قد شاركت في قتل خاطفي طائرة العال إلى مطار أوغندي عام 1976.


كان مقررا أن يطير القتلة على ارتفاع منخفض بحيث لا تكشفهم الرادارات على متن طائرتين من طراز «هركيوليز سي - 130» وبحيث يتوزعون على الأرض إلى مجموعتين إحداهما تتمركز على بعد حوالي 200 متر من الفيللا التي كان صدام فيها بالقرب من تكريت وبجانب الطريق الذي يُفترض أن يسلكه إلى القاعدة العسكرية الجوية.


أما المجموعة الرئيسية فتكمن على بعد 10 كيلومترات ويتم تزويدها بصاروخ خاص يستخدمه الموساد ويتم توجيهه إلكترونيا. كان يُفترض أن يقوم فريق القتلة القريب بتصوير سيارة صدام وهو يطلق النار عليها، وفي اللحظة نفسها يعطي أحدهم الإشارة لفريق الصاروخ كي يطلقه تبعا للمعطيات المقدّمة بواسطة «الكاميرات» .


وبالتالي يتم تدمير السيارة. وما يؤكده المؤلف أن هذه العملية ألغيت باللحظة الأخيرة بدفع من آرييل شارون، وزير الخارجية، وإسحاق مردخاي، وزير الدفاع، على خلفية تقديرهما أن مخاطر فشلها كانت كبيرة جدا.


بعد عشر سنوات من تلك المحاولة، التي لم تتم، بدا أن الموساد، وبدعم من واشنطن، يتردد بدرجة أقل بكثير في محاولة اغتيال صدام حسين. وكانت خطة الموساد مستوحاة هذه المرة من محاولة الاغتيال التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لاغتيال الرئيس الكوبي فيدل كاسترو.


وكان العملاء قد حشدوا عددا كبيرا من الأصداف البحرية بالمتفجرات ووضعوها في قعر البحر حيث كان كاسترو يحب الاستحمام. لقد فشلت تلك المحاولة لأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أغفلت من حساباتها التيارات القوية التي جرفت القواقع بعيدا عن المنطقة.


لكن مثل هذه التيارات لم تكن تطرح أية مشكلة بالنسبة للنهر حيث يستحم صدام، وكانت المتفجرات مصممة هذه المرة للانفجار بمجرد قيام السابحين بأية حركة.


قبل أيام فقط من تنفيذ خطة الاغتيال الجديدة انفجرت حرب الخليج ثانية، وقدّم عملاء الموساد معلومات مهمة عندها قامت الطائرات الأميركية والبريطانية على أساسها بغارات قتلت الألوف من العراقيين.


ويؤكد المؤلف أن جورج تينيت رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كان يتصل عدة مرّات يوميا بمائير داجان، مدير الموساد، ليسأله عمّا إذا كان جهازه قادرا على تأكيد حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل.


وكانت الإجابة دائما هي: «ليس بعد، ولكننا نبحث». لكن محللي الموساد كانوا قد شرحوا لداجان أنه لا يوجد هناك أي برهان قاطع على امتلاك نظام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل.


رددت وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية، عند بداية الحرب، تحذيرات لإشاعة الاعتقاد بإمكانية قيام نظام صدام باستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد إسرائيل أو ضد قبرص، حيث تتواجد أعداد كبيرة من القوات البريطانية، أو في منطقة الخليج حيث يرابط المارينز الأميركيون، أو حتى ضد الكويت، نقطة انطلاق الهجوم على العراق. «لكن لم يحصل شيء من هذا كله، ولم تنطلق قذيفة واحدة فيها أي أثر لسموم كيميائية.


ولم يعرف تاريخ الحرب كله مثل خيبة الأمل تلك». وبعد عشرين يوما من بداية الحرب كانت المعارك قد توقفت لتبدأ حرب أخرى، أكثر فتكا، تمتزج فيها الأحقاد الدفينة والمسائل البترولية والجشع المسيطر على النفوس...


وبدأت الدماء تنزف أكثر فأكثر في العراق. كان لا بد للعراق أن يغرق في الفوضى، وليصبح الوضع اعتبارا من مايو 2003 أكثر رعبا مما كان مرعبا في ظل دكتاتورية صدام حسين.


بعد السقوط

لم يكن الموساد، كما يؤكد مؤلف هذا الكتاب، بعيدا عن ملاحقة صدام بعد سقوط نظامه. وُضعت فرضيات كثيرة حول مكان وجوده، وليس أقلها غرابة إمكانية لجوئه إلى الأصدقاء الذين اعتمد عليهم في الماضي، أي روسيا والصين، هذا على الرغم من تأكيد البلدين رسميا أنهما لن يمنحاه حق اللجوء إليهما.


في الوقت نفسه كانت ألوف الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية تصل كل دقيقة إلى مقرات القيادات المختصة وكذلك آلاف المحادثات الهاتفية. أدركت عندها أجهزة الاستخبارات الأميركية المتنوعة مدى افتقارها إلى مترجمين يقومون ب«غربلة» تلك المحادثات. وكان بوش وبلير وشارون في حالة غضب متصاعد أمام فشل العثور على صدام أو معرفة إذا كان قد مات.


وقد كانوا يؤكدون في تصريحاتهم العلنية أن ذلك لم يكن يشكّل موضوعا ذا أهمية كبيرة فصدام لم يعد يمثل أي تهديد. لكن لم يكن هناك الكثيرون ممن يصدقون ذلك».


وكان اهتمام بوش وبلير منصبا أكثر على إيجاد أسلحة الدمار الشامل المزعومة. لكن الحقيقة تكشفت عن شيء آخر، هو أنها غير موجودة في العراق.


ولم يتردد روبن كوك، وزير الخارجية البريطاني السابق، وكلير شورت، الوزيرة السابقة في حكومة بلير التصريح أن رئيس وزراء بريطانيا قد كذب على البرلمان والشعب عندما أكد وجود مثل تلك الأسلحة في العراق.


وأثناء الأزمة كلها كان مائير داجان، لا يكف عن ترديد قوله أن الموساد «لا يزال يبحث» عن الأسلحة المزعومة، من دون إضافة شيء آخر. ولو كان يدرك حقيقة عدم وجودها.


وفي ديسمبر 2003 ألقي القبض على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. يقول المؤلف: «لقد قبضوا عليه بسبب متطلبات المرأة الوحيدة التي كان لا يزال يثق بها أي سميرة شهبندر، الزوجة الثانية بين الزوجات الأربع».


ويضيف: «بتاريخ 11 ديسمبر اتصلت هاتفيا بصدام من مقهى للانترنت ببعلبك؛ حيث كانت تعيش في لبنان هي وابنها علي، الابن الوحيد الحي من أبناء صدام، تحت أسماء مستعارة منذ أن غادرا العراق قبل عدة أشهر من بداية الحرب». وفي بيروت تمّ رصدها ومراقبتها.


ويؤكد مؤلف هذا الكتاب أن مقرّبا من مائير داجان قد شرح له أنه «لأسباب سياسية لم تتم رسميا دعوة الموساد للمشاركة في العيد»، ويقصد ملاحقة صدام من قبل الأميركيين. وما يؤكده أيضا هو أن الموساد قد التقط يوم 11 ديسمبر 2003 مكالمة سميرة الهاتفية لصدام حسين وتمّ فيها تحديد موعد للقاء بالدقيقة والمكان.


وفي اللحظة نفسها التي كانت تستعد فيها للذهاب إلى موعدها جاءها صوت في الهاتف، ليس صوت صدام، يقول لها إن الموعد قد ألغي. وفي اللحظة نفسها أيضا كانت تلفزيونات العالم تبث صورا لاعتقال صدام في حجرةعلى عمق 5,2 متر في باطن الأرض قرب تكريت.


وعند رؤية تلك الصور طرح محللو الموساد أسئلة، لا تزال دون إجابات، مثل: من كان الرجلان المسلحان المجهولان ويقومان بالحراسة أمام الحجرة؟


هل كانا لحماية صدام أم لقتله إذا حاول الهرب؟ لماذا لم يستخدم صدام مسدسه للانتحار؟ هل منعه الجبن أم أنه كان يأمل في عقد صفقة؟ ثم لم يكن لمخبئه سوى مدخل واحد، فهل كان سجينا؟


ألم يكن وجوده حيث كان جزءاً من صفقة؟ وماذا كان يريد أن يفعل بال000 750 دولار التي وجدوها معه عند اعتقاله؟ ولماذا لم يكن معه أية وسيلة للاتصال بالخارج ولو حتى هاتف نقّال؟


فهل تجد هذه الأسئلة، وكثيرة غيرها، إجابات ذات يوم؟!
للرفع
  #77  
قديم 27/06/2006, 06:00 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
التربية والشركة العمانية للغاز توقعان 5 اتفاقيات

توفير 11 معملا للحاسب الآلي وتمويل مرشحات للمياه وصفوف ذكية بالمناطق

تم صباح أمس بمبنى ديوان عام وزارة التربية والتعليم بروي، التوقيع على خمس اتفاقيات بين وزارة التربية والتعليم والشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، تتصل بدعم الشركة لبعض جوانب العملية التربوية بالسلطنة، وذلك بتمويل خمسة مشاريع بمبلغ إجمالي يصل إلى خمسمائة وتسعة وأربعين ألفا ومائتين وتسعة وستين ريالا عمانيا، حيث وقع الاتفاقية سعادة مصطفى بن علي بن عبداللطيف وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية نيابة عن الوزارة، وعامر بن ناصر المطاعني نائب المدير العام في الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال نيابة عن الشركة.
حيث نصت الاتفاقية الأولى على قيام الشركة بتمويل توفير 11 معملا للحاسب الآلي يتم توزيعها على عشر قرى ريفية، وتبلغ مساهمة الشركة خمسة وتسعين ألفا، وتقوم الوزارة بإسناد المشروع والإشراف على تنفيذه.
أما الاتفاقية الثانية فتنص على أن تقوم الشركة بتمويل مرشحات للمياه، (أجهزة تنقية المياه) لعدد من المدارس في مختلف مناطق السلطنة، وتبلغ مساهمة الشركة لتنفيذ المشروع مائة ألف ريال عماني.
وبخصوص الاتفاقية الثالثة فتقضي الشركة بتمويل توفير صفوف ذكية لثلاث وثلاثين مدرسة في 11 منطقة من مناطق السلطنة وذلك بواقع ثلاثة صفوف لكل منطقة، وتبلغ مساهمة الشركة لتنفيذ المشروع 66 ألف ريال عماني.
وفي الاتفاقية الرابعة تقوم الشركة بتمويل توفير نظارات طبية لأحد عشر ألفا وثلاثمائة وعشرين طالبا من ابناء ذوي الدخل المحدود، وتبلغ تكلفة المشروع ثمانية وثمانين ألفا ومائتين وستة وتسعين ريالا عمانيا.
وتنص الاتفاقية الخامسة على قيام الشركة بموجبها بتمويل تشييد خمسين مظلة طابور لعدد من المدارس في مختلف أرجاء السلطنة، وتبلغ تكلفة المشروع 200ألف ريال عماني.
وعقب التوقيع على الاتفاقية صرح سعادة مصطفى بن علي عبداللطيف وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية قائلا: إن هذه الاتفاقيات الموقعة مرتبطة بعدد من المشاريع، وكلها من المشاريع التي نعتبرها في الوزارة من المشاريع المهمة، مثل توفير النظارات الطبية للطلاب، والمياه النقية في المدارس، وتوفير المظلات للمدارس وهي مسألة مطلوبة في ظل الطقس الحار في معظم أيام السنة الدراسية، خاصة في ظل فترة الاستراحة بين الحصص، بالإضافة إلى ان التمويل موجه لصالح المختبرات المدرسية المتنقلة، وهي مسألة مهمة بالنسبة لنا لأن بعض المدارس تقع في مناطق بعيدة، أما قضية الفصل الذكي فهي حديثة في مدارسنا، ونأمل أن تنجح في مدارسنا مثلما نجحت في المدارس الأخرى في بعض البلدان الأخرى، لتعم الفائدة على ابنائنا الطلبة، وحول الشراكة بين القطاع الخاص والوزارة، يقول بالنسبة لنا هذه الاتفاقيات ليست جديدة مع الشركة لأننا سبق ووقعنا معهم العديد من الاتفاقيات وغيرها من الاتفاقيات مع الشركات الأخرى، والشراكة بين الحكومة والقطاع شيء مطلوب لأن هذه الشركات موجودة في الوطن وتخدمه، ونحن كمسؤولين معنيين لخدمة الوطن وعلينا ان نتكاتف لتقديم الخدمة المطلوبة لأبنائنا الطلبة بالشكل المطلوب، لتحسين مستوياتهم.
  #78  
قديم 27/06/2006, 09:21 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
هذا هو بداية التخطيط السليم لوزارة مثقلة بالمصروفات والمشاريع العديدة
ومسار البحث عن تمويل غير حكومي لدعم اهداف الوزارة والامل معقود على الشركات الاخرى في دعم الوزارات الخدمية مثل قطاع التعليم بشقيه العام والعالي والخدمات الصحية
واعتقد ان هذا التحرك جاء نتيجة المساعي المبذولة سواء من احد المسؤولين او من الشركة ذاتها حيث ان لدى هذه الشركات نسبة من صافي ارباحها لخدمة المجتمع المحلي
والسؤال المطروح اين بقية الشركات في المساهمة مع الحكومة بتمويل المشاريع التي تخدم المجتمع العماني.
نحيي الشركة على المجهودات التي تقوم بها والشكر موصول لبقية الشركات المساهمة والتي تعطي بسخاء غير منقطع النظير والتشهير الاعلامي له الدور الايجابي لتحفيز بقية الشركات .
  #79  
قديم 27/06/2006, 10:13 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
امريكا عذبت المعتقلين في ابو غريب ثم تركتهم بدون علاج
27/6
كتاب جديد يفضح حقيقة حرب بوش علي الارهاب:


لندن ـ القدس العربي : كانت التعليمات الاولي التي اصدرها وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد للمحققين الامريكيين في السجون السرية ومعتقل غوانتانامو، خارج اطار ميثاق جنيف لمعاملة اسري الحرب. وتقول التعليمات انه يجب علي الاطباء المشاركة في مراقبة عمليات تعذيب المعتقلين. ويقوم كتاب صدر حديثا في امريكا علي قراءة وتحليل 35 الف وثيقة استفاد منها مؤلف الكتاب بناء علي قانون حرية المعلومات. ويحمل الكتاب عنوان خيانة القسم ، اي قسم ابوقراط الطبي، والذي اعده الطبيب المتخصص في مجال اخلاقيات الطب، الدكتور ستيفن مايلز. وهو توثيق مرعب عن الطريقة التي قام بها الثنائي بوش ـ رامسفيلد بافساد اخلاقيات المهنة الطبية. ومن القواعد التي قدمها رامسفيلد للمحققين تقوم علي تقديم الملف الطبي للسجين الذي يجب ان يكون بينه وبين طبيب السجن للمحققين، وذلك لمساعدتهم للتعرف علي مناطق الضعف والقوة النفسية للسجين واستخدامها كسلاح لاستخراج المعلومات وفي عمليات التعذيب. وفي معسكر تحقيق يدعي معسكر نعاما كان الشعار غير الرسمي لا دم، لا اثار ، حيث قال مسؤول تحقيق ان كل عملية تعذيب او تحقيق قاس تمت ادارته بمصادقة من قائد المعسكر والمسؤول الطبي. وتقول مجلة التايم في تقرير لها ان الاطباء العاملين في المعسكر وقعوا علي ورقة التعذيب مقدما، ولم يقوموا بمعالجة او فحص المعتقل بعد تعذيبه.
ويقول الكتاب بناء علي شهادات اطباء عسكريين ان 15 في المئة من الذين عذبوا في معتقل ابو غريب الرهيب لم يتم فحصهم بعد التعذيب. ويتحدث الكتاب عن ممارسات طبية لا يمكن تصديقها. ومن بين القصص المثيرة عن تعذيب المعتقلين، قصة محمد القحطاني التي تعتبر حالة تعذيب علي مستوي عال. فقد حضر الاطباء اثناء حرمانه المتواصل من النوم لمدة 55 يوما، وقاموا بحقنه بحقنة من هايبوثيرميا ، وهددوه بالكلاب.
وبحسب مايلز، كان علي الاطباء حقن القحطاني بثلاث حقائب من مادة سالين التي تمنع المريض من النوم حيث تم تقييده علي كرسي، وبعد ذلك اعادوه الي غرفة التحقيق.
كما يتحدث مايلز عن حادث في معتقل غوانتانامو، حيث ترك معتقل اصيب برصاص لثلاثة ايام بدون معالجة للجرح الذي اصابه مما ادي الي تورمه، ولم يقدم له الاطباء مضادات حيوية، لمنع الالتهاب الذي اصابه. وفي العراق، اجلت ممرضة تقديم مهدئات لمعتقل، فيما تم اطعام المعتقلين لحم الخنزير، كما قام مسؤول تخدير، بإسالة مادة تخدير علي وجه معتقل اخر. وفي ابو غريب، استخدم الاطباء، نظام الاطعام المنظم الذي يعمل علي اضعاف المعتقل وبالتالي التلاعب بمشاعره وتفكيره.
ومن بين الـ 136 حالة التي وثقها مايلز عن حالات وفاة معتقلين، وجد الكاتب ان شهادات الوفاة او تقرير الطبيب الشرعي لم تصدر الا بعد فترة طويلة واحيانا بعد عام من وفاة المعتقل. وتم ترك جثة معتقل لاسبوعين قبل ان تعلم عائلته او يقوم محقق عدلي بالتحقيق في اسباب الوفاة. وبعد ذلك وضعت الجثة في مشرحة مستشفي مع شهادة وفاة تقول ان المعتقل مات بسبب انفجار دماغي، فيما وجد تشريح الطبيب الشرعي للمستشفي ان المعتقل مات بسبب تلقيه ضربة قاسية علي الرأس. وتقول شهادة اخري ان معتقلا يبلغ من العمر 63 مات بسبب معاناته من مرض في عضلات القلب حيث اثر هذا علي تدفق السوائل التي تراكمت حول قلبه وأدت لوفاته. ولكن الكاتب يقول ان الشهادة لا تتحدث عن التعذيب الذي لقيه المعتقل، حيث جرد من ملابسه عاريا ورش بالماء البارد وترك في درجة حرارة تحت الصفر لمدة ثلاثة ايام مما ادي لاصابته بسكتة قلبية. ويقول الكاتب ان بعض الاطباء لم يبالوا بما حدث للمعتقلين، ففي ابو غريب تدخل طبيب لايقاف ضرب قام به الحراس لمعتقل، وطلب منهم التوقف عن تعليقه الا انه لم يقدم تقريرا في الحادث. وفي الموصل، شاهد طبيب الحراس يضربون معتقلا ويجرونه فوق حجارة ساخنة، اي يحرقونه. وتم اخذ المعتقل الي المستشفي حيث عولج ثم اعيد لغرفة التعذيب. وتم اغلاق الملف لان الطبيب رفض التوقيع علي السجل الطبي حتي لا يكشف عن اسمه. ويقول الكاتب في مقدمته اذا كان حجر الاساس للمجتمع المدني هو القانون، فانه لن يكون اداة للتعذيب او الرق .
وقال الكاتب ان الصور المفصلة عن قيام الحرس الامريكي بتعذيب وانتهاك معتقلين مسلمين في ابو غريب جلب العار للكثيرين. وعندما شاهد مايلز، صور المعتقلين كان اول تساؤل يخطر علي باله اين كان الاطباء والممرضون من كل هذه الانتهاكات؟ والكتاب هو ادانة للاطباء والممرضين الذين كما يقول مايلز لم يصمتوا او يلتزموا جانب المتفرج علي الانتهاكات بل شاركوا فيها، فقد قام الاطباء والمتخصصون النفسيون بتقديم معلومات الي المحققين، والتي ساعدت في تحديد المدي الذي يجب ان يذهب فيه المحققون في تعذيب ضحاياهم. ومن هنا جاءت شهادات مايلز، التي تأخذ من ملفات مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي)، والتحقيقات الجنائية، والتقارير الطبية للمعتقلين، ومن هنا فهي تقدم مجموعة رواية مختلفة عن الرواية الرسمية، وتظهر تورطا لكل مستويات الحكومة من دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الي مسؤولي المكتب الطبي الكبار في الوزارة (البنتاغون). والكتاب ليس شجبا لسياسات امريكا في معتقلاتها التي اقامتها بعد احتلال العراق وبعد تعرضها لتفجيرات ايلول (سبتمبر) 2001 ولكنه شجب عميق لخيانة تقاليد شكلت المهنة الطبية في الجيش، والتي ادت الي تخلي القيادة الامريكية عن دورها في حماية حقوق الانسان. ويقول سيمون هيرش، المعلق الامريكي المعروف ان كتاب مايلز هو ببساطة، اول تحقيق مدمر ومفصل للسؤال عن السؤال المتركز حول التعذيب الامريكي في حرب جورج بوش علي الارهاب
  #80  
قديم 28/06/2006, 09:56 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
فنجان قهوة ............................... أبو خلدون
عبقرية العُزاب



لو أحصيت كبار الفلاسفة ورجال الفكر والعباقرة الذين أغنوا الحضارة الانسانية ووضعوا أسس النهضة التي يعيشها العالم حاليا لاكتشفت أن نسبة كبيرة من هؤلاء لم يتزوجوا، والذين تزوجوا منهم لم يكونوا سعداء في زواجهم: سقراط تزوج، ولكن نصيبه كان امرأة سليطة اللسان، ولذلك كان يقول لابنه: “تزوج يا ولدي، فاذا كانت امرأتك صالحة عشت سعيدا، واذا كانت شريرة سليطة اللسان فانك تصبح فيلسوفا”. وأفلاطون لم يتزوج، وحاول أن يحصن تلاميذه ضد الزواج بأن اخترع لهم نوعا فريدا من الحب يرتوي فيه العاشق بأحضان خيالية، ويعيش لقاءات في الوهم أطلق عليه الناس اسم “الحب الأفلاطوني”، وهو عزف منفرد في العلاقة العاطفية لا يتضمن لقاءات ولا مواعيد ولا زواج، والى حد كبير يشبه تلك العلاقة التي كانت تربط بين قيس وليلى، فقد كان قيس كلما يرى ليلى ترتعش جوانحه، ويخفق قلبه، وينعقد لسانه ولا يدري ما يقول. ومن أكثر الكتاب تأثرا بأفكار أفلاطون في هذا المجال الكاتب الفرنسي فولتير الذي كان يتميز بعفة شديدة في علاقاته مع النساء، وقد وصفه أحد النقاد المشهورين بقوله: “يجب أن نعلل العفة التي عرف بها فولتير في علاقاته النسوية طيلة حياته المديدة بأنها نزعة أفلاطونية”، وعلى خطى فولتير سار فلوبير، القصصي الفرنسي المعروف، ويقال ان احدى الارستقراطيات الفرنسيات ألحت على فلوبير بالزواج منها فقال لها: “انني أفضل الحرية التي توفرها لي العزوبية، على قيود وأغلال الزواج”.

وعباس محمود العقاد لم يتزوج، وكذلك توفيق الحكيم، وقد اشتهر الاثنان بأنهما من أعداء المرأة، وسارتر لم يتزوج سيمون دو بوفوار وانما عاش معها من دون زواج، وحتى من دون حب، كما كشفت سيمون في الرسائل التي كتبتها لشاعر أمريكي وقعت في هواه. واسحق نيوتن، مكتشف قانون الجاذبية، سيد العزاب، وكان على الدوام شارد الفكر، موزع الخاطر، وقد اتجه بكل قواه الذهنية الى عمله العلمي، ولم يسمح للجنس الآخر باختراق عالمه، والعلاقة الوحيدة في حياته كانت عندما كان طالبا في المدرسة الابتدائية، حيث أحب ابنة صيدلي كان نيوتن يعيش في منزله، وظل يحيطها برعايته طوال حياته. أما زميله دالتون، الكيميائي العبقري، فانه لم يعشق حتى في طفولته وصباه.

وليوناردو دافنشي صاحب لوحة “الموناليزا” التي لا تزال تفتن العالم بابتسامتها الغامضة، أمضى حياته وحيدا، وكذلك مايكل أنجلو، الذي كانت النصب التي ينحتها تضج بالحياة وتكاد تنطق، الى درجة أنه عندما انتهى من صنع أحد النصب ضربه بالمطرقة على رأسه وقال له: “لماذا لا تنطق”.

ومن العزاب في الموسيقا: بتهوفن، أكبر عبقرية موسيقية في التاريخ، وهندل، وبرامز.

والعظماء الذين عانوا الأمرين في زواجهم كثيرون، من بينهم نابليون الذي كادت زوجته جوزفين تتلف عليه عبقريته العسكرية.

والحديث عن عبقريات العزاب عبر التاريخ يدفعنا الى التساؤل بالفعل عن دور المرأة في الحضارة الانسانية.
  #81  
قديم 28/06/2006, 10:18 AM
عبدالقادر عبدالقادر غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 20/08/2002
الإقامة: ساحل عمان
المشاركات: 716
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الزمن القادم
فنجان قهوة ............................... أبو خلدون
عبقرية العُزاب



لو أحصيت كبار الفلاسفة ورجال الفكر والعباقرة الذين أغنوا الحضارة الانسانية ووضعوا أسس النهضة التي يعيشها العالم حاليا لاكتشفت أن نسبة كبيرة من هؤلاء لم يتزوجوا، والذين تزوجوا منهم لم يكونوا سعداء في زواجهم: سقراط تزوج، ولكن نصيبه كان امرأة سليطة اللسان، ولذلك كان يقول لابنه: “تزوج يا ولدي، فاذا كانت امرأتك صالحة عشت سعيدا، واذا كانت شريرة سليطة اللسان فانك تصبح فيلسوفا”. وأفلاطون لم يتزوج، وحاول أن يحصن تلاميذه ضد الزواج بأن اخترع لهم نوعا فريدا من الحب يرتوي فيه العاشق بأحضان خيالية، ويعيش لقاءات في الوهم أطلق عليه الناس اسم “الحب الأفلاطوني”، وهو عزف منفرد في العلاقة العاطفية لا يتضمن لقاءات ولا مواعيد ولا زواج، والى حد كبير يشبه تلك العلاقة التي كانت تربط بين قيس وليلى، فقد كان قيس كلما يرى ليلى ترتعش جوانحه، ويخفق قلبه، وينعقد لسانه ولا يدري ما يقول. ومن أكثر الكتاب تأثرا بأفكار أفلاطون في هذا المجال الكاتب الفرنسي فولتير الذي كان يتميز بعفة شديدة في علاقاته مع النساء، وقد وصفه أحد النقاد المشهورين بقوله: “يجب أن نعلل العفة التي عرف بها فولتير في علاقاته النسوية طيلة حياته المديدة بأنها نزعة أفلاطونية”، وعلى خطى فولتير سار فلوبير، القصصي الفرنسي المعروف، ويقال ان احدى الارستقراطيات الفرنسيات ألحت على فلوبير بالزواج منها فقال لها: “انني أفضل الحرية التي توفرها لي العزوبية، على قيود وأغلال الزواج”.

وعباس محمود العقاد لم يتزوج، وكذلك توفيق الحكيم، وقد اشتهر الاثنان بأنهما من أعداء المرأة، وسارتر لم يتزوج سيمون دو بوفوار وانما عاش معها من دون زواج، وحتى من دون حب، كما كشفت سيمون في الرسائل التي كتبتها لشاعر أمريكي وقعت في هواه. واسحق نيوتن، مكتشف قانون الجاذبية، سيد العزاب، وكان على الدوام شارد الفكر، موزع الخاطر، وقد اتجه بكل قواه الذهنية الى عمله العلمي، ولم يسمح للجنس الآخر باختراق عالمه، والعلاقة الوحيدة في حياته كانت عندما كان طالبا في المدرسة الابتدائية، حيث أحب ابنة صيدلي كان نيوتن يعيش في منزله، وظل يحيطها برعايته طوال حياته. أما زميله دالتون، الكيميائي العبقري، فانه لم يعشق حتى في طفولته وصباه.

وليوناردو دافنشي صاحب لوحة “الموناليزا” التي لا تزال تفتن العالم بابتسامتها الغامضة، أمضى حياته وحيدا، وكذلك مايكل أنجلو، الذي كانت النصب التي ينحتها تضج بالحياة وتكاد تنطق، الى درجة أنه عندما انتهى من صنع أحد النصب ضربه بالمطرقة على رأسه وقال له: “لماذا لا تنطق”.

ومن العزاب في الموسيقا: بتهوفن، أكبر عبقرية موسيقية في التاريخ، وهندل، وبرامز.

والعظماء الذين عانوا الأمرين في زواجهم كثيرون، من بينهم نابليون الذي كادت زوجته جوزفين تتلف عليه عبقريته العسكرية.

والحديث عن عبقريات العزاب عبر التاريخ يدفعنا الى التساؤل بالفعل عن دور المرأة في الحضارة الانسانية.
دائما تنتقي الأفضل ... متابعين لاختاراتك الجميلة ... أنت المستفيد والمتثقف الأول ونحن نتبع اختارك ...

لكن استوقفتني العبارة الأخيرة ،،، والتي يرمي صاحب المقال العبارة الشهيرة "وراء كل رجل عظيم امرأة" و ينوي رميها أعماق البحار .... ولكن نقول أن تلك المرأة قد تكون الزوجة (اذا لم يكن مبدعا قبل الزواج) ... وقد تكون الأم أو المربية مع الزوجة (اذا كان ابداعه قبل الزواج وبعده) ... واذا لم يتزوج فقد تكون الأم أو الخليلة أو الامرأة الافلاطونية الخيالية أو لا شىء ...

متابعين باهتمام لاختياراتك ....


...
  #82  
قديم 28/06/2006, 12:23 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
ملوك العرب الجدد

فهمي هويدي

هذا الفيلم شاهدته من قبل أكثر من مرة، كان ذلك أول تعليق جرى على لساني حين علمت بخبر عودة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن قراره الذي أعلنه قبل عام بعدم ترشيح نفسه للرئاسة، بعدما أمضى 28 عاماً في منصبه، ذلك أننا في العالم العربي ـ وباستثناء حالة لبنان ونموذج المشير سوار الذهب في السودان ـ لم نعرف خلال نصف القرن الأخير رئيساً للجمهورية غادر منصبه طواعية، فهو إما تخلى عنه بانقلاب، أو بالوفاة. أما فيما عدا ذلك فإن جميعهم ـ حماهم الله ـ ظلوا في مقاعدهم لم يغادروها، بناء على رغبة الجماهير بطبيعة الحال، وكله بالقانون، فإذا كان لا يحدد مدة لتولي رئاسة الدولة، فلا مشكلة، وإذا حدد الدستور تلك المدة فإن تعديله ـ بإرادة الشعب واستجابة لرغبته! ـ ممكن، إذ للشعب في هذه الحالة كلمته التي لا ترد وقراره غير قابل للطعن أو النقض، ولئن كانت للدستور قدسيته باعتباره «أبو القوانين» فإن قرار الشعب له قدسية أكبر باعتباره مصدر السلطات، ومن ثم فهو منبع القوانين، أو «حدها» إذا كان لا بد من إثبات النسب في هذه الحالة.

في الفيلم الذي حفظناه ومللنا مشاهده، لكثرة تكرارها، تلعب الأبواق دوراً جوهرياً، إذ حين تقترب نهاية ولاية الرئيس تسرب التصريحات التي تتحدث عن أنه تحمل الكثير كي يوفر للشعب الاستقرار والرخاء (لا أحد بالطبع يجرؤ على السؤال: أين هما؟)، وحرم نفسه من دفء الأسرة والحياة الاجتماعية المريحة، و............ كل ما يتمتع به الناس من متع في الدنيا، لأن الأقدار اختارته كي يخدم الجماهير، فامتثل لحكمة القدر ونذر نفسه ووهب حياته لأجل تلك الجماهير، وبعد أن حمل الرسالة وأدى الأمانة، فقد آن له أن يستريح، وأن يعطي الفرصة لغيره (ابنه في الأغلب).

ذلك هو الجزء الأول من الفيلم، الذي ما أن تنتهي مشاهده حتى تبدأ أحداث الجزء الثاني الذي تنهض البطانة بالمسؤولية فيه، ويتراجع دور الأبواق خطوة إلى الوراء، في حين تظل على المسرح لا تغادره. في هذا الجزء تتولى البطانة تحريك الجماهير ودفع مؤسسات المجتمع المختلفة للتعبير عن وفائها للزعيم الذي كرس نفسه لخدمتها والسهر على راحتها، وذلك بالإلحاح عليه أن يبقى في موقعه، لكي يتم رسالته، ويظل ممسكاً بميزان الاستقرار ومحققاً لحلم الرخاء الموعود، وإلا فإن غيابه سيفتح الباب للفوضى، وستبدد أحلام الرخاء، ولن تطلع على البلد شمس مرة أخرى، وفي هذه الحالة فإن الجماهير، رداً للجميل وتأكيداً للوفاء، لا بد أن تخرج إلى الشارع بعد أن تتوافد على العاصمة من كل حدب وصوب (محمولة على حافلات مرتبة سلفاً)، لكي تحمل لافتات الإلحاح على البقاء، وتهتف ـ بالروح بالدم ـ راجية الربان أن يظل باقياً في موقع القيادة، حتى لا تضطرب مسيرة السفينة وسط الأمواج والأنواء العاتية، الأمر الذي يعرضها للغرق المحقق، وفي هذه الحالة فإن الحشود لا تتردد في أن تؤكد على أنها ضد التغيير، وضد تداول السلطة، وإنما هي مع تأبيد البقاء على رأس السلطة، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.

هذه التظاهرات الحاشدة لا ينبغي أن تملأ الشوارع فحسب، وإنما لإحكام إخراج المشهد، يجب أن تغطى عبر وسائل الإعلام المختلفة، في الصحف والإذاعة وخصوصاً التلفزيون، حتى يعلم القاصي والداني مدى تمسك الجماهير برئيسها المحبوب، ومدى نفورها من أي تغيير، خصوصاً ذلك العنوان البغيض المسمى «تداول السلطة»، باعتبار أن صلاح الأمر كله لا يتم إلا بتأبيدها.

في هذه الحالة، ما الذي يتعين على أي رئيس مخلص لشعبه أن يفعله، وهو يرى بعينيه الحشود المليونية التي تملأ الشوارع، ويسمع بأذنيه هتافاتها التي تشق عنان السماء راجية منه أن يبقى في موقعه، وألا يدع السفينة تغرق وهي في عرض البحر؟ هنا يأتي دور الجزء الثالث من الفيلم، وفيه يظهر الزعيم أمام الحشود وقد بدا عليه الحرج والتأثر مما رأى وسمع، ليعلن على الملأ أنه كان قد عزم على الرحيل، وحزم أمره بالفعل، ليس فقط كي يستريح من عناء التفاني في خدمة الشعب، ولكن أيضاً لكي يعطي لغيره فرصة تولي القيادة، إعمالاً لمبادئ الديمقراطية التي أرسى قواعدها، وسيظل حريصاً عليها حتى آخر رمق، ولكن إزاء إلحاح الجماهير واستجابة لضغوطها، ولأنه جندي وهب حياته لخدمة الشعب، ولأنه عاهد الله ألا يرد للشعب كلمة ولا يخيب له أملاً، ولا يتخلى عنه أبداً، ورغم أنه كان متمسكاً بقراره، وكدأبه حريصاً على ألا تنزل كلمته إلى الأرض، فإنه في هذه المرة ـ وفي هذه المرة وحدها ولأجل خاطر الشعب الذي يعتصره القلق ـ قرر أن يضحي براحته التي تمناها، وأن يرجع في العهد الذي قطعه على نفسه، وأن يغير من موقفه الذي كان مصراً عليه، ولأنه لا يملك في نهاية المطاف سوى أن يمتثل لإرادة الجماهير الملتاعة، وأن يستجيب لرغبتها، فقد قرر أن يرشح نفسه للرئاسة التالية.

الجزء الرابع من الفيلم لا يحتاج إلى وصف أو تفصيل، لأنه سيتضمن مشاهد الفرحة التي تعم البلاد من جراء انتصار الإرادة الشعبية، الرافضة للتغيير والتداول، وهو ما تعده البطانة انتصاراً تاريخياً يكرس المسيرة الديمقراطية ويضرب حلم الرخاء.

للدقة والإنصاف، فمثل هذه الأفلام في العالم العربي لم تتخل عن «التعددية»، واحترمت الخصوصية الثقافية لكل مجتمع، آية ذلك أن إخراج الفيلم اختلف من بلد إلى آخر، وأن البطانة سجلت تلك التعددية بنجاح ملحوظ، فالذي يجري الآن في الجزائر، يختلف عما جرى في تونس، والتجربتان اختلفتا عن الحاصل في ليبيا، وذلك كله لا صلة له ـ في الإخراج ـ بما جرى في مصر وسوريا واليمن، وإن ظل جوهر الفيلم واحدا، إذ كما يحدث في الأفلام العربية التقليدية، حيث ينتهي الأمر بزواج البطل من البطلة، فإن فيلم «التمديد» أصبحت له بدوره نهاية تقليدية، ينعقد في ظله الزواج بين الزعيم والسلطة، وهو في هذه الحالة زواج كاثوليكي لا ينفصم، وليس زواجاً إسلامياً يحتمل التعدد!

الخلاصة التي يمكن أن نخرج بها من الفيلم تتمثل فيما يلي:

إن موضوع الديمقراطية في العالم العربي ليس مأخوذاً على محمل الجد، رغم بعض الممارسات المتواضعة التي تشكل استثناء عن القاعدة، بالأخص في أقطار مثل المغرب ولبنان والكويت، وبدرجة ما الأردن، وفي كل الأحوال فإن حظوظنا من الديمقراطية لم تتجاوز الهياكل والأشكال (الديكور إن شئت الدقة)، أما الوظائف في الديمقراطية المتمثلة في حقوق المشاركة والمساءلة والتداول، فنحن نسمع بها فقط ولا نراها، مثل الغول والعنقاء والخل الوفي!

إن البنية السياسية والمدنية لمجتمعاتنا بالغة الضعف والهشاشة، فالأحزاب مصابة بالإعاقة، ومنظمات المجتمع المدني، التي يمول أكثرها من الخارج، ليست مشغولة بالإصلاح السياسي الحقيقي، والنقابات العمالية والمهنية إما مصادرة أو معطلة الوظيفة، ورغم وجود استثناءات محدودة على ذلك، فقد أصبح الأصل أنه لا يوجد في العالم العربي رأي عام قوي يستطيع أن يفرض نفسه على السلطة، أو حتى يلقى تقديرها واحترامها.

إن احتكار السلطة لسنوات طويلة خلق طبقات كاملة مستفيدة من ذلك الوضع، ومتمسكة باستمراره، لذلك فإنه إذا كان القادة هم أبطال فيلم «التمديد»، إلا أننا ينبغي ألا نتجاهل دور تلك الطبقات الانتهازية المستفيدة من عملية التمديد، والتي تمثل «الكومبارس» النشيط في الفيلم.

إن التجربة أثبتت أن الكلام الذي تسوقه الولايات المتحدة عن «دمقرطة» المنطقة هو من قبيل الدعاية والنفاق الدولي، كما أثبتت أن ما يشغل الإدارة الأميركية حقاً، ليس ما إذا كان النظام ديمقراطياً أم لا، ولكنه بالدقة ما إذا كان النظام موالياً أم لا، وإذا كان الرد بالإيجاب في هذه الحالة، فلتطلق يد كل نظام في شعبه، ولتذهب الديمقراطية إلى الجحيم.

