عرض المشاركة وحيدة
  #7  
قديم 28/08/2006, 12:36 PM
alhabsi2006 alhabsi2006 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ الانضمام: 05/02/2006
المشاركات: 59
{ وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } * { بَدِيعُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوْ تَأْتِينَآ آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } * { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِٱلْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ ٱلْجَحِيمِ }
قوله: { وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ } ينزِّه نفسه عمَّا يقولون. ثم قال: { بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }. أي مُقِرّون بالعبودية. وقال بعضهم: يعني اليهود والنصارى ومشركي العرب، كلٌّ لَهُ قَانِتُونَ، أي: كل له قائم بالشهادة بأنهُ عبدٌ له. وإنما خصّ المفسّر، وهو الحسن، اليهود والنصارى ومشركي العرب لأنهم هم الذين كانوا بحضرة النبي عليه السلام يومئذ. وقال في آية أخرى:
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ }
[الزخرف:87] وقال الكلبي: { كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ } أي: مطيعون في الآخرة، أي فلا يقبل ذلك منهم إذا لم يكونوا آمنوا في الدنيا.

قوله: { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } أي: أنه ابتدعها من غير مثال. { وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ } قبل أن يكون { كُن فَيَكُونُ }.

قوله: { وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } وهم مشركو العرب { لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا ءَايَةٌ } هو كقوله:
{ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ }
[الأنبياء:5] وكقوله:
{ أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً }
[الإِسراء:92] وكقوله:
{ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا المَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا }
[الفرقان:21]. قال الله: { كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ } أي مثل قوم موسى إذ قالوا:
{ أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً }
[النساء:153] وما سألوه من الآيات. قال الله: { تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ } أي على الكفر، وهو كقوله:
{ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ }
[التوبة:30]، وكقوله:
{ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ }
[الذاريات:53].

قوله تعالى: { إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ } يعني محمداً عليه السلام { بِالْحَقِّ بَشِيراً } أي بشيراً بالجنة لمن أطاعك { وَنَذِيراً } أي من النار لمن عصاك. { وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ } أي: لا تُسأل عنهم إذا أقمت عليهم الحجّة. وهي تقرأ على وجه آخر: (لا تَسْأَلْ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ). فمن قرأها بالنصب قال: النبي عليه السلام كان سأل عن أمه فأنزل الله: { وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ }.


{ وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }
قوله: { وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى } يعني بذلك العامة منهم، لأنه قد تسلم الخاصة منهم. وهذا الحرف من العام والخاص. { حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى } أي: إن الدين دينُ الله، وهو الإِسلام الذي أنت عليه. { وَلَئِن اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } يثبّته بذلك، وقد علم ـ جلّ جلاله ـ أنه لا يتَّبع أهواءهم.

قوله: { الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ }. قال بعضهم: يقرأونه كما أنزله الله، ولا يحرّفونه عن مواضعه. وقال بعضهم: هؤلاء أصحاب النبي عليه السلام؛ آمنوا بكتاب الله وصدّقوا به، فأحلّوا حلاله، واجتنبوا حرامه، وعملوا بما فيه.

وذكروا عن ابن مسعود أنه قال: والله إن حق تلاوته أن يُحَلَّ حلالُه ويُحرَّم حرامُه، وأن يُقرأ كما أنزله الله، ولا يُحَرَّفَ عن مواضعه.

وقال مجاهد: { يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } أي: يتَّبعونه حقّ اتباعه. قال مجاهد: وهو كقوله:
{ وَالقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا }
[الشمس:2] أي: إذا تبعها. يعني صبيحة الهلال.

قال: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ } يعني بتأويله، { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ } أي خسروا أنفسهم أن يُنجوها من عذاب الله فصاروا في النار.

قال الكلبي: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } هم الرهط الذين آمنوا به من أهل الكتاب: اثنان وثلاثون من الحبشة الذين أقبلوا مع جعفر من أرض الحبشة، وثمانية من رهبان الشام، وسبعة من اليهود؛ منهم عبد الله بن سلام وابن صوريا.


{ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ }
قوله: { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } قد فسّرناه في الآية الأولى { وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } أي على عالم زمانه، ولكل زمان عالم، أي ولكل زمان خلق.

قوله: { وَاتَّقُوا يَوْماً لاَ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ } أي فداء. وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. { وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ } أي لا يشفع لها أحد عند الله، لأنه لا تكون الشفاعة إلا للمؤمنين خاصة. { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } أي: لا أحد ينصرهم يومئذ؛ كقوله:
{ مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ اليَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ }
[الصافّات:25-26].

قوله: { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } أي: عمل بهن. وقال بعضهم: فأكملهن ووفّى بهن، وهو واحد.

ذكروا عن ابن عباس أنه كان يقول: هي المناسك.

