عرض المشاركة وحيدة
  #12  
قديم 28/08/2006, 12:43 PM
alhabsi2006 alhabsi2006 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ الانضمام: 05/02/2006
المشاركات: 59
{ وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }
قوله: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً }. وفي العشر ينفخ في الولد الروح. نسخت هذه الآية الآية التي بعدها في التأليف:
{ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَِزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ }
[البقرة:240] وهذه قبل هذه في التنزيل، ووضعت في هذا الموضع. قال الحسن: وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي عليه السلام فيقول: يا محمد، إن الله يأمرك أن تضع آية كذا بين ظهراني كذا وكذا من السورة كذا. وذكروا عن ابن عباس وعثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الثلاث الآيات والأربع الآيات والخمس الآيات جميعاً، أو أقل من ذلك أو أكثر، فيقول: اجعلوا آية كذا وكذا في سورة كذا وكذا في موضع كذا وكذا، واجعلوا آية كذا وكذا في سورة كذا وكذا في موضع كذا وكذا.

ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: نسخ من هذه الآية الحاملُ المتوَفَّى عنها زوجُها فقال في سورة النساء القصرى:
{ وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ }
[الطلاق:4].

وذكروا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبي بن كعب عن عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها فقال: أجلها أن تضع حملها؛ فقال: أقاله رسول الله؟ قال: نعم. وقال ابن عباس وعلي: أجلها أبعد الأجلين. ويقول ابن عباس وعلي: بهذا نأخذ وعليه نعتمد. وإنما قول الله: { وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } في المطلقات دون المتوفى عنهن أزواجهن.

قوله: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } أي انقضاء العدة { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } أي: فلا إثم عليكم { فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالمَعْرُوفِ } يعني التزويج { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }.

قوله: { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ } أي: أسررتم وأضمرتم.

ذكر مجاهد عن ابن عباس قال: التعريض ما لم ينصب للخطبة. وقال عكرمة: التعريض أن يقول: إنك في نفسي، وما يقدَّر من أمر يكن. وقال الحسن: يقول: احبسي نفسك علي، فإني أفعل بك كذا وكذا، وأصدقك كذا وكذا.

قال: { عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً }. قال بعض المفسّرين: لا يأخذ ميثاقها في عدّتها أن لا تنكح غيره، نهى الله عن ذلك وعن الفاحشة والخضع من القول. وقال مجاهد: لا يقول: لا تفوتيني بنفسك فإني أنكحك. وقال الحسن: { لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً } هو الزنا.

قوله: { إِلاَّ أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفاً } هو التعريض ما لم ينصب للخطبة.

قوله: { وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ } قال: حتى تنقضي العدة. { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } يقول: احذروا أن تخفوا في أنفسكم شيئاً من الزنا في تفسير الحسن: أو تزوّجوهن في العدّة، وفي جميع الأشياء بعد.

قراءة الآية

فتح صفحة القرآن

الانتقال الى صفحة القرآن

{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ وَأَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
قوله: { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ } يعني ما لم تجامعوهن { أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ } المُوسِعِ الذي وسع عليه في الرزق، والمقتر الذي قتر عليه في الرزق. قال: { مَتَاعاً بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ }.

إذا طلقها قبل أن يدخل بها، ولم يفرض لها فليس لها صداق، ولها المتعة واجبة. والمتعة على قدر ما يجد؛ وليس فيه شيء مؤقت يؤخذ به الرجل إلا ما أحب لنفسه من طلب الفضل في ذلك.

ذكروا عن الحسن أنه قال: كان منهم من يمتِّع بالخادم، ومنهم من يمتّع بالكسوة، ومنهم من يمتِّع بالطعام. وذكر بعضهم قال: أدنى ما يكون من المتعة درع وخمار وجلباب ومئزر، ومن لم يجد فعلى قدر ما يجد.

قوله: { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ } يعني النساء { أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ } هو الزوج. { وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }. يقول: ذلك من التقوى. وقوله: { إِلاَّ أَن يَعْفُونَ } يعني إِلا أن يتركن { أَوْ يَعْفُوَا } أي: أو يترك { الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ } يقول: إلا أن تعفو المرأة عن نصف الصداق فلا تأخذ منه شيئاً، أو يعفو الرجل عن نصف الصداق فيسلّم الصداق كله للمرأة.

قال: { وَلاَ تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ } أي في هذا حض كل واحد منهما على صاحبه. وإن تشاحّا فلها نصف الصداق.

ذكروا عن جبير بن مطعم أن تزوّج امرأة قبل أن يدخل بها، فسلّم لها الصداق كله وقال: أنا الذي بيده عقدة النكاح.

وقال الحسن: الذي بيده عقدة النكاح هو الولي. { إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }


{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَانِتِينَ } * { فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
قوله: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } يعني الصلوات الخمس على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها { وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى }. يعني صلاة العصر في قول الحسن. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلاة الوسطى صلاة العصر ".

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: هي صلاة الصبح. ويقول ابن عباس بهذا نأخذ وعليه نعتمد.

قوله: { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } أي مطيعين، لأن [أهل] كل دين، غير دين الإِسلام، يقومون لله عاصين. ذكروا عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } أي مطيعين.

قوله: { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً }. قال بعضهم: هو عند الضراب بالسيوف، راكباً كنت أو ساعياً، أو ماشياً؛ فإنك تومىء برأسك ركعتين إن استطعت، وإلا فركعة حيث كان وجهك. وإذا كان الأمر أشد من ذلك فكبّر أربع تكبيرات. عن الحسن أنه قال: إذا كنت تطلب عدواً أو يطلبك عدو فإنك تومىء بركعة حيث كان وجهك.

قال: { فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ } أي فصلّوا الصلوات الخمس { كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ }.

قال: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَِزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ } أي أن يتزيّنَّ ويتشوَّفن ويلتمسن الأزواج. { وَاللهُ عَزيزٌ حَكِيمٌ }.

قال بعضهم: كانت المرأة إذا توفى زوجها أنفق عليها من ماله حولاً ما لم تخرج، فإن خرجت فلا نفقة لها؛ فنسخ الحول في قوله: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً } ونسخ النفقة في الحول في هذه الآية:
{ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ }
[النساء:12].

ذكروا عن زينب ابنة أم سلمة أن أم حبيبة زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم قالت إن امرأة قالت: يا نبي الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد خشيت على بصرها أفأكحلها؟ قال: " إن كانت إحداكن لترمي بالبعرة على رأس الحول، وإنما هي أربعة أشهر وعشر ".

قال بعضهم: كانت إحداهن إذا تمّ الحول ركبت حماراً، وأخذت معها بعرة، ثم ترمي بالبعرة خلفها وقد حلّت.
{ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } * { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }
قوله: { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }. ذكروا عن الحسن أنه قال: لكل مطلقة متاع. وليس بالواجب الذي يؤخذ به الرجل، إلا التي طلقت قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها.

قال محمد بن سيرين: شهدت شريحاً فرّق بين رجل وامرأته فقال: متّعها، قال: لا أجد. قال: ما قلّ أو أكثر. قال لا أجد. قال: أفٍ، قم، لا تريد أن تكون من المحسنين، لا تريد أن تكون من المتّقين.

قال: { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }. أي لكي تعقلوا.

قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } أي لا يؤمنون.

ذكر بعض المفسّرين قال: هم قوم فرّوا من الطاعون فمقتهم الله على فرارهم من الموت، فقال لهم الله: موتوا عقوبة، ثم بعثهم ليستوفوا بقيّة أرزاقهم وآجالهم.

قال الكلبي: كانوا ثمانية آلاف فأماتهم الله، فمكثوا ثمانية أيام. وقال بعضهم: فخرج عشائرهم ليدفنوهم، فكثروا عليهم، وكانوا جيفاً قد أنتنوا، فحَظَروا عليهم الحظائر.
{ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
قوله: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي يعلم ما تنوون وما تفعلون.

قوله: { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً } أي حلالاً. وقال بعضهم: محتسباً. { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً }. قال الحسن: هذا في التطوع. لما نزلت هذه الآية قالت اليهود: هذا ربكم يستقرضكم، وإنما يستقرض الفقير، فهو فقير ونحن أغنياء. فأنزل الله:
{ لَّقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ }
[آل عمران:181]. وكان المشركون يخلطون أموالهم بالحرام، حتى جاء الإِسلام، فنزلت هذه الآية، وأمروا أن يتصدقوا من الحلال.

ذكروا عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة بغير طُهور، ولا صدقة من غُلول ".

قوله: { وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ } أي يقبض عمن يشاء ويبسط الرزق لمن يشاء. وهو كقوله:
{ اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ }
[العنكبوت:62] أي: وينظر للمؤمن فيكف عنه. قوله: { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يعني البعث.
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىۤ إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } * { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوۤاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى المَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ }.

قال الكلبي: إن بني إسرائيل مكثوا زماناً من الدهر ليس عليهم ملك. فأحبّوا أن يكون عليهم ملك يقاتل عدوّهم. فمشوا إلى نبي لهم من بني هارون يقال له اشمويل. وقال بعضهم: سمعت من يسمّيه بالعربية إسماعيل؛ فقالوا له: ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله. { قَالَ } لهم نبيّهم { هَلْ عَسَيْتُمُ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا }. وكان عدوهم من قوم جالوت، وكانوا يسكنون بساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين.

وقال بعضهم: كان جالوت من الجبابرة. قال الكلبي: فلقي بنو إسرائيل منهم بلاء، حتى غلبوهم على أرضهم، وسبوا كثيراً من ذراريهم.

قوله: { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }. قال: { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً } وكان طالوت من سبط قد عملوا ذنباً عظيماً، فنزع منهم الملك في ذلك الزمان، فأنكروه. { قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ }.

قال بعضهم: كان في بني إسرائيل سبطان: سبط نبوة وسبط مملكة؛ كانت النبوة في سبط بني لاوى، وكان الملك في سبط يهوذا. وكان طالوت في سبط بن يامين أخي يوسف. فلما رأوا أنه ليس من سبط بني لاوى ولا من سبط يهوذا قالوا: { أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا } أي كيف يكون له الملك علينا { وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ } ، وليس من سبط النبوة ولا من سبط المملكة.

قال الكلبي: { أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا } وهو من سبط الاثم، للذنب الذي كانوا أصابوه.

قال: { وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ } أي اختاره عليكم { وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }. وكان طالوت أعلمهم يومئذ وأطولهم وأعظمهم، وكان مغموراً في قومه.

ذكروا عن الحسن أنه قرأ هذه الآية فقال: فإذا الجسم نعمة من الله ذكرها.

فقالوا لنبيهم: لا نصدّق أن الله بعثه علينا، ولكنك أنت بعثته مضادّة لنا إذ سألناك ملكاً: فأْتنا بآية نعلم أن الله اصطفاه علينا.

{ وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } * { فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلْجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّيۤ إِلاَّ مَنِ ٱغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا ٱلْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }
{ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ءَايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَى وَءَالُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلاَئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }.

قوله: { فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ }. وسار بهم أخذ بهم مفازة من الأرض فعطشوا { قَالَ } لهم نبيهم { إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُم } أي مختبركم { بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } قال الله: { فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ }. جعلوا يشربون منه ولا يروون. أما القليل فكفتهم الغرفة. ورجع الذين عصوا وشربوا. فقطع طالوت والذين معه، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدة أهل بَدْرٍ، وَبَدَرَهم جالوت وجنوده.

{ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللهِ } أي: صالحوهم { كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }.

قال بعضهم في قوله: { أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ } يعني رحمة { وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ ءَالُ مُوسَى وَءَالُ هَارُونَ }. قال بعضهم: كان فيه عصا موسى، ورُضاض الألواح؛ وكان موسى تركه عند فتاه يوشع بن نون، وهو في البريّة، فأقبلت تحمله الملائكة { إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }.

وقال بعضهم: كان التابوت في أرض جالوت، قد غلبوا عليه زماناً من الدهر، فقالوا لنبيّهم: إن أتيتنا به فأنت صادق، وطالوت ملك كما زعمت، فدعا النبي ربَّه، فأتاه بالتابوت حتى وضع في أرض بني إسرائيل، فصدّقوه وعلموا أن الله هو الذي بعث طالوت ملكاً عليهم.

وقال بعضهم: كان التابوت إذا قابلت بنو إسرائيل العمالقة مشى التابوت بين السماء والأرض، والصفوف والرايات خلفه، فكانوا ظاهرين عليهم، حتى ظفرت العمالقة على التابوت فأخذوه فدفنوه في ملقى كناسة لهم، وذلّت بنو إسرائيل. وألقى الله على رجال العمالقة وعلى نسائهم الناسور فقال بعضهم: ما نرى هذا الذي أصابكم إلا بما صنعتم بالتابوت، فهل لكم أن تردوه على بني إسرائيل؟ فقالوا: لا نفعل؛ لكنا نحمله على بقرة ونحبس عجلها، ثم نُوَجِّهها إلى صفوف بني إسرائيل، فإن أراد الله أن يرجع التابوت إلى بني إسرائيل رجعت البقرة إليهم وإلا رجعت إلى عجلها. ففعلوا، فنزل ملكان من السماء فأخذ أحدهما برأس البقرة وساقها الآخر، حتى دخلت صفوف بني إسرائيل؛ فذلك قوله: { تَحْمِلُهُ المَلاَئِكَةُ }: كقول الرجل: وجاء فلان يحمل. وليس يحمله هو، وإنما تحمله الدواب.

وقال بعضهم في قوله تعالى: { إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ } هو نهر بين الأردن وفلسطين وقال بعضهم هو نهر أبي فطرس.

وقال الحسن في قوله: { هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا }: عسيتم أي ظننتم.

إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا. { قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا } قال الله: { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } قال: لم يقبلوا ذلك وكفروا إلا قليلاً منهم.

وإنما سألوا من الملك الذي بعثته الله فقال لهم: { إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً. قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْه } إِلى آخر الآية. قالوا ما آية ملكه التي يعرف بها أنه الملك، قال: { إِنَّ ءَايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَبِّكُمْ }. والسكينة هي الوقار في تفسير الحسن. والتابوت من خشب. قال بعضهم: بلغنا أن طوله كان ذراعين وشبراً في ذراعين وشبر. قال كان موسى يضع فيه التوراة ومتاعه ومتاع هارون، وهم يعرفونه. وكان الله رفعه حين قبض موسى بسخطه على اليهود، وبما أحدث القوم بعده. فقال آيَة ملكه أن يأتِيكم التابوت من السماء، وأنتم تنظرون إليه، فتحمله الملائكة عياناً من غير أن يكونوا رأوا الملائكة.

وقال الحسن وغيره في قوله: { فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي }: كان أحدهم يغترف الغرفة بيده فتجزيه، يعنيان المؤمنين الذين استثنى في قوله: { فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ } وقال بعضهم: أما الكفار فجعلوا يشربون، ولا يروون. وأما المؤمنون فجعل الرجل منهم يغترف غرفة فترويه وتجزيه.

قال بعض المفسّرين: وهي تقرأ على وجهين: بفتح العين ورفعها: غَرفة وغُرفة. فمن قرأها غَرفة فهو يعني الغرفة التي اغترف [مرة واحدة] كما تقول: إلا من فعل الفَعلة. ومن قرأها غُرفة، فهو يعني الغُرفة بعينها [ملء اليد]. وبعضهم يقرأها بمقرإ ثالث: إلا من اغترف غِرفة، يقول: إلا من فعل فِعلة، اغترف اغترافاً.

{ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا اللهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ } فقيل للحسن: أليس القوم جيمعاً كانوا مؤمنين، الذين جاوزوا؟ قال: بلى! ولكن تفاضلوا بما سخت أنفسهم من الجهاد في سبيله.

وقال بعضهم: ذكر لنا أن نبي الله قال لأصحابه يوم بدر: أنتم اليوم بعدة أصحاب طالوت يوم لقى. وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً.
{ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } * { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ }
قوله: { وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } أي أنزل علينا صبراً { وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الكَافِرِينَ }.

