عرض المشاركة وحيدة
  #8  
قديم 28/08/2006, 12:37 PM
alhabsi2006 alhabsi2006 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ الانضمام: 05/02/2006
المشاركات: 59
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } * { أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ }
قوله: { وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ }. نقص الأنفس: الموت.

ذكروا عن ابن مسعود أنه ذكر الدجال فقال: كيف أنتم والقوم آمنون وأنتم خائفون، والقوم شِباع وأنت جِياع، والقوم رواء وأنتم عطاش، والقوم في الظِل وأنتم في الضِّحّ. [أي حر الشمس].

ذكروا عن رجاء بن حيوة قال: سيأتي على الناس زمان لا تحمل فيه النخلة إلا تمرة واحدة؛ قال: { وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ }.

{ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ }. وصلاة الله على العباد الرحمة. وقال بعضهم: صلاة الله على العباد الثناء والمدح والتزكية للأعمال { وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } ، أي هُدوا للاسترجاع عند المصيبة. وقوله: { صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ } مثل قوله:
{ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ }
[الأعراف:157] وهو واحد، وهي كلمة عربية وبعضهم يقول: الصلاة هاهنا المغفرة؛ وكل صحيح جائز.

ذكر عطاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا أصاب أحدَكم مصيبةٌ فليذكر مصيبته فيَّ فإنها أعظم المصائب ".

ذكر الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الصبر عند الصدمة الأولى. والعبرة لا يملكها أحد؛ صبابة المرء إلى أخيه ".

ذكر عبد الله بن خليفة قال: كنت أمشي مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فانقطع شسع نعله فاسترجع، فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين؟ فقال: انقطع شسع نعلي، فساءني ذلك، وكل ما ساءك مصيبة.
{ إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ فَمَنْ حَجَّ ٱلْبَيْتَ أَوِ ٱعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }
قوله: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ } أي: من حرمات الله. { فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }.

ذكر عاصم الأحول أنه قال: قرأت هذه الآية على أنس بن مالك، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلت له: أكنتم تكرهون الطواف بينهما؟ قال: نعم؛ إنهما كانتا من شعائر الجاهلية؛ فلما أسلمنا قالوا: يا رسول الله، هل علينا من حرج إن طفنا بينهما؟ فأنزل الله هذه الآية. قال أنس: والطواف بينهما تطوّع.

وقال بعضهم: كان حي لا يطوفون بينهما، فأمر الله بالطواف بينهما؛ وكانت ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل.

ذكر عن جابر بن عبد الله الأنصاري، صاحب النبي عليه السلام أنه قال: " لا حج لقريب ولا لبعيد إلا بطواف بين الصفا والمروة ".

وسئل جابر عن عبد الله: هل تحل النساء للرجل قبل الطواف بين الصفا والمروة؟ فقال: لا. وقال جابر: أما من كان من أهل الآفاق فإنه لا يطوف بينهما قبل أن يأتي منى، وأما من كان من أهل مكة فبعد ما يرجع من منى. ذكروا عن عطاء قال: أهل مكة يبدأون بمنى، وأهل الآفاق يبدأون بالطواف.
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } * { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } * { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
قوله: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ } قال الكلبي: يعني أهل الكتاب. قال الكلبي: أما البينات فالذي يكتمون من نعت نبي الله في كتابهم، وأما الهدى فما آتاهم به أنبياؤهم. وقال بعضهم: كتموا الإِسلام وكتموا محمداً وهم يجدونه مكتوباً عندهم.

قال: { أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّٰعِنُونَ } أي من ملائكة الله والمؤمنين. وقال بعضهم: دوابّ الأرض؛ والتأويل ما وصفناه أولاً.

قال الحسن: هذا الميثاق أخذه الله على العلماء ألا يكتموا علمهم. ذكروا عن عطاء أنه قال: من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار.

قوله: { إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا } أمر محمد أنه حق. يعني بهذا أهل الكتاب { فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }. فبرحمته جعل لهم متاباً ومرجعاً.

قوله: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }. يعني بالناس هاهنا المؤمنين. { خاَلِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي ولا هم يؤخرون بالعذاب.

قوله: { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ } لا إله غيره ولا معبود سواه.

قوله: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } حين لم يكن فيها نبات فأنبتت { وَبَثَّ فِيهَا } أي خلق فيها { مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ } والرياح أربعة: الجَنوب والشَّمال والصَّبا والدَّبور. فالجنوب ـ فيما بلغنا ـ من مطلع الشمس إلى مطلع سهيل، والشمال من مغرب الشمس إلى بنات نعش، والصبا من بنات نعش إلى مطلع الشمس، والدبور من مطلع سهيل إلى مغرب الشمس. قال: { وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لأَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } وهم المؤمنون.
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } * { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ } * { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
قوله: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ } قال الكلبي: يعني أهل الكتاب. قال الكلبي: أما البينات فالذي يكتمون من نعت نبي الله في كتابهم، وأما الهدى فما آتاهم به أنبياؤهم. وقال بعضهم: كتموا الإِسلام وكتموا محمداً وهم يجدونه مكتوباً عندهم.

قال: { أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّٰعِنُونَ } أي من ملائكة الله والمؤمنين. وقال بعضهم: دوابّ الأرض؛ والتأويل ما وصفناه أولاً.

قال الحسن: هذا الميثاق أخذه الله على العلماء ألا يكتموا علمهم. ذكروا عن عطاء أنه قال: من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار.

قوله: { إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا } أمر محمد أنه حق. يعني بهذا أهل الكتاب { فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }. فبرحمته جعل لهم متاباً ومرجعاً.

قوله: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }. يعني بالناس هاهنا المؤمنين. { خاَلِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي ولا هم يؤخرون بالعذاب.

قوله: { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ } لا إله غيره ولا معبود سواه.

قوله: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } حين لم يكن فيها نبات فأنبتت { وَبَثَّ فِيهَا } أي خلق فيها { مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ } والرياح أربعة: الجَنوب والشَّمال والصَّبا والدَّبور. فالجنوب ـ فيما بلغنا ـ من مطلع الشمس إلى مطلع سهيل، والشمال من مغرب الشمس إلى بنات نعش، والصبا من بنات نعش إلى مطلع الشمس، والدبور من مطلع سهيل إلى مغرب الشمس. قال: { وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لأَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } وهم المؤمنون.
{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } * { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ }
قوله: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً } أي أعدالاً يعدلونهم بالله، يعني ما يعبدون من دون الله { يُحِبُّونَهُمْ } أي يحبون آلهتهم التي يعبدون { كَحُبِّ اللهِ } إذ جعلوهم آلهة كحب المؤمنين اللهَ، قال الله: { وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِّلَّهِ } من المشركين لآلهتهم.

{ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } أي الذين أشركوا { إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ } أي: القدرة { لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ العَذَابِ }. قال الحسن: يقول لمحمد عليه السلام: إنك ستراهم إذا دخلوا النار، وهنالك يعلمون أن القوة، أي القدرة لله جميعاً، وأن الله شديد العذاب. قال الحسن: وقد كانوا عن قدرة الله وعزته في الدنيا غافلين.

قوله: { إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا } وهم الجبابرة والقادة والرؤوس في الشرك والنفاق { مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا } والأتباع: الضعفاء الذين اتبعوهم على عبادة الأوثان. قال: { وَرَأَوُا العَذَابَ } جميعاً، أي: القادة والأتباع { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ } أي: المواصلة [التي كانت بينهم] في الدنيا لأنهم كانوا أولياءهم.

قوله: { وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً } أي: رجعة إلى الدنيا { فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤوا مِنَّا }. قال الله: { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهَُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ } والحسرة والندامة { وَمَاهُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ }.


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
قوله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي ما يأمركم به الشيطان { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي: بَيِّن العداوة وقال بعضهم: خطوات الشيطان: ما حرَّم عليهم من الحرث والأنعام. { إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي ما لا تعلمون أنه الحق.

قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا } أي: ما وجدنا عليه آباءنا، وهم مشركون بالله. قال الله: { أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }. وهذا على الاستفهام. أي: أيتبعونهم ولو كانوا لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون؟ يُسفِّه بذلك عقول الأبناء إذا تبعوا الآباء، وهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون.

قوله: { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فيما يدعوهم إليه النبي { كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً } أي مثلهم كمثل الراعي الذي يصيح بالبعير والشاة. وقال الحسن: كمثل الراعي الذي يصيح بالغنم فترفع رؤوسها لا تدري ما يقول. ثم تضع رؤوسها. قال: فكذلك هم إذا دعوا إلى الهدى. وقال مجاهد: هو دعاء النعق بآلهتهم.

قوله: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }. قال: صمّ عن الحق. أي: عن الهدى فلا يسمعونه، وبكم عنه فلا ينطقون به وعمي عنه فلا يبصرونه.

قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } يعني: بالطيبات الحلال. وذلك لما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام والحرث. مثل قوله:
{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا... }
إلى آخر الآية [الأنعام:136]. وهو كقوله:
{ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ }
[يونس: 59]. فأمر الله المؤمنين أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم، وأخبرهم أنه { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ } يعني ذبائح المشركين إلا من كان من أهل الكتاب؛ قال في سورة المائدة:
{ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ }
[المائدة:5]. والطعام هاهنا هو الذبائح.

قوله: { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ } يأكل حتى يشبع ولا يتزوّد. وقال بعضهم: يأكل ما يزوّد به نفسه ولا يشبع. { إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

وقال بعضهم: غَيْرَ بَاغٍ: أي في أكله، وَلاَ عَادٍ: أي: لا يتعدى حلالاً إلى حرام وهو يجد عنه مندوحة قوتاً أو قوة. وقال الحسن: { غَيْرَ بَاغٍ }: يحمله على أكله ابتغاء الاثم على غير اضطرار منه إليه، { وَلاَ عَادٍ } ، أي: لا متعد لما أحل الله له من ذلك عند الاضطرار منه إليه، فيحرمه وهو موضوع عنه.
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
وقال مجاهد: غير باغ: يبغى على الناس، ولا عاد: يقطع عليهم الطريق. وكل ما تأوّلوه عليه يخرج صحيحاً.

ذكروا عن سهل بن عبد الله بن عون قال: دخلت على الحسن فإذا عنده كتاب كتبه سمرة لولده فإذا فيه: يجزى من الضرورة أو من الضارورة صبوح أو غبوق.

ذكر الحسن أن رجلاً قال: يا رسول الله متى تحرم علي الميتة؟ قال: " إذا رويت من اللبن وجاءت ميـرة أهلك ".

ذكروا عن بعض السلف أن من اضطر فلم يأكل ولم يشرب ثم مات دخل النار.

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: إن الله يحب أن تُقبل رخصه كما يحب أن تقبل عزائمه.

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } * { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } * { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
قوله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي ما يأمركم به الشيطان { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي: بَيِّن العداوة وقال بعضهم: خطوات الشيطان: ما حرَّم عليهم من الحرث والأنعام. { إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي ما لا تعلمون أنه الحق.

قوله: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا } أي: ما وجدنا عليه آباءنا، وهم مشركون بالله. قال الله: { أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }. وهذا على الاستفهام. أي: أيتبعونهم ولو كانوا لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون؟ يُسفِّه بذلك عقول الأبناء إذا تبعوا الآباء، وهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون.

قوله: { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فيما يدعوهم إليه النبي { كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً } أي مثلهم كمثل الراعي الذي يصيح بالبعير والشاة. وقال الحسن: كمثل الراعي الذي يصيح بالغنم فترفع رؤوسها لا تدري ما يقول. ثم تضع رؤوسها. قال: فكذلك هم إذا دعوا إلى الهدى. وقال مجاهد: هو دعاء النعق بآلهتهم.

