|
#1
|
|||
|
|||
القريب .. البعيد ..
تم نشر الموضوع بقلم : نزار سالم .. بجريدة عمان الأربعاء 16 من نوفمبر 2006م.
وقد شدني أسلوب طرح الكاتب لبعض النقاط فأحببت عرض المقال للإستفادة.. والله من وراء القصد إن الاعتقاد السائد لدى كثير من الناس بأن الأشياء البعيدة عن الإدراك المباشر للحواس يصعب فهمها والتواصل معها، اعتقادا يبدو لي به الكثير من التشويش ولا يمكن التسليم به دون فحص وتمحيص. فالقمر المنظور إليه بالعين المجردة غير مستوعب بكليته وتفاصيله من قبل الناس، على عكس الفلكيون الذين تعاملوا معه بطريقة مختلفة من خلال النظر إليه بتمعن بواسطة التلسكوبات التي يسرت لهم فهمه بدرجات ومستويات متفاوتة. وحال الإنسان مع نفسه وبني جلدته في فهم الطبيعة البشرية يبدو لي متناهيا مع هذه الفكرة، فنلاحظ أن الإنسان لا يعنى من ذاته إلا بما هو ظاهر جلي، أي أنه يقيمها من خلال تمظهراتها الخارجية فقط، أما الغوص بداخلها وفهم طبيعتها وماهيتها، وبالتالي فهم فعلها الخارجي وفق ذلك فيراه بأنه شيء متعذر وبعيد المنال. ذات الشيء يحدث للإنسان في علاقته مع الآخرين فهو يحددهم من خلال تصرفاتهم المباشرة ضمن فهم مرجعي جمعي لا يعنى كثيراً بصورة الشخصية، وبأن الإنسان الماثل أمامه حالة خاصة مختلفة عن الآخرين لا يمكن فهمها من خلال تمظهراتها المباشرة فقط، فالإنسان الفرد عالم قائم بذاته. أيضا عندما يحاول الإنسان الإقتراب من ذوات الآخرين لفهم طبيعتها من أجل البحث عن نقاط تلاقي محورية مع ذات الأخرى فإننا نلاحظ في حالات كثيرة بان الاقتراب لم ييسر فهم واضح لذات الآخرين بل ربما زاد الأمر غموضاً أكثر مما هو عليه، وبالتالي أصبح هذا الاقتراب مدعاة إلى تشويشات كثيرة ساهمت في إيجاد رؤى ومواقف وأوضاع حرجة متطرفة تؤدي في كثير من الأحيان إلى قطيعة وسوء فهم كبيرين، فأين مكمن الخلل في كلية عملية الاتصال هذه التي يقوم بها الإنسان مع نفسه ومع الآخرين من بني جنسه. ولعرض هذه الإشكالية نوضح مثالاً على ذلك علاقات الزواج القائمة في مجتمعنا، فكثيراً ما تنتهي هذه العلاقة بين الرجل والمرأة ضمن هذا الرباط إلى حالات قطيعة وانفصام نفسي تولد أوضاعاً كارثية يدرك المباشر والواضح منها فقط، ولا يؤخذ بعين الاعتبار الثانوي رغم أهميته من حيث إسهامه بذات القدر على المدى الطويل في ضعضعة هذه العلاقة. فقد كان من المفترض أن يؤدي هذا الاقتراب بين الرجل والمرأة ضمن هذه العلاقة إلى إيجاد وضع عال من الفهم والإدراك للآخر، ولكن ذلك لم يتحقق رغم الاقتراب المكاني الذي يجعل الحواس- وسيلة التواصل الأولى – تعمل بكامل طاقتها بشكل قوي جداً يدركه ويفهمه الجميع. السؤال الآن؟ لماذا لم يؤد الاقتراب إلى مزيد من الفهم والتلاحم؟ الجواب لأنه كان أكثر من اللازم فأدى إلى حدوث فوضى في الحواس وتشويشات عظيمة لوسائل الإتصال البشري في المحيط الذي نعيش فيه. أم لأنه لم يكن موجودا أصلاً فلم يكن هنالك تقاطع ولقاء بين الحواس ليحصل ما نظنه. من وجهة نظري فإن المسألة ليس لها علاقة بالاقتراب والابتعاد، وعمل الموجات البشرية بشكل جيد أو عدمه.. المسألة أبعد من ذلك بكثير، هو أمر كامناً في دواخلنا حفر عميقاً فينا، ولقد تم تأسيسه على طوال هذا وذلك الزمان بطريقة ما باللاشعور. فالرجل لا يريد أن يقترب من عالم المرأة، والمرأة لا تريد أن تقترب من عالم الرجل، كل ضمن مجاله ومحيطه الحيوي، فالرجل عندنا دائما ومنذ البداية في علاقته مع المرأة مدفوع بشدة إلى جذبها إلى عالمه الرجولي، من خلال تحديد وضع هذه المرأة ضمن الصورة التي اختزلها في اللاشعور لها، والتي تكونت لديه منذ طفولته، ومن ثم من خلال هذه المعطيات يحاول التواصل معها غير واع بأنه أمام امرأة وإن من الظاهر متشابهة مع الأخريات، ولكنها واقعياً مختلفة عن سائر النساء، ربما كان ذلك ناتج عن ضعف لدينا نحن الرجال فنحن نظن أننا أسياد عالمنا ولا نفهم ما عداه من العوالم الأخرى خاصة عالم الأنوثة. الشيء ذاته يحدث مع المرأة ولكن بشكل مختلف فرغم اندفاعها إلى عالم الرجل بشكل مباشر، وذلك من أجل كسب وده ورضاه، فهي إنما تفعل ذلك بدافع عالمها الأنثوي الذي اكتسبته خلال مراحل تنشئتها، والذي تحدد من خلال عالم الرجل ذاته، وليس من ذاتها، فقد استقر بالذاكرة لديها انها امرأة من خلال الرجل. فلسان حالها يقول سوف أدخل عالم الرجل هذا لا لأعيش فيه مشاركة وجزءاً منه، ولكن للتغلغل بهدف العثور على فسحة مناسبة للولوج إلى هذه النفس من ثم جرها بشكل هادئ إلى العالم الأنثوي للتحكم والعيش وفق ما أريد، فالمسألة لا تعدو أن تكون مسألة وقت. فمن الواضح بأن كلا الطرفين يريد أن يمارس الدور وفق تكوينه وطبيعته هو في كل الأحوال. لكن لو حاول الرجل وكذا المرأة الدخول إلى عالم الآخر والاقتراب منه من خلال عالمه هو فإنني أؤكد جازماً بأن التوافق والانسجام التابع للفهم والوضوح سيكون المآل. فالرجل يستطيع أن يكسب قلب زوجته من خلال تعزيز شخصيتها، وفهم طبيعتها ومتطلباتها كأنثى تطمح إلى تحقيق شيء من إنسانيتها في العالم، وذلك بواسطة دفعها وتشجيعها بصورة مستمرة نحو تكوين شخصية مستقلة فاعلة ضمن إطار الأسرة والمجتمع. أما المرأة فإنها تستطيع أن تتسلل إلى عالم الرجل وقلبه من خلال الصراحة والوضوح في التعامل مع شخصيته بمنتهى الحب وإبداء روح المشاركة لا المشاكسة والتنكيد. أنا أدرك ان عالم الرجال شائك ومغلق في وجه النساء، ولكن المرأة الواعية تستطيع مع قليل\كثير من الصبر أن تلج إلى هذا العالم شريطة أن تجد المفتاح المناسب لذلك. فالاعتقاد السائد بأن أقرب الطرق للوصول إلى قلب الرجل وعقله هو الفراش والأكل فهم خاطئ يستند إلى تجارب اجتماعية قديمة متوارثة من الماضي، ومن الواجب البحث عن وسائل أخرى أكثر عصرية. فالجنس والأكل فعل حاجي بيولوجي لا يستغني عنهما كلا الطرفين، واستخدامهما بصورة سيئة من قبل الطرفين بشكل سيئ سيؤدي حتماً إلى نتائج وخيمة لا تحمد عقباه. ومن الأهمية بمكان التذكير هنا بأنني لم أتعمد إغفال أهمية العاطفة الإنسانية (الحب) نحو دفع الطرفين تجاه بعضهما بشكل متقاطع، فهي تجعل كليهما مستعدا بشكل عظيم من خلال روح التسامح التي تضفيها على العلاقة إلى بعث الكثير من إشارات الود والتآخي، ولكن إذا تخلت هذه الآصرة عن فعلها الإيجابي وعادت إلى الفعل الأولي المجرد ألحاظ على الأنانية والتملك فإنها تكون معول هدم كبيرا. وفي الختام من الواضح أن طرح ومناقشة إشكالية نظرية عامة قد أوصلنا إلى الحديث عن حالة خاصة جداً في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة (علاقة الزواج)، ولكن يبدو أنني قد تواطأت مع نفسي وتواطأ القارئ معي إلى هذا الحديث العقلاني التجريبي بذلاً من الخوض في عملية تنظير مجردة ربما لا توصلنا إلى شيء، وتظل حبيسة ذاتها ما لم تخرج إلى الحالة الإنسانية الرحبة رديفتها وربيبتها دائماً. آخر تحرير بواسطة محبة النور : 09/11/2006 الساعة 08:40 PM |
مادة إعلانية
|
#2
|
|||
|
|||
أن فهم الأمور بسطحية هي من طبيعة المبسطة لدى البشر
فالكثير لا يريد الدخول الى اعماق الموضوع اغلب البشر يطبق معادلة 1+1=2 خلاص انتهت القضية اما في المعادلات الصعبة فلا يجد لها حل فيقف مكتوف الأيدي لا يسطيع عمل اي شئ الأغلب يحتاج الى فهم الامور ببساطة لا يحب التعقيدات الحياة الزوجية تحتاج الى فهم عميق من الطرفيين واذا وجد طرف بأن طرفه الآخر لا يفهم الأمور العميقة فعليه ان يبسط له الأمور فالبعيد سيظل بعيد اذا لم نقترب منه ونفهمه وشكرا على الموضوع وعلى افكاره الطيبة |
#3
|
|||
|
|||
السلام عليكم من أجمل وأعمق ما قرأت في مسألة الادراك للآخر، برغم أن الكاتب نجح حقا في طرح تساؤلات حساسة و(عويصة) فيما يخص القدرة على إدراك الآخر (أيا كان هذا الآخر)، لكنه (ربما لقصر المساحة الممنوحة للكاتب) لم يعطي إجابات وافية.. وربما هو غير معني أصلا بالإجابة والتفسير بقدر عنايته بتسليط الضوء على الموضوع/القضية...حتى الإجابات التي طرحها هي في ذاتها تطرح مزيدا من الأسئلة.. ولذا شكرا للأخت (محبة النور) على نقل هذا المقال والشكر لمن قام بالتثبيت... وهنا تبرز الأسئلة: لماذا يحدث هذا؟ وكيف يحدث؟ أعني هل يحدث هذا القصور في الإدارك بإرادة واعية منظمة أم أن عدم الوعي أصلا هو الذي يمنعنا من الوصول إلى الآخر في جوهره، ويمنعنا من الفهم الحقيقي؟ هل المشكلة في الرغبة أم المشكلة في المنطلق والخلفية التي تبنى عليها هذه الرغبة؟... (لي عودة)،، موضوع يستحق النقاش.. نتمنى أن نرى أطروحات وآراء قيمة، بعيدا عن الردود السطحية.. |
#4
|
||||
|
||||
متابع ولي وقفة ...
|
#5
|
|||
|
|||
من الممكن أن نجعل البعيد قريبا من خلال منظورنا له,ومدى قربه الوجداني من أنفسنا,وكلما زاد قربه كلما زاد ادراكنا وفهمنا له.
|
#6
|
|||
|
|||
مراقب خاص::
شكراً لمرورك الكريم ومشاركتك الطيبة.. الرجل الأول(1):: ننتظر مناقشتك ومشاركتك في الموضوع ... نور اليقين :: شكراً لمرورك الطيب ولمشاركتك الطيبة ..... |
#7
|
|||
|
|||
اقتباس:
أسئلة جميلة تستحق المناقشة .. لقد زرعت بأسئلتك عنصر تشويق في الموضوع ..وأتمنى بالفعل الوصول لأجوبة منطقية لها ... هل يحدث القصور في الإدراك بإدارة واعية منظمة أم أن عدم الوعي هو الذي يمنعنا من الوصول إلى جوهر الآخر؟ هل المشكلة في الرغبة أم المنطلق والخلفية التي تبنى عليها هذه الرغبة؟ بارك الله فيك وبورك قلمك أخي الفاضل .... لي عودة لمناقشة هذه الأسئلة ... آخر تحرير بواسطة محبة النور : 10/11/2006 الساعة 11:44 PM |
#8
|
|||
|
|||
هنا تكمن الإختلافات وهي من خلال كلمة ((((ضمن ))) لان لكل منا مضمونات نستطيع من خلالها التعرف على الطرف الاخر بكل ما يشع ويتوهج من صفات وما به من أطر يحملها في قلبة او يتصف بها او يتلبسها كلباسٍ او غير او في حديث ومن هنا تختلف المضمايين بإختلاف الأطر ... وكلما أتسعت الهوة كلما زادت المسافة طولاً في فهم الطرف الاخر وكلما ضيقت هذه الهوة كلما قصرت هذه المسافة
|
#9
|
|||
|
|||
كلام كبير مافهمه
|
#10
|
|||
|
|||
من أجمل ما قرأت في الإدراك يا أخي أغزك الله
|
#11
|
||||
|
||||
لمناقشة أسئلة الأخ أحمد الغافري:
اقتباس:
ولست أؤيد الكاتب في أن الإقتراب والإبتعاد ليسا سبباً في قصور الإدراك وفهم الآخر .. لأن الوعي لا يحقق ذاته من دون مقارنة وتفاعل بين قطبين... والدليل هو إزدواجية الإنسان، وإزدواجية الطبيعة الأرضية، وكل الكائنات. إذا سلمنا بأن وعي الظاهر هو كل ما ندركه عبر الحواس بفعل تفاعلنا مع الخارج... وهو حصيلة الخبرة التي نكتسبها من الحياة، ومن احتكاكنا بالناس... فبالتالي يمكنني أن أعتبر "الأمر الكامن في دواخلنا" هو عبارة عن مُسلّمات و قوانين قد بناها الإنسان في قرارة نفسه ليدرك بها ذاته والآخرين وكيفية التواصل معهم - سواء كانت تتوافق مع الآخر أم لا وسواء كانت صحيحة أم خاطئة-. اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
من المعلوم أن عقولنا تقوم بتخزين جميع خبراتنا و تجاربنا السابقة … فنبدأ في التصرف والحكم على الأشياء من خلال هذه التجارب و الخبرات دون تفكير وبعد ذلك نقوم بالتصرفات التلقائية التي تمت برمجتنا عليها.. دون أن نحاول أن نلاحظ ما إذا كانت صحيحة أم لا .. ولهذا تتولد اختلاف وجهات النظر. حين نختلف مع شخص ما في الرأي, يتمسك كل منا برأيه الذي كونته خبراته و تجاربه السابقة .. لهذا يجب علينا أن نحاول ان ترى الصورة الحقيقية.. فليس كل ما نراه صحيحا هو – بالضرورة – صحيح…! لأن ما نراه هو ما تمت برمجة عقولنا عليه .. |
#12
|
|||
|
|||
AL-BASHEQ ::
مداخلة جميلة بارك الله فيك .. حقانية123 :: أوقات نحب نصدع راسنا لأننا قد مررنا بمواقف نحتاج لهكذا معلومات (^_^) .. أبو الجود :: شكراً لمرورك الكريم .. بارك الله فيك |
#13
|
|||
|
|||
الأخت/ محبة النور
أشكرك بكل أمانة، تفسيراتك أضافت إلي وأتفقت مع بعض ما كنت أعتقده،، اقتباس:
1) الصورة النمطية التي (تبرمجت) في أذهاننا عن الغربي، وثقافته، بالإضافة إلى عوامل سياسية ودينية أخرى.. 2) الرغبة في الفهم، كثير من المسلمين والعرب لا يرغبون أساسا في مجرد مناقشة إمكانية التعايش مع الأمريكان، نتيجة (السبب الأول) وهو الصورة النمطية السالبة التي تخزنت عبر تراكمات عديدة... وأعتقد أنك ربما تتفقين معي فيما قلت، لكن سؤالي لك أختي/ محبة النور: ألا ترين أن عدم الفهم أو القصور في الإدراك في هذه الحالة قد حدث بإرادة واعية ومنظمة؟ ( وليست صحيحة بالضرورة؟).... ثم هنا تأتي عوامل أخرى ربما قد تبدو متناقضة مع قلته في النقطة الأولى، مثل الإعلام والأوضاع السياسية وغيرها، إذن هناك بعد آخر علينا التنبه له، ألا وهو أن صاحب القصور في الإدراك قد يكون ضحية!!.. ضحية ماذا؟ ضحية الإعلام المضلل.. الناس في أمريكا مثلا، لا يعرفون ما هو الإسلام ويعتقدون أنه كلمة مرادفة لكلمة (العرب)، وربما جل ما يعرفوه عن العرب هو (صدام وبن لادن....الخ) وحين يعرفوا بعض الحقائق عن الدين الإسلامي تجدينهم يسألون بشغف عن المزيد من المعلومات، والسبب هو أن حالة (التشويش) التي أشار إليها الكاتب نزار قد أخذت في التراجع، بينما الرغبة في الإدراك أخذت تتزايد وتأخذ حيزا أكبر في أذهانهم... (لدي تعليق على النقاط الأخرى، سأعود إليها)... وأقول: شكرا |
أدوات الموضوع | البحث في الموضوع |
|
|
تقييم هذا الموضوع | |
تقييم هذا الموضوع:
|
|
|