الموضوع: اخــترت لـك
عرض المشاركة وحيدة
  #77  
قديم 24/03/2004, 07:58 AM
صورة عضوية صقر الخالدية
صقر الخالدية صقر الخالدية غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2000
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,253
من المستفيد من التدفق الحر للمعلومات؟

د. حامد شظا المرجان

يكثر الحديث هذه الأيام عن التدفق الحر للمعلومات، ومن المستفيد من هذه المعلومات وما تأثيرها على دول العالم، وإذا كانت المنظمات الدولية ذات الشأن المعلوماتي وعلى رأسها منظمة اليونسكو تؤكد على التوازن والموضوعية في تدفق المعلومات بين دول العالم، فهناك دول تتحكم في تدفق المعلومات وترى ان سيطرتها على المعلوماتية يمكنها من السيطرة على العالم ثقافياُ واقتصاديا.
وبما أن العالم اليوم ينقسم انقساماً حادا بين المجتمعات الغنية والشعوب الفقيرة، وان جاذبية الحداثة والتنمية أصبحت ذات إغراء قوي يمكنننا فهمه وربما لا يمكن إدراكه بالنسبة للبلدان الفقيرة، حيث لا تحظى الظروف المصاحبة للتنمية دفعاً للنمط العربي بتقدير كاف، فالتكنولوجيا وطريقة استخدامها تؤثر على الاتصال الاجتماعي والثقافي وان قبول التنمية أو الحداثة في دولة ما يجلب معه الكثير من المعدات والتقنيات مغلفة بثقافة الصانع وطبيعة الاتصال التكنولوجي بين البشر يحدد العلاقات الاجتماعية بينها.
وقد عبر الكثير من علماء الغرب عند مناقشتهم لموضوع التنمية ووصلوا إلى قناعة بأن التأثير الذي يمكن أن تضطلع به وسائل تكنولوجيا الاتصال عن طريق النصح والمحاكاة في إرشاد الشعوب "التقليدية" إلى اتباع النهج الذي سلكته المجتمعات الأكثر تقدماً وهكذا رأى أنصار هذه الآراء أن تعزز وسائل الإعلام الحديثة بما يسمى "بالتقمص الوجداني" من أجل إحداث التغيير والاتجاه إلى العصرية والتخلي عن النزعة التقليدية وتفضيل السلع التي ينتجها المجتمع الاستهلاكي الغربي. والمتتابع للمتغيرات الاجتماعية والثقافية في البلدان التقليدية يلاحظ أن نظرية التقمص الوجداني قد أثبتت نجاحها في الدول التقليدية وبالأخص في الدول النامية أو التقليدية ذات الوفرة المالية فنرى التقمص الوجداني في هذه الدول اصبح ذا تأثير قوي ليس فقط في تفضيل السلع الاستهلاكية التي ينتجها الغرب وانما الأكثر خطورة التأثير الثقافي للغرب في المجتمعات التقليدية.
إن نظرية الحداثة التي تمت دراستها من قبل علماء الاجتماع السياسي في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا تؤكد أن الحداثة تمر بأربعة متغيرات هي التحضر والتعلم والتعرض لوسائل الإعلام والمشاركة ومن ثم فان التحضر المتزايد اتجه إلى زيادة التعلم وازدياد نسبة التعلم اتجهت إلى الزيادة في نسبة التعرض لوسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية والإنترنت وغيرها مع اتساع المشاركة الاقتصادية والسياسية ولاشك يجب أن يضاف إليها الأهم وهي المشاركة الثقافية التي تشكل بعدا خطيراً على كثير من الشعوب.
وبالمقابل تنبهت كثير من المؤسسات الدولية للعلماء الأمريكيين وعبّرت المنظمة الدولية لليونسكو عن رأيها بأن يجب أن تكون هناك معايير تتحكم في وسائل الإعلام والاتصال حتى تكون ملائمة للتنمية، والمتتابع لعلماء الاجتماع الأمريكيين يعرف أن هذه النظريات تتم دراستها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ولكن اصبح لها تأثير شديد بالرغم من تطور وسائل الاتصال من إنترنت وغيره ساعدت بقوة من المشاركة لشعوب العالم عن طريق أدوات الاتصال الحديث.
وما يهمنا في هذا المقال الكيفية التي يمكن بها حماية مجتمعاتنا من الجوانب السيئة للحداثة الغربية وثقافتها و الاستفادة منها إيجابيا. طبعاً من المستحيل أن تستورد التكنولوجيا الغربية وتطور اتصالاتها إيجابيا فقط ولكن يمكننا تطوير هويتنا الثقافية لتكون قادرة على مواجهة الغزو الثقافي الغربي.
ومجمل القول ولاسيّما تكنولوجيا الاتصال قد تم ادراكها وتطويرها وتشعبها بمصالح الرأسمالية الأمريكية ومواصفاتها منذ الحرب العالمية الثانية وما زالت كذلك حتى الآن.
وبما ان التكنولوجيا الغربية لا تعد جزءا لا يتجزأ من النظام الاستغلالي فحسب، إنما تعمل على توسيع وتعميق ذلك للاستغلال فهل يمكن تصور وجود بديل، وبأن النظام العولمي الجديد هو نتاج ما تم الاتفاق عليه في الحرب العالمية الثانية وتم تطويره بعمل المؤسسات تحت ما يسمى بالمنظمة العالمية للتجارة وظهرت هناك الكثير من المعارضة الدولية والشعبية على نطاق العالم مما أدى إلى البحث عن بديل للنظام العالمي الجديد.
وبدأت في كثير من الدول وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا تدعمها كثير من المؤسسات و الجامعات العالمية ومنظمات ذات توجهات انسانية لتبني ما يسمى بالطريق الثالث الذي يرى اعادة النظر في النظام العولمي الجديد وتبني أفكار وأنظمة اقتصادية جديدة تراعي فيه الدول الذات المختلفة والحفاظ على التعددية الثقافية للشعوب خوفاً منها من تسبب هذا النظام في حرب عالمية ثالثة لا يحمد عقباها.
لا شك أن العالم أجمع لا يرغب في تكرار الحرب العالمية الأولى أو الثانية وان التقدم التكنولوجي صاحبه تقدم في الآلة العسكرية يمكنه فناء العالم في ثوان، لهذا يدرك حكماء العالم بأنه يجب البحث عن اتجاه جديد يراعى فيه الظروف الاقتصادية والثقافية لشعوب العالم أجمع يكون أساسه العدل والتوزيع العادل للثروة ومراعاة الشعوب الفقيرة وتنميتها مع الحفاظ على ثقافتها هذا إذا أردنا ان نعيش في عالم يسوده السلام والوئام.
ويرى الكثير من العلماء والسياسيين ان ظاهرة الإرهاب ما هي إلا نتيجة لما يحصل في العالم من سياسات غير حكيمة لاتراعي المصالح العالمية ولا تنظر إلى العالم إلا من وجهة نظر أحادية وأن الاستمرار في السياسات الاقتصادية ذات التوجه الأوحد سوف تزيد من هذه الظواهر.



--------------------------------------------------------------------------------
المصدر جريدة عمان