قوله: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }. قال: صمّ عن الحق. أي: عن الهدى فلا يسمعونه، وبكم عنه فلا ينطقون به وعمي عنه فلا يبصرونه.

قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } يعني: بالطيبات الحلال. وذلك لما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم من الأنعام والحرث. مثل قوله:
{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا... }
إلى آخر الآية [الأنعام:136]. وهو كقوله:
{ قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ }
[يونس: 59]. فأمر الله المؤمنين أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم، وأخبرهم أنه { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ } يعني ذبائح المشركين إلا من كان من أهل الكتاب؛ قال في سورة المائدة:
{ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ }
[المائدة:5]. والطعام هاهنا هو الذبائح.

قوله: { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ } يأكل حتى يشبع ولا يتزوّد. وقال بعضهم: يأكل ما يزوّد به نفسه ولا يشبع. { إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

وقال بعضهم: غَيْرَ بَاغٍ: أي في أكله، وَلاَ عَادٍ: أي: لا يتعدى حلالاً إلى حرام وهو يجد عنه مندوحة قوتاً أو قوة. وقال الحسن: { غَيْرَ بَاغٍ }: يحمله على أكله ابتغاء الاثم على غير اضطرار منه إليه، { وَلاَ عَادٍ } ، أي: لا متعد لما أحل الله له من ذلك عند الاضطرار منه إليه، فيحرمه وهو موضوع عنه.
وقال مجاهد: غير باغ: يبغى على الناس، ولا عاد: يقطع عليهم الطريق. وكل ما تأوّلوه عليه يخرج صحيحاً.

ذكروا عن سهل بن عبد الله بن عون قال: دخلت على الحسن فإذا عنده كتاب كتبه سمرة لولده فإذا فيه: يجزى من الضرورة أو من الضارورة صبوح أو غبوق.

ذكر الحسن أن رجلاً قال: يا رسول الله متى تحرم علي الميتة؟ قال: " إذا رويت من اللبن وجاءت ميـرة أهلك ".

ذكروا عن بعض السلف أن من اضطر فلم يأكل ولم يشرب ثم مات دخل النار.

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: إن الله يحب أن تُقبل رخصه كما يحب أن تقبل عزائمه.


{ وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } * { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً ٱلْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ }
قوله: { وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } أي لكي تتقوا وليتناهى الناس عن القتل؛ يخاف الرجل القصاص؛ وفي ذلك حياة لهم، أي بقاء. تفسير الحياة هاهنا البقاء. يقول: { وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ } أي: بقاء. { يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ } ، يعني يا ذوي العقول، يعني بذلك المؤمنين. { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }: لكي تتقوا القتل الذي فيه القصاص بينكم.

قوله: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ }. يعني بالخير المال؛ أي: إن ترك مالاً.

وكان بعضهم يقول: الخير ألف فما فوق ذلك. فأمر الله في هذه الآية أن يوصي لوالديه وأقربيه، ثم نسخ ذلك في سورة النساء بقوله:
{ وَلأَِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُِمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُِمِّهِ السُّدُسُ }
[النساء:11] وجعل لكل ذي ميراث نصيبَه من الميراث وصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب.

قال الحسن: نسخ منها الوالدان ومن كانت له قرابة ممن يرث، وصارت الوصية لأقربيه الذين لا يرثون؛ ولم تكن عنده منسوخة. قال [بعضهم]: والعامة من الفقهاء على أنها منسوخة.

ذكروا أن علياً دخل على رجل من قومه يعوده في مرضه، فأراد أن يوصي، فقال له علي: إنما قال الله: { إِن تَرَكَ خَيْراً } وأنت مقلٌّ لا مال لك.

ذكروا عن ابن عمر أنه قال: ما حق امرىء مسلم له شيء يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
قراءة الآية

فتح صفحة القرآن

الانتقال الى صفحة القرآن

{ فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى ٱلَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
قوله: { فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } قال الحسن: هي الوصية، من بدّلها بعد ما سمعها فإنما إثمها على الذي يبدلها. تفسيره: من بدّل ما في الوصية، يعني الولي أو الشهود، فإنما إثمه على الذين يبدلونه. { إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

قوله: { فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ } قوله: { فَمَنْ خَافَ } أي: فمن علم، من موص، يعني الذي يوصي، { جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ } يعني بين من أوصى له وبين الورثة { فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ }. قال بعضهم: من أوصى في وصيته بجور أو جنف، فردها الولي أو إمام من أئمة المسلمين إلى كتاب الله وسنة نبيه، فذلك له. قوله: { جَنَفاً أَوْ إِثْماً }: الجنف: أن يوصي بجور وهو لا يتعمد الجور، كقوله:
{ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِِّثْمٍ }
[المائدة:3] أي غير متعمد لإِثم. والإِثم أن يوصي بجور وهو يعلم أنه جور. { فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ } أي فرض عليكم { الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ } أي كما كتب { عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } يعني أمة موسى وعيسى { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.

قال بعضهم: هو رمضان كتبه الله على من قبلكم؛ وكان فيما كتب عليهم لا يأكلوا ولا يشربوا ولا يطأوا النساء بعد رقادهم من الليل إلى مثلها من القابلة. وكان قوم من أصحاب النبي عليه السلام يصيبون ذلك بعد رقادهم فأنزل الله: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } ، والرفث: الغشيان، { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }. أي: هن سكن لكم وأنتم سكن لهن.
{ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ. فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }
[البقرة:187].

قال الحسن: كتب على النصارى صيام رمضان فصاموا زماناً. فجعل أحياناً يكون في الحر الشديد فحوّلوه، ووضعوه في زمان لا يكون فيه حر. فصاموا ذلك زماناً. ثم قالوا: لنزيدنَّ في صيامنا لمّا حوّلناه؛ فزادوا فيه عشرة أيام. فصاموا كذلك زماناً. ثم إن ملكهم اشتكى؛ فنذر إن عافاه الله أن يزيد في الصيام سبعة أيام. فعافاه الله، فزاد في الصيام سبعة أيام، فصاموا كذلك زماناً. ثم إن ذلك الملك هلك، فاستُخْلِف ملِكٌ آخر، فقال: ما بال هذه الثلاثة أيام ناقصة من صيامنا، فأتمَّها خمسين يوماً.

ذكر عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ".

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الفجر فجران؛ فأما الذي كأنه ذنب السرحان فإنه لا يحل شيئاً ولا يحرمه، وأما المستطير الذي يأخذ بالأفق فإنه يحل الصلاة ويحرّم الصيام " قال: ومجمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويحرم الصيام أن يوجب الصيام فلا يحل إذا طلع الفجر أكل ولا شرب ولا وطء ".

قوله:
{ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ }
[البقرة:187] أي: من الولد، يطلبه الرجل فإن كان ممن كتب الله من الولد رزقه الله الولد. وقال بعضهم: { مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ } أي ما أحل الله لكم.
{ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
قوله: { أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " احصوا هلال شعبان لرمضان، صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غُمِّيَ عليكم فأتموا ثلاثين يوماً فإن الشهر يكون تسعة وعشرين يوماً ".

ذكروا عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الشهر تسعة وعشرون وقال: يكفيه هكذا وهكذا وهكذا، وضم الخنصر في الثالثة، صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وإن حالت دونه غمامة أو غيابة فأكملوا العدة ثلاثين فإن فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحّون ".

غير واحد من العلماء أنهم قالوا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم ستة أيام من السنة: يوم الفطر ويوم النحر، وأيام التشريق، واليوم الذي يشك فيه من رمضان.

