سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > السبلة الدينية

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع التقييم: تقديرات الموضوع: 2 تصويتات، المعدل 5.00.
  #51  
قديم 13/04/2004, 07:08 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
لأنه كان يمثل إحدى جبهات الرفض السياسية الأموية والعباسية، ذلك لأنه مذهب واكبت نشأته تكون اللّبنة الأولى لبناء دولة الإسلام لعهد ما بعد الخلفاء الراشدين. وتكون المجتمع سياسياً واجتماعياً على ضوء التغييرات التي حصلت بعد انتقال الحكم من خلافة إلى ملك. فكان لزعماء "المذهب الأباضي" رأي ثالث، كما سيظهر خلال الصفحات القادمة من هذا الكتيّب؛ لأنهم – أي زعماء الأباضية والخوارج – أنكروا أن تكون القيادة محصورة في (قريش)، سواء أكانت في يد بني هاشم أم بني أمية. مع العلم بأنهما – رغم اختلافهما فيما بعد اختلافاً حادّاً – فإن القرشية تجمعهما نسبيّاً.
فالزعماء الأباضيون لم يؤيدوا الأمويين طوال حكمهم، بل لم يعترفوا بهم ولاة شرعيين على المسلمين، ما عدا عمر بن عبد العزيز، وكذلك كان موقفهم تجاه العباسيين.
في حين أن قضاة المذاهب الأربعة الأخرى وزعماءها تعاملوا مع الحكم العباسي خصوصاً، مما ينبئ إقرارهم بصحة وشرعية الحكومات المذكورة عدا انتقادات لسلوك بعض الولاة والأمراء من قبل أئمة المذاهب الأربعة. بدرجات متفاوتة غير أن موقفهم عموماً تجاه الحكومات الأموية والعباسية مهما كان متشدداً فلا يشابه موقف كل من الأباضية، والجعفرية، اللتين كانتا ذواتي موقف رافض تماماً، ولم تتعاملا مع الحكومتين قط.
فالإمام الشافعي نفسه مثلاً كان قرشياً فلا ينتظر منه أن ينكر زعامة قريش على المسلمين، أو تكون مسألة نقل الزعامة منها إلى غيرها موضع نقاش بالنسبة إليه، وهذا لا يعني أن المذاهب الأربعة قالت بحصر الزعامة في يد أسرة واحدة أو قبيلة واحدة.
يد أن الزعيم الذي ينسب إليه المذهب الأباضي، عبد الله بن أباض، في وضع مختلف تماماً عن وضع رؤساء المذاهب الأخرى، لاختلاف المواقف نتيجة الاختلاف في تقدير الموقف المتولد عن فلسفة الخلافة.
ذلك لأنه – كما أشرنا – أدرك الحوادث والأحداث وهي لمّا تزل طازجة، وهي تلك الأحداث التي انقسمت الأمة الإسلامية ن جرائها إلى مجموعات وفئات

- 21 -
  مادة إعلانية
  #52  
قديم 13/04/2004, 07:13 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
تتطاحن وتتصارع سياسياً إلى حد تبادل الاتهامات بالكفر والشرك، وعايش الصحابة، وسمع منهم حججهم مباشرة. وموقفه – إذاً – موقف متولد عن إدراك الأمور كما هي.
كما أنه اشترك في الدفاع عن الكعبة المشرفة إلى جانب عبد الله بن الزبير ضد الجيش الأموي الشامي. مع أن وقوفه جنباً إلى جنب مع عبد الله بن الزبير لا يعني أنه كان مهادناً له، بل كانا مختلفين في وجهتي نظرهما السياسية. وإنما كان موقفه وأصحابه احتساباً.
إذاً، فإدراكه الأمور ومعرفته أسبابها مباشرة لا عن طريق الرواة والمؤرخين أعطاه ميزة ينفرد بها من بين أئمة المذاهب في رأينا فكان لا بد أن تنعكس مواقفه على أتباعه وتلاميذه. وإن كان هؤلاء الأتباع أصبحوا تلاميذ الأستاذين العملاقين، وهما عبد الله بن أباض. وجابر بن زيد الأزدي.
وعلى ضوء معطيات موقف فلسفة المذهب تجاه الحكام فما كان له أن ينتشر أبداً. لأنه ليس بمذهب يتصف أتباعه بخلو الذهن عن جوهر أسباب الخلافات ومسبباتها. فموقف ابن أباض موقف منبثق عن دراية وإدراك للأمور بكل أبعادها، لا عن تخمين أو تفسير وتأويل للأحداث. والحق أنه كان للمذهب الأباضي – كمذهب – زعيمان، زعيم روحي وهو جابر بن زيد والذي سوف نتناوله بالكلام والدرس. فقد كان جابر هذا عالماً مشهوراً ومشهوداً له بالتبحر في العلم، وكان قد أخذ العلم عن ينابيعه الصافية ومنابعه النقية من الصحابة الكرام أنفسهم مباشرة. لقد كان من بين أساتذته الأجلاء – ولعلهم رؤساء أساتذته – أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وثلاثة من العبادلة المشهورين، وفي مقدمتهم عبد الله بن عباس الملقب (بحبر الأمة) وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وزعيم سياسي أو قائد للحركة، وهو عبد الله بن أباض(*).
ونكرر قائلين بأن معلوماتنا عن ابن أباض لا تسمح لنا بتقديم معلومات دقيقة عنه في سائر نواحي حياته. فمثلاً أين ولد؟ وأين مات؟ ومع ذلك، فرغم اضطراب المعلومات عنه فإن معظم المصادر الأجنبية تشير إلى أن اسم المذهب الأباضي مشتق من اسم عبد الله بن أباض، فعرفته بأنه رجل من قبيلة تميم العربية.

- 22 -
  #53  
قديم 13/04/2004, 07:25 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
وحتى اسم (عبد الله بن أباض) لم يتفق كل المؤرخين على تحديده. لقد ورد في كتاب "نشأة الحركة الأباضية". أما مالطي فينسب الأباضية إلى شخص اسمه "أباض بن عمر" ويذكر أن أتباعه قد خرجوا من سواد الكوفة، فقتلوا وسبوا الذرية. – إذاً – فنحن أمام شخص آخر يحمل اسم "أباض بن عمر" ويزعم المالطي أن المذهب ينسب إليه.
غير أن صاحب كتاب "نشأة الحركة الأباضية" يبادر في نفس السياق إلى دحض هذه المعلومة التي أوردها المالطي؛ لأنه لا يمكن الركون إليها لأنها تخالف جميع الروايات الواردة في المصادر الأخرى المعروفة لدينا(1). ويضيف قائلاً – إمعاناً في نقض معلومات المالطي: "وكما أن المؤلف – يقصد المالطي – يورد أخباراً وأعمالاً منسوبة إلى الأباضية لا تقرها أيضاً المصادر المتوافرة التي تتكلم عن نشأة الأباضية ومبادئها وسلوك أتباعها تجاه الآخرين".
إذاً فالسيد / خليفات / لم يفته أن يفند مزاعم – المالطي – لبعدها عن روح المبادئ الأباضية وسلوك أتباعها واستحالة قيامهم بأعمال تنافي تماماً ما عرفوا به من تحريم التعرض لأعراض المسلمين أو سبي ذراريهم، كما هو ثابت في كتبهم ومشهود – تاريخياً – في تصرفهم. ويضيف أيضاً، فيقول: "أما السمعاني، فيرى أن الأباضية تنسب إلى شخص يدعى الحارث الأباضي ويسمي فرقته بالحارثية، وواضح خطل هذا الرأي، لأن الأباضية لم يطلق عليهم يوماً من الأيام اسم "الحارثية". ويقول: وكذلك المقدسي فإنه ينسبهم – يقصد الأباضية – إلى رجل يدعى الحارث بن أباض. ويرد اسم الحارث هذا وفرقته عند بعض مؤلفي المقالات مثل الأشعري وابن حزم، ولكننا لا نجد ذكراً لهذا الرجل، ولا لفرقته في المصادر الأباضية مما يدل على خطل هذا القول"(2).
أما بعد، فإني أرى أنه من الجدير بالتنويه هنا – إنصافاً – هو أنه رغم
---------------
الهامش:
(1) نشأة الحركة الأباضية.
(2) المصدر السابق: نقلاً عن "التنبيه" للمالطي. والبدء والتاريخ للمقدسي. والزينة في الكلمات الإسلامية للرازي.

- 23 -
  #54  
قديم 13/04/2004, 07:59 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
اضطراب حقيقة شخص عبد الله بن أباض في نظر بعض المؤرخين، فإن المصادر الأباضية الموثوق بها في (هذا المجال) لم تختلف في اسمه أو نسبه. بل إنني أزعم بأن هذا الاضطراب ناشئ عن عوامل، منها تعمد بعض الكتاب من المؤرخين لتوافر سوء النية في كل ما يتعلق بالفرق، لأن معظم الذين اختلفوا بشأن شخص عبد الله بن أباض هم من الذين يستخفون شأن هذا الرجل بغية خلق غموض حوله؛ ليتسرب الغموض إلى فرقته ومذهبه، مما يتيح فتح مجال واسع للمعلقين للقول بأنه شخص / وهمي / أو / دخيل / في الإسلام، مجهول الهوية. إلخ.. كحرب نفسية ضد أتباعه.
ومنها ضيق الأفق في النظرة، واستخفاف المراجع الأباضية التي هي مضان وجود كل شيء متعلق بالأباضية، مفصلاً ومغربلاً. وإلا فإن تلك المراجع في متناول يد الجميع من الدارسين والكتّاب، غير أني لا أستبعد حصول الشيئين معاً أي سوء الفهم وسوء القصد – كمحاربة الفرق – بدون إدراك أن محاربة الفرق، لا تقتضي عدم تقصي الحقائق العلمية، لأن ذلك تجن على العلم. فسوء الفهم هنا يكمن في عدم التمييز بين الأسماء، كعبد الله بن أباض، أو أباض بن عمر، أو الحارث الأباضي. فهؤلاء المؤلفون لو تجشموا مشقة استنطاق المراجع وكتب السّير، وأخلصوا النية، لسلموا من الاضطراب أو الحيرة.
وسوء القصد: هو – كما أسلفنا – الاستخفاف وعدم الرغبة في الاستفادة من كتب القوم، واعتبارها موثوقة بها علمياً وتاريخياً، قصد إلقاء ضوء كاشف يقود الراغبين – جدّياً – إلى استقاء معلومات دقيقة إلى هدفهم. فمعظم المؤلفين من الفرق ينطلقون من مبدأ إثبات فساد آراء الفرق. فمن كان هذا وازعه في أول خطة يخطوها، فلا ينتظر منه بأن يأتي بشيء جديد نافع.
وقد يرى البعض من كلامي صفة المبالغة، فإني – وأيم الحق – مسلّم تماماً بصحة هذا الافتراض – فتجاربي الشخصية مع الناس في كل ما يتعلق بالفرق والمذاهب الصغيرة (الغير السنيّة) أثبتت بصورة لا غبار عليها، بأن مثل هذا التفكير والنوايا واردة جداً، وإلا، فقولوا لي بربكم: كيف يجهل شأن رجل تابعي عظيم كعبد الله بن أباض له بصمات واضحة في التاريخ الإسلامي، حيث كان ذا رأي في مسائل إسلامية وسياسية واجتماعية معروفة، رجل شارك في الدفاع عن مكة المكرمة

