سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > السبلة الدينية

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع تقييم الموضوع
  #51  
قديم 12/06/2004, 03:42 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
تنبيه هام:
في البيت السابق ذكر الناظم قواعد الدين و هي:
1. العلم 2. العمل 3. النية 4.الورع

و ذكر هنا أركان الدين، و لا شك بأن القواعد هي الأساس كقواعد البيت لا يقوم البنيان إلا عليها، أما الأركان فهي تقوم على القواعد، فالقواعد هي الأهم، و تأتي الأركان في المرتبة الثانية، و كلاً من القواعد و الأركان مهم فلا إيمان بدونهما.

مسالك الدين و طرقه
38ــ ثم الظهور و دفعٌ و الشراء مع الـــكتمان طرقٌ له أكرم بها سُبُلا

الشرح:
مسالك الدين هي طرقه الموصلة إليه، فلا بد لكل مسلم أن يسلك طريقاً يختاره من هذه الطرق يستطيع فيه أن يحافظ على دينه و استقامته و مسالك الدين أربعة هي:
1. الظهور 2. الدفاع 3. الشراء 4. الكتمان

1ــ الظهور:
هو أن يكون أمر المسلمين ظاهراً، بحيث يتمكنون من إنفاذ الأحكام، و إقامة الحدود، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و نصرة المظلوم، و محاربة الظالم، و إغاثة الملهوف..الخ،بمعنى أنهم يطبقون شرع الله في جميع مناحي الحياة بكل حرية و اطمئنان.
و مثلوا لهذه المرحلة بآخر عصر النبي صلى الله عليه و سلم و عهد أبي بكر الصديق و عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فقد طبق شرع الله تمام التطبيق.

2ــ الدفاع:
هو أن يكون كل مسلم آمناً على نفسه يعبد الله على طمأنينة، و لكن ليس للمسلمين إمام يجمعهم، فإذا هجم عليهم العدو بغتة وجب عليهم أن يعينوا إماماً يدافع عنهم يسمى إمام الدفاع، فإذا هزموا عدوهم و تمكنوا من الظهور بإمام يقيم شرع الله فعلوا ذلك بشرط أن يكون إمام الظهور غير إمام الدفاع؛ لأن ذلك كان لمهمة الدفاع و انتهت مهمته، أما إذا لم يتمكنوا من الظهور فإنهم يرجعون إلى ما كانوا عليه، و مثلوا لهذه المرحلة بالإمام أبي خزر يغلا بن زلتاف الوسياني من أصحابنا المغاربة(1) ، و منهم من يعتبر إمامة عبدالله بن وهب الراسبي إمامة دفاع (2).

____________________________

1- فقد هجم أبو تميم الملك الفاطمي العبيدي على الإباضية و قاتلهم، و قتل إمامهم أبا القاسم يزيد بن مخلد الوسياني، و حاول استئصال الإباضية الموجودين في الشمال الإفريقي، و لكن الإباضية عقدوا إمامة دفاع للإمام أبي خزر رحمه الله.
2- يعتبر شيخنا أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله إمامة عبدالله بن وهب الراسبي إمامة ظهور، و ليست إمامة دفاع؛ لأن بيعته لم تكن موقوتة بزمن. ( انظر شرحه على غاية المراد ص21)
  مادة إعلانية
  #52  
قديم 12/06/2004, 03:46 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
3ــ الشراء:
هو البيع؛ لأن هؤلاء الشراة باعوا أنفساً تفنى بجنة تبقى من سعد بها فلا يشقى، أولئك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، قال تعالى: (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة و الإنجيل و القرآن و من أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكمم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم))(1) ، فهم باعوا أنفسهم لله تعالى و حاهدوا في سبيله، لا يخافون لومة لائم(2) ، و تكون هذه المرحلة عندما لا يتمكن المسلمون من الظهور و لا من الدفاع؛ لأن عدو الإسلام مسيطرٌ متجبر، ففي مثل هذه الحالة يخرج الشراة كفدائيين يدافعون عن عامة المجتمع المسلم ضد طغيان السلطة الجائرة، و لا بد أن يكون عدد الشراة أربعين(3) ، و قد مثلوا لهذه المرحلة بالإمام أبي بلال مرداس بن حدير حين خرج بأصحابه الأربعين ضد طغاة بني أمية الجائرين بعد أن رأى الظلم منتشراً فقال قولته المشهورة: إن المقام على هذا لعظيم، و قاتل هو و أصحابه حتى قتلوا رحمه الله.

4ــ الكتمان: هو ضد الظهور بحيث لا يتمكن المسلمون من الظهور و لا من الدفاع و لا من الشراء، و إنما يعبدون الله و يؤدون شعائر دينهم خفية خوفاً من الجورة الظلمة أن يردوهم عن دينهم، و مثلوا لهذه المرحلة ببداية دعوة النبي صلى الله عليه و سلم فإنه كان يدعو سراً، و كذلك عصر الإمام جابر بن زيد و الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي عليهما رحمة الله، فقد كان الإمام أبو عبيدة يعلم أصحابه في سرداب تحت الأرض.

_____________________

1- التوبة/111

2- لا بد أن تتوافر في الشاري الشروط الآتية:
1. أن يكون مسلماً مؤمناً بالله و رسوله.
2. ورعاً في دينه.
3.تقياً محباً للخير، حريصاً على مرضاة الله.
4. متجنباً للمعاصي و الآثام.
5. عنده من العلم ما يهتدي به في عبادة ربه.
6. أن يكون مقداماً بطلاً شجاعاً، لا يخاف الموت في سبيل الله.
3- شرط الأربعين مأخوذ من إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان تمام الأربعين، و بإسلامه استطاع النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه الظهور و عبادة الله جهراً بعد أن كانوا يعبدونه خفية في مكة المكرمة في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
  #53  
قديم 12/06/2004, 03:48 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
أصناف الناس

39ــ و فرزه في ثلاثِ مؤمن و منـا........فقِ و صاحب شرك جاحد عذلا

الشرح:
الفرز: التمييز، أي ينقسم الناس من الناحية الدينية إلى ثلاثة أقسام:
1ـــ المؤمن: و هو من آمن بالله رباً، و بمحمد نبياً و رسولاً، و بالإسلام ديناً، و بالقرآن منهجاً و دليلاً، يعمل بجميع أوامر الله، و يجتنب جميع مساخطه، فهو يجمع بين القول و العمل، هذا هو المؤمن الحق (( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً (2) الذين يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون (3) أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجاتٌ عند ربهم و مغفرةٌ و رزقٌ كريم))(1) .

حكمه:
1. يُتولى: أي نحبه في الله و نعينه و ننصره و ندعو له.
2. يرث و يورث.
3. يُصلى عليه إذا مات.
4. يُدفن في مقابر المسلمين.

مصيره:
هو في الجنة بمشيئة الله عز و جل، قال تعالى: (( إن الذين ءامنوا و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً (107) خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً))(2) .

2ـــ المنافق:
هو الذي يظهر خلاف ما يبطن فهو ذو وجهين: وجه حسن و وجه قبيح.
أنواعه: النفاق له نوعان:
1.نفاق عقائدي:
و هو الذي يظهر الإيمان و يبطن الكفر و العياذ بالله، و هذا نفاق خطير، و هؤلاء المنافقون كانوا يعيشون في عصر النبي صلى الله عليه و سلم في الظاهر مع المسلمين و في الباطن مع الكافرين، قال تعالى: (( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله و الله يعلم إنك لرسوله و الله يشهد إن المنافقين لكاذبون (1) اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون (2) ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون (3) و إذا رأيتهم تعجبك أجسادهم و إن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشُبٌ مسندةٌ يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون))(3) ، و لخطورتهم استحقوا أن يكونوا في قعر جهنم، قال تعالى: (( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم نصيراً)) (4).

__________________________

1- الأنفال/2-4.
2- الكهف/108،107
3- المنافقون/1-4
4-النساء/145
  #54  
قديم 12/06/2004, 03:51 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
نفاق عملي:
هو الذي يعترف بالإسلام و بأحكامه، و لكنه متهاون بأحكامه: إما بترك شيء من الفرائض أو بفعل شيء من المعاصي، فهو الذي يقول ما لا يفعل، و الدليل عليه قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، و إذا وعد أخلف، و إذا عاهد غدر" و في رواية " و إذا خاصم فجر"(1) ، و هذا الصنف كثير في زماننا هذا، فما أكثر من يدعي الإيمان و لكن أفعاله تخالف الإسلام.

مصيره:
صاحب النفاق العقائدي: في أسفل النار كما قال تعالى: (( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار و لن تجد لهم نصيراً)).

صاحب النفاق العملي: إن تاب من ذنوبه و استقام على دينه فهو من أهل الصلاح في الجنة بمشيئة الله، أما إن مات مصراً على معاصيه فهو مخلد في النار، قال تعالى: (( و من يعص الله و رسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً)).

3ـــ المشرك:
و هو الكافر بالله عز و جل أو المنكر لما علم من الدين بالضرورة، كمن ينكر صفة من صفات الله، أو يصفه بصفات العجز و النقص، أو ينكر رسله أو كتبه، أو يجحد شيئاً من أحكام الشرع الشريف كالصلاة أو الزكاة..الخ.

______________________

1- رواه الربيع و مسلم و النسائي بألفاظ متقاربة
  #55  
قديم 12/06/2004, 03:52 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
أنواع الشرك:
1. شرك مساواة: و هو الذي يعبد مع الله إلهاً آخر غيره كالأصنام و الأحجار و الكواكب.
2. شرك جحود: و هو الذي لا يعترف بوجود الله أبداً، أو أنه يعترف بوجود الله و لكنه يجحد الصلاة أو الصوم أو أي شيء معلوم من الدين بالضرورة.

حكمه:
المشرك بنوعيه له أحكام هي:
1. يُبرأ منه، أي يبغض و لا يُناصر و لا يُؤازر، بل يُحارب.
2. لا يرث و لا يورث.
3. لا يُصلى عليه إذا مات.
4. لا يًُدفن في مقابر المسلمين.

مصيره:
هو في النار و العياذ بالله، قال تعالى: (( إن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)).

فائدة هامة:
اختلفوا في نجاسة جسد المشرك، فقيل: نجس، و قيل: ليس بنجس، يقول تعالى: (( إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا))(1) ، فبعضهم قال: نجاستهم معنوية وهي نجاسة قلوبهم بسبب شركهم، و بعضهم قال: إن أجسادهم نجسة كنجاسة قلوبهم، و على هذا الرأي تنبني الأحكام الآتية:
1- ملمسة المسلم لجسد المشرك بالمصافحة أو غيرها ـ إن كانت يد أحدهما رطبة ـ تؤدي إلى تنجيس يد المسلم و نقض وضوئه إن كان متوضئاً، فعليه أن يغسل يده و يعيد وضوءه.
2- لا يصح أكل الطعام الذي طبخوه، فلينتبه أولئك الذين يأتون بالشغالات و هن مشركات.
3- لا يصح غسل الملابس معهم إذا غسلوها بأيديهم، بل عليه أن يعيد غسلها مرة أخرى.


__________________________________

1- التوبة/28
  #56  
قديم 12/06/2004, 03:54 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
4- إن كانت يد الحلاق المشرك رطبة أو رأس المحلوق رطباً فإنه ينجس شعره، فعليه أن يغسله بعد الحلاقة.
إلى غير ذلك من الأحكام العامة من عدم دخولهم المساجد أو لمسهم المصحف.

