سبلة العرب

سبلة العرب (//om.s-oman.net/index.php)
-   سبلة السياسة والإقتصاد (//om.s-oman.net/forumdisplay.php?f=13)
-   -   من اقوال الصحافة (//om.s-oman.net/showthread.php?t=252677)

الزمن القادم 16/05/2006 09:17 AM

من اقوال الصحافة
 
الكثير منا ليس له الوقت الكافي للاطلاع على اقوال الصحف والاراء المقدمة فيها مع أن مجمل تلك الاخبار تأتي بقالب متشائم واغلبها تهز البدن وتخفق لها القلوب وتثير فيك الغيرة على دينك ووطنك الكبير وتكاد تكون في مجملها اخبار متشابة ومكررة فقبل ان تفتح الجريدة او تمعن النظر وتسترق السمع الى احدى المحطات الاخبارية يتبادر اليك خبرين او ثلاثة في هذه الايام وتكاد لا تخلو منها كل المحطات :

الخبر الاول في الشؤون العراقية (تفجيرات مذابح جرحى.....)

الخبر الثاني : الشؤون الفلسطينية (غارات قتلى جرحى هدم اقتلاع ضم اراضي وقليل ما تسمع العمليات الاستشهادية )

الخبر الثالث: الشؤون الايرانية ( تخصيب تفتيش ملف امتناع ضرب مواصلة سلمية ....)

وكنت تضبط ساعتك على موعد الاخبار وبحيث لا يفوتك الخبر الاول وتكون غاضبا ومتأففا اذا صادف تغييرك الى القناة بمنتصف الخبر واليوم الوضع مختلف فكأنك تعرف ما هي الاخبار وحتى لو اتيت في منتصف الخبر فأنك تستطيع معرفة ما فاتك.

والغريب في الامر ان التلفزيون العماني في السابق كان يقدم اولا الاخبار المحلية ومن ثم الاخبار العالمية مثل ما تفعله بعض المحطات الخليجية وكأن المحطة الوحيدة في التلفزيون العماني تخاطب جماهيرا لم يطلعوا على الاخبار فهناك العديد من المحطات الفضائية تقدم الاخبار على مدار الساعة.

فأتمنى من القائمين على المحطة اليتيمة وعلى اعتبارها حكومية في تقديم الاخبار المحلية في موعد اخبار العاشرة(ساعة تواجد اغلب افراد الاسرة في المنزل) ومن ثم تعرج على الاخبار الدولية مع الاستمرارية في تقديمها ضمن اخبار السادسة.

وهروبا من تلك الاخبار التي توجع الرأس وسبحان الله الذي اوجدنا في هذه الازمان المليئة بالنكسات العربية وكأنني اتذكر مقولة احد الرؤساء العرب عندما تكلم عن المواطن العربي كيف هو مذموم ومحتقر من قبل الغرب وساق حادثة اتمنى انها من نسج خياله عندما اراد العربي وهو في احد شوارع احدى الدول الغربية اراد ان يركب سيارة اجرة( تاكسي) وعندما عرف السائق انه عربيا للوجه والقلب واللسان طلب منه النزول من سيارته وعندما سأله العربي عن سبب ذلك رد عليه انك عربي والعربي مهزوم دائما.
هذه هي نظرة الغرب الى العرب – مع ان السائق قد لا يكون أوروبيا بل نازحا من احدى دول امريكا اللاتينية( والتي تضرب مثالا رائعا في عدم التبعية للقوة العظمى واستطاعت ان تقول لا في وجه امريكا او الغرب المتغطرس : كوبا منذ زمن واليوم فنزويلا وبوليفيا والبقة تأتي ) او من دول جنوب افريقيا- قالها السائق غضبا وترحما على هذا الفتى المسكين.

والذي يعنيني في هذا المقام اني سأقوم بتقديم ما استطعت مقطفات من بعض الجرائد اليومية او الاسبوعية وهي عبارة عن آراء رؤساء التحرير او الكتاب المعروفين او احد المقالات التي تناقش بعض القضايا المهمة على الساحة العربية او الدولية او حتى بعض الاخبار المنوعة (ثقافة فن آداب علوم اجتماع اقتصاد تربية طب وغيرها من المجالات )

وهي دعوة للاخوة الاعضاء بتقديم آراءهم وتعليقاتهم على المواد المقدمة والمساهمة بأي مقال يودون تقديمه وأرادوا منه افادة الاخوة القراء ، وتكون هذه الفقرة متجددة كل يوم.

كما ارجو من الاخوة المشرفين تثبيت الموضوع بشكل يومي لمزيد من المشاركة والاطلاع وتعميم الفائدة قدر الامكان .

ودمتم بخير

الزمن القادم 16/05/2006 10:37 AM

فنجان قهوة(جريدة الخليج)
مواطنون من الروبوتات ...................... أبو خلدون

نشرت مجلة يو أس إيه تو داي في عددها الأخير تحقيقا مدعما بالوثائق عن مصادرة الحريات الشخصية والعامة في الولايات المتحدة، بموجب قانون باتريوت، قالت فيه إن هواتف ما يعادل 200 مليون أمريكي تخضع للمراقبة، وعندما يتلقى أحد هؤلاء مكالمة هاتفية، أو يحاول الاتصال بصديق يكون هنالك من يتنصت على مكالمته ويسجلها ويراقب كل همسة وسكنة فيها. وقالت المجلة إن لدى الإدارة الأمريكية قاعدة بيانات عملاقة عن كل المواطنين. وقد رد الرئيس بوش شخصيا على هذا التحقيق فقال: “إننا لا (ننبش) في الحياة الشخصية لملايين الأمريكيين الأبرياء، وخصوصيات الأمريكيين العاديين مصونة في كل النشاطات التي نقوم بها”.
ولكن بوش لم يوضح مفهوم إدارته للأمريكيين “الأبرياء” و”العاديين”. وهل الصحافي الذي كتب التحقيق الذي نشرته المجلة عن مراقبة الهواتف يدخل في هذه الفئة؟ وهل الذين يعارضون سياسة بوش في العراق أمريكيون أبرياء وعاديون، وهل الذين يعارضون سياسته في الشرق الأوسط أبرياء وعاديون؟ وهل رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة هارفارد ورئيس الدائرة السياسية في معهد كنيدي اللذان كتبا مقالا عن اللوبي “الإسرائيلي” في الولايات المتحدة أمريكيان بريئان وعاديان؟
وإدارة بوش تستشرس في معاقبة معارضيها، فقد أقالت السفير جوزيف ويلسون من منصبه بسبب معارضته للحرب في العراق، وطلب بوش شخصيا من نائبه ديك تشيني تزويده بوثائق تقول إن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، لكي يرد بها على الحجج التي طرحها السفير، وكشف أحد موظفي البيت الأبيض أن زوجة السفير عميلة لوكالة المخابرات المركزية، وفي جلسة المحاكمة التي جرت في 5 ابريل/نيسان الماضي للنظر في الشكوى التي رفعتها زوجة السفير حول الكشف عن شخصيتها قال المحامي باتريك فيتزجيرالد إنه حصل على وثائق حكومية تكشف خطة للانتقام من السفير ويلسون ومعاقبته وتلويث سمعته.
وفي تحقيق نشرته الصحيفة الفنلندية “سبيكولا” كشفت الصحيفة عن خطة لتحويل المواطنين الأمريكيين والأوروبيين إلى روبوتات يبصمون على كل قرار تتخذه حكوماتهم، وقالت الصحيفة إن الحكومة الأمريكية تعد حاليا لتنفيذ الخطة، وطلبت من الحكومات الأوروبية تنفيذها على المواطنين الأوروبيين أيضا، وهي: زرع شريحة الكترونية متطورة في جسم كل طفل حديث الولادة، أو كل شخص يراجع أحد المستشفيات لإجراء عملية جراحية، والهدف من الشريحة هو التحكم بسلوك الإنسان ونشاطاته الاجتماعية والسياسية، والسيطرة على تفكيره، وهي موصولة بالأعصاب، وتتصل لاسلكيا بجهاز كمبيوتر مركزي عملاق. وحذرت البروفيسورة راوني-لينا لوكانين-كيلد، كبيرة الأطباء في وزارة الصحة الفنلندية من خطورة عمل من هذا النوع، ودعت زملاءها الأطباء في فنلندا وأوروبا إلى التمرد على تعليمات حكوماتهم ورفض زرع الشريحة تحت أي مبرر، وقالت في بيان أصدرته ونشرته صحيفة سبيكولا: “عندما يجري ربط وظائف أدمغتنا بكمبيوتر عملاق، سيكون الأوان قد فات على الاحتجاج، والسبيل الوحيد لإيقاف إجراء من هذا النوع هو منعه قبل حدوثه”. وقالت البروفيسورة: إن التكنولوجيا الخاصة بالسيطرة على العقل ظلت سرا من أسرار الحكومات الغربية حتى الآن، لأن أهدافها خبيثة ولا إنسانية وأجهزة الإعلام تلتزم الصمت المطبق بشأنها، ولكن النتيجة ستكون خلق جنود ومواطنين هم في الحقيقة روبوتات ينفذون ما يصدر لهم، ولا حيلة لهم بذلك طالما أن كمبيوترا مركزيا يسيطر على تفكيرهم”.
وها نحن نصل إلى نهاية التاريخ وآخر رجل، ولكن لا لنشهد هيمنة الليبرالية، وإنما هيمنة الحكومات الغربية على مواطنيها وتحويلهم إلى روبوتات.

الزمن القادم 16/05/2006 10:44 AM

الجمع بين العمل والانجاب والاسرة مفيد لصحة المرأة



لندن ـ رويترز: قال علماء امس الاثنين ان جمع المرأة بين عملها وكونها زوجة او لها شريك حياة واطفال قد يساعد علي تمتعها بصحة جيدة. وبعد تحليل بيانات من دراسة تتبعت صحة مواطنات بريطانيات ولدن عام 1946 اكتشف العلماء ان النساء اللائي لعبن ادواراً متعددة في الحياة انخفض لديهم خطر المعاناة من مشاكل صحية او البدانة في منتصف العمر بالمقارنة بربات المنازل او الامهات اللائي يعيشن دون شريك حياة او النساء دون اطفال.
وقالت اني ماكون من يونيفرستي كوليدج لندن النساء اللائي لعبن ادورا متعددة علي المدي البعيد تمتعوا بصحة جيدة حتي سن الرابعة والخمسين. يبدو وكأن النساء تصبح صحتهن افضل نسبيا كنتيجة للجمع بين العمل وحياة الاسرة .
وقالت ماكون في الدراسة التي نشرت في دورية علم الاوبئة وصحة المجتمع انها وفريقها قاموا بتحليل بيانات صحية قدمتها اكثر من الفي امرأة يتراوح عمرهن من السادسة والعشرين الي الرابعة والخمسين وكذلك مؤشر قياس كتلة الجسم وهو مقياس للبدانة. وشمل التحليل ايضا بيانات بشأن حالتهن الزوجية وتاريخهن في العمل وانجاب الاطفال. واكتشف الباحثون ان النساء اللائي كن ربات منزل في معظم اوقات حياتهن كن اكثر عرضة للمعاناة من مشاكل صحية.
وجاء في المرتبة الثانية الامهات اللائي يعشن بلا شريك حياة والنساء اللائي لم ينجبن. وكانت ربات المنازل اكثر عرضة لزيادة الوزن وهذه الفئة اكتشف فيها اعلي معدل للبدانة بنسبة 38 في المئة بينما كان المعدل في ادني درجاته لدي النساء العاملات والزوجات والامهات. وقالت ماكمون ان المعروف منذ فترة ان جمع المرأة بين العمل والامومة ورفيق الحياة يؤدي الي تمتعها بصحة افضل. ولكن لم يكن معروفا مااذا كان الجمع بين العمل وانجاب الاطفال سببه تمتع النساء بصحة جيدة ام ان الجمع بين العمل والاطفال هو سبب التمتع بصحة جيدة. وقالت ماكمون هذه الدراسة هي اول واحدة توضح الاتجاه الذي يجب ان نسير فيه... ربما يكون هناك فوائد صحية علي المدي البعيد للقدرة علي المشاركة في جميع المجالات في المجتمع .


القدس العربي

الزمن القادم 16/05/2006 10:56 AM

نص كلمة (الاخبار المصرية)
ردا علي الخريجين الذين يزاولون بسبب البطالة أعمالا لا تتناسب مع مؤهلاتهم: إحترامي لكم فكل عمل شريف مهما صغر ولا عيب في مزاولته حتي تلوح فرصة العمل التخصصي، والعمل التخصصي أو المهني شريف ومحترم ولا يعيبه ان الطبيب مثلا يرتزق من المرض والمعلم يرتزق من الجهل والمحامي يرتزق من الجريمة والصحفي يرتزق من الشر لان الشر خبر.

أحمد رجب

الزمن القادم 16/05/2006 11:04 AM

رأي الوطن ( جريدة الوطن العمانية)
هكذا غلبت الروح الوطنية
تكريم الشركات المتميزة في مجال التعمين يشكل حافزا مادياً ومعنويا لكل شركة يضاف بدوره إلى ميزات تضيفها ادارات تلك الشركات لأنفسهم تتمثل في قناعة ذاتية بقدسية الدور وأهمية المبدأ، حيث بادرت هذه الشركات في البداية الى تطبيق الدعوات التي استهدفت تشجيع العامل المواطن على الانخراط في سوق العمل الوطني وتحمل مسؤولية البناء والتنمية، فتوافر هذه الروح الوطنية والمسؤولية الذاتية تجاه تحقيق مصالح الوطن العليا هي اكبر وسام يوضع على صدر المواطن سواء كان مستثمراً في القطاع الخاص او إداريا او عاملا في قطاعات الانتاج، حيث ان القطاع الخاص هو مناط الأمل في استيعاب كافة مخرجات التعليم والتدريب الذين تبذل الدول كل غال كي تنهض بهما وتجعل مخرجاتهما من اليد العاملة الوطنية على مستوى من الكفاءة يليق بضرورات اللحظة ويتساوق مع حاجاتها، فالاوطان لا تبنيها الا سواعد ابنائها المؤمنين بتكاملية الرسالة وتجاوزها لمفهوم الربح الآني، والتعمين بالطبع يفرض التزامات على الشركات تتحملها برحابة صدر يقيناً من القائمين عليها بأن ما تنهض به هو بمثابة استثمار آجل لطاقاتنا الوطنية سيؤتي أكله في مكان ما وزمان ما على رقعة أرضنا الطيبة سواء داخل جدران الشركة التي ساهمت في مسيرة التعمين أم خارجها، فالمسؤولية واحدة والهدف واحد، ومن جهة مقابلة ينبغي على العامل المواطن أن يكون مدركا لحجم تضحيات الدولة وحساسيات الظروف المرحلية للقطاع الخاص الناهض الذي يبادر للاستجابة لرفع نسب التعمين بكل ما يحمل هذا التوجه من صعوبات وتحديات في البداية، وأحياناً تكتنف المسيرة حملات تشكيك في قدرات كل من الشركة والموظف الوطني على السواء على الوفاء ببرنامج التعمين، وهذه طبيعة مراحل التحول لكن في نهاية المسيرة تستقر الأوضاع ويبدأ جني الثمار، حيث تمر التجربة في اطار منظومة متكاملة من البنى الاساسية والمؤسسية وضمن معايير ومقاييس دقيقة تسجل لكل ذي حق حقه ولكل صاحب تضحية تضحيته حيث يستظل الجميع تحت راية الوطن ويتحصن ضد كل مقولات التشكيك بروح التضامن والتكافل التي تعمل عمل دفة السفينة المبحرة في لجة التجربة وصولا الى شاطئ الأمان، فسفينة النهضة المباركة يقودها ربان ماهر يعرف طريقه جيدا ويدرك ثقل الأمانة وطبيعة المسار وملامح الهدف وهو حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ويدرك أيضا بحس القائد الرشيد طبيعة التحولات الدولية وما تطرحه من ضرورات مراجعة المراحل ومتابعة حجم الانجازات ومقدار التضحيات. وتشير الاحصائيات التي ظهرت من خلال حفل التكريم امس والكلمات التي القيت بالمناسبة الى مدى النجاح في خطط التعمين والاستجابة الواسعة من جانب الشركات والعاملين على السواء، حيث تم استيعاب اكثر من 100 ألف مواطن عماني في سوق العمل بالقطاع الخاص، وبذلك يجني الوطن ميزات عديدة ونجاحات على اكثر من مستوى، متمثلة في استيعاب القوى العاملة الوطنية في مواقع الانتاج وفي نفس الوقت الحفاظ على تنامي مسيرة التنمية ورفع الدخل القومي للسلطنة وتوفير الأموال التي كانت تنفق على جلب الأيدي العاملة التي يمكن إحلال أيد وطنية محلها. فلتكن الروح الوطنية سبيلنا جميعاً لنتحرك صوب المستقبل بثقة وملامح تنم عن عمق الانتماء للوطن.

الزمن القادم 16/05/2006 11:13 AM

الرأي اليوم / نقطة نظام
في قاعة عبد الله السالم، تحت قبة «ابو الدستور»، منبر التوافق الديموقراطي بين الكويتيين حول شكل النظام والسلطة والدولة، درة التطور السياسي الذي رصع مسيرتنا في المنطقة، قبلة الباحثين عن الحريات والحقوق، صمام امان الديرة التي ما عانت من ازمة الا وكان الدستور سدا عاليا وكانت المشاركة السياسية دائرة التفاف واحتضان,,, في قاعة عبد الله السالم، حصل ما حصل امس وليته لم يحصل وليته لا يتكرر.
وحتى لا يفهم احد كلامنا خطأ، نؤكد اننا هنا لا نتحدث عن دوائر او مشاريع قوانين او الحكومة او النواب او مؤسسات المجتمع المدني، فحق الحكومة ان تبادر وتقرر وحق المجلس ان يعترض ويوقف، وبين الحقين المتبادلين ساحة مشروعة للهجوم والدفاع والمناورة والتكتيك وتوزيع الادوار وغيرها من الصور التي ملأت يومياتنا منذ عقود,,, ساحة متبادلة لان يقول الوزير رأيه ويقول النائب رأيه,,, ساحة متبادلة للسؤال والاستجواب والرد والصراخ والصياح والشعر والنثر، لكن الفيصل في كل هذا المشهد الصاخب هو الدستور والقوانين، فالمناورات السياسية تتوقف عند هذه الحدود، وتجاوز هذه الحدود لا حدود له, هذا ما قصدناه بصمام الامان.
امس، خرجت الامور عن «وتيرتها الكويتية»,,, لم يكن المشهد مألوفا في قاعة عبد الله السالم, أن تصوت الحكومة او لا تصوت فهذا شأنها وهذا حقها, ان يعترض نواب او ينسحبوا او يقاطعوا او حتى يعطلوا فهذا شأنهم ايضا وهذا حقهم, لكن ان تتحول حركة شبابية وطنية متحمسة ومخلصة تملك تصورا حول شكل الدوائر الى حركة تظاهر داخل قاعة عبد الله السالم تخللتها الفاظ جارحة وشعارات نافرة واستهدافات شخصية لوزراء ومسؤولين بشكل ادى الى تعطيل جلسة الامس وتحويلها الى مهرجان سياسي,,, فهذا ليس من الحقوق ولا من الواجبات ولا شكل قانونيا او دستوريا له.
بوضوح اكثر، نحن مع هذا الحراك السياسي لجيل شاب، ونحن اول من كتب عنه وامتدحه واعتبر ان مشاركته خير لمستقبل الديموقراطية في الكويت، ولكننا لا نريد لهذا الحراك ان يجرف هؤلاء الشباب الى مسالك اخرى تتفق في الظاهر مع قناعاتهم وتختلف في الواقع عنها، نريدهم ان يطبقوا افكارهم وما يؤمنون به لا ان ينفذوا «أجندات» خاصة لاي جهة، نريدهم ان يحملوا معتقداتهم بيد والنظام والقانون والدستور باليد الاخرى، نريدهم ان يستمروا في التحرك الحضاري الراقي الذي يشبههم ويشبه تربيتهم وسلوكهم ولا نريد لالفاظ نابية من هنا او صراخ من هناك ان يغطي وجوههم الجميلة، نريدهم ان يستمروا في التعبير بقوة وارادة وصلابة عما يؤمنون به ولا نريدهم ان يقوموا بعمل خاطئ في لحظة يعلمون كيف بدأت لكنهم قد لا يعلمون كيف ستنتهي.
بوضوح اكبر,,, الأمن والنظام والدستور والقوانين والاستقرار والوحدة الوطنية والديموقراطية والحريات هي سقف اي تحرك وحدود اي مسار مهما تباينت الآراء حوله, وما حدث امس في قاعة «ابو الدستور» اساء لهذه الحدود كما اساء لمرتكبيها، وما يهمنا هو مشاركة ابنائنا في الشأن العام من ابوابه النظيفة كباب القاعة التي دخلوا منها، لا اقحامهم في امور قد تجر الى ما هو اسوأ وتحميلهم بالتالي اوزارها.
لا نتحدث عن حكومة، لا نتحدث عن نواب، فبينهما لغة خاصة مشتركة مهما تباينت النيات، نتحدث عن محاولة قلة خطف تحرك شبابي نظيف في التوقيت المدروس والمكان الخطأ,,, ولا نعتقد ان كويتيا واحدا مخلصا يريد لهذه المحاولة ان تنجح.

جاسم بودي (رئيس تحرير الرأي العام الكويتية)

الزمن القادم 16/05/2006 11:25 AM

رياح الحرب تهب في سماء إيران
أنور عشقي الحياة - 16/05/06//لماذا أبدت مراكز الدراسات الاستراتيجية اهتماماً بما كتبه سيمور هيرش في مجلة «ذي نيويوركر» الأميركية حول الهجوم على إيران وامكان قصفها بالأسلحة الذرية؟ السبب أن هيرش من البارزين بين الصحافيين الأميركيين، كما أنه يعتبر من أهم عملاء وكالة الاستخبارات المركزية، كما وصفه رالف شوينمان قائلاً: «إنه اعتاد إفشاء الأسرار المتعلقة بخطط المحافظين الجدد».

ويعتبر سيمور هيرش من معارضي خطط المحافظين الجدد، خصوصاً في ما يتعلق بتوجهات إسرائيل الهادفة الى تفكيك دول الشرق الأوسط. وكشف رالف شوينمان عن هذه التوجهات وعن كيفية استخدام وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي اي) للصحافي هيرش الذي أكد أن إدارة الرئيس الأميركي بوش ضاعفت من نشاطاتها السرية داخل إيران لمنعها من السعي للحصول على السلاح الذري، بينما تدعو في العلن إلى الحلول السلمية بالطرق الديبلوماسية.

هل تعتبر «المعلومات» التي ذكرها هيرش بالونات اختبار أم مفرقعات إثارة لدفع إيران الى مزيد من التهديد حتى تستكمل صورة التحدي مما يعطي الولايات المتحدة المبرر الكافي أمام شعبها والعالم لضرب إيران وإظهارها كمصدر تهديد عالمي، فيأتي الأميركي على فرسه ويستخدم مسدسه «لإنقاذ البشرية»؟

لقد أكد بعض المسؤولين العسكريين السابقين والحاليين في الجيش الأميركي، إضافة إلى مجموعة من رجال الاستخبارات، ما ذكره هيرش عن الخطط الاميركية. وتتفق وكالة الاستخبارات الأميركية مع الاستخبارات الأوروبية ووكالة الطاقة الذرية الدولية على أن إيران مصممة على تطوير القدرة على إنتاج أسلحة نووية، لكن الاختلاف هو حول المدة التي سيستغرقها هذا الإنتاج. ومع هذا فإن التساؤل لا يزال مطروحاً لدى صناع القرار حول ما إذا كانت الديبلوماسية أم العقوبات أم العمل العسكري هي الطريق الأمثل لمنع إيران من ذلك، مع ان إيران تصر أن أبحاثها لا ترمي إلا إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

ولدى المجتمع الدولي قناعة اكيدة أن الرئيس بوش يهدف من وراء المواجهة مع إيران الى تغيير النظام أو اسقاطه، وزادت من إصراره تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ضد إسرائيل، وتشكيكه في صحة المحرقة اليهودية. كما أن بوش على يقين أن إيران ستحصل على السلاح الذري إن لم يتم وقفها بالقوة.

يقول أحد المحللين العسكريين في الولايات المتحدة إن غارة جوية على إيران ستصيب قيادتها بالإهانة، فتدفع بالايرانيين إلى الثورة واسقاط الحكومة، وهذا يؤكد أن بعض المحللين الأميركيين يخطئون في تقديراتهم للنتائج تماماً كما حدث معهم في العراق، لأن التهديد الأميركي لإيران من دون تفريق بين الحكومة والشعب سيعزز من تأييد النظام.

أما فكرة تغيير النظام الإيراني فقد طرحها الخبير في الشؤون الإيرانية باتريك كلوسون، الذي يعمل نائباً لمدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وهو من مؤيدي سياسة الرئيس بوش. فقد عرض فكرته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، في 2 آذار (مارس) الماضي وتساءل: إلى متى سيبقى النظام الايراني الحالي؟ وحينما سأله رالف شوينمان عن قصده من السؤال اجاب: «إن هذه الإدارة توجه كثيراً من الجهود نحو الحل الديبلوماسي، ولكن إيران لا خيار لها سوى الاستجابة لطلب أميركا وإلا فإن عليها مواجهة هجوم عسكري». وعقب كلوسون قائلاً: «أخشى أن يعتقد أحمدي نجاد أن الغرب في طريقه إلى الانهيار، فيتعامل من هذا المنطق، وعلينا أن نكون مستعدين للتعامل مع إيران إذا تفاقمت الأزمة، لكنني أفضل الاعتماد على التخريب والنشاط السري، ومن الحكمة الإعداد لحرب أكبر ما دام الإيرانيون يتصرفون على هذا النحو».

ويرى البيت الأبيض أن ايران هي منافسه الوحيد في السيطرة على الشرق الأوسط والنفط خلال السنوات العشر المقبلة، لهذا جعل الغرض من هذه الازمة هو تغيير هيكل الحكم، كما يعتقد البيت الأبيض أن الهدف الأمثل الذي تسعى اليه إيران من هذا التنافس هو امتلاك القوة النووية. من هنا جاء الابتهاج في إيران بإعلان الرئيس أحمدي نجاد امتلاك ايران القدرة على التخصيب النووي، وبذلك أصبحت الدولة الثامنة في النادي الذري.

أما خبراء مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض فيرون أن الحل العسكري سيزيد من خطورة الإرهاب، وسيُدخل في اللعبة كلا من «حزب الله» و «القاعدة»، لكنهم لا يرون في ذلك بأساً، طالما أن الإرهاب سيأكل أبناءه، إذ أن الأعمال الإرهابية ستكون داخل الدول العربية والإسلامية كما يحصل في العراق وأفغانستان وغيرهما.

ويقول سيمور هيرش إن هناك عمليات جرت في الاجواء الايرانية وعرفت باسم «من فوق الكتف»، اذ قامت طائرات اميركية بـ «القاء قذائف» ونفذت طائرات أميركية مناورات وهمية طوال الصيف الماضي، واستخدمت أسلحة ذرية وقامت بمهمات نقل سريع بحيث لا تصل إليها الرادارات الإيرانية.

أما المحلل في كلية الحرب القومية العقيد سام غاردنر فقد قدم تصوراً للأهداف النووية في إيران، وقال ان عدد الاهداف المستهدفة يصل الى 400 هدف، وأضاف أن لدى إيران مصنعين لإنتاج المواد الكيماوية، ولا بد من ضربهما أيضاً، اضافة الى ضرب الصواريخ العابرة للقارات المتوسطة المدى التي نقلتها إيران أخيراً الى مواقع قريبة من العراق، كما يوجد في إيران 14 مطاراً تكمن الطائرات فيها في مخابئ تحت الأرض ولا بد من التخلص منها، كما يجب ضرب المنشآت التي يمكن أن تستخدم لتهديد الملاحة في الخليج، مما يعني استهداف صواريخ «كروز» للغواصات الإيرانية. أما بالنسبة الى بعض المرافق التي يصعب الوصول إليها بأسلحة الاختراق، فلا بد أن تتولاها قوات العمليات الخاصة.

أما القنابل الذرية التكتيكية فستتولى قصف المواقع النووية تحت الأرض، ومن أهم هذه الأهداف المصنع الرئيسي لأجهزة الطرد المركزي الذي يقع قريباً من «ناطنز» على مسافة 350 كلم جنوب طهران، ومساحته تحت الأرض تتسع لـ50 ألف جهاز طرد، هذا إلى جانب معامل ومواطن تشغيل مغمورة تحت سطح الأرض على عمق 75 قدماً.

إن تدمير مفاعل (ناطنز) يعتبر نكسبة كبيرة بالنسبة الى طموحات إيران النووية، وقد روعيت في إنشائه ترسانة الأسلحة التقليدية الأميركية، التي لا تستطيع تدمير المنشآت بعمق 75 قدم تحت الأرض خصوصاً إذا كانت معززة بالأسمنت المسلح.

لقد استعان الإيرانيون بالروس في تصميم هذا المرفق، وصمم الروس مرفقاً مماثلا من أجل لجوء اعضاء الحكومة إليه، وإتاحة الفرصة للقيادة البقاء فيه ونجاتها من حرب ذرية، كما توجد مخابئ مماثلة في ولايتي فرجينيا وبنسلفانيا لحماية الزعماء الأميركيين.

إن الولايات المتحدة الأميركية تعيش ثقافة الكاوبوي فهي لا تقبل التحدي، وإذا وجدت نفسها في هذا الوضع فإنها ستدخل الميدان حتى لو كانت النتيجة الانتحار، وهذا ما أدركه الرئيس السوفياتي السابق خروتشوف في أزمة كوبا مع مطلع الستينات من القرن الماضي عندما دخل في تحد مع الرئيس جون كينيدي حول الصواريخ الكوبية، وهذا ما جعل خروتشوف يتراجع، لأن الثقافة الروسية تعتمد على استراتيجية الوسادة الناعمة.

إن الولايات المتحدة هي التي دفعت إيران الى هذه التحديات، حتى تنال التأييد من شعبها لقبول الحرب. لهذا يخشى أن تكون واشنطن قد وصلت إلى نقطة اللاعودة، ولم تعد تستطيع أن تتراجع، لأن التراجع عند التحدي يصبح بمثابة قتل الذات. لقد بدأت رياح الحرب تهب على إيران، والكارثة ستحدث، لكن أميركا لن تحترق منها إلا أطراف الأصابع، فهل يتساوى حرق أطراف الأصابع مع تدمير كيان بالكامل؟ هذا ما يجب أن نعرضه على ميزان العقل.


باحث وكاتب سعودي.

الزمن القادم 16/05/2006 11:34 AM

من ضآلة التعليم العالي
الى البطالة

المستقبل (اللبنانية) - الثلاثاء 16 أيار 2006 - العدد 2266 - رأي و فكر - صفحة 17


الياس جوادي (*)
لا شك أن سوق العمل العربي لا يمثل السوق الحقيقية للعملية التعليمية أو التدريبية، إذ أن العاملين فيه أحياناً يعجزون عن تحديد احتياجاتهم التدريبية أو قد يعبرون عن احتياجات غير دقيقة، مما ينتج عنها بناء المناهج على مثل هذه الاحتياجات، إضافة الى عدم متابعة السوق للمستجدات على الساحة العالمية والقدرات المطلوبة للوظيفة في عصر العولمة. لكن بناء المناهج أساساً ينبغي أن يتبع متطلبات المجتمع التي تعتبر احتياجات سوق العمل جزءاً منها مع ضرورة الأخذ في الاعتبار احتياجات المجتمع وكذلك الاحتياجات العالمية لتحلل كل هذه الاحتياجات وصولاً الى المتطلبات النهائية لبناء المناهج. إن مثل هذه العمليات لا يستطيع سوق العمل العربي القيام بها إنما ينبغي على الجامعات المشاركة في ذلك إن أرادت أن توجد فرصاً وظيفية أكبر لخريجيها.
وإذا نظرنا الى أهداف معظم الجامعات في البلدان العربية، فإن دور الجامعة ينتهي بانتهاء مرحلة الدراسة ويغادر الطالب الجامعة للبحث عن وظيفة في سوق العمل ليصطدم باحتياجات الوظيفة التي ستسند اليه من صاحب العمل وتوقعاته بجاهزية الخريج للبدء بالوظيفة حال تخرجه. وبالطبع يكون الفشل مصير العديد من الخريجين حيث لا يتمكنون من ذلك، ومن هنا خرجت علينا مقولة عدم توافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل خصوصاً في المؤسسات المتوسطة والصغيرة التي تمثل الشريحة الكبرى من اقتصادات العالم العربي وفي نفس الوقت لا توجد لديها الإمكانات التدريبية أو المادية التي تعينها على تأهيل الخريجين مهنياً ووظيفياً طبقاً لاحتياجات الوظائف التي ستسند اليهم. ولايجاد فرص وظيفية أكبر للخريجين، لذلك ينبغي أن تأخذ الجامعة دوراً في عمليات التدريب وتجعل منه مكملاً للتعليم.
وبالرغم من أن التدريب يرتبط ارتباطاً مباشراً بالتعليم ويعتبر عنصراً مكملاً لإعداد الكوادر البشرية، لذلك لا بد من مسايرة التدريب جنباً الى جنب مع التعليم لأنهما يمثلان تكاملاً لإعداد الكوادر البشرية. فإذا نظرنا الى معظم الجامعات في البلدان العربية نجدها لا تولي اهتماماً بتأهيل خريجيها على الوظائف المتاحة بالسوق لعدة أسباب، من أهمها: ضعف العلاقة بين الخريجين والجامعة من جانب وسوق العمل والجامعة من جانب آخر. وفي المقابل يتجه القليل من المؤسسات الكبيرة داخل سوق العمل في بعض البلدان العربية الى إنشاء مراكز تدريبية متخصصة داخل هذه المؤسسات ويستعان عادة بخبرات من خارج هذه الدول لتأهيل الخريجين الجدد مهنياً ومن ثم إعادة تأهيلهم تبعاً لمتطلبات الوظائف التي ستسند اليهم. ولعلنا نعتبر مثل هذا التوجه ناتجاً عن انخفاض مستوى خريجي بعض الجامعات في البلدان العربية. فلو أخذت الجامعات على عاتقها مسؤولية التأهيل المهني من خلال تحديد الاحتياجات التدريبية لكل مهنة وتصميم البرامج التدريبية تحت مظلة خدمة المجتمع لقامت مؤسسات السوق بعمليات التأهيل الوظيفي المتخصصة.
لكن المشكلة الحقيقية تحديداً تتجسد في طريقة التعليم الجامعي ذاته، وهي تكمن في عدم التناسب بين التعليم والعمل في برامج تعليمية كثيرة، خصوصاً التقنية منها، إذ يتم إعداد الطالب في قاعات المحاضرات وأمام طاولات المعامل والمختبرات وبين أرفف الكتب مع غياب الاتصال شبه الكامل مع واقع العمل الفعلي، زيادة على ذلك اهتمام الطالب فقط بالامتحان وكأن الامر لا يهمه، مما يزيد الهوة في التعليم بين النظري والتطبيقي.
غير أن هناك بعض الجامعات تحاول أن تخلق بيئات عمل داخل أسوارها إلا أن ذلك بالطبع يختلف كماً وكيفاً عن واقع العمل الفعلي، وقد تسبب ضعف العلاقة بين الجامعات ومؤسسات سوق العمل في حرمان الطالب من عرض معارفه ومهاراته على صاحب العمل المستقبلي، كما يفوت عليه الفرصة لتطبيق ما اكتسبه من معرفة في الواقع العملي الفعلي، إضافة الى ما يسببه ذلك في عدم وجود شراكات تعليمية تزيد ترابطاً بين الجانبين، فالمسؤولية إذن يتقاسمها الطرفان، المؤسسة التعليمية ونقص القدرات والإمكانات العملية والتطبيقية، والطالب المعني الذي ينتظر دائماً من يوجهه متجاهلاً التكوين الذاتي رغم أن الأخير هو جوهر النطاق العملي فلا وجود لإبداع ما لم يوجد جهد شخصي مرير.
(*) كاتب جزائري

الزمن القادم 16/05/2006 12:29 PM

الطغيان الاجتماعي والثقافي مصدره سيطرة القطاع الخاص على أنظمة الاتصالات والمعلومات ... تشومسكي في تحليل لقوى الهيمنة في عالم الكومبيوتر والإنترنت
بيروت الحياة - 14/05/06//


تشومسكي: الشركات العملاقة «خطفت» المعلوماتية من القطاع العام
اثارت زيارة المفكر الاميركي المعروف نعوم تشومسكي لبيروت أخيراً، نقاشاً عربياً عن أفكاره المعروفة بشدة معارضتها لتحوّل الولايات المتحدة الى نظام امبراطوري للهيمنة الشاملة، بدعم من تكنولوجيا فائقة التطور. ويرى تشومسكي في العولمة الراهنة شيئاً شديد الشبه بتلك الهيمنة، التي يخشى من أثارها على أميركا نفسها، كما على دول العالم. ولذا، يدأب على تحليل آليات الهيمنة الأميركية عالمياً، بما في ذلك الدور الذي تلعبه التكنولوجيا الرقمية وإعلامها. ويشبه ذلك ما يفعله المرشح الرئاسي السابق (من اصول لبنانية) رالف نادر، الناشط في مجال حقوق الإنسان في أميركا، الذي يُعطي حيزاً كبيراً من نشاطه لمسألة الحريات الإلكترونية للمواطنين. والمعلوم ان نادر انتقد هيمنة الشركات العملاقة على عالم المعلوماتية في بيان شهير حمل عنوان «أوقفوا مايكروسوفت».
وفي ما يأتي، استعادة مُكثفة لمقابلة سابقة لتشومسكي، نالت شهرة واسعة، انتقد فيها المُفكر الاميركي بقوة هيمنة شركة «مايكروسوفت»، عملاق نُظم تشغيل الكومبيوتر وبرمجياته، على العالم الرقمي، كما تُعبّر عنه السيطرة شبه المُطلقة لنظام التشغيل «ويندوز» على كومبيوترات العالم وشبكاته الالكترونية. وأحياناً، يُشار الى المقابلة، التي أجرتها مجلة «كورب ووتش» الاميركية، باسم «نظام تشغيل واحد، عالم واحد»One World,One System، في تلخيص كثيف للفكرة الرئيسية التي عرضها تشومسكي ودافع عنها.
«(يبدو أن) الشركات الطفيلية، مثل «مايكروسوفت»، تقتات على النظام العام، فإلى أي مدى ينبغي لنا منحها امتيازات وحقوقاً تسيطر بها على ما هو أساساً ملكية عامة، كالإنترنت والاتصالات...؟ هنا تكمن المشكلة.
وفي عودة إلى تطوّر حال المؤسسات في الولايات المتحدة، وُجِدَت الشركات الكبرى منذ القرن الثامن عشر، وما قبل. وكانت هيئات عامة، متضامنة. وعلى سبيل المثال، كان في استطاعة مجموعة أشخاص أن تقرر بناء جسر فوق نهر معيّن. فتحصل من «بلدية» تلك المنطقة أو من الولاية على الامتياز. وبذلك، لم يكن للمؤسسات الحقوق التي يمتاز بها الأفراد.
لكن الحال بدأت تتغيّر منذ القرن التاسع عشر، علماً أن النظام الدستوري تأسس على مبدأ أن يحصل الأفراد من أصحاب الملكيات على امتيازات خاصة دون سواهم، (ذلك ان) غاية الحكومة، حينها، تمثّلت في حماية الأقلية الميسورة من الغالبية العامة.
وفي الولايات المتحدة، غيّرت المحاكم مبدأ إنشاء المؤسسات الكبرى، لمنح الامتيازات ليس فقط لأصحاب الملكيات فحسب، بل أيضاً لما يسمّى «الكيانات القانونية الجماعية». وبعبارة أخرى، مُنحت المؤسسات، في مطلع القرن العشرين، الحقوق والامتيازات التي يحصل عليها الأفراد. فأصبحت، تالياً، بمثابة أشخاص «غير فانين» أو «أصحاب نفوذ هائل». ثم حرّرت من الالتزام بقوانين الولاية.
ومهّد هذا التحوّل لنشوء أنظمة طاغية خاصة وخطيرة، لا تخضع للمحاسبة، تحميها الحقوق الواردة في التعديل الأول للدستور، ومعفاة من التفتيش والقبض... فتسير أعمالهم في ما يشبه الخفاء.
بعد الحرب العالمية الثانية، وجب على قطاع الأعمال أن ينسّق مع الحكومة، وان يُنشئ شركات تابعة لها، وأن يصرّح عن التكاليف والمخاطر. ووفّر «نظام البنتاغون» آلية تطبيق تلك الاجراءات. ومذذاك، صارت تلك الشركات العامة التابعة تشكل قلب القطاعات الحيوية في الاقتصاد الأميركي، كشركات التكنولوجيا البيولوجية والعقاقير وغيرها مما يعوّل على مصادر عامة مختلفة... وهذا ما يقود مباشرة إلى «مايكروسوفت».
من أين تأتي الأرباح الضخمة؟


يهيمن نظام التشغيل «ويندوز» على معظم أجهزة الحاسوب عالمياً
كيف تستطيع «مايكروسوفت» تحقيق أرباحها الضخمة؟ كان بيل غيتس صريحاً في هذا الشأن، إذ قال إنه يجنيها باحتضان أفكار الآخرين ونشرها. ومصدر الأرباح تجارة الكومبيوتر... والكومبيوترات صنعت بمبادرة القطاع العام وعلى نفقته. وفي الخمسينات عندما كانت الكومبيوترات في مرحلة التطوير، كانت هذه الصناعة كلها على نفقة القطاع العام.
والمنطق نفسه ينطبق على الإنترنت. الأفكار والمبادرات والبرامج والأجهزة... ظلت كلها، طوال 30 عاماً، على نفقة القطاع العام وبمبادرة منه. وتوّاً، بدأ تسليمها إلى أشخاص مثل غيتس.
أما التأثيرات الاجتماعية والثقافية التي تنشأ من ترك بضع شركات تسيطر على شيء أساسي، فتظهر في نشوء شكل من أشكال الطغيان. والطغيان هو هدف تحويل السلطة من أيدي الجمهور إلى المؤسسات (التجارية)... ومحاولة إبعاد القطاع العام من تقرير مصيره، والسيطرة على الرأي العام... بهدف التحكّم في العالم، بما في ذلك الإنتاج والتجارة والتوزيع والفكر والسياسة الاجتماعية والسياسة الخارجية... فتخرج القرارات الأساسية من يد القطاع العام لتقع في يد نفوذ خاص مركّز. وفي الواقع، الطغيان لا يخضع لمحاسبة القطاع العام. وهناك أنماط كثيرة لإنجاز ذلك.
يتمثّل أحدها في وضع نظام الاتصالات أو المعلومات، تحت سيطرة مجموعة متشابكة من الشركات الخاصة. وعلى سبيل المثال، وسائل الإعلام في الولايات المتحدة هي وسائل مملوكة بغالبيتها لشركات. وحتى هذه الوسائل الإعلامية العامة لا تختلف عن الشركات الأخرى. فهي مؤسسات ضخمة تبيع جمهوراً (من المستخدمين) للمعلنين في شركات أخرى. وهؤلاء معاً يشكّلون نظام الاتصالات.
(...) وهذه النقلة من العام إلى الخاص أثّرت أيضاً في الإنترنت. فعندما كانت شبكة الإنترنت تحت سيطرة «البنتاغون»، كان استخدامها مجانياً. واستعملها كثير من الناس، من دون مقابل، للمشاركة في المعلومات. وبقيت الحال على تلك الصورة، حتى بعد انتقال الشبكة الإلكترونية إلى كنف «المؤسسة الوطنية لتقدم العلوم» الأميركية.
وفي البداية لم تكن الشركات مهتمة بالإنترنت لأن لا أرباح فيه. والآن، سلّمت إلى مؤسسات خاصة، فراحت، منذ البداية، تحدد ما الذي تريد ان تجنيه من تلك الشبكة الهائلة. وراهناً، تريد تلك الشركات تقسيم الإنترنت إلى قطاعات ضمن شبكات خاصة، تحميها «جدران النار» (تعبير يُطلق على التقنيات التي تحمي موقعاً أو ملفاً او منطقة داخل الانترنت)، وتوضع تحت تصرّف الشركات وحدها.
والحال ان تلك الشركات، وعلى رأسها «مايكروسوفت» تريد السيطرة على وسائل النفاذ إلى المعلومات. إذ توجه جمهور الانترنت إلى الأمور التي «يريدها»، مثل خدمات التسويق أو الترفيه... وتسعى أيضاً الى جعل البحث عن المعلومات في أصعب شكل ممكن.

الزمن القادم 16/05/2006 12:36 PM

الصين - السودان: علاقة خطرة
نيكولا دي كريستوف، «كورييه انترناسيونال» الفرنسية الحياة - 03/05/06//
في غضون ثلاثين عاماً، تساند الصين سياسية إبادة للمرة الثانية. وكانت المرة الأولى في كمبوديا بول بوت، واليوم في دارفور. ومشتريات الصين من المحروقات مولت نهب دارفور بواسطة سودانيين مسلحين ببنادق أي كي –47 الصينية. وكانت هذه البنادق أدوات قتل مئات الآلاف من الضحايا. والى هذا، تتولى الصين حماية السودان في مجلس الامن. ولولا الرعاية الصينية لما تجرأ السودان، من غير خوف، على غزو تشاد، البلد الجار، بواسطة جيش من المرتزقة. وتتردد الولايات المتحدة في رفع مسألة دارفور الى صدارة مشاغلها الديبلوماسية. ولكنها، على رغم هذا التردد، نبهت الرئيس الصيني، في اثناء زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة، الى خطورة الحال في دارفور ودقتها. وهذا ما لم تقدم عليه دول اخرى. فأوروبا تغط في زاويتها. وجامعة الدول العربية، وهي جمعت قمة عربية منذ اسابيع قليلة في الخرطوم، ولم تتطرق الى الموضوع.
والصين هي العقبة الكأداء بوجه معالجة دولية. وآخر فصول سياستها هذه، معارضتها، هي وروسيا، معاقبة أربعة مسؤولين سودانيين مباشرين عن الإبادة، في مجلس الامن. ولا ريب في أن السبب الاول في هذه السياسة هو النفط. ويحملها عطشها الى منابعه على السعي في ربط هذه المنابع بانتاجها، بواسطة عقود واتفاقات مع البلدان المنتجة والمصدرة، وبعضها في افريقيا، ولما كانت معظم المصادر المتاحة مرتبطة بعقود قديمة، لم تبق إلا بلدان «خارجة على القانون»، أولها السودان وإيران وميانمار. وعليه، فـ60 في المئة من صادرات السودان من النفط تشتريها الصين. ويشتري السودان، لقاء صادراته من النفط، من الصين اسلحة خفيفة، وألغاماً مضادة (قاتلة) للأفراد، وقنابل مدفعية، ومدرعات، ومروحيات، وذخائر متفرقة. وبنت الصين 3 مصانع اسلحة في السودان. وبندقيتها، الى قواذف مضادات الدروع والبنادق الرشاشة، تعم السودان. ولعل دارفور مختبر سياسة الصين الخارجية الآتية، بينما تتحول قوة عظمى، وتقع عليها تبعات الدور الجديد هذا ومسؤولياته.
عن نيكولا دي كريستوف، «كورييه انترناسيونال» الفرنسية، 27/4-3/5/2006

الزمن القادم 16/05/2006 01:38 PM

أخبار ومواقف
حسين شبكشي

في اسبوع واحد اطلع القراء السعوديون في صحف بلادهم على خبرين ينتميان الى خانة الأخبار المضحكة، كان الخبر الأول خبرا بسيطا مفاده أن «جهة مسؤولة» قامت بمعاقبة وتوقيف أحد الأئمة جراء استخدامه لجهاز الحاسب الآلي المحمول خلال القائه لخطبة الجمعة في إحدى المدن السعودية، والخبر الثاني: كان عبارة عن تحقيق صحافي موسع يبين فيه عدم قيام الغالبية العظمى من مأذوني عقد القران بسؤال الزوجة عن موافقتها على العريس وشروط الزواج والاكتفاء برأي الولي لما في ذلك من «إحراج اجتماعي» وكسر ومنافاة «للعادات والتقاليد» بالرغم من أن هذا الأمر يعتبر مخالفة صارخة لأوامر الشريعة. وطبعا الخبر الأول أعاد الى الاذهان المآسي البائسة التي يتذكرها الكثيرون لآراء دينية حرمت التلغراف والسيارة والدراجة والساعة والكبك والمذياع والتلفاز والطيارة وتعليم اللغة الانجليزية والانترنت والهاتف الجوال بالكاميرا، كل ذلك طبعا يعتمد على المفردة الجاهزة لمواجهة واعتراض كل جديد وهي (البدعة). وطبعا القصور البين في فهم معنى البدعة هو الذي جعل هذا النوع من الآراء لا يقبل أبدا ويكون بالتالي عرضة للسخرية والانتقاد.
عدم النظر الى المستجدات من الأمور بعين ملؤها حسن الظن كان سببا ولا ريب في إساءة الحكم على أمور كثيرة وأشخاص عديدين. فهذا الكمبيوتر كما قال هو «وسيلة مساندة» مثله مثل المايكرفون أو المكيف أو المروحة أو اللمبات الكهربائية التي تملاْ المساجد في العالم كله. أما موضوع عدم سؤال المرأة عن رأيها وموافقتها أو رفضها لزوج المستقبل بسبب العادات والتقاليد والاحراج الاجتماعي، وتفضيل هذا السبب على ممارسة تطبيق الحق الشرعي المكفول للزوجة، فهو يوضح بشكل بيِّن كيف أن روح الاسلام الحقيقية تبقى أكثر سماحة وصدقا من الممارسات الجاهلية التي لا تزال بيننا، ممارسات حولت المرأة الى كائن مهمش، لا يؤخذ رأيها في أمر يعنيها ويمس حياتها بصورة مباشرة.
القصتان الخبريتان اللتان نشرتا في الصحافة السعودية تجسدان وبلا شك حجم المأساة التي يعيشها العالم الاسلامي وانتشار فوضى الفتاوى فيه والسكوت على التجاوزات المهينة بحق مختلف العناصر الاجتماعية، كل ذلك ولد نوعا من تقلص الثقة في الافتاء بشكل عام ومن بعض الممارسات المطبقة. فكيف من الممكن قبول ومعاقبة إمام لاستخدامه جهاز حاسب آلي والسكوت على من أوقف هذا الإمام، وفي نفس الوقت ولسنوات طويلة كان مأذونو الأنكحة «يخطئون» في حق السيدات بدون مراجعة موافقتهن والتأكد من ذلك، وبدون معاقبةٍ لمن خالف أو موقفٍ إلزامي من المسؤولين عنهم ؟ هذا النوع من الأخبار لم يعد من الممكن قبوله وتركه بدون نقد حاد ووقفة حازمة أمام هذا الهزل والسخف الممارس باسم الدين العظيم. ضحالة العلم والجهل بروح الدين من الممكن أن يولدا مخالفات أكثر من ذلك .
كل الأمل أن تحصل النقلة المطلوبة التي طال انتظارها للتعامل بحزم متساوٍ لأن الأمر وصل الى درجة لا يمكن السكوت عليها.
الشرق الاوسط

madlooom 16/05/2006 06:44 PM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة الزمن القادم
أخبار ومواقف
حسين شبكشي
القصتان الخبريتان اللتان نشرتا في الصحافة السعودية تجسدان وبلا شك حجم المأساة التي يعيشها العالم الاسلامي وانتشار فوضى الفتاوى فيه والسكوت على التجاوزات المهينة بحق مختلف العناصر الاجتماعية، كل ذلك ولد نوعا من تقلص الثقة في الافتاء بشكل عام ومن بعض الممارسات المطبقة. فكيف من الممكن قبول ومعاقبة إمام لاستخدامه جهاز حاسب آلي والسكوت على من أوقف هذا الإمام، وفي نفس الوقت ولسنوات طويلة كان مأذونو الأنكحة «يخطئون» في حق السيدات بدون مراجعة موافقتهن والتأكد من ذلك، وبدون معاقبةٍ لمن خالف أو موقفٍ إلزامي من المسؤولين عنهم ؟ هذا النوع من الأخبار لم يعد من الممكن قبوله وتركه بدون نقد حاد ووقفة حازمة أمام هذا الهزل والسخف الممارس باسم الدين العظيم. ضحالة العلم والجهل بروح الدين من الممكن أن يولدا مخالفات أكثر من ذلك .
كل الأمل أن تحصل النقلة المطلوبة التي طال انتظارها للتعامل بحزم متساوٍ لأن الأمر وصل الى درجة لا يمكن السكوت عليها.
الشرق الاوسط

أوافق الكاتب تماما

madlooom 16/05/2006 06:46 PM

أقترح على الكاتب ترك فترة بين كل خبر وآخر لكي يتسنى للأعضاء الرد والتعليق على المواضيع

الزمن القادم 16/05/2006 10:35 PM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة madlooom
أقترح على الكاتب ترك فترة بين كل خبر وآخر لكي يتسنى للأعضاء الرد والتعليق على المواضيع

وددت ان اجعل المواضيع المطروحة متنوعة قدر الامكان وذلك لاختلاف الميول والرغبات للاخوة القراء
والمجال ايضا مفتوح لتوسيع نطاق المشاركة سواء بالتعليقات على المقالات المطروحة او بطرح احد المقالات الصحفية للكتاب المحببين لديهم
الهدف هو توسيع نطاق ودائرة الاطلاع لعدد اكبر من القراء
ودمتم بخير

الزمن القادم 16/05/2006 10:40 PM

الفلوس والشاة والذئب!

أنيس منصور

يذوب الحديد أمام الفلوس والمرأة والسلطة، أي الفلوس والجنس والحكم، وليس كلينتون وكيندي ونائب رئيس الوزراء البريطاني برسكوت آخر الذين زلزلهم الجنس، وإنما هناك سلسلة طويلة من الأقوياء أذلهم الجنس، أو أضعفتهم المرأة وأسقطتهم أيضاً، وكثير من الأقوياء انهاروا أمام الفلوس كما انهارت الفلوس أمام المرأة.

ووزير خارجية النمسا القديم مترنيخ هو أول من استخدم المرأة جاسوسة له، فكان يطلقها على خصومه السياسيين، وفي الليل مع الخمر والجمال ينهار الرجال، ويقولون، وتنتقل أخبارهم إلى وزير الخارجية، ولا تزال المرأة الجميلة أكفأ الجواسيس.

ومغامرات جميلة الجميلات مارلين مونرو، لقد تقاذفها الرئيس كيندي وأخوه وزوج أخته، وقيل إن المافيا هي التي اغتالتها، وقيل المخابرات، لأنها كانت تفشي أسرار الرئيس الذي كان يقول لها كل شيء، بما في ذلك عيوب زوجته، وقيل إنه أخبرها بضرب الصواريخ السوفياتية في كوبا، وقيل إن المافيا هي التي دفعتها إلى الانتحار. وفي الأسبوع الماضي نشرت الصحف الأميركية أنها قتلت لأنها شيوعية، ومارلين مونرو مثل سعاد حسني غير مثقفة ولا متعلمة وقد ضحكوا عليها، فهي تزوجت الكاتب الشيوعي آرثر ميللر، وهو فضح جهلها وأخلاقياتها الساذجة في مسرحية «بعد السقوط»، وكذلك سعاد حسني وتحية كاريوكا قد خدعهما الشيوعيون، وكلتاهما لا تثقفت ولا حتى فهمت ما هي الشيوعية، وكلهن ضحايا السفالة الشيوعية والوهم الكبير في حكم العالم وسيطرة النفايات الاجتماعية على الكون! والشاعر القديم استطاع أن يجمع في لوحة بسيطة: الفلوس والأنثى والقوة، قوة الذئب والشاة والفلوس معاً. قال الشاعر القديم:

رأيت شاة وذئباً وهي ماسكة

بأذنه وهو منقاد لها ساري

فقلت: أعجوبة! ثم التفت أرى

ما بين نابيه ملقى نصف دينار

فقلت للشاة: ماذا الإلف بينكما

والذئب يسطو بأنياب وأظفار؟

فتبسمت ثم قالت وهي ضاحكة:

بالتبر يكسر ذاك الضيغم الضاري!

الايجابي 17/05/2006 06:30 AM

الأخ الزمن القادم:
شكرا على هذه الباقة الجميلة من المقالات المفيدة.

الزمن القادم 17/05/2006 08:59 AM

جمال مبارك والمبايعة الامريكية
القدس العربي
2006/05/17

اعترف الحزب الوطني الحاكم في مصر بالزيارة التي قام بها السيد جمال مبارك نجل الرئيس والامين المساعد ورئيس لجنة السياسات في الحزب الي واشنطن، ولكنه قال انها جاءت بهدف شرح الاصلاحات السياسية التي يعكف الحزب علي تطبيقها.
واذا افترضنا ان ما قاله الحزب صحيح، فلماذا جاءت الزيارة سرية وغير معلنة، ولم يتم الاقرار بها رسميا إلا بعد افتضاح امرها؟
الأرجح ان السيد جمال مبارك ذهب الي واشنطن من اجل قضية اكثر اهمية من شرح الاصلاحات، وتهدئة التوتر في العلاقات بين البلدين، وهي مسألة ترتيبات التوريث وعقد صفقة سياسية استراتيجية مع الادارة الامريكية مقابل موافقتها علي انتقال السلطة من الأب الي الابن.
فاللافت ان السيد جمال التقي الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني، والسيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية، وستيفن هادلي مستشار الأمن القومي. وهذه اللقاءات التي حصلت في ايام معدودة، لا يمكن ان تتم من اجل شرح الاصلاحات او تهدئة التوتر، علاوة علي كونها تقتصر فقط علي الملوك والرؤساء والامراء، وليس كل الملوك والرؤساء والامراء، بل علي نخبة مختارة منهم، وحسب اهمية دولهم، ومكانتها علي سلم الاولويات الاستراتيجية الامريكية.
السيد جمال مبارك زار واشنطن كرئيس جمهورية، وحاكم فعلي لمصر، وهذا هو سر اهتمام الادارة الامريكية به، واستقباله علي أعلي المستويات لوضع اللمسات النهائية علي بعض التفاصيل الاستراتيجية، خاصة تلك التي تتعلق بدور مصر علي اكثر من صعيد، خاصة الملفين الفلسطيني والعراقي، والحرب الامريكية المتوقعة ضد ايران بسبب برنامجها النووي، واصرارها علي المضي قدماً في تخصيب اليورانيوم.
فالتوتر في العلاقات بين واشنطن والقاهرة لا يمكن ان يحدث بسبب ضرب المتظاهرين وديكتاتورية النظام وغياب الاصلاحات. فها هي واشنطن تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع ليبيا، وتستعد لارسال السيدة رايس لزيارة طرابلس، رغم ان سجل ليبيا في مجال حقوق الانسان هو الاسوأ في محيطه، ورغم انها لا تعرف أي انتخابات ديمقراطية، بل لا تعترف بالديمقراطية الغربية، وتسخر منها، وتعتبرها نوعاً من التدجيل، مثلما ينص علي ذلك الكتاب الاخضر.
الادارة الامريكية لا تتعامل إلا مع الديكتاتوريات العربية، خاصة تلك التي تقبل باملاءاتها، ومصر تعتبر اكثر الديكتاتوريات العربية ديمقراطية، وفيها برلمان شبه منتخب، وصحافة تتمتع بالكثير من الحرية، وحكومتها تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الدولة العبرية، وتمدها بالبترول والغاز وتقيم معها مشاريع صناعية مشتركة، فلماذا تغضب منها الادارة الامريكية، ولماذا تتوتر علاقتها معها؟
السيد جمال مبارك سيعود من واشنطن وقد حصل علي مبايعة البيت الابيض رئيساً في مملكة مصر المباركية، فالاتفاق جري التوصل اليه، والرئيس الأب بات مشغولا في سفراته الخارجية، وحتي ان حل بالبلاد فهو يحل كضيف يقضي معظم ايامه في منتجعه المفضل في شرم الشيخ بعيداً عن منغصات السياسة ومشاكل الشعب المصري المتفاقمة.
التوريث جري اعتماده علي الاغلب، والمسألة مسألة اخراج وتسويق واختيار الوقت الملائم.

الزمن القادم 17/05/2006 09:25 AM

مطْنَزَة .................................... جمعة اللامي

“الكِبْرُ ذلٌ والتواضعُ رفعةٌ

والمزحُ والضحكُ الكثيرُ سقوطُ”

(أبو موسى بن الحسن بن عبدالصمد)



يمازح شاب شاباً آخر، فيقول له: “طُز فيك”. فلا يزعل الثاني، ولا يعرف الثاني معنى ما قصده الأول، بتعريف صاحب “لسان العرب”، سوى ان صديقه أطلق كلمة دارجة، أو عامية، أو هكذا يظن.

وتسمع رجلاً ساخطاً، تبرماً بأوضاعنا العربية، وضجراً من “العمود الفقري” للنظام العربي، يقول: “طُزّ فيه، وطُزّ في الوضع العربي”، وهو لا يعرف أنه يسخر بمرارة من نفسه، ومن كثير مما حولنا.

وهناك رجل مخضرم، كان فوضوياً في شبابه، ثم صار لا منتمياً في كهولته، وليبرالياً في شيخوخته، ثم حوّل هذه التحولات كلها في شخصيته الحالية، فيسخر منه رجل آخر لم يُبدّل تبديلاً، قائلاً: “طزّ فيك، وطزّ في عمتك امريكا”.

وترجع كلمة: “طزّ”، الى فعل: طَنَزَ، ويطنزُ طَنزاً. يقول بعض اللغويين العرب ان الكلمة مولّدة أو معرّبة. ويقول آخرون لا تسألوا عن أصلها وفصلها، بل اسألوا عن دلالتها وشيوعها بين الناس.

“طزّ فيك”، وطزّ في “اسرائيل”، و”طزّ في الدكتاتوريات”، و”طزّ في ارتفاع اسعار المواد الغذائية”، و”طزّ في الاذاعة الكاذبة”، و”طزّ في المنهاج التربوي العقيم”، و”طزّ في انفلونزا الطيور”.. كلها عبارات شائعة في حياتنا العربية.

وهناك مطْنَزَة يعفّ اللسان عن ذكرها، نسمعها في المنزل العائلي، ونسمعها في السوق ودار السينما، وننصت اليها في المخفر وأمام صرافي المصارف.

وتهجم علينا كلمة: “طزّ”، من حيث لا ندري في السوق والمطعم. يتفوه بها الغني والفقير، والذكر والأنثى، الكبير والصغير، حتى صارت “ماركة عربية مسجلة” و”بامتياز”.

وكثيرون بيننا يرددون كلمة: “بامتياز” أو ينهون بها أحاديثهم من دون معرفة معناها، كما هم لا يعرفون منى كلمة: “طنّاز”.

لكن كلمة: “طُز” شائعة حتى من دون معرفة جذرها اللغوي أو تصريفها، فهي متنفس لا محاسبة عليها، أمام العرب الملتاعين والمنكربين والطفرانين والمهدورة حقوقهم، من الشمال الى الجنوب، ومن الشرق الى الغرب.

ختام الكلام، “الطّنْزُ: السخرية”.

ونقول: مدْنقَة بمعنى: “مطنَزَة، حسب “ابن منظور”.

ونقول: قوم “مطنَزة” اذا كانوا لا خير فيهم، الا هيبة لنفوسهم عليهم، لأنهم تهاونوا في حقوقهم، وذهبوا الى عدوهم صاغرين.

طُزّ!!

الخليج الامارتية

الزمن القادم 17/05/2006 10:06 AM

بخاخ الأنسولين «اكزوبيرا».. حلم طال انتظاره لمرضى السكري
يعوض عن إبر الهرمون ويمهد الطريق لتطوير حبوب ولصقات بجرعات منه


جدة: «الشرق الأوسط»
العلاج بإبر الأنسولين كان ولا زال أمراً مزعجاً لكافة المرضى المصابين بالسكري والمعتمدين في علاجهم على إبر الأنسولين، وظل هؤلاء المرضى يحلمون في طريقة أو أخرى يكتشفها العلماء وتكون سهلة لتوصيل الأنسولين للجسم وتخلصهم من هذا الألم اليومي. ويبدو أن الحلم بدأ بالتحقق.. فقد سمحت إدارة الدواء والغذاء الأميركية FDA بطرح أول بخاخ أنسولين يحمل اسم اكزوبيرا Exubera في الأسواق مما قد يمكن ملايين البالغين من مرضى السكري من الاستغناء عن استخدام الحقن لتزويد أجسامهم بالأنسولين.
ويعتبر البخاخ، وهو إنتاج مشترك بين شركتي فايزر Pfizer وأفانتيس Aventis للأدوية أول طريقة جديدة لتزويد الجسم بهرمون الأنسولين، حسب ما جاء في بيان وكالة الدواء والغذاء الأميركية.
تقول الصيدلانية كوثر علي صلاح من وكالة الخدمات الصيدلية في مركز معلومات الأدوية والسموم، ومرشدة التثقيف الدوائي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في جدة، ان البخاخ عبارة عن تركيبة من «بودرة» (مسحوق) الأنسولين، طورته الشركة، وهي تستنشق عبر الفم باستخدام بخاخ يشبه إلى حد بعيد البخاخ الذي يستعمله المصابون بمرض الربو، ويحتاج إلى تدريب دقيق.
ويعتمد بخاخ الأنسولين على مبدأ أن أنسجة الرئتين العميقة والتي يتم عن طريقها تبادل الغازات تعتبر مكاناً مثالياً لاستقبال الأدوية وامتصاصها إلى مجرى الدم، وعلى هذا المبدأ قامت شركة فايزر بالتعاون مع شركة أمريكية تسمى نكتار NECTAR وشركة سانوفي ـ افينتيمل لإنتاج الجهاز الذي سيحمل بودرة الأنسولين، تم اختبار طريقة دخول جزيئات الأنسولين الكبيرة الحجم إلى الجسم عن طريق الرئتين ـ ويتوفر الأنسولين على شكل بودرة يمكن حفظها عند درجة حرارة الغرفة ولا يلزم وضعها في الثلاجة ثم توضع في جهاز صغير يحمل باليد تؤدي كل بخة منه إلى دخول حوالي 300 مليون جزيء، وليس وحدة من الأنسولين إلى الرئتين، ويتم بذلك امتصاص الأنسولين عن طريق الرئتين إلى الدم.
* السلامة والفاعلية وتمت دراسة سلامة وفعالية الدواء على أكثر من 3000 مريض بالغ حول العالم يعانون من السكري من النوع الأول والنوع الثاني، حسب بيان الوكالة الأميركية، فالدراسات أثبتت فعالية الأنسولين البخاخ في الحفاظ على سكر الدم في مستوى جيد. وصمم هذا البخاخ ليستخدم بواسطة مرضى السكر البالغين من النوع الأول أو الثاني.
وقد أثبتت هذه الدراسات أن استعمال البخاخ عند مرضى النوع الأول يجب استخدامه قبل كل وجبة غذائية مصاحبا بإبرة واحدة قبل النوم من الأنسولين المعكر ( طويل المفعول). أثبتت هذه الدراسة فعالية هذه الطريقة لإدخال الأنسولين للجسم، فقد كانت قدرته على السيطرة على سكر الدم موازية لاستعمال إبر الأنسولين: وحتى عند أولئك المرضى الذين لم يستجيبوا بصورة كافية أمكن تخفيض كمية أو عدد جرعات الأنسولين لديهم بصورة كبيرة مما يجعله علاجا جزئيا للمرضى الذين يحتاجون إلى تعديل نسبة السكر في الدم بشكل متكرر يوميا.
كما كان البخاخ أفضل من حبوب السكري لدى مرضى النوع الثاني من السكري، والذين لديهم اضطرابات حادة وفشلوا في السيطرة على مستوى السكر بالدم مع التزامهم بالحمية الغذائية والرياضة والأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم.
والمأمول أن يوفر بخاخ الأنسولين خيارات اكبر للمرضى للتحكم بمعدلات السكر لديهم بطريقة أفضل.
* موانع استخدام البخاخ العمر: وجاء في تقرير وكالة الغذاء والدواء انه لا يمكن للمريض استخدام بخاخ اكزوبيرا إذا كان عمره أقل من 18 سنة، لأنه لم يختبر مدى سلامته عند هذه الفئة من الأعمار.
التدخين: كما لا يمكن استخدامه إذا كان المريض مدخنا أو أقلع عن التدخين مؤخراً (قبل ستة أشهر من استخدام البخاخ)، لأن التدخين يزيد من امتصاص الأنسولين بسرعة مما قد يؤدي بسهولة وبسرعة إلى انخفاض خطير في مستوى السكر بالدم.
أمراض صدرية: كما لا ينصح باستخدام البخاخ للمرضى المصابين بالربو والتهاب الشعب الهوائية وانتفاخ الرئة وذلك بعد تسجيل أعراض جانبية أصيب بها مرضى السكري الذين يعانون من أمراض رئوية حيث ظهرت أعراض سعال متوسط على مرضى السكري المدخنين أو الذين يعانون من مشاكل رئوية، لذلك يجب التأكد من سلامة المريض وعمل فحوصات لاختبار وظائف عمل الرئة قبل بدء العلاج بالبخاخ.
وكما كان الأنسولين البخاخ حلماً صعبٌ تحققه ويراود مرضى السكري منذ الزمن الماضي وأصبح الآن حقيقة، فقد يأتي اليوم الذي تصبح فيه حبوب الأنسولين هي أيضا حقيقة.
فقد عرفت حبوب الأنسولين منذ زمن بعيد كوسيلة وقائية لمرض السكري، حيث كانت تستخدم لأقرباء مريض السكري لإحداث نوع من تغيير المناعة في الجسم وبالتالي عدم تكوين الأجسام المضادة لخلايا البنكرياس المفرزة للأنسولين.
والآن بدأت الأبحاث تعمل على إنتاج حبوب أنسولين تعمل لخفض السكر كعلاج مثل حقن الأنسولين وليست كوقاية، وقد أثبتت هذه الوسيلة نجاحها في دراسة شرق أوسطية عملت في فلسطين وقد يصبح في مقدور مريض السكري أخذ الأنسولين على شكل كبسولات بدلاً من الحقن ولكن هذه الطريقة ما زالت في طور الدراسة وستحتاج لبعض الوقت وقد تصبح قاب قوسين مثل حلم بخاخ الأنسولين

الزمن القادم 17/05/2006 12:38 PM

هل مهم أن يكون الرئيس عربيا؟
عبد الرحمن الراشد

للمرة الثانية اختار العراقيون، بأغلبيتهم العربية، كرديا رئيسا للجمهورية وذلك بقبولهم بدستور البلاد وبرلمانييه الذين وافقوا على الزعيم الكردي جلال طالباني. لكن هذه الروح الوطنية لا تعجب كل العرب، حيث انبرى بعضنا يستنكر منح الرئاسة لمن دمه غير عربي. وبطبيعة الحال لا تهم اعتراضات الآخرين طالما أن أهل العراق هم من اختاروا نوابهم الذين يمثلونهم والذين اختاروا طالباني. وهؤلاء هم أنفسهم من يعارض تقسيم العراق ويصرون على إبقاء المنطقة الكردية جزءا من العراق، وهنا يقول الدستور إن المواطنين العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات.
وبعيدا عن التنظير القانوني لنرى التجارب الناجحة في العالم.. الهند أكثر دول العالم النامية استقرارا وانسجاما رغم أنها تعيش بألف مليون إنسان، وبأكبر عدد من الأديان والأعراق يسكنون جميعا في شبه قارة ضخمة. رغم هذا فإن رئيس الهند هو البروفسور أبو الكلام، مسلم، رئيس الوزراء مانموهان سينغ، سيخي، في حين الأغلبية من الهنود هم هندوس. ولا يستطيع احد أن يقول أن الهند دولة مضطربة أو فاشلة بل تعيش أكثر عهودها ازدهارا.
وطالباني شخصية عربية أكثر من كونه كرديا، ليس لفصاحته بلغة الضاد التي تفوق الكثيرين من سياسيي عرب العراق بل لحضوره التاريخي والطويل في الساحة السياسية العربية، مثله مثل شريكه في الحكم الكردي مسعود بارزاني. أيضا علينا أن نذكر المعارضين لرئاسة كردي أن عهد صدام الفرد انتهى وحل محله نظام المؤسسات ولهذا تحاول الحكومة إلحاق اكبر عدد من الأطياف العراقية في صفوفها، ولم يعد وزير الصحة هو وزير الصحة الذي قطعه صدام إربا لأنه اقترح اقتراحا لم يعجب الرئيس المهيب إبان الحرب مع إيران. لم يعد الرئيس الشخص النافذ جدا في العراق في عهد منح رئيس الوزراء والوزراء صلاحيات كبيرة أيضا. كما أن رئيس الجمهورية لم يعد منصبا مضمونا مدى الحياة كما كان يحاول أن يفعله صدام في أيام عزه، وأخيرا لا ننسى أن ممثلي الأغلبية العربية في الانتخابات الماضية هم من اختاروا الكردي طالباني راضين ومقتنعين ولم يكن عليه اختلاف كما اختلفوا على أي عربي يختارون لرئاسة الحكومة.
العراق بقدر ما يعاني من الطائفية والمحاصصة المقيتة بقدر ما يمنحنا صورا متسامحة بعيدة عن العنصرية، وإذا كنا نتمنى صادقين أن يصبح العراق بلدا كاملا موحدا متضامنا مزدهرا فإن علينا أن نصفق لأن تعطي الأغلبية الأقليات كل ما يطمئنها ويجعلها تنخرط وتشارك. لم تعد العروبة الرافضة للغير دين العراقيين منذ السقوط المدوي لحزب البعث الشوفيني الرافض لغير العرب. لم يعد العراقيون مضطرين إلى الحديث عن القطرية والأمة العربية بل صار بإمكان كل فرد منهم أن يكون عراقيا مخلصا لبلده، فان صنع بلدا ناجحا كان ذلك في مصلحة المحيط الإقليمي عربيا وأجنبيا وان بقي مشوها ساهم في تخريب عوالمنا كلها.
الشرق الاوسط

الزمن القادم 17/05/2006 01:31 PM

اقول لكم
حرارة

لسعتني السخونة الشديدة لمقبض باب السيارة فسحبتها مسرعا..استخدمت منديلا ورقيا لفتح الباب والولوج الى الداخل الشبيه بالفرن..هل يوجد حل علمي يمنع تأثير أشعة الشمس القوية على اسطح البنايات والسيارات المصفوفة امامها؟ تقارير العلماء تشير الى ان خللا خطيرا طرأ على مناخ العالم سببه اتساع ثقب طبقة الأوزون وزيادة نسبة الاحتباس الحراري نتيجة الافراط في استخدام الغازات الضارة بالغلاف الغازي..مقعد السيارة كان شديد السخونة ايضا ، بدرجة تكفي لانضاج لحم السائق..اللعنة..لماذا يسدد العالم كله فواتير اخطاء من ثقبوا الأوزون؟.
مكيف السيارة لم يفلح في ضبط الحرارة داخلها..يحتاج الامر تشغيله لعشرين دقيقة على الاقل قبل التفكير في استخدام السيارة في هذا الجو اللافح..اتذكر زيارة صيفية للندن بلغت فيها الحرارة 21 درجة مئوية ، فخرج الناس الى الشوارع يرتدون اللاملابس تقريبا بسبب (الحر الشديد)..ليتهم يجربون مناخات الشرق الأوسط في مثل هذا الوقت حتى يحمدوا ربنا على هذه النعمة! اعاود التفكير في اساليب مبتكرة للحماية من هذا العذاب الصيفي اليومي ، ويبدو ان الحل الوحيد هو وقوف السيارة داخل مكان مغلق مكيف الهواء!.
افكر في النسيج الذي تصنع منه سترات رواد الفضاء..انه مضاد للحريق مقاوم للحرارة ، فهل يمكن ان يستخدم كغطاء لمقاعد السيارات؟ تبدو الفكرة سخيفة وغير عملية..هل نقول للشمس في ايام الحر الشديد ما قاله احمد عبدالمعطي حجازي: كوني ندى ياشمس او غيبي؟ الآن دخلت منطقة العبث واللامعقول ، وقد تكون الحرارة اللافحة قد اثرت على دماغي ، والافضل ان امارس تطبيعا مع حرارة السيارة ، واعتبر نفسي داخل حمام ساونا!.

شوقي حافظ

الوطن العمانية

الزمن القادم 17/05/2006 02:45 PM

مستقبل الأمة والجزيرة في زمن الإحتكارات

أي مستقبل للأمة في زمن الاحتكارات
23-2-2006
بقلم د. عبد الله النفيسي

دول المركز ترى أن حقول النفط كلها لا بد أن تكون تحت يد دول المركز، والعراق من أهم الاستهدافات، فلم يكن إقصاء صدام هو الهدف من الحرب الأخيرة، فصدام لا يحتاج كل هذه الجيوش الجرارة للتخلص منه أبداً، ولكن وضع اليد على حقول النفط في العراق..نحن دول منتجة للنفط، وحتى الآن ليس لدينا أساطيل لناقلات النفط، حتى نقل نفطنا والاستفادة من هذا النقل لا يحق لنا أبداً، من التنقيب إلى النقل إلى التسويق إلى التسعير كله بيد الشركات السبع الغربية


النظام الدولي كما أتصوره يتكون من حلقتين، حلقة أُسميها دول المركز وهي الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وحلقة أوسع هي دول الأطراف التي تشمل كل العالم ما عدا دول المركز. فدول المركز تسيطر على دول الأطراف عبر أربع وسائل:
الوسيلة الأولى: احتكار التقنية العسكرية
احتكار صناعة السلاح بكل أنواعه التقليدي وغير التقليدي، فدول المركز تلح على حقها في احتكار التقنية العسكرية، والمشكلة التي بينهم وبين إيران —حاليا- تفصح عن هذه المشكلة، فممنوع على دول الأطراف أن تباشر في الولوج إلى ميدان التقنية العسكرية.
لقد ثارت ثائرة الأمريكان على نجم الدين أربكان في تركيا عندما كان وزيراً للصناعة في تركيا، وطرح على مجلس الوزراء أن يباشر في صناعة الذخيرة -فقط- لتزويد الجيش التركي، وثارت ثائرة الأوروبيين، وساهموا في الانقلاب العسكري لإقصاء نجم الدين أربكان من دواليب السلطة وإلقائه في غياهب السجن، وإحداث هذا التغيير عبر العسكر الترك الذين يتميزون بعمالة فائقة للأمريكان وللغرب الأوروبي. لقد انزعجوا من مبادرة أربكان ورأوا أن هذا مؤشر خطر.
السلاح تصنيعاً وتسويقاً وترويجاً ومنحاً ومنعاً يجب أن يكون حسب تصور دول المركز بيد أمريكا والغرب الأوروبي، وعلينا نحن في دول الأطراف أن نستهلك هذا السلاح.
ومعلوم بأن الذي يتحكم بالسلاح يتحكم بالحرب وبنتيجة الحرب وبتوقيت الحرب، ومن هنا كان من حق الكيان الصهيوني أن يتفوق علينا حسب نظرية دول المركز، من حق الكيان الصهيوني أن يتفوق على العرب عسكرياً، وأن تكون لديه ترسانة نووية -حسب التقديرات تفوق 250 رأسا نوويا- في مفاعل ديمونا بصحراء النقب، لكن ليس من حق العرب والمسلمين أن يفكروا مجرد تفكير، فضلا عن أن يبادروا بغشيان مجال التصنيع العسكري.
لقد بدأ العراق منذ فترة بدخول هذا المجال ونجح في بناء قاعدة من العلماء ولكن أوعزت الولايات المتحدة، ولا أقول بادر الكيان الصهيوني، للصهاينة بضرب المفاعل النووي العراقي سنة 1981، وتخريب كل الخطوات البناءة التي قام بها العراق لبناء تجربة علمية في العالم العربي في هذا المجال.
وعندنا تصور مؤسف للغاية أن هذا الكيان الصهيوني هو الذي يهيمن على أمريكا والغرب، وهذا تصور خاطئ، لأنه يخدم الكيان الصهيوني، فالكيان الصهيوني لا يسيطر على الغرب، إنه هراوة بيد الغرب، إنه هراوة صنعها الأمريكان والأوروبيين لضربنا وضرب الأمة متى شاءوا وكيف شاءوا وأين شاءوا. فالكيان الصهيوني أحقر من أن يسيطر على الغرب، بل الغرب الذي يستعمل الكيان الصهيوني لضربنا، ولقد ضرب الكيان الصهيوني عدة تجارب عربية حتى في الوحدة.
إن احتكار التقنية العسكرية وسيلة من وسائل السيطرة، لذلك نحن دول مكشوفة عسكرياً، يستطيع عدونا أن يضربنا في أي فترة، ففي سنة 1975م عندما أقدمت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على حظر النفط عن الولايات المتحدة أيام المرحوم فيصل بن عبد العزيز، بادر الأمريكان بتهديد دول الخليج في شتاء 1975م، بحيث يمكن احتلال شريط النفط من الكويت إلى سلطنة عمان، وقدمت ورقة إلى الكونجرس الأمريكي -وهي موجودة في مكتبة الكونجرس تستطيع شراءها بأقل من دولار واحد، ونشرت في بعض الكتب- تكشف عن الخطة التي عرضت على لجنة الدفاع والأمن في الكونجرس حول ضرورة احتلال شريط النفط من الكويت إلى السلطنة، وقد علق عليها كثير من المؤرخين والمحللين الاستراتيجيين في الولايات المتحدة.
وبعد مداولات خلص الكونجرس إلى أنه لا تحتاج الولايات المتحدة للدخول في مجال الاحتلال العسكري لدول الخليج، حيث إن هذه الدول تقدم النفط بالأسعار التي يقبل بها السوق في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
إذاً أول ضلع للتحكم هو التقنية العسكرية، ممنوع علينا أن ننتج السلاح، ممنوع علينا أن نفكر بإنتاج السلاح أو الذخيرة، ممنوع علينا أن ندخل في مجال التقنية العسكرية، وعلينا أن نبقى مستهلكين، نستورد السلاح بالطريقة وبالشروط التي تفرضها الولايات المتحدة وتفرضها أوروبا الغربية، والحلف الأطلسي يراقب هذه العملية، وله لجانه وله خبراؤه الذين يراقبون هذه العملية.
الوسيلة الثانية: احتكار الخامات: الضلع الثاني للتحكم في مقدراتنا، احتكار الخامات، وأقصد بالخامات النفط والقمح.
1ـ السيطرة على النفط:
دول المركز ترى أن حقول النفط كلها لا بد أن تكون تحت يد دول المركز، والعراق من أهم الاستهدافات، فلم يكن إقصاء صدام هو الهدف من الحرب الأخيرة، فصدام لا يحتاج كل هذه الجيوش الجرارة للتخلص منه أبداً، ولكن وضع اليد على حقول النفط في العراق. إذا من أهم الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لغزو العراق احتكار النفط: تنقيبا، نقلا، تسويقا وتسعيرا..
نحن دول منتجة للنفط، وحتى الآن ليس لدينا أساطيل لناقلات النفط، حتى نقل نفطنا والاستفادة من هذا النقل لا يحق لنا أبداً، من التنقيب إلى النقل إلى التسويق إلى التسعير كله بيد الشقيقات السبع، الشركات السبع الغربية التي تحتكر نفط المنطقة في الشمال الإفريقي، في الهلال الخصيب، في الجزيرة العربية، كل هذه الأرجاء خاضعة لهذه الميكانيكية في التعامل!
نفطنا إذاً لا زال يستعمل لصالح الاقتصاد في دول المركز، وليس لصالح التنمية في دول الأطراف. فالنفط الآن ليس مصدرا للطاقة فقط، بل هو مصدر للنفوذ الدولي، إذ بسيطرة دول المركز على حقول النفط تكسب دول المركز التي هي الولايات المتحدة وأوروبا الغربية نفوذها الدولي.
الصين الصناعية ***** للولايات المتحدة، لكنها بحاجة إلى مزيد من النفط، من نفط العراق والخليج والمنطقة العربية عموما، وحاجتها للنفط متصاعدة. ولأن الولايات المتحدة تجتاح للسيطرة على حقول النفط في المنطقة، معناه أنها تستطيع أن تتحكم في العلاقة بين الصين والمنطقة، وبالتالي تستطيع أن تحاصر الصين تنموياً، ولذلك تلاحظون أن معالجة الأمريكان لموضوع كوريا الشمالية، معالجة حذرة ومترددة، ليس بسبب خوفها من كوريا الشمالية؛ بل لأن الضامن الإستراتيجي لكوريا الشمالية هو الصين. فالأمريكان خائفين من أن تتطور النزاعات مع كوريا الشمالية فتدخل الصين على الخط، فتكون الواقعة. الأمريكان يريدون الصين مشغولة في السوق، في الاقتصاد، في التنمية، في الترويج لأفكارهم داخل الصين.
اليابان كذلك بحاجة ماسة إلى النفط، وليس لديها خامات تستطيع أن تنافس بها الدول الأخرى، هي تمتلك الموارد البشرية والتقنية، لكنها بحاجة إلى نفط، فكون الأمريكان يضعون أيديهم على حقول النفط في منطقتنا، فهذا يحول دون العلاقة الانسيابية بين اليابان والمنطقة العربية.
أوروبا الغربية بحاجة إلى نفطنا، بل بحاجة ماسة إلى نفطنا أكثر من حاجة الأمريكان إليه، فكون الأمريكان يضعون أيديهم على حقول النفط في العراق والجزيرة العربية وغيرها من أرجاء العالم العربي والإسلامي، فإنهم بهذا يحولون دون التنمية الأوروبية إلا بالقدر الذي يحقق لهم الفوائد في الميزان الإستراتيجي بينهم وبين الأوروبيين، وهناك خلاف كبير بين الأمريكيين والأوروبيين.
وكيسنجر -مهندس السياسة الخارجية الأمريكية- كتب كثيراً في هذا المجال —مجال الخلاف- داخل الأطلسي بين الأوروبيين والأمريكان، وكتب كتابه الضخم (الشراكة المضطربةThe trouble participation).
إن أوروبا لا تستطيع توفير رجال الأمن لحماية مدنها الرئيسية، وهناك أوضاع مضطربة كثيراً في أوروبا، لذلك لا زالوا يعيشون في ظل الأمريكان، ويتخوفون من الاصطدام معهم، وهناك خضوع إلى حد ما للإرادة الأمريكية داخل الحلف الأطلسي.
2ـ السيطرة على القمح:
أذكر أن كيسنجر زارنا في الجزيرة العربية سنة 1975م، وكان من ضمن الأجندة التي تحدث عنها مع المسئولين في المملكة العربية السعودية زراعة القمح، وتساءل منزعجا لماذا تزرعون القمح؟ نحن نستطيع أن نورد لكم القمح إلى ميناء جدة بسعر أرخص بكثير من تكلفة إنتاج الكيلو الواحد في السعودية، فلماذا تزرعون القمح؟
وقيل له حينها: إن هناك توجها لدى الملك فيصل بن عبد العزيز وحكومته لتحقيق شيء من الاكتفاء الذاتي الغذائي في الجزيرة العربية، وأن هناك قابلية للزراعة، وأن المملكة تريد استثمار هذه القابلية سواءً في أراضيها أو في غيرها من أرجاء الجزيرة العربية.
انزعج الأمريكان من هذا الكلام، وعقد كيسنجر مؤتمره الصحفي الشهير في مطار الرياض، وقال فيه كلاماً ساخنا مفاده: "افعلوا ما شئتم في الجزيرة العربية، وستكتشفون في المستقبل أنكم لن تستطيعوا شرب النفط"، كأنما يهدد بأنه إذا لم تقبلوا بسيطرتنا على النفط والقمح فسوف تندمون.
هذا هو الضلع الثاني؛ سيطرة على النفط وسيطرة على القمح، فمن يسيطر على النفط يسيطر على التنمية، ومن يسيطر على القمح يسيطر على المعدة، وعملية الجوع لدى دول الأطراف.
الوسيلة الثالثة: الشرعية الدولية:
أما الضلع الثالث، فهو ما يسمى اليوم زوراً وبهتاناً (الشرعية الدولية). فالشرعية الدولية تتمثل اليوم بالأمم المتحدة، والأمم المتحدة في نظر دول المركز هي الآلة أو الترسانة القانونية الدولية التي تتحكم في اتجاهات العالم، فهم مسيطرون على مجلس الأمن، ولهم فيه حق الفيتو، ليقرروا: هذه دولة مارقة، وهذه زعامة مارقة، وهذه دولة مسموح لها أن تبقى، وهذه دولة ينبغي أن تشطب من الوجود، فأصبحوا متحكمين بنا عبر (الشرعية الدولية). فأصبحت الأمم المتحدة سلاحاً بيد الأمريكان وبيد الأوروبيين الغربيين، رغم أن الولايات المتحدة تهدد الأمم المتحدة بأنها سوف تتوقف عن دفع التزاماتها المالية للأمم المتحدة.. يعني أنها تهدد كيان الأمم المتحدة كله.
لقد كانت معركة تجديد تنصيب بطرس غالي سنة 1996م أمرا كاشفا وفاضحا، فكل الدول بما فيها الأوروبية الغربية، بما فيها فرنسا، كانت تؤيد التجديد للمصري بطرس غالي الذي نجح في إدارة الأمم المتحدة، فأغلبية الجمعية العامة في الأمم المتحدة كانت متحمسة للتجديد له، وعدد من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن كانوا متحمسين للتجديد وبالأخص فرنسا.. لأن بطرس غالي يعتبر من أقطاب الفرانكفونية، وسعى في إقامة مؤتمرات للفرانكفونية داخل إفريقيا مما أعاد لفرنسا شيئاً من الهيبة فيها، فكانت فرنسا تجد مصلحة كبيرة في وجوده، ولكن الأمريكان تحفظوا من الاتجاه اللاتيني داخل الإدارة العليا في الأمم المتحدة، فقالوا لا بد أن نقمع بطرس غالي وأفريقيا، فأتوا بهذا الرجل الباهت، كوفي عنان، وهو رجل أثبتت الأيام ضعفه، وأنه لا يرقى إلى مستوى المسئولية الضخمة التي تحملها. وسارت الأمور في الأمم المتحدة لمصلحة الولايات المتحدة منذ أن تولى كوفي عنان منصب الأمين العام للأمم المتحدة.
والملف النووي الإيراني أصبح بيد الولايات المتحدة الأمريكية، تستعين عليه بمجلس الأمن لمحاصرة إيران، وفرض العقوبات عليها، وإدخال المنطقة في توتر جديد. هذه هي سياسة واشنطن دائما.
فالعقيدة العسكرية للولايات المتحدة —والتي يتبعهم فيها الأوروبيون الغربيون- تقول بضرورة تصعيد النزاعات والتوترات المحدودة والمحكومة استراتيجيا. فالأمريكان يتدخلون في موضوع فلسطين منذ الخمسينات، وهم حريصون على ما يسمونه بـ(عملية السلام بين العرب والصهاينة). هم حريصون على العملية، ولكن ليس على السلام، حريصون على الـ(process) وليس على الـ(peace)، هم حريصون على أن تستمر العملية، وليسوا حريصين على السلام، لأنه في النهاية لا يخدم مصالحهم، بل الذي يخدم مصالحهم أن تظل المنطقة في حالة توتر، ولكن توتر محدود ومحكوم استراتيجيا، حتى لا يتحول إلى حرب كارثية تهدد المصالح الفعلية للأمريكان والأوروبيين في المنطقة.
إذا فلا بد من التفكير بكيفية معالجة هذا الضلع (الشرعية الدولية)، ومعالجة هذا الوضع، وهل يجب أن نخضع لمجلس الأمن والأمم المتحدة المفلسين، وإلى متى يظل العالم هكذا منذ سنة 1945م حتى الآن.. إنجليز، فرنسيون، أمريكان.. لديهم حق الفيتو ليتحكموا بالعالم، يقررون الحروب، ويقررون العقوبات الاقتصادية، ويحملوننا ما لا نطيق في هذه المنطقة.
* الوسيلة الرابعة: العولمة الثقافية والإعلامية:
أما الضلع الرابع فهو العولمة الثقافية والإعلامية، فمن فترة كانت منطقة الخليج (شريط النفط من الكويت إلى السلطنة) بكل أسف تستقبل "ليز تشيني" ابنة "ديك تشيني" وكأنها فاتح للمستقبل؟ وباب إليه؟ وتظهر في المؤتمرات الصحفية لتقول: "أنا غير متزوجة، ولن أتزوج، فأنا سحاقية.. وسأظل إلى الموت سحاقية"!
يستقبلها أناس عندهم لحى.. وزراء ومسئولون في دول الخليج، لتقول لهم: "يجب أن تعيدوا النظر في مناهجكم التعليمية، يجب أن لا تعلموا أولادكم هذا، ويجب أن تعلموا أولادكم هذا"، وطافت "ليز" على وزارات التربية والتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي، والتقت بلجان المناهج، وقالت: هذا الكتاب يلغى وهذا يقرر! وأين أنتم من ثقافة المستقبل والحب والود بين الشعوب؟! وهذه الآيات في القرآن الكريم التي تتحدث عن اليهود آيات تبث الكراهية بين الشعوب، وبالتالي لا بد من إلغائها تماماً من الذاكرة العربية والإسلامية؟!
إن تعامل الولايات المتحدة معنا بهذه الغطرسة دليل كبير على أنه كما تكونوا يول عليكم، نحن نستحق هذا، لأننا تخلينا عن حقوقنا وتخلينا عن أمور كثيرة تمس بشكل عضوي هويتنا وصيرورتنا وعقيدتنا ومستقبلنا! فأصبحت هذه السحاقية تعلمنا ما ينبغي علينا أن نحفظ ومالا نحفظ، فإلى أي درجة من الهوان التاريخي بلغنا نحن؟! هذا دليل على أننا بلغنا درجة من الهوان الذي ينبغي التنبه إليه!
والآن في قطر هناك مؤسسة (راند كوربريشن) مظلة كبيرة للسي آي إيه، ومظلة كبيرة للعبث التعليمي والثقافي في شريط النفط، ولا أدل على ذلك من الدراسة التي نشرتها (راند كوربريشن) عن الإسلام الديمقراطي!
وتشرح لنا الباحثة والتي هي زوجة "زلماي خليل زاد" -السفير الأمريكي في بغداد حالياً، وهي نمساوية تقيم في الدوحة- كيف يجب أن نتعامل مع الإسلام، وأن هناك حركات إسلامية يجب أن تستبعد، وحركات إسلامية يجب أن تقرب، وحركات إسلامية يجب أن تستأصل. وأصبحت ورقة (راند) لدى أجهزة الأمن في الخليج مرجعاً لكيفية العمل! وباشرت كثير من أجهزة الأمن في الخليج في أخذ توصيات الباحثة "شاريل بنار" بعين الاعتبار وللتنفيذ. هذا هو واقع النظام الدولي الذي نعيش فيه: سيطرة على التقنية العسكرية، سيطرة على الخامات، سيطرة على الشرعية الدولية، عولمة ثقافية.
وقد أصدرت الولايات المتحدة في الكونجرس عدة قوانين لتأصيل هذه السيطرة، أصدرت قانون حماية الأقليات الدينية في العالم، فعلى الولايات المتحدة أن تتحرك لحماية الأقليات الدينية في العالم.. كل العالم، فرعت واشنطن مؤتمراً للأقباط المسيحيين ودعت إليه غلاة الأقباط.. مثل مايكل منير وغيره، وليس الذين لديهم اعتدال فكري، وأعطتهم المظلة ليفعلوا ما شاءوا، ليرهبوا ويرعبوا ويهددوا مصر في هذا المؤتمر! بينما الكل يعلم أن الأقباط يتمتعون في مصر بما لا يتمتع به الأقباط في دول الغرب.
يوجد لدي ورقة كتبها ماروني مسيحي في لبنان اسمه "فيكتور سحاب"، لديه كراسة صغيرة لطيفة جداً تحمل عنوان (من يحمي المسيحيين العرب)، وهو الذي أهداني هذا الكتاب. يقول فيكتور سحاب بأن الذي حمى المسيحيين العرب عبر التاريخ هو الإسلام والدولة الإسلامية، وليس الغرب ولا حتى الصليبيين الذين جاءوا إلينا من الغرب. بل على العكس، كان الصليبيون الذين جاءوا من الغرب هم من أثخن في المسيحيين العرب!. فهذه حقيقة تاريخية يجب ألا يرهبونا بها.
في الكويت لا يوجد كويتي مسيحي، لكن هناك مسيحيون حصلوا على الجنسية الكويتية، عددهم 192 شخصا فقط، ووفق أرشيف رسمي، فإن معظمهم من فلسطين والعراق والشام، جاءوا إلى الكويت منذ الثلاثينيات والأربعينيات، للعمل كأطباء وممرضين ومترجمين، واستوطنوا الكويت وطابت لهم الإقامة فيها، والكويتيون سلسون في العلاقات الثقافية، فأُعطوا الجنسية الكويتية. وقد شيدت 35 كنيسة، بمعدل كنيسة لكل خمسة!
ألا يدعو هذا الأمر إلى التساؤل: لماذا هذه الكنائس المنتشرة مثل الزعتر البري في الكويت؟! كل هذه وسائل للتدخل، فهذه ليست أماكن للعبادة كما يراها الأمريكان، ونحن لسنا ضد المسيحيين أبداً، لكن أن تنشأ 35 كنيسة، فهذا يعني وجود غرض سياسي وليس دينيا. لقد انتقل الأمريكان في الخليج من مرحلة الاحتلال إلى مرحلة الاستيطان، من عملية الـ(occupation) إلى عملية الـ(settlement).
كنا في السابق نستقبل الأمريكان في مطاراتنا، رجل ضخم.. يحمل حقيبة، أحمر اللون، أزرق العينين، يأتي إلينا ليعمل وِفق عقد وظيفي! الآن ينزلون في مطاراتنا أمريكان معهم زوجاتهم وأولادهم، في صورة استيطان!
وقد فعلوا الأفاعيل لتطويع الترسانة القانونية في شريط النفط من الكويت إلى سلطنة عمان ليكون لهم حق التملك وحق الإقامة الدائمة و..و.. إلخ.. وهذا يثير تساؤلاً لدينا: إلى ما تهدف هذه الموجات البشرية القادمة إلينا من أمريكا وأوروبا الغربية للاستيطان في الخليج؟ وهنا دعوني أذكِّركم بحالتين: سنغافورة وتيمور الشرقية.
سنغافورة الآن دولة، وُلدت سنة 1965م، فكيف تشكلت هذه الدولة؟
كانت هذه الدولة جزءاً من الفيدرالية الإسلامية الماليزية، وفي ماليزيا -كما تعلمون- يوجد عنصران قوميان (المايليه) والصينيون، فعندما أدرك الإنجليز بأنهم حتماً سيغادرون سنغافورة شجعوا العنصر الصيني للهجرة إلى سنغافورة، فهاجروا بكثافة، وكانت سنغافورة تحت الحكم البريطاني الذي فتح كل الأبواب للهجرة الصينية، وعندما تكثفت الهجرة الصينية بدأت آلية أخرى، "أنتم الآن أغلبية ومن حقكم وفق ميثاق الأمم المتحدة حق تقرير المصير"، فاتصل الإنجليز بالأمم المتحدة، وأوعزوا لها، وأتوا بها إلى ساحة ماليزيا.. لاستفتاء الأغلبية الصينية! وبالفعل قرر الصينيون الانفصال عن الفيدرالية الإسلامية، وأصبحت هناك دولة جديدة سنة 1965م اسمها سنغافورة ورئيس الوزراء (ليكوان يو) صيني الأصل، وأنا التقيت به شخصياً؛ لأنه من خريجي كلية تشرشل في كامبريدج، وأنا خريج نفس الكلية، وتداولت معه الحديث، وكانت العملية واضحة من كلامه أن الإنجليز هم الذين صنعوا هذه الدولة.
أما تيمور الشرقية، فهي تقع وسط الأرخبيل الإسلامي الإندونيسي، وإندونيسيا أكبر دولة في العالم الإسلامي عموما من حيث عدد السكان، فعمل الغرب على هندسة الأمور، وحركوا الكنائس ومجلس الكنائس العالمي ومجلس الأمن، وافتعلوا أحاديث وأحداث داخل تيمور الشرقية، إلى أن صارت دولة مستقلة عن أندونيسيا وفي قلب الأرخبيل الإسلامي. وهي الآن كيان له حماية دولية.
هناك الآن حالة في الخليج وفي الجزيرة العربية نحذر منها، أن الأمريكان والأوروبيين انتقلوا من حالة الاحتلال -الخليج حالياً كله محتل، إذ إن القرار الإستراتيجي بيد الأمريكان وليس بيد الخليجيين- إلى حالة الاستيطان. الآن توجد موجات استيطانية، فما الذي يمنع أن يحدث في دبي كما حدث في سنغافورة؟ خاصة وأنك إذا مشيت في شوارع دبي-وقد درّست في الإمارات لمدة ثلاث سنوات منذ عام 1981م إلى العام 1984م- ستشعر بأنك تمشي في لندن، أو بلد غير عربي، نظرا لكثرة الأجانب فيها!
نعم ما الذي يمنع أن يحدث في دبي كالذي حدث في سنغافورا؟، لقد ذهبت مرة لشراء سيارة ومنذ الخطوة الأولى إلى استلام السيارة، لم ألتق بعربي واحد في عملية الشراء في مؤسسة كبيرة، فكل شيء في دبي أصبح بيد غير أهل المنطقة!
ويقال بأن نسبة المواطنين في إمارة دبي لا تتعدى نسبة الخمسة أو السبعة بالمائة، وهذه مشكلة أمنية، فلو خرج الأجانب وأمسكوا أهل الإمارة باليد وليس بالسلاح لاستطاعوا القضاء عليهم، فنحن الآن إزاء سيناريو خطير!
واليمن والمملكة العربية السعودية لا زالتا قلاعاً، لأن ثمة موانع ومعيقات ثقافية، تاريخية، ليس ضد التغلغل، لأن التغلغل قد حصل، ولكن ضد الصياغة الثقافية للمجتمع وصياغة العلاقات، فهذان المجتمعان لا زال فيهما تمنُّع كبير. وقد أدرك الأمريكان أنه لا بد من ابتكار وسيلة ما للاختراق الثقافي والنفسي لشعوب الجزيرة العربية، فشعوب الجزيرة العربية متدينة بالسليقة، فحتى الفاسق في الجزيرة العربية يصلي، فالدين محور حياة الفرد ومركز التحكم بأفعاله وأقواله.
وأدركت الولايات المتحدة عبر (راند كوربريشن) بأن خلخلة وتفكيك التدين في الجزيرة العربية يأتي من خلال ملف المرأة، وتحريض المرأة على الدور الكبير في المجتمع ألا وهو الدور السياسي، ولذلك فجأة وبدون مقدمات نجد بعض المسئولين في الخليج -الذين يعيش بعضهم في العصر العباسي، وحولهم الجواري- يتكلم عن حقوق المرأة، ويقول في مؤتمر صحفي: "حقوق المرأة"، وهو لا يعترف بشرعية الشعب كله، فضلا عن الرجال، ومع ذلك يتكلم عن حقوق المرأة.
عندنا في الكويت بمجلس الأمة –وكنت عضواً ومستشاراً سياسياً في المجلس- بدأت عملية مشبوهة، ناقشنا الأمر بتفصيل.. فدخلت الحكومة فيه بمالها ودينارها لكي تمرر مشروعاً مشبوهاً، ونحن غير موافقين عليه، ونقلت الصحافة الكويتية كثيراً من تفاصيل الرشاوى، ونحن في تاريخ البداوة والقبائل في الجزيرة، الحكم سيف ومال، فالذي من الصعب أن تطوعه بالسيف تطوعه بالمال، وهذا مطبق عندنا في دول الخليج. لقد أصبح الناس ميالين إلى الحل السلمي في هذه المرحلة، ويفضلون المال على السيف، والمال فيه مكاسب فردية، لكن على مدى بعيد فيه خسائر إستراتيجية.
ونحن نحذر من هذا النمو المتسارع للأمريكان والغربيين في الجزيرة العربية/ ونتمنى أن تبرز قوى دولية أخرى، تزاحم الأمريكان وتصارعهم، فقد خسرنا بسقوط الاتحاد السوفيتي خسارة إستراتيجية في العالم العربي، والآن يطرح في روسيا كما نقرأ ونتابع فكرة صاحبها –فيما أعلم- وزير الخارجية السابق للاتحاد السوفيتي بريماكوف، هذا الرجل لديه خبرة سياسية كبيرة، ومسئول سابق عن الـ(كي بي جي)، واتصالات واسعة بالعالم العربي، وصداقات تجمعه بزعماء كان لهم شأن في العالم العربي، وعلى إطلاع واسع بشئون المنطقة، ولعل فكرته تنقذنا من هذا الكابوس الأمريكي الذي نعيشه في الجزيرة العربية، فهو يطرح: أنه لا بد من نشوء مثلث إستراتيجي في آسيا، يجمع الصين والهند وروسيا، وإذا تمكن هذا المثلث -بما يرمز إليه من طاقة اقتصادية وعسكرية وبشرية- فسوف يكون مثلثاً صادا للهجمة الأمريكية على آسيا على أقل تقدير.
وبما أن روسيا والصين والهند تحاذي أفغانستان، فاحتلال الولايات المتحدة لأفغانستان في بعض أوجهه ليس من باب مكافحة ما تسميه "الإرهاب"، لكنه من باب مواجهة هذه الفكرة، لأن أفغانستان في قلب هذا المثلث.
إننا في مفترق طرق وأمام محك تاريخي في الجزيرة العربية. ومنظمة التجارة العالمية تنص -فيما تنص- على فتح كل الأراضي في الجزيرة العربية والعالم لتداول السلع والبيع والشراء، فمشروع الأمريكان مشروع سوق، توحيد السوق في العالم وفق مفاعيل المصلحة الذاتية الأمريكية، وكلنا في العالم لابد أن نخضع لهذا المشروع، وفق إرادة واشنطن!
في بوليفيا تحرك الفقراء، فلماذا لا نتحرك نحن؟ بوليفيا بلد الفقر والعوز والإقصاء الجغرافي والتاريخي، يصعد للحكم فيها "موراليس"، رجل رفض حتى لبس البذلة الغربية، في خضم التردي والضعف العالمي أمام الأمريكان، وفي فنزويلا هناك "شافيز"، و"كاسترو" صامد منذ 1958م حتى الآن أمام الولايات المتحدة الأمريكية قبالة سواحل فلوريدا.
ولدينا في الجزيرة العربية مقومات الصمود في وجهه أكثر بكثير، مما لدى "موراليس" أو "شافيز" أو "كاسترو" وهم من أعلام أمريكا اللاتينية. ونحن نعيش على آبار النفط ذات القيمة الإستراتيجية للعالم كله، وموقعنا من أهم المواقع العالمية إستراتيجية، فما بالنا ندع أمثال "زلماي خليل زاده" يخططون لمستقبلنا ويتحكمون في مصائرنا؟

الزمن القادم 18/05/2006 01:47 AM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة الزمن القادم
مستقبل الأمة والجزيرة في زمن الإحتكارات

أي مستقبل للأمة في زمن الاحتكارات
23-2-2006
بقلم د. عبد الله النفيسي

دول المركز ترى أن حقول النفط كلها لا بد أن تكون تحت يد دول المركز، والعراق من أهم الاستهدافات، فلم يكن إقصاء صدام هو الهدف من الحرب الأخيرة، فصدام لا يحتاج كل هذه الجيوش الجرارة للتخلص منه أبداً، ولكن وضع اليد على حقول النفط في العراق..نحن دول منتجة للنفط، وحتى الآن ليس لدينا أساطيل لناقلات النفط، حتى نقل نفطنا والاستفادة من هذا النقل لا يحق لنا أبداً، من التنقيب إلى النقل إلى التسويق إلى التسعير كله بيد الشركات السبع الغربية


النظام الدولي كما أتصوره يتكون من حلقتين، حلقة أُسميها دول المركز وهي الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وحلقة أوسع هي دول الأطراف التي تشمل كل العالم ما عدا دول المركز. فدول المركز تسيطر على دول الأطراف عبر أربع وسائل:
الوسيلة الأولى: احتكار التقنية العسكرية
احتكار صناعة السلاح بكل أنواعه التقليدي وغير التقليدي، فدول المركز تلح على حقها في احتكار التقنية العسكرية، والمشكلة التي بينهم وبين إيران —حاليا- تفصح عن هذه المشكلة، فممنوع على دول الأطراف أن تباشر في الولوج إلى ميدان التقنية العسكرية.
لقد ثارت ثائرة الأمريكان على نجم الدين أربكان في تركيا عندما كان وزيراً للصناعة في تركيا، وطرح على مجلس الوزراء أن يباشر في صناعة الذخيرة -فقط- لتزويد الجيش التركي، وثارت ثائرة الأوروبيين، وساهموا في الانقلاب العسكري لإقصاء نجم الدين أربكان من دواليب السلطة وإلقائه في غياهب السجن، وإحداث هذا التغيير عبر العسكر الترك الذين يتميزون بعمالة فائقة للأمريكان وللغرب الأوروبي. لقد انزعجوا من مبادرة أربكان ورأوا أن هذا مؤشر خطر.
السلاح تصنيعاً وتسويقاً وترويجاً ومنحاً ومنعاً يجب أن يكون حسب تصور دول المركز بيد أمريكا والغرب الأوروبي، وعلينا نحن في دول الأطراف أن نستهلك هذا السلاح.
ومعلوم بأن الذي يتحكم بالسلاح يتحكم بالحرب وبنتيجة الحرب وبتوقيت الحرب، ومن هنا كان من حق الكيان الصهيوني أن يتفوق علينا حسب نظرية دول المركز، من حق الكيان الصهيوني أن يتفوق على العرب عسكرياً، وأن تكون لديه ترسانة نووية -حسب التقديرات تفوق 250 رأسا نوويا- في مفاعل ديمونا بصحراء النقب، لكن ليس من حق العرب والمسلمين أن يفكروا مجرد تفكير، فضلا عن أن يبادروا بغشيان مجال التصنيع العسكري.
لقد بدأ العراق منذ فترة بدخول هذا المجال ونجح في بناء قاعدة من العلماء ولكن أوعزت الولايات المتحدة، ولا أقول بادر الكيان الصهيوني، للصهاينة بضرب المفاعل النووي العراقي سنة 1981، وتخريب كل الخطوات البناءة التي قام بها العراق لبناء تجربة علمية في العالم العربي في هذا المجال.
وعندنا تصور مؤسف للغاية أن هذا الكيان الصهيوني هو الذي يهيمن على أمريكا والغرب، وهذا تصور خاطئ، لأنه يخدم الكيان الصهيوني، فالكيان الصهيوني لا يسيطر على الغرب، إنه هراوة بيد الغرب، إنه هراوة صنعها الأمريكان والأوروبيين لضربنا وضرب الأمة متى شاءوا وكيف شاءوا وأين شاءوا. فالكيان الصهيوني أحقر من أن يسيطر على الغرب، بل الغرب الذي يستعمل الكيان الصهيوني لضربنا، ولقد ضرب الكيان الصهيوني عدة تجارب عربية حتى في الوحدة.
إن احتكار التقنية العسكرية وسيلة من وسائل السيطرة، لذلك نحن دول مكشوفة عسكرياً، يستطيع عدونا أن يضربنا في أي فترة، ففي سنة 1975م عندما أقدمت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة على حظر النفط عن الولايات المتحدة أيام المرحوم فيصل بن عبد العزيز، بادر الأمريكان بتهديد دول الخليج في شتاء 1975م، بحيث يمكن احتلال شريط النفط من الكويت إلى سلطنة عمان، وقدمت ورقة إلى الكونجرس الأمريكي -وهي موجودة في مكتبة الكونجرس تستطيع شراءها بأقل من دولار واحد، ونشرت في بعض الكتب- تكشف عن الخطة التي عرضت على لجنة الدفاع والأمن في الكونجرس حول ضرورة احتلال شريط النفط من الكويت إلى السلطنة، وقد علق عليها كثير من المؤرخين والمحللين الاستراتيجيين في الولايات المتحدة.
وبعد مداولات خلص الكونجرس إلى أنه لا تحتاج الولايات المتحدة للدخول في مجال الاحتلال العسكري لدول الخليج، حيث إن هذه الدول تقدم النفط بالأسعار التي يقبل بها السوق في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.
إذاً أول ضلع للتحكم هو التقنية العسكرية، ممنوع علينا أن ننتج السلاح، ممنوع علينا أن نفكر بإنتاج السلاح أو الذخيرة، ممنوع علينا أن ندخل في مجال التقنية العسكرية، وعلينا أن نبقى مستهلكين، نستورد السلاح بالطريقة وبالشروط التي تفرضها الولايات المتحدة وتفرضها أوروبا الغربية، والحلف الأطلسي يراقب هذه العملية، وله لجانه وله خبراؤه الذين يراقبون هذه العملية.
الوسيلة الثانية: احتكار الخامات: الضلع الثاني للتحكم في مقدراتنا، احتكار الخامات، وأقصد بالخامات النفط والقمح.
1ـ السيطرة على النفط:
دول المركز ترى أن حقول النفط كلها لا بد أن تكون تحت يد دول المركز، والعراق من أهم الاستهدافات، فلم يكن إقصاء صدام هو الهدف من الحرب الأخيرة، فصدام لا يحتاج كل هذه الجيوش الجرارة للتخلص منه أبداً، ولكن وضع اليد على حقول النفط في العراق. إذا من أهم الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لغزو العراق احتكار النفط: تنقيبا، نقلا، تسويقا وتسعيرا..
نحن دول منتجة للنفط، وحتى الآن ليس لدينا أساطيل لناقلات النفط، حتى نقل نفطنا والاستفادة من هذا النقل لا يحق لنا أبداً، من التنقيب إلى النقل إلى التسويق إلى التسعير كله بيد الشقيقات السبع، الشركات السبع الغربية التي تحتكر نفط المنطقة في الشمال الإفريقي، في الهلال الخصيب، في الجزيرة العربية، كل هذه الأرجاء خاضعة لهذه الميكانيكية في التعامل!
نفطنا إذاً لا زال يستعمل لصالح الاقتصاد في دول المركز، وليس لصالح التنمية في دول الأطراف. فالنفط الآن ليس مصدرا للطاقة فقط، بل هو مصدر للنفوذ الدولي، إذ بسيطرة دول المركز على حقول النفط تكسب دول المركز التي هي الولايات المتحدة وأوروبا الغربية نفوذها الدولي.
الصين الصناعية ***** للولايات المتحدة، لكنها بحاجة إلى مزيد من النفط، من نفط العراق والخليج والمنطقة العربية عموما، وحاجتها للنفط متصاعدة. ولأن الولايات المتحدة تجتاح للسيطرة على حقول النفط في المنطقة، معناه أنها تستطيع أن تتحكم في العلاقة بين الصين والمنطقة، وبالتالي تستطيع أن تحاصر الصين تنموياً، ولذلك تلاحظون أن معالجة الأمريكان لموضوع كوريا الشمالية، معالجة حذرة ومترددة، ليس بسبب خوفها من كوريا الشمالية؛ بل لأن الضامن الإستراتيجي لكوريا الشمالية هو الصين. فالأمريكان خائفين من أن تتطور النزاعات مع كوريا الشمالية فتدخل الصين على الخط، فتكون الواقعة. الأمريكان يريدون الصين مشغولة في السوق، في الاقتصاد، في التنمية، في الترويج لأفكارهم داخل الصين.
اليابان كذلك بحاجة ماسة إلى النفط، وليس لديها خامات تستطيع أن تنافس بها الدول الأخرى، هي تمتلك الموارد البشرية والتقنية، لكنها بحاجة إلى نفط، فكون الأمريكان يضعون أيديهم على حقول النفط في منطقتنا، فهذا يحول دون العلاقة الانسيابية بين اليابان والمنطقة العربية.
أوروبا الغربية بحاجة إلى نفطنا، بل بحاجة ماسة إلى نفطنا أكثر من حاجة الأمريكان إليه، فكون الأمريكان يضعون أيديهم على حقول النفط في العراق والجزيرة العربية وغيرها من أرجاء العالم العربي والإسلامي، فإنهم بهذا يحولون دون التنمية الأوروبية إلا بالقدر الذي يحقق لهم الفوائد في الميزان الإستراتيجي بينهم وبين الأوروبيين، وهناك خلاف كبير بين الأمريكيين والأوروبيين.
وكيسنجر -مهندس السياسة الخارجية الأمريكية- كتب كثيراً في هذا المجال —مجال الخلاف- داخل الأطلسي بين الأوروبيين والأمريكان، وكتب كتابه الضخم (الشراكة المضطربةThe trouble participation).
إن أوروبا لا تستطيع توفير رجال الأمن لحماية مدنها الرئيسية، وهناك أوضاع مضطربة كثيراً في أوروبا، لذلك لا زالوا يعيشون في ظل الأمريكان، ويتخوفون من الاصطدام معهم، وهناك خضوع إلى حد ما للإرادة الأمريكية داخل الحلف الأطلسي.
2ـ السيطرة على القمح:
أذكر أن كيسنجر زارنا في الجزيرة العربية سنة 1975م، وكان من ضمن الأجندة التي تحدث عنها مع المسئولين في المملكة العربية السعودية زراعة القمح، وتساءل منزعجا لماذا تزرعون القمح؟ نحن نستطيع أن نورد لكم القمح إلى ميناء جدة بسعر أرخص بكثير من تكلفة إنتاج الكيلو الواحد في السعودية، فلماذا تزرعون القمح؟
وقيل له حينها: إن هناك توجها لدى الملك فيصل بن عبد العزيز وحكومته لتحقيق شيء من الاكتفاء الذاتي الغذائي في الجزيرة العربية، وأن هناك قابلية للزراعة، وأن المملكة تريد استثمار هذه القابلية سواءً في أراضيها أو في غيرها من أرجاء الجزيرة العربية.
انزعج الأمريكان من هذا الكلام، وعقد كيسنجر مؤتمره الصحفي الشهير في مطار الرياض، وقال فيه كلاماً ساخنا مفاده: "افعلوا ما شئتم في الجزيرة العربية، وستكتشفون في المستقبل أنكم لن تستطيعوا شرب النفط"، كأنما يهدد بأنه إذا لم تقبلوا بسيطرتنا على النفط والقمح فسوف تندمون.
هذا هو الضلع الثاني؛ سيطرة على النفط وسيطرة على القمح، فمن يسيطر على النفط يسيطر على التنمية، ومن يسيطر على القمح يسيطر على المعدة، وعملية الجوع لدى دول الأطراف.
الوسيلة الثالثة: الشرعية الدولية:
أما الضلع الثالث، فهو ما يسمى اليوم زوراً وبهتاناً (الشرعية الدولية). فالشرعية الدولية تتمثل اليوم بالأمم المتحدة، والأمم المتحدة في نظر دول المركز هي الآلة أو الترسانة القانونية الدولية التي تتحكم في اتجاهات العالم، فهم مسيطرون على مجلس الأمن، ولهم فيه حق الفيتو، ليقرروا: هذه دولة مارقة، وهذه زعامة مارقة، وهذه دولة مسموح لها أن تبقى، وهذه دولة ينبغي أن تشطب من الوجود، فأصبحوا متحكمين بنا عبر (الشرعية الدولية). فأصبحت الأمم المتحدة سلاحاً بيد الأمريكان وبيد الأوروبيين الغربيين، رغم أن الولايات المتحدة تهدد الأمم المتحدة بأنها سوف تتوقف عن دفع التزاماتها المالية للأمم المتحدة.. يعني أنها تهدد كيان الأمم المتحدة كله.
لقد كانت معركة تجديد تنصيب بطرس غالي سنة 1996م أمرا كاشفا وفاضحا، فكل الدول بما فيها الأوروبية الغربية، بما فيها فرنسا، كانت تؤيد التجديد للمصري بطرس غالي الذي نجح في إدارة الأمم المتحدة، فأغلبية الجمعية العامة في الأمم المتحدة كانت متحمسة للتجديد له، وعدد من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن كانوا متحمسين للتجديد وبالأخص فرنسا.. لأن بطرس غالي يعتبر من أقطاب الفرانكفونية، وسعى في إقامة مؤتمرات للفرانكفونية داخل إفريقيا مما أعاد لفرنسا شيئاً من الهيبة فيها، فكانت فرنسا تجد مصلحة كبيرة في وجوده، ولكن الأمريكان تحفظوا من الاتجاه اللاتيني داخل الإدارة العليا في الأمم المتحدة، فقالوا لا بد أن نقمع بطرس غالي وأفريقيا، فأتوا بهذا الرجل الباهت، كوفي عنان، وهو رجل أثبتت الأيام ضعفه، وأنه لا يرقى إلى مستوى المسئولية الضخمة التي تحملها. وسارت الأمور في الأمم المتحدة لمصلحة الولايات المتحدة منذ أن تولى كوفي عنان منصب الأمين العام للأمم المتحدة.
والملف النووي الإيراني أصبح بيد الولايات المتحدة الأمريكية، تستعين عليه بمجلس الأمن لمحاصرة إيران، وفرض العقوبات عليها، وإدخال المنطقة في توتر جديد. هذه هي سياسة واشنطن دائما.
فالعقيدة العسكرية للولايات المتحدة —والتي يتبعهم فيها الأوروبيون الغربيون- تقول بضرورة تصعيد النزاعات والتوترات المحدودة والمحكومة استراتيجيا. فالأمريكان يتدخلون في موضوع فلسطين منذ الخمسينات، وهم حريصون على ما يسمونه بـ(عملية السلام بين العرب والصهاينة). هم حريصون على العملية، ولكن ليس على السلام، حريصون على الـ(process) وليس على الـ(peace)، هم حريصون على أن تستمر العملية، وليسوا حريصين على السلام، لأنه في النهاية لا يخدم مصالحهم، بل الذي يخدم مصالحهم أن تظل المنطقة في حالة توتر، ولكن توتر محدود ومحكوم استراتيجيا، حتى لا يتحول إلى حرب كارثية تهدد المصالح الفعلية للأمريكان والأوروبيين في المنطقة.
إذا فلا بد من التفكير بكيفية معالجة هذا الضلع (الشرعية الدولية)، ومعالجة هذا الوضع، وهل يجب أن نخضع لمجلس الأمن والأمم المتحدة المفلسين، وإلى متى يظل العالم هكذا منذ سنة 1945م حتى الآن.. إنجليز، فرنسيون، أمريكان.. لديهم حق الفيتو ليتحكموا بالعالم، يقررون الحروب، ويقررون العقوبات الاقتصادية، ويحملوننا ما لا نطيق في هذه المنطقة.
* الوسيلة الرابعة: العولمة الثقافية والإعلامية:
أما الضلع الرابع فهو العولمة الثقافية والإعلامية، فمن فترة كانت منطقة الخليج (شريط النفط من الكويت إلى السلطنة) بكل أسف تستقبل "ليز تشيني" ابنة "ديك تشيني" وكأنها فاتح للمستقبل؟ وباب إليه؟ وتظهر في المؤتمرات الصحفية لتقول: "أنا غير متزوجة، ولن أتزوج، فأنا سحاقية.. وسأظل إلى الموت سحاقية"!
يستقبلها أناس عندهم لحى.. وزراء ومسئولون في دول الخليج، لتقول لهم: "يجب أن تعيدوا النظر في مناهجكم التعليمية، يجب أن لا تعلموا أولادكم هذا، ويجب أن تعلموا أولادكم هذا"، وطافت "ليز" على وزارات التربية والتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي، والتقت بلجان المناهج، وقالت: هذا الكتاب يلغى وهذا يقرر! وأين أنتم من ثقافة المستقبل والحب والود بين الشعوب؟! وهذه الآيات في القرآن الكريم التي تتحدث عن اليهود آيات تبث الكراهية بين الشعوب، وبالتالي لا بد من إلغائها تماماً من الذاكرة العربية والإسلامية؟!
إن تعامل الولايات المتحدة معنا بهذه الغطرسة دليل كبير على أنه كما تكونوا يول عليكم، نحن نستحق هذا، لأننا تخلينا عن حقوقنا وتخلينا عن أمور كثيرة تمس بشكل عضوي هويتنا وصيرورتنا وعقيدتنا ومستقبلنا! فأصبحت هذه السحاقية تعلمنا ما ينبغي علينا أن نحفظ ومالا نحفظ، فإلى أي درجة من الهوان التاريخي بلغنا نحن؟! هذا دليل على أننا بلغنا درجة من الهوان الذي ينبغي التنبه إليه!
والآن في قطر هناك مؤسسة (راند كوربريشن) مظلة كبيرة للسي آي إيه، ومظلة كبيرة للعبث التعليمي والثقافي في شريط النفط، ولا أدل على ذلك من الدراسة التي نشرتها (راند كوربريشن) عن الإسلام الديمقراطي!
وتشرح لنا الباحثة والتي هي زوجة "زلماي خليل زاد" -السفير الأمريكي في بغداد حالياً، وهي نمساوية تقيم في الدوحة- كيف يجب أن نتعامل مع الإسلام، وأن هناك حركات إسلامية يجب أن تستبعد، وحركات إسلامية يجب أن تقرب، وحركات إسلامية يجب أن تستأصل. وأصبحت ورقة (راند) لدى أجهزة الأمن في الخليج مرجعاً لكيفية العمل! وباشرت كثير من أجهزة الأمن في الخليج في أخذ توصيات الباحثة "شاريل بنار" بعين الاعتبار وللتنفيذ. هذا هو واقع النظام الدولي الذي نعيش فيه: سيطرة على التقنية العسكرية، سيطرة على الخامات، سيطرة على الشرعية الدولية، عولمة ثقافية.
وقد أصدرت الولايات المتحدة في الكونجرس عدة قوانين لتأصيل هذه السيطرة، أصدرت قانون حماية الأقليات الدينية في العالم، فعلى الولايات المتحدة أن تتحرك لحماية الأقليات الدينية في العالم.. كل العالم، فرعت واشنطن مؤتمراً للأقباط المسيحيين ودعت إليه غلاة الأقباط.. مثل مايكل منير وغيره، وليس الذين لديهم اعتدال فكري، وأعطتهم المظلة ليفعلوا ما شاءوا، ليرهبوا ويرعبوا ويهددوا مصر في هذا المؤتمر! بينما الكل يعلم أن الأقباط يتمتعون في مصر بما لا يتمتع به الأقباط في دول الغرب.
يوجد لدي ورقة كتبها ماروني مسيحي في لبنان اسمه "فيكتور سحاب"، لديه كراسة صغيرة لطيفة جداً تحمل عنوان (من يحمي المسيحيين العرب)، وهو الذي أهداني هذا الكتاب. يقول فيكتور سحاب بأن الذي حمى المسيحيين العرب عبر التاريخ هو الإسلام والدولة الإسلامية، وليس الغرب ولا حتى الصليبيين الذين جاءوا إلينا من الغرب. بل على العكس، كان الصليبيون الذين جاءوا من الغرب هم من أثخن في المسيحيين العرب!. فهذه حقيقة تاريخية يجب ألا يرهبونا بها.
في الكويت لا يوجد كويتي مسيحي، لكن هناك مسيحيون حصلوا على الجنسية الكويتية، عددهم 192 شخصا فقط، ووفق أرشيف رسمي، فإن معظمهم من فلسطين والعراق والشام، جاءوا إلى الكويت منذ الثلاثينيات والأربعينيات، للعمل كأطباء وممرضين ومترجمين، واستوطنوا الكويت وطابت لهم الإقامة فيها، والكويتيون سلسون في العلاقات الثقافية، فأُعطوا الجنسية الكويتية. وقد شيدت 35 كنيسة، بمعدل كنيسة لكل خمسة!
ألا يدعو هذا الأمر إلى التساؤل: لماذا هذه الكنائس المنتشرة مثل الزعتر البري في الكويت؟! كل هذه وسائل للتدخل، فهذه ليست أماكن للعبادة كما يراها الأمريكان، ونحن لسنا ضد المسيحيين أبداً، لكن أن تنشأ 35 كنيسة، فهذا يعني وجود غرض سياسي وليس دينيا. لقد انتقل الأمريكان في الخليج من مرحلة الاحتلال إلى مرحلة الاستيطان، من عملية الـ(occupation) إلى عملية الـ(settlement).
كنا في السابق نستقبل الأمريكان في مطاراتنا، رجل ضخم.. يحمل حقيبة، أحمر اللون، أزرق العينين، يأتي إلينا ليعمل وِفق عقد وظيفي! الآن ينزلون في مطاراتنا أمريكان معهم زوجاتهم وأولادهم، في صورة استيطان!
وقد فعلوا الأفاعيل لتطويع الترسانة القانونية في شريط النفط من الكويت إلى سلطنة عمان ليكون لهم حق التملك وحق الإقامة الدائمة و..و.. إلخ.. وهذا يثير تساؤلاً لدينا: إلى ما تهدف هذه الموجات البشرية القادمة إلينا من أمريكا وأوروبا الغربية للاستيطان في الخليج؟ وهنا دعوني أذكِّركم بحالتين: سنغافورة وتيمور الشرقية.
سنغافورة الآن دولة، وُلدت سنة 1965م، فكيف تشكلت هذه الدولة؟
كانت هذه الدولة جزءاً من الفيدرالية الإسلامية الماليزية، وفي ماليزيا -كما تعلمون- يوجد عنصران قوميان (المايليه) والصينيون، فعندما أدرك الإنجليز بأنهم حتماً سيغادرون سنغافورة شجعوا العنصر الصيني للهجرة إلى سنغافورة، فهاجروا بكثافة، وكانت سنغافورة تحت الحكم البريطاني الذي فتح كل الأبواب للهجرة الصينية، وعندما تكثفت الهجرة الصينية بدأت آلية أخرى، "أنتم الآن أغلبية ومن حقكم وفق ميثاق الأمم المتحدة حق تقرير المصير"، فاتصل الإنجليز بالأمم المتحدة، وأوعزوا لها، وأتوا بها إلى ساحة ماليزيا.. لاستفتاء الأغلبية الصينية! وبالفعل قرر الصينيون الانفصال عن الفيدرالية الإسلامية، وأصبحت هناك دولة جديدة سنة 1965م اسمها سنغافورة ورئيس الوزراء (ليكوان يو) صيني الأصل، وأنا التقيت به شخصياً؛ لأنه من خريجي كلية تشرشل في كامبريدج، وأنا خريج نفس الكلية، وتداولت معه الحديث، وكانت العملية واضحة من كلامه أن الإنجليز هم الذين صنعوا هذه الدولة.
أما تيمور الشرقية، فهي تقع وسط الأرخبيل الإسلامي الإندونيسي، وإندونيسيا أكبر دولة في العالم الإسلامي عموما من حيث عدد السكان، فعمل الغرب على هندسة الأمور، وحركوا الكنائس ومجلس الكنائس العالمي ومجلس الأمن، وافتعلوا أحاديث وأحداث داخل تيمور الشرقية، إلى أن صارت دولة مستقلة عن أندونيسيا وفي قلب الأرخبيل الإسلامي. وهي الآن كيان له حماية دولية.
هناك الآن حالة في الخليج وفي الجزيرة العربية نحذر منها، أن الأمريكان والأوروبيين انتقلوا من حالة الاحتلال -الخليج حالياً كله محتل، إذ إن القرار الإستراتيجي بيد الأمريكان وليس بيد الخليجيين- إلى حالة الاستيطان. الآن توجد موجات استيطانية، فما الذي يمنع أن يحدث في دبي كما حدث في سنغافورة؟ خاصة وأنك إذا مشيت في شوارع دبي-وقد درّست في الإمارات لمدة ثلاث سنوات منذ عام 1981م إلى العام 1984م- ستشعر بأنك تمشي في لندن، أو بلد غير عربي، نظرا لكثرة الأجانب فيها!
نعم ما الذي يمنع أن يحدث في دبي كالذي حدث في سنغافورا؟، لقد ذهبت مرة لشراء سيارة ومنذ الخطوة الأولى إلى استلام السيارة، لم ألتق بعربي واحد في عملية الشراء في مؤسسة كبيرة، فكل شيء في دبي أصبح بيد غير أهل المنطقة!
ويقال بأن نسبة المواطنين في إمارة دبي لا تتعدى نسبة الخمسة أو السبعة بالمائة، وهذه مشكلة أمنية، فلو خرج الأجانب وأمسكوا أهل الإمارة باليد وليس بالسلاح لاستطاعوا القضاء عليهم، فنحن الآن إزاء سيناريو خطير!
واليمن والمملكة العربية السعودية لا زالتا قلاعاً، لأن ثمة موانع ومعيقات ثقافية، تاريخية، ليس ضد التغلغل، لأن التغلغل قد حصل، ولكن ضد الصياغة الثقافية للمجتمع وصياغة العلاقات، فهذان المجتمعان لا زال فيهما تمنُّع كبير. وقد أدرك الأمريكان أنه لا بد من ابتكار وسيلة ما للاختراق الثقافي والنفسي لشعوب الجزيرة العربية، فشعوب الجزيرة العربية متدينة بالسليقة، فحتى الفاسق في الجزيرة العربية يصلي، فالدين محور حياة الفرد ومركز التحكم بأفعاله وأقواله.
وأدركت الولايات المتحدة عبر (راند كوربريشن) بأن خلخلة وتفكيك التدين في الجزيرة العربية يأتي من خلال ملف المرأة، وتحريض المرأة على الدور الكبير في المجتمع ألا وهو الدور السياسي، ولذلك فجأة وبدون مقدمات نجد بعض المسئولين في الخليج -الذين يعيش بعضهم في العصر العباسي، وحولهم الجواري- يتكلم عن حقوق المرأة، ويقول في مؤتمر صحفي: "حقوق المرأة"، وهو لا يعترف بشرعية الشعب كله، فضلا عن الرجال، ومع ذلك يتكلم عن حقوق المرأة.
عندنا في الكويت بمجلس الأمة –وكنت عضواً ومستشاراً سياسياً في المجلس- بدأت عملية مشبوهة، ناقشنا الأمر بتفصيل.. فدخلت الحكومة فيه بمالها ودينارها لكي تمرر مشروعاً مشبوهاً، ونحن غير موافقين عليه، ونقلت الصحافة الكويتية كثيراً من تفاصيل الرشاوى، ونحن في تاريخ البداوة والقبائل في الجزيرة، الحكم سيف ومال، فالذي من الصعب أن تطوعه بالسيف تطوعه بالمال، وهذا مطبق عندنا في دول الخليج. لقد أصبح الناس ميالين إلى الحل السلمي في هذه المرحلة، ويفضلون المال على السيف، والمال فيه مكاسب فردية، لكن على مدى بعيد فيه خسائر إستراتيجية.
ونحن نحذر من هذا النمو المتسارع للأمريكان والغربيين في الجزيرة العربية/ ونتمنى أن تبرز قوى دولية أخرى، تزاحم الأمريكان وتصارعهم، فقد خسرنا بسقوط الاتحاد السوفيتي خسارة إستراتيجية في العالم العربي، والآن يطرح في روسيا كما نقرأ ونتابع فكرة صاحبها –فيما أعلم- وزير الخارجية السابق للاتحاد السوفيتي بريماكوف، هذا الرجل لديه خبرة سياسية كبيرة، ومسئول سابق عن الـ(كي بي جي)، واتصالات واسعة بالعالم العربي، وصداقات تجمعه بزعماء كان لهم شأن في العالم العربي، وعلى إطلاع واسع بشئون المنطقة، ولعل فكرته تنقذنا من هذا الكابوس الأمريكي الذي نعيشه في الجزيرة العربية، فهو يطرح: أنه لا بد من نشوء مثلث إستراتيجي في آسيا، يجمع الصين والهند وروسيا، وإذا تمكن هذا المثلث -بما يرمز إليه من طاقة اقتصادية وعسكرية وبشرية- فسوف يكون مثلثاً صادا للهجمة الأمريكية على آسيا على أقل تقدير.
وبما أن روسيا والصين والهند تحاذي أفغانستان، فاحتلال الولايات المتحدة لأفغانستان في بعض أوجهه ليس من باب مكافحة ما تسميه "الإرهاب"، لكنه من باب مواجهة هذه الفكرة، لأن أفغانستان في قلب هذا المثلث.
إننا في مفترق طرق وأمام محك تاريخي في الجزيرة العربية. ومنظمة التجارة العالمية تنص -فيما تنص- على فتح كل الأراضي في الجزيرة العربية والعالم لتداول السلع والبيع والشراء، فمشروع الأمريكان مشروع سوق، توحيد السوق في العالم وفق مفاعيل المصلحة الذاتية الأمريكية، وكلنا في العالم لابد أن نخضع لهذا المشروع، وفق إرادة واشنطن!
في بوليفيا تحرك الفقراء، فلماذا لا نتحرك نحن؟ بوليفيا بلد الفقر والعوز والإقصاء الجغرافي والتاريخي، يصعد للحكم فيها "موراليس"، رجل رفض حتى لبس البذلة الغربية، في خضم التردي والضعف العالمي أمام الأمريكان، وفي فنزويلا هناك "شافيز"، و"كاسترو" صامد منذ 1958م حتى الآن أمام الولايات المتحدة الأمريكية قبالة سواحل فلوريدا.
ولدينا في الجزيرة العربية مقومات الصمود في وجهه أكثر بكثير، مما لدى "موراليس" أو "شافيز" أو "كاسترو" وهم من أعلام أمريكا اللاتينية. ونحن نعيش على آبار النفط ذات القيمة الإستراتيجية للعالم كله، وموقعنا من أهم المواقع العالمية إستراتيجية، فما بالنا ندع أمثال "زلماي خليل زاده" يخططون لمستقبلنا ويتحكمون في مصائرنا؟

يا امة ضحكت من جهلها الامم
امة باتت واصبحت وامست معتمدة وتركض ممسكة بأذناب القوى المستعمرة وبتعبير آخر كما يقول الكاتب المستوطنة
استوطنوا في ترابنا وفي ثقافتنا واستباحوا خيراتنا
وقعنا في كماشة بين الشرق والغرب
فشرقنا لا يرحم والتاريخ خير دليل على ما فعله المغول في الدول العربية والاسلامية ايام الزحف التتري والغرب الذي ضرب اعمدة قوية واقتلع هويتنا من جذورها وصرنا لاتنفس الا بأمر منه
اصبحت الصين تنافس الغرب في بسط الهيمنة على الاراضي الاوسطية والسيطرة على منابع الثروة وليس هذا فقط وانما وصلت الى الدول الافريقية
ولا ننسى جارتنا الحبيبة والصديقة التي ما برحت الا وتخطط في تفكيك شعوبنا وضرب أي صرخة تقول لا
نتغنى ونقول يا زمان الوصل بالاندلس

ودمتم بعون الله

الأميرة ياقوت 18/05/2006 02:48 AM

شكرا جزيلا اخي الفاضل على هذه الباقة الجميلة جدا مع اني اعترف ان النفيسى استطاع ان يشدني للنهاية
احس انني اعيش في كتاب التاريخ الذي كنا ندرسه وأخبار الإستعمار والمؤامرات وكاني اصبحت اسيرة دفتي ذلك الكتاب الذي كنت اشكر الله ان مآسيه انتهت ولا استطيع الخروج منه ابدا فأينما اقرأ لا يكون الا خبرا شبيها او مؤامرة تغير حائكيها ولم تتغير وقائعها وكل يوم اراني اغرق اكثر وأفكر اكثر هل سنستطيع ان نكون كما كان الأجداد في مقاومتهم وشجاعتهم ووطنيتهم ام ان زمن الأبطال ولى وزمن الذل والخنوع هو ما ينتظرنا على ايدي اشخاص معظمهم يتشدقون يالثقافة والشجاعة وهم اكثر من يعانون من السطحية والتبعية
يبدو ان التاريخ يعيد نفسه فأين انت يا عرابي واين انت يا عمر المختار؟

الزمن القادم 18/05/2006 11:00 AM

امريكا تخذل الليبراليين العرب
2006/05/18

عبد الباري عطوان
اصيبت الدعوات الامريكية المطالبة بالاصلاح الديمقراطي في المنطقة العربية بثلاث نكسات في الايام القليلة الماضية اضرت بما تبقي من مصداقيتها في اذهان عشرات الملايين من العرب والمسلمين. تمثلت الاولي في اعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة مع ليبيا دون شروط، والثانية في استقبال السيد جمال مبارك نجل الرئيس المصري في واشنطن، فيما اعتبر مبايعة له علي عرش مصر، والثالثة في دعم الحرس الجمهوري الذي يقيمه حاليا الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليكون ميليشيا رئاسية تتصدي لفوز حماس الديمقراطي في الانتخابات التشريعية الاخيرة، في اطار جبهة، وخطة محكمة لاسقاط حكومتها.
استئناف العلاقات الليبية الامريكية اصاب الاتجاهات الليبرالية العربية الجديدة المراهنة، علي الدعم الامريكي لتغيير الانظمة الديكتاتورية وادخال الاصلاحات الديمقراطية في مقتل.
فالليبراليون العرب الجدد، سيجدون انفسهم في وضع حرج للغاية، لانهم باتوا يعتمدون علي دولة عظمي لا يعتمد عليها، ويمكن ان تضحي بهم اذا حصلت علي ما تريده من الانظمة الدكتاتورية، مثلما كان عليه حال بعض فصائل المعارضة الليبية التي راهنت علي الدعم الامريكي.
فها هي الادارة الامريكية تكافئ نظاما عربيا دكتاتوريا باقامة علاقات كاملة معه، وترفعه من قائمة الدول الراعية للارهاب، لايصال رسالة الي ايران ونظامها، مفادها ان من يتخلي عن برامجه النووية والكيماوية والبيولوجية، ويشترك بفاعلية في الحرب علي الارهاب يصبح صديقا لواشنطن، تغفر له كل ذنوبه، ويستطيع ان يظل دكتاتوريا، ويواصل انتهاكات حقوق الانسان كيفما شاء.
الادارة الامريكية تستخدم الديمقراطية والليبراليين العرب الجدد، كورقة ضغط علي الانظمة الدكتاتورية العربية التي دعمتها، او غضت النظر عن تجاوزاتها، طوال خمسين عاما، من اجل تحقيق ثلاثة اهداف رئيسية: اولها الحفاظ علي بقاء اسرائيل قوة اقليمية عظمي، وتطبيع العلاقات معها، وثانيها استمرار تدفق النفط ومنع اي قوة اقليمية تهدد الهيمنة الامريكية علي امداداته واحتياطاته ومنابعه، وثالثها محاربة الارهاب، والمقصود به هنا الارهاب الاسلامي الاصولي، ومنع اي حركات اسلامية، معتدلة او متطرفة، من الوصول الي السلطة طالما انها لا تقبل بالمشروع الامريكي في المنطقة.
ويظل استقبال الادارة الامريكية، وعلي اعلي المستويات، وفرشها السجاد الاحمر للسيد جمال مبارك اكبر صفعة توجه للمعارضة الليبرالية المصرية امريكية الهوي. لان هذا الاستقبال من حيث توقيته ونتائجه، جاء اجهاضا لكل الآمال التي جري تعليقها علي هذه الادارة لممارسة ضغوط علي الحكومة المصرية لرفع قانون الطوارئ، واطلاق الحريات، وترسيخ التعددية السياسية، ومعارضة التوريث.
فالاستقبال جاء في ظل حال احتقان متنامية في مصر، واعتداءات صارخة علي القضاء ورجاله، ومنع حرية التظاهر للمحتجين علي قمع هذه المؤسسة العريضة في البلاد.
والقول بان السيد جمال مبارك ذهب الي واشنطن لشرح الاصلاحات الديمقراطية لادارتها غير مقنع ومردود عليه، فما دخل مستشار الامن القومي، ونائب الرئيس الامريكي، والرئيس بوش نفسه بهذا الشرح، وهل تحتاج الادارة الامريكية من يشرح لها هذه الاصلاحات غير الموجودة اساسا وهي التي لها سفارة تعتبر الاضخم في الشرق الاوسط في قلب القاهرة، ومكتب خاص لمكتب المباحث الفيدرالي (اف.بي.آي) وآخر للمخابرات المركزية (سي.اي.ايه) يعملان بشكل رسمي ومن مقرات معروفة؟
الادارة الامريكية استقبلت السيد جمال مبارك في اطار صفقة مبايعة له، خليفة لوالده، وتم خلالها الاتفاق علي جميع الشروط المطلوبة سياسيا وامنيا واقتصاديا، واعتماد الترتيبات الاقليمية، والدور المستقبلي لمصر علي صعيد الملف النووي الايراني، والصراع العربي ـ الاسرائيلي والحرب علي الارهاب.
فالضغوط الامريكية من اجل الاصلاح الديمقراطي في مصر انخفضت وتيرتها عندما وافق النظام علي تصدير الغاز لاسرائيل، واقامة المناطق الصناعية المشتركة الكويز وعدم الاعتراف بحكومة حماس طالما لم تعترف باسرائيل، وزاد هذا التراجع بعد فوز مرشحي حركة الأخوان المسلمين بربع المقاعد في الانتخابات البرلمانية المصرية، ووصول حركة حماس الي رئاسة الحكومة.
خطورة القبول بمسألة التوريث لا تكمن في كونها تعكس تراجعا عن الاصلاحات، وانما ايضا في ترجيح كفة الانظمة الدكتاتورية الحاكمة حاليا، والتخلي عن القوي الديمقراطية الحقيقية، وتركها فريسة لقمع الانظمة. مضافا الي ذلك، أنها ستؤدي الي تشجيع دول اخري تنتظر وتراقب باهتمام شديد التجربة المصرية في هذا الاطار مثل اليمن وليبيا، وهذا التوجه قد يؤدي الي زيادة حال الاحتقان الراهن في المنطقة، والعداء المتزايد لامريكا، مما يجعل القوي المطالبة بالتغيير او غالبيتها تذهب الي اقصي التطرف، وتجد نفسها امام احد خيارين، اما اتباع نموذج القاعدة ، او القوي اليسارية الناهضة في امريكا الجنوبية بقيادة الرئيس الفنزولي شافيز.
الاوضاع في فلسطين المحتلة تتجه الي الخيار الاول، ولا يوجد ما يوحي بان هناك اي امل بمنع ذلك. فالولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وبعض بقايا السلطة الفاسدة تتحدث علنا عن اسقاط حكومة حماس المنتخبة، ويستخدم التجويع سلاحا في هذا الخصوص.
الادارة الامريكية تتحدث علنا عن دعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والدول الاوروبية تمول ميليشيا رئاسية بمبلغ 55 مليون دولار، وتضع خططا لتدريبها وتسليحها لكي تكون قوة نخبوية تتولي نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وضبط الاوضاع امنيا. اي ان هذه الادارة التي عارضت تناسل الاجهزة الامنية الفلسطينية في زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، وطالبت بدمجها، تؤيد الان ما كانت تعارضه، وتتآمر من اجل اجهاض نتائج الديمقراطية الفلسطينية، ووصل الامر بها الي تحديد الفترة الزمنية لانهيار حكومة حماس هذه.
التطرف يتصاعد، والعالم سيصبح اقل امنا، وتنظيم القاعدة يقوي يوما بعد يوم، وايديولوجيته تنتشر، ولا نستبعد تبني بعض الفصائل الفلسطينية خيار شمشون ، وسنري اشرطة تلفزيونية لابو مصعب الفلسطيني، اذا ما استمر مسلسل الاخطاء الامريكية هذا، وعلي رأسه سياسات التجويع ودعم الدكتاتوريات وانتهاكات حقوق الانسان. وليس من قبيل الصدفة ان تهدد كتائب شهداء الاقصي، وهي فصيل انبثق من رحم حركة فتح بضرب المصالح الامريكية والاسرائيلية في الداخل والخارج.
الفلسطينيون فعلوها في السبعينات وكانوا روادا في خطف الطائرات. وعندما توقفوا كوفئوا بالمزيد من المستوطنات والطرد من لبنان، والحصار التجويعي في الداخل.
العالم الان يعاني من قاعدة واحدة فكيف سيكون عليه الحال لو ظهرت علي السطح قواعد اخري لا تقل شراسة، خاصة اذا ما توجهت الصواريخ الامريكية نحو ايران.

الزمن القادم 20/05/2006 11:06 AM

أ.د. محمد جابر الأنصاري: القومية لم تنقرض.. إلا في أوهامنا!
الوطن القطرية-19/5/2006م

لا تتأسس أية سياسة ناجحة ومجدية إلا على حقائق موضوعية يدعمها البحث العلمي المعرفي وتستطيع التمييز بين الصحيح والسقيم وعندما تضع الدول الأوروبية اليوم شعار الوحدة الأوروبية الجامعة، وهي الدول القائمة على قوميات تصارعت حتى العظم في الساحة الأوروبية ذاتها، وأكلت الأخضر واليابس، فإنما تتبنى هذه الدول شعارا جديدا تتجاوز به مرحلتها الصراعية تلك إلى مرحلة لا مفر منها في ساحة التنافس الدولي الراهن حيث لا وجود ولا أمان إلا للكبار الأقوياء - حضارة واقتصادا ودفاعا - ثم ان الوحدة الأوروبية تراكم طبيعي لمسارها التاريخي، وتطور مستقبلي لابد منه للبقاء في زمن «العولمة» ومواكبته.. والنظر عقلانيا بالتحليل والنقد لأبعاده ومعطياته ومغزاه التاريخي - وكما أشرنا في دراسة سابقة، فإن الوحدة الأوروبية هي فعل العقل في التاريخ - بلا رثاء وبكاء كما يفعل كتاب وضحايا الذهنية المستقيلة (المستقيلة من التدقيق والنـــــظر والدراسة المقارنة المســــــؤولة) في الحياة العربية!

وإذا كانت الماركسية بالنظر للجمود الفكري لدى سدنتها لم تستطع اللحاق بالتطورات والمتغيرات المستجدة مما أدى إلى تفكيك احدى أهم منظوماتها الجيوبولتيكية، وهي المنظمة السوفياتية، فإنها عندما بدأت كايدولوجيا تناضل لتصحيح المسار الرأسمالي في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، فإنها جاءت نتيجة بحث علمي معمق أو يحاول أن يكون علميا قدر إمكان القائمين به، ولهذا السبب كان لها ذلك التأثير الكبير على المشهد الدولي، بما في ذلك الدول الرأسمالية الغربية، كبريطانيا وفرنسا في ثلاثينيات القرن المنصرم عندما غدت الماركسية التحدي الفكري لكل مثقف فيها.

واللافت للانتباه حتى يومنا أن قيادة الحزب الشيوعي في الصين الشعبية، إحدى أبرز القوى في عالم اليوم، تعمل على تطوير ماركسيتها الصينية، وهي ايدولوجية قومية في التحليل النهائي بإقرار كبار قادتها من «ماو» ورفاقه، وستبقى قدرتها على التطوير الفكري رهن الاختبار اليوم وغدا، ولكن نموها الاقتصادي شبه «الرأسمالي» في ظل الماركسية المستنبتة صينيا، قد يكون من أبرز النجاحات الفكرية في مواءمة المنطلق الماركسي مع انطلاقة عولمة الرأسمالية في القرن الحادي والعشرين.

وأيا كانت نتيجة ذلك، وحتى إذا قصرنا الرؤية على تفكك المنظومة السوفياتية وتخلي روسيا عن الايدولوجية الماركسية، فإنه يبقى منها (أعني الماركسية كعلم اجتماع وكرؤية علمية محدودة بزمنها وواقعها الأوروبي) كونها نبهت إلى دور العامل الاقتصادي في التاريخ وذلك ما لا يمكن اسقطاه في أي فكر عقلاني بما في ذلك الفكر الرأسمالي، وكذلك تحذيرها من مغبة ترك الحبل على غاربه في صراع الطبقات واستغلال الأقليات الثرية للأغلبيات الفقيرة، وذلك ما استفادت منه الرأسمالية الأوروبية الغربية في تطويرها الاقتصادي كما نرى في تجربة حزب العمال البريطاني والحزب الاشتراكي الفرنسي، والأحزاب الاشتراكية في الدول الاسكندنافية، وهي أحزاب مسؤولة تولت أو تتولى السلطة واستطاعت ببعد نظرها الفكري أن توائم الرأسمالية القائمة على اقتصاد السوق، وهو حقيقة لا مفر منها، مع الأخلاق الاشتراكية اللازمة إنسانيا في التكامل الاجتماعي، دون التقيد باقتصاديات الاشتراكية التي أتت بمردود عكسي في تجارب عدة وتبين انها غير قادرة على التنافسية والانتاج اللازم للنمو.

نعرض لهذ الظواهر والتجارب بشيء من الإسهاب، لنرى إن كانت «العروبة» في نطاقها تمتلك شيئا من مقوماتها وقدرتها على التموضع، أم أنها مجرد مرحلة عاطفية وايدولوجية اسقطتها تحديات الواقع وذهبت إلى غير رجعة. ولابد لنا - كعرب - من هذه «القسوة العلمية» مع الذات ولنسمها (المصارحة الجارحة مع النفس) لنصل إن أمكن إلى إعادة تأسيس حياتنا على أسس صلبة من هذا النوع. فلن تنجح لنا سياسة، عروبة أو غيرها، إذا لم نقمها على هذا النوع من التدقيق المعرفي الملتزم والمسؤول والذي لا يصاب بالانهيار لدى أول ضربة!

ومن كلمات ميشيل عفلق، منظر البعث، التي ضيعها تلامذته على أنفسهم وتجربتهم قوله: إن الحق فوق العروبة إلى أن تصل العروبة إلى مستوى الحق. ونقول اليوم إن الحق والحقيقة يجب أن يظلا فوق العروبة دائما لتصحح ذاتها بهما في كل حين.

ومن أجل هذا التدقيق فلنعلن تقبلنا بداية لفرضية نهاية العروبة إذا أثبتت الحقيقة والواقع مثل هذه النهاية. وعلى «العروبيين» ألا تخفيهم مثل هذه الفرضية، فالعروبة في العصر الطوراني التركي والصفوي الفارسي لم تبق منها إلا لهجات شعبية خجولة تحت السطوة الرسمية للغتين التركية والفارسية، كما لم يبق منها غير وجدان مبهم لدى «أولاد العرب» كما سماهم الغزاة الآسيويون المتسلطون باسم الإسلام، لكن العربية مدعومة بالقرآن الكريم وما ارتبط بها من وجدان وثقافة عربية انبعثت حية في فجر النهضة، وكان عليها أن تخوض معركة مصيرية أخرى ضد دعوات الحرف اللاتيني والتفرنج اللساني وسواها، وكانت الصرخة الشهيرة لشاعر النيل حافظ إبراهيم عام (1902) في نعي اللغة العربية من العلامات الفارقة والمعبرة في تجسيد هذا الاشفاق:

فلا تكلوني للزمان، فإنني

أخاف عليكم أن تحين وفاتي

أرى لرجال الغرب عزا ومنعة

وكم عز أقوام بعز لغات

أيطربكم من جانب الغرب ناعب

ينادي بوأدي في ربيع حياتي؟

هكذا تكلم حافظ عن العربية قبل أكثر من مائة سنة. ولأني عشت أجواء هذه القصيدة الولود في وجداني، فإني لم أجزع للمرثية النثرية التي كتبها في نعي العربية المعاصرة الشاعر المغربي محمد بنيس في صحيفة (الحياة) مؤخرا على ما فيها من تفجع.. فما أشبه الليلة بالبارحة وان اختلفت الظروف.

وأستغرب كيف أن مثقفا نابها كمحمد بنيس وقع في هذه الانفعالية بشأن مستقبل العربية متأثرا بظواهر الأشياء، دون أن يتعمق الأمر في الجوانب الموضوعية للمسألة، وأخشى أنه وباء «قصيدة النثر» التي لا تزدهر في عرف أصحابها إلا بمثل هذه السوريالية السوداء بمعزل عن المعطيات الموضوعية لمضمون اللوحة وليس خطوطها الخارجية الصارخة.

وكان رد الاستاذ عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية على شاعرنا المتفجع بإخلاص في الصحيفة ذاتها فعل ايمان ببقاء العروبة ولغتها (والعربية اللسان).

سنعود الى اللغة كأساس للقومية وثقافتها ووجدان اهلها. الا اننا نريد في هذا الموضوع ان نتوقف لنشير الى اننا في مرحلة رفعنا الحقيقة القومية الى مصاف المطلق واسقطنا الحقيقة الدينية. واليوم كردة فعل نحمل الحقيقة الدينية اكثر مما تحتمل ونخرج بها عن نطاقها الطبيعي الذي اراده الله لها مسقطين بالمقابل الحقيقة القومية وكأنها لم تكن ولن تكون رغم اشارة القرآن الكريم اليها في نطاق السنن الكونية ورغم ما تقدمه الاوضاع العالمية الى يومنا من شواهد.

والواقع ان القومية لم تنقرض الا في اوهامنا وها هي خريطة العالم من اليابان والصين في الشرق، مرورا بروسيا وصولا الى اقاصي الاميركيتين تقول لنا بكل لسان ان الحدودالسياسية لعالم اليوم مازالت هي حدوده القومية واذ عادت الاممية السوفياتية الى حدودها القومية السابقة في «كومنولث الدول المستقلة» (مستقلة على اي اساس غير الاساس القومي؟) فإن الكتلة الاوروبية تلتحم على اساس حدودها القومية في اطار الوحدات التي كانت وما تزال دولا مستقلة شاءت بإرادتها القومية نكرر: بإرادتها القومية، ان تشكل تجمعا اكبر تتجانس قومياته بروابط الحضارة والثقافة المشتركة في امتداد جغرافي متقارب.

وبنظرة تاريخية مقارنة فإن القوميات كشخصيات جمعية عبر التاريخ ـ غيرت اديانها ونظمها وايديولوجياتها في ضوء تجارب النجاح والاخفاق ومتغيرات المراحل التاريخية لكنها لم تتغير في الجوهر ككيان انساني قائم بذاته.

كم مرت على اليونان ـ مثلا ـ من عصور وثنية وفلسفية ومسيحية وعلمانية لكن اليونان بلغتها وثقافتها ووجدانها وشخصيتها الجمعية الموحدة مازالت هي اليونان! وكذلك روسيا من وثنية الى ارثوذكسية وقيصرية الى شيوعية الى رأسمالية من جديد.. كل هذه المعتقدات والايديولوجيات تغيرت إلا .. روسيا كشخصية قومية!

ونظرا للهزائم المتوالية والمظالم المتتابعة التي تعرضت لها الامة الالمانية الحديثة وهي من ارقى أمم أوروبا ورائدتها في الفلسفة والموسيقى وثقافة العمل المنظم ـ استطاعت فكرة عنصرية كالنازية التحكم في وجدانها وواقعها فحاربت العالم كله تقريبا الى ان تحولت قصباتها الحضارية بفعل الحرب الى ركام وخرائب وتقسمت بين المعسكرين الغربي والشرقي. لكنها تحررت من عقدة النازية بعد مرارة التجربة دون ان تتحول قيد أنملة عن قوميتها الالمانية وحنينها الى استعادة وحدتها القومية رغم هول الكارثة. لم يخرج الالمان من جلدهم القومي ولم يتنكروا لملامحهم القومية وهم يعانون الذل تحت اعلام المنتصرين من الشرق والغرب .. الى ان جاءت لحظة الخلاص فسقط جدار برلين 1989 ومعه جدار التجزئة واستعادت ألمانيا وحدتها القومية بثمن اقتصادي باهظ دفعه الشطر الغربي من كده وعرقه من اجل المانيا الموحدة التي اصبحت اليوم اقوى الدول في الكتلة الاوروبية واحد الاعضاء الجدد المرشحين لدخول مجلس الامن في اطار العضوية الدائمة.

ولنا ان نتساءل ونحن نقارب موضوع (العروبة في الخريطة السياسية العربية) كيف كانت الخريطة السياسية الالمانية بين 1945 ـ 1989 هل سقطت منها، هكذا ببساطة الاعتبارات القومية؟ ام ان العمل القومي الدؤوب استمر لدى الالمان بصبر الى ان جاءت اللحظة المناسبة؟ فالقومية اذن لم تنقرض الا في اوهامنا وعلى من يساورهم هذا الوهم في عالمنا العربي ان يراجعوا انفسهم ويحتكموا الى الدراسات المقارنة في حياة الامم وليس الى وعاظ البؤس والفجيعة وما يصدق على المانيا يصدق على ايطاليا حليفتها في الحرب العالمية الثانية مع تجربة موسوليني الذي ضحى به المحررون الايطاليون رغم ما قدمه لايطاليا من انجازات قومية في بداية حكمه. حدثت هذه التضحية بالرجل من اجل ايطاليا.. ومن اجل بقائها موحدة في عالم ما بعد الفاشية التي رفضت ايطاليا الانحباس في بوتقتها والمشكلة في الفكر القومي العربي المعاصر انه يحبس مفهومه القومي في الوحدة السياسية وحدها وهذه نقطة الضعف الكبرى في بنائه القومية «وجود» قبل ان تكون وحدة سياسية «وجود» قد تحتاج الوحدة السياسية بعد حين وقد لا يحتاجها ايضا او لا يستطيعها في بعض المراحل دون ان يعني ذلك نهايته.

كان للعرب في الجاهلية وجود وصار لهم في ظل الاسلام وجود متغير آخر وتعددت دوائرهم السياسية مع بقائهم عربا ثم انكمش وجودهم في التاريخ لكنه لم ينعدم عندما سيطر عليهم الرعاة الآسيويون باسم الاسلام وحينها نبه الشاعر العربي المتشيع أبو الطيب المتنبي قومه العرب «وما تفلح عرب ملوكهم عجم» قصد بذلك سيطرة الاجانب كافة ولم يقصد عرقا بعينه فالعجمي في المصطلح العربي الاصلي من لم ينطق بالعربية بالسليقة وهذا يؤكد أن العروبة من حيث هي قومية لغوية في الاصل قبل أي اعتبار آخر وذلك ما سنعالجه فيما يتبع.

الزمن القادم 20/05/2006 02:35 PM

محمد بن راشد آل مكتوم في أحدث كتبه «1ـ 2» ... «رؤيتي.. التحديات في سباق التميز»

العالم العربي يعيش أزمة قيادة وإدارة وأنانية مستحكمة في الحكم



نعيش سباقا طويلاً نحو الريادة وعالم الأعمال غابة متحضرة تتسابق لاقتناص الفرص

أصعب قراراتي التأمين على خطوطنا الجوية والبحرية في حرب الخليج وصفقة الطائرات بعد هجمات سبتمبر

شعوبنا العربية تعيش عراقيل في عراقيل نضعها أمام الطالب ورجل الأعمال والمبدع والمرأة

أمتنا في مفترق طرق لكن يوماً ما ستنتهي الصراعات ونسترد حقوقنا وتعود القدس لأصحابها

لدينا فائض من السياسيين العرب لكننا نفتقد الإداريين المبدعين ونجاحنا بسرعة اكتشافهم

نحن في دبي لسنا عباقرة زماننا لكننا نقود عملية تغيير شامل للمناهج والتدريب والتفكير

القرارات في الدول العربية لاتهدف لتحسين أوضاعها بل العزف على ما تحب سماعه

ليس من الحكمة أن نسمح للتطورات الطارئة بأن تؤثر في تخطيطنا البعيد المدى

إذا اعتبرنا أنفسنا أمناء على مصالح الناس سننجح ونتجاوز المخاطر مهما كانت كبيرة

أحب المفاجآت وأن أبشّر الناس بالخير وأتمنى الكشف عن مشروع متميز كل يوم

طموحاتنا كبيرة ونجاحنا بحجم قدرتنا على مصالحة الأضداد في أي وقت وفي أية مرحلة

إبراز دبي كمركز دولي للتميز والإبداع متطلبات أساسية لا تعرف النهاية

كوريا الجنوبية بداية الستينيات كانت أفقر من مصر لكنها تحولت اليوم إلى دولة صناعية كبيرة


قراءة: طه حسين :

أكد سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ان ازمة العرب اليوم هي ازمة قيادة وادارة وانانية مستحكمة وانها ازمة طبيعية يفرزها حب كراسي الحكم على حب الشعب وتقديم مصلحة الفرد ومصيره على مصير الوطن ووضع مصالح الجماعات المحيطة بالقائد فوق مصالح الناس وان هذه الدول لاتعاني ازمة مال او رجال او اخلاق او موارد.

واعرب آل مكتوم عن امله في ان يصل العرب الى مستويات الدول المتقدمة وان يأخذوا بزمام الامور، مؤكدا ان هذا مايحاول تحقيقه في الامارات ودبي وهو مايمكن ان تحققه الدول العربية.

وقال إن تجربتنا في الامارات مثال على ما يمكن ان يتحقق عندما يكرم الله الوطن بقيادة تحب الخير لشعبها وتعمل له لا لنفسها وتسهر على مصالح المجتمع لا على مصالح المجموعة واننا نريد لدبي ان تكون المدينة العالمية الاولى للتجارة والسياحة والخدمات في القرن الحادي والعشرين والاولى في الامن وسرعة النمو والثقة من قبل الاوساط المالية والتجارية والاستثمارية والصناعية اقليميا ودوليا.مشددا على ان كل الانجازات التي تحققت في الامارات هي انجازات للعرب وان هذه القناعة تتصدر تفكير القيادة في كافة المشاريع التي ستنفذها بلاده في المستقبل.

كلمات آل مكتوم جاءت في مقدمة احدث كتبه «رؤيتي.. التحديات في سباق التميز» الذي ضم خلاصة تجاربه وخبراته في تحقيق التنمية والتطور الكبير الذي تشهده دبي.

يستعرض آل مكتوم في الكتاب عبر 223 صفحة من الحجم المتوسط بعض جوانب التجربة التنموية التي تقوم على تحقيق الامتياز والانتقال بالامارات من دورها كمركز اقتصادي اقليمي الى مركز اقتصادي عالمي.

مع التركيز على قطاعات الخدمات المتميزة والسياحة واقتصاد الفكر والمعرفة، والطاقة البشرية المبدعة.

و تم الاعتماد في صياغة مادة الكتاب على المعايشة اليومية للتنمية ذات المواصفات الدولية العالمية، والتجربة الذاتية، والممارسة اليومية ويسلط الضوء على المقومات الاساسية لصنع التقدم خاصة دور القيادة وفريق العمل القادر على تحويل رؤية القائد الى حقيقة كما يقدم نموذجا للعالم على امكان تعايش الحضارات والاديان والتنوع والاختلاف وتعاون الجميع لصنع الامتياز.. يقسم سمو الشيخ محمد بن راشد كتابه إلى خمسة أجزاء، تصدرها بعد المقدمة فصل افتتاحي تضمنه الجزء الأول، الذي حمل عنوان «الغزال والأسد»، وقال في هذا الصدد اننا نعيش في مجتمعات متحضرة لكن عالم الأعمال يمكن أن يكون مثله مثل الغابة ، السباق فيها لاقتناص الفرص وتحقيق الأرباح والتوسع. رجل الأعمال الناجح يجب أن يتربص بالفرصة الجيدة ويقتنصها قبل الآخرين. إذا تبدت له لحظة عليه أن يتبيّنها جيداً، وإذا تأكد أنها الفرصة المناسبة يجب أن يسبق الآخرين إلى تنفيذها. الفرق بين من يقتنص هذه الفرص ومن يضيعها ليس كالفرق بين التوسع والانكماش فقط أو بين الثروة والإفلاس بل كالفرق بين البقاء والفناء. يجب أن نفكر هكذا طول الوقت ومعظمنا يفعل هذا لكن ليس كلّنا.

اضاف: عندما أسمع بعض مديري الشركات يشتكي من صعوبة العثور على الموظفين المناسبين أتساءل كيف توصّلوا إلى هذه النتيجة، ولماذا لم يلتقوا مئات الشباب والشابات المدربين والمؤهلين الذين التقيهم في الاجتماعات والمناسبات الرسمية أو غير الرسمية؟ أعتقد أن مهام مديري الشركات والمؤسسات والمشاريع يجب أن تتضمن اختيار مجموعة مناسبة من الموظفين ذوي الكفاءات العالية وتدريبهم تدريباً خاصاً لكي يصبحوا مديرين مثلهم في المستقبل. لكن هذا لا ينطبق فقط على الشركات، فأنا أعتقد أنه من واجب القائد أن ينمي القدرات القيادية لدى من يعرف فيهم الكفاءة والإبداع والاستعداد ليتمكن هؤلاء في الوقت المناسب من تنمية القدرات القيادية لدى العاملين معهم.

هذا يحدث في معظم الحالات لكن ليس دائماً. بعض القياديين والمديرين لا يريد ولا يحبّذ وجود رجل ثان كفء ومؤهل في الدائرة التي يعمل فيها لأنه يخشى أن ينافسه ويأخذ مكانه. نحن نخالف هؤلاء الرأي، فالقيادي لا يستطيع الوجود في كل الأماكن، ولا يستطيع القيام بكل الأعمال في الوقت نفسه. عليه أن يفوض جزءاً من صلاحياته إلى مرؤوسيه وإلا سينهمك بالجزئيات ويغرق في التفاصيل، ولن يجد الوقت الكافي للقيام بالعمل الأساسي الذي يجب عليه القيام به وهو تطوير العمل وابتكار الحلول. إذا استمر هكذا فسوف يتحول إلى إنسان دائم الشكوى من قلة الوقت لا لأنه مثقل بالعمل الخلاق والمجدي بل لأنه يريد متابعة كل صغيرة وكبيرة لذا يغرق في التفاصيل فتضيع عليه الصورة الكبيرة.

وتساءل ما هي هذه الصورة الكبيرة؟

اجاب ان الصورة الكبيرة بالنسبة له ولنا وللوطن هي البقاء الذي هو محرك الحياة لذا ترى الكائنات كلها وهي تحاول إما اللحاق بفريستها، أو الهروب من مفترسها في كل ثانية من حياتها. البقاء لا يتحقق بالتمنّي، واستمرار النمو يتطلب جهداً جباراً وانتباهاً كاملاً شاملاً واستعداداً دائماً لكل طارىء محتمل


الرؤية والتغيير

في الجزء الثاني «مقومات صناعة التنمية» يتحدث المؤلف في أربعة فصول،جاءت بعناوين: الرؤية والقيادة والإدارة والقرار وفريق العمل.

فحول «الرؤية» يؤكد آل مكتوم ان المستقبل هو شباب هذا الوطن. إنهم رافعو رايته وبناة اقتصاده وعماد مقوماته، وهم الذين سيواجهون تلك التحديات على أرض الواقع وسيتوصلون إلى المعادلة التي تضمن استمرار التنمية والبناء والاستقرار لهم ولأجيالهم من بعدهم. نجاح شبابنا ليس نجاحاً للإمارات فقط بل هو نجاح لشباب العرب في كل مكان. إنهم أول المستهدفين بأي رؤية اقتصادية وأي جهد تنموي لذا يجب أن تتضمن الرؤية إعداد الشباب ليس لتتبع خطوات الاقتصاد الجديد أو لمماشاته بل للأخذ بزمامه وقيادة مبادراته.

هذا يقتضي التغيير: التغيير في المناهج، التغيير في التدريب، التغيير في التفكير، التغيير في عمل الحكومة، التغيير في الأولويات. أقول باختصار إن معظم الأدوات المناسبة للاقتصاد الجديد أدوات جديدة يجب إحداث التغيير المناسب للتعامل معها وتحقيق النجاح.

ويضيف قائلا: للنجاح في الأعمال والمشاريع مقومات معروفة، لكن لا شيء يعلو على التخصص في زمن التخصص، والمهنيّة في زمن المهنيّة، والتقنية في زمن التقنية. زمننا باختصار هو زمن الأفكار العظيمة القادرة على صناعة المشاريع العظيمة وليس زمن حشو العقول بالمعلومات. مائة مشروع ناجح يمكن أن توفّر فرص العمل لعشرات الآلاف وتصنع من المستقبل مكاناً أفضل لأبنائنا وبناتنا وكل الأجيال بعدهم.

يجب أن يتعلّم شبابنا وشاباتنا على مقاعد الدراسة كل المواد المعروفة، لكن يجب أيضاً أن يتقنوا خبرات العمل في الشركات والمشاريع كخطوة أوليّة في طريق تأسيس الشركات وإقامة المشاريع الناجحة، ويجب أن تُتاح لهم الفرصة للتفاعل مع الاقتصاد كخطوة أوليّة في طريق تطويره وإثرائه. يجب ألا نكتفي بتقديم أفضل المدارس والجامعات والكليّات لشبابنا وشاباتنا فقط بل أن نقدم لهم أفضل المؤسسات المتخصصة القادرة على تشجيع المبادرة والابتكار ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم في حقول الأعمال والمشاريع، والإسهام في تحويل الأفكار المتميزة إلى مشاريع متميزة، وإعداد الهياكل الاستشارية والاستثمارية والإدارية والتسويقية لإنجاح هذه الأفكار.

ويؤكد ان المسؤوليات التي تقع على عاتق الشباب والشابات رجال وسيدات الأعمال في المستقبل كبيرة، لكن تقع على من هم في موقع المسؤولية مثلنا مسؤولية أكبر هي الأخذ بيد هؤلاء ودفعهم في الطريق الصحيح فمن دون التحفيز والتوجيه والرعاية والعناية والحب لا ينمو شجر ولا يزهر ورد ولا يفيض نبع ولا يصنع الشباب المستقبل الذي يليق بهم وبوطنهم وبأمّتهم.

وإن نجاح الأمم بنجاح شبابها، وتحقيق النجاح مسؤولية الجميع لا الحكومات فقط. ستفي الدوائر والهيئات الحكومية بالتزاماتها وستقوم بواجباتها كاملة لكن للقطاع الخاص دوره المتميز في إنجاح هذه المهمة التي تفرد لأبناء وبنات الإمارات دوراً محورياً في عملية التنمية ومسيرة التقدم والتطور.

ويقول: هذا هو طريقنا إلى المستقبل وهذا هو التوجه العام لرؤيتنا. صناعة التنمية عملية تراكمية، وصنع المستقبل مهمة لا تنتهي. منوها بان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ـ رحمهما الله ـ مهّدا طريق التنمية والعطاء والإبداع واننا يجب أن نتابع الطريق نفسه. التنمية امتحان كبير فيه نجاح وفيه سقوط. ويقول هذا ينطبق على جميع العاملين في حكومة دبي لكنه ينطبق عليّ أولاً. حققنا الكثير لكننا لا نزال في بداية الطريق فلنمسك بأيدي بعضنا بعضاً وننظر إلى المستقبل.


القائد يسبق زمانه

في الفصل الثالث الذي خصصه للحديث عن القيادة يؤكد محمد بن راشد إن استقراء التاريخ يعطي الانطباع بأن القادة يأتون في أصناف مختلفة فالشائع بينهم أولئك الذين لعب الواقع دوراً مهماً في صنعهم ففرزتهم الأحداث العظام عن غيرهم وأبرزتهم وأعطاهم التاريخ المكانة التي نعرفها. النادر فيهم من يصنع الواقع فيوجد بحنكته وعقله ونهجه القيادي الأحداث التي يتكون منها الواقع وبالتالي التاريخ، والأكثر ندرة صنف من القادة المتميزين الذين لا يصنعون الواقع فقط بل جزءاً مهماً من وجهة المستقبل وأحداثه.

ويقول: في التاريخين العربي والعالمي مئات من هؤلاء لكن إذا أردتُ حصر التاريخ بعمري فإن الشخصية التي أفكر بها دائماً هي شخصية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فعلاقتنا كانت علاقة الابن بأبيه بما تتضمنه من الحب وصدق المشاعر. كان، يرحمه الله، يجعلك تحبه من تقديره حق التقدير لمن يعمل وينجز، وكان صريحاً مع الناس وأراد الصراحة من الناس لذا عوّدني أن أكون صريحاً معه في كلامي بكل احترام.إن الشيخ زايد علّمني قهر المستحيل، وعلّمني المعنى الحقيقي للحب. لا يستطيع من عرفه إلا أن يحبه لشفافيته وأصالته وصفاء عروبته وفطرته ونقاء سريرته وخصاله وصراحة مواقفه القيادية. إذا تكلم في السياسة فكلامه ليس مجاملة لهذا أو إرضاء لذاك بل لإرضاء الله عزّ وجلّ ثم لإرضاء ضميره. لا أعرفه إلا رجلاً واثقاً بربه ثم بوطنه وأمته ونفسه، رجلاً عند كلمته، إذا وعد وفى وإذا أستجير أجار. هذه هي صفات القائد المتميز، لكن هناك صفة أخرى تميز بها الشيخ زايد. يمكن أن نخاف القائد، ويمكن أن نحترمه، لكن أن يُنعم الله على قائد بحب شعبه له فهذه قمة ما يمكن أن يطمح القائد في الوصول إليه.

إنه مثال على القائد الذي يسبق زمانه وينظر إلى الأفق البعيد فلا يرى سراب الأحلام بل واقع الرؤية الصحيحة في الطريق الصحيح الذي يقود الشعب في مسيرة التنمية إلى مستقبل أفضل.

ويضرب مثالا على ذلك بحفر الابار ويقول: كثيرون داخل الدولة وخارجها انتقدوا الشيخ زايد على حفر الآبار الجوفية في الصحراء واستغلال مياهها. كثيرون قالوا إن هذا العمل إهدار لثروة طبيعية لا تتجدد، وحذروا من أنه سيلحق أضراراً فادحة بالبيئة ويخلّ بالتوازن الطبيعي. لم ير أحد من هؤلاء ما في جوف الأرض ولم تكن لدى أي واحد منهم أدنى فكرة عن كميات المياه في المنطقة لكن هذا لم يمنعهم من متابعة انتقادهم. في النهاية بقيت المخاوف في رؤوس أصحابها ولم يحدث شيء مما توقعوه. من كان يسافر في الماضي بين أبو ظبي والعين ولا يحمل معه ماءه كان يموت من العطش. الشيخ زايد اكتشف مياهاً جوفية تسد حاجة المنطقة عشرات السنين، وحوّل الإمارة إلى أكبر واحة على وجه الأرض في أكثر صحارى العالم قسوة.

والمثال الثاني رجل آخر اختار أحد أكثر صحارى العالم قسوة، ومنطقة من أكثر مناطق دبي عزلة وصب فيها مئات الملايين من الدولارات لبناء واحد من أكبر الموانئ في العالم، ومنطقة صناعية تعتبر الأكبر في الخليج واحد أكبر المناطق الصناعية في العالم. يقول: لم يبق أحد في الداخل أو الخارج إلا انتقد والدي على قراره لكنه أثبت في النهاية أنه الوحيد الذي كان يعرف ما يصنعه. نظر والدي إلى المستقبل ورأى في هذا المشروع فرصة نادرة فاغتنمها.ان القائد يجب أن يغتنم الفرصة الكبيرة عندما يراها، وإن لم تكن هذه الفرصة قائمة فعليه أن يكون مستعداً لصنعها.

أزمة ادارة

في الفصل الرابع: «الإدارة» يتحدث آل مكتوم عن وضع الادارة في العالم العربي مؤكدا انه يعيش اليوم ازمة ادارة ويقول:

اقترح عليّ أحد الإخوان مرّة تأجيل لقاء خاص ببرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشها الوطن العربي واستمرار العدوان على إخواننا الفلسطينيين، فقدّرت فيه عاطفته ومشاعره الوطنية والإنسانية لكنّي قلت له إن تلك الأوضاع تجعل اللقاء أكثر أهمية وتحتم تنظيمه في وقته المحدد. استغرب وسأل: كيف؟ فصرت أشرح له رأيي وأنا استغرب كيف لم يدرك بعد أن الإدارة هي أبرز أسباب الوضع العربي الراهن؟

وقال ان دواء هذه العلل رص الصفوف ونبذ الخلافات الجانبية والارتقاء فوق صغائر الأمور التي تفرقنا لا الإمعان في التشتت.

يوماً ما ستنتهي الصراعات وسيسترد العرب حقوقهم في كل مكان وستعود القدس إلى أصحابها وسيرتفع الحصار عن كل العرب وسينعمون بالاستقلال والتحرر وسيتمكنون عندها من تكريس جهودهم لتحقيق الريادة مرة أخرى. لا أرى شيئاً من هذا يحدث الآن

وأضاف: أزمة الأمة العربية اليوم ليست أزمة مال أو أزمة رجال أو أزمة أخلاق أو أزمة أرض أو موارد. كل هذا موجود والحمد لله ومعه السوق الاستهلاكية الكبيرة. لو كانت الإدارة العربية جيدة لكانت السياسة العربية جيدة. لو كانت الإدارة جيدة لكان الاقتصاد جيداً والتعليم والإعلام والخدمات الحكومية والثقافة والفنون وكل شيء آخر. إن لم يتطور الأداء الإداري والمفاهيم الإدارية في كل أشكال العمل ومستوياته فإننا سنظل نراوح في مكاننا والمراوحة في المكان هي أقصر طريق إلى استمرار التأخر والتخلف.. والهزائم أيضاً. لم أر حتى الآن جهداً حقيقياً على مستوى العالم العربي للخروج من هذه الدوّامة الإدارية.

ويؤكد ان الإدارة الجيدة تتطلب مديراً جيداً. في الوطن العربي من السياسيين ما يسدّ الحاجة ويفيض لكننا نفتقد الإداريين المبدعين القادرين على إخراجنا من المآزق المستمرة التي نعاني منها. حاجة الوطن العربي إلى الخطابة والتصريحات المطوّلة والكلام المنمق تكاد تكون لا شيء مقارنة بالحاجة الفورية الملحة للبنائين القادرين على إقامة المصانع والموانئ والمطارات والمؤسسات التنموية والاقتصادية. هذا يتطلب توافر الطاقات الإدارية القادرة على حشد الموارد لتحقيق أهداف محددة في فترة زمنية محددة.

يضيف: الإدارة ليست كلاماً مرسلاً بل علم قائم بذاته. ربما تطلبت معالجات مختلفة لشؤون مختلفة لكنها في الواقع عملية واحدة في السياسة والاقتصاد والخدمات والرياضة وكل نشاط آخر، وغرضها النهائي انتقاء السياسات والقرارات المناسبة من بين البدائل المتاحة وتحويلها إلى أهداف مرحلية يمكن تقييم نتائجها بدقة قياساً على الأهداف المحددة سلفاً. كل الجهد الإداري يجب أن يكون مكرّساً لتحقيق تلك الأهداف وخدمة المستهدفين بها، وما لم يحدث ذلك فإن الإدارة لن تدير نفسها وستتحول إلى روتين وهدر وتضييع الفرص والوقت والطاقات والموارد.

يضيف: جزء من معضلتنا في العالم العربي أن هدف الكثير من القرارات ليس خدمة مصالح الشارع العربي وتحسين أحواله الاقتصادية والمعيشية بل إرضاؤه والعزف على الكلام الذي يحب سماعه. هذا ليس الدواء التنموي الذي يحتاجه المجتمع بل المخدر الذي يستمر مفعوله فترة مؤقتة قبل أن يعود الشعور بالألم إلى صاحبه. قيادتنا في الإمارات علّمتنا أن نعمل لما فيه مصلحة الوطن والشارع.

لو أردنا مثالاً لقلنا إن العلاقة بين القيادة والشعب تشبه إلى حد ما العلاقة بين الأب والابن. وإذا أراد الأب مساعدة ابنه على الانتقال من مرحلة في حياته إلى أخرى وتحقيق النجاح يجب أن يكون مستعداً لممارسة الدرجة المناسبة من الحزم لمساعدة ابنه.

ويقول: الانتقال من الدراسة إلى العمل ومن البيت إلى المكتب لا يكشف اختلافاً كبيراً أحياناً. بعض الموظفين يعيش حياة رتيبة فيفضل العمل الرتيب، والبعض مقل بطبعه فيرتاح إلى وتيرة العمل البطيئة، وآخر لا يريد أن يتعب عقله بالتفكير فيختار من المهام أخفّها ويلقي على زملائه كبير الأعباء.

لماذا يتصرف مثل هؤلاء بهذه الطريقة في المكاتب والدوائر ومواقع العمل؟ لأنهم تصرفوا بطريقة مشابهة في البيت والشارع والمدرسة. يمكن أن تدرّب الموظفين والعاملين، ويمكن أن تكسبهم الخبرات المهنية، ويمكن أن توسع أفقهم الوظيفي لكن مكان العمل ليس بيتاً أو شارعاً أو مدرسة. إنه مكان مناسب للإنتاج وليس لتعليم السلوك الحسن. مهمة رب العمل أن يدير عمله لكنه لا يستطيع أن يقوم أيضاً بمهمة كان من المفروض على أسرة الموظف القيام بها. التصحيح هنا ليس مجرد شيء من المرارة المؤقتة في الفم: إنه العقوبات والحرمان من التقدم الوظيفي وأحياناً الفصل.فماذا تفعل بهؤلاء؟ كيف تقنعهم بأن العمل من الإيمان، وبأنهم يتلقون راتباً لقاء عمل معين وليس لقاء التنادم وقراءة المجلات الخفيفة خلال الدوام؟ معظم الناس قادرون على العطاء، وجميعهم يستطيعون أن يقدم أكثر مما يقدمه بكثير لذا يجب أن نعود إلى مثال الأب وابنه ونلجأ إلى الأساليب التي تنتزع مثل هؤلاء من ضجرهم وسأمهم ومللهم وترهلهم النفساني والمهني ودفعهم في طريق الإنتاج والنجاح.


الروتين عدو الريادة

ويؤكد محمد بن راشد ان الروتين عدو الريادة واننا في بداية سباق طويل في اتجاه الريادة ويتطلب تحقيق هذا الهدف الابتعاد عن الممارسات الروتينية والتفكير دائماً بطريقة إبداعية. من شاء المشاركة في هذا السباق فليلتزم، ومن شاء غير ذلك فله منّا الشكر والحقوق. النشاط يشد النشاط والكسل يشد الكسل، والعمل متعة وهو طريق النجاح. يجب ألا نخاف من الضغوط لأنها آتية. يجب ألا نخاف من التحديات لأنها آتية. يجب ألا نخاف من العمل الشاق. الضغوط والعمل الشاق والتحديات الكبيرة هي التي تصنع الرجال، والألماسة تظل حجراً ما لم تُصقل وبعدها فقط تصبح كريمة.

الذي يصقل الإداري العمل والتجربة والالتزام. لم نصل بعد إلى وجهتنا لذا لا نستطيع أن نستريح في ظل نجاحاتنا.. إذا استرحنا وقمنا لنستأنف العدو سنجد أن الآخرين سبقونا. إذا خفت العزيمة لأي سبب كان فإن إيقاظها ثانية أمر صعب ومن يعتقد غير ذلك فعليه أن ينظر حوله في وطننا العربي. يمكن أن نقدم عشرات الأعذار لتبرير تخلفنا الإداري، ويمكن أن نلوم الظروف أو الآخرين، ويمكن أن نشتكي من عدم توافر الشروط الموضوعية وخلافها لتحقيق السبق لكننا لن نلوم في النهاية إلا أنفسنا. عندما نفشل في إدارة النمو وإدارة الاقتصاد وإدارة الاستثمار وإدارة الموارد البشرية فمن الطبيعي أن نفشل في إدارة كل شيء آخر. كوريا الجنوبية في بداية الستينيات كانت أفقر من مصر، وهي تعيش ضغوطاً عسكرية واقتصادية قريبة من الضغوط التي نعرفها لكن هذا لم يقف عائقاً أمام تحولها إلى دولة صناعية كبيرة. تايوان مثلها تقريباً ودول أخرى كذلك حققت إنجازات مهمة في ظروف سياسية واقتصادية صعبة لذا لم يعد ممكناً استخدام قضايانا الكبيرة لطمس فشلنا الإداري الكبير.

يضيف ان تجربتنا في الإمارات علّمتنا أن الفرق أحياناً بين حكومة ناجحة وأخرى فاشلة هو عدد العراقيل التي تزيلها من طريق مواطنيها أو تضعها أمامهم. معظم هذا الوطن العربي عراقيل في عراقيل: عراقيل أمام الطالب، عراقيل أمام رجل الأعمال، عراقيل أمام التاجر، عراقيل أمام المستثمر، عراقيل أمام المبدع، عراقيل أمام المرأة وهكذا. معظم هذا الوطن العربي اختناقات في اختناقات: اختناقات في الدوائر، اختناقات في المطارات، اختناقات في انجاز المعاملات، وهكذا حتى يكاد المرء يحسب أن عمل الحكومات ليس فك الاختناقات لكي تطلق الأعمال والمواهب والطاقات، وليس معالجة الروتين لتقليص الوقت الذي يتطلبه الحصول على الشهادات والأوراق الرسمية وتخصيص ما تبقى للعمل والإنتاج وصنع الثروة بل إغلاق كل باب مفتوح واسدال الستارة على كل طاقة تنفذ منها شمس الفاعلية التي تقتل الروتين. إن لم تكن لدينا القدرة على بناء مضامير السباق نحو التنمية الصحيحة أفلا نستطيع على الأقل إزالة العراقيل؟ ثم لماذا هذه العلاقة غير الطبيعية بين المواطن والموظف؟ هل المواطن في خدمة الموظف أم أن الموظف في خدمة المواطن؟

ويقول اننا نستطيع في الوطن العربي أن نعطي أكثر مما نعطيه حالياً بكثير. نستطيع أن نبدع أكثر مما نبدع حالياً بكثير. نستطيع أن نسابق وأن نفوز. نحن في دبي لسنا عباقرة زماننا. ما نفعله هو ما نعتقد أنه الطبيعي والمنطقي في الأمور. لكن ربما كان الفرق أننا حين نقول إن ثروتنا الحقيقية هي أبناء وبنات الإمارات فنحن نقول ذلك بالفعل والممارسة.


أخطر قراراتي

في الفصل الخامس: «القرار وفريق العمل» يؤكد آل مكتوم ان اقوى شيء في العالم بالنسبة له هو القرار الصائب في الوقت الصائب. ويقول:

ان بعض القرارات سهل يأتي في سياق العمل ويستطيع أي مسؤول اتخاذه، لكن القائد يجب أن يكون مستعداً في أي لحظة لأخذ أصعب القرارات لتحقيق أهداف معينة خلال فترة زمنية قصيرة أو أحياناً بلا أي تأخير. لا أستطيع حصر القرارات الصعبة التي اتخذتها حتى الآن، وبعضها لا يدخل ضمن نطاق اهتمام هذا الكتاب لكن أستطيع أن أعرض مثالين:

خلال حرب الخليج الثانية عام 1991 اضطربت الأوضاع نتيجة القصف والصواريخ والطائرات الحربية فسحبت الشركات الدولية غطاء التأمين عن الملاحتين الجوية والبحرية فاتخذنا على الفور قراراً شجاعاً بالتأمين على خطوطنا الجوية والبحرية في وقت لم يستطع البعض توفير مثل هذا الغطاء واضطر آخرون إلى وقف نشاطهم. وهكذا استمرت خطوطنا الجوية في العمل كالمعتاد وصبّت كل البضائع في موانىء دبي ونُقلت منها إلى وجهاتها النهائية في الخليج واستفدنا من هذا القرار القوي استفادة كبيرة.

المثال الثاني تضمن الإعلان خلال معرض دبي للطيران في نوفمبر 2001 عن صفقة بقيمة 55 مليار درهم لشراء 58 طائرة ركاب لدعم أسطول طيران الإمارات. البعض آنذاك تساءل عن الحكمة من إبرام هذه الصفقة بعد شهرين من أحداث سبتمبر في نيويورك وما تبعها من انخفاض حاد في حركة السفر الجوية تسبّب في أزمة حادة لشركات الطيران في أوروبا وأمريكا وغيرهما وأدى إلى إفلاس بعضها. جوابي كان بأن الرؤية المستقبلية هي الدافع الأول، لأن الاستفادة من الصفقة في المستقبل ستكون عظيمة خصوصاً أن أسعار الطائرات التي سنحتاجها لاحقاً ستكون أعلى من السعر الذي دفعناه. أضف إلى ذلك أن الصفقة تعزز الثقة الدولية بشركة طيران الإمارات وتزيد قدرتها على استغلال ازدياد حركة السفر عندما ينتهي الركود العالمي، فمهما يَطُل الركود فلا بد أن ينتهي يوماً ولا بدّ أن يستأنف الناس الطيران مرة أخرى، لذا ليس من الحكمة في شيء أن نسمح للتطورات الطارئة بأن تؤثر في تخطيطنا البعيد المدى، ولذا لم نتردد في اتخاذ هذا القرار وكل ما حدث منذ ذلك الوقت لم يثبت فقط صواب القرار بل صواب توقيته أيضاً.

يضيف: بعض القرارات يأتي في إطار قرارات أشمل ورؤية أبعد بكثير. مثلاً عندما افتتحت طيران الإمارات خطاً مباشراً بين دبي وأوساكا قالت لي فوسايه أوهتا، حاكمة مدينة أوساكا، إن هذه الرحلات ستحقق طاقتها القصوى خلال وقت قصير فوافقتها وقلت إنني كنت متأكداً من هذا لأنني لم أضع في اعتباري ما سيحدث فور تسيير الخط بل ما سيحدث بعد سنة ونصف السنة من تشغيله.

ويتساءل هل تتضمن هذه القرارات المخاطرة؟

ويجيب: طبعاً. لكننا نعتبر أنفسنا أمناء على مصالح الناس وعلى خير البلد. وبما أن خير البلد هو خير الناس لا بدّ أن نفكر كأمناء في زيادة هذا الخير وتحسين معيشة الشعب وهذا يقتضي توخّي أقصى درجات الحرص. إن الأرباح الكبيرة في المخاطر الكبيرة، لكن هذا لا يعني أن يضرب القائد كل المعايير المطلوبة للوصول إلى القرار الصحيح عرض الحائط لذا نحن لا نأخذ المخاطر إلا بعد دراستها من كل الجوانب ونستبعد كل ما سوى ذلك من مخاطر مأخوذة على المجهول، لا يعرف أحد إلى أين ستجر تلك المخاطر الوطن والشعب والاقتصاد. ولكن ما كل القرارات واحدة ولا كل المخاطر واحدة، فهي على درجات ويتطلب كل واحد منها إيفاءه حقه من الدراسة والاستناد في اتخاذه إلى خطة متكاملة متضمنة الموضوع والمسؤول عن التنفيذ والجدول الزمني للتنفيذ والجهة المسؤولة عن المتابعة والبدائل المختلفة. هذا لا يعني أننا لا نرتكب الهفوات لكن الهفوات لم تكن في يوم من الأيام سبباً في فشل أي مشروع.


على ضفاف الخور

الجزء الثالث من الكتاب الذي جاء بعنوان: «التنمية في سبيل البقاء»، يضم أربعة فصول، اختار لها آل مكتوم العناوين التالية: «ضفاف الخور»، «التنقيب في العقول»، «الساسة والسياسة»، «الطاقة الايجابية والطاقة السلبية».

ففي سياق حديثه على ضفاف الخور يقول:

ذات يوم دخل موظف إلى الديوان وشكرني بكلمات خجولة قليلة على ترقيته إلى منصب نائب مدير إحدى الدوائر متمنياً أن يكون عند حسن الظن، ثم استأذن بالانصراف فأمسكت يده وأجلسته وقلت له: «محمد، لا تحسب أن ترقيتك جاءت صدفة فأنا أتابع عملك منذ أربع سنوات وأعرف عنك كل شيء».

استغرب الموظف وقال: «أنا؟ أنا لا شيء. أنا موظف من عشرات الآلاف من الموظفين مثلي» قلت له: «كنتَ هكذا لكن حدث ما جعلنا نهتم بك ونتابع أداءك» ازداد استغراب الموظف فالتفتُّ حولي وناديت على شاب اسمه معضد هو أحد أفراد فريق «المتسوقين السريين» طلبت منه أن يروي للحاضرين قصة الموظف.

وكان هذا الموظف لا يمكث في مكتبه طويلاً، وكثيراً ما ينزل إلى صالة المتعاملين وربما وجد مستثمراً كبير السن فساعده على إتمام الإجراءات ثم قدم له الشاي وأوصله إلى الباب، وربما استكمل أوراق متعامل آخر، أو فعل أكثر مما هو مطلوب منه. وكان من هؤلاء معضد الذي أعد تقريراً بما عاينه في الموظف من الكفاءة والمساعدة فأوصيت بمتابعة أحواله. ولما سمعت بعد أربع سنوات أنه قدم استقالته بعد الحصول على عرض مغر من القطاع الخاص قررت أن أقدم له عرضاً أكثر إغراءً فرفّعته من منصبه في الصف الثالث إلى منصب نائب المدير في قرار لم يأت مفاجأة له فقط بل لمديره ولجميع العاملين في الدائرة.

أحب المفاجآت وأحب أن ابشّر الناس دائماً بالخير الوفير والنجاح، وأتمنّى لو أستطيع الكشف عن مشروع متميز جديد كل يوم. هذا النوع من المشاريع يحتاج إلى متميزين. أريد الاعتماد على هؤلاء. ربما بدوت في بعض الأحيان أكثر حزماً مع القياديين الإداريين مما تتطلبه حالات بعينها لكن ليس لهم في قلبي سوى الشكر والتقدير على كل ما قدموه. بعض المشاريع التي نفذناها تطلبت إخضاع مديري الدوائر إلى دورات لإعادة التأهيل، والبعض الآخر تطلّب إعادة التنظيم والتخطيط، واستلزمت مشاريع غيرها قدراً كبيراً من منح الصلاحيات وكان التجاوب مع كل هذا جيداً.

يضيف: حاجاتنا تتغير باستمرار في عصر التغير المستمر، ومشاريعنا تتوسع وتتشعب وهذا يتطلب كوادر جديدة ودماً جديداً لا بدّ من توفيره لتحقيق أهدافنا. البعض يعتقد أنني أريد أكبر عدد ممكن من المتسابقين للاشتراك في سباق التميز ويعرض عليّ اللوائح. هؤلاء لم يفهموني جيداً بعد. هذا لا يضمن لي النجاح. الشيء الوحيد الذي يضمنه لي هو اشتراك أكبر عدد ممكن من السبّاقين المتميزين لأن سباق التميز يحتاج إلى المتميزين. أدوات الإبداع سلع موجودة في الأسواق نستطيع شراءها من أمريكا أو اليابان أو أوروبا لكن الإبداع ليس سلعة ولا الحماس كذلك. يجب أن نعثر على أصحابهما ونطورهم.


نريد باباً مفتوحاً

ويقدم آل مكتوم رؤية ادارية مغايرة لما تعودنا عليه عربيا ويقول: العادة في الإتكيت الرسمي كذلك أن يجتمع القائد إلى المدير العام للدائرة وراء باب مغلق ويتناقشا في سير العمل ثم يعود القائد إلى مكتبه. هذه ليست عادتي. المراقب المتمرّس سيكتشف أنه في كل دائرة أو شركة هناك دائماً موظف ديناميكي يريد أن يعمل كل شيء ويغير ويطور. نريد باباً مفتوحاً يقودنا إلى هؤلاء الموظفين القديرين العاملين بصمت مثل الجندي المجهول. مهما يكن المدير جيداً فإننا نريد أن نخرج من الصفوف الخلفيّة الثالثة والرابعة أصحاب المواهب والطاقات الواعدة. هؤلاء هم المخزون الطبيعي للطاقات البشرية التي نحتاجها، وهنا مخزون الإبداع والأفكار الكبيرة التي نحتاجها في الطريق إلى المستقبل بعد صقلها وإثرائها بالتدريب والخبرة.

هذه العملية ليست خبط عشواء وليست وليدة الساعة أو الصدفة أو المزاج. من كان مبدعاً قبل سنتين ربما لم يعد مبدعاً لسبب من الأسباب، ومن كان يعيش في عتمة الإنجاز ربما انتقل إلى نوره لسبب من الأسباب، لذا فإن متابعة أصحاب الصفوف الخلفية مهمة دقيقة تتطلب دراسة تقييمية منهجية مستمرة تعد بموجبها لوائح بالطاقات والمهارات: أصحاب القائمة «أ» يمكن أن يتولوا إدارة دائرة في وقت قصير. القائمة «ب» تضم من يمكن أن يقوم بالمهمة بعد سنتين، وهناك قوائم أخرى تتضمن من يصلح لقيادة فريق ومن يصلح لأن يكون عضواً فاعلاً في الفريق، ومن يحتاج إلى استمرار المتابعة.

في حديثه تحت عنوان «سباق الأمم والشعوب» يعيد آل مكتوم ماسبق ان اكده قبل خمس سنوات بأن طريق الريادة والنجاح لا يزال مفتوحاً أمام الجادين في المسيرة والراغبين في العطاء فهذه البداية، وما أنجزناه حتى اليوم لا يزيد على 10 في المائة من أهدافنا. ومنذ ذلك التاريخ أضفنا إلى الإنجازات السابقة الكثير وبدأنا عدداً مهماً من المشاريع الكبيرة ضمن رؤية تمتد حتى منتصف القرن الجاري لكن مازلت اعتقد أن ما حققناه حتى الآن لا يزيد على 10 في المائة من أهدافنا، وأننا لا نزال في بداية السباق الطويل.

ويقول عندما نتحدث عن المستقبل فنحن نتحدث عن التحديات. طموحاتنا كبيرة ونتوقع أن تكون التحديات التي سنواجهها بحجم الطموحات، وستتوقف قدرتنا على تجاوز تلك التحديات على العمل والتخطيط والاستعداد والتفاؤل والثقة بأنفسنا وبقدراتنا، وعلى أملنا الكبير بأننا نستطيع أن نصل إلى أهدافنا. التحديات الكبيرة هي التي تصنع الشعوب الكبيرة، وحين أنظر إلى الماضي ثم أعود وأنظر إلى المستقبل فأنا مقتنع في قرارة نفسي بأننا سنتغلب على تلك التحديات وسنحقق النجاح لأننا فعلنا هذا في الماضي وسنفعله في المستقبل.


التكيف بسرعة

ويؤكد ان أهم أسباب القوة التي يتمتع بها اتحاد الإمارات قدرته على قهر التحديات التي واجهته خلال أكثر من ثلاثين عاماً، والتكيف بسرعة مع مختلف المتغيرات. هناك عدد كبير من التحديات الماثلة في الطريق إلى المستقبل لذا يجب أن نتحرك على جبهات عدّة. يجب الاستمرار في تطوير التعليم وتنمية الكوادر البشرية وتعميق المشاركة الشعبية وتطوير المؤسسات البرلمانية التمثيلية ودعم الدور القيادي للقطاع الخاص وتفعيل القطاع العام وتعزيز الشفافية في كل القطاعات وتوسيع دائرة الحوافز الاستثمارية لتتعدى المناطق الحرة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتطوير برامج تمويل المشاريع الناشئة ومحاربة الفساد وتبسيط الإجراءات ومتابعة الإصرار على تقديم الجودة والامتياز في كل شيء.

ويؤكد إن التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية وتطوير مناخ الاستثمار وتحسين البنية التحتية والاهتمام بإصلاح التشريعات والأنظمة وتمتين الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتعرف إلى آراء الناس وإبراز دبي كمركز دولي للتميز والإبداع متطلبات أساسية لا تعرف النهاية ولا تتوقف عند حد، ويجب أن نستمر في دراسة أفضل الطرق لتحسينها وابتكار الحلول الجديدة لزيادة فعاليتها وجدواها وفوائدها.

ويقول: يوجد في مجتمعنا الكثير من المظاهر السلبية الصغيرة التي لا ننتبه إليها دائماً، لكنها تؤثر في مجموعها في الأداء سواء على مستوى الفرد أو الشركة أو المجتمع وينبغي التخلص منها بالسرعة الممكنة من خلال تشجيع السلوكيات الإيجابية وترسيخ الأمانة وتطوير الأداء لأن كل هذا سيؤدي إلى نتائج إيجابية على المدى الطويل ويحقق الاستغلال الأمثل للموارد ويُسهم في توفير البيئة التي تساعد على تعميق الامتياز والإبداع.


تفكير جديد
ويضيف: ان التغلب على تحديات قرن جديد في ألفية جديدة يتطلب تفكيراً جديداً وأساليب مبتكرة يمكن الاستفادة منها في تطوير المجتمع وتعجيل حركة التنمية، وهذا يقتضي التغيير. والتغيير يعني القبول بالجديد المفيد والاقتناع النهائي بأن القديم غير المفيد لم يعد مناسباً وآن أوان طرحه من العقول والممارسة. إنه يعني تغيير أنماط التفكير والقدرة على فهم اللغة التي يتحدث بها العالم، والقدرة على نقل رسالتنا وأهدافنا ومواقفنا بالوضوح والبساطة والصراحة التي تمكّن العالم من فهمنا وبالتالي تعميق التعاون بين الشعوب وإزالة مكامن سوء الفهم وإتاحة المجال لتوجيه كل الجهود إلى صنع التنمية. إن أهدافنا استراتيجية، وتخطيطنا استراتيجي، وتطلعاتنا استراتيجية لذا فإن التغيير، الذي نتحدث عنه يجب أن يكون بالضرورة تغييراً استراتيجياً يستجيب لكل ما تقدم ويتوافق معه.

ويضيف آل مكتوم: اكتسبنا خلال الثلاثين سنة الماضية خبرة واسعة في ابتكار الحلول للتغلب على المشاكل التي واجهتنا خلال عملية الانتقال بدبي إلى العصر الحديث وعلينا أن نكون مستعدين لمقارعة أدقّ هذه التحديات وأصعبها وأكثرها تعقيداً. هذا الاستعداد يتطلب منّا جميعاً النهوض بمسؤولياتنا وتوخي الواقعية في التحليل والقرار وفرز الحقائق عن الأوهام وتحديد الأهداف والاتجاه والأولويات بدقة تمهيداً لحشد الموارد اللازمة لتنفيذها. إذا تطلب الانتقال إلى هذه المرحلة العبور على جسر جديد آخر فيجب أن نكون مستعدين لقطعه في الوقت المناسب وبأسرع وقت. إذا تطلبت المراحل المقبلة أكثر من هذا فيجب أن نكون مستعدين لقطع عدّة جسور في آن واحد. يجب أن نكون مستعدين لتذليل المستحيلات ومصالحة الأضداد في أي وقت وفي أية مرحلة.

يختتم سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالقول اذا كان البعض يعتقد أن هذا ضرب من المعجزات فأود أن أذكّره بأن التحديات هي التي تصنع المعجزات.

ان كل متطلبات صنع التنمية العربية المتميزة موجودة اليوم وأنا واثق من صنعها ومن قدرة العرب على العطاء والإنجاز. هذه التنمية المتميزة كانت حلما في الماضي ثم تجسد الحلم في رؤية صنعت الدولة العربية الكبرى ثم انتكست الرؤية وعدنا إلى الحلم الأول وأعتقد أن هناك فرصة الآن لكي يفيق الحلم من غفوته ويصبح رؤية مرة أخرى رغم كل شيء.

والكتاب يتضمن مجموعتين من الصور الفوتوغرافية، تحكي في مجموعها قصة التنمية المتميزة في دبي. وتتضمن صوراً عامة تتصل بالكتاب، وأخرى شخصية تتصل بالكاتب،بعضها منشور للمرة الأولى.

تشاركت في نشر الكتاب دار «موتيفيت» للنشر، التي تولت مهمة نشره في دول مجلس التعاون الخليجي وأوروبا، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، التي تولت مهمة نشره وتوزيعه في الدول العربية.

الزمن القادم 21/05/2006 01:20 PM

كتاب: كاسرو العظام - القصة كما يرويها ضابط المخابرات الذي قاد الحصار .. كيف أفلت بن لادن من حصار تورا بورا ؟


تأليف: جاري برنتسن


القبائل الباكستانية المتعاطفة مع القاعدة دافعت عن بن لادن


واشنطن - أحمد محسن :


أحاطت قصص كثيرة بمعركة تورا بورا التي أعقبت الحرب الافغانية والتي حوصر فيها اسامة بن لادن ومساعدوه في ثنايا تلك الجبال التي تجعل من شرق افغانستان منطقة لا يسكنها بشر، وها هو ضابط المخابرات المركزية جاري برنتسن الذي قاد القوة الامريكية في هذه المواجهة التي ما تزال محلاً للجدل يكشف حقائق ما حدث، او بالأحرى قدراً كبيراً منها ذلك ان المخابرات المركزية عرقلت بعناد نشر كتاب برنتسن، وبعد شهور من المفاوضات الصعبة اجازت الوكالة نشر الكتاب الذي صدر بعنوان «كاسرو العظام» الهجوم على بن لادن والقاعدة ولكن بعد شطب الكثير من مقاطعة، واصر برنتسن ان يصدر الكتاب متضمناً المقاطع التي حذفتها الوكالة بعد أن وضع مكانها - لها طالت - اشارات متجاورة في دلالة على انها حذفت، واوضح في مقدمة كتابة انه فعل ذلك كاحتجاج مهذب على الشطب.

وواقع الأمر ان برنتسن هو واحد من قلائل ممن يستطيعون الحديث عن قصة مطاردة بن لادن، ذلك انه كان على رأس القوة التي طاردت زعيم القاعدة قبل احداث 11 سبتمبر، ثم انه كان على رأس المجموعة التي حاصرته في تورا بورا، وهي مجموعة اطلق عليها الاسم الحركي «كاسرو العظام» الذي استمد منه برنتسن اسم الكتاب.

والكتاب يحكي قصة برنتسن وعمله في الوكالة وكيف تحول من طالب فاشل إلى جندي محترف في سلاح الجو ثم إلى ضابط بالمخابرات المركزية، وما يعنينا في كتاب «كاسرو العظام» هو الاجزاء التي تتعلق بصفة خاصة بمطاردة بن لادن، وهي أجزاء تبدأ من مكالمة هاتفية.

في تلك المكالمة ابلغ برنتسن بأن القوات الامريكية ذاهبة إلى افغانستان وان عليه ان يتأهب لقيادة وحدة من القوات الخاصة التابعة للوكالة لإنجاز مهمة واحدة لخصها رئيسه المباشر المسؤول عن مكتب مكافحة الارهاب كوفو بلاك في كلمات قليلة «عليك احضار رأس بن لادن في صندوق مليء بالثلج لأن علي أن احملها إلي مكتب الرئيس في البيت الأبيض.

آنذاك لم يكن برنتسن يعلم انه سيجد نفسه على بعد كيلو مترات قليلة من بن لادن وصفوة قيادات القاعدة خلال رحلتهم المستحيلة عبر جبال تورا بورا إلى باكستان، ولم يكن يعلم أنه سيسمح بمرور الطعام والماء للمختفين في كهوف تورا بورا، ثم لم يكن يعلم ان البنتاجون سيخذله، وان بن لادن سيفلت وهو الذي قضى سنوات يطارد زعيم القاعدة في أرجاء العالم.

ذلك أن تلك لم تكن الواقعة الأولى التي تربط بين برنتسن وبن لادن على نحو ما، فهو يذكر في كتباه لحظة ان تلقى مكالمة هاتفية مشابهة ولكن في الرابعة والنصف صباحا في منزلة في ريستون بولاية فيرجينيا، وعلى الهاتف قالت له مساعدته قبل ان يفيق تماما من نومه «جاري.. لقد نسفوا سفارتينا في نيروبي ودار السلام». وكان الخبر كافياً لايقاظ برنتسن الذي سأل «هل هناك ضحايا؟» واجابت المساعدة «نعم» فقال «انا في الطريق».

وبعد قليل كان برنتسن في غرفة الأزمات بمبنى وكالة المخابرات المركزية في لانجلي جالساً مع حفنة من ضباط ادارة العمليات فيما كان قائد فرع مكافحة الارهاب الميداني جيف اوكونيل يتحدث مع البيت الابيض على الهاتف، وعلى الحائط كان هناك شاشة كبيرة ظهر فوقها البث الحي لشبكة سي. إن. إن مون موقعي الانفجار.

كان اوكونيل معروفاً بخبرته الواسعة بالشرق الأوسط، وباجادته اللغة العربية كأهلها، وقد التقى به برنتسن في مطلع عمله بالوكالة حين تمكن حزب الله من تفجير السفارة الامريكية في بيروت في 18 ابريل 1983 وفي الانفجار حسب قول المؤلف، قتل صفوة ضباط الوكالة المتخصصين في الشرق الأوسط، ولم يفلت الا واحد فقط تخلف عن الاجتماع الذي كان منعقداً وقت الانفجار الذي اودى بحاية 63 شخصاً.

وارسلت الوكالة مديراً جديدا لمكتبها في بيروت وهو ويليام بكلي الذي كان يعد شخصية اسطورية في المخابرات المركزية غير أن حزب الله اختطف بكلي مطالباً بالافراج عن مصطفى بدر الدين الذي كان معتقلاً في الكويت، وبدر الدين هو زوج شقيقة عماد مغنيه الذي كان بدوره ارهابياً اسطورياً في حزب الله، وعذب بكلي تعذيباً شديداً إلى أن مات، وكان الشاب جاري برنتسن يتعرف للمرة الاولى على طبيعة المهام التي سيواجهها في المهنة التي اختارها.

وتابع برنتسن اغلب من اجتمعوا في غرفة الازمات وفي تلك الساعة المبكرة كانوا قد فقدوا صديقاً او زميلاً في انفجار بيروت عام 1983، وقال اوكونيل: اعتقد أننا جميعاً نشعر بأن حزب الله له بصمات في هذا، مشيراً إلى شاشاة سي إن إن بعد أن خفض صوتها، واضاف: ولكن علينا ان نبقي عقولنا مفتوحة، وأخذ بعد ذلك يقرأ مقاطع مختارة من التقرير النهائي عن تفجير في الظهران بالمملكة العربية السعودية عام 1996 وكان التقرير يشير إلي أن حزب الله والحكومة الايرانية «يقفان خلف الهجوم».

بعد ذلك ووسط الانطباع الأول بأن حزب الله هو المشتبه الاول في قيامه بالهجوم - قال اوكونيل: جاري، ستقود انت فريق الانتشار الطارئ في دار السلام، وتيد «نائب جاري» سيقود الفريق في نيروبي، إن كلا منكما يفهم جيداً حزب الله، ولكنني سأترك كل الاحتمالات المفتوحة اذ سوف اعطي كل منكما ضابطاً من قسم متابعة بن لادن في حالة ما اذا كان بن لادن قد قرر ان يضرب ضربات كبيرة.. اي اذا ما كان هو الفاعل».

كان برنتسن قد التقى بيكلي في مطلع عمله بالوكالة عام 1983، حيث تلقى تدريباً مباشراً منه، ويقول في ذلك «كنت اشعر ان الفرصة قد أتت لتصفية هذا الحساب القديم، فقد كنا جميعاً نفترض في البداية ان حزب الله هو الذي فجر السفارتين في افريقيا، إلا أن مهمتي تلك ادت إلى أمر آخر، ذلك هو التشابك بين طريقينا، بن لادن وانا».

كان ذلك عام 1998، اي خلال ادارة بيل كلينتون التي يوجه لها برنتسن انتقادات حادة واصفا حالة الفوضى التي ادت إليها قرارات خفض عدد الضباط العاملين في فرع العمليات الخاصة، ان الضباط الميدانيين الذين يقومون بمهام سرية ذات طابع عملي، ويخص المؤلف بالنقد مدير الوكالة خلال فترة رئاسة كلينتون جون دويتش ونائبه جورج تينت الذي تولى المنصب بعد مغادرة دويتش.

ويقول برنتسن إن المهم بالنسبة لدويتش ثم بعد ذلك لتينت كان المعادلات السياسية لواشنطن ومناورات الكونجرس والادارة، ويضيف «كنت اراقب باحباط كامل ترقبه الضباط العاملين في مواقع ادارية لانهم على علاقة طيبة بالطابق السابع، اي طابق ادارة الوكالة، وتجاوز الضباط الميدانيين الذين يواجهون الاخطار العملية، كان وضع الوكالة «انذاك محزناً».

وعند وصول برنتسن إلى دار السلام اكتشف ان مدير المحطة كان يقضي عطلة في الشرق الأوسط، وانه لم يعد بعد من عطلته، فضلاً عن ذلك فقد كان مدير المحطة ضابط تحليلات وليس ضابط عمليات، ويقول برنتسن انه شعر بالصدمة لإن ذلك «يشبه وضع عمدة مدينة في موقع المسؤولية على حاملة طائرات» اي ان ضابط التحليلات ليس له ولا ينبغي ان يكون له في رأي المؤلف، اي علاقة بادارة محطة مهمتها الأولى جمع المعلومات وليس تحليلها.

ولم تسفر مهمة برنتسن عن نتائج جوهرية الا الحصول على دلائل قاطعة بأن المسؤول عن التفجيرات كان بن لادن ومنظمته وليس حزب الله، والا وضع القاعدة تحت مجهر الوكالة، ومن ثم «نقل» برنتسن إلى باكستان بعد فترة وجيزة، الا ان اسلوبه الذي يتسم بقدر من العنف ادى إلى حدوث صدام بينه وبين رئيس محطة الوكالة في باكتسان مما اسفر عن اعادته لواشنطن، ثم ارساله إلى امريكا اللاتينية.

وما لبث هذا «الضابط المشكلة» ان تلقى المكالمة الهاتفية التي توقعها بعد احداث 11 سبتمبر، فعاد إلى واشنطن، ومنها إلى افغانستان التي وصلها في اكتوبر 2001، لتبدأ بعد ذلك مطاردة القاعدة وقياداتها، وصولا إلي حصار بن لادن في تورا بورا.

عاصر برنتسن سقوط كابول في نوفمبر من ذلك العام، غير انه لا يكشف اي معلومات عما كان يفعله في افغانستان قبل سقوط كابل، وفي كل الاحوال فان سقوط كابل ادى إلى فرار بن لادن الذي كان يعيش انذاك في مدينة جلال آباد حيث وصل إلى محافظة نانجهار في جنوب شرقي افغانستان، ويقول المؤلف في ذلك وصل بن لادن ومعه نحو الف شخص من قيادات القاعدة إلى نانجهار ومنها إلى جبال تورا بورا، وبدا واضحاً انه يحاول اما البقاء في تلك الجبال الوعرة التي يكسوها الجليد، واما ان يتقدم نحو مناطق القبائل في باكستان، وفي كل الاحوال فقد قررت التحرك بسرعة لحصاره في تورا بورا ثم القضاء عليه وعلى رجاله».

وطبقاً لما يقول المؤلف فإن بن لادن نشر قوة من المقاتلين تتشكل اساسا من الشيشان لحماية خطوط الاتصال بينه وبين انصاره ممن بقوا في جلال آباد وكانوا اساساً من الافغان والباكستانيين وبعض العرب، وذلك للحفاظ على امداداته من الطعام والماء، وارسل برنتسن فريقاً استطلاعياً من 9 من ضباط الوكالة إلى نانجهار حيث نظم تحركهم احد زعماء القبائل المتعاونين مع الوكالة.

ويقول برنتسن «لم يكن هذا الزعيم القبلي من تحالف الشمال، وانما كان زعيم حرب، اذ كان لديه ميليشيا مسلمة من ابناء قبيلته، وذهبت بعد ذلك إلى نقطة لا تبعد كثيراً عن جلال اباد مع المجموعة المكلفة بقتل بن لادن، وكان عدد افراد هذه المجموعة لا يزيد عن 52 رجلا، منهم 40 من قسم العمليات الخاصة في الوكالة، ونحو 12 من القوات الخاصة التابعة للبنتاجون، وسرعان ما تبين ان الخصوم يفوقوننا عدداً بنسبة كبيرة رغم ذلك فقد قررنا التقدم نحو تورا بورا اعتماداً على المعلومات - التي تبين بعد ذلك انها كانت دقيقة - التي حصلنا عليها حول المسار الذي سلكه بن لادن ورجاله».

كان برنتسن يوزع رجاله فوق القسم الذي يحيط بالمواقع التي يشتبه وجود رجال القاعدة فيها، وفي نهاية اليوم تلقى رسالة باللاسلكي تفيد بأن فريقاً من اربعة من رجاله ونحو عشرة من رجال القبائل رصدوا الموقع الذي يوجد به زعيم القاعدة واتباعه، ويقول برنتسن ان قلبه اخذ يخفق بشدة وطلب من المجموعة التأكد بما لايدع مجالا للشك بأن «الهدف» يتواجد في الموقع الذي حدده، واستخدم رجال الوكالة اجهزة الرصد الحراري والرؤية الليلية، وجاء الرد بالايجابي.

اصدر برنتسن انذاك أمراً بتسليط شعاع من اشعة الليزر على الموقف، واتصل بقيادة القوات في افغانستان حيث طلبت «تدخلاً ثقيلاً» من سلاح الجو لقصف تلك المواقع، ويقول المؤلف ان الطلعات الجوية» بدأت ولم تتوقف «حسب قوله، اي ان سلاح الجو ارسل طلعات لا حصر لها حيث تم قصف المنطقة بكافة انواع القنابل المتاحة، لاسيما تلك المتخصصة لتديمر الكهوف.

ويقول برنتسن انه بدأ يرسل رجاله بصحبة ابناء القبائل المتعاونة إلى مواقع مختارة يمكن منها رصد ما يحدث، ويضيف: «كانت خطوط الحراسة الامامية لبن لادن قد تهاوت تحت ثقل الضربات الجوية» اذ قتل عدد كبير من المجموعة التي كانت ترافق زعيم القاعدة وعثرنا خلال تمشيط تلك المنطقة على جثة احد افراد المجموعة وكان ممسكاً بجهاز اتصال لاسلكي يبث بصورة دائمه، وامسك بالجهاز واحد من رجالنا وكان يجيد التحدث باللغة العربية واخذ يترجم ما يقال، وذهل الجميع حين تبين ان من يتحدث هو بن لادن نفسه، كان يشد من اذر رجاله بل انه اخذ يعتذر عن الزج بهم في مواقع يطالها القصف العنيف لطائراتنا، وبدا ان هذا القصف كان يحدث اثراً مؤلماً في صفوف جماعة القاعدة».

واوضح المؤلف جانباً آخر من صورة تلك اللحظات الدرامية حيث قال إنه كان يحمل حقيبة كبيرة بها 11 مليون دولار على هيئة عملات ورقية، وانه كان يوزع الاموال على قيادات القبائل في المنطقة لشراء تعاونهم، وفي نهاية المهمة كانت حقيبة برنتسن قد فرغت تماماً.

بعد ذلك ينتقل برنتسن إلى النقطة التي اثارت لغطاً كبيراً حول كتابه، اذ يقول انه بدا واضحا ان مجموعة القاعدة الهاربة تسعى إلى شق طريقها نحو باكستان، ويوضح ذلك بقوله «سمحنا في البداية بمرور الطعام من جلال اباد إلى تورا بورا قبل بدء القصف الجوي لان ذلك ساعدنا في تحديد اماكن المجموعة الفارة.

بعد ذلك احكمنا الحصار إلا من ناحية باكستان، ذلك أنه لم يكن يوجد عدد كاف من الرجال للتقدم بهدف قطع الطريق، فقد كان الفارق العددي بينهم وبيننا كبيراً، وارسلت الرسالة الأولى العاجلة إلى قيادتي في لانجلي باتخاذ اللازم لارسال 800 من رجال قوات ال« رينجز» المتخصصة في قتال الجبال، وبعد ساعات مرت كالدهر جاءني الرد مقتضباً: لا يمكن ارسال هذه القوات.. تصرف».

ولكن لماذا لم يكن ارسال الـ 800 جندي، برنتسن يقول إن مدير محطة المخابرات المركزية في باكستان قال إن ذلك سيسبب ازمة مع حكومة اسلام اباد وسيستفز قبائل المنطقة التي تعيش على الحدود وتمتد بين البلدين، اما الجنرال توم فرانكس الذي قاد الحرب الافغانية فقد انكر لاحقاً انه كان لدى القوات الامريكية اي تحديد دقيق لمكان وجود بن لادن.

ويرد برنتسن على ذلك بقوله إن فرانكس «امريكي عظيم ولكنه لم يكن على الارض هناك» من كان على الارض هو أنا».

وعاد برنتسن إلى ارسال النداءات بارسال القوات، وهو يقول في هذا كنا نتابع تقدم قوات القاعدة بين الدروب الجبلية والكهوف، وكانت القارات الجوية غير كافية لوقف هذا الهروب الكبير ولكنها كانت تعرقله بعض الشيء، وبدا أن من المستحيل وقف الهروب، بدون الاستعانة بقوات ارضية، ولكن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد والجنرال تومي فرانكس تمسكا بعدم ارسال قوات وشعرت مع رجالي بحالة هائلة من الغضب، بل ان واحداً منهم اخذ يطلق النار في الهواء في نوبة غضب عارم».

ويضيف رأينا بن لادن ورجاله يهربون إلى الاراضي الباكستانية وتم ذلك امام أعيينا، ولم نتمكن من وقف الهروب، لقد كان بالامكان انهاء هذه القصة بأكملها هناك، في تورا بورا، لو ارسلوا 800 جندي فقط، إلا أنهم تركوه يهرب».

الزمن القادم 22/05/2006 08:35 AM

القبس الكويتية
الانتخابات 29 يونيو.. الدوائر 25.. الناخبون 490 ألفا
الأمير: أجبرت نفسيا على الحل.. ولم أنم أمس

22/05/2006 كتب وليد النصف:

'لم أنم أمس. وأجبرت نفسيا على حل مجلس الأمة. فالإخوان نسوا المشاكل، ولم ينتبهوا لما حولنا، لقد غابت العقلانية والحكمة. فكان لزاما علي ان اتخذ قرارا صعبا ما كان بودي أن أتخذه'.
هكذا خاطب سمو أمير البلاد الكويتيين مرتين أمس: الأولى مباشرة والثانية عبر رؤساء التحرير، موضحا الأسباب التي جعلت سموه يصدر مرسوما بحل مجلس الأمة للمرة الثانية دستوريا منذ بدء الحياة البرلمانية في الكويت، كما حدد الانتخابات المقبلة في 29 يونيو المقبل على اساس الدوائر الحالية، (25 دائرة)، ويشارك فيها 490064 ناخبا (رجالا ونساء).
وقال سموه لرؤساء التحرير 'يمكن أن تكون الحكومة على خطأ، وربما الآخرون على خطأ. لكنني لم أكن أتصور أن تصل الأمور إلى هذا الحد.. أريد أن يلتقط الناس أنفاسهم. لا نريد النقاش في الشارع. نريد أن تتحاور السلطتان التشريعية والتنفيذية تحت قبة البرلمان'.
مع رؤساء التحرير
وفي لقائه مع رؤساء التحرير أوضح سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أنه أجبر نفسه على حل مجلس الأمة كخطوة من أجل أن يتمكن الجميع من التقاط أنفاسهم، 'بعدما كبر الكلام وامتلأت به القنوات الفضائية'، مشيرا الى امكانية ان تكون الحكومة مخطئة او ان يكون الآخرون مخطئين، ولكن هذا 'لا يعني ان تتحول الاجتماعات البرلمانية الى خارج البرلمان، وأن ينحرق بلدنا'.
وقال سموه في لقاء مع رؤساء تحرير الصحف المحلية ان الإخوة نسوا المشاكل والحرب والاحتلال والأخطار التي تحيط بنا من كل جانب، وركزوا على تقليص الدوائر إلى خمس أو عشر، موضحا أن في البلد نعما كثيرة وحباه الله بالنفط، ولكن النعمة الأكبر أن أهله طيبون، والدليل 'ان ما فيه دولة' حررت في سبعة أشهر.
وقال سموه انه لم يتوقع ان تصل الامور الى ما وصلت اليه 'لكن أرد وأقول لنأخذ نفس راحة شوي لأن الخليج قلق على الأوضاع اللي عندنا ويسألنا'.
واضاف سموه 'أنتم كصحف عليكم مسؤولية الكلمة الطيبة ومهمة، وللأسف الناس نسوا الكلمة الطيبة منهم رجال كبار ومنهم قضاة، لذلك انتم مسؤولون امام الله والوطن وأمامي كأمير'.
وتابع سموه 'بلدنا حرام ينحرق، وأوجه كلامي من أخ لإخوانه، كل شيء توقف.. المشاريع توقفت.. لا يمكن تطوير ثروتنا النفطية بدون الاستعانة بالخبرات الأجنبية، يجب استبعاد الشك في هذه النقطة.. أنا مؤمن بالديموقراطية مثل بعض اعضاء مجلس الأمة ويمكن أكثر، والديموقراطية محاورة وليست شتما، ماتعودنا بالكويت على مثل هذا الوضع، كنا نتخاصم ولا نغلط على بعض، حتى ساحة الانترنت تحولت الى ساحة للاتهامات'.
وقال سموه 'الامور ما كانت يجب ان تصل الى هذا الحد، ولو طالبين موعد وجاييني كان انحلت الامور'.
واعرب سموه عن استغرابه ان يقول احدهم 'ثورة حتى النصر'، مشيرا الى ان موضوع الدوائر في المحكمة الدستورية.
وقال سموه 'ما اقلقني هو احتلال المنصة في مجلس الامة، وأن يستخدم مايكروفون المجلس من اجل الطلب من الناس عدم الخروج، وان يجلسوا في اماكنهم'، مشيرا الى ان 'الديموقراطية ستبقى ديموقراطية الرأي والرأي الآخر.. للأسف انس الرشيد فقدناه بسبب الدوائر، من يستفيد من الحل وانا لا ادخل في النوايا.. نحن نريد التهدئة، وهناك نقطة واضحة بأننا ما نزلنا قوى الامن، وان شاء الله ما نضطر ننزلها'.
واشار سموه الى ان الامور كان يمكن الا تتطور لو بادر النواب المحتجون الى مقابلته، واستدعاء الحكومة والجلوس معا للوصول الى حل.
ردود فعل
اما مرسوم الحل فقد اشار الى عدة اسباب وفقا للمادة 107 ابرزها ان 'تشتت الرأي وانقسامه داخل مجلس الامة وتقاذف الاتهامات ادت الى تعطيل اعماله واثارة الفتن بين اطياف المجتمع، وتشويه الحوار الوطني والاضرار بالمصالح العليا للبلاد.
وبحل مجلس الامة، يكون المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد منذ فترة مفترقا جديدا كرس فشل الاسلوب الحكومي السيئ في التعاطي مع ملف الدوائر، ودون ان تكون هناك مؤشرات في ان الانتخابات التي حدد لها يوم الخميس التاسع والعشرون من يونيو المقبل ستحمل مخرجا حقيقيا لهذا المأزق المتمثل في ارتباك الحكومة وترددها وتخبطها في مسألة تعديل الدوائر الانتخابية الذي بات الكويتيون يعتبرونه المدخل الحقيقي لاي اصلاح سياسي واقتصادي.
فقد اكد مشاري العنجري نائب رئيس مجلس الامة 'ان قضية تعديل الدوائر يجب ان تبقى قائمة،ويعمل على تحقيقها في المجلس المقبل لانها الطريق الى الاصلاح'.
ووصف النائب احمد السعدون الحكومة بأنها 'مختطفة من قوة لا تريد ابدا لهذا البلد ان تكون فيه اصلاحات'.
واكد الناطق باسم الكتلة الاسلامية النائب محمد البصيري 'ان حملة نواب كتلة ال29 ستستمر وستكون تحت مظلة مؤتمر وطني، وان قضية الدوائر مسألة اصلاحية ولا رجعة عنها'.
وحذر الحكومة من تعديل النظام الانتخابي في غياب مجلس الامة.

مباريات كأس العالم
داعب سموه رؤساء التحرير بالتطرق الى مباريات كأس العالم قائلا 'يمكن متابعة مباريات كأس العالم ترطب الجو خلال الحملات الانتخابية'.

التقسيمة المرغوبة
رد سموه على بعض الاسئلة حول التقسيمة الافضل والمرغوبة من المطالبين بتقليص الدوائر الانتخابية، وفيما اذا كان بالامكان ان تكون دائرة واحدة بالقول 'خمس موراضين يرضون بوحدة؟'.

الزمن القادم 22/05/2006 08:51 AM

ابن خلدون بعد ستة قرون
2006/05/22

في هذا العام 2006 تكون قد مرت ستة قرون كاملة علي وفاة عبد الرحمن بن خلدون، ذلك العبقري الفذ الذي اكتشف بالهام عجيب النظام الذي عاشت في ظله كل الأمم التي استوطنت الصحراء الكبري، و ما يعرف بالشرق الأوسط، وشمال افريقيا، وأيضا في وسط آسيا، وهي الأمم الوحيدة في العالم التي لم تتمكن من طرد القبلية خارج تاريخها، ولم تستطع حتي الآن ارسال الطاغية الشرقي الي جحيمه التاريخي، وحتي الآن لا تستطيع هذه الأمم من التحول الي الحداثة بكل مفاهيمها السياسية والثقافية والاجتماعية والعلمية.
ليست عبقرية أبن خلدون هي التي طفت علي سطح التاريخ وتمكنت من الابحار من القرن الرابع عشر حتي مطلع القرن الحالي، وانما الانغلاق الشديد للنظام الذي درسه ابن خلدون في مقدمته الشهيرة هو الذي تمكن من مراوغة التاريخ، والانبعاث من الرماد مثل طائر الفينيق، حتي كارل ماركس الذي جاء بعد ابن خلدون بخمسة قرون تحاشي دراسة هذا النظام الغريب، ولم يجد له مكانا في نظريته، فأطلق عليه اسم الاستبداد الشرقي وابتدأ من النظام الاقطاعي.
في النظام المغلق تظهر الدول وتختفي بنفس الطريقة التي وصفها ابن خلدون، وذلك بتحالف بين الدعوة الدينية والعصبية القبلية.الدعوة الدينية مهمتها تحويل الولاء القبلي الي ولاء أكثر سموا، فمن المستحيل توحيد قبائل متصارعة دون تحويل وجهتهم الي السماء .هكذا فعل اخناتون الذي كان أول من نادي بالتوحيد، وعبادة اله واحد، والذي في عهده توحدت مصر التي عاشت مقسمة قبله بزمن طويل، ولهذا تميزت كل الديانات التي ظهرت في المنطقة بعقيدة التوحيد ثم اختلفت في التفاصيل الأخري، بينما لم تتوقف الديانات التي ظهرت في بيئات أخري أمام مبدأ التوحيد طويلا.
ووفقا لما لاحظه ابن خلدون فان هذا النظام يدور في حلقة مغلقة، ففي كل مرة تصل فيها موجة جديدة من الصحراء، وتتمكن من اسقاط الدولة المركزية، فانها تبدأ بتدمير كل شيء، ثم تشرع في اعادة بناء ما تم هدمه، وخلال خمسة أجيال تتحول الموجة الجديدة الي الحضارة والعمران، وتتلاشي عصبيتها، وعندها تكون موجة أخري قد انتهت من بناء دعوتها الدينية حول قبيلة مركزية، فتأتي مثل ريح عاصف وتدمر كل شيء، وهذا بالضبط ما حدث مع كل الدول التي ظهرت في المنطقة، ويتساوي في هذا العرب والأمازيغ والنوبيين، والأفارقة شمال الصحراء، والأكراد والترك، وشعوب آسيا الوسطي بما في ذلك المغول، وبالتالي فان هذا النظام ليس له القدرة علي الاستفادة من التراكم كما حدث في أوروبا، فكل ما تبنيه وتشيده احدي الدول يكون عرضة للدمار والهدم علي يد الدولة التي ستعقبها.

عمر الكدي
القدس العربي

الزمن القادم 23/05/2006 01:49 PM

مع سورية وضدها


عبد الباري عطوان

تتناسخ القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي ضد سورية بشكل لافت للنظر هذه الايام، وبات يصعب علي المرء حفظ ارقامها، ناهيك عن مضامينها، وكأن هذه المنظمة الدولية تأسست من اجل فرض العقوبات علي العرب دون غيرهم، وإلحاق اكبر قدر من الاذي بشعوبهم قبل انظمتهم.
نفهم ان يصدر مجلس الامن الدولي قرارات بفرض الحرب ضد دولة غزت اخري، ولكن ان يصدر قرارا باجبار دولة علي اقامة علاقات وترسيم الحدود مع دولة اخري، فهذا هو قمة الاستفزاز، والاستخدام المفرط للمنظمة الدولية في امور لا تحفظ السلم والامن العالميين، بل وتؤدي الي صدام الحضارات، وتفجير الحروب، واتساع دوائر العنف والارهاب.
نحن لا نتحدث بلغة الالغاز، وانما نشير الي قرار مجلس الامن الدولي الذي اخذ رقم 1680 وصدر يوم الاربعاء الماضي وحث سورية علي تبادل التمثيل الدبلوماسي مع لبنان وترسيم الحدود المشتركة.
فهذه هي المرة الاولي التي تتدخل فيها الامم المتحدة ومجلس امنها لفرض اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وبين دولتين عربيتين علي وجه التحديد.
ولن نفاجأ ان يجري تطوير هذه السابقة، او البناء عليها، في المستقبل القريب، بمطالبة جميع الدول العربية بتبادل دبلوماسي كامل مع الدولة العبرية. لان قرار اقامة العلاقات الدبلوماسية لم يعد قرارا سياديا، مثلما كنا نعتقد سابقا، وانما قرار دولي تفرضه الولايات المتحدة علي من تشاء، وفي اي وقت تشاء.
المعيار واضح، وهو مدي اقتراب الدول من المخططات الامريكية في الهيمنة، او الابتعاد عنها، ولا نقول معارضتها او التصدي لها، لانه لا يجرؤ اي نظام رسمي عربي علي هذه المعارضة ولو بقلبه، ناهيك عن لسانه.
فعندما كانت القوات السورية تنتشر في لبنان من اقصاه الي اقصاه، جاءتها مباركة واشنطن، مقترنة بكل انواع الاطراء والمديح، والسبب بسيط وهو صمت حكومة دمشق الايجابي علي وجود نصف مليون جندي امريكي علي ارض الجزيرة العربية لـ تحرير الكويت، ولكن عندما رفضت الحكومة السورية المشاركة في حرب تدمير العراق الاخيرة، وتسخير اجهزة مخابراتها في التجسس علي المقاومة العراقية ومطاردتها بطريقة بشعة مفضوحة، جري اجبارها، ومن خلال قرار من مجلس الامن نفسه، علي سحب قواتها بطريقة مهينة من لبنان، والآن تطالب بالتبادل الدبلوماسي معه بقرار دولي.
لا نستطيع ان نتكهن بمضمون قرار مجلس الامن المقبل ضد سورية، ولا بالرقم الذي سيحمله، ولكنه قادم لا محالة، هو وغيره، وقد يضع حزمة من المواصفات حول كيفية اختيار السفراء السوريين، ولون بشرتهم او عيونهم، والدول التي يجب ان يتمركزوا فيها، والسيارات التي يسمح لهم باقتنائها، وربما نوعية الملابس، داخلية كانت او خارجية.
سورية مستهدفة من قبل القوة الاعظم في التاريخ، لانها الوحيدة التي بقيت في المنطقة العربية، تقول لا للغطرسة الامريكية، وتفتح ابواب عاصمتها لحركات المقاومة الاسلامية، ولا تحاضر علي وزير خارجية حماس اثناء زيارته لها حول فضائل الاعتراف بالدولة العبرية، وتطبيع العلاقات معها، والقبول باتفاقات اوسلو، وادانة العمليات الفدائية.
نحن مع سورية في رفضها لهذا القرار الدولي المهين، مثلما نحن معها في كل مواقفها الرافضة للهيمنة الامريكية، ومشاريع الرئيس بوش الإذلالية للعرب والمسلمين، ودعم المقاومة الفلسطينية بكل الوان طيفها، والتمسك بسيادتها الكاملة في مسألة تبادل العلاقات الدبلوماسية مع اي دولة كانت، لبنان او غيره. ولكننا لسنا معها في حملة الاعتقالات التي شنتها ضد بعض رموز المجتمع المدني الذين وقعوا وثيقة مع زملائهم اللبنانيين تطالب بتصويب العلاقة، وتبادل السفراء بين الدولتين الجارتين.
فالذين وقعوا علي اعلان بيروت دمشق لم يرتكبوا اثما عندما طالبوا باحترام وتمتين سيادة واستقلال البلدين في اطار علاقات ممأسسة وشفافة تخدم مصالح الشعبين وتعزز مواجهتهما المشتركة للعدوانية الاسرائيلية ومحاولة الهيمنة الامريكية. فجميع هؤلاء، من امثال رياض الترك، وميشيل كيلو، وحسن عبد العظيم، وانور البني وصدر الدين البيانوني، من الشخصيات الوطنية السورية التي رفضت ان تكون ادوات في ايدي رجال المخابرات الامريكية لتخريب بلدها وتمزيق وحدته الوطنية والترابية.
مشكلة النظام السوري الاساسية انه يفكر بعقله الامني، وليس بالحس السياسي، ولهذا يواصل مسلسل اخطائه، وهي اخطاء غالبا ما يتراجع عنها في مرحلة لاحقة ولكن بعد فوات الأوان.
فعندما كان الناصحون المخلصون يطالبونه بالانسحاب الفوري وغير المشروط من لبنان، لتفويت الفرصة علي المشاريع الامريكية في هذا الاطار، كانت الاتهامات جاهزة بالخيانة والعمالة لهؤلاء. وانسحبت القوات السورية في بضعة اسابيع، وبقي الناصحون انفسهم في خانة الخيانة والعمالة.
في زمن الاستهدافات الاجنبية، يفترض ان تلجأ الحكومات الي جبهتها الداخلية لتعزيز تماسكها وتلاحمها، ومنع اي اختراق لها، وبما يؤدي الي ترسيخ الصمود، وتصليب حصون الدفاع والمواجهة، ولكن من المؤسف ان الحكومة السورية تفعل عكس ذلك تماما، فتضيف لنفسها عزلة داخلية الي جانب عزلتها الخارجية المتصاعدة.
فماذا يضير النظام السوري لو بقي هؤلاء طلقاء لمدة ستة اشهر او عام حتي تتضح طبيعة المؤامرة، خاصة ان هؤلاء ليسوا قادة فرق او الوية في الجيش السوري، وبالكاد يملكون لقمة العيش او ثمن علبة السجائر التي يدخنونها في المقاهي طوال يومهم.
النظام السوري بحاجة الي من ينقذه من نفسه، قبل انقاذه من الاستهداف الامريكي. انقاذه من عقلية الحرب الباردة التي ما زالت تعشش في اوساط بعض قادة الاجهزة الامنية الذين يشكلون العصب الاساسي في دائرة سلطة القرار في البلاد.
نكرر مرة اخري بان العرب جميعا، والشرفاء منهم علي وجه الخصوص، وهم الغالبية الساحقة، يقفون في الخندق السوري في مواجهة الهجمة الامريكية، لانهم يكرهون من تحبه امريكا، ويحبون من تكرهه، وبوصلتهم دائما صحيحة. ولكن المطلوب من النظام ان لا يحرج اصدقاءه، والمتعاطفين معه، بالإقدام علي سياسات تذكر بالقمع ومصادرة الحريات لأناس لا يقلون وطنية وحبا لبلادهم عنه، ان لم يكونوا اكثر.

الزمن القادم 24/05/2006 08:19 AM

موسم "الحج" إلى البيت الأبيض .............. صلاح الدين حافظ
الخليج الاماراتية

بدأ موسم السعي للحج إلى البيت الأبيض الأمريكي، في تسابق غريب تتميز به منطقتنا، ربما بحكم ما تزدحم به من المشكلات والصراعات، وكذلك المصالح الاستراتيجية الأمريكية الحيوية، والمزاحمات العربية خصوصاً للالتحاق بالولايات المتحدة، حليفاً وصديقاً، أو حامياً وضامناً.

ولقد بات معروفاً للعامة، أن الهيمنة الأمريكية على المنطقة، أصبحت شاملة كاملة، بعد أن دخل الكل بيت الطاعة والانصياع لهذه القوة العظمى الجبارة، التي ترفع شعاراً وحيداً، هو من ليس معنا فهو ضدنا، من ليس حليفنا فهو بالضرورة عدونا.

وفي ظل هذه الهيمنة الشاملة الكاملة، لم تعد أمريكا هي التي تسعى وتشقى وتبذل كل المجهود، لاسترضاء دولنا، لتكسب صداقتها وتحالفها، ولكن الذي يحدث هو العكس، حيث نسعى نحن بقضنا وقضيضنا، لاسترضاء أمريكا، وطلب الرضا السامي، والحج موسمياً إلى البيت الأبيض، بينما ساكنه يترفع ويتعالى، يرفض طلب الزيارة ومسعى الحج أحياناً، ويتمنع ويتباطأ في الموافقة والاستقبال أحياناً أخرى، وفي الحالين هو صاحب الأمر والنهي، المعتلي وحده عرش الاستعلاء والاستغناء.

الاستثناء الوحيد، يتعلق بالضرورة ب “إسرائيل”، التي هي في وضع استثنائي بالمنطقة العربية من ناحية، وفي وضع استثنائي عند أمريكا من ناحية أخرى، لأسباب تاريخية ودينية، وسياسية استراتيجية معروفة، ربطت بين الدولتين أمريكا و”إسرائيل”، برباط مقدس، رغم تغير الظروف والصراعات والرؤساء والمسؤولين هنا وهناك.

ولقد صار من التقاليد الأمريكية “الإسرائيلية” الراسخة والمتوارثة، أن يبادر رئيس الوزراء “الإسرائيلي” الجديد، إلى الحج إلى البيت الأبيض الأمريكي، مثلما يبادر أي رئيس أمريكي جديد فور انتخابه، بتأكيد ما أصبح يعرف في الأدبيات السياسية “بالعلاقات الاستراتيجية بين أقوى حليفين، أمريكا و”إسرائيل””.. لا يستطيع أحد أن يشذ عن القاعدة وإلا.

بالأمس، الثلاثاء، التقى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، في البيت الأبيض بواشنطن، بإيهود أولمرت رئيس الوزراء “الإسرائيلي” الجديد، في أول “طلعة” خارجية له، لأن هذا هو التقليد الراسخ، واليوم، الأربعاء، يعقد الكونجرس الأمريكي، بمجلسيه النواب والشيوخ، اجتماعاً مشتركاً لاستقبال أولمرت والترحيب به، والاستماع إلى خطابه السياسي الافتتاحي، التالي مباشرة لخطابه في الكنيست، بعد تشكيل حكومته الائتلافية، وبالمناسبة فإن مثل هذه الاحتفالية المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين، لا تحدث كثيراً، إلا لأقرب الأصدقاء والحلفاء، من عينة توني بلير وشارون ونتنياهو، في حين أننا لا نذكر أن ذلك قد حدث مع أي زعيم عربي، مهما علا شأنه، ومهما كانت علاقات تحالفه مع الصديق الأمريكي.

* * *

وقد يتصور البعض، أن هذه مجرد شكليات بروتوكولية، لكننا نثق أن ما يجري للقادة “الإسرائيليين”، خصوصاً، سياسة مقصودة ومتعمدة، تدخل من باب الإلحاح الدائم على “التحالف الوثيق بين دولتين متشابهتين من حيث النشأة القائمة على الهجرة”، وكذلك من حيث المعتقد الديني المتنامي في الولايات المتحدة، بفضل تنامي ما يعرف بمنظمات “المسيحية الصهيونية”، الذين يمثلون الآن القاعدة الصلبة للحكم في الولايات المتحدة.

وما إن يحج رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، إلى البيت الأبيض، ويلتقي بنواب وشيوخ الكونجرس، وقادة اللوبي اليهودي ومنظماته القوية النافذة، حتى تنطلق وسائل الإعلام الجبارة في حملة الدعم والمساندة، لترسيخ المفهوم المقدس، في أعماق الشعب الأمريكي، بالتزامه تاريخياً ودينياً وسياسياً، بأمن “إسرائيل” وبقائها قوية قادرة على دحر أعدائها العرب مجتمعين، وهو أمر لم يستطع العرب تغييره أو تعديله، رغم بذلهم الغالي والرخيص لاسترضاء أمريكا.

وفي حين يسعى قادتنا للحج إلى البيت الأبيض، طمعا في الرضا ورغبة في تبادل المصافحات والابتسامات المظهرية مع الرئيس الأمريكي، لتنشر صورهم في الصفحات الأولى، وتلح في تكرراها شاشات التلفاز، ربما من باب الاستهلاك المحلي، فإن قادة “إسرائيل” حين يحجون إلى البيت الأبيض، فإنهم يقبضون الثمن مقدماً، ويضعون أولوياتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية، على رأس جدول الأعمال المتفق عليه مسبقاً، ومن ثم يخرجون بنتائج محددة، وبإعادة تأكيد الالتزام الأمريكي بالأمن “الإسرائيلي”.

وها هو أولمرت في الولايات المتحدة، حاملاً جدول أعماله، ضامنا مسبقا الموافقة الأمريكية، أو حتى عدم الممانعة، على مشروعه السياسي، وخطة عمله خلال السنوات المقبلة، خليفة لواحد من أشهر وأخطر قادة “إسرائيل”، وهو ارييل شارون، المعلقة حياته الآن بين الحياة والموت، ربما الأكثر تردداً على واشنطن خلال سنوات حكمه، ليس طلبا لحفلات الاستقبال، ولكن اتفاقاً على نوع ومدى المساعدات الأمريكية ل “إسرائيل”.

أولمرت في الولايات المتحدة الآن، ليكسب الدعم الأمريكي “المعهود” لمشروعه الاستراتيجي، المسمى “خطة الانطواء”، القاضي بترسم الحدود الجديدة للدولة اليهودية “لأول مرة تاريخياً” بحلول عام ،2008 والفصل بين “إسرائيل” والفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بالإبقاء على المستعمرات الاستيطانية اليهودية الكبرى في الضفة الغربية والقدس وغور الأردن، والتخلي عن تلك المستوطنات الصغيرة، المسماة بالعشوائية، نظرا لصعوبة ضمها إلى “إسرائيل”، وعدم القدرة على حمايتها والدفاع عنها، في مواجهة الهجمات الفلسطينية، أو الكثافة السكانية الفلسطينية..

ولعلنا نذكر أن أولمرت قال في خطابه الافتتاحي بالكنيست قبل أسابيع، جملة ذات مغزى وهي “إننا نبدأ مع هذه الحكومة الجديدة، العام التاسع والخمسين من عمر دولة “إسرائيل”، ومعها نواجه تحديات خطيرة تتعلق بالأوضاع السياسية وبالسلام والأمن ل “إسرائيل”، ولذلك فإن التزامنا بتنفيذ خطة الانطواء وفرض الحدود من جانبنا، هو حبل النجاة لبقاء “إسرائيل” قوية ولاستمرار الصهيونية”.

* * *

والحقيقة أن نظرية الانطواء، أي فرض “إسرائيل” للحدود التي تراها هي، ومن جانب واحد، دون النظر للجانب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ودون الاعتبار لالتزامات “السلام واتفاقاته” من أوسلو إلى خريطة الطريق وتفاهمات شرم الشيخ، ليست اختراعاً جديداً من عبقريات أولمرت، لكنها جاءت بالاسم الجديد، استكمالاً لمشروع ارييل شارون القديم، الذي بدأه قبل أربع سنوات، حيث بدأ في بناء “الجدار العازل” مفتتاً الأرض الفلسطينية إلى شرائح وكانتونات مبعثرة، لا تصلح أساساً لقيام دولة فلسطينية مستقرة.

وطبقا للتصريحات “الإسرائيلية” الرسمية، فإنه تم بناء 42 في المائة من الجدار العازل في الضفة الغربية، حيث انتهى إنجاز بناء 336 كيلومتراً، من مجموع طوله الأصلي والمستهدف البالغ 790 كيلومتراً، وبالتالي تنوي حكومة أولمرت استكمال الجزء الباقي خلال عام على الأكثر، ليصبح هو خط الحدود الجديدة ل “إسرائيل”، والتي تضم الكتل الاستيطانية الكبرى، ومن ثم لا تترك للفلسطينيين إلا نحو 40 في المائة فقط من الضفة الغربية؛ مقسمة مبعثرة مشتتة.

ويسعى أولمرت خلال زيارته الحالية لواشنطن إلى تحقيق عدة مكاسب، وضمانات أمريكية محددة، أهمها بالطبع تأكيد التحالف الاستراتيجي التاريخي بين الدولتين، ثم الحصول على الموافقة الأمريكية على “خطة الانطواء” ورسم الحدود من جانب واحد، بحجة غياب الشريك الفلسطيني، خصوصاً في ظل وجود حكومة حماس الفلسطينية، وأخيراً وليس آخراً، التأكيد للقادة الأمريكيين على أن مشروعه السياسي، هو البديل الحقيقي لكل أوهام التسويات السياسية، بما في ذلك المشروع الأمريكي المعروف باسم خريطة الطريق.

ومثلما يسعى أولمرت لضمان التمويل الأمريكي لخطة الانطواء، وإعادة إحياء “الجيتو اليهودي التاريخي” فإنه يسعى لقطع الطريق على أي جهود عربية، مطروحة أو يمكن أن تطرح، لعرقلة خطته ومشروعه السياسي، أو لفك الحصار الحديدي غير الإنساني المفروض على الفلسطينيين الآن، من جانب الجميع، ناهيك عن محاولة إحياء التسويات السياسية العادلة والشاملة، تلك التي أصبحت من مخلفات الماضي غير المذكور، بل المنكور.

باختصار، أولمرت ذهب لأمريكا، وقد سبقته أجندته المحددة ومشروعه وخطته، هادفا إلى تحقيق أفضل المكاسب وأقوى الضمانات، وحتما سيحصل على ما يريد، من حجته هذه الأولى للبيت الأبيض، وهذا هو الفرق بين سياسي يحج إلى واشنطن ليصيب هدفا ويحصل على مكسب، وآخر يحج لأخذ البركة والتناول، أو للاستماع إلى النصائح والتحذيرات وقرص الأذن.

وأظن أن هذا الفرق، هو التحدي الحقيقي المطروح علينا.. لتغيير أوضاعنا على الأقل من البداية للنهاية.

* * *

** آخر الكلام: يقول ابن المقفع:

الملك ليس هو الملك، البلاط هو الملك!

الزمن القادم 24/05/2006 08:47 AM

من أسرار القرآن الكريم

"عجب الذنب".. سجل شامل لأعمال الإنسان وخصائصه (1-2)

خزن الله تعالى وصف الانسان وخصائصه وملامحه الخلقية وجميع مقدراته في عظمة صغيرة توجد في نهاية السلسلة الفقرية القطنية في وسط الجسد البشري تسمى (عظمة عجب الذنب) وبذلك تكون هذه العظمة صندوق الأسرار للانسان أو “دسك المعلومات”. إن تلك العظمة الصغيرة المسماة “عجب الذنب” هي جزء صغير جداً لا يرى بالعين المجردة، ومع ذلك فإنها تحتوي على التوثيقات الرسمية لما يحدث داخل جسم الانسان وما يصدر عنه وما يحدث فيه ويشمل ذلك ثوابته التقديرية ومستجداته اليومية (اللحظية) ومواصفاته كلها وهي لا تبلى ببلاء الجسد ولكن تظل بما هو مخزن فيها من معلومات ومقدرات.



عزت عبد الحميد الحنفي

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، ليس من الانسان شيء إلا يبلى، إلا عظماً واحداً وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة”. البخاري

وعن أبي سعيد الخدري، قال: “قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يأكل التراب كل شيء من الانسان إلا عجب ذنبه” قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: “مثل حبة خردل، منه ينشأ” ابن حبان.

وعن أبي هريرة، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كل ابن آدم تأكل الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب”.


الأصل الأول

وتلك العظمة تشبه الحب والنوى في أنها بذرة الأصل، فأنت إذا غرست البذرة التي أخذتها من الشجرة الأم فإنها تنبت شجرة أخرى مثل شجرتها الأولى تماماً بوصفها وشكلها وهيأتها أي أنها صورة طبق الأصل لأن الله تعالى وضع فيها الخصائص الجينية والصفات الوراثية.

وإنني ألمح علاقة واضحة بين هذه العظمة والذراري التي جمعها الله تعالى من ظهر آدم والتي اشارت اليها هذه الآية: “وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين” (الاعراف: 172)

عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان” يعني عرفة “فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم فتلا فقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا ان تقولوا...” الآية إلى قوله تعالى: “بما فعل المبطلون”.

هذه النصوص الثابتة تقرر وجود عجب الذنب التي تمثل نقطة معلومات ومواصفات الجسد تماما، ويمكنني ان اقرب لك الصورة اكثر بالمعلومات التي تخزنها طابعة الحاسوب قبل أمر الطباعة، فلو انك اعطيت الأمر ألف مرة أو اكثر لأخرجت لك الطابعة المعلومات المخزنة بالمواصفات نفسها في كل مرة وتكون في كل مرة هي الأصل الأول وليست صورا عنه، وتكون أصلا في أي زمن تخرج فيه فليست لها أية علاقة بالزمن ولا تتقادم بتقادمه، وهذه النقطة شغلت العلماء قديما وخاصة فلاسفة المسلمين الذين قال بعضهم إن الانسان لا يبعث يوم القيامة بنفس الوجود الاول له عند الميلاد لأن الزمن في يوم البعث يكون مغايراً لزمن الميلاد ولقد حدث بينهم جدال كبير جعل بعضهم يكفر البعض الآخر ويتهمهم بالتهافت لأن ظاهر الآية يصادر أقوالهم بالمغايرة “كما بدأكم تعودون” (الأعراف: 29) وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: “كما بدأكم تعودون” فقال بعضهم: كما بدأكم أشقياء وسعداء، كذلك تبعثون يوم القيامة.

وحول قوله تعالى: “كما بدأكم تعودون، فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة”. قال ابن عباس: “ان الله سبحانه بدأ خلق ابن آدم مؤمنا وكافرا، كما قال جل ثناؤه: “هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن”، ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمنا وكافرا”.

وعن جابر، ان النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “تبعث كل نفس على ما كانت عليه” وعن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “يحشر الناس عراة غرلا، وأول من يكسى ابراهيم صلى الله عليه وسلم” ثم قرأ: “كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين”. وعن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة، فقال: يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة غرلا “كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين” (الانبياء: 104).

وقال آخرون: كما خلقكم ولم تكونوا شيئاً تعودون بعد الفناء كما بدأكم أول مرة.


الفهم والحجم

ويجب ألا تشغلنا عملية الأحجام المجسمة، فإننا نتحدث عن كم هائل من المعلومات لا يحتاج إلى أحجام ولا إلى أجسام لتحويه، ولا يلزمنا ربط الحجم بالمعلومة لأن هذا صنع الله تعالى الذي أتقن كل شيء، ولنا ان نتصور “عجب الذنب” كما وردت في القرآن الكريم ونسلم بها فلسوف يأتي زمن بيانها علمياً ان شاء الله تعالى فمن كان من المفسرين القدامى يعلم ان الجسد البشري به ما يقرب من تسع غدد تحمل على عاتقها القوة والنشاط والحركة والحيوية في هذا الجسد مع ان مجموع وزنها مجتمعة يعادل عشرة جرامات تقريبا ومن دونها لا يكون للجسد البشري قوام ولا فكر ولا حركة ولا حياة بالمرة؟

وكثير من الأمور لا يرتبط فهمها بكبر صورتها أو ضخامة حجمها سواء كانت حسية مادية أو كانت (ميتافيزيقية) وأغلب التقنيات والالكترونيات تثبت برامجها في حاوية مادية صغيرة ربما تعادل رأس الدبوس في الحجم ولكن ما بداخلها من برامج ومعلومات يعادل ما هو موجود في اكبر المكتبات على صفحات الكتب والأبحاث. هذه العظمة استعمل الانسان شبيها الكترونيا لها في صور متعددة مثل (الإم بي ثري) و(الدسك الحاسوبي) ومواقع الانترنت (الايميل) والقرص الصلب (D) و(C).. إلخ.

ولقد تسارعت المكتشفات العلمية التي اتاح الله تعالى ظهورها في هذا العصر، ولم يحدد لها الانسان مجسما مصورا ولا تشيبها محددا إلى الآن وحتى الأسس التي تتكون منها مكونات الذرة الأساسية وغيرها التي تفجر الأرض وتهدم الجبال لا يجسمها حجم منظور فلا يرى الانسان الذرة ولا النواة ولا الانشطار النووي ولا الالكترون ولا النيترون ولا المجال الكهربي داخل الذرة وكل هذا غير منظور للعين المجردة وتحتاج العين في تصورها له إلى أجهزة لقياسه فالانسان قد ألغى عملية التجسيم وآمن بالغيب في المادة وآمن بالغيب فيما وراءها (الميتافيزيقا) وكفر بالله أليس هذا غريبا؟


تأثير العلم الحديث

عظمة “عجب الذنب” يشبهها ذلك الصندوق الأسود في الطائرة بجزء من عمله، فهو يسجل كل ما يدور في كابينة الطائرة من حديث الطاقم ومن حركة الآلات الميكانيكية فيها، وعظمة “عجب الذنب” تقوم بهذا العمل بالاضافة إلى اعمال اخرى كثيرة فهي تحمل الميراث الثابت للبشر الذين كانوا قبل الانسان وهو من اصلابهم والمعلومات التي جرت من قبل، وكذلك تخزن فيها الأوامر المرصودة (ثوابته الأساسية التي وضعها الله تعالى فيه) فهي اشبه بجهاز الحاسوب الذي تخزن فيه معلوماتنا وبرامجنا. ولقد اسهم العلم الحديث بدور كبير في ايجاد التصورات وفهم الأمور المعروضة في القرآن الكريم والتي كانت مبهمة على المفسرين القدامى ومروا عليها مرور الكرام حيث فسروها تفسيرا لفظيا مثل: “الزجاجة كأنها كوكب دري” (35: النور)

ونحن نرى اثر العلم في تقريب الصورة بأن كشف لنا عن وجود كوكب من الألماس الخالص من دون صخور أو رمال أو تراب أو أي شيء غير الألماس. ولقد اعطى هذا التصور لنا امكانية فهم الوجود الفعلي للكوكب الذي ورد في سورة النور مما نقل تفسير الآية إلى الوجود الحقيقي من دون اللجوء إلى إلحاقها بالتصوير البلاغي والتأويل اللفظي فقط، وغيرها الكثير مثل “فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس” مما لا يسمح المقام هنا بعرضه، فهناك المئات من المواضع القرآنية التي لم يتح لنا فهمها إلا بعد ان كشف الله تعالى مخازن الاسرار القرآنية عن طريق العلم الحديث.

ان الأشياء التي لم يتمكن السابقون من تصورها أو حتى تخيلها بدأ العلم الحديث يقوم بدور المفسر الجديد لها، وتقديم التصور المقنع لفهمها، وإنه لا دور اليوم لمفسر لا يعتمد على آخر التطورات العلمية والمكتشفات الحديثة، ولذلك يجب على القائمين على أمور التعليم ان يعنوا بالعلوم التقنية إلى جانب العلوم النظرية لأنها ستوفر عليهم الجهد والوقت في دراسة النظريات الصحيحة وكيفية تطبيقها عملياً وإن القرآن الكريم نفسه أصبح الآن واضحاً اكثر من ذي قبل عندما اعتمد المفسرون النتائج والصور التي قدمها العلم الحديث كوسيلة آمنة في بيانه وتحليله “ثم إن علينا بيانه”.

ولقد حقق الله تعالى وعده للمسلمين بهذا العلم الحديث الذي بيّن المبهم بتطبيق القاعدة العلمية حيث أصبح في دائرة التصور والتخيل الواقعي له، وأضحى التطابق بين الكتاب المقروء (القرآن الكريم) والكتاب المنظور (الكون) ممكناً ومنطقياً اكثر من احالته إلى التشبيهات والصور البديعية لفظاً فحسب، وكان ذلك من خلال القواعد العلمية الحديثة التي انتجت ما يقرب لنا الفهم الجيد للآيات الكريمة والتعرف إلى الخالق العظيم.


تقريب البعيد

ولقد أسهمت الأبحاث العلمية الحديثة ايضاً في انتاج التقنيات الفنية الدقيقة التي دخلت مجالات الحياة اليومية بشكل واسع مما جعلها وسائل معرفية تقرب لنا البعيد، والعجيب في ذلك هو عدم استغلال مكتشفيها الفرصة التي تقربهم من الله تعالى، اللهم إلا القليل النادر من العلماء الذين استجابوا لذلك وآمنوا بالخالق سبحانه وتعالى.

ولقد اتاح الله تعالى لهذه المكتشفات بالظهور على السطح وما سماه العلماء اليوم بعلوم الاعجاز العلمي في القرآن الكريم انطلاقا من الوعد القرآني “سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم” وهذا الاعجاز يعتمد على الصور الحديثة في فهم الصور القرآنية.

ومن خلال البحوث العلمية الحديثة والدراسات التشريحية والتحليلية للخلايا والدم والبلازما ومكونات الجسد التشريحية توصل العلماء إلى ما يسمى اليوم الجينوم البشري أو الهندسة الوراثية، كما تمكنوا من حل الشيفرات السرية للجينات، ودرسوا حالة السائل الذي سموه ال DNA، وهذا غير المعلومات المخزنة داخل عظمة “عجب الذنب” حيث لم يتوصل العلم الحديث إليها بعد علماً بأن معلومات ال “DNA” حتى الآن غير يقينية وتمثل 96% فقط إلا انها تثبت بشكل أو بآخر عن وجود هذه العظمة يقينا لا شك فيه، ويكون عمل الانسان يوم الحشر هو التدقيق والتحقيق والمراجعة والتطابق بين ما هو مسجل في كتاب صحائف الأعمال وفي عظمة “عجب الذنب” وفي الكتاب المختوم الذي يفضه ملك الموت عند قبض الروح ويبقى اللوح المحفوظ عند الله تعالى بما يحمل من الأعمال التي لم يخلق صاحبها بعد ولم يطلع عليها، وفي هذا أوضح الدلائل على القدرة الإلهية وعظمة الخالق سبحانه وتعالى، وتقول هذه العملية القدرية: ان الإله الأعظم يعلم الأشياء قبل حدوثها بتفاصيلها ودقتها، وعلمه بها اكبر من علمنا نحن، فعلمه سبحانه كلي محيط وعلمنا نحن استكشافي متلق فنحن نعرف المعلومات بعد حدوثها تلقيناً أو رؤية أو وصفاً.... إلخ. أما علم الله تعالى فهو علم من خلال الايجاد، أي علم مسبق وليس بعد الحدوث وانتظار النتائج، فعلم البشر ناقص ينتظر الحدوث ويبنى على النتائج وقد يزيف ويغير ويدلس عليه ويحرف وتتغير النتائج في حالة الاخبار عنها، وذلك لأن طريقة توصيل المعلومات قد تتغير حسب ظروف الاعلام عنها، أما علم الله تعالى فهو كامل تام شامل عام يقيني منشئ وحق مقدر.

الزمن القادم 24/05/2006 02:21 PM

هشام يونس: الدولة العربية سقطت عندما تحولت من الوحدوية إلى اليسار والعلمانية

الوطن القطرية

اعتبر الدكتور هشام يونس رئيس منتدى الفكر العربي والمختص بالافكار السياسية الحديثة في معهد دراسات الشرق الاوسط والدراسات الاسلامية في لندن ان مشروع الدولة سقط عندما تنكرت الدولة لوعودها الداخلية والخارجية وان هناك وعيا جماعيا ناقما ويشكل تيارات تحت الارض وهو يتحين الفرصة لاسقاط النظام السياسي العربي وعبر عن اعتقاده بأن الفئات الكبرى من الشعب العربي مهمشة بسبب الضغوط الاقتصادية وحلل يونس اسباب سقوط مشروع الدولة العربية بأن العرب عندما تبنوا القومية كانوا معرفيين صادقين وحدويين ثم تأدلجوا وجنحوا لليسار والعلمانية وتنكروا لبعض عناصر الامة المعرفية واهمها الاسلام لكنه اعتبر ان العرب ليسوا بحاجة لعقد اجتماعي جديد لأن العقد القديم لم يستوف شروطه اصلا.

واكد يونس ان الشعب الفلسطيني مارس افضل تجارب العالم العربي المعاصر في الديمقراطية وقال ان التطور الديمقراطي في دول الخليج يجب ان يتم بشكل طبيعي وغير مصطنع ومدفوع وان المفاضلة بين الديمقراطيات الناشئة في دول الخليج والتجارب السابقة لا معنى لها بسبب اختلاف البيئة واعتبر يونس ان لا وجود لمفهوم الاسلام السياسي القادم من الغرب وان الدولة العربية الاسلامية المقبلة لن تكون دولة دينية بالصورة التي قدمها الآخرون كطالبان وغيرهم وطالب رئيس منتدى الفكر العربي في لندن بتعريض الخطاب الاسلامي الذي وصفه بالمتأزم لمنهجية النقد التاريخي.

الوطن التقت الدكتور هشام يونس خلال مشاركته في منتدى التنمية والديمقراطية والتجارة الحرة الذي عقد في الدوحة مؤخرا وكان لها معه الحوار التالي:

تحدثت في مداخلتك امام منتدى التنمية والديمقراطية والتجارة الحرة عن سقوط مشروع الدولة العربية لماذا سقط هذا المشروع وما سبب تشاؤمك تجاه نهضة المشروع مجددا؟

- ان الدولة العربية قطعت وعودا كبيرة على مستوى الداخل لتأمين العدالة الاجتماعية والحقوق للمواطن والزعم بدولة الرخاء الاجتماعي وعلى المستوى الخارجي بحل القضية المركزية في الوعي السياسي العربي وهي القضية الفلسطينية وفشلت الدولة العربية بتحقيق وعودها الداخلية والخارجية فسقطت والدولة في الاصل هي مشروع فكرة ومفهوم وليست جسما ماديا ثابتا وجامدا الا فيما نشهده اليوم في واقع الدولة العربية والدولة العربية شيء متحرك وقائمة على عقد صيرورة اجتماعي فالعقد يجب الا ينتج الدولة وينتهي عند تلك النقطة بل على العكس من ذلك فالنقد الاجتماعي عقد صيرورة.

الكثير من المفكرين العرب تحدثوا عن الحاجة لعقد اجتماعي عربي جديد ما هي اركان هذا العقد برأيك؟

- نحن لسنا بحاجة لعقد اجتماعي جديد، نحن بحاجة للعودة للعقد الاساسي لانه اصلا لم يستوف شروطه ولم يوقع ولم يحصل التفويض فالعقد يقوم على حرية اختيار الجماعة للدولة والامور لم تحصل هكذا بسبب السياسات الخارجية والعوامل الخارجية المحركة للخواتيم التي انتهى اليها العقد الاجتماعي العربي وشكل الدول ونحن لا نستطيع عزل العوامل الخارجية عن تكون وتبلور الدولة العربية.

الحديث عن عقد اجتماعي عربي جديد اذا كان يعني الدعوة الى دولة عربية مختلفة عن ما هي عليه الآن، فنحن بحاجة لعقد جديد ولكنني ازعم ان العقد الاصيل اي الاول انطلق من جماهير عربية لم تكن غبية في الستينيات والخمسينيات وكانت تريد دولة قوية والعرب عندما تبنوا الفكر القومي لم يكون ايديولوجيين بل كانوا معرفيين صادقين وانطلقوا من خلفية منفتحة وعقلية تلقائية وطبيعية وعملية الادلجة تمت بعد ذلك لقد كنا جميعا قوميين لانه ليس لدينا خيار اخر بمعنى اننا وحدويون وادلجة هذا التوجه اسقطت هذا المشروع العربي لأن الادلجة تنكرت لبعض العناصر المعرفية واولها الاسلام واعتقد ان مشروع الجماهير لم يكن مشروعا قوميا بمعنى انه مشروع ايديولوجي مقفل بل هو قومي ولا يزال قوميا حتى الان بمعنى وحدوي وليس بمعنى الانغلاق والادلجة اليسارية التي تمت فيما بعد فالدولة العربية تحولت من دولة قومية الى دولة يسارية وعلمانية وهذا لم يكن خيار الشعوب وهنا سقط المشروع لأن وعدهم لشعوبهم ليس دولة قومية مؤدلجة تنتصر لثقافة يسارية فاذا كنا نرفض التغريب فنحن نرفض ايضا الافكار المسقطة بالعلمنة لاسقاط ا لدين وهذا شيء مفارق لمنظومتنا المعرفية.

بعد التقدم الذي احرزه الاسلاميون في مصر وفلسطين ومظاهر الدولة الدينية في العراق كيف تنظر لمستقبل الدولة الاسلامية او ما يسمى بالاسلام السياسي؟

- ان مصطلح دولة دينية لي عليه بعض الملاحظات فالاسلام عندما ينتصر للدولة فهو لا ينتصر لها لكونها دولة دينية مجردة بل لكونه دينا دنيويا وما نذكره له علاقة باللاهوت فليس لدينا بالاسلام لاهوت وناسوت اي الشيء العلوي والشيء الأرضي الدنيوي ونحن لدينا في الإسلام دولة ودين.

هل تقصد الإسلام السياسي؟

- ان اصطلاح الإسلام السياسي هو مصطلح غربي وتصنيف غربي نابع من عدم فهم الغرب للإسلام، فالإسلام يتضمن كل جوانب وأوجه الحياة، وفي تصنيف الغرب النابع من فهم وخلفية كنسية وذهنية الاستشراق التي ذكرها ادوارد سعيد، والعلماء الغربيون عندما قرأوا الإسلام قرأوه بآليات غربية والآليات الغربية تفكك المعرفة ما بين الديني والوصفي الزمني فخرجوا بمصطلح الإسلام السياسي والإسلام الاجتماعي بينما الإسلام هو كتلة معرفية واحدة ولا يتجزأ وهم معذورون في ذلك والدولة العربية الإسلامـــــية المقبلة لن تكون دولة دينية بالصورة التي قدمها الآخرون مثل طالبان وغيرهم والتي لنا نحن ملاحظـــات عليها.

أنا أتحدث عن الدولة التي قدمها الإخوان المسلمون أو دولة ولاية الفقيه مثلا وليس طالبان؟

- الدولة العربية الإسلامية إذا طبقت ستكون متمايزة وستنطلق من بيئتها المعرفية وإلا ستسقط حتى لو دعمت بقوة شعبية كبيرة لأنها حينذاك ستكون قد خانت جذرها التاريخي والمعرفي وسياستها كما حصل مع الدولة القومية التي تنكرت لوعدها الذي ينتمي لجذر معرفي.

هل تعتقد أن الدول العربية التي قد يحكمها إسلاميون وتحديدا الإخوان المسلمون سيتبعون في حال وصولهم للسلطة ذات اساليب الحكم التي اتبعتها الدولة القومية أو اليسارية مع صورة مختلفة من حيث الشكل؟

علينا ان نكون منصفين فالاخوان المسلمون الذين اتهموا منذ نشأة تنظيمهم بقتل النقراشي باشا تنكروا للعنف ولم يمارسوه وجميع الجماعات التي مارست العنف خرجت من التنظيم لانها لم تستطع ممارسة العنف من خلال الاخوان المسلمين لان العنف هو خلاف عقيدة الاخوان المسلمين.

وحماس مارست العنف دفاعا عن النفس ضمن إطار المقاومة، وهذا العنف أقره البروتوكولان الأول والثاني الملحقان بوثيقة جنيف واللذان يؤكدان على حق المقاومة.

هناك مفكرون ابدوا تفاؤلا وكالوا المديح للتجربة الديمقرراطية الناشئة في دول الخليج ووضعوها في موقع متقدم في احترام حقوق الإنسان والشفافية على تجارب عربية ديمقراطية أكثر عراقة كما في مصر والجزائر وســــــوريا وغيرها من الدول التي تمتـــــلك عناصر ديمقراطية لا تملكها دول الخليج كالبرلمانات المنتخبة والاحزاب والتيارات السياسية التي تشكل الحكومات ما الذي جعل هذه والفكرة تلاقي قبولا ودعما لدى المفكرين العرب؟

ـــ ان مصطلح الديمقراطية مطاط جدا والتوصيف له احتمالات ولكن هناك في الخليج محاولات ومبادرات ومساعي هامة جدا وحتى نضع مفاضلة بين الديمقراطية الناشئة في دول الخليج والتجارب العربية الأخرى فالوقت ما زال مبكرا فالديمقراطية ثقافة وممارسة قبل ان تكون تشريعا وهي وعي جماعي، المنطقة العربية الواقعة على البحر المتوسط والتجارب المبكرة فيها مثل سوريا ولبنان وفلسطين انخرطت منذ وقت مبكر في عملية ثقافية غير موجهة ومنبثقة من مسار تاريخي وهيغل يقدم الديمقراطية على انها روح العالم وعلى انها مسار تلقائي وغير مفتعل وفي الخليج هناك مبادرات محفزة ومشجعة وتأتي ضمن سياق تاريخي جيد ولكن المفاضلة ليس لها معنى لأن كل دولة لها تجربتها النابعة من بيئة خاصة مختلفة عن البيئات الاخرى.

ولا نستطيع ان نقول ان هناك ديمقراطيات في الخليج بسبب وجود التطور الاقتصادي وارتفاع مستوى الدخل الفردي وبالتالي لا نستطيع القول ان هناك ديمقراطية في الامارات العربية المتحدة اكثر من لبنان فالديمقراطية فهم وثقافة ووعي وسيمر وقت طويل جدا حتى نشهد تجربة كالتي خاضها الشعب الفلسطيني لان التجربة لم تكن يسيرة وحدثت بهدوء هائل والشعب الفلسطيني مارس افضل تجارب العالم العربي المعاصرة في الديمقراطية.وينبغي الحذر من المفاضلة بين هذه التجارب والتجارب الاخرى الناشئة لذلك لا نستطيع عند بعض مظاهر التقدم الاقتصادي ان نقول ان هذا تقدم ديمقراطي يمكن ان يساعد المواطنين ويخفف من الضغط الاقتصادي ويتيح لهم القدرة على التعبير لكن ذلك غير كاف للتعبير عن عملية ديمقراطية سليمة، ان بعض انظمة الحكم بحاجة لتطوير اكبر، هناك تجارب لافتة لكن هذه الانظمة بحاجة للتطور الذي يجب ان يسير في اطاره الطبيعي وليس بشكل مصطنع ومدفوع وهذه نقطة مفصلية في التطور الديمقراطي في دول الخليج وغيرها من بلدان العالم العربي.

هل تعتقد ان الشعوب العربية تحسست الخطوط الحمراء بما يكفي تجاه المطالب الديمقراطية ام انها مقصرة بالمطالبة ولا تثق بامكانية حصول تغيير حقيقي وبالتالي تتعامل مع القضية بسلبية؟

- الشعوب غير متاح لها ممارسة مسؤوليتها كاملة فلدى المواطن العربي هم آخر فالمواطن العربي يبحث عن العمل اولا وليس عن حقوقه السياسية فهناك ازمة وضغط اقتصادي فضلا عن الضغط السياسي فالمواطن العربي لا يعبر بشكل صريح عما يختلجه من طموحات وآمال وهو محبط وليس من اولوياته الحقوق السياسية ويعتبر ان ازمة حياته اليومية اهم لان هناك العديد من الفئات التي اذا لم تعمل في يومها فلن تجد قوتها لليوم الآخر وهذه الشرائح الهائلة تستنكف عن المشاركة فاذا نزلت الى تظاهرة للمطالبة بالحقوق السياسية فلن تستطيع العمل والانظمة الاستبدادية التاريخية مارست هذه اللعبة من خلال وضع هذا الكفاف اليومي لدخل مواطنيها حتى لا يجرؤ المواطنون على التفكير بتغيير النظام فالسلطة الاستبدادية تمارس الحكم باعتبارها ظل الله على الارض ومن غير الممكن ان تناقش او تجادل والجماهير العربية تعرف حجم السطوة التي يمارسها هذا النظام في ظل الازمة الاقتصادية.

هناك وعي جماعي عربي يتشكل وهو وعي ناقم مشكل لتيارات تحت الارض تلتقي وهذا الوعي يتحين الفرصة لاسقاط النظام السياسي ولكن امام ضغط الوضع الاقتصادي لا يستطيع النهوض وهنا تأتي ثقافة الثورة وبالحقيقة فان ثقافة الثورة في العالم العربي وحركات المقاومة مثل حماس وحزب الله وغيرهما لم تتبن العنف المسلح لاسقاط النظام لذلك فالشعب الذي كان بحاجة لحركات كي تقوده لم يجد قيادات والتيار الاسلامي الذي هو يشكل الخصم او المعارضة للأنظمة القائمة لم يتبن العنف المسلح ونحن نتحدث هنا عن حركات المقاومة لأن المجموعات المسلحة الأخرى نحن بحاجة لدراستها بشكل منفصل ومعمق لأننا لم نفهمها بالشكل الصحيح، ولا أحد يدعي ذلك ونحن لا نعرف لماذا تمارس هذه الجماعة أو تلك القتل ضد المدنيين، فعلى الانترنت ألاحظ من خلال كتابات البعض مقدمات فقهية لممارسة العنف المسلح ضد المدنيين لذلك فأنا أؤمن بتعريض الخطاب الإسلامي لمنهجية النقد التاريخي لأن هناك بعض الفتاوى التي تتبناها جماعات العنف المسلح قد صدرت في لحظة تاريخية معينة وخضعت لمقدمات تاريخية لا تنطبق على ذات الواقع الحالي وذلك بعكس أزمة الخطاب الإسلامي الذي بات بحاجة لتعريضه لمنهج نقدي تاريخي كي نستطيع تهذيبه من الشوائب التي علقت به وإعادة توصيفه وتعريفه ضمن سياقه التاريخي عندها تبرز لدينا التجربة الإسلامية الأصلية فهل كانت الدولة الإسلامية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ذاتها الدولة التي كانت في عهد الخلفاء الراشدين وفي عهدي الدولة العربية الأموية والعباسية، ذلك نحن لدينا ثلاث حقب متمايزة للدولة الإسلامية ورغم ذلك نطلق عليها جمعيها اسم دولة إسلامية رغم الخلافات الجدية التي ظهرت في شكل مؤسسات الدولة التي تحولت لملكيات مثل الدولتين العباسية والأموية، علينا الاعتراف بوجود مشكلة هذا لمصلحتنا أولا وقبل أن يكون الهدف جعل الغرب يتفهمنا وينتقدنا بصورة صحــــــيحة والهدف بالطبع ليس إرضاء الغرب.

الزمن القادم 27/05/2006 10:46 AM

فنجان قهوة
مخاوف الذين لا يخافون ...................... أبو خلدون


الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت كان يقول: “ليس لدينا ما نخافه، إلا الخوف”، ولكن الخوف يلاحق الأمريكيين هذه الأيام حيثما كانوا. والعرب في عصر العولمة والهيمنة الأمريكية يخافون حتى من ظلالهم ولذلك يتنمر الجميع عليهم. وحتى الذين اعطتهم الحياة بيديها الاثنتين وحجبت عنهم ما يخيف، لم يسلموا من بعض المخاوف، فقد كان أمير الشعراء أحمد شوقي يخاف ركوب السيارة والباخرة، وعندما قرر الخديوي عباس بن محمد توفيق تأدية فريضة الحج دعاه لمرافقته، فسالت الدموع من عيني شوقي، واعتذر، وكتب قصيدة من أجمل قصائده بهذه المناسبة يتوجه فيها إلى الرسول الكريم ويقول: “دعاني إليك الصالح بن محمد/ فكان جوابي صالح الدعوات / وخيرني في سابح أو نجيبة / إليك فلم أختر سوى العبرات / وقدمت أعذاري وذلي وخشيتي / وجئت بضعفي شافعا وشكاتي”.

وكان “الجنرال” الموسيقار محمد عبد الوهاب يخاف من شيئين: أولهما العدوى بالميكروبات، وثانيهما السفر بالطائرة، ولذلك فإنه كان يحتفظ في جيبه بزجاجة كولونيا لتطهير يديه بعد مصافحة أي شخص، كائنا من كان، ورغم أن السفر بالطائرة صار شائعا ومأمونا، إلا أنه لم يسافر جوا طوال حياته، وكان يستقل الباخرة من الموانئ المصرية إلى بيروت لتمضية إجازة الصيف في لبنان.

ومن الذين كانوا يخشون السفر بالطائرة عاصي الرحباني، وقد نقل هذه المخاوف إلى شقيقيه منصور والياس بالعدوى.

وبعض المشاهير يخافون من أشياء غريبة، ومثال على ذلك فإن بيلي بوب سانتا، نجم “باد سانتا” يخاف من الأشياء القديمة والقطع الأثرية، ويقول: “عندما أرى كرسيا قديما أتصور أنني تعرضت للضرب حتى الموت به”. وديفيد جيست، زوج الممثلة ليزا مانيللي مصاب بالفونوفوبيا، وهذه الفوبيا الغريبة تجمع بين شرين: أولهما الخوف من أجهزة الهاتف، وثانيهما خوف الإنسان من سماع صوته، وعلى العموم فإن ليزا مانيللي لجأت إلى المحكمة وطالبت بالانفصال عن زوجها بسبب فونوفوبيته، رغم أنها لم تذكر أن هذا هو سبب طلبها الانفصال.

والممثلة كريستينا ريشي تخاف من النباتات المنزلية، ولذلك فإنها لا تحتفظ بها في منزلها.

وتقول باتريشيا أوكونول، ابنة ألفريد هيتشكوك، مخرج أفلام الرعب: إن والدها الذي كان يخيف العالم بأسره في أفلامه كان يعاني من الخوف من البيض، أو (الأوفوفوبيا) ولم يكن يأكل البيض إلا مخلوطا مع أغذية أخرى بحيث يفقد شكله.

والفنان وودي ألين يضرب الرقم القياسي من حيث عدد الأشياء التي يخاف منها، فهو يخاف من الحشرات، والكلاب، والأماكن المرتفعة، والغرف الضيقة، والسرطان، والجماهير، ويخاف حتى من أشعة الشمس. والفقراء يخافون من الفقر وغدر الزمان أما الذين تعطيهم الدنيا بلا حساب فإن مخاوفهم على مقاسهم.. إنها مخاوف رفاهيّة.

الخليج الاماراتية

الزمن القادم 27/05/2006 02:15 PM

اختتام الملتقى العربي الثالث للتربية والتعليم ... 10 ملايين جامعي عربي ولا اصلاح تربوياً يواكب التنمية

بيروت – أمل الأندري الحياة - 01/05/06//

قد لا يصدّق المرء للوهلة الأولى: تنفق الدول العربية على التعليم مبالغ لا تقل عن تلك التي تنفقها الولايات المتحدة وكندا أو دول أوروبا واليابان. وهذه الحقيقة يتثبّت منها أي مطلع على التقارير الصادرة في هذا السياق عن منظمات دولية مختلفة، من البنك الدولي إلى الاونيسكو. وهنا تأتي مفارقة أساسية جديرة بالتأمل: الأنظمة التربوية في البلدان العربية تبقى عاجزة عن توفير الأسلحة اللازمة لتمكين الطالب من مواجهة عصر تتغيّر ملامحه بسرعة كبيرة.

وجاء الملتقى العربي الثالث للتربية والتعليم الذي نظمته «مؤسسة الفكر العربي» أخيراً في بيروت، بعنوان «التعليم والتنمية المستدامة في الوطن العربي»، ليؤكد هذه الحقيقة المرّة. فقد اتفق المشاركون من مختلف الدول العربية والمؤسسات الرسمية والجمعيات الأهلية على أن «التعليم الكفيل بتحقيق النقلة الكبيرة في حياة الأفراد والشعوب، والقادر على التنمية المستدامة، يختلف تماماً لجهة نوعيته عما هو سائد في أنظمة التعليم في المنطقة العربية على تفاوت مستوياتها من بلد إلى آخر»، وفق ما جاء على لسان أحمد الصياد مساعد مدير العام للأونيسكو للعلاقات الخارجية.

وفي حين تدرك الدول المتقدمة أنّ التعليم هو حجر الزاوية في التنمية المستدامة، تتخبط الأنظمة التربوية العربية في قطيعة مع العصر، متجاهلة حقيقة أساسية هي أنّ التعليم أحد مرتكزات الأمن القومي في الدول المتقدمة.

في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، اعتبر الخبراء العام 1992 أنه لو استمر الوضع التعليمي لديها على ما هو عليه بعد 20 سنة، ستعرّض أمنها القومي للخطر في مواجهة دول مثل ألمانيا واليابان. وعلى هذا الأساس، ما كان من الكونغرس إلا أن أصدر قراراً بإصلاح النظام التعليمي. كما أنّ دولة أخرى، مثل ماليزيا، تعتبر في طور النمو، قررت أن تكون دولة صناعية فغيّرت مناهج التربية والتعليم.

لكن ماذا عن العالم العربي؟ هشام محي الدين ناظر سفير المملكة العربية السعودية في القاهرة، لاحظ وجود 6 ملايين وافد في السعودية، فيما يعاني أبناؤها من البطالة. وساق ناظر في هذا السياق أمثلة عدة. يكمن الخلل الأول إذاً في غياب سياسة واضحة وخطط استراتيجية توجّه الطلاب إلى الاختصاصات التي يحتاجها الوطن وفي غياب تحديد نوعية الدولة المنوي بناؤها.


الحفظ لا التحليل

الغريب في هذا المجال، ما ورد في تقرير نشرته صحيفة «لوس أنجليس تايمز» في 23 كانون الثاني (يناير) 2001، من أن الآباء الأميركيين يحسدون نظراءهم المصريين على كمية المواد التدريسية التي تتضمنها المناهج التربوية... لكن تلك مشكلة أخرى في الانظمة التربوية العربية. لأنّ الجامعات والمدارس في المنطقة تعتمد عموماً القدرة على الحفظ كمعيار وحيد للتفوّق، فيما يغادر الطالب الجامعة من دون أي قدرة على التحليل والاستنتاج والاستخلاص والإبداع والقيام بمبادرات فردية.

الأساتذة مشكلة أخرى أكانوا في الجامعات أم في المدارس العربية. فبينما تمنح الولايات المتحدة رخصة للأستاذ تسمح له بالتعليم أربع سنوات ثم يخضع بعدها لاختبار في المناهج قبل تجديد رخصته، يعتبر الأستاذ في العديد من المدارس والجامعات العربية سنوات «خدمته» المعيار ولا يخضع لأي دورات تدريبية ولا يشارك في ندوات عالمية تتعلّق باختصاصه. كل هذه العوامل جعلت من العالم العربي، بحسب اكثر من مداخلة في الملتقى، عالماً جامداً استهلاكياً بامتياز على رغم أنه يحتوي على 233 جامعة حديثة تضم 10 ملايين جامعي إضافة إلى ألف مركز للبحث والتطوير، فيما تكاد إسهاماته في المجالات الثقافية والفكرية والعلمية تقرب من الصفر.

أما الفجوة الرقمية فموضوع آخر يطول خصوصاً عندما نرى أن العالم العربي ما زال يصارع أمية الحرف مع تجاوز نسبة الأميين 37 في المئة من السكان أي نحو 111 مليون شخص، 74 مليوناً منهم نساء وهذا يعني أن ثلثي الأميين تقريباً من النساء وأن ثلث المجتمع معطّل، ناهيك بمشاكل التمييز الحاصل ضد المرأة في المدرسة، أو أماكن العمل، وارتفاع نسبة الزواج المبكر المصحوبة مع ارتفاع نسبة وفيات الأطفال التي كلها عوامل تعوّق عملية التنمية المستدامة. وهذه كلها من القضايا التي تطرّقت إليها نقاشات المشاركين في «الملتقى العربي الثالث للتربية والتعليم» الذي نظمته «مؤسسة الفكر العربي» في بيروت...

ولا شك في أن المدرسة هي التي تؤسس لمفهوم المواطنة وإدراك الفرد مسؤولياته في المجتمع والانتماء ونشر قيم التسامح والديموقراطية. لكن في لبنان مثلاً، فإن اللون الطائفي لمنطقة معينة، هو الذي يحدد الخيارات التربوية للمدارس الرسميّة الواقعة فيها، لا سيما بالنسبة إلى مادة الدين. وهذا الاختلاف يعمّق، بطبيعة الحال، الانقسام الأهلي في المجتمع، ويقوقع الطالب في انتماء فئوي، يعززه الجهل بالآخر. وهذا الواقع بدوره، يؤدي إلى ولادة غيتوات ضمن الوطن الواحد. ويرسّخ هذا الشعور العشائري النظام السياسي السائد الذي تغلب عليه المحسوبيات وتقاسم الطوائف السلطة والمناصب من دون أي اعتبار للكفاءة إضافة إلى انتشار الفساد. وإذا كان لا بدّ من سياسة إصلاح، على مستوى القطاع التعليمي، فإن تلك السياسة لا مفرّ من أن ترتبط بقرار سياسي، كما ذكّر معظم الباحثين والاختصاصيين المشاركين في الملتقى العربي الثالث للتربية والتعليم. فإذا كانت التنمية المستدامة هي المعيار الذي ينبغي أن يحدد الخيارات التربويّة العامة، في كل بلد عربي، فإن القرار السياسي مطالب برسم استراتيجيات طويلة الأمد. وتلك الاستراتيجيات ترتبط حكماً بنوعية الدولة المنوي بناؤها. كما أن أي إصلاح في النظام السياسي، يمرّ بالضرورة، بتعزيز الديموقراطية ومكافحة الفساد والمحسوبية. وبذلك يشعر الفرد بأهميته وبأهمية مشاركته في بناء الدولة، ولا يعود يشعر بالغربة في وطنه. وقد ذكّر أكثر من مشارك في مؤتمر «مؤسسة الفكر العربي «، وإن بأشكال مختلفة، بأن التربية والتعليم هما أساس تحديث المجتمع، وعماد بناء المستقبل.

الزمن القادم 28/05/2006 11:00 AM

تقرير البنك الدولي


تقرير آخر التطورات والآفاق المستقبلية الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا2005:

الطفرة النفطية وادارة العوائد المالية

http://siteresources.worldbank.org/INTMENA/Publications/20451724/MNSED%20Arabic%20overview.pdf

الزمن القادم 29/05/2006 09:58 AM

افتتاحية الخليج

التآكل المعنوي للسمعة الأمريكية


نشرت الصحف الأمريكية خبراً يؤكد أن كتيبة من المارينز قتلت أربعة وعشرين عراقياً مدنياً، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال في مدينة حديثة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وقد بدا من الصور التي التقطها محقق أمريكي أن قتل بعض هؤلاء قد تم بطريقة الإعدام. وأبدى من اطلع على مجريات التحقيق أن الصور تظهر أن الكتيبة الأمريكية “عانت من انهيار كامل في المعنويات والقيادة أدى إلى نتائج مريعة”. كما بعثت الجريمة المقارنة مع أسوأ ما حصل في فيتنام.

ولعل هذه الجريمة تؤكد أموراً كثيرة آن الوقت للإدارة الأمريكية أن تستوعب دروسها. فحربها مكلفة اقتصادياً، وعسكرياً، وسياسياً، ومعنوياً. وإذا كانت التكلفة السياسية والاقتصادية والعسكرية والسياسية واضحة للعيان إلى حد كبير، فإن خسائرها الأخلاقية والمعنوية، وإن أصبحت تؤثر في قدرتها على التحرك في العالم، لكن آثارها البعيدة المدى قد تكون أقسى بكثير.

فما عاد باستطاعتها أن توحي بأن هذه الفضيحة استثناء في سجل احتلالها كما لم يكن أبو غريب أيضاً فريداً في طريقة التعامل مع السجناء. فمنذ احتلال العراق سقط عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين. ولم يكن الكثير ممن قتلوا ضحايا “عرضيين” للحرب، إذ إن الشواهد من الفلوجة والرمادي وتلعفر وغيرها تري أن جرائم على غرار ما جرى في حديثة قد ارتكبت. فهذه الجريمة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ما دام الاحتلال قائما.

ومثل هذه الجرائم تثير حنق العالم بحد ذاتها وبدلالتها. فهي تغضب لأنها تنتهك قوانين الحرب، وهي تغضب لأنها تبين للعالم كيف تضع الولايات المتحدة نفسها خارج القانون الدولي. فقد جرت عادتها أن تصنع محاكم دولية لمن يرتكب مثيلا لها، وتأبى أن يمثل جنودها أمام المحاكم الدولية حينما يرتكبونها. ولعل أفضل مثال على تأثير ذلك ردود الفعل من أصدق حلفاء أمريكا حيث جاء على لسان رئيس هيئة الدفاع البريطانية مارشال الجو السير جوك سترآب أن “التقارير الفظيعة عن المذبحة قد تضعف الدعم البريطاني للحرب”.

فإذا كان هذا رأي حليفة أمريكا فما سيكون عليه رأي العرب والمسلمين وبلدان العالم الأخرى؟ وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تحصل على الدعم لسياساتها ولمصالحها؟

لقد كانت الحرب كارثة على العراق والمنطقة وعلى الولايات المتحدة نفسها، وقد حان الوقت لكي تعمل على إنهاء احتلالها. لقد كانت الحرب الخطأ الأكبر إلى جانب آلاف الأخطاء التي ارتكبتها خلالها، كما اعترف مسؤولوها، وسيكون التلكؤ بالانسحاب يعادل كل ما ارتكبت من أخطاء، وذلك لأنها قد تضطر للانسحاب تحت ضغط الظروف مما يلحق أضراراً رهيبة بالاستقرار في العراق وفي المنطقة. وهي لن تخدم مصالحها حينذاك، بقدر ما تؤذيها ليس على مستوى المنطقة بل العالم بأسره.

الزمن القادم 29/05/2006 01:17 PM

التاريخ السرّي للموساد

تأليف :غوردون توماس



غوردون توماس هو كاتب شهير يعيش في بريطانيا. سبق له وقدّم ما يزيد على ثلاثين كتابا عرف العديد منها طريقه إلى قائمة الكتب الأكثر انتشارا كما تُرجمت إلى اكثرية اللغات الحيّة في جميع ارجاء العالم. وأغلبية هذه الكتب مكرّسة لعالم الاستخبارات. هذا الكتاب يخص التاريخ السري للموساد.. أي الجهاز المكلّف بأمن اسرائيل الذي اشتهربهذا الاسم ونشأ في الأصل تحت تسمية «معهد الاستخبارات والعمليات الخاصة».


وكان الموساد، كما يصفه المؤلف، وراء الكثير من عمليات التجسس والاغتيالات الأكثر شهرة خلال القرن العشرين. اما المصادر التي يعتمد عليها المؤلف فتتمثل في وثائق سرية والمصادر الخاصة والمقابلات العديدة مع عملاء سابقين للموساد ومخبرين وجواسيس ومسؤولين في هذا الجهاز.. ومن هنا جاء الكشف عن خبايا لم تكن معروفة كانت الأجهزة السرية الاسرائيلية وراءها.


يبدأ الكتاب بالحديث عن شقة في الدائرة الرابعة من العاصمة الفرنسية باريس والتي يقيم فيها أحد خبراء الموساد في حقل الاتصالات والاشراف على تنفيذ المهمات التي يقوم بها عملاء يقدمون من تل ابيب. لكنها ليست شقة عادية فأبوابها مصفحة وزجاج نوافذها لا يمكن ان تنفذ منه اجهزة الرقابة الالكترونية مثلما هو الحال في البيت الابيض الأميركي.


من هنا خدم هذا المقر كقاعدة عملياتية لتنفيذ مهمات منذ عام 1997 منذ أن وصل اليه المدعو «موريس» الذي تخرج من مدرسة الموساد عام 1982.


ويبين المؤلف في تحليلاته آليات عمل جهاز الموساد مثل الاعتماد على واجهات مثل رجال الأعمال والاعلاميين والدبلوماسيين. أما اولئك الذين يستهدفهم الموساد فإنهم كل من ترى به الأجهزة السرية بوحي من القيادات السياسية خطرا على الأمن الاسرائيلي من أجانب وعرب.. مثل الوزير البريطاني المحافظ الأسبق جوناثان ايتكن الذي تولى مسؤوليات عليا في عمليات بيع الأسلحة للشرق الأوسط..


وبعد أن وجهت له صحيفة «الغارديان الاتهام باقامة روابط مشبوهة بالنسبة لوزير بريطاني. حاول ايتكن اقامة دعوى ضد تعرضه للقدح والتشهير تركز النقاش حول من دفع له فاتورة اقامته في فندق «ريتز» الفخم في باريس أقسم أن زوجته هي التي دفعت فقام جهاز الموساد بتقديم معلومات تؤكد أن هذه الزوجة لم تكن آنذاك في العاصمة الفرنسية. لقد خسر ايتكن المعركة فالموساد كان يعتبره يشكل تهديدا لأمن اسرائيل وان له علاقات عربية «مشبوهة.


ويروي المؤلف بالتفصيل المدهش محاولات جهاز الموساد الاسرائيلي تجنيد «هنري بول» نائب المسؤول الأمني في فندق «ريتز» بباريس الذي يملكه الملياردير المصري محمد الفايد.. وكان العميل المدعو «موريس» قد التقى مراراً بـ «هنري» هذا الذي كان يعمل احياناً سائقاً للشخصيات الكبرى من «نزلاء» الفندق..


وهو الذي قاد سيارة المرسيدس بسرعة جنونية في ذلك الأحد 13 أغسطس من عام 1997 ومعه دودي الفايد والأميرة البريطانية ديانا.. وحيث قُتل الثلاثة في الحادث الشهير في نفق «ألما» بالعاصمة الفرنسية باريس. و لا يتردد المؤلف في طرح اسئلة من نوع: «هل لعبت محاولة تجنيد هنري بول (من قبل الموساد) دوراً في الحادث؟ وهل كان السائق قد رطم السيارة عمدا في العمود الثالث عشر بنفق ألما لانه كان يحسب نفسه عاجزا عن الافلات من مخالب الموساد؟


هل فقد السيطرة على عربته بسبب ارتفاع نسبة الكحول والأدوية في دمه؟ عندما غادر الفندق مع مرافقيه الثلاثة (دودي وديانا وحارسهما الشخصي)، هل كانت الضغوط تثقل على عقله؟ وبدلا من أن يكون مسؤولا عن مأساة، ألم يكن بالأحرى ضحية استغلال بغيض من قبل أحد الأجهزة السرية؟».


ويحدد المؤلف جذر «الموساد» في مفهوم يهودي يقول: «قام بقاء شعبنا منذ الملك داؤود، على الصفة العالية لاستخباراته». أما ترجمة هذا على أرض الواقع في فلسطين فقد تجسدت أولاً في منظمة «الهاغاناه» اليهودية في فلسطين قبل قيام الكيان الصهيوني فيها، وحيث حرص دافيد بن غوريون على إيجاد «شبكة من المخبرين» تحولت إلى جهاز حقيقي يمارس كل أشكال العنف، ويرى المؤلف أن «السمة التأديبية العنيفة لطريقة العمل لم تكن بعيدة عن شراسة الموساد مستقبلاً».


وكان دافيد بن غوريون قد جمع بتاريخ 2 مارس 1951 مسؤولي خمس وكالات سرية مختلفة في مكتبه وأعلن لهم قراره بضم جميع نشاطات الاستخبارات الإسرائيلية في الخارج بمصلحة جديدة سمّاها «هاموساد لو توم» أي «معهد التنسيق». وضع هذا الجهاز «إدارياً وسياسياً» تحت سلطة وزير الخارجية باعتبار أن نشاطه الأساسي هو الخارج،


ولكنه ضم في صفوفه ضباطاً كباراً ممثلين لهيئات الاستخبارات الإسرائيلية الأخرى، أي «شين بيت»، جهاز الأمن الداخلي، و«أمان»، أي الاستخبارات العسكرية العامة وممثلين أيضاً عن الاستخبارات الخاصة بالطيران والبحرية. قال بن غوريون يومها لمن معه: «عليكم أن تقدموا للموساد قائمة طلباتكم وسوف يتولى مهمة تلبيتها.


وما عليكم أن تهتموا بمعرفة من أين سيتزود بها وكم سيدفع». ويشير المؤلف إلى أن الموساد تولى منذ البداية الرقابة على شبكة تجسس مهمة في العراق كانت تعمل منذ سنوات تحت إشراف الدائرة السياسية في وزارة الدفاع الإسرائيلية. كانت المهمة الأولى لتلك الشبكة هي التسلل إلى أعلى دوائر الجيش العراقي ووضع خطة للهجرة السرية لليهود العراقيين إلى إسرائيل.


انكشف أمر هذه الشبكة بتاريخ 5 مايو 1951، أي بعد أسابيع عدة فقط من تأسيس الموساد، من قبل الأجهزة السرية العراقية، وحُكم على عميلين إسرائيليين بالإعدام وعلى 17 شخصاً من المتعاملين معها بالسجن مدى الحياة. وما يؤكده المؤلف هو «إن العميلين الإسرائيليين خرجا لاحقاً من السجن مقابل مبلغ مادي كبير تم دفعه لحساب مصرفي في سويسرا باسم وزير الداخلية العراقي آنذاك».


وفي فصل تحت عنوان «الجاسوس ذو القناع الحديدي» يتحدث غوردون توماس عن «رافي» أي رافائيل ايتان، الذي ينقل عنه قوله ذات مرة: «في كل مرة كان علي قتل أحدهم، كنت أحس بحاجة الى النظر مواجهة في عينيه، بل في بياض عينيه. بعدها أشعر بالهدوء وبالتركيز ولا أفكر سوى بما ينبغي علي عمله فأقوم به.. وهذا كل شيء».


وكان ايتان قد تولى منصب نائب مدير عمليات الموساد لمدة ربع قرن وهو الذي أشرف شخصياً على اختطاف ادولف ايخمان في بوينس ايرس تحت اسم «ريكاردو كليمانت» كان جهاز الموساد قد استأجر إحدى طائرات شركة «العال» وجهزها بمقصورة خاصة لوضع ايخمان فيها بعد خطفه. وكان رافائيل ايتان أحد المفاتيح الرئيسية في تزويد مفاعل «ديمونة» الذري الذي أقامته إسرائيل في صحراء النقب بالمواد المشعة عبر العديد من الشبكات التي وصلت إلى أعلى المستويات في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية.


وتحت عنوان «طالبو الثأر» يتحدث المؤلف عن الدور الذي لعبه اسحاق رابين في العملية التي قام بها الموساد في منطقة «سيدي بوسعيد» في مدينة تونس وأدت إلى مقتل القائد الفلسطيني خليل الوزير «أبوجهاد». وتتم الإشارة إلى أن عملاء الموساد أمضوا مدة شهرين كاملين في مراقبة «الفيللا» التي كان يسكنها ورصدوا بدقة مخارجها ومداخلها والمادة التي يتكون منها السياج وعلوّه والنوافذ والأبواب وأنواع الأقفال وأشكال الدفاع وتحركات الحراس.


وتجسسوا على زوجته لمعرفة متى تلعب مع الأطفال وتبعوها حيث كانت تقوم بمشترياتها أو عندما تذهب إلى صالون الحلاقة.. ويرى المؤلف في هذا كله تطبيقاً لقاعدة أساسية في عمليات الاغتيال قال بها أحد قادة الموساد مائير اميت قبل سنوات وبقيت حاضرة في ذهن رجال الموساد وهي: «عليكم أن تفكروا على طريقة الشخص المستهدف ولا تتوقفوا عن تشبيه أنفسكم به إلا في اللحظة التي تضغطون فيها على الزناد». وبتاريخ 16 ابريل 1988 انطلقت عملية اغتيال أبوجهاد.