قال الله: { فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَءَاتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ }. والحكمة هاهنا النبوّة. { وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ } من الوحي الذي كان يأتيه من الله.

قوله: { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } ذكر بعض المفسّرين قال: يبتلى المؤمن بالكافر ويعافى الكافر بالمؤمن.

قال: { تِلْكَ ءَايَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ }.

قوله: { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } قال الحسن: بما أتاهم الله من النبوّة والرسالة، فقال: { مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } وهو كقوله:
{ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ }
[الإِسراء:55]. قال الحسن: يعني في الدنيا على وجوه ما أعطوا.

ذكر بعضهم أنه قال: يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: ثلاثمائة وبضعة عشر، الجمّ الغفير. قيل يا رسول الله، أكان آدم نبيّاً مكلّماً أم لم يكن مكلّماً؟ قال: " بل كان نبياً مكلماً ".

قوله: { وَءَاتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ البَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } قال الحسن: أيّدناه: أعناه بروح القدس، والقدس الله، والروح جبريل.

قوله: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ } قال بعضهم: من بعد موسى وعيسى. { وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ }.


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَٱلْكَافِرُونَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ }
قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ } أي ولا صداقة إلا للمتقين. وهو مثل قوله:
{ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ }
[الزخرف:67] والأخلاء من باب الخليل.

قوله: { وَلاَ شَفَاعَةٌ } أي للكافرين { وَالكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ } أي لأنفسهم، وهو كفر دون كفر وكفر فوق كفر.

قوله: { اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ القَيُّومُ } قال الحسن: الله والرحمن اسمان ممنوعان لم يستطع أحد من الخلق أن ينتحلهما.

قوله: الحيّ القيّوم، أي القائم على كل نفس. قال الحسن: القائم على كل نفس يكسبها، يحفظ عليها عملها حتى يجازيها به.

ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ هذا الحرف: الحيُّ القَيَّامُ، وهو من باب الفيعال، والقيّوم الفيعول.

قوله: { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ }. قال بعضهم: كسل، وقال بعضهم: فترة. { وَلاَ نَوْمٌ }. قال الحسن: السِّنَة النعاس، والنوم النوم الغالب.

{ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } أي: لا أحد. وهو مثل قوله:
{ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى }
[الأنبياء:28]. وكقوله:
{ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ }
[يونس:3].

قوله: { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ }. قال الحسن: أول أعمالهم وآخرها. وقال بعضهم: ما بين أيديهم من أمر الآخرة، وما خلفهم من أمر الدنيا، أي: إذا صاروا في الآخرة.

قوله: { وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ } أي ما أعلم الأنبياءَ من الوحي.

{ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ }. ذكر بعضهم أن الكرسي عماد الشيء وقوامه، ولا يعلم قدر العرش إلا الذي خلقه. وقال بعضهم: وسع كرسيّه السموات والأرض أي: ملأ كرسيّه السماوات والأرض.

قوله: { وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا }. قال مجاهد: أي لا يثقل عليه حفظهما { وَهُوَ العَلِيُّ } قال الحسن: لا شيء أعلى منه. { العَظِيمُ } الذي لا منتهى له ولا قدر ولا حدّ.

ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تتفكروا في الله وتفكروا فيما خلق ".

ذكروا عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوماً: " أي القرآن أعظم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: سورة البقرة. قال: أتدرون أيها أعظم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ الْقَيُّومُ... إلى آخر الآية ".

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: أشرف سورة في القرآن سورة البقرة قيل له: أيها أعظم؟ قال: آية الكرسي.


{ لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }
قوله: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }. ذكروا عن سعيد بن جبير قال: كان قوم من أصحاب النبي عليه السلام استرضعوا لأولادهم من اليهود في الجاهلية، فكبروا على اليهودية؛ فلما جاء الإِسلام أسلم الآباء؛ فأرادوا أن يكرهوا أولادهم على الإِسلام، فأنزل الله: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ }.