- 24 -
  #55  
قديم 13/04/2004, 08:01 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
ضد الجيش الشامي، وهو حدث بارز في التاريخ الإسلامي، ورجل جاهر برأيه فكانت له مكاتبات ومراسلات مع عبد الملك بن مروان، وله مواقف مشهودة مع المتطرفين من الخوارج، بلغت عظمة وتأثير شخصيته أنه انتسب إليه رهط ذو شأن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ورجل له من العلم والمعرفة ما جعله يتصدى لمقارعة السلاطين والغلاة حجة بحجة – إذاً – فإنسان كهذا من المدهش أن يجهله التاريخ أو يطمر صيته في ثنايا غباره، مهما تعددت وكثرت أسماء سميّه.

- 25 -
  #56  
قديم 13/04/2004, 09:57 PM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
أخي الإباضي الظاهر أنك كنت تنتظر أن أنتهي من قسمي منذ فترة طويله مما سبب عندك احتقانا ، فكأنك تريد أن تعرض قسمك في يوم واحد ، وأظن أن في هذا صعوبة على الأخوة القراء في متابعة الموضوع وقراءته قراءة متأنية

فليس هدفنا فقط عرض الكتاب وإنما كذلك قراءته

فألتمس منك أن تبطئ من سرعتك فلا طاقة لأمثالى من الكسالى لمجاراتك وقراءت هذا الكم الهائل من الصفحات التي عرضتها فقط في ما يقارب من ساعتين

فأقترح أن تعرض في اليوم صفحتين ، صفحة في الصباح قبل الإفطار ، وصفحة في المساء بعد العشاء ، حتى يأخذ العلاج مفعوله

وأشكرك لهذا الحماس المتوقد لكن أخاف يحرقنا
  #57  
قديم 14/04/2004, 02:05 AM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
شكرا أخي العزيز التيهرتي،،،

عندي سؤال: هل سيجمع الكتاب بعد الانتهاء من عرضه ويوضع في إحدى مواقع أهل الحق والاستقامة؟
  #58  
قديم 14/04/2004, 03:24 PM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الإباضي
شكرا أخي العزيز التيهرتي،،،

عندي سؤال: هل سيجمع الكتاب بعد الانتهاء من عرضه ويوضع في إحدى مواقع أهل الحق والاستقامة؟
إن شاء الله أخي الكريم فهذا أمر لا بد منه
  #59  
قديم 15/04/2004, 03:46 AM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
الأباضية كمذهب
الأباضية – في الصحيح – واحد من المذاهب الإسلامية، ولعله أقدم وأعتق مذهب إسلامي، فله جذور ضاربة في عمق التاريخ الإسلامي ويمكن فهم ذلك بسهولة خلال مقارنة تاريخية بين مؤسسي المذهب الأباضي، أمثال عبد الله بن أباض، وجابر بن زيد الأزدي البصري "التابعيين" وبين مؤسسي المذاهب الأخرى، فالأباضية والجعفرية أعتقدهما لدات بصرف النظر عن الاشتهار وعدمه.
فالمذهب الأباضي ينسب إلى عبد الله بن أباض السابق ذكره، وهو تابعي كبير له مكانة بارزة في التاريخ الإسلامي. غير أن الأباضيين يفضلون نسبة مذهبهم إلى جابر بن زيد الأزدي العالم المعروف المشهور، ويقولون: إن خصومهم هم الذين "فرضوا" عليهم هذه التسمية، أي الأباضية، بدلاً من "الجابرية"، فعبد الله بن أباض كان رجلاً دعا المسلمين إلى الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله، وذلك عقب الأحداث التي امتحن بها المسلمون وافتتنوا بمحاربة بعضهم بعضاً أيام خلافة الإمام علي، جزاء تمرد معاوية وشقه وحدة كلمة الأمة المسلمة ورفضه الانصياع للإمام الشرعي. ومن خضم تلك الأحداث وما تمخض عنها من ملابسات متشابكة، وما تولد عنها من قضايا معقدة متلاحقة، فيما بعد انبثقت من خلال غبار تلك الصراعات السياسية أفكار ومبادئ أخذت لها حيزاً في الوجود الفكري في المجتمع الإسلامي.
فعبد الله بن أباض كان واحداً ممن عركتهم تلك الأحداث وخرجوا منها باقتناعات معينة، فغدا يدعو الناس (المسلمين) إلى الكتاب والسنة، لا يهاب الجبابرة، ولا يحابي الظلمة، ولا يداهن في الدين، وكما أسلفنا فإن إمام المذهب (فقهياً) هو التابعي الكبير والعالم الجليل جابر بن زيد الأزدي البصري "العماني مولداً" وكان واحداً من الذين اعترف لهم ابن عباس بالباع الطويل في العلم، لقد روى البخاري عنه، وبذا يكون "قد جاوز القنطرة" على حد تعبيرهم.
غير أنه مما يؤسف له حقاً أن المسلمين من بقية المذاهب، ظلوا إلى سحاب نهار يومنا هذا يحملون انطباعات غير أخوية ولا إيجابية "عما يعرف بالفرق" مثل "الأباضية" "الزيدية" "الجعفرية"، نتيجة أوهام مصدرها تخمينات وسوء ظن.

- 26 -
  #60  
قديم 15/04/2004, 04:37 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
وكان من الممكن ألا يستمر ذلك طويلاً؛ لأن كل ما تولد عن سوء فهم يمكن إزالته بالتفاهم ومبادلة الآراء.
غير أن تباين المواقف، عندما يتصف بالأنانية، فمن النادر أن يؤدي إلى اتفاق وتفاهم، ذلك لأن "أهل السنة" – كأغلبية مطلقة من بين المسلمين – هم المطالبون بالإصغاء إلى شكاوى الأقليات "الفرق" وإتاحة الفرص لها لعرض حججها بروح رياضية دمثة، غبر أن هذا مما لم يحدث، فسرعان ما برى علماء منهم أقلامهم ليكتبوا عن الفرق بعنف لا يقل عن عنفهم عندما يكتبون عن الخصوم من أهل الأديان الأخرى، فوصفوها بالفرق الضالة الهدامة التي على المسلمين محاربتها والحذر من أفكارها. وهي كتابات – في الواقع – ملؤها الوهم والطعن نابعين عن عدم الإخلاص، كما أنها كتابات لم تخل مما يدل على جهلهم بالموضوعات التي طرقوها. ولم يقرهم على ما قالوه المكتوب عنهم. فعجبي لا ينتهي من إنسان يضع نفسه "المقيِّم" لأعمال عباد الله، يكفر من يشاء، ويتوب على من يشاء، فإن الإيمان والكفر ملك يديه يمنع هذا، ويمنع ذاك، وكأنما الجنة مزرعة خاصة له يفتح أبوابها لمن شاء ويوصدها في وجه من يشاء.
ونظراً إلى كون هؤلاء (كتاب مقالات الإسلاميين) يعتبرون من كبار العلماء، لذا أصبحت كتاباتهم ومقالاتهم المراجع الأساسية لمن يريد معرفة شيء عن الفرق، مما أتاح لمعلوماتهم الاستمرارية، فأصبحت منابع للأقلام المتأخرة. والحق أن معظم الكتابات المعاصرة تكاد تكون مجرد اجتراء لما سبق وكتبه الأوائل، فالمكتبة الإسلامية على الرغم من امتلائها بكتب ذات عناوين عصرية موحية بالحداثة، فإن المتصفح لها لا يكاد يجد فكرة جديدة، أو رأياً مستنبطاً بالاجتهاد بديعاً، فكلها نسخ، ونقل، ومسخ، بالمد حيناً، والمط آخر، والتحوير طوراً. فنادراً ما يوجد كتاب يضع المراجع التقليدية، التي فقدت طعمها، من كثرة ما ليكت جانباً، محاولاً الإتيان بجديد في موضوع قديم وكأن هضم أقوال السلف والتشدق بها غاية العلم ومنتهاه.
والذي نرى أن الضرورة قد اقتضته هو الرجوع إلى مراجع الفرق وكتبهم التي كتبوها، لمعرفة أفكارهم وآرائهم سليمة غير محكية على ألسنة غيرهم، فإن مراجعهم متوافرة، وفي متناول يد كل من يريد الاطلاع عليها.

- 27 -
  #61  
قديم 15/04/2004, 04:38 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
أرى تعبا بدأ يدب في سبلة الدين...

أم أنه السكون الذي يسبق العاصفة... عسى
  #62  
قديم 15/04/2004, 04:40 PM
شمس الحقيقة شمس الحقيقة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 16/12/2002
الإقامة: أعماق الحقيقة
المشاركات: 772
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الإباضي
أرى تعبا بدأ يدب في سبلة الدين...

أم أنه السكون الذي يسبق العاصفة... عسى
وش تقصد
  #63  
قديم 15/04/2004, 06:42 PM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الإباضي
أرى تعبا بدأ يدب في سبلة الدين...

