الموضوع: اخــترت لـك
عرض المشاركة وحيدة
  #91  
قديم 22/04/2004, 12:27 AM
صورة عضوية صقر الخالدية
صقر الخالدية صقر الخالدية غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2000
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,253
المعرفة والتنمية في البلدان العربية

د.حامد بن شظا المرجان


جاء في تقرير التنمية الانسانية مطالبة العالم العربي بالانفتاح وبالغوص في منابع المعرفة العالمية. ويؤكد مؤلفو التقرير بالالتزام الحازم الواضح بالارتباط بالعالم ولكن العالم الخارجي فيما يبدو لهم انما يفرض هيمنة عسكرية ويرى التقرير ان لدى البلدان العربية امكانات هائلة لتطوير مقدراتها المعرفية لا بسبب مالديها من رأسمال بشري لم يستغل بعد ومعظمه مهمش أو مهاجر بل لان لها تراثا ثقافياً ولغوياً وفكرياً ثرياً.
يقر التقرير بان تجديد النظم التربوية البالية الشحيحة الموارد في المنطقة لن يكون امراً سهلاً غير انه يصر على الضرورة القصوى لان يقوم كل من الاقتصاد والمعرفة بتغذية الآخر اما الخيارالحاسم للأمة العربية مثل ما جاء في التقرير هو مواكبة العالم الجديد بروح ايجابية أو انكم ستتخلفون وراءه. وبالنسبة لمن يتخوفون من ان يلحق بثقافاتهم الضرر بفعل التأثيرات الخارجية فان هذه الدعوة للانفتاح قد تكون مدعاة للخلاف. لماذا المعرفة في الوطن العربي كانت اهم محاور تقرير التنمية الانسانية العريبة، لان المرحلة التي يمر بها العالم حاليا والتطور السريع يقوم على قوة المعرفة والتسارع في انتاجها. وتشير الدراسات بوضوح الى تخلف الوطن العربي في مضمار المعرفة وهي من القضايا الهامة التي تعيق بناء التنمية الانسانية.
يقول المفكر العربي ادوارد سعيد "لا نريد المعرفة كمنتج أو سلعة ولا نريدها كعملية اصلاح تعني المكتبات اكبر أو عدداً اكبر من الحواسيب فقط. المعرفة التي نريدها يجب ان تقوم على الفهم. اعتقد ما يقصده المفكر ادوارد سعيد انه يجب ان يصحب آليات اكتساب المعرفة القدرة على فهم المعرفة حيث هناك من يدعي فى العالم العربي ان لديه اعدادا هائلة من الحاسوب وخريجي الحاسوب ولكنه لم يستطع الانتاج لانه لم يستطع الفهم لينتج المعرفة وهو مضمون التنمية الانسانية الاساسية، واكتساب المعرفة هو سبيل التنمية الانسانية.
ان اكتساب المعرفة من خلال التعليم والبحث والتطوير وتوظيفها هي مسائل التنمية الانسانية في بدايات القرن الحادي والعشرين سواء كان ذلك في العمل لتوسيع نطاق الحرية وضمانها أو ضمان الصحة أو ضمان مقومات الرفاه المادي والمعنوي التي تساعد لاشك على اتخاذ القرار عقلانياً على المستويين الفردي والجماعي ومثل ما جاء في التقرير ان تطور البشرية يعتمد على المعرفة التي هي سبيل بلوغ الغايات الانسانية الاخلاقية الاعلى مثل الحرية والعدالة والكرامة الانسانية. فالمعرفة او مجتمع المعرفة على وجه التحديد هو المجتمع القادر على نشر المعرفة وانتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط المجتمعي والاقتصاد والمجتمع المدني والسياسي في هذه المجتمعات تكسب المعرفة دوراً في تشكيل بناها المجتمعية وقوة ادائها في مجالات الاقتصاد والمجتمع المدني والسياسي للوطن العربي.