في تلك الليلة، أقلعت عدة طائرات بوينغ 707 من قاعدة عسكرية بالقرب من تل ابيب، كان في إحداها اسحاق رابين برفقة عدد من الضباط الكبار، كانت طائرتهم على اتصال مستمر مع فريق القتلة الذي كان قد أخذ مواقعه للتنفيذ بقيادة عميل أطلقوا عليه تسمية «السيف». وكانت طائرة أخرى مجهزة بكل ما هو مطلوب لالتقاط الاتصالات وللتشويش بينما كانت هناك طائرتان أخريان معبأتان للقيام بالمهمات الأخرى،


حلقت هذه الطائرات كلها على علوّ شاهق فوق فيللا أبوجهاد وأخذت تدور وتسمع ما يجري على الأرض على تردد خاص. وبعد منتصف ليلة 17 ابريل بقليل علمت القيادة «الطائرة» أن أبوجهاد قد دخل إلى منزله بسيارته المرسيدس.. وقال رئيس مجموعة القتلة بواسطة «ميكرو» إنه يسمع صوت خطوات أبوجهاد وهو يصعد السلم ويدخل إلى غرفته ويوشوش كلمات عدة لزوجته، ثم ينتقل على رؤوس أصابع قدميه إلى الغرفة المجاورة ليقبِّل ابنه النائم قبل أن يعود إلى مكتبه في الطابق الأرضي. وعند الدقيقة 17 من منتصف الليل أعطى رابين الضوء الأخضر.


قتل رجال الموساد أولاً سائق أبوجهاد الذي كان ينام في السيارة خارج الفيللا، بوساطة مسدس مزوّد بكاتم للصوت. ثم فجّروا البوابة الحديدية بمتفجر جديد «صامت» وقتلوا بعد ذلك الحارسين الشخصيين في الداخل قبل أن يدخل رئيس مجموعة القتلة إلى مكتب أبوجهاد ويرديه برصاصتين في صدره تبعهما برصاصتين في الرأس.


وعندما أراد العميل الإسرائيلي الخروج وجد أم جهاد أمامه، فأمرها بالدخول إلى غرفتها مع ابنها بـ «اللغة العربية» استمرت العملية منذ دخول القتلة إلى المنزل وذهابهم 13 دقيقة.


الفصول الأخرى من الكتاب تتحدث عن اغتيالات وخطط اغتيال لصدام حسين مثلاً، وعن علاقات شركات أميركية في الصين وصلاتها مع عالم الإرهاب.


التاريخ السري للموساد.. عالم الظل.


* الكتاب: التاريخ السري للموساد


* الناشر: نوفو موند ـ باريس 2006


* الصفحات: 527 صفحة من القطع المتوسط

عرضته اليوم : البيان الاماراتية

الزمن القادم 29/05/2006 02:29 PM

خطوط فاصلة

بقلم : سمير رجبE-mail:[email protected]

الجمهورية

في بداية الستينيات.. انتشرت في مصر ظاهرة أطلقوا عليها وقتئذ ظاهرة "التاكسي".. حيث كان المحالون للمعاش. والذين يملكون رأس مال "صغيراً" يقومون بشراء سيارات "نصر1100" لتشغيلها كأجرة.. فتدر عليهم عائداً مجزياً..!
بعد سنوات.. ونتيجة زيادة العرض علي الطلب.. تراجعت "الظاهرة".. حتي أصبح الربح محدوداً.. ومحدوداً جداً..!

***

تطور المجتمع.. لا سيما بعد تطبيق سياسة الانفتاح في منتصف السبعينيات.. وطفت علي السطح "فئة جديدة" تضخمت أرصدة أفرادها في البنوك خلال فترة وجيزة.. إلي أن فكر واحد منهم في شراء "مركب" صغيرة حوَّلها إلي فندق عائم.. بعد ذلك كبر حجم المركب وأصبحت سفينة يقصدها السياح الأجانب من كل فج.. فضلاً عن المواطنين المصريين..!
كالعادة.. أغري الربح.. كثيرين.. هرعوا لاستثمار أموالهم في الفنادق العائمة.. التي تكدست بدورها فوق مياه النيل.. لدرجة أصبحت لا تجد "عملاء" مما أدي إلي توقف هذا النوع من النشاط..!!

***

أما في منتصف الثمانينيات فقد تفجرت الظاهرة "الأخطر".. حيث نشأت في غضون شهور قليلة. ما تسمي بشركات توظيف الأموال التي داعبت أحلام الناس لتستولي علي "تحويشة عمرهم" بعد أن خدعتهم بصرف أرباح غير حقيقية.. ثم سرعان ما اكتشفت اللعبة.. ليندب العائدون من الخارج. والرجال. والنساء. والشباب حظهم العثر الذي أوقعهم في "الفخ".. وللأسف مازالت "ذيول" المشكلة قائمة حتي الآن.. بعد أن رحل من رحل عن دنيانا تاركاً الورثة.. يشكون. ويصرخون. ويتشاجرون مع بعضهم البعض.. علي "تركة" زائفة..!

***

الآن.. بعد أن حطمت الحرية الاقتصادية كافة القيود.. وباتت عمليات البيع. والشراء.. وصرف الملايين من البنوك تتم عبر شبكة الإنترنت.. أو عن طريق "بصمة الصوت".. كان من الطبيعي أن تعود الحياة ل"البورصة المصرية".. التي اعتقد "المصريون" للأسف أن ضربة واحدة من خلالها.. تنقل محدود الدخل "الغلبان" الذي حصل علي مكافأة نهاية الخدمة مبكراً وقبل السن القانونية بسنوات عديدة إلي عالم المليونيرات.. لا سيما بعد أن طرحت يوماً إحدي الشركات "أسهماً" تضاعف سعرها مرات ومرات بعد ساعات..!!
ولأن "البورصة" اسمها "بورصة". وبالتالي ليس غريباً.. أن تشهد تغييرات متعاقبة.. ترفع بأسهم معينة إلي أقصي القمة.. ثم تهبط بها إلي سابع أرض.. فالمفروض أن المتعاملين معها يفهمون "طبيعتها".. وأن يتوفر لديهم "أقل القليل" من الثقافة الاقتصادية.. وإلا أعادونا إلي عصر "التاكسي". وزمن توظيف الأموال.. عندما تعالت الصيحات. ودوت الصرخات التي طالما مزقت سكون "الفجر".. حيث لم يجد "الضحايا" أمامهم من سبيل سوي أن يواصلوا الليل بالنهار.. باحثين عمن يقذف إليهم بقوارب النجاة.. لكن ما من مغيث..!!

***

لقد أكدت المنظمات العالمية.. أن التغييرات التي تشهدها البورصة المصرية.. هي تغييرات عادية.. بل وأيضاً متوقعة.. لكن السؤال:
*.. وماذا عن هؤلاء البسطاء الذين "سلموا" مصائرهم ل "سماسرة" لايعرفون عنهم شيئاً.. ولا يدرون إلي أين بهم ذاهبون..!!
طبعاً.. الإجابة صعبة إلا أننا نعود لنقول إن "التوعية" في أي مجال من المجالات ضرورية. ولازمة.. ومؤسسات المجتمع المدني يجب أن يكون لها دور في هذا الصدد.. وإلا سوف نفاجأ بأناس يلطمون الخدود ليل نهار.. مرددين: "بيتنا اتخرب" لتقيد القضية في النهاية ضد مجهول..!

الزمن القادم 30/05/2006 10:49 AM

25 عاماً في مسيرة مجلس التعاون
بقلم :عبد الحميد الأنصاري
البيان الاماراتية


تحتفل الأمانة العامة لمجلس التعاون، بمرور ربع قرن على إنشاء المجلس، وتتصدّر الصحف الخليجية والوسائط الإعلامي المختلفة عناوين بارزة وتصريحات ايجابية للأمين العام للمجلس عبدالرحمن بن حمد العطية حول انجازات المجلس الهادفة إلى التكامل الخليجي في مختلف المجالات المشتركة:


السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية والصحية والصناعية والتعليمية والتشريعية والزراعية والاستثمارية، ويتطلع الأمين العام إلى أن يكون المجلس تجمعاً اقتصادياً ونقدياً موحداً ونموذجاً فعالاً للتعاون الإقليمي عبر مزيد من التنسيق والترابط والتكامل وصولاً إلى تحقيق «المواطنة الاقتصادية الخليجية» تعميقا وتوسعاً واستجابة لتوجهات قادة المجلس وطموحات شعوبه ولعل هذه الاحتفالات، مناسبة حسنة، لتنشيط الذاكرة الخليجية باستدعاء ظروف نشأة المجلس قبل 25 عاماً في «أبوظبي» .


حيث استضاف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ رحمه الله ـ اخوانه القادة، وترأس الاجتماع التاريخي الذي أعلن ولادة المجلس وتوقيع وثيقة النظام الأساسي.


لقد شهدت ولادة المجلس، مخاضاً عسيراً، وسط رياح هوجاء كانت تصب بقوة على الشاطئ الآمن والمسالم للخليج مهددة دوله ،كانت الأطماع والمخاطر محيطة بدول الخليج، تداعيات حرب الخليج الأولى بين الجارتين اللدودتين العراق وإيران، من الشمال/ وتصدير الثورة الإسلامية من إيران من الشرق/ والأيديولوجيات اليسارية المعادية من الجنوب/.


ويوضح الأمين العام للمجلس آنذاك (عبدالله بشارة) في يومياته، المسببات التي أدت إلى قيام المجلس فيقول: «شهدت قمة بغداد ـ عقب توقيع اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية وما أعقبها من تبني بغداد موقفاً حاداً من القاهرة ـ أجواءً كريهة موجهة ضد دول الخليج لدفعها نحو قبول القرارات التي تريدها بغداد.


وتعرضت الوفود الخليجية إلى معاملة سيئة فيها ترهيب وتهديد، وأُرسلت إلى غرف الوفود الخليجية أوراق تحمل عبارات الانتقام، وتبنت مجموعة التطرف المكونة من الوفود العراقية ـ السورية ـ الفلسطينية ـ الليبية، أساليب الابتزاز، وسيطرت على المؤتمر عمليات التجسس والملاحقة دون اعتبار لكرامة قادة هذه الدول.


وأعتقد أن المبادرة نحو قيام كيان خليجي، يوفر اتخاذ مواقف موحدة، جاءت من استياء توّلد لدى قادة الخليج من الأساليب غير الأخلاقية التي اتبعها البعض لتأمين الموافقة الخليجية على البرنامج الذي وضعته بغداد ضد مصر.


لقد كان الهدف الأساسي وكما جاء في دقيقة التأسيس من قيام المجلس هو «التكامل الاقتصادي» ولذلك تبنى القادة بالإجماع «الوثيقة الاقتصادية» المقدمة من الكويت، دون «الوثيقة الأمنية» المقدمة من سلطنة عمان التي كانت تعاني من الوضع المتوتر على حدودها مع اليمن الجنوبي.


وكانت السلطنة تريد المجلس عوناً لها ضد الخاطر التي تهددها وخوفاً من التدخلات السوفييتية، ومع ذلك فإن القادة آثروا «الوثيقة الاقتصادية الجامعة» التي وضعت الأحجار التي بنى عليها المجلس مسيرته الاقتصادية اللاحقة. ولكن برغم كل ذلك، فرض «الأمن» نفسه، على أعمال المجلس وقممه، واستأثر التعاون الدفاعي بنصيب الأسد من جهود المجلس بسبب الأخطار المحيطة.


الآن بعد هذه المسيرة الطويلة هل حقق المجلس هدفه الأساسي «التكافل الاقتصادي»؟


هناك ولا شك خطوات تحققت على صعيد التكامل الاقتصادي في مجالات عدة منها التعليم وتملك العقارات والعلاج الصحي، وقيام الاتحاد الجمركي وإلغاء الضريبة الجمركية ومد الحماية التأمينية ويجري العمل على تحقيق السوق الخليجية عام 2007 وتوحيد العملة عام 2010 إلخ.


ولكن لا يمكن (بعد 25 عاماً ومع توافر كل الإمكانات والموارد والطاقات وبعدد سكاني لا يتجاوز الثلاثين مليوناً ووجود التجانس الديني والثقافي والسياسي) الدفاع أو التبرير لتصور المجلس وإخفاقه في تحقيق وتعميق مفهوم (المواطنة الاقتصادية الخليجية)، التكامل أساسه (اقتصاد) اللبنة الصلبة التي توحد الشعوب، وشبكة طرق متطورة وفعالة تربط أقطار دول المجلس، وسهولة في تنقل المواطنين وأموالهم وبضائعهم بين دول المجلس.


وأن يكون من حق الخليجي أينما حل أو ارتحل في أقطار التعاون أن يتمتع بنفس حقوق المواطن (توظيفاً واستثماراً وتملكاً وتجارة وتصديراً واستيراداً وأسهماً) وليس مهماً توحيد العمل والعملة والجواز بمقدار اختفاء هذا الجواز عبر المعابر والمنافذ والمطارات.


لكن الحاصل بعد 25 عاماً أن كل ذلك لم يتحقق، إذ لا توجد طرق دولية تربط أقطار الخليج، ولا توجد حتى الآن شبكة قطارات رابطة، ولا عبَّارات بحرية سريعة بين الموانئ الخليجية، أما الانتقال بالطائرات فقد زادت تكلفته، وفي تصاعد مستمر، وما زال الخليجي يعاني عبر المنافذ الحدودية البرية، ومازالت مشاريع الربط والترابط مؤجلة أو قيد الدراسة إلى أجل غير مسمى.


لقد فترت حماسة المواطن الخليجي تجاه المشاريع الخليجية المشتركة، بسبب أنه لا يلمس ثمرات العمل المشترك بين يديه، تسهل حياته وتتيح له انسياباً سلساً له ولأمواله واستثماراته مثلما يحس المواطن الأوروبي في تجواله وسياحه بين أقطار الاتحاد الأوروبي.


والسؤال المهم الآن: ما الذي أبطأ عمل المجلس وأثقل حركته وآخّر مسيرته؟


أتصور «3» عوامل مؤثرة هي:


1ـ إثقال أجندة القمم الخليجية بقضايا العرب المزمنة: فلسطين والعراق والسودان وخلافات لبنان وسوريا وقضايا الصراع مع إسرائيل وطغيان الهم العربي على الهم الخليجي في بيانات القمم الخليجية، بحيث أصبحت نسخاً متكررة من بيانات القمم العربية الروتينية.


2 ـ عدم وجود آلية خليجية مشتركة ومعتمدة لمراقبة أداء المجلس ومحاسبته.


3 ـ عدم تفعيل دور الهيئة الاستشارية ليكون برلماناً خليجياً مشتركاً.


ومع كل أوجه القصور، يظل المجلس هو الصيغة الأنجح في العمل العربي المشترك، ويظل الخليج هو الجزء السليم في الجسم العربي، وهما حقيقتان لا سبيل لإنكارهما.

الزمن القادم 30/05/2006 02:41 PM

مستقبل إدارة بوش والحزب الجمهوري

مقدم الحلقة: أحمد منصور
ضيف الحلقة: جيمس بوفارد: مفكر سياسي أميركي
تاريخ الحلقة: 17/5/2006


- مدى تصدع جبهة المحافظين الجدد
- الحزب الجمهوري وتحدي الانتخابات
- تجاوزات إدارة بوش وإساءة استخدامها السلطة
- فرص محاسبة إدارة بوش







أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحييكم على الهواء مباشرة من العاصمة البريطانية لندن وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود. مع التدني الهائل في شعبية الرئيس الأميركي جورج بوش والتي وصلت حسب آخر الاستطلاعات التي نشرتها صحيفة (USA Today) الأميركية إلى 31% وهي النسبة الأدنى في تاريخ رؤساء الولايات المتحدة فإن جبهة المحافظين الجدد التي تقود الولايات المتحدة منذ ولاية بوش الأولى والتي دفعته لشن حربه على أفغانستان والعراق مع القيام بحرب شاملة على الإرهاب هذه الجبهة بدأت في التصدع بعدما أعرب كثير من هؤلاء عن اعتراضهم على سياسات بوش ومن أبرزهم فرانسيس فوكوياما صاحب نظرية نهاية التاريخ وريتشارد بيرل أحد العرابين لإدارة بوش في فترة ولايته الأولى ووليام بيكلي وأنتوني سوليفان وآخرون وبينما طلب بعضهم بخروج القوات الأميركية من العراق مثل فوكوياما فإن آخرين اعتبروا أن لحظة المحافظين الجدد قد انتهت، لكن العدد الأخير من مجلة المحافظ الأميركي التي تعبر عن آراء المحافظين الجدد قد تجاوزت ذلك إلى أن الإمبراطورية الأميركية نفسها تعاني من ضعف ووهن كبير ومع انفضاض كثير من هؤلاء من حول الرئيس بوش فإن انتقادات هائلة توجه إليه ولنائبه ديك تشيني ووزير دفاعه دونالد رمسفيلد الذي طالب ستة من كبار الجنرالات السابقين في الجيش الأميركي بإقالته ومع تدني شعبية بوش فإن شعبية الجمهوريين كذلك في تدني كبير مع مخاوف من تغلب الديمقراطيين عليهم في الانتخابات التشريعية المقررة في نوفمبر القادم وإن حدث هذا فإنه يعني أن أميركا على مفترق طريق كبير وفي محاولة لفهم ما يدور داخل أروقة الدولة التي تنفرد بالهيمنة على السياسة العالمية نجري حوارنا اليوم مع أحد أبرز المفكرين السياسيين الأميركيين جيمس بوفارد الذي ينتمي إلى نفس حزب الرئيس بوش الحزب الجمهوري، يعمل بوفارد مستشار في مؤسسة مستقبل الحرية وهو مفكر سياسي أميركي بارز ينشر كتاباته في معظم الصحف والمجلات الأميركية البارزة مثل الوول ستريت جورنال، نيويورك تايمز، النيويورك ريبابليك، الواشنطن تايمز والنيوزويك، ألّف تسعة كتب أثار معظمها جدل واسع في الولايات المتحدة منها انتبه عجز ديمقراطي وخيانة بوش والإرهاب والطغيان والحرية في الأغلال والحقوق المفقودة، تُرجمت كتبه إلى العديد من اللغات منها العربية والإسبانية واليابانية والكورية، أطلقت عليه صحيفة الوول ستريت جورنال لقب الجنرال المتجول، مفتش الدولة الحديثة وأطلق عليه جورج ول كاتب العمود في الواشنطن بوست رجل واحد لكنه فرقة للبحث عن الحقيقة، حصل كتابه الحقوق المفقودة.. تدمير الحرية الأميركية المؤلف في العام 1994 على جائزة جمعية الصحافة الحرة كأحسن كتاب في ذلك العام، كما فاز كتابه الإرهاب والطغيان على جائزة ليزندر إسبونر لأحسن كتاب في العام 2003 كما حصل بوفارد على جائزة توماس زيس لأعمال الدفاع عن الحرية المدنية من مركز الفكر المستقل ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا على 00442075870156 أو يكتبوا إلينا عبر الفاكس 00442077930979 أو عبر موقعنا على شبكة الإنترنت www.aljazeera.net مستر بوفارد مرحبا بك شكرا لك على مشاركتك معنا.

جيمس بوفارد- مفكر سياسي أميركي: شكرا ولإتاحة فرصتي ولكلماتك الطيبة، أنا لست عضو في الحزب الجمهوري فقط لم يحدث ذلك من قبل على أية حال عدا عن ذلك كل ما قلتموه دقيق.

مدى تصدع جبهة المحافظين الجدد

أحمد منصور: في العشرين من سبتمبر من العام 2001 أي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بعشرة أيام أرسل أربعون من قيادات المحافظين الجدد رسالة للرئيس بوش تحضه على شن حرب على الإرهاب وأن يحطم حزب الله في لبنان وأن يهاجم سوريا وإيران وأن يعزل صدام حسين وتابع العالم بعد ذلك ما حدث، لكن هذه الجبهة تتصدع الآن ما هي قراءتك لتصدع جبهة المحافظين الجدد؟

جيمس بوفارد: لو أن ذاكرتي لا تخونني الأربعون الذين تحدثت عنهم لم يتطوع أحد منهم ليكون ضمن الفرقة مائة وواحد المقاتلة في العراق أو في سوريا أو في أفغانستان أو يهاجم حزب الله، أعتقد أن المحافظين الجدد خسروا الكثير من نفوذهم ومن مصداقيتهم وكانوا أكثر المشجعين لسياسة شن الحرب التي شنها بوش وروجوا لأكاذيبه والكثير منهم كان مشجعين من أجل العدوان ومدافعين عن التعذيب أن هناك ردة فعل سلبية ضدهم، لكنني لا أدري إلى أي مدى ستصل ربما قد يعودون لنيل النفوذ في المستقبل.

أحمد منصور: لكن في سبعة فبراير الماضي مجلة النيوزويك الأميركية نشرت تقريرا تحت عنوان تمرد في القصر أشارت فيه بالأسماء والوظائف إلى بعض أبرز قيادات المحافظين الجدد الذين تمردوا على سياسة بوش، صحيفة الإندبندنت البريطانية في التاسع من مارس الماضي خصصت الصفحتين الأوليتين للكلام حول آراء خمسة من كبار المحافظين الجدد الذين تمردوا على بوش منهم وليام بيكلي، فرانسيس فوكوياما، أنتوني سوليفان، ريتشارد بيرل وتراوحت آراء هؤلاء ما بين نعي المحافظين الجدد أو نعي إدارة بوش، هل انتهى مشروع المحافظين الجدد أم انتهى مبدأ بوش وإدارته؟

"
بوش بعد ثلاثة أيام من الحادي عشر من سبتمبر أعلن أنه سيقود حملة صليبية لتخليص العالم من شروره
"
جيمس بوفارد: أنا لست متأكد أن إدارة بوش كانت لديها أية مبادئ سوى الاستيلاء على أكثر قدر ممكن من القوة والهيمنة على أكبر جزء من العالم، بوش بعد ثلاثة أيام من الحادي عشر من سبتمبر أعلن أنه سيقود حملة صليبية لتخليص العالم من شروره وكان قد شعر بخيبة أمل لأن قليل من الأميركيين رأوا في ذلك حماقة وخطورة بقدر تعلق الأمر بمشروع المحافظين الجدد، المحافظون الجدد خسروا الكثير من نفوذهم لكن كان يجب أن يخسروا ذلك منذ وقت طويل، فالكثير من المحافظين الجدد والكتاب ما زالوا لهم كتابات ولم يخسروا أعمدتهم في الواشنطن بوست أو وول ستريت جورنال أو النيويورك تايمز أو لوس أنجلوس تايمز ما زالوا يكتبون في المجلات وما زالوا أيضاً يظهرون في نشرات الأخبار في التلفزيون، إذاً للأسف إنه لم يتم حتى الآن إدراك بعض الجوانب الهامة من المحافظين الجدد الذين يمجدون قوة الحكومة وسلطة الحكومة كانت هذه إحدى أخطر العقائد في تاريخ أميركا الحديث والمحافظين الجدد قد دفعوا بالكثير من ذلك لاتجاه.. المحافظين الجدد وضعوا الحكومة في مكان راق وهي ما تزال في ذلك المركز رغم تراجع شعبية بوش لكن الأميركيين لديهم الكثير من الثقة في الحكومة حتى الآن وهذا يعني إنه يمكن أن يسهل على الحكومة أن تكذب لتشن حرب أخرى جديدة.

أحمد منصور: لكن هذا الانشقاق ألا يمكن أن يؤثر سلبا على المدى القريب على إدارة بوش وعلى تلك المكانة التي وضع المحافظون الجدد الحكومة الأميركية فيها؟

جيمس بوفارد: أنا لست متأكد من فهم سؤالك، الكلمات الأولى لم أسمعها..

أحمد منصور: سؤالي هو أما تعتقد بأن انفضاض هؤلاء من حول بوش الآن وبداية الانشقاق بينهم يمكن أن يؤثر مستقبلا على إدارة بوش؟

جيمس بوفارد: نعم لهم بعض التأثير ولذلك بعض التأثير وهذا يعني أن بوش لا يملك نفس الحراس الفكريين لأكاذيبه والتي يروجون لها لأن هذا ما كان الدور الذي يلعبونه، فقد كانوا دائما هناك يعتذرون، يدافعون عن أي كذبة لبوش أو أي محاولة استحواذ على وسائل القوة، لكن مرة أخرى المحافظين الجدد مازال لهم مكانة بارزة، مازال لهم نفوذ وبوش من الآن يحاول إخافة الأميركيين بسبب برنامج النووي الإيراني وتعلمون أن أنا ليس لدي ثقة من أن الخطر قد زال لأن مشكلة أساسية في ديمقراطية أميركا أن هناك الكثير من الناس جهلة والحكومة بإمكانها أن تقوم بهذه الأعمال وينجو بفعلتهم المحافظين الجدد ساعدوا الحكومة في ذلك وسيفعلون في المستقبل.

أحمد منصور: كتبت أنت في 25 مارس الماضي طالما تحدثت عن الجهل وكثير من الدراسات التي تضع أميركا في مصاف الدول المتقدمة والدول الأكثر علما لكنك كتبت مقالا تحدثت فيه عن أن أغلبية الشعب الأميركي جاهل بالسياسة وبما يفعله القادة السياسيون مجلة ناشيونال جيوغرافيك نشرت استطلاع مؤخرا أثبت أن معظم الطلبة في الولايات المتحدة ربما لا يعرفون أسماء عواصم المدن داخل الولايات المتحدة وكثيرون يجهلون أين موقع العراق وأين موقع أفغانستان التي تحاربها الولايات المتحدة، هل جهل الشعب الأميركي يلعب دورا في الأمر؟

جيمس بوفارد: بوش كان يستفيد كثيرا من جهل الشعب الأميركي لهذا صار بوش حصل على ولاية ثانية بسبب جهل الأميركيين، فيوم الانتخابات في عام 2004 والمصوتون لبوش بفارق ثماني إلى واحد كانوا يشعرون بأن الأمور تجري على ما يرام للولايات المتحدة في العراق وكيف يمكن لأي أحد أن يتجاهل بعد عام ونصف من إعلان بوش أن المهمة انتهت ليشعر بأن الأمور تسير على ما يرام هو أمر حقيقة ينافي المنطق الحكومة.. الأميركيون عفوا جهلة بما تفعله الحكومة وبالقانون لهذا السبب لا يدركون أن الحكومة قد تجاوزت حقوقهم الدستورية.

أحمد منصور: ما هي أشكال هذا الجهل؟

جيمس بوفارد: على سبيل المثال الشعب الأميركي لا يعرف أسماء أعضاء الكونغرس وكثير لا يعلمون أعضاء مجلس الشيوخ أو طول ولايتهم أو أعضاء مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، ليست لديهم أي فكرة من أن الكثير من الأميركيين ليست لديهم فكرة عن الدستور الذي يحميهم من بعض التجاوزات على حقوقهم ولا يعلمون أن هناك حقوق تتيح للحكومة لا تمنع للحكومة بتوقيف أحد على ذمة التحقيق أكثر من فترة زمنية قصيرة، الآباء المؤسسون جورج واشنطن وغيره كانت لديهم رؤية رائعة بأن أميركا تكون أمة تحت سيادة حكم القانون لكن في السنوات الخمس والست الأخيرة الحكومة سمح لها بأن تخالف القانون سواء إن كان بتعذيب الناس أو تقوم بالتصنت أو تكذب حتى تجر البلاد إلى حرب لا يهم طالما أن الحكومة تفعل ذلك وأعاد بوش تعريف الحرية والحرية ببساطة الآن هي حريات شن أميركا وتمجد بوش.

أحمد منصور: ما هي أشكال هذه المخالفات التي قامت بها الحكومة الأميركية؟

جيمس بوفارد: على سبيل المثال تعلّم الأميركيون قبل مدة أن وكالة الأمن القومي قامت بالتصنت بشكل غير قانوني على الآلاف من الأميركيين في بداية عام 2002 وتعلّمنا قبل عدة أيام أن بسبب ضغط الحكومة على شركات الهواتف فإن الكثير من المكالمات تم تسجيلها لصالح الحكومة وأيضاً هناك عمليات تفتيش قامت بها الحكومة لم تكن تستند إلى مذكرات قانونية وقضائية أو مبرر قانوني، إذاً ما تقوم بها إدارة بوش تدمر خصوصية المواطن الأميركي باسم الدفاع عن الحرية وللأسف أن الكثير من الأميركيين جهلة لدرجة أنهم لا يدركون ذلك يتم لهم.

أحمد منصور: لكن الرئيس الأميركي قال إنه يقوم بهذه الأشياء من أجل حماية الشعب الأميركي ويقول بأن الكونغرس على علم بهذه الإجراءات؟

جيمس بوفارد: حسنا في الجزء الثاني بوش كما يفعل دائما هو يكذب لأن الكونغرس أبلغ بقليل جدا بما تفعله الحكومة وبقدر تعلق الأمر لأنه يفعل ذلك ليحمي الناس، بوش كثيرا ما تصرف وكأنه ديكتاتورا منتخب ببساطة لأنه حصل على بعض الأصوات أكثر من منافسه في 2004 وبأصوات أكثر في عام ألفين يعتقد أنه أُعطيَ سلطات مطلقة ليفعل ما يراه ضروريا وأظهر بوش ازدراءه بالدستور وللقانون وهناك الكثير من القوانين التي تم انتهاكها في غوانتانامو لكن ذلك لا يهم لأن بوش يقول إن هذا ضروري لحماية البلاد رغم أن الكثير من الذين يعترفوا الحكومة الأميركية الآن بأنهم من الموجودين في غوانتانامو لم يكن من المحاربين بل ببساطة تم جمعهم من باكستان وأفغانستان وأرسلوا إلى كوبا وهذا لم يفعل شيئا لحماية أمن أميركا وبوش خلق من الإرهابيين أكثر من ما حطم والحصول على قوة مطلقة وإراقة كل تلك الدماء في العراق وأماكن أخرى وضع بوش الأميركيين في خطر أكبر.

أحمد منصور: في كلمته الإذاعية الأسبوعية يوم السبت الماضي شدد الرئيس بوش على أن إدارته تحاول مطاردة تنظيم القاعدة من خلال التنصت على سجلات الاتصالات الهاتفية لملايين من المواطنين لكنه شدد على أن هذه النشاطات موجهة ضد القاعدة وشركائها وليس ضد الشعب الأميركي؟

جيمس بوفارد: لو أن هذه الأفعال غير موجهة بشكل مباشر للأميركيين لماذا انتهى الأمر إلى إزالة سجلات مكالمات هاتفية؟ بوش يقول إن هناك الكثير من داعمي وأنصار القاعدة في أميركا وهو يغير أكاذيبه المرة تلو الأخرى، في وقت الانتخابات قال بوش إنه لن يكون هناك تصنت من دون مذكرات قانونية وقال ذلك عدة مرات فتبين أن كان الأمر يتم حقيقة بتلك الشاكلة وأنا محتار كيف أن أي أميركي الآن يصدق بوش بعد كل هذه الأكاذيب التي أطلقها وارتكابه كل هذه التزييفات ضد القانون وضد الدستور وأيضا محاولاته لاستحصال القوة التصرف بها كان كارثيا على الأميركيين وحقوقهم أيضا.

أحمد منصور: لكن أيضا الأميركيون انتخبوا بوش للمرة الثانية ولازال الشعب الأميركي ولازال الإعلام الأميركي يقدم الرئيس بوش على أنه الرئيس الأمين على الشعب الأميركي والذي يحافظ عليه لماذا تنقل أنت صورة أخرى؟

جيمس بوفارد: أنا أعطيك صورة مختلفة لأن الصورة الرسمية محض هراء، فهناك تعابير أشد قسوة لكنني أخجل لأن هذا برنامج تشاهده عائلات فلن أقول هذه الكلمات، الكثير من وسائل الإعلام تلعن بوش منذ مجيئه إلى السلطة سواء كان توجهه أيا كان، وسائل الإعلام للأسف في واشنطن خاصة تركع لمَن هو في الصورة لأن وسائل الإعلام تريد أن يراها الناس وكأنها شريك في السلطة، بوش تم إعادة انتخابه وهو مثير للاهتمام أنه في عام 2004 الحكومة الفدرالية أصدرت الكثير من التحذيرات من وقوع هجمات إرهابية، دراسة من جامعة كورنيل أظهرت أنه في كل مرة أطلقت فيها الحكومة التحذيرات ارتفعت شعبية بوش بنسبة 3% هذا ليس شيء الأميركيون يجب أن يشعروا بالافتخار به لأن هذا يرمز إلى مدى السهولة التي تستطيع فيها الحكومة لإخافة الشعب ليستسلم لها ولهذا السبب ربما حصل على ولاية ثانية، ربما من أحد الأسباب أن جون كيري كان منافسا سيئ وكان غير نزيه عدة مرات أنه أمر مخزي أن يعاد انتخاب بوش لأميركا وهذا العدد من الأميركيين شعر بهذا الرفض لانتهاكاته وأعمال التعذيب وغيرها.



الحزب الجمهوري وتحدي الانتخابات

أحمد منصور: لماذا أطاحت ووترغيت وهي فضيحة التنصت بالرئيس نيكسون ولم تطح فضائح التنصت على آلاف الأميركيين أو ملايين الأميركيين بالرئيس بوش؟

جيمس بوفارد: السبب ببساطة هو أن حزب بوش يسيطر على الكونغرس وعندما كان نيكسون يخالف القانون وحقوق عدد كبير من الأميركيين الكونغرس كان تحت سيطرة الحزب الآخر وهو الحزب الديمقراطي والديمقراطيون قاموا بشن تحقيقات حقيقية وكثيرون يرون أن الانتخابات لنصف الولاية التي تأتي في نوفمبر القادم وإذا ما فاز فيها ديمقراطيين وسيطروا على أحد المجلسين أو كليهما سوف يقومون بمثل هذه التحقيقات والتي ستنهي إدارة بوش لكن كمواطن أميركي أمر محبط تماما أنه لا فكرة لدي ما تقوم به الحكومة.. ومعظم أعمال بوش المثيرة للجدل لم نسمع عنها شيئا وأيضا تلك الأوامر السرية التي أطلقها بوش لم نعلم عنها ولو كنا نعلم عنها لكانت شعبيته أدنى بكثير من 31% لكن الحكومة تُبقي على أسرار كثيرة ضد الشعب وفي نفس الوقت تدمر خصوصية الشعب.

أحمد منصور: هل تعتقد أن نسبة الـ 31% تعني أن الجمهوريين يمكن أن يخسروا الانتخابات التشريعية القادمة في نوفمبر لصالح الديمقراطيين؟

جيمس بوفارد: نعم بالتأكيد وتعلمون أيضا لو أن هناك إله عادل سيكون أمرا عظيما حقيقة أن نرى أن الناخبين يعاقبون الرؤساء لكذبهم لكن أمر محبط أن نسمع الخطابات ونقرأ تعليقات السياسيين لنرى مدى سهولة الأمر للسياسيين أن يكذبوا وينفذوا بفعلتهم.

أحمد منصور: لكن بوش يريد أن ينقذ نفسه، ما هي الطرق والوسائل التي يمكن أن ينقذ بها نفسه حتى يفوز الجمهوريون بالانتخابات التشريعية؟ هل تعتقد إمكانية شن الحرب على إيران كطريقة لرفع شعبية الجمهوريين؟

جيمس بوفارد: أعتقد أن الكثيرين يعتقدون ذلك وأن هو جزء من السبب الذي يخاف يجعلهم يخافون أن بوش قد يهاجم إيران قبل الانتخابات وقد يشن هجوما في أكتوبر قبل الانتخابات في بداية نوفمبر والأميركيون عادة يحتشدون حول قائدهم وزعيمهم عندما تدخل الأمة في حرب لكن ربما قد لا تنجح هذه الطريقة هذه المرة، إن كثيرون أدركوا أن بوش كاذب لكن الوجه الآخر للعملة أن كلينتون كان كذابا كبيرا لكن بعد تعرضه للمساءلة ومحاولة تنحيته عن منصبه بعد فضيحة لوينسكي بعد شهر من ذلك الرئيس كلينتون شن حربا ضد يوغسلافيا وارتفعت شعبيته بسبب الحرب رغم أن الولايات المتحدة كانت غير مبررة في مهاجمتها ليوغسلافيا وقضيتها بنيت على جملة أكاذيب.

أحمد منصور: إذاً لو تم الضرب لإيران يمكن أن تتم قبيل الانتخابات حتى ترفع أسهم بوش ويلتف الأميركيون حوله دون أن تكون هناك حسابات لدى بوش ما هي عواقب الضربة التي يمكن أن توجه إلى إيران؟

جيمس بوفارد: بوش لم يبدُ أبدا وكأنه يأبه بما يحدث مثل العراق فلماذا سيأبه بما يحدث في إيران إذا ما شن حرب عليها؟ بوش لم يدفع أي ثمن شخصي للدم الذي أراقه من الدماء الأميركية والدماء العراقية إذاً بوش استمتع بالجزء الأول من حرب العراق لأنه أعطته فكرة ليستعرض عضلاته ويتصرف وكأنه هو الذي قاد الهجوم إلى بغداد والكثير من الأميركيون استجابوا له بهذه الطريقة هذه هي مشكلة ليس فقط مع الأميركيين ولكن مع الكثير من الأنظمة الديمقراطية أن الحكومة يمكن أن ترفع شعبيتها بمهاجمة بلد آخر.

أحمد منصور: الرئيس بوش يقول إنه يسعى لشن حرب على الإرهاب في كل ما يقوم به وأنت تقول أن الشعب الأميركي شعب جاهل ما هو مفهوم الشعب الأميركي عن الإرهاب؟ مَن هو الإرهابي في مفهوم الشعب الأميركي؟ أسمع منك الإجابة بعد فاصلا قصير نعود إليكم بعد فاصلا قصير لمتابعة هذا الحوار فابقوا معنا.



[فاصل إعلاني]

تجاوزات إدارة بوش وإساءة استخدامها السلطة

أحمد منصور: أهلا بكم من جديد بلا حدود من العاصمة البريطانية لندن ضيفنا جيمس بوفارد المفكر السياسي الأميركي، كان سؤالي لك عن الشعب الأميركي الذي تقول أو الدراسات تقول إنه شعب جاهل بوش يقول إنه يشن حربا على الإرهاب ما هو مفهوم الشعب الأميركي عن الإرهاب والإرهابيين؟

"
معظم الأميركيين يدعمون الحرب على الإرهاب وهذا أمر مفهوم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر
"
جيمس بوفارد: حسنا معظم الأميركيين يدعمون الحرب على الإرهاب وهذا أمر مفهوم من أن الأميركيين سيدعمون ذلك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر لكن للأسف الحكومة يمكن أن تستخدم وصفة الإرهاب لاستحصال قوة مطلقة، هناك الكثير من التعريفات تستخدمها الحكومة الفدرالية للإرهاب، الحكومة الإرهابية في الأسابيع في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر كانت تعتقل أي مسلما أو أي عربي بأدنى مخالفة دخول أو إقامة على افتراض أن لهم علاقة بالحادي عشر من سبتمبر وتصمهم بوصف تدخل ضمن تحقيقات الحادي عشر من سبتمبر والـ (FBI) كانت تحت ضغط لجلب الكثير من الناس للتحقيق معهم كأن الـ (FBI) يبحثون في سجلات أرقام الهواتف ليعثروا على أسماء عربية يلاحقونها، هناك توجيهات سرية أصدرت للشرطة حول كيفية اكتشاف مهاجم انتحاري وهذا وُزع على أكثر من 18 ألف من الأفراد والوكالات وقيل لهم إن الانتحاري يمكن أن يكون شخصا يبدو وكأنه في حالة من النشوة أو في نظرة مركزة في وجهة أي منهم يمكن أن يكون مهاجما انتحاريا أو أحد يرتدي ملابس أو عمة عريضة مترهلة أو شخص قد يرتدي ملابس لا تتناسب مع المناخ أو الحالة الجوية أو شخص عندما يقف في طابور في دكان بقالة يشعر بعدم الارتياح أن هذه الوساطة الغبية لا تعني ليس لأي منطق وهي تتجاوز حدود المنطق نعم هناك تهديد إرهابي لكن الحكومة عليها أن تتخذ خطوات من شأنها تحديد أولئك الذين قد يشنون هجومات عنفية لكنهم نشروا توجهاتهم على مدى أوسع مما هو مقبول منطقيا.

أحمد منصور: وزارة العدل الأميركية بعد الحادي عشر من سبتمبر نشرت تقريرا مسح لأكثر من ألف ومائتي أميركي تسألهم عن مَن هو الإرهابي فكان الشك حتى في الطلبة المسلمين الذين يعملون في بقالات البيتزا بأنهم يمكن أن يكونوا إرهابيين إذا لم تكن معهم إقامات سلمية، وفقا لمذكرة سرية لوزارة الأمن القومي كشف عنها النقاب في العام 2004 تم التعميم على الإدارات الأمنية على معاملة منتقدي الحرب على الإرهاب على أنهم إرهابيون، أما تخشى أن تُتهم بأنك إرهابي بسبب كتاباتك وانتقاداتك الشديدة التي توجهها لبوش وإدارته حتى إنك كتبت كتابا كاملا سميته خيانة بوش؟

جيمس بوفارد: أنا لا أبدا لا أستطيع أتخيل ذلك، هذا لا يحدث في أميركا، نعم أن هناك خطورة وأنا تلقيت الكثير من الردود المعادية على كتاباتي رسائل البريد الإلكتروني سموني معادي لأميركا سموني خائنا وأدعم العدو وما إلى ذلك لكن هذا أمر مثير للاهتمام أن هناك في أماكن كتبت فيها في التسعينيات عندما كان بيل كلينتون رئيس وكنت أشير إلى بعض انتهاكات السلطة التي قام بها كلينتون وبعض الناس الذي حبوا أعمالي يكرهونها الآن والفرق هو الحزب الذي هو في السلطة وهذا أمر مخيب للآمال، الكثيرين من المحافظين في واشنطن قرروا أن يغمضوا أعينهم تجاه فساد إدارة بوش وإساءة استخدام السلطة والثوابت التي وضعها لأن الرئيس القادم ستكون له قوة أكثر لينتهك الكثير من الحقوق والمزيد من الحروب أيضا.

أحمد منصور: ما هي في نقاط محددة هذه التجاوزات وهذه الانتهاكات وهذا الاستخدام الغير سليم للسلطة الذي تتحدث عنه في نقاط؟

جيمس بوفارد: حسنا إن الحكومة الآن تتجسس بشكل غير قانوني على الشعب الأميركي نعلم وأنهم قاموا بتصنت على الهواتف مع وكالة الأمن القومي بدون مبررات احتجزوا أعداء..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ثانيا، ثاني تجسس.

جيمس بوفارد: حسنا الحكومة وضعت الكثير من الناس في المعتقلات وهم أبرياء وفي الكثير من الحالات احتجزوهم بدون توجيه تهم؛ كان هناك قضية محامي مسلم والذي كان أميركي بالولادة اعتنق الإسلام وأيضا وكالة الـ (FBI) وزعمت إن بصمات أصابعه عثر عليها في مدريد بعد هجمات 2003 لكن الشرطة الإسبانية قالت لم يكن تطابق..

أحمد منصور: أنت كتبت عنهم مقال في مجلة المحافظ الأميركي في 11 أكتوبر 2004 براندون نيفيلد وهو أميركي متزوج من مصرية، ما هي طبيعة التلفيقات التي توجه للمسلمين بشكل خاص من الأجهزة الأمنية الأميركية؟

جيمس بوفارد: حسنا أعتقد أنه كانت هناك كثير من الحالات تزعم أن المشكلة أن هناك الكثير من القوانين عندما أقرت الحكومة ملاحقة أي شخص ستجده سبب لتوجيه تهمة إليه والكثير من الجمعيات الخيرية الإسلامية كانت تعرضت للملاحقة والتحقيق أو الإغلاق على أرضية مهزوزة جدا وبعضها في النهاية قد واجهت اتهامات، لكن هناك حالات كثيرة الحكومة تبدأ بالقول إن شخص ما متهم بتمويل الإرهاب وبعد ذلك يبدو إنها مخالفة ضريبية والمخالفة الضريبية هذا أمر يمكن أن توجه تهمة ويمكن أن توجهها إلى أي شخص ولا أحد يفهم قوانين الضريبة أصلا..

أحمد منصور: ما هي التجاوزات الأخرى؟

جيمس بوفارد: حسنا إدارة الرئيس بوش كانت عدوانية جدا بإقامة مناطق خطابات حرة، التعديل الأول للدستور الأميركي يضمن حرية التعبير والكلام لكن ما فعلته إدارة بوش أنها ترسل وكلاء المخابرات السريين إلى الأماكن التي سيتحدث فيها الرئيس ليحجز الناس ويبعدهم على بعد نصف ميل أو أكثر من الذي يمكن أن يعارضوا وسوف يجبر على كل مَن يعارض بوش أن يبقى بعيدا عن المكان، هذا حدث في مؤتمر الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري وكان هناك حَجْر على حرية الكلام، من الانتهاكات الأخرى أيضا هناك قانون ضمان حرية المعلومات الذي يضمن حصول الأميركان على المعلومات حول ما تقوم به الحكومة، بوش أطاح بهذا القانون وتجاوز على نصوصه وجعل من الحكومات السرية في نفس الوقت زادت إساءته للسلطة.

أحمد منصور: هل الأميركان لا يعرفون هذه التجاوزات؟

جيمس بوفارد: بعض الأميركيين يعلمون ذلك وهناك بعض المحامين الذين أثاروا هذه القضية وكثير من الأميركيين تحدثوا ضدها وكثير من الأميركيين يعلمون أن بوش خالف الدستور ربما أيضا الدفاع عن الحقوق المدنية، منظمة العفو الدولية، بعض مراكز البحث لكن الغالبية العظمى من الشعب الأميركي سايرت الوضع والكثير من الأميركيين وافقوا على هذه المخالفات.

أحمد منصور: التقرير السنوي لمنظمة هيومان رايتس ووتش الأميركية المهتمة بحقوق الإنسان حول العالم أكد أن التعذيب وإساءة معاملة السجناء كان جزء لا يتجزأ من استراتيجية إدارة الرئيس بوش في حربها على الإرهاب هذا في التقرير الأخير ما هي دلالات ذلك؟

جيمس بوفارد: حسنا كانت هناك بعض التحقيقات من قبل الحكومة الأميركية أظهرت أن الكثير من التعذيب في العراق وأن تم الناس تعرضت للضرب حتى الموت في أفغانستان وأعتقد أنه في آخر مرة كان العدد 35 اعترفت الحكومة بأن هناك جرائم قتل ارتكبت بحقهم وكنتيجة للتحقيق العدد الحقيقي ربما يكون أكبر بكثير، عدد من الضباط والجنود الأميركيين تحدثوا عن الانتهاكات التي رأوها أو شاركوا فيها وعدد من كبار المحامين العسكريين حاولوا إيقاف ذلك، قضية التعذيب هي المثال الأفضل على الكيفية التي غيرت فيها إدارة بوش أميركا لأنه كانت هناك مقاطع في مذكرة في أغسطس 2002 وتحدثت كيف أن الرئيس كان له الحق في أن يأمر بذلك وما يقولونه إن الرئيس هو فوق القانون في فترات الحرب وهذا يعادي أميركا بشكل عميق وأيضا يسخر من كل الحقوق التي كافح من أجلها الآباء المؤسسون وهي وثيقة سرية، إذاً كبار المحامين في إدارة بوش يقولون لبوش الحق أن يكون ديكتاتورا بدون أن يعلم الشعب بذلك.

أحمد منصور: ما تقييمك لمشروع الرئيس بوش وإدارته لنشر الديمقراطية في العالم؟

جيمس بوفارد: إنه من الأسف والمحزن أن الكثير من الأميركيين يأخذون بوش على محمل الجد، الناس في الخارج يضحكون عندما نذكر هذه القضية لكن بوش يحصل على التصفيق عندما يتحدث عن ذلك في بعض أجزاء الولايات المتحدة، في أجزاء أخرى الناس يضحكون عليه الآن ولكنه أمر عظيم أن يكون لنا حكومة تمثل الشعب لكن ليس ممكنا أن نفرض الديمقراطية بحراب البنادق أو نلقي القنابل من على ارتفاع ألفي قدم، بعض الناس يقولون لبوش إن من خلال التدخل في العراق وفي بلدان الشرق الأوسط وأماكن أخرى سوف نأتي بنعمة الحرية على الناس لكن هذا أمر يثير الكثير من الكراهية ضد الأميركيين وبوش أنفق الكثير من المال على هذا وإذا ما نظرت فيما فعل سترى كيف أن الولايات المتحدة تحاول التلاعب بنتائج الانتخابات الأجنبية مثلما حدث في الانتخابات.. وغيرها ومع علاوي في العراق، إنها تزييف كامل ومازال الناس يصدقون.



فرص محاسبة إدارة بوش

أحمد منصور: اسمح لي ببعض المشاركات، أرجو من الأخوة المشاهدين طرح أسئلتهم بشكل مختصر ومباشر، برهان العراقي من بريطانيا تفضل.

برهان العراقي- بريطانيا: السلام عليكم، تحية لك وإلى ضيفك، أستاذ أحمد أنا عراقي أريد أسأل ضيفك إدارة الرئيس بوش ألقت اللوم على أجهزة الاستخبارات الأميركية جورج سند وجورج سند استقال وألقى اللوم على أحمد جلبي قال جاسوس أحمد جلبي هو الذي خدعنا وأعطانا معلومات كاذبة لكن المفارقة وهو أن الأميركان طردوا أحمد جلبي هرب إلى إيران وإلى السيستاني ثم من بعد ذلك كونداليزا رايس أرسلت برقية تهنئة إلى أحمد جلبي، كيف تفسر هذا التناقض؟ هل كونداليزا رايس لطمت رأسها فبدأت تتخبط مثل الجماعة..

أحمد منصور: شكرا لك شكرا..

برهان العراقي: أم يعني كيف تفسر هذا؟

جيمس بوفارد: حسنا بالطريقة هذه لا تزيد من ثقتي بإدارة الرئيس بوش وهو أمر مذهل أن إدارة بوش تلافت دفع الثمن عن أكاذيبه في العراق إذا ما رجعت إلى خطاباتهم منذ منتصف 2002 حتى الآن هناك كذبة تلو الكذبة، لم تكن هناك أسلحة دمار شامل، في بدايات عام 2003 الرئيس بوش كان يقول للأميركيين لو أن الحرب فرضت على أميركا فسوف نخوضها، لم يفرض أحدا الحرب على أميركا، صدام لم يمتلك القدرة على فرض حرب على أميركا لكن بوش قد تعوَّد على الكذب وبقدر تعلقي بالأمر هناك أمر مهم في حكم القانون لو أن أحد يُزوِّر أو يخالف القانون أو يدلي بشهادات كاذبة أمام الكونغرس أو غير ذلك يجب أن يحاكم وإذا كان مذنبا يجب أن يسجن وهناك إشارة إلى عودة الحكومة في أميركا إذا كان هناك مسؤول كبير كذب وسُجِن لفعلته.

أحمد منصور: لمَن أراد من المشاهدين أن يكتب إلى جيمس بوفارد بريده الإلكتروني هو [email protected] سيظهر على الشاشة تباعا لمن أراد أن يكتب إليه [email protected]، عبد العزيز الموسى من السعودية تفضل يا أخ عبد العزيز.. عبد العزيز..

عبد العزيز الموسى- السعودية: ألو..

أحمد منصور: تفضل يا سيدي..

عبد العزيز الموسى: ألو مساء الخير..
أحمد منصور: مساك الله بالخير..

عبد العزيز الموسى: ألو..
أحمد منصور: سؤالك تفضل..

عبد العزيز الموسى: ألو مساء الخير..
أحمد منصور: سؤالك يا سيدي تفضل..

عبد العزيز الموسى: ألو مساء الخير..
أحمد منصور: الأخ مهنا عطا الله من الجزائر.. مهنا.. مهنا.

