عرض المشاركة وحيدة
  #14  
قديم 17/10/2006, 01:55 PM
السهم المسدد السهم المسدد غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 08/09/2002
الإقامة: شواطئ الصحراء
المشاركات: 1,007
6- الإشكالات السياسية التي خلقتها الرواية (2-3):

هذه هي القواعد القرآنية الكلية في الشأن السياسي وهي ولا ريب قواعد مطلقة تصلح لكل زمان ومكان، إلا أن الأمة الإسلامية للأسف الشديد لم تعش من بعد عهد الخلقاء الراشدين إلا أحقاباً متتابعة من الظلم والقهر والاستبداد،

إلى درجة حدت بكبار علماء الأمة ومفكريها إلى نسبة الشورى إلى الغرب والأوربين بدل نسبتها إلى الإسلام والقرآن، فقد قال (السيد محمد رشيد رضا في معرض ملاحظاته على مماهاة المسلمين المعاصرين له إبّان الحرب العالمية الأولى بين الشورى والحكم الدستوري: لا تقل أيها المسلم إنّ هذا الحكم المقيّد بالشورى أصل من أصول الدين ونحن قد استفدناه من الكتاب المبين ومن سيرة الخلفاء الراشدين لا من معاشرة الأوربيين والوقوف على حال الغربيين. فإنه لولا الاعتبار بحال هؤلاء الناس لما فكّرت أنت وأمثالك أن هذا من الإسلام)([57]).

فما الذي غير وجه التاريخ الإسلامي من صورة العدل والمساواة القرآنية إلى صورة الظلم والقهر والاستبداد؟

قد يجيب البعض قبل أن يأخذ برهة كافية للتفكير أن السبب في ذلك هو اتباع الأهواء والابتعاد عن سنة الكتاب والسنة وسيرة الراشدين من الخلفاء،

وعلى ما في هذا الجواب من وجوه صحيحة إلا أنه يظل ناقصاً ما لم نقرر حقيقة أن الروايات الحديثية التي تسلطت على السنة النبوية وأزاحة الكتاب الكريم وحلت محله في التراتيبية التشريعية هي العائق الأكبر أمام الرجوع إلى "الكتاب والسنة وسيرة الراشدين من الخلفاء"،

فقد استطاع المستبدون الأوائل من بني أمية الذين انحرفوا عن مسيرة العدالة والمساواة والشورى الإسلامية القرآنية وبالتعاون مع الرعيل الأول من أهل الحديث المؤسسون أن يرسخو في الأمة ثقافة الرضوخ للطغيان والقبول بالهوان والتسليم لأصحاب الشوكة والسلطان،

وأسسو كذلك لمرحلة عنصرية في التاريخ الإسلامي تعامل بعض قبائله وعوائله على أنها محفوفة بالرعاية الربانية ومشمولة بالرضا الإلهي وانه يلزم التسليم والرضوخ لأهواءها ونزواتها!

---الهامش----
[57] رضوان السيد "سياسات الإسلام المعاصر" ص262.


يتبع: