عرض المشاركة وحيدة
  #21  
قديم 17/09/2006, 11:38 AM
alhabsi2006 alhabsi2006 غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ الانضمام: 05/02/2006
المشاركات: 59
{ وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَاتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
قوله: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ } والمحصنات هاهنا اللاتي لهن الأزواج. يقول: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم... إلى هذه الآية ثم قال: والمحصنات من النساء، أي وحرمت عليكم المحصنات من النساء. قال: { إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } أي من السبايا. فإذا سُبِيت امرأة من أرض الشرك ولها زوج ثم وقعت في سهم رجل، فإن كانت من أهل الكتاب وكانت حاملاً لم يطأها حتى تضع حملها. وإن كانت ليست بحامل لم يقربها حتى تحيض. وإن لم يكن لها زوج فكذلك أيضاً. وإن كانت من غير أهل الكتاب لم يطأها حتى تتكلم بالإِسلام وتصلي. فإذا قالت لا إله إلا الله محمد رسول الله وما جاء به حق، وصلّت، استبرأها بحيضة، إلا أن تكون حاملاً فيكف عنها حتى تضع حملها.

ذكر أبو سعيد الخدري قال: أصبنا يوم أوطاس سبايا نعرف أنسابهن وأزواجهن، فامتنعنا منهن، فنزلت هذه الآية: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم، أي من السبايا.

قوله: { كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ } يعني حرمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم إلى هذا الموضع، ثم قال: كتاب الله عليكم، يعني بتحريم ما قد ذكر.

قوله: { وَأَحَلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } يعني ما بعد ذلكم من النساء. { أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم } أي: تتزوّجوا بأموالكم. لا تتزوجون فوق أربع. { مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ } أي ناكحين غير زانين.

قال: { فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ } أي من النكاح، نكاح المتعة { فَآتُوهُنَّ } أي فاعطوهن { أُجُورَهُنَّ } أي صَدُقَاتهن { فَرِيضَةً }. وهذا شيء كان في المتعة.

زعم بعضهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في المتعة يوم فتح مكة إلى أجل، على أن لا يرثوا ولا يورثوا، ثم نهى عنها بعد ثلاثة أيام، قال: فصارت منسوخة، نسخها الميراث والعِدة.

وقال بعضهم: بل أحلّها الله ولم ينزل تحريمها ولم ينسخها. وكان ابن عباس ممن يقول ذلك ويُفتي به ويقول: لو أطاعني عمر في المتعة لم يُجلد في الزنا إلا شقي.

قوله: { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }.

قال الحسن: لا بأس على الرجل أن تدع له المرأة من صداقها الذي فرض لها كقوله:
{ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }
[النساء:4].

وقال بعضهم: { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ } يقول: ما تراضيا عليه من قليل أو كثير أحله الله له.

وقال بعضهم: هذا في المتعة إذا مضى الأجل الذي كانا أجّلاه بينهما، فإن كان له حاجة بها قال لها: زيديني في الأجل وأزيدك في الصداق، فذلك قوله: { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الفَرِيضَةِ } ، أي الفريضة الأولى.
وهو هذا.

قوله: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً } أي غنى، وقال بعضهم: سعة. وهو واحد. { أَن يَنكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ } أي الحرائر المؤمنات { فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ } يعني من إمائكم { المُؤْمِنَاتِ }. ولا يحل نكاح إماء أهل الكتاب. { وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } وفي الآية تقديم. يقول: من فتياتكم المؤمنات بعضكم من بعض، يعني المؤمنين: حرّهم ومملوكهم، ذكرهم وأنثاهم والله أعلم بإيمانكم.

قوله: { فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ }: أي ساداتهن، وكذلك المرأة الحرّة، إنما يُنكِحها وليُّها.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " السلطان ولي من لا ولي له " ذكره عروة بن الزبير، ورواه عن [عائشة عن] رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ذكر الحسن وسعيد بن المسيب في المرأة يزوّجها غير وليها قالا: ذلك إلى الولي، إن شاء أجاز وإن شار ردّ.

قوله: { وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } أي: ما تراضوا عليه من المهر. { مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ } أي ناكحات غير زانيات { وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } والمسافحة هي المجاهرة بالزنا، وذات الخدن التي لها خليل في السر. وقال مجاهد: هي الخليلة يتخذها الرجل، والمرأة تتخذ الخليل، ويقول: نكاح ليس بسفاح ولا خليل في السر.

وقال الحسن: لا تحل المسافِحَة لمسلم أن يتزوّجها ولا ذات الخدن.

