الموضوع: اخــترت لـك
عرض المشاركة وحيدة
  #82  
قديم 05/04/2004, 04:13 PM
صورة عضوية صقر الخالدية
صقر الخالدية صقر الخالدية غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2000
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,253
267 ـ 1 ابريل 2004
Issue 267 April 1, 2004




سياسة

لا نسمع إلا المديح الأجوف للأشخاص والمؤسسات
صمت في الإمارات

بقلم: محمد عبيد غباش








































الإمارات هي الدولة الخليجية الوحيدة الصامتة عن قضية الديمقراطية. كل دول الخليج بما في ذلك العربية السعودية قامت بمراجعة سياسية لنظامها السياسي, وأدخلت تعديلات على آلية الحكم فيها, أو على الأقل هي تبذل جهداً معلناً يتبنى فكرة الإصلاح السياسي للمؤسسات القائمة, ويقوم بفتح حوار مع نخب مثقفة بغية توليد أفكار إصلاحية وتوافق حول خطوات التغيير.

أما في الإمارات فلا نسمع سوى صوت الصمت. هل أوضاعنا جميلة إلى الحد الذي لا نرى فيه أهمية للإصلاح والتغيير؟ هل تتمتع مرافقنا بالكفاءة وحسن الأداء إلى حد أننا لا نحتاج لإدارتها ديمقراطياً, بل نكتفي بالأسلوب الذي نديرها فيه طيلة العقود الثلاثة الماضية؟

إن أي رصد لمؤسساتنا العامة ومرافقنا التعليمية والصحية والسكنية يكشف أن مشكلاتنا كبيرة. بل إن أي تلمس لبعض جوانب الحياة العامة يُظهِر لنا أن هناك كوارث وأشباه كوارث... والمأساة أن نظامنا السياسي عاجز عن التصدي لها أو هو قد قرر سلفاً ألا يتصدى لها.

فهناك عدد هائل ممن فاتهنّ قطار الزواج, حُدد بـ35 ألف حالة لفتيات لا ذنب لهن في أن يُحرمنَ من الحياة الأسرية, ومهددات بفقد الجنسية إن هنّ أقدمن على الزواج من غير المواطنين, وهي الممارسة ذاتها المباحة للشباب المواطنين دون أن يتهددهم قانون بفقد الجنسية.

وهناك عدد هائل من العاطلين عن العمل الذين يتأخر توظيفهم أو يتم توظيفهم في غير المواقع المتوافقة مع رغباتهم, والأسوأ أن التوظيف بات متعذراً إن لم يكن مستحيلاً لفئة ليست بالقليلة.

هاتان ظاهرتان من أشباه الكوارث التي لا تقدم الدولة حلولاً حقيقية لها. لكن الظاهرة الأسوأ هي المشكلة السكانية التي يبدو أن الدولة بلغت فيها حالة اليأس التام. في الماضي كانت هناك محاولات (فاشلة دائماً), لكن على الأقل كانت هناك محاولات متعددة تحاول فهم الظاهرة ووضع بعض الحلول لتخفيف وطأتها. أما اليوم فلا يوجد أي جهد يبذل لمعالجة هذه الكارثة التي تجعل نسبة المواطنين تنخفض في بلدهم إلى ما بين 20% ـ 10%, وعليك أن تصدق بنفسك النسبة التي تريدها حسب المصدر الذي تود أن تصدقه... بدلاً من مواجهة الوضع المأزوم بشكل علمي وتحديد العلاجات المناسبة الكفيلة بعدم المساس بحاجات التنمية, فإن الدولة لا تفعل شيئاً, بل تفتح مطاراتها وموانئها للمزيد من التدفق السكاني الذي أصبح كالطوفان.

والالتفات لمرافقنا العامة وخدماتها يكشف هو الآخر أن المحاسبة غائبة عن كثير من هذه المؤسسات الأمر الذي يجعلها تقدم خدمات منخفضة للمواطنين. ومن الغرائب التي لا يستطيع أحد فهمها أن دولة نفطية غنية كالإمارات, سخية في مساعداتها الخارجية الإنسانية, لكنها بخيلة للغاية في الإنفاق على مرافقها العامة الأمر الذي بالضرورة يجعل هذه الخدمات متدهورة وهزيلة.

السياسة معطلة بالكامل في الإمارات. فلا مجلس الوزراء يتصدى للأزمات الكبيرة, ويشكو وزراؤه من قلة الموارد المتاحة لهم, ولا المجلس الوطني يحاسب مجلس الوزراء على مهامه المعطلة ومرافقه العاجزة. وحينما نأتي للإعلام والصحافة فلا نسمع أو نرى إلا هذا الطوفان العارم من المديح الأجوف للأشخاص والمؤسسات. ولا نسمع إلا صوت الصمت إزاء قضايانا المصيرية.



مجلة الازمنة العربية