المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : الهاتف المحمول بين ( إيجابياته وسلبياته ) آداب شرعية


الأزهر
02/07/2003, 04:02 PM
نظراً لما للهاتف المحمول من أهمية بالغة وتأثير واضح في حياة الناس رجالا ونساء صغارا وكبارا خاصة فئة الشباب، أحببت طرح هذا الموضوع من خلال آداب شرعية تأخذ بأيدينا جميعا إلى الاستغلال الأمثل لهذه النعمة العظيمة التي أساء استخدامها فئات من الناس، فعادت عليهم بكثير من الشرور .
--------------------------------------------------------------------------
( بداية الموضوع ) :
علي وأحمد أخوان، وأحمد هو الأخ الأكبر، بينما علي في مقتبل العمر، ذات يوم دخل علي وفي يده شيء يخفيه .
• أحمد: ما تحمل بيدك يا علي ؟
• علي: انه هاتف جديد اشتريته من حر مالي، أخيراً تحققت منيتي الغالية التي طالما كنت أحلم بها .
• أحمد: وما حاجتك إلى الهاتف المحمول وأنت في هذا السن؟
• علي: قل: حاجات وليست حاجة واحدة، أولها: أتباهى به بين زملائي، فلطالما تعالوا عليَّ مفتخرين بهواتفهم التي يحملونها في جيوبهم، ولأشد ما أغاظوني وهم يضربون على الأزرار، فيحدثون هذا ويهاتفون ذاك، أما الآن فقد آن الأوان ليعرفوا من هو علي .
• أحمد: وماذا أيضا؟
• علي: انه لغة العصر، وشارة التقدم، ولي في خدمة الرسائل القصيرة مآرب أخرى ، يكفي إن عندي هاتفا جوَّالا حتى يشار إلي بالبنان ، وُيثنى علي باللسان ، بأنه فلان ابن فلان .
• أحمد : ومن أين لك المال؟ ألا تعرف انه يكلفك كثيرا ؟ ولا تقدر على مصروفاته، والذي أعرفه بأنك لا تملك في جيبك ريالا .
• علي: لا تخف يا أخي ، انه ( حيَّاك ) سأشتري البطاقة وأستخدمها وعندما تنتهي أشتري غيرها عند توفر المال، وإلا فإن أحمد أخي ، ولن يبخل علي ببعض الريالات، فهو كريم كما عهدته، أليس كذلك يا أحمد ؟
• أحمد: بلى، اني اخوك فيما ينفعك لا فيما يضرك .
• علي: ماذا تعني بهذا؟ ما الذي أخافه من آلة لا حول لها ولا قوة، أتصرف بها كيف ما أشاء ؟
• أحمد: علي، هل أدركت الأسلوب الأمثل لاستغلال ايجابيات هذا الهاتف؟ والحذر من مزالقه وورطاته ومصائبه باجتناب سلبياته ؟
• علي: صرِّح يا أحمد ، فإني لم أفقه مما تقول شيئا ؟
• أحمد: إني على عجل الساعة، وسأكشف لك في وقت لاحق بعض ما ينبغي أن تتبصر به إزاء التعامل مع هذه النعمة العظيمة التي منَّ الله بها علينا .
• علي: إني في شغف وشوق إلى ذلك الحديث .
• أحمد: إن شاء الله، السلام عليكم .
• علي: وعليكم السلام، حفظك الله .
( يتبع ....... )

الضوء الساطع
02/07/2003, 07:53 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

فتاة الاستقامة
02/07/2003, 09:28 PM
موضوع قيم ننتظر بقيته

الأزهر
03/07/2003, 11:48 AM
خرج علي فوجد زملاءه مجتمعين، وهم يتهامسون:
• الزملاء : انظروا لقد جاء علي، دعونا نتسلى بعقله كما تعودنا .
• علي: السلام عليكم يا رفاق .
• الزملاء : وعليكم السلام، آه ما هذا الذي بيدك؟
• علي: انه هاتفي الذي طالما عيرتموني بسببه، من اليوم سنرى من يسخر من الآخر .
• الزملاء يضحكون بصوت واحد: ماذا تقول؟ هاتف، ومن أين لك بالهاتف؟
• علي: هاتفي أتى من حيث لا تشعرون.
• الزملاء: هل حقا أصبح عندك هاتف؟ أرِنا إياه .
• ( يقوم الزملاء بخطف الهاتف من يد علي، نعم انه ( حيّاك ) جعروف ما معروف ! وأين أنت من صاحب الخط ؟
• علي: لا يهمني، المهم انه يتيسر لي الاتصال بمن أشاء، وإرسال الرسائل القصيرة بعد فتح خدمتها قريبا .
• الزملاء: وما أدراك بالهاتف والرسائل؟ لننظر الأرقام التي خزنتها، والرسائل كذلك، انه لا شيء، لا أرقام ولا رسائل فبم تفخر ؟ إنك لا تعرف شيئا عن الهاتف .
• علي: انه ما زال جديدا، سأملأه بالأرقام والرسائل .
• الزملاء: إذن نحن أول من يعينك على ذلك .
• زميله الأول: خذ هذا الرقم، إنه رقم بنت روعة ستعجبك .
• علي: بنت! أعوذ بالله، ماذا أريد بها؟
• زميله الأول: مالك رُعبت هكذا كأنما لسعتك حية، وهل تحلو الحياة إلا بالجنس اللطيف؟!
• علي: ولكن أليس في ذلك اعتداء على كرامتها وشرفها؟ ألن تخبر أهلها إذا كلمتها؟ ألن تغلق الهاتف في وجهي؟
• زميله الأول: ما هذا التسامي الزائد؟! وما هذه الأخلاق المصطنعة؟! نعم، انه أخوك أحمد أفسد عليك عقلك، مسكين يا علي، لا ألومك ما زلت صغيرا، حقا لم تجرب هذه الحياة الوردية، إنهن ينتظرن إشارتك ، ومنهن من سيخطب ودك، وسينفردن بك يردنك دون سواك، فلا تضيع فرصتك، هيا تشجع،( فمن لا يحب صعود الجبال*** يعش أبد الدهر بين الحفر )، ألم تسمع قول الشاعر ( إذا أنت لم تعشق ولم تدرِ ما الهوى *** فأنت وعير في الفلات سواء ) .
• زميله الثاني : ولكي تتشجع فنوِّع، هذه خمسة أرقام لخمسة بنات من حلتنا هذه، إنهن يحسن الخطاب ويتلاعبن بالعقول ، إنها متعة ما بعدها متعة .
• زميلة الثالث : عندي رسائل كثيرة سأرسل لك مائة منها، كلها تسيل عذوبة وبراعة، أبيات غزلية ، وكلمات عسلية، وسهام تصيد قلوب الآنسات صيدا، تجعلهن يعشن أحلاما وردية .
• زميله الرابع: وهذه رسائل مصورة لغزلان العيون الناعسة، هذا هو الإبداع والجمال .
• زميله الخامس: سأعطيك موسوعة جميلة ، انه كتاب بعنوان ( كيف تكتب رسالة غرامية إلى محبوبتك ) إنه كنز في بابه، ولأنك صديقي فإني أخصك بهذه التحفة الفريدة .
• الزملاء كلهم: هذه الحياة والرومانسية والأتكيت ، وفن الاتصال وتقييد الغزال بأوثق الحبال، ولا تنسَ إن تختار النغمات الحلوة، فما في هاتفك من نغمات هي موضة قديمة بالية، سنرسل لك أحدث الأنغام والألحان، و سنساعدك في كل ما تريد، لوجه الله ، لا نريد منك جزاء ولا شكورا .
• علي: لا أدري ما أقول ، لقد غمرتموني بإحسان لا يُنسى، وطوقتموني بجميل لا يبلى، حقا إنكم أصدقاء الشدة وزملاء المحبة ، أترككم الآن فقد تأخرت عن أخي أحمد لموعد أجلس فيه معه .
• الزملاء: مالك وأحمد، انه إنسان معقد، منذ تطيوع تخلف وأصبح سطحيا ، كل ما عنده قول حرام حرام، يحل لنفسه ويحرم على غيره، ولم يغص في أعماق الجمال والرومانسية والحياة، وإبداع الطبيعة، إنها حياة التفرد والتذوق مع الغزلان، ومن ذاق عرف .
• علي: لا بد أن أذهب الآن، سأعود إليكم في وقت لاحق يا رفاق، ســــــــــلام .
• الزملاء بصوت واحد: ســـــــــــــــــــــــل ام .

