سبلة العرب

سبلة العرب (//om.s-oman.net/index.php)
-   سبلة الثقافة والفكر (//om.s-oman.net/forumdisplay.php?f=7)
-   -   النبي الأمي: هل كان يقرأ ويكتب؟ بقلم :د. محمد عابد الجابري (//om.s-oman.net/showthread.php?t=247968)

سويري 02/05/2006 12:19 PM

النبي الأمي: هل كان يقرأ ويكتب؟ بقلم :د. محمد عابد الجابري
 
النبي الأمي: هل كان يقرأ ويكتب؟






د. محمد عابد الجابري




يدور الكلام في هذا المقال حول مسألة كانت منذ القديم موضوع نقاش وجدل: مسألة ما إذا كان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام يعرف القراءة والكتابة. ومع أن هذه المسألة تتعلق بالتاريخ أساساً، وتاريخ السيرة النبوية المحمدية خصوصاً، فإن كون القرآن قد وصف النبي محمداً عليه الصلاة والسلام بأنه "أمي" يجعل منها عنصراً مهما في الفضاء القرآني بحيث لا يمكن التعامل مع هذا الفضاء من دون تحديد مدلولها داخله ودورها فيه.

سننطلق في بحثنا هنا من فحص ما ذكره كتّاب السيرة والمفسرون أولا، لننتقل بعد ذلك إلى محاولة بناء فهم موضوعي لما ورد في القرآن في هذا الشأن، ولنبدأ بأول واقعة في السيرة النبوية وضعت كُتّاب هذه السيرة والمؤرخين، وغيرهم، أمام مسألة ما إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ ويكتب، أم لا؟ نقصد ما روي على لسان النبي نفسه حول الظروف التي رافقت أول اتصال للملاك جبريل به ليبشره بالنبوة والرسالة. وقد حفظ لنا كل من كتَّاب السيرة وجامعي الحديث وقدماء المؤرخين روايتين مرجعيتين لحديث يشرح فيه النبي بنفسه تفاصيل ذلك الحدث التاريخي الذي دشن عهداً جديداً في تاريخ البشرية، عهداً قوامه قيام دين سماوي جديد -إلى جانب اليهودية والنصرانية- سرعان ما أنشأ عالماً جديداً هو ما يعرف اليوم بالعالم الإسلامي.

أ- رواية ابن إسحاق: نبدأ برواية ابن إسحاق لأنه أسبق زمناً (85- 152هـ)، وقد ورد فيها ما يلي: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور (يعتكف للعبادة) في حِراء (غار بجبل قرب مكة) من كل سنة شهراً، وكان ذلك مما تحنَّث (تتعبد) به قريش في الجاهلية(...)، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته، ورحم العباد بها، جاءه جبريل عليه السلام بأمر الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فجاءني جبريل، وأنا نائم (في رؤيا المنام)، بنمط (وعاء) من ديباج (ثوب فارسي مزركش) فيه كتاب، فقال: اقرأ! قال (النبي): ما أقرأ؟ قال : فغتَّني به (ضمني وعصرني) حتى ظننت أنه الموت! ثم أرسلني فقال: اقرأ. قال (النبي): قلت: ما أقرأ؟ قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: اقرأ. قال، قلت: ماذا أقرأ؟ قال: فغتني به حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قال (النبي): فقلت : ماذا أقرأ؟ (ويضيف النبي): ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي؛ فقال: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق 1-5). قال (النبي): فقرأتها، ثم انتهى. فانصرف عني، وهببت من نومي، فكأنما كتبت في قلبي كتابا".

ب- رواية البخاري: وفي صحيح البخاري (194-256 هـ) عن عائشة زوج النبي (بعد خديجة) أنها قالت: "أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حُـبِّـب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد(...) حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء. فجاءه المَلََك فقال: اقرأ. قال ما أنا بقارئ! قال (النبي) فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قلت ما أنا بقارئ! فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ! فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: "اقرأ باسم ربك الذي خلق" (الآيات السابقة)، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زملوني، زملوني (لففوني)، فزملوه حتى ذهب عنه الروع".

هذا وقد أورد ابن جرير الطبري (224-310هـ) في تاريخه عدة روايات في نفس الموضوع، جاء فيها كلها جواب النبي على جبريل بصيغة: "ما أقرأ"؟ و"ماذا أقرأ". وبعض تلك الروايات رويت عن نفس المصدر الذي روى عنه البخاري، أعني: عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

ما نريد لفت النظر إليه هنا أمران:

أولهما ذلك الاختلاف الذي بين صيغة جواب النبي لجبريل في كل من رواية ابن إسحق وروايات الطبري من جهة ("ما أقرأ"؟، "ماذا أقرأ"؟)، والصيغة الواردة في رواية البخاري (ما أنا بقارئ!)، من جهة أخرى. الصيغة الأولى استفهام يفيد ضمنيا أن النبي يعرف القراءة، فهو يطلب ماذا يقرأ؟ أما الصيغة الثانية فهي تنفي عنه معرفة القراءة: ما أنا بقارئ!

وإذا كان من الممكن حمل "ما" في "ما أقرأ" على النفي أيضاً، إضافة إلى الاستفهام -في رواية ابن إسحق-، فمن الممكن فعل عكس ذلك بالنسبة للصيغة الأخرى "ما أنا بقارئ"، أعني حملها على الاستفهام، إضافة إلى النفي -في رواية البخاري- على اعتبار الباء زائدة (قارن: ما أنا فاعل بكم؟). غير أن عبارة "ماذا أقرأ"؟ التي تكررت في روايات ابن اسحق والطبري، لا يمكن حملها إلا على الاستفهام، وبالتالي يكون رد النبي على جبريل استفساراً عما يريد منه أن يقرأ، وليس نفياً لمعرفة القراءة.

يمكن أن يقال إن المقصود بالقراءة هنا ليس القراءة التي تعني التهجِّي في كتاب أو في ورق أو غيره، بل المقصود هو مجرد التلفظ بالأصوات التي تفيد معنى في اللغة، أعني القراءة، لا بمعنى "التتبع بالعين لحروف نص مكتوب والتعرف عليها ومعرفة الأصوات التي تخصها" lire, read، بل بمعنى استظهار ما تم حفظه وتلاوته réciter, recite. وفي هذه الحالة سيكون مضمون طلب جبريل "اقرأ"، هو: أعد التلفظ بما ستسمع! والجواب المناسب في هذه الحالة هو الاستفسار: "ماذا أقرأ"؟ وليس النفي إذ لا يعقل أن ينفي النبي عن نفسه القدرة على إعادة التلفظ بما يسمع! وإذا كان من الممكن القول إن عبارة "ما أنا بقارئ" تعني: ما أنا ممن يعرف "القراءة"، بمعنى القراءة في الكتاب، فهذا غير وارد لأن جبريل لم يطلب من النبي أن يقرأ في كتاب، وإن كان "لفظ "الكتاب" قد ذكر مرتين في رواية ابن إسحاق كما رأينا. وإذا فرضنا أن جبريل وضع أمامه كتاباً وقال له: "اقرأ"، فإنه لا يمكن أن يفعل ذلك لو لم يكن يعرف أن النبي يحسن القراءة في كتاب!

على أن الصيغة التي تفيد مجرد القراءة بمعنى التلاوة تناسب سؤال جبريل كما تناسب جوهر المسألة عند من يفهم من الوصف الذي وصف به القرآن النبي محمداً عليه الصلاة والسلام، أعني "الأمي" في قوله "النبي الأمي"، على أنه "عدم المعرفة بالقراءة والكتابة". غير أن هذا النوع من الفهم ليس ضرورياً في نظرنا، فليس من شرط النبي أن لا يعرف القراءة ولا الكتابة. ثم إنه لا يليق بنا أن نتصور أن من كمالات الإنسان الذي يختاره الله للنبوة أن يكون لا يعرف القراءة والكتابة! أما ما يوظف فيه هذا النوع من الفهم، من أن القرآن وحي من الله بدليل أن الموحى إليه به كان لا يعرف القراءة والكتابة، الشيء الذي يستدلون عليه بقوله تعالى: "وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ" (العنكبوت 48)، فالحاجة إلى هذا النوع من الدليل غير قائمة، فضلا عن أن معنى الآية لا يخدم هذا "الدليل"، كما سنرى لاحقاً.

هناك قرينة أخرى تدل على أن معنى القراءة، في رد النبي على جبريل بقوله "ماذا أقرأ؟"، ينصرف إلى "القراءة"، بمعنى القراءة في كتاب. هذه القرينة هي ورود لفظ "كتاب" في العبارة التي قال فيها النبي: "فجاءني جبريل، وأنا نائم، بنمط من ديباج فيه كتاب". وقوله –في رواية ابن إسحاق- "وهببت من نومي، فكأنما كتبت (الآيات التي قرأها عليه جبريل) في قلبي كتابا". إن ذكر الكتاب في سياق هذا الحديث، مرتين، قرينة واضحة تشير إلى أن الأمر يتعلق بشخص يعرف الكتابة والقراءة ويقرأ في كتاب، ويريد أن يبين لمخاطبه نوع مشاعره عندما كان يخوض هذه التجربة مع جبريل. ولكن ذلك لا يعني أن النبي كان يقرأ فعلا في كتاب قدمه له حبريل، فالأمر يتعلق هنا بـ"الوحي" وهو إلقاء في "الروع" (أو النفس). ومع ذلك فإنه بدون إعطاء الوظيفة الخِطابية، التي ذكرنا، للعبارتين اللتين ذكر فيهما النبي "الكتاب" ستكونان فضلاً من القول، ونحن ننزه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
المصدر وجهات
2/5/2006

النور الوضاح 02/05/2006 12:26 PM

ارى من الجابري محاولة شديدة للزج بتفسيرات غريبة لا يمكن هضمها لاثبات قدرة النبي على القراءة والكتابة، والنص القراني الذي حاول لي معناه ليتوافق وفكرته تدعمه قرائن اخرى تؤكد حقيقة امية الرسول عليه افضل الصلاة والسلام، وربما هي محاولة اخرى كمحاولة صادق النهيوم تفسير معنى كلمة امي بانها اممي في تجزئة غريبة للنص وفصله عن سياقه العام..!!

تحياتي

myfrredom 04/05/2006 05:00 AM

النبى محمد عليه السلام كان يقرأ ويكتب ، وهو الذى كتب القرآن بنفسه

د. أحمد صبحى منصور



مقدمة :

المستشرق الفرنسى جاك بيرك كان مشهورا بصداقته لشيوخ الأزهر. هذا المستشرق ترجم القرآن للفرنسية ثم كتب بحثا بالفرنسية بعنوان (اعادة قراءة القرآن ) طالب فيه باعادة كتابة المصحف وفق ترتيب النزول . وردد نفس الهراء القائل بأن القرآن كان يكتبه الصحابة على الرقاع والجلود ، وذلك بحضرة النبى محمد الذى كان لا يقرأ ولا يكتب . لم يستطع أحد من أصدقاء جاك بيرك فى الأزهر أن يفند دعواه فى اعادة كتابة القرآن وتغيير مواضيع آياته. قام الدكتور وائل غالى شكرى بترجمة هذا الكتاب الى العربية ، وطلب منى الناشر أن أكتب مقدمة للكتاب أرد فيها على المؤلف المستشرق جاك بيرك . كتبت ـ متطوعا ـ مقدمة الكتاب ، محللا ومنتقدا منهج جاك بيرك فى دعواه ، ورددت عليها . وفى أساس الرد أثبت خطأ الزعم الذى قاله علماء التراث بأن النبى محمدا عليه السلام لم يكن يقرأ ولم يكن يكتب ، وأن هناك من كتب الوحى .لأنه بناء على هذا الزعم الباطل بنى جاك بيرك دعواه ، بل على أساس هذا الزعم الباطل يتأسس الطعن فى القرآن ، وهذا الطعن فى القرآن بدأه علماء التراث أنفسهم فيما يعرف " بعلوم القرآن " وفقا لما كتبه الباقلانى والسيوطى وغيرهما. لو قرأ مسلم بعض صفحات مما يعرف بعلوم القرآن وصدق الروايات والأساطير التى فيها خرج مكذبا للقرآن شاكّا فى كل آياته وسوره. باختصار فان اكذوبة أن محمدا عليه السلام لم يكن يقرأ ولم يكن يكتب وأن هناك كتبة للوحى ، ـ هذه الاسطورة الكاذبة هى أساس الطعن فى القرآن. ثم جاء جاك بيرك وقال اذا كان القرآن مكتوبا بهذا الترتيب غير المنطقى بيد كتبة الوحى فلماذا لا نعيد كتابته بترتيب موضوعى أو حسب السنين. رددت عليه وتم نشر الكتاب عن طريق دار النديم للنشر فى أواسط التسعينيات. فى حينه كتب الكاتب الصحفى حسين جبيل فى الأهرام المسائى مشيدا بالفكرة الجديدة التى أتيت بها ، وقوة الاستشهادات التى تؤيد أن النبى محمدا عليه السلام كان يكتب ويقرأ وأنه هو الذى كتب القرآن بنفسه. ومع ذلك فلم يسمع أحد بالموضوع ، ومرّ الحدث بدون جدل أو تعليق، الى أن أعادت روز اليوسف القصة فثار الجدل ، واحتدم النقاش ، وأصبحت معركة فكرية امتدت من روز اليوسف الى صحف المتطرفين والاخوان ، حيث كتب المتطرفون ومنهم الشيخ سيدعسكر أمين مجمع البحوث وقتها يحكم بتكفيرى بسبب هذه القضية. لم أرد عليهم الى أن طلبت منى روز اليوسف الرد فرددت .

فى فترة ازدهار نسبى للصحافة المصرية كانت مجلة روز اليوسف رائدة فى التنوير و مطاردة الفساد .قادها وقتئذ الكاتب النابه عادل حمودة و معه فريق من الشباب اليبرالى فى مقدمتهم ابراهيم عيسى. أوسعت لى روز اليوسف نافذة لنشر مقالاتى ، فكنت أنشر فيها كل بضعة أشهر مقالا على قدر احتمال المجلة الليبرالية لآرائى وأفكارى. وفى شهر رمضان فى احدى سنوات التسعينيات نشرت لى أربع مقالات متتابعة فيما أذكر. وأكتسبت روزاليوسف الكثير من الاحترام ، وكان ما تكتبه يصبح قضية الأسبوع أو الشهر أو العام. ، ولكن ما لبثت أن فقدت كل هذا الاحترام حين تم عزل رئيس تحريرها الاستاذ محمدالتهامى وابعاد عادل حمودة وابراهيم عيسى، وجىء بصحفى حكومى ليتولى رئاستها فانحط بروزاليوسف وبتاريخها وسمعتها الى الحضيض.

طلبت منى روز اليوسف كتابة تعليق على من يقول باعادة كتابة المصحف لتنطبق كتابة القرآن مع الكتابة العربية العادية، فوجدتها فرصة لتنشر لى روز اليوسف ـ بنفوذها الواسع وتوزيعها الضخم ـ ما سبق وأن كتبته من قبل فى مقدمة كتاب " اعادة قراءة القرآن " والذى لم يلتفت له أحد . بادرت بارسال ملخص المقدمة المشار اليها فى مقال صغير وفق ما تسمح به مساحة النشر فى روز اليوسف.

وصدرالمقال فى روز اليوسف بتاريخ 21/10/96-عدد(3567) صفحات : 74/75/76



نشرت روز اليوسف ما يلى مقدمة لمقالى قالت فيها:



( فى عام 1971 نشرت مجلة الهلال دراسة للدكتور احمد حسين الصاوى طالب فيها بصراحة بضرورة تغيير رسم المصحف وقال وقتها : إن هذه مشكلة ملحة جدا ، إذ لا يقبل عاقل أن(ترسم ) بعض كلمات المصحف بخلاف ما تعلمه قراء العربية من هجاء وإملاء ، وحين قرأنا المقال مرة اخرى طلبنا من الدكتور احمد صبحى منصور وهو عالم درس فى الأزهر، وكان يدرس فى جامعته ،أن يوافينا برأيه . حين طلبنا منه أن يكتب مقالا حول هذا فاجأنا بقنبلة من نوع مختلف حول ما نؤمن به جميعا ، وهو ان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كان يقرأ و يكتب وهو كاتب القرآن. ومعه أدلة ، ونحن ننشر ونطرح الأمر للجدل)

أعيد هنا الآن نشر المقال كما هو، ثم أذكر ما حدث بعد نشره:

هل كان النبى عليه الصلاة والسلام يقرأ ويكتب.. ؟

دكتور احمد صبحى منصور



إذا اراد شخص أن يطعن فى القرآن فعليه بكتب التراث . خصوصا ما يعرف منها بعلوم القرآن . فإذا قرأ بضع صفحات وصدق ما قرأ خرج متشككا فى آيات القرآن وسوره وكتابته وكل شئ. وقد وفرت تلك الروايات التراثية الفرصة العظمى للمستشرقين فى كل إتهاماتهم للقرآن وآخرهم المستشرق الفرنسى جاك بيرك . فى كتابه :(إعادة قراءة القرآن) .

اما إذا اردت ان تعرف الحق من القرآن عن القرآن فلتقرأ معنا بعين نقديه ما يلى:

المشهور فى كتب التراث ان النبى محمدا صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ و لا يكتب وانه استعان بمن يكتب له الوحى ،وان احد كتبة الوحى ارتد . ذلك كله يوحى بالشك فى تدوين القرآن ، ولكن الاخطر فى تلك الرويات هو ما قالوه عن جمع عثمان للمصحف ، وتأثر هذا الجمع بالفتن السياسية التى صاحبت خلافة عثمان ، ثم أراء أخرى تنسب للحجاج بن يوسف تغيير بعض الكلمات فى القرآن .. فأين الحق فى هذا كله ؟!

موقف شيوخنا الابرار غاية العجب، فهم يدافعون عن التراث وما يسمى بعلوم القرأن بكل ما فيها من طعن في القرآن وفي خاتم النبيين (ص) ،ولا يجرءون على مناقشتها وتوضيح خطورتها ، ثم اذا تصدى مفكر مسلم لمناقشة هذه الروايات البشريه اتهموه بالكفر وإنكار السنه . فاذا قام بعض المفكرين بنقل هذه الرويات والاعتماد عليها اتهموه بالطعن في القرأن ،مع انه ينقل من التراث "المقدس"الذي يتركونه لينفجر في عقائد الناس وعقولهم.

دعونا نسأل اولا :

هل صحيح أن النبي محمد(ص) كان لا يعرف القراءة والكتابه ؟

وهل صحيح انه عهد لأصحابه بكتابة القرأن فكتبوه حسبما تيسر على اوراق الشجر، وعلى الحجر وعلى الرقاع ؟

وهل صحيح انه ظل كذلك حتى جمعه ابو بكر الجمع الاول من أفواه الصحابه، ومن على الوراق والاحجار والرقاع؟

ثم جمعه عثمان الجمع الأخير....؟؟!!!

هل يعقل أن يكون النبي محمد(ص)الذى كانت معجزته القرأن لا يقرأ ولا يكتب؟ ذلك القرآن الذي هو معجزةعقلية لكل البشر في كل زمان ومكان، هل يعقل ألا يستطيع تدوينها فيترك ذلك لاصحابه ؟

وهل يعقل ان يكون النبي محمد (ص)لا يعرف القراءة والكتابة وهو الذي كان يتاجر للسيدة خديجة في الشام ،فكيف يكون الوكيل التجاري لايعرف القراءة والكتابة وهو يتعامل مع أهل الشام المشهورين بمهارتهم ودهائهم التجاري؟

لا يعقل طبعا .

ثم ناتي للقرأن بعد العقل........

إن القرأن الكريم يؤكد على أن النبي محمدا (ص) كان يقرأ ويكتب .

فأول ما نزل للقرأن هو امر إلهي :(اقرأ)، والله تعالي لا يأمره بالقراءة إلا إذا كان قارئا.....

ولانتصورعقلأ ان يقول له ربه : (اقرأ) فيرفض قائلأ : (ما انا بقارئ)، كما لا نتصور عقلا ان يكون ذلك الراوي لتلك الرواية حاضرا مع النبي محمد(ص) حين نزلت عليه الآية، وحتى لو حضر فكيف يسمع حوار الوحي.إذن هي رواية ملفقة.

والقرآن يؤكد على ان النبى محمدا (ص) كان يقرأ القرآن من صحف مكتوب فيها القرآن :( رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً ) "البينة 2" اى كان يتلو بنفسه من صحف ،وليس من أوراق الشجر او الاحجار او الرقاع .

والقرآن يؤكد على ان النبى محمدا (ص) قبل البعثة كان لا يتلو كتبا سماوية ،وكان لا يخطها أو يكتبها ، فلما اصبح نبيا تعلم القرأة والكتابة ، واصبح يتلو القرآن ويكتب آياته ،يقول تعالى :( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ "العنكبوت 48".

ويقول تعالى عن مشركى مكة واتهامهم للقرآن بانه " أساطير الاولين " : (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ).. " الفرقان 5" ، ويهمنا هنا ان المشركين اعترفوا بان النبى محمدا(ص) كان هو الذى يكتب القرآن بيده، وان أصحابه كانوا لا يكتبون القرآن ، وإنما كان دورهم فى تملية النبى (ص) فقط إذا ارادوا نسخ بعض السور ليقرأوها ، وكانوا يملون عليه من نسخة أخرى ، وكان ذلك يحد ث بكرة واصيلا فى الصباح والمساء ، أى أنه ليس هناك كتبة للوحى كما زعموا .

بل إن هناك ايات عديده تؤكد كلها ان النبى محمدا كان استاذا للمؤمنين، يتصرف معهم كما يتصرف الاستاذ الذى يعلم التلاميذ القرآن، يتلوه عليهم ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة(البقره 129،151، ال عمران77،الجمعه 2).



ثانيا :

ولكن القرآن يصفه بانه (أمى)أى لا يعرف القراءه والكتابه ، وهذا هو مفهوم (الأمى) فىالتراث.

ولكن مفهوم (الأمى)و (الأميين)فى القرآن يعنى الذين لم ينزل عليهم كتاب سماوى سابق .

فاليهود والنصارى هم اهل الكتاب او الذين أوتواالكتاب ,وغيرهم من سكان الجزيره العربيه هم (أميون)اى لم يأتهم كتاب سماوى قبل القرآن ، وبهذا كان يميز القرآن بين اهل الكتاب العرب وبقيه العرب الذين لم يكونوا يهودا,او نصارى، واقرأ فى ذلك قوله تعالى :( وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ )و(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ )....(ال عمران20، 75 )....(فالأميون)أي العرب الذين لم يأتهم كتاب سماوى فى مقابل اهل الكتاب العرب ،وخصوصا ان مصطلح(عربي ) لم يات فى القرآن وصفا لاهل الجزيرة العربية اولبعضهم دون الاخر،إذ كانوا جميعا عربا، وإنما جاء وصفا للسان العربى الذى يتكلمون به ، ونزل به القرآن .إذا كان الطريق الوحيد فى التمييز هو وصف بعضهم بانهم اهل كتاب ووصف الاخرين بانهم "أميون". بل وصف القرآن بعض الذين يقرأون ويكتبون من اليهود بأنهم "أميون" حيث كانوا يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يزعمون انه من عند الله .. فقال أنهم "أميون" لانهم جهلوا بالكتاب السماوى فاصبحوا كباقى العرب الذين لم يأتهم كتاب سماوى ، والخلاصة ان كلمة "أمى" لا تعنى الجهل بالقرءة والكتابة ، وإنما تعنى غير اليهود والنصارى .

المهم أن نفهم القرآن بمصطلحاته هو ، وليس بمصطلحات التراث ، والمهم أيضا ان وصف النبى محمد (ص) بالامى يعنى الذى لم ينزل عليه كتاب من قبل القرآن ، مثل قومه الأميين .

ثالثا:

نفهم مما سبق انه ليس هناك كتبة للوحى ، بل هناك كاتب وحيد للوحى هو محمد (ص) نفسه، وهو وحده المؤتمن على كتابة القرآن . والسؤال الهام هو: لماذا ؟.

لأن للقرآن الكريم نوعية خاصة من الكتابة ، وهذه الكتابة القرآنية لا تزال حتى الان مختلفة عن الكتابة العربية

العادية ، وهى ما يعرف الان بالرسم العثمانى نسبة الى الخليفة الثالث عثمان بن عفان ،والذى حدث ان النبى (ص) اتم بنفسه كتابة وجمع القرآن وترتيبه فى نسخة اصلية ، ومات (ًص) تاركا هذه النسخة لدى أم المؤمنيين حفصة. وكانت تلك النسخة الاصلية مرجعا للتلاوة ،وفى عهد أبى بكر قام بنسخ -اى كتابة- أول مصحف.. فالذى فعله أبو بكر ثم عثمان هو نسخ المصحف من النسخة القرآنية الاصلية المكتوبة بخط النبى (ص) وليس كتابة او جمع القرآن ، بل ان كلمة "مصحف" ليست من مصطلحات القرآن ،بل هو اصطلاح نبت بعد النبى (ص) ليدل على الحصول على نسخة من القرآن تتكون من "صحف القرآن بين دفتين " فيكون ذلك مصحفا، وذلك ما فعله أبو بكر و الصحابة خلال الفترة الاولى قبل الفتنة الكبرى. وفى عهد عثمان توطدت الفتوحات وانتقل القرآن بالمصاحف الى تلك البلاد بعيدا عن المدينة ،وحدث خلط فى نقل المصاحف حيث نقلوا بعضها بالكتابة العربية العادية المخالفة لنوعية الكتابة القرآنية. وكان حتما ان تختلف القراءة وان يختلف المسلمون، ولذلك اسرع عثمان فجمع المصاحف المخالفة واحرقها وألزم الناسخين بنقل النص القرآنى بالكتابة القرآنية الفريدة .

ولا زال ذلك مرعيا حتى الان ، وهو ما يعرف بالرسم العثمانى نسبة الى عثمان .

ونعود الى نفس السؤال :

لماذا كان النبى (ص) هو الوحيد الذى كتب القرآن ، ولماذا يكتب القرآن بهذه الكيفية المختلفة عن الكتابة العربية العادية ؟

نعود الى الآية الكريمة التى عرضت لاستهزاء المشركين بالنبى ، وهو يكتب القرآن بنفسه يمليه عليه اصحابه : (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ).. " الفرقان 5")، وياتى الرد من الله تعالى بإشارة غير متوقعة :( قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) الفرقان 6 )

أى فالقرآن ليس اساطير الاولين ، بل إن الله تعالى الذى انزله هو الذى ( يعلم السر فى السماوات والارض).

وهو تعالى الذى ادخر سرا فى نوعية الكتابة القرآنية ليكون أحد مظاهر الاعجاز فى عصور ستأتى فيما بعد .

ونعطى بعض الامثلة السريعة ، ان هناك سرا فى ان كلمة واحدة مثل "الايكة" تكتب بطريقتين مختلفتين ، ففى سورة (الحجر:78) ، وسورة (ق:4) تكتب هكذا (الأَيْكَةِ ) ، وفى سورة (الشعراء:176 ) ، وسورة (ص: 13) تكتب هكذا (لئيكة) ، وكلمة( إذن) تكتي احيانا (إذن) واحيانا (إذا) .

والالف تحذف من بعض الكلمات ويعوض عنها بالف صغيرة مرسومة مثل : ( الرحمن ، السموات) ، وتبقى الألف فى كلمات اخرى (الناس ) ، ( السيارة) ، واحيانا تاتى نفس الكلمة بألف مثبتة احيانا ، ومحذوفة الالف احيانا مثل كلمة (تبارك) و(تبرك) .

ولا شك ان هناك قواعد سرية للكتابة القرآنية ، ولكن لم يكشف عنها النقاب بعد ، لانها مرتبطة بأعجاز عددى ورقمى بدأت ملامحه تظهر ، وستتوالى الاكتشافات مع دخول العالم فى عصر ثورة المعلومات حيث تصبح الارقام هى اللغة العالمية السائدة بالكمبيوتر، وحيث تتضح وتتأكد علاقة الكتابة القرآنية وحروفها بالارقام ، وحيث يتأكد الغرب المتقدم الذى لا يؤمن الا بالعلم المادى ان الذى انزل القرآن لا يمكن ان يكون سوى خالق السماوات والارض ، والذى يعلم السر فى السماوات والارض ، وحيث يتأكد من يعبدون التراث ان ذلك التراث أساء للقرآن الكريم حين كتب عنه هذه الروايات .

رابعا:

ومما يبعث على الفخر أن المصريين هم اول من فتح الباب فى اكتشاف الإعجاز العددى للقرآن. ذلك الإعجاز الذى يرتبط إرتباطا وثيقا بنوعية الكتابة الفريدة للقرآن .

1-بدأ ذلك الدكتور عبد الرزاق نوفل فى كتابه( الإعجاز العددى فى القرآن الكريم) ودار كتابه حول التناسق الغريب بين كلمات القرآن . فمثلا كلمة (الدنيا)وكلمة( الآخرة)كل منهما تكرر فى القرآن (115) مرة.

2-ومن خلال الكمبيوتر إكتشف الدكتور رشاد خليفة إعجاز الرقم (19) فى كلمات وحروف وآيات القرآن . والعلاقات المعقدة بينها . وكان ذلك الإعجاز الذى اكتشفه فوق تحمل إمكاناته العقلية فإدعى النبوة .ولقى مصرعه... وكنت شاهدا على طرف من حكايته .

3- وتلقف منه الراية مصرى مقيم فى كندا وهو الاستاذ محمد مصطفى صادق . وأجرى ابحاثه حول الرقم (7) فى القرآن . وعثر على نتائج غريبة فى تناسق الحروف والكلمات فى الكتابة القرآنية .

4- ثم إختار الأستاذ مراد الخولى –المصرى المقيم فى كندا ـ نهجا آخر فى كشف الإعجاز فى الكتابة القرآنية . هو حساب قيمة الكلمة القرآنية عدديا طبقا لعلم الحرف . حيث يكون لكل حرف قيمة عددية . ووصل إلى نتائج مذهلة .. وربط احيانا بين هذه النتائج والأعجازات المتصلة بألرقم (19) . (7)

والواضح أن البحث لا يزال فى بداية الطريق .. وأن الإعجاز العلمى للكتابة القرآنية يستلزم المزيد من الجهد ، وسيكون حديث الدنيا فى القرن الواحد والعشرين .. والله تعالى اعلم .)



انتهى المقال ، ولكن بدأت الضجة فى صحف المتطرفين ومجلاتهم ، منها ما كان حزبيا ومنها ما كان حكوميا ، وتعدى الأمر الى المساجد ، وتفنن الجميع فى الهجوم والتكفير والالحاح على أن هناك مؤامرة دفعتنى الى هذا القول للنيل من معجزة القرآن. كلام لا يقوله الا المجانين، والعادة انه حينما يتحكم التعصب يقدم العقل اجازة مفتوحة. لم يسأل أحدهم نفسه من منا الذى يدافع عن القرآن ؟ أنا بهذا المقال أم هم بغوغائيتهم وجهلهم وصراخهم وغبائهم المصنوع محليا وتراثيا؟

كالعادة لم أرد. وحتى لو أرسلت ردا الى تلك الصحف فلن تنشره، بل قد تنشر الرد على ردى دون أن تنشر ردى نفسه كما فعلت جريدة الوفد حين كان يهيمن عليها جمال بدوى . فوجئت بعدها بالصديق عادل حمودة يتصل بى ليلا يخبرنى أن ردا على مقالى جاء من عميد احدى الكليات الاقليمية بجامعة الأزهر، وانه ـ أى عادل حمودة ـ يريد نشر هذا الرد من ذلك الشيخ مشفوعا بردى أنا أيضا عليه. وأن فرصتى الوحيدة فى الرد عليه هو أن أقرأ رد ذلك الشيخ وأكتب الرد فى نفس الليلة وأرسله صباحا ليلحق الطبع. أرسلت ابنى على عجل الى روز اليوسف فجاء بنسخة من المقال، وسهرت الليل حتى كتبت الرد عليه ، وفى الصباح الباكر كان ردى جاهزا أمام عادل حمودة الذى بادر بنشر مقال الشيخ ومقالى متجاورين. وكان هناك ردّ آخر بذىء لا يستحق الرد عليه فتجاهلته عقابا لصاحبه ، وهذه هى طريقتى فى تأديب السفهاء .. وما أكثرهم فى هذا الزمن الردىء

( ملاحظة : أرسلت لى روز اليوسف مقال "الدكتور العميد محمد جبل " بكامله وكان طويلا ، ولكنهم عند نشر مقاله لاحظت أنهم حذفوا بعض أجزائه ـ ربما لضيق المساحة ـ ونشروا ردى على المقال بالكامل ومنه الرد على بعض ما حذفوه من المقال المذكور )



وبتاريخ 18 /11/96 ، وفى عدد [3571 ] نشرت روز اليوسف فى صفحاتها : 54_55_56_57_58

ما يلى :



خلافات أزهرية فى قضية فقهية

هل كان النبى (ص) يقرأ ويكتب ؟

نشرنا مقالا للدكتور احمد صبحى منصور نفى فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان أميا ..وقال انه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب وأن (الأمى) لفظ لم يكن يطلق على من لا يعرف القراءة والكتابة ..وقد وصلنا ردان حول هذا الموضوع ننشرهما وننشر تعليقا للدكتور احمد صبحى منصور.

النبى محمد لم يكتب القرآن

كلمة(أمى) معناها فى كتب التفسير .. لا يقرأ ويكتب

حين قال النبى( ما أنا بقارئ).. لم يكن يرفض امر الله

هذه النظرية فبركة وخيانة للعلم والناشئة والأمة

بقلم د. محمد جبل



نشر فى عدد21/10/96، من روز اليوسف بحث للدكتور احمد صبحى منصوريقرر فيه أن النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) كان يقرأ ويكتب ، وأن وصف النبى محمد بأنه(أمى) معناه أنه ليس من أهل الكتاب الذين هم اليهود والنصارى .

وقد إحتج د.احمد صبحى منصور لرأيه المذكور بأدلة عقلية من ناحية ، وبآيات من القرآن من ناحية أخرى، كما أنه ابدى رأيا فى فى محتويات التراث فى مجال علوم القرآن.

وهذه مناقشة علمية للبحث المذكور :

اولا:

وصف القرآن الكريم النبى محمد(صلى الله عليه وسلم) بأنه النبى الأمى فى آيتين فقال فى الأولى :(... ورحمتى وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الذكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والانجيل ... )(الأعراف 156_ 157)وقال فى الأخرى (... فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى ...)(الأعراف 158)

والمرجع هو بيان المعنى اللغوى لأى كلمة فى اللغة العربية . ولا مجال للإجتهاد فى المعنى اللغوى إلا فى حدود تحرير التعبير عن ذلك المعنى أى تدقيقه .

والمرجع فى بيان المعنى المراد بألكلمة القرآنية هوكتب تفسير القرآن، وهو مجال للإجتهاد لمن توافرت فيه الأهلية والأدلة ، وبشرط الإلتزام بإطار المعنى اللغوى . وهو إطار واسع يشمل المجاز والكناية ودليل الخطاب الخ ..والالتزام بإطار المعنى اللغوى ضرورى تماما . لأن التحلل منه يلغى اساس التفاهم الذى هو وظيفة اللغة . وإذ بدا تعارض بين نص محترم (مقدس أو تشريعى ) فالواجب الأول هو الإجتهاد لدفع التعارض الظاهر .وبيان أنه لا حقيقة له . وهذه أمور ليست ـ أو لا ينبغى ـ محل خلاف بين اهل العلم .

وقد أجمعت المعاجم العربية القديمة التى ذكرت لفظ ( أمى ) (لسان العرب وتاج العروس ومفردات القرآن والقاموس ومقاييس اللغة والمصباح ) . على معنى لفظ (الأمى) هو ( الذى لا يكتب) وأضافت الثلاثة الأولى(و لا يقرأ من كتاب )أو (لا يقرأ المكتوب) وسنبين قيمة هذه الإضافة بعد قليل .

أما كتب التفسير فقدى أجمعت ايضا على أن معنى الأمية عدم معرفة الكتابة ( تنظر تفسير الطبرى ,, وتحقيق شاكر’’ 2/259 و282 وابن عطية( ط قطر) 1/363 والزمخشرى( دار المعرفة) 1/78 والقرطبى( دار الكتاب)7/289 وأبى حيان 4/403 وابن كثير ، مكتبة التراث الإسلامى 1/116 ) وقد اضاف ابن عطية( ولا يقرأ فى كتاب ) وعبارة القرطبى لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها ’’ أى قراءة الكتابة ’’ وهى اضافة توضيحية قيمة . ولكن يمكن الإستغناء عنها . لأن الفيصل فى الأمية من عدمها هو معرفة الرموز الخطية للكلام (الحروف وتركيباتها، وممارسة رسم هذه الرموز بألخط . فمن عرف الرموز ومارس رسمها فليس أميا ، وهو يستطيع قراءتها عادة. ومن لم يعرف الرموز ولم يمارس رسمها ولم يمارس رسمها فهو أمى وهو لا يستطيع قراءة الرموز حينئذ، ومع ذلك فالأضافة المذكورة جيدة لأنها تضيف توضيحا يجنب اللبس الذى يظهر فى عبارة الطبرى 2/257. والفخر الرازى فى تفسيره (ط الغد العربى) 7/306 . حيث عرف الأميين بأنهم الذين ’’ الذين لا يكتبون ولا يقرأون ’’ هكذا دون أن يقولوا ’’ ولا يقرأون المكتوب ’’ - مما يوهم أن مجرد القاء الكلام المحفوظ عن ظهر قلب مثلا هو من القراءة التى تتنافى مع وصف الأمية . وهذا غير صحيح .

والأساس اللغوى لذلك التحريرهو أن كلمة’ الأمى ’هى على صيغة النسب إلى ’ الأم ’ والأم هنا معناها أصل الشئ ومبتدؤه. جاء فى لسان العرب ’ ام كل شئ اصله ..’ . ومن ذلك الأم: الوالدة لأنهامبدأ الولد(فتح البارى الحلبى 9/222 ) .أى المصدر الظاهر لوجوده فى عالم الأفراد . فالأمى هو انسان على أصل خلقته ومبتدئها كما ولد .. وهو على الفطرة ولم يكتسب مهارة تكسر هذه الفطرية وتنهيها . والكتابة هى اهم المهارات الصناعية والكتابة هى أهم المهارات التى تخص الإنسان وتنهى فطريته أى اميته . ومما يشهد لهذا التحرير تفسير – الرسول صلى الله عليه وسلم – الأمية ’’إننا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ’’ صحيح البخارى ط الشعب 3/53 ’’ ولم يذكر القراءة . ومعنى هذا الحديث اننا لا نفتقر فى عبادتنا ومواقيتها الى إلى كتاب (أى كتابة) ولا حساب( تفسير ابن كثير1/116 ) فالأمية هى عدم معرفة الكتابة ولا قراءة المكتوب . والقراءة التى تنافى الأمية هى القراءة مطالعة من صحيفة أو كتاب . أى قراءة المكتوب .

والخلاصة أن هناك إجماعا فى المعاجم العربية وكتب التفسير التى ذكرناها – بإستسناء عبارتى الطبرى والفخر الرازى المذكورتين – على معنى الأمى وهو: الذى لا يكتب ولا يقرأ المكتوب .

ثانيا :

فى مقابل لفظ (الأمى) فى وصف النبى – صلى الله عليه وسلم – بأنه لا يكتب ولا يقرأ المكتوب جاءت الفاظ فى بعض الآيات القرآنية يوهم ظاهرها أن النبى صلى الله عليه وسلم يكتب ويقرأ ويتلوا صحفا- مما يتعارض مع التفسير المذكور. وهذه الألفاظ الموهمة هى التى إعتمد عليها د.صبحى فى إدعائه ان – صلى الله عليه وسلم كان كان يكتب ويقرأ المكتوب ، وأن لفظ (أمى ) إنما يعنى( الذى ليس من اهل الكتاب ) الذين هم اليهود (اهل التوراة ) والنصارى (اهل الأنجيل) . وسنقف الآن على الألفاظ الموهمة التى إعتمد عليها د. صبحى .

1- القراءة .. فى قوله تعالى – فى أول مانزل (( إقرأ باسم ربك..)) اول سورة العلق . يقول د. صبحى ( إن الله لا يأمر نبيه بألقراء إلا إذا كان قارئا) . ويقول : (ولا نتصور عقلا أ، يقول له ربه إقرأ ، فيرفض قائلا ما أنا بقارئ ، كما لا نتصور عقلا أن يكون ذلك الراوى لتلك الرواية حاضرا مع النبى – صلى الله عليه وسلم – حين نزلت عليه الآية ، وحتى لو حضرفكيف يسمع حوار الوحى ، إذن هى رواية ملفقة ) هذا كلام د. احمد ، وهذه الفقرة من كلامه مزدحمة بإلأخطاء .

(أ*) فالمعنى الأصلى الدقيق للقراءة هو حفظ المادة المقروءة أى وعيها فى القلب . لأن التعبير بالقراءة مشتق من قول العرب عن الناقة أو الشاة بأنها (قرأت ) أى حملت جنينا فى بطنها . ويقولون قرأت النجوم أى غابت( فى جوف الأفق ) وأقرأت الحية أى اجتمع سمها فى مقره فى جوف بدنها ( لسان ا لعرب ,قرأ, . وثلاثة كتب فى الأضاد 1/6 ) ففى كل هذه الأمثلة تعبير عن مادة تدخل فى الجوف الباطن. وهكذا المعنى الأصلى للقراءة . وقد جاء هذا الإستعمال الأصلى للقراءة فى القرآن الكريم فى قوله تعالى (( سنقرئك فلا تنسى )) حيث اجمع المفسرون على أن هذه الآية وعد من الله أن يجعل نبيه يحفظ القرآن فلا ينساه .

ثم إن القراءة تستعمل فى فرعين لذلك المعنى الأصلى أحدهما : مطالعة الكلام المكتوب – من حيث ان تلك المطالعة هى رافد تكون الكلام المقروء ومعانيه فى القلب . فاستعمل اللفظ فى سبب المعنى الأصلى .

وثانيهما القراءة بمعنى أن ينطق بلسان ماهو مختزن فى قلبه . فاستعمل لفظ الأصل للتعبير عن المسبب عنه وقد جاء الإستعمالان فى القرآن الكريم ، فمن قراءة المكتوب (( حتى تنزل علينا كتابا نقرأه )). الإسرء /93 –فهذا صريح فى القراءة مطالعة من كتاب . ومن القراءة بمعنى الإلقاء دون مطالعة من كتاب قوله تعالى (( فإذا قرأنه فإتبع قرآنه )) فهنا لا يحتمل أبدا أن تكون( قرأناه ) معناه طالعناه من كتاب . تعالى الله عن ذلك

والآن فإن د.صبحى يظن أن للقراءة معنى واحدا هو مطالعة كلام مكتوب . وفسر به قوله تعالى :(إقرأ بإسم ربك) وهذا غلط والصواب معناها - إقرأ القرآن باسم ربك أى مستعيننا أو مبتدئا هذا الأمر به – تفسير ابن عطية15/58 والفخر دار الباز 23/ 14-15 . والقرطبى 20/ 119 . وابى حيان 8/492 . وأبى السعود )- أى ليعه قلبك أو ليحفظه بأمر الله ، كما قال تعالى (( سنقرئك فلا تنسى )) فالآية الكريمة إفتتاح لنزول القرآن على قلب النبى – صلى الله عليه وسلم – (( نزل به الروح الأمين على قلبك ...)) الشعراء 194 .وفى البقرة 97 ((فإنه نزله على قلبك ... )) وهو إفتتاح مصحوب بإعداد قلبه الشريف لوعى ما ينزل عليه بمعونة الله تعالى .ومن اجل ذلك كرر الأمر إقرأ ثلاث مرات .

وقد بينا من قبل أن القراءة التى تنافى الأمية هى القراءة مطالعة لمكتوب .والأمر هنا ليس فيه مطالعة لمكتوب حسب الروايات الصحيحة .





(ب*) أما عبارة الرسول( ما أنا بقارئ ). فليست رفضا – ولا يعقل أن يرفض بشر أمر ملك من السماء –وإنما هى بهذه الصيغة نفى أى انا الرسول – صلى الله عليه وسلم – يخبر عن نفسه أنه ليس لديه ما يقرأه أو ما يعيه ويلقيه كما أنه لا يقدر أن يقرأ مطالعة , وهناك عبارة اخرى للرواية وهى ماذا أقرأ أو كيف أقرأ .. [فتح البارى مصطفى الحلبى 1/ 26 ] فهذا إستفهام واضح المناسبة.

(ج)أما كلام د.صبحى عن راوى حديث بدأ الوحى هذا وانه لم يكن حاضرا وحتى لو كان حاضرا فكيف يسمع .وأن الرواية ملفقة . فهو كلام جزافى سوقى إذ لم يقل أحد على الأطلاق أنه كان هناك راو حضر المقابلة بين النبى صلى الله عليه وجبريل . ثم روى ماحصل . وإنما الذى أخبر عن الذى حدث فى هذا اللقاء الخطير هو النبى نفسه- صلى الله عليه وسلم- حدث به عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها وهى روته بألفاظه –صلى الله عليه وسلم- ففى صحيح البخارى 1/3 ( فجاءه الملك فقال إقرأ قال ما أنا بقارئ . قال أى النبى فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى : فقال إقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذنى ...) الخ .. فألرواية صحيحة تماما وقد سبق بيان معنى (إقرأ) فيها . حسب ما اسلفناه .

2- التلاوة يستند د. صبحى فى إدعائه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكتب ويقرأ المكتوب إلى قوله تعالى( رسول من الله يتلو صحفا مطهرة ) البينة 2. كما إحتج بقوله تعالى ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لإرتاب المبطلون ) العنكبوت 48.

1- التلاوة لها فى اللغة معنيان .أحدهما إلقاء الكلام والنطق به أى دون مطالعة من صحيفة – كما جاء فى لسان العرب( تلا ) حيث قال فى قوله تعالى ( وإتبعوا ماتتلو الشياطين على ملك سليمان ..) البقرة 102.قال عطاء إى ماتحدث وتقص وقيل ما تتكلم به كقولك فلان يتلو كتاب الله أى يقرأه ويتكلم به . أى أنا إستعمال تلا هنا يرادف الإستعمال الفرعى الأخير لكلمة إقرأ حسب ما اسلفنا ه. وقد جاء هذا الاستعمال فى القرآن الكريم كثيرا جدا . لكن أوضح ما جاء من ذلك واقطعه للجدل ما اسند فيه فعل التلاوة الى الله عز وجل مثل: ( نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق )" القصص3" ، ( تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق) "البقرة 252" وآيات اخرى ، إذ لا يستطيع احد ان يزعم ان الله عز وجل يتلو من صحيفة ، والاستعمال الثانى للتلاوة هو القراءة من كتاب او صحيفة –وهذا الاستعمال يرادف استعمال القراءة بالمعنى الفرعى الاول الذى اسلفناه . وقد جاء فى القرآن الكريم : (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها) " أل عمران 93" . والان فإن المفسرين فسروا قوله تعالى ( رسول الله يتلو صحفا مطهرة)بانه يقرأما تتضمن الصحف من المكتوب :اى يلقى عن ظهر قلب ما صار صحفا لانه انزل من قبل ودون اى يعيد قراءته ، او ما يصير صحفا بعد ان يسمعه الكتبه ويدونوه . وعبارة الفخر " انه اذا تلا مثل المسطور فى تلك الصحف كان تاليا ما فيها " ( ينظر تفسير الفخر 16/574 والقرطبى 2/142 وايضا تفسير ابن عطية 15/528) . وتفسير ذلك ان النبى (ص) كان مكلفا ان يتلو على الناس للهداية والتذكير فى كل موقف يناسب ذلك .وقد جاء التعبير عن هذا التكليف فى قوله تعالى على لسان رسوله : ( وأمرت ان اكون من المسلمين . وان اتلو القرآن ) " النمل 91/92"-

فهذه الآية (يتلو صحفا) ليس فيها دليل مكتوب على ان البنى كان يقرأ المكتوب.

اما الآية الثانية وهى ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ) "العنكبوت48)" واحتجاج د. صبحى بهذه الآية قائم على اساس ان عبارة "من قبله" اى من قبل نزول القرآن عليه (ص) تعطى ان الرسول اصبح - بعد نزول القرآن عليه- يتلو من كتاب ويخط اى ان الاحتجاج هنا هو احتجاج بما يسمى دليل الخطاب او مفهوم المخالفة . وبصرف النظر عن عدم اعتداد كثير من الائمة بمفهوم المخالفة ، فإن الذين قبلوا الاحتجاج به وضعوا لذلك شروطا منها ان لا يعارضه ما هو ارجح منه (إرشاد الفحول للشوكانى 179) ، وهذا عارضته الاخبار المستفيضةباستمرارأميته (ص).

2- اكتتب : استدل د. صبحى ايضا على ان الرسول (ًص) كان يكتب بقوله تعالى حاكيا ادعاء الكفار ( وقالوا اساطير الاولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة واصيلا )"الفرقان5" حيث ظن د. صبحى ان اكتتب معناها كتب ، ثم صور الامر كان النبى (ص)يجلس بين أصحابه ليكتب لكل منهم نسخة من القرآن وهم يملونه ما كتب . واسف ان اقول ان هذا تصور قمىء جدا بناه د. صبحى على غلطة فى فهم الفعل اكتتب ، والكفار اذكى من ان يدعوا ادعاء يسهل كشف زيفه لان الذين كانوا يكتبون فى ذلك العصرالجاهلى كانوا معدودين مشهورين ولم يكن محمد منهم . والصواب ان الفعل اكتتب على صيغة افتعل ، وهذه الصيغة قد تستعمل للطلب كما يقال اقتصد فلان اى طلب او كلف من يقصده . وكذلك احتجم اى طلب او امر من يحجمه: وهذا المعنى يسميه الصرفيون التصرف والطلب والاجتهاد ( كتاب سيبويه : تح هارون 4/74 ).





3- والمقصود بالاجتهاد هنا بذل الجهد لتحصيل الفعل . وعبر بعض الصرفيين عن هذا المعنى بالتسبب. الخلاصة ان معنى الآية هو ان الكفارقالوا عن القرآن انه اساطير الاولين اى هو كلام مما سطره القدماء فى كتب او صحف. وان النبىصلى الله عليه وسلم كلف من يكتب له نسخة من تلك الاساطير ثم انه كلف او استأجر من يمليها عليه اى يقرأها عليه صباحا ومساء ليحفظها ثم يقول انها اوحيت اليه . هذا هو ادعاء الكفار وإذا فمعنى "اكتتب" هنا هو طلب من يكتب له فهو يدل على الامية لا على الكتابة كما ادعى د.صبحى .

بنى د. صبحى على ادعائه ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المكتوب أدعاء اخر هو انه لم يكن هناك كتبة للوحى . وأنما كان النبى هو الذى يكتب الوحى بنفسه . وهذا تسور على حقائق ثابته تاريخيا: فان امر كتبة الوحى للنبى صلى الله عليه وسلم ثابت ومشهور . جاء فى صحيح البخارى ( ط الشعب 6/225 ) قال ابو بكر ( لزيد ابن ثابت ) انك رجل شاب عاقل لا نتهمك . وقد كنت تكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ...) وفيه( 6/226 – 227 ) باب كاتب النبى صلى الله عليه وسلم عن البراء بن عازب – وهو صحابى قال : لما نزلت ( لا يستوى القاعدون من المؤمنيين غير أولى الضرر والمجاهدين فى سبيل الله ) (" النساء 95" قال النبى صلى الله عليه وسلم ( ادعى لى زيدا وليجىء باللوح والدواة والكتف او الكتف والدواة )...الخ وفيه (5/60) فجاءه زيد ومعه الدواة واللوح او الكتف فقال اكتب ..) الخ ( اللوح : كل مسطح عريض من العظم او الخشب . وكانوا يكتبون على عظم الكتف لعرضه ) فهذه الاخبار والتفاصيل قاطعة بوجود كتبة للوحى منهم زيد بن ثابت . ومنهم الخلفاء الاربعة وأبى بن كعب والزبير بن العوام .. ( واكثر من 15 منهم عبد الله بن سرح الذى كان يكتب الوحى ثم ارتد ثم عاد الى الاسلام يوم فتح مكة – وأنما خص زيد بن ثابت بلقب كاتب النبى صلى الله عليه وسلم لانه كان اكثر الجميع ممارسة لكتابة الوحى ( ينظر فتح البارى "الحلبى" 10/396) .

د- ذكر د. صبحى ان استعانة النبى صلى الله عليه وسلم بمن يكتب له الوحى – دون ان يتولى ذلك بنفسه . وان ارتداد احد كتاب الوحى – كل ذلك يوحى بالشك فى تدوين القرآن – على ما قال د . صبحى ، واقول إن الرؤساء والكبار والقادة فى كل زمان كانوا – ومازالوا – يستعينون بافراد يثقون فى أمانتهم ويختارون بعناية شديدة ، والقاعدة ان هؤلاء الافراد يلتزمون ( مثلا هل افشى سر توقيت حرب العاشر من رمضان ؟ . او سر توقيت تاميم قناة السويس ؟ وهناك الاف من الامثلة ) ، ثم ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحفظ القرآن بمجرد تنزيله عليه,قال تعالى ( سنقرئك فلا تنسى) "الاعلى 6" ، ( إن علينا جمعه وقرآناه)..( إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) وكان صلى الله عليه وسلم يتلوه على الصحابة من حفظه لا من صحف ، وإنما كان تسجيله كتابة إلهاما من الله ليكون إحدى وسائل تحقيق نزوله استمرت نحو ثلاثة وعشرين سنة ، فكان يكتب فى صحف متفرقة لانه ما زالت تتنزل منه آيات الى ما قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بايام ( فتح البارى 9/272) ، وكان جبريل يحدد للرسول (ص) السورة والترتيب الذى توضع فيه الآيات الجديدة . ( ينظر تفسير القرطبى 1/61 و 3/375).ثم انه عند جمع القرآن فى مصحف فى عهد ابى بكر اعتمد فى ذلك سندان: الحفظ والخط ، " قال ابو بكر لعمر وزيد : اقعدوا على باب المسجد ، فمن جاءكما بشاهدين على شىء من كتاب الله فاكتباه ( كتاب المصاحف لابن ابى داود12) قال ابن حجر : وكان المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب ( يعنى الكتابة) .او المراد انها شاهدان من الرجال يشهدان على ان ذلك المكتوب كتب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فتح البارى 10/388).

ثانيا : 1- كلام د. صبحى عن التراث خلاصته ان به روايات تثير الشبهات ، واذا سلمنا بهذا جدلا فإن التصرف العلمى هو ان نقرأ ونتدبر ونمحص ونستخلص الحقائق الصحيحة ونقدم للناشئة هذه الخلاصات ، وندع الروايات كما هى يدرسها القادرون على التمحيص والاستخلاص ، اما ما يريده د. صبحى وهو بناء صور للحقائق تكون ملساء خالية من كل ما يثير شبهة ، وتستمد من تصوراتنا لذلك فهذا هو عين التزييف ( والفبركة) والخيانة للعلم وللناشئة وللامة والبناء القائم على صخور خشنة خير الف مرة من بناء مملس الظاهر باطنه كئيب مهيل.

ب- كلام د.صبحى عن اسرار الرسم القرآنى ، وعن علاقته بالارقام بعضه له معنى ، والبعض الاخر متاهات غريبة جن بسسبها د. رشاد خليفه – كما قال د. صبحى . والقرآن كتاب دين وتشريع – وهذه رسالته للناس عامة ، أما الالغازالرياضية فهى –ان صحت – لاهلها من الخاصة ، ويمكن تكلفها وتقليدها ، والقرآن الكريم معجز لا يقلد .



أستاذ أصول اللغة والعميد السابق لكلية اللغة العربية بالمنصورة – جامعة الازهر





بعدها نشرت روزاليوسف ردى على هذا الرد.

الدكتورأحمد صبحي منصور يرد:

القرآن فوق تفسيره

النبى (ص) كان يقرأ ويكتب وهو الذى دون القرآن

كتب التراث متناقضة والذين يستخدمون التراث متناقضون

النبى(ص) قال:( هلموا اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده )



( ذكرتنى ردود الافعال على مقالى الذى يؤكد ان النبى (ص) كان يقرأ ويكتب وانه كتب القرآن بنفسه ، باللهجة التى ثارت فى الاندلس بعد ما اعلنه الفقيه أبو الوليد الباجى (403-474)هجرية أن النبى محمدا (ص) كان يقرأويكتب ، فثار عليه الفقيه ابوبكر بن الصائغ واتهمه بالكفر ، واشتعلت مأذن الاندلس وقتها بتكفير الفقيه الباجى ، وهجوه بالقصائد.

كأن التاريخ يعيد نفسه ، فهذا عميد لإحدى الكليات يكررالكلام المعروف المعتاد ، ولا ينسى ان يتطاول علينا فيقول :"ان هذا تصور قمىء جدا بناه د.صبحى على غلطة فى فهم الفعل اكتتب" ويقول :" ما يريده د. صبحى وهو بناء صور للحقائق تكون ملساء خالية من كل ما يثير الشبهة ..فهذا هو عين التزييف والفبركة والخيانة للعلم وللناشئة وللامة " اى اننا نقدم تصورا قميئا جدا ، وهو عين التزييف والخيانة ..فهل هذا الاسلوب فى الحوار يتفق مع آداب الاسلام وأخلاق العلماء؟!

ومع اننى لا أهتم كثيرا بالرد على الخصوم فى الرأى ، الا اننى أجدها فرصة لتوضيح الفارق بين منهجين فى التفكير الاصولى: منهجى الذى اسير عليه وهو الاجتهاد بالتعامل المباشر مع القرآن العظيم بعد دراسة متعمقة للتراث بكل محاسنه ومساوئه وتناقضاته ، والمنهج الاخر الذى لا يرى القرآن إلا من خلال المشهور والمتداول من كتب التراث المشهورة ، وأذا تعارض القرآن مع رواية تراثية وأقوال للائمةفما يقوله التراث هو الصحيح . لأن القرآن عندهم( حمّال أوجه ).. ولو أنصفوا لعرفوا ان القرآن الكريم" كتاب احكمت آياته "، وان لا مجال فيه للعوج والاختلاف ،وانه "لا بأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "، وانه لا يمكن ـ على حد قولهم ـ ان يوجد تعارض بين ظواهر الأيات طالما نفهم القرآن من خلال القرآن وبمصطلحات القرآن نفسه وليس من خلال التراث ، وان التراث هو الذى لا يوجد فيه حد أقصى لتناقضاته ، وكل طالب فى الازهر قد اصيب رأسه بصداع مزمن من تكرار الكلمة المأثورة "اختلف فيها العلماء ".

والأستاذ العميد اوضح المنهج الذى يسير عليه حين قال : إن المرجع فى بيان المعنى هو معاجم اللغة العربية ، والمرجع فى بيان المراد للكلمة القرآنية هو كتب التفسير . أى بدون المعاجم اللغوية وروايات التراث لا نستطيع فهم القرآن .

ولن نرد على ذلك بالأيات القرآنية التى تؤكد ان القرآن "كتاب مبين "وأن آياته " بينات" ، اى واضحات المعنى ،ولن نردد ما أكده رب العزة الذى جعل القرآن ذاته " أحسن تفسيرا " ، ولن نستشهد بما قاله ابن كثير فى مقدمة تفسيره من ان أحسن التفسير ان القرآن يفسر بعضه بعضا، ولن نلفت الاذهان الى ان كلمة " تفسير" ذاتها تحوى أهانة للقرآن الواضح المبين ، لان الكتاب الغامض الذى يحوى لوغاريتمات هو وحده الذى يحتاج الى تفسير ، ولن ننبه الى انه ليس مما يليق برب العزة أن ينزل علينا كتابا عسيرا الفهم الى درجة يحتاج معها الى أطنان التفاسير البشرية المختلفة والمتناقضة .

لن نرد بهذه الحقائق وغيرها ، ولكن نكتفى بهذه الملاحظات :

1_لكى تفهم القرآن لابد أن تتدبره وتتعقله من خلاله هو ، وبمفاهيمه هو ، وخصوصا أن القرآن لم ترد فيه

إحالة إلى شروح أخرى تعين على فهمه .

2_ إن المعاجم اللغوية قد تم تدوينها بعد القرآن بقرون ، وهى خير دليل على أن اللغة العربية كائن متحرك تختلف فيها معانى الألفاظ من عصر لأخر ، ومن مكان لأخر ، ولولا القرآن الكريم لاندثرت اللغة العربية كما أندثرت الآرامية قبلها ، وكما اندثرت السريانية واللاتينية بعدها حيث تحولت اللهجات الناتجة عنها الى لغات مكتلمة،

المهم أنه لا يجوز أشتراط فهم القرآن بمعاجم لغوية كانت ترصد حركة اللغة حتى عصرها ، ولذلك فإننا نجد عجبا حين نرجع إليها فى عصرنا ، ولعل الأستاذ العميد لا يعرف أن كلمة(عميد ) ظلت حتى العصر العباسى تعنى(المريض حبا )، وفى ذلك يقول الشاعر :" وإنى من حبها لعميد.." ، ويقول الفيروز آبادى ، فى معنى كلمة عميد " هدّه العشق" اى أمرضه العشق ..فهل نحاسب ذلك العميد بمعاجم اللغة العربية طبقا لمنهجه ونطلب له الشفاء من العشق؟.

3_ إن مصطلحات القرآن تختلف عن مصطلحات المسلمين التى نبتت فى عصور لاحقة طبقا لحركة اللغة ، والامثلة كثيرة ، ليس فقط فى كلمة "الامى" و"الاميين" ، ولكن أيضا كلمات مثل "حد" ، "حدود" التى تعنى فى القرآن الحق المشروع ، وهى عندنا تعنى العقوبة ، وكلمة "السنة" التى تعنى فى القرآن (الشرع الإلهى ) أو " المنهاج الإلهى " وجعلنا لها معنى اخر ، وكلمة "التعزير" التى تعنى فى القرآن التقديس والمناصرة والتكريم . وتعنى عندنا الاهانة ..الخ.. فكيف نفهم القرآن بغير مصطلحاته هو ؟!

4_ أما ان يكون التراث بتفاسيره ورواياته هو المرجع فى بيان القرآن، فالتراث هو مجال تخصصنا ، وهو كما قلنا ملىء بالتناقض حتى فى هذه القضية، ونعطى للأستاذ العميد ما يؤكد له من التراث ان النبى كان يقرأ ويكتب، يروى الطبرى فى تاريخه ( 2/300: 301) ، حديث نزول جبريل بالوحى يقول : "فجاءنى وانا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال : اقرأ فقلت ما اقرأ.."، الى ان يقول : فقرأته .."، اى انه يقرأ من الكتاب .

وفى تاريخ الطبرى ايضا عن اشتداد مرض الموت بالنبى ، وذلك مذكور فى البخارى (3/91 حاشية السندى .مكتبة زهران) أنهم اختصموا عند النبى ، وهو يحتضر ، فقال لهم : "هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ..فاختلف اهل البيت واختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، ومنهم من يقول غير ذلك ، فلما اكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله (ص) قوموا ، قال ابن عباس : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب .."، اى انه حسبما تؤكد روايات التراث انه كان يكتب.

ولكن المشكلة ان روايات التراث تتناقض حتى فى الموضوع الواحد ،وهذا ما يجعلنى فى الابحاث الخاصة بالقرآن الكريم والرسول الكريم لا اعول عليها كثيرا اكتفاء بالقرآن ، وصدق الله العظيم (ومن اصدق من الله حديثا).

والطريف ان ابن هشام فى روايته عن صلح الحديبية وكتابته يقول: "فبينا رسول الله (ص) يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو.."، ثم يقول : " فلما فرغ من الكتاب أشهد على الصلح رجالا .."،ثم يناقض نفسه فى اخر الرواية فيقول عن على بن ابى طالب انه "كان كاتب الصحيفة".

ومن الطبيعى فى هذا التناقض ان نحتكم الى القرآن الكريم ..وقد احتكمنا إليه .. وهذا هو منهجنا ، ومانرجو ان نلقى الله تعالى عليه .