الملاحظة الأخيرة، الجديرة بالتوقف أمامها طويلاً، هي أن كل النظم الملكية التي تحولت في الستينيات إلى جمهوريات «تقدمية»، بفعل الثورات والانقلابات، عادت إلى سيرتها الأولى (وأحياناً أسوأ)، إذ تحولت بلا استثناء إلى ملكيات مقنعة، فاحتفظت من حيث الشكل برنين كلمة الجمهورية، ومارست في العقل ديمومة الملكية، من ثم فإنها أقامت أنظمة وصفها البعض بأنها «جملوكية»، من ناحيتي فإنني لا أتردد في القول إن الرؤساء المؤبدين هم ملوك العرب الجدد الذين صرنا نقبلهم كما هم ـ حتى إشعار آخر على الأقل ـ وخفضنا في وجودهم من سقف أحلامنا، حتى أصبح غاية ما نتمناه أن يقيموا في بلادنا ملكيات دستورية، وأخشى ما أخشاه ـ في ظل استمرار هشاشة مجتمعاتنا وضعفها ـ أن نجد أنفسنا في نهاية المطاف وقد خسرنا ميزات الاثنين، الملكية والجمهورية، فلا فزنا لا ببلح الشام ولا بعنب اليمن!
  #83  
قديم 28/06/2006, 01:10 PM
أبوحاتم أبوحاتم غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 25/04/2006
المشاركات: 6
عبقرية العزاب

كأن الكاتب يريد ان يقول مثل ما قال الشاعر أو كما قال :

من استطاع أن يعيش عزبــا
فذلك الفوز لـــه قد وجبا
  #84  
قديم 01/07/2006, 11:16 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
أقول لبوش يجب عليكم تسليم جثمان البطل لأهله ولا تكثروا الفرح فالراية لم تسقط ابو مصعب كانت لديه تعليمات واضحة بأن يركز قتاله علي الامريكيين ومن ساندهم
2006/07/01

النص الكامل لخطاب بن لادن حول الزرقاوي:


لندن ـ القدس العربي :

في ما يلي النص الكامل لخطاب زعيم تنظيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن الذي نشر علي الانترنت امس، ونعي فيه ابو مصعب الزرقاوي:
فُجعت أمتنا الإسلامية بفارسها المقدام أسد الجهاد ورجل الحزم والسداد أبي مصعب الزرقاوي أحمد الخلايلة إثر مقتله بغارة أمريكية آثمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فنرجو الله أن يكرمه بما تمني فيتقبله في الشهداء ويجزل له المثوبة والعطاء ويحسن لأهله وذويه العزاء.
أيها المسلمون إن المصاب جلل والخطب عظيم ونحثكم علي الجميل وهو الصبر ونرغبكم في الجزيل وهو الأجر
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر
فليس لعين لم يفض ماؤها عذرُ
فتيً مات بين الضرب والطعن ميتة
تقوم مقام النصر إذ فاته النصرُ
أمتنا الإسلامية الغالية، لان أحزننا فراق الأحبة أبي مصعب وصحبه فقد سرنا أن أنفسهم سالت في هذه الملاحم العظام وهم يذودون عن شريعة الإسلام، ولأن أصبنا بفارس من أعظم فرساننا وأمير من خيرة أمرائنا فقد سرنا أننا وجدنا فيه رمزاً وقدوةً خالدةً لأجيال أمتنا الماجدة، وسيذكره المجاهدون ويدعون له ويثنون عليه شعرا ونثرا سرا وجهرا، سنثني عليه بما علمنا
فقد كان سمح المخالطة ما لم يظلم
وإن آنس الناس فزعا كر غير مذمم
مضي أبو مصعب رافع الرأس عزيز النفس حراً أبياً كريماً وفياً لم يعطي في دينه الدنيا ولم ينم علي الضيم أبداً ولم يداهن في الحق أحداً، عزيزاً علي الكافرين رحيماً بالمؤمنين محرضاً علي القتال ومجاهداً في سبيل الدين، ومن أقواله رحمه الله: (فلا خير في عيش تنتهك فيه أعراضنا وتداس فيه كرامة أخواتنا ويحكمنا فيه عباد الصليب) وقوله: (نقاتل في العراق وعيوننا علي بيت المقدس الذي لا يسترد إلا بقرآن يهدي وسيف ينصر).
وكان رحمه الله محل محبة أصدقائه وتقدير أعدائه فالمنصفون منهم شهدوا له ومدحوه ولا عجب
مضي طاهر الأثواب لم تبق روضة
غداة ثوي إلا اشتهت أنها قبرُ
عليــك ســـــلام اللـــه دومـــاً فإنني
رأيت الكريم الحر ليس له عمرُ
اقتدي أبو مصعب بنبينا محمد صلي الله عليه وسلم، واقتدي بمن مضي قبله بساداتنا بمصعب وعمر وعلي وجعفر ـ رضي الله عنهم أجمعين، فخاض غمار الحرب مبتسماً، فرفع الله شأنه وأعلي ذكره وصار أسوة لمن بعده
حب ****** النفس أورده البقــا
وحب الشجاع الحرب أورده الحرب
وما الفرق ما بين الأنام وبينــه
إذا حذر المحذور واستصعب الصعب
مضي أبو مصعب عليه رحمة الله وقد فتح الله عليه فأسس قاعدة للدفاع عن الدين ولاسترجاع فلسطين ـ بإذن الله، وأخذ بثأرٍ للمستضعفين هناك حيث أثخن في الأمريكيين حلفاء اليهود ودوخهم فقتل رجالهم وصدّع بنيانهم واستنزف أموالهم وشتت شملهم وأذل كبرياءهم حتي تجرأ عليهم الداني والقاصي والطائع والعاصي، فدخل التاريخ من أوسع أبوابه فشرفه وأخذ بيد العالم إلي طريق العزة فعرّفه بإصرار وحزم وإباء فخلدت سيرته مع سير أعلام النبلاء
ولا تبكين إلا ليث غاب
شجاعاً في الحروب الثائرات
دعوني في الحروب أمت عزيزاً
فموت العز خير من حياتي
إن أبا مصعب علم البشرية دروساً عملية في كيفية انتزاع الحرية فالحرية لا توهب للخانعين تحت قباب الديمقراطية وعلم البشرية التمرد علي الطغاة في زمن استبد فيه الطاغوت الأكبر فرعون العصر بوش وصحبه وداسوا علي جميع القيم والمواثيق، ولكم في غزو العراق وسجن غوانتنامو عبرة فأرهبوا الناس واستذلوهم بالنار والحديد وعاملوا الرؤساء معاملة العبيد، لقد جاء فرعون العصر إلي العراق لا يبالي برفض ومظاهرات البشر الذين قالوا له: (لا لسفك الدم الأحمر من أجل النفط الأسود) ولكنه احتقر العالم أجمع وتقدم إلي العراق مستكبراً متغطرساً بجنده وعتاده متصوراً أن أسد الشري قد مسخوا وأن رجال الإسلام قد خنسوا بعد أن قدم له حكام العرب من ملوك ورؤساء آيات الطاعة والولاء والمذلة والاستخذاء وكل منهم يحسس علي رأسه متي يكون دوره ليوضع في رمسه.
هجم العدو علي العراق فجعل يعسف بالناس عسفاً وينسف القري نسفاً وأزيز الطائرات قد ملأ الآفاق وصم الآذان وانفجار البارود قد نشر الحتوف وأزكم الأنوف وكانت الجبال تهتز وتميد من شدة القصف فبلغت القلوب الحناجر ولاذ أولو البأس والنهي بأحلاس بيوتهم ولم يحرضوا بقول ولم تحملهم أقدامهم من شدة الهول واشرأب الباطل ونقض المنافقون العهود ووقفوا في خندق النصاري واليهود، وصار المسلمون كالغنم الشاتية في ليلة مطيرة بأرض مسبعة وفي ظل تلك الأجواء الرهيبة الكئيبة التي تري فيها أشباه زعماء ولا زعماء وأشباه علماء ولا علماء وأشباه رجال ولا رجال ـ إلا من رحم الله ـ في تلك الظروف العصيبة المزلزلة ظهر فارس الإسلام أبو مصعب الزرقاوي
كمثل الليث مفترشا يديه
جريء الصدر رئبالاً سبطر
ظهر ومعه ثلة من المؤمنين كانوا سبعة عشر رجلاً وليسوا سبعة عشر جيشاً فتواثقوا وتعاهدوا وعاهدوا الله تعالي أن ينصروا دينه أو يهلكوا دونه، رجال والرجال قليل
والناس ألف منهم كواحد
وواحد كالألف إن أمر عنا
ومن سيقاتلون مثلهم في العدد أو مثليهم؟ كلا، أو حتي عشرة أمثالهم! كلا، إنها أمواج كأمواج البحر من العتاد وجنود الشر، ولكن من عظم حق الله في قلبه ورزق التوحيد تميد الجبال الرواسي ولا يميد، فترجل فارسنا حاملاً الراية، وعزم علي القتال إلي النهاية فإما يذوق ما ذاق جعفر أو يذوق النصر
فأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من تحت أخمصك الحشر
فخاضوا غمار الحرب وبدأوا الضرب وذلك بعدد يسير من الكلاشنات وعدد يسير من ألغام الدبابات وعدد يسير من مدافع البازوكا، وكان أبو مصعب قد جاء مع بعض إخوانه في الفترة الماضية إلي الجهاد ضد الروس فسابق إخوانه حتي سبق المتقدمين ونطق فبز الناطقين، وبمجيئه وإخوانه إلي أرض أفغانستان أخذوا تطعيم معركة ضد القوي الكبري، وزالت من أذهانهم أسطورة الدول العظمي ونقلوا الجرأة الكبيرة المتوثبة والمعنويات الهائلة من أفغانستان إلي بغداد وأشعلوا فتيل الجهاد وتفجرت طاقات الشباب في كل مكان من أعلي الفرات إلي أسفله ولله الحمد والمنة.
هذا هو فارسنا الذي نتحدث عنه قام بكل ذلك بعد توفيق الله له بإمكانيات ذاتية بسيطة ولم يكن وراءه حلف دولي ولا تحالف إقليمي ولا تنظيم عالمي، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم
نفس عصام سوّدت عصاماً
وعلمته الكر والإقدام
نعم هذا هو فارس الإسلام الذي نتحدث عنه والذي قام في وجه فرعون العصر في وجه الإمبريالية الأمريكية بعد أن فشلت المنظمات الدولية والتجمعات الإقليمية بعد أن فشل العالم أجمع في إيقاف ذلك العدوان الغاشم الظلوم
ضروب لهام الضارب الهام في الوغي
خفيف إذا ما أثقل الفرس اللبد
بصير بأخذ الحمد من كل موضع
ولو خبأته بين أنيابها الأسد
وهنا ندعو الله أن يجزي خير الجزاء فارسنا المقدام وأن يجزي خير الجزاء كل من عزّانا وواسانا في فارسنا العظيم رحمه الله، ونخص بالذكر أمير المؤمنين الملا محمد عمر فنرجو الله تعالي أن ينصره وإخوانه المجاهدين علي الكافرين.
ثم إنني أقول لمن يتهم فارس أمتنا بأنه يقتل بعض فئات الشعب العراقي، أقول له: إذا جاءك من يدعي أن رجلاً فقأ عينه فتريث حتي تري المدعي عليه فلعل المدعي قد فقأ عينيه، وهذا ما بدأ يزداد وضوحاً في الأسابيع الأخيرة حيث تحدث النائب محمد الدائن عن حجم الظلم والتعذيب الذي يمارس ضد المسلمين في السجون العراقية، كما تحدث كذلك من قبل قادة هيئة علماء المسلمين عن حرب إبادة يتعرض لها أبناء الإسلام في العراق وإن أبا مصعب ـ عليه رحمة الله ـ كانت لديه تعليمات واضحة بأن يركز قتاله علي الغزاة المحتلين وعلي رأسهم الأمريكيين وأن يحيد كل من رغب في الحياد وأما من أبي إلا أن يقف يقاتل في خندق الصليبيين ضد المسلمين فليقتله كائناً من كان بغض النظر عن مذهبه وعشيرته فمناصرة الكفار علي المسلمين ناقض من نواقض الإسلام العشرة كما هو مقرر عند أهل العلم. ثم إني أقول لبوش يجب عليكم تسليم جثمان البطل لأهله ولا تكثروا الفرح فالراية لم تسقط بحمد الله وإنما انتقلت من أسد إلي أسد من أسود الإسلام، وسنواصل ـ بإذن الله ـ قتالكم وحلفاءكم في كل مكان في العراق وأفغانستان والصومال والسودان حتي نستنزف أموالكم ونقتل رجالكم وترجعوا مهزومين ـ بإذن الله ـ إلي بلادكم كما هزمناكم من قبل ـ بفضل الله ـ في الصومال، كما أقول لوكيلك في الأردن كفاك استبداداً فقد منعت أبا مصعب الدخول إلي موطنه حياً فلا تحل بينه وبين ذلك الآن، وأولي الناس بالخروج من الأردن هو أنت إلي الحجاز فتلك بلادك وبلاد آبائك قبل أن تنصب بريطانيا جدك عبد الله الأول عميلاً لها علي الأردن، وما يخيفك من الزرقاوي ـ عليه رحمة الله ـ بعد أن فارق الحياة إلا لأنك تعلم أن جنازته إن ترك المسلمون وشأنهم فيها فستكون ـ بإذن الله ـ جنازة كبيرة تظهر مدي تعاطف المسلمين مع أبنائهم المجاهدين.
وفي الختام أقول: إن أبا مصعب ـ عليه رحمة الله ـ لا يشرف قبيلته ووطنه وأمته فحسب، بل يشرف البشرية جمعاء، فقد جسد لها معاني العزة والإباء والتضحية والفداء وإن سيرته مادة قيمة لنموذج معاصر، فإن درست الدنيا سيرته العطرة تعلم أبناؤها كيف يصنع الإيمان بالله الرجال ليقاوموا أهل الظلم والضلال، وحري بكل مربي وكاتب وروائي أن يقتبس من سيرته ما يحيي به الأجيال الناشئة والأجيال القادمة، كما أنه حري بكل شاعر حر أن يقرض الشعر في هذا الصقر، ولو كنت من فرسان الشعر لأكثرت القوافي في رثائه ولنافست بذلك تماضر في رثاء صخر، ولكن لا حرج أن أستعير أبياتاً من شعر شاعر الدعوة الإسلامية المعاصرة الشيخ يوسف أبو هلالة:
غص الثري بدم الأضاحي وتلهبت سوح الكفاح
ومن القفـــــار الجرد تبزغ نبعـــة الماء القـراح
تزهو بألوية العقيدة والبطــــــولات الصـحاح
وتقول إن شح العطاء فنحن للدين الأضـــاحي
والفوز فوز الخاضبين جسومهم بدم الجـــــراح
الرافضين بأن تبــــــاع ديارهم بيع الســـماح
والعائـفين العيش عيش المســــتذل المســتباح
بضــع من اللحظــات يهزم روعها هوج الرياح
يهوي بها حمدان مثل الصقر مقصوص الجناح
من بعد ما اقتحم الردي والقصف قد غمر النواحي
فحنوت ألثم جرحه الرعاف فانتـــــــكأت جراحي
وهمت علي خدي الدموع فقلت يا روحي وراحي
هلا رحمت قلوبنــــــا وعدلت عن هذا الرواحـــي
فأجابني البطـــل المســـجي هازئا بي باقتراحــــي
كفكف دموعك ليس في عبراتــــك الحرة ارتياحي
هذا ســــبيل إن صدقت محبتـــه فاحمل ســـــلاحي
رحم الله أبا مصعب ورحم الله كل من حمل السلاح للجهاد في سبيل الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.
  #85  
قديم 02/07/2006, 10:33 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
لسنا بحاجة إلى الوحدة العربية -
د. فيصل القاسم|

تاريخ النشر:الأح ,2 يُولْيُو 2006 3:22 أ.م.

الشرق القطرية

لا أبالغ إذا قلت إن كلمة "وحدة" ما زال لها وقع في غاية الجمال على أذني بالرغم من التعهير الذي لحق بها على أيدي الأنظمة العربية التي كانت ترفع شعار الوحدة في العلن وتمارس أبشع أنواع الإقليمية والعشائرية والقبلية والتشرذم في السر. وقد حلمنا وما زلنا نحلم بتحقيق الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج في يوم من الأيام. لكن لو نظرنا حولنا في هذا العالم لوجدنا أننا حمـّلنا التجزئة أكثر مما تحتمل بكثير من أسباب تخلفنا وضعفنا. لكم عزى بعض مثقفينا، خاصة القوميين منهم، سبب فشلنا السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي إلى التمزق والتشتت والكيانات المصطنعة والدويلات. فقد صوروا لنا الوحدة على أنها البلسم الشافي لكل أمراضنا، وأن القطرية هي السرطان الذي فتك بالجسد العربي وجعل الأمة العربية في مؤخرة العالم. هل كانت التجزئة فعلاً السبب المباشر لانحطاطنا على كل الصعد، أم أن الكيانات الصغيرة لم تكن يوماً سبباً في تخلف الشعوب؟

لقد صعدت دويلات كثيرة وأصبحت نجوماً في عالمي الاقتصاد والتكنولوجيا وهي لا تتجاوز مساحة بعض المدن العربية من حيث الحجم الجغرافي، ولا يزيد عدد سكانها على بعض أحياء القاهرة. لنأخذ مثلاً سنغافورة (الدولة المدينة)، فهي ليست حتى دولة بالمعنى المتعارف عليه، بل مجرد مدينة من حيث المساحة وعدد السكان الذين لا يتجاوزون أربعة ملايين نسمة، فهي أصغر من أصغر دولة خليجية، لا بل أصغر من دبي. وتبلغ مساحة الرياض عاصمة السعودية ثلاثة أضعاف مساحة سنغافورة. أما لبنان فهو أكبر من سنغافورة بمرتين، ناهيك عن أن تلك الدويلة كانت تفتقر إلى الماء والموارد الطبيعية عندما استقلت عام 1965، مع ذلك استطاعت رغم صغر حجمها جغرافياً وديموغرافياً وفقرها طبيعياً أن تنتقل من العالم الثالث أو بالأحرى من شبه العدم إلى العالم الأول بفضل قيادتها الرشيدة قولاً وفعلاً، إذ لم تتوقع سوى قلة قليلة من المراقبين أن تمتلك سنغافورة الصغيرة فرصة كبيرة بالبقاء حين مُنحت استقلالها عام 1965، فكيف -إذن- أصبحت المحطة التجارية النائية والمستعمرة السابقة حاضرة عالمية مزدهرة لا تمتلك أنجح شركة طيران في العالم، وأفضل مطار جوي، وأنشط ميناء بحري فقط، بل تحتل المرتبة العالمية الثالثة في متوسط دخل الفرد الحقيقي.

لقد نهضت الجزيرة من ركام التركة الاستعمارية الثقيلة بكل ما سببته من انقسام وفرقة، وتجاوزت دمار وويلات الحرب العالمية الثانية التي خلفت وراءها حالة الفقر المدقع والفوضى العارمة في أعقاب انسحاب القوات الأجنبية، لتصبح الآن دولة (مدينة) المستقبل التي تشخص إليها الأبصار. ومع أن حلبة قائدها "لي كوان يو" المحلية ضيقة المساحة، فإن ما تمتع به من نشاط وحيوية ضمن له ميداناً رحباً وموقعاً مؤثراً على ساحة الشؤون الدولية.

تتاجر سنغافورة اليوم بعشرات المليارات في التجارة والاستثمار والصناعة وتنافس دون الاعتماد على قطرة نفط واحدة. وتتربع على عرش أكثر طرق الشحن ازدحاما في العالم. كما أن حجم التجارة السنوية لسنغافورة يبلغ حوالي ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. فضلاً عن ذلك، فان الحصة الأجنبية في الناتج المحلي الإجمالي لسنغافورة ارتفعت من 18 بالمائة في عام 1970 إلى 36 بالمائة من جميع مخرجات الصناعة وما يقرب من 85 بالمائة من جميع الصادرات المصنعة. وتتصدر سنغافورة بلدان آسيا في استخدام الحاسبات الإلكترونية والبريد الإلكتروني. أما فيما يتعلق بالتجارة الإلكترونية (عبر شبكات المعلومات)، فإن سنغافورة على وشك أن تكون الدولة الأولى في العالم التي ترتبط بشبكة اتصالات ذات نطاق واحد من الذبذبات العريضة.

وحدث ولا حرج عن تايوان تلك المقاطعة الصينية التي استطاعت أن تحول الصحراء إلى جنة باعتمادها فقط على الإنسان. ومعروف عن تايوان أنها، كسنغافورة، تفتقر إلى الموارد الطبيعية الأساسية. لكن ذلك لم يمنعها من أن تصبح مركزاً عالمياً لأرقى الصناعات الالكترونية والنسيجية التي تغزو أسواق العالم. وتمتلك تلك الجزيرة المنسلخة عن الصين أكبر احتياطي للعملة الصعبة في العالم.

وهل نسينا تلك الدويلة الاسكندنافية النائية المسماة فنلنده؟ لقد استطاعت قرية (نوكيا) الفنلندية ذات الثلاثين ألف نسمة فقط أن تضع الفنلنديين على الساحة الدولية بقوة بعد أن غدت أكبر وأشهر مصنع لأجهزة الهاتف المحمول في العالم. من منا لا يعرف موبايلات (نوكيا) الشهيرة التي تغزو العالم من أقصاه إلى أقصاه؟ لقد وصل إجمالي إنتاج قرية نوكيا إلى حوالي اثني عشر مليار دولار، أي ما يعادل الناتج القومي لدولة عربية كبيرة. هل يعقل أن ينتج ثلاثون ألف شخص فنلندي أكثر مما ينتجه عشرون مليون عربي؟ ويحدثونك عن الوحدة!!

