عرض المشاركة وحيدة
  #34  
قديم 24/05/2006, 02:21 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
هشام يونس: الدولة العربية سقطت عندما تحولت من الوحدوية إلى اليسار والعلمانية

الوطن القطرية

اعتبر الدكتور هشام يونس رئيس منتدى الفكر العربي والمختص بالافكار السياسية الحديثة في معهد دراسات الشرق الاوسط والدراسات الاسلامية في لندن ان مشروع الدولة سقط عندما تنكرت الدولة لوعودها الداخلية والخارجية وان هناك وعيا جماعيا ناقما ويشكل تيارات تحت الارض وهو يتحين الفرصة لاسقاط النظام السياسي العربي وعبر عن اعتقاده بأن الفئات الكبرى من الشعب العربي مهمشة بسبب الضغوط الاقتصادية وحلل يونس اسباب سقوط مشروع الدولة العربية بأن العرب عندما تبنوا القومية كانوا معرفيين صادقين وحدويين ثم تأدلجوا وجنحوا لليسار والعلمانية وتنكروا لبعض عناصر الامة المعرفية واهمها الاسلام لكنه اعتبر ان العرب ليسوا بحاجة لعقد اجتماعي جديد لأن العقد القديم لم يستوف شروطه اصلا.

واكد يونس ان الشعب الفلسطيني مارس افضل تجارب العالم العربي المعاصر في الديمقراطية وقال ان التطور الديمقراطي في دول الخليج يجب ان يتم بشكل طبيعي وغير مصطنع ومدفوع وان المفاضلة بين الديمقراطيات الناشئة في دول الخليج والتجارب السابقة لا معنى لها بسبب اختلاف البيئة واعتبر يونس ان لا وجود لمفهوم الاسلام السياسي القادم من الغرب وان الدولة العربية الاسلامية المقبلة لن تكون دولة دينية بالصورة التي قدمها الآخرون كطالبان وغيرهم وطالب رئيس منتدى الفكر العربي في لندن بتعريض الخطاب الاسلامي الذي وصفه بالمتأزم لمنهجية النقد التاريخي.

الوطن التقت الدكتور هشام يونس خلال مشاركته في منتدى التنمية والديمقراطية والتجارة الحرة الذي عقد في الدوحة مؤخرا وكان لها معه الحوار التالي:

تحدثت في مداخلتك امام منتدى التنمية والديمقراطية والتجارة الحرة عن سقوط مشروع الدولة العربية لماذا سقط هذا المشروع وما سبب تشاؤمك تجاه نهضة المشروع مجددا؟

- ان الدولة العربية قطعت وعودا كبيرة على مستوى الداخل لتأمين العدالة الاجتماعية والحقوق للمواطن والزعم بدولة الرخاء الاجتماعي وعلى المستوى الخارجي بحل القضية المركزية في الوعي السياسي العربي وهي القضية الفلسطينية وفشلت الدولة العربية بتحقيق وعودها الداخلية والخارجية فسقطت والدولة في الاصل هي مشروع فكرة ومفهوم وليست جسما ماديا ثابتا وجامدا الا فيما نشهده اليوم في واقع الدولة العربية والدولة العربية شيء متحرك وقائمة على عقد صيرورة اجتماعي فالعقد يجب الا ينتج الدولة وينتهي عند تلك النقطة بل على العكس من ذلك فالنقد الاجتماعي عقد صيرورة.

الكثير من المفكرين العرب تحدثوا عن الحاجة لعقد اجتماعي عربي جديد ما هي اركان هذا العقد برأيك؟

- نحن لسنا بحاجة لعقد اجتماعي جديد، نحن بحاجة للعودة للعقد الاساسي لانه اصلا لم يستوف شروطه ولم يوقع ولم يحصل التفويض فالعقد يقوم على حرية اختيار الجماعة للدولة والامور لم تحصل هكذا بسبب السياسات الخارجية والعوامل الخارجية المحركة للخواتيم التي انتهى اليها العقد الاجتماعي العربي وشكل الدول ونحن لا نستطيع عزل العوامل الخارجية عن تكون وتبلور الدولة العربية.