اما منهج العميد فهو اعلاء مفاهيم التراث فوق القرأن وآياته البينات ، وهو يقول بجراة هائلة على كتاب الله " جاءت الفاظ فى بعض الايات القرآنية يوهم ظاهرها ان النبى (ص) يكتب ويقرأ ويتلو صحفا .. مما يتعارض مع التفسير المذكور ، وهذه الالفاظ الموهمة هى التى اعتمد عليها د. صبحى فى ادعائه .."، اى ان الفاظ القرآن العظيم "موهمة" اى تفيد الوهم ،اي ليست محكمة ،وأن لها ظاهرأ يجلب ذلك الوهم ، اى ليست محكمة ، اما الباطن فيها فعلمه عند أهل الباطن، أي أئمة التراث ، وبالتالي فإنه إذا تعارضت هذه الألفاظ القرآنيه مع مفاهيم التراث ،فهي (موهمه)، ولابد من إخضاعها للتراث . وإذا كانت مفاهيم التراث ورواياته متعارضة،واذا كان فهم القرآن من خلال التراث يجعله (حمال أوجه) ويجعله متعارضا ، فإن الاستاذ العميد ينصح بالاجتهاد لدفع هذاالتعارض ،فكيف أنتهى به اجتهاده؟!

إن منهج العميد التراثى قد اوقعه فى التناقض مع نفسه :

فهو يقول بثقه شديدة " أجمعت كتب التفسير على ان معنى الامية عدم معرفة الكتابة"، ثم يقول فيما بعد ان بعض المفسرين "قالوا فعلا بان الأميين تعنى غير اهل الكتاب "،فكيف يكون هناك إجماع إذا على ان الأميين هم الذين لا يعرفون القرأءة والكتابة؟!

ومع انه يؤكد ذلك الاجماع على ان النبى (ص) كان أميا بمعنى لا يقرأ ولا يكتب ، ومع انه يتعجب من رأينا بانه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ ويكتب ، فيقول :" لم يقل بذلك اى من المفسرين طوال اثنى عشر قرنا من الزمان"إلا انه يناقض نفسه فيقول : ان هناك من قال بان النبى (ص) عرف القرأءة والكتابة بعد ان نزل عليه القرآن ، وانهم احتجوا بقوله تعالى : ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك )، وانهم احتجوا بنفس الاية التى احتج بها د .صبحى "، اى ان الاستاذ العميد اجتهد بمنطق التراث وتناقضه فتناقض مع نفسه.

مع هذا يتطاول علينا الاستاذ العميد ويتهمنا بالتصور القمىء "جدا" لأننا غلطنا فى فهم الفعل "اكتتب" فى قوله تعالى : ( وقالوا اساطير الاولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة واصيلا ) .. وقد قلنا ان المشركين كانوا يمرون على النبى وهو يكتب القرآن بنفسه لاصحابه ،ويمليه عليه بعض اصحابه ، والعميد يرى ان معنى "اكتتب" اى طلب ان يكتبوها له ، فإذا كان النبى يطلب منهم ان يكتبوها له فمن كان يمليها عليه ؟ لأن العميد الفاضل نسى ان يكمل الآية (..اكتتبها فهى تملى عليه) ، والذى يملى عليه شىء لابد ان يكتبه بنفسه .. أليس كذلك؟!

وقد اجهد العميدالفاضل نفسه لكى يؤكد من خلال اللغة ان كلمة "اكتتب" تعنى طلب ، وهو هنا يخلط بين اكتتب و"استكتتب " لان السين والتاء فى بداية الفعل الماضى هى التى تفيد الطلب ، تقول استقتل اى طلب القتل ، استمات اى طلب الموت ، استحضر ،استكتب..وهكذا.. أما اكتتب أو ما ياتى على وزن افتعل ، فالمشهور أنها تفيد التصرف والاجتهاد فى الفعل ، وقد ذكر هذين المعنيين المشهورين وتجاهلهما ، لأنهما لا يناسبان المفهوم القرآنى فى قوله تعالى : (اكتتبها) ، اى اجتهد وتصرف فى كتابتها المعجزة ، وقد اوضحنا فى مقالنا السابق ان هناك إعجازا سريا فى الكتابة القرآنية ، وهذا يفسر لنا بقاء الكتابة القرآنية الفريدة بخط النبى (ص) دليلا على ان القرآن محفوظ بقدرة رب العالمين .

وبنفس الطريقة فى الانتقاء يقول العميد ان للقرأءة والكتابة معنيين : قراءة المكتوب وتلاوته ، وقراءة المحفوظ فى القلب وتلاوته ، وهو ينفى عن النبى ان يكون قارئا وتاليا للمكتوب فى القرآن ،ويبذل قصارى جهده فى تأويل هذه الآيات البينات حتى يخضع القرآن لروايات البشر ، وكان يكفيه قوله تعالى للنبى : " وما كنت تتلو قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك " ، اى ما كنت تقرأ كتابا سماويا قبل القرآن ، وما كنت تكتب بخطك كتابا سماويا قبل القرآن، ولكن بعد نزول القرآن عليك اصبحت تقرأ القرآن المكتوب ، وتكتتبه بيدك. وكان يكفيه ـ اى العميد لو اراد ـ ان يرجع الى سياق الآيات فى سورة العنكبوت ليتأكد ان المقصود بالكتاب هنا ليس اى كتاب ، وأنما الكتاب السماوى ، اى انه عليه الصلاة والسلام لم يقرأ كتبا سماوية قبل القرآن ولم يكتبها ولم يكن لديه علم بها ، وإن كان يعرف القراءة والكتابة ، فلما نزل عليه القرآن كتبه وقرأه.

اخيرا..ومن خلال منهجنا فى فهم الفاظ القرآن العظيم من القرآن العزيز نفسه ،اثبتنا بالآيات القرآنية ان كلمة "أمى " تعنى غير اهل الكتاب من سكان الجزيرة العربية ، وكان منهم النبى ، ولا تعنى الجهل بالقراءة والكتابة ،واثبتنا ان النبى كان يقرأ ويكتب ، وانه الذى كتب القرآن بيده تلك الكتابة الفريدة التى يحفظ الله تعالى بها كتابه حتى الان ، فوق كل تحريف ، وقلنا ان فى هذه الكتابة سرا عدديا ورقميا بدأت الابحاث تتجه اليه ،وسيكون الاعجاز القرآنى للعصر القادم ، وقلنا ان ما فعله ابو بكر وعثمان هو جمع المصحف ،وليس القرآن ، وذلك من خلال النسخة الاصلية المكتوبة بخط النبى ،والتزم عثمان بهذا الرسم العثمانى . وان كلمة المصحف مصطلح جاء بعد النبى .

وما دفعنا الى هذا الاجتهاد هو ذلك الطعن فى القرآن اعتمادا على روايات التراث التى تتهم النبى (ص) بالجهل بالقراءة والكتابة ، والتى تجعل كتابة القرآن عملية بدائية فوضوية ،وكلها تناقض ما جاء فى القرآن من ان جمعه وكتابته كانت بوحى تماما ، كما تكفل رب العزة بان يكون بيان القرآن فى داخل القرآن (إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم ان علينا بيانه ).."القيامة 17" .

ولكن يبدو ان بعض الناس لا يؤرقه الطعن فى القرآن ،ولكن يؤرقه الطعن فى بعض الروايات التى يتخذها المستشرقون وسيلة للنيل من القرآن ،ولا بأس فى ذلك فكل منا قد أختار طريقه.)



انتهى المقال، ونعيد التذكير به بعد حوالى عشر سنوات للتأكيد على حقيقتين:

ألأول : لا يزال أغلبية الفكر الدينى لدى المتطرفين محصورا ومحاصرا بأئمة العصور الوسطى دون تجديد ، فلا ينظرون للقرآن الكريم الا من خلال ما قاله أعداؤه الحقيقيون من أئمةالتراث فى العصور الوسطى ، ولذا فلا يزالون ضد أى تجديد أو تفكير مستقل..

الثانى : انهم ينشرون القرآن مكتوبا على الاترنت بطريقة كتابة حديثة مخالفة للرسم العثمانى المعتمد مما يفقد القرآن الكريم اعجازه العددى وسر كتابته الفريدة التى تحوى سرا لم نكتشفه بعد.وهذا يدخل أيضا فى دائرة العداء للقرآن الكريم الذى بدأه أئمتهم التراثيون..

نقول ذلك للتوضيح ، والله تعالى المستعان.

الحكيم العماني 04/05/2006 07:06 AM

السلام عليكم

وإلى أي مدى نرتفع بإيماننا -أو نهبط- من نقاش كهذا؟

لماذا الالتهاء بفروع الفروع، والتي لا يرتجى منها ثمر ولا ظل؟

نعم يمكن أن يكون نقاشا للتاريخ، ونقدا لـ"المسلمات"، ولكن لا أرى فيه -شخصيا- هدفا أبعد يمكن أن نبني عليه أو نشيد على أساسه! اللهم إلا إن كان المقصود مجرد تحريك الساكن من "المسلمات" لغاية أبعد!

حقيقة، مع احترامي للجابري -كمفكر- أرى أنه يستطيع أن يقدم للأمة أكثر بكثير من مجرد نقاش "هل كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقرأ ويكتب"! وهل عدمنا قضية من قضايا التنمية (أو التخلف) لنناقشها حتى نلج في خلاف ما نخسره فيه -من جهد وفكر وطاقة بناءة- أكثر مما سنكسبه بإثبات هذا الرأي أو نقيضه.

دمتم بعافية

القارىء1 04/05/2006 07:48 AM

وإلى أي مدى نرتفع بإيماننا -أو نهبط- من نقاش كهذا؟

لماذا الالتهاء بفروع الفروع، والتي لا يرتجى منها ثمر ولا ظل؟

نعم يمكن أن يكون نقاشا للتاريخ، ونقدا لـ"المسلمات"، ولكن لا أرى فيه -شخصيا- هدفا أبعد يمكن أن نبني عليه أو نشيد على أساسه! اللهم إلا إن كان المقصود مجرد تحريك الساكن من "المسلمات" لغاية أبعد!


من قال لك ان الامر غير مهم ؟
أتظتن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. شخص عادي مثلي ومثلك
لكي نقول ما خصنا بفعل النبي (ص) ؟ بصفات النبي (ص) ؟ بأفكار النبي (ص) ؟
لكي نفهم الشريعة ونفهم صاحبها كيف كان يتصرف ..؟
كيف هو علم الانبياء على نبينا وآله وعليهم السلام .. صفاتهم ..
ماذا تفيدنا .. نفهم جوانب الدين اكثر ..
فإذا علمنا ان النبي الاكرم لا يقرأ او يكتب .. سنسأل لما ذكر في الروايات والقرآن بانه أقرا ؟
وبالتالي استقدنا معلومة ..
واذا كان يعرف .. فلما ذكر بكلمة أمي في القرآن ؟
ومن جهة اخرى ..
تذكر بعض التعاليم ان النبي الاكرم يجب ان يكون أعلم أهل عصره ..
وبالتالي نناقش اذا كان اعلم اهل عصره فكيف لا يعرف الكتابة والقراءة ..
فياتي الرد مثلا لانها ليست كمالا ... والكمال هو المعرفة ..
فياتي سؤال اخر .. مامعنى الكمال ؟
وماخص النبي بالكمال ..؟
فياتي سؤال اخر عن الخلق الالاهي ..
كيف الله سبحانه خلق الموجودات ...
و و و و و و و و و ..................الى مالانهاية ..

وهذا هو علم التوحيد وهو اشرف العلوم لانه ارتبط بالحق سبحانه ..
وهل يفيدنا في حياتنا اليومية نعم ..
كيف .؟
الكل يعلم ان الله سبحانه يراه ..
ولكن في كثير من اللحظات يغفل او ينسى او يتناسى ..
ولكن بدخول هذا المجال ..
فسيصل لمرحلة .. لا يمكن ان ينسى هذه الحقيقة وان الله سبحانه يراه ..
وبالتالي اما يتسامى في الطاعة او يسقط في الحضيض ويظل متألما ..
هذه احدى الفوائد ناهيك عن الكثير الكثير غيره ..

الحكيم العماني 04/05/2006 08:18 AM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة القارىء1
من قال لك ان الامر غير مهم ؟
..

السلام عليكم

لم يقل ذلك أحد لي، ولم أقله أنا أيضا! ولكن معنى ما ذكرت أنه ليس بأولوية، فهناك الكثير من القضايا أولى بالتقديم والنقاش!


اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة القارىء1

أتظتن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. شخص عادي مثلي ومثلك
لكي نقول ما خصنا بفعل النبي (ص) ؟ بصفات النبي (ص) ؟ بأفكار النبي (ص) ؟
..

حاشا وكلا أن أظن ذلك الظن أو أقول ذلك القول!

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة القارىء1

ماذا تفيدنا .. نفهم جوانب الدين اكثر ..
فإذا علمنا ان النبي الاكرم لا يقرأ او يكتب .. سنسأل لما ذكر في الروايات والقرآن بانه أقرا ؟
وبالتالي استقدنا معلومة ..
واذا كان يعرف .. فلما ذكر بكلمة أمي في القرآن ؟
..

وهل إذا ما أتاك عالم أو فقيه وأثبت لك ذلك سيهتز إيمانك بالرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم؟

المعلومة التي تستفيدها لا تكتسب لذاتها وإنما لتطبيقها! فإن كان هناك ما هو أولى بالاكتساب لأنه أولى بالتطبيق صار لزاما أن نسعى للأولى.


اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة القارىء1

ومن جهة اخرى ..
تذكر بعض التعاليم ان النبي الاكرم يجب ان يكون أعلم أهل عصره ..
وبالتالي نناقش اذا كان اعلم اهل عصره فكيف لا يعرف الكتابة والقراءة ..
فياتي الرد مثلا لانها ليست كمالا ... والكمال هو المعرفة ..
..

هلا تكرمت أخي الفاضل بتوضيح هذه التعاليم، وقولك "أعلم أهل عصره" قول عام جدا : أعلم بم؟ هل يشمل ذلك كل علم في ذلك العصر؟

دمت أخي الكريم بود

ودمتم بعافية

myfrredom 09/05/2006 04:54 PM

النبي الأمِّيُّ... والأمة الأمِّية
GMT 21:00:00 2006 الإثنين 8 مايو
الاتحاد الاماراتية



--------------------------------------------------------------------------------


الثلاثاء: 2006.05.09

د. محمد عابد الجابري


طرحنا في المقال السابق مسألة ما إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف القراءة والكتابة؟ وبدأنا في مناقشة هذا الموضوع من خلال ما روي حول الظروف التي رافقت بدء الوحي وبالخصوص جواب النبي على طلب جبريل: "اقرأْ". وقد أبرزنا الاختلاف، بين عبارة "ما أقرأ"، أو "ماذا أقرأ" الواردة في جواب النبي حسب رواية ابن إسحق والطبري وغيرهما، وبين عبارة "ما أنا بقارئ" الواردة في البخاري وغيره. وبعد تحليل الروايتين تبيَّن لنا أن عبارة رواية ابن إسحاق أقرب إلى ما يفيده منطق النص، نص الحديث. وغني عن البيان القول إن منطق نص من النصوص، أياً كان راويه، لا يقوم بديلاً عن معطيات الواقع. وإذن فالجواب عن السؤال السابق يحتاج إلى مزيد من البحث والتقصي.

بدأنا –كما قلنا- بأول واقعة من السيرة النبوية تتصل بالموضوع، واقعة بدء الوحي. وعلينا الآن أن ننتقل إلى ما ورد بعد ذلك في الوحي نفسه، منذ ابتداء النزول إلى نهايته. أعني بذلك القرآن الكريم.

هناك آيات تصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه "أمي"، وتصف العرب بـ"الأميين". وقد وردت هذه الآيات متسلسلة كما يلي، حسب ترتيب النزول:

1- قوله تعالى: "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ" (الأعراف 157)، والمقصود: النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

2- وقوله: "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ" (البقرة 78). ومعنى الآية، حسب ما ذكره الطبري نقلا عن ابن عباس، كما يلي: "الأميون قوم لـم يصدّقوا رسولاً أرسله الله، ولا كتابـاً أنزله الله، فكتبوا كتابـاً بأيديهم، ثم قالوا لقوم سفلة جهال: هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ". ومعنى ذلك أن لفظ "الأميين" ليس معناه الذين يجهلون الكتابة والقراءة، بل معناه: الذين ليسوا من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) وكتبوا كتاباً مزَّورا متمنين أن يصدقهم الناس وينسبوهم لأهل الكتاب.

3- وقوله: "وَقُلْ (يا محمد) لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا" (آل عمران 20). الذين أوتوا الكتاب: هم اليهود والنصارى، وفي مقابلهم "الأميون" الذين ليس لديهم كتاب منزّل وهم العرب.

4- وقوله: "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ (اليهود) قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ" (75 آل عمران). والمقصود بـ"الأميين" هنا هم الذين لا يدخلون في عداد أهل الكتاب وبالتحديد العرب. ومعنى العبارة: ليس علينا في غش العرب من حرج، لأنهم ليسوا من أهل الكتاب، لا يطبقون شريعة سماوية!

5- وقوله: "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ..." (الجمعة 2). والمقصود العرب ككل، وليس فقط الذين لا يعرفون القراءة والكتابة منهم وحدهم.

واضح أن التقابل في هذه الآيات (3، 4، 5) هو بين طرف هو "الأمي" و"الأميون" من جهة، وبين طرف آخر هم "أهل الكتاب". وما به يفترق الطرفان هو أن الطرف الثاني لديه "كتاب" هو التوراة والإنجيل، والطرف الأول ليس لديه كتاب. فالأميون إذن هم الذين ليس لديهم كتاب سماوي. وقد جاء القرآن ليكون لهم كتاباً خاصاً بهم.

نعم هناك حديث نبوي مرفوع يروى بصيغة: "إنّا أُمَّةٌ أُمِّيةٌ لا نَكتُبُ ولا نَحسُبُ، الشهرُ هٰكذا وهٰكذا. يَعني مرَّةً تسعةً وعشرينَ ومرَّةً ثلاثين"، وفي حديث آخر: "صُوموا لِرُؤْيتهِ وأفطِروا لرُؤيته، فإن غُبِّيّ عليكم فأكملوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثين". الموضوع إذن هو تحديد مدة الشهر، للصيام والإفطار في رمضان. ويتفق أصحاب الحديث على القول إن معنى "لا نكتب ولا نحسب" هو أننا لسنا ممن يستعمل حساب النجوم والأفلاك لتحديد وقت ظهور الهلال، فنحن أمة أمية، أي غير معنية بعلوم الحساب، ولذاك فالشهر يتحدد عندنا برؤية العين المجردة.

هل يكفي ما تقدم؟ كلا. إننا ما زلنا في بداية الطريق!

لنواصل إذن التماس الشواهد، ولنتجه هذه المرة إلى المعاجم.

تمدنا المعاجم العربية بما تعتبره المعنى الأولي الأصل للفظ "أمي"، فنقرأ فيها: "الأمي، الذي علـى خِلْقَة الأُمَّةِ، لم يَتَعَلَّم الكِتاب فهو على جِبِلَّة أمه، أَي لا يَكتُبُ... فكأَنه نُسِب إِلى ما يُولد عليه أَي على ما وَلَدتْه أُمُّهُ عليه". وبهذا الاعتبار: "قيل للعرب: "الأُمِّيُّون"، لأَنَ الكِتابة كانت فـيهم عَزيزة أَو عَدِيمة". وقيل أيضاً: والأُمِّيُّ: العَيِيّ الجِلْف الجافي القَلـيلُ الكلام؛ قيل له أُمِّيٌّ لأَنه على ما وَلَدَتْه أُمُّه عليه من قِلَّة الكلام وعُجْمَة اللِّسان" (لسان العرب).

واضح من هذا أن تعريف "الأمي" بـ"الذي لا يقرأ ولا يكتب" تعريف لا أصل له في العربية. أما نسبته إلى "الأم" فهو اجتهاد من علماء اللغة في إيجاد أصل لهذه الكلمة في لغة العرب. وهذا الاجتهاد فيه تكلف واضح: فلما ذا ننسب الجاهل بالقراءة والكتابة إلى "أمه"، وحده دون الذي يقرأ ويكتب؟ ولماذا نربط الأم، دون الأب، بـ"عجمة اللسان والعي والجفاء"؟ ثم هل تليق هذه الصفات بمقام النبي محمد عليه الصلاة والسلام ومقام أمه، خصوصاً وقد اختاره الله واصطفاه؟!

الواقع أن لفظ "أمي" لفظ مُعَرَّب، لا أصل له في اللغة العربية. فما أصله إذن؟

يرى كثير من اللغويين والمتكلمين والمفسرين أن لفظ "الأميين" يعني الذين ليس لهم كتاب ديني سماوي، فهم إذن في مقابل "أهل الكتاب"، وبالتحديد اليهود أصحاب التوراة والنصارى أصحاب الإنجيل. ذكر الراغب الإصبهاني نقلاً عن الفرا: الأميون: "هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب"، وفي هذا المعنى يقول الشهرستاني: "وأهل الكتاب‏ كانوا ينصرون دين الأسباط ويذهبون مذهب بني إسرائيل، والأميون كانوا ينصرون دين القبائل ويذهبون مذهب بني إسماعيل".

ويرى كثير من المؤرخين الأوروبيين أن اليهود كانوا يطلقون لفظ "الأمم" على غيرهم من الشعوب، أي على "الوثنيين" من عبدة الأصنام وغيرهم، وأن "الأمي" بهذا الاعتبار منسوب إلى "الأمم". فكما كان الرومان ("المتحضرون") يطلقون على غيرهم من الأمم اسم "باربار" بمعنى: "المتوحشون"، وكما كان العرب ("أصحاب الفصاحة") يطلقون على غيرهم من الشعوب لفظ "العجم" لكون كلامهم (بالنسبة للعربي) فيه عجمة لا يفهم، فكذلك كان اليهود (أصحاب الكتاب) يطلقون على غيرهم من الشعوب لفظ: "الأميون"، أي المنسوبون إلى "الأمم" الأخرى التي ليس لها كتاب منزل.

