لقد كان الإمام جابر من أوائل الذين قاموا بالتأليف فقد اهتم بتدوين ما تعلمه ووعاه من علم شامل نافع ، وفقه كامل واسع ، وزاد على ذلك فتاويه التي أفتاها وآراءه التي تفرّد بها ، فجمع ذلك كله في ديوانه الكبير المسمى ديوان جابر ، وللأسف لم يشاء الله بقاء هذا الديوان الذي قيل أنه واسع جداً ويقع في عشر مُجلدات ضخمة . ولقد كان هذا الكنز العلمي النفيس محفوظاً بمكتبه ببغداد حتى جاء التتار (المغول) واجتاحوا العراق ونشروا الفساد وأحرقوا المكتبة . وبقيت نسخة واحدة في المغرب العربي ، قيل أنها وقعت في يد أحد طلبة العلم وهو النّفاث فرج بن نصر الذي اختلف مع الإمام عبدالوهاب بن عبدالرحمن الرستمي رحمه الله في تاهرت بالجزائر ، ولكن نفّاثاً قام باتلاف النسخة الموجودة لديه حسداً في ذلك . لكن يحتوي مستند الإمام الربيع بن حبيب على أحاديث صحيح ومنه ما إحتواه فقه الإمام جابر بن زيد تأليف يحيى محمد بكوش ، الذي جمع آراء الإمام الفقيه وبعض مروياته . كما ان المسائل المروية عن الإمام جابر في الكتب العديدة المشتملة على الفقه الإسلامي كل هذه وتلك مما حواه الديوان المذكور ، وما يدعوا إلى السرور والشكر لله هو أن عُلماء الإباضية هُم الذين أحرزوا السبق في مضمار التأليف ، وهذا ما أثبتته مصادر التاريخ ، وتجدر الإشارة إلى وجود مخطوطة من مجموعة مسائل فقهية للإمام جابر بالمكتبة الملكية بلندن ، توجد صورة من هذه المخطوطة بمكتبة وزارة التراث القومي والثقافة بمسقط ، كان الإمام أبو الشعثاء رحمه الله ، واسع العلم وقَّاد الفكر ، حاد الذاكرة ، قويّ الفطنة والذكاء ، والدليل على ذلك تعايشه مع بني أميَّة ، وهو بعيد عنهم وعن اتجاهاتهم وما هُم عليه من تعسف في الحكم والمُعتقد ، وهم يعلمون حقيقته ، ويظهر من ذلك قول الحجاج المشهور بعد إحدى خطب الجمعة التي أطال فيها حتى كاد يخرج وقت الصلاة ، فصلى الإمام إيماءً ، فانتبه الحجاج وقال : لقد علمنا من صلى ومن لم يصلِ ، ورغم اختلافه معهم إلا أنه من أصحاب ديوانهم ، يأخذ منهم عطاءه حال العاملين لهم ، إلا أنه لم يعنهم على مظلمه ولا سعى إليهم يوماً بكلمة ، ولا عمل لهم عملا ، وبعدما ضاق الحجاج ذرعاً سجنه لئلا يحضر الحج ويعلو فيه صوت الحق ويلتقي بأهله الذين يمتعضون من بني أمية عامة ومن الحجاج خاصة ، حتى جاء أول يوم من ذي الحجة فأطلق سراحه لعله لا يلحق بالحج ، ولكن لم ينل من عزيمته شيئاً فأتى ناقته وشد رحاله ولحق بموسم الحج ، ويقال عنه أنه حج أربعين حجة في عمره ، رحمه الله .
المصدر:
http://www.montada.com/showthread.ph...tpost&t=268447