عرض المشاركة وحيدة
  #18  
قديم 17/05/2006, 09:25 AM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
مطْنَزَة .................................... جمعة اللامي

“الكِبْرُ ذلٌ والتواضعُ رفعةٌ

والمزحُ والضحكُ الكثيرُ سقوطُ”

(أبو موسى بن الحسن بن عبدالصمد)



يمازح شاب شاباً آخر، فيقول له: “طُز فيك”. فلا يزعل الثاني، ولا يعرف الثاني معنى ما قصده الأول، بتعريف صاحب “لسان العرب”، سوى ان صديقه أطلق كلمة دارجة، أو عامية، أو هكذا يظن.

وتسمع رجلاً ساخطاً، تبرماً بأوضاعنا العربية، وضجراً من “العمود الفقري” للنظام العربي، يقول: “طُزّ فيه، وطُزّ في الوضع العربي”، وهو لا يعرف أنه يسخر بمرارة من نفسه، ومن كثير مما حولنا.

وهناك رجل مخضرم، كان فوضوياً في شبابه، ثم صار لا منتمياً في كهولته، وليبرالياً في شيخوخته، ثم حوّل هذه التحولات كلها في شخصيته الحالية، فيسخر منه رجل آخر لم يُبدّل تبديلاً، قائلاً: “طزّ فيك، وطزّ في عمتك امريكا”.

وترجع كلمة: “طزّ”، الى فعل: طَنَزَ، ويطنزُ طَنزاً. يقول بعض اللغويين العرب ان الكلمة مولّدة أو معرّبة. ويقول آخرون لا تسألوا عن أصلها وفصلها، بل اسألوا عن دلالتها وشيوعها بين الناس.

“طزّ فيك”، وطزّ في “اسرائيل”، و”طزّ في الدكتاتوريات”، و”طزّ في ارتفاع اسعار المواد الغذائية”، و”طزّ في الاذاعة الكاذبة”، و”طزّ في المنهاج التربوي العقيم”، و”طزّ في انفلونزا الطيور”.. كلها عبارات شائعة في حياتنا العربية.

وهناك مطْنَزَة يعفّ اللسان عن ذكرها، نسمعها في المنزل العائلي، ونسمعها في السوق ودار السينما، وننصت اليها في المخفر وأمام صرافي المصارف.

وتهجم علينا كلمة: “طزّ”، من حيث لا ندري في السوق والمطعم. يتفوه بها الغني والفقير، والذكر والأنثى، الكبير والصغير، حتى صارت “ماركة عربية مسجلة” و”بامتياز”.

وكثيرون بيننا يرددون كلمة: “بامتياز” أو ينهون بها أحاديثهم من دون معرفة معناها، كما هم لا يعرفون منى كلمة: “طنّاز”.

لكن كلمة: “طُز” شائعة حتى من دون معرفة جذرها اللغوي أو تصريفها، فهي متنفس لا محاسبة عليها، أمام العرب الملتاعين والمنكربين والطفرانين والمهدورة حقوقهم، من الشمال الى الجنوب، ومن الشرق الى الغرب.

ختام الكلام، “الطّنْزُ: السخرية”.

ونقول: مدْنقَة بمعنى: “مطنَزَة، حسب “ابن منظور”.

ونقول: قوم “مطنَزة” اذا كانوا لا خير فيهم، الا هيبة لنفوسهم عليهم، لأنهم تهاونوا في حقوقهم، وذهبوا الى عدوهم صاغرين.

طُزّ!!

الخليج الامارتية