الولاية و البراءة
40ــ و حرزه أن توالي من أطاع و تبـ......................
..................................... ــري من مصر و قف عن كل من جُهلا

الولاية: هي الحب في الله لكل طائع مستقيم على دينه، و نصرته و إعانته بالنفس و المال، و الدعاء له بالخير، يقول الله تعالى: (( و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض)) (1).

البراءة: هي البغض في الله لكل عاص منحرف عن طاعة ربه مصر على معاصيه، فلا تجوز نصرته و لا معونته و لا الدعاء له، قال تعالى: (( لا تجد قوماً يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)) (2).

الوقوف: هو الإمساك و الإمتناع عن محبة شخص أو بغضه لعدم معرفتك بحاله، هل هو من أهل الصلاح أم لا، قال تعالى: (( و لا تقف ما ليس لك به علم إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً)) (3).

الشرح:
حرز الدين و سلامته بأن تحب الأخيار و تبغض الفجار و تقف عن من لم تعرف حاله، فالأمور ثلاثة:
ــ أمر بان لك رشده فاتبعه.
ــ و أمر بان لك غيه فاجتنبه.
ــ و أمر أشكل عليك فقف عنه.
يقول عمر بن الخطاب: ( من علمنا منه خيراً قلنا فيه خيراً و ظننا فيه خيراً و توليناه، و من علمنا منه شراً قلنا فيه شراً و ظننا فيه شراً و تبرأنا منه)(4) .

_________________________

1- التوبة/71
2- المجادلة/22
3-الإسراء/36.
4- رواه الربيع.
  #57  
قديم 12/06/2004, 03:57 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
أهمية الولاية و البراءة في حياة الناس:
باب الولاية و البراءة مهم في حياة الناس، و هو فرض واجب على الجملة كالصلاة و الصوم و الزكاة و غيرها من الواجبات، و قد تهاون الناس اليوم في هذا الأمر حتى أصبحوا يحبون العاصي و يستغفرون له و يدعون له بالخير، و ذلك مخالفاً لأمر الله عز و جل و أمر رسوله، و الآية هنا واضحة بأنه لا يؤمن أحد بالله و اليوم الآخر حتى يبغض العصاة، و لو كان ذلك العاصي أباه أو أخاه أو زوجه أو أقرب الأقربين إليه، فإن العاصي يبغضه الله، فكيف تحب من غضب الله عليه، و هذا هو أبو الحنفاء إبراهيم عليه السلام يتبرأ من أبيه لما علم أنه عدو لله، قال تعالى: (( و ما كان استغفار إبراهيم إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين أنه عدوٌ لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواهٌ حليمٌ)) (1).

بل نص العلماء على أننا عندما نسلم على العاصي لا نقصد به السلام الأخروي، و إنما هو السلام الدنيوي، و إذا عطس فشمتناه فإننا نقصد بقولنا له: يرحمكم الله الرحمة الدنيوية، و هكذا في سائر الأمور، أما الوالدان إذا كانا عاصيين: فقيل ندعوا لهما، و قيل: لا ندعوا لهما، فهم كسائر العصاة بنص الآية، بدليل براءة إبراهيم من أبيه، و لما اختل هذا الميزان عند الناس أصبحوا يفضلون العصاة على الصالحين، فإنا لله و إنا إليه راجعون.

كيف تثبت الولاية و البراءة؟
تثبت الولاية بثلاثة أمور هي:
1. الشهرة: أن يشتهر صلاحه و استقامته بين الناس.
2. شهادة عدلين: أن يشهد عدلان ثقتان بأن فلاناً من أهل الصلاح و الإستقامة.
3. المشاهدة: أن تراه بعينك و تصحبه فترى فيه الصلاح و الإستقامة.

أما البراءة فتثبت بأربعة أمور:
1. الشهرة: أن يشتهر فساده و عصيانه و فسقه بين الناس.د
2. شهادة عدلين: أن يشهد عدلان ثقتان بأن فلاناً من أهل العصيان و الفسوق.


______________________

1- التوبة/114
  #58  
قديم 12/06/2004, 03:58 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
3. المشاهدة: أن تراه بعينك و هو يفعل المعصية مختاراً لها من نفسه غير مجبر عليها.
4. الإقرار: أن يقر على نفسه بأنه قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب: كالقتل أو الزنى أو شرب الخمر..الخ، فالإعتراف هو سيد الأدلة.

ولاية الجملة و براءة الجملة
41ــ و وال في جملة من قد أطــا......ع و عاد من عصى جملة لله ممتثلا

الشرح:
ولاية الجملة: أن يتولى المسلم جميع أولياء الله الصالحين من الأولين و الآخرين إلى يوم الدين. و على هذا يكون قد أحب جميع الصالحين من عرفهم و من لم يعرفهم.

براءة الجملة: أن يتبرأ المسلم من جميع أعداء الله من الأولين و الآخرين إلى يوم الدين، و على هذا يكون قد أبغض جميع الكفرة و العصاة من عرف منهم و من لم يعرف.

حكم ولاية الجملة و براءة الجملة:
واجبة على كل مسلم و مسلمة لا تسقط عنه كسائر أركان الإيمان و الإسلام، يأثم على تركها و عدم معرفتها، إمتثالا لأمر الله عز و جل و أمر رسوله، و بمعرفة ولاية الجملة و براءة الجملة يتم إيمان المسلم، و لا يجب عليه ما عداها من أقسام الولاية و البراءة الأخرى إلا بشرطها ــ خاصة الضعيف ــ.

أقسام الولاية و البراءة

42ــ و كل من عصم المولى ولايته.........فرضٌ كعدوان من إياه قد خذلا
43ــ و كن موال إمام المسلمين و من......... حوته طاعته إلا الذي انخذلا
44ــ و عاد في الدين جباراً و عامله........و من له في سبيل المكفرات تلا
45ــ لا كل من قد حوى سلطان عزته.......إذ قد يكون هناك مؤمنٌ دخلا
46ــ ثم الولاية توحيداً تكون و أخــــــرى طاعةٌ فرضت إن شرطها حصلا
47ــ كذا البراءة و الشرط الذي وجبت.......... به الولاية أن تلفيه ممتثلا
48ــ و ربنا لم يزل للمؤمنين وليـــــــــــــــــــــا ً هكذا و عدواً للذي نصلا
49ــ و هكذا أبداً ليس الزمان و الا الـ....أفعال تقدح فيه خذه منتحلا
50ــ لكننا قد تعبدنا بطاعتــــــــــه.........فكلن� � عاملٌ بما له جـــــعلا
51ــ معنى موال معاد عالم بهم........و بالذي فعلوه الجـــــد و الهزلا.

معاني الكلمات:
ــ ( من عصم المولى) هم الأنبياء و الرسل، ( خذلا) الخذلان: عدم التوفيق لأعداء الله.
ــ ( إمام المسلمين) هو الحاكم العادل، ( من حوته طاعته): هم رعيته و شعبه.
ــ ( الجبار): هم الملوك الجائرون، ( عامله): عمال هؤلاء الجورة و ولاتهم، ( و من له في سبيل المكفرات تلا): أي و من تبع الجائرين في طريق الكفر و العصيان.
  #59  
قديم 12/06/2004, 03:59 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
الشرح:
تتحدث الأبيات السابقة عن أقسام الولاية و البراءة، و نلخصها فيما يأتي:
1. ولاية الجملة و براءة الجملة: و قد شرحناها في البيت السابق.
2. ولاية الأشخاص و براءة الأشخاص: هي أن تحكم على كل شخص بعينه، يعني أن تحدده باسمه، فإن كان من أهل الصلاح تتولاه، و إن كان من العاصين فتتبرأ منه، و هذا القسم لا يستطيعه كل أحد، و مرده إلى العلماء و من قاربهم.
3. ولاية الحقيقة: أن تتولى جميع من ذكرهم الله في القرآن الكريم باسمهم: كالأنبياء و مريم، أو ذكرهم القرآن بصفتهم: كصاحب ياسين و امرأة فرعون ( آسية)، و مؤمن آل فرعون و أصحاب الكهف، أو بشرهم الرسول صلى الله عليه و سلم بالجنة بشرط أن يكون الحديث متواتراًُ و ليس آحادياً (1).
و كذلك براءة الحقيقة: و هي أن تبرأ من كل من ذكره القرآن الكريم، أو جاء في سنة الرسول صلى الله عليه و سلم المتواترة اسمه أو صفته أنه من أهل العصيان: كفرعون و هامان و قارون و امرأة نوح و امرأة لوط، و أبي بن خلف، و أبي جهل، و أبي لهب و امرأته..الخ.

________________________

1- بالنسبة إلى العشرة المبشرين بالجنة، و هم: 1. أبو بكر، 2. عمر، 3. عثمان، 4.علي، 5. سعد بن أبي وقاص، 6. سعيد بن زيد، 7.عبد الرحمن بن عوف، 8. أبو عبيدة عامر بن الجراح، 9. الزبير بن العوام، 10. طلحة بن عبيدالله. فالحديث فيهم آحادي لا يمكن الإحتجاج به
  #60  
قديم 12/06/2004, 04:01 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
4ــ ولاية الإمام العادل: إذا حكم بكتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و طبق الحدود، و أمر بالمعروف و نهى عن المنكر، فإنه تجب محبته و ولايته، و تجب محبة من تحته من الرعية؛ لأن الحاكم إذا صلح صلحت رعيته، فتجب ولاية الجميع إلا الذي انخذل و عصى من رعيته، فإذا وجد من رعية الإمام العدل من حاد عن الإستقامة وجبت البراءة من ذلك العاصي المنخذل، و هذا معنى قول الإمام السالمي ( إلا الذي انخذلا).

و كذا البراءة من الجبابرة: المتسلطين في الأرض؛ الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، و نبرأ من جميع أعوانهم، و لكن لا نبرأ من كل رعيتهم، فربما يكون فيهم من عباد الله الصالحين من خاف على نفسه فلم يستطع الخروج عنهم، و هذا معنى قول الإمام السالمي:
لا كل من قد حوى سلطان عزته........ إذ قد يكون هناك مؤمنٌ دخلا

5ــ ولاية الله لعباده الصالحين: محبة الله لهم و توفيقهم في جميع أعمالهم و رضاه عنهم و إدخالهم الجنة يوم القيامة.
و كذا براءة الله من العصاة: بغض الله لهم و عدم توفيقهم و عدم رضاه عنهم، و إدخالهم النار يوم القيامة.

6ــ ولاية العبد لنفسه: أي محبتها بإلزامها الطاعة و زجرها عن المعصية، و لا يجوز للإنسان أن يتبرأ من نفسه حتى لو عصت الله عز و جل، و لكن يوبخها على تقصيرها ثم يتوب إلى ربه؛ لأنه لو تبرأ من نفسه و عاداها فكأنه خذلها و أهملها و جعلها تمرح في هواها، و ذلك لا يجوز.

فوائد هامة:
1. ولاية الجملة و براءة الجملة واجبتان على كل مسلم و مسلمة لا يكتمل إيمان المسلم إلا بهما، و لذلك نطلق عليهما ولاية توحيد و براءة توحيد: أي أن عقيدة المسلم و توحيده لا يتم إلا بمعرفتهما و العمل بمقتضاهما.