وكان الحسن يقول: ابتلاه الله بأمور فصبر عليها؛ ابتلاه الله بالكوكب والقمر والشمس فحبس نفسه في ذلك، وعلم أن الله دائم لا يزول، فوجَّه وجهه للذي فطر السماوات والأرض. ثم ابتلاه بالنار فصبر على ذلك. ثم ابتلاه بالهجرة، فخرج من بلاده ومن عند قومه حتى لحق بالشام مهاجراً إلى الله. ثم ابتلاه بذبح ابنه فصبر. وابتلاه بالختان على كبر سنه فصبر على ذلك كله. ذكروا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اختتن إبراهيم بعدما أتى عليه ثمانون سنة بالقدوم ".

وتفسير الكلبي أنها العشر خصال: خمسة في الرأس وخمسة في الجسد. فأما اللواتي في الرأس: فالمضمضة والاستنشاق وقصّ الشارب والسواك وفرق الرأس. وأما اللواتي في الجسد: فالاختتان وحلق العانة ونتف الابطين وتقليم الأظافر والاستنجاء.

وقال بعضهم: ابتلي إبراهيم بعشرة أشياء، هن في الإِنسان سنة: الاستنشاق، وقص الشارب، والسواك، ونتف الإِبطين، وتقليم الأظفار، وغسل البراجم، والختان، وحلق العانة، وغسل الدبر والفرج.

قال الكلبي: فلما فعلهن سأل ربه كلمات فأعطاهن إياه. منهن قوله:
{ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ }
[البقرة: 128-129] ففعل الله ذلك، ثم زاده ما لم يسأل.

{ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ } يا إبراهيم { لِلنَّاسِ إِمَاماً } يقتدون بك فيهتدون بهداك وبسنتك. فأعجب ذلك إبراهيم فـ { قَالَ } صلى الله عليه وسلم { وَمِن ذُرِّيَّتِي } وفي الآية إضمار. يقول: يا رب ومن ذريتي فاجعل إماماً، أي من كان من ذريتي، فأجابه ربه فـ { قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } وفي الآية إضمار فتفهموها فإنها تقضي بين الخلائق. أي لا ينال عهدي الظالمين من ذريتك، أي: لا أجعلهم أئمة يقتدى بهم في ظلمهم.

وقال مجاهد: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات هو قوله: { إِني جاعلك للناس إِماماً } والمقام والآيات التي في المناسك.
{ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ }
وقال بعضهم: { لا ينال عهدي الظالمين } أي: ينقطع عهدهم في الآخرة. والتأويل ما وصف أولاً.

وقال مجاهد: لا عهد لظالم في ظلم يأمرك به أن تطيعه فيه. وقول مجاهد: عدل صحيح.

وقال بعضهم: ذلك يوم القيامة عند الله لا ينال عهدَه ظالم. فأما في الدنيا فقد نالوا عهد الله؛ يعني بذلك المنافقين؛ قال: فوارثونا بالعهد الذي أقرّوا به للمسلمين وغازوهم به وناكحوهم به: فإذا كان يوم القيامة قصر الله عهده وكرامته على أوليائه وأهل طاعته الذين أوفوا بعهده، وأكملوا فرائضه. وهو كقوله:
{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ }
[البقرة: 40] فالوفاء بعهد الله إكمال فرائضه وإتمام شرائعه والوفاء بعهدهم أن يدخلهم الجنة إذا فعلوا ذلك.
{ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ }
قوله: { وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ } أي: مجمعاً لهم. وقال بعضهم: بثوبون إليه كل عام. وهو قول الكلبي.

قوله: { وَأَمْناً }. كان ذلك في الجاهلية؛ لو أن رجلاً جَرَّ كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يطلب ولم يُتناول. وأما في الإِسلام فإن الحرم لا يمنع من حدٍّ؛ من قَتل قُتِل ومن أصاب حداً أُقيم عليه.

وذكروا عن ابن عباس أنه قال: إذا أصاب الرجل حداً ثم لجأ إلى الحرم فإنه لا يُبَايَع ولا يُجالَس ولا يُؤْوَى حتى يخرج من الحرم؛ فإذا خرج من الحرم أقيم عليه الحدّ.

قوله: { وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً } أي موطىء قدميه.

ذكر بعضهم أنه قال: أمروا بالصلاة عنده ولم يؤمروا بمسحه. ولقد تكلفت هذه الأمة أشياء ما تكلفها الناس قبلهم؛ ما زالوا يمسحونه مسحاً وإن أثر قدميه وعقبيه فيه حتى اخلولق وامّحى.

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: مقام إبراهيم الحرم كله.

ذكروا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن إبراهيم، لما استأذن سارة في زيارة إسماعيل وهاجر فأذنت له، اشترطت عليه ألا ينزل. فقدم وقد ماتت هاجر، فانتهى إلى بيت إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت له: ليس هو ها هنا. وكان يخرج من الحرم ويتصيّد؛ فقال لها إبراهيم: هل عندك من ضيافة؟ هل عندك طعام؟ هل عندك شراب؟ قالت: ليس عندي شيء. قال لها: إذا جاء صاحبك فأقريا السلام، وقولي له فليغير عتبة بابه، ثم ذهب.

فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه إبراهيم. فقال لها: هل جاءك أحد؟ فقالت: جاءني شيخ كذا وكذا، كأنها مستخفة بأمرة. قال: فما قال لك؟ قالت: قال: قولي له: غيّر عتبة بابك فطلَّقها وتزوّج أخرى.

ثم إن إبراهيم استأذن سارة بعد ذلك فأذنت له، واشترطت عليه أن لا ينزل. فجاء حتى انتهى إلى بيت إسماعيل فقال لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت: ذهب إلى الصيد، وهو يأتي الآن إن شاء الله، انزل يرحمك الله. قال: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم. قال: هل عندك خبز؟ قال: لا. قال: هل عندك بر؟ قالت: لا. قال: هل عندك شعير؟ قالت لا؛ وجاءته بلبن ولحم. فدعا لها بالبركة في اللبن واللحم الذين جاءته بهما؛ ولو جاءته يومئذ ببر وشعير لكانت أكثر أرض الله براً وشعيراً. قالت: فانزل حتى أغسل رأسك. فلم ينزل. فجاءته بالمقام فوضع عليه إحدى قدميه، فغسلت أحد شقي رأسه، وبقي أثر قدمه فيه. ثم حولته إلى الجانب الآخر، فوضع قدمه الأخرى على المقام فغسلت شق رأسه الآخر وبقي أثر قدمه فيه.

ذكروا عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة قبل حجته طاف بالبيت، فمشى إلى المقام وهو يقول: { وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً } ، فصلى خلفه ركعتين قرأ فيهما: { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } و { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ }.
قال بعض أهل العلم: بلغني أن المقام قبلة البيت، وأن البيت قبلة المسجد الحرام، وأن المسجد الحرام قبلة الحرم، وأن الحرم قبلة مكة، وأن مكة قبلة أهل الآفاق.

قوله: { وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ } أي من عبادة الأوثان وقول الزور والمعاصي.

ذكروا عن عائشة أنها قالت: كسوة البيت على الأمراء، ولكن طيِّبوا البيت، فإن ذلك من تطهيره.

قوله: { لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } الطائفون من يعتقبه من الناس، والعاكفون أهل مكة، والركع السجود أهل الصلاة.

وقال بعضهم: الطائفون الذين يطوفون حوله، والعاكفون القعود حوله ينظرون إليه، والركع السجود الذين يصلون إليه. ذكروا عن مجاهد وعطاء أن النظر إلى البيت عبادة ويكتب له به حسنات.

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }
قوله: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً ءَامِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ } قال الكلبي: تحمل إلَيه من الآفاق.

قال بعضهم: ذكر لنا أن سيلاً أتى على المقام فاقتلعه، فإذا في أسفله كتاب، فدعوا إليه رجلاً من حمير فزبره لهم في جريدة، ثم قرأه عليهم، فإذا فيه: هذا بيت الله المحرم، جعل رزق أهله من معبرة تأتيهم من ثلاثة سبل مبارك لأهله في الماء واللحم. وأول من يحله أهله.

ذكروا عن مجاهد أنه قال: وجد عند المقام كتاب فيه: إني أنا الله ذو بكة صغتها يوم خلقت الشمس والقمر، وحرمتها يوم خلقت السماوات والأرض، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء، وجعلت رزقها يأتي من ثلاث سبل، مبارك لأهلها من الماء واللحم، وأول من يحلها أهلها. قال: وسمعت بعضهم يقول: ويوم وضعت هذين الجبلين، لا تزول حتى يزول الأخشبان قال: فسألت بمكة ما الأخشبان؟ فقيل لي: هذان الجبلان.

قوله: { مَنْ ءَامَنَ مِنْهُم بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرُ }. قال الحسن: لما قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات قال الله: إني مجيبك وأجعله بلداً آمناً، ولكن لمن آمن منهم بالله واليوم الآخر إلى يوم القيامة، ومن كفر فإني أمتعه قليلاً وأرزقه من الثمرات وأجعله آمناً في البلد، وذلك إلى قليل، إلى خروج محمد. وذلك أن الله أمر محمداً عليه السلام أن يخرجهم من الحرم، إلى خروج محمد. وذلك أن الله أمر محمداً عليه السلام أن يخرجهم من الحرم، وهو المسجد الحرام. قال: وهو مثل قوله:
{ بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ }
[الزخرف: 29] وأشباهها. قال: { ثُمَّ أَضْطَرُّهُ } [أي أدفعه] إلى عذاب النار وبيس المصير.

{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }
قوله: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ } يعني بنيانه. ودفعهما إياه بالبناء: { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }.

قال بعضهم: ذكر لنا أن قواعدهما من حراء. قال: وذكر لنا أن البيت بني من خمسة أجبل: من حراء ولبنان وطور سيناء وطور زيتاء والجودى.

قوله: { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً } أي: عصبة وهي الجماعة { مُّسْلِمَةً لَّكَ } ففعل الله ذلك، فبعث الله محمداً عليه السلام.

قوله: { وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا } أي: مذابحنا. قال بعضهم: أراهم مناسكهم وهي الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفات، والإِفاضة منها، والوقوف بجمع، والإِفاضة منها، [ورمي الجمرات].

وذكروا عن ابن عباس أن إبراهيم لما أصّل المناسك عرض له الشيطان عند المسعى، فسابقه فسبقه إبراهيم، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان عندها، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى، فرما بسبع حصيات حتى ذهب... قال وثمَّ تلَّه للجبين. وعلى إسماعيل قميص أبيض. قال إسماعيل لأبيه: يا أبت: ليس لي ثوب تكفنني فيه غير هذا. فاخلعه حتى تكفّنني فيه. فالتفت فإذا هو بكبش أبيض أقرن فذبحه. ثم ذهب به إلى الجمرة القصوى، فعرض له الشيطان عندها، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب. ثم أتى به منى فقال: هذا مناخ الناس. ثم أتى به جمعاً فقال: هذا المشعر الحرام. ثم ذهب به إلى عرفات. قال: فقال: ولم سمّيت عرفة. قال: قال له: هل عرفت. قال نعم.

وقال الحسن: إن جبريل أرى إبراهيم المناسك كلها، حتى إذا بلغ عرفات قال: يا إبراهيم: أعرفت ما رأيت من المناسك؟ قال نعم! فلذلك سميت عرفات. فلما كان عند الشجرة، يعني جمرة العقبة يوم النحر، ذهب يزور البيت، فعرض له الشيطان فسدّ عليه الطريق، فأمره جبريل أن يرميه بسبع حصيات مثل حصى الخذف، ففعل. فذهب. ثم عرض له في اليوم الثاني في الجمار كلها، وفي اليوم الثالث، وفي اليوم الرابع، كل ذلك يرميه بأمر جبريل بسبع حصيات.

وقال الحسن: إن جبريل أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم المناسك كلها، ولكنه أصل عن إبراهيم. وقد كان المسلمون قبل إبراهيم يؤمون نحو الكعبة في صلاتهم.
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { رَبَّنَا وَٱجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }
قوله: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ } يعني بنيانه. ودفعهما إياه بالبناء: { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }.

قال بعضهم: ذكر لنا أن قواعدهما من حراء. قال: وذكر لنا أن البيت بني من خمسة أجبل: من حراء ولبنان وطور سيناء وطور زيتاء والجودى.

قوله: { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً } أي: عصبة وهي الجماعة { مُّسْلِمَةً لَّكَ } ففعل الله ذلك، فبعث الله محمداً عليه السلام.

قوله: { وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا } أي: مذابحنا. قال بعضهم: أراهم مناسكهم وهي الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفات، والإِفاضة منها، والوقوف بجمع، والإِفاضة منها، [ورمي الجمرات].

وذكروا عن ابن عباس أن إبراهيم لما أصّل المناسك عرض له الشيطان عند المسعى، فسابقه فسبقه إبراهيم، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان عندها، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى، فرما بسبع حصيات حتى ذهب... قال وثمَّ تلَّه للجبين. وعلى إسماعيل قميص أبيض. قال إسماعيل لأبيه: يا أبت: ليس لي ثوب تكفنني فيه غير هذا. فاخلعه حتى تكفّنني فيه. فالتفت فإذا هو بكبش أبيض أقرن فذبحه. ثم ذهب به إلى الجمرة القصوى، فعرض له الشيطان عندها، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب. ثم أتى به منى فقال: هذا مناخ الناس. ثم أتى به جمعاً فقال: هذا المشعر الحرام. ثم ذهب به إلى عرفات. قال: فقال: ولم سمّيت عرفة. قال: قال له: هل عرفت. قال نعم.

وقال الحسن: إن جبريل أرى إبراهيم المناسك كلها، حتى إذا بلغ عرفات قال: يا إبراهيم: أعرفت ما رأيت من المناسك؟ قال نعم! فلذلك سميت عرفات. فلما كان عند الشجرة، يعني جمرة العقبة يوم النحر، ذهب يزور البيت، فعرض له الشيطان فسدّ عليه الطريق، فأمره جبريل أن يرميه بسبع حصيات مثل حصى الخذف، ففعل. فذهب. ثم عرض له في اليوم الثاني في الجمار كلها، وفي اليوم الثالث، وفي اليوم الرابع، كل ذلك يرميه بأمر جبريل بسبع حصيات.

وقال الحسن: إن جبريل أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم المناسك كلها، ولكنه أصل عن إبراهيم. وقد كان المسلمون قبل إبراهيم يؤمون نحو الكعبة في صلاتهم.
{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } * { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } * { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
قوله: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ } يعني في ذريته { رَسُولاً مِّنْهُمْ } فاستجاب الله له، فبعث محمداً عليه السلام في ذرية إبراهيم، يعرفون وجهه ونسبه. قوله: { يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيْهِمْ } أي يطهرهم. وقال بعضهم: يأخذ صدقاتهم وهي الطهارة. وقال بعضهم: القرآن: الكتاب، والحكمة: السنة [قوله: { إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } العزيز في نقمته الحكيم في أمره].

قوله: { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ } أي عن سنته { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } أي عجز رأيه عن النظر لنفسه فضَلّ.

قوله: { وَلَقَد اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا } أي: بالنبوة، والاصطفاء هو الاختيار { وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } وهم أهل الجنة. { إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ } أي: أخلص قال: أَسْلَمْتُ أي: أخلصت { لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }. قال الحسن: ذلك حين أفلت الشمس، فـ
{ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
[الأنعام:78].

قوله: { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ } أي: بهذه الكلمة، يعني التوحيد. { وَيَعْقُوبُ } أي: وأوصى بها أيضاً يعقوب بنيه بعد إبراهيم. { يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } أي: اختار لكم الدين، وهو الإِسلام { فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } أي: إلا وأنتم مكملون فرائض الله وشرائعه.

وقوله: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ } أي لم تكونوا شهداء يومئذ { إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }.

ذكروا عن الحسن أنه كان يقرأها وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق.
{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } * { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } * { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
قوله: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ } يعني في ذريته { رَسُولاً مِّنْهُمْ } فاستجاب الله له، فبعث محمداً عليه السلام في ذرية إبراهيم، يعرفون وجهه ونسبه. قوله: { يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيْهِمْ } أي يطهرهم. وقال بعضهم: يأخذ صدقاتهم وهي الطهارة. وقال بعضهم: القرآن: الكتاب، والحكمة: السنة [قوله: { إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } العزيز في نقمته الحكيم في أمره].

قوله: { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ } أي عن سنته { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } أي عجز رأيه عن النظر لنفسه فضَلّ.

قوله: { وَلَقَد اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا } أي: بالنبوة، والاصطفاء هو الاختيار { وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } وهم أهل الجنة. { إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ } أي: أخلص قال: أَسْلَمْتُ أي: أخلصت { لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }. قال الحسن: ذلك حين أفلت الشمس، فـ
{ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
[الأنعام:78].

قوله: { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ } أي: بهذه الكلمة، يعني التوحيد. { وَيَعْقُوبُ } أي: وأوصى بها أيضاً يعقوب بنيه بعد إبراهيم. { يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } أي: اختار لكم الدين، وهو الإِسلام { فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } أي: إلا وأنتم مكملون فرائض الله وشرائعه.

وقوله: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ } أي لم تكونوا شهداء يومئذ { إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }.

ذكروا عن الحسن أنه كان يقرأها وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق.


{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } * { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } * { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
قوله: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ } يعني في ذريته { رَسُولاً مِّنْهُمْ } فاستجاب الله له، فبعث محمداً عليه السلام في ذرية إبراهيم، يعرفون وجهه ونسبه. قوله: { يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيْهِمْ } أي يطهرهم. وقال بعضهم: يأخذ صدقاتهم وهي الطهارة. وقال بعضهم: القرآن: الكتاب، والحكمة: السنة [قوله: { إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } العزيز في نقمته الحكيم في أمره].

قوله: { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ } أي عن سنته { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } أي عجز رأيه عن النظر لنفسه فضَلّ.

قوله: { وَلَقَد اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا } أي: بالنبوة، والاصطفاء هو الاختيار { وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } وهم أهل الجنة. { إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ } أي: أخلص قال: أَسْلَمْتُ أي: أخلصت { لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }. قال الحسن: ذلك حين أفلت الشمس، فـ
{ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
[الأنعام:78].

قوله: { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ } أي: بهذه الكلمة، يعني التوحيد. { وَيَعْقُوبُ } أي: وأوصى بها أيضاً يعقوب بنيه بعد إبراهيم. { يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } أي: اختار لكم الدين، وهو الإِسلام { فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } أي: إلا وأنتم مكملون فرائض الله وشرائعه.

وقوله: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ } أي لم تكونوا شهداء يومئذ { إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }.

ذكروا عن الحسن أنه كان يقرأها وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق.


{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } * { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } * { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
قوله: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ } يعني في ذريته { رَسُولاً مِّنْهُمْ } فاستجاب الله له، فبعث محمداً عليه السلام في ذرية إبراهيم، يعرفون وجهه ونسبه. قوله: { يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيْهِمْ } أي يطهرهم. وقال بعضهم: يأخذ صدقاتهم وهي الطهارة. وقال بعضهم: القرآن: الكتاب، والحكمة: السنة [قوله: { إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } العزيز في نقمته الحكيم في أمره].

قوله: { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ } أي عن سنته { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } أي عجز رأيه عن النظر لنفسه فضَلّ.

قوله: { وَلَقَد اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا } أي: بالنبوة، والاصطفاء هو الاختيار { وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } وهم أهل الجنة. { إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ } أي: أخلص قال: أَسْلَمْتُ أي: أخلصت { لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }. قال الحسن: ذلك حين أفلت الشمس، فـ
{ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
[الأنعام:78].

قوله: { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ } أي: بهذه الكلمة، يعني التوحيد. { وَيَعْقُوبُ } أي: وأوصى بها أيضاً يعقوب بنيه بعد إبراهيم. { يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } أي: اختار لكم الدين، وهو الإِسلام { فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } أي: إلا وأنتم مكملون فرائض الله وشرائعه.

وقوله: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ } أي لم تكونوا شهداء يومئذ { إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }.

ذكروا عن الحسن أنه كان يقرأها وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق.
{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } * { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } * { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
قوله: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ } يعني في ذريته { رَسُولاً مِّنْهُمْ } فاستجاب الله له، فبعث محمداً عليه السلام في ذرية إبراهيم، يعرفون وجهه ونسبه. قوله: { يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيْهِمْ } أي يطهرهم. وقال بعضهم: يأخذ صدقاتهم وهي الطهارة. وقال بعضهم: القرآن: الكتاب، والحكمة: السنة [قوله: { إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } العزيز في نقمته الحكيم في أمره].

قوله: { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ } أي عن سنته { إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } أي عجز رأيه عن النظر لنفسه فضَلّ.

قوله: { وَلَقَد اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا } أي: بالنبوة، والاصطفاء هو الاختيار { وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } وهم أهل الجنة. { إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ } أي: أخلص قال: أَسْلَمْتُ أي: أخلصت { لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }. قال الحسن: ذلك حين أفلت الشمس، فـ
{ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
[الأنعام:78].

قوله: { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ } أي: بهذه الكلمة، يعني التوحيد. { وَيَعْقُوبُ } أي: وأوصى بها أيضاً يعقوب بنيه بعد إبراهيم. { يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ } أي: اختار لكم الدين، وهو الإِسلام { فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } أي: إلا وأنتم مكملون فرائض الله وشرائعه.

وقوله: { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ } أي لم تكونوا شهداء يومئذ { إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }.

ذكروا عن الحسن أنه كان يقرأها وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق.


{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } * { وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }
قوله: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }؛ يعني بذلك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب.

قوله: { وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا } قالت اليهود: كونوا يهوداً تهتدوا، وقالت النصارى: كونوا نصارى تهتدوا. قال الله: { قُلْ } يا محمد { بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ }. أي إن اليهود والنصارى مشركون. قال الحسن: حنيفاً مخلصاً. وقال الكلبي: الحنيف المسلم.

قال الحسن: ثم أمر الله المؤمنين أن يقولوا: { ءَامَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ }. والأسباط: يوسف وإخوته الاثنا عشر { وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }.

قال: { فَإِنْ ءَامَنُوا } أي أهل الكتاب { بِمِثْلِ مَا ءَامَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } أي في فراق الإِيمان. قال الحسن، فجعل الله ذلك، يعني هذه الآية، محنة فيما بين المسلمين واليهود والنصارى.

وسئل بعض السلف فقيل له: إن قوماً يجالسوننا فيقولون لنا: أمومنون أنتم؟ فقال: إذا قالوا لكم ذلك فقولوا: { آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل... } إلى آخر الآية.

وقال الحسن في قوله: { وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } ، قال: الشقاق هو التعادي إلى يوم القيامة. وقال بعضهم: الشِقاق هو الفراق، والفراق هو العداوة.

وقوله: { فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ } أي حتى يظهرك عليهم وينصرك، فيكونوا من تحت يديك { وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ }.


{ صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ } * { قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } * { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
قوله: { صِبْغَةَ اللهِ } أي دين الله { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً } أي: ومن أحسن من الله ديناً { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ }.

وقال بعض المفسّرين: صبغة الله الإِسلام، إلا أن اليهود تصبغ أولادها يهوداً وأن النصارى تصبغ أبناءها نصارى. وأن صبغة الله الإِسلام.

قوله: { قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ } أي: إن ديننا هو الإِخلاص الذي لا شكَّ فيه.

