عرض المشاركة وحيدة
  #40  
قديم 29/05/2006, 02:29 PM
الزمن القادم الزمن القادم غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/03/2006
المشاركات: 242
خطوط فاصلة

بقلم : سمير رجبE-mail:[email protected]

الجمهورية

في بداية الستينيات.. انتشرت في مصر ظاهرة أطلقوا عليها وقتئذ ظاهرة "التاكسي".. حيث كان المحالون للمعاش. والذين يملكون رأس مال "صغيراً" يقومون بشراء سيارات "نصر1100" لتشغيلها كأجرة.. فتدر عليهم عائداً مجزياً..!
بعد سنوات.. ونتيجة زيادة العرض علي الطلب.. تراجعت "الظاهرة".. حتي أصبح الربح محدوداً.. ومحدوداً جداً..!

***

تطور المجتمع.. لا سيما بعد تطبيق سياسة الانفتاح في منتصف السبعينيات.. وطفت علي السطح "فئة جديدة" تضخمت أرصدة أفرادها في البنوك خلال فترة وجيزة.. إلي أن فكر واحد منهم في شراء "مركب" صغيرة حوَّلها إلي فندق عائم.. بعد ذلك كبر حجم المركب وأصبحت سفينة يقصدها السياح الأجانب من كل فج.. فضلاً عن المواطنين المصريين..!
كالعادة.. أغري الربح.. كثيرين.. هرعوا لاستثمار أموالهم في الفنادق العائمة.. التي تكدست بدورها فوق مياه النيل.. لدرجة أصبحت لا تجد "عملاء" مما أدي إلي توقف هذا النوع من النشاط..!!

***

أما في منتصف الثمانينيات فقد تفجرت الظاهرة "الأخطر".. حيث نشأت في غضون شهور قليلة. ما تسمي بشركات توظيف الأموال التي داعبت أحلام الناس لتستولي علي "تحويشة عمرهم" بعد أن خدعتهم بصرف أرباح غير حقيقية.. ثم سرعان ما اكتشفت اللعبة.. ليندب العائدون من الخارج. والرجال. والنساء. والشباب حظهم العثر الذي أوقعهم في "الفخ".. وللأسف مازالت "ذيول" المشكلة قائمة حتي الآن.. بعد أن رحل من رحل عن دنيانا تاركاً الورثة.. يشكون. ويصرخون. ويتشاجرون مع بعضهم البعض.. علي "تركة" زائفة..!

***

الآن.. بعد أن حطمت الحرية الاقتصادية كافة القيود.. وباتت عمليات البيع. والشراء.. وصرف الملايين من البنوك تتم عبر شبكة الإنترنت.. أو عن طريق "بصمة الصوت".. كان من الطبيعي أن تعود الحياة ل"البورصة المصرية".. التي اعتقد "المصريون" للأسف أن ضربة واحدة من خلالها.. تنقل محدود الدخل "الغلبان" الذي حصل علي مكافأة نهاية الخدمة مبكراً وقبل السن القانونية بسنوات عديدة إلي عالم المليونيرات.. لا سيما بعد أن طرحت يوماً إحدي الشركات "أسهماً" تضاعف سعرها مرات ومرات بعد ساعات..!!
ولأن "البورصة" اسمها "بورصة". وبالتالي ليس غريباً.. أن تشهد تغييرات متعاقبة.. ترفع بأسهم معينة إلي أقصي القمة.. ثم تهبط بها إلي سابع أرض.. فالمفروض أن المتعاملين معها يفهمون "طبيعتها".. وأن يتوفر لديهم "أقل القليل" من الثقافة الاقتصادية.. وإلا أعادونا إلي عصر "التاكسي". وزمن توظيف الأموال.. عندما تعالت الصيحات. ودوت الصرخات التي طالما مزقت سكون "الفجر".. حيث لم يجد "الضحايا" أمامهم من سبيل سوي أن يواصلوا الليل بالنهار.. باحثين عمن يقذف إليهم بقوارب النجاة.. لكن ما من مغيث..!!

***

لقد أكدت المنظمات العالمية.. أن التغييرات التي تشهدها البورصة المصرية.. هي تغييرات عادية.. بل وأيضاً متوقعة.. لكن السؤال:
*.. وماذا عن هؤلاء البسطاء الذين "سلموا" مصائرهم ل "سماسرة" لايعرفون عنهم شيئاً.. ولا يدرون إلي أين بهم ذاهبون..!!
طبعاً.. الإجابة صعبة إلا أننا نعود لنقول إن "التوعية" في أي مجال من المجالات ضرورية. ولازمة.. ومؤسسات المجتمع المدني يجب أن يكون لها دور في هذا الصدد.. وإلا سوف نفاجأ بأناس يلطمون الخدود ليل نهار.. مرددين: "بيتنا اتخرب" لتقيد القضية في النهاية ضد مجهول..!