المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : كتاب ( الميزان القسط )؛ منهج الأمة في دراسة قضايا العقيدة


علي بن محمد الحجري
20/01/2004, 11:20 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على رسوله الكريم وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وعلى من سار في درب الهداية إلى يوم الدين.

أما بعد:
أخوتي وأخواتي أصحاب هذا المنتدى الكريم أحييكم بتحية أهل الجنة في الجنة؛ فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً:
أشكر القائمين على إدارة هذا المنتدى على فتحهم مجالاً لعرض كتاب ( الميزان القسط ) الذي سوف يخرج بإذن الله تعالى في الأسابيع القادمة.

ثانياً :
كاتب كتاب ( الميزان القسط ) وكذلك كتاب ( الإباضية ومنهجية البحث ) ليس من أهل العلم في شيء، ولا من أهل المعرفة ولكنه واقف على أبواب العلماء وآخذ من موائدهم كل طيب ومستفيد من آثارهم النافعة. والحمد لله رب العالمين.

ثالثاً:
إيماننا بقوة الإسلام في توحيد الأمم والقبائل يجعل المرء منا ينظر إلى التاريخ ليرى حال الأمم عند تمسكها بمنهاج الحق وحالها عند اتباعها لأهواء الأنفس وإملاءات العقول القاصرة.
وما أصاب الأمة الإسلامية من تشتت وتمزق لم يكن هو وليد يوم وليلة ولكنه نتاج قرون من البعد عن الأسس التي يحتكم إليها في ترسيخ العقيدة الصافية في نفوس الأجيال المسلمة المتلاحقة.
فمنهاج الأمة الإسلامية كفيل بجذب أفرادها في صف واحد لو أنه حُكِّم وأستسلم لقوله، ولكن يا للأسف فقدت الأمة وحدتها وعاشت شيعاً وأحزاباً حينما أصبح المنهج شعاراً والادعاءات الفارغة من الحق أسسا تتبعها عقول العلماء قبل الطلاب والجهال.

وكتاب ( الميزان القسط ؛ المنهج والتطبيق في دراسة ونقد روايات رؤية الله سبحانه وتعالى ) هو تذكير للأمة الإسلامية بالمنهج الذي عليها اتباعه وتطبيقه في لحظاتها وحركاتها وسكناتها.
وكل صفحة من صفحات هذا الكتاب تحوي الرجاء والطلب من علماء الأمة الإسلامية لكي يقودوا عقولنا بالعلم الذي سطرته أنامل أئمة الإسلام عبر القرون الماضية.

والكتاب يثبت أن الخلاف الذي يدب بين طوائف الأمة الإسلامية أساسه ومبدأه عدم التطبيق للمنهج الصائب الذي يعترف بقوته الجميع.
وإن عرضنا أدلة المختلفين حول نفي أو ثبوت رؤية العباد لله سبحانه وتعالى في هذا الكتاب فإن هدفنا من هذا الطرح هو الدعوة إلى تطبيق المناهج الإسلامية على جميع القضايا المختلف حولها عسى أن نجد من يقول بقولنا ويمتعنا ببحوث نافعة أساسها العلم وهدفها نبذ الادعاءات والأقوال الضعيفة.

وأخيراً:
أعترف بأنني لست من أهل الكتابة ولكنني أقر بأن ما مكنني الله تعالى بتسطيره في ورقات كتاب ( الميزان القسط ) هو نقل عن علماء الإسلام وليس لي أي دور سوى حمل ما شاهدته عيني إلى أجيال الأمة الإسلامية إلى يوم القيامة.
وأرجو من الله تعالى أن يمن عليّ بالتوبة وغفران الذنوب ويوفقني ويوفق كل مسلم إلى تلمس واتباع الطريق الصحيح والمسلك المستقيم.

وإن شاء الله تعالى سيتم عرض مقدمة كتاب ( الميزان القسط ) هنا راجياً النصيحة والإرشاد من أهل العلم والمعرفة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

أخوكم/ علي بن محمد الحجري.

إدارة سبلة الدين
20/01/2004, 11:55 AM
نرحب بشيخنا الفاضل وأستاذنا العزيز / علي بن محمد الحجري بسبلة الدين.

ونعيد طرح تفاصيل هذا اللقاء مع ضيفنا العزيز:

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الاخوة والاخوات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تتشرف ادارة سبلة الدين باضافة الشيخ الباحث / علي بن محمد الحجري ، شاكرين استجابته لدعوتنا ومثمنين له هذا التواصل مع قراء ومتابعي السبلة الدينية كما عودنا أهل العلم والصلاح.

اللقاء سيكون -بعون الله- حول المفاجأة القادمة وهو صدور كتاب آخر للأستاذ الحجري بعنوان:

(( الميــــــزان القسط المنهج والتطبيق في دراسة ونقد روايات رؤية الله سبحانه وتعالى ))

يعرفنا الكاتب -عبر هذا اللقاء- بمحتويات الكتاب عن طريق طرح مقدمته لأول مرة على الجمهور ، ويتبع ذلك –إن شاء الله- حوار علمي موسع يعطينا الباحث من خلاله الفرصة للتعرف على الكتاب عن قرب وفتح قنوات حواريه علمية كما عودناكم عليها في هذا المكان.


نرحب بضيفنا العزيز ، متمنينا من الله القدير أن ينير لنا طريق الحق ويجنبنا طريق الباطل ، وأن ترجع للأمة الإسلامية مكانتها وعزتها بعون الله.

إدارة سبلة الدين


ملاحظات وشرح لطريقة هذا اللقاء:
1- سيتفضل ضيفنا الكريم بطرح مقدمة الكتاب عبر هذا الرابط او رابط آخر أيهما يختار.
2- يُفتح باب الاسئلة والحوار بعد نهاية عرض المقدمة.
3- سيقوم الباحث بالاجابة على الاسئلة والمداخلات بعد اجازة عيد الاضحى المبارك إن شاء الله حتى نعطي الفرصة الكاملة لطرح مختلف الاسئلة حول مادة اللقاء.
4- يمكن ارسال الاسئلة الى الباحث عن طريق عرض السؤال هنا بالسبلة او ارسالها عبر البريد الالكتروني التالي:

[email protected]

5- اعتذر الشيخ الحجري عن طرح سيرة ذاتيه مختصرة عنه لتواضعه الجم بارك الله فيه ولكننا نشير الى كتابه الآخر الذي صدر عام 1420هـ/1999م بعنوان (( الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات) ، نشر مكتبة الجيل الواعد ، ط. النهضة-مسقط.

وسقط القناع
20/01/2004, 04:49 PM
بارك الله فيك إستاذنا الكريم وندعوا الله بأن نستفيد من أمثالكم .

عمروس
20/01/2004, 08:22 PM
أسدي جزيل الشكر للأستاذ الباحث الحجري وفقه الله ورعاه
سعدت بالاطلاع على كتابكم الأول وسعدت ثانية حين علمت بصدور الكتاب الثاني بارك الله في جهودكم


وحسبما فهمت من عنوانه وتقديمك حوله أنه موجه بالدرجة الأولى لغير الإباضيين ، فهل تم طباعة الكتاب خارج عمان ؟؟؟


وهل توجد نية لطباعة هذا الكتاب وأخوه الأول في الخارج ؟؟؟؟؟

وهل يمكن أن نستأنف الحكم الجائر الذي حكم به الإباضية على أنفسهم حين حكموا ببقاء هذا الفكر اعلظيم مقيدا مسجونا بين أودية الشرقية إلى جبال الداخلية

مهنا بن راشد السعدي
20/01/2004, 08:22 PM
بارك الله فيكم شيخنا ونسأل الله تعالى أن يؤجركم على جهودكم لإظهار راية الحق خفاقة ...

المعافري
21/01/2004, 06:54 AM
الحمد لله أولا و أخيرا ..

نشكر الشيخ الحجري على حلوله ضيفا على السبلة الدينية ليتعرف إليه الأعضاء عن قرب و يستفيدوا من خبراته و توجيهاته في مجال الكتابة و الدعوة فأحسن الله إليه و بارك في عمره و عمله و نفع بهما الإسلام و المسلمين.

الصياد العنيد
21/01/2004, 02:06 PM
بارك الله فيك أيها الشيخ الكريم.

طائر السنونو
21/01/2004, 03:29 PM
جعلكم الله ذخراً لهذه الأمة الضعيفة وبانتظار المقدمة والكتاب

موقع الأمل المشرق
21/01/2004, 06:47 PM
مرحبا بك شيخنا الفاضل بالسبلة ، وننتظر ظهور الكتاب بالمعرض ومن ثم عرضه في المكتبات الالكترونية.

من اراد كتاب الاطلاع على كتاب (الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وكتاب المقالات ) فليراجع الرابط التالي:
http://216.221.185.71/ktob/hajri.zip

مع تحيات اخوانكم في موقع الامل المشرق
www.alaml.net

فتاة الاستقامة
21/01/2004, 08:23 PM
جزاك الله خيرا

شكرا لك على هذا الجهد

الطالع السعيد
21/01/2004, 08:37 PM
وعليكم السلام ورحمة الله ومرحبا بك في السبلة ، ووفقك لما فيه خير الدين والأمة

المنهل الصافي
21/01/2004, 10:17 PM
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته ايها الشيخ العزيز......

سؤالي قبل ان تبدا بعرض المقدمة هو:

بعض الشباب -جزاهم الله خير- يدعون الى عدم قراءة الكتب التي تتحدث في المسائل الخلافية كالرؤية مثل بل ويرون الافضل عدم الكتابة فيها ويسيرون على هذا النهج .......

واراك تخالف هذا المنهج و تناقش قضايا خلافية باسلوب راقي ورائع .......


فما الاسباب التي تدفعك شيخنا للمضي قدما في مناقشة قضايا خلافية ضاربا بالراي الاول عرض الحائط ......

هل من كلمة وتوضيح للاخوة الذين لا يؤمنون بمناقشة المسائل الخلافية ......

كم استغرق كتابة هذا الاصدار.....

ماهي المشاكل التي واجهتك خلال البحث......

قضية مهمة في ذهنك تتمنى من الشباب الواعي ان بناقشها ويكتب عنها.......

جزاك الله خيرا وعوضك اجرا

وقد استمتعت شيخنا كثيرا بقراءة كتاب ( الإباضية ومنهجية البحث ) واعجبت كثيرا باسلوب العرض في ذلك الكتاب

علي بن محمد الحجري
21/01/2004, 10:57 PM
اشكر جميع القراء على الترحيب وأسال الله أن يجعلني عند حسن ظنهم.

أخي المنهل الصافي:
اتمنى بنهاية الحوار أن تحصل على اجابة لسؤالك إن شاء الله تعالى


نبدأ على بركة الله وتوفيقه

أخوكم/ علي بن محمد الحجري

علي بن محمد الحجري
21/01/2004, 10:59 PM
مقدمة الكتاب:

(1)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:

فإن الرابط الذي يربط بين أفراد الأمة الإسلامية ويوحد مبادئهم وأفكارهم واتجاهاتهم ليس هو من صنع البشر، ولم يكن في يوم من الأيام أداة أفرزتها اتجاهات أفكار أصحابها حسب إملاءات مواطن الرضا ومواقع السخط.

والرابط الذي يشد كيان جماعات المسلمين بعضها إلى بعض قوي لا تجري عليه عوامل الأزمان فتضعفه، ولا عوامل الأمكنة فتفتته، لأنه يستمد وجوده ويستلهم قوته من الله تعالى الذي ارتضى للبشرية الإسلام ديناً إلى يوم القيامة.

والرابط الذي يصل أجيال المسلمين المتلاحقة بعضها ببعض واضح بقواعده وبين بمبادئه، قد عرفته الأجيال الماضية ولم تجهله الأجيال اللاحقة. يراه المسلم حبلاً ممدوداً أوله أول يوم أشرقت فيه الأرض بنور الإسلام، وآخره اليوم الذي يرث فيه الله الأرض ومن عليها.

والرابط الذي يصل الفرد المسلم بأفراد دينه، ويصل جماعات المسلمين بعضها ببعض حاضر في كيان كل مسلم، يخاطب الأولين والآخرين بلغة يدرك معناها كل سامع، وتتجاوب لتعاليمه وتتسابق لتنفيذ أوامره أفئدة التابعين من غير تلكؤ ولا تسويف.

والرابط الذي ارتضاه الله تعالى للبشر يحفظ العاضين عليه بنواجذ الجد والإخلاص من الخطأ، ويقودهم في مسالك الصواب بعيداً عن التناقض والاضطراب.

فالمنهج الذي يدعو إليه ديننا العظيم كفيل بربط كل أفئدة المسلمين بعضها ببعض إذا أُسلس له القياد، وترجمت الأفهام والأقلام والأجساد أوامره في واقع مناشطها ولحظات حياتها.

فالرابط هو دعوة وتطبيق:
دعوة إلى أوامر الله تعالى المنزلة في القرآن وأوامر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم الثابتة التي سجلتها كتب الحديث والسير والتي بينت خطوط معالمها وحددت مسالكها أقلام علماء الإسلام من غير التفات إلى رغائب البشر المتقلبة واتجاهاتهم المتناقضة.

وتطبيق للأوامر المنزلة واتباع للأحكام العادلة ووزن للأقوال الواردة بالميزان القسط.


يتبع بإذن الله تعالى

من هم الخوارج
22/01/2004, 07:14 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

جزاك الله خيرا أيها الشيخ العزيز وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك يوم القيامة بإذن الله، فيا له من أجر عظيم ستناوله بإذن الله الواحد الأحد.
إن تبيين مسألة من مسائل العقيدة التي لايجوز الخلاف فيها لهو أمر فيه خير جم يظهر من خلاله للأمة صلابة العقيدة التي ينبغي أن تتبع وأن تتخلى عن العقيدة التي ملؤها الشك والظنون.

بارك الله فيك ونفع بك.

سؤالي هل سيكون الكتاب متاحا في الشبكة العالمية بإذن الله، مثل كتابكم السابق ؟

Rame
22/01/2004, 08:26 AM
اشيد بكلامك الرائق

الزهراء
22/01/2004, 09:21 AM
جزاك الله خير أخي كاتب الموضوع

البدر المنير
22/01/2004, 11:34 AM
Originally posted by علي بن محمد الحجري
مقدمة الكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:

فإن الرابط الذي يربط بين أفراد الأمة الإسلامية ويوحد مبادئهم وأفكارهم واتجاهاتهم ليس هو من صنع البشر، ولم يكن في يوم من الأيام أداة أفرزتها اتجاهات أفكار أصحابها حسب إملاءات مواطن الرضا ومواقع السخط.