قوله: { أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ } يا محمد لهم { ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللهِ } أي: لا أحد أظلم منه { وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } قال الحسن: يعني بذلك علماءهم؛ إنهم كتموا محمداً ودينه، وفي دينه أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا مسلمين، ولم يكونوا مشركين. ذكروا عن الحسن قال: قد علم القوم أن عندهم من الله شهادة أن أنبياءهم بُرآء من اليهودية والنصرانية. وقال بعضهم: كتموا الإِسلام وهم يعلمون أنه دين الله، وكتموا محمداً وهم يعلمون أنه رسول الله.

قوله: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ } أي: لها ثواب ما عملت، ولكم ثواب ما عملتم { وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } هم. يعني بذلك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط.
{ سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل للَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا ٱلْقِبْلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }
قوله: { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ } وهم مشركو العرب في تفسير الحسن. وقال مجاهد: هم اليهود. { مَا وَلَّٰهُمْ } أي: ما حوَّلهم في تفسير الحسن. وقال مجاهد: ما صرفهم؛ وهو واحد. { عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا } يعني بيت المقدس.

نزلت هذه الآية بعدما صُرِف النبيُّ عليه السلام إلى الكعبة. وهي قبلها في التأليف، وهي بعدها في التنزيل. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما حوله الله إلى الكعبة من بيت المقدس، قال المشركون: يا محمد، أرغبت عن قبلة آبائك ثم رجعت إليها؟ وأَيْضاً والله لترجعن إلى دينهم؛ فأنزل الله: { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا } يعني بيت المقدس.

قال: { قُل لِّلَّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }. أي: مستقيم إلى الجنة، وهو الإِسلام.

قوله: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } أي: عدلاً [يعني أمة محمد] { لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } أي يوم القيامة بأن الرسل قد بلغت قومها عن ربها { وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } على أنه قد بلغ رسالة ربه إلى أمته.

قوله: { وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا } يعني بيت المقدس { إِلاَّ لِنَعْلَمَ } أي: إلا ليكون ما علمنا كما علمنا. وهو علم الفعال. { مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً } يعني صرف القبلة { إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ } يعني تحوّلهم عن بيت المقدس؛ لأن العرب لم تكن قبلة أحب إليها من الكعبة. فقال: { وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً } ، أي: لعظيمة، { إلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ }.

قال بعض المفسرين: كانت القبلة فيها بلاء وتمحيص؛ صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم إقامته بمكة إلى بيت المقدس، وصلّت الأنصار إلى بيت المقدس حولين قبل قدوم النبي عليه السلام المدينة. وصلى النبي بعد قدومه المدينة نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً. ثم وجَّهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام، فقال قائلون: { مَا وَلَّٰهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا }؛ لقد اشتاق الرجل إلى مولده.

وقال أناس لما صُرِفت القبلة: كيف بأعمالنا التي كنا نعمل من قبل في قبلتنا الأولى، فأنزل الله: { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ }. وقد يبتلي الله العباد بما يشاء من أمره، الأمر بعد الأمر، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه. وكل ذلك مقبول إذا كان في إيمان بالله وإخلاص له وتسليم لقضائه.

قوله: { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } قال الحسن: محفوظ لكم إيمانكم عند الله حيث أقررتم بالصلاة إلى بيت المقدس إذ فرضها عليكم. وقال بعضهم: عن الحسن وعن جماعة من المفسرين: { وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } أي: صلاتكم التي كنتم تصلّون إلى بيت المقدس. وهذا حقيقة التأويل. { إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }.


{ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } * { وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ }
قوله: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ } أي فلنحولنّك ولنصرفنك { قِبْلَةً تَرْضَاهَا } أي تحبها. ولم يكن قبلة أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة.

وتفسير الكلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: " وددت أن ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها " فقال جبريل: إنما أنا عبد مثلك؛ فادع ربك واسأله. ثم ارتفع جبريل، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل، فأنزل الله: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا }.

قال: { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } أي تلقاءه.

وقال بعضهم قد نرى تقلُّب وجهك في السماء أي: قد نرى نظرك إلى السماء.

ذكروا عن محمد بن عبد الله بن حجش أنه قال: صلّيت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية ونحن في صلاة الظهر، وقد صلَّينا ركعتين من الظهر فاستدرنا وإنا لفي الصلاة.

ذكروا عن مجاهد أنه قال: نزلت هذه الآية وهم في الصلاة، فجاء الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال.

قوله: { وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }. قال الحسن: يعلمون أن القبلة هي الكعبة. وقال الحسن: لم يبعث الله نبياً إلا وهو يصلِّي إلى الكعبة.

