عرض المشاركة وحيدة
  #20  
قديم 22/09/2004, 09:45 PM
المصعبي المصعبي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 03/06/2004
المشاركات: 323
الفرق بين الإباضية والخوارج



ـ أسباب الخلط بين الإباضية والخوارج:

كثر الخلط والتهريج حول نسبة الإباضية إلى الخوارج ويظهر التكلف سافرا في جعل الإباضية فرقة من فرق الخوارج ، وإطلاق لفظ الخوارج على الإباضية أهل الحق والإستقامة من الدعايات الفاجرة التي نشأت عن التعصب السياسي أولا، ثم عن المذهبي ثانيا على أنه ليست ثمة علاقة تربط الإباضية والخوارج - الأزارقة ، والصفرية ، والنجدية- وغيرها من فرق الخوارج وإنما هي دعاية استغلتها الدولة الأموية لتنفير الناس عن الذين ينادون بعدم شرعية الحكم الأموي .


كما أن جعل المحكمة "أهل النهروان " - الذين هم سلف للإباضية- وليسوا سلفا للأزارقة والصفرية والنجدية من الخوارج هو من وضع الواضعين ، ومن صنيع أرباب الأقلام المغرضة ، مع أن الخوارج يسيرون في خط معاكس مع الإباضية ، يتضح ذلك من خلال المبادئ والأسس التي يقوم عليه مذهب كل من الفريقين .


وقبل أن نعرج على أوجه الاختلاف بين الإباضية والخوارج نبين مفهوم الخوارج.

ـ تعريف الخوارج:

هم الذين مرقوا من الدين وخرجوا على المسلمين بقتلهم واستباحة أموالهم وسبي ذراريهم ،وهذا ينطبق على الأزارقة ومن سار على نهجهم قديما وحديثا ،وقيل هم الذين خرجوا عن علي بن أبي طالب وهو الخروج السياسي كما حدث من الزبير وطلحة ومعاوية وعمرو وعائشة يوم الجمل وصفين، وقيل هم الذين خرجوا عن علي في حروراء والنهروان ومن انتمى إليهم فيما بعد وهذا أشهر التعريفات، مع أن أهل النهروان لم يخرجوا عن علي في خلافتـه وإنما بعـد خلعه لنفسه ؛بقبوله التحكيم ، وبعضهم يعرفه كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه، وقيل كل من خرج في سبيل الله غازيا .



قال الشيخ السالمي: (واعلم أن اسم الخوارج كان في الزمان الأول مدحا لأنه جمع خارجة، وهي الطائفة التي تخرج للغزو في سبيل الله، قال تعالى "ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة " ثم صار ذما لكثرة تأويل المخالفين أحاديث الذم فيمن اتصف بذلك آخر الزمان،ثم زاد استقباحه حين استبد به الأزارقة والصفرية، فهو من الأسماء التي اختفى سببها وقبحت لغيرها، فمن ثم ترى أصحابنا لا يتسمون بذلك وإنما يتسمون بأهل الإستقامة لاستقامتهم في الديانة).


ـ أوجه الاختلاف بين الإباضية وما ينسب إلى الخوارج :

ـ الخوارج اعتبروا أنفسهم المؤمنين المستخلفين في الأرض، وأعدائهم مشركين.
ـ أباحوا دماء المسلمين وأموالهم في السر والعلانية .
ـ يكفرون القاعد عن قتال المسلمين معهم.
ـ يشركون المصر على الكبيرة و الصغيرة .
ـ يمتحنون من يلتحق بهم ليتأكدوا من موافقته لهم.
ـ يعتقدون جواز أن يبعث الله رسولا وهو يعلم بكفره قبل بعثته أو بعدها.
ـ يستحلون دماء أهل العهد والذمة والمسلمين المخالفين لهم.
ـ يعتقدون التعذيب للمؤمنين بغير النار ،ثم يدخلون الجنة.
ـ يتولون أصحاب الكبائر منهم.
ـ لا حاجة للإمام ويكفي التناصح بين الناس.
ـ الإنسان يخلق أفعاله تفويضا من الله.
ـ القدر خيره وشره من العبد.
ـ المقيم في بلاد الكفر كافر ،لا يسعه إلا الخروج منها .
ـ تجب البراءة من الطفل حتى يدخل الإسلام .
ـ تجوز التقية ولو في قتل نفس.
ـ ينكر بعضهم سورة يوسف ويزعمون أنها قصة.
ـ يجيز بعضهم نكاح بنات البنت ،وبنات الأولاد.
ـ نسبة الجهل لخالق الأشياء قبل خلقها.
ـ تؤدي الحائض جميع الشعائر الدينية .
ـ أسقطوا الحدود التي لم ترد في القرآن مثل رجم الزاني .
ـ أباحوا قتل أطفال غيرهم واعتبروهم خالدين في النار .
ـ من اعتقد اعتقادهم فمصيره الجنة قطعا من غير شك.
ـ اعتقاد الإيمان دون القول والعمل .
هذا ملخص ما ينسب إليهم ،والإباضية بخلاف ذلك كله.


يقول الشيخ /فرحات الجعبيري في البعد الحضاري:"ملاحظة:لابد من التحري في أخبار نافع بن الأزرق وجماعته،وحتى المصادر الإباضية انساقت مع جميع كتب التاريخ في التهجم على الأزارقة ،ولعلها كانت أشد لأن المنطلق واحد ثم كان الافتراق بعد اجتماع البصرة".





يقول الشيخ أبو إسحاق إبراهيم إطفيش في كتابه "الفرق بين الإباضية والخوارج"(بتصرف) :
"لما كان هؤلاء الخوارج من منكرة التحكيم فقد تولى كثير ممن ينتمون إلى المذاهب العديدة إدماج الإباضية في هؤلاء الخوارج ظلما وعدوانا والسبب في ذلك :-

أ) أن أصحابنا الإباضية يرون الملك العضوض لا تجب طاعته ، بل الواجب أن يكون الحكم على منهاج الخلفاء الراشدين ، ولا يشترط أن تكون الخلافة في قريش، ويجوز الخروج على الحاكم الموجود إذا كان غير ملتزم بتعاليم الإسلام الحنيف، ولكن ذلك بحكمة و قـوة لا بتـهور وعنف ،فهم يرون الخلافة الإسلامية فرض واجب إذا كملت شروطها لأن هدفهم الأساسي إقامة شرع الله في الأرض.


والإباضية يلجأون إلى الكتمان عندما يرون تسلط الطغاة وليس لديهم القدرة لمقاومتهم، وفائدة هذه المرحلة والمسلك الذي يسلكه الإباضية في نظام الحكم هو نشر الوعي، فإذا شعروا أنهم أصحاب قوة وبلغوا نصف عدوهم بناء على قوله تعالى "فإن يكن منكم مائة يغلبوا مائتين" في ذلك الحين يرى الإباضية بوجوب مبايعة خليفة للمسلمين ، إذن يتبين لنا جواز الخروج على الحاكم الجائر وليس واجبا كما تقول الخوارج ولا ممنوعا كما يقول الأشاعرة والسلفية وإنما هو جائز بترجح استحسان الخروج إذا غلب الظن نجاحه ، ويستحسن البقاء تحت الحكم الظالم إذا غلب على الظن عدم نجاح الخروج أو خيف أن يؤدي إلى مضرة تلحق بالمسلمين أو تضعف قوتهم على الأعداء في أي مكان من بلاد الإسلام .


فخلط من خلط من أتباع المذاهب الأخرى بين الخوارج القائلة بوجوب الخروج على الحاكم الجائر ، والإباضية الذين يقولون بجواز ذلك ولكن بدقة ونظام وقوة وعلم لا تهور وفوضى .


ومع ذلك تجد الإباضية لم يسلوا السيف على أحد من أهل التوحيد حتى عند اشتداد الأزمة من قبل بعض الطغاة كالحجاج بن يوسف الثقفي وزياد بن أبيه الذين اشتدوا في مطاردة المسلمين لمجرد الظنه ، ولكن الأغرب عندما تخرج فئة من المسلمين بقيادة كبارمن العلماء كسعيد بن جبير والنخعي ضد بني أمية لايطلق عليهم خوارج،بل يطلق عليهم اسم التوابين فلماذا هذا التجاهل والتخبط والخلط والتعصب المقيت؟! .


فالإباضية كما ذكرت يبتغون الخلافة الراشدة والعدل واتباع نهج الخلفاء الراشدين سواء قام بالأمر قريشي أم حبشي ، أم أعجمي ؛ لهذا عندما تولى سادس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز زمام الأمور وحكم بين الناس بشرع الله ،ذهب وفدا من الإباضية يناصرونه ويؤيدونه وينصحونه بالعدل وإزالة الفساد واللعن الذي اتخذه بنو أمية سنة على المنابر فأبدل اللعن بقوله تعالى " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" ومؤرخو قومنا لا يذكرون هذه المناقب بل يكتفون بالغمز كعادتهم بقولهم "أرسل إليه الخوارج وفدا" .



