الموضوع: اخــترت لـك
عرض المشاركة وحيدة
  #83  
قديم 07/04/2004, 10:28 PM
صورة عضوية صقر الخالدية
صقر الخالدية صقر الخالدية غير متواجد حالياً
عضو متميز جداً
 
تاريخ الانضمام: 06/09/2000
الإقامة: مسقط
المشاركات: 3,253
Wink

عامر بن عبد الله الشهراني
: تحديات السعودة
الخميس 25 مارس 2004 06:43

هناك العديد من المفاهيم المتعلقة بإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة، وهذه المفاهيم تختلف باختلاف الدول، ففي المملكة العربية السعودية يطلق على مفهوم إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة "السعودة" وفي الكويت "الكوتتة"، وفي الأردن "الأردنة"، وفي قطر "القطرنة"، وفي الإمارات "الأمرتة"، وفي بعض الدول التي لا توجد بها عمالة وافدة تعد هذه المصطلحات غريبة بالنسبة لها نظراً لأن مواطنيها يؤدون جميع الأعمال التي تقوم بها العمالة الوافدة، وحقيقة الأمر أن السعودة من أكثر الموضوعات التي تمت مناقشتها وتناولتها وسائل الإعلام المختلفة بالحوار والمناقشة واللقاءات المتعددة مع المسؤولين ومن جوانب مختلفة .والهدف من ذلك هو تحقيق أهداف السعودة، وتوعية أفراد المجتمع بالدور المطلوب منهم في هذا المجال.
وفي إجازة عيد الأضحى المبارك وبالتحديد في مدينة جدة، وأثناء التسوق في أحد الأسواق القديمة وجدت نفسي غريباً وقد أجزم بأنني كنت السعودي الوحيد الموجود في هذا السوق، وقد لاحظت أن جميع العاملين في هذا السوق من العمالة الوافدة سواء من الجنسيات العربية أو الآسيوية. وفي أثناء تجوالي لفت انتباهي إعلان صغير فوق أحد مداخل مؤسسة تجارية متخصصة في بيع العطور، والأدوات الكهربائية، والخردوات الأخرى، ونص الإعلان "يوجد لدينا وظائف للسعوديين وفق الشروط التالية: مؤهل جامعي، العمر لا يقل عن أربع وعشرين سنة، يجيد اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة" وبعد الانتهاء من قراءة هذا الإعلان دار في ذهني العديد من الأسئلة ومنها:
- لماذا تحتاج هذه المؤسسة إلى الشهادة الجامعية لشخص سيقوم ببيع العطور، ولعب الأطفال؟
- هل أصبح التعليم العالي يؤهل لمثل هذه المهن التي تحتاج إلى خبرة أكثر من حاجتها إلى الشهادة الجامعية؟
- لماذا لم تسهم هذه المؤسسات بالتنسيق مع الغرف التجارية في تقديم دورات تدريبية قصيرة في مهارات الاتصال والتعامل مع الآخرين؟
- هل جميع الذين يعملون في الوقت الحاضر من عمالة وافدة في هذه المؤسسة لديهم درجة جامعية؟
- هل التعليم الجامعي مسؤول عن تخريج أفراد مؤهلين بشهادات جامعية ليعملوا في مهن غير مرتبطة بتخصصاتهم؟
كما أن تحديد العمر بأربعة وعشرين عاماً كشرط من شروط التوظيف في القطاع الخاص لا يستند إلى أساس واضح ومحدد، وهل شرط السن يطبق تماماً على العمالة الوافدة عند الاستقدام؟ الشرط الآخر هو إجادة اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة وهنا أقول إن الشخص الذي لديه هاتان المهارتان (التحدث والكتابة باللغة الإنجليزية) لن يبحث عن هذا النوع من الأعمال البسيطة ولن يقبل به، حيث إن المتمكن من اللغة الإنجليزية بهذه الدرجة سيجد عملا بسهولة سواء في القطاع العام أو الخاص، مع العلم أن كثيراً من العمالة الوافدة لا يجيدون اللغة الإنجليزية تحدثا أو كتابة، بل لا يجيدون اللغة العربية، والشروط التي يضعها القطاع الخاص لتوظيف السعوديين ولتحقيق أهداف السعودة ما هي إلا شروط تعجيزية بالإضافة إلى المرتب الشهري المنخفض الذي يقدمه القطاع الخاص، وهذه بعض الأساليب التي يتبعها بعض أصحاب المؤسسات والشركات الخاصة (القطاع الخاص) حيث ينشر الإعلان في الصحف، أو يعرض إعلانه في الأماكن العامة وفق الشروط المحددة التي لا تناسب طبيعة العمل، ولا يمكن تحقيقها، وهذا بمثابة تحايل أو تهرب من سعودة الوظائف لعدم تقدم من تنطبق عليهم الشروط، وهنا يمكن القول إن القطاع الخاص مطالب بأن يستشعر المسؤولية حيال مشروع السعودة وجعله من أولوياته ومسؤولياته تجاه الوطن. وقد يكون ذلك ممكناً من خلال تحديد استراتيجيات وأساليب منطقية لجذب، واختيار، وتأهيل بعض خريجي الثانوية العامة أو الجامعة ليقوموا بشغل الوظائف الملائمة لتخصصاتهم وقدراتهم والتي تقدم عائداً مادياً يناسب ظروف المعيشة.
وهناك تجارب للسعودة في قطاعات مختلفة، فقد أثبتت شركة أرامكو السعودية تجربة ناجحة في هذا المجال، كما نجحت شركة " سابك " إلى حد كبير في توطين هذا المفهوم، واستقطاب عدد كبير من السعوديين للقيام بالعمل في المجالات المختلفة، كما أن هناك بعض المؤسسات الأخرى التي استثمرت الموارد البشرية السعودية، ونجحت في ذلك، بل أسهمت في تحقيق أهداف السعودة، وبدأت تعتمد على الأيدي السعودية المؤهلة في كثير من مجالاتها. وفي السنوات القليلة الماضية بدأت السعودة في أسواق الخضار بالمملكة، وبدأت هذه التجربة بقوة وبمتابعة الجهات المعنية ونجحت في البداية إلى حد كبير، ولكنها بدأت تتراجع نظراً لعدم وجود الرقابة المستمرة على تطبيق هذا المفهوم، وقابلت بعض الصعوبات في البداية التي بالإمكان التغلب عليها، والتجربة الأخرى في مجال السعودة تتمثل في سعودة سيارات الأجرة المنتشرة في جميع مدن المملكة، وقد قدمت الحكومة التسهيلات الضرورية لتحقيق سعودة سيارات الأجرة مثل تقديم القروض لمن أراد الحصول على سيارة أجرة، ويتم تسديدها على أقساط ميسرة، وتم ذلك وفق تنظيم محدد وفق جدول زمني مناسب، ومع ذلك فلا يزال هناك بعض العقبات التي تواجه تطبيق هذا المفهوم بفعالية ونجاح.
ومن التجارب أيضاً في مجال السعودة في القطاع الخاص سعودة العمالة في محلات وأسواق الذهب في السعودية، ولقد تمت هذه الخطوة على مراحل وتم تدريب الأطر (الكوادر) السعودية في مجال تسويق الذهب وبيعه. وقد أعطيت هذه الخطوة وقتا كافيا وتمت بالتدريج حيث تم التخطيط لسعودة هذه الأسواق وفق نسب معينة، وكانت غرة محرم 1425هـ هي الموعد الأخير لسعودة أسواق الذهب بنسبة 100%، وهذه خطوة في الطريق الصحيح، وتحتاج إلى متابعة دقيقة، وأن يكون لها آلية، أو استراتيجية واضحة ومحددة تضمن لصاحب العمل الإنتاجية المناسبة، وتضمن للعامل أو الموظف السعودي حقوقه وواجباته.
ومن الصعوبات التي واجهت السعودة في القطاع الخاص عدم استمرار الأفراد السعوديين في العمل لفترة طويلة حيث يتم التوقف عن العمل، أو الفصل في حالة حصولهم على عمل آخر أفضل سواء في القطاع العام أو الخاص، كما أن بعض طالبي العمل من السعوديين يريدون العمل في المجال الإداري وأن يصبح الفرد مديراً من أول يوم يلتحق فيه بالعمل. والبعض الآخر من الأيدي العاملة الوطنية لم يثبت لصاحب العمل الجدية، والإنجاز في العمل بالمستوى الذي يتوافق مع التوقعات.
وفي الجانب الآخر يعاني بعض العاملين من السعوديين في القطاع الخاص من صعوبات خاصة بأصحاب العمل مثل عدم ثقة أصحاب العمل بقدراتهم، وإمكانياتهم، وعدم إعطائهم المسؤولية التامة، والاعتماد عليهم في بعض الجوانب، كما أن الرواتب أو الشروط التي يتم تحديدها تُعد بمثابة عائق في سبيل تحقيق أهداف خطط السعودة بصفة مباشرة أو غير مباشرة لعدم مراعاة البعد الاقتصادي، والاجتماعي عند تحديد الرواتب الشهرية، ويمكن وضع نظام للرواتب حسب الشهادات، والتخصصات، والخبرات، ونوعية العمل (إداري، وفني، وغير ذلك).

*أكاديمي وكاتب سعودي

موقع ايلاف