عرض المشاركة وحيدة
  #18  
قديم 18/10/2006, 02:32 PM
السهم المسدد السهم المسدد غير متواجد حالياً
عضو متميز
 
تاريخ الانضمام: 08/09/2002
الإقامة: شواطئ الصحراء
المشاركات: 1,007
10- الإشكالات الإقتصادية التي خلقتها الرواية (3-3):


ثانياً: تحريم التبادل التجاري إن كانت السلعة والثمن متشابهين .

جاء في الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الذهب بالذهب رباً إلا هاء وهاء، والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء، والشعير بالوَرِق رباً إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر رباً إلا هاء وهاء)([66]). وأنه صلى الله عليه وسلم (استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا، والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاث. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً)([67]).

فقال أهل الحديث إن المبادلات التجارية القائمة على استبدال سلعة بأخرى أكبر أو أصغر من نفس النوع غير جائزة شرعاً،

فلا يجوز أن تبيع تمراً غالياً بآخر رخيص إذا اختلف الوزن وإن كنت محتاجاً إلى التمر الرخيص بسبب تفضيلك إياه على النوع الغالي، ولا أن تستبدل ذهباً قديماً بآخر جديد أقل منه أو يزيد عليه في الوزن إلا بعد أن تقبض ثمن الأول ومن ثم ترد المبلغ الذي قبضته مرة أخرى إلى البائع!

والأمر كذلك في صرف الأوراق المالية فلا تجوز الحوالات المالية إذا اختلفت الأوراق المالية، فمثلاً لا يجوز تحويل مئة دينار إلى رجل في أمريكا ليستلمها بالدولار وإنما يجب فعل التالي: إما أن يتم قبض ما يعادل المئة دينار من الدولارات ومن ثم تحويل تلك الدولارات، أو تحويل المئة دينار بحيث يقبضها ذلك الشخص كما هي مئة دينار ومن ثم يحولها يداً بيد بحيث لا يسلم المئة دينار حتى تلامس يده ما يعادلها من الدولارات!،

وكل هذا تعقيد وتشديد لا يتناسب والمنظومة الاقتصادية الكلية للشريعة الإسلامية والتي رسمت خطوطها الواضحة نصوص الكتاب العزيز.

ثالثاً: التعامل مع المفلس.

روى أهل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك مال بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره)([68]). فلو أعلنت شركة ما إفلاسها فإن أي شخص تدين له هذه الشركة بمال جاز له انتزاعه قبل أن يصل غيره من الناس للمطالبة بأموالهم!

وهذا أقرب ما يكون إلى قانون الغاب حيث يتسابق الدائنون من يصل أولاً لاسترداد أمواله دون مراعاة لغيره من الدائنين الذين ينتظرون استرداد أموالهم، فالأصل هو أن تحجز تلك الأموال ويتم توزيعها على الدائنين بالتساوي لا أن يتسابق الناس رجالاً ونساءاً إلى تلك الأموال.

فالحاصل أن أهل الحديث بمروياتهم استطاعوا أن يكبحوا حركة الإقتصاد الإسلامي التي كان ينبغي أن تتميز بالسرعة والمرونة والانفتاح، الأمر الذي أدى إلى تذمر الناس من هذا الفقه القائم على التشظية والتجزيئ والهدم، والواقع ينبأنا عن حقيقة مؤلمة وهي تبني أكثر المسلمين اليوم لمنظومات إقتصادية غير إسلامية بعد أن عجز الفقه الإسلامي التجزيئي القائم على الروايات أن يوفر للناس حاجاتهم الأساسية!


-----الهامش----
[65] البخاري 2079.

[66] البخاري 2174.

[67] البخاري 2201، و2202.

[68] البخاري 2201، و2202.


يتبع: