الموضوع: اخــترت لـك
عرض المشاركة وحيدة
  #86  
قديم 15/04/2004, 10:33 PM
صورة عضوية صقر الخالدية
صقر الخالدية صقر الخالدية غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2000
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,253
التأهيل والتدريب الإعلامي... مسؤولية من؟


د. عبيد الشقصي
هل توجد فجوة بين ممارسة الاعلام وتدريس الاعلام؟ وما هو دور كل من المؤسسات الاعلامية والمؤسسات التعليمية في تأهيل الكوادر الاعلامية؟ هذان السؤالان كانا محور اجتماع عقد بالخرطوم في الأسبوع الماضي برعاية المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسسكو) وتنظيم الأكاديمية السودانية لعلوم الاتصال.

موضوع الاجتماع مهم جدا خاصة في تسارع تطور تكنولوجيا الاتصال والاعلام وتغير الكثير من القيم والمفاهيم الاعلامية السائدة قبل منتصف التسعينيات من القرن الماضي. وقد تميز الاجتماع بثراء التجارب الشخصية كما قدمها ممثلو الدول المشاركة. وأجدني هنا مضطرا الى أن أمزج في هذا المقال بين المعايشة الشخصية وتحليل الواقع الاعلامي السائد محليا وعربيا.
لعل أهم ما طرح في أوراق ومداخلات الاجتماع هو الصراع الدائر حول الاعلام بين الأنظمة الرسمية وأرباب المؤسسات الاعلامية وبين أفراد المجتمع. فنظرة السلطة وصناع القرار للإعلام ووسائل الاتصال في المجتمعات عموما قد تختلف عن نظرة المجتمع لها. ويتمحور هذا الاختلاف في الجهة التي تحدد حاجات ورغبات المجتمع من وسائل الاتصال، هل تحدد من قبل المجتمع أو الجمهور نفسه أم من قبل النظام وصناع القرار وأرباب هذه المؤسسات؟ وهذا الصراع ينسحب على طريقة تأهيل وتدريب الكوادر الاعلامية. فهل ستعمل المؤسسات التعليمية مثل أقسام وكليات الاعلام على تأهيل طلاب الاعلام وفقا للقيم والمبادئ الاعلامية المجردة أم وفقا لسياسات ومبادئ الأنظمة السياسية وصناع القرار؟ والحاصل هو أن المؤسسات التعليمية تسعى دوما للتجريد في تدريسها للإعلام خصوصا عندما توجد مجموعة من الطلاب من خارج المجتمع. وتترك مسألة مواءمة خريج الاعلام لسياسات الأنظمة والملاك وصناع القرار على المؤسسات الاعلامية التي يلتحق للعمل بها لاحقا. ولكن اوجد هذا التفاوت في النظرة نوعا من الانفصام والاحباط عند الطالب أثناء التدريب في المؤسسات الاعلامية أو الخريج الملتحق للتو للعمل. حيث تتم ملاقاة حماس الطالب أو الخريج في العمل الاعلامي بمجموعة من اللاءات والقوانين والتعليمات التي يجب عليه الانصياع لها دون مناقشة أو مبررات في كثير من الأحيان.
والسؤال الذي طُرح في الاجتماع أيضا، هو كيفية التوفيق بين أقسام وكليات الاعلام والمؤسسات الاعلامية؟ والى أي مدى يمكن أن تصبح المؤسسات الاعلامية والقائمون عليها معينا مهما لتأهيل وتدريب وتشجيع بحوث الاعلام؟ وهل ينبغي ربط التأهيل بسوق العمل المحلي أم أنه ينفتح على العالم خاصة في ظل العولمة؟ ويبدو أن النظرة بالاجماع كانت تتجه صوب ضرورة ربط التدريب بالتأهيل النظري وأن الاعلام أصبح مربوطا بمدى قدرة الشخص على توظيف واستغلال أجهزة الانتاج والبث المتقدمة. وتتجه أيضا نحو وجود شراكة بين المؤسسات الاعلامية والتعليمية في مجال التدريب وذلك لعدة أسباب. السبب الأول يعود الى أنه من الصعب على المؤسسات التعليمية المواصلة في تحديث أجهزة الاتصال لديها مثل الاستوديوهات الاذاعية والتلفزيونية نظرا لتجدد هذه الأجهزة بصورة سريعة ولارتفاع ثمنها. والسبب الآخر يعود الى أن مشاركة المؤسسات الاعلامية يهيئ طالب الاعلام لجو العمل والاختناقات التي قد تصاحبه. ولا تزال النظرة تتجه صوب ربط التعليم بسوق العمل المحلي ولكن من جهة التخصصات والمقررات التي تطرحها أقسام وكليات الاعلام وليس من جهة تحديد نسبة وأعداد المقبولين فيها. ورغم سلامة هذه النظرة، الا أنها تستثني انفتاح الأسواق المحلية على الأسواق الأخرى في اطار العولمة الاقتصادية.
وفي المحور الآخر المتعلق ببحوث الاعلام، تبين من خلال الاجتماع أن الدول العربية تعاني من فقر حاد في البحوث الاعلامية ومن مشكلة فقدان التعاون في البحث الاعلامي على مستوى الدول العربية. ويرجع هذا النقص في المقام الأول الى ضعف التمويل عموما. حيث لا تنفق الدول العربية كثيرا على البحوث العلمية. وفي السلطنة نجد أن مساهمة العمانيين في مجال البحث الاعلامي ضئيلة جدا. حيث لم تتعد تلك البحوث الثلاثين بحثا، والتي تم اعداد أولها في عام 1986. كما أن عدد الباحثين الاعلاميين لم يتعد 12 باحثا حتى الآن وارتبط معظم انتاجهم البحثي الاعلامي برسائل الماجستير والدكتوراة. وما يهمنا هو تشخيص حركة البحث الاعلامي في السلطنة. حيث ارتبط معظمهم بالبحث في مجال وسيلة الاتصال التي جاء التلفزيون في مقدمتها ومن ثم المتلقي. ومن الملاحظ
أيضا أن البحوث التي تتصل مباشرة بمؤسسات الاعلام بطريقة أو بأخرى الأكاديمية كانت تعطي نتائج مغايرة تماما. ويعود السبب في ذلك الى الخوف غير من المبرر من عرض الواقع خاصة من قبل غير العمانيين. ويلاحظ أيضا، عدم وجود شراكة حقيقية بين مؤسسات الاعلام وقسم الاعلام في مجال البحث الاعلامي على الرغم من التواصل بينهما على مستوى التدريب.
وعلى مستوى العالم العربي، فنجد أن الهوة بين هذه الدول على مستوى البحث الاعلامي تزيد بسبب عدم وجود قاعدة بيانات ومعلومات تربط بين هذه الدول، وبقاء الكثير من البحوث بعيدا عن الاستفادة. وغياب الكشافات والملخصات الخاصة ببحوث الاتصال فضلا عن غياب البحوث الجماعية بين الباحثين في الدول العربية. وخلاصة القول ان العالم العربي على المستوى المحلي أو القطري، يعاني من فقر في بحوث الاتصال، وعدم استغلال للبحوث القائمة وسوء توجيه للمواضيع والمشكلات التي ينبغي أن تدرسها تلك البحوث. كما أن المؤسسات الاعلامية لا تزال تنظر الى البحوث كعملية مكملة وليست أساسية لصنع واتخاذ القرارات بدلا من اعتبارها حجر الزاوية لذلك.
المصدر جريدة عمان