عرض المشاركة وحيدة
  #11  
قديم 16/05/2006, 01:38 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
أخبار ومواقف
حسين شبكشي

في اسبوع واحد اطلع القراء السعوديون في صحف بلادهم على خبرين ينتميان الى خانة الأخبار المضحكة، كان الخبر الأول خبرا بسيطا مفاده أن «جهة مسؤولة» قامت بمعاقبة وتوقيف أحد الأئمة جراء استخدامه لجهاز الحاسب الآلي المحمول خلال القائه لخطبة الجمعة في إحدى المدن السعودية، والخبر الثاني: كان عبارة عن تحقيق صحافي موسع يبين فيه عدم قيام الغالبية العظمى من مأذوني عقد القران بسؤال الزوجة عن موافقتها على العريس وشروط الزواج والاكتفاء برأي الولي لما في ذلك من «إحراج اجتماعي» وكسر ومنافاة «للعادات والتقاليد» بالرغم من أن هذا الأمر يعتبر مخالفة صارخة لأوامر الشريعة. وطبعا الخبر الأول أعاد الى الاذهان المآسي البائسة التي يتذكرها الكثيرون لآراء دينية حرمت التلغراف والسيارة والدراجة والساعة والكبك والمذياع والتلفاز والطيارة وتعليم اللغة الانجليزية والانترنت والهاتف الجوال بالكاميرا، كل ذلك طبعا يعتمد على المفردة الجاهزة لمواجهة واعتراض كل جديد وهي (البدعة). وطبعا القصور البين في فهم معنى البدعة هو الذي جعل هذا النوع من الآراء لا يقبل أبدا ويكون بالتالي عرضة للسخرية والانتقاد.
عدم النظر الى المستجدات من الأمور بعين ملؤها حسن الظن كان سببا ولا ريب في إساءة الحكم على أمور كثيرة وأشخاص عديدين. فهذا الكمبيوتر كما قال هو «وسيلة مساندة» مثله مثل المايكرفون أو المكيف أو المروحة أو اللمبات الكهربائية التي تملاْ المساجد في العالم كله. أما موضوع عدم سؤال المرأة عن رأيها وموافقتها أو رفضها لزوج المستقبل بسبب العادات والتقاليد والاحراج الاجتماعي، وتفضيل هذا السبب على ممارسة تطبيق الحق الشرعي المكفول للزوجة، فهو يوضح بشكل بيِّن كيف أن روح الاسلام الحقيقية تبقى أكثر سماحة وصدقا من الممارسات الجاهلية التي لا تزال بيننا، ممارسات حولت المرأة الى كائن مهمش، لا يؤخذ رأيها في أمر يعنيها ويمس حياتها بصورة مباشرة.
القصتان الخبريتان اللتان نشرتا في الصحافة السعودية تجسدان وبلا شك حجم المأساة التي يعيشها العالم الاسلامي وانتشار فوضى الفتاوى فيه والسكوت على التجاوزات المهينة بحق مختلف العناصر الاجتماعية، كل ذلك ولد نوعا من تقلص الثقة في الافتاء بشكل عام ومن بعض الممارسات المطبقة. فكيف من الممكن قبول ومعاقبة إمام لاستخدامه جهاز حاسب آلي والسكوت على من أوقف هذا الإمام، وفي نفس الوقت ولسنوات طويلة كان مأذونو الأنكحة «يخطئون» في حق السيدات بدون مراجعة موافقتهن والتأكد من ذلك، وبدون معاقبةٍ لمن خالف أو موقفٍ إلزامي من المسؤولين عنهم ؟ هذا النوع من الأخبار لم يعد من الممكن قبوله وتركه بدون نقد حاد ووقفة حازمة أمام هذا الهزل والسخف الممارس باسم الدين العظيم. ضحالة العلم والجهل بروح الدين من الممكن أن يولدا مخالفات أكثر من ذلك .
كل الأمل أن تحصل النقلة المطلوبة التي طال انتظارها للتعامل بحزم متساوٍ لأن الأمر وصل الى درجة لا يمكن السكوت عليها.
الشرق الاوسط