أما ما عدا ذلك من أقسام أخرى للولاية و البراءة فهي طاعة تجب على من عرف شروطها، أما من لم يعرف شروطها فلا تجب عليه، و هذا معنى قول الإمام السالمي:
ثم الولاية توحيداً تكون و أخـــــــ....ــرى طاعة فرضت إن شرطها حصلا
كذا البراءة و الشرط الذي وجبت.... به الــــــــــــولاية أن تلفيه ممتثلا
  #61  
قديم 12/06/2004, 04:02 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
2ــ ولاية الله لعباده و براءته منهم أزلية لا تتغير أبداً، بمعنى أن الإنسان ربما يكون في الظاهر صالحاً و لكنه في الباطن منافق، فالله لا تخفلا عليه خافية في الأرض و لا في السماء، فهو و إن تظاهر بالصلاح فإنه عند الله عدوٌ في الأزل.
كذلك من كان صالحاً ثم عصى و مات على عصيانه، فهو عدو لله في الأزل؛ لأنه جل و علا يعرف مصير الإنسان في الأزل كيف سيكون.
و كذلك العبد الصالح ولي الله في الأزل و إن كان في أعين الناس بالظاهر عاصياً، أو أنه عصى أولاً ثم تاب و مات على الإستقامة فالله يتولاه في الأزل.
و السبب في ذلك أن الله لا يجري عليه تغير الزمان أو الأفعال، عالم بما كان و ما سيكون، و يعلم المفسد من المصلح، و يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور، و هذا معنى قول الإمام السالمي:
و ربنا لم يزل للمؤمنين وليـــــــــــــــــــــا ً هكذا و عدواً للذي نصلا
و هكذا أبداً ليس الزمان و الا الـ....أفعال تقدح فيه خذه منتحلا
لكننا قد تعبدنا بطاعتــــــــــه.........فكلن� � عاملٌ بما له جـــــعلا
معنى موال معاد عالم بهم........و بالذي فعلوه الجـــــد و الهزلا.

أما نحن فمتعبدون و مكلفون بطاعته نحكم على الناس بظواهرهم، أما سرائرهم فنكل أمرها و علمها إلى الله، فإن ظهر منه صلاح توليناه، و إن ظهر منه فساد تبرأنا منه، هذا الذي يلزمنا في حق الله عز و جل.

باب في ذكر الكفر و ما يشتمل عليه
52ــ و الشرك لا بد من أن تعرفنه لكي.....تكون في مقعد عن غيه اعتزلا
53ــ و هو المساواة بين الله جل و بيــــــن الخلق أو جحده سبحانه و علا
54ــ و ما سواه من الكفران يلزمنا...... أي علمه إن علمنا حكمه الفضلا
55ــ ما لم نكن راكبيه أو نصوب من.... يأتيه عمداً و جهلاً هكذا نـــقلا.

تعريف الكفر:
الكفر لغة: بمعنى التغطية، و لذلك سمى الله الزراع كفاراً؛ لأنهم يغطون البذر في التراب، قال تعالى: (( كمثل غيثِ أعجب الكفار نباته))(1) .


_________________________

1- الحديد/20
  #62  
قديم 12/06/2004, 04:03 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
و الكفر اصطلاحاً: هو إنكار وجود الله، أو إنكار ما هو معلومٌ من الدين بالضرورة أو اتخاذ شريك معه، أو ارتكاب ما نهى الله عنه مع الإصرار على ذلك.
و من هذا التعريف ندرك أن الكفر نوعان:
1. كفر شرك بإنكار الخالق أو مساواته بغيره.
2. و كفر نعمة بارتكاب ما نهى الله عنه.

أما النوع الأول: و هو كفر الجحود و كفر المساواة و قد تكلمنا عنه و عن أحكامه في الدروس المتقدمة.
و أما النوع الثاني: فهو كفر النعمة.

تعريف كفر النعمة: صاحبه يعترف بوجود الله، فهو غير خارج عن الإسلام بل هو مقرٌ به، و لكنه متهاون بترك شيء من الفرائض كالزكاة أو الصوم أو غيرها، أو مرتكب لشيء من كبائر الذنوب كالزنا أو السرقة أو شرب الخمر.
فإذا مات على ذلك من غير توبة فهو من أهل النار و العياذ بالله، قال تعالى: (( و من يعص الله و رسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً))، و لكن عذابه أقل من عذاب الكافر المشرك.
و سمي هذا الكفر كفر نعمة؛ لأن صاحبه بارتكابه المعاصي يكفر نعمة الله تعالى التي أنعمها عليه و يجحدها.
أسماء أخرى لكافر النعمة:
1ــ فاسق: لخروجه عن طاعة الله و وقوعه في المعاصي.
2ــ منافق نفاقاً عملياً: لأنه يدعي الإسلام و هو يخالف تعاليم الإسلام بارتكاب المحرمات.

فائدة هامة:
تسمية الفاسق بأنه كافر لا توجد إلا عند أصحابنا الإباضية، و قلة من غيرهم، و قد أخذوا هذه التسمية من القرآن الكريم و من سنة النبي صلى الله عليه و سلم، أما من القرآن فقوله تعالى: (( و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً و من كفر فإن الله غنيٌ عن العالمين)) (1)، فقد سمى الله تارك الحج كافراً رغم أنه يعترف بالإسلام.


____________________

1- آل عمران/97
  #63  
قديم 12/06/2004, 04:04 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
و من السنة قول الرسول صلى الله عليه و سلم: " سباب المسلم فسوق و قتاله كفر" أي كفر نعمة، فهو لم يخرج من الإسلام، و قوله صلى الله عليه و سلم: " من أتى امرأة في دبرها أو أتى عرافاً فقد كفر بما أنزل على محمد" و غيرها كثير من الأدلة .

شرح الأبيات:
على المسلم أن يعرف الشرك و الكفر و أقسامه حتى يكون بعيداً عن الوقوع فيه معتزلاً له، ثم ذكر الشيخ السالمي رحمه الله أقسام الشرك من مساواة و جحود، ثم بين أن ما عاده من الكفران يلزمنا معرفته و علمه و هو كفر النعمة؛ لأنه كثير منتشر في حياتنا، فما أكثر الفاسقين و المنهمكين في المعاصي و الآثام.
فعلينا أن نعرف ما نستطيع من هذا الكفران، و لكن الضعيف الذي ليس عنده علم كثير فيجوز له أن يجهل بعض تلك المعاصي بشروط هي:
1ـ أن لا يكون مرتكباً لتلك المعصية، أي غير مقترف لها، كرجل لا يعرف الزنا و هو بنفسه لم يفعله فجهله بالزنا في هذه الحالة لا يضره.
2ـ أن لا يصوب من يأتيه، أي لا يحكم بالصواب على من فعل شيئاً من المعاصي، مثلاً هو لا يعرف الخمر و لم يشربها، و لكنه رأى أحداً يشربها فلا يجوز له أن يقول عن هذا الشارب للخمر بأنه مصيب في فعله، أو أنه يتولاه و يحبه، و لا يعذر في هذه الحالة بجهله، حتى لو لم يكن يعرف بأن الخمر حرام، و هذا معنى قول الإمام جابر بن زيد رحمه الله ( يسع الناس جميعاً جهل ما دانوا بتحريمه ما لم يرتكبوه، أو يصوبوا راكبه، أو يبرأوا ممن تبرأ منه بدين).
فهم معذورون حتى يرتكبوا ذلك المحرم أو يحكموا بصواب فاعله، أو يبرأوا من شخص تبرأ من شارب الخمر مثلاً؛ لأنه أعلم منهم بحرمته، فلا يجوز لهم تخطئة ذلك الشخص لأنه علم، و جهلوا هم، و لا عذر لجاهل.

قواعد الكفر
56ــ جهلٌ حميةُ كفرٌ بعده حسدٌ.......قواعد الكفر فاحذر إنها العُضلا.


قواعد الكفر أربع:
1ـ الجهل 2ـ الحمية 3ـ الكبر 4ـ الحسد.
  #64  
قديم 12/06/2004, 04:05 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
1ـــــ الجهل: هو ضد العلم، أي عدم العلم بالشيء، و هو على قسمين:
أ*- جل بسيط: و هو عدم المعرفة بالشيء، و هذا لا يكاد ينجو منه أحد من البشر، فالإنسان يجهل أشياء كثيرة ( علمت شيئاً و غابت عنك أشياء).
ب*- جهل مركب: و هو أن يتصور الإنسان الشيء على ما خلاف ما هو عليه، أي تكون الحقائق عنده مقلوبة، و هذا الجهل هو أشد خطراً و أكثر ضرراً، و هو منتشر بين كثير من الناس، يقول الشيخ السالمي في الأنوار:
و الجهل قسمان بسيطٌ سلما...... صاحبه و الثاني فهو ما انتما
إلى مركب و ليس يسلمُ.......... صاحبه بفعله بل يأثــــــــــمُ
و يقول أيضاً في جوهر النظام:
فذاك جهلٌ عندنا مركبُ........ صاحبهُ عن الهدى مجنب

و ذلك لأن الجهل لخطورته يجعل الإنسان يتكبر على منهج الله تعالى، لجهله بحق الله و طاعته و معرفة وجوب إتباع رسوله، لذلك قال الله تعالى: (( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء)) (1) فالعلماء هم أعرف الناس بالله لذلك يخافونه، و الجاهلون هم أبعد معرفة لمقام الله جل جلاله لذلك لا يخافونه، فينتهكون محارم الله، و صدق القائل:
لا فخر إلا لأهل العلم إنهم............. هم الهدى لمن استهدى أدلاء
و وزن كل امرئ ما كان يحسنه...... و الجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حـــــــياً به أبداً........ الناس موتى و أهل العلم أحياء

2ــــ الحمية: هي العصبية في غير الحق، فمثلاً كفار قريش كذبوا سيدنا محمداً بسبب العصبية الجاهلية، قال تعالى: (( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية)) (2)، و هم القائلون: (( إنا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم مقتدون)) (3)، و كان الواحد منهم بسبب أن شخصاً قتل أحد أقاربه فإن الحمية الجاهلية تدفعه لأن يقتل عشرة مكانه أو يقتل قبيلة بأسرها.

____________________

1-فاطر/28
2- الفتح/26
3- الزخرف/23
  #65  
قديم 12/06/2004, 04:07 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
3ــــ الكبر: هو أن يحتقر الخلق و يزدريهم و أن يتعاظم عليهم، و بذلك استحق إبليس الطرد من الجنة بسبب عدم سجوده لأبينا آدم عليه السلام، قال تعالى: (( و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى و استكبر و كان من الكافرين))(1) ، فالمتكبر عدو الله لا يدخل الجنة، بل هو من أهل النار، قال سبحانه: (( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين))(2) ، و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"(3) .
و لخطورة الكبر فإنه يدعو إلى الكفر، لذلك كان قاعدة من قواعده، فكبر فرعون هو الذي جعله يقول: (( ما علمت لكم من إله غيري))(4) ، و قوله (( أنا ربكم الأعلى))(5) .