الأزهر
04/07/2003, 06:35 PM
جاء علي مسرعا للقاء أخيه أحمد .
• أحمد: ما هذا التأخر يا علي؟ لقد انتظرتك كثيرا .
• علي: عذرا أخي لقد كنت عند أصحابي .
• أحمد : حسنا دعنا نبدأ في الأمر الذي وعدتك به .
• علي: نعم، لنبدأ فقد عرفت من أصحابي أشياء كثيرة من فوائد الهاتف .
• أحمد: وماذا عرفت منهم؟! إني أخاف عليك من شرهم، انهم لا يأتون بخير .
( ثم سرد علي على أخيه أحمد كل ما قاله أصحابه له ) .
• أحمد: إنا لله وانا اليه راجعون، كل هذا البلاء سمعته منهم، هذا ما كنت احذره عليك منهم، وأخاف إن يجلب عليك هذا الهاتف بلاء عظيما .
• علي: ولكنهم زعموا اخلاص النصيحة لي بدون إن يكون لهم منفعة من وراء ذلك .
• أحمد : انهم سُرَّاق الفضيلة يا علي، وأصحاب الهوى والغواية، ولئن اتبعتهم لتندمن ندما مُرا لا تجد له معتبا، وربما تنخرط في سلكهم او تنجر في غوايتهم – حرسك الله من كل سوء ، ألم تسمع الى قول الحق حاكيا عن من أضله صاحبه بعد الهدى ( ويوم يَعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا ) .
• علي: صدق الله العظيم، اذن بصِّرني يا اخي – كلاك الله – فإني خفت العطب مما وصفت ، اذا لم تكن تلك هي منافع الهاتف، فما منافعه يا ترى؟
• أحمد: نعم ، إن الهاتف من نعم الله الجُلى التي كانت من ثمرات هذا العلم الشريف الذي علم الله به الانسان ما لم يعلم، فمن الناس من جنَّد المعارف للغواية باختراع مبتكرات وآلات صدت الناس عن الحق، وهي أكثر من تحصى او تُعد، ومن الناس من سخر هذه المعارف والتجارب لصنع النافع والمفيد للبشرية جميعا، وعبر هذه الوسائل اصبح العالم قرية واحدة، من بمشرقه يحادث من بمغربه والعكس، ومن في الشمال يحادث من في الجنوب، انها نعم كيف للإنسان إن يشكرها؟*! ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ) .
• علي: إذن يمكن القول بأن الهاتف ومثله المذياع والتلفاز والحاسب الآلي ووسائل النقل المختلفة كلها تصب في مصب خدمة البشر وتذليل الصعاب أمامهم ؟
• أحمد: نعم يا علي، ومع ذلك فالهاتف يمتاز عن غيره بأنه متنقل محمول، أينما شرّقت او غرّبت سهل حمله في جيبك او في يدك او في سيارتك بجوارك، تصعد به الجبل، وتنزل به الوديان والسهول، وما كان الإنسان يتصور ان ذلك كائن يوما من الايام .
• علي: هل يمكن لك يا أخي أن تلخص لي فوائد الهاتف في نقاط مختصرة؟
• أحمد: حباً وكرامة يا أخي العزيز، فمن ذلك:
1- قضاء الحوائج وتخليص الأعمال بسهولة ويسر .
2- التهنئة في الافراح والمناسبات السعيدة .
3- التعزية في المصائب والاتراح خاصة اذا كانت المسافة بعيدة .
4- والاطمئنان على الأهل والارحام .
5- معرفة مجريات الحياة واهم ما يجد من اخبار .
6- توجيه النصائح والحكم والارشاد لمعالي الامور .
7- حل بعض المشكلات الطارئة التي تحتاج الى سرعة حل .
8- تصحيح المفاهيم الدخيلة على المجتمع ولو بالتنبيه عليها .
9- زيادة على ان الهاتف به خدمة الرسائل القصيرة ، والرسائل لها دورها الفاعل في التأثير على افكار الناس سلبا او ايجابا، فلو استغلت ايجابا لعادت بمردود لا يمكن عد ثماره اليانعة، وسأشرح لك شأن الرسائل بعد ذلك .
10- كما أن هناك رسائل التذكير لأهم الأعمال، والمنبه الذي ينبهك لأهم أعمالك ومواعيدك وأهمها الصلاة المكتوبة .
11- وهناك الحافظة لحفظ أرقام الهواتف التي تهمك، ومعرفة التأريخ ومنافع كثيرة تتعدد وتتنوع من هاتف الى آخر .
علي: سبحان الله، ما اعظم نعمه علينا، كم نحن غافلون عما يصلحنا ، لاهون فيما يفسدنا ويعود علينا بالضرر .
أحمد : وتذكر بأنها نِعم، فيجب شكرها، وذلك باستغلالها في وجوه البر والخير، واما جحدها وكفرها واستعمالها في غير ما وضعت له يورث عذاب الله وعقابه الشديد، واقرأ إن شئت قول الحق تبارك وتعالى ( ثم لتسألنَّ يومئذٍ عن النعيم ) .
علي: ربِّ أوزعني إن اشكر نعمتك التي أنعمتها عليَّ على الوجه الذي يرضيك عني يا كريم .
أحمد: آمين يا ذا الجلال والإكرام، لكن لا بد أن تعرف الجانب الآخر، انها السلبيات التي هي الموبقات والمهلكات، لتكون في معزل من شرها، آخذا بقول القائل ( عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه *** ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه ) .
علي: اذن بيِّن لي ذلك سريعا حتى أحذر المزالق الموبقة .
أحمد: ذلك سيكون بمشيئة الله في وقت لاحق .
علي : إن شاء الله .

الوســن
04/07/2003, 09:04 PM
راح اقراه في وقت ثاني وراح ارد عليك اوكي
:confused:

الأزهر
06/07/2003, 07:35 AM
• علي: لقد وعدتني يا أحمد أن تبين لي سلبيات الهاتف المحمول، فما هي؟
• أحمد: نعم، إن سلبياته أكثر من أن تعد، وما كانت كذلك إلا لخروج بعض الناس عن الحق في استخدامه، كما لخصت لك إيجابياته ألخص لك بعض سلبياته كالآتي:
1- إهدار المال .
2- إهدار الوقت .
3- خراب البيوت تحت ما يُسمَّى بالعشق والغرام .
4- السخرية من الجنس واللون والقبيلة .
5- التهويل ونشر الأخبار الكاذبة والشائعات .
6- التدمير والتخريب .
7- التعليقات الهابطة والاستهزاء بمصائب الناس .
• علي: أظن يا أحمد بأنك أوجزت كثيرا، فهلا شرحت لي هذه المحاذير واحدة واحدة .
• أحمد: حباً وكرامة، ولنكتفِ اليوم بالحديث عن النقطتين الأوليين ( إهدار المال والوقت )، ولكي أقرب إليك الحقائق فلن نتحدث عن تكاليف المكالمات المحلية والدولية، فأنت تعلم المبالغ الطائلة التي تأتي في فاتورة آخر الشهر، حتى تصل بالمئات عند البعض، وكثيرا ما تقطع الخدمة عن أناس كثيرين بسبب تراكم الحسابات عليهم، إذن هذا الأمر يفوت الحصر، فلنقتصر على أقل الأشياء ، ساعتها ستعلم كم ننفق من الأموال هدرا في المكالمات فيما لا يرضي الله .
• علي: وماذا تعني بأقل الأشياء.
• أحمد: أعني خدمة الرسائل القصيرة .
• علي: نعم ذكرتني يا أحمد، فقد قرأت في صحفنا المحلية يوم فتح الخدمة لحياك أن الرسائل قد تجاوزت 4 ملايين في الأيام الأولى .
• أحمد: إن هذا الكم الهائل من الرسائل ليبين لك بياناً جلياً أهمية هذه الخدمة الصغيرة وخطورتها في نفس الوقت .
• علي: عرفتُ أن تلك الرسائل كانت مجانية، وان الشركة اضطرت لقطع الخدمة مؤقتا بسبب أن الشبكة أصابها الشلل نتيجة ذلك الزخم الكبير من الرسائل .
• أحمد : نعم، وتلك من آثار الرسائل السلبية ولو كان في الحق، ناهيك إذا علمت بأن كثيرا منها ما كان إلا لنزقات النفوس والهوى ، على العموم دعنا نتكلم عن خدمة الرسائل عامة في كل الهواتف بمختلف أشكالها .
• علي: الذي أعرفه بأن قيمة الرسالة 10 بيسات فقط .
• أحمد: هذه الرسالة المحلية، أما الدولية فخمسون بيسة، ناهيك عن الرسائل المصورة .
• علي: وماذا تعني 10 بيسات في نفقاتنا؟ إنها لا شيء .
• أحمد: لا تعجل يا علي، سترى غِبَّ ذلك، لنجعل متوسط عدد الرسائل التي تكتب في بلادنا يوميا ( 10 آلاف رسالة )، هذا على أقل تقدير، خاصة وان عدد المشتركين كبير جدا يفوق هذا العدد أضعافا مضاعفة، كل رسالة ( 10 بيسات )، الناتج ( 100 ريال عماني ) يخرجها الناس من جيوبهم يوميا وهم لا يشعرون ، أتدري كم ينفقون في الشهر؟
• علي: نعم نضرب في 30 ، ويكون الناتج ( 3 آلاف ريال عماني ) في الشهر الواحد .
• أحمد: واضرب في 12 شهرا، لتعلم بأن ما ينفقونه على الرسائل في السنة الواحدة يساوي ( 36 ألف ريال عماني ) .
• علي: يا للهــــــول! إنه مبلغ رهيب لأجل رسائل صغيرة .
• أحمد: لا تنسَ يا علي أننا لم نُدخِل في الحساب الرسائل المصورة ولا الدولية وهي أغلى قيمة مما ذكرنا، وإنما ذكرت لك ذلك لتتبين مقدار ما يذهب من جيوبنا، لكن أين ينصب؟ أفي الإعمارأم في الدمار؟ أفي الإصلاح أم في الإفساد؟ إنها أموال سنسأل عنها بين يدي الله، وصدق الله ومن أصدق من الله قيلا ( وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم ) ، ولمثل من سخَّر هذه الرسائل للفساد والهدم وتضييع القيم يُتلى عليه قول الله عز وجل تحذيرا من مغبة ما يفعل ( إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ) والآية وان كانت وعيدا للكافرين، لكن وعيدها يدخل فيه كل من أنفق ماله ليصد عن الحق ويدعو إلى الباطل .
• علي: واني لأحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: ( لا تزول قدما عبد من عند ربه حتى يُسأل عن خمس – وذكر منها : - عن ماله من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟
• أحمد: إذن فلا تسل بعد ذلك عن قيمة المكالمات في الشهر والسنة، ذلك أمر يشبه الخيال، لأن الشركة قدرت أرباحها فقط في العام المنصرم بما قارب ( 100 مليون ريال عماني ) كما صرح الناطق باسمها، فأين تذهب هذه الأموال الطائلة ؟ بينما تتسارع الأمم إلى بناء لبنات اقتصادها وتكتلاتها، وصناعاتها وثقافتها؟ كيف تأخرت أمة المنهج الرشيد عن أمم لا منهج لها من ربها، إنها ضريبة ترهل القيم والأخلاق، وإذا لم يعِ الواعون فالتيار جارف، وسيسيل بالمسيل ولن يُبقِ من باقية ، ان هذه المبالغ لو استغلها كل واحد منا لأقامت من المشاريع النافعة ما يعود على بلادنا بكل خير ورقي، ولما اشتكنا شبابنا الفاقة والحاجة، إن الواحد منا يستلم راتبه بيد ويسلمه لسداد حساباته باليد الأخرى، فلماذا لا يرحم نفسه ويوفر ماله بدل الديون المتراكمة على ظهره، ليته أنفقها فيما يرضي الله لكانت نفقة طيبة مباركة، ولكن الشريحة التي أعنيها هي المضيعة للقيم لا يعنيها إلا قضاء النزوات ولو دفع كل ما يملك وما لا يملك، فتجرد من كل شيء، فصار بلا مال ولا عقل ولا خُلق، فسال به السيل وهو لا يدري .
• علي: لقد شوقتني لمعرفة المزيد من هذه المعلومات، إذن فلنتحدث عن السلبية الثانية إهدار الوقت .
• أحمد: ذلك مدار حديثنا في جلسة قادمة .
• علي: إن شاء الله .

الأزهر
07/07/2003, 08:53 AM
• علي: لقد اتفقنا أن نتحدث اليوم عن مدى إهدار الوقت مع هذا الهاتف بدون أن يعود علينا بالنفع، كما رأينا كيف يسرف بعض الناس المال في ما يضر ولا ينفع .
• أحمد: نعم يا علي، بمثل ما تحدثنا عن المال نتحدث عن إهدار الوقت، وسأختصر لك الطريق كما اختصرته سابقا .
• علي: تعني ندع ضياع الوقت في المكالمات الطويلة، ونكتفي بالرسائل القصيرة .
• أحمد: نعم ، هو بيت القصيد، وما كان أقصره زمناً خسارة فما زاد عليه خسران مبين إذا لم يكن في الحق وللحق .
• علي: ولكن ألا ترى يا أحمد أن الرسالة ما هي إلا كلمات معدودة على الأصابع، ولا أظنها بتلك الأهمية .
• أحمد: إنها معدودة ولكنها تعمل عمل السحر، والمثال يبين المقال، أقل رسالة يمكن أن يكتبها أي أحد لنقل : تحتوي على ثلاث كلمات فقط، وهذا أقل القليل، تصور عندما ذكرتَ بالأمس بأن 4 ملايين رسالة كُتبت في يوم أو يومين، معنى ذلك أنهم كتبوا ما يزيد عن 12 مليون كلمة في خلال هذه الفترة القصيرة، هذا على أقل تقدير، وإذا كان هذا العدد الضخم من الرسائل نادر لا يتكرر، فدعنا نعود إلى متوسط عدد الرسائل التي تكتب في اليوم الواحد، فقد وضعنا لأنفسنا أقل تقدير 10 آلاف رسالة يوميا، لو أن كل رسالة تحتوي على 3 كلمات فقط لكان ما نكتبه في اليوم الواحد فقط 30 ألف كلمة، واحسب أنت بعد ذلك كم نكتب في الشهر والسنة .
• علي: على هذا فنحن نكتب في الشهر الواحد ما يعادل 900 ألف كلمة .
• أحمد: وفي السنة ما يعادل 10 ملايين كلمة و800 ألف كلمة .
• علي: يا لله ، ما هذا العدد الرهيب من الكلمات؟!
• أحمد : هذا على أقل القليل، لو طبعنا هذه الكلمات على مدار السنة وجمعناها لمدة عشر سنوات، كم سنحتاج من الورق ؟
• علي: أنه ولا شك ستكون هناك مجلدات ضخمة، ورهيبة جدا تكوِّن مكتبات كبيرة .
• أحمد: تصور معي لو أن هذا الكم الهائل من الكلام لو وُجِّه توجيهاً حسنا من أجل التعمير والخير، ماذا يكون مردوده؟ انه ولا ريب بأننا نستطيع بهذه المجلدات الضخمة أن نعرف بالإسلام وان نبين أحكامه، وان نعرف الناس بحلاله وحرامه، نستطيع أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وفي الجانب الثقافي والعلمي كم من المعلومات سننشر؟ لا شك بأنها معلومات ربما تقوم عليها أبحاث وتجارب، ولكن هل كل ما نكتبه يحمل جانب النفع والخير؟
• علي: لا شك بأن هناك الآيات والحكم المفيدة والأحاديث الشريفة، والنصيحة والفائدة والمعلومة، ولكن شريحة كبيرة اقتصرت للأسف على الغث من الكلام الساقط الماجن، فألوف من الكلمات تصاغ للتدمير بدل التعمير، وللإفساد بدل الإصلاح، وللشر بدل الخير .
• أحمد: دعنا نحسب الوقت .
• علي: حسنا، كيف نحسب ذلك؟
• أحمد: لنضع على أقل تقدير لكتابة الرسالة الواحدة 15 ثانية، ولتلقيها وقراءتها ثم حفظها أو حذفها 15 ثانية ، متوسط مجموع الكتابة والقراءة والارسال والتلقي للرسالة الواحدة 30 ثانية على أقل تقدير، تعال لنحسب الآن ، في اليوم الواحد كما قلنا نكتب من الرسائل إجمالا 10 آلاف رسالة الناتج 300 ألف ثانية ، أي ما يعادل 5000 دقيقة، وذلك يعادل 83 ساعة تقريبا تذهب يوميا من أعمارنا .
• علي: على هذا يا أخي فإننا نستغرق من أعمارنا في كتابة الرسائل وتلقيها ما يعادل 3 أيام ونصف اليوم في اليوم الواحد فقط، إذن كم يكون في الشهر والسنة؟
• أحمد: نقتطع في الشهر من أعمارنا 105 أيام لكتابة الرسائل، وفي السنة 1260 يوماً، أي ما يعادل 3 سنوات ونصف السنة نهدرها في كتابة الرسائل ، وفي عشر سنوات نقتطع من هذا العمر العظيم 35 سنة، أليست 35 سنة هي عمر شاب قد بلغ عنفوان الشباب؟! ماذا لو عكفنا في هذه المدة على الأبحاث والتجريب والتنقيب والتثقيف والتربية ونشر الخير والإصلاح، ألن يعود بمردوده المبارك على المجتمع ؟!
• علي: بلى، ولكان لنا شأن غير هذا الشأن، إن غيرنا عرف قيمة الزمن فلم يضيعه سدى، وتقدم وعمّر وثمَّر، وعلَّم وتعلّم، واخترع وابتكر، حتى عكفوا على كل نافع ولم يضيعوا أي لحظة واحدة .
• أحمد: ولا تنسَ يا علي علماءنا الأماجد، فلولا معرفتهم بقيمة الوقت ما بنوا تلك الحضارات الشامخة، وما تركوا لنا هذه المكتبات الضخمة التي تعج وتضج بالمعارف والعلوم ، يكفي الموجود منهم فضلا عن المفقود، وعليها قامت المدنية الحديثة باختراعاتها وإنتاجاتها، ولما ضيعنا قيمة الزمن لم نستطع أن نقدم كما قدم أسلافنا، بل لم نستطع أن نحافظ عليه ونظهر ما تركوه لنا حتى ضاع كثير منه .
• علي: إني لأعجب حقا من شريحة كبيرة من شبابنا وفتياتنا يكتبون عشرات الرسائل لا همَّ لهم إلا العشق والغرام والكلام التافه، حتى تبين لي بأن منهم من أدمن ذلك حتى صار شغله في ليله ونهاره، فهو لا يبالي أن يقضي أربع ساعات أو خمس أو أكثر في هذه السفاهة، ولا يُعد مضي هذا الوقت بهذه السهولة شيئا مهماً، لأنه في حقيقة الواقع لا يوجد عنده شيء مهم يعيش من أجله، ما دامت حياته على هذا المنوال، إنها لخسارة ما بعدها خسارة لأجيال هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس .
• أحمد: إن الزمن نعمة كبرى من الله عز وجل منَّ بها علينا، وهو سائلنا عنها بين يديه، هل تحفظ على ذلك حديثا عن النبي عليه الصلاة والسلام يا علي؟
• علي: نعم، الحديث السابق الذي ذكرناه والذي جاء فيه ( لا تزول قدما عبد من عند ربه حتى يسأل عن خمس – وذكر منها: - عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه ) وأظن أنه صلى الله عليه وسلم خص الشباب هنا للفراغ الروحي الذي يعيشونه، ولهذا السباق المحموم وراء نزق الشهوة في قتل الوقت ولذة النفس، كأنما الوقت عدو يريدون قتله، وهو عند العقلاء درة مكنونة يعضون عليها بالنواجذ، وفي الحكمة ( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ) ؟
• أحمد: أراك يا أخي قد تبصرت الحقائق ، وتبينت الطريق – زادك الله رشدا - لذلك نرى تعظيم الله سبحانه شأن الزمن، فقد أقسم بالعصر والضحى والليل إذا سجى، بل أقسم بعمر النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث قال: ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) ولا يقسم الله بشيء إلا إذا أراد تعظيمه، ولفت انتباه الناس إليه ليولوه الأهمية بسبب غفلتهم عنه ، فلا نحتاج إذن إلى معرفة كم من الأوقات نقضيها في المهاتفة والأحاديث الجانبية في هذه الهواتف، وكم من البيوت قد خربت بسببها، كما انه كم من البيوت صلحت عندما سُخرت في الخير .
• علي: أشعر بأن لديك يا أحمد أمثلة حية من واقع المجتمع، مما يضج فيه ويعج من آثار الإدمان على الهواتف والاتصالات الليلية والرسائل الغرامية، هلا أتحفتنا بشيء من ذلك ؟
• أحمد: ما أكثر ذلك وما أوسعه! ولكن أرى بأنه قد طال بنا الحديث ، فلنجعل ما طلبت في معرض حديثنا عن سلبية الهواتف من حيث إنها اتخذت للعلاقات الفاسدة .
• علي: حسنا كما تحب ، وجزاك الله خيراً على تبصيري في مُدلهِمَّات الخطوب .

