عرض المشاركة وحيدة
  #6  
قديم 16/05/2006, 11:13 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
الرأي اليوم / نقطة نظام
في قاعة عبد الله السالم، تحت قبة «ابو الدستور»، منبر التوافق الديموقراطي بين الكويتيين حول شكل النظام والسلطة والدولة، درة التطور السياسي الذي رصع مسيرتنا في المنطقة، قبلة الباحثين عن الحريات والحقوق، صمام امان الديرة التي ما عانت من ازمة الا وكان الدستور سدا عاليا وكانت المشاركة السياسية دائرة التفاف واحتضان,,, في قاعة عبد الله السالم، حصل ما حصل امس وليته لم يحصل وليته لا يتكرر.
وحتى لا يفهم احد كلامنا خطأ، نؤكد اننا هنا لا نتحدث عن دوائر او مشاريع قوانين او الحكومة او النواب او مؤسسات المجتمع المدني، فحق الحكومة ان تبادر وتقرر وحق المجلس ان يعترض ويوقف، وبين الحقين المتبادلين ساحة مشروعة للهجوم والدفاع والمناورة والتكتيك وتوزيع الادوار وغيرها من الصور التي ملأت يومياتنا منذ عقود,,, ساحة متبادلة لان يقول الوزير رأيه ويقول النائب رأيه,,, ساحة متبادلة للسؤال والاستجواب والرد والصراخ والصياح والشعر والنثر، لكن الفيصل في كل هذا المشهد الصاخب هو الدستور والقوانين، فالمناورات السياسية تتوقف عند هذه الحدود، وتجاوز هذه الحدود لا حدود له, هذا ما قصدناه بصمام الامان.
امس، خرجت الامور عن «وتيرتها الكويتية»,,, لم يكن المشهد مألوفا في قاعة عبد الله السالم, أن تصوت الحكومة او لا تصوت فهذا شأنها وهذا حقها, ان يعترض نواب او ينسحبوا او يقاطعوا او حتى يعطلوا فهذا شأنهم ايضا وهذا حقهم, لكن ان تتحول حركة شبابية وطنية متحمسة ومخلصة تملك تصورا حول شكل الدوائر الى حركة تظاهر داخل قاعة عبد الله السالم تخللتها الفاظ جارحة وشعارات نافرة واستهدافات شخصية لوزراء ومسؤولين بشكل ادى الى تعطيل جلسة الامس وتحويلها الى مهرجان سياسي,,, فهذا ليس من الحقوق ولا من الواجبات ولا شكل قانونيا او دستوريا له.
بوضوح اكثر، نحن مع هذا الحراك السياسي لجيل شاب، ونحن اول من كتب عنه وامتدحه واعتبر ان مشاركته خير لمستقبل الديموقراطية في الكويت، ولكننا لا نريد لهذا الحراك ان يجرف هؤلاء الشباب الى مسالك اخرى تتفق في الظاهر مع قناعاتهم وتختلف في الواقع عنها، نريدهم ان يطبقوا افكارهم وما يؤمنون به لا ان ينفذوا «أجندات» خاصة لاي جهة، نريدهم ان يحملوا معتقداتهم بيد والنظام والقانون والدستور باليد الاخرى، نريدهم ان يستمروا في التحرك الحضاري الراقي الذي يشبههم ويشبه تربيتهم وسلوكهم ولا نريد لالفاظ نابية من هنا او صراخ من هناك ان يغطي وجوههم الجميلة، نريدهم ان يستمروا في التعبير بقوة وارادة وصلابة عما يؤمنون به ولا نريدهم ان يقوموا بعمل خاطئ في لحظة يعلمون كيف بدأت لكنهم قد لا يعلمون كيف ستنتهي.
بوضوح اكبر,,, الأمن والنظام والدستور والقوانين والاستقرار والوحدة الوطنية والديموقراطية والحريات هي سقف اي تحرك وحدود اي مسار مهما تباينت الآراء حوله, وما حدث امس في قاعة «ابو الدستور» اساء لهذه الحدود كما اساء لمرتكبيها، وما يهمنا هو مشاركة ابنائنا في الشأن العام من ابوابه النظيفة كباب القاعة التي دخلوا منها، لا اقحامهم في امور قد تجر الى ما هو اسوأ وتحميلهم بالتالي اوزارها.
لا نتحدث عن حكومة، لا نتحدث عن نواب، فبينهما لغة خاصة مشتركة مهما تباينت النيات، نتحدث عن محاولة قلة خطف تحرك شبابي نظيف في التوقيت المدروس والمكان الخطأ,,, ولا نعتقد ان كويتيا واحدا مخلصا يريد لهذه المحاولة ان تنجح.

جاسم بودي (رئيس تحرير الرأي العام الكويتية)