ذكر محمد بن سيرين قال: انطلقت في اليوم الذي يختلف فيه من رمضان فلم أجد أحداً ممن كنت آخذ عنه إلا رجلاً واحداً كان يحسب حساباً له، ولو لم يحسبه كان خيراً له؛ فكان فيمن أتيت أنس بن مالك ومسلم بن يسار.

قوله: { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }. ذكروا عن حمزة الأسلمي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم في السفر فقال: " إن شئت صمت وإن شئت أفطرت ".

ذكر بعض أصحاب النبي عليه السلام قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رمضان فصام طوائف من الناس، وأفطر آخرون، فلم يعب بعضهم على بعض.

قوله: { وَعَلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ }. قال بعضهم: كان رخص فيها للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يفطرا إن شاءا ويطعمان مكان كل مسكيناً، ثم نسخ ذلك في هذه الآية الأخرى. { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فبقيت الرخصة للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما كل يوم مسكيناً، والحبلى والمرضع إذا خافتا.

ذكروا أن أنس بن مالك ضعف عن الصوم عاماً قبل موته فأفطر وأمر أهله أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً.

أما قوله: { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } أي: من أقام منكم الشهر فليصمه. فحدثنا عن الثقة من أصحاب النبي عليه السلام وهو أبو سعيد الخدري أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى حنين لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رمضان فصام طوائف من الناس وأفطر آخرون فلم يعب بعضهم على بعض.

ذكروا عن علي بن أبي طالب أنه قال: من خرج في رمضان فإن الصوم عليه واجب يصومه في السفر. قال بعضهم: والعامة على أنه إن شاء صام وإن شاء أفطر.

قوله: { فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ } قال: من أطعم مسكينين. { وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } يعني الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم. ثم نسخ ذلك في الآية الأخرى: { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }.


{ شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
قوله: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْءَانُ }. نزل في رمضان ليلة القدر جملة واحدة إلى السماء الدنيا. وهو قوله:
{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }
[القدر:1].

ذكر الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل القرآن في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة. ثم جعل بعد ذلك ينزل نجوماً، ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات وأقل من ذلك وأكثر. ثم تلا هذه الآية:
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ }
[الواقعة:75].

قوله: { هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } والفرقان: الحلال والحرام. وقال بعضهم: الفرقان: المُخرِج من الشبهة والضلالة.

{ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } أي: من كان مقيماً فليصمه، ومن خرج من رمضان فإن شاء صام وإن شاء أفطر { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }.

قوله: { يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ } ذكروا عن ابن عباس أنه قال: إنما يريد الله بالإِفطار في السفر التيسير عليكم؛ فمن يسّر عليه الصوم فليصم، ومن يسر عليه الإِفطار فليفطر. ذكر أبو حمزة عن ابن عباس أنه قال: عسر ويسر فخذ بأيهما شئت.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن خير دينكم أيسره " ذكروا عن بعض السلف أنه قال: إن كتاب الله قد جاءكم بذلك ورب الكعبة؛ قال الله: { يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }.

ذكروا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما عرض لرسول الله أمران إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثماً، وكان أبعد الناس عن الإِثم. وما غضب رسول الله لنفسه قط.

قوله: { وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ } أي ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين يوماً. وقد فسّرناه في الآية الأولى.

قوله: { وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }. ذكر جعفر بن محمد أن أباه كان يكبّر ليلة الفطر، فلا يزال يكبّر حتى يصلّي مع الإِمام صلاة العيد. وكان بعضهم يجهر بالتّكبير حتى يغدو إلى المصلّى.

وذكروا أن علياً كان يكبّر على بغلته يوم الفطر وهو متوجّه إلى المصلّى. ومن السنة أن يكبّر الإِمام على المنبر في المصلى يوم العيد تسع تكبيرات قبل أن يخطب الخطبة الأولى، ثم يكبّر قبل أن يخطب الخطبة الأخيرة سبع تكبيرات.