والرابط الذي يشد كيان جماعات المسلمين بعضها إلى بعض قوي لا تجري عليه عوامل الأزمان فتضعفه، ولا عوامل الأمكنة فتفتته، لأنه يستمد وجوده ويستلهم قوته من الله تعالى الذي ارتضى للبشرية الإسلام ديناً إلى يوم القيامة.

والرابط الذي يصل أجيال المسلمين المتلاحقة بعضها ببعض واضح بقواعده وبين بمبادئه، قد عرفته الأجيال الماضية ولم تجهله الأجيال اللاحقة. يراه المسلم حبلاً ممدوداً أوله أول يوم أشرقت فيه الأرض بنور الإسلام، وآخره اليوم الذي يرث فيه الله الأرض ومن عليها.

والرابط الذي يصل الفرد المسلم بأفراد دينه، ويصل جماعات المسلمين بعضها ببعض حاضر في كيان كل مسلم، يخاطب الأولين والآخرين بلغة يدرك معناها كل سامع، وتتجاوب لتعاليمه وتتسابق لتنفيذ أوامره أفئدة التابعين من غير تلكؤ ولا تسويف.

والرابط الذي ارتضاه الله تعالى للبشر يحفظ العاضين عليه بنواجذ الجد والإخلاص من الخطأ، ويقودهم في مسالك الصواب بعيداً عن التناقض والاضطراب.

فالمنهج الذي يدعو إليه ديننا العظيم كفيل بربط كل أفئدة المسلمين بعضها ببعض إذا أُسلس له القياد، وترجمت الأفهام والأقلام والأجساد أوامره في واقع مناشطها ولحظات حياتها.

فالرابط هو دعوة وتطبيق:
دعوة إلى أوامر الله تعالى المنزلة في القرآن وأوامر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم الثابتة التي سجلتها كتب الحديث والسير والتي بينت خطوط معالمها وحددت مسالكها أقلام علماء الإسلام من غير التفات إلى رغائب البشر المتقلبة واتجاهاتهم المتناقضة.

وتطبيق للأوامر المنزلة واتباع للأحكام العادلة ووزن للأقوال الواردة بالميزان القسط.


يتبع بإذن الله تعالى

ما أجمل كتاباتك شيخنا العزيز ليت شباب الاباضية يتعلمون فن امساك القلم وتدوين العبارات منكم ؟؟

علي بن محمد الحجري
22/01/2004, 02:10 PM
بارك الله فيكم واشكركم جميعا على المتابعة والاهتمام بالموضوع.

علي بن محمد الحجري
22/01/2004, 02:12 PM
(2)

إن الدعوة والتطبيق هما الجسد والروح للرابط الذي لا وجود له في حياة أجيال المسلمين بدونهما. والمسلمون أفراداً وجماعات وعلى مدى الأزمان والقرون المتطاولة حلقات يتصل آخرها بأولها، ينقل السابق إلى اللاحق الدعوة الصافية ويطبق الجميع المنهج العادل في مجالات الحياة الواسعة.

فكما أن إقامة الصلاة بخشوعها وبجميع أركانها تهب بأمر الله تعالى المصلين الحصانة من الفحشاء والمنكر، فكذلك الرابط يحمي أفراد المسلمين وجماعاتهم من الضياع والشتات ويجذبهم إليه بقوة دليله إذا تفاعل الفعل مع القول وترجمت الجوارح حركات اللسان.

وعندما ينظر المسلم في حال أمته ويقرأ عن واقع أجيالها الماضية ويسجل القضايا التي تنازعت فيها أفكارهم يجد نفسه أمام عدة أسئلة لمعرفة السبب:

1. لماذا صار الخلاف بين أفراد الأمة الذين عليهم ربط أفهامهم وأفكارهم بمنهج لا يظلم أحداً؟

2. هل الخلاف أمر حتمي فُرِض على العقول فكانت النتيجة ما نرى؟

3. هل تباين الآراء وتناقض الأفكار المسطرة في الكتب سببها هشاشة المنهج وضعف كيانه، بحيث صار كل عقل يأخذ منه ما يبرر وجهته وأقواله؟

4. هل المنهج المحتكم إلى عدالته وقوة سلطانه لم يُرجع إليه في تقييم الأقوال وتمييز الحق من الباطل؟


يتبع بإذن الله تعالى

البدر المنير
23/01/2004, 10:50 AM
سر على بركة الله وإن من البيان لسحرا

علي بن محمد الحجري
23/01/2004, 01:25 PM
(3)

ثلاثة عناصر لا بد من النظر فيها عند تتبع أسباب الخلاف بين المسلمين في أي قضية من القضايا:

أولاً: القضية المختلف في حكمها

هناك مسائل جعل الله تعالى أحكامها واستنباطاتها موكولة إلى عقول العلماء من هذه الأمة، فلهذا لم يكن تعدد الآراء حول هذه القضايا بمستغرب. فالمنهج يعطي المجتهدين المعايير السليمة لأجل استخلاص الأحكام واستنباط الحلول حتى تفي بحاجات الأجيال المتجددة مع تجدد الحياة واختلاف ظروفها.

وهناك مسائل لا يصح فيها تعدد الأفكار وتباين الآراء؛ لأنها من القضايا التي بينت أحكامها آيات الله المحكمة وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم المقطوع بثبوتها.

ومسألة رؤية العباد لله سبحانه وتعالى هي من القضايا التي لا تقبل تعدد الآراء حولها؛ فهي إما أن تكون ثابتة وإما أن تكون منفية عنه سبحانه وتعالى.

وبهذا يجد الباحث أن الخلاف حول قضية رؤية الله سبحانه وتعالى غير مقبول، ولا يقال فيها لكل مجتهد نصيب.

فالخلاف حول إثبات رؤية الله سبحانه وتعالى أو نفيها لم يأت من قبل المسألة نفسها، لأنها لا تجيز تعدد الأفكار حولها، بل هي رأي واحد ثابت بالأدلة المقطوع بثبوتها.

ثانيا: ........


يتبع بإذن الله تعالى

المدقق الثاني
23/01/2004, 07:35 PM
جزاك الله خيرا شيخنا وبارك الله جهودك

sunrise
23/01/2004, 07:37 PM
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم،

إن كنا في حاجة لمثل هذه الكتب التي تناقش هذه القضية وتفصل فيها،
فبارك الله فيك وسدد خطاك وألهمك الصواب إنه على كل شيء قدير.


أخوك:

سن رايز

علي بن محمد الحجري
24/01/2004, 03:41 PM
(4)

ثانياً: المنهج المتبع في دراسة القضية:

والعنصر الثاني الذي قد يذهب بالدارسين إلى نتائج خاطئة هو المنهج المتبع في استخلاص الأحكام.

فإذا صلح المنهج وأُحسن تطبيقه جاءت النتيجة سليمة موافقة لشرع الله، ولكن إذا ضعف المنهج أمام اتجاهات العقول فلا محالة ستضعف النتائج وتتشتت الأفكار.

ومنهج البحث في القضايا العقدية عند المسلمين منهج محكم يقود العقول إلى الصواب ولا يلتوي ليوافق أفكار الناس واتجاهاتهم. وبهذا نعرف أن المنهج الإسلامي العادل لا يمكن أن يأتي الخلاف في القضايا العقدية من قِبَله أبداً، لأنه لا يقبل إلا المقطوع بصحته وثبوته من الأقوال المنسوبة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

وقد تكفلت كتب الأصول وعلوم الحديث بإظهار المنهج وبيان أسسه وقواعده، واعترف المسلمون بقوة سلطانه وهيمنة أحكامه على الأقوال من غير تمييز ولا محاباة لأحد.

فالمنهج في ذاته سليم لا اعوجاج فيه بل يجذب العقول إليه ويرشدها بأمر الله تعالى إلى الصواب في القول والاعتقاد والعمل.

ثالثاً: ....

يتبع بإذن الله تعالى

علي بن محمد الحجري
25/01/2004, 02:42 PM
(5)

ثالثاً: الدارسون للقضية

والدارسون لأي قضية من قضايا العقيدة ليس لهم سوى معرفة المنهج العادل مع تحكيمه عند استنباطهم للقول الصحيح وإظهارهم للحق.

وفي عقول الدارسين يجب أن يتلاحم المنهج العادل مع الإخلاص في التطبيق، لكي تأتي النتائج موافقة للحق والصواب.

فعدم التطبيق للميزان القسط هو العنصر الثالث الذي يؤدي إلى الخلاف وتعدد الأفكار في القضايا التي لا يجوز الخلاف فيها.

فقضية رؤية الله سبحانه وتعالى نفسها لا تجيز تعدد الأفكار حولها، والمنهج الذي يعترف بسلطانه المثبتون للرؤية والنافون لها يقر رأياً واحداً فقط، ولكن عدم التطبيق للمنهج العادل هو السبب الذي حدا بأحد الفريقين إلى القول بالرأي المخالف للحق والصواب.

يتبع بإذن الله تعالى

المنهل الصافي
31/01/2004, 04:38 AM
نصرك الله شيخنا...........

ما أجمل هذه الكلمات وما ألطف هذه العبارات.............


----------------------
عروس كنوز قد تحلت بعسجد*** مكللة تيجانها بالزبرجد
كأن الليالي الوالدات عجائبا*** أصبن بعقم بعد هذا التولد
-----------------
منقول

المهنّد
02/02/2004, 09:27 AM
الحمد لله الذي قيض لنا من أمثال فضيلة أستاذي العزيز ... بارك الله فيك ووفقك إلى ما يحبه ويرضاه .


تحياتي
المهنّد

علي بن محمد الحجري
02/02/2004, 11:39 AM
اشكر جميع الاخوة على التعقيب والمتابعة واهنئم بالعيد السعيد.

علي بن محمد الحجري
02/02/2004, 11:40 AM
(6)

إن هذا البحث يطلب من أفراد الأمة الإسلامية وخاصة أصحاب الفكر منهم القيام بواجبهم في إبراز معالم منهج الأمة الغراء، ويطلب منهم تطبيق أحكام وأسس ومبادئ دينهم في جميع مناشط الحياة. فالتطبيق للمنهج من قبل أفراد الأمة كفيل بلم شتاتهم ورص صفوفهم تحت ظلال القرآن والسنة وخلف خطى السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

ويدعو هذا البحث – وإن كونت مسألة نفي رؤية العباد لله تعالى في الدنيا والآخرة محوره – إلى تطبيق منهج الأمة بكل أمانة وإخلاص عند دراسة جميع القضايا التي اختلفت حولها أفهام المسلمين عبر القرون الماضية.

ويهمس في آذان أفراد الأمة الإسلامية ويقول لكل سامع منهم إن وصف أقوال العلماء بالخطأ -إذا حكم عليها المنهج العادل بذلك- خير وأفضل للأمة الإسلامية وأبقى لوحدتها من اتباع الأقوال الخاطئة والتحزب للأفكار الضعيفة.

وفي هذا البحث سيجد القارئ الكريم التجرد المطلق من قيود المذهبية وقلائد التقليد الأعمى، وسيجد كذلك الالتزام – حسب الطاقة – بالمنهج الصائب الذي بينت معالمه أقلام علماء الأمة. فالمذهب الذي يجب على الجميع اتباعه والدعوة إليه هو ما أقرته مبادئ الإسلام وسطرته أنامل علماء الأمة في أسفار العلم التي تفتخر بها أمة الإسلام على جميع الأمم.

يتبع بإذن الله تعالى

مهنا بن راشد السعدي
02/02/2004, 12:37 PM
جزاك الله خيرا شيخنا على هذه الدرر والنفائس وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك ...

علي بن محمد الحجري
03/02/2004, 09:25 AM
(7)

وجاء طرح مادة هذا البحث في قسمين متكاملين:

• فالقسم الأول منهما يعرض دعوة المسلمين بعضهم لبعض إلى دراسة وتطبيق المنهج الإسلامي في ميادين الحياة. ويشير إلى أن الخلاف المشاهد بين طوائف الأمة الإسلامية حول نفي رؤية العباد لله تعالى أو ثبوتها منشؤه عدم تقيد المثبتين للرؤية بما دعوا إليه من منهج صائب.

• وأما القسم الثاني فيزن الروايات التي اعتمد عليها المثبتون للرؤية والنافون لها عند تفسيرهم لآيات الله البينات، ويظهر القول الصحيح المعتمد على الأدلة المقطوع بثبوتها.

وليس أمام أجيال الأمة الإسلامية وهي ترنو إلى وحدة صفوفها إلا التعرف على قيم دينها والسعي بكل إخلاص إلى تطبيق مبادئها في حياتها، وعندما يقود العلم الأجيال فستتحقق آمال المصلحين وستلتحم النفوس بحبل الله المتين.

وختاماً أدعو الله تعالى في الليل وفي النهار وفي السر وفي العلن أن يوفق الأمة الإسلامية إلى تطبيق مبادئها والاحتكام إلى مصادر شريعتها، وأن يأخذ بأيدي علمائها إلى غرس الحق والصواب في نفوس أبناء الإسلام. والله يهدي إلى سواء السبيل.

وصلى الله وسلم على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

علي بن محمد بن عامر الحجري
ولاية بدية
ســلطنة عمــان
شهر شعبان عام 1424هـ- الموافق لشهر أكتوبر عام 2003م

شمس الحقيقة
04/02/2004, 05:15 PM
الشيخ الجليل الحجري: متى نبدأ بالسؤال ؟؟

الطالع السعيد
04/02/2004, 09:44 PM
أشيد بجهدك الكبير في سبيل إحقاق الحق واشيد كذلك بنشاطك الجم داخل الانترنت وبلا شك خارجها , فهل ترى أن المنهجية المعتدلة التي طرحتها في كتابك هذا ستلاقي تجاوبا من علماء وابناء الامة الاسلامية أكثر من نبش القبور و اجترار الأحاديث وتكرار عرض القصص التاريخية الغير ممحصة حول قضايا الصحابة ومسائل العقيدة المختلفة والتي اضرت بالامة حتى اضطرتك الى اطلاق هذه الصرخة (الميزان القسط) ؟
وما هي في رأيك العوامل التي أسهمت في بقاء المفاهيم المغلوطة واستمرارها على مدى قرون دون أن يلتفت لها الناس ودون أن يخضعوها للبحث والمناقشة ويطبقوا (الميزان القسط) ؟

أفيدونا جزاكم الله خيرا ..

الضوء الساطع
04/02/2004, 10:09 PM
Originally posted by شمس الحقيقة
الشيخ الجليل الحجري: متى نبدأ بالسؤال ؟؟

سيقوم إن شاء الله الشيخ الفاضل علي الحجري حفظه الله بطرح أجزاء من القسم الاول من الكتاب ، لتكوين فكرة أوسع للقراء.

ويمكنكم في هذه الأثناء طرح الاسئلة او متابعة ما سيتفضل به الاستاذ علي من المزيد من هذا الطرح القيم.

بارك الله في جهود المخلصين لهذه الامة

شمس الحقيقة
04/02/2004, 11:11 PM
شكرا اخي المشرف على التوضيح

سؤالي هو:
لماذا نحن الإباضية دائمًا في حال (دفاع) عن معتقداتنا و مذهبنا في ظل ظروف اعلامية غير مستغلة من قبل الباحثين والكتاب والعلماء الاباضية للتعريف بانتاجهم الفكري والتاريخ والفقهي والعقدي ، علما أننا نجد أن بعض المذاهب تتهجم علينا ليل نهار وبمختلف الوسائل المتاحة ؟ وهل هناك مرجعية اباضية ترعى مصالح الاباضية فإن كانت موجودة : ما أسباب هذا الضعف الشديد الذي يمر به اتباع المذهب ؟

محب العدل
05/02/2004, 12:58 AM
الأخ الفاضل حفظه الله ورعاه

لي إن شاء الله أسئلة كثيرة سيكون لها شقين

شق بإذن الله سيكون على العام

و الشق الآخر سيكون في صورة رسائل أسأل الله أن يكون فيها الفائدة.

أرجو أن تعذرني على المداخلة فأنا في منتهى السعادة.

جزاك الله خيراً

و إلى الأمام أيها الإباضية.

skareeb
05/02/2004, 11:47 AM
Originally posted by محب العدل
الأخ الفاضل حفظه الله ورعاه

لي إن شاء الله أسئلة كثيرة سيكون لها شقين

شق بإذن الله سيكون على العام

و الشق الآخر سيكون في صورة رسائل أسأل الله أن يكون فيها الفائدة.

أرجو أن تعذرني على المداخلة فأنا في منتهى السعادة.

جزاك الله خيراً

و إلى الأمام أيها الإباضية.

ما ما أعظم توقيعك وأروعه يا محب العدل :rolleyes: :rolleyes:

خادم المهدي
05/02/2004, 01:28 PM
سماحة الشيخ علي بن محمد الحجري

سؤالي لسماحتكم هو هل بحثتم في قضية ( عبدالله بن سبأ ) ؟ نريد جوانب الصحة في القضية وجوانب الضعف فيها.
وما هي فضائل أهل البيت (ع) الثابته عند الاباضية ؟

ولكم خالص الإحترام والتقدير

Rame
05/02/2004, 02:27 PM
الاستاذ الفاضل الحجري:
هناك حقيقة أولية بسيطة تقول ان البشر غير معصومين. ولكن هذا كلام نظري فالواقع يقول ان هناك بشرا معصومين فوق الخطأ ودون النقد ، فما رأيك في هذه النقطة ؟ وهل واجهت صعوبة في نقدك لاحد هذه الشخصيات او النصوص في كتاباتك المختلفة ؟

هذه نقطة والنقطة الاخرى:
هل توافقني الرأي ان خروج الميزان القسط جاء إثر اهمال النقد الداخلي الجاد عند المسلمين عامة وعند المحدثين خاصة بحيث ظهرت لدينا قضايا "مقدسة" لا يستطيع المرء الاقتراب منها ؟ ومن اقترب منها احترقت يداه بسبب نيران البعض ؟

واسطر اعجابي بما طرحت

محب العدل
05/02/2004, 07:53 PM
أخونا المحبوب و حبيبنا الأخ الحجري حفظه الله ورعاه

إعلم أن منهاجنا و لله الحمد في تقدم مستمر بصورة مذهلة

و لولا أننا لسنا قوم دعاية لكتبت تفاصيل إنتشار المبادئ الإباضية في محيط تواجدي،

أتمنى عليك لو أخذت هذه الأفكار في الحسبان،

* - على العكس مما يتوقع الإباضية أن تكون مسألة التنزيه و الرؤية

هي السمة الغالبة على موانع إنتهاج منهجنا القويم،

فإني أقول و بكل ثقة أن هذه المسألة قد تكون على قدر من الأهمية

لكن بكل تأكيد ليست أهم نقطة،

أي مسلم عادي من السنة يتساءل ،

عندما اختلف الصحابة في شئ فإن الحق مؤكد كان مع طرف دون طرف

و كون الحق في طرف ما،

لا يعني أبداً أن يكون الطرف صاحب الحق قد أحسن التصرف بحقه!

بل قد يكون الحق مع شخص ثم يتصرف بطيش فيضيع حقه،

و قد لاقانا دائماً من يضع ستاراً اسوداً وراء حقبة ما بعد صفين

خوفاً من أن ينظر هو بنفسه إلى ما قبلها و ما حدث للأمة

و قد أعز الله الإباضية بالضوء الفكري الذي يسمح لهم بالنقد

بدون الإنتقاص من أحد أو التطاول على أحد كما يفعل المجانين

و بدون الغلو في البشر كما يفعل البعض،

ثم بعد ذلك المدخل الثاني يكون من مدخل علم الحديث

فمن أله البخاري و مسلم على الله و قال كل ما قالا فهو صحيح

هذا أيضاً يجد نفسه محرجاً عندما تتعارض الروايات مع بعضها

و يحرج أكثر عندما تتعارض الروايات مع العقل،

علينا أن نثقف الأمة حتى تستطيع أن تحكم بنفسها على العقائد الحشوية

و في نفس الوقت ندافع عن عقيدتنا بنسف الشبهات الرافضية

و التي ترمينا بالخوارج و المشركة و المستعرضة .. إلخ.

إن شاء الله أنتظر فرصتي للقراءة في البحث أكثر

ثم انتظر الأسئلة العدلية بإذن الله و التي أتمنى من الله أن تكون ذات فائدة.

فالح الحربي
06/02/2004, 06:50 PM
سؤالي ليس ببعيد عن سؤال الاخ الطالع السعيد:
أستاذي الفاضل:
كونك كمؤرخ إسلامي وباحث في قضايا التاريخ: ما هي أسباب عدم استفادة المسلمين من عبر التأريخ والتي نراها كثيرا تتكرر ويسقط المسلمون المرة تلو الاخرى في نفس الخطأ وهذا ملاحظ بكثرة أيضا في الكتابات التاريخية ؟ فما هو تعليقكم ؟
سؤال آخر:
كتابك السابق: الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات يصعب الحصول عليه في المكتبات المحلية وهذا يجعلني اسأل هل قامت دار النشر بنشره خارج السلطنة ؟ وما هي الدار التي ستتعامل معها هذه المرة هل هي نفس الدار السابقة ؟ وهل سنرى انتشارا أوسع للكتاب العماني خارج حدود السلطنة ؟

علي بن محمد الحجري
07/02/2004, 01:45 PM
اشكرك جميع الاخوة على المتابعة والتعقيب وإن شاء الله سأبدأ بتناول الاسئلة بعد الانتهاء من عرض مقتطفات من القسم الأول من الكتاب

علي بن محمد الحجري
07/02/2004, 01:48 PM
القسم الأول:

المنهج بين الدعوة والتطبيق


حدد علماء الأمة الإسلامية أنواع الحديث الضعيف وبينوا مدى صلاحيته في ترسيخ العقيدة، ومسائل الفقه، والوعظ والإرشاد.

والذي اتفق عليه علماء الأمة الإسلامية قاطبة أن الحديث الضعيف مهما تكرر على ألسنة الناس ومهما تناقله الكُتاب لا يجوز الاحتجاج به في مجال العقيدة.

فالحديث المرسل، والمنقطع، والمدلس، والمضطرب، وكذلك المروي من طرق المختلطين من الرواة، هو حديث ضعيف لا وزن له في معايير الإسلام.

والناظر في أحاديث المثبتين للرؤية الكثيرة المبثوثة في كتب الحديث والتفسير والعقيدة يجدها أمثلة تضرب للتعريف بالحديث الضعيف وأنواعه. وهذا البحث سيتناول بإذن الله تعالى إظهار ضعف روايات المثبتين للرؤية، ويبين عدم تطبيق معتقدي رؤية الله سبحانه وتعالى للمنهج الذي نادوا بتطبيقه واتباعه في قضية رؤية العباد لله سبحانه وتعالى وغيرها من مسائل العقيدة الإسلامية.

فالمنهج الذي من حقه أن يطبق قد بينته مؤلفات علوم الحديث وذكرته بعض كتب التفسير وشروح الأحاديث، وأشارت إليه كتب العقيدة، ولكن لم يستوف حقه من التطبيق من قِبَل معتقدي رؤية الله سبحانه وتعالى. وليس بصعب على أي أحد إدراك هذا التناقض البين بين المنهج والتطبيق عند من يقول برؤية الله سبحانه وتعالى.

فالدعوة إلى تطبيق منهج علوم الحديث المتمثل في اتباع ما صح من الروايات وما ثبت من الأدلة قد ذكره العلماء القائلون برؤية الله سبحانه وتعالى في مصنفاتهم ولكنهم – يا للحسرة ويا للأسف – لم يطبقوا ما دعوا إليه. وقبل أن ننتقل إلى عرض روايات رؤية الله سبحانه وتعالى على ميزان الجرح والتعديل ننقل في هذا القسم – وباختصار – أقوالهم الداعية إلى تطبيق المنهج الإسلامي عند دراسة أي قضية من قضايا العقيدة.

يتبع بإذن الله تعالى

علي بن محمد الحجري
08/02/2004, 06:19 PM
سأعرض بعون الله مقتطفات من كتب التفسير وكتب العقيدة وبعض كتب شروح الحديث لبعض العلماء ومن أراد التوسع فليراجع الكتاب الذي سيصدر في الأيام المقبلة إن شاء الله تعالى:

كتب التفسير :

سأكتفي بالحديث عن المنهج والتطبيق عند الإمام ابن كثير:

بين الإمام ابن كثير فضل هذه الأمة وجهودها في بيان الصحيح من الروايات، حين قال:" ... وقد روي في هذا (1) آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها ... وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وضع فيها أشياء كثيرة وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث، وحرروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه، وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال، كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه " (2).

إن كلام ابن كثير هنا هو الواقع المسطر في كتب الرجال وعلوم الحديث، ولكن ابن كثير نفسه لم يطبق هذه الشهادة على روايات رؤية الله سبحانه وتعالى التي جاءت من قبل الوضاعين والكذابين والمجهولين والضعفاء والمتروكين – كما سيظهر إن شاء الله تعالى -، بل وصف تلك الروايات الضعيفة بقوله:
" أما السنة، فقد تواترت الأخبار عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وأنس، وجريج (3) ، وصهيب، وبلال، وغير واحد من الصحابة ... " (4).

وبقوله: "وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله عز وجل في الدار الآخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها "(5) .

وبقوله:" وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة لما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام وهداة الأنام " (6).

ولو طبق ابن كثير المنهج الذي ذكره لما قال هذه الأقوال في حق روايات لم تثبت أبداً.

ويستمر ابن كثير في إظهار منهج الأمة في نقد الروايات وإن وردت في كتب الصحاح وعند كبار العلماء، حيث قال:

" وجاء في حديث شريك بن أبي نمر عن أنس في حديث الإسراء: ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى، ولهذا تكلم كثير من الناس في متن هذه الرواية وذكروا أشياء فيها من الغرابة " (7) .

وقال أيضاً: " قلت: الظاهر أن الإمام مالكاً إنما أسقط ذكر نعيم بن ربيعة عمداً لما جهل حال نعيم، ولم يعرفه فإنه غير معروف إلا من هذا الحديث، ولذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم ولهذا يرسل كثيراً من المرفوعات ويقطع كثيراً من الموصولات " (8) .

وقال أيضاً: " فقد رواه (9) مسلم والنسائي في كتابيهما من حديث ابن جريج به، وهو من غرائب الصحيح، وقد علله البخاري في التاريخ فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار " (10).

وقال:" وقد روى ابن جرير في هذا المكان (11) حديثاً أسنده عن حذيفة مرفوعاً مطولاً، وهو حديث موضوع لا محالة، لا يستريب في ذلك من عنده أدنى معرفة بالحديث، والعجب كل العجب كيف راج عليه مع جلالة قدره وإمامته ..." (12).

وقال ابن كثير ناقلاً وناقداً: " وحكى ابن جرير عن بعضهم قال: إن المراد بذلك جيش يخسف بهم بين مكة والمدينة في أيام بني العباس رضي الله عنهم. ثم أورد في ذلك حديثاً موضوعاً بالكلية، ثم لم ينبه على ذلك، وهذا أمر عجيب غريب منه" (13) .

وقال: " وقد روى ابن أبي حاتم ههنا حديثاً غريباً جداً (14) ، وفي صحته نظر، ولكن نحن نذكره كما ذكره " (15) .

وقال في موضع آخر: " وهذا قول غريب وفيه تعسف بعيد، وإن كان قد رواه ابن أبي حاتم في كتابه " (16).

وقال: " وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق وحكي ذلك عن طائفة من السلف حتى نقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضاً وليس ذلك في كتاب ولا سنة وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مسلماً من غير حجة " (17) .

اكتفي بهذا القدر ومن أراد المزيد عن الامام ابن كثير فليرجع الى الكتاب

__________
الهوامش:
(1) يشير الإمام ابن كثير هنا إلى الآثار التي تحدثت عن جنس إبليس، ومما قاله: " ... وعن سعيد بن جبير أنه قال: كان من الجنانين الذين يعملون في الجنة ".(تفسير ابن كثير، ج4/ص397)

(2) المرجع السابق، ج4/ص397-398

(3) هكذا في نسخة دار الأندلس، ونسخة دار الفكر ( ج2/ص161) ، ونسخة مكتبة زهران (ج2/ص162). ولعله تصحيف من جرير، وهو ابن عبد الله البجلي.

(4) تفسير ابن كثير، ج3/ص73-74
(5) المرجع السابق، ج7/ص170-171
(6) المرجع السابق، ج7/ص171
(7) المرجع السابق، ج6/ص446
(8) المرجع السابق، ج3/ص247

(9) الرواية التي علق عليها الإمام ابن كثير هنا هي:
" خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة فيما بين العصر إلى الليل ".

(10) المرجع السابق، ج6/ص 165-166

(11) ذكر ابن كثير هذا القول عند تفسير قوله تعالى: (فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً).

(12) المرجع السابق، ج4/ص282
(13) المرجع السابق، ج5/ص563-564
(14) يشير ابن كثير إلى رواية جاءت ضمن تفسير قوله تعالى: (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
(15) المرجع السابق، ج6/ص 106
(16) المرجع السابق، ج6/ص148
(17) المرجع السابق، ج6/ص24

يتبع بإذن الله تعالى

البدر المنير
09/02/2004, 10:34 AM
احسنت شيخنا ونتابع ما تطرحون

وسأعرض ما عندي من أسئلة عند نهاية حديثك القيم هذا

كوكب المعرفة
09/02/2004, 06:56 PM
استاذي الفاضل : بارك الله فيك وزادك بسطة في العلم والجسم .

استاذي :
لقد أنزلت المواضيع من هذا الكتاب في كوكب المعرفة ،، واسمح لي على تطفلي هذا ولكن حبا ولنيل السبق في نشر الخير ويمكنك متابعة ما تم نشره عن طريق هـــــذا الرابط (http://www.ibadhiyah.net/maktabah/showthread.php?s=&threadid=125&perpage=1&pagenumber=1)

ولكن سؤالي هل أنت تنزل كتابك هنا كاملا أم عبارة عن مقتطفات من من كل قسم من أقسام الكتاب ؟

وبارك الله فيكم ،، واستقبل اقتراحاتكم برحابة صدر

طائر السنونو
09/02/2004, 10:24 PM
الاستاذ الفاضل علي الحجري
اتابع مقالاتك وما كتبته واتمنى من الله ان يوقفك بتنظيف ماعلق بتراثنا من زيف ووضع

سؤالي

هل يكون هناك نيه لديك بالتفرغ وتنقيت مسائل العقيدة المختلفة من الاحاديث الضعيفة والتي متنها يعارض القران ؟. وما هو مشروعك القادم ؟

هل صحيح انك وصلت من خلال بحثك الى أن جميع روايات رؤية الله سبحانه وتعالى لا تثبت سندا ولا متنا ؟!!!

وهل سبقك احد الى هذه النتيجة ؟

:rolleyes:

علي بن محمد الحجري
10/02/2004, 03:51 PM
Originally posted by كوكب المعرفة
استاذي الفاضل : بارك الله فيك وزادك بسطة في العلم والجسم .

استاذي :
لقد أنزلت المواضيع من هذا الكتاب في كوكب المعرفة ،، واسمح لي على تطفلي هذا ولكن حبا ولنيل السبق في نشر الخير ويمكنك متابعة ما تم نشره عن طريق هـــــذا الرابط (http://www.ibadhiyah.net/maktabah/showthread.php?s=&threadid=125&perpage=1&pagenumber=1)

ولكن سؤالي هل أنت تنزل كتابك هنا كاملا أم عبارة عن مقتطفات من من كل قسم من أقسام الكتاب ؟

وبارك الله فيكم ،، واستقبل اقتراحاتكم برحابة صدر


الاخوة الكرام في كوكب المعرفة:
ما يتم عرضه في هذا الرابط مقتطفات من الكتاب الذي سترونه بعون الله في المعرض القادم

علي بن محمد الحجري
10/02/2004, 05:01 PM
كتب شروح الحديث:

لقد أسهمت كتب شروح الحديث عند معتقدي رؤية الله سبحانه وتعالى في الترويج لفكرة رؤية العباد لله تعالى من غير ركون إلى الشروط المعتبرة عندهم في إثبات العقيدة الإسلامية.

قال الإمام القرطبي – كما نقله عنه ابن حجر - عند حديثه عن أدلة رؤية الله سبحانه وتعالى:
"... وليست المسألة من العمليات فيكتفي فيها بالأدلة الظنية، وإنما هي من المعتقدات فلا يكتفي فيها إلا بالدليل القطعي " (1) ، وقد بين الإمام النووي في شرحه لصحيح الإمام مسلم أن تواتر الروايات شرط للاحتجاج بها في مجال العقيدة (2). ونحن إذا عرضنا جميع روايات رؤية الله سبحانه وتعالى التي احتج بها شراح الحديث، ومنهم الإمام النووي، على هذه الشروط فإننا نجد المفارقات بين المنهج والتطبيق؛ إذ لا نجد الأدلة التي يقرها منهجهم، ولا الأخبار التي تؤيد ادعاءاتهم.

__________
الهوامش:

(1) فتح الباري، ج 9/ص 590

(2) قال الإمام النووي في شرحه لصحيح الإمام مسلم:
" وأما خبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر، سواء كان الراوي له واحداً أو أكثر . واختلف في حكمه، فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع، يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم، وأن وجوب العمل به عرفناه بالشرع لا بالعقل ... وذهب بعض المحدثين إلى أن الآحاد التي في صحيح البخاري أو صحيح مسلم تفيد العلم دون غيرها من الآحاد، وقد قدمنا هذا القول وإبطاله في الفصول، وهذه الأقاويل كلها سوى قول الجمهور باطلة ... والعقل لا يحيل العمل بخبر الواحد. وقد جاء الشرع بوجوب العمل به، فوجب المصير إليه. وأما من قال: يوجب العلم، فهو مكابر للحس. وكيف يحصل العلم، واحتمال الغلط والوهم والكذب وغير ذلك متطرق إليه؟ والله أعلم ". (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، م1، ج1/ص89)

يتبع بإذن الله تعالى

علي بن محمد الحجري
10/02/2004, 05:09 PM
من بين كتب شروح الحديث سأتكلم عن المنهج والتطبيق عند الإمام النووي ومن اراد قراءة المزيد فليرجع الى الكتاب:

المنهج والتطبيق عند الإمام النووي

الإمام النووي في شرحه لصحيح الإمام مسلم كرر ادعاءات مثبتي رؤية الله سبحانه وتعالى من غير التفات إلى تضعيف علماء الجرح لرجال أسانيدها، فقد قال: " اعلم، أن مذهب أهل السنة بأجمعهم أن رؤية الله تعالى ممكنة غير مستحيلة عقلاً، وأجمعوا أيضا على وقوعها في الآخرة، وأن المؤمنين يرون الله تعالى دون الكافرين ... وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة فمن بعدهم من سلف الأمة على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين، ورواها نحو من عشرين صحابيا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " (1).

فالإجماع حول قضية ثبوت رؤية الله سبحانه وتعالى قد نفاه ابن عبد البر بقوله: " إنا لم ندع الإجماع في هذه المسألة، ولو كانت إجماعاً ما احتجنا فيها إلى قول" (2). وأما ادعاء تظاهر أدلة رؤية الله سبحانه وتعالى فقد أسقطته قواعد علماء الجرح والتعديل كما سيتبين في هذا البحث إن شاء الله تعالى.

وانسياب هذه الادعاءات على لسان الإمام النووي لم تقف عند عصره بل كررتها ألسنة من أتى بعده من الشراح، فادعاء كون عشرين صحابياً قد رووا أدلة رؤية الله سبحانه وتعالى قد قاله ابن القيم ، وبدر الدين العيني (3) ، وعلي القاري (4).

والانسياق خلف أقوال السابقين جعل الإمام النووي ينقل الضعيف من الأقوال في سياق إثباته للرؤية، حيث قال: "... وأما صاحب التحرير فانه اختار إثبات الرؤية، قال: والحجج في هذه المسألة، وإن كانت كثيرة، ولكنا لا نتمسك إلا بالأقوى منها، وهو حديث ابن عباس، رضى الله عنهما: (أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم) وعن عكرمة، سئل ابن عباس، رضى الله عنهما: هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قال: نعم. وقد روي بإسناد لا بأس به، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، رضى الله عنه، قال: (رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه)، وكان الحسن يحلف: لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه " (5).

فهذه الأقوال المنسوبة إلى ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والحسن البصري ضعيفة لا يصح منها شيء بشهادة علماء الأمة (6) ، فكيف يسوغ للإمام النووي إيراد هذه الادعاءات من غير تبيان لضعفها أو مبررات صحتها؟
ونقلُ الإمام النووي للرواية المنسوبة إلى أنس بن مالك رضي الله عنه والتي جاءت من طريق عنعنة قتادة لهو الدليل البين على عدم تطبيقه لمنهجه الذي سلكه في شرح صحيح الإمام مسلم. فقد ضعف في مواضع عديدة من شرحه عنعنعة قتادة، حيث قال: " فإن قتادة رضي الله عنه كان من المدلسين ... وقد تقرر أن المدلس إذا قال: عن لا يحتج به، وإذا قال: سمعت احتج به على المذهب الصحيح المختار" (7).

وقال أيضاً: " ... قتادة رحمه الله تعالى مدلس. وقد قال في الرواية الأولى عن، والمدلس لا يحتج بعنعنته إلا أن يثبت سماعه " (8).

وقال أيضاً: " وقد تقدم أن قتادة مدلس وأن المدلس لا يحتج بعنعنته حتى يثبت سماعه ذلك الحديث " (9).

وهذا مثال واحد يشهد بأن معتقدي رؤية الله سبحانه وتعالى قد خالفوا قواعدهم وأسس بحوثهم عند احتجاجهم بما قرءوه من روايات وأخبار ضعيفة في كتب من سبقهم من العلماء.

ولم يقف الإمام النووي عند تمرير الضعيف من الأقوال بل وصل به الحال إلى إضافة أفكار لم يأت بها دليل ولا برهان. فعند شرحه لما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر في جنة عدن)، قال الإمام النووي شارحاً لهذه الكلمات: " فعبر صلى الله عليه وسلم عن زوال المانع ورفعه عن الأبصار بإزالة الرداء " (10).

فمن أين أتى الإمام النووي " بإزالة الرداء "، والحديث صريح بأن رداء الكبرياء هو المانع من رؤية العباد لله سبحانه وتعالى؟!

__________
الهوامش:
(1) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، م2، ج 3 /ص 18

(2) التمهيد، ج3/ص291

(3) قال ابن القيم : " وقد روى أحاديث الرؤية عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه منهم جرير بن عبد الله وأبو رزين العقيلي، وأبو هريرة وأبو سعيد، وصهيب وجابر، وأبو موسى، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، وعدي بن حاتم، وعمار بن ياسر، وعمرو بن ثابت الأنصاري، وابن عمر رضي الله عنهم ". ( حاشية ابن القيم على سنن أبي داود، ج13/ص53-54 )
وقال أيضاً: " فهذا النظر إلى الله والأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم ترون ربكم) صحيحة، وأسانيدها غير مدفوعة، والقرآن شاهد أن الله يرى في الآخرة ". (المرجع السابق، ج13/ص 55)

(3) قال بدر الدين العيني: " ذكر ما يستفاد منه: وهو على وجوه. الأول: استدل بهذه الأحاديث وبالقرآن وإجماع الصحابة ومن بعدهم على إثبات رؤية الله في الآخرة للمؤمنين، وقد روى أحاديث الرؤية أكثر من عشرين صحابيا ". (عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ج5/ص62)

(4) قال علي القاري: " وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة فمن بعدهم من سلف الأمة، على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين، ورواها نحو من عشرين صحابياً رضي الله تعالى عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج10/ص320 )

(5) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، م2، ج3 /ص 8-9

(6) انظر قول علماء الجرح والتعديل في أسانيد الروايات المنسوبة إلى ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والحسن في ص 5 وما بعدها من هذا البحث.

(7) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، م2، ج 4 /ص 294

(8) المرجع السابق، م2، ج 4 /ص 331
(9) المرجع السابق، م3، ج 6/ص 431
(10) المرجع السابق، م2، ج 3/ص19

يتبع بإذن الله تعالى

موقع الأمل المشرق
12/02/2004, 12:34 AM
جزاكم الله خيرا ورفع قدركم وأجزل لكم الأجر والمثوبة على ما قدمتم

علي بن محمد الحجري
13/02/2004, 11:02 AM
كتب العقيدة:

لقد سلك أصحاب كتب العقيدة نفس المسلك الذي سار فيه المفسرون وشراح الحديث عند عرضهم لأدلتهم في إثبات ما ذهبوا إليه من إثبات رؤية الله سبحانه وتعالى، وظهر النشاز بين المنهج الذي ينادون بتطبيقه في دراسة العقيدة وبين تطبيقاتهم عند دراسة فكرة رؤية العباد لله سبحانه وتعالى.

كتاب الرؤية المنسوب إلى الدارقطني في الميزان:

من أشهر الكتب عند مثبتي رؤية الله سبحانه وتعالى الكتاب المسمى بـ(كتاب الرؤية) المنسوب للإمام الدارقطني. جاء في بطن هذا الكتاب حسب ترتيب المحققين مائتان وسبع وثمانون رواية وكلها لا حجة فيها لضعف أسانيدها.

فجميع روايات (كتاب الرؤية) تشترك في سبب واحد للحكم على ضعفها. فقد ذكر المحققان سند النسخة التي حققاها بقولهما: " وهذه النسخة جاءت من رواية جماعة عن الحافظ أبي العلاء العطار بقراءته على الشيخ أبي العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش (العكبراوي) بروايته عن أبي طالب محمد بن علي بن الفتح عن أبي الحسن الدارقطني " (1).

فأبو العز بن كادش وضاع للروايات وقد اعترف هو بنفسه بصنيعه وفعله، جاء في لسان الميزان لابن حجر: " ... من شيوخ ابن عساكر أقر بوضع حديث وتاب وأناب ... وكان مخلطا كذابا لا يحتج بمثله وللأئمة فيه مقال. وقال أبو سعيد بن السمعاني: كان ابن ناصر سيء القول فيه. وقال ابن الأنماطي: كان مخلطا. وقال ابن عساكر: قال لي أبو العز بن كادش، وسمع رجلاً قد وضع في حق علي حديثا: ووضعت أنا في حق أبي بكر حديثا، بالله أليس فعلت جيداً ؟" (2).

إن ميزان الحق ومنهج الأمة الإسلامية يأمر المسلمين بنبذ كل ما رواه ونقله الوضاعون والكذابون، وبهذا يجب علينا رد جميع ما سُطر في (كتاب الرؤية) من روايات وذلك بسبب ورودها من قِبَل ابن كادش الوضاع الكذاب.