وكي لا نظلم العرب لا بد من الإشارة إلى إمارة دبي التي راحت تنافس سنغافورة بالرغم من أنها أيضاً أصغر من بعض الأحياء المصرية أو السودانية. لقد تشدق أمامي سياسي سوداني ذات مرة ساخراً أن المنطقة التي يقطن فيها في السودان أكبر من أكبر إمارة خليجية، واعتبر أن بعض الإمارات ليست أكثر من "عزبة" بالمقاييس الجغرافية السودانية. لكن ما الفائدة أن يكون لدينا مساحات شاسعة من الأرض نتضور فوقها جوعاً ولا نستطيع أن نؤمن منها خبزنا اليومي؟ دبي فعلاً "عزبة" بالمفهوم السوداني، لكنها تجتذب من السياح سنوياً أكثر ما تجتذب مصر بتاريخها العريق ومعالمها الأثرية العظيمة. وأرجو ألا يعير أحد دبي بثروتها النفطية، فالنفط في دبي سينضب خلال أعوام، لكن الإمارة ستبقى، تلك الدانة الصاعدة لحظة بلحظة باعتمادها على مقومات النهضة الحديثة.

لقد استطاعت بلدان صغيرة أن تحول الصحراء إلى جنات، بينما نجحنا نحن العرب أن نحول الجنة إلى صحراء. لقد آن الأوان أن نتوقف عن التحجج بالتجزئة والقطرية وانعدام الوحدة، وأن نتعلم من قرية "نوكيا" الفنلندية وجزيرة سنغافورة وتايوان الجرداء. كم كانت والدتي على حق عندما كانت تقول لنا عندما ترانا مقصّرين في عملنا:" الغزّالة يمكن أن تغزّل على ذيل الكلب"، إذا تعذر وجود النول.
  #86  
قديم 02/07/2006, 12:56 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
فنجان قهوة ................................ أبو خلدون

طباخ الرؤساء



الذين يتحدثون عن “الطبخات السياسية” يقولون إن سياسية الدول يجرى رسمها في المطبخ، وعندما كانت سيئة الذكر جولدا مائير رئيسة للوزراء، في “اسرائيل” كانت “وزارة المطبخ” المصغرة التي تتألف من ثلاثة وزراء يتسنمون حقائب رئيسية ومن رئيس الأركان ورئيسي الموساد والشاباك هي الوزارة الفعلية التي تتخذ القرارات الخطرة، والوزارة العادية مجرد واجهة، وكانت هذه الوزارة المصغرة تلتقي يوميا في مطبخ جولدا مائير.

وعرفات كان يقول: “لم تتمكن “اسرائيل” من الوصول الي، فوصلت عن طريق المطبخ”، وذات يوم فوجئ احد الزعماء العرب بإحدى القطط في قصره تسقط ميتة من دون سبب، وتبين أن احد الطباخين دس سماً في الطعام.

وبعد وفاة ديانا اكتشفنا أن طباخها يعرف عنها أكثر من أي شخص آخر، فقد كان شاهدا على حياتها في قصر بكنجهام منذ زواجها الى حين وفاتها في النفق الباريسي، وطباخ ميتران هو الذي كشف ان الرئيس الفرنسي له ابنة غير شرعية، ولكن ماذا عن طباخي البيت الابيض الامريكي؟

رولان فييه الذي عمل فترة تزيد على ثلاثة عقود في مطبخ البيت الابيض يقول في مذكراته التي نشرها أخيرا أن السياسة الامريكية لا تتم صياغها في المطبخ، ولكنه يستدرك قائلا: “على الأقل ليس في المطبخ الذي كنت أعمل فيه”، وروى في مذكراته الكثير من الأسرار، عما جرى عند توقيع اتفاقيات كامب ديفيد وتحرير الرهائن الامريكيين المحتجزين في طهران، وتفجير أوكلاهوما وتفجيرات 11 سبتمبر/ايلول 2001.

ورولان فييه بدأ عمله في مطبخ البيت الأبيض مع بداية رئاسة كارتر، وترك العمل مثل فترة قصيرة بمناسبة بلوغه سن التقاعد، بمعنى انه عمل مع خمسة رؤساء امريكيين هم: كارتر وريجان وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن، اثنان منهم ديمقراطيان وثلاثة من الحزب الجمهوري، وهو يقول ان ريجان يتميز بالشراهة في الأكل، وكلينتون يعاني من حساسية تجاه بعض الاغذية، ويروي رولان ان ريجان يحب نوعا من الحساء يطلق عليه اسم حساء “الهمبورجر”، وقد فاجأه ذات يوم بدخول المطبخ وهو يرتدي الجينز، ونظر الى طبق الحلوى الذي يعده رولان وقال: أريد ان أتذوقه، ولم تكن هنالك ملعقة في الجوار، فما كان من الرئيس سوى أن أخذ ملعقة عملاقة من النوع الذي يستخدم لتحريك الطبخة الكبيرة، وغرف كمية من الحلوى وقربها الى فمه، ولكنها سقطت على قميصه.

وعندما وصل بوش الأب الى الحكم، كان القرار الأول الذي اتخذته زوجته هو تفريغ الثلاجات من محتوياتها، لكي لا يجد الأولاد ما يتسلون به بين الوجبات، وكان بوش يحب السمك والوجبات الصينية، ولم يكن بعيدا عن الشراهة، ويقول لحراسه الشخصيين “ان طباخي يحاول اغتيالي بالسعرات الحرارية، فراقبوه جيدا”.

وجورج بوش الابن “الرئيس الحالي” يحب استقبال الزوار الأجانب في البيت الابيض، وعدد الزوار الذين استقبلهم بوش حتى الآن يزيد على عدد الزوار الذين استقبلهم أي رئيس آخر في فترة مماثلة.

ورولان الآن خارج البيت الابيض، وهو يقول انه يحن الى عمله لسبب واحد هو: خارج البيت الابيض يصعب ان تسمع شائعات، مثل الشائعات التي تسمعها داخله، وخصوصا ما يتعلق بالتندر على الألمان والفرنسيين
  #87  
قديم 03/07/2006, 08:51 AM
عبدالقادر عبدالقادر غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 20/08/2002
الإقامة: ساحل عمان
المشاركات: 716
كأس العالم.. كاتب ما شافش حاجة


فليسمحلي الأخ (الزمن القادم) في الدخول الى عالم الصحافة ... لكن أعجبني هذا المقال الذي يشرح صورة كأس العالم في أعين شباب السلطنة ...

مع خالص التحية


...
خرجت البرازيل من كأس العالم!.. وقبلها خرجت الارجنتين وهولندا واسبانيا و... والقائمة تطول وتطول.. لكنني لم اكن من مشجعي السامبا ولا التانجو ولا حتى الثيران الاسبانية او الروبرتات اليابانية او الديوك الفرنسية والمنتجات الدنماركية.. لم اكن من ضمن المشجعين الذين يتسمرون كل ليلة يجوبون المقاهي والنوادي الرياضية او الذين يبحثون عن شفرات فك التشفير.. كنت انام طيلة الايام الماضية هانئا لا احلام ولا كوابيس.. ولم اضع يدي على قلبي خوفا من خروج هذا الفريق او ذاك.. كل ما كنت اتمنى جرت الرياح بما لا تشتهي سفني.. وخرج الفريقان العربيان الوحيدان من الكأس بخفي حنين واكتفيا بالنقطة اليتيمة التي جنياها من بعضهما البعض.. وهكذا هو حال فرقنا العربية كحال امتنا لا تستقوي الا على نفسها..
اعود الى الخروج (العادي) لفرق الكبار.. اجد علامات الحزن في كل مكان تترتسم.. وكأن الخسارة تمس شخوصنا.. او تنتقص شيئا من ذاتنا.. او تؤخرنا درجة الى الوراء.. كل شيئ حزين صباح السبت والاحد.. بالامس خرجت التانجو وبكى من بكى.. واليوم ينضم اخرون الى سرداق العزاء.. فقد خرجت السامبا وصارت الكأس بلا لون او طعم او رائحة..
خرجت السامبا ورفض صديق لي الرد على مكالماتي وقرر الاحتجاب في بيته.. وعدم الرد على اي مكالمة تريده.. بل اقسم اليمين انه لن يشاهد ما تبق من مباريات كأس العالم.. فما قيمته التي صارت بعدما خرج رونالدينو ورفقاه.. وما قيمة الاهداف التي لا تسجل بالرأس الخضراء المتلألئة لصانع اللاعب المدلل رونالدو..
اما صديق آخر لي يدرس في بريطانيا فأجل موعد قدومه الى مسقط بحجة ان كأس العالم لدينا مشفر ولديهم غير ذلك.. واحترمت وجهة نظره في ذلك.. فنحن شعوب (متخلفة) الى حد ما.. لا يمكن ان تقدم كأس العالم على طبق فضائي مفتوح للجميع.. وكما قال محتكر البث الفضائي العربي: ان الفقراء امثالي لايهمونه..
المهم ان صديقي هذا من عشاق ومشجعي التانجو.. وكان تنجاويا حتى الصميم.. كان متفائلا الى ابعد الحدود.. وكان في كل انتصار يسجله التانجو يهاتفني والفرحة لا تتسعه.. حتى كان يوم الجمعة الحزين.. فقدت الاتصال بهذا الصديق.. ولم اسمع صوته حتى الآن.. وربما سيفاجأني خلال ايام بوصوله الى مسقط.. غير آبه بمن سيؤول اليه الكأس.. وما اذا كانت باقي المباريات عندنا ستكون عامة او مشفرة..
اذكر انني ارسلت له رسالة على بريده الالكتروني.. لاجلك سأكون تانجاويا هذه الليلة.. وذهبت بعدئذ لأنام.. دون ان اشعر ما اذا كنت بالفعل قد نمت تناجاويا او سمباويا.. المهم نمت بعمق.. وفي الصباح لحظة ان عرفت النتيجة.. حمدت الله تعالى انه خلقني كما انا.. عديم الشعور والاحساس بخسارة فريقه.. الذي تلبسه ولو لدقائق معدودة..

*****
في مقر الفريق الذي انتسب إليه.. والذي ازوره بين الفترة والاخرى دون مقاصد كروية او رياضية بعينها.. قرر الشباب جمع مبالغ مالية للاشتراك في القنوات المشفرة.. كان الجميع مطالبا بتسديد رسوم معينة نظير مشاهدتهم لهذه القنوات.. الأي.. لم يطالبني احد بدفع هذه الرسوم.. فقد كنت مديرا ظهري لجهاز التلفاز وهو يعرض احدى مباريات الكأس.. ولحظة ان احتدمت المباراة.. واتاني النوم.. فاستأذنت دون ان اعير اهتماما للنتيجة التي ستفضي إليها.. وللاصوات التي تعالت وهي تندب الحظ التعيس الذي قاد فريقها الى هزيمة نكراء غير متوقعة.. ابتسمت من قلبي.. واطمئننت ان نومي هذه الليلة سيكون هانئا كالمعتاد..
*****
اليوم صباحا (لحظة كتابة هذه السطور) كنت منتشيا على غير عادتي.. وجدت من يقول لي بحزن معزيا.. لقد خرجت السامبا.. وخسرت الكأس اصحاب المهارة والفن والاداء.. اي طعم لهذه الكأس بعد البرازيل.. بالنسبة لي فازت فرنسا او البرازيل او ساحل العاج فذلك سيان.. اما اللعب والاداء فهما من يثبتان في نهاية المطاف.. ولا يهم ان كل ذلك بتوقيع برازيلي او فرنسي او الماني او اي جنسية اخرى.. المهم ان المستديرة لا تعرف الكبار او الصغار.. والميدان يا حميدان..

*****
على ذكر الميدان.. تذكرت حلقة الاسبوع الماضي من البرنامج الاذاعي البديع (الميدان).. يومها استمعت الى شاعر الميدان (الوالد مسلم).. وهو يأتي على الكأس بأبيات ميدانية رائعة.. قال مسلم: انه لا يشجع البرازيل او الارجنتين او انكلترا او فرنسا.. لأنه بختصار لا يعرف هذه الفرق.. هو فقط يعرف السعودية وتونس.. بحكم الارتباط العروبي والاسلامي.. وتمنى الوالد مسلم ان يفوز هذان المنتخبان.. و ان يحققا بعض من الطموحات والامال المنشودة فيهما ،مثلك انا شجعت الفرق العربية.. لكنها خذلتنا.. وخرجنا من الكأس وكأننا لسنا من هذا العالم..
*****
وعلى ذكر البرامج الاذاعية.. اعترف انني وبرغبتي وبمنطلق وعي ذاتي ودون ضغوط خارجية.. استمعت قبل يومين (السبت) الى برنامج (حمى المستديرة) الذي يقدمه المذيع المبدع في كل برنامج يتواجد فيه.. حميد البلوشي.. ورغم ان الحمى (المقصودة هنا) لم تصيبني ولله الحمد.. فقد ارغمني حميد على الاستماع إليه.. وكنت اعد ذاتي للخروج من مقر الجريدة لحظ بدء برنامجه للاستماع إليه في طريقي الى المنزل..واعود الى حلقة امس الاول.. اذ هز احدهم مشاعري.. وهو ينوح ويبكي.. ويندب الخسارة غير المتوقعة لابناء ماردونا واخوانه.. قال مستهجنا كمن يطالب بالقصاص: ان الخسارة يتحملها خوسيه بيكرمان وحده!.. ويجب ان يحاكم..
ذات الاسم سمعته خلال الحلقة اكثر من مرة.. وفي كل اتصال.. كان الجميع يطالب بمحاسبته وتحميله الخسارة..شخصيا.. ومن باب رحم الله امرؤ عرف قدر نفسه.. اعترف ثانية بكامل وعيّ وارادتي.. ودون خوف من وصمة جهل تصيبني.. انني استمع الى هذا الاسم لاول مرة.. ولا اعرف هذا البيكرمان حتى لحظة سماعي صفته.. من يكون؟.. وما دوره؟.. ومهمته؟.. ولماذا يتحمل وحده الخسارة دون غيره؟!..او اليس في ذلك نعمة من الله اصابتني.. اذ انني لا اشتكي على احد.. ولا احمل احدا خسارة احد ؟؟..
*****
من الذكريات التي تواتيني في هذا المقام.. اذكر قبل عقدين من الزمن تقريبا.. اننا كنا نتسابق على نوع من الاجبان يحوي ملصقات لاشهر نجوم الكرة العالمية.. وبرغم استهلاكنا للجبن في المنزل والمدرسة.. فإن الحصيلة المعرفية التي خرجت بها والاسماء التي حفظتها لم تتعد الاسمين او الثلاثة.. اذكر منهم سقراط من منتخب البرازيل و شموخار من منتخب المانيا وماردونا من منتخب الارجنتين.. وغيرهم لا اعرف..مااعرفه بعد ذلك.. ان الاخبار التي توالت عن ماردونا.. والفضائح التي لازمته.. جعلتني احمد الله للمرة الالف انني لم اكن من مشجعيه.. او حتى من الذين ارتدوا فانلة منتخبه.. ومرة اخرى أليس في ذلك نعمة يمنها الله على من يشاء؟..
*****
ماذا لو صعد المنتخب العماني الى كأس العالم؟..
سؤال واحد وردود عدة.. كان من بعضها:
- من عاشر المعجزات.. وحتى في الخيال ما تجي.
- يبدو انك تحلم..
- في المشمش..
- خليهم اول يجيبو كأس الخليج وبعدين تعال تكلم..
- بنحقق رقم قياسي في عدد الاهداف المسجلة علينا.. الفرق اتلعب بنا سلة..
- من .. المنتخب العماني ما غيره؟!.


*****
العالم مهووس الى حد كبير بمباريات كأس العالم.. الكل يتسابق الى اقرب طاولة وكرسي لمشاهدة المباريات.. المقاهي تبتلع المارة والعابرين.. وحيدا في شارع طويل اقود سيارتي.. اتجول.. وكأن مسقط التي ضاقت على سكانها.. تنفست شوارعها.. وخلت طرقاتها.. وصارت هادئة.. الا من اصوات تأتي من جهة المقهى.. ايمم شطري في جهات مسقط.. استمتع بالراحة التي تبعثها المدن في سكونها.. اسرد بخيلاتي الى فكرة تلوح في الافق.. احاول اقتفاء اثرها.. اتتبعها.. ثم في لحظة تالية يصدر هاتفي النقال نغمة استلام رسالة جديدة.. افتحها.. واقرأ ما فيها.. تنبأ من يفوز الليلة.. فرنسا او البرازيل واكسب سيارة..
امسح الرسالة.. واعود الى لحظة الاختلاء النفسي.. ابحث عن الفكرة المفقودة.. اسافر الى البعيد.. بعيدا عن هذا العالم.. وعن كأسه.. الى عالم آخر دون كأس مكتفيا بفنجان قهوة عمانية..



خلفان الزيدي
من أسرة تحرير الوطن
  #88  
قديم 03/07/2006, 09:10 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
كلنا في الهم شرق
شكرا اخي عبد القادر على المساهمة
  #89  
قديم 05/07/2006, 08:39 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
قدم ملف ترشيحه الى مجلس النواب مع عشرة آخرين ... علي صالح يعد في حال فوزه بتوليد الكهرباء بالطاقة النووية

الحياة - 05/07/06//

قدم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح امس ملف ترشيحه الى هيئة مجلس النواب، وقال للصحافيين ان برنامجه الانتخابي يرتكز على الحفاظ على الثورة اليمنية من دعاة الإمامة، وعلى الوحدة اليمنية من دعاة الانفصال، وعلى الديموقراطية باعتبارها اهم المكاسب التي تحققت في عهده.

وأضاف ان من أولويات فترته الرئاسية المقبلة، في حال فوزه، العمل على تحقيق برامج شاملة للتنمية ومكافحة الفقر، وانجاز مشروعات للتوليد الكهربائي بالطاقة النووية عبر اتفاق بدأت خطواته الأولى مع شركات أميركية وكندية تمهيداً لإقراره كمشروع تنموي رائد.

ولفت الرئيس علي صالح الى ان «جماهير شعبنا عندما سمعت بأن هناك ناقوس خطر ووحوشا تكشر بأنيابها تريد ان تنقض على الثورة والجمهورية والوحدة والديموقراطية خرجت بتلقائية من دون ان يدفعها أحد ومن دون برمجة حزبية أو سياسية، وانما خروج عفوي، تطالبني بالعدول عن قرار عدم الترشح وأجبرتني على الترشح وعدلت عن قراري استجابة لندائها».

وأشار الى انه سيعمل خلال الفترة الرئاسية المقبلة على «محاربة الارهاب ومكافحة الغلو والتطرف بالحفاظ على الوطن من هذه الظواهر الخطيرة، الى جانب الاهتمام الكبير الذي سنوليه لبرامج التنمية واستكمال البنى التحتية للمشروعات الخدمية ومكافحة الفقر والبطالة واستكمال بناء المؤسسات العسكرية والأمنية والحفاظ على الأمن والاستقرار»، معتبراً أن حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم الذي يتزعمه «تنظيم سياسي رائد ولديه خبرة متراكمة من التجربة في إدارة شؤون الدولة».

ولوحظ أن مرشح تحالف أحزاب المعارضة في «اللقاء المشترك» النائب السابق فيصل بن شملان لم يقدم أمس ملف ترشيحه لمجلس النواب طالباً تزكية 5 في المئة من أعضاء مجلس النواب والشورى، فيما تقدم 10 مرشحين بملفاتهم وتم قبول خمسة منهم استكملوا الاجراءات القانونية للترشيح، وتأجل البت في خمسة ملفات غير مكتملة، بينها ملف مرشح أحزاب المعارضة الموالية للحكم المنضوية في «المجلس الوطني للمعارضة» ياسين عبد سعيد.

وتستمر فترة تقديم المرشحين للملفات والوثائق الى هيئة رئاسة مجلس النواب 7 أيام تنتهي الاثنين المقبل بحسب نص الدستور اليمني.