ب) أن أصحابنا يرون عدم جواز الخروج على الإمام العادل ويزعم قومنا أن الإباضية خوارج بأنهم خرجوا على إمامهم العادل علي بن أبي طالب، والحقيقة التي لا مرية فيها أن أهل النهروان أبوا التحكيم والإمام علي كان معهم معارضا في بداية الأمر، ولكن أيده بعد ذلك بسبب ضغط الأكثرية من جيشه فرأى منكرة التحكيم أن الطاعة لاتلزمهم بل هم في حل منها حيث أن التحكيم في شيئ معناه غير ثابت الحكم وإلا فلم التحكيم ؟

إن التحكيم تنازلا من الإمام علي عن البيعة ، فلهم الحق باختيار إمام جديد يسوسهم ويحكم بينهم فاختاروا الصحابي الجليل عبدالله بن وهب الراسبي بعد عناء طويل ونصح مستمر للإمام علي بالتراجع عن قبول التحكيم استمر ستة أشهر .

وكل تلك المحاولات لم تجد شيئا ، فلما رأوا إصرار الإمام علي بايعوا عبدالله بن وهب وبعثوا إلى أصحابهم ومنهم علي بن أبي طالب لمبايعة الإمام الجديد .


وفي تلك الأثناء وقعة المكيدة وظهرت نتيجة التحكيم الغير مرضية للإمام علي كرم الله وجهه وهذا ما صرح به حينما قال: (ألا إن هذين الرجلين الذين اخترتموهما قد حكما بغير ما أنزل الله ونبذا كتاب الله وراء ظهورهما) .


رجع علي يجمع أشتات جيشه المتفرق و اتجه إلى المحكمة يطلب منهم العون و النصرة ضد معاوية ومن معه ولكن الأمر فات فقد أخذ الأمر معاوية من الحكمين وأصبح المسلمون في حل من أمرهم فلا يمكنهم الإذعان لعلي لأنه ليس إماما لهم بعد موافقته بالتحكيم وخلعه من قبل الحكمين .
فما يزعمه محرفوا التاريخ أن واقعة النهروان كانت بسبب الخروج على علي كذب وافتراء لأنهم خرجـواعنه و البيعـة لم تكن في أعناقهم .




ج) تسمية الخوارج لم تكن معهودة أول الأمر وإنما ظهرت وانتشرت بعد استشراء أمر الأزارقة ولم تعرف هذه التسمية في أصحاب علي المنكريين للتحكيم والراضيين له، ولعل أول ما ظهر هذا اللفظ بعد ثبوت الأمر لمعاوية ، فحينما زاره الأحنف بن قيس قال له معاوية: "لماذا أحبك الناس وأنت من الخوارج"؟ فرد عليه" لو عاب الناس المـاء ما شربته " فهل وصف معاوية للأحنف بالخارجية بسبب أنه كان مع من حاربهم علي يوم النهروان؟ إذن معاوية ومن معه أولى بهذا الوصف لأنه سل السيف ضد علي يوم صفين ورفض البيعـة، أم أنه وصفـه بالخارجية ؛لأنه لم يكن في بيعة معاوية؟! .



د) الإباضية يجيزون الزواج بينهم وبين سائر الموحدين ، والخوارج بخلاف ذلك لأنهم يرون سواهم مشركين مما دفعهم بالقول إلى حرمة التوارث .


هـ ) خلط قومنا بين الإباضية والخوارج حين جمعوا الحوادث التاريخية فتارة ينسبون الإباضية للخوارج والعكس ، ويضيفون أقوال المعتزلة للإباضية والعكس ،وخلطوا بين الشخصيات وكل ذلك بسبب اتباع الهوى وعدم أخذ الحق من ينبوعه .


و) الإباضية اتجهوا إلى خدمة الإسلام علما وعملا منذ القدم وحكموا بالشرع في ظل الإمامة العادلة والحكم السديد ، واشتغلوا بتدوين العلوم والإجتهاد في الدين وقد ابتدأ التأليف والتدوين عندهم مبكرا ، فقد ألف جابر ديوانا ضخما جمع فيه روايته وأرائه على ما تقول كتب التاريخ ، ولكنه ضاع في العهد العباسـي ، وألف الربيع بن حبيب صحيحه (الجامع الصحيح) فـي القرن الثاني ولا يزال هذا الكتاب معتمد الإباضية في السنة، وهو أعلى درجة من صحيحي البخاري ومسلم لأنه ثلاثي السند وألف عبدالرحمن بن رستم تفسيرا للقرآن وألف هود بن محكم الهواري أيضا تفسيرا للقرآن وألف أبو اليقظان محـمد بن أفلح عدة كتب في الإسـتطاعة ، وألف أبو غانم بشر بن غانم مدونته في الحديث والأثار كل هذا في القرنين الأول والثاني بل هناك عدة مؤلفات أخرى في تلك الفترة ثم توالى التأليف في فروع الثقافة الإسلامية في كل عصر من العصور التالية.





يتبع إن شاء الله

آخر تحرير بواسطة المصعبي : 22/09/2004 الساعة 09:59 PM