المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : الشريط الداعية


صقر البيداء
25/04/2004, 03:30 AM
الشريط الداعية



كانت تسير في طريقها إلى المنزل فاصطكت قدمها بشريط ملقى على الأرض ، فنظرت إليه ، وهي تحدث نفسها : أتأخذه ؟ … قد يكون لمن تحب من المغنين ، وقد يكون لغيره ، فلا مانع أن تأخذه لتسمع … امتدت يدها والتقطت الشريط ، وذهبت به إلى منزلها ..

وفي المنزل دفعها فضولها لسماع مادته ، وإذا به صوت متحدث ، قرع سمعها ، فاستمعت إليه ، ماذا عساه أن يقول ،واستمرت تستمع إلى ما يقوله ذلك المتحدث ،وشاء الله تعالى أن يكون الحديث قيماً شيقاً ، نَبَّه الفتاةَ من غفلتها ، وحذرها من الاستمرار في لهوها ، وتبيَّن لها من خلاله أنَّها ما خُلِقت لهذا اللهو ، وإضاعة الوقت ، والانصراف عن العمل لما بعد الموت ، وأنَّها لا بدَّ أن تَجِدَّ في إصلاح شأنها ، ومن الآن فلتغير نمط حياتها ،
الذي إن استمرت عليه فستكون حياةً هامشية ، حياة لا قيمة لها ، لا تعمر فيها دنيا ، ولا تعمل فيها لآخرة ،
وحياة كهذه هي والموت سواء .

ومن ذلك الوقت شمرت عن ساعد الجِدِّ ، وانصرفت عن اللهو إلى الجِدِّ ، ومن التفريط في الصلاة إلى الحرص على إقامتها ، ومن تضييع الحقوق إلى أدائها .

ومن العبر في هذه القصة : أنَّ حياة اللهو حياة لا قيمة لها ، وصاحبها لا ينظر إليه العقلاء نظرة إكبار وتقدير ،
بل نظرة ازدراء وتحقير ، لأنَّه هو الذي وضع نفسه في هذا الموضع ، وقد قيل " قيمة كلِّ إنسان ما يصنع " .

ومنها : أن لا يحقر الإنسان معروفاً يصنعه ،
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً ))

فهذا شريط ملقى على الأرض ، ممَّا تعاف النفوسُ أخذه ، فضلاً عن العناية به ، والاستماع إلى قوله !

ومع ذلك أدى دوراً ، وقام بمَهَمةٍ قد يعجز عنها جملة من الدعاة ؛ وهذا يجعلنا لا نغفل دور الشريط النافع في الدعوة إلى الله تعالى .

فهو داعية لا يكلف كثيراً ، صغير الحجم ، خفيف المحمل ، زهيد السعر ، لا يكلف المستمع إليه مالاً ،
ولا جهداً ، ولا تفرغاً ، ولا لزوم مكان واحد ، بل يستمع إليه في كلِّ مكان ، في بيته ، وسيارته ، ومتجره .

فهل تنبهنا إلى قيمة الشريط في الدعوة إلى الله تعالى.

نرجو ذلك !