عرض المشاركة وحيدة
  #38  
قديم 29/05/2006, 09:58 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
افتتاحية الخليج

التآكل المعنوي للسمعة الأمريكية


نشرت الصحف الأمريكية خبراً يؤكد أن كتيبة من المارينز قتلت أربعة وعشرين عراقياً مدنياً، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال في مدينة حديثة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وقد بدا من الصور التي التقطها محقق أمريكي أن قتل بعض هؤلاء قد تم بطريقة الإعدام. وأبدى من اطلع على مجريات التحقيق أن الصور تظهر أن الكتيبة الأمريكية “عانت من انهيار كامل في المعنويات والقيادة أدى إلى نتائج مريعة”. كما بعثت الجريمة المقارنة مع أسوأ ما حصل في فيتنام.

ولعل هذه الجريمة تؤكد أموراً كثيرة آن الوقت للإدارة الأمريكية أن تستوعب دروسها. فحربها مكلفة اقتصادياً، وعسكرياً، وسياسياً، ومعنوياً. وإذا كانت التكلفة السياسية والاقتصادية والعسكرية والسياسية واضحة للعيان إلى حد كبير، فإن خسائرها الأخلاقية والمعنوية، وإن أصبحت تؤثر في قدرتها على التحرك في العالم، لكن آثارها البعيدة المدى قد تكون أقسى بكثير.

فما عاد باستطاعتها أن توحي بأن هذه الفضيحة استثناء في سجل احتلالها كما لم يكن أبو غريب أيضاً فريداً في طريقة التعامل مع السجناء. فمنذ احتلال العراق سقط عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين. ولم يكن الكثير ممن قتلوا ضحايا “عرضيين” للحرب، إذ إن الشواهد من الفلوجة والرمادي وتلعفر وغيرها تري أن جرائم على غرار ما جرى في حديثة قد ارتكبت. فهذه الجريمة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ما دام الاحتلال قائما.

ومثل هذه الجرائم تثير حنق العالم بحد ذاتها وبدلالتها. فهي تغضب لأنها تنتهك قوانين الحرب، وهي تغضب لأنها تبين للعالم كيف تضع الولايات المتحدة نفسها خارج القانون الدولي. فقد جرت عادتها أن تصنع محاكم دولية لمن يرتكب مثيلا لها، وتأبى أن يمثل جنودها أمام المحاكم الدولية حينما يرتكبونها. ولعل أفضل مثال على تأثير ذلك ردود الفعل من أصدق حلفاء أمريكا حيث جاء على لسان رئيس هيئة الدفاع البريطانية مارشال الجو السير جوك سترآب أن “التقارير الفظيعة عن المذبحة قد تضعف الدعم البريطاني للحرب”.

فإذا كان هذا رأي حليفة أمريكا فما سيكون عليه رأي العرب والمسلمين وبلدان العالم الأخرى؟ وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تحصل على الدعم لسياساتها ولمصالحها؟

لقد كانت الحرب كارثة على العراق والمنطقة وعلى الولايات المتحدة نفسها، وقد حان الوقت لكي تعمل على إنهاء احتلالها. لقد كانت الحرب الخطأ الأكبر إلى جانب آلاف الأخطاء التي ارتكبتها خلالها، كما اعترف مسؤولوها، وسيكون التلكؤ بالانسحاب يعادل كل ما ارتكبت من أخطاء، وذلك لأنها قد تضطر للانسحاب تحت ضغط الظروف مما يلحق أضراراً رهيبة بالاستقرار في العراق وفي المنطقة. وهي لن تخدم مصالحها حينذاك، بقدر ما تؤذيها ليس على مستوى المنطقة بل العالم بأسره.