الموضوع: اخــترت لـك
عرض المشاركة وحيدة
  #62  
قديم 16/02/2004, 12:38 PM
صورة عضوية صقر الخالدية
صقر الخالدية صقر الخالدية غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2000
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,253
Cool نربيهم لزمن اخر

بقلم: فريد أحمد حسن





































"إن ثماراً كثيرة وكبيرة وذات قيمة يمكن أن نجنيها مستقبلاً لو أننا أعطينا الآن أدب الطفل شيئاً من حقه بالاهتمام به وتشجيع الداخلين فيه ودعمهم". هذا ما يقوله كل مهتم بأدب الطفل ويقوله كل مقدّر لهذا اللون من الأدب ويقوله كل ذي عقل ينظر إلى البعيد. إن أدب الطفل في البلاد العربية بشكل عام لم يتبلور بعد ولم تظهر له شخصية متميزة. والكثير مما قدم ويقدم للأطفال لا تراعى فيه خصائص الطفولة، وهذا يعني أنه بعيد عن أدب الطفل.

هذا ما يقوله الجميع وهو صحيح دونما شك. كما وأن الجميع -من ذوي العلاقة بالطفل وأدب الطفل- يدركون أن الكثير من السلبيات التي يعاني منها الإنسان العربي اليوم يمكن لأدب الطفل أن يسهم في تخليص إنسان المستقبل منها. إن سلبيات مثل التخلي عن المسؤوليات وإلقائها على الآخرين والاتكالية والتكامل والتعلق بالغيبيات وغيرها, يمكن التخلص منها مستقبلاً بانتهال أطفال اليوم للأدب الهادف الذي يبني شخصياتهم ويبنيهم اجتماعياً ونفسياً وعقلياً. فدور أدب الطفل في هذا المجال لا يستهان به.

ترى لماذا نكره زوجة الأب؟ نحن العرب في مختلف البلاد العربية نكره زوجة الأب ونعتبرها شريرة ولا نأمن جانبها حتى لو كانت طيبة وأثبتت أنها تستحق الاحترام والمودة، أما لماذا فالسبب واضح ومعروف, وهو أن الحكايات والأقاصيص التي استمدت من التراث العربي وسمعناها ونحن صغار كانت تصور لنا دائماً أن زوجة الأب شريرة, وأنها مهما حصلت من مودة وحنان وكرم فإنها تظل قاسية على أبناء زوجها وتسعى لأذيتهم والتنكيل بهم. الآن يمكن لأدب الطفل أن يسهم بفاعلية في تغيير هذه النظرة بإيجاد معايير عملية للحكم على الأفراد وبناء إنسان جديد قادر على التعامل مع متغيرات الحياة في عصر العلم والتكنولوجيا.

إننا بحاجة ماسة إلى التشجيع على الدخول في أدب الطفل ودعم الداخلين فيه بقوة لتأسيس ثقافة متميزة هي سلاح إنسان الغد وإنسان الزمن الذي سيجيء، ثقافة يستخدمها في تعامله مع مختلف المتغيرات. قديماً قال العرب إننا نربي أبناءنا لزمان غير زماننا، وهذا يعني بكل بساطة أن أدب الطفل -الذي هو جزء أساسي في عملية التربية- يعني التعامل مع المستقبل ويخطط له، لكن التعامل مع المستقبل ووضع أسسه ينبغي ألا يعتمد على أفراد قلائل، لذا لا بد من العمل على خلق قاعدة قوية لهذا الشيء أساسها تكثير وتقوية الأقلام التي اقتحمت مجال أدب الطفل.

كم كانت فرحتي كبيرة بطفل لا يتعدى الثانية عشر من عمره التقيته في سوق الملح بصنعاء. سمعني أقول مازحاً لصاحب محل يتاجر في العقيق إنني أريد خاتماً يجلب الرزق، ففوجئتُ بالطفل يتدخل ويقول بلهجة الواثق ما معناه أن دع هذه الخرافات جانباً فالرازق هو الله سبحانه وتعالى, ومن يقول لك غير هذا فإنه يضحك عليك. هذا هو الطفل الذي نبحث عنه ونسعى لخلقه، وأعتقد أن هذه هي مهمة التربويين جميعاً وعلى رأسهم كتّاب أدب الطفل الذين ندعو إلى رعايتهم ودعمهم ليتمكنوا بدورهم من دعم الأطفال ورعايتهم وإعدادهم لبناء المستقبل.

لكن لا بد من ملاحظة أمر مهم في ما يخص أدب الطفل والخوض فيه، فالكثيرون يستسهلون الكتابة للطفل ويعتبرونها أسهل أنواع الكتابات، في الوقت الذي يؤكد فيه المعنيون بالطفل أن الكتابة له أصعب من الكتابة للكبار. في الثمانينات من القرن الماضي تحديداً بدأ بعض مَن تربطهم بالطفل علاقة الكتابة له, فعرضت في تلك الفترة في مختلف دول المنطقة الكثير من المسرحيات، لكن للأسف ليس كل من شارك في تلك المهمة كان ذو علاقة، حيث استغل البعض الموضوع تجارياً وصار كل من يعرف الكتابة بالقلم يكتب للطفل، وصار كل من شعر بأنه يستطيع تحريك ممثل على خشبة المسرح يخرج مسرحيات للأطفال. والنتيجة أن الكثير مما قدم للطفل من مسرحيات على وجه الخصوص جاء بعيداً عن عالم الطفل وفي غير صالحه, بل أثر سلباً على مسرح الطفل وعلى الجمهور الذي كان يفترض أن يلتصق بالمسرح لاحقاً.

إن ما نعانيه حقاً هو جهلنا بالكثير من حاجات الطفل، فنحن لا نعرف إلا القليل عن حاجاته النفسية والاجتماعية وأعتقد أننا نجهل أيضاً أساليب إشباع تلك الحاجات. لست هنا بصدد التعميم فبيننا من درس ويدرس الطفولة ويحاول أن يتعرف على حاجات الطفل المختلفة ويحاول أن يقدم له شيئاً مفيداً وجيداً يشبع حاجاته، ولدينا بالتأكيد تجارب ناجحة في هذا الصدد, ولدينا أسماء يشار إليها بالبنان، سواء في كتابة المسرحية للطفل أو القصة أو الأغنية... الخ. إنما حديثي عن أولئك الذين يستسهلون التعامل مع الطفل فيكتبون له ويخرجون الأعمال أو يلحنون ويغنون وهم على غير دراية بحاجاته وبأساليب إشباع تلك الحاجات. فمثل هؤلاء لا يعرفون أن أدب الطفل أداة فنية من أدوات تنشئة الطفولة، ولا يعرفون أن هذا الأدب يسهم بشكل كبير في بناء شخصية الطفل، بمعنى أن التعامل الخاطئ معه يؤثر على الطفل بالسلب.

إن من الأمور التي ينبغي أن يدركها كل من يحاول التعامل مع أدب الطفل هي أن الطفل قليل الصبر، لذا فإنه لا يحتمل على سبيل المثال عرضاً مسرحياً تزيد مدته عن الساعة (الذي كان يحدث ويحدث الآن أيضاً أن المنتج يفرض على كاتب النص والمخرج أن لا تقل مدة عرض المسرحية عن ساعتين لأمور تتعلق بالشباك وبالتسويق). والطفل يفهم بعض كلماتنا بغير ما نعني بها، لذا ينبغي أن نخاطبه بلغة يفهمها هو لا نفهمها نحن فقط (وفي هذا الصدد حدّث ولا حرج).

