سبلة العرب
سبلة عُمان الصحيفة الإلكترونية الأسئلة الشائعة التقويم البحث مواضيع اليوم جعل المنتديات كمقروءة

العودة   سبلة العرب > السبلة العامة

ملاحظات

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع تقييم الموضوع
  #1  
قديم 12/10/2006, 12:13 AM
aloshq aloshq غير متواجد حالياً
خــــــاطر
 
تاريخ الانضمام: 29/09/2006
المشاركات: 4
الاستنساخ من الحيوان إلى الإنسان

الاستنساخ من الحيوان إلى الإنسان
ظلت العقول المتدبرة ـ وحتى وقت قريب ـ تعتريها الحيرة أتجاه عملية الخلق ، فتعددت النظريات حول هذه العملية متضاربة تضارباً يصل في أحيان كثيرة إلى مناقضة بعضها للبعض الآخر ، أومناقضتها لحقائق علوم أخرى ، ولم يكن لأي من هذه النظريات أن يخرج من ميدان التضارب هذا إلا بارتقائها ـ أونزولها ـ إلى مستوى الخرافة . إلا أن هذا لايعطينا حقاً في توجيه شيء من اللوم لأصحاب تلك النظريات إذا علمنا أن علم الأجنة المهتم بعملية خلق الكائنات الحية لم يتأكد وجوده إلا في العقود الأخيرة ، ولم يكن ليكتب له هذا الوجود لولا تظافر علوم عده ، كعلم التشريح وعلم وظائف الأعضاء وعلم الأنسجة وغيرها ، وجميع هذه العلوم لم نكن لنحقق في أغلبها الكثير لولا استخدامنا لأجهزة دقيقة في عمليتي الفحص والتحليل كالمجهر البسيط والمركب ، والمجهر الإلكتروني ، والموجات بمختلف أطوالها ، والتحاليل المختلفة الكيميائي منها والفيزيائي . حتى أننا لانكاد نجاوز الحقيقة كثيراً بقولنا أن الإنسان احتاج لاستخدام كل ماتوصل إليه حتى يومنا هذا من سبل المعرفة في سبيل فهم جزء يسير - لكنه هام - من عملية خلقه . ولأن العلم طريق متشعب الدروب ، تؤدي كل درب منها إلى دروب شتى - لاشك أنها توصل إلى حقيقة واحدة وقد تكون جامعة - لم يقنع العلم بمراقبة عملية الخلق والأكتفاء بمعرفة كيفياتها وتسجيل مايعتريها من هنات ، بل طمح إلى تعرف ماوراء هذه الهنات ، وسعى إلى ادراك طرق تجنبها ، فكانت الدعوة للأمتناع عن التدخين الذي ينقص وزن الجنين ويحدث به التشوهات ، ومنع تناول الحوامل لعقار الثاليدومايد لأنه يؤدي إلى ولادة أجنة مشوهة ، وكان جل من عرف بقواعد هذا العلم من دعاة مناهضة انتشار أسلحة الدمار الشامل لأن نساء هيروشيما ونجازاكي مازلن يلدن أطفالاً بتشوهات خِلقية شتى . وخلال مسيرته القصيرة في عمرها ، العظيمة فيما أنجزت ، كان هذا العلم يحقق للإنسان مالم يكن يتوقع منه ، فأتاح أنواع شتى من علاجات العقم ، وطرق أكثر لمنع الحمل ، وأتاح الاخصاب داخل أنابيب المختبرات ، ثم خرج علينا أخيراً باستنساخه للنعجة دوللي ، ليضع أمامنا نظرية استنساخ الإنسان . هذه النظرية التي تطرح آمالاً تشبه الأحلام بأن يتيسر للإنسان أن ينسخ نفسه كما ينسخ المستندات ، وبذات الطريقة التي تنسخ بها الأميبا نفسها ، فمايجري في المعامل اليوم يمني من قضى العمر في جمع المال بنسخة جديدة يتمتع من خلالها بماله ، وتعطي ذات الآمال لمريض الأيدز بالأستمرار في نسخة أخرى منه حتى يتوفر العلاج لمرضه ، وبالاستساخ تستطيع الأمم أن تستعيد أبطالها بأيجاد نسخ من أجسادهم. فهل ستتحقق عودة هتلر ليسترد ثأره من خلال حرب عالمية أخرى ؟. وهل سيظهر إينشتين جديد ليضيف بعداً آخر لم يظهر بعد ؟ وهل يمكن للإنسان أن يحقق خلوده بأخذه نسخة من كل من قارب نهايته من بني جنسه . آليات التكاثر: تتعدد آليات حفظ النوع لدى الكائنات الحية وتختلف ، فنجد أنواع عده تتكاثر بذات الطريقة ، ونجد النوع الواحد يتخذ أكثر من طريقة ، يعتمدها أسلوباً لتواصل حياة بني جنسه ، أما الإنسان فقد حافظ ـ وحتى هذا الوقت ـ على التكاثر الجنسي وسيلة وحيدة لحفظ نوعه ، وذلك بإخصاب البييضة بواسطة الحيي المنوي لتحفيز البييضة الساكنة لتستأنف سلسلة انقسامات محددة منذ لحظات الخلق الأولى . تبدأ البييضة المخصبة في الأنقسام ، فتنقسم إلى جزئين لتكون خليتين لكل منهما نواتها الخاصة بها ، ثم تنقسم كل من هاتين الخليتين انقساماً آخر لتنتج كل منهما خليتين ، فيصبح المجموع أربع خلايا ، وهذه الأربع تنقسم كل منها على حده لتظهر ثمان خلايا جديدة وهذه الثمان تنقسم فتكون ست عشرة خليه وهكذا... لنجد سيتوبلازم الخليه وقد تقسم إلى عدد كبير من الخلايا الصغيرة التي تتراص بجانب بعضها البعض فتظهر لنا تحت المجهر وكأنها كتلة من فقاعات الصابون . خلال هذه الأنقسامات لايحدث أي نمو لهذه الخلايا ، فكل مانلحظه هو الأنقسام تلو الأنقسام فقط ، وكأن الخلية قد أعارت كل قواها لهذا الأنقسام ، فهي تضحي بنموها وزيادة حجمها في سبيل إنتاج فرد جديد . البداية دائماً متواضعه: قام عالم الأجنة الألماني سبيمان HANS SPEMAN بتجربة ربط فيها شعرة حول بييضة سمندل الماء قبل بدء الأنقسام فيها بحيث كادت تلك الشعرة تقسم البييضة إلى جزئين لكنه كان شديد الحرص على ألايحدث ذلك فأدى هذا الى أن كان للبيضة نصفين ؛ نصف به النواة تسبح في السيتوبلازم بينما النصف الآخر هو عبارة عن سيتوبلازم لانواة فيه ، ثم تُركت البييضة لتبدأ أنقسامها ، فكان الأنقسام في ذلك الجزء المحتوي على النواة دون أن يحدث في الجزء المحتوي على السيتوبلازم وحده . إستمر الانقسام في الجزء المحتوي على النواة حتى تكون بهذه الانقسامات المتكررة 16 خلية ، عند ذلك شُدت الشعرة فضغطت البييضة لتنقسم الى نصفين ؛ نصف يحتوي جُل النواة (15جزء من أصل ستة عشر جزء) ونصف لايحتوي سوى جزء واحد من أصل ستة عشر جزء . واستمرت مراقبة البييضة فكانت النتيجة أن تكون في كلا النصفين جنين كامل واحد تكون من جُل البييضة والآخر تكون من جزء واحد من 16 جزء من البييضة ، فدل هذا على أن كل جزء من الستة عشر جزء يحوي ذات المكونات وإلا لما تكون جنين كامل من كليهما. لكن الملاحظة الأغرب كانت أن يحدث في بعض الأحيان أن يعجز النصف المحتوي على النواة عن أن يكون جنيناً بينما النصف الذي لايكتسب نواة إلا متأخراً يتكون منه جنيناً كاملاً. فتكون الجنين إذاً يحكمه شيء آخر خلاف وجود النواة ، وبتكرار التجربة استبان ذلك للباحث ولم يكن غير مساحة صغيرة خالية من أي صبغة تشبه الهلال في شكلها، ولاثبات أهمية هذا الفراغ الهلالي قام سبيمان بتجربة أخرى راعى فيها هذه المرة أن تقسم الشعرة البييضة إلى جزئين تكون النواة في أحدهما ويكون الفراغ الهلالي في الجزء الآخر ، وكانت النتيجة مذهلة ؛ إذ تكون جنيناً في النصف المحتوي على الفراغ الهلالي ، بينما لم يتكون جنيناً في ذلك الجزء من البييضة المحتوي على النواة . يظهر واضحاً من هذه التجارب أن تكون الجنين لم يكن معتمداً على وجود النواة أو عدمه ، بل أن مايحدده كان شيئاً آخر في سيتوبلازم البييضة ، فتطور الجنين بصورة طبيعية يعتمد على وجود مادة في السيتوبلازم ، وبالتحديد - وفقاً للتجارب السابقة - في الفراغ الهلالي . فالبييضة إذاً تنقسم بعد إخصابها إلى مجموعة خلايا لتحتوي كل خلية من هذه الخلايا جزءً من نواة البييضة وجزء من سيتوبلازم البييضة أيضاً ، وتكون أنوية الخلايا متشابهة لأنها وكما تبين لنا مماسبق قدرة كل منها على أن يكون جنيناً ، لكن هذه الخلايا تختلف فيما تحتويه من سيتوبلازم البييضة ، وهذا الأختلاف هو الذي يعطي صفة التمايز للخلايا المتكونة فمنها مايتمايز ليكون القلب ومنها مايكون الأوعية ومنها مايكون الدماغ وهكذا ... ويتحقق هذا التمايز بما تفرضه مادة السيتوبلازم على النواة بتأثيرها على محتواها الوراثي فتُظهر منها ماتشاء وتخفي ماتشاء . إن الانقسامات المبدئية في البييضة تحدث بمعزل عن الجينات التي تحتويها نواتها أي أن محتويات نواة البييضه من المورثات لاتلعب أي دور في بدء الأنقسام بها بل أن هذا الانقسام يتم بقيادة مباشرة من معلومات تتكون في البييضة خلال نموها . وهذه المعلومات لاتوجد في نواتها بل هي في القشرة ، وتكون أوامر الأنقسام قابلة للتحويل والتعديل في بداية الأنقسام ، إلا أنه بعد عدة أنقسامات وحين تتفتت القشرة بين عدد كبير من الخلايا تفقد هذه القشرة هذه الخاصية وتصبح مقيدة ببرنامج محدد غير قابل للتعديل ، هذا البرنامج هو الذي يعطي ميزة التميز للخلايا المختلفة فهذه تنقسم في أتجاه تكوين الدماغ وتلك يأخذ أنقسامها أتجاه تكوين العظام وهذه خلية تحمل برنامج تكوين العضلات ، وهكذا ... فنواة كل خلية من الخلايا المتكونة تحتوي العديد من المعلومات الوراثية التي يمكن أن تجعل الخلية تتطور في أتجاهات مختلفة ، لكن كل خلية لاتأخذ إلا طريقاً واحداً ، فهذه تتميز الى خلية عصبية مع أنها تحتوي المعلومات الوراثية التي تمكنها من أن تكون خلية من خلايا القلب أو خلية من خلايا العضلات ، لكن هذه الخلية بإهمالها معلوماتها الوراثية الأخرى ( التي تجعل منها شيئاً آخر غير الخلية العصبية ) هو ماجعلها تصبح أحد خلايا الجهاز العصبي . فكل خلية من الخلايا الناتجة عن أنقسام البييضة تملك نواة ( تحتوي ذات خصائص البييضة المخصبة ) هذه النواة تسبح في سيتوبلازم يمثل جزء مشتق من سيتوبلازم البييضة ، وسيتوبلازم كل خلية يختلف عن ذلك الخاص بشقيقتها الأخرى بينما نواة كل خلية تشبه الأنوية التي تحتويها شقيقاتها من الخلايا ، فمحتويات النواة تضاعف نفسها قبل أنقسام الخلية بواسطة الأنقسام الفتيلي Mitosis ( تنقسم النواة إلى قسمين ويضاعف كل من هذين القسمين نفسه ليذهب كل قسم في جزء من الخلية عند انقسامها ) بينما ينقسم السيتوبلازم فيصبح بكل خلية جديدة جزء منه ليكون محتوى كل خلية مختلف عن محتوى غيرها ؛ فكأني أملك ورقة وأنت لاتملك مثلها فطلبت مني أن نتساوى في أمتلاك الورقة ، وهنا لدينا طريقتين لنتساوى ؛ فيمكن أن أنسخ نسخة أخرى من هذه الورقة لأعطيها لك وبذلك يصبح لدى كل منا ذات الورقة ( وهذا مايحدث للنواة فهي تضاعف نفسها قبل الأنقسام ) أما الطريقة الأخرى فهي أن أقطع الورقة إلى نصفين فيبقى لدي النصف العلوى وتأخذ أنت النصف السفلي فهما مختلفان لأن أحدهما العلوي والآخر السفلي ( وهذا مايحدث لسيتوبلازم البييضة عند أنقسامها إلى خليتين ) .وينتج عن هذا خروج خلايا إلى الحياة متشابهة في تركيب أنويتها مختلفة فيما تحتوي من السيتوبلازم . فالخلية اللبنية ووفق ماتحتوي من السيتوبلازم أهملت ماتحتويه نواتها من جينات كانت ستجعل منها خلية عضلية وأهملت الجينات التي كانت ستجعل منها خلية جنسية وأهملت تلك التي كانت ستجعلها أحد خلايا الغدة الدرقية أو أحد خلايا اللسان ؛ باختصار أهملت كل الجينات التي تحتويها نواتها ولم تختر سوى تلك الجينات التي تجعل منها خلية لبنية تستقر في الثدي وتفرز الحليب . فالخلية هنا إختارت أن تكون خلية لبنية . لكن لماذا أرادت أن تكون كذلك ؟ لأنها إستنتجت أن تركيبها يوافق هذا الغرض وهذا الاستنتاج جاء بناء على مايحتويه سيتوبلازم هذه الخلية . فهذه الخلية إذاً أرادت بناء على مااستنتجت من استنتاجات ، سندها ماإحتوته من معلومات من السيتوبلازم . فالخلية لها إرادة ولها القدرة على الاستنتاج بناء على تذكرها لما تحفظ ، فهي مالكة لمقومات العقل بقدر يجعلنا نثبت لهذه الخلية صفة العقل ، وإن كان بقدر يختلف عن غيره من العقول إلا أنه مالك لجميع أدواته من الإرادة الى الإدراك و الإستنتاج الى الذاكرة . فالخلية إذاً تختار جزء من مكونات نواتها من الذخيرة الوراثية وتتجاهل جلها . فما الذي يحدث لما تتجاهله من معلوماتها الوراثية ؟ هل يتلاشى ؟ أم ينتقل إلى خلية أخرى أم أن الخلية تظل محتفظة به في نواتها؟ منذ عام 1952 أجريت العديد من التجارب التي استهدفت بيان هذا ، وقد إعتمدت هذه التجارب على الطريقة التي استحدثها العالمان كيونغ وبريغس R. Briggs & T.J.King لإستخلاص نواة البييضة قبل تخصيبها بطريقة جراحية ( بعض التجارب إعتمد أسلوب منع نشاط هذه النواة بواسطة الأشعة فوق البنفسجية ) ، وماتم في هذه التجارب هو سحب نواة بييضة ضفدعه قبل إخصابها ووضع مكانها نواة أحد خلايا جنين ضفدعة في مراحل تطوره الأولى ، وكانت نتيجة مثل هذه التجربة تولد جنين ضفدعة جديد في 80% من التجارب التي أجريت . وفي تجارب لاحقة لم يتم أخذ النواة من خلية جنين ، بل استعيظ عنها بنواة أحد خلايا الأمعاء التي أكملت نموها وتميزها وصارت خلية معوية متميزةDifferentiated Cells وكانت النتيجة تكون جنين كامل رغم أن النواة الموضوعة في البييضة هي نواة خلية معوية ماعادت تؤدي غير وظيفة تخصصية ولاتأبه من تكوينها الوراثي سوى بذلك الذي يخدم وظيفتها كأحد خلايا الأمعاء . لكن تكون الجنين بطريقة سليمة بواسطة زرع هذه الخلية دل على أن هذه الخلية قد تراجعت إلى الوراء لتحقق الأستفادة من كل مخزونها الوراثي لتخلق به جنيناً كاملاً ، وماكان ليتأتى لها هذا لو أن هذا المخزون من المادة الوراثية قد فُقد أواعتراه شيء من الفساد ، فمثل هذه التجربة يدل على أن المادة الوراثية لهذه الخلية لم تُفقد، بل تم تعطيلها إلى حين للأكتفاء بذلك الجزء الذي يوجهها كخلية معوية ، لكن وعندما طالت هذه الخلية أوامر جديدة بوضعها في البييضة ( أوامر قادمة من سيتوبلازم البييضة ) أعادت الخلية التفتيش في ذاكرتها لتستعيد كل مخزونها الوراثي لتستخدمه في تكوين جنين كامل ، فالمخزون الوراثي لهذه الخلية لم يفقد ولم يدمر عندما كانت مكتفية بكونها خلية معوية بل إنه كان في حالة سكون ، ولم يكن النشاط ليطال غير ذلك الجزء الموكل بأداء وظائف الخلية المعوية . فنشاط أي خلية يعتمد على أي من جيناتها يكون في حال نشاطه ، وهذه العملية هي عملية ديناميكية إذ تتغير الجينات النشطة لتنتقل صفة النشاط من جين إلى آخر داخل الخلية النامية وفقاً لتدرج نمو الخلية ، ففي أي لحظة يوجد بكل خلية قدر معين من جيناتها في حالة نشاط بينما يسكن باقي ماتحتوي من جينات ، ويتغير هذا النشاط وفقاً لنمو الخلية الذي يحدث نتيجه فعل الجين النشط فيها . لكن السؤال القائم هو: مالذي يحكم هذه الجينات ، ومالذي يجعل هذا الجين ينشط في هذه اللحظة من تطور الخلية بينما يغط باقي الجينات في سبات ؟ إن هذه السيطرة تأتي من سيتوبلازم الخلية ، وقد أثبتنا فيما سبق أختلاف الخلايا الناتجة عن انقسام البييضة في محتواها من السيتوبلازم ، فالسيتوبلازم هو الذي يقرر نشاط جين ما وخمود باقي الجينات ووفقاً لهذا التمييز يحدث التمايز في الجنين ( تميز خلاياه إلى الأعضاء المختلفة الشكل والوظيفة ) ، فالسيتوبلازم في ناتج الانقسام المبكر ( الخلايا الناتجة من الانقسامين الأول والثاني للبييضة ) يوجه انقسام الخلايا بتحفيزه بعض الجينات التي كانت في حالة خمود ، وتكون البداية بانتاج كمية بسيطة من الحمض النووي الناقل داخل النواة ليعبرمن خلال الغشاء النووي ( المحيط بالنواة ) ليصل الى السيتوبلازم حيث يعمل على بناء بروتينات جديدة ، يكون بناءها خطوة في نمو الخلية وكذلك يُحدث تغيرات في سيتوبلازم الخلية تحفز مزيداً من الجينات لتنهض من سباتها وتساهم في تطور الخلية وتمايزها في الطريق المرسوم لها . إذا أخذنا بييضة لارنب ماتزال في بداية أنقسامها وأخذت منها خلية واحدة ، أمكن إنتاج أرنب كامل من هذه الخلية ، أما إذا تركت هذه الخلية ضمن مجموع الخلايا الأخرى فإن الخلية التي اخترناها لن تكون إلا جزء واحد من كامل الكائن الحي الوحيد الذي سيتكون من هذه الخلية . فالخلية الواحدة الناتجة عن انقسام البييضه تملك مُنظِمات تكوين الكائن الحي كاملاً في حال إجبارها على النمو وحيدة بينما يقودها ماتملك من هذه المنظمات لتكوين أحد أجزاء الكائن الحي في حال وجود خلايا أخرى معها ، فاختيار الجينات التي يتم تحفيزها لايعتمد على تحكم الخلية وحدها ، بل أن هناك تنظيماً شاملاً يحكم عملية تطور الخلايا ككل، ويجعل الخلايا المتجاورة تتفاعل بطريقة تقودها لتكوين كائن كامل ، وذلك بالتحكم في جهازها الوراثي الذي يتحكم بالتالي بتمايز الخلايا إلى أعضاء مختلفة . فالجينات تحدد التتابع الذي تتخذه الأحماض الأمينية لتكون البروتين ، وأختلاف التراتيب التي تتواجد بها هذه الأحماض هو مايحدد الصفات الوراثية للكائن الحي . إلا أن مسألة نمو الكائن الحي ليست بناء البروتينات في الخلية المناسبة ، في الوقت المناسب وحسب ، إنما هو هورموني وتناسق بديع يسير وفق خطة لايمكن لها إلا أن تكون موضوعة سلفاً ، فأعصاب باطن قدمك التي تمتد لأكثر من متر لايمكن أن تكون قد قادتها الصدفة أوسيرتها طبيعتها الخلوية بل هو برنامج محدد ، يسير وفقه هذا العصب ماراً بين عضلات مختلفة ليصل أقصى نقطة في الجسد . فالجسد ينمو ويتطور بنمو خلاياه وهذه الخلايا تنمو بالتغير المستمر الذي يسير وفق برنامج محدد ، أداة تنفيذه ال DNA والبرامج الوراثية التي تخضع بدورها لنظام محكم يفوقها ويسيرها والذي لم نستطع إدراك كنهه بعد ، فهذه البرامج الوراثية وبكل ماتقوم به من دور في تشكيل الكائن الحي ليست سوى ترانزستور يشكل الكائن الحي ليظهره بصورة موافقة لتلك المستقرة في عالم الأرواح أوتلك المرسومة في حقله المورفوجيني وفقاً لنظرية العوامل المورفوجينية التي قال به العالم الروسي الكسندر غارويتشي