بهذا المعنى الاصطلاحي يمكن فهم العبارات التي وردت فيها كلمة "أمي" و"أميين"، في الآيات السابقة: فـ"الأميون" في سياق الخطاب في تلك الآيات هم "العرب" وبالتحديد القبائل العربية في مكة. يشهد لهذا المعنى ما ورد في القرآن من آيات تربط "القرآن" بالعرب إلى جانب أخرى تربط "الكتاب" –والتوراة تحديداً- ببني إسرائيل، وذاك مثل قوله تعالى: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا" (الشورى7)، وهم المقصودون بـ"الأميين" في الآيات السابقة. وقوله: "وَمِنْ قَبْلِهِ (القرآن) كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا (القرآن) كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ" (الأحقاف 12). والمقصود مشركو مكة من جهة، والمؤمنون من جهة أخرى، سواء كانوا يعرفون القراءة والكتابة أم لا!

هناك آيات أخرى تتحدث عن "المؤمنين" كطرف مقابل لـ"أهل الكتاب" أو"الذين أوتوا الكتاب" مثل قوله تعالى: "وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ (اليهود والنصارى) وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا (بمحمد) إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُون، وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ (مشركو مكة) مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا (المدثر 31).

تلك هي النصوص القرآنية التي لها علاقة بالسؤال الذي نحن بصدد البحث عن جواب له: "هل كان النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ ويكتب"، ومن خلالها تبين لنا أن كونه صلى الله عليه وسلم "نبياً أمياً" معناه من أمة لا كتاب لها، لا يعني بالضرورة أنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة، كما أن وصف القرآن للعرب بكونهم "أميين" لا يفيد بالضرورة أنهم كانوا لا يقرؤون ولا يكتبون.

يبقى بعد ذلك قوله تعالى: "وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ" (العنكبوت 48)، وهي الآية التي يستدل بها جل المفسرين، إن لم نقل جميعهم، على أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يعرف القراءة والكتابة. وسنعود إلى هذه الآية بتفصيل في مقال لاحق.

السهم المسدد 12/05/2006 05:25 PM

مع احترامنا للدكتور الجابري المتعصب مغاربيا وللدكتور أحمد صبحي منصور الذي اختلطت عليه حبال الرواية بنبال السنة المجتمع عليه نقول وبالله التوفيق.

أولاً: الجابري انطلق في مناقشة قضية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من منطلقات روائية (ظنية) انفردت بها مدرسة الحديث المجروحة (عدالة وشهادة) عند موافقيهم ومخالفيهم، والإباضية الأوائل تحرزوا من امثال تلك المرويات فلم يرووها في كتبهم الروائية.

وهذه مسأل هامة جدا، فالروايات الظنية الثبوت لا يمكن بحال ان تقييد اتساع النص القرآني (القطعي) الثبوت.

والله سبحانه وتعالى نهانا عن أتباع الظنون حين قال {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} أي لا تتبع ما ليس لك به علم، والعلم هو اليقين والروايات الآحادية تفيد مجرد الظن لا اليقين، واتباع الظن هو من صفات أهل التيه والحيرة والضلال، يقول تعالى {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}.


ثانياً: لنُرجع المسألة إلى ميدانها الأصلي، ألا وهو ساحة العلم اليقيني أي القرآن الكريم، وفيه يقول تعالى:

{وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} العنكبوت: 48.

وهذا نص قطعي الثبوت والدلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتلو (يقرأ) ولا يخط (يكتب) أي كتاب قبل نزول القرآن.

وعبارة (مِن كِتَابٍ ) عامة في جميع أصناف الكتب ولا يوجد دليل قطعي مساو لها في الثبوت يدل على أنه تم تخصيص هذا العموم بحيث يمكننا قبول ما ذهب إليه الجابري وصبحي منصور.

ويقول الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}الفرقان: 4-5.

وهذا النص يؤكد أن المشركين اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه (أكتتب) أي امر أحد ما أن يكتب له، وأن تلك الكتب (تملى عليه) لأنهم يعرفون أنه لا يستطيع القرآة أو الكتابة.

فهذه نصوص القرآن تشهد بعدم قراءة أو كتابة النبي صلى الله عليه وسلم للكتب.

ثالثاً: يقول شيخنا خميس العدوي أدام الله ظله الشريف:cool: ما نصه:
القرآن الكريم هو وحي الله المنزل على نبيه محمد بن عبدالله المبدوء بسورة الفاتحة، والمختتم بسورة الناس، وهو الكتاب المتداول بين أيدينا.

ولا يوجد كتاب صحيح سليم يشمل الوحي المنزل إلا القرآن الكريم وحده.

فإذا تقرر عندنا أن القرآن هو كلام الله تعالى، فمعنى ذلك أن هذا الكتاب هو الذي ينشئ لنا التصور الصحيح للعقيدة، لأنه من عند الله عالم الغيب والشهادة، وهو الذي يمد العقل بمقدمات صحيحة للتصور، لأن العقل محتاج إلى هذه المقدمات التي لا يمكن أن يأتي بها من تلقاء نفسه كما أوضحنا ذلك سلفاً.


ولكن رب سائل يسأل: هذا معتقدك أنت أيها المسلم في القرآن، ولماذا لا يكون هذا الكتاب من عند غير الله؟.

فنقول بداية: إننا هنا نتكلم مع مسلمين قد تحصلّوا بعقولهم على مقدمة التسليم بأن الكتاب من عند الله، ونحن نعرض عليهم كلامنا هذا كونهم مسلمين مؤمنين بذلك.

ولكن لا يمنعنا أن نستقرئ بعض الحجج التي أتى به القرآن نفسه لإثبات أنه من عند الله تعالى.

1. دليل عدم قراءة النبي عليه السلام:

لا يحتاج إلى جهد كبير ليتبين العقل أن الذي لا يقرأ ولا يكتب ليس بمقدوره أن يألّف كتاباً متناسقاً بديعاً، ومعلوم من السياق التأريخي أن الكتابات المترابطة والراقية لم تظهر إلا بعد أن أتقن الإنسان الكتابة والقراءة وقطع فيهما شوطاً كبيراً، فكيف لإنسان ظل بين قومه عمراً طويلاً لا يقرأ ولا يكتب يأتي فجأة بكتاب بحجم القرآن كماً وكيفاً، عالج قضايا جسيمة في التفكير الإنساني بانسجام قويم ودقة متناهية، هذا لا يمكن إلا إن كان الله وحده يمده به، وهذه الحجة أقامها القرآن على الناس حينما قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الْكَافِرُونَ، وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ، بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ)) العنكبوت/47-49.

وهذا الدليل لم يقمه الله تعالى على أهل مكة الذين كان كثير منهم لا يقرأون ولا يكتبون وحدهم، بل أقامه أيضاً على أهل الكتاب المشتغلين بالكتابة والقراءة.

ملاحظه: دليل عدم قدرة النبي على القراءة يختلف عن دليل أميته، وهذان يختلفان عن دليل أمية العرب، وسنأتي على هذين الدليلين لاحقاً بإذن الله تعالى.

بقية استدلالات الشيخ على أن القرآن من عند الله على هذا الرابط:
http://www.almajara.com/forums/showt...t=19895&page=2

النور الوضاح 13/05/2006 09:09 AM

في انتظار اكمال نقاش الاخ السهم المسدد ونقولات myfreedom

شكرا لكما

تحياتي

السهم المسدد 13/05/2006 02:59 PM

اعتذر عن عدم التنويه ببقية الرد والذي سيظهر تباعا تعليقا على قراءات الجابري.


رابعاً: تحدث الجابري عن مصطلح (الأمي) في القرآن الكريم ووصل إلى نتيجة ان مصطلح (الأمي) لا أصل لها في لغة العرب وأنها مشتقة من (الأممي) أي من (الأمة).

فالجابري قد قام -بوعي أو عن غير وعي- بعملية استقراء ناقص لدلالات كلمة (الأمي) في الكتاب العزيز


وسوف نقارن بين النتيجة التي وصل إليها الجابري من خلال مطالعة معنى كلمة الأمي من خلال جذرها العربي ومن ثم من خلال جذرها الجديد الذي توصل إليه الجابري!!

يقول بطرس البستاني في كتابه "محيط المحيط": (وأُمُّ الشيء : أَصله . و الأُمُّ و الأُمَّة الوالدة ; وأَنشد ابن بري : تَقَبَّلَها من أُمَّةٍ , ولَطالما تُنُوزِعَ , في الأسْواق منها , خِمارُها. وقال سيبويه . . . . لإمِّك ; وقال أيضًا : إضْرِب الساقَيْنِ إمِّك هابِلُ قال فكسَرهما جميعًا كما ضم هنالك , يعني أُنْبُؤُك ومُنْحُدُر , وجعلها بعضهم لغة , والجمع أُمَّات و أُمّهات زادوا الهاء

قال الجوهري : أَصل الأُمِّ أُمّهةٌ , ولذلك تُجْمَع على أُمَّهات . ويقال : يا أُمَّةُ لا تَفْعَلي ويا أَبَةُ افْعَلْ , يجعلون علامة التأْنيث عوضًا من ياء الإضافة , وتَقِفُ عليها بالهاء ; وقوله :
ما أُمّك اجْتاحَتِ المَنايا *** كلُّ فُؤادٍ عَلَيْك أُمُّ

و أُمُّ كل شيء : أَصْلُه وعِمادُه ; قال ابن دُريَد : كل شيء انْضَمَّت إليه أَشياء , فهو أُمٌّ لها . وأُم القوم : رئيسُهم , من ذلك ; قال الشنْفَرى : وأُمَِّ عِيال قد شَهِدْتُ تَقُوتُهُمْ

وأُمُّ الكِتاب : فاتِحَتُه لأَنه يُبْتَدَأُ بها في كل صلاة , وقال الزجاج : أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكتاب

قيل للعرب الأُمِّيُّون لأن الكِتابة كانت فيهم عَزِيزة أَو عَديمة ; ومنه قوله : بَعَثَ في الأُمِّيِّين رسولًا منهم و الأُمِّيُّ العَييّ الجِلْف الجافي القَليلُ الكلام ;
قال : ولا أعُودِ بعدَها كَرِيّا
أُمارسُ الكَهْلَةَ والصَّبيَّا
والعَزَبَ المُنَفَّه الأُمِّيَّا

قيل له أُمِّيٌّ لأنه على ما وَلَدَته أُمُّه عليه من قِلَّة الكلام وعُجْمَة اللِّسان , وقيل لسيدنا محمدٍ رسول الله , الأُمِّي لأَن أُمَّة العرب لم تكن تَكْتُب ولا تَقْرَأ المَكْتُوبَ , وبَعَثَه الله رسولًا وهو لا يَكْتُب ولا يَقْرأُ من كِتاب , وكانت هذه الخَلَّة إحْدَى آياته المُعجِزة لأَنه , تَلا عليهم كِتابَ الله مَنْظُومًا , تارة بعد أُخْرَى , بالنَّظْم الذي أُنْزِل عليه فلم يُغَيِّره ولم يُبَدِّل أَلفاظَه , وكان الخطيبُ من العرب إذا ارْتَجَل خُطْبَةً ثم أَعادها زاد فيها ونَقَص ,

فحَفِظه الله على نَبيِّه كما أَنْزلَه , وأَبانَهُ من سائر مَن بَعَثه إليهم بهذه الآية التي بايَنَ بَينه وبينهم بها , ففي ذلك أَنْزَل الله تعالى : وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ الذين كفروا , ولَقالوا : إنه وَجَدَ هذه الأَقاصِيصَ مَكْتوبةً فَحَفِظَها من الكُتُب
))اهـ



إذا فمعنى (الأمي) من خلال هذا الجذر (أم) هو العودة إلى الأصل، وليس الأصل هنا هو (الأمم) كما قال أستاذنا الجابري بل هو في حقيقة الأمر تعبير عن العودة إلى الفطرة، والتعبير عن الفطري بـ (الأم) هو في غاية البلاغة والبيان فهي تعكس حال المخلوق الجديد الذي يقبل كل ما تعطيه له الطبيعة من هواء وغذاء.

والفطرة بهذا المعنى تعبر عن العقل السليم الذي يتعامل مع القوانين الكونية دون تعارض معها ولا اصطدام.

ومعلوم أن العرب قبل الإسلام لا ديانة لهم ولا ثقافة دينية، فلهذا انتشر الإسلام بينهم انتشار النار في الهشيم، فهو لم يصطدم مع كثير رواسب متجذرة كما هو الحال مع أصحاب الديانات والنحل الضاربة في التعقيد والتنظير لما تملكه من مباديء وأسس مصادمة للعقل والكون بقوانينه وسننه.

فالأمية إذن هي تعبير عن الفطرة وهي إن كانت في العرب أوضح ففي غيرهم ليست منعدمة فهناك الكثير من الأميين يعيشون في أدغال أفريقيا وغابات آسيا لا يعبدون إلى الطعام والشراب.

ونحن هنا نوافق الجابري في اعتراضه على الاستدلال بعدم قراءة النبي وكتابته بآيات أمية النبي والعرب إلا أننا نخالفه في اشتقاق (الأمية) من (الأممية) وزعمه غير المقبول أن اللغة العربية التي طالما طعن فيها الجابري لا يوجد فيها مصطلح الأمي وإنما هو مستعار من لغات أخرى!.

ولا نقول ذلك من باب المخالفة للجابري بل من باب إنصاف الحقيقة الضائعة أمام بريق الأسماء والألقاب!.


فالجابري فيما توصل إليه ينقض آخر بحثه أوله! فهو يقرر قبلاً أن الأميين هم العرب الذين لا دين لهم في قبال أهل الكتاب الذين لديهم الكتب السماوية.

ثم يفترض أن (الأميين) أصلها من (الأممين) أي من (الأمم)، وهنا يظهر النقص في الاستقراء الذي قام به الجابري، فالأممية في أصلها اللغوي هي رديفة للدين وليست ضد منه، بحيث يكون أهل الكتب هم (الأمميون) وليس العرب (الأميين).

يقول صاحب محيط المحيط: ((و الأُمَّةُ الشِّرعة والدِّين . وفي التنزيل العزيز : إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ قاله اللحياني ... قال أَبو إِسحق في قوله تعالى : كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ أي كانوا على دينٍ واحد ...و الأُمَّةُ الطريقة والدين . يقال : فلان لا أُمَّةَ له أَي لا دِينَ له ولا نِحْلة له وقوله تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ قال الأَخفش : يريد أَهْل أُمّةٍ أَي خير أَهْلِ دينٍ ;

وأَنشد للنابغة :
حَلَفْتُ فلم أَتْرُكْ لِنَفْسِك رِيبةً *** وهل يأْثَمَنْ ذو أُمَّةٍ وهو طائعُ ؟

الأُمَّةُ القَرْن من الناس ; يقال : قد مَضَتْ أُمَمٌ أَي قُرُونٌ . و أُمَّةُ كل نبي : مَن أُرسِل إِليهم من كافر ومؤمنٍ . و الأُمَّةُ الجِيلُ والجِنْسُ من كل حَيّ . وفي التنزيل العزيز : وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ.

و الأُمَّةُ الرجل الذي لا نظِير له ; ومنه قوله تعالى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ

و الأُمَّةُ المُعَلِّم

وقيل : الأُمَّةُ الرجلُ الجامع للخير . و الأُمَّةُ الحِينُ . قال الفراء في قوله وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ قال بعد حينٍ من الدَّهْرِ . وقال تعالى : وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ وقال ابن القطاع : الأُمَّةُ المُلْك , والأُمة أَتْباعُ الأنبياء , و الأُمّةُ الرجل الجامعُ للخير , و الأُمَّةُ الأُمَمُ , و الأُمَّةُ الرجل المُنْفَرد بدينه لا يَشْرَكُه فيه أَحدٌ , و الأُمَّةُ القامةُ والوجهُ ;
قال الأَعشى : وإنَّ مُعاوية الأَكْرَمِيـنَ بيضُ الوُجوهِ طِوالُ الأُمَمْ
أي طِوالُ القاماتِ ; ومثله قول الشَّمَرْدَل بن شريك اليَرْبوعي : طِوال أَنْصِية الأَعْناقِ والأُمَمِ

و الأُمَّة الطاعة . و الأُمَّة العالِم . وأُمَّةُ الرجل : قومُه . و الأُمَّةُ الجماعة ; قال الأخفش : هو في اللفظ ))اهـ



من ذلك يتبين لنا أن بحث الدكتور الجابري قد أخفق في الوصول إلى نتيجة صائبة في هذه القضية الجليلة لسببين رئيسيين:

الأول: عدم التفريق بين الظني والقطعي، ومحاولة تضييق فضاءات النص القطعي بحواجز المرويات الظنية، والامة اليوم تنتظر من الجابري وغيره من مفكري الأمة أن يكسرو قيد الظنون ومعتقلات الأوهام ويطلقوا الناس إلى عوالم القطع واليقين الرحبة الواسعة المكتنزة بالمعاني والدلالات الصالحة لكل زمان ومكان.

الثاني: الاستقراء الناقص القائم على الابتسار والتسرع في الاستنتاج والتعامل مع اللغة العربية من منطلق استعلائي قائم على إزدراء اللغة العربية ومحاولة الطعن في عظمتها واتساعها.

هذا والسلام عليكم ورحمة الله.

السهم المسدد 17/05/2006 03:40 PM

ننتظر مواصلة الدكتور الجابري لحلقات موضوعه!!

myfrredom 23/05/2006 12:16 PM

هل الأمية علامة على المعجزة؟
GMT 21:30:00 2006 الإثنين 22 مايو
الاتحاد الاماراتية