ذكروا عن بعضهم أنه قال: أكرِه على الدين ولم يُكره فيه. أكره عليه العرب، إن هذه الأمة كانت أمة أمية ليس لها كتاب تقرأه أتى من عند الله، فأكرهوا على الإِسلام. أما من كان على ملة من يهودي أو نصراني فأقر بالجزية قُبِلت منه ولم يُفتن عن دينه. قال: وما كان سوى أهل الكتاب من المشركين ـ ما خلا العرب ـ فأقر بالجزية قبلت منه ولم يقتل.

وقال مجاهد: كانت النضير أرضعت رجالاً من الأوس؛ فلما أمر الرسول بإجلائهم قالت أبناؤهم من الأوس: لنذهبن معهم ولندينن بدينهم، فمنعهم أهلوهم، وأكرهوهم على الإِسلام ففيهم نزلت: { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ }. الرشد الهدى، والغي الضلالة.

قوله: { فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ } الطاغوت هو الشيطان { وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }. قال مجاهد: العروة الوثقى الإِيمان. وقال بعضهم: العروة الوثقى لا إله إلا الله. { لاَ انفِصَامَ لَهَا } أي لا انقطاع لها. وقال الحسن: لا انفصام لها دون أن تهجم بأهلها على الجنة.

قوله: { اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا } [قال الحسن: ولي هداهم وتوفيقهم] { يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي يخرجهم من وحي الشيطان إلى وحي الله، ولم يكونوا في وحي الشيطان قط. { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ } أي من وحي الله إلى وحيهم، ولم يكونوا في وحي الله قط، وهو كقوله:
{ إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا }
[يونس: 98]، كشف عنهم عذاباً لم ينزل بهم أي صرف عنهم. وقال بعضهم: { يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } ، أي من الضلالة إلى الهدى، لأنهم كانوا في ضلالة. قال: { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } أي لا يموتون ولا يخرجون منها أبداً.

قوله: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ ءَاتَاهُ اللهُ المُلْكَ } أي آتى المُلك الذي حاجّ إبراهيم في ربه، وهو نمروذ. ذكر بعض المفسّرين قال: ذكر لنا أنه نمروذ، وهو أول ملك تجبّر في الأرض، وهو صاحب الصرح ببابل.

قوله: { إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ }. قال بعضهم: ذكر لنا أن نمروذ دعا برجلين فقتل أحدهما واستحيى الآخر فـ { قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ } أي أنا استحيي من شئت وأقتل من شئت.

{ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ المَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ المَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ }. قال: لا يهدي القوم المشركين الذين يلقون الله وهم مشركون [أي لا يهديهم إلى الحجة ولا يهديهم من الضلالة إلى دينه]، وقال بعضهم: لا يكونون مهتدين وهم ظالمون؛ وهو ظلم فوق ظلم وظلم دون ظلم. قال الحسن: هكذا حجة الله على ألسنة الأنبياء والمؤمنين.
{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
قوله: { أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ } قال: هذا من حجة الله أيضاً وعجائبه. { وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا } أي خراب. { قَالَ أنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } يعني كيف يحيي هذه الله بعد موتها. { فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ }.

قال بعض المفسّرين: هو عزيز، والقرية بيت المقدس بعدما خرج منها بخت نصّر، فقال: أنى تعمر هذه بعد خرابها. { قَالَ: كَمْ لَبِثْتَ، قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }. قال بعضهم: ذكر لنا أنه مات ضحى وبعث قبل غروب الشمس فقال: { لَبِثْتُ يَوْماً }؛ ثم التفت فرأى بقيّة من الشمس [ظنّ أنها] من ذلك اليوم فقال: { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }. { قَالَ } الله { بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهُ } أي لم يتغيّر. { وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ }.

قال بعض المفسّرين: أول ما خلق الله منه رأسه، ثم ركبت فيه عيناه، ثم قيل له: انظر؛ فجعلت عظامه يتواصل بعضها إلى بعض، وبعينيه كل ذلك؛ فقال: أعلم أن الله على كل شيء قدير.

قال بعضهم: إنما أراه الله خلق حماره بعدما أحياه بجميعه؛ وهذا أحق التأويلين وأولاهما بالصواب.

