عرض المشاركة وحيدة
  #19  
قديم 12/11/2006, 01:19 PM
حامي المعبر حامي المعبر غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ الانضمام: 18/10/2006
المشاركات: 30
عليك بهذه الأيه

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

سورة البقرة – آية 153

صفوة التفاسير

الشيخ محمد علي الصابوني

أي استعينوا على أمور دنياكم وأخرتكم بالصبر والصلاة، فبالصبر تنالون كل فضيلة وبالصلاة تنتهون عن كل رذيلة، إن الله مع الصابرين بالنصر والمعونة والحفظ والتأييد.

تفسير ابن كثير

لما فرع تعالى من بيان الأمر بالشكر, شرع في بيان الصبر والإرشاد والاستعانة بالصبر والصلاة, فإن العبد إما أن يكون في نعمة فيشكر عليها, أو في نقمة فيصبر عليها كما جاء في الحديث «عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له: إن أصابته سراء فشكر كان خيراً له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له», وبين تعالى أن أجود ما يستعان به على تحمل المصائب الصبر والصلاة كما تقدم في قوله: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}, وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر صلى, والصبر صبران فصبر ترك المحارم والمآثم وصبر على فعل الطاعات والقربات, والثاني أكثر ثواباً لأنه المقصود. وأما الصبر الثالث وهو الصبر على المصائب والنوائب, فذلك أيضاً واجب كالاستغفار من المعايب, كما قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الصبر في بابين: الصبر لله بما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان, والصبر لله عما كره وإن نازعت إليه الأهواء, فمن كان هكذا فهو من الصابرين الذين يسلم عليهم إن شاء الله, وقال علي بن الحسين زين العابدين: إذا جمع الله الأولين والاَخرين ينادي مناد, أين الصابرون ليدخلوا الجنة قبل الحساب ؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتتلقاهم الملائكة فيقولون: إلى أين يا بني آدم ؟ فيقولون: إلى الجنة, فيقولون: قبل الحساب ؟ قالوا: نعم, قالوا: ومن أنتم ؟ قالوا: نحن الصابرون, قالوا: وما كان صبركم, قالوا: صبرنا على طاعة الله وصبرنا عن معصية الله حتى توفانا الله, قالوا: أنتم كما قلتم ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين (قلت) ويشهد لهذا قوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} وقال سعيد بن جبير: الصبر اعتراف العبد لله بما أصاب منه, واحتسابه عند الله رجاء ثوابه وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر.

وقوله تعالى: {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء}, يخبر تعالى أن الشهداء في برزخهم أحياء يرزقون, كما جاء في صحيح مسلم: أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش, فاطلع عليهم ربك إطلاعة, فقال: ماذا تبغون ؟ فقالوا: يا ربنا وأي شيء نبغي, وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ؟ ثم عاد عليهم بمثل هذا فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا, قالوا: نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نقتل فيك مرة أخرى ـ لما يرون من ثواب الشهادة ـ فيقول الرب جل جلاله: إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون.

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن الإمام الشافعي عن الإمام مالك عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه» ففيه دلالة لعموم المؤمنين أيضاً وإن كان الشهداء قد خصصوا بالذكر في القرآن تشريفاً وتكريماً وتعظيماً.

في ظلال القرآن

سيد قطب

ولقد ذكر المسلمون الله فذكرهم , ورفع ذكرهم , ومكنهم من القيادة الراشدة . ثم نسوه فنسيهم فإذا هم همل ضائع , وذيل تافه ذليل . . والوسيلة قائمة . والله يدعوهم في قرآنه الكريم: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) . .

بعد تقرير القبلة , وإفراد الأمة المسلمة بشخصيتها المميزة , التي تتفق مع حقيقة تصورها المميزة كذلك . . كان أول توجيه لهذه الأمة ذات الشخصية الخاصة والكيان الخاص , هذه الأمة الوسط الشهيدة على الناس . . كان أول توجيه لهذه الأمة هو الاستعانة بالصبر والصلاة على تكاليف هذا الدور العظيم . والاستعداد لبذل التضحيات التي يتطلبها هذا الدور من استشهاد الشهداء , ونقص الأموال والأنفس والثمرات , والخوف والجوع , ومكابدة أهوال الجهاد لإقرار منهج الله في الأنفس , وإقراره في الأرض بين الناس . وربط قلوب هذه الأمة بالله , وتجردها له , ورد الأمور كلها إليه . . كل أولئك في مقابل رضى الله ورحمته وهدايته , وهي وحدها جزاء ضخم للقلب المؤمن , الذي يدرك قيمة هذا الجزاء . .

الدرس الأول:153:التوجيه إلى زاد الصبر والصلاة

(يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة . إن الله مع الصابرين). .