الطفولة طاقة كبيرة علينا أن نعمل على الاستفادة منها، وهي لا يمكن أن تنطلق إلا إذا عملنا على تفتحها وعرفنا كيف نتعامل معها. علينا أن نعرف أن للطفل حاجات بيولوجية ونفسية تختلف من عمر لآخر، فلكل مرحلة من مراحل النمو خصائص معينة، وهذه مسألة يراعيها جيداً بعض كتّاب القصة عندما يكتبون للأطفال، وغالباً ما نقرأ على الغلاف أن هذه القصة للأطفال من سن كذا إلى سن كذا، غير أن هذه المسألة لا يتم مراعاتها في المسرح فمثلاً، فالذي يحدث هو أن المؤسسة المنتجة تقدم مسرحية للأطفال (دون تحديد سن الأطفال الذين تناسبهم المسرحية), فيدخل لمشاهدتها الأطفال من سن ثلاث سنوات إلى سن الثامنة عشرة. وفي هذا الصدد يقول المعنيون بأدب الطفل إن ما يبعث الخوف والقلق في نفس طفل في الرابعة مثلاً قد يثير السرور والسعادة في نفس طفل في العاشرة، وأنه لا بد أن يتوافق الغذاء الأدبي المقدم للطفل مع مستوى النمو. أما النتيجة فهي أن الطفل الذي دفع والده قيمة تذكرة دخوله يهرب من العرض وينشغل بأمور أخرى، فالمعروف أن الطفل يهرب من الأعمال التي تعلو مستواه.

ربما يقول البعض أن مراحل النمو متداخلة ويصعب تحديدها، وقد يقول البعض أن بين الأطفال فروقاً فردية، وهذا صحيح، فالتداخل في مراحل النمو موجودة والفروق الفردية موجودة، لكن هذا لا يعني أن نقدم عملاً للأطفال دون تحديد الفئة التي نعتقد أنها مناسبة لمشاهدة العمل. فليس من المعقول أن نقدم لطفل الخامسة مثلاً عملاً بطولياً عن صلاح الدين الأيوبي, لأن هذا العمل لا يناسب هذه السن ولكنه يناسب الطفل الذي يبلغ التاسعة أو العاشرة مثلاً، وهكذا.

جانب آخر في مشكلة أدب الطفل علينا أن نهتم به هنا, وهو ما يدعو إليه الكاتب البحريني إبراهيم بشمي دائماً, حيث يقول: إن علينا نحن الكبار آباء وأمهات وأولياء أمور أن نقرأ ما يكتبه كتّاب أدب الأطفال ونوصله بطريقتنا إلى الأطفال في لحظات قبل النوم. والطريقة نفسها ينبغي أن نلجأ إليها في العروض المسرحية، فالأفضل هو أن يذهب الأب والأم وولي الأمر لمشاهدة المسرحية أولاً ثم يقررون إذا كان هذا العمل مناسباً أم لا. لكن في هذه الطريقة شيء من المثالية وكثير من الصعوبة، فليس كل الآباء والأمهات على درجة من العلم والثقافة تتيح لهم تقييم عمل مسرحي وتقرير ما إذا كان يصلح لأبنائهم أم لا. كما أن الإعلانات التلفزيونية المشوقة تدفع الطفل ليضغط على والديه ويرغمهما على أخذه لمشاهدة المسرحية حالاً. لذا فإن الحل الأفضل يكمن في دعوة المعنيين بالطفولة من أكاديميين وكتّاب ومهتمين إلى مشاهدة العمل المسرحي قبل عرضه بوقت كافٍ ومناقشته مع فريق العمل وإبداء ملاحظاتهم ومن ثم إجراء التعديلات المناسبة قبل عرضه على الأطفال. وهذه عملية ممكنة وقابلة للتطبيق ومن شأنها أن تخلصنا من شبح الأعمال التجارية التي تستغل الأطفال لتسلب جيوب الكبار.

ولا بد من الإشارة أيضاً إلى جانب من مشكلات أدب الطفل في الوطن العربي، فأولها وأهمها في اعتقادي غياب البحوث العربية في أدب الطفل، ثم نظرتنا إلى الطفل على أنه رجل صغير فنتعامل معه بلغتنا وبتفكيرنا، ثم قيام من ليس له علاقة بالطفل بالكتابة له من دون أن يدرك خصائص نموه وميوله ودوافعه وقدراته، وبالطبع مشكلة السعي إلى الربح المادي، فليس مهماً عند البعض ماذا يقرأ الطفل أو ماذا يشاهد, وإنما المهم هو أن يشتري ويشاهد.

ولعل من المناسب أن أطرح تساؤلاً مهماً وهو: مَنْ مِن كّتابنا يشاهد ما يقدم للأطفال من قصص عبر برامج الأطفال والرسوم المتحركة؟ وأستشهد للإجابة عنه بما ورد في محاضرة للدكتور عبد العزيز السبيل (الأستاذ بجامعة الملك سعود) ألقاها ضمن فعاليات معرض البحرين الدولي التاسع للكتاب, حيث ذكر أن دراسة أجريت شملت كبار كتّاب القصة القصيرة في الوطن العربي سُئلوا خلالها عما إذا كانوا يعتمدون على الخبرة الكتابية والقرائية لفن القصة من خلال من سبقهم من الكتّاب, أو يعتمدون على حصيلتهم النظرية في هذا الفن وتقنياته ومناهجه. فأجابوا جميعهم وبينهم أسماء كبيرة مثل نجيب محفوظ ويحي حقي ويوسف إدريس بأنهم لم يقرؤوا شيئاً عن أصول فن القصة أو طرق كتابتها. وأعتقد أن الأمر نفسه يصدق على كتّاب أدب الطفل.

وفي دراسة لعبد التواب يوسف بعنوان "حول أدب الأطفال في الخليج العربي" يذكر في مقدمتها أن العناية بأدب الطفل سمة حضارية لأنها تعني التعامل مع "علم المستقبل" والتخطيط له. ووفق ما قاله العرب: إننا نربيهم لزمان غير زماننا. وكذلك كان اهتمام منطقة الخليج العربي بهذا الأدب من منطلق الأصالة والمعاصرة والمستقبلية. لكن عبد التواب الذي يشيد بالتفاتة الإنسان الخليجي إلى المستقبل ممثلاً في الأطفال وكتبهم وأدبهم يبدي ملاحظة مهمة هي أن الأقلام التي اقتحمت مجال أدب الأطفال قليلة والكتب الصادرة لهم عددها متواضع، وهو يعتقد أنه بسبب حداثة هذا اللون من الأدب وقلة التقدير الأدبي والمادي للعاملين فيه انصرف عنه كثيرون كان من الممكن أن يحققوا فيه نجاحاً كبيراً.

ملاحظة عبد التواب يوسف (وهو باحث ودارس في أدب الأطفال يمتاز بخبرته الطويلة في هذا المجال) ملاحظة مهمة للغاية، فبيننا في منطقة الخليج الكثير من ذوي الموهبة والقدرة على توظيف أقلامهم وخبراتهم الحياتية في خدمة الطفل الخليجي والعربي, ولكن ينقصهم التشجيع والاهتمام سواء من الحكومات أو المؤسسات الثقافية والاجتماعية ذات العلاقة. ولعل العدد القليل الذي يكتب في مجال أدب الطفل اليوم يشجع وزارات الإعلام في دول الخليج على تبنيهم ودعمهم وتوفير دورات خاصة لتدريبهم والرقي بقدراتهم، بل أنه يكفيهم حتى طباعة مؤلفاتهم وتسهيل إنتاجها.

تشجيع بسيط حصل عليه الكاتب البحريني إبراهيم سند في فترة سابقة أعطاه الدافع لينتج ما يسهم في رفع اسم مملكة البحرين في المحافل الثقافية العربية حيث نال العديد من الجوائز المهمة في مجال الكتابة للطفل، والأمر نفسه يمكن أن يتحقق مع كتاب آخرين لو أنهم حصلوا على تشجيع ودعم من المسؤولين في مجال الإعلام والثقافة. وبالمقابل بالطبع ابتعد آخرون عن الكتابة للطفل بعد ما اكتشفوا أنهم يجدفون لوحدهم في بحر مليء بالصعاب.

إن المهتمين بأدب الطفل في كل العالم يؤكدون على سبيل المثال أهمية القصص الخيالية في تعلم الطفل وإعداده للحياة. فعندما تلبى هذه الرغبة الملحة لدى الطفل فإنها تفتح أمامه العديد من الطرق للإفادة من مظاهر الحياة, حيث تصبح الكثير من شؤون الحياة وأحدثها معروفة لديه ومنها يتعلم الكثير من عادات المجتمع وسلوك الإنسان. وبمثال أكثر وضوحاً فإن بإمكان كتّاب أدب الأطفال تعليم الأطفال الاتزان في إصدار أحكامهم على الناس وعلى ما يشاهدون من أعمال، وسواء تم ذلك من خلال القصة أو المسرحية أو الأغنية... الخ, وهذا يؤكد أن أدب الأطفال يسهم بقوة في إعداد الطفل للمستقبل.

لكن ليس الدور كله في تشجيع كتّاب أدب الطفل يقع على الحكومات، فهناك أيضاً القطاع الخاص الذي يجب أن يقوم بدوره في دعم الثقافة بشكل عام ودعم أدب الطفل وإعداده للمستقبل بشكل خاص، وهناك المؤسسات الاجتماعية والسياسية والثقافية والتربوية التي عليها أيضاً أن تقوم بدعم وتشجيع كتّاب أدب الأطفال. وبالطبع لا يمكن أن ننسى الدور المهم الذي يمكن أن يقوم به أولياء الأمور، حيث عليهم أن يشجعوا أبناءهم على شراء ما ينتجه كتّاب القصة في الخليج، ذلك أن شراء نتاج الكاتب المحلي هو نوع من الدعم والتشجيع له، علاوة على أن ما يكتبه هؤلاء الكتّاب لا يكون في كل الأحوال غريباً عن الطفل الخليجي.

ومن المعنيين بتشجيع ودعم كتّاب أدب الأطفال أيضاً دور النشر التي يجب أن لا يعميها الربح المادي فلا تبالي بما يكتب للطفل أو تغالي في أسعارها فلا يستطيع كتّاب أدب الأطفال توصيل نتاجاتهم إلى الأطفال. والأمر نفسه ينطبق على أصحاب المكتبات والجهات المنظمة لمعارض الكتب, حيث عليهم تقليل هامش الربح فيما يتعلق بكتب الأطفال.

أيضاً تقع مسؤوليات كبيرة في هذا الخصوص على المؤسسات ذات العلاقة بالطفولة، فعلى سبيل المثال لا بد أن يكون للجمعيات المعنية بتنمية الطفولة في الخليج دور في دعم وتشجيع كتّاب أدب الأطفال، وكذلك المجلس العربي للطفولة والتنمية ومقره القاهرة، وغيرها من المؤسسات المهتمة بالطفولة.

إن ثماراً كثيرة وكبيرة وذات قيمة يمكن أن نجنيها مستقبلاً لو أننا أعطينا الآن هذا اللون من الأدب شيئاً من حقه بالاهتمام به وتشجيع الداخلين فيه ودعمهم. العديد من الباحثين في أدب الأطفال يؤكدون أن هذا اللون في البلاد العربية لم يتبلور بعد ولم تظهر له شخصية متميزة، بل أن الكثير مما قدم ويقدم للأطفال لا تراعى فيه خصائص الطفولة, وبالتالي فهو بعيد عن أدب الأطفال. لذا فإن على جميع الجهات المذكورة في هذا المقال دور كبير في تكوين أدب للأطفال سليم يعد للمستقبل.

الكثير من الأمور السلبية في إنساننا العربي والخليجي اليوم يمكن لأدب الأطفال أن يخلص إنسان المستقبل منها، فسلبيات مثل التخلي عن المسؤوليات وإلقائها على الآخرين والاتكالية والتكامل والتعلق بالغيبيات وغيرها يمكن التخلص منها مستقبلاً بانتهال أطفال اليوم للأدب الهادف الذي يبني شخصياتهم وينميهم اجتماعياً ونفسياً وعقلياً، فالدور الذي يلعبه أدب الأطفال لا يستهان به. ومثلما أسهمت الحكايات والأقاصيص التي استمدت من التراث العربي في بغض إنسان اليوم لزوجة الأب مهما اتسمت بالطيبة, فإن بإمكان أدب الأطفال تغيير هذه النظرة وإيجاد معايير عملية في الحكم على الأفراد بكل فئاتهم وبناء إنسان جديد قادر على التعامل مع متغيرات الحياة في عصر العلم والتكنولوجيا.

إنها دعوة ملحة ومباشرة للتشجيع للدخول في أدب الطفل ودعم الداخلين فيه دعماً قوياً يؤسس لثقافة متميزة هي سلاح إنسان الغد وإنسان الزمن الآتي في تعامله مع مختلف المتغيرات... فهل من مجيب؟