وأما الإمام أحمد فقد ثبت عنه ثبوتا أوضح من الشمس أنه كان يرى أن أحاديث الآحاد لا تفيد القطع ، والأدلة على ذلك كثيرة جداً ، أكتفي هنا بذكر اثنين منها:
1- روى أحمد ج2 ص301 حديث رقم 8011 ، والبخاري3604 ومسلم 74 (2917) من طريق أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( يهلك أمتي هذا الحي من قريش ، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله ، قال: لو أن الناس اعتزلوهم )) ، قال عبدالله بن أحمد: ( وقال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم) ، فهذا دليل واضح وحجة نيرة ، على أنه يرى الحديث الآحادي ظني لا يفيد القطع وإلا لما ضرب عليه ، مع العلم بأن هذا الحديث موجود في الصحيحين كما رأيت من تخريجه (1).
____________________
الحاشية:
(1) وكذلك ضعف الإمام أحمد حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم برقم (50) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (( ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ، ويقتدون بأمره ، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف ، يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل )) اهـ.
قال الإمام أحمد كما في (شرح النووي على صحيح مسلم) ج2 ص28 وغيره: ( هذا الحديث غير محفوظ) قال: ( وهذا الكلام لا يشبه كلام ابن مسعود اهـ. وقال ابن الصلاح: هذا الحديث أنكره أحمد بن حنبل ) اهـ ، قلت: والحديثان صحيحان عندنا وما خالفهما –إن لم يكن الجمع بينهما وبينه- باطل مردود ، وليس هذا موضع بيان ذلك والله المستعان.
--------------------------- 11 ----------------------------
|