وقال الكلبي في طعامه وشرابه: كان معه سلتان: سلة من تين وسلة من عنب وزق فيه عصير، والقرية إنما هي دبر هزقل،......... وكان الرجل عزيراً؛ وكان فيمن سباه بخت نصّر من أرض إسرائيل، فحملهم إلى أرض بابل.

وفي قوله: { وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ }: فنظر إلى حماره فإذا هو عظام بالية. قال: فرأى العظام قد ارتهشت أي تحرّكت وسعى بعضها إلى بعض؛ فرأى الصلب تسعى كل فقرة منه إلى صاحبتها، ثم رأى الوركين يسعيان إلى أماكنهما، وكل شيء منه يسعى بعضه إلى بعض. ثم جاء الرأس إلى مكانه، ثم رأى العصب والعرق ألقي عليه، ثم وضع عليه اللحم، ثم بسط عليه الجلد، ثم رد عليه الشعر، ثم نفخ فيه الروح، فإذا هو قائم ينهق؛ فخر عزير ساجداً وقال: أعلم أن الله على كل شيء قدير. فهكذا أراه الله خلق حماره. فأما خلق نفسه إذ لم يتكامل خلقه ويتم، فإن الله لم يفعل هذا بأحد.
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ ٱلطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ ٱجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ٱدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَٱعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
قوله: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى }. قال بعض المفسّرين: بلغنا أن إبراهيم، خليل الرحمن، خرج يسير على حمار له، فإذا هو بجيفة دابة يقع عليها طير السماء، فيأخذ منها بضعة بضعة، وتأتيها سباع البر، فتأخذ منها عضواً عضواً، فيقع من أفواه الطير من ذلك اللحم فتأخذه الحيتان. فقام إبراهيم متعجباً فقال: { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى }.

{ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّـ } أعلم حتى { يَطْمَئِنَّ قَلْبِي } كيف يجتمع لحم هذه الدابة بعدما أرى بعضه في بطون سباع البر، وبعضه في بطون الطير، وبعضه في بطون الحيتان. فـ { قَالَ } له: يا إبراهيم، { فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ } [يَعني فضمّهن إليك] { ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً }. فأخذ أربعة أطيار مختلفة ألوانها وأسماؤها وريشها؛ فأخذ ديكاً وطاووساً وحماماً وغراباً، فقطع أعناقها، ثم خلط ريش بعضها ببعض، ودماء بعضها ببعض، ثم فرّق بينها على أربعة أجبل، فجعل على كل جبل ريشاً وعظماً ودماً. ثم نوديت من السماء بالوحي: أيتها العظام المفترقة، وأيتها اللحوم المتمزقة، وأيتها العروق المتقطعة، اجتمعي يرجع فيك أرواحك؟ فجعل يجري الدم إلى الدم، وتطير الريشة إلى الريشة، ويثب العظم إلى العظم، فعُلِّق عليها رؤوسها وأُدخِلَ فيها أرواحها. فقيل: يا إبراهيم، إن الله لما خلق الأرض وضع بيته في وسطها، وجعل للأرض أربع زوايا، وللبيت أربعة أركان، كل ركن في زاوية من زوايا الأرض، وأرسل عليهم من السماء أربعة أرياح: الشمال والجنوب والصبا والدبور. فإذا نفخ في الصور يوم القيامة اجتمعت أجساد القتلى والهلكى من أربعة أركان الأرض وأربعة زواياها كما اجتمعت أربعة أطيار من أربعة أجبل، ثم قال:
{ مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ }
[لقمان:28].

وقال بعض المفسّرين: ذكر لنا أن إبراهيم أتى على دابة توزعتها الذئاب والسباع فقال: { رَبِّ أََرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } أي ليسكن قلبي، أي أنظر إليه. قال الحسن: أراد أن يعلم كيف ذلك. { قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِن، قَالَ: بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي }. فدعا ربه لينظر إلى ذلك معاينة، ليزداد به علماً. قَالَ: { فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ }.... إلى آخر الآية.

وقال ابن عباس: { قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } ، أي: أعلم أني أدعوك فتجيبني وأسألك فتعطيني.