الأزهر
08/07/2003, 06:04 PM
• أحمد: إليك ما وعدتك به من بيان بقية سلبيات الهواتف .
• علي: لقد وصلنا إلى قضية خراب البيوت تحت ما يُسمى بالعشق والغرام .
• أحمد: نعم، إن هذه السلبية تغطِّي على كل ما ذكرناه من سلبيات، إذ أصبح الهاتف في يد بعض الشباب المريض والفتيات لعبة للتسلية ، يتسلى كل منهما بالجانب الآخر، كانوا يعيبون في إطالة المحادثة من الزوج لزوجته والخاطب لمخطوبته، ولكن الأمر تطور إلى أبعد من ذلك، فصار أيضا بين الصديق وصديقته، أو العشيق وعشيقته، وانك إن تعجب فاعجب مما فيه يتحدثون الساعات الطوال، ألخدمة دينهم؟ أم إصلاح أنفسهم؟ كلا ليس من ذلك من شيء، وإنما هو في الهوى والمجون، حتى يخرج الحديث إلى مزالق وورطات، وتليها تداعيات وهلكات .
• علي: هلا ضربت لي مثالا واحدا يتبين من خلاله بعض الواقع الذي نعيش .
• أحمد: من ذلك أن فتاة تكلم صديقا لها كل يوم بين أربع ساعات إلى ست ساعات بل ثمان ساعات أحيانا، فسألتهم: هل هذا يريد الزواج بها؟ قالوا: لا، قلت: أين أبواها؟ قالوا: تغافلهم فهي لا تتكلم إلا بعد ما ينامان، من منتصف الليل إلى قرب طلوع الفجر، قلت: ألم يتقدم إليها احد من أخواتها لنصحها؟ قالوا: بلى، ولكنها تقول: هذه حريتي وسعادتي بها أستطيع أن أنفس عن مشاعري وأحاسيسي، قلت: إنا لله وانا إليه راجعون .
• علي: إن هذا الأمر خطير، لكن في تصورك ما هو المسبب لذلك؟
• أحمد: هذا أمره واضح، إنهم لا يجدون متنفساً ينفسون به عن لواعج أشجانهم ، تصور شبابا وفتيات في ميعة الشباب بدون زواج لأن الزواج أصبح عسرا لما أحيط به من قيود، مع المثيرات المتعددة من أفلام وأزياء ومجلات هابطة، عندما يترك للفتى والفتاة الخروج بدون قيد أو شرط، أو يكون معه هاتفه بدون رقيب، وتتوافر تلك النظرات واللقاءات في الأسواق والحدائق والأماكن العامة، فحدِّث ولا حرج على ما يقع ، انه يتفنن في اقتناص فرائسه بكلامه المعسول، وتنجذب هي بأناقتها وجمالها الفتان، فتثور الكوامن فلا يجدون لها متنفسا إلا أن يفرغوها في هذه العلاقات الآثمة والأحاديث الساقطة، مع ما يتبع ذلك من الهوى والأشجان، والشوق والهيام والغرام، فيعلق بها وتعلق به، ثم تكون التداعيات التي لا يعلم نهايتها إلا الله سبحانه .
• علي: أما عن نفسي ووجودي مع هذه الشلة التي كادت أن تردين، فقد رأيت منهم عجبا، إنهم يتبادلون أرقام الهواتف، بل بعضهم حصل على صور لصديقاته كما يزعم، أما عن الخطابات والرسائل الهاتفية والمكتوبة فدون ذلك يعجز الوصف، كلمات وكلمات ، وعبارات منمقات، ومواعيد وأحاديث وسمر، لكن أين الآباء؟ لعمري إن التربية العوجاء هي أس البلاء ومكمن الداء، ولو أحسن الآباء تربية الأبناء لما رأينا من يخدش الكرامة ويضيع الفضيلة، ونسوا أو تناسوا قول النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ( ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته ) .
• أحمد: إن هذا البلاء أوجد معنا شريحة من الشباب، لا همَّ له إلا شهوته ونزق شبابه، فقد فرغت روحه من مخافة الله وخشيته، فلم يبالي بعرضه ولا بعرض غيره، ولقد تطورت هذه العلاقات، فكم من جريح وجريحة، ومريض ومريضة، ومدنف ومدنفة، إني أعرف حالات منها من لم تصبر على هذا البلاء حتى تحطمت آمالها، وخارت قواها وذهبت صحتها، وربما عاش البعض على هامش الحياة لا حيٌٌ فيرجُى ولا ميت فيُنسى، وما ذلك إلا بسبب هؤلاء الذين يجعلون الفتيات يعشن في عالم الأحلام والأوهام حتى إذا ما رشف غضارتها ونضارتها تركها محطمة ضائعة ليبحث عن غيرها ويلقي شباكه عليها .
• علي: ولكن لماذا لم تنتبه الفتاة عندما رأت منه التواء الثعبان ومراوغة الثعالب؟
• أحمد: يا علي إن المرأة عاطفة كلها وسرعان ما تثق بمن زعم حبها وأنه فارس أحلامها، إنها تحب بصدق وتعامل بوضوح، حتى إذا ما تبين لها خداعه يكون حبه قد استحكم من قلبها فلم تستطع تركه، فهي بين نارين : إما متابعته فيما يريد وهو طريق الردى ونهاية عفتها، أو تضغط على نفسها فتتحامل وتتجمل بالصبر فلا تقوى فتصاب بما تصاب به من جوى وألم وضعف وربما انيهار أعصاب، أو فقدان الحياة رأساً ، وان اردت ان تعرف ذلك فعليك بكتاب ( قتيلة الهاتف ) .
• علي: وما الحل في مثل هذه الحالات؟
• أحمد: الحل واضح، قطع دابر الفساد من أساسه، وغلق الباب من أوله، وعدم إتاحة الفرص لهؤلاء الذئاب للتغرير بهن، فينبغي أن تحسن التصرف مع الهاتف، وإلا فلتغلقه فهو أسلم لها وأطهر، وعلى الشباب أن يتقوا الله في أخواتهم، فإنهم لا يرضون هذا لأهليهم، فكيف يرضونه لغيرهم، عليهم أن يعرفوا هذه نعمة فيشكروها، وأن يتركوا نزق الشباب وطيشه، وأن تكون علاقاتهم في وضوح تام كما أمر الله ( ليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله ) .
• علي: أعتقد بأن الدين يمنع تليين الكلام أثناء الحديث، لأن الله قد أمر خير النساء زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتصون في الحديث مع أطهر الرجال وهم الصحابة فقال لهن: ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا ) .
• أحمد: وإذا كان ذلك الأمر الكريم في أطهر العصور فكيف بعصرنا اليوم! حقاً إننا بحاجة أن نسد هذه الأبواب التي يقتحم منها سُراق الفضيلة والعابثون بالشرف والفضيلة، ولندع شهوات النفس جانباً ، فإن الشهوة مجنونة من ركبها ناله عطبها واصطلى بنارها واكتوى بجمرها، فالعفةَ العفةَ يا شباب الحق، والحياءَ الحياءَ يا فتيات الإسلام .

الأزهر
09/07/2003, 07:34 AM
• علي: ذكرت بأن من سلبيات الهاتف السخرية من الجنس واللون والقبيلة ، فماذا تعني بذلك؟
• أحمد: ان بعضهم يتفنن في السخرية من الناس، فتارة يتبادلون في الرسائل القصيرة النكت والفكاهة الساخرة من شكل أجناس من الناس، أو من لونمه أنه أسود، أو من قبيلتهم لأجل الاحتقار والمهانة، وكل ذلك حرمه الاسلام، وهم يجعلون ذلك فاكهتهم ، حتى أصبحت الرسائل توزع بالعشرات، هذا من قبيلة كذا كان يفعل كذا ، وهو لقيط من الشوارع، ولونه كذا مثل الفحمة، الى غير ذلك مما شدد فيه الاسلام أيما تشديد، وأنت تحفظ الآيات في ذلك .
• علي: نعم يقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب باسم الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) وفي هذا تحذير صارخ لمن يجرؤ على السخرية من اخوانه او همزهم او غمزهم، فهو ليس بمؤمن حق الايمان بل هو ظالم غاشم متجاوز لحدود ما أنزل الله .
• أحمد: وكذلك يقول جل ذكره : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله أتقاكم ) ، فالقبائل خلقها الله لتتعارف وتتآلف لا لتتفاخر وتتكبر ويسخر بعضها من بعض .
• علي: أحفظ أن الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري رضي الله عنه قال لسيدنا بلال رضي الله عنه: يا ابن السوداء . فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ( ليس لابن البيضاء فضل على ابن السوداء الا بالتقوى، انك امرؤ فيك جاهلية ) فعد النبي الكريم فعل ذلك من بقايا مواريث الجاهلية .
• أحمد: اذن من يفعل ذلك فهو اخو جهل وسفه وطيش، واعجب لبعض شرائح شبابنا أصبح يوزع هذه الرسائل بدون وعي، بدعوى انها ارسلت اليه من غيره وهو ينشرها، وهل كانت السخرية بالناس مما يجوز نشره؟! فانتبه لذلك – اخي المسلم – فإن الدال على الخير مأجور كما ان الدال على الشر مأزور.
• علي: سبحان الله ما أشد جهل بعض الناس لا يحلو لهم الحديث الا بالسخرية من الناس، فتارة يسخرون من اهل هذا البلد او ذلك البلد، او من لهجته ، او من عاداته، او من قيمه، او من صناعته .
• أحمد: نعم، وهذه هي السلبية الأخرى، التعليقات الهابطة والاستهزاء بمصائب الناس .
• علي: ماذا تعني يا اخي بالتحديد من التعليقات الهابطة والاستهزاء بمصائب الناس ؟
• أحمد: خذ مثلا: لما كانت حرب العراق وكان اخواننا المسلمون في شدة وضنك، والقنابل تقصفهم فتحيلهم الى أشلاء ممزعة، وجدنا شريحة كبيرة من شبابنا عبر رسائل الهاتف يتبادلون التعليقات على قصف الطائرات، أو اسقاطها، ونفي المسئولين لما يحدث من تقدمات العدو، ثم زادت التعليقات فشملت الامطار والاودية والريح العاصف والفيضانات في بعض بقاع بلاد المسلمين، قل لي بربك: هل هذه هي حقوق المسلم على المسلم؟*! حقا انها أمة مكلومة خانعة، رضيت بالذل ولم تخرج من حروبها الا بالنكت والفكاهات، ان القتل الذي تعرض له اخواننا المسلمون شيوخا ونساء واطفالا كان يقطع الاكباد من رؤية تلك الاشلاء الممزعة والاوصال المقطعة واللحوم المتناثرة، وهؤلاء لا هم لهم الا التنكيت، وفي الحكمة ( لا تظهر الشماتة بأخيك، فيعافيه الله ويبتليك ) .
• علي: حقا انها لمصيبة حلت بالمسلمين، كان اللائق بشبابهم ان يقدموا النصرة والمعونة لإخوانهم بكل ما يستطيعون ، ولو بالكلمة أو الدعاء، ان هؤلاء العابثين كان الأجدر بهم ان يجأروا الى الله بالدعاء لرفع البلاء الذين حل بإخوانهم، بدل السخرية والتهكم بهم، ولكن الى الله المشتكى .

اسامة99
09/07/2003, 11:15 AM
بارك الله فيك أخي العزيز :)

الأزهر
09/07/2003, 06:11 PM
• أحمد: كذلك ذكرت لك من سلبيات هذه الهواتف التهويل ونشر الأخبار الكاذبة والشائعات .
• علي: أظنك يا أخي تعني بذلك من يهولون الأخبار، فلا يتثبتون من الحقائق من مصادرها الموثوقة، ثم يزيدون عليها من عندهم بدعوى التشويق، فيروجون للشائعات التي لا أساس لها من الصحة ، ولكن هل في ذلك خطر بالغ على مجتمعاتنا ؟
• أحمد: نعم يا علي، حسبك انه يتقول بغير علم، ويهرف بما لا يعرف، والله جل جلاله يقول: ( ولا تقفُ ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) ويقول: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) ، بل يكفي أن يتعرض الذي يُحدِّث بكل ما يسمع لوصف الناس له بأنه كذاب، لأنه روّج للكذب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) فالتثبت مطلوب، قبل إصدار الأحكام .
• علي: هل تضرب لي بعض الأمثلة على ذلك؟
• أحمد: بالطبع، خذ مثلا الافتراء على العلماء أو الدعاة بأنهم قالوا كذا، وهم ما قالوا ولا نطقوا بذلك، خاصة في أيام الحرب أُشيعت أشياء نسبوها للعلماء والعلماء منها براء، كذلك الأوراق التي تنشر بعنوان ( حامل مفاتيح الكعبة ) وهي كذب وافتراء، وما زالت الى الغد يتبادل بعض الشباب في هواتفهم رسائل مفادها: من قرأ كذا له كذا، ومن صلى على الرسول ليلة الجمعة سيسمع صوت النبي، ومن فعل كذا حصل له كذا، زيادة على تفزيع الناس بأخبار كاذبة عن أهليهم، أو يستغلون قرب فترة ظهور نتائج الثانوية العامة فيروجون الإشاعات بأن النتائج ظهرت وهي لم تظهر، مما يجعل الطلاب مشدودي الأعصاب متوترين قلقين .
• علي: تصلني رسائل تقول : أمانة في رقبتك تنشرها أو توزعها لعشرين شخص ، هل فعلا هذه امانة أكون آثما اذا لم انشرها؟
• أحمد: تنبَّه يا علي، ربما تنشر الشر وأنت لا تعلم، ان بعض هذه الرسائل تحتوي على قلة أدب مع جلال الله تعالى، أو سخرية كما تقدم، أو حتى معلومات شرعية خاطئة، أو هو حق يراد به باطل، ومن أمثال هذا كثير، فتثبت قبل أن تنشر، وإلا كنت شريكهم في الإثم، وفي الحكمة ( ولا تكن ممن اذا لقي شيئا حمله، خشية ان تحمل حية تلسعك وأنت لا تشعر ) .
• علي: اذن نشر الباطل لا يجوز ولو قالوا: امانة، لكن نشر الخير هل هو امانة في عنقي؟
• أحمد: الأمر المعروف والنهي عن المنكر واجب في رقبة كل مسلم ومسلمة، أما اعمال البر الأخرى فذلك من المعروف والخير وبقدر استطاعة المسلم يسهم فيه، ولا يكلف الله نفسا الا وسعها .

الأزهر
09/07/2003, 10:45 PM
• علي: لقد وصلنا الى آخر سلبية ذكرتها انها التدمير والتخريب ، فماذا عنيت بها؟
• أحمد: أردت من ذلك طائفة من شبابنا – هداهم الله – ممن لا يحلو لهم إظهار ابتكاراتهم واختراعاتهم وذكائهم المتوقد الا على حساب تخريب هواتف إخوانهم .
• علي: كيف ذلك ؟
• أحمد: هناك طرق متعددة هم يعرفونها اكثر منا، من ذلك أن يرسل لك فيروسا من هاتفه الى هاتفك، فيقوم الفيروس بتدمير الهاتف كليا، او يمحو حافظته، او على أقل تقدير يتسلى بك بأن يرسل لك رسالة بمجرد أن تفتحها يجمد هاتفك ولا تتمكن من التخلص من هذه المشكلة إلا بأن تستبدل بطاقتك ببطاقة غيرك حتى تستطيع التخلص من تلك الرسالة، وللأسف فإن هذه النقطة الاخيرة وقع فيها حتى بعض من يظهر بزي الصالحين، فانظر كم من المصالح ستفوت عليك من جراء هذا العبث، وحيانا تقع في حرج لمثل هذه التصرفات الصبيانية التي باتت تقض مضاجع البعض، زيادة على خسارة المال لو أفسد عليك هاتفك، ومن أفسد شيئا ضمنه، انها اعمال يستصغرها البعض ولكنها في كفة الميزان موقرة بالسيئات والآثام .
• علي: حقا ما أبشع ما يفعلون! ان هؤلاء أحرى بالأدب حتى يكونوا عبرة لغيرهم .
• أحمد: ونشر الوعي بين الشباب ودعوتهم بالحكمة أولى من ذلك، وهذا واجبنا جميعا يا علي، حتى تتضح الحقائق للجميع ويعرفوا ما يسرهم وما يضرهم ، ( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي أحسن ) .
• علي: بما أننا وصلنا الى نهاية المطاف، ما هي توجهاتك لأخيك الصغير حتى يسترشد بها إزاء استخدامه لهذه النعمة العظيمة التي لا يحسب لها البعض وزنا ؟
• أحمد: ان الخير من الكثرة بمكان، ولم يعدّد الله لنا ما احل لنا، وانما عدّد ما حرم، وهذا فيه دلالة واضحة على ان اطار المحرم ضيق، وباب الحلال مفتوح على مصراعيه وهو كثير، فلماذا نترك الخير على كثرته ونجري وراء الشر؟! ونقع على الفاسد ونترك الصالح؟! الهاتف نعمة ينبغي ان تستغل في دروب الخير ونشر الفضيلة، وقد قدمت لك عن ايجابيات هذا الهاتف ما لو شرحناها ما استطعنا استقصاء ذلك لكثرته، فانهج لك طريقا صالحا يقربك الى الله زلفة تكن من الفائزين ، وتذكر بأن الهاتف إما لك او عليك، وخيره لن يكون لك وحدك، كما ان شره لن يقع عليك وحدك ، بل ضرره عام شامل، وناهيك بما ذكرته لك من بلاء ناقع جر معه شبابا وفتيات أغرارا من حصن الفضيلة فأوقعهم في المستنقعات الوبيئة، فضاعت أسر وهتكت أعراض، ونزل بلاء وقل حياء ، وتصاعدت آهات وكثرت زفرات، وكل ذلك لما أهملنا رعاية نعمة الهاتف فأوردنا ذلك الحتوف .