4ــــ الحسد: هو أن يتمنى زوال نعمة إخوانه و انتقالها إليه، فقلبه يشتعل ناراً عندما يرى إخوانه في سعادة، و في المثل: الحسود لا يسود.
و قد حمل الحسد إبليس أن لا يسجد لآدم، و الحسد هو الذي حمل قابيل على قتل أخيه هابيل، فكان الحسد أول معصية في السماء و أول معصية في الأرض.
و قد اعترف كفار قريش بأن الحسد هو الذي دفعهم إلى عدم الإيمان بسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، و إلا فهم يعلمون أنه صادق، فقد قال أبو جهل: تنازعنا نحن و بنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، و حملوا فحملنا، و أعطوا فأعطينا، حتى تجاثينا على الركب، و كنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك مثل هذه، والله لا نؤمن به أبداً و لا نصدقه.
و الحاسد ليس له علاج إلا أن يترك في حسده حتى يموت بحسرته، كما قال القائل:
اصبر على كيد الحــــــــــــسود فإن صبـــــــــــرك قاتله
فالنار تأكل بعضها........ إن لم تجد ما تأكلــــــــــــــــــه.

الفرق بين الغبطة و الحسد:
الحسد: تمني زوال نعمة الغير، و هو أمر مذموم محرم.


___________________

1-البقرة/34
2-غافر/60
3- رواه مسلم.
4-القصص/38
5-النازعات/24
  #66  
قديم 12/06/2004, 04:10 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
أما الغبطة: فهي أن يسر بما عند إخوانه من نعم، و يرجو لهم المزيد، و يتمنى أن يرزق نعماً كما رزقوا، و الغبطة أمر محمود طيب.

أركان الكفــــــــر
57ــ و رغبة رهبة أركانها و يليــــــــــــها شهوةٌ غضبٌ في كل ما حُظلا

الشرح:
أركان الكفر أربعة هي:
1. الرغبة 2. الرهبة 3. الشهوة 4. الغضب

1- الرغبة: هي أن ترغب فيما لا يحل، أي فيما حرمه الله فتقوده رغبته إلى الكفر و العياذ بالله، كالذي يرغب في الإستعلاء في الأرض، فلا يخضع لمنهج الله عز و جل، و الرغبة هي التي تقود الغني أحياناً إلى منع الزكاة و إنكارها رأساً فيقع في الكفر.
2- الرهبة: هي أن يخشى الإنسان غير الله لأجل مصلحة دنيوية، أو أنه يخاف الفقر فيداهن ذلك المخلوق الذي يخاف منه، و المداهنة حرام لا تجوز، يقول الله عز و جل: (( أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين)) (1)، أما المداراة فهي جائزة.

الفرق بين المداهنة و المداراة:
المداهنة: هي بذل الدين لأجل الدنيا، أي يضحي بدينه من أجل متاع الدنيا الزائل، يبيع دينه بعرض من الدنيا، كما قال القائل:
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا......... فلا ديننا يبقى و لا ما نرقع.

أما المداراة: فهي بذل الدنيا لأجل الدين، يقول صلى الله عليه و سلم: " أمرني حبيبي جبريل عليه السلام بمداراة الرجال"(2) .

3- الشهوة: هي الشهوة المحرمة؛ لأنها تحمل نفس الإنسان على اقتحام محارم الله عز و جل: كالزنا و اللواط و السحاق و الإستمناء المحرم، فالشهوة تؤدي بالإنسان أحياناً إلى أن ينهمك في هذه الشهوات المحرمة فيستحلها فيقع في الكفر و العياذ بالله من حيث لا يشعر؛ لأن استحلال ما حرمه الله نفسه شرك، فهو لا يبالي أن يفجر بأمه أو بأخته أو بابنته فلذة كبده، يقول تعالى: (( فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً))(3) ، و يقول النبي صلى الله عليه و سلم:" حفت الجنة بالمكاره، و حفت النار بالشهوات"(4) ، و يقول صلى الله عيه و سلم: " يأتي يوم القيامة أقوام و معهم الحسنات كأمثال جبل تهامة، فيصيرها الله هباءً منثوراً"، فقام سالم مولى حذيفة بن اليمان فقال: صفهم لنا يا رسول الله،خفت أن أكون منهم، فقال: " هؤلاء أقوام يصلون و يزكون و يصومون و يأخذون وهناً من الليل، و لكن إذا لاحت لهم الشهوات وثبوا عليها، فأبطل الله أعمالهم بذلك، فيصيرهم إلى النار" (5)، و صدق القائل حيث يقول:
و تجنب الشهوات و احذر......... أن تكون لها قتيلا
فلرب شهــــــــــــوة ساعة......... قد أورثت حزناً طويلاً

___________________________

1- التوبة/13
2- رواه الربيع.
3- مريم/59
4-رواه مسام
5- رواه الإمام جابر بن زيد في الأخبار المقاطيع، و ابن ماجه في سننه بلفظ متقارب.
  #67  
قديم 12/06/2004, 04:11 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
4- الغضب: و هو حب الإنتقام، فهو يغلي كما يغلي المرجل، و الغضب أحياناًَ يوقع بالإنسان حتى يخرج من الدين حباً في الإنتقام و التشفي، و لقد قال رسول لله صلى الله عليه و سلم لرجل طلب من النبي صلى الله عليه و سلم أن يوصيه، فقال له صلى الله عليه و سلم: " لا تغضب" فردد السائل مراراً على الرسول صلى الله عليه و سلم، و الرسول صلى الله عليه و سلم لا يزيده على قوله " لا تغضب"(4) ، و ذلك لأن الغضب يخرج الإنسان عن طوره فلا يعرف ما يصدر منه من أفعال؛ لأن الشيطان يكون أقدر على الإنسان حينما يغضب، لذلك لا يملك غضبه إلا المؤمن يقول صلى الله عيه و سلم: " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(5) فلربما قتل مظلوماً أو ارتد عن الإسلام كما حدث لجبله بن الأهيم.

قصة جبلة بن الأهيم دليل على أن الغضب يوقع في الكفر:
كان جبلة بن الأهيم على غير الإسلام، ثم أسلم في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فبينما جبلة هذا يطوف بالكعبة إذ وطأ رجل فزاري على طرف إزار جبلة فأسقطه، فاشتاط جبلة غضباً و لطم الفزاري لطمة شديدة، فشكا الفزاري جبلة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فحكم عمر على جبلة بأن يلطمه الفزاري، فامتنع جبلة عن ذلك و قال: كيف يلطم سيد ملوك العرب بسبب أحد سوقتهم، أي أنه يصف نفسه بأنه سيد ملك، و الفزاري رجل ضعيف لا وزن له و لا قيمة، فأصر عمر رضي الله عنه على القصاص من جبلة، فأراد أن يفتدي جبلة بألف رجل من قومه يلطمهم ذلك الفزاري فرفض عمر و قال له: إن الإسلام سوى بينك و بينه، فلما رأى جبلة إصرار عمر رضي الله عنه طلب منه أن يمهله إلى الليل ليفكر في أمره، فلما كان الليل هرب و لجأ إلى قيصر ملك الروم و ارتد عن الإسلام و تنصر، ثم ندم بعد ذلك و قال:
تنصرت بعد الحق عاراً للطمة...... و ما كان فيها لو صبرت لها ضرر
و أدركني فيها لجاج حمية.......... و بعت لها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني و ليتني........صبرت على القول الذي قاله عمر.

_________________________

1- رواه البخاري
2- رواه الشيخان.
  #68  
قديم 12/06/2004, 04:13 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
الغضب المحمود:
ليس كل الغضب مذموم، و إنما المذموم فيما حرم الله، و هناك نوع من الغضب يحض عليه الإسلام، و هو عندما تنتهك محارم الله، أن يرى المعاصي أمام عينيه فيجب أن يغضب لذلك، و يؤدي ما عليه من واجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
و لذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يغضب حتى تنتهك حرمات الله، فإذا انتهكت فإنه لا يقر له قرار.

باب في ذكر الملل الست و أحكامها
58ــ و هذه ملل الأديان قائمة....... لا بد للمرء من أن يعرف المللا

الشرح:
الملة: هي الدين، ملل الأديان: أي الأديان الموجودة في الأرض.
الملل الست هي: المذكورة في قوله تعالى: (( إن الذي ءامنوا و الذين هادوا و الصابئين و النصارى و المجوس و الذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد)) (1).
1ــ المسلمون: هم أتباع سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و هم أمته.
2ــ اليهود: هم أتباع سيدنا موسى عليه السلام و كتابهم التوراة و لكنهم بدلوه و غيروه.
3ــ النصارى: أتباع سيدنا عيسى عليه السلام و كتابهم الإنجيل و قد حرفوه و أضاعوه.
4ــ الصابئون: قيل: هم طائفة خلطوا ما بين الديانات، أخذوا شيئاً من اليهود و شيئاً من النصارى و شيئاً من المجوس، و قالوا: أصبنا ديناً، فهؤلاء حكمهم حكم أهل الكتاب على رأي كثير من العلماء، و هذا هو الذي عيه أصحابنا، و يوجد الصابئون في بلاد العراق و في الشام على الحدود العراقية، و هم قلة لا يتجاوزون عشرة آلاف (2).
5ــ المجوس: يقال بأنهم كانوا على كتاب سماوي، و لكنهم حرفوه و أضاعوه، و هذا ليس ببعيد؛ لأن ما تبقى عندهم من كتاب و هو كتاب زرادشت فيه نصوص تبشر برسول الله صلى الله عليه و سلم، و يوجد المجوس في بلاد فارس و في الهند و هم الزرادشتيون(3) .
6ــ المشركون: هم عبدة الأصنام من الكفار.

________________________

1- الحج/17
2- هذا التعريف من كلام شيخنا أحمد الخليلي حفظه الله، فانظر في شرحه.
3-هذا التعريف من كلام سيخنا أحمد الخليلي حفظه الله، فانظر في شرحه.
  #69  
قديم 12/06/2004, 04:14 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
حكم معرفة الملل الست:
قال أكثر علمائنا: بأنه يجب معرفة الملل الست، و قال شيخنا أحمد الخليلي حفظه الله: ( و ذهب الإمام أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني رحمه الله إلى أن الإنسان العامي لا يكلف أن يعرف هذه الملل الست، و هذا هو الذي درج عليه الشيخ أبو إسحاق إطفيش رحمه الله في تعليقه على كتاب الوضع، و هو الذي أجنح إليه؛ لأن في إلزام عوام الناس ذلك حرج كبير)(1) .

أحكام المسلمين
59ــ فالمسلمون و هم موف و مجترحٌ... و المجرمون بنهك منهم انفصلا
60ــ أو مستحلٌ و أحكام الألى انتهكوا أن يُرجعوا كل ما صابوا و إن جزلا
61ــ و قد يجوز لكل ما يجوز لنا..............إلا الولاية خصت بالذي عدلا

الشرح:
الملة الأولى من الملل الست: ملة الإسلام:
و أتباعها يسمون المسلمين، و المسلمون ينقسمون إلى قسمين:
1. المسلم الموفي: و هو المؤدي ما عليه من واجبات الشريعة.
2. المسلم المجترح: و هو الذي أصاب السيئات، و المجترح ينقسم إلى قسمين: أ- المنتهك ب- المستحل
_____________________

1- أنظر في شرحه على غاية المراد.
  #70  
قديم 12/06/2004, 04:16 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
أ- المنتهك: و هو الذي يفعل المعاصي و هو يعلم أنها محرمة، كالذي يسرق و هو يعلم أن السرقة حرام، أو يزني و هو يعلم حرمة الزنى، و هؤلاء هم الذي قصدهم الشيخ السالمي بقوله هنا ( و المجرمون بنهك منهم انفصلا).