والناظر في أسانيد ومتون الروايات الواردة في بطن (كتاب الرؤية) يجدها ضعيفة لا تقوم بها حجة ولا يقوم عليها برهان. فبجانب وجود ابن كادش الوضاع في سند جميع الروايات فإن هناك الضعفاء والمجروحين الذين لا يكاد يخلو منهم سند واحد من أسانيد روايات هذا الكتاب.

فمع وضوح العلل في جميع روايات (كتاب الرؤية) إلا أننا نجد المحققين يبرزانه للأمة الإسلامية ويقدمانه لأجيال المسلمين وهما على علم ويقين بمنزلة ابن كادش الوضاع عند علماء الجرح والتعديل.

قال المحققان: " فهذا كتاب الرؤية للحافظ الدارقطني نقدمه بين يديك أخي القارئ، وهو من الكتب التراثية التي كثر اعتناء الأئمة بها، بل إنه احتل مكانة بارزة بينها بما حواه من منهج متميز، صاغته قريحة عالم متميز، فالمصنفات التي تناولت هذا المبحث لا تعدو كونها أجزاء جاءت على هيئة رسائل، أما كتابنا هذا، فقد جمع فأوعى، وأجاد صاحبه فيه، حتى كاد أن يبلغ الغاية " (3).

وهذه العبارات التي قالها المحققان لا وزن لها في ميزان الحق، ولا قيمة لها عند أهل العلم المتمسكين بمنهج الأمة العادل، وذلك للأسباب الآتية:

1- (كتاب الرؤية) لم يثبت عن الدارقطني (4) وذلك بسبب أبي العز ابن كادش الوضاع.

2- اعترف المحققان بضعف وبطلان مائة وتسع وخمسين رواية (5) من روايات (كتاب الرؤية).

3- وصف المحققان كثيرا من الروايات بالصحة ولم يعتبرا أسس التضعيف والتصحيح عند دراسة روايات المخلطين والمدلسين؛ فقد صححا روايات جاءت من طريق قيس بن أبي حازم (6) الذي اختلط في آخر عمره، وروايات من طريق حماد بن سلمة (7) الضعيف في الحفظ، وروايات من طريق عنعنة أبي إسحاق السبيعي المدلس (8) ، وروايات من طريق عنعنة قتادة المدلس (9) ، وروايات من طريق عنعنة الأعمش المدلس (10) ، ورواية من طريق معمر بن راشد عن العراقيين (11) ، ورواية من طريق الحكم بن أبان (12) الضعيف في الرواية، ورواية من طريق مجالد بن سعيد بن عمير الضعيف (13) ، ورواية من طريق الوليد بن مسلم الدمشقي المدلس تدليس التسوية وقد عنعن بين شيخه وشيخ شيخه (14) .

4- في (كتاب الرؤية) روايات (15) فيهن ذكر مشاهد يوم القيامة قبل دخول الجنة، وفيهن التصريح بمجيء الله سبحانه وتعالى في صورة – والعياذ بالله - للخلق يوم القيامة. وتلك الروايات اضطربت أفهام المثبتين للرؤية في شرحها وبيان معانيها، وقد بينا أقوالهم في صفحة 5 وما بعدها من هذا البحث.

وقد كان على المحققين التزام الأمانة العلمية عند تقديمهما لـ(كتاب الرؤية) لأجيال المسلمين، فليس لأخبار ابن كادش الوضاع أي وزن ولا يصح لأي مسلم وصف رواياته بالصحة مهما كثرت.

__________
الهوامش:
(1) كتاب الرؤية، ص 85
(2) لسان الميزان، ت: 678، ج 1 /ص 234-235
(3) كتاب الرؤية، ص 5
(4) كتب الأستاذ حسن بن علي السقاف رسالة حول نسبة (كتاب الرؤية) للدارقطني ونشرها بعنوان (البيان الكافي بغلط نسبة كتاب الرؤية للدارقطني بالدليل الوافي)، وألحقها بتحقيقه لكتاب (دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه) . (انظر دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه، ص 298 وما بعدها)

(5) الروايات التي وصفها المحققان بالضعف هي:
3، 8، 9، 10، 12، 13، 14، 15، 21، 27، 29، 30، 31، 35، 36، 38، 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 48، 50، 51، 52، 53، 55، 56، 57، 58، 59، 60، 61، 62، 63، 64، 65، 66، 67، 68، 75، 77، 78، 82، 85، 87، 88، 89، 96، 98، 99، 100، 101، 102، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 112، 113، 114، 115، 118، 120، 121، 122، 123، 124، 125، 127، 133، 134، 135، 136، 137، 138، 139، 140، 142، 144، 145، 146، 147، 148، 149، 150، 152، 160، 161، 165، 166، 167، 168، 169، 170، 171، 172، 173، 174، 175، 176، 177، 183، 184، 185، 186، 187، 188، 189، 190، 191، 194، 199، 200، 205، 209، 216، 217، 218، 219، 220، 221، 222، 223، 227، 228، 229، 232، 240، 241، 242، 243، 244، 247، 248، 249، 250، 251، 252، 253، 254، 255، 256، 257، 267، 271، 280، 281، 285، 286، 287، 230، 231 .

(6) كتاب الرؤية، الروايات: 69، 70، 71، 72، 73، 74، 76، 79، 80، 81، 83، 84، 86، 90، 91، 92، 93، 94، 95، 111، 116، 117، 119، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 141، 143

(7) المرجع السابق، الروايات: 153، 154، 155، 156، 246

(8) المرجع السابق، الروايات: 192، 193، 195، 196، 197، 198، 201، 202، 203، 204، 206، 214، 215

(9) المرجع السابق، الروايات:260، 261، 264، 265، 266، 282

(10) المرجع السابق، الروايات: 178، 179، 180، 181، 272، 273، 274، 277، 182
انظر رواية الأعمش في ص 5 وما بعدها من هذا البحث.

(11) المرجع السابق، الرواية: 245
رواية معمر بن راشد عن العراقيين ضعيفة كما حكم عليها ابن معين. انظر الهامش 145 في ص 5 من هذا البحث.

(12) كتاب الرؤية، الرواية: 270
لقد ضعف علماء الجرح روايات الحكم، انظر ص 5 من هذا البحث.
(13) كتاب الرؤية، الرواية: 226
مجالد بن سعيد بن عمير " ليس بالقوي وقد تغير في آخر عمره ". (تقريب التهذيب،ت: 6498، ج2/ص159)
(14) كتاب الرؤية، الرواية: 236

(15) المرجع السابق، الروايات: 1، 2، 4، 5، 6، 7، 11، 16، 17، 18، 19، 20، 22، 23، 24، 25، 26، 28، 32، 33، 34، 37، 50، 54، 162، 163، 164


يتبع بإذن الله تعالى

وسقط القناع
13/02/2004, 06:43 PM
بارك الله فيك أستاذنا الكريم

س1 لماذا أبتعدت أغلب الأمة الإسلامية عن هذا المنهج السليم الذي وضعه علماء الأمة لقبول الحديث وما هي الأسباب التي جعلتها تقبل أحاديث رويت من كذابين ووضاعين أو مختلطين رغم وضوح القواعد المؤسسه لهذا العلم .

ابن عاصم
13/02/2004, 08:28 PM
الاستاذ الفاضل :على الحجرى
فى البداية اتشرف بى الدخول الهذا الموضوع ومتابعة ما تكتب من كلام رائع جدا
لكن لدى استفسار واحد عن الرواية خصوص انك فى ردودك حولت ان تعطى المتلقى هنا بان احاديث الرواية غير صحيحة وانا احب ان اسمع رايك فى ما نقول نحن اهل السنة والجماعة ومن القران والسنة واتمنى ان يتسع صدرك

دليل الرواية من القران(((( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ).




ودليل الرواية من السنة كما ذكرة البخارى وهو حديث صحيح((((قال صلى الله عليه وسلم : ( أنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون كما ترون الشمس أو القمر ليلة البدر لا تضارون في رؤيته ))).

علي بن محمد الحجري
14/02/2004, 03:35 PM
سأتكلم عن كتاب آخر من كتب العقيدة ومن أراد المزيد فليرجع الى الكتاب:

(مجموعة الرسائل والمسائل النجدية) بين المنهج والتطبيق:

إن الذي يثلج الصدر ويبعث في النفس أمل الوحدة والاجتماع بين طوائف أمة الإسلام هو المنهج الذي يتبناه الجميع ويدعو إليه علماء الأمة الإسلامية.

وكتاب (مجموعة الرسائل والمسائل النجدية لبعض من علماء نجد الأعلام) يحوى الدعوة إلى تطبيق منهج الأمة في كل القضايا التي تهم حياة المسلم. فقد قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: " وإذا تنازع الناس في مسألة من المسائل الأصولية والفروعية فالصواب والحق مع من كان الدليل معه كائناً من كان " (1) .

وقال أيضاً: " ومجرد رواية بعض أهل الكتب لا توجب صحته، لأن كثيراً من أهل الكتب يروون في كتبهم الصحيح والحسن والضعيف والموضوع. وذلك لأنهم يميزون بين الحديث الذي تقوم به الحجة مما لا تقوم به الحجة. ولهذا كانوا يخرجون في كتبهم جميع الأحاديث الصحيحة والضعيفة والحسنة والموضوعة، وأهل الخبرة بالحديث وعلله ورجاله يميزون الحديث الصحيح من غيره " (2).

فهذا القول الذي قاله الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب يبين المعالم التي تحدد الخطوط التي ينبغي للمسلم السير عليها عند البحث في كتب الأوائل وخاصة كتب الحديث. فكل ما قُطِع بثبوته وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم يجب اتباعه وتطبيقه في تصورات المسلم الفكرية وحياته العملية. وأما الضعيف من الأقوال فيجب ردها ولو وجدت في كتب الأعلام من أئمة الحديث.

وزاد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن قول الشيخ عبد الله بن محمد إيضاحاً بقوله: " وكل هذا البيان أخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برواية الثقات العدول عن مثلهم إلى أن تنتهي السنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن أهمل هذا وأضاعه فقد سد على نفسه باب العلم والإيمان ومعرفة معاني التنزيل والقرآن " (3).

وقال الشيخ عبد اللطيف أيضاً: " وليس لأحد بلغته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح عنده الحديث أن يعدل إلى غيره لرأي أحد من الناس كائناً من كان " (4).

وقال أيضاًَ: " ولا يقبل في نقل الأقوال والأحكام إلا العدول الثقات الضابطون من الأنام ومن استصحب هذا استراح عن البحث فيما ينقل إليه ويسمع، ولم يلتفت إلى أكثر ما يختلف فيه ويصنع، وكان من أمره على منهاج واضح ومشرع " (5) .

فروايات الثقات العدول هي مطلب طلاب الحق وهي ضالة كل مؤمن يسعى نحو معرفة أصول الدين وقواعد الشرع بأدلتها الثابتة. ومن الإضاعة للعلم الركون إلى الدعاوى الباطلة واتباع أقوال الرجال من غير بينة ولا برهان. فالتقليد الأعمى منبوذ عند الجميع، وأما " قول من يقول: استعملها من هو أعلم منا بكلام العرب، فبئس الحجة الواهية، والله لم يأمرنا باتباع من رأيناه أعلم منا، وإنما أوجب علينا عند التنازع الرد إلى كتابه وسنة نبيه، قال تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) خاصة في أصول الدين، فإنه لا يجوز التقليد فيها بإجماع العلماء، ولأن أدلته ولله الحمد ظاهرة، ولم يقل سبحانه فإن تنازعتم في شيء فاتبعوا ما عليه أكثر الناس ولا ما عليه بلد من البلدان" (6).

ويلخص الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن المنهج الذي يجب اتباعه بقوله: " والمتعين على الإنسان معرفة الحق بدليله، فإذا عرف الحق بالأدلة الشرعية عرض أعمال الناس عليه، فما وافق الحق عرفه وقبله، وما خالفه رده، ولا يغتر بكثرة المخالف " (7).

فالمنهج الذي يدعو إلى تتبع الثابت من الأدلة وتطبيقها في ميادين العلم يدعو أيضاً إلى التجرد من التقليد الأعمى لأقوال الرجال، وقد بين الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر الحنبلي قول علماء الإسلام حول التقليد بقوله:
"وهؤلاء الأئمة الأربعة قد نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولون. فقال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه، ومن جاءنا بأحسن منه قبلناه منه. وقال معن بن عيسى: سمعت مالكاً يقول: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في قولي، فكل ما خالف الكتاب والسنة فاتركوه. وقال ابن القاسم كان مالك يكثر أن يقول: (إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)، وقال الشافعي: إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط، وإذا رأيت الحجة على الطريق فهي قولي. والإمام أحمد كان يقول: لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكاً ولا الشافعي ولا الثوري، وتعلموا كما تعلمنا. وكان يقول: من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال. وقال: لا تقلد دينك الرجال فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا. وقال ابن عبد البر: أجمع الناس على أن المقلد ليس معدوداً من أهل العلم، وأن العلم معرفة الحق بدليله" (8).

فالتحلي بالمنهج الذي صرح به الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وغيره، والتخلي عن التقليد الأعمى الذي بينه الشيخ حمد بن ناصر هما ركنان من أركان البحث العلمي الذي يدعو إليه ديننا الحنيف.

هل طُبق المنهج على روايات رؤية الله سبحانه وتعالى؟

_____________

(1) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، ج4/ص 97 – 98
(2) المرجع السابق، ج4/ص 189-190
(3) المرجع السابق، ج3 /ص12-13
(4) المرجع السابق، ج3/ص 217
(5) المرجع السابق، ج3/ص379
(6) المرجع السابق، ج5/ص 529
(7) المرجع السابق، ج5/ص 479
(8) المرجع السابق، ج2/ فتاوى الشيخ حمد بن ناصر، ص3

يتبع بإذن الله تعالى

علي بن محمد الحجري
15/02/2004, 10:00 AM
هل طُبق المنهج على روايات رؤية الله سبحانه وتعالى؟


إن الدعوة إلى البحث عن الأدلة الصحيحة، والدعوة إلى اتباع الصحيح الثابت من الأدلة لم تقتصر على فئة دون فئة، بل هي دعوة الإسلام التي تفتخر بها الحضارة الإسلامية على جميع حضارات الأمم الأخرى. والذي ميز الفئات بعضها عن بعض، والأفراد بعضهم عن بعض، هو التطبيق العملي للمبادئ التي أمر بها الشرع وحث عليها الإسلام.

والسؤال الذي نكرره: هل طُبق المنهج الذي ذكرناه هنا عند دراسة قضية رؤية الله سبحانه وتعالى؟

الجواب: لا، لم يُطبق المنهج الذي دعا إليه من نقلنا أقوالهم هنا. فقد انتشرت في أوساطهم وأوساط تلاميذهم من بعدهم فكرة رؤية العباد لله تعالى من غير تطبيق عملي للمنهج الذي أفصح عنه الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب وغيره.

فجميع البحوث التي تناولت قضية رؤية الله سبحانه وتعالى لم يتحل أصحابها بالمنهج الذي يدعو إليه أئمة الإسلام، ولم يتخل أصحابها عن التقليد الأعمى لمن سبقهم من الرجال. وهذا النشاز بين المنهج والتطبيق واضح جلي لكل من تتبع تلك البحوث (1) في (مجموعة الرسائل والمسائل النجدية).

فقد تحلى أحدهم بالتقليد المذموم وتخلى عن المنهج الإسلامي الداعي إلى التحقيق في الروايات والأخبار، فجاءت نتيجة هذا المسلك دعاوى باطلة زائفة تمجها أسماع العارفين للميزان العادل الذي يقبل الحق بأدلته ويرفض الباطل.

فقد قلد أحدهم ابنَ القيم تقليداً أعمى ونقل عنه ما يأتي:
" وقد اتفق على الرؤية الأنبياء والمرسلون، وجميع الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام على تتابع القرون، وأنكرها أهل البدع والمارقون، والجهمية المهوكون، والفرعونيون المعطلون، والباطنية الذين هم من جميع الأديان منسلخون، والرافضة الذين هم بحبائل الشيطان متمسكون، وعن حبل الله منقطعون، ولكل عدو لله ورسوله ولأمته مسالمون. كل هؤلاء عن ربهم محجوبون، وعن بابه مطرودون، أولئك أحزاب الضلال شيعة اللعين" (2).

وهذه الأقوال حجة من لا حجة معه، ومسلك يلجأ إليه المُقَلَّدون في تنفير المقَلِّدين بوصف كل من خالفهم في هذه القضية بالبدع والمروق وبالتهوك والانسلاخ من الدين!!.

وهذه النزعة التقليدية يرفضها المنهج الذي يقر به النافون والمثبتون للرؤية والذي عبر عنه الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بقوله: " هذا مما يدل على إنصاف أهل السنة والجماعة ونصحهم لله ولرسوله ولدينه، خصوصاً أئمة الحديث وجهابذته. وذلك أنه دين فلا يجوز لهم الأخذ عن كل من روى الحديث حتى يعرفوا حاله هل هو ثقة حافظ ضابط لما يرويه؟ وهل هو من أهل السنة أو من أهل البدعة؟ فإذا عرفوا الرجل بالكذب بينوا حاله، وإذا عرفوه بالبدعة بينوا حاله، فإذا عرفوا أن الرجل ثقة أخذوا عنه، وقبلوا حديثه. ولو كان من أهل البدع، وإذا كان الرجل قليل الضبط أو معروفاً بالكذب أو بالتخليط أو الاضطراب في حديثه تركوا حديثه (3)، وبينوا حاله (4)" .

والحق الذي يجب أن يعترف به الجميع أن المثبتين للرؤية لم يتقيدوا بالمبادئ التي سطرها قلم الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب هنا، ولم يتبعوا أسس ومبادئ علم الحديث عند ذكرهم لروايات رؤية الله سبحانه وتعالى الضعيفة، بل قلدوا من سبقهم بلا حجة ولا برهان.

بعض رجال أسانيد روايات رؤية الله سبحانه وتعالى المزعومة يصدق عليهم قول الشيخ عبد الله بن محمد؛ فمنهم الكذابون والمخلطون والمضطربون، وإن شاء الله تعالى سنذكر أقوال علماء الجرح والتعديل في حق من أورد روايات رؤية الله سبحانه وتعالى المزعومة.

وأسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وألا يجعلنا ممن يقولون ما لا يفعلون. وأدعو المسلمين كافة إلى البحث عن الحق من مصادره ونبذ تقليد الرجال، فلن يبقى للمسلم إلا ما أُسس على الدليل الثابت من القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأخيراً أُذَكِّر بما قاله الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر الحنبلي: " وانتقال الإنسان من قول إلى قول لأجل ما تبين له من الحق هو محمود فيه، بخلاف إصراره على قول لا حجة معه عليه وترك القول الذي ترجحت حجته. وأما الانتقال عن قول إلى قول لمجرد عادة واتباع هوى فهذا مذموم " (5).

__________
الهوامش:

(1) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، ج5/ص 702- 708

(2) المرجع السابق، ج5/ص700 ، أصل هذا الكلام منقول عن ابن القيم (حادي الأرواح، ص 341 )

(3) روايات الرؤية جاءت من طرق رجال تنطبق عليهم أسباب التضعيف التي ذُكرت هنا، كما سيتبين في هذا البحث إن شاء الله تعالى.

(4) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، ج4/ص63

(5) المرجع السابق، ج2/ فتاوى حمد بن ناصر، ص 12

علي بن محمد الحجري
15/02/2004, 10:04 AM
اكتفي بهذا القدر ، ولقد تحدثت في الكتاب عن الكثير من المؤلفات في كتب التفسير وشرح الحديث والعقيدة والتي خالف مؤلفيها المنهج الصحيح عند النظرة الى احاديث رؤية الله سبحانه وتعالى وبقية قضايا العقيدة كالشفاعة وخلود اهل الكبائر في النار ..الخ.

وكذلك لم اتكلم عن القسم الثاني من الكتاب ((روايات رؤية الله سبحانه وتعالى في الميزان)) ، ولقد اقترح احد الاخوة جعل الحوار مفتوحا الى ما بعد صدور الكتاب في المعرض القادم (بعد اقل من اسبوعين).

ومن أراد الاستفسار عن الروايات كما فعل الاخ ابن عاصم فليتفضل وسأجيب بما قاله أهل العلم و ثبت عنهم.

أخوكم / علي بن محمد الحجري

يتبع الاجابات على الاسئلة المطروحة

الاماني
15/02/2004, 02:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اشكرك شيخنا الفاضل على هذا الجهد الذي تبذله لخدمة الاسلام
وعوضك الله بالاجر والاحسان.
على الرغم اني من الاباضية لكنني لا اعرف الكثير عنه ووجدت في مجهودك هذا الحافز لي للقراءة والاطلاع على هذا الموضوع فجزاك الله خيرا وبعد الخير جنات النعيم.:بلابلا:

اسكوبار
15/02/2004, 06:31 PM
اختلف علماء الحديث في السابق والحاضر في جرح الرواة وتعديلهم ، واختلفوا كذلك في عملية تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، وكانت مناهجهم في ذلك متباينة ، فصحيح البخاري ليس كصحيح ابن حبان ، أو صحيح ابن خزيمة ، ومنهج الألباني يختلف عن منهج الغماري أو أحمد شاكر أو غيرهم من علماء الحديث المعاصرين .

سؤالي: ما سبب هذا الخلاف ؟ ومن من علماء الحديث المتقدمين والمتأخرين ترى أنه أقرب إلى المنهجية العلمية ؟

Mohd Albulushi
16/02/2004, 02:29 AM
سوالى : مامعنى قوله تعالى : (( وجوه يؤمئذ ناصرة () الى ربها ناصرة )) القيامة : 22/23 ) 0

ومامعنى : (( كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) المطففين : 15 ) 0
من هم المحجوبون ؟

وما معنى دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( أسالك لذة النظر الى وجهك )) ؟

(( ولصائم فرحتان ، ماهما ؟ وماذا يقصد عند لقاء ربه ؟

وما معنى الحديث : (( الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه ، فانه يراك )) ؟


وشكر ويعافيك الله 0

أبو مجاهد
16/02/2004, 09:52 AM
جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل علي

وندعو الاخوة الى استغلال وجود الاستاذ الحجري بيننا بطرح مزيد من الاسئلة والاستفادة من اهل العلم

راعي الظبي
16/02/2004, 10:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

لا يسعني إلا أن أشكر أستاذنا العزيز علي بن محمد الحجري على كتاباته المفيدة سائلا الله عزوجل أن يوفق كاتبنا إلى الخير إن شاء الله تعالى .

أبو شيخة
18/02/2004, 06:26 PM
اشعر بالافتخار والاعتزاز لوجودك في هذا المكان شيخي الحبيب
الأمة تفتقر إلى أمثالك

علي بن محمد الحجري
19/02/2004, 05:21 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم
أشكر جميع الأخوة الأخوات على ترحيبهم وكلماتهم الطيبة وأعتذر لهم عن التأخر في الإجابة :

إدارة سبلة الدين :
شكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة لكتاب ( الميزان القسط ) الذي من الله به عليّ حتى أعرض ما وجدته من أدلة حول قضية نفي رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة.

الأخ وسقط القناع:
بارك الله فيكم وخدم الله بكم الإسلام وأعانكم على ذكره وشكره.

الأخ عروس:
1- أشكرك على ترحيبك ولك مني جزيل الشكر.
2- بما أنك قد اطلعت على الكتاب الأول ( الإباضية ومنهجية البحث ) فهل ستتفضل عليّ بالتوجيه والإرشاد؟
3- الكتاب لكل مسلم غيور على مناهج الأمة الإسلامية وليس هو موجه لفئة دون فئة. وقد تمت طباعته في السلطنة وتحت إشراف مكتبة الغبيراء.
4- عسى أن يتم طباعة الكتابين خارج السلطنة.
5- لك يا أخي أن تقول ما تريد أن تقوله على من قيد الفكر الإباضي مسجوناً في بطون الكتب وبعيداً عن أرض الواقع، فأهل الشرقية وأهل الداخلية وأهل كل بقعة من وطننا وأرض المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها عليهم تدارك ما مضى والسعي نحو معرفة هذا الفكر المنقذ من وهاد التخريص وأودية الإدعاءات إلى ساحات الجد والإجتهاد والعمل الصادق الدؤوب.


الأخ التيهرتي:
وبارك الله فيكم وكثر من أمثالكم.

الأخ المعافري:
أشكرك على الترحيب، وأقول مرة بعد مرة ما أنا إلا طالب علم.

الأخ الصياد العنيد:
أشكرك ولكن أصر على أنني لست بأهل أن يقال لي مثل ما قلت.

الأخ طائر السنونو:
وجعلكم الله ذخراً لهذه الأمة القوية بمناهجنا القوية.

موقع الأمل المشرق:
شكراً على الترحيب.

الأخت فتاة الإستقامة:
شكراً لك على الدعاء وبارك الله فيك

الأخ الطالع السعيد:
وجزاك الله كل خير

الأخ المنهل الصافي
1- قلت : " بعض الشباب -جزاهم الله خير- يدعون الى عدم قراءة الكتب التي تتحدث في المسائل الخلافية كالرؤية مثل بل ويرون الافضل عدم الكتابة فيها ويسيرون على هذا النهج ......."

الجواب: لقد بينت في مقدمة الكتاب أن الخلاف بين المسلمين في قضايا العقيدة ومنها قضية نفي أو إثبات رؤية الله سبحانه وتعالى منشأه عدم التقيد بالمناهج الإسلامية الداعية إلى الصواب والحق.
وحينما عزمت على عرض القضية كانت رغبتي هي في إبراز المنهج الذي تفتخر به أمة الإسلام على باقي الأمم وتطبيقه في قضية جرت أفراداً من الأمة إلى تكفير بعضهم البعض وقادت أحد المثبتين للرؤية إلى نفي الخير من كتاب الله وسنة رسوله وأملت على أحد المثبتين للرؤية نفي الفائدة من آية من آيات الله تعالى.
وكل ما أردت قوله في الكتاب هو: أن الخلاف بين المسلمين أمر لا أصل له بل هو ظلام كالح الوجه لا بد من أن يزول ولن يزول إلا إذا طبق الجميع منهج الإسلام في الأخذ والعطاء.

2- قلت : " واراك تخالف هذا المنهج و تناقش قضايا خلافية باسلوب راقي ورائع ....... "
ما شاء الله ...
الأسلوب الذي سميته أنت بالراقي والرائع ليس لي فيه أي شيء سوى أنني لقطه من موائد أهل العلم وأتيت به إلى أخوتي في مشارق الأرض ومغاربها وكل كياني يقول لهم : هذا هو السبيل إلى ردم حفر التخلف ودفن الأقوال الباطلة. فإن أصبت في ما أردت فعله فذلك فضل من الله تعالى وإن أخطأت وجانبت الصواب فذلك مني ومن الشيطان وأرجو من الله تعالى أن يمن عليّ بأخوة يأخذوا بيدي إلى المنهج الذي ينسينا ويلات الخلاف.

3 – قلت : " فما الاسباب التي تدفعك شيخنا للمضي قدما في مناقشة قضايا خلافية ضاربا بالراي الاول عرض الحائط ...... "
هو سبب واحد ، الرغبة في تذكير الأمة الإسلامية بما يجب عليها من اتباع علومها في كل قضايا حياتها. فإذا تم هذا الأمر واتجهت النفوس إلى الشرب من معين علوم الأمة الصافية فعندها لن تجد جراثيم الفرقة والشتات الأجسام التي تعتاش عليها، وسيصبح جسم الأمة كيانا واحدا يقيس الأمور بالميزان القسط الذي يحكم بالعدل ويدعو إليه.


4 – قلت : " هل من كلمة وتوضيح للاخوة الذين لا يؤمنون بمناقشة المسائل الخلافية ...... "
مناقشة القضايا الخلافية لا بد لها من علم ودراية ومعرفة الفائدة المرجوة من النقاش.
فإن كان النقاش على قواعد علمية وبأسلوب يقره الشرع وبمنهج يعترف بسلطانه المتحاورون فلا بد أن تأتي النتيجة موافقة لما يدعو إليه الإسلام الحنيف.
والأخوة الذين لا يؤمنون بمناقشة المسائل الخلافية أدعوهم إلى إبراز مناهج الأمة، فالدعوة إلى مناهج الأمة فيه الخير الكثير إن شاء الله تعالى ، ودعوتهم إلى إتباع الحق فيها الدعوة إلى ترك الخلاف.

5 – سألت : " ما هي المشاكل التي واجهتك خلال البحث...... "
الجواب : قلت العلم ، وضعف الهمة ، وكثرة الناقد ، والخوف من الزلل والخطأ هذه هي المشاكل التي تؤرقني ليل نهار.

6 – سألت : " قضية مهمة في ذهنك تتمنى من الشباب الواعي ان بناقشها ويكتب عنها....... "
الجواب : النظرة الفاحصة لتاريخ عقيدة الإسلام عبر القرون الماضية، من حيث:
متى طبقت في واقع الحياة؟
ومن طبقها ؟
وما هي مواصفات من طبقها؟
وهل تاريخ الإسلام تابع لتاريخ المسلمين ، أم أن تاريخ الإسلام سجل لعقيدة الإسلام ؟

( عسى أن يمن الله عليّ ببحث يجيب على هذه الأسئلة وغيرها )


7 – لقد دعوت لي : " جزاك الله خيرا وعوضك اجرا "
وجزاك الله خيراً وعوضك أجراً ورزقك ورزقني الفقه في دينه وعلمك وعلمني ما لم نعلم.

8 – قلت : "وقد استمتعت شيخنا كثيرا بقراءة كتاب ( الإباضية ومنهجية البحث ) واعجبت كثيرا باسلوب العرض في ذلك الكتاب "
فهل من توجيه وإرشاد ؟؟؟

.............

هذا وسيتم الجواب على ما تبقى من أسئلة إن شاء الله تعالى.

راس المال
19/02/2004, 06:45 PM
أرحب بالاستاذ الحجري واود ان اعبر عن اعجابي بالكلام الرائق وبما طرح في هذا اللقاء ومتأكد ان الكتاب سيلقى اقبالا واسعا من الجمهور المتعطش الى العلم وحسن الخلق من المؤلفين الذين يحترمون قرائهم

واود سؤالك إن كان لديك موقع على الانترنت يجمع اطروحاتك و افكارك النيرة حتى يكون منهلا علميا لنا واذا لم يكن فمتى ان شاء الله نرى هذا الموقع على صفحات الانترنت التي جعلتنا في دين الله اخوانا

علي بن محمد الحجري
19/02/2004, 09:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم.

لنواصل معاً الحوار ورد السلام والتحية :

من هم الخوارج:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أدعو الله تعالى أن يتقبل دعاءك ويجزيك عني خير الجزاء في الآخرة والدنيا.
صدقت لا بد من إظهار العقيدة الصافية، ولكن على المسلمين أن يعرفوا مناهجهم قبل الدخول في مناقشات لا تثمر إلا الشقاق.

أتمنى أن يعرض الكتاب في الشبكة العالمية، وأتمنى من جميع المسلمين قراءته قراءة متجردة من قلائد التقليد الأعمى.

Rame
شكراً جزيلاً

الأخت الزهراء
وجزاك الله كل خير

الأخ البدر المنير
لستُ من الذين ينطبق عليهم كلامك.
أرجو منك أن تدعو لي في ظهر الغيب.

الأخ المدقق الثاني:
ولك مني نفس التحية

Sunrise
أشكرك عظيم الشكر على دعاءك لي، وأدعو الله تعالى أن يمن عليك بما يمن به على عباده الصالحين.

الأخ المهند
بارك الله فيك ووفقك إلى ما يحبه ويرضاه، وأعلم يا أخي علم اليقين أني لست بأهل لأن أكون أستاذا لأحد.

الأخ التيهرتي
شكراً لك مرة أخرى.

الأخ الطالع السعيد:
1- أتمنى أن يمن الله علينا جميعاً بالعلم لكي نسعى جمعياً إلى إحقاق الحق.
2- الحقيقة التي علينا الإقرار بها أن المنهجية الصائبة في معرفة الحق هي دعوة الإسلام وقد لازمت هذه المنهجية حياة المسلمين في جميع شؤون حياتهم ولم تقتصر على الكتاب فحسب. فكل عامل في أي مجال من مجالات الحياة لا بد أن يعرف الصواب ليتبعه ويطبقه ويعرف الخطأ لينهى عنه ويتجنبه. وأمة التوحيد لها منهجها السليم ، وهذا المنهج كفيل ببيان الزائف من الروايات والأخبار وإن تكررت وتكاثرت على مدى الدهر. ومما لا شك فيه أن الأمة ستقبل على مناهجها وسيفتخر بها من طبقها وعاش بها. والميزان القسط هو دعوة وتطبيق ومطلب كل غيور على قيم الإسلام وعقيدته.
3- من أهم العوامل التي أسهمت في بقاء المفاهيم المغلوطة مدى القرون الماضية الركون إلى الادعاءات من غير رجوع إلى المنهج الصائب عند النقاش وعرض الأقوال.

شمس الحقيقة:
سألت: " لماذا نحن الإباضية دائمًا في حال (دفاع) عن معتقداتنا و مذهبنا في ظل ظروف اعلامية غير مستغلة من قبل الباحثين والكتاب والعلماء الاباضية للتعريف بانتاجهم الفكري والتاريخ والفقهي والعقدي ، علما أننا نجد أن بعض المذاهب تتهجم علينا ليل نهار وبمختلف الوسائل المتاحة ؟ "
أقول : الله المستعان ، التقصير كثير من قبل الإباضية. وما طرحته أنت هنا هو أمر واقع ما كان ينبغي أن يكون ولكنه أمر مشاهد لا ينكره أحد.
فأرى أن يستمر الإباضية في عرض مبادئهم والاتصال بإخوانهم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وعليهم عدم إهمال الردود العلمية على كل من أراد بهم سوءا.

سألت : " وهل هناك مرجعية اباضية ترعى مصالح الاباضية فإن كانت موجودة : ما أسباب هذا الضعف الشديد الذي يمر به اتباع المذهب ؟ "
الله سبحانه وتعالى هو أمل الإباضية وغيرهم من المسلمين، فالضعف الذي أصابنا هو أننا لم نأخذ بأسباب العزة.
وعليك أخي الكريم أن تعلم أن الضعف لا يقاس بقلة الأتباع وكثرة الأعداء ولكن يقاس بوهن المبادئ وضعف القيم.

الأخ محب العدل:
لك مني جزيل الشكر والتقدير ، وأنا في انتظار المزيد مما من الله به عليك من علم.

خادم المهدي
أرجو منك أن تراجع كتاب ( الإباضية ومنهجية البحث ) وستجد إن شاء الله تعالى الجواب حول شخصية ابن سباً.
فضائل أهل البيت لن تجد من ينكرها من الإباضية، ولكن عليك أن تعلم أن الإباضية لا يقدسون الرجال.

-----
وسنواصل الإجابة إن شاء الله تعالى...

علي بن محمد الحجري
20/02/2004, 12:22 PM
Rame

قلت: " هناك حقيقة أولية بسيطة تقول ان البشر غير معصومين. ولكن هذا كلام نظري فالواقع يقول ان هناك بشرا معصومين فوق الخطأ ودون النقد ، فما رأيك في هذه النقطة ؟ "
كون البشر غير معصومين هي حقيقة، فالعصمة فقط للأنبياء والرسل. والذين تجرءوا على مناهج الأمة وقلدوا الرجال وصل بهم الحال إلى أن ينكروا الخيرية والفائدة التي تميز بها كتاب الله تعالى وتميزت بها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
صحيح أن الملاحظ الدعوة إلى تطبيق المناهج ،والتراجع عن الفعل والعمل والدراسة حسب أصول العلوم.
وكتاب ( الميزان القسط ) فيه الجواب على الشطر الأخير من سؤالك.

سألت : " وهل واجهت صعوبة في نقدك لاحد هذه الشخصيات او النصوص في كتاباتك المختلفة ؟ "
الذي قمت به هو عرض أقوال الناس على المنهج الذي يعترفون بسلطانه، فالناقد هو المنهج ولست أنا، والحمد لله لم أتعمد الحكم على أحد حتى تقف أمامي الصعاب. فقط سرت في الطريق المستقيم فوجدت نفسي آخذ من موائد العلماء المنهج ومعه التطبيق.

سؤالك: " هل توافقني الرأي ان خروج الميزان القسط جاء إثر اهمال النقد الداخلي الجاد عند المسلمين عامة وعند المحدثين خاصة بحيث ظهرت لدينا قضايا "مقدسة" لا يستطيع المرء الاقتراب منها ؟"
قد يكون ذلك وقد صرح لي أحد المشائخ حفظه الله تعالى بهذا القول.

......

علي بن محمد الحجري
20/02/2004, 09:39 PM
الأخ محب العدل:
حفظكم الله ورعاكم.
أنا أتفق معك تمام الاتفاق على كل كلمة ذكرتها.
أتمنى منكم النصح والإرشاد والدعاء في ظهر الغيب.


الأخ فالح الحربي:
قلت : " كونك كمؤرخ إسلامي وباحث في قضايا التاريخ "
لا أتفق معك، وبكل إصرار أطلب منك التراجع عن هذا الكلام.
سألت: " ما هي أسباب عدم استفادة المسلمين من عبر التأريخ والتي نراها كثيرا تتكرر ويسقط المسلمون المرة تلو الاخرى في نفس الخطأ وهذا ملاحظ بكثرة أيضا في الكتابات التاريخية ؟ فما هو تعليقكم ؟ "
السبب هو هجر المناهج التي ينبغي أن تحكم حياة المسلمين. فقد علم الإسلام المسلمين أن المؤمن لا يلدغ من جحره مرتين، ولكن أبناء الإسلام تركوا الأخذ بالأسباب فلدغوا مرات ونزلت عليهم المصائب بلا انقطاع ، والله المستعان.

قلت : " كتابك السابق: الإباضية ومنهجية البحث عند المؤرخين وأصحاب المقالات يصعب الحصول عليه في المكتبات المحلية "
لقد رأيت الكتاب في مكتبات مسقط، وأسأل الله تعالى أن يكتب له القبول.

" وهذا يجعلني اسأل هل قامت دار النشر بنشره خارج السلطنة ؟ "
الكتاب طبع في السلطنة وانتشر خارجها.

" وما هي الدار التي ستتعامل معها هذه المرة هل هي نفس الدار السابقة ؟
مكتبة الغبيراء بولاية بهلاء.

وهل سنرى انتشارا أوسع للكتاب العماني خارج حدود السلطنة ؟
نعم ، ومثالاُ على ذلك كتاب ( الحق الدامغ ) وكتاب ( الخوارج والحقيقة الغائبة )

كوكب المعرفة:
كتاب ( الميزان القسط ) سيجد له المكان المناسب في الشبكة العالمية إن شاء الله تعالى.


طائر السنونو:
سؤالك : " هل يكون هناك نيه لديك بالتفرغ وتنقيت مسائل العقيدة المختلفة من الاحاديث الضعيفة والتي متنها يعارض القران ؟ "
يجب أن تكون هذه نية كل مسلم ويجب علينا أن نقرأ لأهل العلم.

" وما هو مشروعك القادم ؟ "
تاريخ العقيدة الإسلامية ، كيف غيرت سلوك البشر؟ ومتى دبت على وجه الأرض ؟ ومن سار بها وطبق مبادئها ؟
أدعو الله تعالى أن يمن عليّ بالعلم والمعرفة حتى أخرج هذا البحث إن شاء الله تعالى.

" هل صحيح انك وصلت من خلال بحثك الى أن جميع روايات رؤية الله سبحانه وتعالى لا تثبت سندا ولا متنا ؟!!! "
هذا القول صحيح، ولكن ليس لي من هذا الأمر إلا عرض أقوال أهل العلم وبيان أن الذين يقولون بالرؤية هم أنفسهم من أسقط عدالة رواة رواياتها. وفي الكتاب ستجد صدق ما أقول إن شاء الله تعالى.

" وهل سبقك احد الى هذه النتيجة ؟ "
هناك بحث للأستاذ حسن السقاف وقد تتبع فيه روايات ابن القيم التي ذكرها في كتاب ( حادي الأرواح )

موقع الأمل المشرق:
وجزاكم الله خيرا ورفع قدركم وأجزل لكم الأجر والمثوبة على ما قدمتم.

وسقط القناع:
سألت : " لماذا أبتعدت أغلب الأمة الإسلامية عن هذا المنهج السليم الذي وضعه علماء الأمة لقبول الحديث وما هي الأسباب التي جعلتها تقبل أحاديث رويت من كذابين ووضاعين أو مختلطين رغم وضوح القواعد المؤسسه لهذا العلم ".
الجواب: في نظري أن الأمة تملك القوة التي تمكنها من السير على الطريق المستقيم. ولكنها تركت تلك القوة وتمزقت خلف الادعاءات والتحزب. فصار كل فريق يدعي أنه يتبع المنهج المستقيم ولكنه يبتعد عن المنهج المستقيم عند التطبيق.
فهذه هي الأسباب التي أعطت الكذابين والوضاعين الفرصة للانقضاض على عقول الناس. فصار الكتاب يقبلون الأقوال التي توافق أفكارهم من غير تمحيص، ويردون الأقوال التي تعارض أفكارهم ولو أثبتها المنهج المستقيم وصححها. وكتاب ( الميزان القسط ) فيه أمثلة على هذه الحقيقة.

......

البدر المنير
21/02/2004, 09:13 PM
جزاك الله خيرا شيخنا الحبيب ...ورفع الله قدرك في الدنيا والاخرة ، ورحم الله والدك الذي اخرج للامة رجل مثلك

أبو دجانة_
21/02/2004, 09:15 PM
الأخ الأستاذ علي بن محمد الحجري
1) هلا سمحت لنا أن تبين موقفك مما قاله مثبتوا الرؤية أو من فعلهم في عدم تطبيقهم ما ينظرون؟؟ هل أنت مع تنظيرهم وتناشدهم بتطبيقه؟؟ أم أنت متابع لتناقض مدع وسقطاته وتباين دعواه من حقيقته دون تأييد منك وتبن للنظرية أو الرأي ذاته؟؟

2) هل الفلانيون المطعون فيهم أصحاب السند في روايات الرؤية لم يوثقهم من طعن فيهم في غير مواضع الطعن؟ أي هل انطبق رأي المحتج منهم على أن المطعون مطعون في جميع المواضع دون أن تكون رواية عنه تخالف ذلك وتثبت حجيته أو تسكت عنه أي عن المطعون؟؟

ولك السلام

علي بن محمد الحجري
21/02/2004, 09:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم.
وهذا ما من الله به عليّ من أجوبة حول تساؤلات الأخوة الكرام:

الأخ ابن عاصم:
أشكرك على متابعتك للموضوع ، وأتمنى منك ألا تبخل عليّ بأي ملاحظة على ما حواه الكتاب من بيان حول المنهجية العلمية ومناقشة الأدلة الواردة في قضية الرؤية.
أخي الكريم : لقد بينت في ( الميزان القسط ) أن جميع الروايات التي فسرت قوله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ضعيفة حسب معايير منهج الأمة الإسلامية ، فلا عبرة بعد ذلك بكثرة المدعين.
وقد بينت أيضاً بالأدلة الثابتة عن أحد سلف الأمة - وهو مجاهد بن جبر- أن تفسير الآية هو انتظار ثواب الله تعالى في يوم القيامة.
فقد أورد الإمام الطبري في تفسيره: " حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا عمر بن عبيد ، عن منصور عن مجاهد (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال: تنتظر منه الثواب ".
وهذا التفسير ثابت عن مجاهد وكل التفاسير التي خالفت هذا التفسير باطلة لورودها من قبل الضعفاء كأمثال ثوير بن أبي فاختة.
وقد عبر العلامة ابن تيمية عن مكانة تفسير مجاهد بقوله: " وأخص أصحابه [ يقصد ابن عباس ] بالتفسير مجاهد، وعلى تفسير مجاهد يعتمد أكثر الأئمة كالثوري والشافعي وأحمد بن حنبل والبخاري. قال الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. والشافعي في كتبه أكثر الذي ينقله عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وكذلك البخاري في صحيحه يعتمد على هذا التفسير، وقول القائل: لا تصح رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد جوابه: أن تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد من أصح التفاسير، بل ليس بأيدي أهل التفسير كتاب في التفسير أصح من تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد، إلا أن يكون نظيره في الصحة، ثم معه ما يصدقه، وهو قوله: عرضت المصحف على ابن عباس أقفه عند كل آية وأسأله عنها ". ( الفتاوى الكبرى، ج17 /ص408- 409 )

وأما الرواية التي جاء فيها : " ( أنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون الشمس أو القمر ليلة البدر لا تضارون في رؤيته ).
فقد قال عنها الشراح أقوالاً وكلهم حملوها على معان كثيرة ليس لها علاقة برؤية المؤمنين لله سبحانه وتعالى في الجنة.
فمثلاً فقد قال الحافظ ابن حجر: " " واختلف من أثبت الرؤية في معناها فقال قوم: يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين كما في غيره من المرئيات، وهو على وفق قوله في حديث الباب (كما ترون القمر) إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية، وذلك أمر زائد على العلم وقال بعضهم: إن المراد بالرؤية العلم، وعبر عنها بعضهم بأنها حصول حالة في الإنسان نسبتها إلى ذاته المخصوصة نسبة الإبصار إلى المرئيات، وقال بعضهم: رؤية المؤمن لله نوع كشف وعلم، إلا أنه أتم وأوضح من العلم وهذا أقرب إلى الصواب من الأول"( فتح الباري، ج 15 /ص 387 )

هذا مثال واحد من بين أمثلة كثيرة تظهر عدم اتفاق المثبتين للرؤية على ما حوته هذه الرواية من معان. فأرجو منك مراجعة الكتاب لتدرك قيمة هذه الرواية في ميزان الأمة العادل.

الأماني:
عوضكم الله أجراً ونفع بكم الإسلام.
كلنا طلاب علم نأخذ من موائد العلماء.
اسكوبار:
تعدد أقوال علماء الحديث حول رجل واحد أو عدة رجال من بين آلاف الرواة ، وتعدد أقوالهم حول مسألة من مسائل علم الحديث لا يعد بأي حال من الأحوال تباين في المناهج.
ويا ليتك عرضت هذا السؤال على أهل العلم، فأنا لست بأهل لأن يكون لي في قواعد العلوم رأي.
قراءتي في كتب علوم الحديث وعلم الجرح والتعديل وكتب المتون علمتني أن أعرض هذه الكتب بعضها على بعض، فهذا هو الطريق الذي أسير عليه ولم أجد من ينكره.
لا تأخذني هيبت الرجال إلى الأخذ برواياتهم من غير التماس رأي علم الجرح والتعديل. ولا أركض إلى روايات الأئمة مغمض العينين بل أضع علم الجرح والتعديل وعلوم الحديث وتطبيقات الأمة للقواعد والأقوال معالم أسير عليها لكي أصل إلى أفضل النتائج، وكتاب ( الميزان القسط ) يسير على هذا المنهج الذي ذكرته هنا. والحمد لله رب العالمين.

الأخ محمد البلوشي:
أرجو منك أن تراجع كتاب ( الميزان القسط ) ففيه الأجوبة على تساؤلاتك.

فعرضي للروايات هنا قد يأخذ وقتاً طويلاً ، ولكن قراءتك للكتاب بتأن وباستحضار الهمة ستجد بغيتك إن شاء الله تعالى.

شيخي أبا مجاهد:
جزاك الله عني كل خير.

راعي الظبي:
شكراً لك على كلماتك الطيبة.

أبو شيخة:
فاقد الشيء لا يعطيه، فالأمة أغنى من أن تحتاج لمثلي. والحمد لله على نعمه التي لا تحصى ولا تعد.

راس المال:
أدعو الله تعالى أن يكتب لـ( الميزان القسط ) القبول.
ليس لدي موقع خاص بي في الشبكة العالمية. وأتمنى من الأخوة المشرفين أن يجعلوا لي مكاناً ولو ضيقاً في صفحات هذا المنتدى لكي يكون حلقة وصل بيني وبين قراء كتاب ( الإباضية ومنهجية البحث ) وكتاب ( الميزان القسط ).

------
وهذا ما من الله به عليّ من أجوبة، فالحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

ابن عاصم
22/02/2004, 01:06 AM
الاخ:على
قد لا اتفق معك حول التفسير للاية والحديث التى ذكرت سابق لكن فى ما يخص الكتاب وذلك حسب راى المتواضع بانة كتاب قيم ويشرح منهجية واسلوب وادلة ممتازة , كما يعطى للمهتمين فى كتاباتك الشى الكثير واسلوب الطرح والعرض متوافق مع ظروف الزمان ويعطى انطباع جيد عن ما يفيد فى الوقت الحاضر
لذلك اقول بارك الله فيك ولك وانفع بك كل من لة اهتمامات فى مثل هذة المواضيع ذات الاسلوب السلس والمتقن

المنهل الصافي
22/02/2004, 03:57 PM
علي بن محمد الحجري

الأخ المنهل الصافي
1- قلت : " بعض الشباب -جزاهم الله خير- يدعون الى عدم قراءة الكتب التي تتحدث في المسائل الخلافية كالرؤية مثل بل ويرون الافضل عدم الكتابة فيها ويسيرون على هذا النهج ......."


الجواب: لقد بينت في مقدمة الكتاب أن الخلاف بين المسلمين في قضايا العقيدة ومنها قضية نفي أو إثبات رؤية الله سبحانه وتعالى منشأه عدم التقيد بالمناهج الإسلامية الداعية إلى الصواب والحق.
وحينما عزمت على عرض القضية كانت رغبتي هي في إبراز المنهج الذي تفتخر به أمة الإسلام على باقي الأمم وتطبيقه في قضية جرت أفراداً من الأمة إلى تكفير بعضهم البعض وقادت أحد المثبتين للرؤية إلى نفي الخير من كتاب الله وسنة رسوله وأملت على أحد المثبتين للرؤية نفي الفائدة من آية من آيات الله تعالى.
وكل ما أردت قوله في الكتاب هو: أن الخلاف بين المسلمين أمر لا أصل له بل هو ظلام كالح الوجه لا بد من أن يزول ولن يزول إلا إذا طبق الجميع منهج الإسلام في الأخذ والعطاء.

2- قلت : " واراك تخالف هذا المنهج و تناقش قضايا خلافية باسلوب راقي ورائع ....... "


ما شاء الله ...
الأسلوب الذي سميته أنت بالراقي والرائع ليس لي فيه أي شيء سوى أنني لقطه من موائد أهل العلم وأتيت به إلى أخوتي في مشارق الأرض ومغاربها وكل كياني يقول لهم : هذا هو السبيل إلى ردم حفر التخلف ودفن الأقوال الباطلة. فإن أصبت في ما أردت فعله فذلك فضل من الله تعالى وإن أخطأت وجانبت الصواب فذلك مني ومن الشيطان وأرجو من الله تعالى أن يمن عليّ بأخوة يأخذوا بيدي إلى المنهج الذي ينسينا ويلات الخلاف.



3 – قلت : " فما الاسباب التي تدفعك شيخنا للمضي قدما في مناقشة قضايا خلافية ضاربا بالراي الاول عرض الحائط ...... "


هو سبب واحد ، الرغبة في تذكير الأمة الإسلامية بما يجب عليها من اتباع علومها في كل قضايا حياتها. فإذا تم هذا الأمر واتجهت النفوس إلى الشرب من معين علوم الأمة الصافية فعندها لن تجد جراثيم الفرقة والشتات الأجسام التي تعتاش عليها، وسيصبح جسم الأمة كيانا واحدا يقيس الأمور بالميزان القسط الذي يحكم بالعدل ويدعو إليه.





4 – قلت : " هل من كلمة وتوضيح للاخوة الذين لا يؤمنون بمناقشة المسائل الخلافية ...... "


مناقشة القضايا الخلافية لا بد لها من علم ودراية ومعرفة الفائدة المرجوة من النقاش.
فإن كان النقاش على قواعد علمية وبأسلوب يقره الشرع وبمنهج يعترف بسلطانه المتحاورون فلا بد أن تأتي النتيجة موافقة لما يدعو إليه الإسلام الحنيف.
والأخوة الذين لا يؤمنون بمناقشة المسائل الخلافية أدعوهم إلى إبراز مناهج الأمة، فالدعوة إلى مناهج الأمة فيه الخير الكثير إن شاء الله تعالى ، ودعوتهم إلى إتباع الحق فيها الدعوة إلى ترك الخلاف.



5 – سألت : " ما هي المشاكل التي واجهتك خلال البحث...... "


الجواب : قلت العلم ، وضعف الهمة ، وكثرة الناقد ، والخوف من الزلل والخطأ هذه هي المشاكل التي تؤرقني ليل نهار.




6 – سألت : " قضية مهمة في ذهنك تتمنى من الشباب الواعي ان بناقشها ويكتب عنها....... "


الجواب : النظرة الفاحصة لتاريخ عقيدة الإسلام عبر القرون الماضية، من حيث:
متى طبقت في واقع الحياة؟
ومن طبقها ؟
وما هي مواصفات من طبقها؟
وهل تاريخ الإسلام تابع لتاريخ المسلمين ، أم أن تاريخ الإسلام سجل لعقيدة الإسلام ؟

( عسى أن يمن الله عليّ ببحث يجيب على هذه الأسئلة وغيرها )





7 – لقد دعوت لي : " جزاك الله خيرا وعوضك اجرا "

وجزاك الله خيراً وعوضك أجراً ورزقك ورزقني الفقه في دينه وعلمك وعلمني ما لم نعلم.








8 – قلت : "وقد استمتعت شيخنا كثيرا بقراءة كتاب ( الإباضية ومنهجية البحث ) واعجبت كثيرا باسلوب العرض في ذلك الكتاب "

فهل من توجيه وإرشاد ؟؟؟





أحسن الله اليك وزادك من واسع فضله ورزقك العلم والحكمة....

لقدسررت جدا بجوابك على تساؤلاتي..... وزادني كلامك حرصا على اقتناء نسخة من هذا الكتاب في معرض الكتاب القادم والذي سيفتتح قريبا.....


شكرا لك مرة اخرى .....

إدارة سبلة الدين
22/02/2004, 07:59 PM
تتقدم ادارة سبلة الدين لضيفها الكريم الاستاذ العزيز / علي بن محمد الحجري حفظه الله بجزيل الشكر والامتنان لقبوله الدعوة للالتقاء باخوانه المسلمين عبر هذه السبلة ، مقدرين له كثرة مشاغله وارتباطه بمشاريع كثيرة خارج هذا المكان.

نتمنى له كل التوفيق في مشروعه القادم (تاريخ العقيدة الإسلامية) على وعد منه بأن يبقى معنا كاتباً ومحاوراً حسبما يقتضي الحال والظروف.

والشكر كذلك موصول لأعضاء السبلة الدينية على تواصلهم وتفاعلهم مع الاستاذ الحجري.

نرفع التثبيت عن الموضوع ، ونأمل من أستاذنا الحجري النظر في الاسئلة المطروحة في الاخير


ادارة سبلة الدين

إدارة سبلة الدين
22/02/2004, 08:05 PM
نأمل ان يوفقنا الله ان نرتب لقاء مع أحد العلماء ليتحفنا بحوار موسع حول مشاهداته مؤخرا في الديار المقدسة ، وما لفريضة الحج من أهمية كبرى لتوحيد المسلمين والرقي بهذه الامة ، وكذلك لمناقشة قضايا اخرى تشغل بال المسلمين في رحاب عالم الانترنت (لقاء عام).

ادارة سبلة الدين

محب الصلاح
24/02/2004, 09:07 PM
Originally posted by ادارة سبلة الدين
نأمل ان يوفقنا الله ان نرتب لقاء مع أحد العلماء ليتحفنا بحوار موسع حول مشاهداته مؤخرا في الديار المقدسة ، وما لفريضة الحج من أهمية كبرى لتوحيد المسلمين والرقي بهذه الامة ، وكذلك لمناقشة قضايا اخرى تشغل بال المسلمين في رحاب عالم الانترنت (لقاء عام).

ادارة سبلة الدين

ننتظر ذلك بفارغ الصبر ونسأل الله ان يأجر الاستاذ الحجري خير الجزاء على ما قدم

الضوء الساطع
27/02/2004, 02:55 PM
كتاب ( الميزان القسط ) يباع الآن بالمعرض.

محب الصلاح
05/03/2004, 10:50 AM
Originally posted by الضوء الساطع
كتاب ( الميزان القسط ) يباع الآن بالمعرض.

اطلبه من مكتبة الاجيال والتي توزع كذلك كتاب الفتاوى الجديد لسماحة الشيخ حفظه الله

الطالع السعيد
30/09/2004, 09:18 PM
http://216.7.174.116/avb/showthread.php?t=147765