البدر المنير
09/07/2003, 10:48 PM
ممكن تدعو لي ((هناك)) :)

الأزهر
09/07/2003, 10:49 PM
• علي: أريدك ان ترشدني الى مصادر أستقي منها أعذب الكلام وأحلاه لتكون مادة حديثي في مهاتفاتي وزادا وافرا وثمرا جنيا يانعا لرسالاتي .
• أحمد: دونك كلام الله وأحاديث رسول الله فانهل نمهما رياً سلسبيلا، فمن ورد حوضهما صدر ريان، والعجب من ترك خير الكلم والتشبث بكلام الشوارع وأهل السفه، ثم كلام العرب منثوره ومنظومه، ففيه من الحكم والوصايا والعبر ما تنقطع عن دركه أعناق الإبل.
• علي: هلا ذكرت لي ولو مرجعا واحدا اعتمد عليه .
• أحمد : دونك كتاب جواهر الأدب للأستاذ أحمد الهاشمي، ففيه من الحكم القرآنية والوصايا النبوية والأمثال العربية ما يكفي وزيادة، وان اردت الأدب العماني فعليك بشقائق النعمان والزمرد الفائق للخصيبي، وحديث السمر للبهلاني وغيرها من الدرر التي تزخر بها مكتبتنا الاسلامية .
( ثم لاحظ أحمد أن أخاه عليا قد ابتسم ، فسأله : )
• أحمد: اراك مبتسما يا علي، أضحك الله سنك .
• علي: لمّا ذكرت هذه النماذج الفذة لأدبنا الاسلامي الراقي، تذكرت الكتاب الذي أهداني اياه أحد اصحابي الذي زعم انه فضلني على نفسه بهذا الكتاب .
• أحمد: تعني كتاب ( كيف تكتب رسالة غرامية الى حبيبتك ) .
• علي: نعم هو عينه، ما اتعس هؤلاء الرفاق اذا كانوا قد رضوا بهذه النهج السقيم عن ان يعيشوا حياة الاستقامة والهدى والرشاد والصلاح، ان الواجب يحتم عليّ ان اُسدي اليهم النصح والارشاد، وان اسوق لهم من قوارع النذر ما يقرع قلوبهم الغافلة، عسى الله ان يرد شاردهم، ويهديهم سبل السلام .
• أحمد: لكن اياك والتعنيف، فإنهم ان نفروا منك لم يستمعوا اليك ، واكثر من ضرب الامثال من واقع مجتمعهم الذي يعيشون فيه، فإن تلك الامثلة المؤلمة بمثابة هزات قوية لعلها توقظ نائمهم وترد شاردهم .
• علي: لا توصي حريصا، فقد أجدت نصحا، وأخذت بيدي الى بر الأمان، حقا لقد أخذت بيدي الى آفاق من الخير كنت عنها غافلا، وكشفت لي من الموبقات ما غاب عني ولم استحضره في نشوة الزهو وميعة الشباب مع هذا الهاتف .
( علي يدعو بدعاء خاشع وصوت تظهر عليه نبرات التوبة والندم: )
اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك، وانا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي انه لا يغفر النوب الا انت، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين، اللهم اغفر وارحم وانت خير الراحمين، اللهم اهدِ شباب المسلمين ، الله اهدِ شباب المسلمين، اللهم اهِد شباب المسلمين ، برحمتك يا ارحم الراحمين يا ذا الجلال والاكرام .
• أحمد: آمين يا ذا الجلال والإكرام .

الأزهر
09/07/2003, 10:51 PM
انتهى الموضوع ونسأل الله السداد والتوفيق لما يحب ويرضى، ومن أحب فعل الخير فلينشره، ومن كانت له ملاحظات فليتحفنا بها، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
تنبيه: الموضوع برمته مما منَّ الله به عليَّ ولم أنقله من غيري .

المدافع عن الحق
10/07/2003, 03:52 PM
جزاك الله خير الجزاء

الضوء الساطع
11/07/2003, 03:12 PM
يثبت بضعة أيام ، وبارك الله في طارح الموضوع

نسيم الشرقيه
12/07/2003, 10:56 PM
سلااااااااااااااااااااااا ااام
بوركت يا اخي وفي الحقيقه فتحت عيني على امور كثيرة بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك
شكرا

الضوء الساطع
16/07/2003, 04:30 PM
يرفع بعد إزالة التثبيت

محب الصلاح
26/08/2003, 09:27 AM
يرفع

البدر المنير
30/08/2003, 11:31 PM
:)

المختار الشاري
31/08/2003, 10:07 PM
شكرا جزيرا أخى العزيز الأزهر على هذا الموضوع القيم ، ولكن لماذا لا

يقوم شباب أهل الحق والإستقامة بطباعة مثل هذه المواضيع في أوراق

ملونه وتوزع أو تباع بسعر معقول حتى يستفيد منها الناس ، والحق

يقال كم نحن بحاجة إلى مثل هذه المواضيع التى غفلنا عنها .


بارك الله فيك أخي أسال الله سبحانه وتعالى أن يزيدك فقها في الدين

وأن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتك والله الموفق،،،

محب الصلاح
25/03/2004, 06:27 PM
ننتظر ابداعا جديدا