عرض المشاركة وحيدة
  #13  
قديم 25/05/2006, 10:04 AM
ابن اليماني ابن اليماني غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 06/05/2006
المشاركات: 481
حول أمية النبيّ

تابعتُ مقالات الجابريّ الثلاثة التي نشرها على موقعه(منبر الدكتور محمد عابد الجابري) عن أميّة النبيّ ، أنتظر أن يأتي بجديد...
وعلى الرّغم من أنه ألمح إلى أنه يميل إلى أنّ النبيّ كان يعرف القراءة والكتابة، وقد استطاع بخبرته المعهودة في العرض المتدرّج للأفكار، والإحكام الملحوظ لتسلسل الأفكار، مما يجعله يتجنب بِحُنكة القفز إلى النتائج واستفزاز القارئ العادي ، إلا أني كُنت أنتظر تأخيره المتعمّد للآية (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المُبطلون) حتى إنه قد أوهمني لمدة أسبوعين أنّ له فهماً جديداً خليقاً بالاعتبار للآية المذكورة. فإذا به يمرُّ عليها سريعاً ويتناسى تنكير كلمة (كتاب) ودلالة التنكير ليقول:"""وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ". وواضح من السياق أن لفظ "كتاب" في هذه الآية ينصرف معناه إلى التوراة. فالآية ترد على الذين اتهموا النبي بالنقل من كتاب أهل الكتاب، بما معناه: كان يمكن أن يكون اتهام قريش لك يا محمد بافتراء القرآن مبرراً ومقبولاً لو كان حالك كحال الأساقفة والرهبان الذي يقرؤون التوراة أو الإنجيل وينسخونها. وهذا ما لم يحصل ولم يعرف عنك. وأكثر من هذا فهؤلاء الجاحدون يعرفون أن القرآن لم ينزل عليك مرة واحدة كتاباً جاهزاً، فهم يشاهدونه ينزل عليك مُنجَّماً مفرقاً، آيات، آيات: ذلك قوله تعالى في الآية التالية مباشرة للسابقة: "بَلْ هُوَ آيَاتٌ، بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ" (49). "اهـ
وشرع يدلل على ما اقتنع به بأنّ عدم معرفة النبيّ للقراءة والكتابة ليست هي الدليل على إعجاز القرآن. واتخذ من هذه الفكرة مدخلاً للخوض في موضوع ليس من السهولة ولوجه.وإن كان قد عوّدنا على مناقشة مواضيع لا يجرؤ على مناقشتها إلا القلائل. جاءته هذه القدرة من شيئين :
أولهما مغاربيته التي ورثت واقعية أهل الأندلس وصدقهم وسنيتهم ومالكيتهم وظاهريتهم وثانيهما قدرته التحليلية وخبرته الفلسفية التي قفزت بالفكر الفلسفي العربي خطوة لا ينكرها إلا من حرم إما نعمة العلم والفهم أو نعمة الإنصاف والعدالة.
ولكني أضع بين يديه ويدي الإخوة القراء في السبلة بعض الملاحظات:
أولاهما: أنّ الكتابة العربية لم تكن قد تطورت في حياة النبي ولا قبلها تطوّراً ينقل العارفين بها إلى مرحلة تميز فكري أو أدبيّ. فالخطّ كان يحوي 16 رمزاً لأكثر من 30 حرفاً[لأنّ الحركات حروف في علم الخطّ العالمي]، ولذلك كان الخطّ مجرد مساعد للذاكرة.
ثانيهما: أن الخطّ الذي كان متطورا هو الخطّ الإغريقي الذي استفادت منه السريانية ثم العبرية فأصبح بإمكان متعلميها أن يقرءوا فعلاً ويكتبوا فعلاً.
هاتان نقطتان يجب أخذهما في الحسبان عند أي مقاربة لهذا الموضوع.
وعليه فإن معرفة النبي لهذه الـ16 رمزاً لا يغيَّر شيئاً في الموضوع، أو يمكن صياغة العبارة بطريقة أخرى وهي أن معرفة النبيّ بالقراءة والكتابة ليست بالأمر المهمّ الذي يضيف إلى الوعي المسلم شيئاً ذا بال إزاء إعجاز القرآن وشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكنّ الأقرب إلى ظاهر الآية وما كنتَ تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك هو أنها تفيد قطعاً أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف الكتابة أو يمارسها على الأقل.
ولا يمكننا تضييق سعة معنى (كتاب) مُنَكّرة وقصرها على (التوراه) ، غير ممكن إطلاقاً

آخر تحرير بواسطة ابن اليماني : 25/05/2006 الساعة 06:13 PM