فتقرير التمنية الانسانية العربية لعام 2002 اشار الى النواقص الجوهرية المعوقة للتنمية الانسانية في بداية القرن الحادي والعشرين، فالتاريخ يعتبر انه كان للعرب في حقب سابقة مساهمات بارزة في انتاج المعرفة ومن ثم في اغناء الرصيد المعرفي للبشرية جمعاء. فاقامة مجتمع المعرفة في البلدان العربية تمثل استعادة لواحدة من درر تاريخ الوطن العربي. وجاء في تقرير التنمية الانسانية العربية 2002 انه بالرغم من الانجازات التي تحققت في مجال التوسع الكمي في التعليم في البلدان العربية منذ منتصف القرن العشرين الا ان الوضع العام للتعليم لايزال متواضعاً مقارنة بانجازات دول اخرى حتى في بلدان العالم النامي ويكمن التحدي الاكبر في مجال التعليم في مشكلة تردي نوعية التعليم المتاح، بحيث يفقد التعليم هدفه التنموي الانساني من اجل تحسين نوعية الحياة وتنمية قدرات الانسان بالاضافة الى عناصر اخرى تؤثر في تحديد نوعية التعليم ومن أهمها سياسات التعليم ووضع المعلمين والمناهج واساليب التدريس على سبيل المثال بعض الدول العربية لا تستطيع معظم الاسر تعليم اطفالها في مدارس الحضانات فبعض هذه الاسر تسجل اطفالها في الكتاتيب ذات التكلفة المنخفضة كما كان تسجيل الاناث في عام 2002 في المراحل التعليمية الثلاث 45% فقط. ويبلغ عدد الطلبة في الفصل الدراسي الواحد اكثر من 45 طالبا ويقدر بان 40% من خريجي التعليم العالي يبقون من غير عمل كما يترك اكثر من 50% من طلبة الجامعة قبل اكمال دراستهم. اما وسائل الاعلام فدورها مهم في نقل المعرفة وانتاجها ولكن لا يزال الاعلام العربي ووسائط النفاذ اليه وبنيته التحتية ومضمونه يعاني الكثير مما يجعله دون مستوى التحدي. ومن ناحية اخرى تؤكد الاحصائيات الدولية ان المواطن في الدول العربية لا يتواصل بالقدر الكافي مع وسائل الاعلام ويتضح ذلك جلياً من المقارنة بين عدد السكان في الدول العربية ووسائل الاعلام المتاحة لهم من جانب ومقارنة هذه البيانات بمناطق اخرى من العالم. فالبلدان العربية تتسم بانخفاض نسب وسائط الاعلام والصحف واجهزة الإذاعة والتلفزيون لكل 1000 شخص، فانخفاض عدد الصحف لكل 1000 شخص الى اقل من 35 في الدول العربية مقارنة مع285 صحيفة لكل 1000 شخص في الدول المتقدمة. وهذا يعني ان المواطن العربي لا يوجد طلباً كبيراً على الصحف بسبب انخفاض معدلات القراءة وارتفاع تكلفة الصحف مقارنة بالدخل وتراجع مستوى الصحافة العربية واستقلاليتها ومهنيتها جعلها غير مرغوبة عند فئات واسعة من القراء العرب. أما القنوات الفضائية فقد يتجاوز عددها 120 قناة فضائية واكثر من 70% من هذه القنوات تابعة رسمياً للحكومات العربية لاشك ان بعض هذه القنوات حققت تقدما ملحوظا فى مضمون رسالتها الإعلاميه. اما من ناحية مصادر المعلومات فيواجه الاعلاميون العرب في معظم الدول العربية وبدرجات مختلفة صعوبات في الوصول الى المعلومات والحصول على الوثائق والبيانات كما انه لا توجد مصادر مستقلة ومتنوعة للمعلومات واعتمادها على الوكالات الاجنبية بالرغم من ان كل دولة عربية لها وكالة انباء. وكشفت الدراسات والبحوث عن أن وسائل الاعلام العربية تسيطر عليها مضامين الترفيه ويغلب على بعضها السطحية والتشابه الشديد في المضمون وتؤكد على القيم الاستهلاكية واهدار قيمة العمل.أما من حيث الترجمة فتواجه المجتمعات العربية تحدياً ثقيلاً فبالرغم من ازدياد عدد الكتب المترجمة من حوالي175 عنواناً في السنة خلال الفترة من 1079 - 1975 الى ما يقارب من33 0 كتاباً وهو خمس ما تترجمه اليونان مثلاً ، ويقدر العدد الاجمالي التراكمي للكتب المترجمة منذ عصر المأمون حتى الان بحوالي 10000 كتاب و هو يوازي ما تترجمه اسبانيا في عام واحد ولنا حديث آخر في الاسبوع القادم عن انتاج المعرفة فى الوطن العربي.

المصدر جريدة عمان