--------------------------------------------------------------------------------


الثلاثاء: 2006.05.23

د. محمد عابد الجابري

لماذا الإلحاح على أن النبي لم يكن يعرف القراءة والكتابة؟ لقد ربط كثير من المتكلمين والمفسرين والدعاة بين إعجاز القرآن وبين "أمية" الرسول عليه الصلاة والسلام، جاعلين من عدم معرفته للكتابة دليلاً على أن القرآن معجزة له، لم يستطع أن يأتي بمثلها من كان يقرأ ويكتب من خصوم دعوته رغم تحدي القرآن لهم. وهكذا صعب على من يذهب هذا المذهب التسليم بكونه كان عليه الصلاة والسلام يكتب ويقرأ، منذ طفولته حتى وفاته، فاضطربوا اضطراباً ملحوظاً أمام الأحاديث والأخبار التي أوردناها في المقال السابق، والتي تفيد صراحة أو ضمناً أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ ويكتب. ومن مظاهر هذا الاضطراب تقديمهم "بعض التنازلات" وكأن الأمر يتعلق بموضوع قابل للمفاوضة!
من جملة التنازلات ما ذكره الألوسي البغدادي في تفسيره، قال: "واختُلف في أنه صلى الله عليه وسلم هل كان بعد النبوة يقرأ ويكتب أم لا؟ فقيل: إنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يحسن الكتابة، واختاره البغوي في "التهذيب"، وقال: إنه الأصح. وادعى بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها... فلما نزل القرآن واشتهر الإسلام وظهر أمر الارتياب تَعَرَّف الكتابة حينئذ". ويضيف الألوسي: "وروي ابن أبي شيبة وغيره: ما مات صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ". وقال: "وروى ابن ماجه عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم: رأيت، ليلة أُسْرِي بي، مكتوباً على باب الجنة: "الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر". وعلق الراوي قائلاً: "والقدرة على القراءة فرع عن الكتابة". وأضاف الألوسي: وممن ذهب إلى القول بأنه عليه الصلاة والسلام كان يعرف القراءة والكتابة أبو ذر الهروي، وأبو الفتح النيسابوري، وأبو الوليد الباجي (الفقيه الأندلسي الشهير، القرن الخامس الهجري)، وقد صنف فيه كتاباً، وسبقه إليه ابن منية. ولما قال أبو الوليد (الباجي) ذلك طُعن فيه ورمي بالزندقة وسُبَّ على المنابر، ثم عُقد له مجلس فأقام الحجة على ما ادعاه وكتب به إلى علماء الأطراف فأجابوا بما يوافقه".
ويعلق الألوسي على ما تقدم قائلاً: "ومعرفة الكتابة بعد أُمِّيَّتِه صلى الله عليه وسلم لا تنافي المعجزة، بل هي معجزة أخرى لكونها من غير تعليم... ولا يخفى أن قوله عليه الصلاة والسلام: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" ليس نصاً في استمرار نفي الكتابة عنه عليه الصلاة والسلام، ولعل ذلك باعتبار أنه بعث عليه الصلاة والسلام وهو، وكذا أكثر من بعث إليهم وهو بين ظهرانيهم من العرب، أميون لا يكتبون ولا يحسبون. فلا يضر عدم بقاء وصف الأمية في الأكثر بعد. وأما ما ذكر من تأويل فِعْل "كَتَبَ" (عبارة "كتب النبي": "في عقد الحديبية، حديث البراء، أنظر المقال السابق) بِـ"أَمَرَ" بالكتابة فخلاف الظاهر". ويضيف الألوسي: "وفي شرح "صحيح مسلم" للنووي عليه الرحمة، نقلاً عن القاضي عياض، أن قول الراوي في رواية البخاري (ذكرناها في المقال السابق): "ولا يحسن يكتب فكتب"، كالنص على أنه صلى الله عليه وسلم كتب بنفسه، فالعدول عنه إلى غيره مجاز لا ضرورة إليه". ثم قال: "وقد طال كلام كل فرقة في هذه المسألة وشنَّعت كل فرقة على الأخرى في هذا، والله تعالى أعلم".
وفي هذا الاتجاه علق القرطبي على رأي من ينكر القول بكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف القراءة والكتابة، ناقلاً كلام شيخه فقال: "قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر: وقد أنكر القول بأنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ ويكتب كثير من متفقهة الأندلس وغيرهم وشدّدوا النكير فيه، ونسبوا قائله إلى الكفر، وذلك دليل على عدم العلوم النظرية، وعدم التوقف في تكفير المسلمين، ولم يتفطنوا؛ لأن تكفير المسلم كقتله(...)، على أن المسألة ليست قطعية، بل مستندها ظواهر أخبار أحادٍ صحيحة، غير أن العقل لا يحيلها (لا يعتبرها محالاً) وليس في الشريعة قاطع يحيل وقوعها".
نأتي الآن إلى الآية التي يتمسك بها الكثيرون كدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن يعرف القراءة والكتابة، وهي قوله تعالى: "وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ" (العنكبوت 49).
لقد وردت هذه الآية بعد قوله تعالى "وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الْكَافِرُونَ" (47)، والمقصود كفار قريش. فهؤلاء قد اتهموا النبي بافتراء القرآن:"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا" (الفرقان 4)، وقد جاء الرد عليهم في قوله تعالى: ""وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ". وواضح من السياق أن لفظ "كتاب" في هذه الآية ينصرف معناه إلى التوراة. فالآية ترد على الذين اتهموا النبي بالنقل من كتاب أهل الكتاب، بما معناه: كان يمكن أن يكون اتهام قريش لك يا محمد بافتراء القرآن مبرراً ومقبولاً لو كان حالك كحال الأساقفة والرهبان الذي يقرؤون التوراة أو الإنجيل وينسخونها. وهذا ما لم يحصل ولم يعرف عنك. وأكثر من هذا فهؤلاء الجاحدون يعرفون أن القرآن لم ينزل عليك مرة واحدة كتاباً جاهزاً، فهم يشاهدونه ينزل عليك مُنجَّماً مفرقاً، آيات، آيات: ذلك قوله تعالى في الآية التالية مباشرة للسابقة: "بَلْ هُوَ آيَاتٌ، بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ" (49).
ليس في هذه الآيات، بل ليس في القرآن كله، ما ينفي عن النبي المعرفة بالقراءة والكتابة، وبالمقابل هناك آيات عديدة تنفي عنه افتراء القرآن واستنساخه من كتب أهل الكتاب، وتؤكد بالمقابل أن المصدر الوحيد للقرآن هو الوحي الذي يأتيه من الله بواسطة جبريل مُنجَّما، آيات، آيات، وليس على صورة كتاب.
هذا ومن المناسب هنا الإشارة إلى أن خصوم النبي من قريش لم يتهموه بكونه كتب القرآن. لقد اتهموه بأنه كان يتلقى ما ورد فيه، وخاصة القصص، من نصارى كانوا في مكة وكان يجلس إلى بعضهم، ولكن لم يذكر أحد من الرواة أن خصوم الدعوة المحمدية من قريش قد نسبوا إليه كتابة القرآن، ليس لأنهم كانوا يعرفون أنه لا يقرأ ولا يكتب، بل لأن المعرفة بالكتابة والقراءة عندهم، وعند جميع الأمم إلى اليوم، ليست شرطاً في الإتيان بالكلام البليغ. فالقول البليغ ليس مرهوناً بالمعرفة بالقراءة والكتابة، وقد كان شعراء العرب وخطباؤهم يقولون الشعر ويخطبون ارتجالا؛ دون إعداد، لا قولاً ولا كتابة. وفي هذا يقول الجاحظ عن العرب: "وكل شيء عند العرب فإنما هو بديهة وارتجال وكأنه إلهام، وليس هناك معاناة ولا مكابدة، ولا إجالة فكر ولا استعانة(...)، وليس هم كمن حفظ علم غيره واحتذى على كلام من كان قبله، فلم يحفظوا إلا ما علِق بقلوبهم والتحم بصدورهم واتصل بعقولهم، من غير تكلّف ولا قصد ولا تحفظ ولا طلب". وهذا إن كان يصدق على ما ينسب من سحر البيان إلى الفطرة والسليقة الإلهام، فكيف بما هو من قبيل الوحي!
القرآن معجز ليس لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجهل القراءة والكتابة، بل هو معجز بذاته: "قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" (الإسراء 88). الإنس والجن! من كان منهم لا يعرف القراءة والكتابة ومن كان ضليعاً فيهما، لا يستطيعون الإتيان بمثل هذا القرآن حتى ولو تعاونوا عليه!
أما تأكيد الطابع المعجز للقرآن، بدعوى أن الذين يعرفون القراءة والكتابة من قريش لم يستطيعوا الإتيان بمثله، رغم تحديه لهم، وأن النبي كان لا يعرف القراءة والكتابة وأتى بهذا القرآن، وبالتالي فذاك دليل على أنه وحي من الله، أقول إن هذا النوع من الاحتجاج إن كان له مفعول –على صعيد الدعوة- في زمن كالعصور الوسطى، حيث كان الناس ينظرون إلى العارفين بالقراءة والكتابة بوصفهم أشخاصاً حاصلين على "امتياز خاص"، فإن الناس اليوم في عصر تعميم التعليم ونشر المعرفة لا يعطون للمعرفة بالقراءة والكتابة كل تلك الأهمية. إن مكمن الإعجاز في القرآن –على صعيد اللغة- هو ما عبر عنه المتكلمون المسلمون بـ"النظم"، أي انفراده بنوع خاص من الخطاب لم تعرفه العرب من قبل، ولم تستطع قريش إنكار فرادته ولا التقليل من تأثيره.

ابن اليماني 25/05/2006 10:04 AM

حول أمية النبيّ
 
تابعتُ مقالات الجابريّ الثلاثة التي نشرها على موقعه(منبر الدكتور محمد عابد الجابري) عن أميّة النبيّ ، أنتظر أن يأتي بجديد...
وعلى الرّغم من أنه ألمح إلى أنه يميل إلى أنّ النبيّ كان يعرف القراءة والكتابة، وقد استطاع بخبرته المعهودة في العرض المتدرّج للأفكار، والإحكام الملحوظ لتسلسل الأفكار، مما يجعله يتجنب بِحُنكة القفز إلى النتائج واستفزاز القارئ العادي ، إلا أني كُنت أنتظر تأخيره المتعمّد للآية (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذن لارتاب المُبطلون) حتى إنه قد أوهمني لمدة أسبوعين أنّ له فهماً جديداً خليقاً بالاعتبار للآية المذكورة. فإذا به يمرُّ عليها سريعاً ويتناسى تنكير كلمة (كتاب) ودلالة التنكير ليقول:"""وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ". وواضح من السياق أن لفظ "كتاب" في هذه الآية ينصرف معناه إلى التوراة. فالآية ترد على الذين اتهموا النبي بالنقل من كتاب أهل الكتاب، بما معناه: كان يمكن أن يكون اتهام قريش لك يا محمد بافتراء القرآن مبرراً ومقبولاً لو كان حالك كحال الأساقفة والرهبان الذي يقرؤون التوراة أو الإنجيل وينسخونها. وهذا ما لم يحصل ولم يعرف عنك. وأكثر من هذا فهؤلاء الجاحدون يعرفون أن القرآن لم ينزل عليك مرة واحدة كتاباً جاهزاً، فهم يشاهدونه ينزل عليك مُنجَّماً مفرقاً، آيات، آيات: ذلك قوله تعالى في الآية التالية مباشرة للسابقة: "بَلْ هُوَ آيَاتٌ، بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ" (49). "اهـ
وشرع يدلل على ما اقتنع به بأنّ عدم معرفة النبيّ للقراءة والكتابة ليست هي الدليل على إعجاز القرآن. واتخذ من هذه الفكرة مدخلاً للخوض في موضوع ليس من السهولة ولوجه.وإن كان قد عوّدنا على مناقشة مواضيع لا يجرؤ على مناقشتها إلا القلائل. جاءته هذه القدرة من شيئين :
أولهما مغاربيته التي ورثت واقعية أهل الأندلس وصدقهم وسنيتهم ومالكيتهم وظاهريتهم وثانيهما قدرته التحليلية وخبرته الفلسفية التي قفزت بالفكر الفلسفي العربي خطوة لا ينكرها إلا من حرم إما نعمة العلم والفهم أو نعمة الإنصاف والعدالة.
ولكني أضع بين يديه ويدي الإخوة القراء في السبلة بعض الملاحظات:
أولاهما: أنّ الكتابة العربية لم تكن قد تطورت في حياة النبي ولا قبلها تطوّراً ينقل العارفين بها إلى مرحلة تميز فكري أو أدبيّ. فالخطّ كان يحوي 16 رمزاً لأكثر من 30 حرفاً[لأنّ الحركات حروف في علم الخطّ العالمي]، ولذلك كان الخطّ مجرد مساعد للذاكرة.
ثانيهما: أن الخطّ الذي كان متطورا هو الخطّ الإغريقي الذي استفادت منه السريانية ثم العبرية فأصبح بإمكان متعلميها أن يقرءوا فعلاً ويكتبوا فعلاً.
هاتان نقطتان يجب أخذهما في الحسبان عند أي مقاربة لهذا الموضوع.
وعليه فإن معرفة النبي لهذه الـ16 رمزاً لا يغيَّر شيئاً في الموضوع، أو يمكن صياغة العبارة بطريقة أخرى وهي أن معرفة النبيّ بالقراءة والكتابة ليست بالأمر المهمّ الذي يضيف إلى الوعي المسلم شيئاً ذا بال إزاء إعجاز القرآن وشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكنّ الأقرب إلى ظاهر الآية وما كنتَ تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك هو أنها تفيد قطعاً أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف الكتابة أو يمارسها على الأقل.
ولا يمكننا تضييق سعة معنى (كتاب) مُنَكّرة وقصرها على (التوراه) ، غير ممكن إطلاقاً

السهم المسدد 25/05/2006 01:13 PM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة myfrredom
هل الأمية علامة على المعجزة؟
GMT 21:30:00 2006 الإثنين 22 مايو
الاتحاد الاماراتية



--------------------------------------------------------------------------------


الثلاثاء: 2006.05.23

د. محمد عابد الجابري

لماذا الإلحاح على أن النبي لم يكن يعرف القراءة والكتابة؟ لقد ربط كثير من المتكلمين والمفسرين والدعاة بين إعجاز القرآن وبين "أمية" الرسول عليه الصلاة والسلام، جاعلين من عدم معرفته للكتابة دليلاً على أن القرآن معجزة له، لم يستطع أن يأتي بمثلها من كان يقرأ ويكتب من خصوم دعوته رغم تحدي القرآن لهم. وهكذا صعب على من يذهب هذا المذهب التسليم بكونه كان عليه الصلاة والسلام يكتب ويقرأ، منذ طفولته حتى وفاته، فاضطربوا اضطراباً ملحوظاً أمام الأحاديث والأخبار التي أوردناها في المقال السابق، والتي تفيد صراحة أو ضمناً أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ ويكتب. ومن مظاهر هذا الاضطراب تقديمهم "بعض التنازلات" وكأن الأمر يتعلق بموضوع قابل للمفاوضة!
من جملة التنازلات ما ذكره الألوسي البغدادي في تفسيره، قال: "واختُلف في أنه صلى الله عليه وسلم هل كان بعد النبوة يقرأ ويكتب أم لا؟ فقيل: إنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يحسن الكتابة، واختاره البغوي في "التهذيب"، وقال: إنه الأصح. وادعى بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها... فلما نزل القرآن واشتهر الإسلام وظهر أمر الارتياب تَعَرَّف الكتابة حينئذ". ويضيف الألوسي: "وروي ابن أبي شيبة وغيره: ما مات صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ". وقال: "وروى ابن ماجه عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم: رأيت، ليلة أُسْرِي بي، مكتوباً على باب الجنة: "الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر". وعلق الراوي قائلاً: "والقدرة على القراءة فرع عن الكتابة". وأضاف الألوسي: وممن ذهب إلى القول بأنه عليه الصلاة والسلام كان يعرف القراءة والكتابة أبو ذر الهروي، وأبو الفتح النيسابوري، وأبو الوليد الباجي (الفقيه الأندلسي الشهير، القرن الخامس الهجري)، وقد صنف فيه كتاباً، وسبقه إليه ابن منية. ولما قال أبو الوليد (الباجي) ذلك طُعن فيه ورمي بالزندقة وسُبَّ على المنابر، ثم عُقد له مجلس فأقام الحجة على ما ادعاه وكتب به إلى علماء الأطراف فأجابوا بما يوافقه".
ويعلق الألوسي على ما تقدم قائلاً: "ومعرفة الكتابة بعد أُمِّيَّتِه صلى الله عليه وسلم لا تنافي المعجزة، بل هي معجزة أخرى لكونها من غير تعليم... ولا يخفى أن قوله عليه الصلاة والسلام: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" ليس نصاً في استمرار نفي الكتابة عنه عليه الصلاة والسلام، ولعل ذلك باعتبار أنه بعث عليه الصلاة والسلام وهو، وكذا أكثر من بعث إليهم وهو بين ظهرانيهم من العرب، أميون لا يكتبون ولا يحسبون. فلا يضر عدم بقاء وصف الأمية في الأكثر بعد. وأما ما ذكر من تأويل فِعْل "كَتَبَ" (عبارة "كتب النبي": "في عقد الحديبية، حديث البراء، أنظر المقال السابق) بِـ"أَمَرَ" بالكتابة فخلاف الظاهر". ويضيف الألوسي: "وفي شرح "صحيح مسلم" للنووي عليه الرحمة، نقلاً عن القاضي عياض، أن قول الراوي في رواية البخاري (ذكرناها في المقال السابق): "ولا يحسن يكتب فكتب"، كالنص على أنه صلى الله عليه وسلم كتب بنفسه، فالعدول عنه إلى غيره مجاز لا ضرورة إليه". ثم قال: "وقد طال كلام كل فرقة في هذه المسألة وشنَّعت كل فرقة على الأخرى في هذا، والله تعالى أعلم".
وفي هذا الاتجاه علق القرطبي على رأي من ينكر القول بكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف القراءة والكتابة، ناقلاً كلام شيخه فقال: "قال شيخنا أبو العباس أحمد بن عمر: وقد أنكر القول بأنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ ويكتب كثير من متفقهة الأندلس وغيرهم وشدّدوا النكير فيه، ونسبوا قائله إلى الكفر، وذلك دليل على عدم العلوم النظرية، وعدم التوقف في تكفير المسلمين، ولم يتفطنوا؛ لأن تكفير المسلم كقتله(...)، على أن المسألة ليست قطعية، بل مستندها ظواهر أخبار أحادٍ صحيحة، غير أن العقل لا يحيلها (لا يعتبرها محالاً) وليس في الشريعة قاطع يحيل وقوعها".
نأتي الآن إلى الآية التي يتمسك بها الكثيرون كدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن يعرف القراءة والكتابة، وهي قوله تعالى: "وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ" (العنكبوت 49).
لقد وردت هذه الآية بعد قوله تعالى "وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الْكَافِرُونَ" (47)، والمقصود كفار قريش. فهؤلاء قد اتهموا النبي بافتراء القرآن:"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا" (الفرقان 4)، وقد جاء الرد عليهم في قوله تعالى: ""وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ". وواضح من السياق أن لفظ "كتاب" في هذه الآية ينصرف معناه إلى التوراة. فالآية ترد على الذين اتهموا النبي بالنقل من كتاب أهل الكتاب، بما معناه: كان يمكن أن يكون اتهام قريش لك يا محمد بافتراء القرآن مبرراً ومقبولاً لو كان حالك كحال الأساقفة والرهبان الذي يقرؤون التوراة أو الإنجيل وينسخونها. وهذا ما لم يحصل ولم يعرف عنك. وأكثر من هذا فهؤلاء الجاحدون يعرفون أن القرآن لم ينزل عليك مرة واحدة كتاباً جاهزاً، فهم يشاهدونه ينزل عليك مُنجَّماً مفرقاً، آيات، آيات: ذلك قوله تعالى في الآية التالية مباشرة للسابقة: "بَلْ هُوَ آيَاتٌ، بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ" (49).
ليس في هذه الآيات، بل ليس في القرآن كله، ما ينفي عن النبي المعرفة بالقراءة والكتابة، وبالمقابل هناك آيات عديدة تنفي عنه افتراء القرآن واستنساخه من كتب أهل الكتاب، وتؤكد بالمقابل أن المصدر الوحيد للقرآن هو الوحي الذي يأتيه من الله بواسطة جبريل مُنجَّما، آيات، آيات، وليس على صورة كتاب.
هذا ومن المناسب هنا الإشارة إلى أن خصوم النبي من قريش لم يتهموه بكونه كتب القرآن. لقد اتهموه بأنه كان يتلقى ما ورد فيه، وخاصة القصص، من نصارى كانوا في مكة وكان يجلس إلى بعضهم، ولكن لم يذكر أحد من الرواة أن خصوم الدعوة المحمدية من قريش قد نسبوا إليه كتابة القرآن، ليس لأنهم كانوا يعرفون أنه لا يقرأ ولا يكتب، بل لأن المعرفة بالكتابة والقراءة عندهم، وعند جميع الأمم إلى اليوم، ليست شرطاً في الإتيان بالكلام البليغ. فالقول البليغ ليس مرهوناً بالمعرفة بالقراءة والكتابة، وقد كان شعراء العرب وخطباؤهم يقولون الشعر ويخطبون ارتجالا؛ دون إعداد، لا قولاً ولا كتابة. وفي هذا يقول الجاحظ عن العرب: "وكل شيء عند العرب فإنما هو بديهة وارتجال وكأنه إلهام، وليس هناك معاناة ولا مكابدة، ولا إجالة فكر ولا استعانة(...)، وليس هم كمن حفظ علم غيره واحتذى على كلام من كان قبله، فلم يحفظوا إلا ما علِق بقلوبهم والتحم بصدورهم واتصل بعقولهم، من غير تكلّف ولا قصد ولا تحفظ ولا طلب". وهذا إن كان يصدق على ما ينسب من سحر البيان إلى الفطرة والسليقة الإلهام، فكيف بما هو من قبيل الوحي!
القرآن معجز ليس لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجهل القراءة والكتابة، بل هو معجز بذاته: "قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" (الإسراء 88). الإنس والجن! من كان منهم لا يعرف القراءة والكتابة ومن كان ضليعاً فيهما، لا يستطيعون الإتيان بمثل هذا القرآن حتى ولو تعاونوا عليه!
أما تأكيد الطابع المعجز للقرآن، بدعوى أن الذين يعرفون القراءة والكتابة من قريش لم يستطيعوا الإتيان بمثله، رغم تحديه لهم، وأن النبي كان لا يعرف القراءة والكتابة وأتى بهذا القرآن، وبالتالي فذاك دليل على أنه وحي من الله، أقول إن هذا النوع من الاحتجاج إن كان له مفعول –على صعيد الدعوة- في زمن كالعصور الوسطى، حيث كان الناس ينظرون إلى العارفين بالقراءة والكتابة بوصفهم أشخاصاً حاصلين على "امتياز خاص"، فإن الناس اليوم في عصر تعميم التعليم ونشر المعرفة لا يعطون للمعرفة بالقراءة والكتابة كل تلك الأهمية. إن مكمن الإعجاز في القرآن –على صعيد اللغة- هو ما عبر عنه المتكلمون المسلمون بـ"النظم"، أي انفراده بنوع خاص من الخطاب لم تعرفه العرب من قبل، ولم تستطع قريش إنكار فرادته ولا التقليل من تأثيره.



خيبة امل جديدة يمنينا بها حضرة الدكتور (السني) المتعصب مغاربيا ومالكياً.

وسأتعرض لبعض مظاهر تعصب حضرة الدكتور السني في تعليقي على كلام الأخ (ابن اليماني) بعد قليل..

عودة على موضوع الدكتور المتعصب نقول:

أولاً: تعلل الجابري في تشكيكه لعدم معرفة النبي صلى الله عليه وسلم للقراآة والكتابة بعلتين! وهما:

1- ما اورده الألوسي وغيره من تعليق على مرويات المعراج وأن النبي قرأ على باب الجنة بعض الكلمات.
2- نفي القرطبي المالكي المتعصب لكلام شيخه لقطيعة أدلة عدم معرفة النبي بالقراءة والكتابة.

ونحن نعجب من الدكتور الجابري كيف يهوي به هذا التعصب إلى درك تقديم الظني على القطعي وأقوال الرجال على دلالات النصوص القطعية!!؟

فرداً على كلام الألوسي نقول بأن روايات المعراج كلها باطلة منقولة حرفاً وصرفاً من كتب اليهود والنصارى، ويجد القاريء الكريم تفصيل ذلك في كتاب "قراءة في جدلية الرواية والدراية عند اهل الحديث" لزكريا المحرمي.

فكيف يتعلق الجابري بمرويات موضوعة لرد نصوص قطعية من الكتاب العزيز؟!!

ورداً على كلام القرطبي وشيخه نذكر المؤمنين بكلام رب القرطبي وشيخه وللقاريء أن يحكم في أيهنا أصدق قيلا حيث قلت فيما مضى:

اقتباس:

{وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} العنكبوت: 48.

وهذا نص قطعي الثبوت والدلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتلو (يقرأ) ولا يخط (يكتب) أي كتاب قبل نزول القرآن.

وعبارة (مِن كِتَابٍ ) عامة في جميع أصناف الكتب ولا يوجد دليل قطعي مساو لها في الثبوت يدل على أنه تم تخصيص هذا العموم بحيث يمكننا قبول ما ذهب إليه الجابري وصبحي منصور.

ويقول الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}الفرقان: 4-5.

وهذا النص يؤكد أن المشركين اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه (أكتتب) أي امر أحد ما أن يكتب له، وأن تلك الكتب (تملى عليه) لأنهم يعرفون أنه لا يستطيع القرآة أو الكتابة.



ثانياً: ذهب الجابري إلى أن {من كتاب} في قوله تعالى {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} يقصد به (التوراة)!!

ونحن نربأ بالجابري عن هذا الفهم الذي لا يصدر من مشكاة عارف باللغة خبير بتصاريفها فالاسم حين يكون بصيغة النكرة {كتاب} ويسبق بحرف الجر (من) إنما يدل على العموم.

والقرآن الكريم نزل بلغة العرب وليس بلغة الأعاجم ولو أراد تعالى أن يقول لنا أن محمدا لم يكن يقرأ التوراة وحسب لقال تعالى {وما كنت تتلو قبله الكتاب} وقد سمى الله تعالى اليهود والنصاري (أهل الكتاب) لأن كتابهم معروف عند الجميع.

ونحن لا نستنكر محاولات الجابري القرآئية بيد انا نود منه ومن غيره من مفكري الأمة أن لا يضيعوا جهودهم في الخوض في الدوائر المغلقة من الوحي وإنما نتمنى منهم الانطلاق في دوائر الوحي المفتوحة للإبداع وغعادة القراءة بما يتناسب وحاجات الأامة في هذه الأوقات المأزومة.

السهم المسدد 25/05/2006 01:26 PM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة ابن اليماني
تابعتُ مقالات الجابريّ الثلاثة التي نشرها على موقعه(منبر الدكتور محمد عابد الجابري) عن أميّة النبيّ ، أنتظر أن يأتي بجديد...

وإن كان قد عوّدنا على مناقشة مواضيع لا يجرؤ على مناقشتها إلا القلائل. جاءته هذه القدرة من شيئين :
أولهما مغاربيته التي ورثت واقعية أهل الأندلس وصدقهم وسنيتهم ومالكيتهم وظاهريتهم وثانيهما قدرته التحليلية وخبرته الفلسفية التي قفزت بالفكر الفلسفي العربي خطوة لا ينكرها إلا من حرم إما نعمة العلم والفهم أو نعمة الإنصاف والعدالة.


أخي الفاضل: مقالك هذا مشحون بالتعصب الذي يصل إلى حد التطرف المذهبي والقومي.

فلا المغاربية أرقى من المشرقية.
ولا التسنن أفضل من الاعتزال والإباضية والتشيع.
ولا المالكية خير من المعتزلة ولا الإباضية ولا الحنفية ولا الزيدية...
والظاهرية كانوا وما زالوا أشد وبالا على الامة من مجسمة الحنابلة.


وأكثر ما انتقده المفكرون (يحيى محمد، وعلي حرب، وجورج طرابيشي، وغيرهم) على الجابري هو حركته اللاشعورية -وربما تكون شعورية عن سابق إصرار وترصد- إلى تحقير الفكر الإسلامي المشرقي وإعلاء شأن الفكر المغاربي الذي كان وما يزال عالة على التطور الفكري المشرقي باعتراف الجابري نفسه في الكثير من مواضعه.

وربما لا يجهل من سبر مألفات الجابري مدى تحامله على الإباضية ومحاولته المستميته لتجهيلهم ومسخ تاريخهم المرصع بنياشين المجد السياسي الشوري والفكري المحترم للعقل في المغرب والمشرق العربي، ويكفينا دلالة على جراة الجابري ضد الإباضية نسبته تدوين السنة إلى علماءه السنيين مع أن غريمه النصراني جورج طرابيشي ذكره بحقيقة أحقاده على الإباضية الذين سبقوا علماءه بالتدوين الروائي!!

وإن تعجب فأعجب كيف يُهوي التعصب بأصحاب العقول والفكر المستنير!!

أما الأخ اليماني فنقول له: لن نتحدث عن السنية والمالكية والظاهرية وغيرها فكلها جرار تكسر بعضها بعضا والإسلام ليس حكرا على مدرسة أو مذهب ما وكنا نتمنى أن يكون مركز افتخارنا هو قربنا من القرآن الكريم لا الانتساب إلى مذهب من وضع البشر.

ابن اليماني 25/05/2006 04:38 PM

أخي السهم المسدد لقد أبعدت النجعة
 
سأردّ عليك فيما بعد ، لأنني الآن مشغول والله، ولكن اعلم فقط أنني أتكلم وفقاً لمبادئ سوسيولوجيا الثقافة وقرب التيار من السلطة التي سادت تاريخيا ، والانعزال النسبي لثقافة المعارضة ، ومفهوم النخبة ، والأكثرية ، ومفهوم اللاشعور الجمعي، وليس من مقصدي ولا ضمن تفكيري تفضيل مسمىً على آخر أو فرقةٍ على أخرى فهذه الأمور قد تجاوزتها بحمد الله منذ أكثر من عشر سنين.
وللحديث بقية فالرجل ينتظرني:D

ابن اليماني 25/05/2006 06:59 PM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة السهم المسدد
أخي الفاضل: مقالك هذا مشحون بالتعصب الذي يصل إلى حد التطرف المذهبي والقومي.

فلا المغاربية أرقى من المشرقية.
ولا التسنن أفضل من الاعتزال والإباضية والتشيع.
ولا المالكية خير من المعتزلة ولا الإباضية ولا الحنفية ولا الزيدية...
والظاهرية كانوا وما زالوا أشد وبالا على الامة من مجسمة الحنابلة.


وأكثر ما انتقده المفكرون (يحيى محمد، وعلي حرب، وجورج طرابيشي، وغيرهم) على الجابري هو حركته اللاشعورية -وربما تكون شعورية عن سابق إصرار وترصد- إلى تحقير الفكر الإسلامي المشرقي وإعلاء شأن الفكر المغاربي الذي كان وما يزال عالة على التطور الفكري المشرقي باعتراف الجابري نفسه في الكثير من مواضعه.

.

ألا يالَقومي للخطوبِ الطوارقِ وللعظمِ يُرمى كلَّ يومٍ بعارقِ
أخي من قال لك إنّ هناك خيرية في الموضوع؟
سبق وأن بينتُ في مقال لي بعنوان : هل يوجد فرقة ناجية:
http://om.s-oman.net/showthread.php?t=253463
أن الحساب فردي، وأنّ من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه.

لكن كون المغاربية أرقى من المشرقية ، فماذا تعني بالرُّقيّ؟
بالتأكيد أن المغاربية أقرب إلى العقل العلمي من المشرقية ، وليس ثم نظير لابن حزم في وعيه التاريخي وقدراته المنطقية ، ولا لابن رشد الحفيد الذي تجلى فيه العقل الإسلامي الواقعي غير المهوم في الميتافيزيقا ، وإذا أردت دليلاً فاقرأ(الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة أو فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال). وسترى بأم عينيك مصداق كلامي.
أما أن أفضل أياً من الفرق الإسلامية على غيرها فقد سبق لي تقسيم الأمة الى مذهبين فقط:
هي مذهب الأمة (ويشمل السنة والزيدية والإباضية والمعتزله) ومذاهب أخرى خارج مذهب الأمة تؤمن كلها بنظرية الإمامة مثل مذهب الإمامية والسبعية والباطنية من بقايا الإسماعيلية.
وقد أعلنتُ أني أدين بأن أعضاء مذهب الأمة عندي سواء ولا أفضل أحدهم على الآخر ، إلا بالتقوى والفهم والنفع العام. أما من (ابتلاه الله) بأن شاء له أن يولدضمن تراث يجعل أساس وجوده الإيمان بإضافات على دين محمد صنعها الصراع السياسي على السلطة ومظلومية "آل البيت" فهذا قد اخترت وأعلنت دون نفاق أو محاباة أن إسلامه إسلام من نوع خاص. وقد سميته الإسلام ب بناء على الأكثرية في(آ وب). فكما أن المسيحيين ينفصلون عن اليهود بالإيمان بالمسيح والمسلمين ينفصلون عن المسسيحيين بالإيمان بمحمد فإن الشيعة الإمامية ينفصلون عن الأمة بالإيمان بالإمامة والمهدي المنتظر الغائب غيبتين سنة 255هـ(صغرى) وسنة 260هـ(كبرى)، وكذلك ينفصل القاديانية عن مذهب الأمة بالإيمان بميرزا غلام أحمد الذي يسمونه المسيح المنتظر. وهؤلاء لا حوار معهم مطلقاً لأن فكرهم قد تبنى كما أثبت الأستاذ الجابري جميع المبادئ الهرمسية اللامعقولة.ولا يعني ذلك انني لا احترمهم او لا احبهم ، فأنا العبد لله كما ترى لا أستخدم مصطلح(تكفير) بل مصطلح(الإسلام ب)
وأنت أخي لو رجعت إلى نفسك لوجدت أنك أنت المتعصب وليس أنا.
فالوعي السوسيوثقافي يقول إن المنتمي إلى تراث الأكثرية أكثر حظاً في القبول بين أبناء المصلحين لأنه سيكون بالضرورة أبعد عن الشك ونظرية الخيانة والمؤامرة.
وهذا ما قصدته من عبارتي عن الجابري.
وبشأن الذين أنتقدوه وتقول ان النصراني طرابيشي قد قال كذا وبين فضل الإباضية وأسبقيتهم
فأقول لك إن أبسط وعي تاريخي يعلم هذه الحقيقة فالجابري نفسه قد قال لا يمكننا أن نعزو رأياً الى أهل السنة في القرن الثاني الهجري لأن مذهبهم لم يكن قد تبلور بعد . فهم قد سطوا على تراث الأمة لكن لا شك في أن بينهم وبين علماء الأمة وشائج لأن باقي فرق المعارضة قد سيرتهم عقد نقص كثيرة(اقرأ فلهاوزن: أحزاب المعارضة في الإسلام الشيعة والخوارج).
وأما أن تقول إن المشارقة هم الأصل،
فبالتأكيد أن الشرق قد أنتج جميع الأنبياء من إبراهيم الى محمد عليهم االصلاة والسلام
وما هكذا تُعرض المسائل
فقد قال عمانوئل كانط:إني لا أخشى أن أفنَّد بقدر ما أخشى أن يُساء فهمي
وأنا متأكد أخي الكريم أنك قد أسأت فهمي كثيرا وقبل ذلك قد أسأت فهم الجابري.
وقد اطلعت أنا العبد لله على كثير من نقود هؤلاء للجابري إلا علي حرب وحكمتُ على كلامهم بأن كثيراً منه هراء . ثم إني قد سطوت على أسباب سايكولوجية لهذه الانتقادات، وشخصية أيضا في حالة طرابيشي ليس هذا محل ذكرها
تحياتي

MAHFOUZ 25/05/2006 08:25 PM

ياناااااس

اتقوا الله

وتكلموا فيما يفيد الامة

النبي صلى الله عليه وسلم

أمي

أمي

أمي

لا يقرأ

ولا يكتب

هذه قضية منهية

لا خلاف عليها

اتقوا الله

السهم المسدد 27/05/2006 02:43 PM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة ابن اليماني

ألا يالَقومي للخطوبِ الطوارقِ وللعظمِ يُرمى كلَّ يومٍ بعارقِ
أخي من قال لك إنّ هناك خيرية في الموضوع؟
سبق وأن بينتُ في مقال لي بعنوان : هل يوجد فرقة ناجية:
http://om.s-oman.net/showthread.php?t=253463
أن الحساب فردي، وأنّ من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه.

لكن كون المغاربية أرقى من المشرقية ، فماذا تعني بالرُّقيّ؟
بالتأكيد أن المغاربية أقرب إلى العقل العلمي من المشرقية ، وليس ثم نظير لابن حزم في وعيه التاريخي وقدراته المنطقية ، ولا لابن رشد الحفيد الذي تجلى فيه العقل الإسلامي الواقعي غير المهوم في الميتافيزيقا ، وإذا أردت دليلاً فاقرأ(الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة أو فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال). وسترى بأم عينيك مصداق كلامي.
أما أن أفضل أياً من الفرق الإسلامية على غيرها فقد سبق لي تقسيم الأمة الى مذهبين فقط:
هي مذهب الأمة (ويشمل السنة والزيدية والإباضية والمعتزله) ومذاهب أخرى خارج مذهب الأمة تؤمن كلها بنظرية الإمامة مثل مذهب الإمامية والسبعية والباطنية من بقايا الإسماعيلية.
وقد أعلنتُ أني أدين بأن أعضاء مذهب الأمة عندي سواء ولا أفضل أحدهم على الآخر ، إلا بالتقوى والفهم والنفع العام. أما من (ابتلاه الله) بأن شاء له أن يولدضمن تراث يجعل أساس وجوده الإيمان بإضافات على دين محمد صنعها الصراع السياسي على السلطة ومظلومية "آل البيت" فهذا قد اخترت وأعلنت دون نفاق أو محاباة أن إسلامه إسلام من نوع خاص. وقد سميته الإسلام ب بناء على الأكثرية في(آ وب). فكما أن المسيحيين ينفصلون عن اليهود بالإيمان بالمسيح والمسلمين ينفصلون عن المسسيحيين بالإيمان بمحمد فإن الشيعة الإمامية ينفصلون عن الأمة بالإيمان بالإمامة والمهدي المنتظر الغائب غيبتين سنة 255هـ(صغرى) وسنة 260هـ(كبرى)، وكذلك ينفصل القاديانية عن مذهب الأمة بالإيمان بميرزا غلام أحمد الذي يسمونه المسيح المنتظر. وهؤلاء لا حوار معهم مطلقاً لأن فكرهم قد تبنى كما أثبت الأستاذ الجابري جميع المبادئ الهرمسية اللامعقولة.ولا يعني ذلك انني لا احترمهم او لا احبهم ، فأنا العبد لله كما ترى لا أستخدم مصطلح(تكفير) بل مصطلح(الإسلام ب)
وأنت أخي لو رجعت إلى نفسك لوجدت أنك أنت المتعصب وليس أنا.
فالوعي السوسيوثقافي يقول إن المنتمي إلى تراث الأكثرية أكثر حظاً في القبول بين أبناء المصلحين لأنه سيكون بالضرورة أبعد عن الشك ونظرية الخيانة والمؤامرة.
وهذا ما قصدته من عبارتي عن الجابري.
وبشأن الذين أنتقدوه وتقول ان النصراني طرابيشي قد قال كذا وبين فضل الإباضية وأسبقيتهم
فأقول لك إن أبسط وعي تاريخي يعلم هذه الحقيقة فالجابري نفسه قد قال لا يمكننا أن نعزو رأياً الى أهل السنة في القرن الثاني الهجري لأن مذهبهم لم يكن قد تبلور بعد . فهم قد سطوا على تراث الأمة لكن لا شك في أن بينهم وبين علماء الأمة وشائج لأن باقي فرق المعارضة قد سيرتهم عقد نقص كثيرة(اقرأ فلهاوزن: أحزاب المعارضة في الإسلام الشيعة والخوارج).
وأما أن تقول إن المشارقة هم الأصل،
فبالتأكيد أن الشرق قد أنتج جميع الأنبياء من إبراهيم الى محمد عليهم االصلاة والسلام
وما هكذا تُعرض المسائل
فقد قال عمانوئل كانط:إني لا أخشى أن أفنَّد بقدر ما أخشى أن يُساء فهمي
وأنا متأكد أخي الكريم أنك قد أسأت فهمي كثيرا وقبل ذلك قد أسأت فهم الجابري.
وقد اطلعت أنا العبد لله على كثير من نقود هؤلاء للجابري إلا علي حرب وحكمتُ على كلامهم بأن كثيراً منه هراء . ثم إني قد سطوت على أسباب سايكولوجية لهذه الانتقادات، وشخصية أيضا في حالة طرابيشي ليس هذا محل ذكرها
تحياتي

بعيداً عن كانط وما وصفته بـ (هراء) جورج طرابيشي أناشد فيك ضمير الانتصار للحقيقة وأدعوك للتفريق بين الشيعة الإمامية العلوية والشيعة الإمامية الشعوبية وبالمثل أناشدك التمييز بين مدارس أهل السنة التي تعتبر امتدادا للصحابة والتابعين ومدارس السنة التي نشأت وترعرت في احضان السلطة الأمية.

فالإنصاف الإنصاف أذكرك حتى لا تكون كالجابري الذي رمى ببلاء الأمة ماضيه وحاضرة على ظهور الشيعة والفكر المشرقي ليستقل بظاهرية ابن حزم ومالكية ابن رشد السنية المغاربية عن الوصال الثقافي الإسلامي.

أما عقدة النقص التي تسم بها الإباضية فهي عندنا أسطورة تحكى ولا ترى، لأن الإباضية لم يكونوا في يوم ما أقلية بل هم الأكثرية في مناطقهم ذات التضاريس الوعرة كعمان بجبالها ووهادها وبحرها الممتد في أعماق المحيطات المبتلعة للأعداء، هذه الجغرافيا القاسية وفرت للإباضية الحماية من هجمات الدول التي قامت باسم الإسلام وغيره، وكان الإباضية وما يزالون الأغلبية في مناطقهم، وأذكرك وأذكر نفسي بحقيقة معاناة الإباضية من داء الشعور بامن الأغلبية التي أسكرها الشعور بالكثرة عن قوارض الأقليات التي بدأت تنهش الجسد الإباضي قبل فتوى ابن باز النووية!!.

أما ابن حزم فالوقت أثمن من أضيعه في نقده وقد تطرقت لذلك في موضوع الدكتور القصيبي من قبل وربما سيكون هناك بحث مستقل حول فزاعة ابن حزم التي يرفعها الجابري وأمثاله.

ابن اليماني 27/05/2006 10:19 PM

ها أنت ذا تتطرف ضدّ ابن حزم
 
أحذرك فقط أن تظلم ابن حزم قبل أن تقرأ(الفِصل في الملل والأهواء والنحل)
وأن تظنّ أني أجهل نقاط ضعف الرجل ومقاتله ، فكثير من كلامه أشبه أيضاً بالهراء.
لكن ما يتفوق فيه هذا الرجل على جميع علماء الدين في القرون الوسطى-وهو ما ستكتشفه بعد أن تقرأ جيداً كتاب الفِصَل- أنه كان يؤمن بوحدة قوانين الفكر البشري، وأنه كان يحترم البحث عن الحقيقة لدى خصومه، والجانب الديني الحق في اليهودية والنصرانية المعاصرين له.
ومن أقواله في رسالته الرائعة في الأخلاق والمطبوعة بعنوان:"الأخلاق والسير ومداراة النفوس": (ثق بالمتدين وإن لم يكن من أهل ملتك، ولا تثق بالمسستخف بالدين وإن كان من أهل ملتك)
وكان الوحيد من أهل السنة الذي أنكر كرامات الأولياء وخرق مبادئ "العقل".
وكان مخلصاً للمعرفة مستعدًّا للتخلي عن رأيه إذا أقنعته بخلافه.
ومما أعجبني له أيضاً قوله حين كان يسير مع حافظ المغرب(ابن عبدالبر النمري)[صاحب:جامع بيان العلم وفضله، والاستيعاب في معرفة الأصحاب، والكافي في فقه أهل المدينة المالكي، والتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد،والتقصي أو تجريد التمهيد، والاستذكار ، وغيرها] ، حيث رأيا فتاة أعجب ابن حزم جمالها، فقال له أبو عمر ابن عبدالبرّ وما يدريك أن جسمها كذلك، فقال أبو محمد علي بن أحمد بن حزم:
وذي عذلٍ فيمن سبانيَ حُسْنُه * يُطيل كلامي في الهوى ويقولُ
أمن أجل وجهٍ لاح لم تر غيره * ولم تدر كيف الجسمُ أنت عليلُ؟
فقلت له أسرفت في اللوم فاتئدْ * فعندي ردٌّ لو أشاءُ طويلُ
ألمْ ترَ أني ظاهريٌّ وأنني * على ما بدا حتى يقوم دليلُ:D
ولكن ليس مطلوباً من الرجل أن يخرج من سياقه التاريخي، وما يستطيع أحد ذلك.
وقد بيَّن الأستاذ الجابري بشأنه أنه كان الناطق الثقافي والفكري للحكم الأموي في الأندلس
وربما كنا أنا وأنت أعجز من أن نقبل (أي شرعية للأموية) بعد المصائب التاريخية التي نكبت بها أمتنا بسبب سلفها الأول معاوية .
هذه بعض النقاط أحببت أن ألفت انتباهك إليها بشأن شخصية أبي محمد بن حزم رحمه الله تعالى.
والسلام عليكم

السهم المسدد 28/05/2006 03:45 PM

ردي عليك في نقاط:

الأولى: مع عقدة النقص التي عانى منها غير السنة!! قلت لك سابقا أن الإباضية غارقون حتى شحمة آذانهم في سكرة الأغلبية في الجغرافيا التي صنعوا فيها المجد الإسلامي.

الثانية: ما يحمله الفكري الإباضي التقليدي يعتبر شعارات لكل الحداثيين من السنة والشيعة، انظر مثلا تبني الإباضية للمنظومة الشوروية ومحاربتهم لوثنيات القومية التي تأسسها الفكرة القرشية والعلوية السنية والشيعية، وهناك كلام جميل لحسين عبيد غباش وحسن الترابي في تقريض التجربة الإباضية وهناك نحيب وعويل للسيد محمد رشيد بكاء على فشل المنظومة السنية القائمة على القرشية ومنع الثورة على الظلم والظلمة!!

وإن أردت النصوص سقناها لك وإن كنا نفضل قيامك بسياحة فكرية لتنشط عقلك الذي قتل فيه الجابري روح الإنصاف وبذر فيه روح التعالي على الآخرين.

الثالثة: قارن بين الأطروحات الفكرية التي قدمها مشائخ الإباضية حالياً مثل:
-كتاب (المولد النبوي) لأحمد السيابي.
- كتاب (المنهج العقدي) لخميس العدوي.
- كتاب (قراءة في جدلية الرواية والدراية عند أهل الحديث) لزكريا المحرمي.
- كتاب (أشراط الساعة) لخالد الوهيبي.
- كتاب (الخوارج والحقيقة الغائبة) لناصر السابعي.
- كتاب (الصراع الأبدي) لزكريا المحرمي.
- كتاب (فلسفة العيد) لخميس العدوي.
- كتاب (معالم من الزمن القادم) لخالد الوهيبي.
- كتاب (الفكر السياسي الإباضي) لعدون جهلان.
- مقال (وإذا الصحف أحرقت) لزكريا المحرمي.

فلن تجد لها نظيرا لدى مشائخ أهل السنة!! بل على العكس تماماً ستجد أن ما فيها من أفكار لا يتداولها إلا أمثال الجابري وطه جابر العلوان وحسن الترابي الذين يكفرون ويحاربون صبحا مساء في الفضائيات باعتبار انهم علمانيون وليبراليون يرومون هدم الدين ونقض عرى الشريعة!

ولم يجد مفكرو الإباضية مثل ذلك ولم يتم أقصائهم خارج دائرة المشيخة العلمية الإباضية لأن ما يدعون إليه من أفكار تعتبر بالمقياس السني تطرفا في التجديد!! هي في حقيقتها مبادئ إباضية ثابتة.

الرابعة: أن تمجيد محمد عابد الجابري لفكر ابن حزم إن كان قائما على ما قولك:

اقتباس:

ومن أقواله في رسالته الرائعة في الأخلاق والمطبوعة بعنوان:"الأخلاق والسير ومداراة النفوس": (ثق بالمتدين وإن لم يكن من أهل ملتك، ولا تثق بالمسستخف بالدين وإن كان من أهل ملتك)
وكان الوحيد من أهل السنة الذي أنكر كرامات الأولياء وخرق مبادئ "العقل".
فأظن أن الجابري يعيش حالة هزيمة نفسية في قبال اليهود والنصارى!
فالله سبحانه وتعالى قد حذرنا في قرآنه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه من (المتدينين) اليهود والنصارى لأن ديانتهم المحرفة تدعوهم لعداء المسلمين وقتلهم، ولا احتاج ان أذكرك بمحاكم التفتيش التي أقيمت باسم الكنيسة (الدين)، ولا عنصرية الحوكمة الأمريكية الحالية التي تقود أمريكا حاليا باسم الدين!!.

فالحق والحق أقول أن غير المتدين من اليهود والنصارى هو أرحم بالمسلمين من المتدينين اليهود والنصارى ذلك أن الذي يربطه بالمسلمين هو أخوة الإنسانية التي ألغتها أحقاد الديانات المحرفة التي تسفك الدماء الحرام في فلسطين والعراق وأفغانستان.

أما بخصوص إنكار كرامات الأولياء فهناك أقوال لطيفة لابي المؤثر (ق 3هـ) وابن بركة (ق 4هـ) في نسف هذه الخرافات التي رمانا بها الصوفية.


وقصة ابن حزم مع ابن عبد البر لا تخرج عن إطار مهازل ومخازي (طوق الحمامة) لابن حزم فأبشر به من إمام مجدد للدين!!.

myfrredom 06/06/2006 03:20 AM

انشقاق القمر والإسراء والمعراج... وأمور أخرى
GMT 21:00:00 2006 الإثنين 5 يونيو
الاتحاد الاماراتية




الثلاثاء: 2006.06.06

د. محمد عابد الجابري

تساءلنا في مقال سابق: "لماذا الإلحاح على أن النبي لم يكن يعرف القراءة والكتابة؟ وكان الجواب واضحاً من عنوان المقال: "الأمية ليست علامة على المعجزة" (25/05/2006). أما الآن فلنختم الكلام في هذا الموضوع بتوجيه هذا السؤال إلى أنفسنا: "ولماذا الإلحاح من جانبنا على أن النبي لم يكن يجهل القراءة والكتابة"؟

والجواب هو أن ذلك ما أدانا إليه البحث الموضوعي الذي لا تحركه أية أفكار مُسبقة. لقد أكدنا أنه، عندما يتعلق الأمر بالوحي، فالمعرفة بالقراءة والكتابة وعدم المعرفة بهما سيان. فالوحي إلهام خاص، لا يُكتسب لا بالقراءة ولا بالكتابة، وبالتالي فافتراض أنه عليه الصلاة والسلام كان يجهل القراءة والكتابة ليس ضرورياً في إثبات كون القرآن معجزة له، وبالتالي فلا شيء يفرض تأويل لفظ "الأمي" الوارد في القرآن –مفرداً وجمعاً- بعدم المعرفة بالقراءة والكتابة، خصوصاً وأن هذا التأويل لا يستقيم مع جميع الآيات التي ورد فيها ذلك اللفظ.

ولما كان مدار الأمر كله هو إثبات أن القرآن هو معجزة النبي عليه الصلاة والسلام، فإننا نؤكد فعلاً أن الشيء الوحيد، الذي يفهم من القرآن بأكمله أنه معجزة خاصة بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، هو القرآن لا غير. والدليل على ذلك هو أن كفار قريش قد أكثروا من مطالبة الرسول عليه الصلاة والسلام بالإتيان بآية (معجزة) تخرق نظام الكون كدليل على صدق نبوته، فكان جواب القرآن أن مهمة محمد بن عبدالله هي أن يبلغ لأهل مكة (أم القرى) ومن حولها رسالة الله إليهم (القرآن)، وليس من اختصاصه الإتيان بآيات معجزات خارقة للعادة.

ومن جملة الآيات التي كررت هذا المعنى ما ورد في سورة العنكبوت، وهي آخر سورة نزلت بمكة، وبالتالي يمكن اعتبارها ختماً للجدل مع قريش حول هذا الموضوع. قال تعالى: "وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ! قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا، يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ" (50/52).

وواضح أننا هنا أمام إغلاق نهائي لمسألة إمكانية تخصيص خاتم النبيين والمرسلين بمعجزة من جنس ما طالبت به قريش. لقد قررت الآية أن القرآن كافٍ وحده كمعجزة للنبي عليه الصلاة والسلام، ثم أنهت الجدل في الموضوع بأن خاطبت النبي أن: "قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا". وقد أفصح النبي عليه الصلاة والسلام عن هذا المعنى في حديث ورد في صحيح مسلم، قال فيه: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيَ إِلاَّ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيا أَوْحَى الله إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

ولمعترض أن يقول هناك ظواهر من قبيل المعجزات الخارقة للعادة مروية عن بعض الصحابة. من ذلك ما قيل في تفسير قوله تعالى: "اقتربت الساعة وانشق القمر"، وما روي بشأن "الإسراء والمعراج". وهذه أمور ناقشها القدماء من العلماء والمفسرين، والآراء فيها مختلفة، وهي كلها تراث لنا، ومن حقنا، بل من واجبنا أن نختار منها ما لا يتعارض مع الفهم الذي ينسجم مع مبادئ العقل ومعطيات العلم في عصرنا.

وهكذا فقوله تعالى: "اقتربت الساعة وانشق القمر" (القمر/ 1) كان موضوع اجتهاد المفسرين، وقد أورد الطبري عدداً كبيراً من الروايات في شأنه. منها ما تذكر أن القمر انشق فعلاً وشاهده الناس في مكة وأن ذلك جاء عقب سؤال قريش النبي أن يأتيهم بآية. ومن المفسرين من فسر الآية بمعنى اقتربت الساعة وعندها "سينشق القمر"، حجتهم في ذلك أن القمر إذا انشق فعلاً رآه الناس في أماكن مختلفة، الشيء الذي لم يحدث. ومنهم من فسر عبارة "انشق القمر" بمعنى "وضح الأمر وظهر، استناداً إلى أن العرب تضرب بالقمر مثلاً فيما وضَحَ".

ومن المفسرين من قال إن ما حدث هو خسوف القمر أو شيء يشبهه، ومن جملة ما نسب إلى ابن عباس في هذا الموضوع قوله: "كُسِفَ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سحر القمر فنزلت "اقتربت الساعة". وإلى هذا ذهب ابن عاشور في تفسيره، ففسر رؤية من رأى القمر منشقاً بظواهر كونية طبيعية من شأنها أن تظهر القمر لمن ينظر إليه وكأنه قد انشق مثل "أن يكون قد حدث خسف عظيم في كرة القمر أحدث في وجهه هوة لاحت للناظرين في صورة شقه إلى نصفين"... الخ.

أما نحن فنرى أن عدم نزول آيات أخرى تؤكد "انشقاق القمر" دليل على أن ما حدث لم يكن من قبيل "خرق العادة". فلو كان الأمر استجابة لطلب قريش، كما ذكرت الروايات، لكان في القرآن ما يفيد ذلك، هذا في حين أن مطالب قريش التي من هذا القبيل قد قوبلت في القرآن بالرفض الصريح، بينما تكرر التصريح بالآيات (المعجزات) التي خص الله بها الأنبياء السابقين، وتكررت دعوة قريش إلى أخذ العبرة منها! كل هذا قد رجح لدينا أن ما حدث كان خسوفاً كما ورد ذلك في رواية ابن عباس المشار إليها قبل.

ومن قبيل مسألة "انشقاق القمر" مسألة "الإسراء والمعراج". وما يجب التنبيه إليه ابتداءً في هذه المسألة هو أن "المعراج" لم يرد ذكره في القرآن وإنما ذكر الإسراء وحده في قوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى..." (الإسراء 1). وقد اختلف الرواة في كيفية حدوثه: هل حدث في المنام (رؤيا) أم حدث في اليقظة؟ والظاهر من الروايات الأساسية في الموضوع أن ذلك حصل في المنام. فقد ذكروا أن أمّ هانئ بنت أبـي طالب "كانت تقول: ما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ وهو فـي بـيتـي نائم عندي تلك اللـيـلة"، وفي رواية أنس بن مالك أن الإسراء حدث "والنبي بين النائم واليقظان في المسجد الحرام". هذا بينما ذهب كثيرون إلى القول إن الإسراء كان جسمانياً. وتذكر الروايات أن النبي لما أخبر الناس بما حدث ليلة الإسراء لم يصدقوه، "فـارتدّ ناس كثـير بعد ما أسلـموا". قالوا: وإلى ذلك يشير قوله تعالى "وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ" (الإسراء 60)، وفي هذه الآية ما يشعِر بأن الإسراء حدث في المنام (الرؤيا التي أريناك). وقد قال بهذا الرأي كل من "عائشة ومعاوية والحسن البصري وابن إسحاق، قالوا كان إسراء بروحه في المنام، ورؤيا الأنبياء وحي".

ويمكن أن نعزز هذا الرأي بكون القرآن تعرض في سورة الإسراء نفسها إلى جملة من تحديات قريش، منها: "وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الأَرْضِ يَنْبُوعًا (...) أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ، وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُه"، فكان جواب القرآن: "قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا" (الإسراء 90/93)، بمعنى أن طبيعتي البشرية لا تسمح لي بالرقي إلى السماء، فأنا بشر ولستُ ملاكاً...

هذا عن الإسراء. أما المعراج (وهو صعوده عليه الصلاة والسلام من بيت المقدس إلى السماء العليا) فلم يرد في القرآن، كما قلنا، ولكن ورد ذكره وتفصيله في الحديث، في البخاري ومسلم وغيرهما. وقد اختلف الرواة والمفسرون هل حدث بالروح وحده أم بالروح والجسد، مثل اختلافهم في الإسراء. والقول بالمعراج بالجسد يطرح عدة قضايا منها مسألة الرؤية: رؤية الله حين المعراج. فإذا قلنا إن المعراج كان بالجسم فإن ذلك يعني أن الرسول رأى الله رؤية بصرية، وهذا لا يمكن إلا مع الأجسام، والله منزَّهٌ عن الجسمية.

الإسراء والمعراج إذن حدثا على صورة رؤيا منامية. ذلك هو الرأي الذي نختاره من آراء العلماء السابقين. ونحن لا نناقش ما يتم للأنبياء أثناء الرؤيا، إذ هو لهم وحي، كما سبق القول، وهو خاص بهم وليس خرقاً لنظام الكون ولا مساً بسننه.

هناك روايات تحدثت عن أشياء كثيرة نسبت إلى النبي عليه الصلاة والسلام على أنها معجزات له من النوع الخارق للعادة، وكلها أحاديث آحاد، ومعظمها من النوع الذي يتساهل فيه رجال الحديث لكونه "يستعمل في الدعوات والترغيب والترهيب والتفسير والمغازي". قالوا: "إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد وتسامحنا في الرجال، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال".

والأحاديث المروية في هذا المجال ليس فيها أحكام.

السهم المسدد 06/06/2006 10:39 AM

أكتب على عجل بعد ان قرأت مقال الدكتور الجابري ولي معه ثلاث وقفات:

الأولى: ذكرت سابقاً ان الجابري بنى رأيه في مسألة عدم كتابة النبي صلى الله عليه وسلم على أسس واهية (روايات ظنية واهية، آراء بعض العلماء، التفريق بين الأمية والجهل بالكتابة).

وقد أجبنا على ذلك سابقاً وأضيف هنا أننا نوافق الجابري على التفريق بين الأمية والجهل بالكتابة بيد انا نثبت جهل النبي صلى الله عليه والسلام بالكتابة ولا نأسس ذلك على آيات الأمية وإنما على آيات تنفي القراءة والكتابة مباشرة وبالنص الواضح الصريح كما بيناه سابقاً.


الثانية: أن الجابري احتج لاثبات دعواه بروايات المعراج التي أوردها الألوسي في تفسيره، وها هو الآن ينسف خرافة المعراج التي لم يقبلها الإباضية من الأساس، فهو يحتج بما يظن انه باطل!!!.

الثالثة: أن ثبوت الإسراء الحقيقي ثابت بالنص القطعي من الكتاب العزيز {سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} فتأويل الإسراء بأنه كان في رؤيا يعتبر إزراء بالنص القرآني لأن الرؤى تسبح بك غلى ما وراء المسجد الأقصى فكيف يعظم الله ذلك الإسراء المنامي المزعوم!!

فالإسراء الحقيقي ثابت ولا ممارة فيه ولكن يجوز الاختلاف في كيفية الإسراء والجهة المسرى إليها.

فالمجمع عليه أن الإسراء كان إلى بيت المقدس. ولكن هناك رأي يقول أن الإسراء يعبر عن الهجرة النبوية بعظمتها التاريخية إلى المدينة المنورة وأن المسجد الأقصى هو المسجد النبوي وقوله تعالى (الذي باركنا حوله) يشير إلى بركة المدينة وما يليها إلى مكة.

وان الاميويون سموا مسجد بيت المقدس بـ (الأقصى) كنوع من الدعاية الإعلامية المضادة لابن الزبير الذي احتل الأرض المقدسة كلها (مكة والمدينة).

فهذا أمر مفتوح للبحث والنقاش أما نفي الإسراء ذاته ففي هذا رد لنص من القرآن لا يرضاه عاقل.

والمجمع عليه أن الإسراء كان في وقت قصير من الليل إلى البيت المقدس، والمختلف فيه أن الإسراء يعبر عن بداية رحلة الهجرة إلى المدينة.

فهذا مجال للبحث والنقاش وليس نفي الإسراء كما فعل الدكتور الجابري!


ملاحظة: خرافة المعراج تم نسفها في كتاب "قراءة في جدلية الرواية والدراية" لزكريا المحرمي، وهنا تجدون نقاشاً حول هذه القضية.

http://om.s-oman.net/showthread.php?t=234920

النور الوضاح 06/06/2006 10:43 AM

حقيقة الحوار ممتع مع ابن اليماني والسهم المسدد، ولا ادري كيف يمكننا ان نتواصل مع الدكتور الجابري لالقامه بالملعقه ان قضية المعراج ميثولوجيا لا يمكن قبولها..!!

تحياتي

myfrredom 06/06/2006 02:42 PM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة النور الوضاح
حقيقة الحوار ممتع مع ابن اليماني والسهم المسدد، ولا ادري كيف يمكننا ان نتواصل مع الدكتور الجابري لالقامه بالملعقه ان قضية المعراج ميثولوجيا لا يمكن قبولها..!!

تحياتي

الجابري مفكر اسلامي معروف ، لدراساته واصداراته قيمة كبيرة تمت دراستها وتحليلها ومناقشتها من قبل مفكرين وعلماء آخرين .
الجابري أضاف الكثير للمكتبة العربية والاسلامية واهم كتبه (نقد العقل العربي)
الجابري أثار نقاط مهمة وعديدة .. الرجل يناقش ويفكر ويتسآل وهذا حقه .. الجابري شخص مفكر ... مفكر .. وقدير

الجابري رجل تخطى الستين .. رجل درس في أفضل الجامعات ويشار له بالبنان.
تأتي أنت وتريد أن تلقمه بالملعقة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من أنت؟
يا أخي كثير من ردودك وخاصة لما يخالف أفكارك تنم عن غرور وإستعلاء .. الكثير حاول أن يجرك للتواضع ولكن دون فائدة.
حاول أن تتعلم كيف يتواضع العلماء ..
حاول أن تبتعد عن السخرية بأفكار الآخرين لمجرد أنك غير مقتنع بها.
كم كتابا قرأت ؟ ماذا قدمت أنت للمكتبة الاسلامية؟
تأتي وتريد أن تلقم الجابري بملعقة ان قضية المعراج ميثولوجيا لا يمكن قبولها!!!!!!!:mad:

الصامت 07/06/2006 06:08 AM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة الحكيم العماني
السلام عليكم

وإلى أي مدى نرتفع بإيماننا -أو نهبط- من نقاش كهذا؟

لماذا الالتهاء بفروع الفروع، والتي لا يرتجى منها ثمر ولا ظل؟

نعم يمكن أن يكون نقاشا للتاريخ، ونقدا لـ"المسلمات"، ولكن لا أرى فيه -شخصيا- هدفا أبعد يمكن أن نبني عليه أو نشيد على أساسه! اللهم إلا إن كان المقصود مجرد تحريك الساكن من "المسلمات" لغاية أبعد!

حقيقة، مع احترامي للجابري -كمفكر- أرى أنه يستطيع أن يقدم للأمة أكثر بكثير من مجرد نقاش "هل كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقرأ ويكتب"! وهل عدمنا قضية من قضايا التنمية (أو التخلف) لنناقشها حتى نلج في خلاف ما نخسره فيه -من جهد وفكر وطاقة بناءة- أكثر مما سنكسبه بإثبات هذا الرأي أو نقيضه.

دمتم بعافية


و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

أخي الحبيب جزاك الله خيراً ، و أصلح ذات الشقاق الذي بيننا ..

أنت أخي قلت فأصبت .. و تتساءل : ماذا قدم هذا الكتاب للأمة بمقصودك الذي أوافقك فيه ..
و أتساءل أيضاً :

ماذا قدمت تلكم الردود التي توالت .. و كأنني بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم يصدق هنا : ما بال دعوى الجاهلية .

فما بالكم أيها الأخوة ؟!!


النور الوضاح 07/06/2006 10:33 AM

اقتباس:

أرسل أصلا بواسطة myfrredom
الجابري مفكر اسلامي معروف ، لدراساته واصداراته قيمة كبيرة تمت دراستها وتحليلها ومناقشتها من قبل مفكرين وعلماء آخرين .
الجابري أضاف الكثير للمكتبة العربية والاسلامية واهم كتبه (نقد العقل العربي)
الجابري أثار نقاط مهمة وعديدة .. الرجل يناقش ويفكر ويتسآل وهذا حقه .. الجابري شخص مفكر ... مفكر .. وقدير

الجابري رجل تخطى الستين .. رجل درس في أفضل الجامعات ويشار له بالبنان.
تأتي أنت وتريد أن تلقمه بالملعقة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من أنت؟
يا أخي كثير من ردودك وخاصة لما يخالف أفكارك تنم عن غرور وإستعلاء .. الكثير حاول أن يجرك للتواضع ولكن دون فائدة.
حاول أن تتعلم كيف يتواضع العلماء ..
حاول أن تبتعد عن السخرية بأفكار الآخرين لمجرد أنك غير مقتنع بها.
كم كتابا قرأت ؟ ماذا قدمت أنت للمكتبة الاسلامية؟
تأتي وتريد أن تلقم الجابري بملعقة ان قضية المعراج ميثولوجيا لا يمكن قبولها!!!!!!!:mad:

سلسلة مدائح الجابري التي اشرت اليها لم نهملها، وله كتابات واطروحات نظن انها جيدة ولم نهملها حقها.

اماالقامه بالملعقه فهو ارسال بعض الاطروحات التي طرحها الاباضية سابقا وحاليا حول قضية المعراج التي يدندن الجابري حولها، والتي ما كان ينبغي كمفكر.. كاتب.. تنويري..الخ قائمة المدائح ان يسقط فيها..!!

لك ان تراجع كتاب قراءة في جدلية الرواية والدرايه عند اهل الحديث لزكريا المحرمي، حتى تعرف ما قدمته المدرسة الاباضية سابقا وحاليا في هذا المجال.

اما قضية جري الى التواضع او غيره فهذه قضية خاصة وانصحك بالاهتمام في شؤونك..!!

تحياتي


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 05:45 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
لا تتحمل إدارة سبلة العرب أي مسئولية حول المواضيع المنشورة لأنها تعبر عن رأي كاتبها.