يتكرر ذكر الصبر في القرآن كثيرا ; ذلك أن الله سبحانه يعلم ضخامة الجهد الذي تقتضيه الاستقامة على الطريق بين شتى النوازع والدوافع ; والذي يقتضيه القيام على دعوة الله في الأرض بين شتى الصراعات والعقبات ; والذي يتطلب أن تبقى النفس مشدودة الأعصاب , مجندة القوى , يقظة للمداخل والمخارج . . ولا بد من الصبر في هذا كله . . لا بد من الصبر على الطاعات , والصبر عن المعاصي , والصبر على جهاد المشاقين لله , والصبر على الكيد بشتى صنوفه , والصبر على بطء النصر , والصبر على بعد الشقة , والصبر على انتفاش الباطل , والصبر على قلة الناصر , والصبر على طول الطريق الشائك , والصبر على التواء النفوس , وضلال القلوب , وثقلة العناد , ومضاضة الاعراض . .

وحين يطول الأمد , ويشق الجهد , قد يضعف الصبر , أو ينفد , إذا لم يكن هناك زاد ومدد . ومن ثم يقرن الصلاة إلى الصبر ; فهي المعين الذي لا ينضب , والزاد الذي لا ينفد . المعين الذي يجدد الطاقة , والزاد الذي يزود القلب ; فيمتد حبل الصبر ولا ينقطع . ثم يضيف إلى الصبر , الرضى والبشاشة , والطمأنينة , والثقة , واليقين .

إنه لا بد للإنسان الفاني الضعيف المحدود أن يتصل بالقوة الكبرى , يستمد منها العون حين يتجاوز الجهد قواه المحدودة . حينما تواجهه قوى الشر الباطنة والظاهرة . حينما يثقل عليه جهد الاستقامة على الطريق بين دفع الشهوات وإغراء المطامع , وحينما تثقل عليه مجاهدة الطغيان والفساد وهي عنيفة . حينما يطول به الطريق وتبعد به الشقة في عمره المحدود , ثم ينظر فإذا هو لم يبلغ شيئا وقد أوشك المغيب , ولم ينل شيئا وشمس العمر تميل للغروب . حينما يجد الشر نافشا والخير ضاويا , ولا شعاع في الأفق ولا معلم في الطريق . .

هنا تبدو قيمة الصلاة . . إنها الصلة المباشرة بين الإنسان الفاني والقوة الباقية . إنها الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الذي لا يغيض . إنها مفتاح الكنز الذي يغني ويقني ويفيض . إنها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير . إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة , إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود . . ومن هنا كان رسول الله [ ص ] إذا كان في الشدة قال:" أرحنا بها يا بلال " . . ويكثر من الصلاة إذا حزبه أمر ليكثر من اللقاء بالله .

إن هذا المنهج الإسلامي منهج عبادة . والعبادة فيه ذات أسرار . ومن أسرارها أنها زاد الطريق . وأنها مدد الروح . وأنها جلاء القلب . وأنه حيثما كان تكليف كانت العبادة هي مفتاح القلب لتذوق هذا التكليف في حلاوة وبشاشة ويسر . . إن الله سبحانه حينما انتدب محمدا [ ص ] للدور الكبير الشاق الثقيل , قال له:

(يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا . نصفه أو انقص منه قليلا . أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا . . إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا). . فكان الإعداد للقول الثقيل , والتكليف الشاق , والدور العظيم هو قيام الليل وترتيل القرآن . . إنها العبادة التي تفتح القلب , وتوثق الصلة , وتيسر الأمر , وتشرق بالنور , وتفيض بالعزاء والسلوى والراحة والاطمئنان .

ومن ثم يوجه الله المؤمنين هنا وهم على أبواب المشقات العظام . . إلى الصبر وإلى الصلاة . .

ثم يجيء التعقيب بعد هذا التوجيه: (إن الله مع الصابرين). .

معهم , يؤيدهم , ويثبتهم , ويقويهم , ويؤنسهم , ولا يدعهم يقطعون الطريق وحدهم , ولا يتركهم لطاقتهم المحدودة , وقوتهم الضعيفة , إنما يمدهم حين ينفد زادهم , ويجدد عزيمتهم حين تطول بهم الطريق . . وهو يناديهم في أول الآية ذلك النداء الحبيب: يا أيها الذين آمنوا . . ويختم النداء بذلك التشجيع العجيب: (إن الله مع الصابرين).

والأحاديث في الصبر كثيرة نذكر بعضها لمناسبته للسياق القرآني هنا في إعداد الجماعة المسلمة لحمل عبئها والقيام بدورها:

عن خباب بن الأرث - رضي الله عنه - قال:شكونا إلى رسول الله [ ص ] وهو متوسد بردة في ظل الكعبة . فقلنا:ألا تستنصر لنا ? ألا تدعو لنا ? فقال:" قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض , فيجعل فيها , ثم يؤتى بالمنشار , فيوضع على رأسه فيجعل نصفين , ويمشط بأمشاط الحديد.

نقله إليكم العبد الفقير إلى الله

حامي المعبر