قوله: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ }. قال: لما صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قالت اليهود: إنا لنرجو أن يرجع محمد إلى ديننا كما صلّى إلى قبلتنا، فأنزل الله: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ }. { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ } [هذا الخطاب للنبي عليه السلام ولسائر أمته].
{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
قوله: { الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنه الحق. قال الحسن وغيره من المفسرين: وهم يعلمون أي: وهم يعرفون أن محمداً رسول الله فكتموه.

قال الكلبي: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام: إن الله أنزل على نبيه، وهو بمكة، أن أهل الكتاب يعرفون النبي عليه السلام كما يعرفون أبناءهم، فكيف هذه المعرفة يا ابن سلام؟ فقال: نعرف نبي الله بالنعت الذي نعته الله به إذا رأيناه فيكم، كما يعرف الرجل ابنه إذا رآه مع الغلمان؛ والذي يحلف به عبد الله بن سلام لأنا بمحمد أشد معرفة مني لابني. فقال له عمر: كيف ذلك؟ قال: عرفته بما نعته الله لنا في كتابنا أنه هو، وأما ابني فلا أدري ما أحدثت أمه؛ فقال له عمر بن الخطاب. وفَّقك الله، فقد أصبت وصدقت.

قال بعض المفسّرين: إن هذه الآية نزلت بمكة أولاً في سورة الأنعام:
{ الَّذِينَ ءَاتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }
[الأنعام:20

{ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } * { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }
{ الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ } أي: من الشاكين؛ أنهم يعرفون أنك رسول الله ويعرفون الإِسلام.

قوله: { وَلِكُلٍّ وَجْهَةٌ } أي ولكل قوم وجهة وشريعة { هُوَ مُوَلِّيهَا } أي: الله موليها، مثل قوله:
{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً }
[المائدة:48] أي سبيلاً وسنة، والدين واحد وإن اختلفت الشرائع والأحكام. وقال مجاهد: ولكل صاحب ملّة وجهة هو مستقبلها. وقال بعضهم: ولكل قبلة هو مستقبلها.

قوله: { فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } قال بعض المفسرين: لا تُغْبَنُنَّ عَن قبلتكم { أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }. { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ }. قوله: { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } كقوله:
{ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ }
[سورة محمد:13] أي أهلها، يعني أهل مكة { وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } أي تلقاءه { لِئَلاَّ } أي لكيلا { يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ }.

قال بعض المفسّرين: إن أهل الكتاب قالوا حين صرف النبي إلى الكعبة: اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه. قال: { إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } يعني مشركي العرب في تفسير الحسن. وقال مجاهد: مشركي قريش.

قال الحسن: أخبره أنه لا يحوّله عن الكعبة إلى غيرها أبداً، فيحتج عليك محتجون بالظلم كما احتج عليك مشركو العرب من قولهم لك: رغبت عن قبلة أبائك ثم رجعت إليها، وأيضاً والله لترجعن إلى دينهم؛ فقال الله: { لئلا يكون للناس عليكم حجة }. أي لا يحتج بمثل تلك الحجة إلا الذين ظلموا.

وقال بعضهم: هم مشركو قريش يقولون: إنهم سيحتجون عليك بذلك وكانت حجتهم عليهم بانصرافه إلى البيت الحرام أنهم قالوا: سيرجع إلى ديننا كم رجع إلى قبلتنا؛ فأنزل الله في ذلك هذا كله.

قال: { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } في أمر الله، أي امضوا على ما أكرمكم به. { وَاخْشَوْنِي } أي في تركه. { وَلأُِتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي: لكي تهتدوا. ويعني بالنعمة الجنة.


{ كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } * { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } * { يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلاَةِ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ }
قوله: { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ } أي: ويطهركم من الشرك { وَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ } الكتاب: القرآن. والحكمة: السنة. { وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } [يقول: كما فعلت ذلك بكم فاذكروني بطاعتي أذكركم برحمتي] { وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } أي ولا تكفروني النعمة. وهذا الكفر في هذا الموضع كفر النعم.

قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }. قال بعض المفسّرين: ليعلم أنهما عون على طاعة الله. وقال بعضهم: الصبر ها هنا الصوم. وقال بعضهم: الصبر على ما أمروا به وعما نهوا عنه؛ وهو حقيقة التأويل.

قوله: { وَلاَ تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ } أنتم كيف تلك الحياة التي هي حياة الشهداء.

ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر ترعى في الجنة، ثم تأوى إلى قناديل معلقة بالعرش.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما بين حياة الشهيد في الدينا وبين حياته في الآخرة إلا كمضغ تمرة.

وقال بعضهم: كنا نُحدَّث أن أرواح الشهداء تعارف في طير بيض وخضر يأكلن من ثمار الجنة، وأن مساكنهم السدرة، وأن للمجاهد في سبيل الله ثلاث خصال: من قتل في سبيل الله صار حيّاً مرزوقاً، ومن غُلِب آتاه الله أجراً عظيماً، ومن مات رزقه رزقاً حسناً.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد ألم القرصة ".