حكم المنتهك:
عليهم مع التوبة أن يرجعوا كل ما أخذوه على الناس من مال أو متاع إذا سرقوا أحداً أو غصبوه ماله؛ لأن المنتهك حينما يذنب ذنباً لا يلزمه به إلا التوبة، و لكنه بأخذه شيئاً من حقوق الناس، فلا تقبل توبته إلا بإرجاع الحقوق لأصحابها، لذلك جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم: " الذنب ذنبان: ذنب بين العبد و ربه و ذنب بين العبد و صاحبه، أما الذنب الذي بين العبد و ربه فمن تاب منه كمن لا ذنب له، و الذنب الذي بين العبد و صاحبه فلا توبة منه حتى يرد المظالم" (1) لأن رد المظالم شرط من شروط التوبة لا تصح إلا به.
و هذا معنى كلام الشيخ السالمي رحمه الله:
( و أحكام الألى انتهكوا أن يرجعوا كل ما صابوا و إن جزلا)

ب- المستحل: هو الذي يفعل المعاصي ظناً منه بأنها حلال، و يستدل ببعض الآيات و الأحاديث أو إجماع السلف و يتأولها بأنها تحل له فعل تلك المعصية، كمن يرتكب القتل يتأول بعض الآيات أنها مبيحة لذلك الشخص القتل.
و مثال ذلك: الخوارج الذين استحلوا قتل مخالفيهم و سبي ذراريهم و أخذ أموالهم متأولين قوله تعالى: (( و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه و إنه لفسقٌ و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم و إن أطعتموهم إنكم لمشركون)) ، فتأولوا قوله تعالى: (( و إن أطعتموهم إنكم لمشركون)) (2)أي إن أطعتموهم في أكل الميتة تصبحون مشركين، و لكن جمهور الأمة يقولون: بأن الآية تعني إن أطعتموهم في استحلال أكل الميتة، فتأوي الخوراج لهذه الآية هو الذي دفعهم إلى قتال المسلمين لظنهم بأنهم مشركون، فاستباحوا دماءهم و أموالهم و سبي ذراريهم.

حكم المستحل:
يجب عليه حتى تقبل توبته أن يرجع ما أخذ من مال، و إن كان سبى بعض النساء و تسراهن فإنه يفارقهن، و لا يلزم المستحل المتأول بأن يرجع ما أتلف من مال؛ لأنه لا ضمان عليه و لكن يرجع ما تبقى عنده، بخلاف المنتهك فإنه يضمن ما أتلف(3) .

_____________________

1- رواه الربيع.
2- الأنعام/121
3- أنظر كلام شيخنا الخليلي في شرحه.
  #71  
قديم 12/06/2004, 04:18 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
تنبيه هام:
هذا حكم المستحل المتأول للقرآن أو السنة أو الإجماع، أما المستحل بدون تأويل أي يستحلها من هوى نفسه بدون دليل فهو مشرك و العياذ بالله.

أحكام عامة للمنتهك و المستحل بتأويل:
لهم جميع حقوق المسلمين من:
1. الصلاة عليهم عند الموت.
2. دفنهم في مقابر المسلمين.
3. يرثون و يورثون.
و لكن ليست لهم الولاية؛ لأنها لا تكون إلا للتقي الموفي، فهم في البراءة حتى يتوبوا.
أما المستحل بدون دليل فإنه مشرك، حكمه حكم المشركين، و قد تقدم الكلام على أحكامهم، و هذا معنى قول الإمام السالمي:
و قد يجوز لكل ما يجوز لنا........ إلا الولاية خصت بالذي عدلا

أحكام اليهود و النصارى و الصابئين و المجوس
62ــ يهود ثم النصارى و المجوس معاً....و الصابئون لهم حكمٌ و قد عقلا
63ــ يسالمون إذا انقادوا على صغر........... بجزية أو أبوا فالكل قد قُتلا

الشرح:
اليهود و النصارى لكونهم أهل كتاب فإنهم:
1. يدعون إلى الدخول إلى الإسلام، فإن أجابوا فلهم حق المسلمين.
2. و إن رفضوا فرضت عليهم الجزية على حسب ما يحددها إمام المسلمين.
3. فإن أبوا فإنهم يقاتلون، و هذا معنى قول الشيخ السالمي ( أو أبوا فالكل قد قتلا)، و الدليل على ذلك قول الله تعالى: (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية و هم صاغرون))
(1) .

__________________________

1- التوبة/29
  #72  
قديم 12/06/2004, 04:21 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
و المجوس لهم نفس الحكم لقوله صلى الله عليه و سلم: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير آكلي ذبائحهم و لا ناكحي نسائهم" (1)، فالمجوس لا تؤكل ذبائحهم و لا تنكح نساؤهم.
أما الصابئون فلأخذهم من اليهود و النصارى فإنهم يعاملون كمعاملتهم، فتؤكل ذبائحهم و تنكح نساؤهم.
و قد اشترط بعضهم للزواج من الكتابية:
1. بأن لا تعلق صليباً.
2. أن تغتسل من الحيض و النفاس و الجنابة.
3. أن تزيل الشعر من الأماكن المعتادة.
4. أن لا تأكل لحم الخنزير.

فائدة هامة في حكم أكل ذبائح أهل الكتاب في الوقت الحاضر:
بسبب غزو أعداء الإسلام للمسلمين فكرياً و اقتصادياً و صناعياً فإن كثيراً من المسلمين تلقفوا كل ما يأتي من عدوهم بالتسليم و القبول، و هذه نكبة كبرى هدت كيان الأمة الإسلامية في جميع نواحيها.
و كان من بين ذلك استيراد المواد الغذائية و في مقدمتها الذبائح ( اللحوم و الدواجن) و قد وجد من بعض علماء المسلمين من تساهل في هذه اللحوم بدون قيد أو شرط بدعوى أنها قادمة من ديار أهل الكتاب، مستدلين بقول الله تعالى : (( و طعام الذين أوتوا الكتاب حلٌ لكم))(2) ، فانخدع بذلك كثيرون.
و الواقع أن هذه اللحوم لم تذبح ذبحاً شرعياً و ذلك من عدة وجوه:
1. أن أهل الكتاب في وقتنا قد تحول أكثرهم إلى الإلحاد و إنكار الخالق جل و علا، فهم في حكم المشركين، فذبائحهم لا تقبل، و ما تبقى من أهل الكتاب – على قلتهم- فإنهم لا دخل لهم في مثل هذه الذبائح، و إنما حياتهم تقتصر على الكنيسة يرددون فيه الترانيم فقط لا غير.
2. بأن أغلب هذه الذبائح لم تُذبح و لم تُذك الذكاة الشرعية، بل تقتل بواسطة الصعق الكهربائي، أو الضرب بالعصا، أو الرمي بالرصاص، و هذه الوسائل تحرم أكل الذبيحة حتى لو صدرت من مسلم، فما بالكم بغيره.

______________________

1- رواه مالك في الموطأ.
2- المائدة/5
  #73  
قديم 12/06/2004, 04:22 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
و إتماماً للفائدة فإننا نورد هذه الفتوى لسماحة شيخنا أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله، و سدد على طريق الخير خطاه:

فتوى في حكم اللحوم المستوردة
س/ ما حكم أكل اللحوم المستوردة؟
ج/ اللحوم المستوردة يختلف حكمها باختلاف حكم البلد التي استوردت منها، فإن استوردت من بلدة مسلمة فالأصل فيها الحل حتى يثبت أنها محرمة بوجه من الوجوه، و إن استوردت من بلدة غير مسلمة فحكمها عكس ذلك، و هو أن الأصل فيه الحرمة حتى تثبت حليتها بحجة مقبولة شرعاً، و ذلك أن يضمن مسلمان مقبولان أو مسلم واحد على الأقل ضماناً شرعياً بأنها ذكيت ذكاة شرعية من قبل من تجوز ذكاته شرعاً، و لا يكفي أن يكتب على الغلاف أنها مذبوحة على الطريقة الإسلامية، فإن هذه خدعة خادعة إكتشفنا زيفها مراراً، فكم وجدنا دجاجاً مخنوقاً ليس على عنقه أثر للجرح، و قد كتب على غلافه ذلك.
و دعوى أن هذه اللحوم من طعام أهل الكتاب فهي محللة لنا مردودة من وجهين:
أولهما: أن العالم الغربي بعد أن تفشى فيه الإلحاد، و تلاشى منه الوازع الديني، و استخف أهله بجميع قيم الدين لم يعد عالماً كتابياً بل هو عالم إلحادي، و لا يُعبأ بوجود الكنائس فيه، فالكنائس موجودة حتى في البلاد الشيوعية، و إذا كانت الأكثرية ملحدة فلا عبرة بالأقلية.

ثانيهما: أن الحرام حرام سواء كان على يد كتابي أو مسلم أو غيرهما، فالمنخنقة و الموقوذة و أمثالهما محرمة بالنص، سواء كان الخنق و الوقذ بيد مسلم أو بيد كتابي، و هل يعقل أن يحل الله على يد كتابي ما حرمه على يد مسلم؟!
هذا و قد ثبت بالمشاهدة أن الحيوان في البلاد غير المسلمة لا يذكى ذكاة شرعية بل ربما اعتبروا الذكاة إجراماً، و إنما يتم قتل الحيوان في تلك البلاد إما بالصعق الكهربائي أو الخنق أو طرق الرأس بمطرقة أو رميه بالرصاص، و كل هذه الوسائل غير محللة.
أما كون هذه اللحوم تُصدر إلى البلاد الإسلامية فهو لا يعطي حُكماً بالإباحة، فإن بلاد الإسلام يُصدر إليها لحم الخنزير و الخمور، فهل يقال بأن تصديرها إليها يقتضي تحليلها – سبحانك اللهم هذا بهتانٌ عظيم- و إنما هذه المجادلات من شأن أولئك الذين أعمى الله أبصارهم و طمس عقولهم فلا هم لهم إلا في جر غيرهم إلى الضلال (( هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون)) (1). اهــ

____________________

1- المنافقون/4
  #74  
قديم 12/06/2004, 04:25 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
أحكام المشركين
64ــ و المشركون ذووا الأوثن ليس لهم.سلامة غير أن دانوا بما نزلا.

الشرح:
المشرك سواء كان يعبد الأصنام أو كان ملحداً أو وجودياً أو شيوعياً فهؤلاء حكمهم:
1. بأن يُدعوا إلى الإسلام فإن استجابوا فلهم حقوق المسلمين.
2. و إن رفضوا فليس لهم إلا القتل، و هذا هو الفرق بين أهل الكتاب و المشركين، فأهل الشرك لا يطلب منهم جزية، و إنما الإسلام أو السيف، و الدليل على ذلك قوله تعالى: (( و قاتلوا المشركين كافة حتى يقاتلونكم كافة)) (1) ، و قوله تعالى: (( و قاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ و يكون الدينُ كلهُ لله))(2) .

سؤال هام: هل انتشر الإسلام بالسيف؟(3)
__________________________________

1- التوبة/36
2-الأنفال/39
3-حول هذه القضية سئل سماحة الشيخ أحمد الخليلي- حفظه الله السؤال الآتي: س/ هل يوجد فرق بين الآية الكريمة ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) و الحديث الشريف ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) ألا يوجد تعارض بين الآية و الحديث؟
ج/ لا تعارض بين الآية و الحديث لأمرين:
- الأمر الأول: أن الآية الكريمة إنما أنزلت في أهل الكتاب، كما جاء في ذلك الروايات، فقد كان بعض قبيلتي الأوس و الخزرج سلموا أولادهم إلى اليهود في أيام الجاهلية، و قد تربى أولئك الأولاد على عقيدة اليهود، و عندما أكرم الله سبحانه و تعالى الأوس و الخزرج بالإسلام، شق عليهم أن يكون أولادهم على تلكم العقيدة التي نشأوا عليه و هم عليه و هم في أحضان اليهود، فأرادوا أن يجروهم إلى الإسلام فمنهم من رفض ذلك، و أصر على البقاء على يهوديته، و جاء أحد الآباء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له: يا رسول الله، أيدخل بعضي النار؟! يريد أن يفرض على ولده أن يدخل في الإسلام في دين الله تعالى، فأنزل الله تعالى ( لا إكراه في الدين).
هذا السبب- و إن كان كما بقال: لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ إلا أنه اقترن بدلائل و شواهد من القرآن الكريم دلت على أن أهل الكتاب خاصة، إن وافقوا على أن ينقادوا و يذعنوا للحكومة الإسلامية و للدولة الإسلامية، و رضوا بأن يؤدوا الجزية إلى المسلمين فهم في هذه الحالة يُتركون و ما يعتقدون، إكراماً لما بيدهم من بقايا هداية الله تعالى التي أنزلها على أنبيائهم، فالله تبارك و تعالى يقول: (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر و لا يحرمون ما حرم الله و رسوله و لا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية و هم صاغرون))، ما قال: حتى يدخلوا في دين الله، ( حتى يعطوا الجزية و هم صاغرون)، بينما قال في غيرهم: (( و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله))، فاتضح لهذا أن لأهل الكتاب حكماً خاصاً، يختلفون فيه عن غيرهم، و من عداهم هم الذين يدخلون في ضمن مدلول الحديث الشريف ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله).
[ الأمر الثانيٍ]: و هناك إحتمال آخر ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) أي لا يمكن للإنسان أن يكره أحداً فيغرس فيه الهداية غرساً، و يحوله من حال إلى أخرى؛ بحيث يتحول من الكفر إلى الإسلام، إنما الله وحده الذي يهدي، ( إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء)، ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).
هنا قضية شغلت بال الناس كثيراً في العصور الأخيرة، و كانت فيها ردة فعل عند المسلمين مزرية بهم، و هي قضية إستعمال القوة في نشر الإسلام، إستعمال السيف في نشر الدعوة الإسلامية، حصلت إشاعة عند المستشرقين الكفرة، بأن دين الإسلام دين إرهاب، دين قوة، فهو يشيع الخوف بين الناس، و تُفؤض عقيدته فرضاً على الناس، تجر الجيوش الجرارة من أجل نشر هذه العقيدة، فهو دين رهيب، و المسلمون أمام هذه التهمة وجد فيهم من ضعفت نفسه، و ذل أمام هذا الإتهام، و تمنى أن يجد ما يبرئه من هذا الإتهام.
بعد فترة من الوقت ظهر المستشرقون أنفسهم بنظرية أخرى، و هو أن الدين الإسلامي دين سلام، و أن الإسلام لا يشرع فيه الجهاد فيه أبداً إلا لأجل الدفاع فحسب، هذه النظرية جاء بها بعض المستشرقين كـ ( طومس أرنلد) صاحب كتاب الدعوة إلى الإسلام، و قد تلقفها أولئك الضعاف برحابة الصدور، و ظنوا أنهم وجدوا ضالتهم المنشودة، و أن الإسلام بريء من قبل المستشرقين أنفسهم مما نسب إليه أسلافهم، فأشاعوا هذه الفكرة، و قد غلا بعض الناس فيها غلواً هدم قواعد الدين، و عطل الأحكام الشرعية.
من بين هؤلاء رجل لا أريد أن أذكر اسمه، لا يزال حياً إلى الآن، ألقى محاضرة أمام حاكم من الحكام الذين ليسوا من الدين في شيء بل – تقريباً- كانوا محاربين للإسلام في كل شيء، و أراد أن يتملق لذلك الحاكم، فكانت المحاضرة قبل كل شيء كلها إطراء لذلك الحاكم، بل لم يكن لله فيها نصيب، و إنما كانت لحمد و تقديس ذلك المخلوق الضعيف؛ الذي لا يملك لنفسه نفعاً و لا ضراً، فضلاً أن يملك ذلك لغيره، ثم بعد ذلك قال تملقاً إليه و تقرباً-: بأن الإسلام لم يشرع الجهاد قط إلا لتأمين حريات الناس في معتقداتهم و سلوكهم.
و لئن كان الإسلام – كما قال- يأمن حريات الناس في معتقداتهم و في سلوكهم، فمعنى ذلك لا جناح على أحد إن سرق، و لا جناح على أحد إن زنى، و لا جناح على أحد إن فعل أي كبيرة من الكبائر، كيف و للإنسان حرية مطلقة حسب زعم هذا الرجل في ظل الإسلام و في شرع الإسلام، يأتي ما يشاء و يفعل ما يشاء، و يتصؤف كيفما يشاء، لا يحكم بحكم من قبل الله، و معنى ذلك تعطيلاً لشريعة الله تبارك و تعالى، فإذاً لماذا شرعت الحدود؟! لماذا جاء قول الله تبارك و تعالى: (( الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين))؟! و لماذا شرع الله الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، إذا كان لكل أحد حريته المطلقة في سلوكه، يتصرف كيف يشاء، يفعل ما يشاء و يترك ما يشاء، فلماذا التآمر بالمعروف و التناهي عن المنكر، الله تبارك و تعالى يقول: (( و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون))؛ و يقول سبحانه و تعالى: (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله)).
و لئن كان الإسلام يأمن حرية الإنسان في سلوكه كما يزعمون، فمعنى ذلك إذن أن الدعوة ينبغي أن لا تكون، لأن دعوة الكافر إلى الإسلام تزعجه، فهو حر في معتقده و لا ينبغي أن يزعج، و دعوة الفاسق إلى الإستقامة أيضاً تزعجه، فينبغي أن يوفر له أيضاً المناخ الحر؛ الذي يمارس فيههوايته، سواء كانت هذه الهواية زنىً أو قذفاًً للمحصنات، أو أي منكر من المنكرات: كشرب خمر، و كدعارة، أو كانت أي شيء، هكذا يصنع أولئك الذين يتقربون إلى البشر، على حساب تقربهم إلى سبحانه و تعالى، يؤثرون مرضاة البشر على مرضاة الله عز و جل، يصدرون الفتاوى الباطلة و الأقوال التي لا تنبيني على دليل من حكم الله تعالى و حكم رسوله صلى الله عليه و سلم، يحلون ما حرم الله و يحرمون ما أحل الله، لمجرد اتباعهم لرضا فلان أو رضا فلان، يؤثرون رضوان البشر على رضوان الله تعالى، = فهؤلاء هم الأئمة الضالون المضلون الذين جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إن أخوف ما أخاف على أمتي أئمة ضالون مضلون واقفون على أبواب جهنم، يدعون كل من أجابهم إليها قذفوه فيها) هؤلاء لا يبالون أن يحرموا أي شيء أحله الله، بل لعلهم يقولون فيما فرض الله بأنه حرام، يمنعون الناس مما أوجب الله تبارك و تعالى عليهم من قيود الأخلاق و قيود الفضيلة؛ لأجل محاباة الناس و لأجل كسب رضا الناس، و في نفس الوقت يبيحون ما حرم الله تبارك و تعالى.
و على أي حال نحن نقول: بأن الإسلام إنتشر بالإقناع، فإن كل عقيدة تفرض بالقوة فرضاً لا بد من أن تتلاشى إذا تلاشت تلك القوة، و لا أدل على ذلك مما حصل في البلاد الشيوعية، فعندما تلاشت القوة التي كانت مهيمنة تلاشت الشيوعية نفسها، و لكن الإسلام دين الفطرة، فإن النفوس نفسها عندما ينجلي صداها تدرك أن الحق في الإسلام، و أن الخير في الإسلام، و لكن لا بد من قوة تحفظ سير هذا الإسلام و مده، لا بد من قوة تذلل العقاب بين يديه، و لذلك شرع الله تعالى ما شرع من الجهاد في سبيله من أجل نشر دينه، و الصحابة الذين انطلقوا في أرجاء الأرض ينشرون دعوة الله سبحانه و تعالى ما كانوا يصدون بذلك هجوماً من أعداء الإسلام عليهم، و لكنهم يكتسحون القوى؛ التي كانت تقف في طريقهم حتى لا ينتشر الإسلام في أرجاء الأرض، كانوا بهذا الصنيع يكتسحون القوى، و إلا فما كان الداعي لأحد المسلمين عندما وصل إلى المحيط أن يخوض عباب المحيط بقوائم فرسه، و يخاطب المحيط: والله لو علمت أن أرضاً وراءك لخضتك مجاهداً في سبيل الله، هل كان بهذا يصد هجوماً جاء من هناك من قبل أعداء الله؟! أو أنه يريد أن يذلل الصعاب، و أن يُطأطأ العقاب، حتى يمتد نور هذا الدين إلى أرجاء الأرض.
أما بعد أن يطوح بالجبارين الذين يحولون بين الناس و بين الإسلام، فالناس يعاملون كما أمر الله، الناس إما أن يكونوا أهل الكتاب، و إما أن يكونوا غيرهم، فتقام الحجة على الجميع، و لكن أهل الكتاب إن لم يؤمنوا فليدفعوا الجزية و يتركون و شأنهم.
  #75  
قديم 12/06/2004, 04:26 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
أحكام الملل الست العامة
65ــ و الحكم إن حاربوا في الكل متحدٌ.....نهب وسبيٌ و قتلٌ فيهم فُعلا
66ــ حاشا قريشاً فإن السبي ممتنعٌ.....فيهم على قول أهل المغرب الفضلا

الشرح:
هذا حكم عام يشمل جميع الملل الست إن حاربوا المسلمين و لم يقبلوا الإسلام، و أهل الكتاب لم يقبلوا الجزية فإنهم:
1. يقتل مقاتلهم.
2. تغنم أموالهم.
3. تسبى ذريتهم و أموالهم.
أما الأطفال فلا يقتلون، و كذلك النساء إلا إذا شاركن في الحرب فإنهن يقتلن، و مثل ذلك حصل يوم حصار خيبر عندما كانت إمرأة من اليهود تقف فوق الحصن مقابلة للرسول صلى الله عليه و سلم و صحابته فتكشف عورتها للمسلمين، فأمر النبي صلى الله عليه و سلم بقتلها فرماها أحد الصحابة بسهم فسقطت ميتة.
و هذا الحكم عام أيضاً للمشركين، و لكن تستثنى قريش لحرمة النبي صلى الله عليه و سلم و منزلته منهم؛فإنهم يقاتلون و لكن لا تسبى نساؤهم و ذراريهم، و هذا رأي أصحابنا المغاربة الفضلاء.

67ــ و الذبح إن سالموا أهل الكتاب مع النكـاح منهم أجز إلا الإماء فلا

الشرح:
أي أن أهل الكتاب إن كانوا أهل ذمة، يعيشون تحت حكم المسلمين فإنه يجوز نكاح نسائهم و أكل ذبائحهم؛ لأنهم تحت رقابة المسلمين.
و النساء الكتابيات اللاتي يجوز نكاحهن هن الحرائر و ليست الإماء، لذلك قال الإمام السالمي: ( إلا الإماء فلا)، بدليل قول الله تعالى: (( و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن)) (1).

____________________

1- النساء/5.
  #76  
قديم 12/06/2004, 04:27 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
خاتمة في أحكام الإمامة
68ــ إن الإمامة فرضٌ حينما وجبت...شروطها لا تكن عن شرطها غفلا

الشرح:
الإمامة: هي القيادة الدينية السياسية التي تطبق كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و تقيم الحدود في واقع الحياة، و هي مأخوذة من قول الله تعالى لعبده إبراهيم: (( قال إني جاعلك للناس إماماً)) (1) أي قدوة و قائداً إلى الخير.

أنواع الإمامة:
الإمامة لا توجد إلا عند أصحابنا رضوان الله عليهم، فلم يخل عصر من العصور من إمام عدل يرجع إليه المسلمون في إصلاح شؤونهم و تسيير أمورهم.
و للإمامة أنواع هي:
1. إمامة الظهور.
2. إمامة الدفاع.
3. إمامة الشراء.
4. إمامة الكتمان، و منها يتولد الظهور.
و قد تحدثنا عن تفصيلها جميعاً عند قول الإمام السالمي:
( ثم الظهور و دفع و الشراء مع الـ...ــكتمان طرقٌ له أكرم بها سبلا)
فمن شاء فليرجع إليها هناك.

حكم إقامة الإمامة:
الإمامة واجبة على المسلمين عندما تتوافر شروطها، و شروطها هي:
1. أن يحس المسلمون من أنفسهم قوة.
2. أن يكونوا على النصف من عدوهم عدداً و عدةً.
3. أن يكون عددهم أربعين رجلاً، و يكون فيهم على الأقل ستة من أهل العلم و الصلاح، و هم الذين يسيرون أمورهم(2) .

_________________________

1- البقرة/124
2- فائدة هامة بأسماء الأئمة الذين عقدت عليهم الإمامة في عمان:
1. الإمام الجلندى بن مسعود 2. الإمام الوارث بن كعب الخروصي 3. الإمام غسان بن عبدالله اليحمدي
4. الإمام عبدالملك بن حميد 5. الإمام المهنا بن جيفر اليحمدي 6. الإمام الصلت بن مالك الخروصي
7. الإمام راشد بن النضر اليحمدي 8. الإمام عزان بن تميم الخروصي 9. الإمام سعيد بن عبدالله الرحيلي.
10. الإمام راشد بن الوليد الكندي 11. الإمام الخليل بن شاذان الخروصي 12. الإمام رشاد بن سعيد اليحمدي
13. الإمام حفص بن راشد اليحمدي 14. الإمام راشد بن علي الخروصي 15. الإمام عامر بن راشد الخروصي
16. الإمام الخليل بن عبدالله الخليلي 17. الإمام الحواري بن مالك 18. الإمام مالك بن الحواري.
19. الإمام أبو الحسن بن خميس بن عامر 20. الإمام عمر بن الخطاب الخروصي 21. الإمام محمد بن إسماعيل الحاضري
. الإمام بركات بن محمد بن إسماعيل 23. الإمام ناصر بن مرشد اليعربي 24. الإمام سلطان بن سيف الأول
25. الإمام بلعرب بن سلطان بن سيف 26. الإمام سيف بن سلطان بن سيف 27. الإمام سلطان بن سيف الثاني.
28. الإمام مهنا بن سلطان اليعربي 29. الإمام يعرب بن بلعرب 30. الإمام محمد بن ناصر الغافري
31. الإمام بلعرب بن حمير 32. الإمام سلطان بن مرشد اليعربي 33. الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي
34. الإمام عزان بن قيس البوسعيدي 35. الإمام سالم بن راشد الخروصي 36. الإمام محمد بن عبدالله الخليلي
37. الإمام غالب بن علي الهنائي.
و غيرهم كثير يصلون إلى ستين إماماً، و هؤلاء هم المشهورون. ( غرس الصواب رقم 10).
  #77  
قديم 12/06/2004, 04:29 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
69ــ و باطلٌ سيرةٌ فيها الإمامة في اثنين لو بلــــــغا في المجد ما كملا

الشرح:
يعني أنه لا يجوز أن يكون للمسلمين إمامين في مكان واحد، فقد روي عن الرسول صلى الله عليه و سلم: " إذا بويع لخليفتنين فاقتلوا الآخر منهما" (1) أما ما دامت الإمامة الأولى ثابتة فيجب الإنقياد للإمام الأول، فلا تجوز إمامتان أبداً، و لو بلغ الإمامان ما بلغا من الصلاح و الإستقامة إلا إذا كان هناك فاصل بينهما، و لم يمكن إجتماعهما، و هذا الفاصل إما أن يكون بحراً واسعاً لا يمكن لهما أن يجتمعا، و إما أن يكون بين الإمامين حكم أجنبي غير الإمامة، ففي هاتين الحالتين يجوز تعدد الإمامة.
و مثال ذلك: إمامة الرستميين من أصحابنا المغاربة رضوان الله عليهم، فقد كانت إمامتهم قائمة، و رغم ذلك عقدت الإمامة للأئمة العدول في عمان، لما يفصل بين الإمامتين من فواصل.

70ــ و بعدما فُتحت أُمُ القرى نُسخا..ما كان من هجرة مفروضها اتصلا

الشرح:
لقد كانت الهجرة من أم القرى مكة إلى المدينة المنورة واجبة على كل أحد، بل هي سبب الولاية، فمن لم يهاجر فلا ولاية له، يقول عز و جل: (( و الذين ءامنوا و لم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا))(2) ، و لكن بعد فتح مكة نسخت هذه الهجرة فلا هجرة بعد الفتح، يقول صلى الله عليه و سلم: (( لا هجرة بعد الفتح، و إنما جهادٌ و نيةٌ)) (3) يعني أن يواصل الإنسان جهاده في سبيل الله و ينوي الخير.


__________________________

1- رواه مسلم.
2-الأنفال/72
3- رواه البخاري
  #78  
قديم 12/06/2004, 04:29 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
قضية التحكيم
71ــ إنا ندين بتصريف الأولى منعوا....حكومة الحكمين حينما جهلا

الشرح:
أي نعتقد إعتقاداً جازماً نتقرب به إلى الله تعالى بالحق الذي حكم به أصحابنا أهل النهروان رضوان الله عليهم؛ عندما أنكروا تحكيم الحكمين: عمرو بن العاص، و أبي موسى الأشعري؛ لأن هذا الحكم الذي أتى به الحكمان مخالف لكتاب الله تعالى، و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، و إجماع المسلمين.

قصة التحكيم:
و ذلك أنه لما وقع الشقاق بين علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان، و رفض معاوية مبايعة علي بن أبي طالب دارت بينهم حرب كانت كفتها في صالح علي بن أبي طالب، لولا مكيدة معاوية و عمرو بن العاص، من رفع المصاحف مدعيين بأنهما يدعوان علياً لتحكيم كتاب الله، و همت لا يريدان ذلك، و اتفقت كلمتهما بعد تشاور على أن يبعث كل واحد منهما حكماً ليحكما بينهما، فكان أبو موسى حكماً لعلي، و كان عمرو بن العاص حكماً لمعاوية، و اتفقا بعد نقاش على أن يخلع علياً و معاوية، و يختار المسلمون لهم خليفة جديداً، و ذلك كله مكر، فمتى كان معاوية خليفة للمسلمين حتى يخلعاه.
فكان عمرو بن العاص يقدم أبا موسى الأشعري في كل الأمور تمهيداً للمكر، حتى حضروا للحكم، فقال أبو موسى لعمرو: تقدم، فأبى عمرو، فصعد أبو موسى المنبر فخلع علياً، ثم صعد عمرو بن العاص فخلع علياً و أثبت الخلافة لمعاوية، فتشاتما لأنه لم يكن هكذا الإتفاق، فلما رأى أصحابنا من أهل النهروان رضوان الله عليهم هذه المكيدة إعتزلوا عنهم و قالوا: لا حكم إلا لله، فسموا من ذلك اليوم المحكمة، و نزلوا مكاناً يسمى حروراء؛ لأنهم يعلمون حقيقة هذه المكيدة، و الله تعالى يقول : (( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين))، و كان في أهل النهروان خيار الصحابة و منهم بقية من أهل بدر، و أهل بيعة الرضوان: كزيد بن حصين، و حرقوص بن زهير السعدي، و عبدالله بن وهب الراسبي، و أويس القرني، و كانوا يسمون القراء الفقهاء؛ لكثرة علمهم و قراءتهم للقرآن الكريم، و قد طلبوا من علي بن أبي طالب أن يترك التحكيم، فأبى.
  #79  
قديم 12/06/2004, 04:30 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
فلما اعتزلوا عن علي بن أبي طالب أرسل إليهم علي يطلب منهم الرجوع بعد ظهور مكيدة معاوية و غدره، و بعث إليهم عبدالله بن عباس رضي الله عنه ليحاجهم فحجوه، أي غلبوه بحجج الحق، و رجع عبدالله بن عباس رضي الله عنه مقتنعاً برأيهم، و قال لعلي: قوم لا أكون معهم لا أكون عليهم، و كان رأي علي بن أبي طالب بأن ينطلق إلى معاوية في الشام فيقاتله، فصده الأشعث بن قيس و رغبه في قتال أصحابنا أهل النهروان، فذهب إلى قتال أهل النهروان، و كان إمامهم عبدالله بن وهب الراسبي رضي الله عنه، فقتلهم علي بن أبي طالب، و لله الأمر من قبل و من بعد:
فيا أسفا من سيف آل محمد.....على المؤمنين الصالحين شهير
نبا عن رؤوس الشام بالحق و انثنى...إلى ثفنات العابدين يجور
و بعد هذه المعركة ضعف جيش علي و لم يستطع مقاومة جيش معاوية فقُتل علي بن أبي طالب، و استولى معاوية بن أبي سفيان على الخلافة ظلماً و جوراً، فإنا لله و إنا إليه راجعون.

72ــ و الراسبي أوالي بعد جملتهم...و من بهم نسب الإسلام قد وُصلا
73ــ عنيت نجل إباض فهو حجتنا... أما ترى فخره للمسلمين حــــــلا
74ـ و من قفا أثرهم من كل مجتهد شاك السلاح لقمع الخصم حين غلا

الشرح:
أي أننا نوالي إمام أهل النهروان عبدالله بن وهب الراسبي رحمه الله؛ لجهاده و استقامته، و من بهم وصل إلينا الإسلام: كالإمام جابر و أبي عبيدة و أبي بلال و غيرهم من الأفاضل.
و منهم عبدالله بن إباض الذي ينتسب إليه المذهب الإباضي في التسمية فقد كان حصناً حصيناً للإسلام و المسلمين، ذاباً عن الحق بلسانه و سنانه.
و نتولى كل من اقتفى أثرهم من الصالحين المجتهدين في عبادة الله و إحياء سنته و شرعه، المجاهدين بأموالهم و أنفسهم و سلاحهم قامعين الخصوم الذين غلوا و تجاوزوا الحدود بالظلم و الطغيان و إتيان المنكرات.
  #80  
قديم 12/06/2004, 04:31 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
نبذة مختصرة عن بعض أئمة المذهب الإباضي

1. عبدالله بن وهب الراسبي الأزدي العماني:
هو إمام أهل النهروان، بعد أن انحازوا عن علي بن أبي طالب، فعزموا على توليته عبدالله بن وهب الراسبي إماماً لهم، فكره ذلك و أباه، فلم يريدوا غيره و لم يرضوا سواه، فلما رأى ذلك منهم قال: يا قوم استبيتوا الرأي – أي دعوه يغيب – و تأتي عليه ليلة فندبر عواقبه، و كان يقول: نعوذ بالله من الرأي الدبري، فبايعوه و كان ذا رأي و حزم و دين و علم، وقع به الإئتلاف و ارتفع في أيامه الخلاف، فلم يزل يقول بالحق و يحكم بالعدل، و يلطف بالرعية و يقسم بالسوية، حتى قبض رحمة الله عليه.