وتعتبر هذه الانتخابات الرئاسية الأولى من حيث المواجهة الفعلية بين مرشح الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة في «اللقاء المشترك» والتي يمثلها بن شملان. وكانت أول انتخابات رئاسية في اليمن جرت عام 1999 فاز فيها الرئيس علي صالح بأكثر من 95 في المئة أمام منافسه نجيب قحطان الشعبي الذي ترشح «مستقلا» رغم انه كان ينتمي للحزب الحاكم حينها. ولم تدفع المعارضة بأي مرشح بعدما اعلن آنذاك «التجمع اليمني لاصلاح» ان الرئيس علي صالح مرشحه. وقاطع الحزب الاشتراكي اليمني الانتخابات بعد فشل أمينه العام السابق علي صالح عباد (مقبل) في الحصول على تزكية مجلسي النواب والشورى.
  #90  
قديم 05/07/2006, 10:18 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
انهم يهددون حاضرنا ومستقبلنا

فهمي هويدي

الشبيبة العمانية

اذا كان الذي جرى مع تلميذة الثانوي آلاء، يعبر عن شىء في السياسة التعليمية بمصر، فعلى أجيالنا ومستقبلنا السلام.
( 1 )
استأذن في استعادة تفاصيل الحكاية، التي اسهبت فيها الصحف المستقلة. فالتلميذة آلاء فرج مجاهد (15 سنة) طالبة بالصف الأول الثانوي بمدرسة شربين (محافظة الدقهلية). واذ ذهبت لتؤدي امتحان "التعبير"، فقد وجدت أن المطلوب منها أن تكتب شيئا في موضوع "الصحراء وتعميرها، والفرص التي توفرها الدولة للشباب للعمل بها". كتبت آلاء صفحتين عن جهود الدولة في مجال استصلاح الاراضي وتعميرها، وهى تختم، طالبت الحكومة بتوزيع الاراضي على الشباب للحد من البطالة، بدلا من توزيعها على كبار الملاك. وقالت أن مصر مستهدفة من قبل الدول الغربية التي يهمها ايقاف عملية التنمية والتعمير، واتهمت الولايات المتحدة بالتدخل في شئون مصر، مضيفة اننا تكره (الرئيس) بوش، لأنه يكره مصر، وطالبته بأن يترك مصر "في حالها"، حتى تستطيع المضي في عملية التنمية وتعمير الصحراء. ومن ثم دعت الرئيس مبارك للتصدي للسياسة الامريكية والرئيس بوش، وعدم اعطائه الفرصة للتدخل في شئون مصر.
هذا الكلام الذي يعبر عن نضج في الوعي جدير بالإعجاب، خصوصا حين يصدر عن تلميذة في الصف الاول الثانوي (واضح أنها قارئة ومتابعة)، ازعج مصحح الورقة واصابه بالرعب. فسارع إلى ابلاغ رئيس لجنة التصحيح بمضمونه، الذي فوجئ بدوره واستشعر الخوف، ومن ثم وضع مدير المدرسة في الصورة، بعد أن قدم إليه ورقة الطالبة التي هي دليل اقتراف الجريمة. مدير المدرسة آثر السلامة وأحال الامر إلى مدير المنطقة التعليمية، الذي وجد أن الأمر يجب تصعيده إلى المستوى الأعلى، فأوصل الأمر إلى وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية التي تتبعها المدرسة. واذ اهتزت المديرية كلها على وقع كلمات آلاء، فان مسئوليها عالجوا الامر بقرارين، الأول قضى بحجب نتيجة التلميذة، وحرمانها من دخول الدور الثاني، وحرمانها من الالتحاق بالمدرسة في العام الدراسي القادم، عقابا لها على انها لم تتكلم في السياسة فحسب، وانما ايضا هاجمت الرئيس بوش والسياسة الامريكية.
القرار الثاني تضمن استدعاء آلاء وابويها، وهما من موظفي الدولة، للتحقيق معهم في الملابسات التي دفعت الابنة إلى "التطرف" على ذلك النحو. وقد استمر التحقيق لمدة ثلاث ساعات، وشارك فيه بطبيعة الحال مسئولون من جهاز الأمن. وحين لم يثبت أن آلاء عضو في أي شبكة ارهاب عالمية، ولا علاقة لها بتنظيم القاعدة، وتأكد المحققون من ان الاسرة لا تخفي تحت أي سرير ولا في داخل خزانة بالبيت شيئا من اسلحة الدمار الشامل، عند ذاك سمح للأسرة بالعودة إلى المنزل، وتم الاكتفاء بمعاقبة التلميذة على النحو الذي سبق ذكره.
( 2 )
لم اصدق ما قرأت لأول وهلة، ثم تأكدت لاحقا من صحة المعلومات الاساسية في القصة، "واتصلت هاتفيا بوزير التربية والتعليم الدكتور يسري الجمل، فوجدته مستنكرا الإجراءات التي اتخذت بحق التلميذة، وقال ان المسئولين في المدرسة ومديرية التعليم طبقوا حرفيا قرارا وزاريا صادرا في عام 2000 ينزل عقوبة الالغاء والحرمان من الامتحان، بحق أي طالب يخرج في اجابته على اسئلة الامتحان عن "مقتضيات الآداب العامة". واعتبروا خوض التلميذة في الشأن السياسي والانتقادات التي وجهتها في هذا الخصوص، في سياق كتابة موضوع التعبير، مما يسري عليه القرار الوزارى. واذ اعتبر الوزير أن ذلك القرار مما تجاوزه الزمن، فانه طلب الغاء الاجراءات التي اتخذت بحق الطالبة ومن ثم السماح لها بدخول امتحان الدور الثاني الذي كانت قد حرمت منه.
عالج الوزير الشق الاجرائي والعاجل في المشكلة. وبقى الشق الآخر، الذي هو كارثي بامتياز، المتمثل في موقف الهرم التعليمي كله، الذي رأيناه في هذه الحالة مرتعشا ومرعوبا وقمعيا بلا رحمة،حيث لم يحتمل أولئك "المربون" الافاضل من تلميذة عمرها خمسة عشر عاما أن تتكلم في السياسة. فقرروا انزال اقسى العقوبات بها، الأمر الذي يعكس احد اوجه التحولات الحاصلة في سلوك الجهاز التعليمي، والبيروقراطي بوجه عام، الذي اصبح يرى في القمع اسلوبا امثلا للتعامل مع الجمهور.
لكي ندرك عمق تلك التحولات، بين يدي شهادة تحدث عن علاقة الاساتذة بتلاميذهم قبل اكثر من نصف قرن. فقد تحدث الدكتور سعيد اسماعيل استاذ اصول التربية البارز بجامعة عين شمس في سيرته التي اصدرها تحت عنوان "هاؤم اقرءوا كتابيه"، عن استاذ اللغة العربية الذي كان يخيرهم في كل مرة، وهم في السنة الاولى الثانوي، بين كتابة الإنشاء أما في موضوع سياسي عن احداث الساعة، أو في موضع آخر، وذات مره طلب الاستاذ من تلاميذه أن يكتب الواحد منهم عن: "نزهة في الحقول، تمتعت فيها بمناظر الطبيعة الخلابة، فتحدث عما شاهدت، وواسي الفلاح بكلمة رقيقة".
في موضوع التعبير الذي كتبه التلميذ سعيد اسماعيل يومذاك (15/12/1951) قال ما نصه: أردت أن اروح عن نفسي من عناء سماع وحشية الانجليز، فقررت ان اقوم برحلة بين الحقول.." - وبعد أن وصف مناظر الطبيعة كتب يقول: ..ثم رأيت بشرا.. يشقون في سبيل الحصول على بضعة قروش بها، بينما هناك رأسماليون يجلسون في بيوتهم ساقا فوق ساق، والنقود تتكدس عليهم. إن الفلاح يعرف ذلك. ولكن ماذا يفعل؟ – أنه مكبل بقيود على شكل قوانين من آثار الاحتلال الغاشم. وفي مواساته للفلاحين قال: انكم تعلمون انكم في بؤس وضنك شديد، تعلمون كل هذا، ولكن صبرا، فإن فرج الله قريب. لأنه كلما اشتد الظلام قرب النور.
يذكر الدكتور سعيد اسماعيل في سيرته أن كراسة الانشاء حفلت بالشعارات التي كان يسجلها مع موضوعات الانشاء، بعضها كلمات للاستاذ خالد محمد خالد التي يقول فيها: اذا خفنا اليوم ان نصطلي بناء الثورة دفاعا عن بلادنا، فسنصطلي بها دفاعا عن اعدائنا. واذا آثرنا الطمأنينة على الحرية، فسنفقد الطمأنينة والحرية_ و.. الثورة على الطغاة من طاعة الله و.. ان طريق الواجب هو اقصر الطرق إلى المجد، ولكن في مصر يحدث العكس.
قبل 55 عاما احتفى استاذ اللغة العربية بتلميذه المنجذب للسياسة والداعي إلى الثورة سعيد اسماعيل، ودأب على منحه اعلى الدرجات في الانشاء _ ولابد لصاحبنا هذا ان يحمد ربه لأنه لم يكتب هذا الكلام في مدرسة العام 2006.
( 3 )
ما جرى مع التلميذة آلاء، يسلط الضوء على أحد أوجه كارثة التعليم في مصر. وللعلم فأنني الاحظ أن "وصف الكارثة’" اصبح يقترن بأي حديث عن التعليم في بلادنا، وكأنه شىء عادي، تماما كما يرتبط الصيف بالحر والرطوبة. ذلك ان انهيار العملية التعليمية اصبح مسلما به من الكافة. والحل الذي توافق عليه المجتمع حتى الآن هو اجراء هذه العملية خارج مدارس الحكومة، الأمر الذي ارهق الناس وافسد المدرسين، وحول التعليم إلى تلقين لا هدف له سوى رفع العلامات وتحصيل الشهادات، وبغير مبالغة فإن التعليم فقد روحه، وانفصل تماما عن التربية، وتحول في كل مراحله إلى تجارة، نقلت ذات مرة على لسان أحد الخبراء قوله أن ارباحها تفوق بكثير تجارة المخدرات او السلاح.
يفجع المرء في هذا المشهد مرتين، مرة لأنه حاصل، ومرة ثانية لأن احدا غير معني به. ولا تفسير عندي لذلك سوى أن العملية التعليمية كالصناعة الثقيلة، يبذل فيها جهد كبير ومال وفير، ولكن حصاده المرتجى لا يظهر في الاجل القريب، الامر الذي لا يطيق له اهل القرار صبرا. وهم الذين يتطلعون الى إنجاز سريع يخطف الابصار ويثير الانتباه، وتهلل له وسائل الاعلام كل حين. ناهيك عن انهم اصلا لا يخضعون للحساب أو المساءلة، ويدركون أن استمرارهم ليس مرتبطا بما يحققونه من نجاح او فشل، وانما مرهون بما يحظون به من ثقة ورضى.
الوجه الكارثي الذي تكشف في قصه تلميذة مدرسة شربين يتمثل في مدى الحضور الأمني في العملية التعليمية. فقد رأينا بوضوح التدهور في امكانيات المدارس وانحطاط رواتب المدرسين، وشيوع الدروس الخصوصية، وغير ذلك من صور التلاعب والفساد التي اصبحت بمثابة "عاهات" في مختلف اجهزة الحكم المحلي. لكننا لم نر الضغوط والتعليمات التي حولت اغلب المدرسين الى مرشدين امنيين، وحولت التلميذ إلى آلة تخزين معلومات، وحرمت عليه أن يمد بصره خارج الكتاب، وسدت عليه أية منافذ تمكنه من التفكير في حاضر بلده ومستقبلها. وهى سياسة من شأنها محو الشخصية الوطنية للطالب، ومن ثم تخريج جيل من الرعايا الذين يساقون، وليس المواطنين الذين يشاركون.
أرجح أن يكون قد أريد بهذه السياسة محاصرة افكار التطرف والارهاب، وقطع الطريق على تسريبها في اوساط الاجيال الجديدة. واذا صح ذلك فإنه لن يختلف عن حالة الدبة التي ارادت ان تهش الذباب عن وجه صاحبها فالقت عليها حجرا هشم رأسه. ذلك أنه بدلا من تحصين تلك الاجيال بالوعي الطارد لافكار التطرف، فإن السياسة التعليمية لجأت إلى اخصاء التلاميذ فكريا ومحو شخصيتهم، ليصبحوا لقمة سائغة للتطرف بعد ذلك.
على زماننا كنا نتداول نكتة تقول أن امريكيا قال لواحد من المصريين انهم في بلادهم يتمتعون بحرية تمكن أي واحد منهم من أن يقف من أي ميدان عام، ويهتف ضد الرئيس الامريكي. فاستخف المصري بكلامه، وقال انكم لن تستطيعوا ان تتفوقوا علينا في ذلك، لأنه بوسع أي مصري أن يذهب ايضا الى ميدان التحرير- في قلب القاهرة- ويوجه اقسى الهتافات واقذع الشتائم ضد الرئيس الامريكي.
لن يستطيع الجيل الجديد أن يردد النكتة الآن، لأن منطق الجهاز التعليمي في محافظة الدقهلية اعتبر التنديد بالرئيس بوش جريمة يجب ان يعاقب مرتكبها. وهو موقف كاشف لحقيقة ضياع "البوصلة" الهادية للمجتمع، الأمر الذي اوقع كثيرين في حيرة شديدة، حتى لم يعودوا يعرفون حدود الخطأ والصواب، ولا العدو من الصديق. واذا جاز لنا أن نتصارح اكثر في هذه النقطة، فربما جاز لنا أن نقول بأن تلك البلبلة من نتاج مرحلة اللا مشروع التي نمر بها، والتي التبست في ظلها امور كثيرة في الأذهان على نحو احتمــل الشىء ونقيضه. واذ حدث ذلك بالنسبة للموقف من الرئيس بوش والسياسة الامريكية، فإنه ينسحب ايضا على الموقف من اسرائيل والمقاومة والجهاد واحتلال العراق ومن الانتماء العربي والاسلامي، وغير ذلك من العناوين الرئيسية المرتبطة باشواق وهوية المواطن العربي.
( 4 )
اذا ذهبنا إلى ابعد واعمق في تحليل ما جرى، فسوف نكتشف ان الامر لا يقف فقط عند حدود غياب الرؤية الاستراتيجية لإطار وحدود المصالح العليا للمجتمع، وانما هو دال أيضا على عدم وجود ادراك كاف للعلاقة الوثيقة بين التربية والأمن القومي. ورغم انني لا اعرف ما هي الجهة او الجهات المعنية بتربية الاجيال الجديدة، إلا أنني ازعم ان ثمة اتفاقا على أن وزارة "التربية" لم تعد لها علاقة بهذه العملية. واذهب إلى أن جانبا كبيرا مما يجري في المدارس الحكومية يسهم في افساد المعلمين وتشويه مدارك الطلاب.
ادري أن التربية ليست مهمة وزارة التعليم وحدها، وإن لتنشئة الأسرة دورا جوهريا فيها، لكننا لا ينبغي أن نقلل من خطورة التعليم في ذلك المجال، باعتبار ان المدارس تتولى تشكيل ادراك الناشئة منذ نعومة اظفارها، وطيلة الـ15 عاما الأولى من عمرها على الاقل، فضلا عن أن مؤسسات التعليم هى المعنية بتأهيل الافراد لتلبية احتياجات المجتمع، وهى الفريضة التي غابت مع تحول تلك المؤسسات إلى مشروعات تجارية صرفة.
ان تخريج جيل باهت الشخصية، يؤسس مجتمعا عليلا فاقد القدرة على العطاء، فضلا عن الابتكار والابداع. وهذه الاعاقة لا تهدد أمنه القومي فحسب، ولكنها ايضا تجعل مستقبله مظلما.
  #91  
قديم 05/07/2006, 11:02 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
صاحت في وجه الجميع: الملك عريان
2006/07/05

آلاء.. طفلة حادة الذكاء، لم تتعد ربيعها الرابع عشر بعد.. تقف الآن وحدها ـ عزلاء ـ في مواجهة قوي طاغية، ونفوس متوحشة.. رجال لاتصل هاماتهم الي ما دون كعبها الصغير.. هالهم ان نزعت الطفلة ورقة التوت من فوق عورة انظمتنا التي تتغني بـ ازهي عصور الديمقراطية ، فقرروا ان يسومونها واهلها الويل..
كل ما فعلته آلاء انها عبرت ـ بصدق ونقاء ـ عما تشعر به وما يعيه عقلها الذي لم تنجح وسائل اعلامهم في تلويثه، جرمها الذي ارتكبته ان عقلها كان عصيا علي التدجين، وانها استخدمت هذا العقل علي النحو الذي خلقه الله له: للتفكر والتدبر ولم تردد ما يلقنوه لها، فكان لزاما ان يطبق عليها الحد لخروجها عن الجماعة. فقد طيرت وكالات الانباء ان آلاء فرج مجاهد الطالبة بمدرسة شربين الثانوية للبنات اجابت علي سؤال التعبير في امتحان اللغة العربية، اجابة لم تكن تخطر علي بال اساتذتها علي قدر صدقها وبساطتها.. فالسؤال كان يقول اكتب موضوعا عن اهمية استصلاح الصحراء بالنسبة للاقتصاد المصري . فاتهمت الطالبة في موضوعها الانشائي الولايات المتحدة بانها السبب في المشكلات الاقتصادية التي تمر بها مصر والعديد من الدول العربية وذلك لانها تدعم الانظمة الفاسدة ولا تهمها مصلحة الشعوب، بل كل ما يشغلها هو الحفاظ علي مصالحها والبحث عمن يضمن لها النفوذ والكلمة العليا في مختلف العواصم العربية وعلي رأسها مصر .. هكذا وبكل بساطة فعلت آلاء ما فعله الطفل في القصة التي كنا نقرأها ونحن صغار الملك عريان .. وتحكي القصة باختصار ان ملكا طاغية امر ان يصنع له ثوبا ليس كمثله ثوب في الدنيا.. ولما احتار خياطوه اتفقوا في ما بينهم علي استغلال غروره في خداعه، وفي موعد ارتدائه للثوب خلعوا عنه رداءه، وتظاهروا بانهم يلبسونه ثوبا جديدا.. وعندما قال لهم انه لا يري هذا الثوب اقنعوه انه ثوب من خامات نادرة.. خيوطه رقيقة للحد الذي يجعله لا يشعر بملمسه علي جسده، فنادي علي وزيره وسأله وهو عار عن رأيه في الثوب، فأثني الوزير علي رقة الثوب وندرة جماله وروعة صنعته، وهو ما فعله بقية رجال الملك المنافقون، ولما خرج الملك بثوبه المتخيل ليريه للناس انحنوا جميعا امامه من الخوف والنفاق، الا طفل صغير صاح ببراءة ولكن الملك عريان .. وهو عين ما قالته آلاء في ورقة الامتحان.. توقعت ان باستطاعتها ان تعبر بصدق عما تفهمه وما تدركه بعقلها الراجح وحسها النقي ـ أوليس هذا هو المطلوب في موضوع للتعبير؟ لكن الطفلة، لم تدرك مدي هول ان تكون نقيا وصادقا في وسط ملوث منافق.. فما ان قرأ المدرس الذي تولي تصحيح ورقتها الموضوع حتي تملكه الهلع ـ او الرعب.. او الطمع، وهرع الي رئيس لجنة التصحيح، الذي رفع الامر بدوره ـ كما لو كان مخبرا وليس مربيا فاضلا ـ الي مديرية التربية والتعليم، وبدوره قام السيد وكيل الوزراة، وهو ليس مخبرا في المباحث ايضا كما يفترض، بالاتصال بجهة ما. وتم استدعاء الطفلة من منزلها: وتناوشتها اسئلة واتهامات عدد من كبار الشخصيات بالمحافظة في حضور وكيل الوزراة ورئيس الاشراف علي التصحيح.. لم يرحموا هلع الطفلة التي اجهشت بالبكاء عندما منعوا والدها من الانفراد بها.
وتقول الطالبة: جلست في حجرة صغيرة بمفردي، ثم جاء ثلاثة محققين، تناوبوا الاسئلة علي. وكانت كلها من نوعية هل تنتمين الي تنظيم سري ما؟ ومن الذي دفعك للهجوم علي امريكا؟ وما هو رأيك في النظام المصري؟ وانا لا افهم نصف الكلام الذي يقال لي، والنصف الآخر لا علاقة لي به . وبعد التحقيق، اصدرت مديرية التربية والتعليم القرارات باعلان رسوب الطالبة وعدم السماح لها بدخول امتحانات الدور الثاني. ان جميع فنون الدعاية ووسائل الاعلام لن تستطيع ان تخفي عن عيني طفل سليم العقل والطوية ان الملك.... عار!!
اكرام يوسف
كاتبة صحفية من مصر

جريدة القدس العربي (بتصرف)
  #92  
قديم 05/07/2006, 12:26 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
كلمات قصيرة

قضية 'آلاء'

مصطفى بكري- الاسبوع

نختلف مع الرئيس مبارك في كثير من المواقف، لكن ذلك لايمنع من أن نؤكد ان موقفه من الطالبة 'آلاء' يستحق التقدير والاحترام ويكشف عن سعة صدر وحرص علي مستقبل فتاة كانت كل جريرتها انها عبرت في ورقة الاجابة عن غضبها الشديد مما آل إليه حال البلاد وتحكم الادارة الامريكية في شئون اوطاننا.
لقد انتصر الرئيس للحق واستجاب لصوت الشعب واكد احترامه لحرية الرأي والفكر الذي عبرت عنه هذه التلميذة في كراسة التعبير.
لقد كان د. أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب شجاعا في قول الحق ورفض اسلوب مدير مديرية التربية والتعليم بالدقهلية الذي أصر علي اسقاط التلميذة في مادة اللغة العربية جزاء لها، وكان الأولي أن يكرمها.
كان صوت رئيس مجلس الشعب مجلجلا، معبرا عن الرأي العام، ولذلك عندما استمع الرئيس مبارك الي الحقيقة كاملة اتخذ القرار الصحيح طلب من وزير التربية والتعليم ان يصدر التعليمات باعادة تصحيح المادة وأن يأتي بالتلميذة إلي مكتبه وأن يبلغها بالنتيجة.
وعندما وصلت آلاء إلي مكتب الوزير فوجئت بأن الرئيس مبارك يحادثها تليفونيا بلغة الأب الحنون الذي ابدي اعتزازه بها وشجعها علي ممارسة حقها في أن تبدي رأيها.
تحية إلي موقف الرئيس الذي رفض كل محاولات التحريض ضد طالبة عبرت عن رأيها في كراسة الاجابة وانتقدت نظام الحكم وتحية إلي الدكتور فتحي سرور الذي انتفض معبرا عن غضبته وعن رفضه لطريقة التعامل مع الطالبة التي وعد الدكتور سرور بأن يأتي بها إلي المجلس وأن يكرمها ويمنحها ميدالية مجلس الشعب.
  #93  
قديم 05/07/2006, 12:37 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
وزير التربية والتعليم يلغي قرار حرمان الطالبة آلاء من أداء امتحان الدور الثاني


كتب صالح شلبي ومحمد رشيد (المصريون) : بتاريخ 28 - 6 - 2006

قرر وزير التربية والتعليم الدكتور يسري الجمل قبول التماس ولي أمر الطالبة آلاء فرج مجاهد ـ التلميذة بالصف الأول الثانوي بمدرسة شربين الثانوية للبنات ـ بدخول امتحان الدور الثاني في مادة اللغة العربية، وإلغاء قرار مديرية التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية بحرمانها من الامتحان هذا العام، بسبب انتقادها السياسة الأمريكية في إحدى موضوعات التعبير.
من ناحية أخرى ، عقب الدكتور مفيد شهاب وزير الدولية للشئون القانونية والمجالس النيابية على ما ذكره أحد النواب بأنه تم إلغاء امتحان الطالبة بسبب هجومها على الإدارة الأمريكية بقوله: إن الأمر ليس بهذه الصورة، فقد قامت الطالبة بكتابة عبارات تمثل قذفا في النظام العام والآداب العامة وتدل على الاستهتار.
وأوضح شهاب أن موضوع التعبير كان عن غزو الصحراء ، ولكن التلميذة قالت في الموضوع "ماذا سوف نجني من الدولة إلا ما هو رديء وخسيس، الحقيقة أن كبار قواد مصر لا يريدون لها التقدم والحكومة لا تريد أن ترفض حتى لا نقول إنها عاجزة. الرئيس بوش ينفذ سياسات تؤذي مصر وشبابها والأغرب أن رئيسنا يستجيب لهذا ******".
وأضاف شهاب أن التلميذة كتبت فقرة أخري خاطبت فيها الرئيس قائلة : "احكم فينا بكتاب الله وسنة رسوله ، لقد اعتدنا على هذا النظام المهين"، وعبارات أخري على هذا المنوال.
واعتبر شهاب أن استخدام الطالبة لهذه العبارات يمثل قذفًا في النظام والآداب ودليلاً على استهتارها، مما اضطر مدير المديرية إلى تطبيق القواعد وقرر إلغاء الامتحان وحرمانها من الدور الثاني.
وأشار إلى أن ولي أمرها تقدم بالتماس لمدير المديرية مزكي من أحد أعضاء المجلس جاء فيه "أن الطالبة حديثة السن وتبلغ من العمر 15 ربيعًا ، ولم تقصد الإساءة لأي من المسئولين ، وإنني أطالب بسحب قرار مدير المديرية وتمكين الطالبة من أداء امتحان الدور الثاني في الصف الأول حرصا على مستقبلها" ، وقام مدير المديرية بعرض المذكرة على الوزير الذي وافق على سحب قراره والسماح للطالبة بأداء الامتحان.
وأكد الوزير أنه على الرغم من أن حرية الرأي مكفولة لكل إنسان للتعبير عن رأيه ، إلا أن ذلك مقيد بأن يكون في حدود القانون والنقد البناء، مشيرًا إلى أنه تم الموافقة على السماح لها بدخول الامتحان تحقيقا لرغبة ولي أمرها ولحداثة سنها.
من جهته ، انتقد الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب تصرف مدير مديرية التعليم بمحافظة الدقهلية ، وقال إنه لم يراع أية نواحي تربوية وما كان يجوز له أن يتعامل مع التلميذة بهذا الأسلوب وهي تبدي رأيها مهما تجاوزت ، وكان عليه أن يعاملها بصورة تربية لأن هذا العقاب سوف يترك في قلبها وعقلها آثارًا تجعلها من الجبناء ، وتساءل: هل نريد تخريج طلاب ملقنين لا مفكرين.
وأشاد بقرار وزير التربية والتعليم قائلا : لو كنت مكان الوزير لعاقبت المدير ، ووجه تحية للطالبة وتأنيبا شديدًا للمدير.
وكان الدكتور سرور قد طلب في بداية الجلسة الإطلاع على ورقة إجابة الطالبة لمعرفة حقيقة ما نشر بشأنها عن تعرضها للرسوب في الصف الأول والثانوي لكتابتها موضوعا ضد السياسية الأمريكية.
وأكد سرور في تعقيبه على النائب محمد البلتاجي ـ الذي عرض حالة الطالبة أمام المجلس أمس ـ أن مثل هذا الأمر يعد انهيارا للعملية التعليمية إذا عوقبت الطالبة بسبب إبداء رأيها.
ورد الدكتور مفيد شهاب بأن مجلس الوزراء بحث هذا الأمر في اجتماعه أمس وقام وزير التربية والتعليم بعرض إجابة الطالبة عليه، مؤكدًا أنه لن يستبق الأحداث وسيترك الأمر للوزير لعرضه على المجلس عندما يحضر لكشف كافة الحقائق أمام النواب.

على صعيد متصل ، وجه خبراء تربيون انتقادات حادة لوزارة التربية والتعليم واتهموها بمخالفة قواعد التربية بسبب القرار الذي اتخذته برسوب الطالبة في مادة اللغة العربية لانتقادها السياسة الأمريكية في إحدى موضوعات التعبير.
واعتبروا القرار مخالفًا لكل القواعد التربوية التي تؤكد حرية الطالب في التعبير عن آرائه ومبادئه في مادة التعبير، فضلاً عن تعارضها مع حرية الرأي التي يكفلها الدستور لكل مواطن.
وأكد الدكتور عدلي عزازي أستاذ طرق التدريس أن ما فعلته وزارة التربية والتعليم ضد الطالبة المذكورة هو أمر بالغ الخطورة ، ولا يصح في أي مجتمع يدعى الحرية والديمقراطية في إبداء الآراء.
وشدد على أحقية الطالب في أن يعبر عن مشاعره وانفعالاته واتجاهاته في موضوعات التعبير التي تقررها الوزارة بشرط ألا يخرج عن سياق الفكرة ، مشيرا إلى أن هذا ما فعلته الطالبة آلاء بعد أن أرجعت المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها مصر إلى السياسات الأمريكية في المنطقة ، وهو ما اعتبره رأيا صائبا ولا يتعارض مع الفكرة الأساسية.
من جانبه، أشار الدكتور عبد الغني عبود أستاذ التربية إلى أنه لا يحق للوزارة أن تقرر رسوب الطالبة لمجرد أنها أبدت رأيها في أحد موضوعات التعبير، معتبرًا أن قرار الوزارة كبت للرأي وحرية التعبير ويخالف القواعد التربوية التي تحث على تنمية ملكة النقد والإبداع عند الطالب ، وحريته في التعبير عن أفكاره وتوجهاته فيما يطرح عليه من قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية.
من جهته، أكد علي لبن عضو مجلس الشعب والخبير التربوي أن قرار رسوب الطالبة نتيجة طبيعية لفرض التغريب على التعليم المصري ، ومحاولة لنزع أية اتجاهات وطنية من قلوب وعقول الطلاب حيال قضايا وطنهم القومية، فضلا عن كونه أيضًا نتيجة طبيعية لتلقي معونات ومنح أمريكية بزعم تطوير وتحديث العملية التعليمية.
  #94  
قديم 05/07/2006, 12:39 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
عن المواطنة آلاء : محنة الأطفال إذ يُعبِّرون ! ـ أحمــد عبدالرحيــم


أحمــد عبدالرحيــم : بتاريخ 28 - 6 - 2006
هل سمعت «السيدة الفاضلة» ـ وفى رواية أكثر شعبية : «الماما» ! ـ بما حدث للمواطنة آلاء فرج مجاهد (ذات الخمسة عشر ربيعاً) الطالبة بالصف الأول الثانوى بمدرسة شربين (محافظة الدقهلية) = ؟
وهل سمعت عنها أبواق الدعاية التى تصدِّعنا صباحَ مساءَ بالتغنى بـ «مصر مبارك» التى لم يُقصَف فىها قلمٌ ولم يُحجَر فيها على رأى ؟
... ...
آلاء طفلةٌ ـ لا تزال ـ عبَّرت عن رأيها فى المادة التى يطلبون فيها من الطلبة والطالبات التعبير , فلم تشعر إلا بالدنيا «تقوم وتقعد» بسبب ما كتبت , وبساعات من التحقيق ـ الذى , بتعبيرها ,«هراها» ـ بمعرفة «أمن إدارة شربين التعليمية» , وبقرار بترسيبها هذا العام , ثم «تخفيف» هذا القرار بترسيبها فى مادة اللغة العربية (درجة فقرة التعبير فيها 12 من 60) لتدخل فيها دوراً ثانياً ..
توقع , أيها المواطن الذى تتمتع بالعيش فى عصر «مصر مبارك» المبارك ! , سبباً لهذا «القَلَبان» كله!
كل ده كان ليه ؟
لأن المواطنة الصغيرة آلاء فرج مجاهد صدقت برنامج الرئيس الانتخابى الذى وعد منتخبيه بالديمقراطية والحرية (آسف .. بل وعد بـ «المزيد منهما» !) , فعبرت ـ كما طلبوا منها فى ورقة الامتحان ـ عن رأيها فى موضوع تعمير الصحراء , فكتبت عما تقرأه وتسمعه وتشاهده .. من التعقيدات التى يواجهها الشباب الذين يحاولون ـ بدورهم ـ تصديق الوعود والأمانىّ . كما كتبت عما «تراه» من أن أمريكا ـ «القوة العظمى المهيمنة» ـ تقف من وراء هذه التعقيدات لتحقيق مصالحها والإبقاء على سيطرتها , وعرَّجت بالمناسبة على الأستاذ جورج بوش ببعض ما رأته يستحق من الأوصاف .. ولم تعلم أن للأستاذ بوش «رجالاً» أشدَّاءَ لا يَغفُلون عن أى متعرض لجنابه الأفخم ! كما طالبت بأن يقوم الرئيس مبارك والحكومة با يجب من التصدى لهذا الإفساد الأمريكى ..
وبالتالى .. تنقلت ورقة إجابتها من مصححها الهُـمَام الرِّعديد ـ فى آنٍ ! ـ , إلى إدارة «الكنترول» , إلى إدارة المدرسة , إلى إدارة التعليم , إلى مديرية التعليم بالدقهلية , حتى حطت رِحالَها أمام السيد وزير التعليم شخصيًّا !
يا الله ! فعلاً .. العيون المدقِّقة ساهرةٌ على أبناء الوطن ـ صغارهم قبل كبارهم ـ !
... ...
دفعت المواطنة الصغيرة آلاء ثمناً غالياً لتعبيرها .. ولبراءتها أيضاً !
... ...
فى الحلقة المتميزة من برنامج «العاشرة مساءً» على فضائية دريم المصرية (السبت 24/6/2006) التى استضافت فيها منى الشاذلى المواطنة آلاء ووالدها المواطن فرج .. تساءلت منى بوجع : إذا لم «يخطىء» الطالب و«يتهور» و«يتجاوز» فى المرحلة الإعدادية والثانوية .. فمتى يَسَعه أن يفعل ؟! وإن لم تُصحَّح الأخطاء برَوِيَّة ولِين ـ واحترام أيضاً ـ فى هذه السن .. فعليه العوض فى أى خريج يُعامل بهذه الطريق !
ثم طرحت منى الشاذلى اقتراحاً يريح الجميع :أَلْغُوا مادة التعبير أساساً !
... ...
أما أنا ؛ فلدىَّ ما أهديه إلى الجميع : الماما والبابا (أو ، طلباً للدقة ، الستو والجدو !) , والمجلس القومى لرعاية الطفولة (فى الحقيقة .. لستُ متأكداً من أنه «قومى» !) , والمجلس القومى (ده بقه أكيد أكيد قومى !) لحقوق الإنسان , والسيد وزير التعليم (لا أذكر إن كان لا يزال وزيراً للتربية أم لا !) , والسيد وكيل وزارته, والسيد المحقق الذى كان ـ خلال ساعات التحقيق الطويلة ـ ينظر إلى المواطنة آلاء من وراء نظارته , والسيد المصحِّح , والسيد فرج مجاهد , وبالطبع .. المواطنة آلاء شخصيًّا..
إليهم , وإلىَّ وإليك , ما أوصَى به الحكيم معروف الرصافى قبل عشرات السنين :
يا قومِ .. لا تتكلموا . إن الكلام محرَّمُ / ناموا , ولا تستيقظوا . ما فاز إلا النُوَّمُ / وتأخروا عن كل ما يقضى بأن تتقدموا / ودعوا التفهُّمَ جانباً .. فالخيرُ ألَّا تفهموا / وتثبتوا فى جهلكم .. فالشرُّ أن تتعلموا ..
إلى آخره .. وإلى آخرنا !
  #95  
قديم 05/07/2006, 12:48 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
قالوا لها في التحقيقات: 'أكيد حد وراكي'
آلاء.. التلميذة الإرهابية!!
خيري عنتر- الاسبوع

'آلاء فرج مجاهد' الطالبة بالصف الأول الثانوي بمدرسة شربين الثانوية الحديثة عمرها 15 عاما صدقت ما يكتب في الصحف القومية وما يردده التليفزيون الحكومي من أن في مصر حرية وكتبت في موضوع التعبير أثناء أدائها لامتحان الورقة الأولي في اللغة العربية ثلاث صفحات هاجمت في آخرها جورج بوش واتهمت أمريكا بأنها وراء جميع المصائب التي تحدث لمصر وطالبت الرئيس مبارك وحكومته بالتصدي لها وعدم إعطائها الفرصة في التدخل في شئون مصر وبدلا من تقديرها أثناء عملية التصحيح لغيرتها علي مصلحة الوطن فوجئت بتعليق المشانق لها والحكم عليها بقتل طموحها وتدمير مستقبلها.
جاء القرار الصدمة الذي أصدره وكيل وزارة التربية والتعليم بالدقهلية منذ أيام بإلغاء امتحانها هذا العام في كل المواد كالصاعقة.
في شارع الجلاء بمدينة شربين استقبلتنا أسرتها البسيطة التي تعيش في شقة بسيطة أهم ما يميزها أكوام الكتب المكدسة في حجرتين إحداهما مزودة بمكتبة للطالبة آلاء والأخري مكتبة لوالدها فرج مجاهد رئيس نادي الأدب بشربين.
البداية كانت مع الطالبة آلاء والتي تركناها تروي مأساتها وقالت: كنت أؤدي امتحان التيرم الثاني في العشرين من مايو الماضي والبداية كانت اللغة العربية وبالتحديد في الورقة الأولي اخترت موضوع التعبير الخاص بجهود الدولة في استصلاح الأراضي ودور الشباب في عملية تعمير الصحراء كتبت ثلاث صفحات في هذا الموضوع أبرزت فيها الجهود التي تقوم بها الدولة في عملية التعمير واستصلاح الأراضي وفي الورقة الثالثة طالبت الدولة بتوزيع الأراضي علي الشباب للحد من البطالة بدلا من توزيعها علي الكبار وقلت: إن مصر مستهدفة من بعض الدول الغربية لإيقاف عملية التعمير والتنمية فيها واتهمت أمريكا تحديدا بالتدخل في شئون مصر وهاجمت الرئيس الأمريكي جورج بوش وقلت: إننا نكره بوش لأنه يكره مصر وطالبته بأن يترك مصر في حالها حتي تستطيع الاستمرار في عملية التنمية وتعمير الصحراء وطلبت من الرئيس مبارك التصدي لأمريكا ورئيسها جورج بوش وعدم إعطائه الفرصة للتدخل في كل صغيرة وكبيرة في مصر.
وتضيف آلاء: اعتقدت أن أستاذ اللغة العربية سيقدرني في الدرجات وأكملت باقي المواد حتي أحصل علي درجات كويسة عشان آخذ شهادة تقدير زي الشهادة اللي أخذتها منذ ثلاثة شهور.
تتوقف آلاء للحظات لتنهمر الدموع من عينيها ثم تقول: أثناء إعلان النتيجة توجهت إلي مدرسة شربين الثانوية الحديثة ففوجئت بحجب النتيجة واعتقدت في البداية أن السبب ربما يكون التأخر في دفع المصروفات المدرسية ولكن المفاجأة كانت مرعبة عندما علمت من والدتي التي تعمل في نفس المدرسة بإلغاء امتحاني بسبب ما كتبته في موضوع التعبير.
وقالت: إنه بدلا من أن يكرموني لحبي لبلدي حاكموني في الشئون القانونية بالإدارة التعليمية بشربين والمحقق قال لي: انت هاجمتي الرئيس الأمريكي ليه؟ وإزاي تنتقدي النظام الحاكم في مصر وتهاجمي القيادات في البلد؟ قلت له: أنا أهاجم سياسات ولا أهاجم أشخاص وأنا بحب مصر وأكره أمريكا. قال لي: مين اللي قال لك تعملي كده بابا ولا الأستاذ انت عندك 15 سنة وماتعرفيش حاجات من ده؟ قلت له: أنا مش شايفة إن دي حاجة غلط وكتبت رأيي بصراحة. فقال: اكتبي الكلام ده في الورقة بخط إيدك أكيد فيه حد وراكي مش ممكن تكتبي لوحدك. فسألته: أنا عملت إيه غلط، المظاهرات في أمريكا أمام البيت الأبيض بتشتم في الرئيس الأمريكي جورج بوش ومحدش كلمهم وأنا عشان هاجمت الرئيس الأمريكي هنا في بلدي مصر تعملوا معايا كده؟ اندهش المحقق من ردي عليه وأثناء خروجي همس لبعض الموجودين قائلا: البنت دي عندها بوادر انحراف سياسي.
سألنا آلاء عن حياتها الأسرية قالت: والدي شاعر وأديب ونعيش حياة بسيطة أنا وأشقائي الثلاثة ربانا والدي علي تحمل المسئولية وأعطانا الحرية في اتخاذ القرار، عشقت القراءة من خلال المكتبة التي أسسها لي والدي من مرتبه البسيط، طموحاتي الالتحاق بكلية السياسة والاقتصاد.
أما والدة آلاء التي تعمل وكيل قسم في مدرسة شربين الثانوية الحديثة نفس مدرسة آلاء فتحدثت قائلة: كنت منتدبة في مدرسة أخري أثناء فترة الامتحانات لوجود ابنتي آلاء في نفس المدرسة التي أعمل فيها وعند عودتي اطلعت علي النتيجة بعد إعلانها وفوجئت بعدم وجود اسمها في الكشوف بين الناجحين ولا بين الراسبين في مواد.. توجهت لمدير المدرسة وسألته عن نتيجة ابنتي فقال: اسألي الكنترول، سألت الكنترول فقال لي وأنا مالي اسألي الأستاذ محمد فوزي مدير المدرسة نتيجة بنتك محجوبة وعندما سألته: هل ارتكبت عملية غش أثناء الامتحان؟ فقال: مفيش غش ولا حاجة، قلت له: هل فيه مصروفات متأخرة تسببت في تأخير النتيجة؟ قال: 'بنتك خرجت عن موضوع التعبير وكتبت في السياسة'، عندها أصبت بصدمة، سألت ابنتي عن الأمر فقالت: كتبت رأيي.
تتذكر والدة آلاء حالة خلاف بينها وبين أحد الزملاء بالكنترول مضي عليها حوالي شهر وتربط بينها وبين ما حدث لابنتها وتقول إنها علمت من بعض الزملاء أن مصحح موضوع التعبير كان يقرأ الموضوع في الكنترول ثم أخذه منه مسئول الكنترول الذي كان بيني وبينه خلاف سابق بموجب المذكرة المقدمة مني ضده رقم 276 بتاريخ 3/4/2006 وقام بتصعيده لمدير الإدارة التعليمية الذي أمر بالتحقيق وأبلغ وكيل وزارة التربية والتعليم بالدقهلية.
وتتساءل الأم في حسرة قائلة: هل موضوع التعبير اللي كتبته بنتي آلاء يستحق التحقيق، أم أن انهيار العملية التعليمية بمعمل العلوم المطور بالمدرسة المكدس بأجهزة الكمبيوتر التي كلفت الدولة الآلاف دون توظيفها بشكل صحيح هو الذي تستحق التحقيق؟ وتضيف قائلة: منهم لله الذين ظلموا آلاء بنتي ولن نترك حقها يضيع.
هنا يتدخل فرج مجاهد والد الطفلة آلاء متسائلا: كيف نربي أولادنا؟ هل علي الحرية أم علي الانحراف؟ ويقول: عندما علمت بموضوع ابنتي توجهت إلي المسئولين بالمدرسة والإدارة التعليمية بشربين فلم أجد من يساندني وتحفظ الجميع بحجة أن الموضوع وصل لبعض الجهات الأمنية. اتجهت إلي نواب الدائرة العربي شامة وصلاح فرج وحاولا التدخل ولكن وكيل وزارة التربية والتعليم بالدقهلية كان الأسرع في إصدار قرار بإلغاء امتحان آلاء وعدم تمكنها من دخول الدور الثاني مع عدم احتساب السنة سنة رسوب مستندا إلي الفقرة (أ) من المادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 41 لسنة 2000 حسبما علمت والمادتين 40 و41 من قانون التعليم واللتين تنصان علي حرمان الطالب من الامتحان إذا ضمن أوراق إجابته أمرا يعد قذفا للنظام.
يشير الوالد إلي أنه لم ييأس وتقدم بتظلمه لوكيل الوزارة عن طريق النائب صلاح فرج ولكنه رفض وأصر علي إرسال القرار للإدارة التعليمية.. حاولت الحصول علي صورة منه دون جدوي ولكنني علمت أن وكيل الوزارة سحب القرار من الإدارة التعليمية مرة أخري لإخفائه حتي لا نحصل عليه ونلجأ بموجبه للقضاء. ويطالب بإعادة تصحيح مادة اللغة العربية واعتبار ابنته ناجحة حتي لا يضيع مستقبلها، خاصة أنها من بين الطلبة المتفوقين الذين حصلوا علي شهادة تقدير مؤخرا من الإدارة التعليمية.
  #96  
قديم 08/07/2006, 09:44 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
نهايتنا بعد ثلاثين عاما


كل يوم يطلع علينا علماء الفلك بأنه قد حان موعد فناء الأرض وهلاك الانسان، كأنهم لا يريدون الحياة على هذه الأرض، وأنهم لذلك يتعجلون نهايتها ويتعجلون هروبنا الى أي كوكب آخر.

في الأسبوع الماضي أرسلت (مؤسسة د ـ 612 لإنقاذ كوكب الأرض)، برقية إلى الكونجرس الأميركي تقول: إنه تحددت ساعة ويوم هلاك كوكب الأرض ومن عليها في الساعة الحادية عشرة و35 دقيقة يوم 3 ابريل سنة 2036 ميلادية ومطلوب حل سريع، أي مطلوب من الكونجرس اعتماد مبلغ من المال لاتخاذ قرار عاجل لإنقاذ الارض، ولكن انقاذنا من ماذا؟ انقاذنا من جسم كبير اسمه (ابو فيس) وابو فيس هذا اسم إله الدمار عند المصريين القدماء، فهذا الحجر يبلغ عرضه الف قدم، وهذا الحجر في مدار في الفضاء وفي هذه الدقيقة والساعة واليوم الذي حدده العلماء، سوف يرتطم بالارض ويكون له اثر اقوى من تسونامي المحيط الهادي والاعصار كاترينا وزلازل سان فرنسيسكو، او ما يعادل 880 مليون طن من مادة ت. ن. ت أو ما يعادل سبعين الف قنبلة ذرية مثل قنبلة هيروشيما.

سألت عالم الاثار المصري د. زاهي حواس، فقال إن ابو فيس هذا ليس إلها فرعونيا، وإنما هو احد آلهة الهكسوس، الذين جاءوا الى مصر عبر تركيا وفلسطين، وأغاروا عليها وأقاموا فيها 150 عاما، فما هو الحل؟

الحل هو أن يبحث علماء الفضاء عن طريقة لإخراج ابو فيس عن مداره، حتى لا ترتطم بكوكب الارض ولكي تخرجه عن مداره يجب ان تتدخل بالضغط عليه، وذلك بأن تبعث له بسفينة فضاء. هذه السفينة لها جاذبية وسوف تشد ابو فيس بعيدا، وبذلك يمر بالقرب من الأرض ولا يرتطم بها ويكون ذلك بعيدا عنها بضعة ملايين الكيلومترات او بطريقة اخرى كأن يطلق العلماء مقذوفا من فوق سطح القمر، هذا المقذوف يصيب ابو فيس ويزلزله فيهبط بضعة كيلومترات عن مداره بعيدا عن الارض او يطلق علماء الفضاء سفينة فضاء محملة بكتل من الحديد، ثم يسددون هذه السفينة الى ابو فيس فتصطدم به وتحدث انفجارا وتحطيما لجانب كبير منه، وتكون النتيجة ابعاد ابو فيس عن الارض. ويرى علماء الفضاء الأميركان ان كل شيء يجب ان يتم في العشرين عاما القادمة، بحيث يمكن تضليل ابو فيس وتطويحه في الفضاء الخارجي. المهم ان يتم كل ذلك قبل الموعد المحدد بعشر سنوات على الأقل.

وقد تقدم احد علماء الفضاء الأميركي باقتراح قديم، وهو نسف أبو فيس بقنبلة ذرية نظيفة أي قنبلة قادرة على تحطيم جانب من هذا الجسم الخطر، ولكن بعض العلماء خاف من أن يتجه حطام ابو فيس الى كوكب الأرض عاما بعد عام، وبدلا من تحطيم الأرض مرة، فإنها تتحطم عدة سنوات، ولا بد أن يتفق العلماء حتى سنة 2029، وإلا فالنهاية معروفة.

أنيس منصور
الشرق الاوسط
  #97  
قديم 08/07/2006, 12:28 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
تكشف عن أسرار خطيرة..وتجنيد سعوديين بلندن والخرطوم
وثائق استخبارات صدام: علاقات ببن لادن وإذاعة لمنشقين سعوديين


دبي - العربية.نت

تشير وثائق عثر عليها بين ملفات رئاسة المخابرات العراقية السابقة وتحتفظ بها "مؤسسة الذاكرة العراقية"، وهي مؤسسة مستقلة غير حكومية في بغداد أسسها ويشرف عليها الدكتور كنعان مكية، عن وجود علاقة بين نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وزعيم منظمة "القاعدة" أسامة بن لادن. كما تكشف عن مساع لإنشاء إذاعة لمنشقين سعوديين.

وتتضمن إحدى الوثائق بحسب تقرير أعده الزميل معد فياض لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية السبت 8-7-2006 وصفا لتحرك الاستخبارات العراقية في لندن والخرطوم من اجل كسب من سماهم ببعض المعارضين السعوديين قبل ان تتطرق الوثيقة للعلاقات بين المخابرات العراقية وبن لادن.

وتحتفظ مؤسسة الذاكرة العراقية، بمئات الآلاف من الوثائق التي تم العثور عليها في الاجهزة المخابراتية والاستخبارية والامنية التي كانت تابعة للنظام العراقي السابق، وبين هذه الوثائق أدلة مؤكدة على عمليات تعذيب وإعدام الآلاف من العراقيين، حسب أوامر صادرة من الاجهزة الامنية او من الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وسيزيح برنامج تلفزيوني وثائقي "ضوء" الذي تنتجه مؤسسة الذاكرة العراقية بإشراف وإعداد الباحث والكاتب مصطفى الكاظمي، مدير المؤسسة في العراق، النقاب عن وثائق تؤكد وجود علاقة وصلات بين رئاسة المخابرات العراقية السابقة وأسامة بن لادن ومسلسل التحرك عليه عندما كان مقيما في السودان.

كما يكشف البرنامج الذي سيتم عرضه قريبا من خلال قناة العراقية الفضائية، عن تحرك المخابرات العراقية السابقة لكسب بعض المنشقين السعوديين ومنح بعضهم حق اللجوء السياسي في العراق ومنحهم جوازات سفر عراقية بأسماء وهمية.

وجاء في وثيقة صادرة عن رئاسة المخابرات العراقية السابقة عام 1994 وتتألف من 9 صفحات كبيرة، وصف كامل لتحرك المخابرات العراقية في لندن والخرطوم من اجل كسب من سمتهم ببعض المعارضين السعوديين قبل ان تتطرق الوثيقة للعلاقات بين المخابرات العراقية وبن لادن. وجاء في الفقرة (أ) من الصفحة الخامسة من المذكرة.

وكما ورد في نص الوثيقة «خلال زيارة (شخصية سياسية سودانية سمتها الوثيقة) الى القطر (أي الى العراق) ولقائه بالسيد عدي صدام حسين بتاريخ 13/12/1994 وبحضور مدير الجهاز (المخابرات العراقية) المحترم، أشارت (الشخصية السودانية) الى أن اسامة بن لادن المقيم في السودان والذي كان متحفظا ويخشى ان يتهم من قبل خصومه بأنه أصبح عميلا للعراق، مهيأ للقاء به في السودان (تمت الكتابة بنتائج اللقاء الى الرئاسة الموقرة بموجب كتابنا 782 في 17/12/1994).

ب. حصلت موافقة الرئاسة الموقرة (الوثيقة تعني رئاسة الجمهورية) على لقاء اسامة بن لادن من قبل الجهاز (المخابرات) وبموجب كتابها 138 في 11/1/1995 (قصاصة ـ6ـ) وقد تم اللقاء به من قبل م.ع.م السابق في السودان وبحضور (الشخصية السودانية المشار اليها سابقا) بتاريخ 12/2/1995، وجرى مناقشته حول تنظيمه، وطلب اذاعة أحاديث شخصية دينية سعودية لها تأثير في الداخل والخارج وتخصيص برنامج لهم من خلال الاذاعة الموجهة داخل القطر(العراق) والقيام بعمليات مشتركة ضد القوات الاجنبية في ارض الحجاز (تم إشعار الرئاسة الموقرة بتفاصيل اللقاء بموجب كتابنا 370 في 4/3/1995 (قصاصة ـ7).

وتوضح الوثيقة اهتمام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وقتذاك، بتفاصيل لقاء عناصر المخابرات العراقية مع بن لادن. ففي الفقرة (ج) من الوثيقة ورد ما يلي «حصلت موافقة الرئيس القائد حفظه الله على تخصيص برنامج لهم من خلال الاذاعة الموجهة، ونترك لتطوير العلاقة والتعاون بين الجهتين ما ينفتح بينهما بالحوار والاتفاق من ابواب تعاون اخرى، وتم ابلاغ الجانب السوداني بموافقة الرئاسة الموقرة أعلاه من خلال ممثل السيد مدير الجهاز المحترم سفيرنا بالخرطوم».

الوثيقة المخابراتية تكشف عن عمق تأثير المخابرات العراقية على بن لادن، وذلك عندما يتم تبليغه من قبل عناصر المخابرات العراقية بضرورة ترك السودان، كونه يشكل خطرا عليه، وبالمقابل يعمل بن لادن بهذا التبليغ ويترك السودان بالفعل، كما توضح الفقرة (د) من الوثيقة والتي جاء فيها «بسبب ظروف السودان الاخيرة واتهامها بدعم واحتضان الارهاب، فقد تم الاتفاق مع المعارض السعودي اسامة بن لادن بترك السودان الى جهة اخرى، حيث غادر الخرطوم في شهر يوليو (تموز) 1996 وتشير المعلومات انه يتواجد في أفغانستان في الوقت الحاضر».

لا تنتهي علاقة المخابرات العراقية مع بن لادن باستقراره في افغانستان، بل ان العلاقة تبقى مستمرة من خلال قناة جديدة. تقول الوثيقة الصادرة عن المخابرات العراقية «ولا زالت العلاقة معه مستمرة من خلال الجانب السوداني، ونعمل في الوقت الحاضر لتفعيل هذه العلاقة من خلال قناة جديدة في ضوء مقر تواجده الحالي». الوثيقة المخصصة لتحقيق علاقات مع ما تسمى بالمعارضة السعودية في ارجاء مختلفة في العالم، تبدأ بكشف شخصيات ومنظمات بعض المنشقين سعوديين في الخارج.

وتكشف الوثيقة في الفقرة (أ) من الصفحة الاولى تحرك جهاز المخابرات العراقي السابق لتأمين اتصال مع الشخصية السودانية «لتحقيق لقاء للمخابرات العراقية مع مصري يمثل شخصية سعودية تقيم في اوروبا. وحضر اللقاء سفيرنا (ممثل الجهاز في الخرطوم) والشخصية السودانية، وقد طرح ممثل الشخصية السعودية المنشقة موضوع التعاون والتنسيق المشترك مع العراق وإمكانية وضع آلية وبرنامج عمل مع حركته». وتكشف الوثيقة عن اهتمام عدي النجل الاكبر لصدام حسين بموضوع متابعة الشخصية السعودية والتعاون معها، حيث تتحدث الوثيقة عن لقاء تم في بغداد بين الشخصية السودانية وعدي صدام حسين وبحضور رئيس جهاز المخابرات.

الباحث والكاتب مصطفى الكاظمي أكد أن «هدف مؤسسة الذاكرة العراقية من خلال برنامج ضوء التلفزيوني، هو اطلاع الرأي العام العراقي والعربي والعالمي على ممارسات نظام صدام من خلال وثائق مكتوبة وصوتية ومرئية (فيديو وصور فوتوغرافية) ضد الشعب العراقي وضد الاشقاء العرب، من غير ان نتدخل نحن في هذه الوثاق، نحن نعرضها مثلما هي ثم نستضيف متخصصا للتعليق عليها، وبالتالي فان هذا البرنامج سيتحول الى مصدر مهم للدارسين والباحثين في مجالات التاريخ السياسي والاجتماعي».

وأضاف الكاظمي ان «البرنامج سيعرض حلقات موثقة عن غزو العراق للكويت والحرب العراقية ـ الايرانية وملاحقة الجهات الامنية للعراقيين من طلبة مدارس وموظفين ومهنيين».
  #98  
قديم 09/07/2006, 12:00 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
الصحة الإنجابية وزواج الأقارب ـــ سلام مراد

الصحة الإنجابية.. وزواج الأقارب وأهمية العلاقة الحميمية بين الأم وجنينها وطفلها, عنوان محاضرة للدكتور عبد اللطيف ياسين قصاب؛ ألقيت في المركز الثقافي العربي في طرطوس.‏

إن الزواج هو أسمى الروابط الإنسانية؛ والاختيار المناسب للزوجة أو الزوج, يتطلب مراعاة نقاط وأسس عديدة؛ مثل الدين والخلق والتكافؤ الاجتماعي, وذلك قبل التوافق الطبي موضوع المحاضرة.‏

إن عقد الزواج الذي يتم بين شريكين وبصورة اختيارية هو أقدس وأعظم وأخطر عقد بين العقود التي تبرم بين البشر كافة.‏

ركز الدكتور ياسين في محاضرته على الصحة /النفسية والجسدية/ للزوجين قبل حصول الحمل, فمنذ القدم معروف أن هناك اهتمام خاص بالحامل يطلق عليه "العناية بالحامل".‏

أما الآن فقد وجهت الأنظار إلى الاهتمام بالزوجة والزوج قبل الزواج وقبل أن تحمل الزوجة؛ وهو جزء من الوقاية المثالية الحديثة, التي لم تطبق بعد في كل أنحاء العالم, ويتضمن هذا الاهتمام العناية والاهتمام بالزوجين قبل الزواج وذلك بالفحص الطبي وأخذ اللقاحات.‏

وقد صدق أحد الحكماء عندما قال:‏

"إن تربية الطفل يجب أن تبدأ قبل ولادته بعشرين عاماً, وذلك بتربية أمه؛ فالأم هي المدرسة الحقيقية... وشخصية الأم تنعكس على شخصية الأبناء تلقائياً, وإن لم يمكن وراثياً, فإذا كانت شخصية الأم سوية؛ كانت شخصية الابن قوية وطيبة؛ أما إذا كانت شخصية الأم غريبة الأطوار, ففي هذه الحالة تكون شخصية الابن ضعيفة ومعقدة.‏

يقول المثل الفرنسي "ليس الحب الحقيقي أن ينظر الحبيبان أحدهما إلى الآخر؛ بل أن يتطلعا معاً في الاتجاه عينه".‏

هناك ثلاثة مراحل يحددها الأطباء للوصول إلى طفل سليم ومعافى؛ وهي:‏

ـ المرحلة الأولى ـ التي تسبق فترة الزواج بنحو سنة على الأقل.‏

ـ والمرحلة الثانية ـ ترتبط بفترة الحمل والولادة.‏

ـ والمرحلة الثالثة ـ تشمل فترة ما بعد الولادة ورعاية الوليد والطفل جسدياً وعاطفياً وذهنياً.‏

زواج الأقارب‏
قال رسول الله (: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) أي تزوجوا الأغراب حتى لا تضعف الذرية.‏

وفي الحقيقة تشجع العادات والتقاليد العربية "زواج الأقارب" لأسباب عديدة منها الرغبة في الاحتفاظ بالثروة داخل الأسرة, وصغر السن عند الزواج وما يرافقه من عدم النضج العاطفي وانفراد الآباء بالقرار, فضلاً عن عوامل أخرى ترتبط بنشوء هذه الظاهرة كالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ ومثلما يورث الآباء أبناءهم الصفات الوراثية العادية كلون العينين وشكل الأذن, فإنه يورثونهم أيضاً صفات مرضية تسبب إصابتهم بعيوب وعاهات وأمراض وراثية, إذ أن احتمال حمل زوجين قريبين جيناً من نوع واحد تكون مرتفعة وهذا ما يزيد من اكتساب المواليد جيناً وراثياً لمرض نادر.‏

ويرى الأطباء أن الخطر في مثل هذا الزواج؛ يكمن في الأمراض الوراثية التي يحمل جيناتها الزوج والزوجة معاً.‏

ومع أن هذه الأمراض من الممكن أن لا تظهر عليهما؛ فإنها تورث بعد الزواج للأطفال والأحفاد, كما في أمراض التخلف العقلي ومرض الكبد (ويلسون) إلى جانب أمراض الدم الوراثية التي تشمل فقر الدم المنجلي, وفقر دم البحر المتوسط (التلاسيميا) والفشل الكلوي, كما يعتقد أن مرض الصرع والأمراض القلبية, وداء السكري تزداد في بعض الأسر وتتضاعف احتمالات توارثها بالزواج من الأقارب.‏

إن النظام الوراثي في الإنسان لا يتغير, مهما حدث من طفرات وراثية, وهذه الطفرات ربما تغير بعض الصفات الخلقية إلا أنها لا تؤثر على الإطلاق في النظام الوراثي الخاص في الخلية البشرية.‏

والعوامل الوراثية على الأغلب الأعم تكون إما سائدة أو متنحية, والعامل الوراثي السائد هو الذي له القدرة على الظهور والتعبير عن نفسه, في حين أن العامل المتنحي لا يستطيع ذلك إلا إ ذا اجتمع مع عامل وراثي متنح مماثل تماماً, وعندئذ تظهر الصفة الوراثية التي يحملانها معا, وعند وجود العوامل الوراثية السائدة والمتنحية الحاملة للصفات الوراثية؛ تظهر تلك الصفات في الأبناء والأحفاد.‏

* أهمية العلاقة بين الأم وطفلها عند الإرضاع‏
إن الوظيفة الأساسية الأولية للإرضاع هي نقل الغذاء المثالي في الحليب الإنساني من الأم إلى وليدها؛ إضافة إلى انتقال المناعة والأمراض التحسسية وتدعيم الرابطة بين الأم وطفلها وتأثير ذلك على تكوين الأسرة المترابطة في المستقبل القريب البعيد إضافة إلى أن النساء المرضعات هن أقل إصابة بسرطان الثدي والمبيض السكري من النساء غير المرضعات وكلما أكثرت المرأة من الإرضاع قل تعرضها لهذه الأمراض.‏

قد بينت الدراسات العلمية بأن سلامة الوليد الجديد ونموه وصحته تتوقف بشكل كبير على وجود رابطة قوية وتعلق كاف بينه وبين أمه, ومن المحتمل بأن فترة الإرضاع؛ قد تعتمد على نوعية هذه العلاقة.‏

وإن فصل الوليد عن أمه, خلال الساعات الأولى لامتناع الكثير من النسوة في أيامنا الحاضرة بمعناه الحضاري؛ ونتيجة فصل بعض المشافي الحديثة وبشكل روتيني الأمهات عن أطفالهم بعد الولادة وتقليل التماس المباشر والاحتكاك الأولي بعد الولادة.‏

وهذه الفترة بالذات لها أهميتها الكبيرة, فقد بينت الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل والسويد أهمية التماس مع الحلمات في الساعات الأولى من الحياة بين الأم ووليدها في خلق مستويات حسية مفيدة ناجحة عن طريق لمس اليد والنظر في العيون والصوت وبكاء الطفل والرائحة المنبعثة من كليهما... فهنا شراكة بينهما تعم فائدتها الطرفين ليس فقط في أوقات الرضاعة وإنما تتخطاها إلى المستقبل البعيد, فهي ذخيرة وكنز في بناء الأسرة والجو العائلي والتلاحم والترابط وتكوين الحميمية والوئام بينهما وما ينجم عنه من أولاد بررة بالأب والأم.‏

وأهم من كل ذلك تحقيق الفاصل بين الولادات لمصلحة الأم والطفل معاً؛ لقد وجد أن أقل نسبة لوفيات الأطفال هي عندما يكون سن الزوجين بين الـ 20 ـ 29 سنة من العمر وتزداد نسبة الوفيات هذه كلما انخفض سن الزوجة إلى ما تحت العشرين, وكلما زاد عن الـ 40 سنة.‏

إن الصحة الإنجابية مهمة جداً لكي يأخذ الطفل حقه في العناية الصحية, ليبقى سليماً معافى من الأمراض والأوبئة.‏

ولكي يكون هناك جيل سليم؛ بعيداً عن الأمراض النفسية والجسدية.‏

فالأطفال نواة المستقبل؛ وعندما نعتني بصحة الأطفال, نؤسس لمستقبل زاهر, بالاعتماد على جيل سليم ومعافى من الأمراض والأوبئة.‏

المحاضرة: الصحة الإنجابية.. وزواج الأقارب‏
د. عبد اللطيف ياسين قصاب‏

المركز الثقافي العربي في طرطوس أيار 2006‏
  #99  
قديم 09/07/2006, 12:30 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
مونديال الدم؟
!