وذكر بعضهم إن المسافحة البَغِي التي تواجر نفسَها مَنْ عَرَض لها، وذات الخدن ذات الخليل الواحد. والعامة على التفسير الأول.

قوله: { فَإِذَا أُحْصِنَّ } أَي: أحصنتهن البعولة { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ } يعني الزنا { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المُحْصَنَاتِ } يعني الحرائر { مِنَ العَذَابِ } أي من الجلد؛ فجلد خمسين جلدة إن لم يكن لها زوج. يقول: تجلد وإن كان لها زوج؛ ليس عليها رجم. ويلقى عنها من الثياب إذا جلدت ما يصل إليها العذاب. وكذلك المملوك أيضاً يجلد خمسين، كانت له امرأة حرة أو مملوكة، أو لم تكن له امرأة. وتوضع عنه ثيابه إذا جلد.

ولا تُحصن المملوكةُ الحرَّ، ولا يحصن الحرُّ المملوكة. ولا تحصن اليهودية ولا النصرانية. ذكروا عن إبراهيم أنه قال: لا رجم عليهما حتى يكونا حرين مسلمين.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يعنفها. ثم إن زنت فليجلدها ولا يعنفها، ثم إن زنت فليجلدها ولا يعنفها ثم إن زنت فليبعها ولو بضفير " والضفير الحبل. قوله: ولا يعنفها؛ إن الزانيين كانا قبل أن ينزل حدهما يعيران ويشتمان وتحبس المرأة. حتى نزل حد الزنا.

قوله: { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ } أي إنما أحل الله نكاح الإِماء المؤمنات أن يتزوجهن من خشي العنت؛ والعنت الضيق، يعني الزنا؛ أي لا يجد ما يستعفّ به ولا يصبر فيزني.

وقال في أول الآية: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ } ذكر عطاء بن السايب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: لا يحل نكاح الأمة إلا لمن لا يجد طولاً وخشي العنت.
ولا يتزوج الحرُّ إلا أمة واحدة.

ذكر سعيد بن جبير أنه قال: ما ازلحفّ ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلاً، وما رخص له إلا إذا لم يجد طولاً وخشي العنت.

ذكروا عن الحسن أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تزويج الأمة على الحرة. ذكروا أن عمر بن الخطاب كان ينزع الإِماء إذا زُوِّجْنَ على الحرائر. وقال الحسن: إذا تزوج الرجل الأمة على الحرة فُرِّق بينه وبينها. ولا بأس أن يتزوج الحرة على الأمة.

ذكروا عن علي بن أبي طالب أنه قال: إن شاء تزوَّج الحرة على الأمة، فيكون للحرة يومان وللأمة يوم.

ذكروا عن الحسن وسعيد بن المسيب أنهما قالا: يتزوّج الحرة على الأمة إن شاء ويقسم بينهما: يومين للحرة ويوماً للأمة، والنفقة كذلك. ولا يتزوج الأمة على اليهودية ولا على النصرانية، ويتزوّج اليهودية والنصرانية على الأمة ويقسم بينهما: لليهودية والنصرانية يومان وللأمة يوم.

قوله: { وَأَن تَصْبِرُوا } أي عن نكاح الإِماء { خَيْرٌ لَّكُمْ } في تفسير مجاهد وغيره. { وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
{ يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً }
قوله: { يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ } أي حلاله وحرامه { وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذِينَ مِن قَبْلِكُمْ } أي شرائع الذين من قبلكم من المؤمنين فيما حرّم من الأمهات والبنات والأخوات.... إلى آخر الآية. قوله: { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } أي يتجاوز عما كان من نكاحكم إياهن قبل التحريم { وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } أي عليم بخلقه حكيم في أمره.

قوله: { وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَّتُوبَ عَلَيْكُمْ }. وهي مثل الأولى. قال: { وَيُرِيدُ الذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ } وهم اليهود في استحلالهم نكاح الأخوات { أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً } أي أن تخطئوا خطأً عظيماً. وقال مجاهد: { الشَّهَوَاتِ }: الزنا، وقوله: { أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً }: أن تزنوا.

ذكروا عن مجاهد أنه قال: لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا مد من خمر، ولا من أتى ذات محرم، ولا مهاجر رجع إلى أعرابيته.
{ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } * { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }
قوله: { يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ } في نكاح الإِماء، ولم يكن أحلَّ نكاحهن لمن كان قبلكم، في تفسير مجاهد وغيره، وقال مجاهد: وفي كل شيء يكون فيه يسر.

قوله: { وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً } أي لا يصبر عن النساء.

قوله: { يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالبَاطِلِ } [يعني بالظلم] ذكروا عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرىء مسلم إلا بطيب نفس فلا تظلموا ".

قوله: { إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ } أي تجارة حلال ليس فيها ربا.

قوله: { وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكَمْ رَحِيماً } أي لا يقتل بعضكم بعضاً ولا يقتل أحدكم نفسه.

ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً في سرية فأصابه كَلْمٌ، فأصابته عليه جنابة فصلّى ولم يغتسل؛ فعاب عليه ذلك أصحابه. فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فجاء فأخبره، فأنزل الله: { وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }.

قوله: { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً } أي وكان عذابه على الله هيّناً.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قتل نفسه بحديدة فهو يوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسُمّ فهو يتجرّعه في نار جهنم خالداً مخلّداً فيها أبداً. ومن تردى، أو قال: ألقى نفسه من رأس الجبل فهو في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ".


{ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً }
قوله: { إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً }. ذكروا عن عبد الله بن مسعود قال: الكبائر من أول سورة النساء إلى رأس الثلاثين، ثم قال: { إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ... }.

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الكبائر تسع: الإِشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين المسلمين، وقدف المحصنات، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والسحر، والفرار من الزحف، واستحلال البيت الحرام قبلتكم التي فيها تَوَجَّهُون ".

ذكروا عن الحسن قال: الفرار من الزحف يوم بدر من الكبائر. وقال بعضهم: الفرار يوم ملحمة الروم الكبرى من الكبائر لأن المسلمين مجتمعون يومئذ كما كانوا يوم بدر.

قال الحسن: ذكرت الكبائر عند النبي عليه السلام فقال: أين تعدون اليمين الغموس.

ذكروا أن أبا العالية الرياحي قال: يقولون: الكبائر سبع، وأنا أراها سبعاً وسبعاً وسبعاً حتى عدّ أربعين أو أكثر. جماع الكبائر أن كل ما أوجب الله عليه الحد في الدنيا فهو كبيرة.

وقال الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تعدّون السرقة والزنا وشرب الخمر؟ " قالوا الله ورسوله أعلم. قال: " فواحش وفيهن عقوبة. ثم قال: أكبر الكبائر الإِشراك بالله وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، ثم قال: ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وإن لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة بقدر غدرته يركز عند دبره، ألا ولا غدرة أكبر من غدرة أمير عامة ".

ذكروا عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن ولا يقتل النفس وهو مؤمن فإذا فعل ذلك فقد خلع ربقة الإِسلام من عنقه ".

وقوله: { إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } أي التي دون الكبائر: وندخلكم مدخلاً كريماً أي الجنة.

قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا إن الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهما لمن اجتنب الكبائر ".

ذكروا عن أنس بن مالك أنه قرأ هذه الآية { إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً } فقال: قد تجاوز لكم عن السيئات، فما بال الكبائر.

ذكروا أن رجلاً من أصحاب النبي قال: الذنوب درجات فأعظمها القتل: ألا إن الإِشراك بالله مقتلة.
{ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ٱكْتَسَبْنَ وَٱسْأَلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }
قوله: { وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ }. ذكر بعضهم قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئاً ولا الصبي؛ وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع. فلما ألحق الله للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء: لو كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال، وقالت الرجال، إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضلنا عليهن في الميراث، فأنزل الله هذه الآية إلى قوله: { وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ }؛ يقول: المرأة تجزى بحسناتها عشر أمثالها كما يجزى الرجل.

وتفسير مجاهد: تقول النساء: يا ليتنا كنا رجالاً فنغزو ونبلغ ما يبلغ الرجال.

قال: { وَاسْأَلُوا اللهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }. وقال الحسن: لا يتمنّى مال فلان، ولا دار فلان، لعله يكون هلاكه فيه.

قوله: { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ }. بنو الأم. قال بعضهم: هم العصبة.

ذكروا عن علي بن أبي طالب أنه قال: أعياني بنو الأم، يتوارثون دون بنى العلات؛ الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه. والأخ من الأب والأم أولى من الأخ للأب. والأخ للأب أولى من ابن الأخ للأب والأم. وابن الأخ للأب والأم أولى من ابن الأخ للأب. وابن الأخ للأب أولى من ابن ابن الأخ للأب والأم. وابن الأخ للأب أولى من العم. والعم أخو الأب للأب والأم أولى من العم أخ الأب للأب. والعم أخو الأب للأب أولى من ابن العم للأب والأم. وابن العم للأب والأم أولى من ابن العم للأب. وابن العم للأب أولى من ابن ابن العم للأب والأم.

ولا تكون النساء عصبة في قرابة ولا ولاء. ولكن الأخوات من الأب والأم، أو من الأب إذا لم تكن الأخوات من أب وأم، فإنهن مع البنات عصبة، لهن الفضل: إلا أن يكون مع الأخوات إخوة أو أخ فيصيرون جميعاً عصبة.

ذكروا عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألحقوا المال بالفرائض، فما أبقت الفرائض فلأولى رحم ذكر ".

ذكروا عن علي أنه كان يرد على كل ذي سهم بقدر سهمه إلا الزوج والزوجة. وكان ابن مسعود لا يرد. قال بعضهم: وكان زيد بن ثابت يجعل ما يبقى في بيت مال المسلمين؛ وهذا إذا أخذ كل ذي سهم نصيبه ولم يكن ذو رحم ذكر يرث الفضل.

قوله: { وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }. قال بعضهم: كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية ويقول: دمي دمك، وهَدَمي هدَمك، وترثني وأرثك، وتطلب بي وأطلب بك، فجعل له السدس من جميع المال ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم فنسختها هذه الآية:
{ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
[الأنفال:75] فذهب ما كان من عقد يُتوارث به وصارت المواريث لذوي الأرحام.
{ ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَٱلصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً }
قوله: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } أي مسلَّطُون على أدب النساء والأخذ على أيديهن. { بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } جعل شهادة امرأتين شهادة رجل واحد، وفضلوا في الميراث { وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } يعني الصّداق.

ذكروا أن رسول الله قال: " المرأة مسكينة ما لم يكن لها زوج. قيل: وإن كان لها مال. قال نعم: وإن كان لها مال { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } ".

ذكر بعضهم قال: ذكر لنا أن رجلاً لطم امرأته على عهد النبي عليه السلام فأتت المرأة نبيّ الله. فأراد نبي الله أن يَقُصّها منه، فأنزل الله: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ }. ذكروا عن الحسن أن رجلاً لطم امرأته فَرُفِع ذلك إلى النبي فقال: بئس ما صنعت فأنزل الله: { الرَّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ }.

وقال الحسن: ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون الموضحة. أي: أنه يرى ذلك أدباً.

قوله: { فَالصَّالِحَاتُ } يعني المحسنات إلى أزواجهن { قَانِتَاتٌ } أي: مطيعات لأزواجهن في تفسير الحسن. وقال غيره: مطيعات لله ولأزواجهن { حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ } أي لغيب أزواجهن في فروجهن. { بِمَا حَفِظَ اللهُ } أي بحفظ الله إياهن في تفسير الحسن. وقال غيره: حافظات لما استودعهن الله من حقِّه، حافظات لغيب أزواجهن.

قوله: { وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنُّ } [عصيانهن، يعني تنشز على زوجها فلا تدعه أن يغشاها] { فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ }.

قال بعضهم: يبدأ فيعظها بالقول، فإن أبت هجرها، فإن أبت ضربها ضرباً غير مبرح، أي غير شائن. قال بعضهم: ثم يرتفعان إلى السلطان.

قوله: { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } أي إذا تركته يغشاها فلا يطلب عليها العلل. وقال الحسن في قوله: واهجروهن في المضاجع: لا يقربها. وقال الكلبي: { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } أي: لاَ تكلفوهن الحب: فإنما جعلت الموعظة لهن في المضجع والسبّ في المضجع، والضرب في المضجع؛ ليس على الحبّ، ولكن على حاجته إليها. { إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }.

قوله: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } أي: اختلافاً، أي: إن نشزت المرأة حتى تشاقّ زوجها { فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ } أي من أهل الرجل { وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا } أي: من أهل المرأة { إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً }.

أي إذا نشزت ورفع ذلك إلى الإِمام بعث الإِمام حكماً من أهل المرأة وحكماً من أهل الرجل يُصلحان بينهما، ويجمعان ولا يُفرّقان، وينظران من أين يأتي الضرر والمدافعة؛ فإن اصطلحا فهو من الله، وإن أبيا ذلك وأبت المرأة إلا النشوز وقّفها. الإِمام على النشوز؛ فإن افتدت من زوجها حلّ له أن يخلعها، والخلع جائز عند السلطان وغيره.

وقال بعضهم: فابعثوا حَكَماً عدلاً مِن أَهلها وحَكَماً عدلاً من أهل الرجل ينظرن في النصيحة لهما فيعظان الظالم.
وذلك أنه يخلو حَكَم الرجل بالرجل فيقول: أخبرني بما في نفسك فإني لا أستطيع أن أفرّق أو أجمع إلا بأمرك. فإن كان الرجل هو الناشز الظالم قال له: فرّق بيني وبينها، فلا حاجة لي فيها. وإن لم يكن هو الناشز قال له: أرضها من مالي بما أحبّت ولا تفرّق بيني وبينها. ويخلو حكم المرأة بالمرأة فيقول: أخبريني بما في نفسك. فإن كانت هي الناشزة قالت له: أعطه من مالي ما شاء وفرّق بيني وبينه. فإن لم تكن هي الناشزة قالت له: اتق الله ولا تفرق بيني وبينه، ولكن استزده لي في نفقتي، ومره أن يحسن إلي. ثم يلتقي الحكمان. وقد علم كل منهما ما قال له صاحبه. فإن أرادا إصلاحاً بين الرجل والمرأة أخذ كل منهما على صاحبه يميناً لتصدقني وأصدقك. فإذا صدق كل واحد منهما صاحبه عرفا من أيٍّ جاء النشوز. فإن كان من قِبل الرجل قالا له: اتّقِ الله، فإنك أنت الظالم الناشز، فارجع إلى أمر الله، فيأمرانه بالعدل، ويأخذانه بالنفقة حتى يرجع إلى أمر الله ولا يطلقها. وإن كانت المرأة هي الناشز، الظالمة لزوجها، قالا لها: أنت الناشز الظالمة لزوجك، فيأمرانها بالعدل، لعل الله يُصلح ما بينهما على أيديهما.

وقال بعضهم: إنما يُبعث الحكمان ليُصلحا. فإن أعياهما أن يُصلحا بينهما شهدا على الظالم بظلمه وليس بأيديهما الفرقة ولا يملكان ذلك.

وبلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال للحكمين: ذلك إليكما إن رأيتما أن تفرّقا ففرّقا.
{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } * { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }
قوله: { وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } [أي لا تعدلوا به غيره]. { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجَارِ ذِي القُرْبَى } أي الجار الذي له قرابة، { وَالجَارِ الجُنُبِ } أي الأجنبي الذي ليست له قرابة { وَالصَّاحِبِ بَالجَنبِ } أي الرفيق والنزيل في السفر.

وقال بعضهم: الصاحب بالجنب هي المرأة التي يلصق جنبها بجنبك، وجنبك بجنبها، أوصاك الله بها، لأنها أقرب الخلق إليك.

ذكر عطاء الخرساني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجيران ثلاثة: جار له ثلاثة حقوق، وجار له حقان، وجار له حق واحد. فأما الجار الذي له ثلاثة حقوق فالجار المسلم ذو القرابة، له حق الإِسلام، وحق القرابة، وحق الجوار، وأما الجار الذي له حقان فالجار المسلم؛ له حق الإِسلام وحق الجوار، وأما الذي له حق واحد فالجار المشرك؛ له حق الجوار ".

قال بعضهم: إذا كان له جار له رحم فله حقان: حق الجوار وحق الرحم. والجار الجنب له حق الجوار. والصاحب بالجنب وهو الرفيق والنزيل في السفر.

قوله: { وَابْنِ السَّبِيلِ } هو الضيف.

ذكروا عن علي بن أبي طالب قال: الجوار أربعون داراً.

الخليل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت ".

ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني جبريل فما زال يوصيني بالجار حتى ظننت، أو رأيت أنه سيورثه ".

ذكروا عن أبي شريح الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوماً وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، وما سوى ذلك فهو صدقة ".

قوله: { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } ذكروا عن أم سلمة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من آخر وصيته عند موته: الصلاة وما ملكت أيمانكم، حتى جعل يجلجلها في صدره، وما يفيض بها لسانه.

ذكر الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المملوك أخوك، فإن عجز فخذ معه، ومن رضي مملوكه فليمسكه، ومن كرهه فليبعه ولا تعذبوا خلق الله الذي خلق ".

ذكروا عن أبي ذر أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المملوكين: " أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، ولا تكلّفوهم ما لا يطيقون ".

قوله: { إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً الذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا ءَاتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ } قال الحسن: هم اليهود، منعوا حقوق الله في أموالهم، وكتموا محمداً صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون أنه رسول الله مكتوباً عندهم. وقال بعضهم: هم أهل الكتاب بخلوا بحق الله عليهم، وكتموا الإِسلام ومحمداً، وهم يجدونه مكتوباً عندهم. وقال بعضهم: ويأمرون الناس بالبخل فهو كتمان محمد.

قال: { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } فأخبر أنهم كفار. وقوله { مُهِيناً } من الهوان.