سنة 1922 . إن ماجرى على بييضة الأرنب تأكد عدم سريانه على كل الكائنات الحية ، إذ أن فصل أحد الخليتين الناتج عن الانقسام الأول لبييضة الدودة الحلقية وحضانتها في الظروف المناسبة لها لم يحقق نمو دودة حلقية كاملة ، ولم ينتج عن حضانتها سوى تكون جزء بسيط من الجنين لم يكن بكافٍ لبدء الحياة ، والسبب في هذا راجع الى احتواء هذه الخلية على معلومات توجيه ثابتة إكتسبتها من الخلية الأم المنقسمة عنها ، ولاتملك هذه الخلية إلا السير وفق هذه الأوامر مهما كانت الظروف التي تمر بها ، حتى وإن كانت هذه الظروف وضعها بعيداً عن غيرها من الخلايا ، الأمر الذي لاينتج عنه إلا تكوين جزئي للجنين ، فالإنقسام في هذا النوع من الكائنات محدد . أما الإنسان فتجدنا نقول بحرية إنقسام خلاياه فكل خلية من خلايا الجنين الناتجة عن انقسام البييضة تحتوي بداخلها معلومات وراثية ، تجعل هذه الخلية تنمو لتكون أحد أعضاء الجنين ؛ فهذه خلية تحمل برنامجاً يجعلها تكون خلايا الدماغ وهذه أخرى تحمل أسس تكوين الجهاز الهضمي وهكذا ... فكل خلية تتطور لتكون العضو المسخرة لبناءه ليكون مجموع الخلايا وتحت سيطرة البرنامج المحدد الذي تحدثنا عنه منذ قليل الجنين الكامل .لكن ماذا سيحدث لو إنفصلت أحد هذه الخلايا عن شقيقتها ؟ هل ستكون نصف جنين؟ ذلك مالانراه . بل إن الواقع يرينا عكسه فالتوائم المتطابقة التي تقابلنا كثيراً ليست غير تطبيق طبيعي لتقنية فصل الخلايا فورأنقسام البييضة ، ففي أحوال الحمل العامة تنقسم البييضة إلى خليتين ، ثم يستمر انقسام هذه الخلايا لتتمايز فيما بعد إلى أعضاء مختلفة لتكون جنيناً واحداً . أما في حالات التوائم المتطابقة فمايحدث بعد انقسام البييضة هو انفصال الخليتان الناتجتان لتنمو كل منهما على حده وتبدأ تنفيذ البرنامج الوراثي لإنشاء قاعدة جنين كامل بواسطة الانقسامات المتكررة ، وتكون النتيجة جنينين متشابهين . الاستنساخ في حياتنا : تشاركنا حياتنا الكثير من الكائنات الحية التي لاتظهر لنا إلا بتعمدنا البحث عنها ، ومن هذه المخلوقات كائن مجهري وحيد الخلية يدعى الأميبا ، يعيش في مياة المستنقعات فيلتقط مايجد فيها من مواد عضوية يحصل منها على الطاقة اللازمة ويدعم بها بناء جسده ، فيزداد حجم الأميبا حتي تطال حجماً معيناً لاتستطيع بعده الاستزادة ، فتنقسم الأميبا إلى خليتين يحتوي كل منهما ذات العدد من الكروموسومات ( المورثات ) ، فالأنقسام هنا لم يستلزم وجود جنس مقابل من الكائن الحي ، أي أنه تم بدون الحاجة إلى وجود ذكر وأنثى من الأميبا، فمجرد أنقسام الخلية أنتج خليتين جديدتين تتمتعان بكامل صفات الكائن الحي، بما فيها التكاثر بذات الطريقة . أما في النباتات والحيوانات فإن حياتها تكاد تكون مستحيلة بدون استنساخ خلاياها بواسطة الانقسام ، إذ أن هذه هي الطريقة الوحيدة لاستمرار نموها ، بل هو لازم لاستمرار حياتها . فالإنسان ينشأ بانقسام خلية واحدة العديد من الانقسامات لتشكل مليارات الخلايا ، ويستمر استنساخ الخلايا في الإنسان طوال حياته لتعويض مايبلى من خلاياه ، إذ يفقد الانسان كل يوم % من مجموع خلايا جسده ، ولو لم يتأتى له تعويض هذه الخلايا لتلاشى خلال أيام . فهذه كريات الدم الحمراء لاتعيش الواحدة منها لأكثر من 120يوماً ، ومايبلى من هذه الخلايا يعوضه الجسد باستنساخه لخلايا جديدة تحمل ذات الصفات ، ومئات خلايا