محمد كعوش

العرب اليوم الاردنية

اليوم ينتهي مونديال الكرة.. ولكن مونديال الدم يتواصل!!

هناك التباس في المشهد, لا استطيع التمييز او التفرقة بين الصورة والصورة,

فقد التحم الزمان والمكان والدم في فلسطين والعراق..

لا استطيع التمييز أو التفرقة فانا أرى المشهد يتوحد, هو ذلك الجندي المدجج يتكرر, يطارد الضحية ذاتها, والدبابة المستنسخة تتحرك والطائرة تحوم في الاجواء, والحقد الاسود يغطي المشهد بدم الشهداء, في العراق كما في فلسطين.. في ظل صمت عربي مشبوه موجع!!

كنا نتابع مباريات كأس العالم عندما تسللت الدبابات الاسرائيلية الى قطاع غزة وزرعت الموت والدمار مخالفة كل القوانين, دون ان تنطلق صافرة »الحكم الدولي« ودون ان يتحرك ضمير العرب والغرب معاً, فلم نسمع سوى احتجاجات خجولة متناثرة هنا وهناك لا حول لها ولا قوة ولا تأثير تماماً كما حدث في العام 1982 عندما اجتاحت الجيوش الاسرائيلية جنوب لبنان حتى وصلت الى بيروت اول عاصمة عربية عندما كنا مشغولين بمتابعة مباريات كأس العالم في اسبانيا!!

اليوم تنتهي مباريات كأس العالم, ولكن العدوان الاسرائىلي على الشعب الفلسطيني يتواصل, وكذلك الاحتلال الامريكي للعراق حيث المذبحة ضد الشعب العراقي بلغت ذروتها...

هكذا المشهد يتوحد في المكان والزمان والدم, فاسرائيل هدمت الهيكل السياسي والاقتصادي للسلطة الفلسطينية وخربت البنية التحتية وحاصرت الأرض والشعب وارتكبت المجازر واعادت القضية الى المربع الاول..

كذلك الجيوش الامريكية احتلت العراق ونهبت ثرواته وهدمت هيكل الدولة وحلت الجيش ونشرت الفوضى وانتهكت حقوق الانسان وارتكبت المجازر وخالفت كل القوانين والشرائع وتحول الآن دون قيام دولة العراق الموحدة الحرة المستقلة بعدما قسّمت الارض الى اقاليم والشعب الى طوائف!!

كل ذلك يحدث في فلسطين, والعراق في ظل وضع عربي متخاذل توزع بين مشارك او صامت او شامت .. وهو الحال المحزن المخزي الذي اخرج هذه الامة من التاريخ, حيث لم يعد بيد الناس سوى ورقة واحدة هي المقاومة وصرخة واحدة »الحرية او الموت«.
  #100  
قديم 09/07/2006, 12:45 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
خفايا وغرائب من العالم

هل هي عادات.. أم اعتقادات

لا تمش أسفل السلم خوفا من الأرواح!

احمل عروسك في ليلة الزفاف فالعتبة مقدسة!

ضع سكينا تحت رأسك إذا كنت قلقاً في النوم!

لا تفتح المقص عند غروب الشمس!

لا تؤدي عملاً إذا شاهدت بومة في طريقك!

احرق ملابسك إذا استمعت إلى خبر سيء!

إذا تعثر ولدك في مشيته فخذه إلى البحر يوم الأربعاء!

لخروج أسنان الطفل بسرعة فلتضع عمته إصبعها في فمهه!

تجنب أن تختار الرقم 13 أو تجلس في مقعد له هذاالرقم!

لا تقبل بطن قدم الرضيع لكي لا يفتقر في حياته!

إذا سقط طفلك فاسكب ماء بارد مكان سقوطه!

لا تكنس بيتك بالليل فذلك يجلب المشاكل!



مع كل التطور الذي يشهده الإنسان وهو يعيش القرن الحادي والعشرين، ما زال البعض يتفاءل بحدوة الحصان وحذاء الطفل الصغير والخمسة وخميسة ويتشاءم من رقم 13 والمرآة المكسورة والبومة وفتح المقص ليلا.. وتلك المعتقدات لم تأت من فراغ ولكنه ميراث تاريخي منذ القدم ولا زال يؤمن بها الكثير من الناس، ولكن الجديد إن أحدا لم يسأل نفسه: لماذا يحمل العريس عروسه ليلة الزفاف ويخطو بها فوق العتبة؟ ولماذا يحرق الناس ملابسهم بعد الاستماع إلى الأخبار السيئة؟



ما زالت المصادفة تتحكم في حياة بعضنا إن لم يكن معظمنا فهناك من يتفاءل برقم ما بينما يتشاءم آخر من نفس الرقم.. كما أن البومة إذا ما رآها شخص ممن يؤمنون بمثل هذه الخرافات فان مشاعر الكآبة تلازمه طوال اليوم إذ يشعر وكأن "النحس" حتما سيصادفه بينما يتفاءل بها شخص آخر. ومن يؤمنون بخرافة أن المرآة المكسورة تجلب الحظ السيئ لسبع سنوات. أو أن فتح المقص ليلا واللعب به سيحدث مشاكل كبيرة بين اثنين. أو أن القطة السوداء لها في عالم النحس حكايات وروايات. وان فردة حذاء طفل صغير إذا ما علقت داخل سيارة فإنها تفيض بالخير على صاحبها إلى آخر ذلك من تقاليد واجتهادات، وهذه الأعمال أو التقاليد لها جذور عميقة في عالمنا فقد توارثتها الأجيال فبدت وكأنها واقع وقانون من قوانين الطبيعة، ولكن الواقع يؤكد أن وراء هذه المعتقدات خلفيات أسطورية قديمة لا أساس لها من الصحة ومن بينها هذه القائمة من المعتقدات الخاطئة والشائعة على المستوى المحلي أو العربي أو العالمي.

الطرق على الخشب "دق على الخشب"

من اجل إبعاد عين الحسود حتى يومنا هذا سواء كانوا من عامة الشعب أو المثقفين وفي جميع الحضارات يعلقون على الإطراء أو الاستحسان بعبارة "امسك الخشب" أما اصل هذه الخرافة كما سمعتها في برنامج " د. شريف العلمي" من الألف إلى الياء بأنها تعود إلى آلاف السنين حيث كان الرومان يعتقدون أن آلهتهم تسكن في منطقة الغابات وسط الأشجار وإذا ما أراد احدهم "التبرك" من الآلهة فانه يقوم بلمس خشب الأشجار، ومن هنا جاء الاعتقاد السائد بأن لمس الخشب يسهم في إبعاد الشر.

المشي أسفل السلم يجلب الحظ السيئ

هذا اعتقاد سائد بين الشعوب الأوروبية ويستند من يؤمنون بهذه التقاليد إلى أسطورة قديمة تشير إلى أن الأرواح تسكن المثلث الكائن بين الحائط والسلم وان اجتياز هذه المنطقة يزعجهم وتسيء لهم المضايقات لذلك فهي منطقة محرمة على الإنسان فإذا ما اجتازها فسوف يلاحقه سوء الحظ بسبب سخط الأرواح عليه.

التفاؤل بحدوة الحصان

كثيرون يؤمنون بأن حدوة الحصان تجلب الحظ السعيد لذا فهناك من يعلقونها على باب المنزل أو يرتدون الحلي التي اتخذت شكل الحدوة حول أعناقهم كتميمة أو أداة جالبه للحظ، ويرجع ذلك أيضا إلى اعتقادات قديمة خاطئة تتصل بحركة الشمس وعلاقتها بالأرض، فقد كانوا يعتقدون أن هذه الحدوة تتخذ شكل حرف "U " وان هذا المنظر هو دليل الحماية لذلك فقد كانوا يتفاءلون بأي شيء على هيئة هذا الشكل.

ذيل النجمة

ويعتقد البعض انه إذا وقعت عيناك على نجمة في السماء لها مذنب وتمنيت في تلك اللحظة أمنية ما فانه حتما ستتحقق هذه الأمنية، وهذا الاعتقاد يرجع إلى معتقدات قديمة تشير إلى أن النجمة ذات المذنب تعني أن شخصا صالحا في هذه اللحظة قد فارق الحياة وان هذه النجمة ما هي إلا روحه الطاهرة وهي تصعد إلى السماء تاركة الأرض بما فيها من مشاكل وهموم وفي ذات الوقت أيضا فان هناك روحا جديدة تولد في الأرض فيبقى بذلك رصيد البشر من العدد ثابتا.

احمل عروسك

التقليد الذي يتبعه العريس ليلة الزفاف حيث يقوم بحمل عروسه عند دخولهما المنزل لأول مرة وحتى اليوم يتبع العريس هذا التقليد الذي توارثته الأجيال برومانسية بالغة بالرغم من أن احد حتى الآن لا يعرف جذور هذا التقليد الذي بالقطع يسعد العروس ولكن الواقع يشير إلى انه تقليد روماني قديم. فقد كان يقال "أن العتبة في أي مكان كانت منذ القدم شيء مقدس ومكرس للآلهة فيستا وهي آلهة البتولين لذلك فقد كان الرومان القدماء يعتقدون انه لا يصح أن تلمس أقدام العروس هذه العتبة بقدميها.

كسر عظمة دجاج

الحظ يحالفك إذا ما شاركك أحد في كسر عظمة في الدجاجة (تقع في صدر الدجاجة) وتتخذ شكل رقم "8" وكان من نصيبك الجزء الأكبر.. وهو تقليد ما زال يفرض نفسه حتى اليوم في دول أوروبا خاصة يوم عيد الشكر فتقام مباراة بين كل اثنين لكسر عظمة الترقوة الموجودة في عظام الدجاجة وكل من يحصل على الجزء الأكبر من هذه العظمة يكون هو الفائز وصاحب الحظ السعيد وتكون أمامه الفرصة بأن تتحقق له أمنياته.

تميمة قديمة

وعن الخلفية التاريخية في مجتمعنا العربي فنحن كأي شعب من شعوب الأرض كان يتفاءل ويتشاءم أيضا، فهي عادات متوارثة منذ عاش الإنسان الأول على الأرض وبدأ ينسب انفعالاته إلى مسببات خارجية، دون وعي أو إدراك فقد كان القدماء على سبيل المثال يتفاءلون باليمين ويتشاءمون من اليسار، حيث كانوا يرون أن اليمين دليل القوة والسلطة بينما يرمز اليسار إلى الضعف، وبالرغم من ذلك فقد كانوا شعوبا تبغي البهجة والمرح والفرح بالدرجة الأولى حتى معتقداتهم الخاصة بالموتى، فقد كانوا يؤمنون أن الموت ما هو إلا رحلة سفر من عالمنا إلى عالم آخر أفضل وانه حتما سيعود الراحل مرة أخرى على عالمنا في رحلة البعث ولذلك نجد مقابرهم قد امتلأت بالكنوز والزخارف والأشكال التي تزين جدرانها كما نجده في الاهرامات لدى الفراعنة والتي تركت الكثير من العبارات المشجعة المتفائلة مثل عبارة " انك تموت لتحيا".

كما كان القدماء يؤمنون بالحسد ويعملون على حماية أنفسهم وأسرهم منه وكان يستخدم في ذلك الأموليت أي التميمة في العصر الحديث وهي ما يطلق عليها في الأحياء الشعبية اليوم الحجاب لاعتقادهم إنها تجلب الحظ الحسن وتبعد الشر كما كانوا يستخدمون العين التي تكون في منتصف كف اليد للحماية من الشر ويبدو أن مثل هذه العادات القديمة قد توارثتها الأجيال إلى يومنا هذا.. ولأن الوقاية خير من العلاج فعلينا أن نتابع الإنسان منذ نشأته فان كل ما يزرعه الآباء يحصده الأبناء فنجد إن هناك إنسانا متفائلا بطبيعته وآخر متشائما دون أن يعرف احد سببا لذلك لكننا إذا عدنا إلى طفولة كل منهما فسوف نتوصل حتما إلى نقاط الضعف التي أدت إلى إيمانهم بهذه التقاليد.

غرائب
هناك قصة عربية قديمة تحكي عن ملك كان يتشاءم من أي إنسان أعور يقابله دون أن يدري لذلك سبا وفي أحد الأيام صادف الملك وقت خروجه إلى رحلة صيد رجلا أعور .. فتشاءم من ذلك وأمر بسجنه ومضى لاستكمال رحلته دون أن يصيبه أي مكروه، بل كان موفقا في كل خطواته حتى انه قام باصطياد عدد كبير من الحيوانات لم يسبق له أن اصطاد مثلها من قبل، وعندما عاد أمر بإخراج الرجل من السجن ومقابلته لشعوره بالذنب، فما كان الرجل عند مقابلة الملك إلا انه لقنه درسا قائلا:" يا سيدي الملك لقد أتممت رحلتك بسلام، ولكن ألا يجدر بي أن أقول إن هذه المقابلة قد جلبت لي الحظ السيئ فقد قضيت يوما كاملا بسببها بالسجن". وكان الرجل يعني بكلامه بهذا، أن رؤية الملك كانت هي الشؤم وليس الأعور.

معتقدات تفائلية

قد يؤمن الإنسان أن كل ما يحدث له ولغيره إنما بأمر من الله وليس للتفاؤل والتشاؤم شأن في ذلك والإنسان بطبعه يعكس مشاعره على العالم، فمن تجاربي الخاصة يمكن أن أؤكد انه لا علاقة بهذه التقاليد بالدين أو العلم بل إنها جميعا نتاج انفعالات نفسية مثل المثل الذي يقول "يا مستعجل وقف حتى أقولك" فالإنسان عندما يكون سريعا في حركته تقل بالتالي درجة تركيزه فيقوم بأعماله باستعجال مما يؤدي إلى اضطرابه وعدم إتقانه لعمله، فيكون ذلك سببا منطقيا لتعطيله، إذن فإنني وحدي القادر بأن أسيطر على حياتي بأن تكون لي نظرة ايجابية بعيدة عن السلبية فعندما يكون هناك كوب على المائدة يرى الإنسان الايجابي الجزء المليء منه بينما يركز الإنسان السلبي بنظره على الجزء الفارغ منه، أي انه لا يرى إلا الجزء الفارغ فقط، وكثيرا ما يقع الآباء في هذا الخطأ الشائع فهم لا يدركون أن جميع تصرفات أطفالهم وانفعالاهم ما هي إلا صفات مكتسبة من الكبار كالخوف من الظلام أو الحشرات أو الحسد..الخ.

كلها أخطاء يقع فيها الكبار فيختزنها الصغار في عقولهم الباطنة فتؤثر في نفوسهم دون أن يعلموا ولا شك أن الطفل يكون معرضا معظم الأحيان لكل هذه الخرافات عن طريق اختلاطه بالآخرين عند خروجه إلى المدرسة، أو عن طريق التلفزيون، وهنا يظهر دور الآباء فان مجرد نفيهم واستنكارهم لمثل هذه الأفكار يكون له تأثير ايجابي على الطفل بدرجة لا يتخيلها احد، فان الطفل إذا احتار فانه يلجأ دائما إلى والديه كمرجع أكيد موثوق منه. فإذا رأى الآباء ذلك فان طفلهم ينشأ خاليا من أمراض العصر النفسية، خاصة ضعف الثقة بالنفس، فكثيرا ما ينسب بعض الناس فشلهم أو نجاحهم إلى الحظ وهم لا يعلمون أن كليهما نابع من داخلهم، فان فاقد الثقة بالنفس إذا توقع الفشل فانه لا بد وان يفشل لان الفشل يبدأ من الداخل قبل أن يطفو على السطح، وكذلك النجاح فانه يتخذ نفس الخطوات فإذا أراد التلميذ النجاح حتى وان كانت فرصته محدودة فانه يبذل قصارى جهده وتكون النتيجة أن يكلل هذا الجهد بالنجاح.. حتى بالنسبة للمرض فان الأطباء يجمعون على أن نصف علاج المريض تكمن في نفسيته إذا كان راغبا في الشفاء أم لا وقد أجرى مؤخرا بحث على رجال الأعمال، ثبت من خلاله إنهم لا يمرضون إلا في الإجازة لان جميع طاقاتهم الجسمانية تكون متقدة أثناء العمل ورغبتهم في النجاح عالية مما يقوي أجهزتهم المناعية، وعند استرخاء هذه القوى في فترة الإجازة فان الجسم يكون مستعدا لاستقبال الأمراض والوهن لضعف جهاز المناعة في تلك الفترة، وذلك يؤكد وجود سبب علمي لكل حالة، أما حالات التشاؤم والتفاؤل الخرافية فإنني اعتقد إنها تسبب إعاقة تفكير الإنسان واتجاهه إلى السلبية، فهناك من يعتقدون إن البومة تجلب الحظ السيئ ربما لارتباطها بالبقاء في الأماكن الخربة أو المظلمة بينما هي في الحقيقة تأتي إلى هذه الأماكن بعد خرابها بالفعل لأنها تعيش على القوارض والزواحف فتكون سببا في نظافة هذا المكان من مثل هذه الحيوانات، وللتأكد من أن هذه الأفكار ما هي إلا خرافات فان الناس في أوروبا يصنعون منها تماثيل يتفاءلون بها، كما أنها تنتشر في قصص الأطفال هناك باعتبارها صديقا محببا للأطفال ورمزا للحكمة بسبب شكلها الوقور.



وبالرغم من يقين طبقة المثقفين بالتحديد من أن هذه الأفكار ما هي إلا خرافات فإنهم يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان خاضعين للأفكار التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم بالرغم من اقتناعهم بعدم صحتها ففي الجليل الأعلى (منطقة في فلسطين) مثلا يعترف البعض انه إذا صادف وتناثر الملح أمامهم فوق السفرة أو انسكب فان ذلك يجعلهم يشعرون بالتشاؤم مما يجعلهم يتركون السفرة والطعام وينطلقون إلى مكان آخر، مع العلم بان في القدس وضواحيها يقومون بنثر الملح على رؤوس العروسين معتقدين بأنها تحمي من الحسد.

وهناك بعض المناطق مثل مناطق الجنوب "الخليل، وبئر السبع، والظاهرية "التي يعتقد البعض عند سماعهم لأخبار غير سارة بان عليهم حرق ملابسهم التي كانوا يرتدونها اعتقادا منهم أنهم بذلك يحرقون الفأل السيئ
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز الصور لا تعمل
رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 09:29 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 145
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.