أم أنه السكون الذي يسبق العاصفة... عسى
الله يستر ، تقرأ الفنجان ولا إيش أخانا الإباضي
  #64  
قديم 16/04/2004, 02:37 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
غايتنا نطلعه تراه راح في الصفحة الثالثة
  #65  
قديم 16/04/2004, 02:39 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
قال السيد مصطفى بن إسماعيل المصري: إن المذهب الأباضي نسبة إلى عبد الله بن أباض هو أقدم المذاهب تاريخياً وأوثقها مصدراً وأصحها تأويلاً وأحفظها للباب طهارة الدين الحنيف، ونقاوته وسماحته وزكاوته. وعلى ذلك فليس ثمة مراء في أنه هو الطريق الحق الذي كان يمضي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة معه ا هـ(1).
ويقول أبو ربيع سليمان الباروني: "ظهر المذهب الأباضي في القرن الأول من الهجرة، فهو أقدم المذاهب الإسلامية على الإطلاق، إذ أن إمامه المنسوب إليه عبد الله بن أباض التميمي هو من التابعين الأولين المعاصرين لعبد الملك بن مروان موطد الملك الأموي المشهور. وكانت لذلك مع هذا مراسلات نصائح غالية لعبد الملك تحتم عليه أن يعمل بأوامر الشرع، فيعدل في الحكم بين الناس ليستوجب الطاعة التي يدعوهم إليها"(2).
وسالم بن حمود بن شامس السيابي السمائلي في كتابه "أصدق المناهج في تمييز الأباضية عن الخوارج" يقول: "الأباضية أمة من أمم الإسلام، إمامهم عبد الله بن أباض التميمي المعروف، زعيم ديني وإمام رضيّ، شهر مقامه بين رجال الحق وزعماء الرشد، لم يزل داعياً إلى الله جاداً، إماماً مرشداً، ولياً لأولياء الله، رضياً في دينه، لا يهاب الجبابرة، ولا يحابي الظلمة، ولا يداهن في الدين، ولا يميل إلى أهل الأهواء والبدع. وهذه لهجة أهل الحق في الإسلام، وسيرة الأتقياء الأعلام. فلما فشى خبره بهذا في الأمة الإسلامية، وشاع نبؤه في أقطار الإسلام وعوالمه أضيف إليه من كانوا كذلك من الأمة ونسبوهم إليه، وهو كما ترى لم يكن إماماً له مذهب خاص ولا مسألة واحدة في الدين"(3).
والمستر (دونالد هولي) في كتابه "عمان ونهضتها الحديثة" قال عن المذهب الأباضي ما لفظه: "إذا كانت البصرة المركز الرئيسي للفتوحات الإسلامية، تتبعه غالبية أهل عمان". ويقول السالمي المؤرخ العماني: "إن
-----------------------------------
الهامش:
(1) العقود الفضية في أصول الأباضية.
(2) مختصر تاريخ الأباضية، ص19.
(3) أصدق المناهج في تمييز الأباضية عن الخوارج، ص2، تحقيق وشرح الدكتورة سيدة إسماعيل كاشف: جامعة عين شمس.

- 28 -
  #66  
قديم 16/04/2004, 02:40 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
الدين الحق هو أشبه بالطير، وضعت بيضته في المدينة المنورة، وفقست في البصرة، ثم طار إلى عمان"(1). إلى أن يقول: "تمسك الأباضيون بمبادئهم التي اتخذت صبغتها وقالبها في الأصل من مدينة البصرة، وهم يخالفون السنة والشيعة في أنهم لا يعتقدون بضرورة وجود إمام أو أمير دائم ظاهر للدولة الإسلامية. ولكن الأباضيين ظلوا ملتزمين بأنه عند وجود الرجل المناسب لولاية المسلمين، فينبغي مبايعته وفق طريقة معينة.
وفي خصوص نشأة المذهب الأباضي يقول، ويقول الأباضيون: إن مذهبهم قد نشأ، وبرز ما يقارب من مائة سنة من نشوء المذاهب الأربعة، وهي مذاهب ابن حنبل وأبي حنيفة ومالك والشافعي. والأباضيون محقون في قولهم هذا إلخ(2).
----------------------------
الهامش:
(1) دونالد هولي: عمان ونهضتها الحديثة، ص167.
(2) نفس المرجع.

- 29 -
  #67  
قديم 16/04/2004, 02:41 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
بهذا أكون قد أنهيت دوري في عرض الجزء الذي أخذته من هذا الكتاب،،، وجاء دور الجزء الثالث فننتظر من صاحبه عرضه...

وانتظرونا في الجزء الخامس
  #68  
قديم 16/04/2004, 02:45 PM
الإباضي الإباضي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 15/02/2001
المشاركات: 730
الدور الآن للأخ (مستر فيجاروووووو)..

3- نضرة شخصية في نسب الأباضية وتناقض: من ص30-47.
  #69  
قديم 16/04/2004, 07:15 PM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة الإباضي
بهذا أكون قد أنهيت دوري في عرض الجزء الذي أخذته من هذا الكتاب،،، وجاء دور الجزء الثالث فننتظر من صاحبه عرضه...

وانتظرونا في الجزء الخامس
بارك الله فيك وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك

ننتظر الأخ مستر فيجاروووو ليواصل
  #70  
قديم 18/04/2004, 06:23 AM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
للرفع
  #71  
قديم 20/04/2004, 01:26 PM
أبو شيخة أبو شيخة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/05/2003
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 991
أخي جني عمان

نرجو البدء بطرح القسم الثالث
3- نضرة شخصية في نسب الأباضية وتناقض: من ص30-47.
  #72  
قديم 21/04/2004, 06:00 PM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة البدر المنير
يبدو ان الاخ جني قد تم تصفيده
لا يكون مطرش يلبس حد من المساكين
  #73  
قديم 22/04/2004, 01:17 AM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Thumbs up

نظرة شخصية في نسب الأباضية

يفضل الأباضيون _ رغم استقرار الاسم تاريخيا- أن ينتموا إلى جابر عنه إلى ابن أباض(*) ، فيرون أن الأول هو الإمام الفعلي لهم فقهيا ، وان الثاني ماكان له من دور سوى الدفاع عن الرعيل الأول من اتباع هذا المذهب . وانه ماكان يصدر من عمل إلا بإذن الإمام الروحي الفعلي وهو جابر. وان ذلك كان تكتيكا متعمدا - من الأباضيين ، قصد إخفاء الإمام الحقيقي ، إتقاء سطوة الجبابرة من ملوك بني أمية وأمرائها . غير أننا - رغم تسليمنا بإمكان وقوع هذه الصيغة – نميل إلى رأي مخالف عن سبب نسب هذا المذهب إلى ابن أباض نفسه ، لا إلى جابر . فنحن نرى أن ابن أباض هو الإمام الفعلي للمذهب منذ نشأته .

وابن أباض كان ذا رأي اجتماعي وسياسي في كيف ينبغي أن تصاغ الدولة الإسلامية الناشئة الفتية. ولم يكن مجرد إمام روحي يعظ ويرشد ويذكر، إن نفعت الذكرى. كان ذلك ، وإلا يكون قد أدى ماعليه ، وهو التبليغ ، شان الوعاظ في المساجد والقصاصين فيها ، كلا بل إنه اعتبر نفسه أحد أركان الإسلام وجنوده ، فلم يؤثر الإنكار باللسان والقلب- وهما أضعف الإيمان _ فمشاركته لابن الزبير في الدفاع عن الكعبة ضد الجيش الشامي يشير بصراحة إلى أنه كان متورطا في الأحداث وضالعا في تلك الاهوال التي كانت تمر بها الأمة الإسلامية أيامئذ.
فمهما استاء الأباضية في وصل إمامهم ابن أباض بحلقة الخوارج، فغن من المعلوم أن ابن أباض كان واحدا منهم بادئ الأمر، وكان ينتمي إلى معسكر الرفض ، وذلك قبل أن يختلف معهم في التفاصيل ، ويؤثر القعود ، فالنصوص التاريخية التي بين أيدينا تقول : بان زعماء المحكمة عندما رجعوا إلى البصرة من الحجاز جرى بينهم نقاش حول مايجب عليهم فعله في تلك الظروف والتطورات ، فهل الخروج واجب أو البقاء مع المسلمين والتعايش معهم أفضل وأحمد ، وأخيرا اتفق رأي قادتهم على الخروج وكان من بينهم نافع بن الأزرق ، وعبدالله بن أباض . غير أن ابن أباض سرعان ماغير رأيه وذلك عندما " جن الليل وسمع " دوي " القراء



صفحة 30
  #74  
قديم 22/04/2004, 01:20 AM
أبو شيخة أبو شيخة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/05/2003
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 991
احسن الله اليك ونفع بك
  #75  
قديم 22/04/2004, 11:33 AM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Arrow

وحنين المسبحين" "مما أثر عليه واتعكس على ماكان مضمرا تنفيذه من برامج ورنين المؤذنين(1)
واستيقن أن القوم مسلمون ولا يجوز الخروج عليهم . وإن كان نوع إسلامهم بالنسبة إليه في حاجة إلى التقويم والتنقية ، ومن هنا قال لأصحابه : أعن هؤلاء أخرج معهم . فقرر القعود ورجع وكتم أمره . وهنا - في الواقع- انقسمت قيادة المحكمة إلى قيادتين: معتدلة ومتطرفة .فالمتطرفة أصبحت تعرف بغلاة الخوارج لتكفيرها باقي المسلمين وارتئاها جواز بل وجوب الخروج عليهم ، ونتيجة للحروب التي خاضت، والغزوات التي شنت عليها انقرضت، وبخاصة إذا علمنا أنها لم تكن لها روافد تصب عليها ، وهي _ إذا _ كانت في تناقص مستمر ، بدلا من التنامي والازدياد ، حيث كانت مرفوضة من قبل باقي المسلمين ، ومحاربة من قبل الدولة أيضا ، فضلا عن الإنقسامات التي حصلت فيما بينها مما أفقدها القوة الكمية . فهذه العوامل لم تترك لها فرصة للبقاء . وحفظ النوع ( إن جاز هذا التعبير عليها ).

واما ابن أباض - مما لاريب فيه - فإنه كزعيم لا بد أن يبقى معه الذين رأوا رأيه ، وبما أنه بالأمس فقط كان أحد زعماء الخوارج ، فإنه اليوم - بعد انشقاقه عنهم - أصبح رئيس الجناح المفضل للبقاء ، فتلقائيا ينعقد لواء الرئاسة له ، ونحن نستطيع التصور بأن المحكمة كانوا من الكثرة العددية بمكان ، كما كانوا على جانب عظيم من قدرة التأثير ، لما لهم من قوة المنطق ، وسحر البيان ويكفينا دليلا على هذا انهم قبلئذ كانوا قد أفحموا عبدالله بن عباس سفير الإمام علي إليهم وخصموه وهو من هو علما (2) . وهنا يستمر دور ابن أباض وتتعاظم مهمته ، وهي الدفاع عن آرائه وخلفه أتباعه المعجبون بآرائه السياسية والاجتماعية والدينية بعد أن انفصل عن القيادة العامة للخوارج . فهنا كان عليه أن يقاتل في جبهتين . فهو




----------------------------------------------------

(1)انظر العقود الفضية في أصول الأباضية .قارن نشأة الحركة الأباضية .
(2) وهناك من يرتاب في صحة هذه المناظرات التي قيل أنها جرت بين الخوارج وابن عباس فمهما يكن من أمر ، فإننا نعلم أن الإمام عليا مع بلاغته لم يستطع ثني الخوارج عما اعترفوا فعله ، وان ابن عباس اعتزل معسكر الإمام . ويقال : إن ذلك حدث نتيجة اقناع الخوارج له

صفحة 31
  #76  
قديم 23/04/2004, 01:20 AM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Lightbulb

على الرغم من انفصاله عن الخوارج فإن ذلك لا يعني أنه هادن الدولة وتبنى فلسفتها بل إنه باق على رأيه نحوها فلم يتغير . ويدافع عن موقفه الجديد، ويبرره للخوارج ويثبت صحته ، فهي مواقف لا شك تطلبت منه أن يقول ، ويقول كثيرا .

ففلسفته - إذا - كانت قريبة من أذهان الناس ، وآراؤه كانت قابلة للنقاش من قبل السواد الأعظم من جمهور المسلمين ، لا كآراء الخوارج المرفوضة جملة ، وأخرى يجب القول بها ، وهي أن الناس كل الناس كانوا قد تعبوا من المشاكل وسئموا الثورات ، وسهكوا من سفك الدماء . فليس حتى من فرط الذكاء القول بان معظم بل الأغلبية المطلقة من علماء الأمة وعوامها - كانوا يكرهون الحكم الأموي ويرون فيه حكاما استبداديين ، وبعيدين كل البعد عن الروح الديني والشريعة المحمدية . ولئن كانت الخوارج قد غالوا في تمسكهم في الدين ، حتى عسروا على الناس، ونفروهم من أنفسهم . فإن الملوك والأمراء من الأمويين - قد غالوا في استخفافهم للشريعة ، وأكثروا في الأرض الفساد وقتلوا الناس بالظنة. إذا : فالناس - كما قلنا - كانوا بين فكي الكماشة ، الخوارج المغالية المتطرفة من جهة ، والحكومة الغاشمة من جهة أخرى.
لقد كان من بين العلماء الذين لم يخرجوا ممن يعتد بهم أمثال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وابن عباس وغيرهم وغيرهم كثيرون. و أما ابن أباض، فإنه - فيما ظهر- كان ذا آراء مختلفة مع هؤلاء العلماء الذين ذكرناهم . و أما جابر بن زيد ، فآراؤه على ما يظهر كانت آراء غيره من علماء البصرة من التابعين ، وإن كانت تتفق مع آراء ابن أباض استنادا إلى الأباضية .
وهذا هو سر تأثير ابن أباض في المذهب أكثر من جابر بن زيد وغطت شهرته شهرة جابر . بالنسبة للقيادة الفكرية ، لأنه - قبل - كان قد برز على مستوى النص . وهذا لا يتناقض مع كون جابر م رجع القوم مذهبيا - في وقت لاحق (*) - بعد أن أخذت المعارضة الأباضية تنتظم في سلك التكتل والتحزب المنظم ، وتبلورت آراؤها وفق التطورات إلى أن أخذت طابعا متميزا ، له صفة وهوية متميزتان ،ثم




********************** صفحة 32
  #77  
قديم 23/04/2004, 03:24 AM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
بارك الله فيك
  #78  
قديم 23/04/2004, 11:53 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
شيئا فشيئا ، شرعت الأفكار السياسية تذوب وتضمحل ، وتحل محلها المسائل الفقهية ذات الطابع الشرعي المحض . فيستحيل مذهبا فقهيا خالصا يعني- رئيسيا - بالمواد الشرعية وشرح النصوص القرآنية التشريعية والأحكام والعلل والأصول الخ ..

نحن نرى أن جابرا هو الذي انضم إلى الحركة الأباضية فالقرائن تؤيد ذلك(*) فتوطد العلاقة بين الرجلين بتلك السرعة بعد إلتقائهما - يوحي بأن جابرا كان يتتبع أخبار ( جبهة الرفض ) المتمثلة في الخوارج . فلولا غلو الخوارج لانضم إليها معظم العلماء . وآية ذلك انه عندما رأوا شخصا برز من الخوارج وانشق منهم ، ثم دعا إلى أفكار معتدلة ومنطقية لم يتردد جابر في الانضمام إليه، لأنه مهما تكن آراء ذلك الشخص ، فإنه سوف تكون أحسن من إسلام الأمويين وولاتهم .

إذا فلو أن الخوارج كانوا قد انتهجوا نهجا لينا يسيرا لالتف الناس حولهم بغية إزالة الأمويين . غير أن الناس رأوا أنه ليس هناك كبير فرق بين إفراط الخوارج ، وتفريط الأمويين وتحاشوا منهما معا .

وأثناء ذلك كان ابن أباض يعيد النظر في مواقف الخوارج السابقة ، ويشذب مواقفها على ضوء اقتناعاته الجديدة .فكان أن انضم إليه جابر فجاء غيثا على زرع، فجابر قضى عمره كله في العلم والتعلم والتعليم ، فكسبه إلى جانب ابن أباض كان نصرا لهذا الأخير.

بالإضافة إلى رصده القومي الضخم " قبيلته " فكسبه إلى جانب العالم القادر على تفريع المسائل وتنقيتها وشرح النصوص وتفسيرها وإلقاء الأضواء على غوامض المسائل والمستغلق من المعضلات فرصة عظيمة لجابر لإيصال آرائه إلى أكبر قدر ممكن من الناس عن طريق ابن أباض ، وهكذا كان كل منهما مكملا للآخر . ومما يزيدنا تمسكا بهذا الرأي أي - كون جابر منضما إلى مدرسة ابن أباض الفكرية- هو ان شيخه - أي شيخ جابر وهو عبدالله بن عباس - سبق أن خاض نقاشا " فلسفيا "/اسمحوا لي / بعد انفصال المحكمة ، واقتنع بآرائهم، رغم عدم مناصرته إياهم ، وهو لا شك كان يتحدث عنهم بشيء من الإجلال لثبات عقيدتهم وجرأتهم في الحرب فهي أمور تستهوي المسلم ؟ والإسلام مازال طازجا . وإذا

-------------------- صفحة 33
  #79  
قديم 25/04/2004, 01:02 AM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
علمنا أنه كان هناك إعجاب متبادل بين الشيخ - ابن عباس- والتلميذ جابر بن زيد ، فهمنا ، بالإضافة إلى ما سبق من عوامل - وجود استعداد نفسي لدى جابر للتفاهم مع ابن أباض على ضوء تمهيد ابن عباس للطريق ، والذي نقصده بالتمهيد هو الحديث المستمر المفترض من ابن عباس عن الخوارج، فإنضمام أبي الشعثاء لحركة ابن أباض كان قد تم بتشجيع من ابن عباس معنوي – فعبدالله بن عباس هذا في الواقع- كان مناصرا لهذه الحركة ، وإن لم يصدع برأيه لأن اللياقة والعلاقة الدموية كانتا تحولان دون المجاهرة بانضمامه إليهم . وعند إبداء بعض من المحكمة مرونة أكثر انضم إليهم جابر تلميذه ، وكان هناك أكثر من عامل مشترك بين ابن أباض وجابر وهو مشاطر الإحساس والشعور بان بني أمية قد استخفوا بالدين وحولوه إلى ملك عضوض باتباعهم سياسة العنف والتعسف والجور على الرعية ولا يستغرب أيضا أن يبغض جابر بني أمية مسايرة لأستاذه ابن عباس - كعامل ثانوي بالنسبة لجابر -فابن عباس كان - في ألطف تعبير - من خصوم الأمويين لأسباب دنيوية وأخروية. دنيوية لأنهم استأثروا بالأمر دون بني اعمامهم من الهاشميين ، فليس عجبا أن يرى جابر رأي أستاذه ، وهو هاشمي . وأخروية، لأنهم حولوا ( النبوة ) من خلافة إسلامية إلى ملك كسروي لا يمت إلى الدين بصلة إلا بقدر ماهو شعار للدولة (*) .

فنحن مازلنا نرى أن ابن أباض قبل لقياه جابرا كان قد شبع شهرة .فعند التقائهما التقاء فكريا كان ابن أباض منهمكا في شرح مبادئه وأفكاره وهي مبادئ تماطرت وتضافرت في رأسه .

1- وهو من جملة " الذين خالفوا عليا في قبول التحكيم ثم تحولوا عنه ". فهذا يحتاج إلى شرح وتفسير دائمين للناس لتبرير المواقف .
2- انه مخالف للدولة الأموية في سياستها للرعية وسياستها الدينية أيضا .وهذا - بدوره - يحتاج إلى شرح وتفسير دائمين .
3- انفصاله من الخوارج الغلاة وأصبح واحدا من أعدائهم . وهذا يحتاج أيضا إلى تبرير ومناقشات ومحاجات ليوضح المسوغ للقعود . ويحاول دحض وتفنيد



******************صفحة34
  #80  
قديم 25/04/2004, 01:03 AM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Lightbulb

آراء وأفكار رفاقه القدامى الذين رأوا في الخروج الصواب ، فعدم خروجه - هو بالذات - يعد خيانة ومهادنة للمشركين " المسلمين الآخرين ".
فهذه الأمور مجتمعة جعلته مشغولا بالدفاع في حين ان الإمام جابرا تفرغ لتفقيه باقي الأتباع – اتباع المذهب ، وتكوين الخلايا السرية للحركة " بلغة العصر " ومن هنا وجد زعيمان للمذهب، الزعيم السياسي العتيد للحركة - وهو ابن أباض ، والزعيم الجديد الروحي لها ، وهو الإمام جابر . وبما أن العلم والسياسة إذا اجتمعا فإن العلم يعلوا ولا يعلى عليه ؛ لأن العمل من طبيعته البقاء والسياسة بنت ساعة ومن طبيعتها الاندثار و الإندراس. لأنها بنت أحداث وتطورات معينة تموت بموتها ، لذا فإن آراء ابن أباض إما أن تكون قد ماتت بموت الأحداث والأسباب ، وإما أن تكون قد ذابت من خلال آراء وأفكار أبي الشعثاء العلمية الفقهية المدونة . وهكذا .

غير أنه على الرغم من بروز اسم جابر وحب الأتباع له وإعجابهم بعلمه . فمن الصعب - فنيا وإداريا - على منتم إلى حركة تدعوا أيدولوجية معينة أن يقفز معه اسمه فورا نحو المقدمه ، ويحتل مركز الصدارة في حين أن المؤسسين أحياء يرزقون ، اللهم إلا إذا كان إنقلابا .

وهنا يأتي الدارسون للحركة بحجج كثيرة كعلة لبروز اسم ابن أباض كقائد للفرقة في حين أن اسم جابر بن زيد ظل مستورا فيرون السبب هو :
1- لأن الفرقة كانت في مرحلة الكتمان ، فكان على العامل - تقديرا للظروف أن يخفي اسمه ، لأنه هو المنظر للحركة والموجه لها وأبوها الروحي .
2- تصرفات ابن أباض للدفاع عن المذهب كانت بمثابة أعمال صادرة عن جابر نفسه لان الأول كان يصدر في أعماله بأمر الثاني .
3- أن ابن أباض كان ينتمي إلى قبيلة " تميم " الكبيرة جدا فكان بوسعه أن يجاهر بالعداء للدلوة الأموية ، ويقسوا عليها بانتقاداته مسندا ظهره إلى قبيلته ومحتميا بها ومعولا على قوتها .
فهذه هي العلل التي قالوها. غير أني لا أرتاح إليها ولا أسلم بسلامتها، فإني أرى أن غيرها أصوب وأقرب إلى طبيعة الأشياء في رجال مثل جابر بن زيد .




*************** صفحة35
  #81  
قديم 25/04/2004, 01:05 AM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Arrow

فأرى أن جابرا لم يبرز اسمه وقتئذ ليس لخشية بطش الأمويين - رغم أني لا أنكر احتمال عدم مجاهرته بآراء مضادة لهم - بل كتموا اسمه لان اسمه لم يبرز كأباضي إلا لاحقا . فمسألة كتمان العقائد(*) أجد شيئا في نفسي لقبولها . وإذا علمنا ان سلفنا الصالح كانوا مستعدين دوما لمواجهة أي طارئ مهما اشتد في سبيل الله ، وإيثارهم دوما الأخذ بالعزائم دون الرخص ، علمنا أن " حكاية " كتمان العقائد هذه حكاية قابلة للنقاش لافتقارها إلى مايؤيدها كقرائن.

فجابر بن زيد كان في الواقع واحدا من بين رجال يشار إليهم بالبنان علما وفضلا ، فهم ماكانوا ليلجئوا إلى كتمان أمورهم ، وهم الخاصة ، وقادة العامة ، ومحط انظارها. فنحن نعلم أن سيدنا الحسين بن علي خرج من الحجاز إلى العراق ؛ تلبية لدعوات أهل العراق مشددين له المواثيق والعهود بالطاعة والمناصرة. وانه إن رفض القيام بعد تردي الأوضاع الدينية ، فسيكون المسؤول أمام الله لضياع ماضاع فذهب رضي الله عنه مع تحذير المحذرين له ، ثم كانت النتيجة ان قتل . ولم يأخذ بالرخصة . بل - بعد الحسين - لقد قرأنا تاريخ كثير من أصحاب المذاهب الآخرين ضربوا وعذبوا ؛ نتيجة مواقف لهم وآراء، فمنهم من مات متأثرا بالعذاب الأليم كابن حنبل وأبي حنيفة، ولم نأخذ الأمثلة من بعيد وهناك مثل قريب منا . هو موت الشهيد سيد قطب بعد ان رفض الأخذ بالرخصة ، وآثر العزيمة علما بأن( الطغمة ) كانت (1) قد طالبته بتقديم رسالة استرحام فرفض .

وهنا بهذه المناسبة يحلو لي إن أنقل للقارئ الكريم قولة مشهورة للإمام حسين الهضيبي عندما استأذنه بعض الناس في الأخذ بالرخصة بعد اشتداد محن الإخوان في مصر ، فقال :" لا أكره أحدا على الأخذ بالرخصة والوقوف معنا ، ولكني أقول لكم ، إن الدعوات لم تقم يومابالذين يأخذون بالرخص(2).
----------------------------------------- صفحة 36

(1) انظر : أيام من حياتي : زينب الغزالي ص 183- دار الشروق
(2) أيام من حياتي : زينب الغزالي ص 27 ، دار الشروق .
  #82  
قديم 26/04/2004, 02:40 AM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Arrow

ما أبلغ هذا الكلام وأصدقه ، أروع به .
مع العلم أن جابرا ومع مايقال عن كتم حقيقة شخصه ، فإنه حبس وعذب وحتى عندما أفتى "بمسألة ال***ى " فإنه كان قد جيء به من السجن ، فقد قال لهم يومئذ :" اتستفوني وفي رجلي قيودكم "(1) وعليه فإنه لم يكن هناك مبرر لكتم العقائد خشية التعرض للأذى ، لأنه كان قد وقع فيه.. ولماذا الخشيةمنه . وإذا قبلنا المنطق القائل بأنه كان يخفي مبادئه الحقيقية ويجاهر بأخرى ، فإن القائلين بذلك يكونون قد لصقوا به تهمة ممارسة " التقية " وهو سلوك يعيرون به الشيعة ويقولون عنهم إنهم يمارسونه وأنه ضرب من النفاق ( *) كما أنه نوع من " ذي الوجهنية " مع أني لست مع القائلين بهذا الرأي الساذج ، فظروف الحياة تضطر الإنسان أحيانا إلى أن يمارس أسوأ أنواع التقية . فمن منا لم يمارس التقية يوما ما ؟(2) والذي نراه صحيحا هو انه ماكان بارزا كأباضي رغم أنه كان بارزا كعالم ومعلم . وشكليا ماكان بوسع اسمه أن يضارع اسم المؤسس في التنظيم . نعم فالحركة الأباضية أيامئذ لا يمكن أن يطلق عليها اسم " مذهب " مهما كان لانها - كحركة - ماكانت قد نضجت وتغربلت وأخذت قالبا مذهبيا فقهيا محدود المعالم كما هو اليوم ، لأن الفقه وكثيرا من المسائل الأخرى كلامية وفلسفية - ماكانت قد تميزت وهذبت وأصبحت علما له حدوده وتعاريفه الدقيقه . فالناس في أمور دينهم كانوا يعتمدون على النصوص القرآنية وسنة النبي - قولا وعملا - وأعمال الصحابة مع بعض اجتهادات المجتهدين من التابعين ، وقد لا ننكر أن جابرا كان أقدر على تفريع المسائل، والنظر في أبواب الفقه من ابن أباض .لذا اشتهر اسمه فقهيا في حين أن ابن أباض كان ركن من أركان الحركة ومرجعها .



**************ص 37

(1) العقود الفضية في أصول الأباضية ص 99
(2) انظر: المهزلة في العقلية البشرية للدكتور علي الوردي .وطالع كتاب الصلة بين التصوف والتشيع " فصل التقية
  #83  
قديم 26/04/2004, 09:01 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Lightbulb

غير أن المؤرخ الأباضي محمد علي ديوز يرى أن الأمويين هم الذين أطلقوا عليهم " الأباضية " هذا الاسم نسبة إلى عبدالله بن أباض. لأن الأخير كان من علمائهم وشجعانهم والمناظر باسمهم، كما ان الأمويين لا يريدون نسبة هذه الفرقة إلى جابر، حتى لا يجذبوا إليهم الأنظار ولا يبدون في هالة جابر المشرقة. فتميل إليهم النفوس، فنسبوهم إلى عبدالله بن أباض ، والحق أني لم أجد مسوغا لقبول هذا الكلام، والذي أراه صائبا- كما قلت كثيرا - هو أن المذهب الأباضي - كمذهب - لم يكن قد تكون بعد ، وإن كان قد تكونت نواته فكان لم يتعد حدود بعض المسائل المتداخلة كتداخل سائر الأمور في تلك المرحلة المبكرة في التاريخ الإسلامي حيث كانت المسائل ذات النزعة السياسية البحتة تلبس بألبسة دينية لجلب الجماهير .

فرغم حرصي البالغ على إعطاء الفرق حقها ن وخاصة الأباضية ، في هذا المجال ، فإنه لا يسعني إلا ابداء مخالفتي لهم ، فانا أرى أن الأباضيين قد بالغوا كثيرا في لصق جابر إليهم (*) وفي زعمي أنها محاولة / بوعي تاريخي / لإزالة شبح الخوارج عنهم لعلمهم في أعماقهم أن ابن أباض كان أحد الخوارج(1) ولعلمهم أيضا ان الناس من غيرهم يعلمون ذلك. ولا يمكن محوه - كحقيقة واقعة – من ذاكرة التاريخ . غير اني اعود فاقول أن التاريخ وإن ذكر خارجية ابن أباض ، إلا أنه هو نفس التاريخ الذي ذكر بانه خالفهم بالرأي أخيرا ، فانفصل عنهم وبين فساد رأيهم - إذا - فلم يعد خارجيا .
واما القول بان الأمويين هم الذين لصقوه بابن أباض ، لا إلى جابر حسدا من عند أنفسهم ، فقول لا أعده أنا انا من الأقوال الراجحة. وهنا يحلو لي أن أدافع عن الأمويين . فالأمويون لم يكن لهم أدنى مصلحة في ربط أو إبعاد اسم جابر بالحركة الأباضية . فنحن نرى أن الأمويين كانوا يسمون شيعة الإمام علي " شيعة علي " ولم ينسبوهم مثلا إلى عمار بن ياسر تو سلمان الفارسي أو غير هذين ممن لا ينكر تشيعهم لعلي ، ولا ينكر أيضا أنهم دون الإمام علي جاها ومرتبة وعلما . فلماذا


*******************صفحة38

(1) انظر نشأة الحركة الأباضية .قارن بـ: الأباضية في موكب التاريخ
  #84  
قديم 28/04/2004, 12:03 AM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Thumbs up

يفترض بأن الأمويين حسدوا الأباضية ؛ لذا لم يسموهم باسم إمامهم الحقيقي- جابر - وعدلوا إلى تسميتهم باسم أحد تلاميذه - ابن أباض -؟! وكان الاولى - والحالة هذه- أن يحسد الأمويون الشيعة، فينسبوهم إلى رجل دون علي بدرجات. لأن عليا فوق جابر في كل شيء من الأشياء وآلق هالة منه . وجابر دون علي في كل مجال من المجالات . فامويا إن الإمام عليا وشيعته أخطر وأبغض من جابر وأتباع جابر .
وكلمة اخرى أقولها : وهي انه بشيء كثير من التجوز والتسامح نقبل قول الأباضية بان إمامها هو جابر بن زيد. إذا الحقيقة أن التابعين أمثال جابر وسعيد بن المسيب والحسن البصري- كانوا للأمة كلها فنحن لا نرى أن يقال عن أحدهم: غنه كان لهذا المذهب دون ذاك . اللهم إلا إذا كان المسوغ هو ان غالبية الأباضية هم عمانيون ، والإمام جابر عماني، لذا وجدوا أنهم اولى به من غيرهم اقليميا .
وهذه الشيعة تنسب عبدالله بن عباس إلى نفسها وتدعيه لقرابته عليا ، فنحن لا ننكر تشيعه، إذا ماكان بوسعه إلا أن يتشيع لعلي ، لأنه في معرض الاختيار بين علي ومعاوية فلابد ان يختار عليا . فالأباضية تقول إنه أستاذ إمامها - جابر - وهو بالتالي أستاذها(*) والحق الذي نراه هو أن الصحابة الكرام والتابعين ماكانوا أصحاب مذاهب ولا ينتمون إلى أي مذهب، لان المذاهب قد تكونت بعدهم وبالتالي فإنه لا معنى لنسب أحدهم إلى مذهب معين فقهيا ، فكل المذاهب الحالية باختلافها بنيت على ضوء الأحاديث التي رووها ، او تفسيرات أو اجتهادات لهم .
دعوني أخيرا أكن صريحا وهو ان معاصري جابر كانوايعلمونه كاحدهم لا كأباضي (*) فلو أن جابرا كان مشهورا في البصرة- كأكبر مدينة يومها في العالم الإسلامي _ على أنه قائد لإحدى الفرق لفسدت سمعته . فنحن نرى أن احدهم ماكانت تقبل منه رواية لانه باصطلاحهم- يتهم بالتشيع- إذا فلو كان جابر من الذين يتهمون بالتشيع أو يرى أفكارا لإحدى الفرق الضالة (*) لما كاناسمه في الوسط العلمي كاسمه اليوم .
اخواني الأعزاء في الإسلام :تعالوا نقل إنه لا تثريب على الأباضية إذا كان إمامها عبدالله بن أباض ، كما انه لا تثريب ولا غضاضة على المالكيين إذا كان
*************************
صفحة39
  #85  
قديم 28/04/2004, 08:55 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Arrow

إمامهم مالك بن أنس ، دعوا التعصب والأوهام والجدال. فخذوا القرآن والسنة فكونوا عباد الله لا إخوان فرقة . والسلام عليكم .

فعندما تكونت الفرقة الأباضية كانت قد مرت بمراحل تكوينية كثيرة ، وهي أمور طبيعية لكل تنظيم شبه سري: فحينما دعوا بـ "المسلمين " وطوروا بـ" جماعة المسلمين " وتارة بـ " أهل الدعوة ووو إلخ ... غ‘نني أرى أن هذه هي الجماعة التي كانت مع ابن أباض عند وبعد انفصاله من الخوارج الذين آثروا الخروج .فالأمويون كانوا يعلمون ان تلك الجماعة تحت قيادة عبدالله بن أباض ، فلذا كانوا يضيفون تلك الجماعة إليه "ابن أباض" كتمييز لها من الخوارج الخارجين على الدولة والمسلمين جميعا، والقول بأن ابن أباض كان يدافع عن " الأباضية " جهرة لانتمائه إلى قبيلة تميم القوية ، قول غير سديد عندنا، فإننا نرى لذلك تفسيرا أقرب إلى المنطق .

ذلك لانه عندما انفصل ابن أباض عن الخوارج الغلاة ، وآثر الجنح إلى السلم ، والإقناع بالنقاش لا بالمسايفة ، كان بذلك قد تخلى عن مبدأ " العنف الثوري" الذي كان يدعوا إليه الخوارج ولا يؤمنون بسواه وسيلة للإقناع. إذا ، فانتهاجه نهج " المعارضة المعتدلة" جعلها معارضة كلامية غير ذات خطر. لقد أصبح هو كباقي الصالحين من الأمة الذين ينكرون على الولاة والأمراء أمورا بدون أن يروا الخروج عليهم .

ولقد رأينا الحكومة الأموية تحارب الخوارج أصحاب مبدأ " العنف الثوري" أو الكفير بالقوة إلى نهاية عمر العهد الأموي. في حين أنها_ أي الحكومة الأموية - كانت تهادن القعدة- وإن كان أسلوب معاملتها للقعدة كان يختلفباختلاف أمزجة الأمراء من قبل الأمويين في دمشق وفق تصرف القعدة أنفسهم .
والصحيح أن القعدة كانوا قد أصبحوا - بصيغة من الصيغ - أسرى في يد الدولة . فالحكومة كان بوسعها الانقضاض عليهم متى ما رأت أنهم بدأوا يتخطون حدود المعارضة المعقولة. فنحن - بعد إجازة من القارئ الكريم- لو نظرنا إليهم بمنظار أحداث القرن العشرين ، لا تضحت الأمور جلية في معادلة بسيطة .



*************** صفحة 40
  #86  
قديم 28/04/2004, 08:56 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Exclamation

نعم ، لنأخذ :إيران الشاة مثلا . كمثل رائع في الشدة والقمع للخصم ،- وهناك كثيرون أمثاله في العالم الإسلامي_ ومن المصادفات ان المعارضة الدينية الإيرانية _ قبل نجاح الثورة _ كانوا يطلقون عليه اسم " يزيد العصر" نعم لقد رأينا ان حكم الشاة - رغم جبروته - قد كان ترك بعضا من المعارضين .لقد كان في ظله - رحمه الله - ثلاثة أنواع من المعارضة هي :
1- معارضة رجال الدين ، ممثلة في شخص آية الله الخميني فهي معارضة جادة ، فرأى الشاة أن بقاء الخميني خطر على الشاهنشاهية. وحاول القضاء عليه،وأبعده خارج إيران، وظل سماحته يعمل على إسقاط الشاة حتى نجحت مساعيه فكان له ما أراد وهو القضاء على الشاه.

2- معارضة الشيوعيين : فهي في الواقع - لو كانت منيعة السور شامخة القلاع- معارضة خطرة . غير انه كان من اليسير تمييعها، نظرا لسهولة بث عناصر دخيلة فيها ، وبالتالي الاستحواذ على قيادتها وكشف خططها وبرامجها فجعلها متقوقعة في نفسها. تكثر من الشعارات الثورية واستخدام المفردات ذات المدلولات الراديكالية ، بدون أن تكون قادرة على ترجمتها عمليا . لانها في الواقع تقاد من قبل أشخاص مندسين وعناصر دخيلة خادعة تلعب دورين مزدوجين ، وهذا عين ماحصل عندما نجحت الحكومة في تسريب عناصرها من - السواك - إلى الحزب الشيوعي الإيراني ، فأصبحت أسرارها- تلقائيا في يد الدولة . ومع ذلك فإن الحكومة قد ظلت ترقب حركاتها وسكناتها . وقمعت كثيرا من عناصرها.
3- معارضة اليسار : وهي المعارضة المكتفية بالتصاريح الرنانة والمواقف ذات المردود السياسي جماهيريا ، وهي ليست أكثر من تخدير وتسكين. وهذا النوع من المعارضة في الصحيح تخدم النظام خدمة كبرى، لانها لا تؤثر على الأحداث لا سلبا ولا إيجابا لعدم وجود برنامج واضح او غاية منشودة تسعى إلى تحقيقها. بل إنما هي معارضة لأجل المعارضة كغاية ليس غير . وهي في الواقع معارضة تكرس الألم الذي يعانيه الشعب. وتنفث رقاها على جروح الشعب ، ممنية له باندماج الجرح يوما إن عاجلا أو آجلا، غير أنها غير صادقة في نفسها لانها تعلم ان حياتها








*********** صفحة41
  #87  
قديم 28/04/2004, 09:02 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Lightbulb

مرهونة ببقاء النظام، فموت النظام على يد معارضة فعلية صارمة صادقة يعني موتها هي أيضا وهذا ما حدث للمعارضة الثالثة في إيران ممثلة في شخص الدكتور السنجابي والدكتور يختيار. وهما كانا معارضين للشاه غير أنهما لم ينفيا، ولم يلحق ولم تقترب بهما "فرقة الموت " التابعة للبوليس السري " سواك ".
فهما في الواقع كانا يخدمان الشاة حيث يعلمان أو لا يعلمان لأن الشاه كان يباهي بهما كثوريين حقيقيين وطنيين معقولين مثقفين . ويقدمهما إلى العامل كعلامة للديمقراطية . إذا لولا الجو الديمقراطي.. بالمفهوم الشاهي ، لما تمكنا من القيام بالمعارضة .

" أقرأ بعصرك ما الأهواء تكتبه *** تنبئك عما مضى في سالف الدهر "

فهذا المثل - عزيزي القارئ- ضربته ، وهو في عصرنا كتقريب إلى الأذهان لأصل إلى حقيقة وهي ان معارضة ابن أباض بعد انفصاله عن - المحكمة - لم تكن معارضة تشكل أي خطورة على الدولة . بل بالعكس _ لقد استفادت الدولة منه كثيرا من وجوده كمعارض ، فلم تقتله إذا لم يكن ثمة أي معنى لقتله .
و أما وجه الاستفادة منه فإنه حيث ان الدولة كانت تقاتل مجموعة شرسة من الأشاوش الأشداء من الخوارج، فغن انقسام هؤلاء يضعفهم . كما انه لم يكن من مصلحة الدولة أن تتحرش بابن أباض فيلحق بأصحابه القدامى فيشكلوا قوة خطيرة . ولسان الحال سوف يقول : إن الأمويين في الحقيقة غير مبالين إلى حقن الدماء، وهو إحساس كان سيساعد مناوئيهم - وهم عديدون - على تأليب الناس على رؤوسهم.

إذا فترك عبدالله بن أباض غاديا رائحا في بحبوحة السلام يبدي ملاحظاته الانتقادية كان أفضل لبني أمية سياسيا لأنهم يكسبون وراء تلك السياسة اللينة أشياء كثيرة (*) منها:

1- ليبرهنوا للناس انهم لا يحاربون- الخوارج- رغبة في الحرب وسفك الدماء، ولكن السبب هو أن هؤلاء الخوارج خارجون عن الإسلام والجماعة وطاعة أولى الأمر.




*************صفحة42
  #88  
قديم 28/04/2004, 09:04 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
2- أن قعود القعدةلدليل على سلامة رأي باقي المسلمين، ولدليل آخر على خطل رأي باقي الخوارج من الغلاة .
3- فهاهنا فقط في هذه النقطة نستطيع القول بان الحكومة الأموية تركته لأجل كسب قومه من بني تميم متجاهرة بذلك، فالحكومة هنا ستوهم قومه بأنه "لولا الاحترام " لكان لنا شأن به كشأننا مع باقي الخوارج. فيقول هؤلاء" زادكم الله سلطانا ، وأكرمكم كما أكرمتمونا يا بني أمية ".

والصحيح الذي لا مراء فيه هو أنه لو كان ابن أباض بعد قعوده يشكل خطرا على بني أمية لقتلوه أو لتخلصوا منه بوسيلة أو بأخرى، ولا تستطيع أي حامية أن تحميه. بل لكان قتله باسم " حماية أمن الدولة ".
فالأمويون - قبل - كانوا قد قتلوا الحسين بن علي وهو أكثر أهمية لدى العرب والعجم- كمسلمين- من عبدالله بن أباض. فلم يعاقبهم معاقب رغم وجود بني هاشم ، بل رغم وجود باقي المسلمين . فالحسين إسلاميا، في مركز فوق القبلية لأنه هو .


************صفحة43
  #89  
قديم 28/04/2004, 09:07 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Arrow

" تناقض "


وقعت الأباضية في تناقض واضطراب بشأن تقييم مركز عبد الله بن أباض في المذهب. فهم يريدون إظهاره بمظهر العالم المتبحر في العلوم الإسلامية ليبرروا في لا وعيهم تبعيتهم له كما يتبع المالكيون مالكا لأنه عالم يستحق الاتباع. والحنفيون أبا حنيفة والشافعيون الشافعي.. الخ . ولكن نظرا لرغبتهم الشديدة في " تخفي" ابن أباض مذهبيا ، والارتباط بجابر نظرا لاعتراف كل المذاهب به عالما ثقة ليشملهم هذا الاعتراف جعلهم يقعون في تناقض في تقييم شان الرجل. فالمسلمون الآخرون لم يعترفوا بابن أباض عالما موثوقا فيروي عنه العلماء الأحاديث لأنه كان بادي " الأباضية " عكس جابر الذي ينكر السنيون أباضيته في حين يصر الأباضيون على أباضيته سرا. إذا ومن هو منهما أعلى مقاما من الىخر ، علميا في المذهب.
فالأباضيون يقولون إنه ماكان ليصدر عنه أي عمل إلا بمشورة جابر، أو بإذن منه . غير انه من الصعب قبول هذه اللهجة . في حين أن الأباضيين أنفسهم يصفونه بأنه " فارق جميع الفرق الضالة عن الحق وهم المعتزلة والقدرية والصفارية والجهمية والخوارج والروافض والشيع . وهو أول من بين مذاهبهم ونقض فساد اعتقاداتهم ابلحجج القاهرة والآيات المحكمات النيرات والروايات النيرات الظاهرات .(1)

والشماخي يقول " وفي حفظي أنه يصدر في أمره عن رأي جابر بن زيد ".

فعجب لأمر هذا الرجل الذي يكون إمام أهل التحقيق ورئيس من بالبصرة الذي ناظر الخوارج المتطرفين ، وقارع الشيعة بالحجة، وناظر القدرية والمعتزلة ورئيس القعدة. أن يكون هذا مركزه علميا . وان يكون في الوقت نفسه لا يصدر من اعمال وسلوك إلا بأمر من الإمام جابر، أو يقال : ان دوره في المذهب دور إعلامي ثانوي ، ليس له صلة بأسّ أساس المذهب فمن المستحيل- علميا - أن يكون تلميذ لجابر ليلا ، ومناظرا للخصوم نهارا . فرأي الشماخي على ما يظهر غير صائب.





----------------------------------------
-(1) العقود الفضية

صفحة 44
  #90  
قديم 28/04/2004, 09:09 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Arrow

فنحن لم نسمع بأن جابرا نفسه ماكان يصدر إلا بأمر من ابن عباس. رغم ان جابرا نفسه يعترف بالتلميذية لعبدالله بن عباس ويعترف بأن ابن عباس يفوقه علميا. ولولا ذلك لما قال :" أدركت سبعين من أهل بدر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فحويت ماعندهم إلا البحر. يعني ابن عباس.(1)

فنحن نرى - ومن جديد - أن زعامة ابن أباض " للفرقة " استمرت حتى عندما اختلف القعدة أنفسهم في البصرة ، وانشقت السفارية عن الأباضية إي أن زعامة ابن أباض قد بقيت على فرقته. وعليه فما جابر إلا عضو انضم إلى الحركة بعد تكونها.


جاء في شرح منظومتي " أنوار العقول " وكشف الحقيقة المسمى " بمشارق أنوار العقول" في ترجمة للمؤلف بقلم الشيخ خالد بن مهنا البطاشي قوله : ولئن سمانا التاريخ فرقة الأباضية كما لغيرنا من الفرق أئمة فإن إمامنا الحق الذي لا نهتدي بغير هدية ، ولا نقلد سواه إنما هو محمد صلى الله عليه وسلم . ليس لغيره حق الإمامة إلا بالأسوة الحسنة . وفي هذا المعنى قول المؤلف في كشف الحقيقة :

إن المخالفين قد سمونا*** بذاك غير أننا رضينا
وأصله أن فتى أباض*** كان محاميا لنا وماضي
مدافعا أعداءنا بالحجة*** وحاميا إخواننا بالشوكة
من ذاك لا تلقى له في المذهب*** مسألة ترسمها في الكتب(2)


فيفهم من هذا الكلام أن المذهب الأباضي- كمذهب فقهي- لا ينسب إلى عبدالله بن أباض لان البيت الأخير يقول بأنه لن تجد في المذهب مسألة واحدة تنسب إلى عبدالله بن أباض ، فنحن نوافق على ذلك - فقهيا- و أما أصول المذهب وجذوره ، فأمور تعود إليه. ويقول سالم بن حمود الحائل في كتابه :" أصدق المناهج في تمييز الأباضية من الخوارج" وهو - أي ابن أباض- كما ترى لم يكن إماما له مذهب خاص، ولا مسألة واحدة في الدين ....إلخ . إذا ، وكيف نسبت إليه الفرقة ولم تستطع حذف اسمه طوال هذه المدة الممتدة إلى أعماق جذور التاريخ . لو
------------------------------------------


(1) العقود الفضية في الأصول الأباضية ص 91

(2) مختصر التاريخ الأباضي
****************صفحة45
  #91  
قديم 28/04/2004, 09:11 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
Arrow

أن اسمه كان قد اقترن بهذه الفرقة اقترانا وثيقا في وقت مبكر. قبل أن تتحرك - الحركة - إلى ( مذهب فقهي ) كباقي المذاهب، ولو لم يكن إمامها الفعلي، لما طغى اسمه عليها بهذه الصفة الملازمة . وليس من الرشيد محاولة نفي زعامة الفرقة عن ابن أباض ونسبها إلى جابر في حين يقولون فيه ان ابن أباض كان يدافع بالحجة وكانه كان مجرد إنسان مستعار ليقوم بدور معين لساعة معينة وبعدها يختفي كالمسرحية ، وكيف يستقيم أن يكون هو مقارعا بالحجة وعالما وتابعا وينافح الخوارج، مع القول إنه لم يكن له مسألة واحدة في الدين. إن كل المناقشات التي كانت تجري بينه وبين الشيعة والأمويين والمعتزلة والخوارج نقاشات ذات جذور دينية، وذلك قبل تحول الفرقة تحولا فكريا.

وهناك تساؤل لطيف أورده أبو ربيع سليما الباروني في كتابه " مختصر تاريخ الأباضية " حيث قال:" هذا ولا نرى السبب في عدم نسبة المذهب إليه - يعني جابرا- مع انه أفقه و أعلم أهل زمانه، وقد قيل : ان ابن أباض يصدر في كل شئونه عن فتواه ، ولا يبت في أمر من الامور إلا بمشورته ورضاه "(1) قلت : لعمري إن هذا التساؤل في محله ، غير انه لو امعن النظر واطال التأمل لوجد ان السبب هو أنه إما أن يكون اسم جابر قد أقحم في المذهب إقحاما. وإما أنه عندما التحق بالحركة كانت قد تكونت من لدن غير يسير.وكانت شخصية ابن أباض كقائد للفرقة قد رانت واستحوذت عليها ، وان الجمهور كان يعمل أن عبدالله ابن أباض هو إمامها وأما ما يقال بان ابن أباض ماكان يصدر إلا بأمر من جابر فقول إنشائي بحت في حاجة إلى دليل , فالديل دليل الضعف (*).



------------------------------------

(1) مختصر التاريخ الأباضي


*********** صفحة 46
  #92  
قديم 28/04/2004, 09:17 PM
جني عمان جني عمان غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 28/05/2000
الإقامة: الكرة الأرضية
المشاركات: 4,594
وبهذا ينتهي نصيبنا من الكتاب ، والحمد لله الملك الوهاب ، والصلاة والسلام على النبي القانت الاواب ، وعلى الآل والأصحاب ، ومن نهج نهجهم إلى يوم الحساب، غير شاكٍ ولا مرتاب ، وليتفرغ من ياتي بعدنا لعرض نصيبه من الكتاب ، ليشاهده من يتابع من الأصحاب، ووفقه الملك الوهاب .


والسلام عليكم
ونلتقي في نصيبنا الآخر وهو جاهز بإذن الواحد المنان
  #93  
قديم 29/04/2004, 02:02 AM
صورة عضوية الخطاب تيمور
الخطاب تيمور الخطاب تيمور غير متواجد حالياً
إداري
 
تاريخ الانضمام: 27/06/2000
الإقامة: يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث
المشاركات: 13,132
بارك الله فيكم وأثابكم جنة وسرورا
  #94  
قديم 29/04/2004, 03:46 PM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة جني عمان
وبهذا ينتهي نصيبنا من الكتاب ، والحمد لله الملك الوهاب ، والصلاة والسلام على النبي القانت الاواب ، وعلى الآل والأصحاب ، ومن نهج نهجهم إلى يوم الحساب، غير شاكٍ ولا مرتاب ، وليتفرغ من ياتي بعدنا لعرض نصيبه من الكتاب ، ليشاهده من يتابع من الأصحاب، ووفقه الملك الوهاب .


والسلام عليكم
ونلتقي في نصيبنا الآخر وهو جاهز بإذن الواحد المنان
بارك الله فيك أخي جني عمان جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك ...

إذا الآن الدور على الأخ أبي شيخة هيا يا أبا شيخه جاءك الخير شمر عن ساعدك ...

ونذكر بالخطه الموضوعه لطباعة الكتاب :

1- التقديم والتصدير وكلمة الافتتاح: من ص 3-19 ( التيهرتي )

2- عبدالله بن أباض والأباضية كمذهب: من ص 19-30 ( الإباضي )

3- نضرة شخصية في نسب الأباضية وتناقض: من ص30-47 ( جني عمان )

4- الأباضية في أقلام الكتاب والأباضية تتحدى: من ص47-64 ( أبو شيخة )

5- هل الأباضية خوارج ؟ و مع الخوارج: من ص64-88 ( الإباضي )

6- معتقدات الإباضية والأباضية تقول عن نفسها: من ص88-106 ( جني عمان )

7- من أوائل قادة الفكر الإباضي و أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي: من ص106-114 ( فتاة الاستقامة )

8- المذهب الإباضي في العالم الإسلامي والخاتمة من ص 114-129 ( أمة الله )

9- ملاحظات مقدم الكتاب: من ص129- 135 ( التيهرتي )

ملاحظه :

إن كان أحد الأخوة المتبرعين لديه ظروف تمنعه من المشاركه في طباعة الكتاب فإنني مستعد أن أحل محله ...
  #95  
قديم 30/04/2004, 01:43 AM
أبو شيخة أبو شيخة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/05/2003
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 991
Lightbulb

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة التيهرتي
بارك الله فيك أخي جني عمان جعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك ...

إذا الآن الدور على الأخ أبي شيخة هيا يا أبا شيخه جاءك الخير شمر عن ساعدك ...

...


كنت -كغيري- غارقا في نومي وجاء من يوقظني

انتظروني
  #96  
قديم 30/04/2004, 02:49 AM
مهنا بن راشد السعدي مهنا بن راشد السعدي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 16/04/2001
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 1,660
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة أبو شيخة


كنت -كغيري- غارقا في نومي وجاء من يوقظني

انتظروني
حاشاك انته ، وأياديك البيضاء تزخر بها السبلة
  #97  
قديم 01/05/2004, 01:17 AM
أبو شيخة أبو شيخة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/05/2003
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 991
اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة التيهرتي
حاشاك انته ، وأياديك البيضاء تزخر بها السبلة
اسأل الله ان يهب لي نشاطا اكثر من الموجود لنشر علوم اهل الحق والاستقامة واعترف بالتقصير ولكنها عين الرضا
  #98  
قديم 01/05/2004, 01:20 AM
أبو شيخة أبو شيخة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/05/2003
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 991
الأباضية في أقلام كتاب المقالات:

من الواضح أن تضييق الفجوة بين خلافات المسلمين ، أو القاء ضوء كاشف على المسائل التي تباينت فيها الآراء ، لم يكن هدف كتاب المقالات ، بل ان الوازع كان مجرد شعور حزبي كما يكتب أي صحفي ، أو كاتب محترف في صحيفة تابعة لحزبه مدافعا عنه ومهاجما الأحزاب الاخرى المعارضة.

وهكذا ، فيفهم روح العداء للفرق من أقوالهم واللهجة التي يستخدمونها للتعبير عن الفرق حيث وصفوها (بالفرق الضالة) ، فهم –إذا- كانوا منطلقين من مبدأ مقتنع بضلال الفرق ، وفي كتاباتهم وضعوا مقاييس ومعايير سموها منطقية ابتدعوها "وهي تخصهم وحدهم" ، ولو كان هدفهم هو دراسة هذه الفرق وآرائها واجتهاداتهم ، ثم التمييز بين ما قالته هذه الفرق ، وبين ما دس فيها من أقوال من قبل خصومها ، لنحوا نحوا آخر أكثر منطقية وأكثر اتصافا بالاصلاح لذات البين ولاتخذوا مراجع الفرق وكتبها المعتمدة لديها (وهي أيضا) المصادر ، إذ ليس من المنهجية العلمية في شيء أن تكتب عن فئة معينة لها رأيها المستقل وكتبها المدونة ، بدون أن تستمع إلى آرائها تلك ، ومن فمها مباشرة وتقرأ كتبها التي تعكس أفكارها سالمة مستقيمة ، وإلا كنت غير أمين كاذبا فيما ترويه وتكتبه.

فكتّاب الفرق –كما أسلفنا- انطلقوا من مبدأ إثبات فساد معتقدات الفرق الأخرى ، ومن هنا فلا ينتظر منهم –مسبقا- أن يكونوا عادلين في أحكامهم ، لأن العدل والانصاف ليسا واردين في مقدمة تفكيرهم في الغالب ، ولم يجشموا أنفسهم مشقة الرجوع إلى الكتب المعتبرة لدى الفرق التي كتبوا عنها ، ولم يستمعوا إليهم مفترضين صحة ما تقوله الفرق مع وضع التفريط والإفراط في عين الاعتبار ، شأن البشر كلهم ، لا بل ، فإن لسان حالهم كان يقول: بما أن هذه الفرق ضالة ، وعليه فإن كل ما تقوله ( هو ضلال في ضلال) فلا داعي إلى الاطلاع على كتبهم.

والثابت أننا لو وجد فينا روح الإنصاف لقلنا إن ما يقال عن الفرق غير سليم ذلك لأنه الرغم من التآخي بين المذاهب الأربعة ، فالاتهامات

ص47
  #99  
قديم 03/05/2004, 12:29 AM
أبو شيخة أبو شيخة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/05/2003
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 991
وتقاذف كلمات السوء والاقذاع والنابز بالسباب واعتبار كل مذهب هو وحده الصحيح ، وجعل أهل المذاهب الأخرى كأهل الكتاب في المعاملات واعتبار مساجدهم كنائس ، كل هذا كان موجودا فينا يوما وتجاوزناه لحسن الحظ ، فلماذا لم نتجاوز تلك النظرة السطحية التي كان ينظر بها بعض القدامى إلى الفرق . لمجرد سوء ظن لعوامل المعاصرة ؟

والحق أن كتاب المقالات جنوا على التاريخ ، وجنوا على العلم ، وجنوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

جنوا على التاريخ لأنهم زوروه وكتبوا وقائعه على نحو سقيم ، واعتدوا على قوم أبرياء – قلميا – وزيفوا مبادئهم وقالوا في ألسنتهم ما لم يقله هؤلاء .

وجنوا على العلم ، لأن كتبهم – مع عدم صحة ما ورد فيها وانتفاء الثقة منها – أصبحت مراجع يرجع إليها من يريد الاطلاع على آراء الفرق الإسلامية والتزود بمادة علمية منها ، والحال أنها خالية عن أية مادة علمية .

وجنوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم لمحاولة تفريقها . أو الإمعان في تمزيقها . وبالتالي إضعافها . ولم يحاولوا فقط تضييق الهوة الناشئة عن نتائج اجتهادات مجتهديها لمسائل فرعية غير جوهرية في الدين وهي إلى السياسة أقرب منها إلى الدين ، أو لأنها بنت سياسة .

والغريب أن بعض كتاب المقالات وضعوا أنفسهم موضع " الحكم " فتراهم قد ذكروا الفرق الناجية منها ، والهالكة ، عجيب . فكيف عرفوا الناجية من الهالكة ؟ ولماذا إصدار الأحكام في صواب رأي هذا وخطأ ذاك ، وحصر الإسلام على معتنقي مذاهب معدودة معينة وتقرير الأمر جزافا وبجرة قلم ؟

-48-

آخر تحرير بواسطة محب الصلاح : 07/05/2004 الساعة 04:55 AM
  #100  
قديم 03/05/2004, 12:31 AM
أبو شيخة أبو شيخة غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 11/05/2003
الإقامة: سلطنة عمان
المشاركات: 991
والمصيبة أن الكتاب المحدثين أصبحوا يعتمدون على كتب المقالات كمراجع وتجدهم يعددون أسماء فرق لم تكن موجودة يوما ما من الأيام أو وإن كان لها وجود يوما فإنها قد ماتت بل هي لم تعد (1) أن كانت فكرة أشاعها شخص أو شخصان ، وانضم إليها بعض قليل من مولعي التهريج وسرعان ما اضمحلت واندرست وذابت في الأثير ، ولم تكن فرقة بمعناها الجماعي ، ولم يكن لها وجود يستحق الذكر ، فالمحدثون يقلونها لمجرد أنها موجودة في كتب المقالات ، فأصحاب المقالات كانوا قد وضعوها أو دونوها لمجرد إكثار عدد الفرق لتصل إلى الثالث والسبعين موافقة للحديث الذي يروونه قائلا ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة ...الخ (2)

والصحيح أنهم لو أمهلتهم الأيام إلى آخر الدهر لرأوا أكثر من ثلاث وسبعين فرقة ، ولا أدري كيف كانوا سيؤلونه ليفق مع الفرق العديدة ، والحق أنهم تعجلوا في تطبيق الحديث وكأن اختلاف المسلمين انتهى في زمنهم ، وسوف لا يختلفون فيما بعد.

فزمنيا ، ليس هناك مبرر في تدريس الطلبة لفرق وهمية لم يكن لها وجود في مسرح التاريخ ، أو لو كان لها وجود فإنها قد اندرست وانتهى شأنها إلى الزوال ، فليس هناك داع يدعو إلى نبشها من أحداث التاريخ السحيق ، اللهم إلا إذا كان المبرر هو مجرد استهلاك للوقت فقط.

والحق أن كل ما يقال عن الفرق ، ليس فقط أمورا لا تقرها الفرق ، وتراها مقحمة فيها ، بل إنما هي أمور خلقت افتراء ، ودست فيها ، وهذا الشيخ علي يحيى معمر يقول في كتابه (الإباضية بين الفرق الإسلامية):
( عندما كنت أقرأ في كتب المقالات ما يتصل بالإباضية تصادفني عجائب في العقائد والآراء التي تنسب ..

ص 49

الحاشية:
(1) بسكون العين وضم الدال
(2) قارن بما جاء في كتاب (الخلاقة ونشأة الأحزاب الإسلامية) باب: نشأة الفرق وتعداده ص 137 ، تأليف الدكتور محمد عمارة ط. المؤسسة العربية للطباعة والنشر
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز الصور لا تعمل
رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 11:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 126
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.