وقال بعضهم: أمر أن يأخذ أربعة من الطير فيذبحهن، ثم يخلط بين لحومهن وريشهن ودمائهن، ثم يجزئهن على أربعة أجبل. وذكر لنا أنه فعل ذلك وأمسك رؤوسهن بيده، فجعل العظم يذهب إلى العظم، والريشة إلى الريشة والبضعة إلى البضعة. ثم دعاهن فأتينه سعياً على أرجلهن، وتلقى كل طير رأسه. وهذا مثل ضربه الله لإِبراهيم؛ يقول كما بعثت هذه الأطيار من هذه الأجبل الأربعة، كذلك يبعث الله الناس يوم القيامة من أقطار الأرض.

قال بعض المفسّرين: بلغنا أن هذه الأطيار الأربعة: الطاووس والديك والغرنوق والحمام، والعامة يقولون: إنها الطاووس والديك والحمام والغراب.

وقال مجاهد في قوله: { ادْعُهُنَّ } ، أي: قل لهن تعالين بإذن الله. قال: وبلغنا في قوله: { يَأْتِينَكَ سَعْياً } أي: مشياً على أرجلهن.

قوله: { وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ } أي: في ملكه { حَكِيمٌ } أي: في أمره.
{ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
قوله: { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّاْئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ } لخلقه { عَلِيمٌ } بأمرهم.

ذكروا عن عطاء قال: بلغنا أنه من جهّز غيره في سبيل الله كان له بكل درهم سبعمائة ضعف، ومن خرج بنفسه وماله كتب له بكل درهم سبعمائة ضعف، وبكل ضعف سبعون ألف ضعف، و
{ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ }
[المائدة:27].

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام، يقول الله: الصيام لي وأنا أجزي به، لا يدع طعامه وشرابه وشهوته إلا من أجلي، وإنما الصيام لي وأنا أجزي به ".

ذكر بعض السلف قال: الذكر في سبيل الله يضاعف كما تضاعف النفقة: الدرهم بسبعمائة.

قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده، ما أنفق عبد من نفقة أفضل من نفقة من قول ".
{ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَآ أَنْفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }
قوله: { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ } [يعني في طاعة الله] { ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }.

ذكروا أنه قيل: يا رسول الله، من المنّان؟ قال: " الذي لا يعطي شيئاً إِلاَّ منَّه " وقال بعضهم: علم الله أن أناساً يمنّون عطيتهم فنهى عن ذلك وقدم فيه.

قوله: { قَوْلٌ مَعْرُوفٌ } [أي حسن]، يعني بذلك دعاء المرء لأخيه { وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى } أي يمنّ بها المتصدّق على من تصدّق بها عليه. { وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }.

ذكروا عن عبد الله أنه قال: كل معروف صدقة. ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل معروف يصنعه المسلم لأخيه المسلم فهو صدقة ".
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِٱلْمَنِّ وَٱلأَذَىٰ كَٱلَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }
قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى } فيصير مثلكم فيما يحبط الله من أعمالكم { كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ }.

قال الحسن: كان بعض المسلمين يقولون: فعلت كذا وكذا، وأنفقت كذا وكذا، فقال الله: { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر } ، وهو المنافق. قال: { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ } كذلك الكفار الذين يطلبون بنفقتهم في سبيل الله الرياء لا يقدرون على شيء منه يوم القيامة. والصفوان الصفا. { فَأَصَابَهُ وَابِلٌ } والوابل المطر الشديد. { فَتَرَكَهُ صَلْداً } أي نقياً. قال: { لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا } يومئذ { وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ }.

قال بعضهم: هذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة. يقول: لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ كما ترك المطر الوابل هذا الصفا، أي الحجر، ليس عليه شيء.

قوله: { وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ } قال الحسن: ينوون إذا تصدقوا أنهم يريدون به ما عند الله، يعلمون أن لهم به الجزاء من الله. وقال بعضهم: تثبيتاً أي: احتساباً قال الحسن: فمثلهم في نفقتهم { كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ } أي بنشز من الأرض { أَصَابَهَا وَابِلٌ } وهو المطر الشديد. { فَأَتَتْ أُكُلَهَا } أي ثمرتها { ضِعْفَيْنِ } أي مرّتين { فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ } أي الطش. { وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }.