سليمان بن موسى
04/12/2003, 07:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
فهرس لحلقات من برنامج " سؤال أهل الذكر " التي كان المفتي فيها الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (http://om.s-oman.net/showpost.php?p=2975922&postcount=12)
برنامج " سؤال أهل الذكر " من تلفزيون سلطنة عُمان
حلقة 10/11/2002م
المفتي: الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
الموضوع: صلاة السفر وأحكامها
س1: ما حكم صلاة السفر، هل هي عزيمة أم هي رخصة ؟
ج: قد اختلف العلماء في حكم صلاة السفر؛ ذهبت طائفة كبيرة من أهل العلم إلى أنّ القَصر واجب في السفر ولا يجوز لأحد أن يتركه إلا إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه في هذه الحالة عليه أن يُكمل الصلاة لضرورة متابعة الإمام؛ كما هو مذهب جمهور الأمة؛ خلافا لمن شذّ وزعم أنّ المسافر يصلي خلف الإمام المقيم ركعتين ليس إلا، وهذا قول ضعيف جدا مخالف للسنّة الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ثبوتا أوضح من شمس الظهيرة، وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أنّ هذا الكلام مسبوق بإجماع الأمّة الإسلامية؛ أما إذا صلى بمفرده أو صلى خلف إمام مسافر فإنّ عليه أن يقصُر الصلاة، وهذا القول مروي عن طائفة كبيرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقد روي عن عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله - تعالى - عنه، وروي عن عليّ بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله، بلْ حكاه غير واحد من أهل العلم عن اتفاق صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ وما روي عن عائشة وعثمان من أنهما قد أتما فقد حمَلت هذه الطائفة ذلك منهما على التأويل، وإلا فإنّ مذهبهما كغيرهما من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هو الوجوب، وقد قال بذلك الحسن البصري وسعيد بن جبير وقتادة والسُّدِّي، وذهب إليه - أيضا - عمر بن عبد العزيز رضي الله - تعالى - عنه، وهو مذهب الأوزاعي والثوري، وهو رواية عن الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد، ورواية عن إسحاق، وقال به ابن القاسم وابن حزم، وهو مذهب الحنفية والهادوية، وذهب إليه - أيضا - ابن القيّم وطائفة كبيرة من العلماء من المتأخرين كالمَقْبِلِي والشوكاني وصِديق خان وغيرهم، وهذا هو مذهب أصحابنا - رضوان الله تبارك وتعالى عليهم - قاطبة؛ بينما ذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بالجواز، واختلفوا في الأفضل، منهم من ذهب إلى تفضيل القصر، ومنهم من ذهب إلى تفضيل الإتمام، ومنهم من لم يذكر تفضيلا لأحدهما على الآخر، وذكر بعض العلماء أنّ الإتمام واجب وأنّ القصر رخصة، بينما يعبِّر بعض العلماء بجواز الأمرين، ولا إشكال في هذين التعبيرين، لأنّ من قال بالجواز لا يريد بالجواز هاهنا أنه يجوز لأحد أن يترك القصر والإتمام، وإنما معنى ذلك أنه يجوز للإنسان أن يأخذ بهذا ويجوز له أن يأخذ بهذا، ومن عبَّر بوجوب الإتمام وجواز القصر فإنه أراد أنّ الإنسان يجوز له أن يترك القصر ولا يجوز له أن يترك الإتمام إلا إذا قصَر، وهذا التعبير وإن كان فيه ما فيه فلا بأس به ولكنّ الأولى أن يقال بجواز الأمرين ويُعنى بذلك أنه لابد من الإتيان بواحد منهما؛ والقول الأول وهو أنّ القصر واجب في السفر هو القول الصحيح؛ وذلك لأنه يجب على الإنسان إذا وجد خلافا بين أهل العلم أن ينظر إلى الأدلة من كتاب الله - تبارك تعالى - ومن سنّة رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - إذ هما الفيصل في مثل هذه المسائل، ونحن إذا رجعنا إلى سنّة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فإننا نجد السنّة الفعلية والسنّة القولية تدلان دلالة لا غموض فيها على وجوب القصر في السفر، فالرسول - صلوات الله وسلامه عليه - قد قصَر في جميع أسفاره ولم يثبت أنه أتمّ في صلاة من صلواته في السفر البتّة، ومن روى عنه أنه قد أتم فقد أخطأ، وقد روى عنه القصر طائفة كبيرة من صحابته رضوان الله - تعالى - عليهم، ولا أرى أن أطيل المقام بذكر تلك الروايات مع الكلام على الصحيح والضعيف منها، إذ إنّ ذلك من الشهرة بمكان ولا عبرة بالضعيف - كما هو المعلوم - إلا إذا كان مما يمكن أن يرتقي بغيره من الروايات الثابتة، وعلى كل حال ففي الصحيح الثابت عنهم - رضوان الله تعالى عليهم - ما يغني عن الضعيف، وقد نصّت طائفة كبيرة من أهل العلم على أنّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قد لازم القصر (1) في جميع أسفاره، وممن ذكر ذلك ابن رشد، وذكره - أيضا - الجصاص وابن قدامة وابن القيّم وقبله شيخه ابن تيمية، وذكره كذلك المَقْبِلِي والشوكاني وجماعة كبيرة، وذكره من علمائنا الإمام السالمي والشيخ الجيطالي وآخرون، وفي هذا ما يدل دلالة واضحة على الوجوب، وإلا لو كان الأمر يقتضي الجواز لترك القَصر - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ولو مرة واحدة ليبيِّن لأصحابه أنّ ذلك ليس على الوجوب، أو لأفصح عن ذلك بلسانه، أما أنه قد لازم القصر ولم يذكر بأنّ ذلك ليس على الوجوب فلا يمكن أن يقال: إنّ ذلك لا يدل على الوجوب وإنما هو على الجواز فقط؛ أما الروايات التي تدل من جهة القول على الوجوب فهي كثيرة، من ذلك ما جاء عن السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها - أنها قالت: " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأُقِرَّت في السفر وزيد في صلاة الحضر " وله ألفاظ متعيّنة، ومثله حكمه الرفع، وهذا الحديث رواه الإمام الربيع - رحمه الله - ورواه الإمام مالك والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داوود والدارمي والطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والطحاوي وابن حزم وآخرون، وقد اعتُرِض عليه باعتراضات ولكنها واهية وقد أجبنا عليها وأجاب عليها غيرنا ولا حاجة للإطالة بذلك فمن شاء ذلك فليرجع إليه في موضعه فإنه سيجد بمشيئة الله - تبارك وتعالى - أنّ تلك الاعتراضات لا تسمن ولا تغني من جوع؛ ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس رضي الله - تعالى - عنهما أنه قال: " فرض الله الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين " والحديث رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي وأبو داوود وابن ماجة وأحمد وابن خزيمة وابن حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن حزم والبيهقي والطحاوي والشافعي في " السنن المأثورة "، وروته جماعة كبيرة، ولا يمكن أن يُعترَض عليه بأنه من كلام ابن عباس رضي الله - تعالى - عنه، إذ إنّ مثل ذلك لا يمكن إلا أن يكون بتوقيف من النبي صلوات الله عليه وسلامه، إذ مثل ذلك لا يمكن أن يقال بالرأي، كما أنه لا يمكن أن يُعترَض عليه بأنه مخالف لحديث السيدة عائشة رضي الله - تعالى - عنها، لأنّ حديث ابن عباس - رضوان الله تعالى عليه - يدل على ما استقر عليه الأمر بينما حديث عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - فيه بيان كيفية افتراض الصلاة في أول الأمر .. كذلك لا يمكن أن يعترض عليه بأنه قد جاء في نهايته: " وفي الخوف ركعة " لأنّ هذه الزيادة شاذّة على التحقيق، وذكرتُ سابقا في غير هذه الليلة بأنه يمكن أن ترِد لفظة أو جملة شاذة في حديث بينما ذلك الحديث بكامله يكون صحيحا، ولذلك أمثلة متعدِّدة؛ ومن ذلك حديث عمر - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: " صلاة السفر ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر " ذكر فيه بأنّ صلاة السفر ركعتان وهي ليست بقصر، ثم قال: " على لسان محمد " صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا الحديث روته طائفة كبيرة من أئمة الحديث، فقد رواه النسائي وابن ماجة وأحمد وابن حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق والبزار والطحاوي والبيهقي، ورواه كذلك أبو نُعَيْم، وروته طائفة إلا أنّ بعض العلماء قد أعلّه بالانقطاع، لأنه من طريق ابن أبي ليلى وهو لم يسمع من عمر بن الخطاب على رأي طائفة، ولكنّ طائفة من أهل العلم قد نصت على أنه سمع منه، وجاء في رواية عند النسائي في " الكبرى " وعند ابن ماجة وابن خزيمة والبيهقي بأنّ عبد الرحمن قد رواه من طريق كعب بن عُجْرَة، وجاء عند الطحاوي بأنه رواه عن الثقة عن عمر رضي الله - تعالى - عنه، ولا إشكال في ذلك فعلى تقدير أنّ عبد الرحمن قد سمع من عمر - رضي الله تعالى عنهما - فيمكن أنه سمعه مرة منه وسمعه مرة عن الثقة الذي هو ابن عُجْرَة، فرواه مرة عن عمر مباشرة ورواه مرة عنه بالواسطة، وعلى تقدير عدم سماعه من عمر - رضي الله تعالى عنه - فإنه قد ذكر الواسطة عنه وكذلك الرواية التي فيها بأنه سمعه من الثقة فقد صرح بالثقة في رواية أخرى.
نعم، كنا نتكلم على حديث عمر رضي الله - تبارك وتعالى - عنه، وقلنا: إنّ عبد الرحمن بن أبي ليلى رواه في رواية عن عمر - رضي الله تعالى عنه - مباشرة ورواه في رواية عنه بواسطة كعب بن عجرة وفي رواية عن الثقة والظاهر أنه كعب، وقلتُ: بأنه يمكن أن يكون قد سمعه من عمر على رأي طائفة كبيرة من أهل العلم، وهذا هو الذي يؤخذ من كلام الذهبي وقبْلَه من كلام أبي نُعَيْم، وكذلك ذهبت إليه طائفة من المتقدمين وإن كان كثير من العلماء على خلاف ذلك، وإذا قلنا بهذا الرأي - وهو الذي يظهر - فلا إشكال في الأمر، وإذا قلنا بأنه لم يَسمع منه فقد بيَّن الواسطة الذي سمعه منه، ولا إشكال في ذلك على الرأي الأول، فإنه يمكن - كما قلتُ - أن يكون مرة يُحدِّث عن الأصل ومرة يحدث عن الفرع على أنه على تقدير عدم ثبوت الرواية الثانية فإنها تكون من باب المزيد في متصل الأسانيد، فيكون الراوي قد أخطأ في ذكره لكعب، وعلى كل حال ليس هذا الموضع يكفي لتحقيق الكلام على هذا الحديث، وقد ذكرنا ذلك في موضعه؛ ومن ذلك - أيضا - حديث عمر - رضي الله تعالى عنه - أنه قال له الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في حديث شهير عن القصر: ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) فقوله: ( فاقبلوا صدقته ) حديث يدل على الوجوب، إذ إنّ أمر رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يدل على الوجوب، لأدلة متعددة، وهو الذي ذهب إليه الجمهور، وهذا الحديث - أيضا - رواه الإمام مسلم، ورواه النسائي وأبو داوود والدارمي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وأحمد وعبد الرزاق وابن الجارود، ورواه كذلك - أيضا - ابن جرير، ورواه البيهقي، ورواه النحاس في " الناسخ والمنسوخ " وأبو نُعَيْم وطائفة كبيرة من أئمة الحديث؛ ومن الأدلة على ذلك - أيضا - أنّ رجلا قال لابن عمر رضي الله - تعالى - عنه: " يا أبا عبد الرحمن إنا نجد في القرآن صلاة الحضر وصلاة الخوف ولا نجد صلاة السفر (2) ؟ " فقال: " يا هذا - كما هو في رواية - إنّ الله قد بعث إلينا محمدا ولا نعلم شيئا فإنما نفعل ما رأيناه يفعل " وقد جاء بغير هذا اللفظ، وقد رواه الربيع رحمه الله، ورواه مالك وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وهو حديث صحيح، فهذا - أيضا - يؤخذ منه الوجوب؛ وهنالك أدلة أخرى لا داعي للإطالة بها، فهذه الأحاديث وغيرها كثير تدل دلالة واضحة على الوجوب، ولم يُجِب عنها أحد إلا باعتراضات أوهى من نسج العنكبوت، وقد ذكرناها مشفوعة بأجوبتها في غير ما كتاب فمن شاء ذلك فليرجع إلى " الرأي المعتبر " وإن كان مختصرا بالنسبة إلى أصله؛ وأما الذين قالوا بعدم الوجوب فإنهم استندوا إلى الآية القرآنية: (( ... فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَة ... )) [ سورة النساء، من الآية: 101 ]، ولا دلالة في الآية، لأنها على رأي كثير من أهل العلم ليست في صلاة السفر، وإنما هي في صلاة الخوف، وهو الذي يؤخذ من قول ابن عمر وسائِله: " إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف " هكذا قال السائل وأقره ابن عمر .. قال السائل: " نجد ذلك في القرآن ولا نجد صلاة السفر " وأقره على ذلك ابن عمر، وهذا الرأي هو الذي رجحه ابن جرير، فإذن الآية لم تتعرض لقصر السفر رأسا، وعلى تقدير أنها في قصر السفر - كما هو رأي جماعة - أو في القصرين معا فإنّ نفي الجناح لا يؤخذ منه عدم الوجوب، إذ إنه تارة يدل على هذا وتارة يدل على ذاك، ومثل هذه الآية ما جاء في السعي بين الصفا والمروة، فإنه - أيضا - نُفِيَ الجناح مع أنّ الصحيح الراجح أنّ السعي بين الصفا والمروة واجب، والأدلة التي ذكرناها من السنّة تدل على أنّ نفي الجناح لا يراد به هاهنا نفي الوجوب؛ واستدلوا - أيضا - برواية أنّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يقصر في السفر ويتم، وهذه الرواية ليست بشيء، لأنها من طريق السيدة عائشة رواها عنها عطاء بن أبي رباح وروايته لا تصح من طريق السيدة عائشة رضي الله - تعالى - عنها، كما ذكر ذلك غير واحد من أئمة التحقيق، وقد جاء عنه من أربع طرق إحداها من طريق ابن وثاب وهو مجهول، والثانية من طريق المغيرة بن زياد وهو ضعيف، والثالثة من طريق طلحة بن عمرو وهو ضعيف، وجاء - أيضا - من طريق رابعة ولكنها - أيضا - ضعيفة، فهذا الحديث لا يُعتمد عليه، وكذلك ما جاء من أنه أقر السيدة عائشة على الإتمام ليس بشيء، لأنّ في إسناده راويا ضعيفا وهو العلاء بن عبد الرحمن، ثم إنّ السيدة عائشة لم تكن معه في سفر فتح مكة فكيف يقال بأنها أتمّت بخلاف فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي لم تكن مسافرة معه في ذلك السفر ؟! وكذلك ما جاء أنّ الصحابة كانوا يسافرون مع النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وكان منهم من يصوم ومنهم من يفطر .. منهم الصائم ومنهم المفطر ومنهم الذي يقصر ومنهم الذي يكمل الصلاة، هذا معناه .. هذا الحديث رواه البيهقي وليس بشيء، لأنه من طريق زيد العَمِّي ولا يؤخذ بروايته، والراوي عنه ضعيف - أيضا - فمثله لا يُفرَح به، وكذلك ما جاء أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أتم في الخوف، فهذه الرواية مُقتَطَعة من رواية أخرى، فالصحيح أنه صلى ركعتين ثم سلم ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين فكان متنفلا؛ فهذه أقوى ما استند إليه القائلون بالجواز وهي كما ترون لا تَثبت عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه - وإذا كان الأمر كذلك فإنّ القول بالوجوب هو القول الراجح، فلا ينبغي لأحد أن يتركه، ثم - كما ذكرتُ - هو مذهب أكثر الصحابة، بل مذهب الصحابة قاطبة على رأي أكثرهم، وهو الذي ذهب إليه التابعون ومن تبعهم بإحسان أو أكثرهم، ولذلك قال الترمذي: " العمل على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر " ونسبه البغوي إلى أكثر العلماء، ونسبه الخطابي إلى أكثر أهل العلم؛ والله - تبارك وتعالى - أعلم.
ــــــــ
(1) قال الشيخ: " السفر " بدلا من " القصر " والظاهر أنه سبق لسان.
(2) قال الشيخ: " القصر " بدلا من " السفر " والظاهر أنه سبق لسان.
ــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله تعالى
فهرس لحلقات من برنامج " سؤال أهل الذكر " التي كان المفتي فيها الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي (http://om.s-oman.net/showpost.php?p=2975922&postcount=12)
برنامج " سؤال أهل الذكر " من تلفزيون سلطنة عُمان
حلقة 10/11/2002م
المفتي: الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي
الموضوع: صلاة السفر وأحكامها
س1: ما حكم صلاة السفر، هل هي عزيمة أم هي رخصة ؟
ج: قد اختلف العلماء في حكم صلاة السفر؛ ذهبت طائفة كبيرة من أهل العلم إلى أنّ القَصر واجب في السفر ولا يجوز لأحد أن يتركه إلا إذا صلى خلف إمام مقيم فإنه في هذه الحالة عليه أن يُكمل الصلاة لضرورة متابعة الإمام؛ كما هو مذهب جمهور الأمة؛ خلافا لمن شذّ وزعم أنّ المسافر يصلي خلف الإمام المقيم ركعتين ليس إلا، وهذا قول ضعيف جدا مخالف للسنّة الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ثبوتا أوضح من شمس الظهيرة، وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أنّ هذا الكلام مسبوق بإجماع الأمّة الإسلامية؛ أما إذا صلى بمفرده أو صلى خلف إمام مسافر فإنّ عليه أن يقصُر الصلاة، وهذا القول مروي عن طائفة كبيرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقد روي عن عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله - تعالى - عنه، وروي عن عليّ بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله، بلْ حكاه غير واحد من أهل العلم عن اتفاق صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ وما روي عن عائشة وعثمان من أنهما قد أتما فقد حمَلت هذه الطائفة ذلك منهما على التأويل، وإلا فإنّ مذهبهما كغيرهما من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هو الوجوب، وقد قال بذلك الحسن البصري وسعيد بن جبير وقتادة والسُّدِّي، وذهب إليه - أيضا - عمر بن عبد العزيز رضي الله - تعالى - عنه، وهو مذهب الأوزاعي والثوري، وهو رواية عن الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد، ورواية عن إسحاق، وقال به ابن القاسم وابن حزم، وهو مذهب الحنفية والهادوية، وذهب إليه - أيضا - ابن القيّم وطائفة كبيرة من العلماء من المتأخرين كالمَقْبِلِي والشوكاني وصِديق خان وغيرهم، وهذا هو مذهب أصحابنا - رضوان الله تبارك وتعالى عليهم - قاطبة؛ بينما ذهبت طائفة من أهل العلم إلى القول بالجواز، واختلفوا في الأفضل، منهم من ذهب إلى تفضيل القصر، ومنهم من ذهب إلى تفضيل الإتمام، ومنهم من لم يذكر تفضيلا لأحدهما على الآخر، وذكر بعض العلماء أنّ الإتمام واجب وأنّ القصر رخصة، بينما يعبِّر بعض العلماء بجواز الأمرين، ولا إشكال في هذين التعبيرين، لأنّ من قال بالجواز لا يريد بالجواز هاهنا أنه يجوز لأحد أن يترك القصر والإتمام، وإنما معنى ذلك أنه يجوز للإنسان أن يأخذ بهذا ويجوز له أن يأخذ بهذا، ومن عبَّر بوجوب الإتمام وجواز القصر فإنه أراد أنّ الإنسان يجوز له أن يترك القصر ولا يجوز له أن يترك الإتمام إلا إذا قصَر، وهذا التعبير وإن كان فيه ما فيه فلا بأس به ولكنّ الأولى أن يقال بجواز الأمرين ويُعنى بذلك أنه لابد من الإتيان بواحد منهما؛ والقول الأول وهو أنّ القصر واجب في السفر هو القول الصحيح؛ وذلك لأنه يجب على الإنسان إذا وجد خلافا بين أهل العلم أن ينظر إلى الأدلة من كتاب الله - تبارك تعالى - ومن سنّة رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - إذ هما الفيصل في مثل هذه المسائل، ونحن إذا رجعنا إلى سنّة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فإننا نجد السنّة الفعلية والسنّة القولية تدلان دلالة لا غموض فيها على وجوب القصر في السفر، فالرسول - صلوات الله وسلامه عليه - قد قصَر في جميع أسفاره ولم يثبت أنه أتمّ في صلاة من صلواته في السفر البتّة، ومن روى عنه أنه قد أتم فقد أخطأ، وقد روى عنه القصر طائفة كبيرة من صحابته رضوان الله - تعالى - عليهم، ولا أرى أن أطيل المقام بذكر تلك الروايات مع الكلام على الصحيح والضعيف منها، إذ إنّ ذلك من الشهرة بمكان ولا عبرة بالضعيف - كما هو المعلوم - إلا إذا كان مما يمكن أن يرتقي بغيره من الروايات الثابتة، وعلى كل حال ففي الصحيح الثابت عنهم - رضوان الله تعالى عليهم - ما يغني عن الضعيف، وقد نصّت طائفة كبيرة من أهل العلم على أنّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قد لازم القصر (1) في جميع أسفاره، وممن ذكر ذلك ابن رشد، وذكره - أيضا - الجصاص وابن قدامة وابن القيّم وقبله شيخه ابن تيمية، وذكره كذلك المَقْبِلِي والشوكاني وجماعة كبيرة، وذكره من علمائنا الإمام السالمي والشيخ الجيطالي وآخرون، وفي هذا ما يدل دلالة واضحة على الوجوب، وإلا لو كان الأمر يقتضي الجواز لترك القَصر - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ولو مرة واحدة ليبيِّن لأصحابه أنّ ذلك ليس على الوجوب، أو لأفصح عن ذلك بلسانه، أما أنه قد لازم القصر ولم يذكر بأنّ ذلك ليس على الوجوب فلا يمكن أن يقال: إنّ ذلك لا يدل على الوجوب وإنما هو على الجواز فقط؛ أما الروايات التي تدل من جهة القول على الوجوب فهي كثيرة، من ذلك ما جاء عن السيدة عائشة - رضي الله تعالى عنها - أنها قالت: " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأُقِرَّت في السفر وزيد في صلاة الحضر " وله ألفاظ متعيّنة، ومثله حكمه الرفع، وهذا الحديث رواه الإمام الربيع - رحمه الله - ورواه الإمام مالك والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داوود والدارمي والطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والطحاوي وابن حزم وآخرون، وقد اعتُرِض عليه باعتراضات ولكنها واهية وقد أجبنا عليها وأجاب عليها غيرنا ولا حاجة للإطالة بذلك فمن شاء ذلك فليرجع إليه في موضعه فإنه سيجد بمشيئة الله - تبارك وتعالى - أنّ تلك الاعتراضات لا تسمن ولا تغني من جوع؛ ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس رضي الله - تعالى - عنهما أنه قال: " فرض الله الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين " والحديث رواه مسلم وأبو عوانة والنسائي وأبو داوود وابن ماجة وأحمد وابن خزيمة وابن حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن حزم والبيهقي والطحاوي والشافعي في " السنن المأثورة "، وروته جماعة كبيرة، ولا يمكن أن يُعترَض عليه بأنه من كلام ابن عباس رضي الله - تعالى - عنه، إذ إنّ مثل ذلك لا يمكن إلا أن يكون بتوقيف من النبي صلوات الله عليه وسلامه، إذ مثل ذلك لا يمكن أن يقال بالرأي، كما أنه لا يمكن أن يُعترَض عليه بأنه مخالف لحديث السيدة عائشة رضي الله - تعالى - عنها، لأنّ حديث ابن عباس - رضوان الله تعالى عليه - يدل على ما استقر عليه الأمر بينما حديث عائشة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - فيه بيان كيفية افتراض الصلاة في أول الأمر .. كذلك لا يمكن أن يعترض عليه بأنه قد جاء في نهايته: " وفي الخوف ركعة " لأنّ هذه الزيادة شاذّة على التحقيق، وذكرتُ سابقا في غير هذه الليلة بأنه يمكن أن ترِد لفظة أو جملة شاذة في حديث بينما ذلك الحديث بكامله يكون صحيحا، ولذلك أمثلة متعدِّدة؛ ومن ذلك حديث عمر - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: " صلاة السفر ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر " ذكر فيه بأنّ صلاة السفر ركعتان وهي ليست بقصر، ثم قال: " على لسان محمد " صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا الحديث روته طائفة كبيرة من أئمة الحديث، فقد رواه النسائي وابن ماجة وأحمد وابن حبان وابن أبي شيبة وعبد الرزاق والبزار والطحاوي والبيهقي، ورواه كذلك أبو نُعَيْم، وروته طائفة إلا أنّ بعض العلماء قد أعلّه بالانقطاع، لأنه من طريق ابن أبي ليلى وهو لم يسمع من عمر بن الخطاب على رأي طائفة، ولكنّ طائفة من أهل العلم قد نصت على أنه سمع منه، وجاء في رواية عند النسائي في " الكبرى " وعند ابن ماجة وابن خزيمة والبيهقي بأنّ عبد الرحمن قد رواه من طريق كعب بن عُجْرَة، وجاء عند الطحاوي بأنه رواه عن الثقة عن عمر رضي الله - تعالى - عنه، ولا إشكال في ذلك فعلى تقدير أنّ عبد الرحمن قد سمع من عمر - رضي الله تعالى عنهما - فيمكن أنه سمعه مرة منه وسمعه مرة عن الثقة الذي هو ابن عُجْرَة، فرواه مرة عن عمر مباشرة ورواه مرة عنه بالواسطة، وعلى تقدير عدم سماعه من عمر - رضي الله تعالى عنه - فإنه قد ذكر الواسطة عنه وكذلك الرواية التي فيها بأنه سمعه من الثقة فقد صرح بالثقة في رواية أخرى.
نعم، كنا نتكلم على حديث عمر رضي الله - تبارك وتعالى - عنه، وقلنا: إنّ عبد الرحمن بن أبي ليلى رواه في رواية عن عمر - رضي الله تعالى عنه - مباشرة ورواه في رواية عنه بواسطة كعب بن عجرة وفي رواية عن الثقة والظاهر أنه كعب، وقلتُ: بأنه يمكن أن يكون قد سمعه من عمر على رأي طائفة كبيرة من أهل العلم، وهذا هو الذي يؤخذ من كلام الذهبي وقبْلَه من كلام أبي نُعَيْم، وكذلك ذهبت إليه طائفة من المتقدمين وإن كان كثير من العلماء على خلاف ذلك، وإذا قلنا بهذا الرأي - وهو الذي يظهر - فلا إشكال في الأمر، وإذا قلنا بأنه لم يَسمع منه فقد بيَّن الواسطة الذي سمعه منه، ولا إشكال في ذلك على الرأي الأول، فإنه يمكن - كما قلتُ - أن يكون مرة يُحدِّث عن الأصل ومرة يحدث عن الفرع على أنه على تقدير عدم ثبوت الرواية الثانية فإنها تكون من باب المزيد في متصل الأسانيد، فيكون الراوي قد أخطأ في ذكره لكعب، وعلى كل حال ليس هذا الموضع يكفي لتحقيق الكلام على هذا الحديث، وقد ذكرنا ذلك في موضعه؛ ومن ذلك - أيضا - حديث عمر - رضي الله تعالى عنه - أنه قال له الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في حديث شهير عن القصر: ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ) فقوله: ( فاقبلوا صدقته ) حديث يدل على الوجوب، إذ إنّ أمر رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يدل على الوجوب، لأدلة متعددة، وهو الذي ذهب إليه الجمهور، وهذا الحديث - أيضا - رواه الإمام مسلم، ورواه النسائي وأبو داوود والدارمي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وأحمد وعبد الرزاق وابن الجارود، ورواه كذلك - أيضا - ابن جرير، ورواه البيهقي، ورواه النحاس في " الناسخ والمنسوخ " وأبو نُعَيْم وطائفة كبيرة من أئمة الحديث؛ ومن الأدلة على ذلك - أيضا - أنّ رجلا قال لابن عمر رضي الله - تعالى - عنه: " يا أبا عبد الرحمن إنا نجد في القرآن صلاة الحضر وصلاة الخوف ولا نجد صلاة السفر (2) ؟ " فقال: " يا هذا - كما هو في رواية - إنّ الله قد بعث إلينا محمدا ولا نعلم شيئا فإنما نفعل ما رأيناه يفعل " وقد جاء بغير هذا اللفظ، وقد رواه الربيع رحمه الله، ورواه مالك وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وهو حديث صحيح، فهذا - أيضا - يؤخذ منه الوجوب؛ وهنالك أدلة أخرى لا داعي للإطالة بها، فهذه الأحاديث وغيرها كثير تدل دلالة واضحة على الوجوب، ولم يُجِب عنها أحد إلا باعتراضات أوهى من نسج العنكبوت، وقد ذكرناها مشفوعة بأجوبتها في غير ما كتاب فمن شاء ذلك فليرجع إلى " الرأي المعتبر " وإن كان مختصرا بالنسبة إلى أصله؛ وأما الذين قالوا بعدم الوجوب فإنهم استندوا إلى الآية القرآنية: (( ... فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَة ... )) [ سورة النساء، من الآية: 101 ]، ولا دلالة في الآية، لأنها على رأي كثير من أهل العلم ليست في صلاة السفر، وإنما هي في صلاة الخوف، وهو الذي يؤخذ من قول ابن عمر وسائِله: " إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف " هكذا قال السائل وأقره ابن عمر .. قال السائل: " نجد ذلك في القرآن ولا نجد صلاة السفر " وأقره على ذلك ابن عمر، وهذا الرأي هو الذي رجحه ابن جرير، فإذن الآية لم تتعرض لقصر السفر رأسا، وعلى تقدير أنها في قصر السفر - كما هو رأي جماعة - أو في القصرين معا فإنّ نفي الجناح لا يؤخذ منه عدم الوجوب، إذ إنه تارة يدل على هذا وتارة يدل على ذاك، ومثل هذه الآية ما جاء في السعي بين الصفا والمروة، فإنه - أيضا - نُفِيَ الجناح مع أنّ الصحيح الراجح أنّ السعي بين الصفا والمروة واجب، والأدلة التي ذكرناها من السنّة تدل على أنّ نفي الجناح لا يراد به هاهنا نفي الوجوب؛ واستدلوا - أيضا - برواية أنّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان يقصر في السفر ويتم، وهذه الرواية ليست بشيء، لأنها من طريق السيدة عائشة رواها عنها عطاء بن أبي رباح وروايته لا تصح من طريق السيدة عائشة رضي الله - تعالى - عنها، كما ذكر ذلك غير واحد من أئمة التحقيق، وقد جاء عنه من أربع طرق إحداها من طريق ابن وثاب وهو مجهول، والثانية من طريق المغيرة بن زياد وهو ضعيف، والثالثة من طريق طلحة بن عمرو وهو ضعيف، وجاء - أيضا - من طريق رابعة ولكنها - أيضا - ضعيفة، فهذا الحديث لا يُعتمد عليه، وكذلك ما جاء من أنه أقر السيدة عائشة على الإتمام ليس بشيء، لأنّ في إسناده راويا ضعيفا وهو العلاء بن عبد الرحمن، ثم إنّ السيدة عائشة لم تكن معه في سفر فتح مكة فكيف يقال بأنها أتمّت بخلاف فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي لم تكن مسافرة معه في ذلك السفر ؟! وكذلك ما جاء أنّ الصحابة كانوا يسافرون مع النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وكان منهم من يصوم ومنهم من يفطر .. منهم الصائم ومنهم المفطر ومنهم الذي يقصر ومنهم الذي يكمل الصلاة، هذا معناه .. هذا الحديث رواه البيهقي وليس بشيء، لأنه من طريق زيد العَمِّي ولا يؤخذ بروايته، والراوي عنه ضعيف - أيضا - فمثله لا يُفرَح به، وكذلك ما جاء أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أتم في الخوف، فهذه الرواية مُقتَطَعة من رواية أخرى، فالصحيح أنه صلى ركعتين ثم سلم ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين فكان متنفلا؛ فهذه أقوى ما استند إليه القائلون بالجواز وهي كما ترون لا تَثبت عن النبي - صلوات الله وسلامه عليه - وإذا كان الأمر كذلك فإنّ القول بالوجوب هو القول الراجح، فلا ينبغي لأحد أن يتركه، ثم - كما ذكرتُ - هو مذهب أكثر الصحابة، بل مذهب الصحابة قاطبة على رأي أكثرهم، وهو الذي ذهب إليه التابعون ومن تبعهم بإحسان أو أكثرهم، ولذلك قال الترمذي: " العمل على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر " ونسبه البغوي إلى أكثر العلماء، ونسبه الخطابي إلى أكثر أهل العلم؛ والله - تبارك وتعالى - أعلم.
ــــــــ
(1) قال الشيخ: " السفر " بدلا من " القصر " والظاهر أنه سبق لسان.
(2) قال الشيخ: " القصر " بدلا من " السفر " والظاهر أنه سبق لسان.
ــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله تعالى