عرض المشاركة وحيدة
  #7  
قديم 14/10/2006, 04:29 PM
صورة عضوية حيرانة
حيرانة حيرانة غير متواجد حالياً
أم مريم
 
تاريخ الانضمام: 24/01/2005
الإقامة: نبـــض مريــــم
المشاركات: 26,766
ظفار
حلت ظفار القديمة محل ما عرف قديما بسمهرم، ومسكا، في تصدير لبان عمان، وظفار القديمة هي غير ظفار التي عرفت بظفار الحبوصي، وفي العصر الذي كانت فيه (قلهات) تحت سيطرة سلاجقة (هرمز)، كانت ظفار القديمة بيد بني منجوه، المشهورين بالمنجويين، وهم من بيت حارثة بن منجوه، من بادية ظفار، وليسوا من الفرس، كما رأى بعض المؤرخين، وينسبهم مؤلف "رسالة الدلائل والأخبار في خصائص ظفار" الى مذحج: ويقول إن معولهم كان على رعي الماشية. ومما يؤيد هذا القول أن سيف الاسلام طغتكين بن أيوب، سلطان اليمن، حينما سمع قصيدة الشاعر التكريتي، التي مدح فيها محمد بن أحمد المنجوي، بد أن تحطم مركبه وفقد كل تجارته على شاطيء ظفار، قال: "أيمدح بدويا بمثل هذا". وكانت المنجوي قد أجاز الشاعر بمركب وشحنته، وفي حوادث سنة 573، قال العلامة بن حميد في كتابه "العدة المفيدة ": "وفي هذه السنة توفي أحمد بن منجوه، وهو من المشهورين في جهة ظفار، ووالد محمد بن منجوه الذي مدحه الشاعر التكريتي (21).



وفي العقود الأولى من القرن السابع الهجري زارها ابن المجاور النيسابوري فقال:"خرب أحمد بن عبدالله بن مزروع الحبوضي ظفار سنة 618، خوفا من الملك المسعود أبي المظفر يوسف بن محمد بن أبي بكر الأيوبي، وبنى (المنصورة). وهي على ساحل البحر، وقد أدير عليها سور من الحجر والجص، ويقال من اللبن والجص، وركب عليه أربعة أبواب: باب البحر، ينفذ الى البحر، ويسمى باب الساحر، وبابان مما يلي البر، وهما على أسماء ظفار المهدومة، أحدهما مشرق ويسمى باب (حرقة) ينفذ الى عين عذبة، والثاني مما يلي المغرب ويسمى باب (الحرجاء). وقال: ان هواء (المنصورة ) طيب، وجوها موافق، وماؤها من فلج عذب فرات. تطع بها الفواكه من كل فن: من فواكه الهند الفوفل والنارجيل، ومن فواكه السواحل قصب السكر والموز، ومن فواكه العراق الرمان والعنب، ومن النخل جمل، ومن ديار مصر الليمون والاترنج والنارج، ومن السند النبق، ومن الحجاز الدوم وهو المقل. ومأكول أهلها السمك والذرة والكنب، ومطعوم دوابهم السمك اليابس، وهو العيد، ولا يزبلوا [يسمدوا] أراضيهم إلا بالسمك (22).



وعرفت (المنصورة ) بظفار الحبوضي، وجعل بينها وبين (ريسوت) غربا، ثلاثة فراسخ، وبينها وبين (مرباط)، شرقا، أربعة فراسخ. ولم يذكر، أعني ابن المجاور، شيئا عن مينائها ونشاطها التجاري. وزارها بعده الرحالة ماركو بولو فوصفها بأنها مدينة كبيرة حسنة، على البحر، لها ميناء جيد، ولها علاقة تجارية بحرية عظيمة مع الهند، وتصدر منها الى الهند كثير من الخيول العربية، وكميات كبيرة من اللبان الأبيض الذي تنتجه أرضها (23).



وكانت الخيل تجلب اليها من داخل الجزيرة العربية، وهناك طريق عرفت قديما تمتد من شمالي جزيرة العرب الى (ريسوت)، و(ظفار). قال ابن المجاور: "وأما ريسوت فكانت مدينة عظيمة، وكان من بغداد اليها طريق مطبق مجصص، وكانت القوافل صاعدة بالبربهار (يعني التوابل واللبار)، أو الخف، منحدرة بالبضائع التي تدخل الهند مثل الصفر، والزنجفر، وماء الورد، والفضة وما شابه ذلك (24). وتذكر ريسوت في كتب الرحلات القديمة مثل كتاب "عجائب الهند" وغيره.. ونلاحظ في خريطة الرحالة برترام توماس Bertram Thomas، المرفقة بكتابه: "العربية السعيدة" انه سلك هذه الطريق من (ظفار) الى شبه جزيرة (قطر)، فهي معروفة عند رجال البادية الى وقتنا الحاضر.



وزار ابن بطوطة (ظفار) فوصف أهلها بأنهم "أهل تجارة، ولا عيش شهم إلا منها،. ومن عاداتهم أنه إذا وصل مركب من الهند أو غيرها، خرج نخدم السلطان الى الساحل،.. وصعدوا في صنبوق (قارب صغير) الى المركب، ومعهم الكسوة الكاملة لصاحب المركب، أو وكيله، وللربان، وهو الرئيس، وللكراني، وهو كاتب المركب، ويؤتى اليهم بثلاثة أفراس فيركبونها وتضرب أمامهم الطبول والأبواق.، من ساحل البحر الى دار السلطان، فيسلمون على الوزير، وأمير الجند، وتبعث الضيافة لكل من بالمركب ثلاثة (أيام)، وبعد الثلاثة يأكلون بدار السلطان. وهم يفعلون ذلك استجلابا لأصحاب المراكب، وهم أهل تواضع، وحسن أخلاق، وفضيلة ومحبة للغرباء (25)".