2. حرقوص بن زهير السعدي:
كان حرقوص من أهل النسك و العبادة و التقشف و الزهادة، و كان ذا نجدة و بأس و شدة، و كان أحد أمراء الأجناد في أيام عمر رضي الله عنه، و هو الذي فتح الأهواز في أيام عمر رضي الله عنه، و كان له آراء سديدة و آثار حميدة، و شكره عمر و استحسن ما كان منه، فإنه صبر و صابر حتى أظفره الله تعالى، و شهد حرقوص صفين، و أبى تحكيم الحكمين، و كان في أصحابه حتى قُتل رحمه الله.

3. الإمام جابر بن زيد الأزدي العماني:
ولد في عمان و هاجر إلى البصرة لطلب العلم، و هو بحر العلم، و سراج الدين، أصل المذهب، و إمامه الذي أرسى دعائمه، صاحب ابن عباس رضي الله عنه، أخذ العلم عن كثير من الصحابة حتى قال عن نفسه: ( أدركت سبعين بدرياً فحويت ما عندهم إلا البحر) يعني ابن عباس رضي الله عنه الذي قال عنه: ( إسألوا جابر بن زيد، فلو سأله أهل المشرق و المغرب لوسعهم علمه)، و قال عنه أيضاً: ( عجباً لأهل العراق كيف يحتاجون إلينا و عندهم جابر بن زيد، و لو قصدوا نحوه لوسعهم علمه)، و لما مات جابر قال عنه أنس بن مالك رضي الله عنه: ( اليوم مات أعلم من على ظهر الأرض)، و قال عنه قتادة: ( اليوم مات عالم العرب) ترك الإمام جابر ديواناً عظيماً يحوي علماً غزيراً و لكن الكتاب مفقود، وقد كان مختفياً عن أعين الجورة لكثرة بطشهم و ظلمهم، توفي رحمه الله في سنة 93 هــ.
  #81  
قديم 12/06/2004, 04:31 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
. أبو بلال مرداس بن حدير:
الورع الزاهد المجاهد في سبيل الله؛ الذي عاش في زمن الوالي الجائر زياد، فسمع أبو بلال زياداً هذا يقول على المنبر: ( والله لآخذن المحسن منكم بالمسيء و الحاضر بالغائب و الصحيح بالسقيم) فقام إليه أبو بلال فقال له: ( لقد سمعنا ما قلت أيها الإنسان، و ما هكذا ذكر الله عن نبيه إبراهيم عليه السلام، إذ يقول: (( و إبراهيم الذي وفى (37) ألا تزر وازرة وزر أخرى(38) و أن ليس للإنسان إلا ما سعى(39) و أن سعيه سوف يرى(4) ثم يجزاه الجزاء الأوفى)) و إنك تزعم أنك تأخذ المطيع بالعاصي).
و عندما رأى أبو بلال جور ولاة بني أمية، قال: ( إن المقام على هذا لعظيم) ثم خرج بأصحابه لا يريد قتالاً و لا اعتداءً على أحد، و لكن بني أمية خرجوا لقتاله، فهزمهم أبو بلال و أصحابه، ثم أرسل إليهم بنو أمية جيشاً كبيراً فقاتلوا أبا بلال و أصحابه حتى حانت صلاة الجمعة، فطلب منهم أبو بلال أن يكفوا القتال حتى يصلوا الجمعة فوافقوا على ذلك، و لكن جيش بني أمية لم يمهلوهم حتى ينتهوا من صلاتهم، فهجموا على أبي بلال و أصحابه قبل أن ينتهوا من صلاتهم، فقتلوهم بين راكع و ساجد، فعليهم رحمة الله و رضوانه.

5. عبدالله بن إباض المري التميمي:
إليه تنسب تسمية المذهب الإباضي، و هو من قبيلة بني تميم القوية، و كان عابداً زاهداً، شجاعاً لا يهاب من الظلمة و الجورة، و كان يدافع عن المذهب الإباضي دفاعاً مستميتاً، و هو الذي أرسل رسالة إلى عبدالملك بن مروان، يبين له فيها الحق، و يحذره من الغرور بالدنيا، و يوضح له سبيل الهدى، و هو القائل في تلك الرسالة عندما أغراه عبدالملك بن مروان بالمال قال له: ( و لا تعرض لي الدنيا فليس لي بها حاجة)، فعليه رحمة الله و رضوانه.

6. أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي:
كان رحمه الله مولى لبني تميم، و كان ضريراً و فقيراً، و رغم ذلك فقد تعلم العلوم و علمها، و رتب روايات الحديث و أحكمها، أخذ علمه عن الإمام جابر بن زيد، و عن كثير من التابعين، بل قيل: إنه أدرك الصحابة و أخذ عنهم، و كان أبو عبيدة يدرس تلاميذه في سرداب تحت الأرض خوفاً من جور بني أمية، و استطاع أن يخرج من ذلك السرداب الأئمة العظماء، و العلماء الكبار؛ الذين نشروا العدل و الإستقامة في عمان و المغرب و اليمن و الحجاز، بل إن فضل بقاء المذهب الإباضي إلى اليوم يرجع إليه بعد توفيق الله تبارك و تعالى، فلله دره من رجل، فهو أمة بأسرها، جاهد في سبيل ربه حتى أتاه اليقين، فعليه رحمة الله و رضوانه.

7. الإمام الربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي الأزدي البصري العماني:
ولد في عمان و هاجر إلى البصرة فأخذ عن الإمام جابر بن زيد، و أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، و ضمام، و غيرهم، قال أناس من أهل البصرة: أنظروا لنا رجلاً ورعاً قريب الإسناد حتى نكتب عنه،و نترك ما سواه. فنظروا فلم يجدوا غير الربيع بن حبيب، و قد حمل الربيع العلم إلى بلده عمان و نشره هناك، و ألف كتابه المعروف بالجامع الصحيح مسند الإمام الربيع بن حبيب، و هو في الحديث الشريف، رحمه الله و رضي عنه.
و غيرهم كثير، و إنما ذكرنا أشهرهم- رضوان الله عليهم جميعاً.
  #82  
قديم 12/06/2004, 04:33 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
خاتمة منظومة الإمام السالمي
75ــ و الحمد لله رب العالمين على...إتمام ما رمت إذ من فضله كملا
76ــ ثم الصلاة و تسليمٌ يقارنها.....على الذي ختم المولى به الرسلا
77 و الآل و الصحب ما لاحت فضائلهم..............................
.......................................و من لهم في سبيل المكرمات تلا

الشرح:
كما بدأ الناظم ثناءه على الله ختمه به، حتى يجمع البدء مع الختام، مثنياً بالصلاة و التسليم على إمام المرسلين و خاتم النبيين، و آله و صحبه المتقين، و على كل من سلك طريق الكرامة و الإستقامة إلى يوم الدين، اللهم اجعلنا من أوليائك المتقين، و حزبك الفائزين، و جندك المنصورين، و احشرنا في زمرة سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه أجمعين



(( إن الذين ءامنوا و عملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم (9) دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلامٌ و آخرُ دعواهم أن الحمد لله رب العالمين))
(1)، (( سبحان ربك رب العزة عما يصفون (180) و سلامٌ على المرسلين(181) و الحمد لله رب العالمين)) (2).

تم بحمد الله ( 30 من المحرم الحرام 1420 هـــ)

________________________

1- يونس/10،9
2-الصافات/180-182
  #83  
قديم 12/06/2004, 04:33 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
الفهرس:
1- منظومة غاية المراد
2- ترجمة الإمام السالمي
3- تمهيد
4- شرح القصيدة
5- مسائل في الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم
6- مسائل في التكليف
7- الجملة و أحكامها.
8- صفات الذات و صفات الفعل.
9- رؤية الله بين المثبتين و المنفين
10- قضية استواء الله على العرش
11- تأويل الآيات المتشابهات
12- تعريف مختصر بالمذاهب الإسلامية ( حاشية)
13- رسالة النبي محمد صلى الله عليه و سلم و معجزاته
14- الموت و البعث و الحساب
15- الخلود في الجنة أو النار
16- قضية الشفاعة و الرد على القائلين بالخروج من النار
17- الإيمان بالملائكة
18- الإيمان بالأنبياء و الرسل و الكتب
19- عصمة الأنبياء من الذنوب و المعاصي
20- قضية خلق القرآن
21- الإيمان بالقضاء و القدر
22- الإيمان و ما يشتمل عليه
23- الفرق بين الإسلام و الإيمان
24- قواعد الدين
25- الإخلاص سر العبودية و الرياء يحبط العمل
26- أركان الدين
27- مسالك الدين و طرقه
28- أصناف الناس: مؤمن، منافق، مشرك
29- فائدة هامة في نجاسة المشرك
30- الولاية و البراءة
31- أقسام الولاية و البراءة
32- ذكر الكفر و ما يشتمل عليه
33- قواعد الكفر
34- أركان الكفر
35- ذكر الملل الست و أحكامها
36- أحكام المسلمين
37- أحكام اليهود و النصارى و الصابئين و المجوس
38- حكم ذبائح أهل الكتاب ( فتوى في حكم اللحوم المستوردة)
39- أحكام المشركين
40- هل انتشر الإسلام بالسيف ( حاشية)
41- خاتمة في أحكام الإمامة
42- فائدة: بأهم أسماء أئمة عمان ( حاشية)
43- قضية التحكيم
44- ذكر بعض أئمة المذهب الإباضي
45- خاتمة المنظومة و الشرح
46- فهرس المواضيع
  #84  
قديم 12/06/2004, 04:39 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
أسأل الله أن يكون نقلي هذا خالصا لوجهه الكريم لا أريد به مدح أحد، و أعوذ بالله من الشرك الأصغر ( الرياء)

فاجعل هداك الله كل البشر......إن شئت أن تخلص مثل الحجر
و اعلم بأن الله مسبل النعم......فالعجب لا معنى له سوى العدم
  #85  
قديم 22/06/2004, 07:59 PM
فرسان الجسارة فرسان الجسارة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/11/2000
المشاركات: 748
للرفع
  #86  
قديم 01/10/2005, 10:28 AM
المستبلي المستبلي غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 31/01/2004
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,569
يُرقع للإستفادة ، وبارك الله في كاتب الموضوع
  #87  
قديم 01/10/2005, 10:33 AM
صمت الكليم صمت الكليم غير متواجد حالياً
عضو فوق العاده
 
تاريخ الانضمام: 29/01/2005
الإقامة: الجــ والصمت ـامعة
المشاركات: 14,050
بارك الله



فيك


وجزاك خير الجزاء
  #88  
قديم 02/10/2005, 01:37 PM
الجبل الصخري الجبل الصخري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 03/11/2004
المشاركات: 254
بارك الله في كاتب الموضوع ونسأله سبحانه أن يجعله في ميزان حسناته
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز الصور لا تعمل
رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 03:15 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 126
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.