الحديث عن عقد اجتماعي عربي جديد اذا كان يعني الدعوة الى دولة عربية مختلفة عن ما هي عليه الآن، فنحن بحاجة لعقد جديد ولكنني ازعم ان العقد الاصيل اي الاول انطلق من جماهير عربية لم تكن غبية في الستينيات والخمسينيات وكانت تريد دولة قوية والعرب عندما تبنوا الفكر القومي لم يكون ايديولوجيين بل كانوا معرفيين صادقين وانطلقوا من خلفية منفتحة وعقلية تلقائية وطبيعية وعملية الادلجة تمت بعد ذلك لقد كنا جميعا قوميين لانه ليس لدينا خيار اخر بمعنى اننا وحدويون وادلجة هذا التوجه اسقطت هذا المشروع العربي لأن الادلجة تنكرت لبعض العناصر المعرفية واولها الاسلام واعتقد ان مشروع الجماهير لم يكن مشروعا قوميا بمعنى انه مشروع ايديولوجي مقفل بل هو قومي ولا يزال قوميا حتى الان بمعنى وحدوي وليس بمعنى الانغلاق والادلجة اليسارية التي تمت فيما بعد فالدولة العربية تحولت من دولة قومية الى دولة يسارية وعلمانية وهذا لم يكن خيار الشعوب وهنا سقط المشروع لأن وعدهم لشعوبهم ليس دولة قومية مؤدلجة تنتصر لثقافة يسارية فاذا كنا نرفض التغريب فنحن نرفض ايضا الافكار المسقطة بالعلمنة لاسقاط ا لدين وهذا شيء مفارق لمنظومتنا المعرفية.

بعد التقدم الذي احرزه الاسلاميون في مصر وفلسطين ومظاهر الدولة الدينية في العراق كيف تنظر لمستقبل الدولة الاسلامية او ما يسمى بالاسلام السياسي؟

- ان مصطلح دولة دينية لي عليه بعض الملاحظات فالاسلام عندما ينتصر للدولة فهو لا ينتصر لها لكونها دولة دينية مجردة بل لكونه دينا دنيويا وما نذكره له علاقة باللاهوت فليس لدينا بالاسلام لاهوت وناسوت اي الشيء العلوي والشيء الأرضي الدنيوي ونحن لدينا في الإسلام دولة ودين.

هل تقصد الإسلام السياسي؟

- ان اصطلاح الإسلام السياسي هو مصطلح غربي وتصنيف غربي نابع من عدم فهم الغرب للإسلام، فالإسلام يتضمن كل جوانب وأوجه الحياة، وفي تصنيف الغرب النابع من فهم وخلفية كنسية وذهنية الاستشراق التي ذكرها ادوارد سعيد، والعلماء الغربيون عندما قرأوا الإسلام قرأوه بآليات غربية والآليات الغربية تفكك المعرفة ما بين الديني والوصفي الزمني فخرجوا بمصطلح الإسلام السياسي والإسلام الاجتماعي بينما الإسلام هو كتلة معرفية واحدة ولا يتجزأ وهم معذورون في ذلك والدولة العربية الإسلامـــــية المقبلة لن تكون دولة دينية بالصورة التي قدمها الآخرون مثل طالبان وغيرهم والتي لنا نحن ملاحظـــات عليها.

أنا أتحدث عن الدولة التي قدمها الإخوان المسلمون أو دولة ولاية الفقيه مثلا وليس طالبان؟

- الدولة العربية الإسلامية إذا طبقت ستكون متمايزة وستنطلق من بيئتها المعرفية وإلا ستسقط حتى لو دعمت بقوة شعبية كبيرة لأنها حينذاك ستكون قد خانت جذرها التاريخي والمعرفي وسياستها كما حصل مع الدولة القومية التي تنكرت لوعدها الذي ينتمي لجذر معرفي.

