الموضوع: اخــترت لـك
عرض المشاركة وحيدة
  #99  
قديم 17/05/2004, 05:52 PM
صورة عضوية صقر الخالدية
صقر الخالدية صقر الخالدية غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2000
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,253
Smile ارهاصات نسائية خليجية وصناجة لغوية واقعية

ارهاصات نسائية خليجية وصناجة لغوية واقعية
2004/05/15


أنور القاسم

في الخليج العربي حراك صحي أنثوي هذه الأيام غير مسبوق، فأينما وليت ناظريك تري في وسائل الاعلام والتلفزات برامج وندوات ونشاطات نسائية مبرمجة، بدأت تطل علي استحياء تنشد دوراً حقيقياً أشمل وأفعل لمرأة تستحق ان تواكب ترائبها في المجتمعات الحديثة.
وقد شدني في هذه البرامج نقاش شيق عرضته محطة عُمان الفضائية عنوانه سنعمل استضاف سيدات خليجيات مسؤولات، استفاض في الحديث عن هموم وحاجات وتطلعات المرأة العُمانية خاصة والخليجية عامة، سابراً أعماق الوهاد التي ما زالت تغفو بها.
البرنامج يحاول تشجيع ودفع الفتيات الخليجيات لخوض غمار التعلم بكافة مشاربه والتأهيل في حقول العمل، الذي تتطلبه الحياة المعاصرة.
وقد دعا من خلال محاوريه أرباب المنازل للسماح للبنات بالتدرب والتأهيل خارج المنزل والمساهمة بنسيج المجتمعات الحديثة. وطالبت السيدة شكور بنت محمد الغماري الاباء والازواج بالتوقف عن التعفف من ارسال النساء الي حقول الانتاج.
واكدت السيدة ميمونة بنت عبد الله السرواري، وهي احدي المشاركات ايضا علي ضرورة انشاء واطلاق برامج تلفزيونية خليجية مشتركة لتوعية السيدات بأهمية العمل والاعتماد علي النفس لرفد حراك المجتمع ونهوضه، وبرامج اخري لتوعية أولياء الامور لحثهم علي اعطاء الفرص والدعم المالي والفني والمعنوي للنساء المترددات.
وتأتي هذه البرامج في الوقت الذي حققت المرأة العربية الخليجية بعض المكاسب السياسية علي مدي الاعوام القليلة الماضية، حيث باتت تشارك في مجالس الشوري والادارات وحتي الوزارات، فهناك نساء يمارسن حقوقهن في الحياة السياسية، كما هو الحال في عُمان او الانتخابات البلدية كما في قطر، تصويتا وترشيحا. وهناك النهوض والانفتاح اللذان تختبرهما الامارات والسعودية، لكن بتؤدة وهدوء واللذان كانا سرابا قبل اعوام فقط.
لكن هذه الحقوق لم يكن طريقها مفروشا بالورود ففي الكويت مثلا حينما صدر مرسوم اميري باعطاء المرأة حقها في الترشيح والتصويت قبل عام اثار موجة عارمة لدي المعارضة في الاوساط الاسلامية مما ادي لاجهاضه.
ومن اللافت مسارعة وسائط الاعلام، وخاصة الفضائية منها لتغطية هذا الحراك النسائي الخليجي ومتابعته، فقد شاهدنا كيف نقلت فضائيات الخليج مؤتمر نساء الاعمال السعوديات في مدينة جدة، والذي لاقي استحسانا، والمؤتمرات شبه الشهرية التي تعج بها دول الخليج العربية وترعاها سيدات المجتمع من اميرات وشيخات فاضلات.
وقد ارتقت مستويات هذه البرامج التلفزية، التي اخذت تنأي عن تقديم المرأة بين افراطين، اي اما هي قطعة هامة من اثاث المنزل او باربي للمتعة والاغواء.
الا ان واقع المرأة الخليجية ما زال يتنازعه تياران، تيار تحرري وآخر متزمت، وتحاول هذه البرامج ايجاد مكان للمرأة بينهما يتصف بالاعتدال والوسطية.
واذا ألقينا بعض تبعات تخلف واقع المرأة الخليجية مقارنة بالرجل علي المجتمع والتقاليد وبعض الآراء الدينية، التي تُستغل لمنع المرأة من الانتخابات والترشيح فان الامر الذي لا يقل أهمية هو عدم نضوج الجمعيات النسائية وغيابها احيانا كثيرة، كما هو حال جمعيات المرأة في البلاد العربية.
فتحسين واقع المرأة وتطويره ما زال يحتاجان قرارا سياسيا، ولم يكونا نتيجة تدرج في مطالب ومثابرة الجمعيات النسائية والاهلية والمجتمع المدني في نيل الحقوق، كما هو واقع الحال في المجتمعات التي تقدمت بهذا المضمار.
وربما نحن بحاجة اولا لنضج الوعي الاجتماعي والسياسي لدي الرجل قبل المرأة، فبهما ينتصر المجتمع علي العادات الباليات والمشكلات التي تواجه مجتمعاتنا الحديثة، فالمرأة العربية اشتركت عبر تاريخها في البيعة السياسية وفي الدفاع وفي المشورة وفي اختيار الخليفة الراشدي.
واي تخطيط واستثمار للمستقبل مرتبط ومرهون كليا بنصف المجتمع المغيب وغير ذلك انحراف عن مسار التنمية الحقيقية والتقدم وتأجيل للمؤجل.
فالمرأة العربية عموما كما يراها الراحل نزار قباني في برنامج قديم اعادت بثه فضائية تونس ليلة الجمعة ما زالت مواطنة من الدرجة الثانية. وقد رحل شاعر الانثي وهو يؤكد انه لا يقيم حدا جغرافيا بين المرأة والرجل، فالمرأة وطن قبل كل شيء.
وحان للمرأة العربية أينما كانت وحيثما وجدت ان تتحرر ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، فالوطن الذي يُهمل المرأة وطن مُستعمَر.

Mi Lebanon تيئبريني أبوشي

اتسعت أحداق صبايا تلفزيون الواقع علي وسعها وقد باغتهن مذيع آل. بي. سي الوسيم، الذي اختير لتدريسهن اصول النطق باللغة العربية سائلا اياهن تشكيل وقراءة بيت الشعر الجميل التالي، وتحديد الحروف المرققة والحروف المفخمة:
حاملُ الهوي تعبُ يستخفهُ الطربُ
إن بكي يحقُ له ليس ما به لعبُ
وتفرفطت الصبايا وتاهت ألسنتهن، فبدّلن كلمتي يستخفه الطرب بـ يستحقه التَرب وإن بكي يحقُ له الي يحكُ له. انتفض مدرس الضاد متذمرا، وقال: رجاء رجاء يا صبايا اللغة جمال وأناقة، ولفظـها صحيحا موسيقي.. ألم تسمعن بأن في اللغة أحرفا شمسية واخري قمرية.. فأنا لا اطلب منكنْ إلا اتقان لغة بسيطة وصحيحة. ودار حوار مطول حول اللفظ واللغة وتأثيرها علي المستمعين والمشاهدين.
وصحح لهن نطقهن بأن القول يستقيم بقول: قررت وليس أررت والقصة وليس الايصة ودنيا وليس دنيي ولا تقل وليس لا تكل والقوافي وليس الكوافي والافق وليس الافك .
ثم طالبهن بترديد بيت الشعر التالي بلغة صحيحة ومخارج صوتية سليمة: تعبجينَ من سقمِي صحتي هي العجبُ
فردد معظمهن: تعجبين من صقمي و سِحتي هي العجب، فيما سألت احداهن: شو يعني صقمي؟ فطالبهن أن يشددن حناكهن قليلا. وخرس الكلام حينما نطق كلمة تتبوأ فوقعت علي اسماعهن كالصاعقة، متسائلات شو بتعني .
وفيما هو منفتح كليا علي تفاصيل ومنعرجات اللغة كانت الصبايا سارحات شاردات مع اغاني عالي عالي بابا Uh baby.. baby و let us go party. ولست احسده علي نتائج دروسه هذه بل لوجوده بينهن يئبروني ابوشي .
وهذا البرنامج الذي احتل مكانه بجدارة في السابع من الشهر الحالي علي شاشة ستار اكاديمي والذي تبثه محطة LBC1 الذي ستناط به مهمة انتخاب ملكة جمال لبنان من هؤلاء الصبايا الست عشرة متبارية، اللواتي تتراوح اعمارهن ما بين 18 و24 عاما وقد اصطفين من بين ألف متقدمة.
وخصص للمتباريات الفاتنات الدلوعات شفافات الروح واللباس بناء زهري انثوي منعزل، يمضين فيه فترة اقامتهن التي تستمر ستة عشر اسبوعا متتاليا يمارسن فيها حياتهن اليومية بخفاياها وسجاياها، حيث ترصد حركاتهن وانفاسهن وسكناتهن كاميرات التصوير، مما يسمح لملايين المشاهدين بالتلصص والفرجة لساعات طوال علي مسلسل انثوي خالص، نصه مرتجل ومستقي من التفاصيل الحميمة جدا كما المملة علي مدار الساعة لبنات يعبرن عن مشكلاتهن وآمالهن وامانيهن ودلعهن ايضا.
وتتلقي هؤلاء الحوريات دورات في تابلوهات الرقص والازياء واللغات والسياحة والارشاد والمعلومات العامة.
وفيما تعتبره نسبة واسعة من المشاهدين مسليا ومشوقا، وجذابا، تجده شريحة اخري مضيعة للوقت وسخيفا بل ورتيبا ايضا.. وبينهما مشاهد انبهر للفكرة المستقدمة من اوروبا، في اشتهاء للجديد، والتي مثلت لديه انقلابا ابيض علي تقليدية المحطات العربية ومنهجيتها المملة.
والجانب الخفي في البرنامج هو تلك الصيغة العبقرية في ابتزاز المشاهدين من خلال التصويت لصالح مشتركة دون غيرها علي ارقام ظاهرة بأناقة علي مدار 24 ساعة، فقد حقق وصيفه برنامج ستار أكاديمي العربي ريعا بالملايين لم يصرح عنها بعد، فيما حقق Star Academy الفرنسي 120 مليون يورو. وهكذا فان التحالف بين أصحاب رؤوس الاموال والتلفزيونات بات امرا مسلما به ضمن معادلة السيطرة والربح.
وهي برامج ـ مهما قيل فيها ـ علي كل حال تروي لدي المشاهد عطشا مزمنا للمشاركة في القرار وحق تقرير المصير في مجتمع يمر بمرحلة قاسية جدا تشهد انهيار المشاريع الكبري، مما يدفع المشاهد المقهور للانطواء والانكفاء علي ذاته، هاربا الي الجانب الانساني والفني ليصنع من ممثليه الحقيقيين ابطالا في الحياة العامة بعد ان طال المطال وعز وجود الابطال.

كاتب من أسرة القدس العربي
المصدر القدس العربى