الجلد التي تتلاشى كل يوم يتم استنساخ خلايا أخرى مكانها ، وكذلك الخلايا المبطنة لتجاويف الجسد ، فتعويض هذه الخلايا المفقودة بذات الطريقة (الاستنساخ) تضمن للإنسان أن يعيش رغم فقده لآلاف الخلايا كل يوم . التكاثر بلا تزاوج: الاستنساخ وإن كان يعتمد نوعاً خاصاً من المزاوجة ، إلا أنه لايحتاج في سبيل تحققه لإتمام مراسم الزواج السائده عند الإنسان والحيوان وحتى بعض الكائنات المجهرية . فالإنسان قد حافظ ـ وحتى هذا الوقت ـ على التزاوج كوسيلة لابد منها لإنتاج كائنات جديدة، وكانت الطبيعة سنداً له في ذلك فلم تشذ عن هذه السنة إلا في حالات نادرة كان يقصد من وراءها الإعجاز الإلهي . إلا أن هذا لم يكن حائلاً لاستنساخ كائنات حية عن غير هذا الطريق ، ولم يكن في هذا أيما تحدٍ ، لأن الطبيعة ذاتها كانت تسمح بالتكاثر بوسائل شتى لأنواع مختلفة من الكائنات ، فالتكاثر العذري واللاجنسي والأنقسام البسيط كلها اشكال مثبتة تضمن التكاثر دون اللجؤ إلى الثنائية التقليدية وضرورة الإخصاب . بل أن أجسامنا ذاتها تعتمد هذا الاسلوب بشكل دائم ومستمر ، فخلايا الجلد تهتري منها المئات كل يوم فتتجدد باستنساخ نفسها ، والكبد إذا فني بعض من خلاياه أعاد ترميمها دون الحاجة إلى أي اخصاب ، وكذلك خلايا العضلات وخلايا العظام ، وأي خلية من خلايا جسدك لك أن تتصور لها القدرة على نسخ نفسها ، حتى يطال تفكيرك خلايا الدماغ ، عندها سنضطر لدعوتك للتأمل معنا ... إذ أن خلايا الدماغ وحدها غير قابلة للتجديد فمايموت منها لايعوضه شيء ، بل إن أنقسامها يتوقف منذ الأشهر الأولى لنمو الجنين ، ولنا في هذا الموضوع وقفة أخرى نرجو أن تتحقق . هل يحقق الاستنساخ الخلود: في إحدى التجارب أُخذت خلية من نسيجها ، ووضعت في إناء به سائل مغذي مناسب لطبيعة الخلية ومشابه للوسط الذي كانت تعيش فيه ، فحدثت بهذه الخلية انقسامات عده . أُخذت واحدة من الخلايا الناتجة عن هذه الانقسامات ، وفصلت وحدها في إناء آخر به ذات السائل المغذي لتواصل انقسامها ، فانقسمت هذه الخلية بدورها عدة انقسامات ثم توقفت،أخذت خلية من ناتج الانقسام هذا وفصلت بذات الطريقة السابقة ، فمرت هذه الخلية هي الأخرى بعدد من الانقسامات ثم توقفت . لوحظ من هذه التجربة أن عدد الانقسامات التي تمر بها كل واحدة من الخلايا السابقة يتناسب مع عدد الانقسامات التي شهدتها الخلية الأم والتي كان من نتاج انقسامها الخلية الحاليه موضع التجربة ، وكأن عمر كل خلية من هذه الخلايا محدد بعدد من الانقسامات تمر بها ثم تنتهي ، ولوحظ كذلك وجود علاقة بين عددالانقسامات التي تشهدها الخلية وعمر الكائن المأخوذة منه هذه الخلية ، فالخلية المأخوذة من جنين انقسمت 50 مرة قبل توقفها عن الانقسام ، والخلية المتأتية من شخص بالغ انقسمت 30 مرة وتلك القادمة من الكهل لم يتجاوز عدد انقساماتها 20 انقساماً ، ويتوقف عدد الانقسامات على متوسط عمر الكائن كذلك إذ مرت خلية أُخذت من السلحفاة بعدد114 انقساماً قبل توقفها، ونعلم جميعاً أن السلاحف من الكائنات المعمرة التي يتجاوز عمرها المائة عام . وكانت أفضل الخلايا التي أُعتمد عليها في عمليات الاستنساخ تلك المأخوذة من الأجنة ، أما تلك التي ترجع الى أجساد بالغة فكانت تعترضها معوقات كثيرة تمنع تطورها الى أجنة كاملة، وذلك راجع إلى أن جميع خلايا الشخص البالغ قد استهلكت جُل مقدرتها على الانقسام خلال حياتها ضمن جسد صاحبها ، فلم يعد مقدراً أمامها سوى عدد محدود من الانقسامات ، لايكفي لبناء كائن جديد ، كما أن التعرض لمدة طويلة ( عمر الانسان المأخوذة منه الخلية ) للعديد من العوامل الفيزيائي منها والكيميائي ، لايمكن إلا أن يكون قد خلف حيوداً في البرنامج الوراثي للخلية مما يعيق قدرتها على الانقسام . فالاستنساخ إذاً يستلزم خلايا قادرة على الانقسام ، ولها رصيد جيد من القدرة عليه ، وفي هذا كامل الرد على من يظن بالاستنساخ قدرة على تخليد الانسان ، لأن الاستنساخ ليس إعادة الانسان في ثوب جديد ليعيش حياة جديدة . بل إن مايتولد من بالاستنساخ هو كائن أخر لايمت للكائن الأول سوى بصفة الأبوة والأمومة معاً ، ومشابهته له من الناحية المورفولوجية، أما غير ذلك فهو كينونة أخرى لها روحها المستقلة ، وربما لها حقولها المورفوجينية الخاصة بها . والقول باستنساخ الموتى ، لاشك أنه تنطع بالقول ، فعودة الموتى بعث ، والبعث بيد الله لم يسلم مفاتيحه لأحد ، فبالموت تموت الخلايا ، والاستنساخ لايمكن له أن يتعامل إلا مع ماهو حي ، حتى وإن كان هذا الحي دقيقاً لانراه . وحتى إن تسنى لنا أن نستنسخ خلية من جسد في المراحل الأولى لوفاته ، فليس من المنطق في شيء أن نعتبر هذا المستنسخ هو ذات الميت ، بل هو كينونة جديدة لها روحها الخاصة بها وحقولها المورفوجينية كذلك . آفاق جديده : ماتزال هناك الكثير من العقبات التي تقف حجر عثرة في طريق حرب الإنسان مع المرض ، ولأن الإنسان لما يضع أسلحته بعد ، فإن الاستنساخ يفتح له أبواباً جديدة في هذا المجال ، وبتآزر علم الوراثة الذي قُطع فيه شوطاً لابأس به حتى الأن مع الاستنساخ الذي لم تبان تطبيقاته بعد يمكن أن يتأمل الإنسان الكثير من المستقبل ، فعلم الوراثه وصل الى معرف أسرار بعض الأمراض الوراثية ، وتمكن من تحديد الجينات المعطوبة ، لكنه ظل محتاراً في ايجاد الحل المناسب ، وبظهور الاستنساخ يمكن أن نأمل بإمكانية استبدال أنوية الخلايا المصابة بالخلل الجيني بأنوية سليمة مستخلصة من خلايا نفس المريض ، لتتكاثر هذه الخلايا الجديدة حالة محل الخلايا الغير سليمة ، وبهذه الطريقة يمكن أن نتجاوز عمليات الرفض التي قد تعترض بعض حالات نقل الأعضاء . ويمكننا زرع أنوية مستخلصة من خلايا الإنسان ضمن خلايا أي كائن آخر كالبكتيريا مثلاً لحثها على إنتاج أى مادة نحتاجها في علاج الحالات المرضية كالهرمونات أوالأنزيمات ، فيكون هذا الهورمون أو الانزيم مشابهاً تماماً لما ينتج في جسم الإنسان . وغير هذا كثير من التطبيقات التي يمكن أن تطالها يد العلماء كل في تخصصه ، بمجرد أن يثبت هذا القادم الجديد أقدامه على الأرض . إن كل اختراع أواكتشاف علمي لاشك يمنحنا خطوة تالية إلى الأمام على درب المعرفة الشامله ، أما الاستنساخ فلاشك أنه سيكون الخطوة التي أوصلتنا إلى قمة الهرم لتُظهر لنا دروباً كثيرة ظلت مهملة طيلة الأزمان الماضية .
  مادة إعلانية
 

أدوات الموضوع البحث في الموضوع
البحث في الموضوع:

بحث متقدم
تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز الصور لا تعمل
رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 04:33 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
سبلة العرب :: السنة 25، اليوم 127
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.