هل تعتقد أن الدول العربية التي قد يحكمها إسلاميون وتحديدا الإخوان المسلمون سيتبعون في حال وصولهم للسلطة ذات اساليب الحكم التي اتبعتها الدولة القومية أو اليسارية مع صورة مختلفة من حيث الشكل؟

علينا ان نكون منصفين فالاخوان المسلمون الذين اتهموا منذ نشأة تنظيمهم بقتل النقراشي باشا تنكروا للعنف ولم يمارسوه وجميع الجماعات التي مارست العنف خرجت من التنظيم لانها لم تستطع ممارسة العنف من خلال الاخوان المسلمين لان العنف هو خلاف عقيدة الاخوان المسلمين.

وحماس مارست العنف دفاعا عن النفس ضمن إطار المقاومة، وهذا العنف أقره البروتوكولان الأول والثاني الملحقان بوثيقة جنيف واللذان يؤكدان على حق المقاومة.

هناك مفكرون ابدوا تفاؤلا وكالوا المديح للتجربة الديمقرراطية الناشئة في دول الخليج ووضعوها في موقع متقدم في احترام حقوق الإنسان والشفافية على تجارب عربية ديمقراطية أكثر عراقة كما في مصر والجزائر وســــــوريا وغيرها من الدول التي تمتـــــلك عناصر ديمقراطية لا تملكها دول الخليج كالبرلمانات المنتخبة والاحزاب والتيارات السياسية التي تشكل الحكومات ما الذي جعل هذه والفكرة تلاقي قبولا ودعما لدى المفكرين العرب؟

ـــ ان مصطلح الديمقراطية مطاط جدا والتوصيف له احتمالات ولكن هناك في الخليج محاولات ومبادرات ومساعي هامة جدا وحتى نضع مفاضلة بين الديمقراطية الناشئة في دول الخليج والتجارب العربية الأخرى فالوقت ما زال مبكرا فالديمقراطية ثقافة وممارسة قبل ان تكون تشريعا وهي وعي جماعي، المنطقة العربية الواقعة على البحر المتوسط والتجارب المبكرة فيها مثل سوريا ولبنان وفلسطين انخرطت منذ وقت مبكر في عملية ثقافية غير موجهة ومنبثقة من مسار تاريخي وهيغل يقدم الديمقراطية على انها روح العالم وعلى انها مسار تلقائي وغير مفتعل وفي الخليج هناك مبادرات محفزة ومشجعة وتأتي ضمن سياق تاريخي جيد ولكن المفاضلة ليس لها معنى لأن كل دولة لها تجربتها النابعة من بيئة خاصة مختلفة عن البيئات الاخرى.

ولا نستطيع ان نقول ان هناك ديمقراطيات في الخليج بسبب وجود التطور الاقتصادي وارتفاع مستوى الدخل الفردي وبالتالي لا نستطيع القول ان هناك ديمقراطية في الامارات العربية المتحدة اكثر من لبنان فالديمقراطية فهم وثقافة ووعي وسيمر وقت طويل جدا حتى نشهد تجربة كالتي خاضها الشعب الفلسطيني لان التجربة لم تكن يسيرة وحدثت بهدوء هائل والشعب الفلسطيني مارس افضل تجارب العالم العربي المعاصرة في الديمقراطية.وينبغي الحذر من المفاضلة بين هذه التجارب والتجارب الاخرى الناشئة لذلك لا نستطيع عند بعض مظاهر التقدم الاقتصادي ان نقول ان هذا تقدم ديمقراطي يمكن ان يساعد المواطنين ويخفف من الضغط الاقتصادي ويتيح لهم القدرة على التعبير لكن ذلك غير كاف للتعبير عن عملية ديمقراطية سليمة، ان بعض انظمة الحكم بحاجة لتطوير اكبر، هناك تجارب لافتة لكن هذه الانظمة بحاجة للتطور الذي يجب ان يسير في اطاره الطبيعي وليس بشكل مصطنع ومدفوع وهذه نقطة مفصلية في التطور الديمقراطي في دول الخليج وغيرها من بلدان العالم العربي.

هل تعتقد ان الشعوب العربية تحسست الخطوط الحمراء بما يكفي تجاه المطالب الديمقراطية ام انها مقصرة بالمطالبة ولا تثق بامكانية حصول تغيير حقيقي وبالتالي تتعامل مع القضية بسلبية؟

- الشعوب غير متاح لها ممارسة مسؤوليتها كاملة فلدى المواطن العربي هم آخر فالمواطن العربي يبحث عن العمل اولا وليس عن حقوقه السياسية فهناك ازمة وضغط اقتصادي فضلا عن الضغط السياسي فالمواطن العربي لا يعبر بشكل صريح عما يختلجه من طموحات وآمال وهو محبط وليس من اولوياته الحقوق السياسية ويعتبر ان ازمة حياته اليومية اهم لان هناك العديد من الفئات التي اذا لم تعمل في يومها فلن تجد قوتها لليوم الآخر وهذه الشرائح الهائلة تستنكف عن المشاركة فاذا نزلت الى تظاهرة للمطالبة بالحقوق السياسية فلن تستطيع العمل والانظمة الاستبدادية التاريخية مارست هذه اللعبة من خلال وضع هذا الكفاف اليومي لدخل مواطنيها حتى لا يجرؤ المواطنون على التفكير بتغيير النظام فالسلطة الاستبدادية تمارس الحكم باعتبارها ظل الله على الارض ومن غير الممكن ان تناقش او تجادل والجماهير العربية تعرف حجم السطوة التي يمارسها هذا النظام في ظل الازمة الاقتصادية.

هناك وعي جماعي عربي يتشكل وهو وعي ناقم مشكل لتيارات تحت الارض تلتقي وهذا الوعي يتحين الفرصة لاسقاط النظام السياسي ولكن امام ضغط الوضع الاقتصادي لا يستطيع النهوض وهنا تأتي ثقافة الثورة وبالحقيقة فان ثقافة الثورة في العالم العربي وحركات المقاومة مثل حماس وحزب الله وغيرهما لم تتبن العنف المسلح لاسقاط النظام لذلك فالشعب الذي كان بحاجة لحركات كي تقوده لم يجد قيادات والتيار الاسلامي الذي هو يشكل الخصم او المعارضة للأنظمة القائمة لم يتبن العنف المسلح ونحن نتحدث هنا عن حركات المقاومة لأن المجموعات المسلحة الأخرى نحن بحاجة لدراستها بشكل منفصل ومعمق لأننا لم نفهمها بالشكل الصحيح، ولا أحد يدعي ذلك ونحن لا نعرف لماذا تمارس هذه الجماعة أو تلك القتل ضد المدنيين، فعلى الانترنت ألاحظ من خلال كتابات البعض مقدمات فقهية لممارسة العنف المسلح ضد المدنيين لذلك فأنا أؤمن بتعريض الخطاب الإسلامي لمنهجية النقد التاريخي لأن هناك بعض الفتاوى التي تتبناها جماعات العنف المسلح قد صدرت في لحظة تاريخية معينة وخضعت لمقدمات تاريخية لا تنطبق على ذات الواقع الحالي وذلك بعكس أزمة الخطاب الإسلامي الذي بات بحاجة لتعريضه لمنهج نقدي تاريخي كي نستطيع تهذيبه من الشوائب التي علقت به وإعادة توصيفه وتعريفه ضمن سياقه التاريخي عندها تبرز لدينا التجربة الإسلامية الأصلية فهل كانت الدولة الإسلامية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ذاتها الدولة التي كانت في عهد الخلفاء الراشدين وفي عهدي الدولة العربية الأموية والعباسية، ذلك نحن لدينا ثلاث حقب متمايزة للدولة الإسلامية ورغم ذلك نطلق عليها جمعيها اسم دولة إسلامية رغم الخلافات الجدية التي ظهرت في شكل مؤسسات الدولة التي تحولت لملكيات مثل الدولتين العباسية والأموية، علينا الاعتراف بوجود مشكلة هذا لمصلحتنا أولا وقبل أن يكون الهدف جعل الغرب يتفهمنا وينتقدنا بصورة صحــــــيحة والهدف بالطبع ليس إرضاء الغرب.