مهنا عطا الله- الجزائر: ألو السلام عليكم.

أحمد منصور: تفضل سؤالك يا سيدي.

مهنا عطا الله: ألو سلام عليكم.

أحمد منصور: عليكم السلام ورحمة الله.

مهنا عطا الله: هل الشعب الأميركي يعتبر المقاومين في العراق إرهابيون؟

أحمد منصور: شكرا لك.

مهنا عطا الله: السلام عليكم.

أحمد منصور: هل الشعب الأميركي يعتبر المقاومة في العراق إرهاب؟

جيمس بوفارد: تعلمون أن الأميركيين الذين يهتمون بالأمر لا يعتبرون معظم المقاومة العراقية إرهابية، هذا بالتأكيد هي الوصمة التي حاولت أميركا وإدارة بوش أن تطلقها على كل من يحاول إطلاق النار عليهم، هذا لا ليس له أي معنى، أنا كنت.. إن وصمات بوش على الناس تفقد فاعليتها وتأثيرها، كان هناك مقال في الواشنطن بوست تحدث كفى أن إدارة بوش تشجع كبار المسؤولين بوزارة الزراعة في كل خطاب يلقونه أن يتحدثوا عن كيف أن الحرب تسير على ما يرام في العراق والكثير من المسؤولين لم يرغبوا بذلك إن الناس يضحكون عليهم وهذا علامة على حصول تقدم، أعتقد أن الأميركيين الذين يهتمون بالأمور لا يقبلون أن كل مقاومة هي إرهاب لكن للأسف آمل لو أن المزيد منهم يهتمون بالأمور بهذا الشكل.

أحمد منصور: قلت إن الكونغرس هو الذي يمكن أن يحاسب الرئيس، هل معنى ذلك أنه في حالة فوز الديمقراطيين يمكن أن يحاسبوا إدارة بوش؟

جيمس بوفارد: إنهم بالتأكيد ممكن أن يزيدوا من حماوة وسخونة الأمور، يطلقون تحقيقات، يرسلوا مذكرات استدعاء قد تكون هناك قضايا كبيرة أمام المحاكم ربما الرئيس بوش يراوح ويبقى حتى نهاية ولايته لكن نية الآباء المؤسسين أرادوا لأن يكون هناك توازن في الحكومة بين الكونغرس والذراع التنفيذي للدولة وهذا ليس موجودا على الإطلاق في ظل الإدارة الحالية لأنه لا يهمهم ما يقوم به بوش سواء كان تعذيبا أو شن حروب على تبريرات كاذبة فمعظم الجمهوريين سوف يؤيدونه ويسيرون وراءه أيا كان المسار فهم الذين خالفوا قسمهم لحماية الدستور.

أحمد منصور: أبو علي الشمري من النجف في العراق، سؤالك يا أبو علي.

أبو علي الشمري- النجف: ألو مساء الخير يا أخي الفاضل.

أحمد منصور: مساك الله بالخير يا سيدي.

أبو علي الشمري: وعلى ضيفك العزيز..

أحمد منصور: شكرا سؤالك..

أبو علي الشمري: وأوجه له سؤال من العراق هل تعلم يا سيدي الفاضل أن رئيسكم كالحمار الذي يحمل أسفارا..

أحمد منصور: لا عفوا، يعني نحن لا يعني نحافظ مهما كان لا نوجه شتائم إلى أحد مهما كان، سمعت سؤاله هو يعني هو وجه شتائم إلى الرئيس بوش ربما أنت وجهت له كثير من الشتائم في كتبك أيضا ولكن نحن نحاول أن نرتقي فعلا..

جيمس بوفارد: أنا؟ ربما ربما، لكني لم أستخدم كلمات عربية..

أحمد منصور: نعم، العدد الأخير من مجلة المحافظ الأميركي التي تتحدث باسم المحافظين الجدد في عدد 22 مايو الجاري كان عنوان الكتاب هو ضعف الإمبراطورية وتحدث عن الضعف الذي بدأ يدب في الولايات المتحدة أو الإمبراطورية الأميركية حتى إن الافتتاحية تحدثت عن قول أحد الجنرالات في الجيش الأميركي قوله إن الجيش العراقي سَيُهزَمُ في العراق، هل بدأت الإمبراطورية الأميركية في طريقها إلى النهاية من خلال ولاية وعهد بوش؟

جيمس بوفارد: لا أدري لكن شخصيا لو أن لي الخيار أن أختار بين الحرية أو بإمبراطورية سأفضل الحرية، هذا ما صممه الآباء المؤسسون للحكومة الأميركية، لم يصمموها لشن حملات حرب في الخارج وقالوا إن الطريق.. بوش يقول إن الطريقة الوحيدة لضمان الحرية هي أن هيمن الأميركيون على العراق والحرب في العالم عفوا والحرب في العراق أثبتت خطأ ذلك وأثارت كثير من النقمة ضدنا.

أحمد منصور: هل تعتقد أن الشعوب التي تعرضت لنقمة أميركا سواء في دعم الأنظمة الاستبدادية أو في الحروب التي شنت عليها، هل يمكن لهذه الشعوب أن تغفر مستقبلا للأميركان ما يفعل بهم؟

جيمس بوفارد: هذا ليس لي أن أقول، لا أدري ماذا يجول في أفكارهم وفي قلوبهم، لا أعرف الكثير من التفاصيل لكن أمر مشوق ومثير أن نعلم أنه بعد سنوات قليلة بعد الحرب العالمية الثانية إن عندما كانت للولايات المتحدة علاقة طيبة مع ألمانيا واليابان ولدينا علاقات مع فيتنام لا أدري، إنه أمر مثير ما حدث بموضوع تعريف الإرهاب وأحد الأمور المحبطة مع التعريف الرسمي الحكومة الأميركية الإرهاب يعني القتل على أساس كيانات خاصة لكن إذا أقامت الحكومة بقتل الناس هذا لا يعني إرهابا لكن منذ عام 1992 وحتى فترة مؤخرة قتلت الحكومة الأميركية..

أحمد منصور: ما هو مستقبل بوش وإدارته؟

جيمس بوفارد: بوش في مشكلة كبيرة وأنا لا أرى كيف ستتحسن الأمور بالنسبة إليه، روف قد توجه له بتهم رسمية بعد أسبوع من الآن وروف كان كبير مستشاريه وبوش يبدو وكأنه قد تعرض لصدمات في الرأي العام، الكثير من الناس يحبون بوش لأنه كان له شعبية وعندما يفقد بوش شعبيته فإن بوش يخسر الكثير من أصدقائه وكان هناك مقولة تقول إن الرئيس ترومان قال إن أحد أراد صديقا في واشنطن عليه أن يشتري كلبا وبوش يعاني من خسارة شعبيته بشكل متسارع.

أحمد منصور: جيمس بوفارد الكاتب الأميركي والمفكر السياسي شكرا جزيلا لك كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الختام أنقل لكم تحية فريق البرنامج من لندن والدوحة وهذا أحمد منصور يحييكم، بلا حدود من لندن والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


--------------------------------------------------------------------------------

المصدر: الجزيرة

الزمن القادم 03/06/2006 11:51 AM

خيار الوحدة الخليجية.. هل يصبح مستحيلاً..؟!

** لا يوجد شعب على وجه الأرض.. لايتطلع للحصول على المزيد من الحقوق.. أو المكاسب.. سواء كانت هذه الحقوق سياسية.. أو ذات طبيعة اقتصادية أو اجتماعية.. أو إنسانية..
** كما لا يوجد شعب -على مر التاريخ- قبل بمبدأ مساومته مقابل الحصول على تلك الحقوق.. سواء من قبل الأنظمة الحاكمة أو من قبل أطراف أخرى لوحت له براية نشر الحريات.. وبسط أعلام الديمقراطية في أرجاء بلاده..
** ذلك أن الحقوق المكتسبة.. لا تخضع -في العادة- لأمزجة المتنفذين.. أو لأهواء الآخرين.. أو لطبيعة السياسات القائمة على «المقايضة» والتهديد أو الضغوط..
** كما أن القبول بمبدأ دفع الثمن مقابل الحصول على تلك الحقوق، ليس خطيراً فحسب، وإنما يمثل أسوأ أنواع الابتزاز لإرادة الشعوب ومقدراتها..
** وعندما يرهن شعب من الشعوب إرادته.. لأي كان.. مقابل حصوله على بعض حقوقه، فإنه يفرط في أكبر حقوقه ومكتسباته.. بل وفي مقوِّم وجوده الأساسي.. وينتزع منه أعظم استحقاقاته..
** هذه المقدمة ضرورية.. قبل تناول قضية الديمقراطية في منطقة الخليج الحساسة.. والمتعطشة إليها..
** وعلينا أن نقرر قبل هذا الاستغراق في هذه القضية مجموعة من الحقائق الأساسية الهامة التي تحياها المنطقة.. وشعوبها والتي يرد في مقدمتها:
** أولاً : إنها منطقة مصالح معقدة.. وأن هذه المصالح تفرض عليها أن تستوعب حقوق الآخرين بنفس الدرجة التي تحرص فيها على الحفاظ على حقوقها ومكتسباتها.
** ثانياً: أن دول المنطقة ضعيفة في مجمل مقوماتها، سواء من الناحية الديمغرافية.. أو من حيث البنية العسكرية والأمنية، وتحديداً من حيث متانة القدرة الذاتية للحماية والدفاع عن الذات أو المكتسبات.
** ثالثاً: غياب أو ضعف المؤسساتية من حيث هي قيمة فكرية.. وتنظيمية.. وشراكة حقيقية في التصدي للمسؤوليات وتقاسمها بين المواطن والدولة، سواء أكان ذاك بفعل تنازع السلطات الثلاث- بدرجات متفاوتة- داخل كل دولة.. أو نتيجة لغياب التوعية السياسية المبكرة بالدور الكامل للفرد في قيام المجتمعات المدنية..
** هذه الحقائق الثلاث -من وجهة نظري- دفعت الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. إلى التأكيد مؤخراً على أهمية دخول مجلس التعاون مرحلة العمل الجاد من أجل قيام الوحدة بدلاً من صيغة التعاون.. التي تجاوزتها المتغيرات الراهنة كثيراً.. وفرضت تطويرها بصورة أساسية وجذرية، وذلك بالدخول في مرحلة تدارس قضية الوحدة بين مجموعة دول تتضخم ثرواتها.. وتتعاظم مشكلاتها السكانية.. وتتعثر خططها وبرامجها السياسية نحو مزيد من الإصلاح الشامل، فضلاً عن عدم تطور مفهوم التعاون الأمني والعسكري الشامل.. نتيجة عدم توقيع البعض على الاتفاقية الأمنية، أو تعثر قيام قوة عسكرية مشتركة تطور قوة درع الجزيرة، رغم خطورة التحديات الأمنية وتعاظم هذه الحقائق دفعت الملك عبدالله الى التأكيد على أهمية دخول المجلس مرحلة الوحدة احتمالات تعرض دول المنطقة لأي مغامرات مرتقبة، سواء باقتضام مزيد من أراضيها.. أو حتى باجتياح كياناتها.. ولاسيما في ظل التوجه الإيراني الموجود الآن لإنتاج وتطوير برامج أسلحة الدمار الشامل.
** ولو عدنا إلى الفقرة (1) من المادة (الرابعة) المحددة لأهداف المجلس عند إنشائه.. فإننا سنجد أنها تنص على: «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها».. فإن علينا أن نتساءل:
إذا كانت خمسة وعشرون عاماً غير كافية للوصول إلى الهدف الرئيس من قيام المجلس.. فمتى سيتحقق هدف الوحدة؟!
** إن طرح السؤال ليس منفصلاً عن الحديث الذي بدأناه عن المتغير الجديد بضرورة دخول المنطقة في مرحلة جديدة من التغيير السياسي والإداري والثقافي في إطار التوجهات الراهنة في العالم نحو الإصلاح الشامل.. بل إنه سؤال جوهري ستحدد الإجابة عليه مدى جاهزيتنا كدول وشعوب لاستكمال شروط الاندماج، وبالتالي الانتقال من صيغة التعاون والتنسيق إلى الصيغة النهائية بتحقيق الوحدة التي نوّه بها الملك عبدالله.. وتحث شعوب المنطقة بضرورة الإقدام عليها..
** وإلا.. فكيف يمكن الوصول إلى الإصلاح الشامل في نطاق خطط وبرامج قطرية تحكمها رؤى ومصالح محدودة.. في الوقت الذي يتوجب علينا أن نقدم على خطوة أوسع وأبعد.. تبررها أسباب الضعف السابق الإشارة إليها.. وتوجبها الأخطار والتحديات المحيطة بنا من كل جانب..
** إن الواقع الذي تعيشه دول الخليج العربية.. لا يعطينا مؤشرات إيجابية تشير إلى أن دولنا وشعوبنا باتت جاهزة لتبني المشروع لاسيما في ظل مشاريع التجزئة والتفتيت التي تحياها المنطقة.. وتغذي معها الشعور بضرورة الانسلاخ.. والتفكك.. والبحث عن صيغ مختلفة مثل (الكونفيدرالية) و(الكانتونات المستقلة) و(أنظمة الإدارة المحلية المستقلة) وما في حكمها.. كما هو حاصل الآن في العراق.. والصومال.. والسودان.. وكما هو مطروح من مشاريع خارجية في أكثر من دولة عربية وخليجية بصورة أكثر تحديداً..
** إن هذه الإشكالية الكبرى.. بين أن تطالب شعوب المنطقة دولها بالتوحّد.. وبين أن تجد هذه الدول نفسها منشغلة بما يُحاك ضدها.. أو يراد لها أن تتجه إليه.. تمثل تحدياً خطيراً.. نغفل عنه.. أو نتحاشى الدخول في بحثه وتطارحه.. مع أنه قضية مصيرية لا يجب أن يتقدم عليها أي هم آخر.. بما في ذلك هم نشر الديمقراطية.. وسرعة الانتقال بمجتمعنا الخليجي إلى المؤسساتية وتفعيل دور المواطن بدمجه في مؤسسات الدولة وخططها وبرامجها وضمان مشاركته الفاعلة في اتخاذ قراراتها..
** هذه الحقيقة.. لابد أن تمثل بالنسبة لنا جميعاً.. دولاً وشعوبا وأصحاب رأي.. هاجساً.. يدفعنا إلى أهمية الإيمان بتسريع مشروع الوحدة الخليجية إن كنا جادين حقيقة في المحافظة على كياناتنا وتأمين مصيرنا.. وتحقيق طموحات شعوبنا..
** وكما قلت في البداية.. فإن علينا أن نتأكّد من توفر إرادة حقيقية مشتركة لتحقيق هذه الغاية وإلا فإن المشروع برمته لن يكون سوى مجرد طموح غير قابل للتنفيذ مادام أن لكل دولة سياساتها.. وأولوياتها.. وخططها.. وبرامجها.. وقرارها المستقل..
** وبنظرة سريعة فقط إلى عدد سكان دول مجلس التعاون ونصيب الفرد من الناتج المحلي لكل دولة.. فإننا سندرك أن هناك وضعاً غير طبيعي يجب معالجته أولاً وقبل طرح مشروع أكبر للوحدة.. لأن أول مقوّم للاستقلال والاستقرار يعاني من خلل كبير..
** ذلك أن سكان المملكة (حسب آخر إحصائية معلنة عام 2004م هو (22.673.538) ونصيب الفرد هو (9745) دولاراً، فيما بلغ سكان الإمارات (850.000) نسمة ونصيب الفرد (21674) دولاراً، وعُمان (2.145.000) نسمة ونصيب الفرد (9308) دولارات، والكويت (1.430.000) نسمة ونصيب الفرد (14946) دولاراً، وقطر (700.000) نسمة ونصيب الفرد (32115) دولاراً، والبحرين (425.000) نسمة ونصيب الفرد (13933) دولاراً.
** أي أن مجموع سكان دول المجلس الست هو (28.223.538) نسمة وهو عدد ضئيل للغاية.. قياساً إلى أهمية المنطقة الاستراتيجية ومقارنة بحجم الأخطار الأمنية المحدقة بها.. وكذلك حجم المصالح الدولية المتشابكة معها..
** هذه الحقيقة لا تسمح بأي إبطاء في التفكير الجاد.. في تحقيق مشروع الوحدة، ليس بالصيغة الشعارية التي شهدتها المرحلة القومية السابقة، وإنما بحكم الحاجة إليها كضامن حقيقي لبقاء هذه الدول واستمرار شعوبها في الحلم بمستقبل أفضل يتحقق لها معه الأمن والرخاء والنماء والاستقرار.. بدلاً من أن تظل هدفاً للأطماع.. ولسياسات الابتزاز.. والاستفراد بنا.. وفرض المزيد من الضغوط وإحياء روح ووهم الاستقلال وحق كل دولة في اتخاذ ما تراه محققاً لمصالحها من قرارات حتى وإن تعارضت مع المصلحة الكلية لدول المجلس..
** إن البداية الطبيعية للتوجه لمشروع الحماية لمصائر دولنا وشعوبنا لابد أن تنطلق من أهمية التخلي عن حق كل دولة في أن تتخذ ما تراه محققاً لمصالحها.. إذا كنا راغبين حقاً في أن نعمل معاً من أجل التكامل والتعاون والتنسيق المؤدي إلى الوحدة..
** وبدون هذا فإننا سنحتاج إلى خمس وعشرين سنة أخرى.. ولا ندري إن كانت هذه المدة الإضافية كافية للوصول إلى ذلك الهدف أم أنها ستخلق لنا مشاكل عميقة.. وربما تؤدي بنا إلى واقع مختلف تماماً.. نصبح معه أكثر من ست دول.. بعد أن كنّا نسعى لأن تكون دولنا الست دولة واحدة.. تحكمها ضرورة الحفاظ على المصير المشترك.. بدلاً من أن تتحكم فيها حساسيات صغيرة نعتقد بأنها ستعمّق الفجوات بدلاً من أن توحّد وتُصهر جميع الجهود المؤدية إلى التوحد..

د. هاشم عبده هاشم

جريدة عكاظ

الزمن القادم 04/06/2006 12:00 PM

كتاب اليوم "السلسلة الطبية " لشهر مايو 2006 .. ..
د / أحمــد عكــاشة
الــرضا النفســـى ..
البـاب الملكـى للصحـة والسـعادة


الحب والعطاء هما مفتاح الرضا النفسى وهذا الرضا هو السعادة فى هذا العالم هذا ما يؤكد عليه د. أحمد عكاشة العالم النفسى الكبير ورئيس الجمعية العالمية للطب النفسى ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسى فى كتاب ( الرضا النفسى .. الباب الملكى للصحة والسعادة ) , هذا الكتاب الصادر عن كتاب اليوم _ السلسلة الطبية _ لشهر مايو 2006 والذى ترأس تحريره الأستاذة نوال مصطفى والذى يتعرض فيه .. عكاشة للمشاكل النفسية التى تحيط بإنسان هذا العصر . وتؤكد الأستاذة نوال مصطفى رئيس تحرير كتاب اليوم فى مقدمتها أن للحب مفعول السحر فهو سلاح أمضى من كل انواع الدواء وتقول " أنه الحب قبل كل شئ , وبعد كل شئ .. الحب الحقيقى البعيد عن الأقنعة , المنطلق من نفس صافية ومشاعر طبيعية , الحب الذى أثبتت الدراسات الطبية فى مختلف فروع الطب أنه دواء أكيد المفعول وأنه بلسم كل داء وعامل رئيسى يكمل دور العلاج بل ويزيد من فاعليته ". ويحدثنا د.عكاشة عن أهم المشاكل التى تحيط بالإنسان فى هذا العصر الذى تتكالب فيه الظروف شتى عليه لتحوله الى انسان يحمل العالم أجمع فوق كتفيه وتزيد من صعوبات الحياة بأن يصاب بمرض نفسى وهو لا يعلم , فيبدأ د. عكاشة كتابه بالحديث عن السعادة فى الحياة ويلخصها فى قوله ان المال لا يحقق كل السعادة ولكن من الممكن أن يحقق بعضاً منها وهكذا القوة والسلطة ولكن رأس المال الحقيقى هو فى التآلف والتكاتف الدينى والاسرى وفى مجال العمل والجيرة و أن رأس المال الإجتماعى يتلائم مع جودة الحياة . ثم يأخذنا د. عكاشة للحديث عن الإنتحار والأكتئاب ويصحح لنا مفهوم خاطئ وشائع ان الفصام ليس هو إزدواجية الشخصية ولكنه نوع آخر من الأمراض ويشرح لنا كيف يفشل الزواج وما هى طرق نجاحه فى روشته لإرشاد كل زوجين على الطريقة المثلى للوصول الى حياة زوجية سعيدة . ويفسر لنا د. أحمد عكاشة العلاقة بين الذكاء والتحصيل الدراسى ويضرب لنا مثلا بإديسون واينشتين فكلاهما لم يكن مستوى تحصيله الدراسى عالى لذا فالفشل فى الدراسة لا يعنى قلة الذكاء ولكن هناك ظروف أخرى تتدخل وتلعب دورها فى النجاح ثم ينتقل بعد ذلك الى التدخين والادمان انه ليس له علاقة بأسباب الا انها اسباب نفسية فالارتباط بالسيجارة لا يرجع الى ادمان النيكوتين الموجود بها ولكن هذا الارتباط هو ظاهرة نفسية بحته ويفسر هذا بأن الانسان يبحث عن السيجارة عندما يصاب بالتوتر او الاحساس بالضيق أو عند التفكير وعند الاحساس بالاكتئاب فاذا زادت الصراعات فى حياة الانسان فان عدد السجائر التى يدخنها يزيد بل ولوحظ ايضاً انه عند الابتهاج او الاحساس بالسعادة يقبل الانسان على التدخين بشغف. ويتحدث بعد ذلك عن تاريخ الطب النفسى ضارباً المثل بفرويد الذى أسس نظريته على أساس أن معظم الأمراض النفسية والعقلية تحدث من خلال الصدمات الإنفعالية والجنسية فى حياة الطفل خلال السنوات الخمس الاولى من عمره . ثم يأتى الدورالحديث عن السعادة النفسية ويطرح سؤالاً هاما ما هى الصحة النفسية وما هى السعادة النفسية و يقول " لقد أثبت العلم وحده أنه عاجز عن إسعاد الانسان لكن سوف يسترد الانسان سعادته وسكينته اذا عاد الى الايمان ةالانتماء لقد اثبت ان خير وسيلة لمقاومة القلق والاكتئاب هو ان يعيش الفرد فى نسيج اجتماعى صحى وان يسعد بالانجاز. ويكمل د. عكاشة كتابه آخذنا معه فى ممرات ودهاليز الطب والنفسى محاولاً تعريف الجنون فى باب (حقيقة المرض النفسى) فما هو الجنون؟ ليوضح لنا الفرق بين المرض العقلى والمرض النفسى .. ويقول ان المريض العقلى الذى يقال عنه انه مجنون فان هذا اللفظ لا مكان له فى قاموس الطب النفسى ويفرض فرضيات ويطرح تساؤلات يثبت بعدها انه من الصعب تحديد معنى للمرض العقلى .

الزمن القادم 04/06/2006 02:00 PM

يقول حكيم اسبرطة ان الانسان يولد عاقلا أو مجنونا، والعقلاء ينقسمون إلي قسمين، قسم يسبق عقله زمنه فيعيش معذبا ويموت ناقص عمر وقسم يسبق زمنه عقله فيعيش سعيدا متخلفا، كذلك ينقسم المجانين إلي قسمين نزلاء مصحات عقلية ونزلاء قصور وهم غالبية حكام العالم الثالث.

أحمد رجب
الاخبار المصرية

الزمن القادم 04/06/2006 02:21 PM

ملخص تقرير التنمية البشرية لعام 2005
الوصف: ملخص تقرير التنمية البشرية لعام 2005 - التعاون الدولي على مفترق طرق - المعونة والتجارة والأمن في عالم غير متساو - ويقع في 39 صفحة
جهة المصدر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي - UNDP
تاريخ الإصدار: 2005


http://www.amanjordan.org/downloads/...ar_summary.pdf

الزمن القادم 05/06/2006 09:44 AM

للرفع
بهدف الاستفادة

الزمن القادم 05/06/2006 12:32 PM

الأمر العسكري الأمريكي 81: إعدام الزراعة العراقية النوعية كمقدمة لتصحير العراق!

علاء اللامي

القدس العربي

تثير المقالة المهمة التي حررها ونشرها جيريمي سميث مدير تحرير مجلة ذي إيكولوجست البريطانية تساؤلات خطيرة ومشاعر صعبة الوصف حقا لدي كل من يعنيهم حاضر ومستقبل العراق.. تناقش المقالة التي تحمل عنوان (الاحتلال وشركات البذور الأمريكية تهدد مئة قرن من الإبداع الزراعي العراقي) موضوعا خطيرا وأقرب إلي الفضيحة الاقتصادية والسياسية والأخلاقية التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الأمريكية في المراحل الأولي لاحتلالها العراق..
الأمر هنا لا يتعلق بإشاعات وأقاويل وتسريبات معينة بل حقائق دامغة معززة بوثائق وأرقام وإحصائيات..
من المعروف علي النطاق العالمي، وخصوصا في الدوائر السياسية والجماهيرية المناوئة للعولمة بوجهها ومضمونها الإمبرياليين، أن برامج كثيرة قد نفذت في العقود الثلاثة الماضية في ميادين الإنتاج الزراعي والحيواني والدوائي استهدفت تطويق ومن ثم إلغاء التقاليد الإنسانية العريقة التي توارثتها شعوب العالم جيلا بعد جيل حتي صارت خبرة وكنزا إنسانيا فريدا لا يمكن استبداله أو الاستغناء عنه..
لقد نجحت السياسات والاستراتيجيات العولمية في تدمير وامحاء نماذج موروثة وراقية في هذه الميادين، وهي ماضية قدما ـ وباستغلال وجودها العسكري الاحتلالي هذه المرة ـ في هذا الصنيع الإجرامي.
تكتسب الحالة العراقية فرادة خاصة، فالبلد يعاني من تدمير منهجي للدولة والمجتمع ضمن مشروع استلابي هدفه المعلن فرض دولة برانية، فوقية، متناقضة في الصميم مع الخصوصيات المجتمعية العراقية تقوم ـ هذه الدولة ـ علي مبادئ التشطير والتخندق الطائفي والعرقي في مجتمع حيوي ليس في تراثه القديم أو الحديث آثار مهمة وملموسة لظاهرة الطائفية السياسية. غير أن استهداف التراث الزراعي العراقي المتوارث يكتسب خطورته الفائقة من أنه غير لافت للعراقيين أنفسهم، ولكونه غير ملحوظ الخطورة حتي بلغ الأمر درجة أن الحكومات المحلية التي شكلت خلال سنوات الاحتلال راحت تساهم وبحماس أحمق أحيانا في هذا المشروع الكارثي..
سنحاول أن نلقي نظرة علي خلفيات وتطبيقات وأهداف هذا الموضوع مستعينين بما ورد في مقالة السيد جيريمي سميث ومصادر أخري:
قبل وبعد اكتشاف البترول ظل العراق بلدا زراعيا منتجا حتي حلت سنوات الحكم الشمولي في السبعينات من القرن الماضي حيث رسخ النظام الحاكم قواعد بناء مجتمع استهلاكي معتمد بالدرجة الأولي علي الريع النفطي الذي سحق العملية الإنتاجية الزراعية سحقا تدريجيا وبات غذاء المواطن العراقي مستوردا في أغلبه من الخارج..
وفي تلك السنوات، وكأنما هي محاولة لتوثيق الزراعة العراقية التليدة، بادرت الحكومة إلي جمع التراث العراقي من البذور المحلية والمنتجَة ضمن شروط البيئة والمجتمع العراقيين في ما سمي حينها البنك الوطني للبذور في مدينة أبو غريب والطريف أن منطقة أبو غريب رسمت كأحد أسماء البذور العراقية التي تشتهر بها. وقد استمر الفلاح العراقي يستعمل بذوره المحلية بنسبة تصل 97% مع انعدام ما يسمي حق الملكية الفكرية حيث دأب المجتمع العراقي علي اعتبار هذا الكنز المتنوع والغني من الخزين البذوري ملكية مشاعة بين الناس.. وبعد الاحتلال الأمريكي مباشرة تم تدمير وإنهاء البنك الوطني للبذور مع ما دمر من مؤسسات ومكونات البنية التحية والفوقية العراقية.
وفي أجواء الفوضي والخراب الشامل التي أعقبت احتلال العاصمة بغداد، وجدت سلطات الاحتلال الفرصة سانحة للبدء بتنفيذ مخططها لتأسيس وضع جديد في الميدان الزراعي يحل محل النظام الزراعي العراقي الأصيل والموروث.
يقوم المخطط الأمريكي الذي تولي الحاكم الأمريكي تنفيذه علي خطة شاملة لما دعاه إعادة هيكلة البذور والزراعة العراقية في خطة زراعية جديدة ومصرف وطني جديد للبذور بهدف القضاء علي حق الملكية الفكرية العامة للبذور المحلية وتتيح لشركات البذور الأمريكية احتكار إنتاج وتصدير بذورها وتعليم الفلاحين العراقيين إعادة اكتشاف زراعة القمح علي أسس حقوق الملكية التجارية!
تقول الإحصائيات المعتمدة بأن العراق أنتج في العام 1995 ما مقداره 1236 الف طن من القمح ثم تراجع الإنتاج إلي 348 الف طن العام 2000 وعزت منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) سبب هذا التراجع إلي انعدام الاستقرار في العراق والحصار الطويل الذي تعرض له هذا البلد .
ولأغراض غدت معلنة الآن، خالفت وزارة الزراعة الأمريكية استنتاجات الفاو وخلصت إلي ان الزراعات العراقية قليلة الانتاجية وانها تحتاج إلي إعادة هيكلة جديدة .
ولتنفيذ هذا المخطط الإبادي أصدر بول بريمر وقبل مغادرته العراق مجموعة من الأوامر العسكرية بلغ عددها مائة أمر وفرمان ومن أخطرها الأمر العسكري المرقم 81 الخاص بحق الملكية الفكرية وحماية بذور القمح الآتية من وراء الأطلسي.
يضيف سميث أن هذا الأمر العسكري (ينص علي حماية تنوع المزروعات PUP ولكنه لا يعني، كما يدل اسمه، حماية التنوع الحيوي وتعدد التنويعات والبذور العراقية والمحلية بل يعني تماما القضاء عليها). بمعني معين يمكن لنا ان نتصور المآل الذي ستؤول إليه الأمور فالتراث البذوري الموروث في العراق سيختفي تماما وسيتم ربط الزراعة العراقية ربطا محكما بشركات إنتاج البذور الأمريكية صاحبة الحق الوحيد في الملكية الفكرية لتلك البذور وهذه البذور بدورها ستجعل الأراضي العراقية ساحة لعملية تلويث بيئي خطير.
لتوضيح الأساس القانوني اللصوصي الذي تقوم عليه الخطة الأمريكية يمكن لنا التذكير بالتعريف العالمي للبذور المحمية فالاتحاد الدولي لصيانة الأنواع النباتية UPOV حدد (مواصفات المزروعات المحمية بأنها بذور جديدة، متميزة، متماثلة، متسقة وهي مواصفات بذور الشركات المتعددة الجنسية دون غيرها. فالبذور الأخري ليست جديدة إنما شاخت في الأرض عراقة. وهي ليست متميزة إنما تداخلت مواصفاتها بمواصفات تنوعات محلية أخري، كما انها ليست متماثلة و متسقة بل علي العكس من ذلك تستمد أهميتها من التنقيح والتلقيح المتبادل في محيطها الطبيعي وتفضي إلي إنتاج بذور متنوعة التماثل ومختلفة الاتساق، وهو أمر تعول عليه الشركات المتعددة الجنسية أولا في حرمان المزارعين المحليين من إعادة استخدام بذور الموسم السابق وإجبارهم علي شراء بذور جديدة في كل موسم، وتعول عليه ثانيا في تلويث المزروعات الأخري بمواصفات تتمتع بـ حق الملكية الفكرية .
فالمزروعات تتلقح وتتنقح في ما بينها في الطبيعة من دون إذن بـ حق الاختيار وهو مبرر كاف لجر المزارعين إلي محاكم حق الملكية الفكرية إذا استخدموا بذورا ملقحة بمزروعات محمية. وهكذا سيكون الطوق قد أحكم علي مستقبل العملية الزراعية العراقية بعد أن تم القضاء علي التنوع الحيوي الطبيعي وأبيد التراث البذوري العراقي العريق وأصبحت الأراضي الزراعية في خطر داهم بسبب التلوث المتوقع والأكيد الذي ستحمله معها البذور المجينة (المعدلة وراثيا) لتنتهي الدورة بتصحير العراق تماما وتحويله إلي دولة نفطية قاحلة في غضون بضعة عقود.
ولتسريع عملية تنفيذ هذا المخطط الاحتلالي لجأت سلطات الاحتلال، بعد تشكيل الحكومة المحلية، إلي تنصيب مستشار أمريكي في كل وزارة عراقية يكون بمثابة الآمر الناهي في كل ما يخص ما أطلق عليه إعادة الإعمار لضبط وتسريع آليات الانتقال إلي اقتصاد السوق الرأسمالية.. وللمصادفة كما يتهكم سميث في مقالته فإن هؤلاء المستشارين يعملون في شركة بيرنغ باونت التي تقدم خبراتها العلمية بالتنسيق مع البيت الأبيض والبنتاغون والشركات الكبري في فلسفة إعادة الاعمار !! ويمكن لمن لا يصدق بوجود الأشباح والعفاريت الزرق أن يضرب صفحا عن هذه المصادفة!
وكما أدت سياسات تدمير الزراعات المحلية في عدد من دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية إلي إفقار الفلاحين وهيمنة الشركات الأمريكية الكبري علي الميدان الزراعي في تلك البلدان شرعت سلطات الاحتلال في العراق بتكرار المجزرة البيئية ذاتها في العراق مستعينة بالقوات المسلحة المحتلة. في محافظة الموصل العراقية مثلا والتي تنتج كميات كبيرة من القمح العراقي رفيع النوعية في منطقة الجزيرة أخذت القوات الأمريكية بتوزيع البذور الأمريكية علي الفلاحين وتمت زراعة 320 هكتارا من تنويعات عالية الانتاجية من الحمص والشعير والعدس والقمح، وان هذه التجارب وصلت إلي 30 الف مزارع في السنة الأولي من سنوات الاحتلال. وكانت حصة الأسد في هذه العملية شركة للأبحاث الزراعية في اريزونا وقد وزعت حتي الآن ستة أنواع من البذور في العراق ثلاثة منها معدة لصناعة الخبز وثلاثة أخري معدة لصناعة المعجنات (المعكرونة)، ما يدل ان الأنواع الثلاثة الأخيرة مخططة للتصدير ولا تدخل في النطاق المحلي. وفي حالة العراق ذي الخصوصيات البيئية الفريدة والهشة فيما يتعلق بشدة حساسية التربة من مشكلة التسبيخ العريقة والتي تتحول بموجبها الأراضي الزراعية الخصبة إلي حقول من السباخ (الأراضي ذات الملوحة العالية) في حال تكرار استعمالها سنويا فإن الخطة الاحتلالية لأمركة الزراعة العراقية ستكون ماحقة وسريعة التأثير وستفضي إلي تسبيخ السهول المسقية سيحاً بل وحتي تلك المروية بعليا أي المعتمدة علي الري المطري في مناطق الجزيرة الشمالية..
من الجدير بالذكر أن إبداعات البيئة المحلية العراقية وجدت حلولا معقولة ولا مناص منها أحيانا لمواجهة مشكلة السباخ في طريقة الزراعة الدورية التي تدعي التبوير حيث يعمد الفلاح إلي ترك نصف حقله بورا مهملا لعام كامل ويزرع النصف الآخر ويعمد إلي زرع النصف البور في العام اللاحق ويترك النصف المزروع هذا العام، إضافة إلي استعمال طريقة شق المبازل وغيرها لامتصاص الأملاح المتراكمة في الحقول..
وبالعودة إلي المخطط الأمريكي الذي يجهل واضعوه كل هذه التفاصيل والخصوصيات، فإن تعليم الفلاح العراقي طريقة البذر المجَيَّن ذي الحقوق الفكرية المصانة ستعني استحالة العودة إلي الوراء فالزراعات ـ كما يوضح سميث ـ (تهجنت تلقائيا في الطبيعة والبذور الجديدة تنقل ملوثاتها إلي المزروعات الأخري حيث لا يحق للمزارعين إعادة استخدام البذور الملوثة بدون حيازة حق الملكية الفكرية فيضطرون لشراء بذور جديدة في كل موسم ويرغمون علي شراء المواد الكيميائية الملائمة لهذه البذور إلي ان تنهك الأرض خلال سنوات قليلة، وترغمهم علي شراء بذور اكثر مناعة ومبيدات أكثر فاعلية حيث يفضي بهم الأمر إلي التخلي عن زراعة الأرض نتيجة قلة العائدات في تغطية كلفة المنتوج والمحصول).
والنتيجة ستكون إنزال ضربة قاتلة بمصالح المزارعين الصغار والمتوسطين وتدمير البيئة العراقية كما انها في المقابل ستعود بأرباح خيالية لكبار الملاكين الذين هم الشركات المتعددة الجنسية المحمية بدبابات الاحتلال وطيرانه.
يختم سميث مقالته بالفقرة البليغة التالية والتي لا تحتاج إلي تعليق (تقول الحكومة العراقية الجديدة انها ستستغني عن خدمات القوات المتعددة الجنسية حالما تستطيع حماية الأمن. غير أن الحري بها ان تستغني عن خدمات شركات البذور والمبيدات الأمريكية قبل فوات الأوان وان تعيد بناء البنك الوطني للبذور وحماية الإرث التاريخي العراقي من التلوث والانقراض).
كيف يمكن لأي بديل وطني عراقي أن يواجه الكارثة المحدقة؟ ثمة رزمة من الاقتراحات والتوصيات والإجراءات المهمة التي يمكن التعويل عليها أورد بعضهــا السيد جيريمي سميث ونضيف لها بعضا آخر:
ـ جمع عينات بذور غير ملوثة من المزارعين العراقيين في بناء البنك الوطني للبذور ..
ـ الاستعانة بـCentre for Agricultural Research the Dry Area CARDA الموجود في سورية، حيث يضم عينات من البذور العراقية.
ـ يمكن الاستفادة من Focus on the Global South وهو مركز أبحاث في بانكوك تقول عنه منظمة غير حكومية GRAIN تعني بالتنوع الحيوي ونشر المعارف الزراعية المحلية.
ـ علما بأن هذا المركز يضم إرثا زراعيا يعود للمزارعين العراقيين وان هذا الإرث ينبغي ان يعود إلي بلده الأصلي.
ـ مبادرة الزراعيين العراقيين والمتخصصين في ميدان البذور والزراعات السقوية إلي عقد مؤتمرات علمية وجمع ومناقشة خبراتهم الغنيــة في هذا الصدد.
ـ القيام بحملات إعلامية واسعة النطاق لتنوير الرأي العراقي العام شديد الحساسية إزاء موضوع الزراعة وشرح مخاطر المخططات الأمريكية في هذا الصدد..
ـ تحريض الفلاحـــين العراقيين علي مقاطعة التعامل مع الشركات الأمريكية المنتجة للبذور المعدلة وراثيا وتبيان مخاطر هذا التعامل عليهم وعلي أراضيهم.
ـ الاستفادة من أنظمة حماية الحقوق الفكرية وتسجيل جميع أنواع البذور العراقية بأسمائها وصفاتها ضمن مسعي واسع النطاق لتكون مشمولة بهذه الأنظمة وتكون هذه الحقوق ملكا للشعب العراقي.

ہ كاتب من العراق يقيم في جنيف

الزمن القادم 05/06/2006 02:11 PM

فنجان قهوة

السعادة والمال ............................ أبو خلدون


عندما نقول إن المال نقمة لا نعمة، وأن صاحبه يظل دائما مشغول البال، يضحك الفقراء ويقولون: من هو الذي يعاني من انشغال البال؟ الفقير الذي يمضي وقته بالتفكير بوسيلة للهروب من وجه البقال وتأمين قسط المدارس لأولاده، وينام وهو يتساءل: كيف أدبر رغيف الخبز لعائلتي غدا؟ أم الغني صاحب المال الذي ينام هانئاً على فراش من حرير، لأن كل حاجاته ومتطلباته متوافرة؟ ثم يردفون: “يا سيدي أعطنا مالا وأشغل بالنا كما تريد” ولكن الأمريكي الفقير جاك وايتيكر اكتشف بالدليل الملموس أن المال يفسد الحياة بالفعل، ويشغل الفكر، ويجلب كل المتاعب لصاحبه. وجاك وايتيكر كان عاملا بسيطا لا يملك شروى نقير، كما يقولون، ولكن حياته تغيرت عندما فاز بالجائزة الكبرى في اليانصيب، التي تقدر بما يزيد على 300 مليون دولار، وعندما نشرت الصحف خبر فوزه وصفته بأنه “أسعد الناس حظا في العالم”، ولكن الرجل يقول ان حظه السعيد بدأ يريه الجانب الآخر من الحياة، الجانب الأكثر سوءا مما كان يتصور، فقد تغيرت تصرفاته، وتغيرت تصرفات الناس معه، وبعدما كان هادئ البال، مرتاحاً، ومحبوباً من الجميع، صار الكل إليه بتوجس، وينتظر فرصة لسرقته واستغلاله. وجاك وايتيكر، او جاك الطيب، كما يدعو أصدقاؤه، متزوج، وكان سعيداً في حياته العائلية، وبعد الفوز بالجائزة قرر الحصول على قيمتها دفعة واحدة. وعندما دخل المبلغ حسابه في البنك، تغيرت حياته تماما، فقد انصرف الى اللهو والشراب والحفلات والقمار وملاحقة فتيات أصغر من أصغر بناته، كما دخل في إشكالات قانونية كثيرة.

وفي مارس/ آذار الماضي، رفعت عاملة في احدى المحلات قضية ضده اتهمته فيها بأنه وجه اليها عبارات مهينة، كما اتهمته مندوبة إحدى الجمعيات الخيرية بمحاولة التحرش بها، والتهمتان غير صحيحتين بالطبع، والهدف منهما هو الحصول على بعض المال فقط، وقبل ذلك سرق اللصوص مبلغ 85 ألف دولار وساعة ذهبية ومعطفا من جلد النعام من سيارته، عندما كانت السيارة مركونة أمام منزله، وعندما سألته مندوبة إحدى الشبكات التلفزيونية المحلية: “لماذا تترك مثل هذا المبلغ الكبير في سيارتك؟ أجاب: منذ أجريت عملية جراحية في القولون صرت أحس بالتعب إذا قمت بأي مجهود، ولذلك أبقي مبلغا كبيرا لكي لا أضطر للعودة الى المنزل كلما احتجت الى مال”.

ومع ذلك تظل كل هذه الاشياء بسيطة بالنسبة لما حدث بعد ذلك. فقد اتهمه عامل ملهى بتهديده بالقتل، في محاولة لابتزازه والحصول على بعض المال منه، وبالفعل حصل عامل المقهى على مليوني دولار مقابل التنازل عن القضية وتسوية الأمر خارج المحكمة، وأصيبت شركته بخسائر كبيرة، وفي أغسطس/ آب الماضي، قدم شكوى قال فيها إنه سهر في احد النوادي الليلية، واضطر الى النوم في النادي، فاستغل اللصوص ذلك وسرقوا من سيارته مبلغ 545 ألف دولار، واكتشف السرقة عندما غادر النادي في الساعة الخامسة صباحا، وقد تمكنت الشرطة من استعادة المبلغ، حيث وجدته مخبأ في برميل للقمامة داخل الملهى، ووجهت تهمة محاولة سرقته الى اثنين من العمال.

وباختصار، تحولت حياة الرجل الى سلسلة متصلة من المشكلات، ليس أقلها أن زوجته التي كانت تحبه ويحبها انفصلت عنه وطالبت بنصف ثروته. وأهله يتأمرون باستمرار عليه من أجل الحصول على مال منه، ولكن أصدقاءه يقولون إنه لم يخل تماما من الطيبة، رغم مشكلاته، فقد أنشأ بعد فوزه بجائزة اليانصيب شركة تدر عليه ما يزيد على 17 مليون دولار يوزع قسما كبيرا من أرباحها على الفقراء والمحتاجين، كما تبرع بمبلغ خمسة ملايين دولار لانشاء مرافق اجتماعية في مدينته وأنشأ جمعية للأعمال الخيرية ومساعدة الطلاب الفقراء بتسديد أقساطهم الدراسية، وهو يساعد الذين يبحثون عن عمل بإيجاد وظائف لهم، ويقول ضابط الشرطة في المدينة: إننا نشعر بالامتعاض من تصرفاته، ولكن حسناته أكثر من سيئاته. وعندما يستعيد الرجل حياته الماضية يقول: لقد كنت أكثر سعادة عندما كنت فقيرا.

الخليج

الزمن القادم 07/06/2006 07:55 AM

عيون وآذان ( ... هذه فكرة المقال)

جهاد الخازن الحياة - 04/06/06//

أريد أن أحكم العالم 24 ساعة، فأكون الآمر الناهي، وقراراتي تنفّذ فوراً، ولا تنقض بعد تركي حكم العالم، لأنني أعتقد انه سيصبح عالماً أفضل بعد ساعاتي الأربع والعشرين في قيادته.

لو حكمت العالم لأمرت بالتالي:

- يعفى جورج بوش من الرئاسة الأميركية، فلا يحاكم ويُعاد الى مزرعته لتربية البقر وصيد السمك في بحيرة اصطناعية له فيها. ومن أسباب هذا القرار تقديري والده مع الرأفة بوالدته.

- يعتقل ديك تشيني ودونالد رامسفيلد، وبقية أركان عصابة المحافظين الجدد في الحكم وحوله، وفي مراكز البحث مثل معهد أميركان انتربرايز والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، ومطبوعات العصابة، ويرسلون الى خليج غوانتانامو حيث يرتدون ثياب السجن البرتقالية، ويتولى حراستهم المعتقلون الحاليون.

- تُعيّن كوندوليزا رايس رئيسة للولايات المتحدة وجيمس بيكر نائباً للرئيسة.

- يُحظّر على أي دولة في العالم ان تنفق على التسلح أكثر من واحد في المئة من موازنتها السنوية، شرط ألا يزيد ذلك على 30 بليون دولار.

- يُقسم الفائض من تحديد الإنفاق العسكري في ثلث تستعمله الدولة المعنية لتحسين وضع الفقراء فيها، وثلث ينفق عالمياً على مكافحة الأمراض مثل الايدز، وثلث ينفق عالمياً ايضاً على مكافحة الفقر، بما في ذلك نشر التعليم، مع التركيز على افريقيا، جنوب الصحراء.

- يُعطى مجلس الأمن الدولي بعد توسيعه، صلاحية عزل أي ديكتاتور، بمجرد اتفاق الدول الاعضاء، مع بقاء حق الفيتو للدول الكبرى.

- يُشرف مجلس الأمن على تحريم أسلحة الدمار الشامل، وتجريد الدول النووية من أسلحتها على نفقتها.

- تشكل محكمة دولية لجرائم الحرب قراراتها نافذة وغير قابلة للاستئناف.

- يُعزل نصف الحكام العرب ويبقى نصفهم في مواقعهم (أرجو ألا يستغرب القارئ هذا القرار، فبعض الحكام العرب أفضل من شعبه، بمعنى انه أعلى تعليماً وأكثر ديموقراطية وانفتاحاً وليبرالية، وأفضل معرفة بالعالم الخارجي).

- يُعيّن آية الله علي السيستاني رئيساً للعراق، مهمته إعادة توحيد البلاد ودحر الارهاب.

- تُفتح الحدود بين الدول العربية، وتلغى القيود على السفر والإقامة والعمل، مع احتفاظ كل بلد بهويته الأصلية.

- تُفتح اسرائيل والأراضي الفلسطينية بعضها على بعض، وتجرد اسرائيل وفلسطين من كل سلاح، فلا يقتل عربي أو يهودي بعد ذلك، وتمنح فلسطين واسرائيل ضمانات دولية ثابتة.

- يبقى اليهود غالبية في مناطقهم، لتبقى لهم دولة خاصة بهم، وإذا اتفقوا مع الفلسطينيين يمكن ضمّ مناطق الكثافة السكانية في الجليل الى الدولة الفلسطينية لتعزيز الهوية اليهودية لاسرائيل.

- تُخلى المستوطنات ويعاد المستوطنون الأميركيون الى بروكلين، والمستوطنون الروس الى روسيا، مع ناتان شارانسكي وأفيغدور ليبرمان.

- يمنع الإرهاب منعاً كاملاً ناجزاً.

- يسجن الإرهابيون في تورا بورا داخل مغاورهم، ويرسل لينضم اليهم كل من يؤيدهم.

- يسمح بصيد كل ما يؤكل، ويمنع صيد أي طائر أو حيوان لا يؤكل كهواية.

- تعطى النساء حقوقاً كاملة ومساواة غير منقوصة.

- الجزاء من جنس العمل، الا في حالات الاعتداء على النساء، فيكون العقاب مضاعفاً، والى حين ان ترسخ فكرة المساواة في عقول الذكور.

- يعاقب كل من يقتل طفلاً او طفلة او يغتصب أطفالاً، بالخصي والسجن حتى يموت، من دون فرصة للعفو.

- يعاقب كل مسؤول حكومي من رتبة رئيس دائرة أو وكيل وزارة، أو نائب وزير أو وزير بالوكالة أو أصيل يكذب على الناس ويثبت كذبه، بأن يعرى من ثيابه ويطلى بالزفت والريش، مع "زفة" في الشارع الرئيسي في العاصمة.

- توسع زراعة المشمش السكري في كل بلد، والمانغو المصرية، والبطيخ الأحمر السعودي، والتفاح اللبناني، ويمنع استعمال الكيماويات والمبيدات.

- يمنع الشعر الحديث بكل لسان.

وبعد،

ربما كان القارئ يعتقد انني وقد طلبت حكم العالم حكماً مطلقاً 24 ساعة سآمر بقتل كل من يستحق القتل من الإرهابيين "بتوعنا" الى الإرهابيين في اسرائيل وكل مكان، غير انني أعتقد ان العالم سيكون أفضل من دون قتل، فهذه فكرة المقال.

وبصراحة، فقد أصبحت أرى ان كل الحروب ظالمة، بما فيها حرب تحرير عادلة، وأن ثمة بدائل للقتل والتدمير. حتى آرييل شارون، وهو مجرم حرب معروف وسفاح، لا أطلب له ان يقتل او يعذب، فكل ما أرجو هو ان يكون واعياً في مرضه الأخير، ليشعر بالألم كما يستحق.

أما حلّي للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي فهو أقل من المطالب المعروفة لكل من الفريقين، وقد وجدت ان تنفيذ هذه المطالب لفريق يعني ضياع حقوق الفريق الآخر، لذلك ففتح الدولتين المستقلتين احداهما على الأخرى يفتح امكانات تعاون مستقبلي بين أولاد العم، من دون قتل أو عنف.

وقد أهملت مناطق من العالم تستحق الاهتمام لجهلي بدخائل قضاياها. وأعرف انني لن أحكم العالم 24 ساعة، أو ساعة واحدة، وأعرف ان أوامري لن تنفذ، الا انني أرجح انها لو نفذت فستعطينا عالماً أفضل.


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 08:46 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.