عرض المشاركة وحيدة
  #17  
قديم 18/10/2006, 02:26 PM
السهم المسدد السهم المسدد غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 08/09/2002
الإقامة: شواطئ الصحراء
المشاركات: 1,007
9- الإشكالات الإقتصادية التي خلقتها الرواية (2-3):

وفق هذه المنظومة الكلّية الجامعة قررت الشريعة الإسلامية أسس البناء الإقتصادي، وقد استطاع المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام أن يصل إلى درجة الإكتفاء الذاتي والقضاء على مظاهر الفقر حتى قام المسلمون بتوزيع ما زاد عن حاجتهم من بيت المال إلى فقراء أهل الذمة وغير المسلمين تآلفا لقلوبهم وتأصيراً لعلاقة الأخوة الإنسانية التي حض الإسلام على تأكيدها ووصلها.

إن أهم ما يميز هذه المنظومة بجانب قدرتها على استعياب جميع أنواع التعاملات الاقتصادية في شتى المجالات: التجارية، والصناعية، والزراعية، هو أنها قادرة على التلائم مع الواقع الإقتصادي المتغير.

إلا أن أهل الحديث ما لبثوا أن انقلبوا على هذه المنظومة، وادخلوا على التشريع الإسلامي مواداً جنحت به بعيداً عن فضاءات الشمول والاتساع وحكرته في زوايا ضيقة من الأحكام الجزئية التي لا تراعي التغير الزماني والمكاني للمجتمعات الإنسانية، سواء أكان ذلك بالجمع غير الواعي للرواية، أو بتوجيهها بعيداً عن الدلالات القرآنية.

هذه الثقافة التجزيئية التي أشاعها أهل الحديث أصابت الاقتصاد الإسلامي بالعطب وعدم القدرة على مجارات التحولات الإقتصادية الهائلة التي تموج بها الحضارة الإنسانية.

ومن نماذج التشريعات الجزئية التي قيدت حركة الاقتصاد الإسلامي بسبب المرويات وسوء التعامل معها:

أولاً: عدم مشروعية الصفقات التجارية ما لم يغادر أحد المتعاقدين مكان العقد!

جاء في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا)([65]). فزعم أهل الحديث أنه يحق لأي طرف من المتبايعين أن يتراجع عن البيع إذا وجد عرضاً آخر أفضل من الأول

ولا يهم ما يقع على الطرف الثاني من خسائر اقتصادية، فحسب أهل الحديث على أحد الطرفين أن يغادر مكان عقد الصفقة حتى لا يتراجع الطرف الآخر عنها!.

أما إذا قدر لهما أن يظلا في نفس المكان لوقت طويل كأن يكونا في سجن أو سفينة أو مركبة فضائية أو حتى طائرة أو قطار أو سيارة فإن العقد يظل معلقاً مهما طار الزمان إلى أن يتفارقا في المكان!

يتبع: